حقا انه لشيئ غريب جدا ما يحصل في عالمنا العربي اليوم من سياسات ، وتوجهات ونشاطات تمارسهاجماعات حكومية تحت اسم الدولة هنا وهناك ومن داخل شرعيتها وبمسميات عجيبة على المنطق الانساني والسياسي والاخلاقي العام والخاص !!.
وآخر هذه العجائب والغرائب ما اقدمت عليه الحكومة في الكويت مؤخرا من محاكمة احد مواطنيها ،وسحب الجنسية منه بسبب اراء هذا المواطن العقدية والفكرية والمذهبية المختلفة مع مذهب اهل الحكم والدولة وانتقاده لشخصيات تاريخية اسلامية مادفع حكومة الكويت الى محاكمته بعد ان طردته من بلده ثم تعقبته لتطالب به الانتربول اوالشرطة الدولية ليعاد الى سجون ومطامير الحكومة الكويتية العتيدة ليدفن داخلها تحت التعذيب والقهر وعصي السلفية الصالحة داخل مراكز شرطة الكويت !!!.
والحقيقة انا ليس لي علاقة بمسمى هذا المواطن الكويتي ولابانتمائه الديني اوالمذهبي ولا بارائه الفكرية والطائفيةالتي يحملها كما انني لاالتفت مطلقا اذا ماكان هذا الشخص في الكويت اوداخل اي دولة تحترم نفسهاوتحترم مواطنيها ايضاولايهمني بالفعل بالنتيجة اذا كان المواطن سنيا او شيعيا او مسيحيا او يهوديا داخل انسجة هذه الاوطان الاجتماعية ، لكن مايهمني بهذا الصدد بالفعل هو الدفاع عن مفهوم الدولة داخل اي مجتمع يريد ان يكون مجتمعا انسانيا وليس مجتمعا همجيا وسؤال :ماعلاقة الدولة بمذاهب مواطنيها واختلاف ارائهم ، وتنوع اجتهاداتهم واديانهم داخل المجتمع ؟.
اي ماعلاقة الدولة اصلا بأُمنا عائشة او بوالدنا علي بن ابي طالب ( مثلا ) ورؤيتنا نحن طبقات المجتمع المذهبية او العقدية او الطائفية او الانسانية داخل الدولة لهم ؟.
وهل من وظائف الدولة بمفاهيمها الحديثة والقديمة ان تتدخل في ضمائر مواطنيها او تفرض عليهم نوعا من الايمان ،او تنحاز في احكامها لمذهب على اخر داخل الدولة ؟.
ثم ماهي علاقة الدولة اصلا ، لتحاكم انسانا من مواطنيها له وجهة نظر تاريخية نقدية فكرية ، ليس لها علاقة سلبية لا بقانون الدولة المدنية القائمة الآن ولابهيبتها ولابوجودها ولابأمنها ولاحتى باستقرارها في المجتمع لتسحب منه هويته الوطنية من ثم كسابقة خطيرة جدا تهدد معنى قيام الدولة وشرعيتها داخل مجتمعاتنا العربية والاسلامية بسبب مذهبي ، والتي هي من حقوقه الطبيعية ( جنسيته الوطنية ) التي لاتتمكن وليس من حق لا الدولة ولاغيرها من المؤسسات السياسية اوالاجتماعية او الدينية داخل المجتمع اعطاءها او سحبها من الانسان اينما ولد ولمجرد كونه صاحب فكر مخالف لفكر الدولة ؟.
وأليس تدخل الدولة بفرض نمط معين من الايمان المذهبي اوالديني او السياسي او الايدلوجي وتحت اي مبررعلى مجتمعها من خلال استغلالها لموارد وقوة وسلطةالدولة وشرعيتها يعتبر انتهاكا لعقد الدولة مع المجتمع الذي يقوم على اساس رعاية الدولة فقط للمجتمع وليس لقهره أواستعباده او الانحياز لجهة اجتماعية او مذهبية على اخرى في النتيجة ؟.
واخيرا كيف يفهم عالمنا وحكامنا وسياسيينا العرب الاعراب الاقحاح مفهوم الدولة ليعبثوا هذا العبث بمفهوم الدولة واقحامها وتجييرها لمصالح طبقية او فئوية او طائفية لهذا الجانب من المجتمع او ذاك ؟.
