مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
الجمعة، سبتمبر 30، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 5 حميد الشاكر
يتجه الامام الصدر في تمهيده الفلسفي بعد ان بين اهمية النظام الاجتماعي لتركيبة المجتمع وخطريته على هذا التركيب وان نضال الشعوب وجهادها المتواصل كان منصباًمن اجل الوصول الى اقامة نظام اجتماعي صالح .... الى الدخول في مناقشةالمذاهب الاجتماعيةالقائمة في العصرالحديث ليناقش منها اثنين بصورة مباشرة ، ويتحدث عن اثنين من هذه المذاهب بصورة نظرية وليقول :
(( إن اهم المذاهب الاجتماعية ، التي تسود الذهنية الانسانية العامة اليوم ويقوم بينها الصراع الفكري ، والسياسي على اختلاف وجودها الاجتماعي في حياة الانسان هي مذاهب اربعة :
1 : النظام الديمقراطي الرأسمالي .
2: النظام الاشتراكي ( آنذاك ) .
3 : النظام الشيوعي .
4 : النظام الاسلامي )) . 1 .
والحقيقة اننا بحاجة ، وقبل ان نناقش رؤية الصدر الفكرية وكذا مناقشته المذهبية للرأسمالية الديمقراطية اولا ومن بعدهامناقشة الاشتراكية المادية الماركسية ان نقف قليلا عند ماعناه او قصده الصدرمحمد باقر عندما ابتدأ طرحه التمهيدي هذا بمناقشة المذهب الاجتماعي ولنسأل :
ما الذي قصده الامام الصدر بالنظام الاجتماعي ومناقشته ؟.
ولماذا تحول الامام الصدربلا فواصل من قوله بوجود اربعة مذاهب انسانية بحاجة الى مناقشة ، الى دخوله لمصطلح النظام الاجتماعي ؟.
وهل ان مصطلح النظام الاجتماعي يختلف في فكرالامام الصدرعن مصطلح المذهب الاجتماعي ؟.
أم انه لافرق منهجي في فكرالامام الصدربين قولنامذهب اجتماعي او نظام اجتماعي ؟.
اخيرا : ما هو مقصود الامام الصدر بالنظام الاجتماعي ؟.
والحقيقةولكون منهجيةالامام الصدردقيقة بانتخاب المصطلحات الاجتماعية كما هي الفلسفية والسياسية والاقتصادية في مناقشاته الفكرية ، فان الامام في هذا الموضع لم يترك فاصلا ، للتمييز بين مناقشته للمذاهب الاجتماعية وحديثة عن هذه النظم الاجتماعية ، وكأنه ومنذ البداية يعلن : ان حديثه عن المذاهب الاجتماعية المقصود منه ، والمراد هو حديثه عن هذه النظم الاجتماعية التي تقوم بادارة المجتمعات الانسانية برؤية مذهبية تدعو لها وتعلن للعالم انها المذاهب الاكثر صلاحا ، لادارة الانسانية فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا !!.
ولهذا ذكر في معرض حديثه عن هذه النظم او المذاهب الايدلوجية الاربعة بان :((العالم يتقاسمه اليوم اثنان من هذه الانظمة الاربعة (بالحكم) فالنظام الديمقراطي الراسمالي هو اساس الحكم في بقعة كبيرة من العالم ، والنظام الاشتراكي هو السائد (انذاك) في بقعة كبيرة اخرى... اما النظام الشيوعي والاسلامي فوجودهما بالفعل فكري خالص ...)) . 2 .
اما ماهو (( المذهب الاجتماعي )) كمصطلح بحث ودراسة في وعي الامام الصدر (رض) ؟.
فالامام الصدرقدس سره الشريف قدشرح مقصوده المنهجي من(المذهبية ) في كتابه النوعي (( ااقتصادنا )) للتمييز بينه وبين مصطلح (( العلم )) في مجال الاقتصاد كي لاتختلط المفاهيم والمصطلحات على كل من يريد البحث في الراسمالية الديمقراطية او في المادية الاشتراكية الماركسية ، ومن هنا ذكر الامام انه و : (( كما يقسم الاقتصاد الماركسي الى علم ومذهب كذالك ينقسم الاقتصاد الراسمالي الى هذين القسمين ، ففيه الجانب العلمي ، الذي تحاول الراسمالية فيه ان تفسر مجرى الحياة الاقتصادية واحداثها تفسيرا موضوعياقائما على اساس الاستقراء والتحليل وفيه ايضا الجانب المذهبي الذي تدعو الراسمالية الى تطبيقه وتتبنى الدعوة اليه )) . 3 .
وهكذا فهمنا كما يقول اهل الحكمة : ان العلم هو معرفة ماهو كائن كما هو كائن في موضوعيته الكونية والطبيعية الخارجية ، اما المذهب فهو معرفة ماينبغي ان يكون وكيف ينبغي ان يقوم او هو الرؤية الفكرية المستخلصة احياناوالمعتمدة في بعض الاحيان على الرؤية العلمية الموضوعية او على ماهو كائن بالواقع القانوني ، والكوني الطبيعي ، والاقتصادي ، والتاريخي بسننه والفسلجي والنفسي الفردي او الاجتماعي !!.
فالمذهبية الذي تحدث عنها الامام الصدرفي تمهيده الفلسفي في الراسمالية وفي الاشتراكية المادية والذي سوف يتحدث عنها في الاسلام والشيوعية هي تلك الطريقة ، او النظام الاجتماعي الذي يدير المجتمع برؤية مذهبية ايدلوجية ترى ان هذا النظام هو ماينبغي ان يقوم على ادارة المجتمع وهو ماينبغي ان يكون المعتقدية الفكرية الايدلوجية ، التي يبشّربها اصحاب هذا النظام والقائمين على تطبيقه !!.
اما ماهو الفصل والربط بين العلم ، والمذهب داخل اي نظام اجتماعي فهذا الحيز من المناقشة حول فكر الصدر التمهيدي ليس موقع شرح ذالك وانما هدفنا لمعرفة مفهوم الصدر فحسب في مصطلح (المذهب الاجتماعي) والى اي توجه فكري هو يشير !!.
نعم ما يحاول مناقشته الامام الصدر (قدس)في الوريقات الاوائل من تمهيده الفلسفي لكتاب (( فلسفتنا )) هو المذاهب الاجتماعية التي تعتبر هي قوام الانظمة السياسية التي تمتلك رؤية مذهبية فلسفية من جانب ورؤية علمية موضوعيةفي جانب اخرسواء كانت هذه الرؤيةالعلمية في جانبها التاريخي كما طرحته الاشتراكية ، والشيوعية الماركسية المادية في مفهوم الحتمية التاريخية باعتبارها رؤية علمية ، او ما طرحه النظام الراسمالي من رؤية اقتصادية اعتقدت الراسمالية انها رؤية علمية وايضا حتمية لقانون السوق والاقتصاد العالمي !!.
ولهذا تطرح الديمقراطية الراسمالية نفسها ، كمذهب اجتماعي ، يقوم على علم اقتصادي ،وفلسفة نفعية ويستطيع هذا المذهب الراسمالي الديمقراطي ان يشرح للانسان كل ماهية وجوده العالمية ، وكذا ماينبغي عليه ان يقوم به في هذه الحياة انسجا ما مع رؤية هذه الديمقراطية الراسمالية !.
وصحيح وكما ذكرالامام الصدر ( رض ) ان الديمقراطية الراسماليةلاتمتلك رؤية كونية كاملة وشاملةكما امتلكته الماركسية الماديةفي شرح ماهوكائن للانسان وماينبغي عليه كونه ، لكن ومن الجانب الاخر يمكن استنباط رؤية الديمقراطية الراسمالية لكل الوجودالانساني من خلال رؤيتها المذهبية التي طرحت المادية بشكلها البشع والمشوه بصورة غاية في المكر والخداع !!.
1: فلفستنا / للسيد الصدر : دار التعارف / ص 12 .
2 : نفس المصدر .
3 : اقتصادنا / للسيد محمد باقر الصدر / دار التعارف / ط السابعة عشر / ص 253.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الخميس، سبتمبر 29، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 4 حميد الشاكر
عندما يطلق على الامام الشهيد محمد باقر الصدر وفكره صفة العبقرية ، او عندما ينال السيد الشهيد الصدر رحمه الله تعالى هذا الاهتمام الكبيرمن قبل الفكر العراقي والعربي والاسلامي وحتى العالمي فلا يعني هذا مطلقا ان هناك دوافع عاطفية او حسابات سياسية ، او ممالآت اخلاقية ، دعت هذا الكمّ الهائل من الاهتمام بالصدر فكرا ومفكرا ، كانت تقف خلف تقييم فكر الامام الصدر وماطرحه من اطروحات لفتت انظار العالم بصورة عامة والفكر العراقي بصورة خاصة !!.
لكن مايقرب من الصواب القول الفصل فيه : ان الامام الصدر ، بالفعل كان مختلفا عن عصره ومختلفا في فكره وتقدميا في طرحه وعبقريا في تناوله ولهذا استحق هذه التقدمة الفكرية ونال بجداره هذه الصدارة العلمية التي وصف بهاالامام الصدر ولم يزل حتى اليوم وبعد مرور عقود من انتقاله للرفيق الاعلى وهو لم يزل يتربع على عرش الفكر الاسلامي بلا منازع !!.
والحقيقة ان مايميز فكر الامام الصدر وعلمه وطرحه عن باقي اقرانه من العلماء والمفكرين داخل العراق ، ومن ثم العالم الاسلامي وخارجه انه استطاع وبموهبة الاهية غير عادية ان ينقل الاسلام كله بفكره ومدرسته ، واطروحته ، وتصوراته واحكامه .... نقلة نوعية غير مسبوقة قبله ، بحيث انه والوحيد من بين ركام هائل من المفكرين والعلماءوالمثقفين استطاع التمردعلى التقليدية الدينية الاسلامية وكسر تابوهاتها ، التي جثمت على صدر الاسلام فكرا وممارسة لاكثر من الف سنة من الجمود والتخلف والتبعية ولينقل من ثم هذا الاسلام الى العصر الحديث او مايسمى بعصر الحداثة وقيام مابعد الدولة الحديثة وفلسفة الحكم والعقيدة !!.
ونعم عاصر الامام الصدر زمانيا ، ومكانيا الكثير من العلماء والمفكرين والمثقفين الذي كتبوا والفوا اكثرمما طرحه الامام الصدر بمئات المرّات في العالمين العربي والاسلامي من مؤلفات وكتابات واطروحات تخدم الاسلام تراثاوفقها وعلما وحديثا واصولا ...الخ ، لكن ما نتحدث عنه حول الصدر هو ليس كمية المؤلفات والكتب التي طرحها الامام الصدر في الاسواق ليكون مصيرها الى رفوف المكتبات بفائدة ضئيلة ، وليس ما نشير له حول الصدر غزارة المنتوج واعادة انتاج الاسلام في فكره التقليدي وتطلعاته المكررة بل مانشير له هو (النوعية) النادرة في فكر الامام الصدرالذي فتح الابواب والنوافذ والافاق لاسلام ليس فقط يستطيع الانتقال لمعايشة العصر والتطور معه ، بل ولأسلام ينتصرعلى الحداثة ويخطو خطوة متقدمة على روح العصر وفلسفته واقتصاده وقانونه ودولته ..... ليطرح من ثم اسلام القرن الواحد والعشرين بدون ان يضطر الامام الصدربالتفريط ولوبذرة واحدة من اصالة الاسلام الفكرية ومنبعه المحمدي الصافي العين والمأخذ !!.
وهذا هو في الواقع الذي جعل من فكر الصدر ، وطرحه الاسلامي ظاهرة مختلفة وتستحق الالتفات والاشادة بها ، وتقديمها للعالم بشكل مميز !!.
وكذا عندما نقول ان من مميزات فكر الامام محمد باقر الصدر انه فكر وفي جانب من جوانبه المتعددة وفضلاعن انه نقل الاسلام بفكره الاصيل كله نقلةنوعية بحيث يمكننا الجزم ، انه اعطى روحا او حياة مختلفة للطرح الاسلامي ، ليساوق العصر وطروحاته يمكننا ايضا ان نظيف الى ذالك ، ان فكر الامام الصدر رض وطرحه تميز كذالك بقدرته على نقل المتحجراو المعقد اوالمتخصص الغارق في الانزوائية من كونه فكرا لا يمكن ان يتناوله الا مجموعة صغيرة من فئات المجتمع الاسلامي العلمية الى كونه فضاءا واسعا بالامكان ان يعمّ نفعه لجميع من يريد الاطلاع عليه وفهم الاسلام بصورته الاكاديمية العامة ، ذات الفائدة الاسلامية الاشمل ، والاكثر عصرنة وحداثة لروح اللحظة !!.
وهذا بالفعل ماحققه الامام الصدر ( مثلا ) في اعقد العلوم الاسلامية والفقهية التي تسمى بعلم الاصول ، حيث ان هذا العلم وغيره من العلوم الاسلامية الاخرى التي كانت حكرا على طلبة العلوم الدينية او منزوية الفهم الا على اصحاب الاختصاص الحوزي من فقهاءواصوليين داخل اعقدالمجالس البحثية في الفكرالاسلامي استطاع الامام الصدر وبفضل جهود الصدر الشخصية ، ومن خلال كفاءة طرحه العصرية استطاع هذا المفكر الملهم ، ان يصوغ علما اسلاميا من اعقدالعلوم الاسلامية ليعيد انتاجه بشكل مختلف وليهيئ من ثم علم الاصول ليكون علما اكاديمياوجامعيا قادرا اي طالب علم سواء كان اكاديميا ، او حوزويا من تناوله ومن ثم فهمه واستيعاب مضامينه المهمة للاطروحة الاسلامية التي يعتمد فقهها وحكمها الاسلامي على هذا العلم الجليل !!.
ونفس القول ينسحب على باقي فكر الامام الصدرايضا ففي الاقتصاد الاسلامي لم يكن احد ممن عاصر الامام الصدر ، فضلا عن مَن سبقه فكريا وعلميا ان يطرح لنا اقتصادا اسلاميا بهذه الطريقة الحداثية ، التي ليس فقط استطاعت اللحاق بركب عصرالتكنلوجيا والعلم والفلسفة فحسب بل ولتتفوق على روح هذا العصر وتطرح رؤية اسلامية اقتصادية ....، تستشرف المستقبل ، ومن ثم لتطرح معالم الاقتصاد الاسلامي لالف سنة قادمةكماازعمه شخصياوهي تحتكر زعامة التأسيس للاقتصاد الاسلامي الحديث بلا مجادل !!.
ونعم ايضا تحدثت كتب الفقه التقليدية كثيرا عن المكاسب المحرمة منها ، والمحللة وتحدثت عن الارض والثروات والانتاج والاستهلاك والتملك ، والاحتكار والبيع والتجارة والاقتصاد ....... ، لكن كل هذا كان منتجا فكريا وفقهيا واسلاميا يصلح تماما ، للمجتمعات الاسلامية ماقبل الحداثة ، وقيام الدولة داخلها وعصر التكنلوجيا والفلسفة الجديدة وعندما كنا نقرأ الاقتصاد الاسلامي في كتب الفقه التقليدية نصاب بانفصال تام عن الحياة والعيش بواقعية في داخلها في العصر الحديث !!.
