((وجآءو أباهم عشاءً يبكون ، قالوأ يأبانا أنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذهب ومآ أنت بمؤمن لنا ولوكنّا صادقين ، وجاءو على قميصه بدم كذب قال بل سوّلت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون )) ***** بين وقت الغداة ووقت العشاء نهار كامل ، وما طلب ابناء يعقوب من ابيهم :(( أرسله معنا غدا يرتع ويلعب ..))الى قولهم :(( وجآءو أباهم عشاءً يبكون )) غير هذا النهار الواحد ، فهم سرعان ما أنجزوا مهمتهم بالذهاب بيوسف وألقاءه في غيابات الجبّ والرجوع الى الاهل في هذا النهار ليدخل
العشاء على ابناء يعقوب وهم على وصول الى مضارب الديار يبكون ، وليتوجهوا على الفور الى ابيهم يعقوب في عتمة هذه الليلة وهم يبكون بشدّة ويقولوا بصراخ الثكلى وبلا سؤال من أحد : ((يأبانا أنا ذهبنا نستبق)) بحكاية قصة تحكي العذر كما تمهد ليعقوب سماع الكارثة ، وشيئا فشيئا بدأت ملامح الكارثة بالنسبة ليعقوب تتضح عندما سمع قولهم :(( وتركنا يوسف عند متاعنا )) عندها تغيّر لون وجه يعقوببسماعه لكلمة (تركنا ) ليستعد للمصيبة ، وماهي الا لحظة فيخبر من قبل ابناءه اصحاب العصبة والقوة ب :(( فأكله الذئب )) فتيقن يعقوب عظم الكارثة وشؤم الخبر ، ومن ثم ليعود ابناءه مجددا للاعتذار وحث الاب على القبول بالواقع رغما عن انفه سواء رضي أم سخط :(( وما أنت بمؤمن لنا ولوكنّا صادقين )) !.بعدها سكت اللسان والكلام ، لينطق الدليل والبينة ، فأخرج الاخوة وبصمت الشياطين قميص يوسف الصغير وعليه دم صفته الكذب وحاله البيان ، ليأخذه يعقوب ع ويشمّه ويقلبه ويتفحصه ثم يلتفت الى ابنائه لينطق ما انتظره ابنائه طويلا للاستماع اليه كردّة فعل من ابيهم ، وليقول بكل صراحة المكلّوم ، وجرح المظلوم ، وغصة الثائر ، وكظم الغيض من العبّاد والمستسلم لامر رب الارباب :(( بل سولت لكم أنفسكم أمرا )) !.ثم يلتفت يعقوب لنفسه محدثا ، ولربه مسترجعا ، وعن ماحوله من عالم منقطعا : (( فصبر جميل )) !.وهل كان يوما طعم الصبر جميلا :(( والله المستعان )) !.ليعود في آخر المطاف لعالمه العائلي يعقوب الحزين ع ليقول :(( على ماتصفون )) !.ان هذا المشهد من قصة يوسف ع يتناول صورة اخوة يوسف وهم عائدون ليلا من عتبات الجبّ المظلم الذي طرحوا فيه يوسف الى الديار لينهوا فصول قضية يوسف من حياتهم والى الابد ، وذالك بأخبار والدهم يعقوب بقصة مكذوبة هي مغايرة لواقع ما حدث بينهم وبين يوسف على الحقيقة ، مما يثير في داخلنا سؤالا حيويا وقبل حتى الدخول في تفاصيل قصة اخوة يوسف المكذوبة هذه وهو سؤال : كيف ومتى أتفق ابناء يعقوب على ماهية قصة أكل الذئب ليوسف ؟.نعم صار لدينا علم بزمان مؤتمر ابناء يعقوب الذي حاكوا به مؤامرة قتل او تغييب يوسف وطرحه في غيابت الجب ، ولكنّنا لم نلحظ النص القرءاني ذكر شيئا حول مؤتمرهم الذي قرروا به صياغة قصة الذئب الذي أكل يوسف ليبرروا بهذه القصة تغييبهم ليوسف وليقنعوا فيما بعد اباهم المسكين يعقوب ع !.