كل هذه الاسألة هو مايشغلني ويدفعني للكتابة عندما اجد هذه الانتهاكات الخطيرة هنا وهناك لمفهوم الدولةالحديث والقديم ايضا ففي حتى اعتى الدول التاريخية فرعونيةً وفسادا والتي يتحدث عنها القرآن الكريم نجدان مفهوم الدولة الراعية كان قائما ايضا ومحترما وإن كان الحاكم فيها هو سلطان مدعي الالوهية والاستكبار والفساد المبين ، وهو يريد ان يستضعف طائفة من شعبه لحساب مصالحه السياسية ولكن مع ذالك يتحدث القرآن عن الفرعون صاحب الدولة والفاهم تماما معنى وجوب ان تكون الدولة راعية للمجتمع ، وغير متدخلة لافي دينه كمجتمع يحمل اديان مختلفة ولا في توجهاته الفكرية الوطنية ايضا ، ولهذا قرأنا حول الفرعون مقالته: (( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه اني أخاف ان يبدل دينكم او يظهر في الارض الفساد )) باعتبار ان فرعون يخاطب المجتمع ودينه من الخارج ولايشرك نفسه بالايمان مع دين المجتمع ليقول ((أخاف ان يبدل ديننا)) لان ليس للدولة دين غير العدل عند اصحاب الدولة ، والمدركين لمشروعها ، داخل تركيبة المجتمع ، سواء كانوا طغاة ام عادلين لتنحاز الدولة دينيا اليه !!.
وهكذا طغاة العصر الحضاري القديم ،كانوا يدركون على فسادهم ، وطغيانهم وانحرافهم عن العدالة الاجتماعية والسياسية معنى ومفهوم ان تكون الدولة مخاطبة لشعبها بوطنيته هووليس بوطنيتهاهي لتكون الدولة صاحبت الوطن والارض وانما هي مجرد راعية لهذه المواطنة وليس موزعة لها او القائمة على اعطاء جنسيات الوطنية لهذا المواطن او سحبها من ذاك !!!.
يقول القرآن حول ذالك المعنى ، لمفهوم الدولة عند الفرعون الاكبر: (( قال للملأ من حوله إن هذا لساحر عليم يريد ان يخرجكم من ارضكم بسحره فماذا تأمرون ؟)) نعم انها ارض المجتمع ، وليست ارض الفرعون الحاكم او الدولة القائمة لتهب لهذا الفرد من المجتمع جنسيته وتسحبها من ذاك !!.
وانما صاحب الوطن هو الشعب ،الذي خوّل الدولة ادارة مجتمعها ورعايته بالعدل والانصاف بغض النظر ان كانت هذه المفردات بحق الدولة خارجة من فم الفراعنة انفسهم او من غيرهم من الصالحين !!.
واخيرا هذا الاسلام العظيم نفسه بين ايدينا يطرح لنا رؤيته حول الدولة داخل الاسلام ،ووجوب ان يكون للدولة دين واحد لاغير الا وهو دين العدل بين الرعية بغض النظر عن اديانهم وتوجهاتهم ومذاهبهم الفكرية عندما يقول : (( وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين )) ويقول سبحانه :(( واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل )) !.
اذن فمن اين يستقى ساسة العرب اليوم ،مفاهيمهم حول الدولة ووظائفها ، وكيفية ادارة المجتمع داخلها ؟،بهذا الشكل المشوّه والمنحاز والفاقد لصفات الدولة الراعية على الحقيقة ؟.
ومن اين استقت دولة محترمة كالدولة في الكويت ، وحكومة لم نعهد عليها الا انها من النظم السياسية الخليجية الاكثر تطورا على مثيلاتها الخليجيات ان من حقها ان تتدخل لتفصل بين المجتمع دينيا وفكريا ومذهبيا ، ومن ثم لتنحاز لطرف مذهبي على اخر وتصدر احكاما بضرورة عقاب هذا المواطن مذهبيا وسحب جنسيته ومصادرة هويته والوعيد له بالعقاب الشديد قُبالة ذالك الاخر المنتمي لمذهب الدولة مع الاسف ، والمدلل بكل مايطلب ويفرض على الحكومة والدولة ؟؟.
