(( أخطر كلمة في التأريخ : مَن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات !)) حميد الشاكر
_________________________________________
من اساليب القرآن الكريم التربوية للاجتماع الاسلامي هواسلوب سرد القصص التاريخية والانتفاع والاعتبار بماورد في التاريخ وسيرة الماضين وذكرماقاله المتفرعنون والكفّار والظلمة من جهة وفي المُقابل ذكرماقيل على لسان الانبياء والمؤمنين العادلين من جانب آخر ، ليكون التاريخ وقصصه ومحركيه وابطاله ومتخاذليه وضعفاءه وماقالوا وما قاموا به من افعال ، وما سينعكس عنهم من آثار ...الخ مادة تربوية من خلالها يدرك المؤمن ويفهم ويستوعب كيف هي سنن الله في خلقه وايامه وتاريخه وكيف كانت ماهية وصفات انبيائه والمؤمنين بالله ، وكيف كانت صفات الكفاروالمنافقين والفجّار ايضا ؟وفي النهاية يتحصن الانسان المسلم والمؤمن برؤية قرآنية حقة ، لايأتيها الباطل من بين يديها ولامن خلفها تلزمه اتباعها في الدنيا وتكون عليه حجة امام الله سبحانه بالاخرة وتكون له بوصلة من خلالها يدرك الحق واهله ، ويعرف الباطل وجنده ، وتهبه الوعي في عقله والنور في بصيرته والتمييز بين الخبيث والطيّب في قلبه !!.
والحق ان هذا الاسلوب القرآني في قراءة التاريخ ورجاله ، وهذه الاهداف والغايات المعرفية الاسلامية القيّمة ، التي اسست لها المدرسة القرآنية في قصص الماضين ، هي نفسها الاساليب والغايات التي على ضوئها كتب لنا المؤرخون الاسلاميون تاريخنا الاسلامي الذي بدأ برسالة خاتم الرسل والانبياء محمد العظيم ص لنقرأه اليوم ، ونتصفح مجلداته الكبيرة ، ونتعرف على ابطاله ومجرميه ومحركيه وقاتليه وماقالوا من كلمات وما قاموا به من افعال وما اسسوامن سنن ومااشادوا من نوعية نظم وسياسات وماخطوا من خطط ايجابيات وسلبيات وهي نفسها الاساليب التي تفسح لنا المجال واسعا لنسأل عن تاريخناالاسلامي وضرورة الوقوف عند رجاله وماقالوه ومافعلوه وقاموا به من انجازات وانتكاسات ونجاحات واخفاقات بصورة دقيقة ومتأملة !.
وعلى هذا الاساس الشرعي والقرآني والتاريخي ، يمكننا الوقوف هنا على محطة من محطات تاريخنا العربي والاسلامي المهمة جدا والمصيرية فعلا ، والتي شكلت مسارَ تاريخنا القديم وبانعكاساته السلبية والايجابية الحديثة ، الا وهي محطة : وفاة العظيم محمد ص وكلمة الخليفة فيما بعد الاول ابو بكر عبدالله بن ابي قحافة ، لعمر بن الخطاب الخليفة فيما بعد الثاني ، عندما أطلق عمر مفردته المشهورة بعد ساعة من وفاة الرسول محمد ص بالقول ((من قال ان محمدا قد مات قتلته بسيفي هذاوانما رفع الى السماء ، ولسوف يعود فيقتل قوما منافقين ...!)) وجواب ابو بكر لرده :((مَن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الاه محمد فانه حيٌّ لايموت !)).
فياترى : ماذا قصد خليفة السقيفة الاول ابو بكر بمقالته هذه التي اطلقها على الملأ ليعلن من خلالها وفاة العظيم محمد ص ؟.
وهل فعلا ان سبب كلمة ابي بكر هذه كان تهستر عمر بن الخطاب لمجرد خطور فكرة موت الرسول محمد ص عليه لاغير ؟.
أم إن لكلمة الخليفة الاول مضامين فكرية وعقدية وسياسية، أعمق بكثير من مجرد الردّ وتهدأت ثوران عمر بن الخطاب المبالغ فيه جدا لسماع نبأ وفاة بشر قال عنه القرآن : انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ ... ؟.
ثم ماهو مضمون تعبير الخليفة الاول ابو بكر : مَن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ؟.
اي مالذي قصده واراده وهدف اليه ابو بكر بمفردة (( العبادة لمحمد صلى الله عليه واله وسلم )) ؟.
وهل قصد العبادة بمعناها الشرعي المجرّم والمحرّم اسلاميا لغير الله سبحانه في الاسلام ؟.
أم انه قصد من عبادة محمد الرسول ص ، الذي كان يمارسها بعض المسلمين تجاه محمد العظيم ومنهم عمر بن الخطاب عبادة اخرى مختلفة ، ولذالك نقدها ابو بكر واسقط مفاعيلها من الواقع ؟.
ومن جانب آخر ماهذه الانفعالية الزائدة التي اظهرها عمر بن الخطاب والتي وصفها ابو بكر بالعبادة لمحمد ص ؟.
وهل هو انفعال سياسي كما يذهب اليه الكثير ممن قرأ التاريخ الاسلامي بوعي ، وكان عمر ممثلا لشريحة واسعة من المسلمين فيه كانت ترى في موت محمد تحوّلا سياسيا خطيرا ، ولهذا اعلن عمر عدم موت محمد وانه سوف يقتل كل من يعتقد ان محمدا قد مات الى حين اتضاح الرؤية واتخاذ بعض التدابير السياسية المهمة لمابعد حياة محمد الرسول ص ؟.
