(( لماذا نتشيّع لأهل البيت .... خطاب للاخر الاسلامي ؟.)) حميد الشاكر_________________
كثيرا من المسلمين ومع الاسف عندما يريدون التعرّف على الشيّعة والتشيع في الاسلام ، ولماذا هم في الاساس قد تشيّعوا لمدرسة ال البيت المعينة في الدين من دون المدارس الاسلامية الاخرى ؟، أوما سبب هذا التشيّع بالذات لاهل بيت الرسول محمد ص بغض النظر عن جمهور معظم الصحابة ومايحملونه من قبس من نور النبوة والاسلام ؟، فأن الاعتقاد السائد لدى المسلمين غير الشيعة : أن المسألة ماهي الا مجرد تشيّع عصبوي قبلي او في احسن الاحوال هو تشيّع سياسي لهذا البيت الهاشمي الذي انحدر منه الرسول ص واهل بيته الكرام ، في مقابل تشيّع قبلي آخر يذهب الى الاتكاء على الصحابة ومن تبعهم باحسان ، لتكون المعادلة برمتها هي تشيّع لال هاشم في السياسة ، مقابله تشيّع لال أمية في الجانب الاخر !؟.وعلى هذا الاساس قد بنى الكثير من الفكر صاحب النوايا الطيبة الذي يحاول ردم الهوّة بين الشيعة والسنة في الاسلام اليوم ، وعلى هذا ايضا أنحاز مَن انحاز ضد الشيعة والتشيّع ليستخدم شتى الاساليب السياسية المنحرفة كتكفير الشيعة ورميهم بالشرك والبدع وسبّ الصحابة الكرام ..... الخ ، لينال من شرعية الوجود الشيعي ومذهب التشيّع لاهل بيت الرسول الاعظم محمد ص !.والحقيقة ، وبغض النظر عن هذه الزاوية السياسية ، وغيرها من الزوايا العقدية الخلافية الموجودة بين عقائد المسلمين ومنتمياتهم الفكرية والايدلوجيه ، نحن لابد ان ننظر للوجود وللفكر الشيعي وقضية التشيع على اساسها الواقعي العميق الذي يراه المتشيعون لاهل البيت انفسهم ، ولنسألهم في بدأ مسيرتنا للتعرف على التشيّع والشيعة وفكرتهم نحو هذا الانتماء ولماذا هم ينتخبون الانتماء والتشيّع لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟.لنخرج فيما بعد بنتيجة رؤية واضحة تدفعنا لأدراك معنى التشيّع والشيعة ولماذا هذا التشيّع داخل الاطار الاسلامي الكبير ؟.نعم لو فُرض اننا سألنا متشيّعا لاهل البيت عن سرّ انتمائه لهذا المذهب الاسلامي ؟.وماهي دوافعه ورؤيته الحقيقية لهذا التشيّع ؟.وهل هو تشيّع سياسي أم ديني أم اجتماعي ؟.فماعسانا نسمع من هذا المتشيّع الاسلامي ؟.الاقرب الى الواقع الشيعي الاسلامي هو اننا سوف نسمع جوابا يرى : ان اهل البيت عليهم السلام جميعا ، وحسب المعتقد الشيعي الامامي الاثني عشري ، هم ليسوا في المقام الاول قادة سياسيون فحسب ، ليكون ايمان المتشيّع بهم باعتبار انهم عباقرة في السياسة وادارة شؤون الحكم وجلب المصالح ودفع المضار عن المجتمع .....لاغير ، وليكون فيما بعد ايمان المتشيّع باهل البيت كان منطلقه الاول منطلقا سياسيا نفعيا مصلحيا دنيويا ، واختلاف المتشيّع مع غيره اسلاميا هو اختلاف سياسي فقط !.لا لاينظر المتشيّعة لاهل البيت عليهم السلام على اساس انهم قادة وأئمة سياسيون في المقام الاول ، ولكنّ يرى المتشيعة ان اهل بيت الرسالة وفي المقام الرئيس والصدارة العظمى انهم ائمة دين وقادة اسلام ووعي ، أختارهم الله سبحانه (بشكل او بآخر) ليبلغوا الدين بعد الرسالة ويشرحوا للأمة مضامين هذا الاسلام وافاقه الصحيحة مضافا لذالك الحفاظ على روح الشريعة الاسلامية بعد النبوة من تحريف المنحرفين ، واحتيال المنتحلين ، وبدع الجهلاء والظالمين ، ومن هنا كان المتشيّع في بدئ خطواته الاولى يبحث في قضية الانتماء لاهل البيت ع وهل هو انتماء اسلامي ديني اساسي أم انه انتماء من نوع آخر وعلى نمطية مختلفة ؟!.وربما في هذا المنعطف الذي يوّضح لنا ماهية الانتماء الشيعي لاهل البيت عليهم السلام ، وكيفية نظرته لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟، وعلى اي اساس ينتمي المتشيّع لمدرسة اهل البيت ع ، يعترضنا ساءل بأعتراضين :الاول : قضية ( دور اهل البيت ع ) في هذه الحياة الاسلامية وكيفية نظر المتشيعة له اسلاميا دينيا وليس سياسيا دنيويا نفعيا مصلحيا فحسب ؟.وثانيا : قضية لماذا لم يكن غير اهل البيت من صحابة رسول الاسلام محمد العظيم ص هم ايضا يصلحون لمهمة توضيح الدين وتبليغ الرسالة وحمل الامانة وحفظها كذالك ؟.الحقيقة وللجواب على هذين الاشكالين لابد ان ندرك : ان الدور السياسي في الحياة الانسانية هو مختلفٌ تماما عن دور التبليغ الرسالي الديني في الاسلام اختلافا جذريا ومن القواعد والاسس ، وربما يكون هنا وهناك التقاء سياسي اسلامي ديني في بعض المحطات ، لكن لاننسى ان هناك افتراق حتمي وتناقض صارخ ايضا وفي كثير من الاحيان بين الاسلامي الديني والسياسي النفعي كذالك ، وما مقولة التاريخ الاسلامية المعروفة :(( لاكسروية ولا قيصرية وانما هي النبوّة )) التي قالها العباس بن عبد المطلب لابي سفيان بن حرب الاموي في اخر محطة من محطات القضاء على الكفر والشرك العربي آنذاك في مكة ، الا تعبيرا عن مدى اختلاف المشروعين في القواعد والمنطلقات والمبادئ والغايات بين ماهو رسالي الاهي في بنيان الدول والسياسات والحكومات ، وبين ماهو سياسي ملكي دنيوي في نفس البنيان !.بمعنى أوضح :ان في مجتمع تبنيه الادارة والسياسة والمصالح والمنافع طابع مختلف تماما عن مجتمع تبنيه الرسالة والنبوّة والاسلام ، ففي المجتمع المنبني على المصالح تبرز سيقان المجتمع ومرتفعاته الهيكلية بشكل يحتم عندئذ على تقديم نموذج القيادة والادارة لهذا المجتمع منسجما مع القواعد والاسس التي بُني عليها هذا القيام الاجتماعي ، وعلى هذا يكون تقديم السياسي على الديني الاسلامي واجب حياتي للبشر لادارة مشاريع الدول وتطلعات المجتمعات باعتبار ان الاسس التي يقوم ويبنى عليها المجتمع والدولة هي نفس الاسس التي تفرض نمط ونوعية القيادة لهذه الامة او ذالك المجتمع !.أما ان كانت قواعد المجتمع المدنية قائمة على الفكرة الدينية والنبوّة الرسالية كما هو في الاسلام ، وان المساهم في بناء اللبنات الاولى للمجتمع وللدولة كان هو الاسلام واطروحته ، فيكون عندئذ القانون البديهي فارضا نفس معادلة القواعد والاسس ليقدم القيادة الاسلامية الدينية الفكرية لقيادة هذه الدولة والامة على القيادة السياسية في هذا المضمار !.وعلى هذا كانت المعادلة الاسلامية في الاسلام ترى ان القيادة التي ينبغي ان تقدّم في الاسلام وحسب مجتمعه الاسلامي هي القيادة العلمية والفكرية والدينية او هي قيادة التعليم والتزكية والتربية وتلاوة الكتاب للمجتمع كما في قوله سبحانه وتعالى :(( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون / 151/ سورة البقرة )) قبل القيادة السياسية والادارية والمصلحية والنفعية في هذا المجتمع !.