نعم كان مبرر الدولة في الكويت ان مايثار هنا وهناك داخل المجتمع الكويتي من جدل وصراع فكري ديني او مذهبي او سياسي ربما دفع البلاد الى التطاحن والوقوع في الصراعات الطائفية والمذهبية الاجتماعية ،ومن منطلق ان طائفة او مذهبا من تركيبة المجتمع الكويتي قد استنفرت قواها الشعبية لمجرد سماعها بالراي الفكري والمذهبي الاخر يطرح على الساحة في سبيل الضغط على الدولة او تهديدهاباعلان الحرب عليهاهو مادفع الدولة داخل الكويت لاعلان حالة الطوارئ ومعاقبة مواطنيها ممن يحملون الراي الفكري الاخر بالطرد والحبس وسحب الجنسية منها ، لرفع فتيل الفتنة داخل المجتمع ، وعلى هذا الاساس وجدت الدولة في الكويت نفسها مضطرة لمهادنة قوى التطرف المذهبية في جانب من المجتمع الكويتي على الجانب الاخرالاصغر الذي لايحمل مقومات ارهاب الدولة وابتزازها بالشكل والنسبة والقوّة .... نفسها التي رفعها الجانب المطالب للدولة بالانحياز اليه والخضوع لمطالبه والانسياق مع ايمانه ومذهبه التكفيري كيفما كان !!.
والحقيقة ان هذا المنطق السياسي من قبل اي دولة ،وليس داخل دولة الكويت فحسب هو من المنطقيات المدمرة لمفهوم الدولة وما ينبغي على الدولة من واجب القيام به امام مثل هذه الصراعات الاجتماعية الطبيعية ، داخل اي مجتمع بشري يريد ان يتقدم ويتطور ويكون بالفعل حرّا وناضجا وبانيا للحضارة والاتساع !!.
فهذا المنطق مناقض لروح ومفهوم الدولة لعدة اسباب منها :
اولا : ان الدولة ينبغي ان تكون اعلى سلطة وقوة تدير المجتمع وتخضعه للقانون بالتساوي ، وفي حال خضوع الدولة لارهاب ومطالب وابتزازات مركب من المركبات الدينية او المذهبية او الطبقية الاجتماعية ، عندئذ تكون الدولة قد فقدت سلطتها العليا على المجتمع وبدلا من ان تكون الدولة هي المديرالمستقل لحياة الجماعة فتصبح حتما التابع الذليل لارهاب مركب من مركبات المجتمع على الاخرين ، مما يعني انحياز الدولة لمذهب معين ، وعدم قدرة الدولة نفسها على حماية باقي المركبات الاجتماعية والمذهبية الاخرى وتوفير الحرية والتساوي والعدالة لهم داخل المجتمع !!.
ثانيا:في حال خضوع الدولة او انهزامها امام ارهاب التطرف الاجتماعي او خوفها من وهم وتوترات الفتنة الاجتماعية كمبررات للانحياز لهذه الفئة على باقي الفئات الاجتماعية داخل الدولة ، تكون الدولة بذالك ، ليست فقط فقدت شرعيتها وسلطتها القائمة بالفعل وانما هي فقدت بوصلتها بالوظيفة المناطة على عاتقها كدولة داخل المجتمع ، وبدلا من ان تقوم الدولة بحماية المجتمع كله وتوفير الحرية ، لمعتقده الديني او السياسي ، والضرب بيد من حديد على اي قوّة ، او فئة اجتماعية تحاول ليّ ذراع الدولة والخروج على القانون ، الذي يعطي الحرية المعتقدية والفكرية للجميع لابتزازها او التهديد بصناعة الفتنة داخل المجتمع ، بدلا من ذالك نجدان الدولة ولعدم قدرتها على حماية القانون والمجتمع تذهب هي نفسها لتجاوز القانون ،وظلم شريحة من مجتمعها والخضوع لمطالب شريحة اخرى تحاول ارهاب الدولة والمجتمع باسم صناعة الفتنة والاضطراب والقلاقل داخل الامة !!.
نعم ماقامت به دولة الكويت من الخضوع لقوى التطرف المذهبية داخل مجتمعها ومن ثم اصدار قرارات ليست قانونية ضد افراد من مواطنيها لاسكاتهم وقمعهم فكريا ارضاءا لقوى التطرف داخل المجتمع الكويتي ، كل هذا يظهر هشاشة الدولة داخل الكويت وعدم التزامها بواجباتها كدولة تحمي مجتمعها ، وتسهر على تطبيق القانون وحماية المجتمع وتوفير الحرية له ككل ، ولا يدلّ ماقامت به الدولة الكويتية ضد احد مواطنيها ، والذي تعرض لشخصيات تاريخية مقدسة ، عند بعض مركبات المجتمع الكويتي مطلقا على ان الدولةداخل الكويت قددرأت الفتنة عن شعبها عندما خضعت للابتزازوالتطرف على حساب شرعيةالدولة ووجودها وهيبتها داخل المجتمع !!.