فياترى هل هناك أشارة فيما مضى من القصة تلمّح الى وقت او زمان او مكان حياكة قصة الذئب ويوسف ؟.في معرض الاجابة على هذا السؤال لم يجد اهل التفسير والتبيين القرءاني امامهم من جواب على هذا السؤال غير الرجوع لكلمة يعقوب ع المذكورة في محاججته مع طلب ابنائه في (( وأخاف ان يأكله الذئب وانتم عنه غافلون )) ليتمسكوا بها وليقولوا او يقرروا فيما بعد : ان ابناء يعقوب لم يدركوا الكذب ولم يفهموا كيفية صياغة اكذوبة قصة تغييب يوسف الا عندما سمعوا من ابيهم يعقوب ذكر خوفه من الذئب ، ولهذا فابناء يعقوب تعلموا من ابيهم العجوز صياغة كذبة الذئب ويوسف وأقاموا عليها كذبتهم في أكل الذئب ليوسف لتغيب الحقيقة من طرحه في غيابات الجبّ !.وكأنما اراد اهل البيان التفسيري من هذه اللفتة القول انه : عند سماع اخوة يوسف قصة الذئب من ابيهم قرروا استعمال واستخدام هذا الذئب اليعقوبي بحياكة قصتهم المكذوبة فيما بعد للتغطية على تغييب يوسف من الحياة !.وذهب المفسرون بعد هذا بطرح المواعظ للاباء بكيفية او بوجوب عدم تعليم الابناء الكذب او اعطائهم حبال الكذب الاولية ليبرروا بها جرائمهم الصبيانية ، ولايكونوا كيعقوب النبي عندما ذكر امام ابنائه خوفه ليأخذ الابناء هذا الخوف ويصيغوه بشكل كذبة اجرامية ؟!.الحقيقة انني أمام هذا الكمّ الهائل من الموروث التفسيري الذي لاينسجم مع عقل سليم ولامع نص صريح أكاد أختنق عبرةً على هذا الرجل العجوز المسمى في قصة يوسف بيعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم السلام جميعا ، وكأن الحياة لاتريد رحمة هذا الشيخ الحكيم فمع ما لاقاه هذا الشيخ الكبير والنبي المحترم والرسول الكريم يعقوب ع من ألم وحسرة وحزن ......، فيما مضى من ابناءه المجرمين ومن الدنيا التي لم ترحم شيبته ، أتى المفسرون وبتأثير من التفاسير التوراتية اليهودية المختلقة ولمدة ثلاث الاف سنة بعد رحيله من الدنيا ليتهموه بابشع الصور وأكذب المقالات وأحقر القصص ، ليصبح يعقوب فوق بلوته بيوسف من جهة وبأبنائه الجهلة من جهة أخرى ، أيضا هو من حاك الجريمة وهو من جهل التربية وهو ...... على حسب فهم المفسرين لقصة يوسف ع في القرءان الكريم بصورة خاصة وبالكتب الدينية والتاريخية الاخرى بصورة عامة ؟.وألا مامعنى ان يقال : ان ابناء يعقوب لم يكونوا يعرفوا الكذب حتى فطنوا لقول يعقوب :(( وأخاف ان يأكله الذئب )) ولهذا قالوا :(( فأكله الذئب )) من أحد المفسرين الكبار ؟.وهل من المعقول تبرئة ابناء يعقوب تماما من الجريمة وكيفية حياكة خيوطها لترمى على سوء تربية الاب يعقوب ع وعدم حكمته في طرح مشاعره امامهم بواقعية ؟.ولا اعلم من اين فهم بعض المفسرين هذه البراءة الانسانية لاخوة يوسف وانهم لم يكونوا يدركوا الكذب حتى سمعوا والدهم يعقوب يذكر قصة خوفه من الذئاب على يوسف فتمسكوا بها كمبرر لتغييب يوسف ؟.