اما بعد طرح الامام الصدر للاقتصاد الاسلامي ، وبعد ان نظم الصدر اقتصادنا الاسلامي المبعثر داخل كتب الفقه القديمة والحديثة ، وقدمه للعالم بشكل متكامل وداخل اطار الدولة ومن ضمن مؤسساتها ، واردف ذالك بنظرية بنكية اسلامية عندئذ اطلعنا على اسلام مختلف واقتصاد اسلامي يجمع بين الابعاد العلمية والاخرى المذهبية ، ومن ثم لنبصر اخيرا موقع اقدامنا من منظومة الفكر الاقتصادي الراسمالي والاشتراكي المعاصر ولنفخر ان اسلامنا لم ياتي لزمان دون اخر وان في اسلامنا الذي طرحه وصاغه الامام الصدر حوامل التطور والتقدم الذاتية التي تصادق على مقولة انه خاتم الاديان السماوية وان الاسلام بالفعل دين ودلة وانه جاء كخلاصة وزبدة لتجربة جميع الانبياء والمرسلين حتى اليوم !!.
هذا هو ماقدمه الامام الصدر (رض) للاسلام في العصر الحديث ، وهذا هو ايضا ماجعل من الامام الصدر، ان يكون ظاهرة فريدة خُلقت في اجواء عراقية لم تكن توحي بمثل هكذا طفرات فكرية عراقية وعربية واسلامية غير مسبوقة كذالك !!.
ان الامام الصدرومن خلال تناوله لاكثر من فكرة وفكرة اسلامية وانسانية استطاع ليس فقط التجديد للفكر الاسلامي كما يطرح بعض المفكرين مصطلح التجديد للفكر بل العبقرية الحقيقية للامام الصدر : انه تجاوز مستوى التجديد ، ليعبرالى الضفة الاخرى من عبقرية التاسيس لجميع الفكر الاسلامي الاصيل كذالك فالامام الصدر هوالمؤسس والمجدد لفكر فلسفي اسلامي عصري ، ومتطور كما انه هو المؤسس والمجدد لفكر اقتصادي وكذا فكرا اصوليا فقهيا ولاننسى انه رائد تاسيس مدرسة تفسيرية قرانية تحاول الانتقال بالقران ونصوصه ، وفكره من التجريدية التجزيئية الى الموضوعية ، وهكذا ان اخذنا الصدر في حيزه الاجتماعي ، لنقول ان الصدر صاحب رؤية تأسيسية وتجديدية للمجتمع الاسلامي وكيفية تراكيبه ونظمه القانونية والسياسية والتربوية !!.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الاثنين، سبتمبر 26، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 3 حميد الشاكر
لاريب إن الكتاب والمفكرين والعلماء والمثقفين .... ممن تناول حياة وفكر الامام الصدر رضوان الله تعالى عليه قد تناولوا العديد من الزوايا والآفاف لسيرة هذا العلم الفذ الشخصية ، وكذا المناحي الفكرية ايضا الذي تميز بها طرح السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه !!.
فالسيد محمد باقر الصدر حاضرٌ بعمق في اقلام وفكر ممن تناوله بالبحث سيرةً شخصيةً وكذا سياسيةً وفلسفية وتجديدية وقرآنية تفسيريةً ، وفقهية اجتهادية واصوليا وبحثا علميا ومشروعا تاسيسيا وصراعا حضاريا ودولة اسلامية ومواجهةً ومدرسةوتجربة تاريخيةوابداعا ومعرفة واسسا منطقية واقتصادا وعملا تنظيميا وتغييرا ونهضةً دينية ..... كل هذا تناوله العلماء والمفكرون والكتاب والمثقفون حول الصدرتغطيةً لحياة وجهاد وفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر !.
لكن لم اصادف فيما قرأت حول الصدر فكرا ومفكرا ، وعلى حدود اطلاعي المحدود وحتى الآن ممن كتب اولامس موضوع ((النظام الاجتماعي )) في فكر الامام الصدر ليرصد له بحثا اوقسما او فصلا مستقلا في كتاباته حول فكر الامام مع ان السيد الصدر محمد باقر نفسه لم يخلو فكره في اي طرح طرحه سواء كان فلسفيا او فقهيا او اقتصاديا او اصوليا ، او سياسيا من الاشارةوتناول فكرة(النظام الاجتماعي) واهميته وحيويته للحياة الاجتماعية المحلية والعالمية ، كما تناوله مثلا في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا الذي هو بين ايدينا الان !!.
وعلى هذا الاساس كان تناولنا للتمهيد الفلسفي لفكر الصدر باعتبار ان هذا التمهيد يصلح ان يكون منصة جيدة لتناول فكرة ((النظام الاجتماعي )) في فكر الصدر وكيقية تناول الصدر رحمة الله عليه لها ؟، ولماذا نظر الصدر للنظام الاجتماعي على اساس انه (( مشكلة العالم التي تملأ فكر الانسانية اليوم )) !!.
طبعا حسب مانذهب اليه فإن موضوعة (النظام الاجتماعي ) في فكر الامام الصدر لها اكثر من بُعد واعمق من قصة عابرةً ،ولهذا وجدنا هذا الاهتمام الكبير في فكرالصدر للنظام الاجتماعي واعتباره كما تناولناه سابقا بانه هو مشكلة العالم ، والانسانية في الحديث من التاريخ ، والقديم منه وان النظام الاجتماعي داخل في حسابات الحياةا لانسانية ومؤثربها بشكل مفصلي وان النظام الاجتماعي هوالمشكّل الحقيقي لحياةالانسان وهويته لا بلّ ان النظام الاجتماعي هوالمعادلةالحقيقية في تطورحياة الانسان اوتراجعها واندحارها الى الابد ، ولهذا رأى الامام الصدر، وبشكل لالبس فيه : ان مشكلة النظام الاجتماعي هي من دفع الانسانية : (( الى خوض جهاد طويل وكفاح حافل بمختلف الوان الصراع وبشتى مذاهب العقل البشري التي ترمي الى اقامة البناء الاجتماعي وهندسته ...)) 1.
اي ان السيد الشهيد كان يرى في تمهيده الفلسفي هذا ، إن جهاد البشرية الطويل ونضالها المستمر كان هدفه الاول والاخير هو اقامة نظام اجتماعي صالح يضمن للمجتمع كرامته وسعادته وتطوره !!.
وهذا يعني فيما يعنيه : ان الامام الصدر كان ينظر (( للنظام الاجتماعي )) انه المحورالذي تدور حوله حياة البشرية كلها وفي صلاحه تصلح البشرية وتنعم بالامن والاستقرار والكرامة والحرية الحقيقية وفي فساده تعاني هذه البشرية من ويلات الظلم ، والانحراف والغرق بالرذيلة ، والانحطاط الى ما لانهاية !!.
إن هذه الحقيقة للنظام الاجتماعي في فكر الامام الصدر، وابرازها من قبلنا ستحلّ الكثيرمن الغاز فكر الصدر وفلسفته التي التبس بعض مواردها على الكثير ممكن كتب حول فكر الصدر السياسي ،بل اننا سنزعم بثقة ان ادرك هذه الحقيقةلفكرالصدرورؤيته نحوالنظام الاجتماعي في محوريته التغييرية العالمية ستُطلع جميع من كتب حول حياة الصدر الفكرية ، والحركية على سرّ مواقف الصدر السياسية الجهادية ، التي تبناها في حياته الشاقة التي امتلأت بالجهاد المتواصل من اجل تغيير النظام الاجتماعي والسياسي القائم في العراق واحلال النظام الاسلامي محله ،فبغير معرفة رؤية الامام الصدر هذه ، لموضوعة النظام الاجتماعي ، واهميته ومحوريته التغييرية العالمية في فكر الصدرلايمكننا فهم الصدر فكرا والذي وظف كل هذا الفكر من اجل التنظير للنظام الاجتماعي الاصلح للمجتمع ،ومفكرا عندما حمل على عاتقه مسؤولية الشهادةمن اجل الوصول الى اقامة هذا النظام الاجتماعي الصالح الذي كان الامام يرى انه يتجسد في النظام الاسلامي في هذه الحياة !!.
ونعم من جانب آخر كان هناك من عمالقة الفكر الاسلامي الحديث من يرى المشكلة العالمية والانسانية وجذورها الحقيقية بشكل مختلف عن ما اسس ونظرّ له الامام الصدرفي فكرة محورية النظام الاجتماعي التغييرية العالمية فهنالدينا( للمقارنةاختلاف رؤيةالصدرعن غيره) المفكرالاسلامي الجزائري (مالك بن نبي) الذي يرى ان المشكلة العربية والاسلامية ومن ثم الانسانية العالمية تختصربانها (مشكلة افكار) قبل ان تكون مشكلة (نظام اجتماعي ) كما يذهب له الصدر ، وعندما طرح (( مالك بن نبّي)) رؤيته حول المشكلة العالمية المعاصرة في كتابه (مشكلة الافكار في العالم الاسلامي) كان ذاهبا الى القول الصريح ب: ((ان العالم الاسلامي يعاني من مشكلة افكارلامشكلة وسائل ونظم واليات )) !.
أما الامام الصدرفطرحه كان مختلفامن الناحيةالنظرية لمالك بن نبّي وايضا من الناحيةالعمليةفبينما كان توجه بن نبّي الى ان كل شيئ ينبغي ان يكون او هكذا هو في الرؤية الاسلامية على اساس انه وسائل توصل الى الافكار والارتقاء نحوها ، كان الامام الصدر اكثر واقعية فكرية عندما كان يرى ان الغاية العظمى والهدف الاسمي لكل شيئ في هذا العالم وبمافي ذالك الافكار ومواضيعها ومداميكها ينبغي ان تكون وسائلا ومقدمات للوصول الى اقامة (( نظام اجتماعي صالح )) يؤطر بسياجاته وجدرانه ومنصاته وقواعده كل الوجود البشري لينهض به ويبحر بهم نحو شاطئ الامان !!.
ومن هنا قال الصدر وهو يتحدث عن النظام الاجتماعي الاصلح في تمهيده الفلسفي واعتباره غاية الغايات الانسانية ومنتهى اشواط النضال البشرية : (( لنعرف الغاية التي يجب ان ينتهي اليها الشوط والساحل الطبيعي الذي لابد للسفينة ان تشق طريقها اليه ، وترسوعنده لتصل الى السلام والخير وتؤوب الى الحياة مستقرة ، يعمرها العدل والسعادة ، بعد جهاد وعناء طويلين وبعد تطواف عريض في شتى النواحي ومختلف الاتجاهات ))!.2.
1: فلسفتنا للامام الصدر / دار التعارف للمطبوعات لبنان / الطبعة الرابعة عشر / ص 11.
2: نفس المصدر / ص 12.
مدونتي http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
السبت، سبتمبر 24، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 2 حميد الشاكر
عندما طرح السيد الصدر في تمهيدكتابه فلسفتنا فكرة ( المشكلة العالمية ) المعاصرة ليختصرها في انها مشكلة (( نظام اجتماعي ))عقبنا على لمسة الامام هذه ، بانها ليست مشكلة عالمية عصرية فحسب ، وانما هي مشكلة أزلية انسانية غارقة في القدم والى اليوم وذالك منطلقا من حاجة الانسانية الى النظام الاجتماعي في كل وقت ، وبحث هذه الانسانية الدؤوب للوصول الى التكامل فيه لضمان الحياة الافضل والاسعد !!.
والحقيقة ان السيد الصدر نفسه (( قدس)) هو مَن ذكر في تمهيده الفلسفي هذه الحقيقة حول مشكلة العالم ، والنظام الاجتماعي الاصلح باعتبار انهما مشكلة قديمة قدم الوجودالاجتماعي في حياة الانسان الفرديةعندما ذكر في تمهيده القول ((وهذه المشكلة عميقة الجذور في الاغوار البعيدة من تاريخ البشرية ...)) 1 !!.
أما كيف ان هذه المشكلة العالمية لنظام الاجتماع عميقة الجذور التاريخية ؟.
ولماذا كان النظام الاجتماعي مشكلة انسانية عالمية ؟.
وهل يعني هذا ان الانسان بدأ مسيرته البشرية على هذه الارض بلا نظام اجتماعي ثم تطور وجوده البدائي ليشعر بحاجته الى هذا النظام ؟.
أم ان حاجة الانسان للنظام الاجتماعي بدأت مع اول خطوة للانسان على هذه الارض وبلا فاصل زمني بين وجود الانسان ونظامه الاجتماعي ؟.
ومتى برزت مشكلة النظام الاجتماعي الاصلح ؟.
ولماذا اصبح النظام الاجتماعي الاصلح ضمان استقرار ، وتطور المجتمع وسعادته ؟.
وماهي المآسي ، والعذابات التي تترتب على شذوذ المجتمع وانحرافه عن نظام المجتمع الاصلح ؟.
فكل هذا طرحه الامام الصدر (( قدس)) في اول صفحة من تمهيده الفلسفي العميق !!.
نعم الامام الصدر وفي مواضع اخرى من فكره الشامل ومؤلفاته الاسلامية الكثيرة ( مثل المدرسة القرآنية ) تناول تاريخية اشكالية النظام الاجتماعي في حياة الانسان التاريخية واستند في ذالك على الرؤية التاريخية القرآنية التي تَرجع بمشكلة (النظام الاجتماعي) الى تاريخ اول تشكّل اجتماعي لهذا الانسان في هذه الارض ، والذي اسماه الامام الصدر رحمة الله تعالى عليه (بالانتقال من دور الحضانة والبدائية ، الى دور الوحدة وبعده دور التشتت والانقسام ) 2 !!.
او بلغة القرآن لصياغة مشكلة النظام الاجتماعي وتاريخهاالطويل في قوله سبحانه وتعالى(( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ..... / البقرة 213)) .
باعتبار ان دور الوحدة مثل دور البدائية ماقبل النظام الاجتماعي وحاجته ودوربعث الرسل لقيام الدولةوالسلطةبعدما تعقدت الحياةالاجتماعية سياسيا واقتصاديا ، وانزال الكتب كشرائع ونظم ، وقوانين تنظم من ادارة المجتمع المعقد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا فيما بعد دور البدائية الساذج !.
او كقوله سبحانه في سورة الحديد / آية 25 / ، وهي تتحدث عن وظيفة الرسالة او القانون والنبوة او القيادة والسلطة التنفيذية في قيمومة النظام الاجتماعي في حياة الانسان بالقول (لقد ارسلنا رسلنا بالبينت وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط ...) . ، باعتبار ان النظام الاجتماعي المكون من القانون او التشريعات من جهة والسلطة او القيادة والدولة من جانب اخر كان غايته وهدفه هو اقامة العدل بين الناس !.
فهنا وفي الرؤية الاسلامية القرانية ، التي يتبناها الامام الصدر رض على اكثر من صعيد في تشكيل فكره الفلسفي والاجتماعي تتبلور مشكلة النظام الاجتماعي واهميته في حياة المجتمع وحاجة هذا المجتمع الانساني لهذا النظام على اساس انها مشكلة واجهت الانسان من اول لحظة في انخراطه التاريخي بما يسمى (المجتمع) كأطار فرضه على الانسان فطرته الانسانية من جهة وطبيعته الاجتماعية البشرية ، والاقتصادية والسياسية من جانب اخر !!.
اي ان الامام الفيلسوف الصدر عندما نوه الى ان مشكلة النظام الاجتماعي في تمهيده الفلسفي (( هي مشكلة عميقة الجذور ... من تاريخ البشرية )) فانه كان ناظرا الى تلك الابعاد الفكريةالتي يرسمها الاسلام لحركة البشرية وادوارها التي تنقلت بهابداية من حياة البدائية والتي اسماها الامام الصدر بدور((الحضانة )) والتي هي نفسهايصفها القرآن الكريم بدورة الوحدة في قوله سبحانه (( كان الناس امة واحدة )) على اساس ان حياة الانسان قبل بروز التعقيدات الاجتماعية المهمة كانت تسير وفق رؤية موحدة وبسيطة وفردية وساذجة وغير محتاجة الى تنظيم وقانون وسلطة وقضاء... وغير ذالك من حاجات المجتمع المعقدة ، قبل ان تنخرط هذه الانسانية فيما بعد بتعقيدات انشاء العلاقات الاجتماعية المعقدة قانونيا ، وسياسيا بعد انتقالها من مرحلة الفطرة الساذجة ، الى مرحلة التشريعات وانشاء السلطة وقيام المجتمع السياسي والاقتصادي ... المقنن ، والتي فرضت عليها ( اي على العلاقات الاجتماعية ) البحث ، والحاجة لنظام اجتماعي يقيم تلك العلاقات الانسانية وينظم من شأنها اجتماعيا !!.