وما يدري الدولةالكويتية ان هذه الجماعات التي استطاعت داخل الكويت ان ترهب الدولة وتحرفها عن مسارهاالقانوني الصائب في ادارة المجتمع ،سوف لن تعود من جديد لتبتز الدولة في كل مناسبة لاترى فيها هذه الجماعات الخارجة على الدولة والقانون انها منسجمة مع ماترغب في اجرائه داخل المجتمع ، مادام الدولة داخل الكويت ، ليست هي صاحبة السيادة على ادارة وضبط المجتمع على الحقيقة ؟؟.
ان الدولة التي تحترم نفسها وتشعر انها صاحبة مشروع ادارة المجتمع وعدم التمييز بين مركباته واديانه وطوائفه ... لاينبغي لها ان تخضع لارهاب طرف اجتماعي على طرف اخر وتحت اي مسمى ومبرروهمي او حقيقي كماانها لاينبغي لها كدولة تعرف حدودها الوظيفية ، ان تتدخل بالحراك الفكري العقدي لمجتمعها ، ومهما كان مختلفا وحادا الا في طريق ضبط المجتمع من عدم اعتداء بعضه على البعض الاخر وخرق القانون والاستقرار العملي داخل المجتمع ، وذالك لحماية الحرية العقدية داخل المجتمع ومادام الجدل الفكري يبقى فكريا وعلميا وثقافيا ، فليس من حق الدولة التي تحترم نفسها ان تتدخل لتميل كفة فئة على فئة او طائفة على اخرى او دين على اخر او ان تجيّر القانون بداخلها لصالح ادانه طرف على اخر او تسحب جنسية مواطنيها وتثبت جنسية الاخرين ، او توظف السلطة لتقمع طرف اجتماعي على اخر .... !!.
بل على الدولة ان تكون الحازمة في شأن استتباب الامن داخلها والاستقرار والحرية لجميع مواطنيها وتطبيق القانون بكل قوّة ليس على الذي يؤمن بفكرة مذهبية او دينية مختلفة عن الاخرين ، بل على الذين يريدون قمع المواطنين عن الادلاء بحريتهم الفكرية المختلفة عن الاخر !!.
نعم آن الاوان على هذه التي تسمي نفسها دولا ان تدرك وظائفها امام شعوبهاوان تدرك ان شرعيتها قائمة على اسس حياديتها بين مواطنيها ، وانها بسبب انها الراعية لجميع المواطنين بلا تمييز فهي لذالك تسمى دولة وحكومة شرعية ،وعليها ان تؤدب من يتجاوز القانون ، ويتهدد السلم الاجتماعي وحرية المجتمع الفكرية والشخصية ، لا ان تتنازل امام قوى الارهاب والظلامية على حساب حرية المجتمع وتمتعه بطاقاته الفكرية الخلاقة !!.
إن مجتمعا لاتحترم فيه ابسط قواعد الحرية العقدية والفكرية والمذهبيةلايمكن ان يكون مجتمعا متطورا وحضاريا وبانيا ومدافعا عن نفسه ووطنه ، وان دولة تنحاز مذهبيا او طائفية ،وتتجاوز وظائفها الرعوية ، وتجيّر الثروة والسلطة والقانون للطائفة او القبيلة او المذهب او الدين .....الخ ، لهي دولة تستحق ان يكفر بها كطاغوت يريد ان يستبعد الانسان بدلا من حمايته وتطويره واحترامه !!.
واخيرا نعيد تكرار السؤال الذي ينبغي ان يلتفت اليه اصحاب الشأن داخل الدولة الكويتية الشقيقة ، وداخل اي دولة في منطقتنا العربية والاسلامية الا وهو : ما علاقة الدولة بأُمنا عائشة ان انتقدها احد الكتاب والمثقفين لتقوم قائمتها عليه وتطالب باعدامه حيّا ومن خلال الانتربول الدولي ؟.
وما علاقة الدولة بعلي بن ابي طالب ، اذا لم تعجب سياسته بعض العلماء والتاريخيين ، ورأي في علي بن ابي طالب انه قاصر سياسيا ، وكان لايحفظ حتى اية من القرآن الكريم ؟.