وأعجبُ ومالي لااعجب من هذا الوعي والفهم للنصوص القرءانية ، وأنا ارى هذا الخلط الغريب والعجيب من فهم النصوص القرءانية في قصة يوسف وفي غيرها ايضا !؟.وأليس من العجيب ان ابناء يعقوب الذي يعلمون كيف يحقدون وكيف يقتلون وكيف يخططون للجرائم وكيف يتجرأون على نبي الله يعقوب ورميه بالضلال ، وكيف القوا طفل بريئ بجبّ أظلم ..... وكيف وكيف .... يعلمون كل هذا ، ومع ذالك هم لايعلمون بحسب ماكتب في تفسير القصة : كيف يحيكون قصة مكذوبة في عملية تغييب يوسف البريئ الى ان سمعوا اباهم يعقوب يذكر مخاوفه من الذئاب ؟.ثم ماهذه الجرأة الادبية في اتهام نبي الله يعقوب ع من قبل الكثير من المفسرين بسوء التربية وعدم الحكمة ، لنجد يعقوب مرّة متهم بانه فرق في الحب بين ابنائه حتى زرع الحقد والحسد والغيرة بينهم ، ومرّة يتهم يعقوب بتعليم ابنائه للكذب عندما ذكر خوفه من الذئب على يوسف ، فدفع ابنائه لتركيب مشهد جريمتهم على نفس هذه القصة ؟.الا يستحي مَن يرّوج الى مثل هذه الافكار ، او الا يخجل ان يُتهم بالسفاهة من يحاول فهم النصوص القرءانية التي تتحدث عن الانبياء والرسل بهذه الصورة البشعة والفهم المعوج لمضامين الكلام ؟.نعم ذكر يعقوب ع انه يخاف الذهاب بيوسف الى ارض مليئة بالذئاب والوحوش المفترسة والحيوانات السامة ، لكن هل يعني هذا ان ابنائه المجرمين ابرياء من الكذب وانهم لم يتفتق ذهنهم الاجرامي على قصة الذئب ويوسف ككذبة الا بعد ان سمعوا ذالك من ابيهم ؟.ونعم اعتنى يعقوب الرسول بيوسف المجتبى ، ولكن هل يعني هذا ان يعقوب هو السبب الاصيل بدفع ابنائه للكيد بيوسف ؟.الحقيقة مثل هذا التوجه في التفكير وفي الادراك المعوج يشير لنا ان هناك خلل في الفهم من الاساس في فكر وعقائد أولئك المفسرين في قضية الوحي والنبوة بصورة عامة ، وان مثل هذا الخلل وذاك الاعوجاج هو الذي يدفع بمفسرين كبار لفهم امكانية صلاح ابناء يعقوب وفساد الانبياء والرسل في المقابل ، وعليه وبدلا من ان نقول : ان ابناء يعقوب قد وصلوا الى مرحلة الفساد الفطري الذي يستولي فيه الشيطان على الانسان بالتمام ، ليتحول هذا الانسان بالفعل ليصبح شيطانا بلباس انسان كالذي حصل لاخوة يوسف ونمطية تفكيرهم الاجرامية وسلوكهم الشائن ، بدلا من ذالك نقول ان ابناء يعقوب طيبين لكن تربية يعقوب السيئة وتفضيله يوسف على اخوته دفعتهم للحسد لاخيهم والحقد عليه ومن ثم المؤامرة في قتله او نفيه !.وكذا هم ابناء لايدركون مؤامرات الكذب مطلقا ، ولكن سوء حكمة يعقوب بذكر مخاوفه من الذئب على يوسف أمامهم عندما جاءوا بطلب الارسال معهم هو الذي قاد عقولهم لكذبة :(( ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ...)) !.هل هذا معقول يعقل ويدرك من قبل بعض المفسرين ؟.