أم إن كلمة عمرايضا تستحق منّا بالفعل قراءتها بتأني لندرك انماط تفكيرعقدي منحرف كان شائعا بين اوساط المسلمين ومنهم عمر بن الخطاب كان يعتقد بالفعل ان الايمان بموت محمد ص يعني هدم للعقيدة الاسلامية ولذالك هدد عمر بالقتل كل من يقول بموت محمد ص باعتباره خروجا على الاسلام وارتدادا عنه ؟.
بمعنى : إن تهديدعمر بالقتل لكل من يعتقد بموت الرسول محمد ص أما انه نابع من عقيدة وايمان وصدق وحرص على الاسلام وفكره وإن الرجل كان صادقا بايمانه : ان فكرة موت محمد الرسول ص هي ضد الدين من منطلق اعتقاد عمر الذي كان يرى انه لايموت الرسول محمد ص قبل قيام الساعة كما كان يفهمه عمر من الدين في (( اقتربت الساعة ..))ولذالك كان مستعدا لقتل كل من يقول به لانه ضد عقيدة عمر المركبة على الرسول والقيامة ؟.
وإما ان يكون عمر واعيا ان محمدا رسول الله بشرا وانه لابد ان يموت ، وما تهديده بالقتل لكل من يقول بموت محمد الا تمثيل سياسي كان يهدف من وراءه الى ترتيب اوراق لاتتم الا بعد برهة من الزمن ، ولهذا ابتغى التعطيل لاعلان موت محمد الرسول ص بتهديداته بالقتل لاغير ؟.
لكن على كلا الاحتمالين كيف ان هذا الرجل يهدد بالقتل على فكرة (( الاعتقاد بموت محمد ص )) ويبدوا انه كان بالفعل مستعدا لقتل ايّا كان يقف امامه ، ليقول هذه الكلمة من جهة ، ومن جانب آخر ولمجرد قول ابو بكر : من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات !، نرى عمر يسلّم بهذه الحقيقة ، ويقرّ بها ، والاكثر من ذالك يتحول بايمانه من الاعتقاد المطلق بعدم موت محمد ص الى اليقين بموته لمجرد سماع آية :(( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات اوقتل انقلبتم على اعقابكم )) ؟.
وألم تكن هذه الاية هي آية ال عمران اطول سورة ثانية نزلت في المدينة، بعد سنوات من هجرة العظيم محمد ص واصحابه لها وكان عمر حاضرا لكل حرف نزلت به هذه السورة فكيف لم يلتفت عمر لاية ابي بكر التي ذكرها للتدليل على امكانية موت محمد او قتله الا بعد ان ذكرها له ابو بكر مع ان عمر كان قارئا للقرآن حسب ماينقل التاريخ ولابد انه سأل او فقه مضمون هذه الاية كما فهمها وفقهها ابو بكر وباقي الصحابة من قبله ؟.
فكيف يهدد عمر المسلمين بالقتل على امر كان من المفروض انه ضروري بل ومن صلب ايمان المسلمين الايمان بحقيقة الموت وانه حق على جميع البشر وان البعث فيما بعده حق ايضا ؟.
أم ان عقيدة عمرالاسلامية كانت يشوبها الكثير من الغموض واللبس والادراك لحقائق الاسلام لاسيماان ادركنا ان عمركان قارئا لكتب اليهود والنصارى ، من توراة وانجيل كما روي ذالك ونهي الرسول محمد ص له مرّات عدّة من قراءة هذه الكتب والايمان بالافكار بداخلها لانها محرفة ، وان فيها تصورات تشوّش على ذهن المسلم و....الخ ،ولذالك هو اعتقد خطأً ان الرسل لايموتون وان محمدا ص بالخصوص لاينبغي ان يموت الآن وان شأنه شأن موسى عندما ذهب الى ربه او شأن عيسى عندما رفع للسماء وسوف يعود فيما بعد ؟.
اسألة كثيرة اثارتها علينا كلمة الخليفة الاول ابو بكروهو يحسم الموقف بعد رحيل الرسول محمد ص الى الرفيق الاعلى واجوبة حتما ستكون دسمة معرفيا وفكريا اذا استطعنا قراءة الرجلين ابا بكروعمرمن خلال ملمح من ملامح شخصياتهما الغامضة وهما يتناوبان دور الرافع لفكرة وعقيدة خلود الانبياء والتهديد عليها ، والثاني الخافض لعبادة الانبياء والمرسي لواقع سياسي جديد أفضى الى خلافة الاول ثم دفعها من الاول للثاني بلا شورة من احد !!!.
