مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
الثلاثاء، مارس 31، 2009
(( الكفر بأديان فراعنة العرب .... رؤية قرءانية !.)) حميد الشاكر
(( الكفر بأديان فراعنة العرب .... رؤية قرءانية !.)) حميد الشاكر
___________________
( وقال فرعون ذروني أقتلْ موسى وليدعُ ربه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يُظهر في الارض الفساد )
******
عندما يحترق حسرة أي فرعون تاريخي او حديث على دين ما فهل نفهم من ذالك انه بالامكان ان يكون الفرعون متدينا ؟.
أم ان الفراعنة هم هكذا دوما في عالم السياسة يتبنون المصالح ، واينما اتجهت مصالح عروشهم وامداد طغيانهم كان ايمانهم ودينهم وانتمائهم ؟.
ثم متى كان لفرعون دين وتقوى وايمان حتى يُقال قرءانيا ويسرد اسلاميا خوف الفرعون على دين قومه الصالح من فساد الانبياء وخطرهم الشديد ؟.
وهل كانت اديان الفراعنة دائما على شاكلتهم ، ولهذا آمنوا بها ودافعوا عنها ورأوا كل دين آخر فساد لها ؟.
أم ان الفرعون لايعرف الايمان ولافي حياته يوما شعر به ، ولاهو في وارد التفكير حوله ؟.
في قصة موسى وفرعون القرءانية لفتات لطيفة الى المنطق الفرعوني القاروني الهاماني من جهة ، والمنطق الموسوي الرسالي الهاروني من جهة آخرى ، ولكل منهما ملامحه والياته وانماط تفكيره ومنطلقاته .... المختلفة تماما عن الاخر الى حد الوصول الى :ان الفراعنة يرون في سبيل الانبياء والصالحين كفرٌ وفساد في الارض ، ويرى الانبياء سبيل المجرمين والفراعنة تكبر واستبداد ولاصلاح في هذه الحياة ، ولكن يبقى لكلٍ منهما منطقه ولكل موازينه ومقاييسه ، ولكل مرجعياته ومنطلقاته ايضا !.
طغاة العرب ايضا في الماضي والحاضر هم لايختلفون في قصتهم عن القصص القرءانية حول فرعون وموسى عليه السلام ، فهم كذالك كانوا يؤمنون بالطاغوت بعكس الانبياء الذين يؤمنون بالله ويكفرون بالطاغوت ، ولهم دين وايمان وانتماء وحب واعتزاز بألهتهم الوثنية ، ولكنها بعكس تماما ايمان الرسول الاعظم محمد ص ودينه وانتماءه وحبه لطريقه ، في قوله :(( لكم دينكم وليّ دين )) وفي الكثير من المفاصل رأى فراعنة العرب وطغاتهم نفس رؤية فرعون موسى في السابق ومخاوفه ، وحاولوا كثيرا من خلال مستشاريهم ان يقولوا : ذرونا نقتل محمد وليدعُ ربه !.
وطرحوا بنفس الصيغة مبررات دعوتهم لسفك الدماء تلك ولكن بصيغتها العربية عندما قالوا : نخشى من محمد ان يبدل دينكم او يُظهر في الارض الفساد !.
انه منطق يدفعنا دفعا للسؤال عن اديان الفراعنة ؟. وماهي ؟. ولماذا هذه الاديان تستهوي انتماء الفراعنة لها ؟. لابل والدفاع عنها ورؤية اي اديان وطرق تفكير اخرى على اساس انها تمدد غير مشروع وخطر غير مقبول وفساد في الارض وزعزعة للحمة المجتمع ووحدته ؟.
اليوم وفي وقتنا الحاضر ايضا وفجأة انتفض فراعنتنا السياسيين من حكامنا العرب ليرفعوا نفس الراية في اليات السياسة الفرعونية القديمة والحديثة وبنفس اساليبها لنسمع ونرى ( ذروني أقتل ) و ( اخاف ) و ( ان يظهر الفساد ) وكأنما اليات البطش والقتل ، وكذا الخوف الشديد ، وهكذا مبررات العنف ، كلها قوانين تسري على فراعنتنا الحاضرين كما سرت على فراعنة الامم الماضين ، ولكنّ الفرق بين فراعنة التاريخ عن فراعنتنا العرب الحاكمين : ان الفراعنة فيما مضى وان كانوا هم هم على نفس القانون والشاكلة مع الفراعنة الحاليين ، الا انهم كانوا اذكى واهدأ واجرّأ من فراعنتنا وحكامنا العرب الحاليين !.
نعم فرعون موسى وان كان طاغية دهره ، وسابق في الاجرام عصره ، الا انه مع ذالك كانت لديه عزة بالاثم وتجبّر على جميع الامم الاخرين ، وصاحب مشروع توسع وبناء امبراطوريات تنتشر على الدنيا والى اينما يصل سيف الفرعون وجنده !.
أما فراعنتنا العرب الخائبين ، فليس لهم اي جرأة او تطلع او شجاعة او مشروع في العالمين ، بل انهم احقر من التفكير بالتطلعات العظيمة ، واصغر من ان يفكروا ان يكون لهم شأن مع الماضين ، وانما جلّ تفرعنهم على شعوبهم المعزولة من السلاح والمجردة من القوة لاغير وهذا هو الفرق !.
طبعا ان فرعون موسى كان طاغية متجبر ، ومتسلط متفرد في الحكم والسياسة ، لكنه وباعتبار انه فرعون دكتاتور صاغ مستشاريه ديكورا لدولته لاغير ، وربما في احيان كثيرة تكون الطغاة والفراعنة بحاجة الى الحاشية والمستشارين ليسدوا نقص التفكير لديهم ومنسوب الغباء المخلوق في طبيعتهم ، فيستعينوا مرّة باصحاب العلوم والخبرة ، ومرّة باصحاب الدهاء والمكر والسياسة ، والكل من هؤلاء ينظر في عيون الطاغية ، ويستشف رغباته ليعود ويطرحها باسم الشورى ليحمل اوزار العمل امام العالمين ، ويطهّر ثوب الفرعون من كل دنس ورذيلة ، وهذا بالضبط ماكان يفعله فرعون موسى والذي لم يزل قائمين على فعله فراعنة حكّام العرب اليوم ، فلكل فرعون حاشية ومستشارين واهل حل وعقد ودراية وتدبير ، الا انهم كلهم في خدمة الفرعون ومنفذي رغبته ، وعندما يرغب فرعون موسى الانتقام من صاحب الدين الجديد موسى عليه السلام ، ولكنه لايريد ان يقال عنه انه مستعجل لسفك الدماء وداعية لقتل الابرياء ، بل هو يريد ان يقال عنه انه هو الديمقراطي المنفتح ، والرؤوف الرحيم بشعبه ، وهو الذي لولاه لكانت الدولة في مهب الريح ، وأمن المواطن في فساد وضياع ، ولهذا التفت فرعون ويلتفت فراعنة اليوم الجدد ليقول :(( ذروني أقتل موسى )) وكأنما يداه مغلولتان ، أو كأنما يطلب الاذن من مستشاريه ، ويشركهم في الامر ويأخذ برأيهم في نهاية المطاف ؟!.
ان فرعون لم يكن لينتظر احدا من حاشيته سيشير عليه بالضد مما يرغب بقتل الصالحين وموسى ، ولاهو في وارد ان يكون هناك من خدمه وحاشيته من يقول له قف انه نبيٌ ومن المرسلين ، فمثل هذا المنطق غير وارد في قاموس الفراعنة والجاهلين ، وحتى ان سحرة فرعون المخلصين عندما آمنوا برب موسى وهارون كانت نهايتهم مع الهالكين ، فكيف اذا كانت رغبة فرعون الخلاص من موسى ، فهل ستكون هناك رغبة مناقضة لرغبة العزيز فرعون ؟.