أي ان الاسلام اول مابزغ نوره على جزيرة العرب والمسلمين ، وبدا وحيه للناظرين ، بدأ اول مابدأ فيه وضع لُبناته الاجتماعية الاولى في بناء مجتمعه الاسلامي على اساس هذا الدين وهذه الرسالة وهذا الاسلام ، ومن ثم أقيمت هياكل المجتمع الاسلامي لتكون قاعدة :(( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) وقاعدة :(( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون )).... هي الاسس والقواعد ، و ليصل فيما بعد الى مرحلة قيام مجتمع رسالي اسلامي مترابط برباط (( انما المؤمنون اخوة )) و حامل لمبدأ عقدي ومبشر جميع الامم بهذه الرسالة ، بالاضافة الى تمييز موقع هذه الامة واتجهاتها الفكرية والعملية في انها أمة وسطا، ومثل هذه المعادلات الاجتماعية هي مختلفة تماما عن مجتمع يقوم على اسس اجتماعية او اقتصادية او سياسية ، كالذي نقرأه مثلا في الفكر السياسي الغربي القديم والحديث ، الذي يرى ان قاعدة تكوين المجتمعات وبناءه كانت نواة الاجتماع السياسي الذي اضطرّ الانسان من خلال الحروب ان يجتمع ليضمن الدفاع عن نفسه ، او كالذي يذهب الى ان نواة الاجتماع الانسانية هي العوامل الاقتصادية النفعية التي توفر للأفراد حوائجهم الاقتصادية ، او غير ذالك من رؤى سياسية درست فكرة اللُبنة الاولى لقيام المجتمعات الانسانية ودولها حسب افكار ( لوك وروسوا وسبينوزا ....) وغيرهم من فلاسفة ومفكري الشرق والغرب !.وعلى هذا نقول ان نفس هذه الاسس التي يقوم عليها اي مجتمع تفرض ان تأتي صور واشكال وصياغات قياداته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فاذا كانت لُبنات المجتمع مؤسسة على المصالح والمنافع ، فرض المنطق ان تأتي قياداته سياسية مئة بالمئة لا لسبب معقد الا لكون هذه القيادات السياسية هي الاعرف والافهم والاكثر ادراكا للكيفية الصحيحة التي من خلالها يتم قياد المجتمع والتحرك به نحو الافضل ومايوفر له جلب المصالح ودفع المضار عنه !.وأمّا ان كانت لبنات المجتمع الاولى وقواعده البنيوية الانسانية الثابتة هي مبنية على التقوى لله سبحانه والمعرفة برسالته والعبادة له والتضحية في سبيل اعلاء كلمته .....، فستكون نفس هذه القواعد الاجتماعية البنيوية هي الفارضة شكل القيادة وصياغتها النهائية ، بأن تأتي القيادة فكرية تعليمية ايدلوجية في المقام الاول لقيادة المجتمع وليس فحسب حسب مايوفرّ مصالحه المادية ويدفع عنه المضار الحياتية ، وانما فوق ذالك قيادة هذه الامة حسب مخطط الفكرة ومتطلبات الرسالة ، والدفع به نحو الامام في التقدم والسمو والتزكية والرفعة الاخلاقية وهكذا !.والآن لو سألنا عن القواعد البنوية التي بنى عليها الاسلام مجتمعه والرسالة المحمدية مضامينها الانسانية ، فهل سنقول ونخرج بنتيجة ان بنية الاجتماع الاسلامية هي رسالية دينية اخلاقية عبادية نبوية ومن ثم مصلحية ؟.أم انها بنية مصلحية سياسية اقتصادية اجتماعية نفعية لاغير ؟.إن كانت البنية الاجتماعية التي اقامها الاسلام في بداية تحركه الرسالي كانت ايدلوجية فكرية اخلاقية عبادية ، تطلب منّا ان نقرّ بوجوب ان يتقدم الاعلم والافهم والاكثر ادراكا لمطالب واهداف وغايات هذه الرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة في قيادة الدولة والمجتمع ؟.وإن كان العكس في بنية الاجتماع الاسلامي فيتقرر عندئذ القول علينا تقديم السياسي على الفكري في قيادة هذه الامة وهذا التيار ، وهذه الدولة مادام ان بنية المجتمع أُقيمت على اساس المصالح !.ان المتشيّعة لاهل بيت الرسالة المحمدية عليهم السلام جميعا ومن هذا المنطلق الذي ذكرناه آنفا يرون : ان بنية الاجتماع الاسلامي الذي اقامها الرسول الاكرم محمد ص ، بالاضافة الى القرءان الكريم ، وما أسس له الاسلام ومنذ البداية ، هو بنيان وتأسيس قائم على الفكرة والايدلوجية والاخلاقية والتعليم والتزكية والرسالية والاهداف وتلاوة الكتاب الكريم ....، قبل قيامها على المصالح والمنافع السياسية والتوازنات المصلحية والقبلية ، ولهذا يرى المتشيّعة وجوب تقديم اهل البيت ع لقيادة الامة والدولة الاسلامية بسبب انهم الاقدر والاعلم والافهم ..... على استيعاب فكرة الاسلام ومعرفة مداخل ومخارج الرسالة المحمدية الخاتمة !.اي ان المتشيّعة عندما استفسروا إسلامياًعن الجهة التي مثلت بعد الرسول الاعظم محمد ص الفهم الوافي والمعرفة المحيطة والعلم الكامل في الشريعة ، وجدت :اولا : القرءان الكريم نفسه يقرّ ان اهل بيت الرسالة والنبوّة الذين اذهب الله سبحانه عنهم الرجس في قوله سبحانه وتعالى :(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) واوجب مودتهم على المسلمين في قوله سبحانه :(( قل لااسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ))......هم الاقرب تقوىً وطهارة وعفة لروح الاسلام ومداركه ولمس افاقه وتعاليمه الحقيقية عن غيرهم من المسلمين ، فهم اهل خاصية بالطبيعة الاكرم عند الله سبحانه وتعالى في قوله سبحانه :(( إن اكرمكم عند الله اتقاكم )) ولهذا توجه المتشيّعة لاهل البيت على اساس انهم الاكثر قربا من الله سبحانه وتعالى صاحب الشرع المقدس ومرسل الرسالة الى البشرية جمعاء وباعث محمد ص للعالمين جميعا !.ثانيا : كذالك عندما استفسر المتشّيعة من الاسلام والرسول الاعظم محمد ص نفسه عن ماهية ومَن هية الجهة التي يمكن ان تكون حاملة للرسالة والعلم والحكمة من بعده ، فقد وجدوا ان للرسول الاعظم محمد ص الكثير من الاحاديث الصحيحة التي تنقلها كل الفرق الاسلامية تقول بالعِدل بين القرءان الذي هو كتاب الله الكريم وبين اهل بيته الطيبين الطاهرين في قوله ص :(( أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، او انهما لن يفترقا حتى يردا عليا الحوض )) فتيقن الشيعة ان اهل البيت هم عدل القران وهم الكفة الاخرى للاسلام فتشيعوا لهم من هذا الباب وهذا الطريق !.وكذالك هي الحال في مئات الاحاديث الرسالية النبوية الشريفة التي تؤكد على قضية الاعلمية في الاسلام والشريعة المحمدية لاهل البيت على العموم ولعلي بن ابي طالب بالخصوص ، كخطوة اولى لمشروع الامامة الذي قال الرسول الاعظم عنه :(( الائمة اثنى عشر كلهم من قريش )) و كقول الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم وعلي بابها )) فأدرك المتشيعة ان القيادة للدولة وللدين والمسلمين في علي بن ابي طالب بعد الرسول محمد ص لانه الاعلم بشهادة الرسول محمد ص ، وبشهادة جميع المسلمين ثانيا بمافيهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال :(( لولا علي لهلك عمر )) !.ثالثا : وهكذا عندما سمع المتشيّعة وقرأ ان اهل البيت عليهم السلام جميعا كانوا انفسهم يدعون لانفسهم بالامامة ، ويصرحون انهم الاوصياء بعد رسول الله ص على هذا الدين ، فالتاريخ مشحون بمقالات تبدأ من علي بن ابي طالب ع وتنتهي بجميع مانقل عن ائمة اهل البيت الاثنى عشر تؤكد على :ان الخلافة من حق علي بن ابي طالب واهل بيته ، وان هناك انحراف غير مبرر في شأن الرياسة والامامة ، قد انحرف بدفة القيادة عن اهل بيت الرسول الى اصحابه !.