ثم الانكى لايكتفي بعض المفسرين بذكر هذا كله على يعقوب الحكيم ع ، بل ويدعوا جهارا نهارا الى عدم الاقتداء بسلوك يعقوب هذا ، لافي التفضيل بين الابناء ، ولافي تعليم الابناء كيفية الكذب ...... وهكذا !.هل علم القارئ الكريم ماقصدته بمظلومية هذا النبي العظيم يعقوب ع مرّتين ، مرّة من الزمن والابناء والعالم الذي عاش فيه ، ومرّة من المفسرين وناقلي التوراة الكذابّين وباقي المندسين الذي وضعوا الاحاديث على لسان رسولنا محمد الكريم ص !.وعلى ماتقدم نحن نأمل بأن لايلتفت او لايؤخذ من كل الموروث الاسلامي كيفما اتفق بل ينبغي التأمل فيما طرح ، والتفكير في كل مايذكر في كتب التفاسير وكتب التأريخ وحتى الكتب الدينية القديمة في العهد القديم وغيرها لنصل الى جوهر الحقيقة والى صحة التفكير والبناء للعقيدة ، ولايغرنّك ماتقرأ من احاديث موضوعة على لسان النبي واهل بيته الكرام وصحابته الابرار في شأن التاريخ والقصص ، فقد قال رسول الله : من كذّب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار !. ليؤكد لنا وجود الكذب عليه في حياته فكيف به بعد مماته !.وكذا ماروي عن اهل البيت ع قولهم : نحن اهل بيت مكذوب علينا !. ليقولوا وبصريح العبارة ليس كل مانقل عنّا فهو لنا ، بل وقالوا عليهم السلام جميعا :(( ماجاءكم عنّا فاعرضوه على القرءان فما وافقه فخذوا به وماخالفه فهو زحرف من عمل الشيطان )) ليدللوا على المرجعية الحقيقية والضمانه الفعلية لعقل الانسان وتفكيره وبناء عقيدته وتنظيمه ، فليس هناك من خوف من صدق القرءان وبيانه ولامن حفظه من الوضع او نقصانه ، ولهذا جاءت دعوة اهل البيت للعودة للقرءان كنبع اصيل في فهم القصص والتاريخ والعقائد والاحكام ، ثم بعد ذالك سنة رسول الله محمد الكريم واهل بيته الطاهرين مالم تعارض نصا قرءانية او فهما عقليا !.
al_shaker@maktoob.com.
العشاء على ابناء يعقوب وهم على وصول الى مضارب الديار يبكون ، وليتوجهوا على الفور الى ابيهم يعقوب في عتمة هذه الليلة وهم يبكون بشدّة ويقولوا بصراخ الثكلى وبلا سؤال من أحد : ((يأبانا أنا ذهبنا نستبق)) بحكاية قصة تحكي العذر كما تمهد ليعقوب سماع الكارثة ، وشيئا فشيئا بدأت ملامح الكارثة بالنسبة ليعقوب تتضح عندما سمع قولهم :(( وتركنا يوسف عند متاعنا )) عندها تغيّر لون وجه يعقوببسماعه لكلمة (تركنا ) ليستعد للمصيبة ، وماهي الا لحظة فيخبر من قبل ابناءه اصحاب العصبة والقوة ب :(( فأكله الذئب )) فتيقن يعقوب عظم الكارثة وشؤم الخبر ، ومن ثم ليعود ابناءه مجددا للاعتذار وحث الاب على القبول بالواقع رغما عن انفه سواء رضي أم سخط :(( وما أنت بمؤمن لنا ولوكنّا صادقين )) !.بعدها سكت اللسان والكلام ، لينطق الدليل والبينة ، فأخرج الاخوة وبصمت الشياطين قميص يوسف الصغير وعليه دم صفته الكذب وحاله البيان ، ليأخذه يعقوب ع ويشمّه ويقلبه ويتفحصه ثم يلتفت الى ابنائه لينطق ما انتظره ابنائه طويلا للاستماع اليه كردّة فعل من ابيهم ، وليقول بكل صراحة المكلّوم ، وجرح المظلوم ، وغصة الثائر ، وكظم الغيض من العبّاد والمستسلم لامر رب الارباب :(( بل سولت لكم أنفسكم أمرا )) !.