نعم الفراعنة كغيرهم من الحكّام والجائرين لايقدمون على القتل وسفك الدماء والابادة الا اذا شعروا بالخوف على السلطان ، والرعب من تبديل الاديان التي توفر للفرعون طاعة شعبه لملكه وانقيادهم للعبادة اليه ، عندئذ توضع الخطط وتستنفر اجهزة الامن والمخابرات لتسد ثغرة جريان المياه قبل ان تتحول الى طوفان لايصد ولايرد !.
ولكن بدلا من التصريح المباشر من قبل الفرعون بالخوف والخشية على السلطان تحوّر العملية ، وتطرح المبررات الغير واقعية ليكون الفرعون ليس وحده ، ويكون للسلطان انصار من قبل شعبه !.
قال فرعون مبررا المطالبة بقتل موسى الرسول :(( إني أخاف ان يبدل دينكم )) !.
العجيب ان فرعون لم يقل (( إني أخاف ان يبدل ديننا )) ولم يفكر حتى باشراك نفسه مع دين الاخرين ، وربما هذه بعض من غباءات السلاطين والفراعنة التي تفلت من بين اصابعهم كلما سنحت الفرصة ، او ربما ان بعض الفراعنة وصل الى مرحلة بحيث يرى نفسه اما انه اكبر من اي دين ليؤمن به ، أو انه هو الدين نفسه ويجب على الامة الايمان به مباشرة كأله يعبد من دون الالهة ، ولهذا قال فرعون موسى القديم :(( إني اخاف ان يبدل دينكم )) اي سلطانكم وفرعونكم والهكم ،كما لم يلتفت اليه بعض المفسرين !.
وليس ببعيد ان يكون فرعون موسى المصري صاحب سياسة وذكاء انبه من فراعنتنا العرب في هذه الايام ، ورأى انه لاينبغي للسلطان والدولة ان تميل لدين على اخر في الادارة والحكم ، ولهذا فصل نفسه عن الانتماء للاديان ، وخاطب الاكثرية من الشعب :(( اني اخاف ان يبدل دينكم )) انتم فانظروا ماذا انتم فاعلون ليثير الجمهور على موسى بدلا من ان يقوم بالعمل هو وحده !.
على اي حال أظهر لنا النص القرءاني : ان فرعون يخشى على وجود هذا الدين ، وان انتماء شعبه لهذا الدين هو في صالح سلطانه ، ولهذا شعر فرعون بالخشية على بقاء دين وايمان شعبه او غيبوبتهم وخداعهم باسم الدين على حاله بسبب ان الدين الموسوي الرسالي الذي جاء به موسى وهارون مبشرين ، هو دين لايخدم السلطان ولايثبّت دعائم واركان الطغيان ، بل هو دين يرفض الظلم والعدوان ويدعو الى العدل والاحسان ، وكل هذه المصطلحات السياسية من عدل وانصاف وعدم ظلم وانكار طاعة الفرعون بمعصية الخالق ....، كل هذه المفردات دين يراه الفراعنة مفسدة للانسان !.
فراعنتنا العرب ايضا هم اليوم في وجلّ عظيم على اديان شعوبهم التي تدعوا لطاعة السلطان ، بل بسبب ان هذه الاديان توفر الحماية لعروشهم الخاوية والفاسدة ، اصبح كل زعيم عربي اكثر تدينا وايمانا من شعبه المخدوع بعظمة الايمان وحقيقة الاديان ، بل واصبح الطاغية والفرعون العربي اكثر دفاعا عن دين الامة والشعب والمجتمع من الشعب والامة والافراد انفسهم ، حتى ان افراد الجمهور العربي اذهلهم تغير سلاطينهم وفجائية الايمان بالاديان عندهم ، وبدا ان الفراعنة اكثر حبا لاديان الشعب من انفسهم ، وعندها طرح الفراعنة ضرورة حماية الدين وخوفهم الشديد على تبديله بالقول :(( أخاف ان يبدل دينكم )) !.
وبكل معاني البراءة ، والايمان الفطري العاطفي الساذج انساقت امة العرب والمسلمين خلف هذه الخدعة والبدعة ليدافعوا عن فراعنتهم ظناً منهم انهم بذالك يدافعون عن الدين والايمان والانتماء والحقيقة ، ولو كان لديهم ادنى تأمل لسألوا انفسهم : دين يدافع عنه فرعون وطاغية لابد ان يكون طاغوت وخدعة ؟.
ان دين الانبياء والرسل هو ليس بالجزم دين الفراعنة والطواغيت ، بل هو دين العدل ودين المساواة ودين الانصاف ، ودين الفقراء ودين المساكين ودين التطلعات ودين المشاركة ودين الحرية ودين الكلمة والحجة ..... وباقي مفردات دين الرسل والانبياء !.
انه الدين الذي ليس بحاجة لحماية فرعون او طاغية ليدافع عنه ، وكيف يدافع طاغية عن دين هو جاء بالاساس ليزيل عروش الفراعنة والطواغيت وطاعة غير الله سبحانه ؟.
وأليس في دفاع الطاغية والفرعون عن دين ما دليلٌ على ان هذا الدين فيه لعبة سياسية خطرة يجب ان ينتبه لها المتدينون الساذجون ليلحقوا انفسهم ويبداو بالتفكير العميق ؟.
وأليس مجرد قول طاغية :(( اريد ان احافظ على دين مجتمعي )) او قول فرعون :(( أخاف ان يبدل دينكم )) ادلة كافية على ان مابين ايدي الناس على اساس انه دين هو في الحقيقة شبكة معقدة من الخداع والتخدير لاذهان وعقول الشعوب والبشر لتبقى على عبادة الفراعنة بدلا من الله سبحانه ؟.!
لاحظوا معي كيف يكون المنطق الفرعوني بالنسبة للدين مختلف عن المنطق الرسالي :
المنطق الطاغوتي الفرعوني فيه فرض للدين وعدم قبول بانتخاب الانسان بحرية لايمانه فيقول :(( ذروني أقتل موسى وليدعُ ربه إني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد )) اي ان القتل وحده وسيلة الحفاظ على دين الفراعنة والطواغيت !.
بينما المنطق الرسالي النبوي الموسوي المحمدي يعتمد على العقل والحرية والاختيار والايمان :(( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) (( لااكراه في الدين )) (( لكم دينكم وليّ دين )) (( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ))..... فهو دين البرهان والحجة والعقل والاختيار والحرية والايمان ، دين :(( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخر )) اي انه الدين الذي لايرغب في الانتماء اليه سيخسر في الاخرة نفسه لاغير ، وليس دين الفرض والسيف الذي من يفكر ان يرتد منه فسوف يتصدى له الفرعون بالقتل والعذاب وسفك الدماء والاعراض ؟!.
ان دين الرسل والانبياء هو دين :(( يايها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم ذالك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )) اي انه دين اللافرض ، دين الحب لله سبحانه وتعالى لاغير ، دين الاخلاق المرنة ودين العزّة والشرف والكرامة ، وليس دين الذلة للفراعنة وطاعة الطواغيت !.
انه دين يشعر الانسان تجاهه انه فضل من الله سبحانه ، وليس دين منة من احد ، انه دين الايمان الذي لايدافع عنه طاغوت او فرعون ، وانما يدافع عنه مؤمنون صالحون اذا ذهبوا جاء الله سبحانه بغيرهم بلا عنف ولاحماية ولاتدبير من احد ، ليدافعوا عن الدين ويجاهدوا في سبيله لاخراج الناس من عبادة العبيد الى عبادة الله الواحد القهار !.
هذا هو الفرق بين دين الفراعنة ودين الله سبحانه خالق كل شي !.
الدين الذي يرى في الفراعنة فساد اكبر في الحياة ، بعكس دين الفراعنة الذي يرى في دين الرسل والانبياء وموسى انه يريد ان يظهر الفساد في الارض من منطلق ان كل ماهو صالح في هذه الحياة فهو فساد بالنسبة لاجندة ومقاييس وموازين الفراعنة والطواغيت !.
