(( لبنان : خوش آمديد لأحمد نجاد !)) حميد الشاكر
_________________________________
من مميزات السياسة اللبنانية الحديثة ، انها سياسية واقعية وذكية وقارئة جيدة ولاعبة تجارية ماهرة ايضا ، بل يمكننا وصف السياسة اللبنانية بلاعبيها الكبار داخل حلبة لبنان ، انها السياسة الوحيدة في المنطقة العربية التي فهمت درس اللعبة في هذه المنطقة العربية وكيف تدار ، وماهي مفاصل القوّة والضعف داخلها ؟، واين تكمن مفردات الخداع من الحقيقة في مفاهيمها !!!.
ولهذا لبنان مع صغره ، ومع شحة موارده ، ومع موقعه الجغرافي الحسّاس ........إلا انه هو الموقع العربي الوحيد الذي يتميز بالديمقراطية ، وحرية الراي في داخله ، وهو البلد الوحيد الذي يتميز دخل الفرد اللبناني فيه باعلى مستوى معيشي في المنطقة العربية والاسلامية وهو البلد الوحيد الذي استطاع ان يمتلك القوّة التي قهرت اسرائيل مع انه بلد عربي صغيرعلى الحقيقة !.
وكل هذا الذي للبنان الآن لم يأتي عبثا ، اذا ما حاولنا ربطه بما قدمناه من ذكاء وواقعية السياسة داخل لبنان ، فهذا الربط بين حكمة السياسة والسياسيين داخل لبنان هو الذي يشرح لنا لماذا لبنان مميز وكيف مع انه ظاهريا مباع للخارج والاقليم كلّه الا إنه من الجانب الاخر قوي ومنظم وقادر ومؤثر ومتطور وحرّ وجميل ومتألق !!.
نعم بمعرفتنا لذكاء لبنان وسياسته سندرك حتما مميزات لبنان داخل منطقتنا العربية ، وما علينا اذن هنا الا ان نسأل ماهو ذالك الذكاء اللبناني السياسي الذي نتحدث عنه ؟.
ثم ماهي الواقعية السياسية ، التي هيئت للبنانين وضوح الرؤية لدورهم ،وواقعهم وكيفية تطويرهذا البلد ونقله من الهامش الى الصدارة العالمية والتنافس عليه ؟.
الحقيقة إن هناك الكثيرمن الصفات التي تجمع لبنان كبلدعربي واسلامي مع باقي البلدان العربية والاسلاميةمثل العراق فللعراق ولبنان مشتركات وصفات كثيرة يتميز بها هذان البلدان ، ويتشابه بها الواقعان الديمغرافيان من التنوع والتعدد لكن الفرق بين لبنان الحرّ والمتحرك والمتطور ، وبين العراق المستبدّ ( سابقا طبعا) والمعاق والجامدهو في السياسة التي انتهجها كلا البلدين ، فالاول واقعي تاجر واعي مرن قابل للثني والارتداد للاعتدال من جديد ، والثاني تقليدي عاطفي صلب يكسر مرة واحدة ولايُعاد ترميمه الامن جديدولهذا تميزالوضع اللبناني عن العراقي ليتقدم لبنان اللبنانيين ويتأخرالعراق والعراقيين وعلى اي حال معادلة السياسة داخل الشعوب معادلة مرنة وبالامكان اعادة صياغتها من جديد في العراق وفي غيره لتكتسب صفات الذكاء والواقعية والحكمة والمناورة والتي معناها داخل السياسة اللبنانية هو الاتي :
اولا : الساسة داخل لبنان ومنذ تأسيس الدولة اللبنانية الحديثة أدركوا مفاتيح اللعبة السياسية في المنطقة العربية والاسلامية منذ البواكير الاولى لتشكيل الدول العربية بعد الاستعمار الغربي لها داخل هذه المنطقة ، لذالك هم من اول الدول التي بُنيت على اساس تقسيم السلطة داخل لبنان حسب التنوع الديني والطائفي والقومي اللبناني لأدراك اللبنانيين طبعاإن اي شعارات سياسية او آيدلوجية شيوعية اواشتراكية او قومية او...الخ ماهي الافقاعات ومظاهر خارجية واغطية لسياسة عربية واسلامية تتحرك داخل منطقتهم العربيةوالاسلامية من منطلقاتها الجوهرية الدينيةالطائفية والعنصرية والقبلية لاغيرولذالك ومع ان لبنان اشتهر باستيراده للفكر الاشتراكي والليبرالي والقومي والعلماني... للمنطقة العربية والاسلامية ، ولكن مع ذالك بقت السياسة الحقيقية داخل لبنان نفسه قائمة على قواعد تقسيم وتفتيت قوى السلطة على طوائفه ومذاهبه وقومياته ، ولامانع من وجود القشرة التي تغطي هذه العناوين الواقعية لتقاسم السلطة !!.