__________________________
alshakerr@yahoo.com
وآخر هذه العجائب والغرائب ما اقدمت عليه الحكومة في الكويت مؤخرا من محاكمة احد مواطنيها ،وسحب الجنسية منه بسبب اراء هذا المواطن العقدية والفكرية والمذهبية المختلفة مع مذهب اهل الحكم والدولة وانتقاده لشخصيات تاريخية اسلامية مادفع حكومة الكويت الى محاكمته بعد ان طردته من بلده ثم تعقبته لتطالب به الانتربول اوالشرطة الدولية ليعاد الى سجون ومطامير الحكومة الكويتية العتيدة ليدفن داخلها تحت التعذيب والقهر وعصي السلفية الصالحة داخل مراكز شرطة الكويت !!!.
والحقيقة انا ليس لي علاقة بمسمى هذا المواطن الكويتي ولابانتمائه الديني اوالمذهبي ولا بارائه الفكرية والطائفيةالتي يحملها كما انني لاالتفت مطلقا اذا ماكان هذا الشخص في الكويت اوداخل اي دولة تحترم نفسهاوتحترم مواطنيها ايضاولايهمني بالفعل بالنتيجة اذا كان المواطن سنيا او شيعيا او مسيحيا او يهوديا داخل انسجة هذه الاوطان الاجتماعية ، لكن مايهمني بهذا الصدد بالفعل هو الدفاع عن مفهوم الدولة داخل اي مجتمع يريد ان يكون مجتمعا انسانيا وليس مجتمعا همجيا وسؤال :ماعلاقة الدولة بمذاهب مواطنيها واختلاف ارائهم ، وتنوع اجتهاداتهم واديانهم داخل المجتمع ؟.
اي ماعلاقة الدولة اصلا بأُمنا عائشة او بوالدنا علي بن ابي طالب ( مثلا ) ورؤيتنا نحن طبقات المجتمع المذهبية او العقدية او الطائفية او الانسانية داخل الدولة لهم ؟.
وهل من وظائف الدولة بمفاهيمها الحديثة والقديمة ان تتدخل في ضمائر مواطنيها او تفرض عليهم نوعا من الايمان ،او تنحاز في احكامها لمذهب على اخر داخل الدولة ؟.
ثم ماهي علاقة الدولة اصلا ، لتحاكم انسانا من مواطنيها له وجهة نظر تاريخية نقدية فكرية ، ليس لها علاقة سلبية لا بقانون الدولة المدنية القائمة الآن ولابهيبتها ولابوجودها ولابأمنها ولاحتى باستقرارها في المجتمع لتسحب منه هويته الوطنية من ثم كسابقة خطيرة جدا تهدد معنى قيام الدولة وشرعيتها داخل مجتمعاتنا العربية والاسلامية بسبب مذهبي ، والتي هي من حقوقه الطبيعية ( جنسيته الوطنية ) التي لاتتمكن وليس من حق لا الدولة ولاغيرها من المؤسسات السياسية اوالاجتماعية او الدينية داخل المجتمع اعطاءها او سحبها من الانسان اينما ولد ولمجرد كونه صاحب فكر مخالف لفكر الدولة ؟.
وأليس تدخل الدولة بفرض نمط معين من الايمان المذهبي اوالديني او السياسي او الايدلوجي وتحت اي مبررعلى مجتمعها من خلال استغلالها لموارد وقوة وسلطةالدولة وشرعيتها يعتبر انتهاكا لعقد الدولة مع المجتمع الذي يقوم على اساس رعاية الدولة فقط للمجتمع وليس لقهره أواستعباده او الانحياز لجهة اجتماعية او مذهبية على اخرى في النتيجة ؟.
واخيرا كيف يفهم عالمنا وحكامنا وسياسيينا العرب الاعراب الاقحاح مفهوم الدولة ليعبثوا هذا العبث بمفهوم الدولة واقحامها وتجييرها لمصالح طبقية او فئوية او طائفية لهذا الجانب من المجتمع او ذاك ؟.