نعم الدين الحق دين موسى وهارون ومحمد وعيسى وجميع الرسل دين يدعو للكفر بالطاغوت بدلا من مساندته والانسياق مع دينه بقوله:(( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها )) بل ان دليل دين الرسل هو عندما تراه يناهض التفرعن ويدعو الى الاطاحة بالطاغوت ، ويعلن التمرد على طاعة اولي الامر الفاسدين ، ويقول كلمته للاخرين :(( قد تبين الرشد من الغي )) صدق الله العظيم
____________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com
الاثنين، مارس 23، 2009
(( مِحنة أن تكون الآخر ....)) حميد الشاكر
(( مِحنة أن تكون الآخر ....)) حميد الشاكر
_________________
في عالم يعيش فيه هذا الانسان بأنّانيته المُفرطة في عبادة الانا من الصعب ان تكون أنت الاخر !.
فيما سبق كان الانسان أيضا كآخر في عالم الملائكة ولم يسلم من فضول تسائل : أتجعل فيها مَن يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ....، فكيف اذا كانت الحال إنّك انت الاخر والموجود هو الشيطان ؟.
سارتر صاحب الوجودية في مسرحية الاجنحة الاربعة وصف الاخر بالجحيم !.
وفي السياسة الاخر هو الموت الكامن بين قصبات الحياة لينتظر فرصة الهجوم والافتراس لاغير !.
وفي الفن الاخر هو نصف الوجه الذي حاول أحد الفنانين رسمه ولصقه لاتمام صورة الانسان ولكنه عجز بعدما وجد التشابه في الشكل والتنافر في المضمون بينه وبين المرآة !.
في الجدل المرأة الاخر للرجل !.
وفي الانسان روحه هو الاخر لغريب يلتف حوله أسمه الجسد !.
طبعا ليس هناك فلسفة عميقة في رؤية الاخر او البحث عنه ، ولكنّ هناك شعور به طاغي في كل شيئ !.
الارض تراك آخر وانت واقف عليها تفكر بأن الارض هل تصلح ان تكون هي الاخر ؟!.
الحيوان كذالك يراك آخر عندما تمرّ به ان كنت انسان ، أو تسقط عيه حجر وهو نائم وانت حيوان !.
الانسان ذالك المخلوق المعقدّ يراك وتراه آخر مختلف ، مع تقارب الشكل وتنافر الارواح !.
الوجود ومع انه احتضان مطلق لك هو كذالك يشعر انك آخر كما تشعر انه هو الاخر آخر !.
الكون ... الخارج ....الداخل ... الاشياء ... كلها آخر !.
ربما فقط المعادلة بينك وبين الاخر تنتهي عندما لاتكون شيئا مذكورا أمام الله لاغير ، وهذا ايضا لولا ان المعادلة قائمة على ان المعلول لاشيئ أمام علّته ، وان المسبب سراب امام سببه الحقيقي ، لكان شعور الاخر كذالك موجود بينك وبين الله سبحانه !.
قيل على لسان أحد الفلاسفة : إن الله سبحانه ايضا آخر أوجده الانسان قبل ان يكون هو واجدٌ للانسان في الحقيقة ، ولكنّني وباعتبار صعوبة فهمي لانفصال وأندماج المعادلة بين الله وخلقه لاأعترف ان هناك آخر بين الانسان وربه !.
على أي حال يبدو انه من الصعب ان يكون أحداً منّا هو هو في نفس الجهة الواقف عليها شخصان ، أو زوجان ، او شيئان ، أو وجودان ، او جهتان .
في الماضي دأبت على البحث لايجاد مفترق الطرق الذي يتقاطع بي مع الاخر ولو للحظات قليلة عسى ولعلّ استرق دقيقة تعارف مع هذا الاخر ، ثم عزفت عن البحث وأوقفني التعب ، وأجلستني وعورة المنحدر ، ففكرّت برسم الطريق بنفسي بدلا من المسير و البحث عنه ، ولكنّ من اول بداية الخطوط كانت الّوحة قد تشوهت والطرق قد تضاربت ، والخطوط قد تداخلت ، وبدت الخارطة كأنها جلد قنفذ تميل الى الخروج من الاوراق ، وتصعد الى اعلى قمّة في وجهي ، لتفقأ ماتبقى من نور الحياة في عيني !.
الآخر محنة حقيقية ولكنّه القدّر المحتوم ، واصعب مافي هذا القدّر ان تكون انت دائما هو الاخر !.
اللهم لانسألك ردّ القضاء ولكنّ نسألك اللطف فيه .
__________________
alshakerr@yahoo.com
الجمعة، مارس 20، 2009
(( المدرسة آخر مكان يتعلم فيه الانسان : برنادشو ))
(( المدرسة آخر مكان يتعلم فيه الانسان : برنادشو )) حميد الشاكر
___________________
هذا رأي قرأته في احد الصحف العربية لبرنادشو وهي تتحدث عن عباقرة ولدو ونشأوا بعيدا عن نظام المدرسة ، او في احيان كثيرة فشلوا فيها ، من امثالي !.
والحقيقة ان مالامس وجداني في هذه الكلمة لعبقري المسرح الساخر برنادشو هو ان امثال هذا الرجل المنفتح وغيره الكثير من عباقرة (الفكرة والكلمة) كانوا بالفعل اشبه بطائر تسمع له اعذب الالحاب واصفى النغمات ، وترى له اروع الحركات وهو خارج الاقفاص وفي الهواء الطلق ، وتراه وهو منكمشا بائسا مضطربا كئيبا وهو داخل اقفاص وسجون المدارس وتحت عصي ومساطر المعلمين والاساتذة ، وربما هذا لالشيئ كثير التعقيد الا لأن بعض الناس وخاصة من اصحاب الاحاسيس العالية ، والمواهب المتعسرّة الولادة ، لاتتوائم طاقاتهم الذهنية والعقلية والروحية مع نظام المدارس الحكومية الحديثة والقديمة ، ولهذا وجدنا الكثير من المبدعين ميتي الحركة تماما داخل المدرسة النظامية ، ولكنهم في الخارج يشاركون بسباق خيل جامحة في الادب والعلم والفن والموسيقى والرواية والشعر والفلسفة والدين !.
نعم صحيح هذا لايعني صحة رأي برنادشو الى مالانهاية في المدارس النظامية ، وانها تصلح ان تكون سجون لتأهيل وترويض الحيوانية الانسانية قبل مرحلة البلوغ والنضج العقلي لاغير ، ولكن يبدو ان هناك أشكالية في نظام التعليم الرسمي في القديم والحديث ، وإن هناك معادلة معقدة لنُظم المدارس الحكومية او التي تشرف عليها الدولة في احيان كثيرة تستعدي القول: ان المدارس رُكبت وبُنيت وأُريد من خلال تأسيسها تعليم أشياء معينة ترتبط بخدمات ما او على شاكلة ما تصبّ أخيرا في خدمة الدولة والمجتمع لاغير ، وعلى هذا وجدنا ان اصحاب المدارس والذي لديهم مؤهلات النجاح والتفوّق فيها لايمكن لهم تقديم اكثر من الخدمة الحكومية او الاجتماعية الالية وليس الفكرية او الشعرية او الاجتهادية .... وهكذا ، فتخرّج لنا من المدارس النظامية عباقرة في الطب وفي الرياضيات ، والهندسة ...... وباقي الحقول العلمية التي هي تجريبية اكثر منها فنية او فكرية او دينية او اخلاقية .... وهكذا !.
ولعلّ هذه النقطة هي ما لم يلتفت اليها صديقنا برنادشو في نقده للنظام المدرسي التعليمي العام ، او لعلّ برنادشوا نفسه حسب مانراه له شخصيا ، انه وبأعتبار انه مبدع وفنان في الدرجة الاولى وصاحب كلمة وليس صاحب خطوط وارقام ، رأى في التعليم انه المكان الوحيد الذي لايتعلم فيه المرء اي شيئ على الحقيقة ، وانه المكان القريب الشبه من سجن الاحداث ، والذي خرّج الكثيرين الذين يحملون شهادات عليّا ولكنهم لايعرفون شيئ على الحقيقة !.