ثم يلتفت يعقوب لنفسه محدثا ، ولربه مسترجعا ، وعن ماحوله من عالم منقطعا : (( فصبر جميل )) !.وهل كان يوما طعم الصبر جميلا :(( والله المستعان )) !.ليعود في آخر المطاف لعالمه العائلي يعقوب الحزين ع ليقول :(( على ماتصفون )) !.ان هذا المشهد من قصة يوسف ع يتناول صورة اخوة يوسف وهم عائدون ليلا من عتبات الجبّ المظلم الذي طرحوا فيه يوسف الى الديار لينهوا فصول قضية يوسف من حياتهم والى الابد ، وذالك بأخبار والدهم يعقوب بقصة مكذوبة هي مغايرة لواقع ما حدث بينهم وبين يوسف على الحقيقة ، مما يثير في داخلنا سؤالا حيويا وقبل حتى الدخول في تفاصيل قصة اخوة يوسف المكذوبة هذه وهو سؤال : كيف ومتى أتفق ابناء يعقوب على ماهية قصة أكل الذئب ليوسف ؟.نعم صار لدينا علم بزمان مؤتمر ابناء يعقوب الذي حاكوا به مؤامرة قتل او تغييب يوسف وطرحه في غيابت الجب ، ولكنّنا لم نلحظ النص القرءاني ذكر شيئا حول مؤتمرهم الذي قرروا به صياغة قصة الذئب الذي أكل يوسف ليبرروا بهذه القصة تغييبهم ليوسف وليقنعوا فيما بعد اباهم المسكين يعقوب ع !.فياترى هل هناك أشارة فيما مضى من القصة تلمّح الى وقت او زمان او مكان حياكة قصة الذئب ويوسف ؟.في معرض الاجابة على هذا السؤال لم يجد اهل التفسير والتبيين القرءاني امامهم من جواب على هذا السؤال غير الرجوع لكلمة يعقوب ع المذكورة في محاججته مع طلب ابنائه في (( وأخاف ان يأكله الذئب وانتم عنه غافلون )) ليتمسكوا بها وليقولوا او يقرروا فيما بعد : ان ابناء يعقوب لم يدركوا الكذب ولم يفهموا كيفية صياغة اكذوبة قصة تغييب يوسف الا عندما سمعوا من ابيهم يعقوب ذكر خوفه من الذئب ، ولهذا فابناء يعقوب تعلموا من ابيهم العجوز صياغة كذبة الذئب ويوسف وأقاموا عليها كذبتهم في أكل الذئب ليوسف لتغيب الحقيقة من طرحه في غيابات الجبّ !.وكأنما اراد اهل البيان التفسيري من هذه اللفتة القول انه : عند سماع اخوة يوسف قصة الذئب من ابيهم قرروا استعمال واستخدام هذا الذئب اليعقوبي بحياكة قصتهم المكذوبة فيما بعد للتغطية على تغييب يوسف من الحياة !.وذهب المفسرون بعد هذا بطرح المواعظ للاباء بكيفية او بوجوب عدم تعليم الابناء الكذب او اعطائهم حبال الكذب الاولية ليبرروا بها جرائمهم الصبيانية ، ولايكونوا كيعقوب النبي عندما ذكر امام ابنائه خوفه ليأخذ الابناء هذا الخوف ويصيغوه بشكل كذبة اجرامية ؟!.الحقيقة انني أمام هذا الكمّ الهائل من الموروث التفسيري الذي لاينسجم مع عقل سليم ولامع نص صريح أكاد أختنق عبرةً على هذا الرجل العجوز المسمى في قصة يوسف بيعقوب ابن اسحاق ابن ابراهيم عليهم السلام جميعا ، وكأن الحياة لاتريد رحمة هذا الشيخ الحكيم فمع ما لاقاه هذا الشيخ الكبير والنبي المحترم والرسول الكريم يعقوب ع من ألم وحسرة وحزن ......