ومن هذا المنطلق وبسبب ان لبنان الذكي ادرك حقائق السياسة مبكرا وبنى كل كيانه عليها ، استطاع بناء لبنان طائفي صحيح الا انه ديمقراطي وحرّ ومتحرك ومتطور بشكل يختلف عن باقي دول المنطقة العربية التي ركزت السلطة في بؤرة واحدة لتبتلي بالدكتاتورية والتسلط ، والظلم والقهر وضياع الحقوق والتفرعن .....كالذي حصل بالعراق مثلا إثر الانخداع بشعارات القومية والاشتراكية التي خدعت العراقيين لتدفعهم للتنازل عن سيادتهم وسلطتهم وقوتهم ، التي ينبغي ان تقسم داخل اي مجتمع لتدفع الدكتاتورية والتمركز الا انهم وتحت عواطف الشعارات البرّاقة تنازلوا عن سيادتهم وقوة سلطتهم ليكتشفوامتأخرين انهم وقعوا تحت خدعة سلبهم لكل قواهم السياسية داخل الوطن ليتفرعن عليهم اخيرا طاغية باسم المذهب او الطائفة او القومية !!.
هذه الحقيقة لم تغب عن عقل السياسة داخل لبنان ابدا ، وهي وجوب تقسيم السلطة على التنوع الديني والقومي داخل المجتمع اللبناني كضمان للتوازن الاجتماعي من جهةوضمان ان تورق الحرية المدعومة بالقوّة لكل اطياف الشعب داخل لبنان من جانب اخرمع احترام القشرية الايدلوجية السياسية ان تتمتع بالحركة داخل الاجتماع اللبناني ، واعلان الساسة دوما انهم ضد الطائفية السياسية داخل لبنان ،لكن مع وقت الحقيقة دخل اللبنانيون بحرب اهلية عندما شعر التنوع اللبناني انه مهدد من هذا الطرف او ذاك لسلب السلطة وتمركزها في مكان واحد فقط !!.
ثانيا :باعتبار ان السياسة في لبنان ادركت حقيقة المحركات الطائفية والدينية والقومية داخل منطقتنا العربية والاسلامية مبكرا كماادركت ضرورة اللعب على الشعارات الايدلوجية القشرية في منطقة منذ البداية بُنيت على الازدواجيات السياسية الاستعمارية فيها ادركت كذالك هذه السياسة اللبنانية انها بالتبع لابد ان تدرك مفهوم (البرك الاسنة) داخل الدول وانه لايمكن لدولة ومجتمع وتحت اي شعار ان تنغلق عن الخارج ،وتغلق جميع نوافذها السياسية باسم الحفاظ على سيادة الوطن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية لاسيما ان الوضع اللبناني وموقعه الجغرافي وتنوعه الديمغرافي وتعدد المصالح بداخله ....الخ لايمكن ان يفرض عليه الانغلاق عن الاقليم والعالم ، ولهذا تبنى لبنان وبعكس جميع دول المنطقة العربية سياسة الانفتاح على الخارج وسمى الساسة ذالك الانفتاح مرّة بالانفتاح العروبي القومي والاخرالاسلامي الوحدوي وبهذاضمن لبنان انفتاح جميع ابوابه على الخارج لدخول الهواء النقي داخله وتجديد الروح لمجتمعه ،مع ادراك طبعا الساسة داخل لبنان ان هذا الانفتاح سيدخل معه الكثير من الاجندات السياسية ، التي تحاول السيطرة على لبنان من الداخل ، ولكن بما إن السياسة داخل لبنان ليست بعيدة عن التجارة فقد استطاع اللبنانيون ان يدمجوا بين السياسة والتجارة داخل وطنهم ، ليوظفوا هذه العوامل الخارجية بنسبة عالية جدا للداخل اللبناني بدلا من توظيفها تماما لهذا الخارج الذي لايريد الا مصالحه لاغير !!.