ومن خلال هذه الدعوة لاهل البيت لم يجد المتشيّعة امام هذه الدعوة الا تصديق اهل البيت في دعواهم للامامة والقيادة باعتبار انهم الاطهار الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وباعتبار ان عدم استجابة المسلمين لدعوى امامة اهل البيت عصيان صريح لاهل بيت الرسالة والنبوة الذي لم يذكر عنهم الكذب على الله ورسوله والمؤمنين أو دعوى ماليس من حقهم انه لهم ، وترك الاعلم والاحق بالقيادة الى غيرهم ، وهذا مالايتحمله ان وقع متشيّعة اهل البيت ع!.أذن من منطلق كل هذه المعطيات وجد المتشيّعة لاهل البيت انفسهم مضطرين للتشيع لاهل البيت وان كان المزاج السياسي والمذهبي الطائفي والسلطة السياسية عند غير اهل بيت الرسالة والنبوة ، ولكن هذا لايلغي التشبث باهل البيت كمرجعية سياسية ودينية للمسلمين كافة ، كما انه وجد المتشيّعة ان الانتماء لاهل البيت واخذ الاحكام الاسلامية عنهم ، وفهم الشريعة الاسلامية من انهر عقولهم ، واجب شرعي وحكم اسلامي في اخذ حكم الشريعة من العالم بها وليس من الجاهل عليها ، مضافا اليه ضرورة اسلامية انسانية تقول : ان المجتمع الاسلامي الذي اسس على تقوى الله ومعرفته لاتكون القيادة فيه الا لأكرم خلق الله عليه سبحانه واعلمهم بشريعته ، فكان اهل البيت ع قيادة المتشيّعة في هذا الاسلام والدين !.نعم الآن ربما يقول قائل : الايكفي غير اهل البيت ع ان يكونوا ايضا حاملي لعلم الاسلام ومستوعبي لشريعته الغرّاء كالصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ، فلماذا اختصرتم علم الدين والشريعة في الاسلام وبعد الرسول الاعظم محمد ص بعلي بن ابي طالب واهل بيته ؟.ثم انه كذالك كان الخلفاء الراشدون من اهل العلم بالاسلام وهم الاحق بالقيادة والامامة عن غيرهم ، فلماذا قالت المتشيّعة بضرورة الامامة والقيادة لاهل البيت ع فضلا عن صحابة الرسول ص ؟.الحقيقة بغض النظر عن رؤية الشيعة الامامية في مذهبهم الاسلامي لموضوعة الامامة والقيادة ، وانها منصب يضعه الله ورسوله حيث مكانه الصحيح ، وان التنصيب للامام علي بن ابي طالب كان بأمر من الله سبحانه ورسوله الكريم في حجة الوداع في غدير خم عندما قال الرسول الاعظم :(( من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ...)) بغض النظر عن ذالك نقول : ان ضرورة الاجتماع الاسلامي الانساني كان يضطرّ جميع المسلمين لتقديم اهل البيت في قيادة دفة حركة المسلمين في واقع حياتهم الرسالية الاسلامية ، وهذا بسبب ماذكرناه من ان الاجتماع الاسلامي بُني على اسس اسلامية صافية ، مما يضطرنا للقول بوجوب تقديم الاعلم والاتقى اسلاميا بين المسلمين لتستمر مسيرة المسلمين الرسالية بعد محمد ص وهي متوجهة الى جهتها الصحيحة في المسير حسب الخطة الاسلامية !.ولكنّ وبما ان مبدأ الشورى دخل على خط القيادة والامامة في الاسلام ، وهمش اهل البيت ع عن دورهم القيادي الفكري والسياسي في هذا الدين برزت لدينا كمسلمين من وجهة النظر الشيعية الاسلامية مشكلتان :الاولى : قيادة السياسي للديني بدلا من قيادة الرسالي للسياسي !.ثانيا : بروز ظاهرة التناقض بين بنية الاجتماع الاسلامي ودفة القيادة فيه ، مما أثرّ بشكل رهيب على النظري في الاسلام وتقدم المادي عليه !.ان الشورى الذي يتحدث عنها التاريخ بانها هي من صمم حركة الاسلام والمسلمين فيما بعد الرسول الاعظم محمد ص ، وانها هي مَن قدمت الصحابي على اهل البيت ، إن اردنا فهمها واقعيا وبلا ادنى افكار سلبية مسبقة ، نجد انها عملية (توازن ) خلقتها المصالح الاجتماعية القائمة آنذاك في بدايات التحرك الاسلامي بعدالرسالي المحمدي!.اي ان هناك توازنات قبلية وسياسية وربما تكون اجتهادية من قبل الصحابة رأت ان تقديم اهل بيت الرسول ص للامامة بعد ان كانت النبوةّ فيهم أمر لايتحمله الواقع السياسي والقبلي والاقتصادي العربي الاسلامي القائم ، وإن علي بن ابي طالب بالذات كمرشح أوحد لاهل البيت الى قيادة الامامة بعد رسالة محمد ص ، أمر لاتقبله العرب المسلمين ابدا ، ولهذا كان الاجتهاد ان يختار المسلمون لانفسهم اماما يقود مركبتهم الاسلامية الى كل مافيه مصلحة الامة في جلب منافعها ودفع المضّار عنها ، فكانت على هذا الاساس خلافة ابي بكر الصديق الاول رض بهذا المعنى ، وان كانت ايضا هي جبرية أقرب منها شورية أتفق جميع المسلمين عليها !.ولكنّ وعلى اي حال إن هذه الحادثة بالذات من وجهة النظر الشيعية الاسلامية كانت أول خطوة غير محسوبة اسلاميا بدقة ، مما وضع اللبنة الاساسية لمشروع مايسمى حديثا ( فصل الدين عن الدولة ) اي فصل مضمون القيادة في الاسلام وضرورة ان تكون هي الاعلم والاكرم على الله سبحانه وفيه ، الى القيادة التي ليس لها مؤهل غير انها قادرة على لعب توازنات سياسية معينة داخل المجتمع الاسلامي آنذاك !.بمعنى آخر : ان حركة الاسلام في مرحلة الرسالة كانت مرحلة منسجمة تماما بين ماهو ديني وماهو سياسي من منطلق ان المجتمع الذي بناه الاسلام واسس لوجوده هو نفسه الذي يقوده صاحب الرسالة والاسلام والاعلم فيه من غيره على الاطلاق ، وكان من الممكن ان تستمر هذه العملية بعد الرسول لو قدم من هو اعلم بالشريعة الاسلامية من غيره مثل علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول الاكرم محمد ص ، ولكن وبما ان التوازنات المصلحية السياسية هي التي فرضت معادلة جديدة على قضية الامامة والقيادة في الاسلام ، وانها هي التي أخرّت الاعلم او استبدلت الذي هو ادنى علما اسلاميا بالذي هو خير تقوى وعلما ، اصبح لدينا عنصر جديد داخل في معادلة بناء هيكل القيادة في الاسلام ، الا وهو عنصر المصالح السياسية القائمة للقبائل العربية والاسلامية ، وعند هذا اضطر المجتمع الاسلامي بعد الرسول محمد ص ان يقدم السياسي صاحب كفاءة ادارة الازمات والتوازنات ، على الديني صاحب كفاءة العلم والتقوى والعدالة والرؤية والنظرية !.وبهذا بالضبط انطلقة شرارة وضع اللبنة الاولى في الاسلام لنظرية فصل الديني عن السياسي في قيادة الامة الاسلامية !.حتى ان الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رض ، كان يقول دوما ويقرّ باستمرار :(( انه ليس الاعلم في الشريعة والاحكام الاسلامية ، ولولا وجود عالم كعلي بن ابي طالب الى جواره لكان خبط خبط عشواء في احكام الشريعة الاسلامية ، ولكن الله سلّم )) ماذا يعني هذا الكلام على لسان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض ، وعلى لسان التاريخ ايضا ؟.ثم اذا كان الاعلم في الشريعة جالس بجوار الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وهو علي بن ابي طالب عليه السلام فلماذا لايقدّم في القيادة الاسلامية ليكون العالم بالدين والقانون الذي يحكم المسلمين هو المدير لهذه العملية ؟.اعني لماذا يكون الاعلم بالقانون الاسلامي الذي يدير الدولة والجمهور الاسلامي جالسا بلا حكم بينما الاقل منه اعلمية هو الذي يتصدى للحكم والادارة ؟.وأليس يصبح هناك تناقضا اذا قلنا ان القيادة في الاسلام هي الاقل ادراكا وعلما بهذا الاسلام نفسه ؟.