وبعد ذاك جاء دور النظام الاجتماعي ، وبرز في حياة البشرية ، وتاريخها كمشكلة عالمية بحاجة الى حلّ وبحث بشري وتطلع لتنظيم علاقات مجتمع انتقل من الوحدة والبساطة والبدائية ، الى التزاحم والتعقيد والتدافع .... ولايمكن له السير والتعايش والبناء والاستقرار الا بوجود ما يُنظم علاقات المجتمع فيه الداخلية والخارجية ، ليضمن سير المجتمع على وتيرة واحدة ولغاية وهدف موحد ومعروف !!.
وحتى اليوم بقت الحاجة للنظام الاجتماعي ، حاجة لايمكن لاي مجتمع فيه تعقيدات اقتصادية واجتماعية وسياسية .... الاستغناء عنها ، او تصور ان يقوم مجتمع بلا نظام !!.
وعلى هذاالاساس بنى الامام الصدر رض تصوره لمشكلةالنظام الاجتماعي وتاريخها وخطرها وعمق مدلولاتها الانسانية بالقول :(( ومن الطبيعي أن تحتل هذه المشكلة مقامها الخطير ، وان تكون في تعقيدها ، وتنوع الوان الاجتهاد في حلها مصدرا للخطر على الانسانية ذاتها ... )) 3 !!.
أما لماذا كانت مشكلة النظام الاجتماعي بهذاالخطر من المنزلةفي المشروع الانساني وسعادته او شقاءه ؟.
فان الامام الصدر يجيب وبفكره الذي اوتي جوامع الفكربالقول ((لأن النظام الاجتماعي داخل في حساب الحياة الانسانية ، ومؤثر في كيانها الاجتماعي في الصميم / 4 )) .
اي ان النظام الاجتماعي ليس هو فقط حاجة اجتماعية او اشكالية تاريخية ومعاصرة فحسب بل انه كذالك (( نوعي )) في تاثيره على حياة الانسانية الاجتماعية ، وهو المحدد لشقاء المجتمع وتعثره او سعادته وتطوره !!.
وهذا في الواقع مايرتقي باهمية النظام الاجتماعي في نوعيته بعد وجوده من كونه حاجة فطرية وطبيعية وسياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية لاي مجتمع بشري ، الى كونه هو المحدد الاول والاخير الى نوعية الحياة التي سوف يتحرك في اطارها هذا المجتمع !!.
فالنظام الاجتماعي حسب رؤية الامام الصدر قدس داخل في حسابات الحياة الانسانيةوليس هو حاجة لها فحسب بل هو صانع هذه الحياة وهو مشكلها وهو المتحكم في سيرها وصيرورتها ايضا ،وهو كذالك المنصة التي يستند عليها المجتمع وفي صلاح النظام الاجتماعي او فساده يتقرر مصير حركة المجتمع وتطوره ونموه ، او تحجره وتراجعه وعدم قدرته على تفجير اي طاقة من طاقات المجتمع الخلاقة !!.
بمعنى اخر :يمكننا صياغة رؤية الامام الصدر قدس لاهمية وخطرية النظام الاجتماعي على وجود المجتمع وحركته وتطوره او اندحاره بعد ان ادركنا رؤية الصدر في حاجة المجتمع لهذا النظام الاجتماعي تاريخيا وحتى اليوم بانها الرؤية التي تنظر للنظام الاجتماعي من اكثر من بُعد وزاوية واتجاه فنحن كمجتمع بحاجة الى النظام الاجتماعي بسبب :
اولا: لانه لا وجودلمجتمع بدون نظام يشكل العمود الفقري لجسداي مجتمع ويقيم أوده ويرتب من علاقات الافراد فيما بينهم والبين الاخر .
ثانيا : ان النظام الاجتماعي معادلة حاسمة في رسم صورة المجتمع ، وهو داخل في حسابات الحياة الانسانيةوعلى هذا لايمكن لنا تصور حياة انسانية بلا نظام يُشرف عليها ويعطيها صورة هويتها الانسانية .
ثالثا :النظام الاجتماعي ليس فقط داخل في حسابات الحياة الانسانية ومؤثر عليهابشكل مباشربل انه المعادلةالحقيقية التي بامكانهاصناعة امة متطورة ومدفوعة الى الامام ، ونامية وتتفجر فيها الطاقات الانسانية الخلاقة التي بامكان النظام الاجتماعي الصالح ، ان يفجر من صواعقها الابداعية في كل اتجاه من حياة المجتمع البشرية صناعيا وسياسيا واقتصاديا وفنيا ...!!.
والعكس صحيح ايضا ، اذا كان النظام الاجتماعي اجنبيا عن جسد المجتمع او مفروضا عليه اوغير قادر على الانسجام مع المجتمع وتطلعاته وحركته ....الخ عندئذ يتحول النظام الاجتماعي من منصة وقاعدة لانطلاق المجتمع وانسجامه وتكامله .......الخ الى اغلال وقيود وكوابيس يخلق في كل يوم ازمة للمجتمع وحياته ، ويعرقل من اي نهضة يحاول المجتمع صناعتها الا ان نظامه الاجتماعي لا يساعد على هذا النهوض لانه ، وبسبب علة سلبية فيه هنا ، وعلة غير ايجابية فيه هناك ، لايتمكن من ان يكون نظاما صالحا لحياة المجتمع والانسانيةاو لايتمكن ان يكون ارضية مهيئة لاعداد الانسان فكريا وعقديا واقتصاديا وصناعيا وتكنلوجيا وتربويا ...... كي يصنع حياة مختلفة ومتطورة وحاسمة !!.
إن مشكلة النظام الاجتماعي الاصلح ،واهميته والبحث عنه او كيفية ايجاده وصناعته هي التي (كما يقول الصدر) : (( قد دفعت بالانسانية في ميادينها الفكرية ، والسياسية الى خوض جهاد طويل ، وكفاح حافل بمختلف الوان الصراع ، وبشتى مذاهب العقل ، التي ترمي الى اقامة البناء الاجتماعي وهندسته ورسم خططه ووضع ركائزه ...)) 5 .
مدونتي http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
1: فلسفتنا للسيد الصدر / ص 11
2: التفسير الموضوعي والفلسفة الاجتماعية في المدرسة القرانية / السيد محمد باقر الصدر / تقديم جلال الدين علي الصغير / ص 189
3 : فلسفتنا / التمهيد / ص 11
4 : نفس المصدر .
5: نفس المصدر / ص 11 .
الجمعة، سبتمبر 23، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر محمد باقر الصدر )) حميد الشاكر
القارئ لكتاب ( فلسفتنا ) للسيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه لابد وان يلفت نظره وهو يستعد لسبر اغوار نظرية الصدر المعرفية ، والعالمية في هذا الكتاب ذالك التمهيد ، الذي وضعه الامام الصدر في بداية كتابه ليكون مدخلا من خلاله يطرح الصدر فيما بعد فكره الفلسفي والاسلامي في نظرية المعرفة والعالم !!.
والحقيقة انا احد الذين تكررت لديهم متعة المطالعة ، لهذا السفر الفلسفي الكبير الذي الفه السيد الامام الصدر (قدس) ليطرح من خلاله رؤية الاسلام الفلسفية في اهم مفصلين فكريين من مفاصل الفلسفة الانسانية ، الا وهما :
اولا : مفصل نظرية المعرفة وقيمتها الواقعية من جهة .
وثانيا : مفصل المفهوم الفلسفي للعالم من جانب آخر .
وانا ايضا حقيقة ممن لفت نظره وهويبدأ تصفح الكتاب ذالك التمهيد الذي صدّره الامام الفيلسوف لكتابه ( فلسفتنا ) بشكل يوحي ان الكتاب مكون من ثلاث بحوث على الحقيقة ، وليس من بحثين وتمهيدا ، كما ذكره الامام نفسه في مقدمة كتابه المذكور عندما قال (( فلسفتنا هو مجموعة مفاهيمنا الاساسية عن العالم وطريقة التفكير فيه . ولهذا كان الكتاب – باستثناء التمهيد – ينقسم الى بحثين : احدهما نظرية المعرفة ، والاخر المفهوم الفلسفي للعالم )).
لكن الامام الصدر وعلى غير مألوف المقدمات لمثل هكذا بحوث فلسفية لم يكتفي بالتنويه فحسب ، لصلب بحوثه الفلسفية في نظرية المعرفة ، والمفهوم الفلسفي للعالم لتكون من ثم هي التمهيدوالمدخل لكتابه الفلسفي الكبير بل آثر طرحُ تمهيدٍ ناقش فيه فكرة ((النظام الاجتماعي الاصلح للانسانية)) مما جعلني وغيري ربما الكثيريستوقفه هذا التمهيد الصدري المختلف عن موضوعه ( لان الموضوع كان فلسفتنا في نظرية المعرفة والعالم ، بينما كان التمهيد مرتبطا بالنظام الاجتماعي الامثل الذي يدخل في اطار او يقترب من بحوث علم الاجتماع اكثر من دخوله في الفلسفة حسب التقسيمات الحديثة للعلوم الانسانية ) والذي يبدو ان الامام الصدر كان واعيا تماما لوضعه كتمهيد لرؤيته الفلسفية اولا وللرؤية الاسلامية في هذا الاطار ثانيا ، ومن بعد ذاك ليرغمنا على ان نسأل ، ومنذ بداية التمهيد في كتاب فلسفتنا ب :
ماهي الغاية والهدف الذي دفع بالامام الصدر كي يرى ضرورة ان يطرح تمهيدا من هكذا نوع فكري يتصل بالنظام الاجتماعي للبشر ، مع ان بحوثه كانت تصب في الاطار الفلسفي والنظري للعالم لهذين الموضوعين لاغير ؟.
وهل كان الصدر محمد باقر ومن خلال رؤيته الفلسفية والفكرية على الخصوص يرى ان فكرة وبحوث النظام الاجتماعي العقدي والسياسي والاقتصادي ..... هي فكرةلاتنفصل بحال من الاحوال عن الفكرالفلسفي للمعرفة والعالم وحاله في ذالك حال الفلاسفة اليونان ، الذين كانوا يدرسون الفلسفة من ضمن السياسة ونظامها الامثل ولهذا مهد الصدر للفلسفة ببحث النظام الاجتماعي الاصلح للانسانية ؟.
أم ان الصدر(قدس سره الشريف)ارتأى أن لاتكون بحوثه الفلسفيةبحوثا تجريدية نظرية بعيدة عن المساس بالواقع الاجتماعي المباشر ، ولذا هو اراد ومنذ البداية ان يكون واضحا في مشروعه الفلسفي في : ان الفلسفة ، ومشروعها هي جزء لايتجزأ او لاينبغي ان يتجزأعن مشروع النظام الاجتماعي الانساني المباشر الذي يلامس بعمق حياة الناس ، وهمومهم اليومية ، وتطلعاتهم المستقبلية ومعاناتهم البشرية ...الخ ولهذا جاء التمهيد الذي يطرح النظام الاجتماعي الاصلح للبشرية ضروريا في فكرالصدرومقدماته الفلسفية كي يكون هو التمهيد الواقعي والحقيقي لفهم الغايةوالغرض من الفلسفةومشروعها النظري الكبيروان هناك صلة وتكامل ما بين الفلسفة ونظام المجتمع الانساني ؟.
الواقع انا من وجهة نظري الشخصية وجوابا على مثل هكذا اسألة ارى ان الامام الصدر هو :
اولا : كان واعيا تماما ان موضوع النظام الاجتماعي وعلومه الانسانية ، مختلف من حيث الموضوع في العصرالحديث عن موضوع الفلسفة وموادها ومواضيعها البحثية لكن امثال الصدروباعتبار امتلاكه لفكر فلسفي يتمردعلى قيود التقسيمات العلمية الحديثة المتحجرة كان لايمكن له الا التمرد على هذه القيود العصرية التي تقسم العلوم الانسانية من جهةوتفصل عرى التكامل بين هذه العلوم الانسانية من جانب اخر ، ولهذا لايمكن لمفكر كالصدر يريد ان يتناول البحث الفلسفي بصورة مفكره ومتكاملة وانسانية اجتماعية ان يكون بعيدا عن التفكيربصلة هذه الفلسفة بحياة الانسان ونظامه الاجتماعي !!.
ثانيا: السيد الصدر من وجهة نظرالكثير ممن كتب عنه وعن فكره كان ولم يزل من المفكرين القلائل في هذا العالم ، الذي كان يرى انه لاينبغي ان يكون علما او فكرا او فلسفة في هذه الحياة بعيدة ، او منفصلة عن الانسان وحركته وهمومه وتطلعاته والآمه ...البشرية في هذه الحياة وهذا الكون ولهذا يبدو لي ولغيري ايضاممن قرأ السيدالصدر فكرا ومفكرا ومن خلال ما لمسته على الاقل لفكرالامام الصدر (قدس) بشكل شخصي انه نوع فكري يحاول دائما ان يكون وفي اي مجال من مجالات العلوم البشرية ملتفتا بقوة لشأن الانسان وسعادته او شقاءه باعتبار ان الاستقراء تقريبا ، ولكل فكر محمد باقر الصدر ، وعلى تنوعه الكبيرفي الفقه والاصول وفي التفسير وفي الفلسفة وفي الاقتصاد والمجتمع ....الخ لايخلو فكر الصدر دائما من تمهيد ومقدمة تتناول الانسان ونظامه وفكره الاجتماعي في كل مؤلفات السيد الصدر المتنوعة وحتى ان كانت مؤلفات بطبيعتها المنهجية بعيدة عن الخوض في غمار الانسان ونظامه الاجتماعي الافضل والاصلح ، لكننا نجد للسيد الصدر منهجه الخاص في هذا السبيل الذي يتمرد على التقليدية ليدخل كل ماهو اجتماعي انساني في كل ماهو علمي ومنهجي ومتخصص في جانب معين من هذه الانسانية ، وهذا ماحصل مثلا في رسالة الامام الصدر العملية في الفتيا المسماة (( الفتاوي الواضحة )) التي جرى العرف التقليدي في زمن معينة من خلوها من كل تمهيد ومقدمات فكرية او اجتماعية ، لكن الصدر وحده وفي احلك الظروف قسوة ، وبعدا عن الانسان ونظامه الاجتماعي ، والفكري طرح رسالته العمليةبتمهيد مختلف تمامافي موجز للاصول الدينية التي من خلالها بحث الصدر فكرة المُرسل والرسول والرسالة ، وليتحدث فيها عن معتقد الانسان وصلته بالله ورسالته ومشروعه ونظامه الذي ينبغي ان يسير فيه في هذه الحياة !!.
وهكذا هنا في كتاب فلسفتنا الذي مهد فيه السيدالصدر لفلسفته المعرفية والكونية برؤية اجتماعيةوسياسية خالصةتبدأ بالانسان ونظامه الاجتماعي الافضل وتنتهي عند نفس هذا الانسان وهمومه والآمه وتطلعاته ، التي سيطرت على فكر الامام محمد باقر الصدر اينما التفت وفي اي اتجاه كتب !!.