ثالثا: في معادلة كالمعادلة اللبنانية لاسيما معادلة الجوار الجغرافي لدولة الاحتلال الصهيونيةيكون لبنان حتماعرضة لضغوطات هائلة من قبل دول الاقليم والعالم فدول الاقليم لاسيما هذه الدول التي لها خط الموالاة للغرب الاستعماري الحديث التي تريد تقديم الخدمات للصهاينةلدعم موقعهاالسياسي الطاغوتي داخل ممالكهم القبلية في لبنان ستطرح اجندات من خلال التناقضات اللبنانية المتنوعة داخليا لخدمة المصالح الصهيونية ، وهي بالطبع مختلفة عن ماسوف يطرحه الجانب المقاوم العربي والاسلامي الاخر الذي يرى في لبنان خط دفاعه الاول امام هذا الوحش الصهيوني المحتل الذي لم يزرع الا لمجرداستنزاف المنطقةوتشتيت قواها لصالح مآربه السياسية المدمرة !!.
طبعا اللبنانيون هم اكثرالناس ادراكا لحقيقةجغرافيتهم السياسية هذه بل وهم اكثر الناس واقعية لتعاملهم مع هذه الحقيقة بالذات فلم يرفع الساسة في لبنان شعار (( لبنان للبنانيين )) ابدا لقناعتهم ان مثل هذه الشعارات ماهي الا ضحك على الذقون امام هذه الخريطة المعقدة والمتشابكة من المصالح الاقليمية والعالمية داخل اي بلد في العالم فضلاعن لبنان الجار اللصيق لكيان الاحتلال الصهيوني ، الذي نصفه يقوم بمشروع مقاومة لهذا الاحتلال الاسرائيلي البغيض ، وعلى هذا الاساس انتهج الساسة في لبنان اسلوب الاستقبال والانفتاح على الخارج كلّ حسب مآربه من التعايش داخل لبنان ، فالمقاومون اللبنانيون استطاعوا ومن خلال مشروعهم المقاوم الانفتاح على خط المقاومة داخل المنطقة العربية والاسلامية لتدعيم موقفهم المناهظ لاسرائيل من جهة ومن جهة اخرى توظيف هذه العوامل الخارجية للبنانين داخليا للارتقاء بامنهم واقتصادهم وتطورهم نحو الافضل !!.
وهذا بعكس التوجهات اللبنانية الداخلية الاخرى التي لعبت على سياسة التوازنات الاقليمية والعالمية خدمة لمصالحهم الداخلية اللبنانية اولا ومن ثم الاقليمية والخارجية ،فهناك المكونات اللبنانية الاخرى التي تجد بمعادلة اسرائيل ومقاومته الورقة الذهبية الرابحة لمصالحها الداخلية وكيفية ابتزاز الخارج ليضخ بدعمه الاقتصادي والسياسي اللامحدود للداخل االلبناني ايضا !.
الآن هل بالامكان تصوّر لبنان بغير هذه الصورة من اللعب بالتوازنات الاقليمية والعالمية ؟.