تمام : لابد ان نقرّ مع برناد ان هناك ظاهرة تكاد تكون عامة كقاعدة ولكنها ليست مضطردة دوما ، ان من تُنشأهم المدارس النظامية وخاصة منها الحكومية يتمتعون بنسبة عالية من الغباءالفكري المزمن ، وكذا الجفاف في المشاعر الانسانية الخلاّقة والمبدعة ، ولكنّ يبدو ان هذه الظاهرة مردها الى التربية الالية التي تزرعها ايضا مدارس التعليم النظامية ، او التي تتسرب مع التعليم لشخصية الانسان الذاتية ، لتحوّل شخصية المتعلم شيئا فشيئا ، ومع طول مدّة الممارسة الدراسية الى حاسب آلي او تربة جافة ، او معادلة رياضية معقدة من الخطوط والارقام الصلبة ،وتبتعد تلقائيا عن المرونة والانفتاح والثقافة والتعليم كما يريدها ويراها برنادشو وغيره من اصحاب الكلمة الفكرية التي تخاطب جزء من الانسان لايمكن لجميع مدارس البشرية ان تضع له مناهج للدراسة !.
أن نقطة ارتباط المدرسة بالنظام والدولة هي في الواقع من اهم النقاط التي يجب ان تُعتبر على اساس انها مفتاح اللغز الذي طرحه برنادشو في قضية التعليم المدرسي وكيفية عدم صلاحه للتعليم ، ولابأس ان قيل ان هناك مناهج تدريسية تقليدية وقديمة كانت بالفعل فاشلة على كل الصُعد التعليمية ، ولاتخرّج للواقع الانساني الا ديكورات متممة لصناعة الحياة لاغير ، وفي حالة مدارس لاتتمكن من اعطاء تعليم خلاّق ، او انها صالحة فقط لصناعة كتلة وضعها الطبيعي الحاجة الرسمية للدولة او الحاجة الطبيعية للمجتمع ، فأن مثل هذه المناهج والنظم التعليمية ستكون عرضة للنقد المتكرر من اصحاب العقول المنفتحة التي ترى في التعليم والثقافة والكلمة .... وباقي ادوات الكاتب والمفكر والمثقف والعالم والمجتهد ، بسبب انها مناهج ونظم دراسية تتمكن من خلق دكتور لمعالجة اعضاء الانسان الفسلجية ، وكذا رياضي يخترع مواد متفجرّة نووية حربية لتقوية عسكرة الدولة وهيمنتها السياسية ، لكنها لاتتمكن مطلقا من صناعة كاتب او مفكر يغرد خارج اطار الخدمة الالية للمجتمع او للدولة ، وعلى هذا الاساس قلنا ، ونعيد القول اليوم : انه لاتوجد مدرسة نظامية لافي الماضي ولافي الحاضر بأمكانها ان تصنع فنانا متألقا او كاتبا مطالبا باصلاح الواقع الاجتماعي او مفكرا في الفلسفة او اللاهوت ،او مجتهدا في الدين بامكانه التجديد وقيادة الاصلاح الاجتماعي والثورة عليه ، ...... من منطلق ان كلّ هذه الادوات الفكرية والثقافية والتعليمية هي ليست من جنس الاليات الميكانيكية التي رُكبت مدارس النظم الاجتماعية على اساسها اولا ، ولأن بعض العلوم والثقافات والافكار والفلسفات تعتمد بشكل مطلق ومباشر على امكانيات الانسان نفسه وليس على كيفية والية وصور ونظم مناهج التعليم الدراسية في المدارس الرسمية وغير الرسمية !.
اي : ان ما اعتقده برنادشو من انه تناقض في معادلة مدارس لايمكنها تقديم التعليم ، هي في الحقيقة معادلة طبيعية لابداع لايمكن تدريسه في المدارس الرسمية ، ولهذا يمكن لنا تصوّر مجتهدا دينيا بلا مدرسة تعلّمه ، وربما لو كان متعلمّا في مدرسة لما امكنه ان يصبح مجتهدا !. وكذا فيلسوفا او كاتبا او مفكرا او شاعرا او اديبا او فنانا .... او حتى نبيا، لو كان متعلمّا بمدارس نظامية حكومية لأفسدت المدرسة حاسته الابداعية المتألقة ، او لقتلت مناهج التدريس كل طاقاته الروحية والفكرية الخلاقة ، ولتنقله من مشروع فيلسوف مفكر الى مشروع طبيب باطنية يعالج المصارين والعسرة في الهضم !.
اعني : ان هناك من يعتقد كبرنادشو انه يمكن اصلاح النظم التعليمية المدرسية لتخرّج علماء بعلم وثقافة معا ، وبدلا من تخريج مهندس عبقري لكنه يفهم فقط بالخطوط وكيفية ترتيب الحجارة ، يمكننا بلمسة من هنا او هناك ان ندخل مناهج لعمليات التفكير وتذوّق الفن وابداع الاجتهاد وغير ذالك !.
لكنّ المأساة الحقيقية هي عندما نكتشف ان مناهج التدريس النظامية والمدارس الحكومية وصلت الى مرحلة من البلوغ والوجود بحيث انها لايمكن ان تقدم للفكر وللروح وللجمال وللفن وللدين اي شيئ نافع ، بل ربما انها ان دخلت على خط الحرية الفكرية لافسدت كل شيئ بدلا من اصلاحه فضلا عن تطويره !.
نعم المدرسة هيكل رسمي اليوم من ضمن اذرعة ومكياج اي دولة ونظام سياسي قائم ، بل ان نظام التعليم البشري لم يخلق في الانسانية الا ليكون اداة لجهاز الدولة ونظامها القائم ، وفي خدمتها لتقديم الخدمات اللازمة ، وعلى هذا نقول : ان امكانية دمج المدني الاجتماعي الفكري الفني الديني ، مع السياسي الرسمي الاداري الالي شيئ من الصعب تحقيقه على المدى المنظور في هذه الانسانية التي نعيش فيها ، بل ونقول : ومنذ متى كان هناك وفاق بين الفكري الفلسفي الثوري الديني الفني في المجتمع ، وبين الرسمي النظامي الاداري الدولي الحاكم والمتسلط على هذا الاجتماع !.
صديقنا برنادشو عندما قدمت له جائزة نوبل كأحترام وتقدير لابداعه الفكري ، رفض برناد قبول هذه الجائزة السخية من نوبل ليقول مقولته التي بحاجة الى تأليف كتاب حولها وهي : انا اغفر لنوبل اختراعه الديناميت ولكنني لااغفر له جائزة نوبل !.
فياترى هل حقا كان مخترع الديناميت ودارسها في المدارس النظامية بمعادلات رياضية معقدة لتدمير البشرية وخدمة للدولة والنظام السياسي ، هو من يستحق ليقدم جوائز وتقديرات لصاحب الفن والشعر والمسرح والفكر برنادشو ؟.
أم انه ينبغي لصاحب الفكر والنبوة الامي ان يقيّم صاحب المدارس والنظم التعليمية على الحقيقة !.
يبدو في عالم المدارس والدولة لاينال الجوائز العالمية الا من ترضى عنه السياسة والدولة ونوبل ، بينما اصحاب الكلمة والموقف والابداع والحق والاخلاق والروح والمشاعر والاحاسيس فهم آخر من يفكر العالم بتكريم عقولهم الخلاّقة والمبدعة والثورية على الحقيقة !؟.
_________________
al_shaker@maktoob.com
alshakerr@yahoo.com
الخميس، مارس 19، 2009
(( التشيّع والمغرب ... الدولة كشرطيٌّ لحماية الدين أو فرضه !.))