نعم لم يكن تمهيد الامام الصدرلفلسفته اعتباطيا عندما كتب عن النظام الاجتماعي الاصلح لهذه الانسانيةالمعذبة في هذاالعالم وليجعله من ثم منصةلتحليقه الفلسفي والفكري في موضوعة نظرية المعرفة ، والمفهوم الفلسفي للعالم والكون والحياة وكذا لم يكن تمهيدالامام الصدر لكتابه فلسفتنا ، وهو يكتب عن النظام الاجتماعي غيرمثيرا لاكثرمن سؤال يردفه اخرفي العمق وفي التحليل وملاحقة كل مايطرحه هذا الفيلسوف المهموم بقضايا البشرية من البداية ، وحتى والنهاية !!.
والحق انه كما شدّنا الامام الصدر في تمهيده للسؤال حول : لماذية تمهيد الصدر لفلسفته بموضوعة النظام الاجتماعي ؟.
فانه كذالك (قدس) مرة اخرى يشدنابفكره التكاملي والشامل حول مضمون سؤاله الذي ابتدأ به تمهيده حول النظام الاجتماعي الافضل لنسأل نحن بدورنا ليس عن ماهية موضوع النظام الاجتماعي ودخوله على البحث الفلسفي في فكر الصدر ؟، بل هذه المرّة يدخلنا فكر الصدرالفلسفي والفكري والاجتماعي في رحاب مضمون سؤال الصدر نفسه في التمهيد لنسأل :
ما الذي حاول الفيلسوف الصدر ان يطرحه في تمهيده ، عندما ابتدأ هذا التمهيد بسؤال : ماهو النظام الذي يصلح للأنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية ؟.
ولماذا كان ينظر الامام الصدر الى ان مشكلة العالم التي تملأ فكر الانسانية اليوم وتمس واقعها بالصميم هي مشكلة النظام الاجتماعي ؟.
وهل فعلا ان النظام الاجتماعي هواكبر واخطر مشكلةواجهة البشرية في العصر الحديث ؟.
أم ان هذا النظام الاجتماعي ، هو مجرد حلقة في سلسلة طويلة الذيل من مشاكل العالم والبشرية في عصرنا المعاش ؟.
اخيرا: لماذا كان يطرح الامام الصدر في تمهيده النظام الاسلامي على اساس انه النظام الاصلح لادارة هذه البشرية المعذبةبين سندان النظام الاشتراكي الماركسي المادي آنذاك، وبين مطرقة النظام الراسمالي الديمقراطي المستغلّ والجشع ؟.
وكيف استطاع الامام الصدر تشخيص علل كلا النظامين المادي الماركس ، وكذا الراسمالي الديمقراطي المستغلّ بحيث انه وصل الى نتيجةعدم قدرة كلا النظامين على توفير السعادة والصلاح لهذه البشرية ؟.
طبعا للجواب على مثل هكذا اسألة يطرحها الصدرقدس في تمهيده الفلسفي ، لابد ان نستوحي في جوابها روح فكر الصدر الاسلامي والفلسفي ونحن نحاول قراءة فكر السيد الصدر العالمي ، وعلى هذا الاساس لابد ان نقرر ومن البداية :
ان مشكلة النظام الاجتماعي الاصلح للبشرية التي طرحها السيد الصدر قدس في تمهيده الفلسفي هي ليس في واقعها اشكالية عصرية للانسان الحديث فحسب بل هي اشكالية انسانيةعاصرت حركة هذا الانسان (حسب الرؤية الاسلامية العامة ) منذ بداية مسيرته الانسانية وحتى الان وهذا يبدوجليا من قراءتنا للفكر الاسلامي والقرآني الذي يؤكد على حقيقة حاجة الانسان الازلية ( لنظام اجتماعي ) يهيئ له الطريق لبناء حياة اسعد وافضل واصلح !.
أما ماهو هذا النظام الاجتماعي ؟.
وماهي لبنات مركباته الايدلوجية والسياسية والاجتماعية ؟.
وكيف نظر الاسلام نفسه لتركيبة هذا النظام ؟.
وعلى اي اساس طرح الاسلام نظامه الاجتماعي الامثل والاصلح للبشرية والقائم على بعدي التشريع كقانون وفكر وعقيدة وتنظير ...وبعد التنفيذ كقيادة وقيمومة وسلطة وحكومة ؟..... الخ !.
فكل هذه اسألة تنطوي تحت سؤال الامام الصدر رضي الله عنه في اول سطر من تمهيده الفلسفي الذي سأل فيه : ماهو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية ؟.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الجمعة، سبتمبر 16، 2011
(( شيخ دليم حاتم السليمان يقتلنا في بيته بالانبار ويتوعدنا في بيوتنا بكربلاء !!)) حميد الشاكر
(( على اثر مذبحة النخيب الذي ذهب ضحيتها اكثر من عشرين عراقيا من زوار اهل كربلاء غدرا ، وغيلة على يد عصابات البعث والقاعدة الارهابية في صحراء الانبار اطرح اسألتي هذه بين يدي الضمير العراقي ))
أن نُقتل كعراقيين في ارض الانبار شيئ وبعد ثمان سنوات قد ادركنا ابعاده الارهابية الصدامية ، واستوعبنا ملابساته عندما تحولت الانبار وعشائرها في يوم من الايام الى حاضنات للقاعدة وللارهاب لقتل شعبنا العراقي على الهوية وتحت وطأة دوافع احقاد طائفية وعنصرية بغيضة !!.
لكن ان يُقتل رجالنا وامام نسائهم واطفالهم على ارض الانبار قبل ايام وبلا ذنب ، ولاجريرة لهم الا انهم عراقيون من طائفة معينة وبصورة اجرامية صدامية قاعدية وهابية معروفة ، ثم يخرج علينا شيخ او امير دليم ((علي حاتم السليمان )) ليتوعدنا ، ويلاحقنا الى بيوتنا في كربلاء ، ومن ثم يهدد محافظة كربلاء ، ويهدد حكومة الشعب العراقي في بغداد بقطع يد وارجل العراقيين في العاصمة وفي الوسط وفي الجنوب اذا لم يطلق صراح القتلة اصحاب جريمة النخيب او يعادوا الى العاصمة العراقية وسجونها المخترقة بعثيا للتحقيق معهم ، وربما لتهريبهم فيما بعد ، فهذا شيئ انا بحاجة فعلا كمواطن عراقي ذبحت عائلته العراقية ان يفّهم هذه النكتة لامير دليم الذي يعترف من جانب ان القتلة مجرمون وقاعديون ومن جانب اخر يطالب بهم كمواطنين لدولة الانبار المستقلة ؟.
اليس غريبا وعجيبا هذا الموقف من الشيخ علي حاتم السليمان ومن قرينه الاخ الشيخ ابو ريشة ، والذي بدوره ايضا لم يبخل علينا بالوعيد والتهديد والثبور وعظائم الامور اذا حصل اي مكروه لمواطنيه الارهابيين القتلة ؟.
اليس غريبا وبدلا من ان يخجل علي حاتم السليمان ان عائلات كربلائية عراقية مسالمة ذاهبة للزيارة وهي مطمئنة لعهود ومواثيق شيوخ الانبار ووجهائها بكف ايدي قتلتهم وقطاع الطرق والارهابيين من ابنائهم ذبحت من قبل عصابات قاعدية وصدامية وفي بيته وعلى بساط مائدته الانبارية القبلية التي لاتسيئ للضيف مهما كان لونه وشكله وداخل حدود عشيرته ونفوذه ....اليس غريبا بدلا من خجلته على الاقل العشائرية امام العراقيين فاذا به يهدد كربلاء ، ومحافظتها ويزبد ويربد على المالكي وحزبه وكأنما اهل كربلاء هم من قتل اهل الشيخ حاتم السليمان في كربلاء وفي حدودها والحكومة العراقية ، هي من غدرت بابناء الانبار العزل والمسالمين الذين يأتون لبغداد لزيارة مقدساتهم ؟.
عجيب هذا المنطق من قبل شيخ قبيلة دليم من المفروض انه مع العملية السياسية الجديدة كما يظهره هوعلى الاقل في العراق ومع استقرار العراق وامنه والحفاظ على دماء ابناءه !!.
ثم لااعلم وبحاجة يايها العراقيون جميعا ان يفهمني احدكم ماهوسرّ غضب وانزعاج الشيخ حاتم السليمان من القاء قبض قوات الامن في كربلاء على عصابة من القاعدة قطعت الطريق على الزوار ، وابادتهم بمجزرة جماعية رميا بالرصاص وفي قلب الصحراء الغربية ؟؟؟.
ان ماقرأته من تهديد الشيخ علي حاتم السلمان للحكومة ولكربلاء وللشعب العراقي شيئ لم اصدقه بالفعل ، ولم افهم ابعاده السياسية والاخلاقية ابدا ولم اكن في وارد او توقع ان اسمع دفاعا مستميتا من قبل امير دليم عن مجموعة يراسها سوداني ارهابي ويفتي لها مصري بقتل العراقيين وينفذ لها صداميين قتلة مطلوبين للعدالة في العراق !!.
ياجماعة اسألكم باصولكم العشائرية ، وبعاداتكم وتقاليدكم القبلية والعراقية والاسلامية والحضارية وحتى الانسانية ،هل يُقبل ان يقتلنا الشيخ السليمان في بيته بالانباربلا ذنب وغدراوعلى يدعصابات ارهابيةقذرةوملحدة وسافلة ومنحطة ثم بعد ان تظفرقوات الامن العراقية بالعصابة الارهابية التي قتلت اهلنا بالنخيب يلاحقنا شيخ مشائخ دليم الى بيوتنا في كربلاء ليهددنا فيها بان علينا ان نعيدالمجرمين له ولديوانه في الانبار او لبغداد او ان ينزل بنا عذابه الاليم ؟.
ما الذي يخشاه الشيخ علي حاتم السليمان ان بقت هذه العصابة الارهابية للتحقيق معها في كربلاء للوصول الى جذور هذه العصابة الارهابية ومن يقف ورائها ويمونها لتقوم بهكذا اعمال اجرامية لاتخطر على قلب بشر ؟.
ثم ما الفرق بين بغداد او كربلاء او الانبار عندما يتم التحقيق مع مجرمين قاموا بعمل ارهابي الغرض منه اثارة الفتنة بين العراقيين ، وعودتهم الى المربع الاول من عدم الاستقرار عند الشيخ سليمان ؟.
واليس كربلاء كما هي بغداد والانبار في وطن واحد اسمه العراق ؟.
أم ان الشيخ حاتم السليمان والشيخ ابو ريشة ايضا هم من دعاة الانفصال المرحلي عن العراق كدعوة رئيس البرلمان النجيفي عندما دعا للانفصال واقامت اقليم مستقل للسنة منفصل عن العراق وخارج الدستور والوطن ، ولذالك وجدها الشيخ علي حاتم السليمان غيرمنضبطةان يلقى القبض على مجرمين في الانبارليحاكموا ويحقق معهم في كربلاء او في ذي قار او في البصرة ؟.
يبدو مما قرآناه من تهديدات الشيخ سليمان اميردليم انه يعتقد بلا لبس ان الانبار دولة مستقلة عن العراق ولهذا هو يتحدث عن مواطنين من الانبار قبضت عليهم قوات امن من كربلاء لقيامهم بجريمة قتل جماعية ارهابية ولذالك هولايسمح ان يبقى مواطن من دولة الانبار في سجون دولة كربلاء او دولة البصرة !!.
والا بغيرهذا الفهم لنا ، لمواقف شيخ الانبار الامير حاتم فليقل لنا من فهم مواقف وعصبيةوتشنجات وتصريحات الشيخ حاتم السليمان الحربية وعلى اي محمل تحمل اذا لم يكن محمل الانفصال والتعنصر المناطقي لاغير !!.
نعم كنا نود كعراقيين من الشيخ علي حاتم السليمان والشيخ ابو ريشة ان يقدمواعلى الاقل تعازيهم لاهالي كربلاء في البدايةوهذا اذا لم يتبرع شيوخ دليم لاطفاء نائرة الفتنةالتي يريد اعداء العراق اعادة اوارها واشعال نارها من جديد في العراق ويزوروا اهالي كربلاء ليقدموا لهم التعازي باسم اهل الانبار لابنائهم من اهل كربلاء كشعب واحد لايتجزأ !!.
لكن بدلا من ذالك ويالغرابة الموقف وجدنا امير دليم الشيخ علي السليمان يتوعدنا بخطاب يوحي لنا كعراقيين اننا عبيد ، او فلح يعملون في اراضي سيدنا السركال الشيخ علي حاتم السليمان ، وماعليه الا ان يأمرنا وماعلينا الا ان نطيع ونسلم وكأنمانحن الشعب العراقي افراداوجماعات وكله بدولته وحكومته وحضارته ...، وكل كيانه مجرد طارئين اعتدينا على ذيل مضيف الشيخ السليمان والقيناالقبض بالخطأعلى قتلت ابنائنافي النخيب فاستحققنا القتل ورمي جثثنا بدون ان يكون لنا قانون يحمينا اوقبائل تنتفض لكرامتنا او على الاقل دية تعطى لمقتولنا المغدور في صحراء الانبار الواسعة !!.
على السيد والشيخ والامير علي حاتم السليمان ان يعتذر عما بدر منه من تهديد ووعيد للشعب العراقي وعليه ايضا ان يدرك نحن امة وشعب ودولة ومؤسسات ، ومن غيراللائق لابه ، ولابمكانته ان يخاطبنا ، كمواطنين من الدرجة الثانية اوكمستفلحين ذهبوا لمزاحمةخيرات اهل الانبارعلى ارزاقهم فاصابنا ما اصابنا امام مضائف مشايخ الانبار الكريمة ؟.
نعم ياسيدي ياامير دليم قد اسأت لنا كعراقيين اولا وكشعب ثانيا وكدولة وحكومة منتخبة ثالثا وككربلاءغدرت بالامس حسينيامن الطائفيين القبليين الامويين الحاقدين كما غدرت اليوم ايضا من قبل عصابات الغدر والخيانة في من قاعديين وصداميين الانبار !!.
وكما انك ابن قبائل وحمائل وعشائر في الانبار فنحن ايضا في كربلاء الحسين ع ابناء اصول وعشائر وقبائل وحمائل لانقبل الردية ولاتفزعنا المنية وتعزيتكم بعد لم تصل لقتلانا واذا وصلت فهي متأخرة جدا !!.
________________________________________________
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الأربعاء، سبتمبر 14، 2011
(( الفوضوية ثقافة سياسية شيوعية اصيلة في العراق )) حميد الشاكر
عندما تقرأ للحقبة الملكية في العراق وتطلع على وجهات نظر الساسة العراقيين انذاك من نوري سعيد باشا ، وحتى توفيق السويدي في الشأن العراقي السياسي بصورة عامة فحتما انك ستواجه مصطلح (الفوضوية) وهو يتردد على اكثر من لسان من ألسنة الساسةالعراقيين انذاك وفي كتاباتهم ايضا التي ارخت لمذكراتهم الشخصية من جهةوارخت لحقب تاريخية مخصوصة من تاريخ السياسة العراقية الحديثة من جانب آخر !!.
الفوضويةمصطلح سياسي كثيرا ماكان يشير به ساسةالعراق الاوائل والمؤسسين لهذه الدولة العراقيةمابعدالاحتلال البريطاني الى حركة اليساروالشيوعية العراقية التي تأسست في العشرينات من تاريخ العراق الحديث ونمت وترعرت وتصادمت مع الدولة العراقية في الاربعينات ، وهللت لانقلاب الجنرال قاسم (رحمه الله) بعد التهليل لانقلاب الكيلاني في الخمسينات وتحالفت مع البعث وحكمه في السبعينات وانقرضت في الثمانينات من القرن المنصرم !!.