طبعا في معرض جوابنا حول الاسألة الانفة الذكر لايمكننا الذهاب الى ان ابا بكر قصد بكلمته (من كان يعبد محمدا..) تلك العبادة الشرعية الاسلامية التي وضعتها المدرسة القرآنية في قُبالة فكرةالشرك بالله سبحانه مع ان مفردة العبادةتشمل زوايا ومضامين متعددة منها ، الطاعة والاتباع والخوف والخشية والانقياد .... وما الى ذالك من معاني تندرج تحت مفردة العبادة لكن يبدوا من كلمة ابي بكروتعبيرها بمفردة العبادة لمحمد ص انها تذهب لنقد ذالك التيار الذي عبد الله سبحانه من خلال الرعب والخشية من محمد رسول الله ص ولذالك كان هذا التيار الذي يمثلهم عمربن الخطاب لايتصور الاسلام بغير وجود محمد كقائد سياسي وديني يمتلك بيده مقاليدكل شيئ بما في ذالك امر العقيدة ومن هنا كان هذا التيارلايستطيع التفريق بين محمد ص كرسول وبشر ومبلّغ ... عن الله وبين الاسلام كعقيدة حيّة ومتصلة بالله سبحانه ، ومنفصلة تماما في استمراريتها عن حياة او موت الرسول الاعظم محمد ص !!.
نعم في مضمون كلمة الخليفة الاول ابي بكر ايضا يمكننا اكتشاف حقائق اجتماعية اسلامية ثلاثة ، كانت تعيش في حياة محمد الرسول ص وحياة ابي بكر كذالك وهي مهمة وغاية في الخطور ، لادراك الوجود الاجتماعي الاسلامي الاول من جيل الصحابة وكيف كانت بنائاته الفكرية والعقدية والنفسية قائمة ومختلفة بعضها عن البعض الاخر وهذه الحقائق هي :
اولا : لاريب ان ابا بكر ومن خلال رؤيته العامة لمجتمع الاسلام من الصحابة كان يشعر ويدرك ان هناك طبقات ايمانية مختلفة داخل مجتمع المدينةالمسلم انذاك في حياة الرسول العظيم محمد ص وإن هناك مَن بالفعل كان يعبد ويؤمن بالله وحده وان دوافع هذا التيار هي الايمان بالاسلام خالصة وبعيدة عن جميع المؤثرات الاخرى حتى وان كان مؤثر من قبيل العظيم محمد ص وهذا التيار لايتأثر ايمانه بالاسلام سواء وجد محمد الرسول ص بالحياة او انه قتل واستشهد فانهم باقون على الاسلام والايمان بانه الدين الخاتم للبشرية وإن محمدا ص ماهو الا رسول ومبلغ ومبين ومنذر ومبشر لهذه البشرية !!.
كماان هناك في المقابل تيارات من جيل الصحابة آمنوا بالاسلام من خلال هيبة محمدالرسول ص والخشية من سطوته السياسية والدينية وهؤلاء يربطون بصورة عملية وعقلية وايمانية بين محمد الرسول ص وجودا والاسلام وعقيدته حياة واستمرارا وهذا التيار بالخصوص هو الذي خاطبه ابو بكر بمقولته الشهيرة :(( من كان يعبد محمدا ...)) وهو التيار الذي عندما سمع نبأ موت محمد العظيم ص لم يهدأ سياسيا الا عندما اطمئن لبروز قيادة سياسية اخرى لتحلّ محلّ العظيم محمد ص وتأخذ دوره بالتمام والتي تمثلت بابي بكر كخليفة قريب لهذا التيار الذي يقوده انذاك عمر بن الخطاب ، ولهذا لو كان غير ابي بكر قد تقدم للخلافة بعد محمد ص فلربما من الصعب قبول هذا التيار بفكرة موت محمد ص !!.
ثانيا : نفس كلمة ابي بكر :( من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات...) هذه تدلّ على ان هذا الرجل ومن خلال قربه من الرسول العظيم محمد ص كان يرى في ظاهرة ( عبادة محمد ) انها اشكالية لابد من التصدي لها بعد رحيل الرسول العظيم محمد من هذه الحياة ،بل انه ربما كان يقرأ هذه الظاهرة بصمت في حياة محمد ص دون ان يجرأ بالافصاح بها علانية للعظيم محمد ص ولهذا فقوّة هذه الكلمة وخطورتها وحتى صياغتها (عبادة غير الله سبحانه )لايمكن التفكير بها الا من خلال كادر في القيادة من الحزب الذي دخل له ابو بكر باعتباره من المؤسسين لنواة هذه الاطروحة الاسلامية ،والتي وحدها تدرك تأثيرات قيادة راس الهرم على القواعد وكيف انها تصل حتما الى سقف العبادة للقيادة التي تدير الفكرة برمتها !!.
اي وبمعنى آخر : إن شخصية كشخصية ابا بكر لو لم تكن في الكادر المتقدم من السابقين للدخول في الاسلام ، ولو لم ترى في نفسها انها وحسب الترتيب السياسي الحزبي لابد ان تكون هي الخط الثاني لاستلام دفة القيادة بعد العظيم محمد ص لما قدمته للاسلام وماقامت به من بناء وتضحية في سبيل قيام الاسلام على قدميه لما جرأت على وصف ارتباط بعض التيارات الاسلامية من جيل الصحابة بمحمد الرسول ص على اساس انه ارتباط ( عبادة ) فمثل هذه المفردة وهذا المصطلح لابد انه سيؤسس لنوع جديد مع العلاقة بالرسول محمد ص ، بل ويقنن من هذه العلاقة الى حد خطير جدا ،ويفكك من الجانب الاخر عرى علاقة ليصيغ علاقة ارتباط جديدة مع غير محمد الرسول ص !!.
ومن هنا قلنا بخطورة هذه الكلمة من جهة وبعمق ما فيها من مفاهيم وادراك لشخصية ابا بكر التي يبدو انها كانت فاهمة تماما كيف تتقدم بعد محمد الرسول ص ، وكيف تحسم فكرة تيارعمر الرافض لموت الرسول محمد ص بالتهديد وبالقتل وكيف تحاول نقل الولاء السياسي من ارتباط العبادة الى ارتباط البيعة من تحالفات قبلية داخل سقيفة بني ساعدة ؟!!.
