مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
الاثنين، سبتمبر 05، 2011
(( ميريدور عندما يتحدث للغربيين عن قنبلة ايران النووية )) حميد الشاكر
في مقتبل العمر سمعت فكرة سياسيةلا ادرك دقة نسبتها لكنها كانت تنسب لهنري كيسنجر مفادها كان الربط ، بين امتلاك الترسانة النووية لاكثر من قطب في العالم وبين الاستقرار والامن والسلام في هذا الكون !!.
طبعا كانت معادلة بالنسبة لي في ما مضى معقدة جدا ان يكون هناك رابط بين سلاح نووي المفروض ان وظيفته الحرب ، وتدمير العالم وتهديد امنه وسلمه من جهة ، وبين ان يكون نفس هذا السلاح هو هو الضمان الوحيد للاستقرار والسلام العالمي الواقعي والجاد واستقلال الدول وسيادتها ؟.
فكيف ؟، وباي فلسفة يصبح السلاح النووي في العالم وانتشاره هو ضمان السلم والامن الدوليين ؟.
وبأي منظور واقعي يكون عدم امتلاك السلاح النووي لاكثر من طرف في العالم وانتشاره تهديد للاستقرار والسلام والامن العالمي ؟.
في الاطروحة التي اذكر منها القليل او التي مازال عالقا في ذاكرتي منها القليل حول خلفية انتشار الاسلحة النووية وانها ضمان الاستقرار والسلم والامن الدولي ، وليس العكس كانت الرؤية تذهب الى ان : ((تهديد السلم والامن الدولي ينشأ عندما تمتلك قوة واحدة ، وبمفردها هذا السلاح الفتاك بدون ان يكون ، في مقابلها مَن يملك نفس السلاح ، لتصبح هناك معادلة ( توازن رعب) بين اكثر من قطب عالمي يخلق بدوره نوعا من الاستقرار والسلم العالمي الناشيئ من رعب وحسابات ممتلكي هذه القوة المدمرة من بعضهم والبعض الاخر)) !!.
ثم يضرب لذالك مثلا ان الولايات المتحدة لم تكن لتجرؤ على تدمير اليابان بالقنابل الذرية ، لو كان لدى اليابان ، او اي دولة اخرى نفس هذا السلاح المدمر بينما وعندما امتلك اكثر من قطب عالمي لهذا السلاح الكوني عندئذ لم نعُد نسمع بعد اميركا بان دولة جرأت على استخدام هذا السلاح ابدا في اي مكان في العالم !!.
ويبدو ان في هذه الفكرة العميق من التفكيروالواقعية السياسية التي تحاول معالجة ماهو موجود وليس ماينبغي ان يوجد ، والخلاصة للفكرة ان القوة وامتلاكها وحدها هي التي تصنع السلام والامن والسيادة والحرية ... لكل الشعوب في هذا العالم ، وما من شعب او امة او دولة فقدت عناصر القوة والتمكن ووسائل الدفاع الا اصبحت عرضة للاستعباد والامتهان والحروب والاختراقات وذهاب السيادة وفقدان الكرامة والتطور والتقدم في هذا العالم المليئ بالذئاب والخالي من الانصاف والرحمة !
هذه الفكرة نفسها ولكن بشكل وطرح مختلف قرأتها قريبا في مقال للسفير الصهيوني ( سالاي ميريدور ) سفير اسرائيل السابق في الولايات المتحدة وهو يتحدث عن النووي الايراني ، وخطره على المصالح الغربية والعبرية بالتحديد في مقاله المنشور تحت عنوان (( من يراقب ايران )) !! .
من يراقب ايران مقال كتبه هذا السفير الصهيوني للقارئ وصاحب القرار الغربي بالتحديد ، ليحذره من الانشغال والغرق وملاحقة المتغيرات العربية على حساب الانشغال ، والغفلة عن الجانب الاخر من الخليج حيث تستمر ايران ، مستثمرة انشغال العالم عنها ، بتصاعد وتيرة تخصيب يورانيومها وتشغيل مفاعلاتها النووية وصناعة قنبلتها النووية المنتظرة !!.
لكن الغريب في المقال هو ليس هذا الجزء من تحذير ( ميريدور ) للحلفاء الغربيين من الغفلةعن ايران ولا الغريب تنبيه هذاالصهيوني العتيد لحلفائه الغربيين ، ببهاضة الثمن ، الذي سيدفعه الغرب امام واقع ايران نووية في المنطقة العربية والاسلامية وكذا ليس الغريب طبعا على عقل صهيوني ان يحرّض على ايران ويدفع في سبيل توريط العالم بحرب ضدها مهما كانت الاثمان ثقيلة على الا ستقرار ، والامن في المنطقة والعالم ، لكن الغريب فعلا ان (ميريدور) يشرح قضية النووي الايراني ، للعقل الغربي في مقاله المذكور بشكل جعلني اتسائل :
هل يريد الصهاينة والغرب الاستعماري القديم والولايات المتحدة ان يمنعوا ايران ، فعلا من امتلاك السلاح النووي ، الرادع الاقوى في معادلة توازن الرعب والسلم العالميين ؟.
أم ان ساسةالاستعمار الحديث بقيادة الولايات المتحدة وبمافيهم الصهيونية الرابضة على قلب العرب والمسلمين في فلسطين بعد ان يأسوا من ايقاف برنامج ايران النووي السلمي بدأوا بتطبيق سيناريوا دفع ايران دفعا لانتاج السلاح النووي باعتباره الضمانة لاستقلال واستمرار النظام الاسلامي في ايران لاغير ؟!.