من هنا قلنا ان اشكالية الشورى التي رفعت رأسها في الاسلام بعد رحيل المؤسس الرسالي الاسلامي محمد بن عبدالله ص هي التي اسست في هذا الاسلام لفصل ماهو ديني يضطرّ المسلمين فيه لتقديم قيادة الاعلم في الاسلام لرياستهم ، عن ماهو سياسي الذي يدير الازمات السياسية في هذا الاسلام بغض النظر عن الاعلمية او التقوى في هذا الدين والواقع !.وهذه الرؤية هي التي تفسر لنا كمسلمين لماذا اصبح لدينا فتوحات سياسية عظيمة في الاسلام ، مع تأخر فضيع في العلم والفكر والثقافة والايمان .... وباقي شؤون الرسالية الاسلامية التي تعتمد على القيادة الاسلامية على اساس انها ايضا مشروع تعليم وتزكية وتطهير وتلاوة كتاب ، فمن منطلق ان على دفة القيادة في الاسلام بعد الرسول صعد السياسي ابو بكر ومن بعده داهية السياسية عمر بن الخطاب .... وهكذا ، ونُحي قائدا كعلي بن ابي طالب العالم بالكتاب والسنة ومعلّم هذه الامة ومزكيها بعد الرسول الاعظم محمد ص ، برزت لدينا في تاريخنا الاسلامي ظاهرة تغلّب السياسي الذي عبر عن نفسه بالغزوات والفتوحات السياسية الكثيرة ، في نفس الوقت الذي تراجعنا كمسلمين في الجانب العلمي والعقدي والفكري لتظهر تيارات الانحراف في الاسلام كالخواج وغير الخوارج وسبعين فرقة وحتى اليوم في المذاهب الوهابية السلفية التي تحمل سياسة وتتطلع الى الغزو الاّ انها تفتقر للعلم والتزكية وتلاوة الكتاب حق تلاوته !!. نعم المسلمون مجمعون على ان اهل البيت ع بقيادة علي بن ابي طالب ع هم الاعلم في هذه الشريعة وهم الافضل وهم الاطهر وهم الاكثر فهما وادراكا للقانون الاسلامي .....، ولكن مع ذالك شاءت المصالح القبلية السياسية ان تقدم السياسي على الديني واستمرت المشكلة الى هذه اللحظة في فصل الدين عن الدولة ، واعطاء الاميرالامارة والقيادة في الاسلام ورجل العلم والدين وتلاوة الكتاب والتزكية الاسلامي في واد آخر !.ان التناقض الذي بدى واضحا بين بنية الاجتماع الاسلامي التي انبنت على الاسلام ومفاهيمه ، وبين القيادة السياسية التي هي على عدم ادراك ورؤية كاملة لهذا الاسلام ، بعد فصل القيادة عن اهل البيت ع في الاسلام ، ولدّ حالة من الازدواجية الرهيبة بين ماهو نظري علمي في الاسلام وبين ماهو سياسي واداري في هذا الاسلام ، وبدلا من ان يكون موقع القيادة والامامة في الاسلام اذا قدّر له ان يسير على سيرة الرسول الاعظم محمد ص واهل بيته الاطهار عليهم السلام ، هي أمامة وقيادة في العلم والتعليم والتزكية للمسلمين مضافا لذالك ادارة شؤونهم المصلحية والاقتصادية والاجتماعية ، اصبحت في دور تقديم السياسي بعد الشورى ، وتهميش اهل البيت عن القيادة ، مجرد قيادة سياسية تدير شأن الحرب والسلم وتوازنات في مجال الاقتصاد وتوزيع المغانم ، ودفاع لصد العدو والغارات لاغير !.بمعنى : ان القيادة والامامة في الاسلام بعدما نزع منها صفة الادراك والعلم ووجوب تقديم الاعلم في الدين على غير الاعلم ، اصبحت قيادة المسلمين بيد من هو ليس باعلم بهذا الدين وقوانينه ويكفي ان يكون القائد صاحب ادراك اداري سياسي ( كمعاوية بن ابي سفيان وغيره ) يدير الدفة بعيدا عن الفكر والتقوى وتلاوة الكتاب وباقي العلوم الاسلامية وغير ذالك !.نعم كان صحابة رسول الله ص لديهم شيئ متفاوت من العلم الاسلامي هنا وهناك ، ولكنّ هناك فرق بين ان نقول : اننا بحاجة الى قيادة وإمام يدرك بشمولية كل الفكر والعلم والحكم الاسلامي ، وبين ان نقول يكفي لنا ان يكون في موقع القيادة من لديه قليل من العلم الاسلامي ليدير دفة قيادة المجتمع في هذا البحر الهائج ؟.!المتشيّعة وجدت في علي بن ابي طالب واهل بيته ع بعد الرسول صفة القيادة العالمة بشمولية تامة بالاسلام والدين ، وسمعت وروت عن علي بن ابي طالب ع انه قال :(( لو ثنى لي الوسادة ( تعبير عن الخلافة ) وروى لو كسرت لي الوسادة، ثم جلست عليها، لقضيت بين اهل التوراة بتوراتهم، وبيناهل الانجيل بانجيلهم، وبين اهل الزبور بزبورهم، وبين اهل الفرقان بفرقانهم. واللّه ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا ارض،ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار، الا وانا اعلم متى نزلت وفي ايشيء نزلت، وما رجل من قريش جرت عليه المواسي الا وانا اعلماي آية نزلت فيه تسوقه الى جنة او الى نار)). أفبعد هذا لعلي واهل بيته تترك المتشيّعة اهل العلم والدراية بالاسلام ، الى من هو عالم بانساب العرب وايامها من خلال الشورى وتوازن المصالح السياسية لاغير !.الواقع ان المتشيّعة من المسلمين لايمكن لهم القبول بمعادلة فصل الاسلامي الديني عن السياسي في هذه الحياة ، وما ولائهم لاهل البيت الا للمحافظة على مبدأ دمج الاسلامي الرسالي بالسياسي في حركة المجتمع من منطلق : ان هذه الامة بُنيت على شكل مخصوص لحمل رسالة خاصة للعالم اجمع ، ولايتسنم القيادة فيها الا صاحب العلم والخبرة مضافا اليه صاحب الكفاءة والقادر على سياسة المجتمع من خلال الاسلام بتعليمه وتزكيته للمجتمع وتنظيفه ، أما كون القيادة تكون مجرد لعب سياسي فهذا شيئ اقرب لحالات الملكيات ( الكسروية والقيصرية ) الدنيوية وليس النبوية الرسالية ، وعلي بن ابي طالب واهل بيته رأوا فيهم المسلمون الشيعة انهم قيادات رسالية ودينية ، اصحاب مشاريع التعليم والتزكية وتلاوة الكتاب على الامة والمجتمع قبل ان يكونوا ملوك سياسة وادارة حكم وفض منازعات وتوازن مصالح في حركة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ، ولهذا تشيّعوا لهم من منطلق انهم الاوصياء على هذا الدين والاعرف بمداخله ومخارجة والاتقن لمحكم كتابه من المتشابه به ، وناسخه من منسوخه ، ومقيده من مطلقه ، وعامه من خاصه ، والاعرف بسنة رسوله واحكامه فهم اهل بيته والمهيئين لحمل الرسالة من بعده ، وخزّان علمه !.نعم بما اننا مجتمع اسلامي بنته رسالة السماء واقامت اركانه ، فلايصلح لقيادنا الا العالم بهذه الرسالة لتستمر مسيرة هذه الامة على المحجة البيضاء التي لاتنكسر امام المغريات ولاتلويها السياسات ولاتدخل بحساباتها التوازنات ، وكل هذا وجدناه في اهل بيت النبوة من علي بن ابي طالب بعد الرسول الذي رفع شعار :( سالوني قبل ان تفقدوني ) والى الطاهر الحسن وحتى الحسين سيدا شباب اهل الجنة عليهما السلام الذي ضحيا بكل شيئ من اجل استقامت هذا الدين ، والدفاع عن الرسالة واليقين ، وحتى اخر امام من ائمة المسلمين الشيعة !.هذا هو معتقد المتشيّع في اهل البيت عليهم السلام ، وهذه هي الاسباب والدوافع التي تدفع المتشيّع ليضحي بالغالي والرخيص من اجل هذا الانتماء ، كما انها هي هي الاسباب نفسها التي لو نشروا المتشيّع بمناشير الحديد والنار الف مرّة على ان يتبرأ من التشيّع لاهل البيت لما فعل ، من منطلق ايمانه ان الرسالة الخاتمة التي ارسلها الله سبحانه نجاة ورحمة للعالمين ، هي مابلغه بعد الرسول محمد ص اهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولاطريق موصل للنجاة امام الله سبحانه غدا الا طريق علي والحسين وباقي ائمة اهل البيت عليهم السلام جميعا .___________________
alshaker@yahoo.comal_shaker@maktoob.com