ثالثا : إن هذه الكلمة لابي بكر، وباعتبار انها جاءت جوابا لاطروحة عمر بن الخطاب في عدم موت محمد الرسول برّزت للعيان الاسلامي الاجتماعي وحفرت للتاريخ نقشا بارزا ، وكبيرا وصلبا مفاده : ((هشاشة المعتقدية الاسلامية الصحيحة حتى في فكر وتصورات جيل الصحابة)) لاسيما منه الجيل المتأخر في اسلامه بعد الثلاث سنوات الاول من الدعوة الاسلامية من مثل معتقدية عمر بن الخطاب واضرابه من المسلمين الذين اسلموا بعد السنة السابعة ((كما روي))لدعوة الرسول محمد الاسلامية فإن امثال هذه الطبقة من الصحابة ينتابهم الكثير من التشويش الفكري والعقدي في تصوراتهم الاسلامية لاسيما الافكار التي لم يستطيعوا وعيها بصورة واضحة من السور القرآني المكي الذي كان يؤكد على العقيدة اكثرمن تأكيده على الاحكام والشريعة والقوانين في السور القرآني المدني ،ولهذا كان عمر بن الخطاب متهسترا من فكرة موت محمد الرسول قبل ان يحكم الاسلام العالم كله حسب منطوق ومفهوم الاية :(( ليظهره على الدين كله ...)) او ان يرحل محمد الرسول من الحياة قبل ان تقوم الساعة لقوله سبحانه :(( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ، ...)) فكل هذا كان يفهمه عمر ظاهريا وخطاب (( فارتقب )) هو للرسول محمد ص فكيف قبل ان تأتي السماء بدخان مبين يرحل محمد مع ان قرآنه يقول له ارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ؟.
إن مثل هذه الرؤية لشخصية ومعتقدية عمربن الخطاب وتياره داخل الاجتماع الاسلامي انذاك هي وحدها التي تطلعنا على ماهية تهستر عمر بن الخطاب من فكرة (( موت محمد )) وهي الرؤية الوحيدة التي تبرئ عمر نفسه من تهمة التمثيل السياسي عندما شهر سيفه وهدد بالقتل كل مَن يقول اويؤمن بموت محمد ص كما انها الرؤية الوحيدة التي تسمح لنا وبضمير ملئه حسن النية بأخذ اقدام عمر على قتل المسلمين اذا قالوا بموت محمد ص !!!!.
أما غير ذالك من رؤية فحتما ستجعل من فعل وقول عمربن الخطاب شيئ مشبوه ولابد من تفسيره بصورة اسلامية شرعية اولا وبصورة عقلية ومنطقية للعقل الاسلامي اليوم ثانيا ،لنجيب عن اسألة : ماهي مبررات عمر التي دفعته لتهديد المسلمين بالقتل لمجرد قولهم بموت محمد ؟. وكيف لشخصية كشخصية عمر من المفروض انها مؤمنة بالاسلام تندفع بهذا الشكل الغير منضبط اخلاقيا لاعلان الحرب على المؤمنين بموت بشر اسمه محمد رسول الله ص ؟، ولماذا ولمجرد سماع عمر لقول ابي بكر : محمد مات لم يقتله بل سلّم له وبايعه بل وكان هو الخليفة الثاني من بعده مباشرة ولمدة عشرين سنة متواصلة ؟!!.....الخ .
نهايةً : رأينا كيف ان كلمة واحدة من كلمات الخليفة الاول ابا بكرقد اثارت هذا الكم الكبير من التساؤلات والمحاور البحثية التي اطلعتنا بوضوح على فضاء من فضاءات الحياة للرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة وبواكيرها الفعلية والعملية ، وانماط تفكير الذين امنوا بها واسلموا لها طوعا او كرها ، كما رأينا كيف ان الوقوف بتأمل على كل كلمة او فعل او مشهد من مشاهد تاريخنا العربي والاسلامي بامكانه ان يهبنا ثروة معرفية لها اول وليس لها اخرفضلا عن اتضاح الرؤيةبالنسبة لنانحن المسلمون اليوم الذي نستقي ديننا ومعتقدنا ومعرفتنا الفكرية من التاريخ ورجاله وما جرى في داخله من احداث وكوارث !!.
وعلى هذا فنحن ندعوا كل قارئ للتاريخ ان يحاكم هذا التاريخ محاكمة فكرية بكل احداثه وشخوصه بعيداعن التقديس والتدنيس وقريبا من المنطق والشرع الاسلامي الحنيف وباخلاقه العلمية القرآنية ، لنصل ويصل هو الى تقييم ماجرى في تاريخه وليكون له من ثم هذا التقييم الدقيق منصة انطلاق جديدة ومتجددة على اساسها بالامكان البناء لحياة فكرية مختلفة تغيّر بالفعل مانحن فيه من تعفن فكري وتأسن ايدلوجي وتحجرمعتقدي امات الحياة اليوم واهلك النسل والضرع واجدبت على اثره حياتنا الاسلامية لنكون في مابعد خط اخر الامم وخارج التاريخ وموات لايكاد يسمع لنا حسّا او تحترم لنا حياة !!.