كل هذه الاسألة هو مايشغلني ويدفعني للكتابة عندما اجد هذه الانتهاكات الخطيرة هنا وهناك لمفهوم الدولةالحديث والقديم ايضا ففي حتى اعتى الدول التاريخية فرعونيةً وفسادا والتي يتحدث عنها القرآن الكريم نجدان مفهوم الدولة الراعية كان قائما ايضا ومحترما وإن كان الحاكم فيها هو سلطان مدعي الالوهية والاستكبار والفساد المبين ، وهو يريد ان يستضعف طائفة من شعبه لحساب مصالحه السياسية ولكن مع ذالك يتحدث القرآن عن الفرعون صاحب الدولة والفاهم تماما معنى وجوب ان تكون الدولة راعية للمجتمع ، وغير متدخلة لافي دينه كمجتمع يحمل اديان مختلفة ولا في توجهاته الفكرية الوطنية ايضا ، ولهذا قرأنا حول الفرعون مقالته: (( وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه اني أخاف ان يبدل دينكم او يظهر في الارض الفساد )) باعتبار ان فرعون يخاطب المجتمع ودينه من الخارج ولايشرك نفسه بالايمان مع دين المجتمع ليقول ((أخاف ان يبدل ديننا)) لان ليس للدولة دين غير العدل عند اصحاب الدولة ، والمدركين لمشروعها ، داخل تركيبة المجتمع ، سواء كانوا طغاة ام عادلين لتنحاز الدولة دينيا اليه !!.
وهكذا طغاة العصر الحضاري القديم ،كانوا يدركون على فسادهم ، وطغيانهم وانحرافهم عن العدالة الاجتماعية والسياسية معنى ومفهوم ان تكون الدولة مخاطبة لشعبها بوطنيته هووليس بوطنيتهاهي لتكون الدولة صاحبت الوطن والارض وانما هي مجرد راعية لهذه المواطنة وليس موزعة لها او القائمة على اعطاء جنسيات الوطنية لهذا المواطن او سحبها من ذاك !!!.
يقول القرآن حول ذالك المعنى ، لمفهوم الدولة عند الفرعون الاكبر: (( قال للملأ من حوله إن هذا لساحر عليم يريد ان يخرجكم من ارضكم بسحره فماذا تأمرون ؟)) نعم انها ارض المجتمع ، وليست ارض الفرعون الحاكم او الدولة القائمة لتهب لهذا الفرد من المجتمع جنسيته وتسحبها من ذاك !!.
وانما صاحب الوطن هو الشعب ،الذي خوّل الدولة ادارة مجتمعها ورعايته بالعدل والانصاف بغض النظر ان كانت هذه المفردات بحق الدولة خارجة من فم الفراعنة انفسهم او من غيرهم من الصالحين !!.
واخيرا هذا الاسلام العظيم نفسه بين ايدينا يطرح لنا رؤيته حول الدولة داخل الاسلام ،ووجوب ان يكون للدولة دين واحد لاغير الا وهو دين العدل بين الرعية بغض النظر عن اديانهم وتوجهاتهم ومذاهبهم الفكرية عندما يقول : (( وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين )) ويقول سبحانه :(( واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل )) !.
اذن فمن اين يستقى ساسة العرب اليوم ،مفاهيمهم حول الدولة ووظائفها ، وكيفية ادارة المجتمع داخلها ؟،بهذا الشكل المشوّه والمنحاز والفاقد لصفات الدولة الراعية على الحقيقة ؟.
ومن اين استقت دولة محترمة كالدولة في الكويت ، وحكومة لم نعهد عليها الا انها من النظم السياسية الخليجية الاكثر تطورا على مثيلاتها الخليجيات ان من حقها ان تتدخل لتفصل بين المجتمع دينيا وفكريا ومذهبيا ، ومن ثم لتنحاز لطرف مذهبي على اخر وتصدر احكاما بضرورة عقاب هذا المواطن مذهبيا وسحب جنسيته ومصادرة هويته والوعيد له بالعقاب الشديد قُبالة ذالك الاخر المنتمي لمذهب الدولة مع الاسف ، والمدلل بكل مايطلب ويفرض على الحكومة والدولة ؟؟.