اما ماهي الفوضوية التي كان يصف بها رجال العهد الملكي السياسي في العراق اليسار والشيوعية العراقية ؟.
وماهي الانعكاسات الثقافية التي تركتها هذه الفوضوية على استقرار العراق شعبا ودولة ؟.
ولماذا كان يُوصف الشيوعيون بالفوضوية من قبل حكماء السياسة في العراق ؟.
وعلى اي اساس ، بنى رجال الفكر السياسي العراقي رؤيتهم للفوضوية والحاقها بالثقافة والفكر الشيوعي العراقي ؟..... الخ .
فكل هذابحاجة الى اجوبة تحتاج الى فضاءاوسع من هكذا مقالات مختصرة نكتبها نحن اليوم لطرح حرف او مفردة من موضوع امام القارئ العراقي المحترم !.
نعم بالامكان ان نجيب فقط على سؤالين باختصار لحصر الصورة وطرح الفكرة حول : لماذا وصفت الشيوعية واليسارفي العراق على انها فكرة وثقافة فوضوية في المصطلحات السياسية ؟.
وماهي التأثيرات السلبية على الثقافةالمجتمعية العراقية الكارثية التي تسببت بها هذه الفوضوية حتى صنعت ، وانبتت الدكتاتوريةلعراق مابعد الانقراض الشيوعي وصعود نجم الدكتاتورية البعثية على انقاضها ؟.
وطبعا الغاية من طرحناهذا لموضوعةالفوضويةالسياسية هي كي يتخلص الشعب العراقي افرادا وجماعات من هذا الوباء الثقافي والسياسي الفوضوي الذي خلفته لهم ثقافة اليسارالعراقي ولم تزل بقايا هذه الفوضوية ضاربت الاطناب مع الاسف داخل مخيلة الثقافة العراقية السياسية ، والتي كلما اراد الشعب العراقي النهوض لبناء الدولة والديمقراطيةواحترام القانون كلما عاودت الفوضوية الاطلال برأسها من جديد لتدمر الحرية باسم الفوضوية ، وليجد نفسه ، الشعب العراقي في نهاية المطاف واقعا ، اومضطرا للمطالبة والهتاف للدكتاتورية والدكتاتور لتخليصه من جحيم الفوضى والفوضوية السياسية المهلكة !!.
في البدء لابد ان يدرك القارئ الكريم ماهية الرؤية اليسارية الشيوعية العالمية بصورة عامة والعراقية بصورة خاصة حول الدولة ونشأتها والاسباب التي تقف خلف قيام الدولة ، ووظائف هذه الدولة.... ليدرك من ثم لماذا كان ساسة العراق في القديم وحتى اليوم ينظرون للشيوعية العراقية على اساس انهاثقافة فوضوية مدمرة ومهشمة للوجود الاجتماعي المتماسك سياسيا ، وبأختصار نقول :
تختلف الرؤية الماركسية الشيوعيةعن قريناتها من الرؤى الفكرية ولاسيما منها الرؤية الاسلامية في قضية الدولة ومشروعها ونشأتها ووظيفتها وغير ذالك !.
فبينما ( مثلا ) تنظر الرؤية الاسلامية ، التي يطرحها امثال الفيلسوف محمد باقر الصدر في كتيبه المسمى (لاسلام يقود الحياة) حول الدولة ليصل الى اطروحة ان الدولة هي ظاهرة اجتماعية اصيلة في البناء المجتمعي الانساني وانها من بنات افكار الانبياء والرسل في التاريخ ، وحتى اليوم وان اول من بنى وانشأ مؤسسة ومشروع الدولة داخل المجتمع تاريخيا ، هو الوحي الالهي والرسل الكرام عليهم السلام وان وظيفتها جاءت لتصل الانسان بربه من جانب ولتكون القاضي النزيه والحاكم المعتدل ، الذي يحكم بين الناس بالعدل ليرسي قواعد المساواة القانونية بين البشر .....الخ !!.
نجدفي الجانب الماركسي الشيوعي الاخررؤية غايةفي التناقض والتناشز الفكرية والسياسية لهذه الرؤية الاسلامية حول الدولة ومشروعها ووظائفها وكيف نشأت وعلى اي اساس بنيت !!.
نعم مفهوم الدولة كما يطرحه ( لينين ) في مقاله للموسوعة الفلسفية المختصرة وعلى اساس الرؤية الماركسية الشيوعية ، لهذه الدولة : ان الدولة كيان طارئ على المجتمعية الانسانيةوان ليس لها من الاصالة في الوجود الاجتماعي الا على اساس الكذبة التي صنعتها اليد الطبقية الراسمالية السارقة لتكون اداة من ادوات القمع والنهب والسرقة لطبقة العاملين لاغير !!.
وعلى هذاالاساس يعرّف لينين الدولة:بانها لجنة من الطبقة الحاكمة لقهر الطبقة الدنيا ؟.
اما وظيفة الدولةودورها في الحياة الاجتماعيةفماهي في الفكرالشيوعي الا عائق حقيقي للتطور البروليتاري الثوري البشري الذي يحاول فقط الحفاظ على مصالح الطبقة الرجعية الراسمالية !!.
وحول مستقبل الدولة ((في الرؤية الشيوعية الماركسية)) التي تنظر للدولة على اساس انها اداة قمع فحسب ، فان الزوال والاختفاء مصير محتوم للدولة على يد الثورية البروليتارية التي ان قامت فلا تحتاج للدولة ومؤسساتها ابدا !!.
ومن هذه الرؤيةالطوباويةاستشف المفكرون والسياسيون في العالم بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة : ان الفكرة الشيوعية الماركسية هي رؤية طوباوية فوضويةتحاول الاطاحةبالاستقرارالاجتماعي الذي توفره الدولةاينما وجدت لتطرح بعض الافكاراللاعلمية ، واللاواقعية باسم المجتمع الثوري البروليتاري الشيوعي الذي يقوم وليس فيه اي سلطة او قانون اعلى ينظم ويحكم ويفصل بين المجتمع وتدافعاته الطبيعية الانسانية !!.
ومن هذه الرؤية ايضا نظر المفكر والسياسي العراقي للفكر اليساري الشيوعي الذي وفد للعراق على اساس انه فكر وثقافة وممارسة فوضوية لاتنسجم مع فكرة النظام والسلطة والدولة والقانون والمجتمع السياسي المنسجم !!.
اما الاثار الفكرية والثقافية والسياسية المدمرة لمثل هكذا فكر فوضوي ، فلاريب ان اي مجتمع ، او فرد لايؤمن بالدولة ، ويرى فيها انها مجرد لجنة من السرّاق والخونة وانهاقائمة فقط في سبيل خنقه ، واعاقة تطوره ووصوله الى مجتمعه الاشتراكي الملائكي العظيم ، وانه لايمكن له ان يرى في الدولة انها وجدت من اجله وان مشروعه منفصل عن مشروع الدولة ، وان الدولة كيان غير اصيل في المجتمع وبالامكان الاطاحة به والاستغناء عنه....الخ ، فكل هذه الافكار وغيرها ثقافيا وسياسيا لابد ان تترك اثارا سلوكية ، واخلاقية مدمرة على استقرارالفرد والجماعة في اي مجتمع كان ولابد ايضا ان من ضمن سلبيات هكذا فكر فوضوي انه يخلق فردا او جماعة غيرمنسجمة اجتماعيا وانعزالية وعدوانية بشكل رهيب على معادلة استقرار المجتمع الذي تمثله الدولة ، فهذا الفرد وتلك الجماعة بعد ان عُبأت فكرياوسياسيا بكل هذا الفكر المناهض للدولة فحتما انه سوف لن يكون هناك اي نوع من التعاون والانسجام البنّاء بين الدولة والمجتمع وهذا فضلا ان هذه الجماعة ستبقى معارضة الى الدولة باعتبارها دولة لاغير ، والى مشروعها داخل المجتمع الى مالانهاية مما يضطر الدولة من الجانب الاخر وحماية للمجتمع وفكره وسلوكه واخلاقه ...من قمع هذه النزعات الفوضوية التي تحاول المساس بوظائف ووجود الدولة داخل اي مجتمع !!.
نعم في النهاية ومن ضمن اعمق سلبيات هذه الفوضى الفكرية والسياسية التي تخلقها هكذا ايدلوجيات مدمرة لاستقرار المجتمع ونموه وتطوره هي ما سوف تقوم به هذه الفوضوية من خلق ودفع للدولة لانتهاج الدكتاتورية وانتاجها كحل وحيد بامكانه ان يتعامل مع الفكر والفلسفة الفوضوية الماركسية والشيوعية !!.
فالدولة على اي حال ان رأت تطورا لمثل هذا الفكر المعارض لوجود الدولة والداعي للنقد والتهديم من اجل النقد والتهديم فحسب ستجد نفسها مضطرا لمغادرة كل مشاريعها في ارساء العدل واقامة القانون والالتفات للاعمار والبناء المجتمعي ، وللتفرغ من ثمّ لمعالجة هذا الفكر الذي يحاول نسف وجود الدولة من الاساس ولتنتهج مضطرة سياسة القمع والدكتاتورية والاستئصال كي تحافظ على هيبتها ووجودها داخل المجتمع ، وبهذا يكون الفكر الفوضوي هو من انتج الدكتاتورية بالقطع ولم يكن من وظائف او مشاريع الدولة الطبيعية ان تكون قائمة على العنف والدكتاتورية ، وهذا مع الاسف هو اخطر ما انتجه الفكر الفوضوي الشيوعي السياسي في العراق والذي لم يزل ينشط عندما تحاول الدولة اعطاء الحرية للمجتمع ليستغل الحرية في اسقاط الدولة ولايستقر الا عندما تتحول الدولة الى دكتاتور يحكم بالحديد والنار عندئذ ترجع الفوضوية راسها لتختبئ محافظة على راسها من الانشطار على حساب امة كاملة ستفقد حريتها وكرامتها ولاحول ولاقوة الابالله العلي العظيم !!.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الثلاثاء، سبتمبر 13، 2011
(( لم تأتي أميركا للعراق لتبقى فيه !)) حميد الشاكر
بين الفينة والاخرى يطرح هذا السؤال على منضدة النقاش العراقية: هل فعلا ان الولايات المتحدة جاءت واحتلت العراق وانفقت المليارات على حربها هذه لتخرج في نهاية المطاف خالية الوفاض من كل شيئ ولتسلم فيما بعد العراق للعراقيين ليديروه كما تراه اجندتهم الوطنية العراقية فحسب ؟. أم ان الولايات المتحدة ، عندما قررت المجيئ للعراق ، واحتلاله كان في اجندتها السياسية انهاسوف لن تخرج من العراق ابداحتى وان تظاهرت في ذالك عسكريا لتسحب من هنا مئات المزنجرات المدرعة ومن هناك عشرات من الجند ، الا ان بقائها سيتبلور الى شكل اخر مخابراتي ودبلوماسي وسياسي واقتصادي .... من خلال هيمنتها الخفية ؟. في معرض الجواب على هذا السؤال هناك رؤيتان سياسيتان في الشارع العراقي : الاولى :وهي الرؤية التقليدية التي ترى انه من المستحيل وليس من الممكن ابدا ان نتصور ، او نعتقد ان الولايات المتحدة ، وبعد كل هذه الجهود ، والتضحيات والانفاقات المليارية من خزينتها الفيدرالية ، ستعود من جديد ، لتسحب قطاعاتها العسكرية الجرارةولتخرج من العراق عسكريا وسياسياامنيا واقتصاديا ومخابراتيا كما دخلت هذا البلد فمثل هذا التصور لا ينسجم وليس هو مطلقا مع ماعرف عن الادارة الامريكية وكيفية ونمطية تفكيرها الاستعمارية الجديدة !!. الثانية :وهي الرؤية التي ترى ان قرار بقاء او خروج القوات الامريكية وبما في ذالك انحصارالهيمنة الامريكيةعن العراق وسيادته وقراراته مرتهن الى معادلتين وليس معادلةالارادةالامريكية فحسب وهذه المعادلتين اهمها معادلةارادة العراقيين انفسهم بحيث ان ارادة العراقيين داخلة بالفعل في معادلة خروج او بقاء الهيمنة الامريكية على هذا البلدوفي حال اصرّ العراقيون على خروج هذه القوات وعملوا على تذويب الهيمنة الامريكية عن وطنهم ، وسعوا لاستعادة سيادتهم ، وقرارهم السياسي والوطني المستقل ، فعندئذ سيسقط في يد الامريكيين انفسهم ، وليجدوا انفسهم مضطرين ، للانسحاب من هذا البلد ، ورفع يدهم الهيمنية على ادارة هذا الشعب والعكس صحيح ايضا ، اذا ما قرر العراقيون بقاء هذه القوات العسكرية والتنازل عن سيادتهم وقرارهم الوطني المستقل ، وبهذا نفهم ان هناك ارادتين في جواب سؤال : هل سيخرج الامريكان من العراق ؟. أم انهم سيبقون في هذا البلد ؟. والحقيقة ان كلا السؤال والجواب الذي طرحناه انفا حول بقاء ، او خروج قوات الاحتلال من العراق ، وبغض النظر عن الاتفاقيات ، والمعاهدات التي ابرمت بين العراقيين ممثلين بحكومتهم المنتخبة وبين القوات الامريكية ممثلة بالبنتاكون او وزارة الدفاع الامريكيةوان الواقع يشير الى خروج هذه القوات العسكرية المحتلة وان العراقيين يستعدون بالفعل الى ادارة بلدهم مابعد انسحاب قوات الاحتلال ... أقول بغض النظر عن ذالك كله ، لكن يبقى هناك من يرى سياسيا ان الموضوعة الامريكية العراقية غير مرتبطة ، بشكل جذري باشكالية قوات الاحتلال المسلحة في بقاءها وخروجها ، بقدر ارتباطها ببقاء وخروج الامريكان بشكل كلي وشامل واستخباراتي ومعنوي اكثر منه ماديا وملموسا على الارض !!. بمعنى اخر هناك من يتجه برؤيته للموضوع العراقي الامريكي ليس على اساس اشكاليته في هل ستنسحب قوات الاحتلال الامريكية من العراق او لاتنسحب ، بل السؤال المطروح في هذه الزاوية هوحتى وان انسحبت الولايات المتحدة عسكريا من العراق بالفعل ، لكن هذا لايعني الخروح الامريكي المعنوي بالفعل من العراق واخلائه بالكامل لاهله ليديروه كيفما تتطلب مصالحهم الوطنية ؟. فالولايات المتحدة بالفعل جاءت الى هذا البلد لا لتغادره بهذه البساطة ، بل لتبقى به الى مالانهايةوخير دليل على ذالك بناء الامريكيون انفسهم لأكبر سفارة في الشرق الاوسط في العراق ، ولو كان الامريكيون جاؤا للعراق ليخرجوا منه لما كانت هذه السفارة وبنائها بهذه العظمة ؟. وعلى هذا الاساس يبني اصحاب هذا الرأي رؤيتهم السياسية القاطعة التي ترتكن على ان الولايات المتحدة باقية بهذا الشكل في العراق وانها لايمكن ان تترك بلدا وقاعدة عسكرية ومخابراتية ، وامنية ولوجستية مثل العراق وبموقعه الجغرافي الذي لايعوض !. والواقع ان هذه الرؤية ايضامن وجهة نظري الخاصة لاتستند على رؤية سياسية متينة بقدراستنادها على رؤية في مقدماتها عوار كبير فوصلت الى نتائج خاطئة ولاتستند على قراءة واقعية لموضوعة الاسباب الحقيقية لمجيئ قوى الاحتلال الامريكي للعراق ايضا !!. ونعم لو كان المخطط