________________________________________________________________
alshakerr@yahoo.com
_________________________________________
من اساليب القرآن الكريم التربوية للاجتماع الاسلامي هواسلوب سرد القصص التاريخية والانتفاع والاعتبار بماورد في التاريخ وسيرة الماضين وذكرماقاله المتفرعنون والكفّار والظلمة من جهة وفي المُقابل ذكرماقيل على لسان الانبياء والمؤمنين العادلين من جانب آخر ، ليكون التاريخ وقصصه ومحركيه وابطاله ومتخاذليه وضعفاءه وماقالوا وما قاموا به من افعال ، وما سينعكس عنهم من آثار ...الخ مادة تربوية من خلالها يدرك المؤمن ويفهم ويستوعب كيف هي سنن الله في خلقه وايامه وتاريخه وكيف كانت ماهية وصفات انبيائه والمؤمنين بالله ، وكيف كانت صفات الكفاروالمنافقين والفجّار ايضا ؟وفي النهاية يتحصن الانسان المسلم والمؤمن برؤية قرآنية حقة ، لايأتيها الباطل من بين يديها ولامن خلفها تلزمه اتباعها في الدنيا وتكون عليه حجة امام الله سبحانه بالاخرة وتكون له بوصلة من خلالها يدرك الحق واهله ، ويعرف الباطل وجنده ، وتهبه الوعي في عقله والنور في بصيرته والتمييز بين الخبيث والطيّب في قلبه !!.
والحق ان هذا الاسلوب القرآني في قراءة التاريخ ورجاله ، وهذه الاهداف والغايات المعرفية الاسلامية القيّمة ، التي اسست لها المدرسة القرآنية في قصص الماضين ، هي نفسها الاساليب والغايات التي على ضوئها كتب لنا المؤرخون الاسلاميون تاريخنا الاسلامي الذي بدأ برسالة خاتم الرسل والانبياء محمد العظيم ص لنقرأه اليوم ، ونتصفح مجلداته الكبيرة ، ونتعرف على ابطاله ومجرميه ومحركيه وقاتليه وماقالوا من كلمات وما قاموا به من افعال وما اسسوامن سنن ومااشادوا من نوعية نظم وسياسات وماخطوا من خطط ايجابيات وسلبيات وهي نفسها الاساليب التي تفسح لنا المجال واسعا لنسأل عن تاريخناالاسلامي وضرورة الوقوف عند رجاله وماقالوه ومافعلوه وقاموا به من انجازات وانتكاسات ونجاحات واخفاقات بصورة دقيقة ومتأملة !.
وعلى هذا الاساس الشرعي والقرآني والتاريخي ، يمكننا الوقوف هنا على محطة من محطات تاريخنا العربي والاسلامي المهمة جدا والمصيرية فعلا ، والتي شكلت مسارَ تاريخنا القديم وبانعكاساته السلبية والايجابية الحديثة ، الا وهي محطة : وفاة العظيم محمد ص وكلمة الخليفة فيما بعد الاول ابو بكر عبدالله بن ابي قحافة ، لعمر بن الخطاب الخليفة فيما بعد الثاني ، عندما أطلق عمر مفردته المشهورة بعد ساعة من وفاة الرسول محمد ص بالقول ((من قال ان محمدا قد مات قتلته بسيفي هذاوانما رفع الى السماء ، ولسوف يعود فيقتل قوما منافقين ...!)) وجواب ابو بكر لرده :((مَن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الاه محمد فانه حيٌّ لايموت !)).
فياترى : ماذا قصد خليفة السقيفة الاول ابو بكر بمقالته هذه التي اطلقها على الملأ ليعلن من خلالها وفاة العظيم محمد ص ؟.
وهل فعلا ان سبب كلمة ابي بكر هذه كان تهستر عمر بن الخطاب لمجرد خطور فكرة موت الرسول محمد ص عليه لاغير ؟.
أم إن لكلمة الخليفة الاول مضامين فكرية وعقدية وسياسية، أعمق بكثير من مجرد الردّ وتهدأت ثوران عمر بن الخطاب المبالغ فيه جدا لسماع نبأ وفاة بشر قال عنه القرآن : انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ ... ؟.
ثم ماهو مضمون تعبير الخليفة الاول ابو بكر : مَن كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ؟.
اي مالذي قصده واراده وهدف اليه ابو بكر بمفردة (( العبادة لمحمد صلى الله عليه واله وسلم )) ؟.
وهل قصد العبادة بمعناها الشرعي المجرّم والمحرّم اسلاميا لغير الله سبحانه في الاسلام ؟.
أم انه قصد من عبادة محمد الرسول ص ، الذي كان يمارسها بعض المسلمين تجاه محمد العظيم ومنهم عمر بن الخطاب عبادة اخرى مختلفة ، ولذالك نقدها ابو بكر واسقط مفاعيلها من الواقع ؟.
ومن جانب آخر ماهذه الانفعالية الزائدة التي اظهرها عمر بن الخطاب والتي وصفها ابو بكر بالعبادة لمحمد ص ؟.
وهل هو انفعال سياسي كما يذهب اليه الكثير ممن قرأ التاريخ الاسلامي بوعي ، وكان عمر ممثلا لشريحة واسعة من المسلمين فيه كانت ترى في موت محمد تحوّلا سياسيا خطيرا ، ولهذا اعلن عمر عدم موت محمد وانه سوف يقتل كل من يعتقد ان محمدا قد مات الى حين اتضاح الرؤية واتخاذ بعض التدابير السياسية المهمة لمابعد حياة محمد الرسول ص ؟.