(( التشيّع والمغرب ... الدولة كشرطيٌّ لحماية الدين أو فرضه !.)) حميد الشاكر
___________________
ضجةٌ ضخمة وكبيرة هذه التي يقودها الملك المغربي محمد السادس ضد مايسمى مغربيا ب(فوبيا التشيّع ) ولاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار التطورات السياسية التي رافقت هذه الظاهرة ، وما رُتّب او رُكّب عليها من تبعات وصلت الى حدِّ الاعلان عن قطع العلاقات السياسية بين جمهورية ايرانية الاسلامية ومملكةالمغرب العربية بسبب ما قيل عنه : انه محاولة لنشر التشّيع في المنطقة العربية والاسلامية بالعموم ومملكة المغرب بالخصوص تقوم به وتقود فواصله دولة ايران الاسلامية !؟.
والحقيقة بغض النظر عن مَن يذهب الى : ان هناك استغلال سياسي للقضية المذهبية مغربيا، وان الاكمة ورائها مخطط غربي لعزل ايران عربيا واقليميا بسبب مواقفها الداعمة للمقاومة في فلسطين ولبنان تقوم به بعض دول الاعتدال او المحور الامريكي( مصر ، السعودية ، الاردن، المغرب ) بالنيابة ، او ان ليس هناك اي دوافع سياسية مغربية وراء هذه الخطوة ، وانما هناك حماية ودور للدولة المغربية تقوم به طبيعيا لحماية مقومات المجتمع المغربي كما اعلنت الدولة المغربية ذالك عن نفسها : انها بصدد حماية النسيج الديني السُني المالكي للمجتمع المغربي من نشر التشّيع داخله ، ومن ثم تغيير ملامح هويته الدينية !.
بغض النظر عن هذه او تلك من الرؤى التي تحلل الموقف السياسي المغربي ، وبعيدا عن مقولة مَن يشير من هنا وهناك الى : ان التشيّع الاسلامي والطائفي والمذهبي هو ليس غريبا على المغرب العربي كله فضلا عن دولة المغرب الحديثة حتى يُقال ان هناك خطر جديد قادم على الهوية الدينية لشعب المغرب العربي الاسلامي ، فللتشيّع تاريخ قديم وحديث ايضا في هذه المنطقة ، وكثير من الدول والاسرّ الملكية التي حكمت في افريقيا هي كانت تحكم بأسم التشيّع لاهل البيت عليهم السلام ، كالذي بالفعل وقع في قبل وبعد الدولة الفاطمية في مصر والمغرب العربي بالعموم !.
وايضا بغض النظر عن ذالك المحور في تناول الموضوع ، نريد ان نناقش القضية المغربية الجديدة في (فوبيا التشيّع ) القادمة اصلا للمغرب حسب التصريحات الحكومية من الغرب اللااسلامي بالاساس وأن مواطنين مغاربة يعيشون في الغرب وفي كنف الحرية الغربية قد تشيّعوا وحملوا فيروسات التشيّع معهم لبلدهم الاصلي المغرب ، نريد ان نناقش هذ القضية بعد مصطلح (ظاهرة الرعب من التشيّع ) ومصطلح ( الخطر الشيعي ) الذي روجت له الدوائر الصهيونية بالتحديد بقوّة في الاونة الاخيرة على اساس انها ظاهرة ايضا ، ولكنها عندما تكون ظاهرة لااسلامية في الاساس وسياسية منغلقة مئة بالمئة بالتمام ولكن بلباسها الديني ، لنسأل : هل ماقامت به المملكة المغربية من ضجةٍ مدّوية في الاوساط الاعلامية في قضية (فوبيا التشيّع ) هي ظاهرة بالامكان دراستها على شكل علمي لنخرج بنتيجة كارثية السياسي الضعيف والديني الرجعي عندما يتحالفان ويريدان محاولة السيطرة على المجتمع بسياسة الرعب والصدمة لتجريده من مطالبه السياسية الواقعية بأسم حماية الدولة للدين وحماية الدين للدولة ؟.
ثم ماهي مداليل الاصطفاف الفجائي والغريب العجيب بين المملكة السياسية المغربية بقيادة امير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس ، وبين الدعم المطلق للسلفية الرجعية التي لطالما ناهضت الدولة والحكومة المغربية وارهبتها في مفاصل كثيرة الا في مفصل ( فوبيا التشيّع ) وجدنا السلفية الدينية توقّع على ولاء مطلق للدولة في محاربة التشيّع القادم من اوربا ؟.
وهل يصلح او بالامكان القول انه ينبغي ان يكون للدولة بماهي دولة توجهٌ موّحد ومذهبي وطائفي تقَرّر مغربيا بالمذهب السُني المالكي هو الحاكم على جميع الطوائف والمذاهب الاسلامية الاخرى ، ومن هنا انتفضت دولة الملك المغربية لتناصر طائفة على اخرى ، وتدعم مذهبا اسلاميا ضد آخر ؟.
أم ان الدولة كما عرفناها في الاسلام هي دولة المواطنة اولا ، وحامية لحرية الاديان ثانيا وان كانت تسمى بالاسلامية ، او انها تؤمن بالاسلام كشريعة وديانه محقة في الايمان ؟.
بمعنى آخر : كيف يجوز لامير المؤمنين الملك المغربي ، ودولته العربية والاسلامية ، ان تميل في الامارة لطائفة مؤمنة على طائفة مؤمنة اخرى سواء كانت مختلفة الديانة كاليهودية او الأسلامية بغض النظر عن كونهما اسلاميتان ولكن الاولى مالكية والثانية شيعية ، ليتقرر مشروعية المالكية ولاشرعية الشيعية ، ومن ثم لتصطف الدولة بجانب طائفة وتقمع اخرى بسبب او من منظور ان للدولة الحق في التدخل بضمائر افرادها ومواطنيها واختيار او فرض المعتقد والايمان لهم ؟.
وهل هذا مقرّ اسلاميا ودينيا في النصوص القرءانية والاخرى السيرية المحمدية ، لتقوم به مملكة المغرب العربية الاسلامية بأسم حماية الهوية الدينية الاسلامية للشعب المغربي ؟.
أم ان الاسلام اساسا يرفض التدخل مطلقا بضمير الانسان ومن ثم ارغامه على الايمان بمبدا معين وتصور وعقيدة وطائفة محددة اسمها الطائفة السُنية المالكية المغربية ؟.
أليس مثل هذه المواقف المغربية السياسية للملك وحكومته التنفيذية في المغرب ضد التشيّع مذهبا وفكرا وعقيدة وسلوكا ....... ، هو اعلان صريح ومناقض في جوهره لكل الاعراف الانسانية الدينية بمافيها الاسلامية ايضا ، والاعراف الدولية في شرعة حقوق الانسان الدينية والفكرية والمدنية ، وكذالك هي مواقف مناهضة لروح العصر وما وصلت اليه الانسانية من وعي يدرك بالفطرة : ان ضمير الانسان تحرّر منذ العصور الوسطى من سلطة الدولة والكنيسة ، فكيف بعد هذا الطريق الطويل الذي قطعته البشرية ، يأتي الزمان بمملكة المغرب ودولتها لتمارس دور الشرطي الحامي والحارس والفارض والمخطط لعقيدة الفرد والجماعة وايمانهم السُني المالكي كما تدعيه هذه السلطة البائسة ؟.
ولماذا فقط المذهب الشيعي هو الخطر على هوية المجتمع المغربية السُنية المالكية إن كانت دولة جلالته تحكم بالعدل وتجنح الى سواء السبيل في قضية تفجير سياسة (فوبيا التشيّع ) ؟.
وماذا عن التبشير بباقي المذاهب والاديان والاتجاهات العلمانية التحررية من كل دين وملّة ومذهب وتوجه ؟.
وهل هي ايضا سوف تُمنع من الوجود على ارض العقل المغربي الاجتماعي كي لاتهدد استقراره الديني النفسي والعقدي الاجتماعي والسياسي ؟.