كثيرا من المسلمين ومع الاسف عندما يريدون التعرّف على الشيّعة والتشيع في الاسلام ، ولماذا هم في الاساس قد تشيّعوا لمدرسة ال البيت المعينة في الدين من دون المدارس الاسلامية الاخرى ؟، أوما سبب هذا التشيّع بالذات لاهل بيت الرسول محمد ص بغض النظر عن جمهور معظم الصحابة ومايحملونه من قبس من نور النبوة والاسلام ؟، فأن الاعتقاد السائد لدى المسلمين غير الشيعة : أن المسألة ماهي الا مجرد تشيّع عصبوي قبلي او في احسن الاحوال هو تشيّع سياسي لهذا البيت الهاشمي الذي انحدر منه الرسول ص واهل بيته الكرام ، في مقابل تشيّع قبلي آخر يذهب الى الاتكاء على الصحابة ومن تبعهم باحسان ، لتكون المعادلة برمتها هي تشيّع لال هاشم في السياسة ، مقابله تشيّع لال أمية في الجانب الاخر !؟.وعلى هذا الاساس قد بنى الكثير من الفكر صاحب النوايا الطيبة الذي يحاول ردم الهوّة بين الشيعة والسنة في الاسلام اليوم ، وعلى هذا ايضا أنحاز مَن انحاز ضد الشيعة والتشيّع ليستخدم شتى الاساليب السياسية المنحرفة كتكفير الشيعة ورميهم بالشرك والبدع وسبّ الصحابة الكرام ..... الخ ، لينال من شرعية الوجود الشيعي ومذهب التشيّع لاهل بيت الرسول الاعظم محمد ص !.والحقيقة ، وبغض النظر عن هذه الزاوية السياسية ، وغيرها من الزوايا العقدية الخلافية الموجودة بين عقائد المسلمين ومنتمياتهم الفكرية والايدلوجيه ، نحن لابد ان ننظر للوجود وللفكر الشيعي وقضية التشيع على اساسها الواقعي العميق الذي يراه المتشيعون لاهل البيت انفسهم ، ولنسألهم في بدأ مسيرتنا للتعرف على التشيّع والشيعة وفكرتهم نحو هذا الانتماء ولماذا هم ينتخبون الانتماء والتشيّع لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟.لنخرج فيما بعد بنتيجة رؤية واضحة تدفعنا لأدراك معنى التشيّع والشيعة ولماذا هذا التشيّع داخل الاطار الاسلامي الكبير ؟.نعم لو فُرض اننا سألنا متشيّعا لاهل البيت عن سرّ انتمائه لهذا المذهب الاسلامي ؟.وماهي دوافعه ورؤيته الحقيقية لهذا التشيّع ؟.وهل هو تشيّع سياسي أم ديني أم اجتماعي ؟.فماعسانا نسمع من هذا المتشيّع الاسلامي ؟.الاقرب الى الواقع الشيعي الاسلامي هو اننا سوف نسمع جوابا يرى : ان اهل البيت عليهم السلام جميعا ، وحسب المعتقد الشيعي الامامي الاثني عشري ، هم ليسوا في المقام الاول قادة سياسيون فحسب ، ليكون ايمان المتشيّع بهم باعتبار انهم عباقرة في السياسة وادارة شؤون الحكم وجلب المصالح ودفع المضار عن المجتمع .....لاغير ، وليكون فيما بعد ايمان المتشيّع باهل البيت كان منطلقه الاول منطلقا سياسيا نفعيا مصلحيا دنيويا ، واختلاف المتشيّع مع غيره اسلاميا هو اختلاف سياسي فقط !.لا لاينظر المتشيّعة لاهل البيت عليهم السلام على اساس انهم قادة وأئمة سياسيون في المقام الاول ، ولكنّ يرى المتشيعة ان اهل بيت الرسالة وفي المقام الرئيس والصدارة العظمى انهم ائمة دين وقادة اسلام ووعي ، أختارهم الله سبحانه (بشكل او بآخر) ليبلغوا الدين بعد الرسالة ويشرحوا للأمة مضامين هذا الاسلام وافاقه الصحيحة مضافا لذالك الحفاظ على روح الشريعة الاسلامية بعد النبوة من تحريف المنحرفين ، واحتيال المنتحلين ، وبدع الجهلاء والظالمين ، ومن هنا كان المتشيّع في بدئ خطواته الاولى يبحث في قضية الانتماء لاهل البيت ع وهل هو انتماء اسلامي ديني اساسي أم انه انتماء من نوع آخر وعلى نمطية مختلفة ؟!.وربما في هذا المنعطف الذي يوّضح لنا ماهية الانتماء الشيعي لاهل البيت عليهم السلام ، وكيفية نظرته لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟، وعلى اي اساس ينتمي المتشيّع لمدرسة اهل البيت ع ، يعترضنا ساءل بأعتراضين :الاول : قضية ( دور اهل البيت ع ) في هذه الحياة الاسلامية وكيفية نظر المتشيعة له اسلاميا دينيا وليس سياسيا دنيويا نفعيا مصلحيا فحسب ؟.وثانيا : قضية لماذا لم يكن غير اهل البيت من صحابة رسول الاسلام محمد العظيم ص هم ايضا يصلحون لمهمة توضيح الدين وتبليغ الرسالة وحمل الامانة وحفظها كذالك ؟.الحقيقة وللجواب على هذين الاشكالين لابد ان ندرك : ان الدور السياسي في الحياة الانسانية هو مختلفٌ تماما عن دور التبليغ الرسالي الديني في الاسلام اختلافا جذريا ومن القواعد والاسس ، وربما يكون هنا وهناك التقاء سياسي اسلامي ديني في بعض المحطات ، لكن لاننسى ان هناك افتراق حتمي وتناقض صارخ ايضا وفي كثير من الاحيان بين الاسلامي الديني والسياسي النفعي كذالك ، وما مقولة التاريخ الاسلامية المعروفة :(( لاكسروية ولا قيصرية وانما هي النبوّة )) التي قالها العباس بن عبد المطلب لابي سفيان بن حرب الاموي في اخر محطة من محطات القضاء على الكفر والشرك العربي آنذاك في مكة ، الا تعبيرا عن مدى اختلاف المشروعين في القواعد والمنطلقات والمبادئ والغايات بين ماهو رسالي الاهي في بنيان الدول والسياسات والحكومات ، وبين ماهو سياسي ملكي دنيوي في نفس البنيان !.بمعنى أوضح :ان في مجتمع تبنيه الادارة والسياسة والمصالح والمنافع طابع مختلف تماما عن مجتمع تبنيه الرسالة والنبوّة والاسلام ، ففي المجتمع المنبني على المصالح تبرز سيقان المجتمع ومرتفعاته الهيكلية بشكل يحتم عندئذ على تقديم نموذج القيادة والادارة لهذا المجتمع منسجما مع القواعد والاسس التي بُني عليها هذا القيام الاجتماعي ، وعلى هذا يكون تقديم السياسي على الديني الاسلامي واجب حياتي للبشر لادارة مشاريع الدول وتطلعات المجتمعات باعتبار ان الاسس التي يقوم ويبنى عليها المجتمع والدولة هي نفس الاسس التي تفرض نمط ونوعية القيادة لهذه الامة او ذالك المجتمع !.أما ان كانت قواعد المجتمع المدنية قائمة على الفكرة الدينية والنبوّة الرسالية كما هو في الاسلام ، وان المساهم في بناء اللبنات الاولى للمجتمع وللدولة كان هو الاسلام واطروحته ، فيكون عندئذ القانون البديهي فارضا نفس معادلة القواعد والاسس ليقدم القيادة الاسلامية الدينية الفكرية لقيادة هذه الدولة والامة على القيادة السياسية في هذا المضمار !.وعلى هذا كانت المعادلة الاسلامية في الاسلام ترى ان القيادة التي ينبغي ان تقدّم في الاسلام وحسب مجتمعه الاسلامي هي القيادة العلمية والفكرية والدينية او هي قيادة التعليم والتزكية والتربية وتلاوة الكتاب للمجتمع كما في قوله سبحانه وتعالى :(( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون / 151/ سورة البقرة )) قبل القيادة السياسية والادارية والمصلحية والنفعية في هذا المجتمع !.