للجواب على هذا السؤال نقول : لوكان هناك واقعية سياسية بامكان الساسة داخل لبنان ،انتهاجها في حياتهم القائمة لما توانى اللبنانيون انفسهم من انتهاجها ولعب الادوار المنوطة بهم لكن مايميز السياسة داخل لبنان انها سياسة مدروسة تماما وتمارس ما افضت اليه تلك الدراسات السياسية الواقعيةوبما ان اللبنانيون تجار وساسة ،فلايقبلون عرض الشعارات السياسية في سوق يدركون سلفا انها لاتبني وطنا ، ولاتجني اقتصادا في بلد لايملك غير الزيتون ولاتحمي مقاومة ولاتثمر نصرا في ارض المعارك والقنابل والمخابرات ولهذا لعب اللبنانيون بادواتهم الواقعية لوجود لبنان بما هو لبنان بجغرافيته وتنوعاته وتناقضاته وتقسيم السلطة داخله بمقاوميه وخونته وبموارده وناسه وحريته وباعدائه ومناصريه ، ليصنعوا من اللاشيئ معادلة تشغل العالم كله!.
اخيرا : نقول ان مايميز لبنان عقله وذكائه وساسته ، وليس جغرافيته وثروته وكبره او صغره فربما كان لبنان بيد من لايدرك ادارته وعندئذ سنجد لبنان فلسطين اخرى يُفاوض سياسييها على حكم ذاتي لهم من قبل اسرائيل ، ولكن بما ان لبنان بيد اهله ويدركون كيفية ادارته حسب موازين القوى الاقليمية والعالمية القائمة ، رأينا كيف اصبحت بيروت ترفع شعار (خوش آمديد ) لخادم الشعب الايراني المؤمن (( احمدي نجاد )) ، الذي جعله اللبنانيين بذكائهم ، الظهر الذي يستندون عليه ايام منازلتهم مع اعدائهم الشرسين من الصهاينة والانذال !!.
_______________
alshakerr@maktoob.com
_________________________________
من مميزات السياسة اللبنانية الحديثة ، انها سياسية واقعية وذكية وقارئة جيدة ولاعبة تجارية ماهرة ايضا ، بل يمكننا وصف السياسة اللبنانية بلاعبيها الكبار داخل حلبة لبنان ، انها السياسة الوحيدة في المنطقة العربية التي فهمت درس اللعبة في هذه المنطقة العربية وكيف تدار ، وماهي مفاصل القوّة والضعف داخلها ؟، واين تكمن مفردات الخداع من الحقيقة في مفاهيمها !!!.
ولهذا لبنان مع صغره ، ومع شحة موارده ، ومع موقعه الجغرافي الحسّاس ........إلا انه هو الموقع العربي الوحيد الذي يتميز بالديمقراطية ، وحرية الراي في داخله ، وهو البلد الوحيد الذي يتميز دخل الفرد اللبناني فيه باعلى مستوى معيشي في المنطقة العربية والاسلامية وهو البلد الوحيد الذي استطاع ان يمتلك القوّة التي قهرت اسرائيل مع انه بلد عربي صغيرعلى الحقيقة !.
وكل هذا الذي للبنان الآن لم يأتي عبثا ، اذا ما حاولنا ربطه بما قدمناه من ذكاء وواقعية السياسة داخل لبنان ، فهذا الربط بين حكمة السياسة والسياسيين داخل لبنان هو الذي يشرح لنا لماذا لبنان مميز وكيف مع انه ظاهريا مباع للخارج والاقليم كلّه الا إنه من الجانب الاخر قوي ومنظم وقادر ومؤثر ومتطور وحرّ وجميل ومتألق !!.
نعم بمعرفتنا لذكاء لبنان وسياسته سندرك حتما مميزات لبنان داخل منطقتنا العربية ، وما علينا اذن هنا الا ان نسأل ماهو ذالك الذكاء اللبناني السياسي الذي نتحدث عنه ؟.