نعم كان مبرر الدولة في الكويت ان مايثار هنا وهناك داخل المجتمع الكويتي من جدل وصراع فكري ديني او مذهبي او سياسي ربما دفع البلاد الى التطاحن والوقوع في الصراعات الطائفية والمذهبية الاجتماعية ،ومن منطلق ان طائفة او مذهبا من تركيبة المجتمع الكويتي قد استنفرت قواها الشعبية لمجرد سماعها بالراي الفكري والمذهبي الاخر يطرح على الساحة في سبيل الضغط على الدولة او تهديدهاباعلان الحرب عليهاهو مادفع الدولة داخل الكويت لاعلان حالة الطوارئ ومعاقبة مواطنيها ممن يحملون الراي الفكري الاخر بالطرد والحبس وسحب الجنسية منها ، لرفع فتيل الفتنة داخل المجتمع ، وعلى هذا الاساس وجدت الدولة في الكويت نفسها مضطرة لمهادنة قوى التطرف المذهبية في جانب من المجتمع الكويتي على الجانب الاخرالاصغر الذي لايحمل مقومات ارهاب الدولة وابتزازها بالشكل والنسبة والقوّة .... نفسها التي رفعها الجانب المطالب للدولة بالانحياز اليه والخضوع لمطالبه والانسياق مع ايمانه ومذهبه التكفيري كيفما كان !!.
والحقيقة ان هذا المنطق السياسي من قبل اي دولة ،وليس داخل دولة الكويت فحسب هو من المنطقيات المدمرة لمفهوم الدولة وما ينبغي على الدولة من واجب القيام به امام مثل هذه الصراعات الاجتماعية الطبيعية ، داخل اي مجتمع بشري يريد ان يتقدم ويتطور ويكون بالفعل حرّا وناضجا وبانيا للحضارة والاتساع !!.
فهذا المنطق مناقض لروح ومفهوم الدولة لعدة اسباب منها :
اولا : ان الدولة ينبغي ان تكون اعلى سلطة وقوة تدير المجتمع وتخضعه للقانون بالتساوي ، وفي حال خضوع الدولة لارهاب ومطالب وابتزازات مركب من المركبات الدينية او المذهبية او الطبقية الاجتماعية ، عندئذ تكون الدولة قد فقدت سلطتها العليا على المجتمع وبدلا من ان تكون الدولة هي المديرالمستقل لحياة الجماعة فتصبح حتما التابع الذليل لارهاب مركب من مركبات المجتمع على الاخرين ، مما يعني انحياز الدولة لمذهب معين ، وعدم قدرة الدولة نفسها على حماية باقي المركبات الاجتماعية والمذهبية الاخرى وتوفير الحرية والتساوي والعدالة لهم داخل المجتمع !!.
ثانيا:في حال خضوع الدولة او انهزامها امام ارهاب التطرف الاجتماعي او خوفها من وهم وتوترات الفتنة الاجتماعية كمبررات للانحياز لهذه الفئة على باقي الفئات الاجتماعية داخل الدولة ، تكون الدولة بذالك ، ليست فقط فقدت شرعيتها وسلطتها القائمة بالفعل وانما هي فقدت بوصلتها بالوظيفة المناطة على عاتقها كدولة داخل المجتمع ، وبدلا من ان تقوم الدولة بحماية المجتمع كله وتوفير الحرية ، لمعتقده الديني او السياسي ، والضرب بيد من حديد على اي قوّة ، او فئة اجتماعية تحاول ليّ ذراع الدولة والخروج على القانون ، الذي يعطي الحرية المعتقدية والفكرية للجميع لابتزازها او التهديد بصناعة الفتنة داخل المجتمع ، بدلا من ذالك نجدان الدولة ولعدم قدرتها على حماية القانون والمجتمع تذهب هي نفسها لتجاوز القانون ،وظلم شريحة من مجتمعها والخضوع لمطالب شريحة اخرى تحاول ارهاب الدولة والمجتمع باسم صناعة الفتنة والاضطراب والقلاقل داخل الامة !!.
نعم ماقامت به دولة الكويت من الخضوع لقوى التطرف المذهبية داخل مجتمعها ومن ثم اصدار قرارات ليست قانونية ضد افراد من مواطنيها لاسكاتهم وقمعهم فكريا ارضاءا لقوى التطرف داخل المجتمع الكويتي ، كل هذا يظهر هشاشة الدولة داخل الكويت وعدم التزامها بواجباتها كدولة تحمي مجتمعها ، وتسهر على تطبيق القانون وحماية المجتمع وتوفير الحرية له ككل ، ولا يدلّ ماقامت به الدولة الكويتية ضد احد مواطنيها ، والذي تعرض لشخصيات تاريخية مقدسة ، عند بعض مركبات المجتمع الكويتي مطلقا على ان الدولةداخل الكويت قددرأت الفتنة عن شعبها عندما خضعت للابتزازوالتطرف على حساب شرعيةالدولة ووجودها وهيبتها داخل المجتمع !!.