أم ان كل افكار العالم والانسانية والانس والجنّ لاتشكل اي خطر من بعيد وقريب على استقرار وتماسك ووحدة وهوية الشعب المغربي الدينية ماعدى الفكر والمذهب والمعتقد الشيعي الاسلامي هو المؤثرّ والمخرّب والأفاك والساحر والشاعر والكاهن ... كونيا في هذه الحالة ؟.
و ماعلاقة ايران الاسلامية عضويا بمبدأ وفكر التشيّع لمدرسة اهل البيت ع في الذهن المغربي حتى تقطع علاقاتها بدولة ايران الاسلامية ، بدعوى نشر التشيّع وتعتبر ان التشيّع موجود لاغير في جمهورية ايران الاسلامية ، وانها هي فقط من تؤمن بهذا المذهب وهي من ترّوج له وتدعمه وتدعوا اليه ؟.
الا تعلم مملكة المغرب العلويّة الاصل : ان الشيعة والتشيّع باعتباره فكر وتصور ومعتقد وعلم ومدرسة ايدلوجيةأسلامية هو في العراق العربي اساسا شيّدت قواعده ومنه انبثق عربيا صحيحا ليؤثر هو على ايران وليس العكس لتؤثر ايران فيه ، وهكذا هو في لبنان وسوريا وتركيا وتونس والخليج ومصر وايران ..... وباقي دول العالم الاسلامي والعربي وغير الاسلامي العربي ، فماهي لعبة نسبة التشيّع لاهل البيت لجمهورية ايران الاسلامية لاغير ؟.
الحقيقة انني لو شئتُ ان اترك الحبل على الغارب لاسألتي الحائرة والمستفسرة حول ظاهرة فوبيا المغرب من التشيّع لما توقفت الاّ بعشرت وربما مئات الاسألة التي ينبغي على المملكة والحكومة المغربية ان تجيب عليها لتقنع العالم الانساني والعربي والاسلامي بخطواتها المستفزة ضد الشيعة والتشيّع بالذات ولماذا هذا الاستهداف المباشر لمبادئ الاسلام الشيعي الحقيقية !.
فمثلا هل يُعقل عندما يأتي التشيّع الاسلامي من الغرب المغربي ليدخل لقلوب المغاربة عبر المحيط بلا اي ضغط او خوف او طمع او ابتزاز وخصوصا من بلجيكا او النرويج او الدنمارك او غير ذالك ، فيبادر الملك وحكومته المغربية بقطع علاقاته مع المشرق الايراني ، فهل رأت الانسانية مثل هذه السياسة الحكيمة من قبل !؟.
ثم أليس سوف يسأل العالم أنفسهم ولماذا يؤمن الانسان المغربي بالتشيّع عندما يتنفس الحرية في الغرب ، بينما يهجر المالكية التي تفرضها مخابرات الدولة المغربية على عقل وضمير هذا الانسان المغربي المسكين بالقوّة ؟.
وماذنب التشيّع اذا التفت الانسان المغربي حوله ليبحث عن اسلام يواكب العصر ويناغم الحضارة ويقنع وجدان العقل والروح ، ويحمل التسامح والانفتاح فلم يجد امامه غير الاسلام الشيعي فآمن به ؟.
أخيرا : هل سنشهد مادامت الحجة المغربية هي الرعب من التشيّع قطع علاقات مملكة المغرب ايضا للعراق باعتبار انه بلد شيعي ، وكذا لبنان ، والبحرين اكثرية السكان شيعة ...... وهلم جرّا لتكون سِنة المغرب السيئة في العلاقات الدولية والسياسية والدبلماسية والاجتماعية منبنية على البعد الطائفي والمذهبي لهذه الدول ؟.
أم اننا سنفاجأ بعد قليل من الوقت ان جلالة الملك محمد السادس المغربي نفسه هو متشيّع بالاساس الا انه مستخدم للتقيّة بعنف خوفا من شرطة السلفية الرجعية المسيطرة على المجتمعات العربية بالارهاب والحديد والنار في التاريخ وحتى هذه اللحظة ؟.
الحقيقة انه لايمكن لاي دولة في هذا العالم ان تأخذ دور الشرطي الذي يدعّي حماية المجتمع ورقابته الدينية ، بينما هي في الاساس تمارس فرض رؤيتها الدينية الطائفية الضيقة على مواطنيها من منطلقات ما انزل الله سبحانه بها من سلطان ، ولو كان للدولة هذه الوظيفة كما ادعّته المملكة المغربية مؤخرا من خلال مناهضتها السياسية للتشيّع الاسلامي ، لكان رسول الله محمد ص الذي مثل دولة في رجل هو الاولى بالمسلمين والمؤمنين من انفسهم أحق بذالك ، ولم نسمع او نقرأ او نُقل عنه ص انه امر بفرض الدين على بشر ، ولاهو من صنف الانبياء الذي يحاولون التحايل على ضمائر الناس ليكسبوا ايمانهم بالحيلة والارهاب من فوبيا مزعومة ويرّوج لها من منطلقات سياسية ، ولانذهب بعيدا ، فهذا القرءان الكريم الكتاب المقدّس للمسلمين يتحدث عن :(( لااكراه في الدين )) وعن :(( من شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفر )) مثلما تحدّث عن قوله سبحانه في دولة النبي الاكرم محمد ص في :(( أفانت تكره الناس على ان يكونوا مؤمنين )) (( وماانت عليهم بوكيل )) ..... وهكذا !.
أفبعد هذا كله تأتي لنا مملكة المغرب ببدعة تحاول تسميتها بالسنة الحسنة لحماية العقيدة الدينية ، وفرض نموذج سُني مالكي على شعب بكامله بأسم الخوف من خطر التشيّع الاسلامي ؟.
ثمّ الا يقول لنا أحد من العالمين ماهذه الاديان والايمانات التي تتقافز من قلوب المغربيين بالخصوص والعرب والمسلمين بالعموم ، وليس لها ثبات ابدا منذ دولة ال امية حتى هذه اللحظة الا من خلال الارهاب والتسلط والفرض وتسليط الشرطة الدينية السلفية بعصيهم ودررهم التي تلهب ظهور الناس بلارحمة ، لنحافظ عليها في دولة أمير المؤمنين ؟.
أليس من المخجل حقا ان نقدم الاسلام والايمان به على هذا الاساس المخزي من الضمير المستعبد في اوطاننا والخاضع اولا لمراقبة السلطان وثانيا للشرطة والمخابرات ، وثالثا للمسجد والجامعات ..... وكأننا امةٌ بالفعل اعتنقت هذا الاسلام بالسيف ، وآمنت بهذه الملّة تحت درّة الجلاّد ؟.
ألا تفهم هذه الدول والملكيات والحكومات ان اللعب بنار الفتنة الطائفية في الاسلام لاتحرق في الحقيقة الا اصحابها والنافخين بكيرها ؟.
أذن : الى متى ينسب لهذا الدين وهذا الاسلام ماليس منه وهو براء مما يحيكون باسمه ، ويستعبدون البشر بسلطته ، ويناهضون الانسانية بالمخاطرة بسمعته ؟.
نعم : الايمان في الاسلام حريّة تُحمى ، ومعتقد يبنى ، وضمير فرد بين الانسان وربه ، ونظام جماعة ترغب بالعيش في نمط معين من اساليب الحياة ، ولايتدخل لفرضه الا شيطان ولايدّعي حمايته الا مغفل ، ولايجرأ على اللعب فيه الاجاهل سيعلّمه الزمان انه صاحب الصفقة الخاسرة ، ولنا في التشيّع الاسلامي أسوة حسنة ، حيث ولد بلا سلطة ولاسلطان ولادولة ولاصولجان ، ومع ذالك هاهو ينمو ويكبر بين قلوب الناس ومحض اختيارهم ، كتجربة للايمان لم يرى الوجود مثلها في انتصار الفرد لاختياره في هذه الحياة !.