ثم ماهي الواقعية السياسية ، التي هيئت للبنانين وضوح الرؤية لدورهم ،وواقعهم وكيفية تطويرهذا البلد ونقله من الهامش الى الصدارة العالمية والتنافس عليه ؟.
الحقيقة إن هناك الكثيرمن الصفات التي تجمع لبنان كبلدعربي واسلامي مع باقي البلدان العربية والاسلاميةمثل العراق فللعراق ولبنان مشتركات وصفات كثيرة يتميز بها هذان البلدان ، ويتشابه بها الواقعان الديمغرافيان من التنوع والتعدد لكن الفرق بين لبنان الحرّ والمتحرك والمتطور ، وبين العراق المستبدّ ( سابقا طبعا) والمعاق والجامدهو في السياسة التي انتهجها كلا البلدين ، فالاول واقعي تاجر واعي مرن قابل للثني والارتداد للاعتدال من جديد ، والثاني تقليدي عاطفي صلب يكسر مرة واحدة ولايُعاد ترميمه الامن جديدولهذا تميزالوضع اللبناني عن العراقي ليتقدم لبنان اللبنانيين ويتأخرالعراق والعراقيين وعلى اي حال معادلة السياسة داخل الشعوب معادلة مرنة وبالامكان اعادة صياغتها من جديد في العراق وفي غيره لتكتسب صفات الذكاء والواقعية والحكمة والمناورة والتي معناها داخل السياسة اللبنانية هو الاتي :
اولا : الساسة داخل لبنان ومنذ تأسيس الدولة اللبنانية الحديثة أدركوا مفاتيح اللعبة السياسية في المنطقة العربية والاسلامية منذ البواكير الاولى لتشكيل الدول العربية بعد الاستعمار الغربي لها داخل هذه المنطقة ، لذالك هم من اول الدول التي بُنيت على اساس تقسيم السلطة داخل لبنان حسب التنوع الديني والطائفي والقومي اللبناني لأدراك اللبنانيين طبعاإن اي شعارات سياسية او آيدلوجية شيوعية اواشتراكية او قومية او...الخ ماهي الافقاعات ومظاهر خارجية واغطية لسياسة عربية واسلامية تتحرك داخل منطقتهم العربيةوالاسلامية من منطلقاتها الجوهرية الدينيةالطائفية والعنصرية والقبلية لاغيرولذالك ومع ان لبنان اشتهر باستيراده للفكر الاشتراكي والليبرالي والقومي والعلماني... للمنطقة العربية والاسلامية ، ولكن مع ذالك بقت السياسة الحقيقية داخل لبنان نفسه قائمة على قواعد تقسيم وتفتيت قوى السلطة على طوائفه ومذاهبه وقومياته ، ولامانع من وجود القشرة التي تغطي هذه العناوين الواقعية لتقاسم السلطة !!.
ومن هذا المنطلق وبسبب ان لبنان الذكي ادرك حقائق السياسة مبكرا وبنى كل كيانه عليها ، استطاع بناء لبنان طائفي صحيح الا انه ديمقراطي وحرّ ومتحرك ومتطور بشكل يختلف عن باقي دول المنطقة العربية التي ركزت السلطة في بؤرة واحدة لتبتلي بالدكتاتورية والتسلط ، والظلم والقهر وضياع الحقوق والتفرعن .....كالذي حصل بالعراق مثلا إثر الانخداع بشعارات القومية والاشتراكية التي خدعت العراقيين لتدفعهم للتنازل عن سيادتهم وسلطتهم وقوتهم ، التي ينبغي ان تقسم داخل اي مجتمع لتدفع الدكتاتورية والتمركز الا انهم وتحت عواطف الشعارات البرّاقة تنازلوا عن سيادتهم وقوة سلطتهم ليكتشفوامتأخرين انهم وقعوا تحت خدعة سلبهم لكل قواهم السياسية داخل الوطن ليتفرعن عليهم اخيرا طاغية باسم المذهب او الطائفة او القومية !!.