، فيما مضى من ابناءه المجرمين ومن الدنيا التي لم ترحم شيبته ، أتى المفسرون وبتأثير من التفاسير التوراتية اليهودية المختلقة ولمدة ثلاث الاف سنة بعد رحيله من الدنيا ليتهموه بابشع الصور وأكذب المقالات وأحقر القصص ، ليصبح يعقوب فوق بلوته بيوسف من جهة وبأبنائه الجهلة من جهة أخرى ، أيضا هو من حاك الجريمة وهو من جهل التربية وهو ...... على حسب فهم المفسرين لقصة يوسف ع في القرءان الكريم بصورة خاصة وبالكتب الدينية والتاريخية الاخرى بصورة عامة ؟.وألا مامعنى ان يقال : ان ابناء يعقوب لم يكونوا يعرفوا الكذب حتى فطنوا لقول يعقوب :(( وأخاف ان يأكله الذئب )) ولهذا قالوا :(( فأكله الذئب )) من أحد المفسرين الكبار ؟.وهل من المعقول تبرئة ابناء يعقوب تماما من الجريمة وكيفية حياكة خيوطها لترمى على سوء تربية الاب يعقوب ع وعدم حكمته في طرح مشاعره امامهم بواقعية ؟.ولا اعلم من اين فهم بعض المفسرين هذه البراءة الانسانية لاخوة يوسف وانهم لم يكونوا يدركوا الكذب حتى سمعوا والدهم يعقوب يذكر قصة خوفه من الذئاب على يوسف فتمسكوا بها كمبرر لتغييب يوسف ؟.وأعجبُ ومالي لااعجب من هذا الوعي والفهم للنصوص القرءانية ، وأنا ارى هذا الخلط الغريب والعجيب من فهم النصوص القرءانية في قصة يوسف وفي غيرها ايضا !؟.وأليس من العجيب ان ابناء يعقوب الذي يعلمون كيف يحقدون وكيف يقتلون وكيف يخططون للجرائم وكيف يتجرأون على نبي الله يعقوب ورميه بالضلال ، وكيف القوا طفل بريئ بجبّ أظلم ..... وكيف وكيف .... يعلمون كل هذا ، ومع ذالك هم لايعلمون بحسب ماكتب في تفسير القصة : كيف يحيكون قصة مكذوبة في عملية تغييب يوسف البريئ الى ان سمعوا اباهم يعقوب يذكر مخاوفه من الذئاب ؟.ثم ماهذه الجرأة الادبية في اتهام نبي الله يعقوب ع من قبل الكثير من المفسرين بسوء التربية وعدم الحكمة ، لنجد يعقوب مرّة متهم بانه فرق في الحب بين ابنائه حتى زرع الحقد والحسد والغيرة بينهم ، ومرّة يتهم يعقوب بتعليم ابنائه للكذب عندما ذكر خوفه من الذئب على يوسف ، فدفع ابنائه لتركيب مشهد جريمتهم على نفس هذه القصة ؟.الا يستحي مَن يرّوج الى مثل هذه الافكار ، او الا يخجل ان يُتهم بالسفاهة من يحاول فهم النصوص القرءانية التي تتحدث عن الانبياء والرسل بهذه الصورة البشعة والفهم المعوج لمضامين الكلام ؟.نعم ذكر يعقوب ع انه يخاف الذهاب بيوسف الى ارض مليئة بالذئاب والوحوش المفترسة والحيوانات السامة ، لكن هل يعني هذا ان ابنائه المجرمين ابرياء من الكذب وانهم لم يتفتق ذهنهم الاجرامي على قصة الذئب ويوسف ككذبة الا بعد ان سمعوا ذالك من ابيهم ؟.ونعم اعتنى يعقوب الرسول بيوسف المجتبى ، ولكن هل يعني هذا ان يعقوب هو السبب الاصيل بدفع ابنائه للكيد بيوسف ؟.