أي ان الاسلام اول مابزغ نوره على جزيرة العرب والمسلمين ، وبدا وحيه للناظرين ، بدأ اول مابدأ فيه وضع لُبناته الاجتماعية الاولى في بناء مجتمعه الاسلامي على اساس هذا الدين وهذه الرسالة وهذا الاسلام ، ومن ثم أقيمت هياكل المجتمع الاسلامي لتكون قاعدة :(( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) وقاعدة :(( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون )).... هي الاسس والقواعد ، و ليصل فيما بعد الى مرحلة قيام مجتمع رسالي اسلامي مترابط برباط (( انما المؤمنون اخوة )) و حامل لمبدأ عقدي ومبشر جميع الامم بهذه الرسالة ، بالاضافة الى تمييز موقع هذه الامة واتجهاتها الفكرية والعملية في انها أمة وسطا، ومثل هذه المعادلات الاجتماعية هي مختلفة تماما عن مجتمع يقوم على اسس اجتماعية او اقتصادية او سياسية ، كالذي نقرأه مثلا في الفكر السياسي الغربي القديم والحديث ، الذي يرى ان قاعدة تكوين المجتمعات وبناءه كانت نواة الاجتماع السياسي الذي اضطرّ الانسان من خلال الحروب ان يجتمع ليضمن الدفاع عن نفسه ، او كالذي يذهب الى ان نواة الاجتماع الانسانية هي العوامل الاقتصادية النفعية التي توفر للأفراد حوائجهم الاقتصادية ، او غير ذالك من رؤى سياسية درست فكرة اللُبنة الاولى لقيام المجتمعات الانسانية ودولها حسب افكار ( لوك وروسوا وسبينوزا ....) وغيرهم من فلاسفة ومفكري الشرق والغرب !.وعلى هذا نقول ان نفس هذه الاسس التي يقوم عليها اي مجتمع تفرض ان تأتي صور واشكال وصياغات قياداته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فاذا كانت لُبنات المجتمع مؤسسة على المصالح والمنافع ، فرض المنطق ان تأتي قياداته سياسية مئة بالمئة لا لسبب معقد الا لكون هذه القيادات السياسية هي الاعرف والافهم والاكثر ادراكا للكيفية الصحيحة التي من خلالها يتم قياد المجتمع والتحرك به نحو الافضل ومايوفر له جلب المصالح ودفع المضار عنه !.وأمّا ان كانت لبنات المجتمع الاولى وقواعده البنيوية الانسانية الثابتة هي مبنية على التقوى لله سبحانه والمعرفة برسالته والعبادة له والتضحية في سبيل اعلاء كلمته .....، فستكون نفس هذه القواعد الاجتماعية البنيوية هي الفارضة شكل القيادة وصياغتها النهائية ، بأن تأتي القيادة فكرية تعليمية ايدلوجية في المقام الاول لقيادة المجتمع وليس فحسب حسب مايوفرّ مصالحه المادية ويدفع عنه المضار الحياتية ، وانما فوق ذالك قيادة هذه الامة حسب مخطط الفكرة ومتطلبات الرسالة ، والدفع به نحو الامام في التقدم والسمو والتزكية والرفعة الاخلاقية وهكذا !.والآن لو سألنا عن القواعد البنوية التي بنى عليها الاسلام مجتمعه والرسالة المحمدية مضامينها الانسانية ، فهل سنقول ونخرج بنتيجة ان بنية الاجتماع الاسلامية هي رسالية دينية اخلاقية عبادية نبوية ومن ثم مصلحية ؟.أم انها بنية مصلحية سياسية اقتصادية اجتماعية نفعية لاغير ؟.إن كانت البنية الاجتماعية التي اقامها الاسلام في بداية تحركه الرسالي كانت ايدلوجية فكرية اخلاقية عبادية ، تطلب منّا ان نقرّ بوجوب ان يتقدم الاعلم والافهم والاكثر ادراكا لمطالب واهداف وغايات هذه الرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة في قيادة الدولة والمجتمع ؟.وإن كان العكس في بنية الاجتماع الاسلامي فيتقرر عندئذ القول علينا تقديم السياسي على الفكري في قيادة هذه الامة وهذا التيار ، وهذه الدولة مادام ان بنية المجتمع أُقيمت على اساس المصالح !.ان المتشيّعة لاهل بيت الرسالة المحمدية عليهم السلام جميعا ومن هذا المنطلق الذي ذكرناه آنفا يرون : ان بنية الاجتماع الاسلامي الذي اقامها الرسول الاكرم محمد ص ، بالاضافة الى القرءان الكريم ، وما أسس له الاسلام ومنذ البداية ، هو بنيان وتأسيس قائم على الفكرة والايدلوجية والاخلاقية والتعليم والتزكية والرسالية والاهداف وتلاوة الكتاب الكريم ....، قبل قيامها على المصالح والمنافع السياسية والتوازنات المصلحية والقبلية ، ولهذا يرى المتشيّعة وجوب تقديم اهل البيت ع لقيادة الامة والدولة الاسلامية بسبب انهم الاقدر والاعلم والافهم ..... على استيعاب فكرة الاسلام ومعرفة مداخل ومخارج الرسالة المحمدية الخاتمة !.اي ان المتشيّعة عندما استفسروا إسلامياًعن الجهة التي مثلت بعد الرسول الاعظم محمد ص الفهم الوافي والمعرفة المحيطة والعلم الكامل في الشريعة ، وجدت :اولا : القرءان الكريم نفسه يقرّ ان اهل بيت الرسالة والنبوّة الذين اذهب الله سبحانه عنهم الرجس في قوله سبحانه وتعالى :(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) واوجب مودتهم على المسلمين في قوله سبحانه :(( قل لااسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ))......هم الاقرب تقوىً وطهارة وعفة لروح الاسلام ومداركه ولمس افاقه وتعاليمه الحقيقية عن غيرهم من المسلمين ، فهم اهل خاصية بالطبيعة الاكرم عند الله سبحانه وتعالى في قوله سبحانه :(( إن اكرمكم عند الله اتقاكم )) ولهذا توجه المتشيّعة لاهل البيت على اساس انهم الاكثر قربا من الله سبحانه وتعالى صاحب الشرع المقدس ومرسل الرسالة الى البشرية جمعاء وباعث محمد ص للعالمين جميعا !.ثانيا : كذالك عندما استفسر المتشّيعة من الاسلام والرسول الاعظم محمد ص نفسه عن ماهية ومَن هية الجهة التي يمكن ان تكون حاملة للرسالة والعلم والحكمة من بعده ، فقد وجدوا ان للرسول الاعظم محمد ص الكثير من الاحاديث الصحيحة التي تنقلها كل الفرق الاسلامية تقول بالعِدل بين القرءان الذي هو كتاب الله الكريم وبين اهل بيته الطيبين الطاهرين في قوله ص :(( أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، او انهما لن يفترقا حتى يردا عليا الحوض )) فتيقن الشيعة ان اهل البيت هم عدل القران وهم الكفة الاخرى للاسلام فتشيعوا لهم من هذا الباب وهذا الطريق !.وكذالك هي الحال في مئات الاحاديث الرسالية النبوية الشريفة التي تؤكد على قضية الاعلمية في الاسلام والشريعة المحمدية لاهل البيت على العموم ولعلي بن ابي طالب بالخصوص ، كخطوة اولى لمشروع الامامة الذي قال الرسول الاعظم عنه :(( الائمة اثنى عشر كلهم من قريش )) و كقول الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم وعلي بابها )) فأدرك المتشيعة ان القيادة للدولة وللدين والمسلمين في علي بن ابي طالب بعد الرسول محمد ص لانه الاعلم بشهادة الرسول محمد ص ، وبشهادة جميع المسلمين ثانيا بمافيهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال :(( لولا علي لهلك عمر )) !.ثالثا : وهكذا عندما سمع المتشيّعة وقرأ ان اهل البيت عليهم السلام جميعا كانوا انفسهم يدعون لانفسهم بالامامة ، ويصرحون انهم الاوصياء بعد رسول الله ص على هذا الدين ، فالتاريخ مشحون بمقالات تبدأ من علي بن ابي طالب ع وتنتهي بجميع مانقل عن ائمة اهل البيت الاثنى عشر تؤكد على :ان الخلافة من حق علي بن ابي طالب واهل بيته ، وان هناك انحراف غير مبرر في شأن الرياسة والامامة ، قد انحرف بدفة القيادة عن اهل بيت الرسول الى اصحابه !.ومن خلال هذه الدعوة لاهل البيت لم يجد المتشيّعة امام هذه الدعوة الا تصديق اهل البيت في دعواهم للامامة والقيادة باعتبار انهم الاطهار الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وباعتبار ان عدم استجابة المسلمين لدعوى امامة اهل البيت عصيان صريح لاهل بيت الرسالة والنبوة الذي لم يذكر عنهم الكذب على الله ورسوله والمؤمنين أو دعوى ماليس من حقهم انه لهم ، وترك الاعلم والاحق بالقيادة الى غيرهم ، وهذا مالايتحمله ان وقع متشيّعة اهل البيت ع!.