حسب مقال ميريدور واسألته التي طرحهاهذا السفير على الغربيين وكيفية ان الضمانة الوحيدة لاستقلال الشعوب ، والامم وتقدمها واستمرارها بدون خضوعها للتدخلات الاجنبيةنكون نحن امام دعوة لايران كي تنتهج وتتبنى صناعة القنبلة النووية باعتبار انها الضمان الوحيد في عالم اليوم لاحترام الدول الكبرى وعدم تدخلها في الشؤون الايرانية !!.
وهذا المعنى يلمسه كل من قرأ مقال سالاي ميريدور وهو يطرح اسألته على لسان قادة ايران ليظهر حالهم امام العقل الغربي بهذه الصيغة حول السلاح النووي وكيف انه الضمان الوحيد لاستقلال الشعوب والدول ليقول : ماذا لو كان القذافي قد فجر القنبلة (( النووية يقصد من خلال امتلاكها فعليا لليبيا )) ؟.
هل كانت قوات حلف شمال الاطلسي لتجرؤ حينها على قصف ليبيا ؟.
هل كان الاوربيون ليفكرون بخلع القذافي اذا وجه صواريخ نووية نحو ايطاليا او فرنسا ؟.
ماذا لو كان الاسد يمتلك قنبلة نووية ؟.....
هل كانت اسرائيل تشعر بالقلق من استهداف سوريا لها مما يدفعها للطلب من حلفائها بعدم الضغط على الاسد ؟.
ان هذا الطرح لميريدور ويبدو انه من غير شعور منه او ربما كان بشعور ان يطرح مثل هذا الطرح الواقعي ، والصريح حول اهمية السلاح النووي في العصر الحديث للاستقلال والحرية وكرامة الدول باعتبار انه كتبه للعقل الغربي وليس للعقل العربي يصبّ في الواقع نحودفع ايران بتغيير موقفها السلمي من برنامجها النووي الصناعي ، الذي اعلنت عنه جمهورية ايران الاسلامية كبرنامج لتطلعاتها النووية السلمية وليس الحربية ، الى ان تعلن او تضطر لتحويل هذا البرنامج الى اغراضه العسكرية !!.
فحسب منطق السفير سالاي : ان التدخلات الغربية والاعتداء على سيادات الدول ، والاطاحة بالانظمة سواء كانت استبدادية ام غير استبدادية من قبل اميركا وحلف الناتوا وبمساندة الصهيونية وتركيا ، واللعب بمصائر العالم ....الخ هذا كله لم يكن ليجرؤ عليه لا الناتو ولا الولايات المتحدة لو كانت هذه الدول تمتلك القوةالتكنلوجيةوالنوويةوكمثال على ذالك ضرب ميريدور مثالي ليبيا وسوريا كدولتين بسبب عدم امتلاكهما للترسانة النووية الاولى تم اسقاط الحكومة في ليبيا ليفر قائدها السفاح معمر القذافي في البراري والصحراء ، اما الثانية ، وهي سوريا فايضا ، بسبب عدم امتلاك هذا البلد للسلاح النووي جعل من حكومتها وقيادة شعبها عرضة للتدخلات الخارجية والابتزاز الصهيوني والضغط على مواقفها المساندة للمقاومة والطلب منها تحت تهديد القوة لتقديم تنازلات كبيرة او الذهاب بمشروع اسقاطها بالقوة والمؤامرة !!؟.
وعلى هذاالاساس يصوغ ميريدورمعادلة النووي الايراني باعتباره الضامن الوحيدلايران الاسلامية ان تكون مهابةومحترمةومعترف بادميتها وكرامتها من قبل الناتو ، والغرب ان استطاعت امتلاك القنبلة ، والتكنلوجيا النووية المتطورة !!.
ولهذا يفجر سالاي فوبيا الرعب من ايران النووية ليقول بصريح العبارة لحلفاءه الغربيين : الحقوا ايران لابقاءها ضعيفة عسكريا كي يسهل للناتو ولاسرائيل وللولايات المتحدةالامريكيةان تتدخل في الشأن الايراني الداخلي والخارجي ولتضغط عليها من ثم ليتم ابتزازها واخضاعها للمطالب الغربية ومصادرة قرارها السيادي ، والسياسي الذي يقترب من كماله كلما امتلكت ايران قدرة الردع النووية الحائل الوحيد (( كما تطرحه السياسة الواقعية للعالم الحديث )) امام الدول الكبرى المستبدة ، لعدم تدخل بعضها بالبعض الاخر في شؤونها السيادية !!.
طبعا هذا المنطق هو ، الذي حتما سيضطر ايران النووية السلمية ، وغير ايران من الدول الضعيفةوالمهددة والمهانةمن قبل الاستعمارالغربي النووي المتوحش في نهاية المطاف الى تبنى خيار صناعة القنابل النووية الفتاكة ليكون هناك نوع من الردع المتبادل من جهة ويكون هناك نوع من احترام القوي للقوي مثله ، والا بغير ذالك سيبقى العالم بين قوي يريد ان يستعبد الاخرين ويصنع لهم الحروب والفقر والقلاقل والتدخل في شؤونهم واسقاط حكوماتهم ، والاستهتار بكل كراماتهم الى ابد الابدين وبين ضعيف تدفعه فطرته للبحث عن اسباب القوة ، ليستعيد حريته وكرامته كلما نظر للناتو وهو يغير بطائراته عليه تحت هذه الحجة او تلك ، ويقاوم القوي من اجل انتزاع اعتراف منه ، بان البشر متساوون في الكرامة والحرية والانسانية ولم يخلق الله البشر ليكون احدهم سيدا والاخر عبدا له الى مالانهاية !!.
alshakerr@yahoo.com
مدونتي http://7araa.blogspot.com