الامريكي في غزو واحتلال العراق من وجهة نظرنا اردا ان يكون العراق منطلقا ومستقرا له لعقود قادمة وانه بالفعل درج من ضمن مخططه ان يكون العراق منصة استخبارية لتطلعاته الاستراتيجية، لكان بالفعل وافقنا على رؤية من يرى ان الولايات المتحدة جاءت للعراق لتبقى فيه ولتتخذ منه مستقرا لها ومنطلقا لكل مشاريعها المستقبلية في المنطقة !!. لكن رؤيتنا تذهب عكس ذالك تماما في ادراك وفهم الاسباب التي دفعت الولايات المتحدة لغزو العراق ، ومن وجهة نظرنا فان الولايات المتحدة الاميركية لم يكن سبب مجيئها ابدا للعراق هو البحث لهاعن موقع جغرافي استراتيجي يشرف على قلب منطقة الشرق الاوسط ، ولا سبب مجيئ الولايات المتحدة ، للعراق واحتلاله من ثم كانت لاسباب اقتصادية اوحتى امنية وغير ذالك ليقال ان الولايات المتحدة اتت للعراق بتخطيط مسبق لتحول العراق لمنصة استراتيجية او مخابراتية امنية لا غناءعنها للتلصص على الشرق الاوسط ومن ثم تحويله لبؤرةتجسس امريكية مهمة !!. فكل ذالك لايشكل اسبابا سياسيةواقعية لدى المخطط الامريكي الذي وضع خارطة احتلال العراق بهذه الكيفية ، التي استمرت من 2003م وحتى 2011م ، وذالك للاسباب التالية : اولا : لدى الولايات المتحدة من القواعد العسكرية والمخابراتية في دول الخليج واسرائيل وتركية ... ما يغنيها تماما عن اتخاذ العراق ، البلد المضطرب كقاعدة عسكرية ومخابراتية تضيف شيئا حيويا لحسابات المخطط الامريكي ، فهنا لدينا الخليج بقارته في الجزيرة العربية كلهاتشكل قلب الشرق الاوسط الصغير والكبير وهي بالكامل تحت تصرف وادارة المخطط الامريكي بالكامل !!. ثانيا:العراق بلدقلق بالنسبة للادارة الامريكيةوالعراق كما يفهمه جيدا الامريكيون وحلفائهم الغربيون ، ولاسيما البريطانيون ، بلد مختلف تماما عن بلدان الخليج بشعوبهاوتركيبتها الثقافية والسياسية وللعراق والعراقيون ايضا تركيبتهم الفكرية والسياسية ، التي لا تسمح مطلقا لتواجد امريكي ، ومخابراتي استراتيجي واسع ومستمرومستقر مطلقاوالمخطط الامريكي قبل العراقيين يدرك هذه الحقيقة !!. وعلى هذا الاساس الجغرافية العراقية حسب المخطط الاستعماري الامريكي اصلا لاتصلح ان تكون مستقرا طبيعا لعلاقة امريكية عراقية ترتقي عسكريا ومخابراتيا الى مستويات عالية الدقة ، هذا وفضلا عن المخطط الامريكي ذاته لايثق بالعراق والعراقيين مطلقابهذا الشأن وتركيبة الشعب العراقي النفسية والفكرية والسياسية مختلفة في هذا الاطار عن باقي الشعوب الخليجية المدجنة استعماريا !!. ثالثا:تصرفات الادارة الامريكية ومنذ اول يوم لاحتلال العراق وحتى اللحظة لا تنم عن اي مخططات امريكية حقيقة ، لمدّ الجسور الوثيقة سياسيا وامنيا واقتصاديا وحتى مخابراتيابين الولايات المتحدة وبين العراقيين وحتى بعدمرورثمان سنوات على احتلال العراق من قبل الامريكيين فلم نشهد ان بوادر او قرائن تشير الى ان الجانب الامريكي بالفعل لديه النية اوهو جاد باتخاذه من العراق والعراقيين حلفاء استرتيجيين له في المنطقة على المدى البعيد او القريب !!. فلا شارعا (مثلا) بُني بايد امريكية ولا مساعدة سياسية او اقتصادية او امنية قدمت من قبل هذا المحتل ، للشعب العراقي ، ولا كهرباء دعمت ، ولا نفطاوابارا على الاقل اصلحت ، ولاشركات امريكية قدمت اي مساعدات اعمار ، او بناء او ترميم، ولاملفاة امنية قدمت للعراقيين ..... الخ !!. وهذا ان دل على شيئ ، انما يدل على ان المخطط الامريكي ، ليس في وارد ان يتخذ من العراق ولا من العراقيين مستقرا مستقبليا حقيقيا وواقعيا له ولتطلعاته المفروضة والا لو كان المخطط الامريكي وكما يعتقده البعض يريد تحويل العراق الى ثكنة مخابراتية امريكية امنه له ولجنوده ،لكان على الاقل ساهم ولو في بناء هذا البلد صوريا ، او قدم لهم المساعدات التكنلوجية التي تفتح له قلوب وعقول العراقيين قبل جيوبهم ليكونوا على استعداد ، لقبوله كسيد يقدم الرفاهية للشعب العراقي وليقبض من ثم الولاء والتبعية من قبل الشعب العراقي وحكومته !!. بل العكس تماما هو ماقام به المحتل الامريكي لهذا البلد ، فكان العزوف عن اي مساعدة للعراقيين ،والمساهمة بتدمير البنى التحتية للعراق والرقص على اشلاء هذا التدمير امريكيا ميزة بارزة امام الشعب والحكومة في العراق !!. بل الانكى والامر من ذالك عندما اعطى المحتل الامريكي اضوائه الخضراء كلها وايضا امام الشعب العراقي وحكومته لحليفه السعودي والخليجي والعربي لارسال كل وساخاتهم البشرية من انتحاريين قتلة لتدميرماتبقى من العراق قائما من بشر وحجر ، وحتى استقرار وامن العراق والعراقيين لم يسلم من الرعاية الامريكية ومضافا طبعا حياكةالمؤامرات على هذه الامةلتحطيم ماتبقى للعراقيين من العراق ..الخ وهذا كله لايصنعه محتل عاقل يريد ان يتخذمن العراق والعراقيين منصةله واستقرارا لمخابراته ومخططاته وسفاراته.... كي يكون العراق انطلاقا لمشاريعه الشرق اوسطية الكبرى !!. ان هذه النقطة الاخيرة بالذات هي مايمكنها ان تجيب على الاسباب الحقيقية التي دفعت المخطط الامريكي لغزو العراق واحتلاله !!. وهي نفس النقطة التي ستعطينا رؤية سياسية مستقبلية لواقع العلاقة الامريكية العراقية ، وهل هي علاقة احتلال وتناغم بين العراقيين واميركا ، ام انها علاقة تناقض وتناشز واضطراب وتصادم ؟. نعم اذا نظرناالى اسباب غزو الولايات المتحدة الامريكية للعراق على اساس انها اسباب لم تنطلق من رؤية تقليدية لعملية احتلال واستعمار بل انها اسباب حاولت ان تجعل من العراق محرقةومنصةلضرب استقرارالمنطقة وقاعدة لبث اكبر كمية ممكنة من صناعة الاحتقانات الطائفية والقومية للمنطقة وللشرق الاوسط فحسب عندئذ يمكننا ان ندرك هل جاءت الولايات المتحدة للعراق لتبقى فيه ؟. أم انها جاءت للعراق ، واحتلته كي تحوله ممرا لصناعة محرقة تحرق الاخضر واليابس في الشرق الاوسط لرسم عالم جديد على انقاض العراق والمنطقة !!. من وجهةنظري ان الولايات المتحدة لم تأتي للعراق لاحتلاله او استعماره تقليديا كما كان تاريخيايحصل في الاحتلال البريطاني للعراق اوالاحتلال الفرنسي لسوريا ، وانما المبتكر في المخطط الامريكي هو كيفية احتلال العراق وتحويله الى تنور يحرق نفسه اولا ومن ثم ليرمي بالسنة لهبه الى الخارج ليحرق ماتبقى من اقليم عربي واسلامي محيط به وهذا بالتحديد ما يفسر لنا : لماذا لم ترغب او تساعد الولايات المتحدة العراق والعراقيين باي شكل من الاشكال السياسي او الامنية او العسكرية او الاقتصادية او حتى الاجتماعية ، بل وساهمت الولايات المتحدة بنشرالفوضى داخل العراق ودعمت حركات تطرف وارهاب وهابية وسنية متمردة وبعثيةلاثارة الفتنة في العراق وفي المنطقةوهذا ايضا ماسوف يشرح لنا ويفسر ويبين لماذا نحن نذهب الى رؤية ان الولايات المتحدة اتت للعراق لتبقى بل اتت له لتحوله الى محرقة قبل ان تستنفد كل اغراضها منه لترفسه برجلها الى الفقر والدمار والضياع والتفتت والتقسيم !!. نعم ستخرج الولايات المتحدة من العراق كما دخلته ، ونرجو ان يكون العراقيون واعون لخطورةانتقام خروج الولايات المتحدة من هذا البلد بعد ان فشل مخططها في تحويل العراق الى محرقة ليأخذو حذرهم مما سوف تتركه الولايات المتحدة من دمار للعراق وشعبه فهذا المحتل هو ليس كالمحتل البريطاني القديم الذي اتى ليبقى وليستعمر ويعمر لكسب عقول وقلوب العراقيين قبل ان يكسب هو ولائهم وتبعيتهم !!. بل انه محتل من نوع جديد وبنمطية فكرية مختلفةجاء ليخرج بعد خراب البصرة وليترك العراق والعراقيين اشلاء ممزقة تترحم على الايام السوداء قبل معرفتهم باميركا !!. ان الهدف من احتلال العراق لم يكن استعمار العراق ليقال لنا ان اميركا احتلت العراق لتستعمره وتبقى فيه الى مالانهاية ، وانما كان الهدف من احتلال العراق نشرفوضى في الشرق الاوسط كله ، بدأت بالعراق ، كوسيلة لنشر هذه الفوضى للوصول الى الهدف الاكبر وهو قيام شرق اوسط جديد ومختلف عن ماهو قائم الان ، ونعم ربما فشل المخطط الامريكي لكن بقي العراق مع الاسف في رؤية وتصور المخطط الامريكي المحتل مجرد وسيلة وفأس تضرب في جدار الشرق الاوسط القائم لتهديمه او فتح كوة في داخله لينهار من الاساس !!. واليوم بعد ان وصل مخطط احتلال العراق كله الى افقه المسدود فلا شك لدينا ان الاحتلال الامريكي ليس بحاجة للعراق في شيئ سوى مغادرته !!. http://7araa.blogspot.com/ alshakerr@yahoo.com
الاثنين، سبتمبر 05، 2011
(( ميريدور عندما يتحدث للغربيين عن قنبلة ايران النووية )) حميد الشاكر
في مقتبل العمر سمعت فكرة سياسيةلا ادرك دقة نسبتها لكنها كانت تنسب لهنري كيسنجر مفادها كان الربط ، بين امتلاك الترسانة النووية لاكثر من قطب في العالم وبين الاستقرار والامن والسلام في هذا الكون !!.
طبعا كانت معادلة بالنسبة لي في ما مضى معقدة جدا ان يكون هناك رابط بين سلاح نووي المفروض ان وظيفته الحرب ، وتدمير العالم وتهديد امنه وسلمه من جهة ، وبين ان يكون نفس هذا السلاح هو هو الضمان الوحيد للاستقرار والسلام العالمي الواقعي والجاد واستقلال الدول وسيادتها ؟.
فكيف ؟، وباي فلسفة يصبح السلاح النووي في العالم وانتشاره هو ضمان السلم والامن الدوليين ؟.
وبأي منظور واقعي يكون عدم امتلاك السلاح النووي لاكثر من طرف في العالم وانتشاره تهديد للاستقرار والسلام والامن العالمي ؟.
في الاطروحة التي اذكر منها القليل او التي مازال عالقا في ذاكرتي منها القليل حول خلفية انتشار الاسلحة النووية وانها ضمان الاستقرار والسلم والامن الدولي ، وليس العكس كانت الرؤية تذهب الى ان : ((تهديد السلم والامن الدولي ينشأ عندما تمتلك قوة واحدة ، وبمفردها هذا السلاح الفتاك بدون ان يكون ، في مقابلها مَن يملك نفس السلاح ، لتصبح هناك معادلة ( توازن رعب) بين اكثر من قطب عالمي يخلق بدوره نوعا من الاستقرار والسلم العالمي الناشيئ من رعب وحسابات ممتلكي هذه القوة المدمرة من بعضهم والبعض الاخر)) !!.
ثم يضرب لذالك مثلا ان الولايات المتحدة لم تكن لتجرؤ على تدمير اليابان بالقنابل الذرية ، لو كان لدى اليابان ، او اي دولة اخرى نفس هذا السلاح المدمر بينما وعندما امتلك اكثر من قطب عالمي لهذا السلاح الكوني عندئذ لم نعُد نسمع بعد اميركا بان دولة جرأت على استخدام هذا السلاح ابدا في اي مكان في العالم !!.
ويبدو ان في هذه الفكرة العميق من التفكيروالواقعية السياسية التي تحاول معالجة ماهو موجود وليس ماينبغي ان يوجد ، والخلاصة للفكرة ان القوة وامتلاكها وحدها هي التي تصنع السلام والامن والسيادة والحرية ... لكل الشعوب في هذا العالم ، وما من شعب او امة او دولة فقدت عناصر القوة والتمكن ووسائل الدفاع الا اصبحت عرضة للاستعباد والامتهان والحروب والاختراقات وذهاب السيادة وفقدان الكرامة والتطور والتقدم في هذا العالم المليئ بالذئاب والخالي من الانصاف والرحمة !
هذه الفكرة نفسها ولكن بشكل وطرح مختلف قرأتها قريبا في مقال للسفير الصهيوني ( سالاي ميريدور ) سفير اسرائيل السابق في الولايات المتحدة وهو يتحدث عن النووي الايراني ، وخطره على المصالح الغربية والعبرية بالتحديد في مقاله المنشور تحت عنوان (( من يراقب ايران )) !! .
من يراقب ايران مقال كتبه هذا السفير الصهيوني للقارئ وصاحب القرار الغربي بالتحديد ، ليحذره من الانشغال والغرق وملاحقة المتغيرات العربية على حساب الانشغال ، والغفلة عن الجانب الاخر من الخليج حيث تستمر ايران ، مستثمرة انشغال العالم عنها ، بتصاعد وتيرة تخصيب يورانيومها وتشغيل مفاعلاتها النووية وصناعة قنبلتها النووية المنتظرة !!.
لكن الغريب في المقال هو ليس هذا الجزء من تحذير ( ميريدور ) للحلفاء الغربيين من الغفلةعن ايران ولا الغريب تنبيه هذاالصهيوني العتيد لحلفائه الغربيين ، ببهاضة الثمن ، الذي سيدفعه الغرب امام واقع ايران نووية في المنطقة العربية والاسلامية وكذا ليس الغريب طبعا على عقل صهيوني ان يحرّض على ايران ويدفع في سبيل توريط العالم بحرب ضدها مهما كانت الاثمان ثقيلة على الا ستقرار ، والامن في المنطقة والعالم ، لكن الغريب فعلا ان (ميريدور) يشرح قضية النووي الايراني ، للعقل الغربي في مقاله المذكور بشكل جعلني اتسائل :
هل يريد الصهاينة والغرب الاستعماري القديم والولايات المتحدة ان يمنعوا ايران ، فعلا من امتلاك السلاح النووي ، الرادع الاقوى في معادلة توازن الرعب والسلم العالميين ؟.