أذن من منطلق كل هذه المعطيات وجد المتشيّعة لاهل البيت انفسهم مضطرين للتشيع لاهل البيت وان كان المزاج السياسي والمذهبي الطائفي والسلطة السياسية عند غير اهل بيت الرسالة والنبوة ، ولكن هذا لايلغي التشبث باهل البيت كمرجعية سياسية ودينية للمسلمين كافة ، كما انه وجد المتشيّعة ان الانتماء لاهل البيت واخذ الاحكام الاسلامية عنهم ، وفهم الشريعة الاسلامية من انهر عقولهم ، واجب شرعي وحكم اسلامي في اخذ حكم الشريعة من العالم بها وليس من الجاهل عليها ، مضافا اليه ضرورة اسلامية انسانية تقول : ان المجتمع الاسلامي الذي اسس على تقوى الله ومعرفته لاتكون القيادة فيه الا لأكرم خلق الله عليه سبحانه واعلمهم بشريعته ، فكان اهل البيت ع قيادة المتشيّعة في هذا الاسلام والدين !.نعم الآن ربما يقول قائل : الايكفي غير اهل البيت ع ان يكونوا ايضا حاملي لعلم الاسلام ومستوعبي لشريعته الغرّاء كالصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ، فلماذا اختصرتم علم الدين والشريعة في الاسلام وبعد الرسول الاعظم محمد ص بعلي بن ابي طالب واهل بيته ؟.ثم انه كذالك كان الخلفاء الراشدون من اهل العلم بالاسلام وهم الاحق بالقيادة والامامة عن غيرهم ، فلماذا قالت المتشيّعة بضرورة الامامة والقيادة لاهل البيت ع فضلا عن صحابة الرسول ص ؟.الحقيقة بغض النظر عن رؤية الشيعة الامامية في مذهبهم الاسلامي لموضوعة الامامة والقيادة ، وانها منصب يضعه الله ورسوله حيث مكانه الصحيح ، وان التنصيب للامام علي بن ابي طالب كان بأمر من الله سبحانه ورسوله الكريم في حجة الوداع في غدير خم عندما قال الرسول الاعظم :(( من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ...)) بغض النظر عن ذالك نقول : ان ضرورة الاجتماع الاسلامي الانساني كان يضطرّ جميع المسلمين لتقديم اهل البيت في قيادة دفة حركة المسلمين في واقع حياتهم الرسالية الاسلامية ، وهذا بسبب ماذكرناه من ان الاجتماع الاسلامي بُني على اسس اسلامية صافية ، مما يضطرنا للقول بوجوب تقديم الاعلم والاتقى اسلاميا بين المسلمين لتستمر مسيرة المسلمين الرسالية بعد محمد ص وهي متوجهة الى جهتها الصحيحة في المسير حسب الخطة الاسلامية !.ولكنّ وبما ان مبدأ الشورى دخل على خط القيادة والامامة في الاسلام ، وهمش اهل البيت ع عن دورهم القيادي الفكري والسياسي في هذا الدين برزت لدينا كمسلمين من وجهة النظر الشيعية الاسلامية مشكلتان :الاولى : قيادة السياسي للديني بدلا من قيادة الرسالي للسياسي !.ثانيا : بروز ظاهرة التناقض بين بنية الاجتماع الاسلامي ودفة القيادة فيه ، مما أثرّ بشكل رهيب على النظري في الاسلام وتقدم المادي عليه !.ان الشورى الذي يتحدث عنها التاريخ بانها هي من صمم حركة الاسلام والمسلمين فيما بعد الرسول الاعظم محمد ص ، وانها هي مَن قدمت الصحابي على اهل البيت ، إن اردنا فهمها واقعيا وبلا ادنى افكار سلبية مسبقة ، نجد انها عملية (توازن ) خلقتها المصالح الاجتماعية القائمة آنذاك في بدايات التحرك الاسلامي بعدالرسالي المحمدي!.اي ان هناك توازنات قبلية وسياسية وربما تكون اجتهادية من قبل الصحابة رأت ان تقديم اهل بيت الرسول ص للامامة بعد ان كانت النبوةّ فيهم أمر لايتحمله الواقع السياسي والقبلي والاقتصادي العربي الاسلامي القائم ، وإن علي بن ابي طالب بالذات كمرشح أوحد لاهل البيت الى قيادة الامامة بعد رسالة محمد ص ، أمر لاتقبله العرب المسلمين ابدا ، ولهذا كان الاجتهاد ان يختار المسلمون لانفسهم اماما يقود مركبتهم الاسلامية الى كل مافيه مصلحة الامة في جلب منافعها ودفع المضّار عنها ، فكانت على هذا الاساس خلافة ابي بكر الصديق الاول رض بهذا المعنى ، وان كانت ايضا هي جبرية أقرب منها شورية أتفق جميع المسلمين عليها !.ولكنّ وعلى اي حال إن هذه الحادثة بالذات من وجهة النظر الشيعية الاسلامية كانت أول خطوة غير محسوبة اسلاميا بدقة ، مما وضع اللبنة الاساسية لمشروع مايسمى حديثا ( فصل الدين عن الدولة ) اي فصل مضمون القيادة في الاسلام وضرورة ان تكون هي الاعلم والاكرم على الله سبحانه وفيه ، الى القيادة التي ليس لها مؤهل غير انها قادرة على لعب توازنات سياسية معينة داخل المجتمع الاسلامي آنذاك !.بمعنى آخر : ان حركة الاسلام في مرحلة الرسالة كانت مرحلة منسجمة تماما بين ماهو ديني وماهو سياسي من منطلق ان المجتمع الذي بناه الاسلام واسس لوجوده هو نفسه الذي يقوده صاحب الرسالة والاسلام والاعلم فيه من غيره على الاطلاق ، وكان من الممكن ان تستمر هذه العملية بعد الرسول لو قدم من هو اعلم بالشريعة الاسلامية من غيره مثل علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول الاكرم محمد ص ، ولكن وبما ان التوازنات المصلحية السياسية هي التي فرضت معادلة جديدة على قضية الامامة والقيادة في الاسلام ، وانها هي التي أخرّت الاعلم او استبدلت الذي هو ادنى علما اسلاميا بالذي هو خير تقوى وعلما ، اصبح لدينا عنصر جديد داخل في معادلة بناء هيكل القيادة في الاسلام ، الا وهو عنصر المصالح السياسية القائمة للقبائل العربية والاسلامية ، وعند هذا اضطر المجتمع الاسلامي بعد الرسول محمد ص ان يقدم السياسي صاحب كفاءة ادارة الازمات والتوازنات ، على الديني صاحب كفاءة العلم والتقوى والعدالة والرؤية والنظرية !.وبهذا بالضبط انطلقة شرارة وضع اللبنة الاولى في الاسلام لنظرية فصل الديني عن السياسي في قيادة الامة الاسلامية !.حتى ان الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رض ، كان يقول دوما ويقرّ باستمرار :(( انه ليس الاعلم في الشريعة والاحكام الاسلامية ، ولولا وجود عالم كعلي بن ابي طالب الى جواره لكان خبط خبط عشواء في احكام الشريعة الاسلامية ، ولكن الله سلّم )) ماذا يعني هذا الكلام على لسان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض ، وعلى لسان التاريخ ايضا ؟.ثم اذا كان الاعلم في الشريعة جالس بجوار الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وهو علي بن ابي طالب عليه السلام فلماذا لايقدّم في القيادة الاسلامية ليكون العالم بالدين والقانون الذي يحكم المسلمين هو المدير لهذه العملية ؟.اعني لماذا يكون الاعلم بالقانون الاسلامي الذي يدير الدولة والجمهور الاسلامي جالسا بلا حكم بينما الاقل منه اعلمية هو الذي يتصدى للحكم والادارة ؟.وأليس يصبح هناك تناقضا اذا قلنا ان القيادة في الاسلام هي الاقل ادراكا وعلما بهذا الاسلام نفسه ؟.من هنا قلنا ان اشكالية الشورى التي رفعت رأسها في الاسلام بعد رحيل المؤسس الرسالي الاسلامي محمد بن عبدالله ص هي التي اسست في هذا الاسلام لفصل ماهو ديني يضطرّ المسلمين فيه لتقديم قيادة الاعلم في الاسلام لرياستهم ، عن ماهو سياسي الذي يدير الازمات السياسية في هذا الاسلام بغض النظر عن الاعلمية او التقوى في هذا الدين والواقع !.