أم إن كلمة عمرايضا تستحق منّا بالفعل قراءتها بتأني لندرك انماط تفكيرعقدي منحرف كان شائعا بين اوساط المسلمين ومنهم عمر بن الخطاب كان يعتقد بالفعل ان الايمان بموت محمد ص يعني هدم للعقيدة الاسلامية ولذالك هدد عمر بالقتل كل من يقول بموت محمد ص باعتباره خروجا على الاسلام وارتدادا عنه ؟.
بمعنى : إن تهديدعمر بالقتل لكل من يعتقد بموت الرسول محمد ص أما انه نابع من عقيدة وايمان وصدق وحرص على الاسلام وفكره وإن الرجل كان صادقا بايمانه : ان فكرة موت محمد الرسول ص هي ضد الدين من منطلق اعتقاد عمر الذي كان يرى انه لايموت الرسول محمد ص قبل قيام الساعة كما كان يفهمه عمر من الدين في (( اقتربت الساعة ..))ولذالك كان مستعدا لقتل كل من يقول به لانه ضد عقيدة عمر المركبة على الرسول والقيامة ؟.
وإما ان يكون عمر واعيا ان محمدا رسول الله بشرا وانه لابد ان يموت ، وما تهديده بالقتل لكل من يقول بموت محمد الا تمثيل سياسي كان يهدف من وراءه الى ترتيب اوراق لاتتم الا بعد برهة من الزمن ، ولهذا ابتغى التعطيل لاعلان موت محمد الرسول ص بتهديداته بالقتل لاغير ؟.
لكن على كلا الاحتمالين كيف ان هذا الرجل يهدد بالقتل على فكرة (( الاعتقاد بموت محمد ص )) ويبدوا انه كان بالفعل مستعدا لقتل ايّا كان يقف امامه ، ليقول هذه الكلمة من جهة ، ومن جانب آخر ولمجرد قول ابو بكر : من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات !، نرى عمر يسلّم بهذه الحقيقة ، ويقرّ بها ، والاكثر من ذالك يتحول بايمانه من الاعتقاد المطلق بعدم موت محمد ص الى اليقين بموته لمجرد سماع آية :(( وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات اوقتل انقلبتم على اعقابكم )) ؟.
وألم تكن هذه الاية هي آية ال عمران اطول سورة ثانية نزلت في المدينة، بعد سنوات من هجرة العظيم محمد ص واصحابه لها وكان عمر حاضرا لكل حرف نزلت به هذه السورة فكيف لم يلتفت عمر لاية ابي بكر التي ذكرها للتدليل على امكانية موت محمد او قتله الا بعد ان ذكرها له ابو بكر مع ان عمر كان قارئا للقرآن حسب ماينقل التاريخ ولابد انه سأل او فقه مضمون هذه الاية كما فهمها وفقهها ابو بكر وباقي الصحابة من قبله ؟.
فكيف يهدد عمر المسلمين بالقتل على امر كان من المفروض انه ضروري بل ومن صلب ايمان المسلمين الايمان بحقيقة الموت وانه حق على جميع البشر وان البعث فيما بعده حق ايضا ؟.
أم ان عقيدة عمرالاسلامية كانت يشوبها الكثير من الغموض واللبس والادراك لحقائق الاسلام لاسيماان ادركنا ان عمركان قارئا لكتب اليهود والنصارى ، من توراة وانجيل كما روي ذالك ونهي الرسول محمد ص له مرّات عدّة من قراءة هذه الكتب والايمان بالافكار بداخلها لانها محرفة ، وان فيها تصورات تشوّش على ذهن المسلم و....الخ ،ولذالك هو اعتقد خطأً ان الرسل لايموتون وان محمدا ص بالخصوص لاينبغي ان يموت الآن وان شأنه شأن موسى عندما ذهب الى ربه او شأن عيسى عندما رفع للسماء وسوف يعود فيما بعد ؟.
اسألة كثيرة اثارتها علينا كلمة الخليفة الاول ابو بكروهو يحسم الموقف بعد رحيل الرسول محمد ص الى الرفيق الاعلى واجوبة حتما ستكون دسمة معرفيا وفكريا اذا استطعنا قراءة الرجلين ابا بكروعمرمن خلال ملمح من ملامح شخصياتهما الغامضة وهما يتناوبان دور الرافع لفكرة وعقيدة خلود الانبياء والتهديد عليها ، والثاني الخافض لعبادة الانبياء والمرسي لواقع سياسي جديد أفضى الى خلافة الاول ثم دفعها من الاول للثاني بلا شورة من احد !!!.
طبعا في معرض جوابنا حول الاسألة الانفة الذكر لايمكننا الذهاب الى ان ابا بكر قصد بكلمته (من كان يعبد محمدا..) تلك العبادة الشرعية الاسلامية التي وضعتها المدرسة القرآنية في قُبالة فكرةالشرك بالله سبحانه مع ان مفردة العبادةتشمل زوايا ومضامين متعددة منها ، الطاعة والاتباع والخوف والخشية والانقياد .... وما الى ذالك من معاني تندرج تحت مفردة العبادة لكن يبدوا من كلمة ابي بكروتعبيرها بمفردة العبادة لمحمد ص انها تذهب لنقد ذالك التيار الذي عبد الله سبحانه من خلال الرعب والخشية من محمد رسول الله ص ولذالك كان هذا التيار الذي يمثلهم عمربن الخطاب لايتصور الاسلام بغير وجود محمد كقائد سياسي وديني يمتلك بيده مقاليدكل شيئ بما في ذالك امر العقيدة ومن هنا كان هذا التيارلايستطيع التفريق بين محمد ص كرسول وبشر ومبلّغ ... عن الله وبين الاسلام كعقيدة حيّة ومتصلة بالله سبحانه ، ومنفصلة تماما في استمراريتها عن حياة او موت الرسول الاعظم محمد ص !!.