وما يدري الدولةالكويتية ان هذه الجماعات التي استطاعت داخل الكويت ان ترهب الدولة وتحرفها عن مسارهاالقانوني الصائب في ادارة المجتمع ،سوف لن تعود من جديد لتبتز الدولة في كل مناسبة لاترى فيها هذه الجماعات الخارجة على الدولة والقانون انها منسجمة مع ماترغب في اجرائه داخل المجتمع ، مادام الدولة داخل الكويت ، ليست هي صاحبة السيادة على ادارة وضبط المجتمع على الحقيقة ؟؟.
ان الدولة التي تحترم نفسها وتشعر انها صاحبة مشروع ادارة المجتمع وعدم التمييز بين مركباته واديانه وطوائفه ... لاينبغي لها ان تخضع لارهاب طرف اجتماعي على طرف اخر وتحت اي مسمى ومبرروهمي او حقيقي كماانها لاينبغي لها كدولة تعرف حدودها الوظيفية ، ان تتدخل بالحراك الفكري العقدي لمجتمعها ، ومهما كان مختلفا وحادا الا في طريق ضبط المجتمع من عدم اعتداء بعضه على البعض الاخر وخرق القانون والاستقرار العملي داخل المجتمع ، وذالك لحماية الحرية العقدية داخل المجتمع ومادام الجدل الفكري يبقى فكريا وعلميا وثقافيا ، فليس من حق الدولة التي تحترم نفسها ان تتدخل لتميل كفة فئة على فئة او طائفة على اخرى او دين على اخر او ان تجيّر القانون بداخلها لصالح ادانه طرف على اخر او تسحب جنسية مواطنيها وتثبت جنسية الاخرين ، او توظف السلطة لتقمع طرف اجتماعي على اخر .... !!.
بل على الدولة ان تكون الحازمة في شأن استتباب الامن داخلها والاستقرار والحرية لجميع مواطنيها وتطبيق القانون بكل قوّة ليس على الذي يؤمن بفكرة مذهبية او دينية مختلفة عن الاخرين ، بل على الذين يريدون قمع المواطنين عن الادلاء بحريتهم الفكرية المختلفة عن الاخر !!.
نعم آن الاوان على هذه التي تسمي نفسها دولا ان تدرك وظائفها امام شعوبهاوان تدرك ان شرعيتها قائمة على اسس حياديتها بين مواطنيها ، وانها بسبب انها الراعية لجميع المواطنين بلا تمييز فهي لذالك تسمى دولة وحكومة شرعية ،وعليها ان تؤدب من يتجاوز القانون ، ويتهدد السلم الاجتماعي وحرية المجتمع الفكرية والشخصية ، لا ان تتنازل امام قوى الارهاب والظلامية على حساب حرية المجتمع وتمتعه بطاقاته الفكرية الخلاقة !!.
إن مجتمعا لاتحترم فيه ابسط قواعد الحرية العقدية والفكرية والمذهبيةلايمكن ان يكون مجتمعا متطورا وحضاريا وبانيا ومدافعا عن نفسه ووطنه ، وان دولة تنحاز مذهبيا او طائفية ،وتتجاوز وظائفها الرعوية ، وتجيّر الثروة والسلطة والقانون للطائفة او القبيلة او المذهب او الدين .....الخ ، لهي دولة تستحق ان يكفر بها كطاغوت يريد ان يستبعد الانسان بدلا من حمايته وتطويره واحترامه !!.
واخيرا نعيد تكرار السؤال الذي ينبغي ان يلتفت اليه اصحاب الشأن داخل الدولة الكويتية الشقيقة ، وداخل اي دولة في منطقتنا العربية والاسلامية الا وهو : ما علاقة الدولة بأُمنا عائشة ان انتقدها احد الكتاب والمثقفين لتقوم قائمتها عليه وتطالب باعدامه حيّا ومن خلال الانتربول الدولي ؟.
وما علاقة الدولة بعلي بن ابي طالب ، اذا لم تعجب سياسته بعض العلماء والتاريخيين ، ورأي في علي بن ابي طالب انه قاصر سياسيا ، وكان لايحفظ حتى اية من القرآن الكريم ؟.
__________________________
alshakerr@yahoo.com