_________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com
الاثنين، مارس 16، 2009
(( لماذا نتشيّع لأهل البيت .... خطاب للاخر الاسلامي ؟.))
(( لماذا نتشيّع لأهل البيت .... خطاب للاخر الاسلامي ؟.)) حميد الشاكر_________________
كثيرا من المسلمين ومع الاسف عندما يريدون التعرّف على الشيّعة والتشيع في الاسلام ، ولماذا هم في الاساس قد تشيّعوا لمدرسة ال البيت المعينة في الدين من دون المدارس الاسلامية الاخرى ؟، أوما سبب هذا التشيّع بالذات لاهل بيت الرسول محمد ص بغض النظر عن جمهور معظم الصحابة ومايحملونه من قبس من نور النبوة والاسلام ؟، فأن الاعتقاد السائد لدى المسلمين غير الشيعة : أن المسألة ماهي الا مجرد تشيّع عصبوي قبلي او في احسن الاحوال هو تشيّع سياسي لهذا البيت الهاشمي الذي انحدر منه الرسول ص واهل بيته الكرام ، في مقابل تشيّع قبلي آخر يذهب الى الاتكاء على الصحابة ومن تبعهم باحسان ، لتكون المعادلة برمتها هي تشيّع لال هاشم في السياسة ، مقابله تشيّع لال أمية في الجانب الاخر !؟.وعلى هذا الاساس قد بنى الكثير من الفكر صاحب النوايا الطيبة الذي يحاول ردم الهوّة بين الشيعة والسنة في الاسلام اليوم ، وعلى هذا ايضا أنحاز مَن انحاز ضد الشيعة والتشيّع ليستخدم شتى الاساليب السياسية المنحرفة كتكفير الشيعة ورميهم بالشرك والبدع وسبّ الصحابة الكرام ..... الخ ، لينال من شرعية الوجود الشيعي ومذهب التشيّع لاهل بيت الرسول الاعظم محمد ص !.والحقيقة ، وبغض النظر عن هذه الزاوية السياسية ، وغيرها من الزوايا العقدية الخلافية الموجودة بين عقائد المسلمين ومنتمياتهم الفكرية والايدلوجيه ، نحن لابد ان ننظر للوجود وللفكر الشيعي وقضية التشيع على اساسها الواقعي العميق الذي يراه المتشيعون لاهل البيت انفسهم ، ولنسألهم في بدأ مسيرتنا للتعرف على التشيّع والشيعة وفكرتهم نحو هذا الانتماء ولماذا هم ينتخبون الانتماء والتشيّع لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟.لنخرج فيما بعد بنتيجة رؤية واضحة تدفعنا لأدراك معنى التشيّع والشيعة ولماذا هذا التشيّع داخل الاطار الاسلامي الكبير ؟.نعم لو فُرض اننا سألنا متشيّعا لاهل البيت عن سرّ انتمائه لهذا المذهب الاسلامي ؟.وماهي دوافعه ورؤيته الحقيقية لهذا التشيّع ؟.وهل هو تشيّع سياسي أم ديني أم اجتماعي ؟.فماعسانا نسمع من هذا المتشيّع الاسلامي ؟.الاقرب الى الواقع الشيعي الاسلامي هو اننا سوف نسمع جوابا يرى : ان اهل البيت عليهم السلام جميعا ، وحسب المعتقد الشيعي الامامي الاثني عشري ، هم ليسوا في المقام الاول قادة سياسيون فحسب ، ليكون ايمان المتشيّع بهم باعتبار انهم عباقرة في السياسة وادارة شؤون الحكم وجلب المصالح ودفع المضار عن المجتمع .....لاغير ، وليكون فيما بعد ايمان المتشيّع باهل البيت كان منطلقه الاول منطلقا سياسيا نفعيا مصلحيا دنيويا ، واختلاف المتشيّع مع غيره اسلاميا هو اختلاف سياسي فقط !.لا لاينظر المتشيّعة لاهل البيت عليهم السلام على اساس انهم قادة وأئمة سياسيون في المقام الاول ، ولكنّ يرى المتشيعة ان اهل بيت الرسالة وفي المقام الرئيس والصدارة العظمى انهم ائمة دين وقادة اسلام ووعي ، أختارهم الله سبحانه (بشكل او بآخر) ليبلغوا الدين بعد الرسالة ويشرحوا للأمة مضامين هذا الاسلام وافاقه الصحيحة مضافا لذالك الحفاظ على روح الشريعة الاسلامية بعد النبوة من تحريف المنحرفين ، واحتيال المنتحلين ، وبدع الجهلاء والظالمين ، ومن هنا كان المتشيّع في بدئ خطواته الاولى يبحث في قضية الانتماء لاهل البيت ع وهل هو انتماء اسلامي ديني اساسي أم انه انتماء من نوع آخر وعلى نمطية مختلفة ؟!.وربما في هذا المنعطف الذي يوّضح لنا ماهية الانتماء الشيعي لاهل البيت عليهم السلام ، وكيفية نظرته لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟، وعلى اي اساس ينتمي المتشيّع لمدرسة اهل البيت ع ، يعترضنا ساءل بأعتراضين :الاول : قضية ( دور اهل البيت ع ) في هذه الحياة الاسلامية وكيفية نظر المتشيعة له اسلاميا دينيا وليس سياسيا دنيويا نفعيا مصلحيا فحسب ؟.وثانيا : قضية لماذا لم يكن غير اهل البيت من صحابة رسول الاسلام محمد العظيم ص هم ايضا يصلحون لمهمة توضيح الدين وتبليغ الرسالة وحمل الامانة وحفظها كذالك ؟.الحقيقة وللجواب على هذين الاشكالين لابد ان ندرك : ان الدور السياسي في الحياة الانسانية هو مختلفٌ تماما عن دور التبليغ الرسالي الديني في الاسلام اختلافا جذريا ومن القواعد والاسس ، وربما يكون هنا وهناك التقاء سياسي اسلامي ديني في بعض المحطات ، لكن لاننسى ان هناك افتراق حتمي وتناقض صارخ ايضا وفي كثير من الاحيان بين الاسلامي الديني والسياسي النفعي كذالك ، وما مقولة التاريخ الاسلامية المعروفة :(( لاكسروية ولا قيصرية وانما هي النبوّة )) التي قالها العباس بن عبد المطلب لابي سفيان بن حرب الاموي في اخر محطة من محطات القضاء على الكفر والشرك العربي آنذاك في مكة ، الا تعبيرا عن مدى اختلاف المشروعين في القواعد والمنطلقات والمبادئ والغايات بين ماهو رسالي الاهي في بنيان الدول والسياسات والحكومات ، وبين ماهو سياسي ملكي دنيوي في نفس البنيان !.بمعنى أوضح :ان في مجتمع تبنيه الادارة والسياسة والمصالح والمنافع طابع مختلف تماما عن مجتمع تبنيه الرسالة والنبوّة والاسلام ، ففي المجتمع المنبني على المصالح تبرز سيقان المجتمع ومرتفعاته الهيكلية بشكل يحتم عندئذ على تقديم نموذج القيادة والادارة لهذا المجتمع منسجما مع القواعد والاسس التي بُني عليها هذا القيام الاجتماعي ، وعلى هذا يكون تقديم السياسي على الديني الاسلامي واجب حياتي للبشر لادارة مشاريع الدول وتطلعات المجتمعات باعتبار ان الاسس التي يقوم ويبنى عليها المجتمع والدولة هي نفس الاسس التي تفرض نمط ونوعية القيادة لهذه الامة او ذالك المجتمع !.أما ان كانت قواعد المجتمع المدنية قائمة على الفكرة الدينية والنبوّة الرسالية كما هو في الاسلام ، وان المساهم في بناء اللبنات الاولى للمجتمع وللدولة كان هو الاسلام واطروحته ، فيكون عندئذ القانون البديهي فارضا نفس معادلة القواعد والاسس ليقدم القيادة الاسلامية الدينية الفكرية لقيادة هذه الدولة والامة على القيادة السياسية في هذا المضمار !.