أم ان ساسةالاستعمار الحديث بقيادة الولايات المتحدة وبمافيهم الصهيونية الرابضة على قلب العرب والمسلمين في فلسطين بعد ان يأسوا من ايقاف برنامج ايران النووي السلمي بدأوا بتطبيق سيناريوا دفع ايران دفعا لانتاج السلاح النووي باعتباره الضمانة لاستقلال واستمرار النظام الاسلامي في ايران لاغير ؟!.
حسب مقال ميريدور واسألته التي طرحهاهذا السفير على الغربيين وكيفية ان الضمانة الوحيدة لاستقلال الشعوب ، والامم وتقدمها واستمرارها بدون خضوعها للتدخلات الاجنبيةنكون نحن امام دعوة لايران كي تنتهج وتتبنى صناعة القنبلة النووية باعتبار انها الضمان الوحيد في عالم اليوم لاحترام الدول الكبرى وعدم تدخلها في الشؤون الايرانية !!.
وهذا المعنى يلمسه كل من قرأ مقال سالاي ميريدور وهو يطرح اسألته على لسان قادة ايران ليظهر حالهم امام العقل الغربي بهذه الصيغة حول السلاح النووي وكيف انه الضمان الوحيد لاستقلال الشعوب والدول ليقول : ماذا لو كان القذافي قد فجر القنبلة (( النووية يقصد من خلال امتلاكها فعليا لليبيا )) ؟.
هل كانت قوات حلف شمال الاطلسي لتجرؤ حينها على قصف ليبيا ؟.
هل كان الاوربيون ليفكرون بخلع القذافي اذا وجه صواريخ نووية نحو ايطاليا او فرنسا ؟.
ماذا لو كان الاسد يمتلك قنبلة نووية ؟.....
هل كانت اسرائيل تشعر بالقلق من استهداف سوريا لها مما يدفعها للطلب من حلفائها بعدم الضغط على الاسد ؟.
ان هذا الطرح لميريدور ويبدو انه من غير شعور منه او ربما كان بشعور ان يطرح مثل هذا الطرح الواقعي ، والصريح حول اهمية السلاح النووي في العصر الحديث للاستقلال والحرية وكرامة الدول باعتبار انه كتبه للعقل الغربي وليس للعقل العربي يصبّ في الواقع نحودفع ايران بتغيير موقفها السلمي من برنامجها النووي الصناعي ، الذي اعلنت عنه جمهورية ايران الاسلامية كبرنامج لتطلعاتها النووية السلمية وليس الحربية ، الى ان تعلن او تضطر لتحويل هذا البرنامج الى اغراضه العسكرية !!.
فحسب منطق السفير سالاي : ان التدخلات الغربية والاعتداء على سيادات الدول ، والاطاحة بالانظمة سواء كانت استبدادية ام غير استبدادية من قبل اميركا وحلف الناتوا وبمساندة الصهيونية وتركيا ، واللعب بمصائر العالم ....الخ هذا كله لم يكن ليجرؤ عليه لا الناتو ولا الولايات المتحدة لو كانت هذه الدول تمتلك القوةالتكنلوجيةوالنوويةوكمثال على ذالك ضرب ميريدور مثالي ليبيا وسوريا كدولتين بسبب عدم امتلاكهما للترسانة النووية الاولى تم اسقاط الحكومة في ليبيا ليفر قائدها السفاح معمر القذافي في البراري والصحراء ، اما الثانية ، وهي سوريا فايضا ، بسبب عدم امتلاك هذا البلد للسلاح النووي جعل من حكومتها وقيادة شعبها عرضة للتدخلات الخارجية والابتزاز الصهيوني والضغط على مواقفها المساندة للمقاومة والطلب منها تحت تهديد القوة لتقديم تنازلات كبيرة او الذهاب بمشروع اسقاطها بالقوة والمؤامرة !!؟.
وعلى هذاالاساس يصوغ ميريدورمعادلة النووي الايراني باعتباره الضامن الوحيدلايران الاسلامية ان تكون مهابةومحترمةومعترف بادميتها وكرامتها من قبل الناتو ، والغرب ان استطاعت امتلاك القنبلة ، والتكنلوجيا النووية المتطورة !!.
ولهذا يفجر سالاي فوبيا الرعب من ايران النووية ليقول بصريح العبارة لحلفاءه الغربيين : الحقوا ايران لابقاءها ضعيفة عسكريا كي يسهل للناتو ولاسرائيل وللولايات المتحدةالامريكيةان تتدخل في الشأن الايراني الداخلي والخارجي ولتضغط عليها من ثم ليتم ابتزازها واخضاعها للمطالب الغربية ومصادرة قرارها السيادي ، والسياسي الذي يقترب من كماله كلما امتلكت ايران قدرة الردع النووية الحائل الوحيد (( كما تطرحه السياسة الواقعية للعالم الحديث )) امام الدول الكبرى المستبدة ، لعدم تدخل بعضها بالبعض الاخر في شؤونها السيادية !!.
طبعا هذا المنطق هو ، الذي حتما سيضطر ايران النووية السلمية ، وغير ايران من الدول الضعيفةوالمهددة والمهانةمن قبل الاستعمارالغربي النووي المتوحش في نهاية المطاف الى تبنى خيار صناعة القنابل النووية الفتاكة ليكون هناك نوع من الردع المتبادل من جهة ويكون هناك نوع من احترام القوي للقوي مثله ، والا بغير ذالك سيبقى العالم بين قوي يريد ان يستعبد الاخرين ويصنع لهم الحروب والفقر والقلاقل والتدخل في شؤونهم واسقاط حكوماتهم ، والاستهتار بكل كراماتهم الى ابد الابدين وبين ضعيف تدفعه فطرته للبحث عن اسباب القوة ، ليستعيد حريته وكرامته كلما نظر للناتو وهو يغير بطائراته عليه تحت هذه الحجة او تلك ، ويقاوم القوي من اجل انتزاع اعتراف منه ، بان البشر متساوون في الكرامة والحرية والانسانية ولم يخلق الله البشر ليكون احدهم سيدا والاخر عبدا له الى مالانهاية !!.
alshakerr@yahoo.com
مدونتي http://7araa.blogspot.com
السبت، سبتمبر 03، 2011
(( ابو طبر كأول لُبنة لاعادة انتاج دراما فنية عراقية واعدة )) حميد الشاكر
في دراما رمضانية افتقدها الشعب العراقي منذبداية ثمانينات القرن المنصرم أطلّ علينا الفن العراقي في رمضان 1432 هجرية من جديد بمسلسل هو لا ابالغ ان قلت انه الخطوة الاولى بالفعل في اعادة بناء ( فن درامي )عراقي كنت قد كتبت عنه كثيرا في لغة نقدية فكرية قبل ان تكون لغة نقدية فنية حول المستوى الذي وصل له الفن العراقي منذبدايات السبيعينات تنازلاحتى الثمانينات حيث مات الفن الدرامي العراقي ودفن ، والى ماقبل رمضان 2011 م ، المصادف 1432 هجرية حين بدأت رائحة الفن العراقي تخرج لتزكم الانوف برائحتها البشعة التي اوصلت الفن العراقي الى مجرد سفاهات ، وقرقوزات تتقافز هنا ، وهناك باسم الكوميديا والى سيناريوهات غاية في الانحطاط ، والى ممكيجات عاريات راقصات غاية في البذاءة والتناطعات..ولكن وعلى حين غرّة اطلّ على العراقيين مسلسل ( ابو طبر ) تاليف الكاتب حامد المالكي واخراج سامي الجنادي مع كوكبة من فناني العراق الذي يبدؤن بناهدة الرماحي والقرشي والسنيد.... ولاينتهون عند عد تنازلي من نجوم محبوبين للفنانين العراقيين ليعيدو لنا ثقتنا كعراقيين ان مازلنا بالامكان ان نبدع في اكثر من مجال ، ومازالت هذه الامة ولود وبامكانها ان تستثمر التغيير العراقي الجديد لتعيد بناء شخصيتها الفكرية والعلمية والفنية والسياسية المبدعة !!.
والحقيقة انا هنا لا احاول تقييم هذا العمل الدرامي فنيا ، ولا فكريا ، او اجتماعيا بصورة معمقة بسبب ان هذا سيحتاج الى الكثير من الاستفاضة لتناول هذا العمل الدرامي الذي يتصل باكثرمن بعد للعراق ككل فابو طبرليس هو فقط حكاية شعبية عراقية مثيرة للدراما فحسب ومنفصلة عن بعض خصوصيات الحياة الاجتماعية العراقية هنا وهناك ، ولا ايضا مسلسل ابو طبر ، هو علامة درامية فنية عراقية نكرة كي لاتستحق الوقوف عندها باطمئنان وتمتع بل ان ابو طبروقصته والدرما الذي طرحها الماكي والجنادي ترتبط بالحياة العراقية كلها وهي اذا اردنا تناولها بما تستحق ، فلابد ان نعالجها بصورة متكاملة ، لحياة امة عراقية كاملة الابعاد السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية ... وغير ذالك !!.
لكن كما يقال مالايدرك كله لايترك جله ويكفي هنا الى ان نشير الى رؤوس اقلام فنية وفكرية حول الفن الدرامي العراقي والمأمول له بعد نقطة ابو طبراو مرحلة ابو طبر الدرامية ، لنصل في المستقبل القريب انشاءالله الى تكامل حقيقي وجاد لصناعة دراما فنية عراقية هي اليوم (الفن الدرامي) اخطراسلحة الدفاع والهجوم الجماهيرية والثقافية والسياسية...الخ لاي امة تريد ان يكون لهاوزن وثقل بين الشعوب والامم من خلال الفن ومايخترقه هذا المارد او هذه الصناعة من اسوار داخل الشعوب والامم متجاوزة للجغرافية وللحدود وللسواتر بين البشر بلا غزو مدافع وحروب ودبابات ودماء وضحايا وكوارث !!.
نعم لابد ، او حان الوقت ان ينظر العراقيون اليوم الى الفن بصورة مختلفة جدا فكريا وسياسيا وحتى اجتماعيا ، ليدرك حتى صاحب القرار الديني والسياسي ان الفن من اخطرما صنعته البشرية القديمة والحديثة من اسلحة وايدلوجيات وافكار وان بامكان اي امة ومهما كانت صغيرة ، او كبيرة ان تصنع وجودها واحترامها وشخصيتها ، لتطرح نفسها امام العالم ، كامة بامكانها ان تصنع حضارة السلام والكلمة والصورة والصوت والنغمة والمحبة قبل صناعتها لقنابل النابالم والقنابل النووية والكيميائية ...، وباقي التدميرات اللانسانية للحضارة وللانسان وللبشر ولاينبغي ان يغيب عن بال اي عراقي مهتم ببناء شعبه ان الفن ورقيه هو راس هرم حضارة اي شعب كما العلم وتطوره والاخلاق ورقيها ....، فكل هذا ان وجد في امة من الامم دلل ، وبلا لبس على ان هناك حضارة وانسان ورقي يقف خلف هذا التطور الفني لهذا الشعب ، ويمثل بلا ريب قاعدته !!.
وعلى هذا الاساس ، نحن ننظر الى هذه الخطوة البسيطة في فن الدراما العراقية الذي غابت طويلاعن ساحة الفعل العراقي والعربي والاسلامي والعالمي ليعود لنا بمنتج هو ليس القمة بالطبع ، ولكنه الارضية التي سيقف عليها بناء فن درامي عراقي رصين وجيد وفاعل ومؤثر ..... في مجالات اجتماعية وتربوية وسياسية وثقافية ، وفكرية تحاول ملامسة تاريخ ، وهموم وتطلعات الانسان العراقي بفن عراقي يخترق الجغرافية الوطنية ليمتد الى الاقليمية العربية والاسلامية ومن ثم الانسانية العالمية !.
والواقع ان مسلسل ابو طبر قد اثار الكثير من الاقلام العراقية النقدية والفنية والفكرية والسياسية للكتابة حول فحوى ومضمون وتقنية وانتاجية واخراج وتاليف وتوثيق هذا العمل الدرامي العراقي ، ومن عدة زوايا متنوعة ومختلفة فقد كتب بعض النقاد ممن تناول هذا العمل الدرامي الذي نزل باسم مسلسل ابو طبر ان فيه الكثير من السقطات المهنية والتوثيقية وكذا حتى السقطات الاخلاقية والاجتماعية والسياسية ....، التي خصمت بعمق من رصيد ومكانة هذا المسلسل الدرامي والفني ، وعلى معظم الاصعدة السياسية ، والفكرية والتاريخية التوثيقية والاجتماعية العراقية ، وكذا هناك من النقاد من طرح ، حتى نوايا القائمين على هذا العمل الفني ، وانهم ارادوا استغلال واستثمار قصة وحكاية المجرم ابو طبر الشعبية العراقية كي تكون منصة لتصفية حساباتهم السياسية مع النظام البعثي الصدامي المباد ، مما اساء لتقنية العمل فنيا ، ودفعه ليغرد خارج سرب الحقيقة والفن والابداع المجرد من الاغراض والدوافع وبمختلف توجهاتها !!.
والحقيقة انا ليس في وارد الذهاب مع َمن اراد ان يجرّد الفن والدراما من خيالها الواسع والخصب ليمارس عملية عقم لرحم الخيال الفني لكل عمل درامي معتمد على التاريخ وحقائقه او اباطيله ، ومن ثم لينتقد مسلسلا فنيا دراميا كبيرا كابو طبر بسبب انه استطاع ان يوضف الخيال والدراما بكل اشكالها وحتى الكوميديا السوداء في سبيل انتاج عمل تاريخي ، مخلوط بعجينة كثيفة من الخيال ، لامتاع المشاهد من جهة وطرح الحكاية التاريخية بفنية ليست سردية من جانب اخر !!.
كما انني لست من الذين يرون انها لجريمة كبرى ان تكون للدراما والفن خلفيات ودوافع سياسية او اخلاقية او فكرية او دينية من هنا وهناك مع ادراكي ان هذه الدوافع والخلفيات ربماتخدش حقيقة التاريخ في سبيل الدرامااوربما تنتقص من قيمة الحقائق داخل اي عمل فني ، يحاول قلب القناعات ، لهذا المشاهد او ذاك سياسيا او فكريا او اخلاقيا دينيا !!.
وبالعرض انا ليس مع من لايفهم بالدراما ، وفنها اي شيئ لينتقد ( مثلا ) كثرة الخمور وشاربيها او كثافة دخان السجائر ومتعاطيها ... لمسلسل درامي تاريخي سبعيني مثل مسلسل ابو طبر باعتبار ان هذه المناظر وتلك السلوكيات السبعينية تخدش الحياء العراقي ، وكرامة العائلة العراقية عندما كان يتلصص الجار على جارته برضا من شقيقها السكير والافاق والحرامي العاطل !!.
فهذامن وجهة نظري وظيفة الفن الدرامي المبدع والصادق الذي ينبغي ان يطرح الصورة ، ولاسيما التاريخية منها بادق تفاصيلها الاخلاقية ، والفكرية كنقل لفن الحدث ، والدراما بدقة وموضوعية ، وليقول من ثم للعراقيين في مسلسل درامي كمسلسل ابو طبر بالتحديد : انه هكذا كانت بدايات انهيار العراق سياسيا واخلاقيا وهكذا كان الواقع السبعيني الاجتماعي والاخلاقي والفكري والسياسي... كمقدمة انتجت الدمار والدكتاتورية والخراب والفساد وكل الكوارث...الخ ليصبح واضحا لدى المتلقي ، والمشاهد العراقي المقدمات ، التي انتجت له نظاما سياسيا كنظام المقبور صدام حسين واخلاقا ، كالتي خلفها حزب البعث داخل المجتمعية العراقية انذاك لتكون نتيجة الخمور وكثرتها وغياب الضمائر وانتزاع الغيرة من الرؤوس هي تسلط عائلة البعث التكريتية سياسيا ، واراذل الناس اجتماعيا ...على العراق والعراقيين !!.