نعم في مضمون كلمة الخليفة الاول ابي بكر ايضا يمكننا اكتشاف حقائق اجتماعية اسلامية ثلاثة ، كانت تعيش في حياة محمد الرسول ص وحياة ابي بكر كذالك وهي مهمة وغاية في الخطور ، لادراك الوجود الاجتماعي الاسلامي الاول من جيل الصحابة وكيف كانت بنائاته الفكرية والعقدية والنفسية قائمة ومختلفة بعضها عن البعض الاخر وهذه الحقائق هي :
اولا : لاريب ان ابا بكر ومن خلال رؤيته العامة لمجتمع الاسلام من الصحابة كان يشعر ويدرك ان هناك طبقات ايمانية مختلفة داخل مجتمع المدينةالمسلم انذاك في حياة الرسول العظيم محمد ص وإن هناك مَن بالفعل كان يعبد ويؤمن بالله وحده وان دوافع هذا التيار هي الايمان بالاسلام خالصة وبعيدة عن جميع المؤثرات الاخرى حتى وان كان مؤثر من قبيل العظيم محمد ص وهذا التيار لايتأثر ايمانه بالاسلام سواء وجد محمد الرسول ص بالحياة او انه قتل واستشهد فانهم باقون على الاسلام والايمان بانه الدين الخاتم للبشرية وإن محمدا ص ماهو الا رسول ومبلغ ومبين ومنذر ومبشر لهذه البشرية !!.
كماان هناك في المقابل تيارات من جيل الصحابة آمنوا بالاسلام من خلال هيبة محمدالرسول ص والخشية من سطوته السياسية والدينية وهؤلاء يربطون بصورة عملية وعقلية وايمانية بين محمد الرسول ص وجودا والاسلام وعقيدته حياة واستمرارا وهذا التيار بالخصوص هو الذي خاطبه ابو بكر بمقولته الشهيرة :(( من كان يعبد محمدا ...)) وهو التيار الذي عندما سمع نبأ موت محمد العظيم ص لم يهدأ سياسيا الا عندما اطمئن لبروز قيادة سياسية اخرى لتحلّ محلّ العظيم محمد ص وتأخذ دوره بالتمام والتي تمثلت بابي بكر كخليفة قريب لهذا التيار الذي يقوده انذاك عمر بن الخطاب ، ولهذا لو كان غير ابي بكر قد تقدم للخلافة بعد محمد ص فلربما من الصعب قبول هذا التيار بفكرة موت محمد ص !!.
ثانيا : نفس كلمة ابي بكر :( من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات...) هذه تدلّ على ان هذا الرجل ومن خلال قربه من الرسول العظيم محمد ص كان يرى في ظاهرة ( عبادة محمد ) انها اشكالية لابد من التصدي لها بعد رحيل الرسول العظيم محمد من هذه الحياة ،بل انه ربما كان يقرأ هذه الظاهرة بصمت في حياة محمد ص دون ان يجرأ بالافصاح بها علانية للعظيم محمد ص ولهذا فقوّة هذه الكلمة وخطورتها وحتى صياغتها (عبادة غير الله سبحانه )لايمكن التفكير بها الا من خلال كادر في القيادة من الحزب الذي دخل له ابو بكر باعتباره من المؤسسين لنواة هذه الاطروحة الاسلامية ،والتي وحدها تدرك تأثيرات قيادة راس الهرم على القواعد وكيف انها تصل حتما الى سقف العبادة للقيادة التي تدير الفكرة برمتها !!.
اي وبمعنى آخر : إن شخصية كشخصية ابا بكر لو لم تكن في الكادر المتقدم من السابقين للدخول في الاسلام ، ولو لم ترى في نفسها انها وحسب الترتيب السياسي الحزبي لابد ان تكون هي الخط الثاني لاستلام دفة القيادة بعد العظيم محمد ص لما قدمته للاسلام وماقامت به من بناء وتضحية في سبيل قيام الاسلام على قدميه لما جرأت على وصف ارتباط بعض التيارات الاسلامية من جيل الصحابة بمحمد الرسول ص على اساس انه ارتباط ( عبادة ) فمثل هذه المفردة وهذا المصطلح لابد انه سيؤسس لنوع جديد مع العلاقة بالرسول محمد ص ، بل ويقنن من هذه العلاقة الى حد خطير جدا ،ويفكك من الجانب الاخر عرى علاقة ليصيغ علاقة ارتباط جديدة مع غير محمد الرسول ص !!.
ومن هنا قلنا بخطورة هذه الكلمة من جهة وبعمق ما فيها من مفاهيم وادراك لشخصية ابا بكر التي يبدو انها كانت فاهمة تماما كيف تتقدم بعد محمد الرسول ص ، وكيف تحسم فكرة تيارعمر الرافض لموت الرسول محمد ص بالتهديد وبالقتل وكيف تحاول نقل الولاء السياسي من ارتباط العبادة الى ارتباط البيعة من تحالفات قبلية داخل سقيفة بني ساعدة ؟!!.