هذه الحقيقة لم تغب عن عقل السياسة داخل لبنان ابدا ، وهي وجوب تقسيم السلطة على التنوع الديني والقومي داخل المجتمع اللبناني كضمان للتوازن الاجتماعي من جهةوضمان ان تورق الحرية المدعومة بالقوّة لكل اطياف الشعب داخل لبنان من جانب اخرمع احترام القشرية الايدلوجية السياسية ان تتمتع بالحركة داخل الاجتماع اللبناني ، واعلان الساسة دوما انهم ضد الطائفية السياسية داخل لبنان ،لكن مع وقت الحقيقة دخل اللبنانيون بحرب اهلية عندما شعر التنوع اللبناني انه مهدد من هذا الطرف او ذاك لسلب السلطة وتمركزها في مكان واحد فقط !!.
ثانيا :باعتبار ان السياسة في لبنان ادركت حقيقة المحركات الطائفية والدينية والقومية داخل منطقتنا العربية والاسلامية مبكرا كماادركت ضرورة اللعب على الشعارات الايدلوجية القشرية في منطقة منذ البداية بُنيت على الازدواجيات السياسية الاستعمارية فيها ادركت كذالك هذه السياسة اللبنانية انها بالتبع لابد ان تدرك مفهوم (البرك الاسنة) داخل الدول وانه لايمكن لدولة ومجتمع وتحت اي شعار ان تنغلق عن الخارج ،وتغلق جميع نوافذها السياسية باسم الحفاظ على سيادة الوطن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية لاسيما ان الوضع اللبناني وموقعه الجغرافي وتنوعه الديمغرافي وتعدد المصالح بداخله ....الخ لايمكن ان يفرض عليه الانغلاق عن الاقليم والعالم ، ولهذا تبنى لبنان وبعكس جميع دول المنطقة العربية سياسة الانفتاح على الخارج وسمى الساسة ذالك الانفتاح مرّة بالانفتاح العروبي القومي والاخرالاسلامي الوحدوي وبهذاضمن لبنان انفتاح جميع ابوابه على الخارج لدخول الهواء النقي داخله وتجديد الروح لمجتمعه ،مع ادراك طبعا الساسة داخل لبنان ان هذا الانفتاح سيدخل معه الكثير من الاجندات السياسية ، التي تحاول السيطرة على لبنان من الداخل ، ولكن بما إن السياسة داخل لبنان ليست بعيدة عن التجارة فقد استطاع اللبنانيون ان يدمجوا بين السياسة والتجارة داخل وطنهم ، ليوظفوا هذه العوامل الخارجية بنسبة عالية جدا للداخل اللبناني بدلا من توظيفها تماما لهذا الخارج الذي لايريد الا مصالحه لاغير !!.
ثالثا: في معادلة كالمعادلة اللبنانية لاسيما معادلة الجوار الجغرافي لدولة الاحتلال الصهيونيةيكون لبنان حتماعرضة لضغوطات هائلة من قبل دول الاقليم والعالم فدول الاقليم لاسيما هذه الدول التي لها خط الموالاة للغرب الاستعماري الحديث التي تريد تقديم الخدمات للصهاينةلدعم موقعهاالسياسي الطاغوتي داخل ممالكهم القبلية في لبنان ستطرح اجندات من خلال التناقضات اللبنانية المتنوعة داخليا لخدمة المصالح الصهيونية ، وهي بالطبع مختلفة عن ماسوف يطرحه الجانب المقاوم العربي والاسلامي الاخر الذي يرى في لبنان خط دفاعه الاول امام هذا الوحش الصهيوني المحتل الذي لم يزرع الا لمجرداستنزاف المنطقةوتشتيت قواها لصالح مآربه السياسية المدمرة !!.