صحيح اليوم وبعد عقود من زمن السبعينات ، لابو طبر ومرحلته بدأت مشاعرنا تتقز لمناظر انتشار الخموروكثافتها في كل مكان آ نذاك كما ان الاخلاق العراقية اعادة توازنها بعد انحلال صاحب انقلاب 1958م القاسمي وما تبعه من انحلالات قومية وبعثية جردت حتى الانسان العراقي من غيرته على شرفه وعرضه عندما يرى لحمه ينام تحت انظار الساقطين ، لكن هذا لايعني غياب او الغاء المقاييس الفنية للدراما وكيفية نقلها لصورة كل عصر بعصره دراميا وعلى ماكانت عليه من اخلاق وافكار وسلوك ورقي او انحطاط وليس كما نريده نحن ان يكون على هذه الصورة او تلك هذه الايام !!.
نعم احترم الابداع الفني عندما يكون من اجل الفن وايصال الحقيقة كما هي لكن مثل هذه الرؤية متعذرة الوجودالبشري في عالم الفن اليوم لاسيما ان ادركنا ان الفن اصبح صناعة تجارية في الزمن الراسمالي المادي مع الاسف اكثرمنه مهنة لنقل الحقيقة والجمال فقط للاخرين من جهة وان الفن بطبيعته يموت خارج بحر الخيال وقائم على معادلة تلقي المشاهد ، كمعادلة ينبغي ان ياخذها بنظر الاعتبار صاحب هذه الصناعة لاسيمافن الدراما التلفزيونية التي تلعب على اوتار المشاهد العاطفية والخيالية اكثر من لعبها على جانبه الفكري والعقلي من جانب اخر !!.
وعلى هذا الاساس ذكرتُ ان العمل الدرامي الفني الذي طرح في رمضان 1432 هجرية باسم (( ابو طبر )) هو ليس القمة للدراما الفنية العراقية ولاهو المأمول والمنتهى ، لانتاج هذا الفن الرائع للامة العراقية ، كأمة في مخزونها الكثير من المبدعين والابداع الذي بحاجة فقط الى فرصةللتنفس والتعبيربحرية كي يستطيع بالفعل هذا الانسان ان يخرج مالديه من فكر وانتاج وابداع في اكثر من مجال من مجالات الحياة الانسانية !.
وصحيح ان في العمل الدرامي المميز(ابو طبر)الكثيرمن العورات الفنية والاخرى التقنية والثالثة التوثيقية ... وهكذا الفكرية ، ففي المسلسل مما لاحظناه شخصيا ولم يكتب عنه الاخرون تترات مقطعة ، للمشاهد بتقليدية شوهت تتابع وتسلسل احداث المسلسل بحيث لم نتعرف على بطل الحدث وعائلته الابعد مرور عشرين حلقةمن المسلسل وفيه اختناق التصويروالصورةداخل غرف مظلمة كان بالامكان اضافة ابعاد فنية رائعة على كل العمل ، لوكانت بعض المشاهد للمسلسل تناولت حياة بطل المسلسل ابو طبر (والذي جسده المبدع كاظم القريشي) وهو في المانيا لتصوير بعض المشاهد في المانيا ، كما يحدث اليوم للدراما العربية التي اخترقت حدود الجغرافية للصور المحلية للتصوير في فرنسا ، او جنوب افريقيا او تركيا اوايطاليا اوامريكا ... وغير ذالك ، وكم هي كانت لفتة فنية راقية داخل مسلسل ابو طبر ، عندما استضاف العمل الفنانة السورية ( نادين قدور ) لتجسد شخصية عشيقة ابو طبر اليهودية وبلكنتها ، التي تحاول تقليد اللهجة العراقية بصعوبة لتعطي انطباع اللغة اليهودية العراقية القديمة ، ففي استضافة ممثلة غير عراقية شعر المشاهد العراقي بكسرللتقليدية الفنية العراقيةالتي تسيطرعلى معظم الاعمال الدراميةالعراقية تقريبامن جهةومن جهة اخرى لوكان اصحاب العمل قد استعانوا بممثلة عراقيةلهذاالدورلفقد الدورحتى مصداقيته في ضميرالمشاهد لانه سيستمع الى لغة عراقية لاتنقل له الاجواء الواقعية لعشيقة ابو طبر اليهوديةوهذا مانعنيه بالتجديد في رؤية الفن العراقي !!.
وهكذا لم يشر العمل من بدايته الى نهايته الى دوافع ، ومبررات سفر بطل العمل ابو طبر الى المانيا ، ولم يتناول العمل هذا الجانب ، ولا بايحاءه او مشهد ليربط المشاهد مع احداث حياةالبطل بصورة متكاملةمما جعل المشاهد يفقد حلقة مهمة جدا من حياة بطل العمل ابوطبر والاجابةعلى سؤال لماذاسافر ابوطبر الى المانيا وهل كان دور للحكومة بسفر ابو طبر وماذا كان يعمل ابو طبر في ذالك البلد ؟.
كل هذامع الاسف لم يعالجه العمل بفنية مترابطةكما ان القائمين على العمل ايضا لم يتعاملوا بتقنية مع مَشاهد أم طبراو ام حاتم كاظم هضم (جسدت الدور سليمة خضير) التي كانت فوق الرائعة بلهجتها العوجاوية البدوية العشائرية الغارقة في التقليدية والتي اعادت الى اذهان المشاهدين العراقيين جميعا صورة ام الطاغية المقبور صدام حسين صبحة طلفاح وهي تقسم على رحمها بالقطع ان كان حمل نطفة خلقت طفلا سفاحا مجرما كابو طبر !!.
كانت هذه المرأة وبمشاهدها المعدودة لتغير صورة العمل كله فنيا لو كان مخرج العمل فقط ، او كاتبه قد ذكرها في الحلقات الاولى والوسطى لهذا العمل والاخيرة لتلعب الدراما العراقية الفنية على عمق التناقضات القيمية في العائلة ، والعشيرة العراقية بصورة ، اعلى قيمة من التربوية ، ولشاهدنا معالجة درامية فنية تتناول الابعاد التربوية والعشائرية البدوية التي صنعت ابو طبر وصاغته واحكمت بنيانه قبل ان تنزله للمدنية والمدينة وبغداد ليكفر بكل القيم الحضارية بداخلها وليتخذ من الجريمة ، والرعب كمميز لابن البداوة في قسوته وتنافره مع العالم والحياة والقانون والسلم واحترام الخصوصية الادمية للافراد !!.
وهكذا اذا اردنامحاكمة العمل من الناحيةالفكرية ايضا لاسيما توجهات كاتب العمل الغير خافية في تحامله او قصو رؤيته حول الاسلاميين واظهارهم في عمله على اساس انهم تجسيد لمقولةالانغلاق والتطرف في المشاعر والعدائية الدائمة فيمكن هنامؤاخذة الكاتب على ان الزمن الذي يتحدث المؤلف داخله من سبعينيات القرن المنصرم كان الاسلاميون كلهم تقريبا تلامذة مدرسة الفيلسوف الصدر في العراق مما كان من الانصاف على كاتب العمل ومخرجه ان يكونوا اكثر فنية درامية في تجسيد الشخصية العراقيةالاسلامية وانهاشخصية في جانب منها يوجد الكثير من العوام طبعالكن من الجانب الاخركان في الاسلاميين الكثير من المثقفين والواعين الذي انتجتهم المدرسة الاسلامية السبعينيةحالهم بذالك حال الشيوعيين العراقيين الذي فيهم الواعي وفيهم المتطرف الجاهل والمنغلق والمتعصب وفيهم من سحل الناس بالشوارع ومن علق المشانق لخنق الحريات !!.
لكن يبدو ان ميول اصحاب العمل ارادوا اظهارصورةالاسلاميين في العراق بهذه الصورة لصناعة فوبيا اجتماعية ضد الاسلاميين اليوم في العراق ،واضفاء طابع الثقافة العراقية وحصرها في الشيوعيين تحديدا !!.
نعم صحيح الزمن السبعيني كانت الجولة لم تزل والسيطرة الثقافية كذالك لكوادر الشيوعية المبادةلكن هذا لايعني ان ليس هناك مدرسة استطاعت ومحلياان تطرح فكرا اسلاميا اجتماعيا ، وفلسفيا اعلى من الشيوعية ، مضافا الى ان الشيوعيين العراقيين استوردوافكرهم من الغرب والشرق بينمااسلاميوا العراق انتجوا فكرهم العراقي الوطني المحلي من خلال اطروحات العراقي السيد الفيلسوف محمد باقر الصدر وتلامذته !!.
يتبقى لنا على العمل الفني الدرامي ابو طبر ملاحظة نقدية واحدة ، ونحن عندما نشير الى ملاحظات نقدية ، فلانعني بالنقد تهديم اوتشويه هذا الجهد الرائع الذي بذله كل العاملين في هذا المسلسل ، وانما نشير الى نواقص وما غفل عنه العمل او المكملات ، التي لو كانت متوفرة ، لكان العمل اصبح اكثر تكاملا وفنية ورقيا ليرفع من ثم اسم العراق والعراقيين في المجال الفني عاليامحليا واقليميا وعالميا وهذه الملاحظة تتلخص بحاجةالفن العراقي اليوم بصورة عامة والدراما بصورة خاصة الى رؤية مؤسسة للفن كفن ، وليس لرؤية سياسية او ايدلوجيه او دينية او اجتماعية ... تقف خلف هذا العمل او ذاك !!.
بمعنى : انه وعند العودة للمجتمعات ، والدول السابقة لصناعة الفن على العراق ومجتمعه نجد ان العمل الفني الواحدوخاصةالقائم على الحكايةالشعبية المؤسطرة لاي مجتمع يأخذ اكثر من رؤية فنية واحدة ، لتغطى الحكاية والاسطورة الشعبية من اكثر من جانب ورؤية حتى يتكامل الفن الدرامي نهائيا في طرح هذه الحكاية او تلك ، فالعمل الفني المصري المعروف (( ريا وسكينة )) كحكاية شعبية تشبه الى حد بعيد حكاية ابو طبر في نشر الرعب والجريمة داخل المجتمع المصري قد استطاعت الدراما المصرية ان تنتج اكثر من عمل فني يتناول هذه الحكاية وباساليب ورؤى مختلفة ومتعددة فنيا ، وهذه الحكاية لم يتعامل معه المصريون من خلال الدراما التلفزيونية فحسب ولاكثر من عمل ومسلسل تناول هذه الحكاية بل ان المسرح والسينما ايضا شاركت دراميا من خلال الكوميديا والتراجيديا والميلودراما لتصنع من هذه الحكاية الشعبية لمجرمتيت اخوان مؤسسة ومدرسة فنية درامية متكاملة طرف فيها الفن المصري اكثر من وجهة نظر سياسية واقتصادية واجتماعية واخلاقية لظاهرة (( ريا وسكينة )) اللتان كانتا تختطف النساء لقتلهن وسرقة حليهن ودفتهن من ثم في سرداب البيت او في الساحة الوسطى للدار !!.
وهكذا عندما ندعو الفن العراقي ليكون مؤسسة وصاحب رؤية لاتمتهن الفن باعتباره ضربة حظ لهذا العمل او ذاك ، بل على الفن بالعراق ان يتحول الى صناعة رؤية للفن ، وليكن مثلا العمل الفني العراقي (( ابو طبر )) اللبنة الاولى التي يؤسس عليها الفن العراقي صرح فنه الدرامي الذي تاخر كثيرا وكثيرا جدا جدا !!.
ان حكاية شعبية وحدث وتاريخ عراقي فيه ابو طبر لايمكن لعمل فني ان يغطي جميع ملابساته السياسية والفنية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية التي عاصرت ظاهرة ابو طبر ، كما لايمكن لا للكاتب المبدع حامد المالكي ، ولا للمخرج سامي الجنادي ان يحيط بكل هذا الحدث وهذه الظاهرة السبعينية لتاريخ العراق القريب ، وعلى هذا الاساس ومن جانب اخر على الفن العراقي نفسه ان لايكتفي برؤية واحدة تتناول حدث وظاهرة وحكاية شعبية بضخامة ابو طبر بمجرد رؤية وعمل واحد لاغير ، بل عليه ان يتخذ من حكاية ابو طبر وقصته مادة لبناء فن درامي يمتلك الرؤى المتعددة في مجال عمله الفن العراقي بصورة عامة ليلعب على حكاية ابو طبر فنيا ودراميا وفي جميع الاتجاهات التلفزية للمسلسلات والسينمائية وهكذا المسرحية ليعاد انتاج ابو طبر على اكثر من صعيد وباكثر من رؤية اجتماعية وسياسية وفكرية !!.
في حكاية (( ريا وسكينة )) المصرية الشعبية اعاد الفن المصري رؤية الحكاية في اكثر من عشرة اعمال متنوعة بين التلفاز والمسرح والسينما ، وهكذا ينبغي ان يكون في ابو طبر عندما يعاد انتاج هذا العمل من خلال رؤية فنية مختلفة عن ماطرحه المالكي والجنادي لهذه الشخصية العراقية المعروفة !!.
في مسلسل ابو طبر الذي طرحه الثنائي المالكي والجنادي كانت الرؤية السياسية هي الطاغية على العمل كله ، وهذا من روائع المالكي ،والجنادي في العمل الذي امتع المشاهد العراقي في رمضان ووضح لهم بعض مقدمات (الانهيار) العراقي السياسي الخطير من جهة وافاد واسس لفن عراقي درامي ناهض يلامس تاريخ العراق وهمومه ومايفيد نضج وعي العراقيين من جانب اخر ،لكن نحن كعراقيين مازلنا بحاجة لرؤية ابو طبر اجتماعيا وكذا تربويا في كيف نشأ ابو طبر وكيف تربى وهل اصوله القبلية لها دخل باجرامه المنقطع النظير ....الخ ، وهكذا نحن بحاجة لرؤية فنية اخرى وبعمل يتكامل مع ما اسسه المالكي والجنادي للعوامل الاقتصاديةالتي صنعت ابو طبر داخل العراق وكيف ان الجانب الاقتصادي بامكانه ان يصنع ملاكا للمجتمع وبامكانه ان يخلق وحشا لايرحم حتى الرحمة داخل اي مجتمع وبيئة ؟.....الخ !!.
كل هذا كما يحتاج له الفن الدرامي العراقي ، فايضا نحن بحاجة اليه كمجتمع يريد ان يدرك كيفية التخلص من نموذج ابو طبر ، وعدم تكراره داخل نسيج المجتمعية العراقية مابعد التغيير العراقي الجديد ، ولايمكن خلق هذا الوعي من خلال الفن الا اذا كان للفن العراقي رؤية فنية مختلفة لها القدرة على تناول الحدث والاسطورة والحكاية والظاهرة الشعبية العراقية من خلال اكثر من زاوية واكثر من عمل فني درامي واكثر من مؤلف مبدع ومخرج مبدع و من تج وطني يحب الفن كرسالة يخدم فيها وطنه العراق ويربح مالا في نفس الوقت !!.
alshakerr@yahoo.com
http://7araa.blogspot.com/مدونتي