ثالثا : إن هذه الكلمة لابي بكر، وباعتبار انها جاءت جوابا لاطروحة عمر بن الخطاب في عدم موت محمد الرسول برّزت للعيان الاسلامي الاجتماعي وحفرت للتاريخ نقشا بارزا ، وكبيرا وصلبا مفاده : ((هشاشة المعتقدية الاسلامية الصحيحة حتى في فكر وتصورات جيل الصحابة)) لاسيما منه الجيل المتأخر في اسلامه بعد الثلاث سنوات الاول من الدعوة الاسلامية من مثل معتقدية عمر بن الخطاب واضرابه من المسلمين الذين اسلموا بعد السنة السابعة ((كما روي))لدعوة الرسول محمد الاسلامية فإن امثال هذه الطبقة من الصحابة ينتابهم الكثير من التشويش الفكري والعقدي في تصوراتهم الاسلامية لاسيما الافكار التي لم يستطيعوا وعيها بصورة واضحة من السور القرآني المكي الذي كان يؤكد على العقيدة اكثرمن تأكيده على الاحكام والشريعة والقوانين في السور القرآني المدني ،ولهذا كان عمر بن الخطاب متهسترا من فكرة موت محمد الرسول قبل ان يحكم الاسلام العالم كله حسب منطوق ومفهوم الاية :(( ليظهره على الدين كله ...)) او ان يرحل محمد الرسول من الحياة قبل ان تقوم الساعة لقوله سبحانه :(( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ، ...)) فكل هذا كان يفهمه عمر ظاهريا وخطاب (( فارتقب )) هو للرسول محمد ص فكيف قبل ان تأتي السماء بدخان مبين يرحل محمد مع ان قرآنه يقول له ارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ؟.
إن مثل هذه الرؤية لشخصية ومعتقدية عمربن الخطاب وتياره داخل الاجتماع الاسلامي انذاك هي وحدها التي تطلعنا على ماهية تهستر عمر بن الخطاب من فكرة (( موت محمد )) وهي الرؤية الوحيدة التي تبرئ عمر نفسه من تهمة التمثيل السياسي عندما شهر سيفه وهدد بالقتل كل مَن يقول اويؤمن بموت محمد ص كما انها الرؤية الوحيدة التي تسمح لنا وبضمير ملئه حسن النية بأخذ اقدام عمر على قتل المسلمين اذا قالوا بموت محمد ص !!!!.
أما غير ذالك من رؤية فحتما ستجعل من فعل وقول عمربن الخطاب شيئ مشبوه ولابد من تفسيره بصورة اسلامية شرعية اولا وبصورة عقلية ومنطقية للعقل الاسلامي اليوم ثانيا ،لنجيب عن اسألة : ماهي مبررات عمر التي دفعته لتهديد المسلمين بالقتل لمجرد قولهم بموت محمد ؟. وكيف لشخصية كشخصية عمر من المفروض انها مؤمنة بالاسلام تندفع بهذا الشكل الغير منضبط اخلاقيا لاعلان الحرب على المؤمنين بموت بشر اسمه محمد رسول الله ص ؟، ولماذا ولمجرد سماع عمر لقول ابي بكر : محمد مات لم يقتله بل سلّم له وبايعه بل وكان هو الخليفة الثاني من بعده مباشرة ولمدة عشرين سنة متواصلة ؟!!.....الخ .
نهايةً : رأينا كيف ان كلمة واحدة من كلمات الخليفة الاول ابا بكرقد اثارت هذا الكم الكبير من التساؤلات والمحاور البحثية التي اطلعتنا بوضوح على فضاء من فضاءات الحياة للرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة وبواكيرها الفعلية والعملية ، وانماط تفكير الذين امنوا بها واسلموا لها طوعا او كرها ، كما رأينا كيف ان الوقوف بتأمل على كل كلمة او فعل او مشهد من مشاهد تاريخنا العربي والاسلامي بامكانه ان يهبنا ثروة معرفية لها اول وليس لها اخرفضلا عن اتضاح الرؤيةبالنسبة لنانحن المسلمون اليوم الذي نستقي ديننا ومعتقدنا ومعرفتنا الفكرية من التاريخ ورجاله وما جرى في داخله من احداث وكوارث !!.
وعلى هذا فنحن ندعوا كل قارئ للتاريخ ان يحاكم هذا التاريخ محاكمة فكرية بكل احداثه وشخوصه بعيداعن التقديس والتدنيس وقريبا من المنطق والشرع الاسلامي الحنيف وباخلاقه العلمية القرآنية ، لنصل ويصل هو الى تقييم ماجرى في تاريخه وليكون له من ثم هذا التقييم الدقيق منصة انطلاق جديدة ومتجددة على اساسها بالامكان البناء لحياة فكرية مختلفة تغيّر بالفعل مانحن فيه من تعفن فكري وتأسن ايدلوجي وتحجرمعتقدي امات الحياة اليوم واهلك النسل والضرع واجدبت على اثره حياتنا الاسلامية لنكون في مابعد خط اخر الامم وخارج التاريخ وموات لايكاد يسمع لنا حسّا او تحترم لنا حياة !!.
________________________________________________________________
alshakerr@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
HTML