طبعا اللبنانيون هم اكثرالناس ادراكا لحقيقةجغرافيتهم السياسية هذه بل وهم اكثر الناس واقعية لتعاملهم مع هذه الحقيقة بالذات فلم يرفع الساسة في لبنان شعار (( لبنان للبنانيين )) ابدا لقناعتهم ان مثل هذه الشعارات ماهي الا ضحك على الذقون امام هذه الخريطة المعقدة والمتشابكة من المصالح الاقليمية والعالمية داخل اي بلد في العالم فضلاعن لبنان الجار اللصيق لكيان الاحتلال الصهيوني ، الذي نصفه يقوم بمشروع مقاومة لهذا الاحتلال الاسرائيلي البغيض ، وعلى هذا الاساس انتهج الساسة في لبنان اسلوب الاستقبال والانفتاح على الخارج كلّ حسب مآربه من التعايش داخل لبنان ، فالمقاومون اللبنانيون استطاعوا ومن خلال مشروعهم المقاوم الانفتاح على خط المقاومة داخل المنطقة العربية والاسلامية لتدعيم موقفهم المناهظ لاسرائيل من جهة ومن جهة اخرى توظيف هذه العوامل الخارجية للبنانين داخليا للارتقاء بامنهم واقتصادهم وتطورهم نحو الافضل !!.
وهذا بعكس التوجهات اللبنانية الداخلية الاخرى التي لعبت على سياسة التوازنات الاقليمية والعالمية خدمة لمصالحهم الداخلية اللبنانية اولا ومن ثم الاقليمية والخارجية ،فهناك المكونات اللبنانية الاخرى التي تجد بمعادلة اسرائيل ومقاومته الورقة الذهبية الرابحة لمصالحها الداخلية وكيفية ابتزاز الخارج ليضخ بدعمه الاقتصادي والسياسي اللامحدود للداخل االلبناني ايضا !.
الآن هل بالامكان تصوّر لبنان بغير هذه الصورة من اللعب بالتوازنات الاقليمية والعالمية ؟.
للجواب على هذا السؤال نقول : لوكان هناك واقعية سياسية بامكان الساسة داخل لبنان ،انتهاجها في حياتهم القائمة لما توانى اللبنانيون انفسهم من انتهاجها ولعب الادوار المنوطة بهم لكن مايميز السياسة داخل لبنان انها سياسة مدروسة تماما وتمارس ما افضت اليه تلك الدراسات السياسية الواقعيةوبما ان اللبنانيون تجار وساسة ،فلايقبلون عرض الشعارات السياسية في سوق يدركون سلفا انها لاتبني وطنا ، ولاتجني اقتصادا في بلد لايملك غير الزيتون ولاتحمي مقاومة ولاتثمر نصرا في ارض المعارك والقنابل والمخابرات ولهذا لعب اللبنانيون بادواتهم الواقعية لوجود لبنان بما هو لبنان بجغرافيته وتنوعاته وتناقضاته وتقسيم السلطة داخله بمقاوميه وخونته وبموارده وناسه وحريته وباعدائه ومناصريه ، ليصنعوا من اللاشيئ معادلة تشغل العالم كله!.
اخيرا : نقول ان مايميز لبنان عقله وذكائه وساسته ، وليس جغرافيته وثروته وكبره او صغره فربما كان لبنان بيد من لايدرك ادارته وعندئذ سنجد لبنان فلسطين اخرى يُفاوض سياسييها على حكم ذاتي لهم من قبل اسرائيل ، ولكن بما ان لبنان بيد اهله ويدركون كيفية ادارته حسب موازين القوى الاقليمية والعالمية القائمة ، رأينا كيف اصبحت بيروت ترفع شعار (خوش آمديد ) لخادم الشعب الايراني المؤمن (( احمدي نجاد )) ، الذي جعله اللبنانيين بذكائهم ، الظهر الذي يستندون عليه ايام منازلتهم مع اعدائهم الشرسين من الصهاينة والانذال !!.
_______________
alshakerr@maktoob.com