وهذه الرؤية هي التي تفسر لنا كمسلمين لماذا اصبح لدينا فتوحات سياسية عظيمة في الاسلام ، مع تأخر فضيع في العلم والفكر والثقافة والايمان .... وباقي شؤون الرسالية الاسلامية التي تعتمد على القيادة الاسلامية على اساس انها ايضا مشروع تعليم وتزكية وتطهير وتلاوة كتاب ، فمن منطلق ان على دفة القيادة في الاسلام بعد الرسول صعد السياسي ابو بكر ومن بعده داهية السياسية عمر بن الخطاب .... وهكذا ، ونُحي قائدا كعلي بن ابي طالب العالم بالكتاب والسنة ومعلّم هذه الامة ومزكيها بعد الرسول الاعظم محمد ص ، برزت لدينا في تاريخنا الاسلامي ظاهرة تغلّب السياسي الذي عبر عن نفسه بالغزوات والفتوحات السياسية الكثيرة ، في نفس الوقت الذي تراجعنا كمسلمين في الجانب العلمي والعقدي والفكري لتظهر تيارات الانحراف في الاسلام كالخواج وغير الخوارج وسبعين فرقة وحتى اليوم في المذاهب الوهابية السلفية التي تحمل سياسة وتتطلع الى الغزو الاّ انها تفتقر للعلم والتزكية وتلاوة الكتاب حق تلاوته !!. نعم المسلمون مجمعون على ان اهل البيت ع بقيادة علي بن ابي طالب ع هم الاعلم في هذه الشريعة وهم الافضل وهم الاطهر وهم الاكثر فهما وادراكا للقانون الاسلامي .....، ولكن مع ذالك شاءت المصالح القبلية السياسية ان تقدم السياسي على الديني واستمرت المشكلة الى هذه اللحظة في فصل الدين عن الدولة ، واعطاء الاميرالامارة والقيادة في الاسلام ورجل العلم والدين وتلاوة الكتاب والتزكية الاسلامي في واد آخر !.ان التناقض الذي بدى واضحا بين بنية الاجتماع الاسلامي التي انبنت على الاسلام ومفاهيمه ، وبين القيادة السياسية التي هي على عدم ادراك ورؤية كاملة لهذا الاسلام ، بعد فصل القيادة عن اهل البيت ع في الاسلام ، ولدّ حالة من الازدواجية الرهيبة بين ماهو نظري علمي في الاسلام وبين ماهو سياسي واداري في هذا الاسلام ، وبدلا من ان يكون موقع القيادة والامامة في الاسلام اذا قدّر له ان يسير على سيرة الرسول الاعظم محمد ص واهل بيته الاطهار عليهم السلام ، هي أمامة وقيادة في العلم والتعليم والتزكية للمسلمين مضافا لذالك ادارة شؤونهم المصلحية والاقتصادية والاجتماعية ، اصبحت في دور تقديم السياسي بعد الشورى ، وتهميش اهل البيت عن القيادة ، مجرد قيادة سياسية تدير شأن الحرب والسلم وتوازنات في مجال الاقتصاد وتوزيع المغانم ، ودفاع لصد العدو والغارات لاغير !.بمعنى : ان القيادة والامامة في الاسلام بعدما نزع منها صفة الادراك والعلم ووجوب تقديم الاعلم في الدين على غير الاعلم ، اصبحت قيادة المسلمين بيد من هو ليس باعلم بهذا الدين وقوانينه ويكفي ان يكون القائد صاحب ادراك اداري سياسي ( كمعاوية بن ابي سفيان وغيره ) يدير الدفة بعيدا عن الفكر والتقوى وتلاوة الكتاب وباقي العلوم الاسلامية وغير ذالك !.نعم كان صحابة رسول الله ص لديهم شيئ متفاوت من العلم الاسلامي هنا وهناك ، ولكنّ هناك فرق بين ان نقول : اننا بحاجة الى قيادة وإمام يدرك بشمولية كل الفكر والعلم والحكم الاسلامي ، وبين ان نقول يكفي لنا ان يكون في موقع القيادة من لديه قليل من العلم الاسلامي ليدير دفة قيادة المجتمع في هذا البحر الهائج ؟.!المتشيّعة وجدت في علي بن ابي طالب واهل بيته ع بعد الرسول صفة القيادة العالمة بشمولية تامة بالاسلام والدين ، وسمعت وروت عن علي بن ابي طالب ع انه قال :(( لو ثنى لي الوسادة ( تعبير عن الخلافة ) وروى لو كسرت لي الوسادة، ثم جلست عليها، لقضيت بين اهل التوراة بتوراتهم، وبيناهل الانجيل بانجيلهم، وبين اهل الزبور بزبورهم، وبين اهل الفرقان بفرقانهم. واللّه ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا ارض،ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار، الا وانا اعلم متى نزلت وفي ايشيء نزلت، وما رجل من قريش جرت عليه المواسي الا وانا اعلماي آية نزلت فيه تسوقه الى جنة او الى نار)). أفبعد هذا لعلي واهل بيته تترك المتشيّعة اهل العلم والدراية بالاسلام ، الى من هو عالم بانساب العرب وايامها من خلال الشورى وتوازن المصالح السياسية لاغير !.الواقع ان المتشيّعة من المسلمين لايمكن لهم القبول بمعادلة فصل الاسلامي الديني عن السياسي في هذه الحياة ، وما ولائهم لاهل البيت الا للمحافظة على مبدأ دمج الاسلامي الرسالي بالسياسي في حركة المجتمع من منطلق : ان هذه الامة بُنيت على شكل مخصوص لحمل رسالة خاصة للعالم اجمع ، ولايتسنم القيادة فيها الا صاحب العلم والخبرة مضافا اليه صاحب الكفاءة والقادر على سياسة المجتمع من خلال الاسلام بتعليمه وتزكيته للمجتمع وتنظيفه ، أما كون القيادة تكون مجرد لعب سياسي فهذا شيئ اقرب لحالات الملكيات ( الكسروية والقيصرية ) الدنيوية وليس النبوية الرسالية ، وعلي بن ابي طالب واهل بيته رأوا فيهم المسلمون الشيعة انهم قيادات رسالية ودينية ، اصحاب مشاريع التعليم والتزكية وتلاوة الكتاب على الامة والمجتمع قبل ان يكونوا ملوك سياسة وادارة حكم وفض منازعات وتوازن مصالح في حركة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ، ولهذا تشيّعوا لهم من منطلق انهم الاوصياء على هذا الدين والاعرف بمداخله ومخارجة والاتقن لمحكم كتابه من المتشابه به ، وناسخه من منسوخه ، ومقيده من مطلقه ، وعامه من خاصه ، والاعرف بسنة رسوله واحكامه فهم اهل بيته والمهيئين لحمل الرسالة من بعده ، وخزّان علمه !.نعم بما اننا مجتمع اسلامي بنته رسالة السماء واقامت اركانه ، فلايصلح لقيادنا الا العالم بهذه الرسالة لتستمر مسيرة هذه الامة على المحجة البيضاء التي لاتنكسر امام المغريات ولاتلويها السياسات ولاتدخل بحساباتها التوازنات ، وكل هذا وجدناه في اهل بيت النبوة من علي بن ابي طالب بعد الرسول الذي رفع شعار :( سالوني قبل ان تفقدوني ) والى الطاهر الحسن وحتى الحسين سيدا شباب اهل الجنة عليهما السلام الذي ضحيا بكل شيئ من اجل استقامت هذا الدين ، والدفاع عن الرسالة واليقين ، وحتى اخر امام من ائمة المسلمين الشيعة !.هذا هو معتقد المتشيّع في اهل البيت عليهم السلام ، وهذه هي الاسباب والدوافع التي تدفع المتشيّع ليضحي بالغالي والرخيص من اجل هذا الانتماء ، كما انها هي هي الاسباب نفسها التي لو نشروا المتشيّع بمناشير الحديد والنار الف مرّة على ان يتبرأ من التشيّع لاهل البيت لما فعل ، من منطلق ايمانه ان الرسالة الخاتمة التي ارسلها الله سبحانه نجاة ورحمة للعالمين ، هي مابلغه بعد الرسول محمد ص اهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولاطريق موصل للنجاة امام الله سبحانه غدا الا طريق علي والحسين وباقي ائمة اهل البيت عليهم السلام جميعا .___________________
alshaker@yahoo.comal_shaker@maktoob.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
HTML