الحقيقة مثل هذا التوجه في التفكير وفي الادراك المعوج يشير لنا ان هناك خلل في الفهم من الاساس في فكر وعقائد أولئك المفسرين في قضية الوحي والنبوة بصورة عامة ، وان مثل هذا الخلل وذاك الاعوجاج هو الذي يدفع بمفسرين كبار لفهم امكانية صلاح ابناء يعقوب وفساد الانبياء والرسل في المقابل ، وعليه وبدلا من ان نقول : ان ابناء يعقوب قد وصلوا الى مرحلة الفساد الفطري الذي يستولي فيه الشيطان على الانسان بالتمام ، ليتحول هذا الانسان بالفعل ليصبح شيطانا بلباس انسان كالذي حصل لاخوة يوسف ونمطية تفكيرهم الاجرامية وسلوكهم الشائن ، بدلا من ذالك نقول ان ابناء يعقوب طيبين لكن تربية يعقوب السيئة وتفضيله يوسف على اخوته دفعتهم للحسد لاخيهم والحقد عليه ومن ثم المؤامرة في قتله او نفيه !.وكذا هم ابناء لايدركون مؤامرات الكذب مطلقا ، ولكن سوء حكمة يعقوب بذكر مخاوفه من الذئب على يوسف أمامهم عندما جاءوا بطلب الارسال معهم هو الذي قاد عقولهم لكذبة :(( ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب ...)) !.هل هذا معقول يعقل ويدرك من قبل بعض المفسرين ؟.ثم الانكى لايكتفي بعض المفسرين بذكر هذا كله على يعقوب الحكيم ع ، بل ويدعوا جهارا نهارا الى عدم الاقتداء بسلوك يعقوب هذا ، لافي التفضيل بين الابناء ، ولافي تعليم الابناء كيفية الكذب ...... وهكذا !.هل علم القارئ الكريم ماقصدته بمظلومية هذا النبي العظيم يعقوب ع مرّتين ، مرّة من الزمن والابناء والعالم الذي عاش فيه ، ومرّة من المفسرين وناقلي التوراة الكذابّين وباقي المندسين الذي وضعوا الاحاديث على لسان رسولنا محمد الكريم ص !.وعلى ماتقدم نحن نأمل بأن لايلتفت او لايؤخذ من كل الموروث الاسلامي كيفما اتفق بل ينبغي التأمل فيما طرح ، والتفكير في كل مايذكر في كتب التفاسير وكتب التأريخ وحتى الكتب الدينية القديمة في العهد القديم وغيرها لنصل الى جوهر الحقيقة والى صحة التفكير والبناء للعقيدة ، ولايغرنّك ماتقرأ من احاديث موضوعة على لسان النبي واهل بيته الكرام وصحابته الابرار في شأن التاريخ والقصص ، فقد قال رسول الله : من كذّب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار !. ليؤكد لنا وجود الكذب عليه في حياته فكيف به بعد مماته !.وكذا ماروي عن اهل البيت ع قولهم : نحن اهل بيت مكذوب علينا !. ليقولوا وبصريح العبارة ليس كل مانقل عنّا فهو لنا ، بل وقالوا عليهم السلام جميعا :(( ماجاءكم عنّا فاعرضوه على القرءان فما وافقه فخذوا به وماخالفه فهو زحرف من عمل الشيطان )) ليدللوا على المرجعية الحقيقية والضمانه الفعلية لعقل الانسان وتفكيره وبناء عقيدته وتنظيمه ، فليس هناك من خوف من صدق القرءان وبيانه ولامن حفظه من الوضع او نقصانه ، ولهذا جاءت دعوة اهل البيت للعودة للقرءان كنبع اصيل في فهم القصص والتاريخ والعقائد والاحكام ، ثم بعد ذالك سنة رسول الله محمد الكريم واهل بيته الطاهرين مالم تعارض نصا قرءانية او فهما عقليا !.
al_shaker@maktoob.com.