وعلى هذا كانت المعادلة الاسلامية في الاسلام ترى ان القيادة التي ينبغي ان تقدّم في الاسلام وحسب مجتمعه الاسلامي هي القيادة العلمية والفكرية والدينية او هي قيادة التعليم والتزكية والتربية وتلاوة الكتاب للمجتمع كما في قوله سبحانه وتعالى :(( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون / 151/ سورة البقرة )) قبل القيادة السياسية والادارية والمصلحية والنفعية في هذا المجتمع !.أي ان الاسلام اول مابزغ نوره على جزيرة العرب والمسلمين ، وبدا وحيه للناظرين ، بدأ اول مابدأ فيه وضع لُبناته الاجتماعية الاولى في بناء مجتمعه الاسلامي على اساس هذا الدين وهذه الرسالة وهذا الاسلام ، ومن ثم أقيمت هياكل المجتمع الاسلامي لتكون قاعدة :(( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) وقاعدة :(( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون )).... هي الاسس والقواعد ، و ليصل فيما بعد الى مرحلة قيام مجتمع رسالي اسلامي مترابط برباط (( انما المؤمنون اخوة )) و حامل لمبدأ عقدي ومبشر جميع الامم بهذه الرسالة ، بالاضافة الى تمييز موقع هذه الامة واتجهاتها الفكرية والعملية في انها أمة وسطا، ومثل هذه المعادلات الاجتماعية هي مختلفة تماما عن مجتمع يقوم على اسس اجتماعية او اقتصادية او سياسية ، كالذي نقرأه مثلا في الفكر السياسي الغربي القديم والحديث ، الذي يرى ان قاعدة تكوين المجتمعات وبناءه كانت نواة الاجتماع السياسي الذي اضطرّ الانسان من خلال الحروب ان يجتمع ليضمن الدفاع عن نفسه ، او كالذي يذهب الى ان نواة الاجتماع الانسانية هي العوامل الاقتصادية النفعية التي توفر للأفراد حوائجهم الاقتصادية ، او غير ذالك من رؤى سياسية درست فكرة اللُبنة الاولى لقيام المجتمعات الانسانية ودولها حسب افكار ( لوك وروسوا وسبينوزا ....) وغيرهم من فلاسفة ومفكري الشرق والغرب !.وعلى هذا نقول ان نفس هذه الاسس التي يقوم عليها اي مجتمع تفرض ان تأتي صور واشكال وصياغات قياداته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فاذا كانت لُبنات المجتمع مؤسسة على المصالح والمنافع ، فرض المنطق ان تأتي قياداته سياسية مئة بالمئة لا لسبب معقد الا لكون هذه القيادات السياسية هي الاعرف والافهم والاكثر ادراكا للكيفية الصحيحة التي من خلالها يتم قياد المجتمع والتحرك به نحو الافضل ومايوفر له جلب المصالح ودفع المضار عنه !.وأمّا ان كانت لبنات المجتمع الاولى وقواعده البنيوية الانسانية الثابتة هي مبنية على التقوى لله سبحانه والمعرفة برسالته والعبادة له والتضحية في سبيل اعلاء كلمته .....، فستكون نفس هذه القواعد الاجتماعية البنيوية هي الفارضة شكل القيادة وصياغتها النهائية ، بأن تأتي القيادة فكرية تعليمية ايدلوجية في المقام الاول لقيادة المجتمع وليس فحسب حسب مايوفرّ مصالحه المادية ويدفع عنه المضار الحياتية ، وانما فوق ذالك قيادة هذه الامة حسب مخطط الفكرة ومتطلبات الرسالة ، والدفع به نحو الامام في التقدم والسمو والتزكية والرفعة الاخلاقية وهكذا !.والآن لو سألنا عن القواعد البنوية التي بنى عليها الاسلام مجتمعه والرسالة المحمدية مضامينها الانسانية ، فهل سنقول ونخرج بنتيجة ان بنية الاجتماع الاسلامية هي رسالية دينية اخلاقية عبادية نبوية ومن ثم مصلحية ؟.أم انها بنية مصلحية سياسية اقتصادية اجتماعية نفعية لاغير ؟.إن كانت البنية الاجتماعية التي اقامها الاسلام في بداية تحركه الرسالي كانت ايدلوجية فكرية اخلاقية عبادية ، تطلب منّا ان نقرّ بوجوب ان يتقدم الاعلم والافهم والاكثر ادراكا لمطالب واهداف وغايات هذه الرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة في قيادة الدولة والمجتمع ؟.وإن كان العكس في بنية الاجتماع الاسلامي فيتقرر عندئذ القول علينا تقديم السياسي على الفكري في قيادة هذه الامة وهذا التيار ، وهذه الدولة مادام ان بنية المجتمع أُقيمت على اساس المصالح !.ان المتشيّعة لاهل بيت الرسالة المحمدية عليهم السلام جميعا ومن هذا المنطلق الذي ذكرناه آنفا يرون : ان بنية الاجتماع الاسلامي الذي اقامها الرسول الاكرم محمد ص ، بالاضافة الى القرءان الكريم ، وما أسس له الاسلام ومنذ البداية ، هو بنيان وتأسيس قائم على الفكرة والايدلوجية والاخلاقية والتعليم والتزكية والرسالية والاهداف وتلاوة الكتاب الكريم ....، قبل قيامها على المصالح والمنافع السياسية والتوازنات المصلحية والقبلية ، ولهذا يرى المتشيّعة وجوب تقديم اهل البيت ع لقيادة الامة والدولة الاسلامية بسبب انهم الاقدر والاعلم والافهم ..... على استيعاب فكرة الاسلام ومعرفة مداخل ومخارج الرسالة المحمدية الخاتمة !.اي ان المتشيّعة عندما استفسروا إسلامياًعن الجهة التي مثلت بعد الرسول الاعظم محمد ص الفهم الوافي والمعرفة المحيطة والعلم الكامل في الشريعة ، وجدت :اولا : القرءان الكريم نفسه يقرّ ان اهل بيت الرسالة والنبوّة الذين اذهب الله سبحانه عنهم الرجس في قوله سبحانه وتعالى :(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) واوجب مودتهم على المسلمين في قوله سبحانه :(( قل لااسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ))......هم الاقرب تقوىً وطهارة وعفة لروح الاسلام ومداركه ولمس افاقه وتعاليمه الحقيقية عن غيرهم من المسلمين ، فهم اهل خاصية بالطبيعة الاكرم عند الله سبحانه وتعالى في قوله سبحانه :(( إن اكرمكم عند الله اتقاكم )) ولهذا توجه المتشيّعة لاهل البيت على اساس انهم الاكثر قربا من الله سبحانه وتعالى صاحب الشرع المقدس ومرسل الرسالة الى البشرية جمعاء وباعث محمد ص للعالمين جميعا !.ثانيا : كذالك عندما استفسر المتشّيعة من الاسلام والرسول الاعظم محمد ص نفسه عن ماهية ومَن هية الجهة التي يمكن ان تكون حاملة للرسالة والعلم والحكمة من بعده ، فقد وجدوا ان للرسول الاعظم محمد ص الكثير من الاحاديث الصحيحة التي تنقلها كل الفرق الاسلامية تقول بالعِدل بين القرءان الذي هو كتاب الله الكريم وبين اهل بيته الطيبين الطاهرين في قوله ص :(( أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، او انهما لن يفترقا حتى يردا عليا الحوض )) فتيقن الشيعة ان اهل البيت هم عدل القران وهم الكفة الاخرى للاسلام فتشيعوا لهم من هذا الباب وهذا الطريق !.وكذالك هي الحال في مئات الاحاديث الرسالية النبوية الشريفة التي تؤكد على قضية الاعلمية في الاسلام والشريعة المحمدية لاهل البيت على العموم ولعلي بن ابي طالب بالخصوص ، كخطوة اولى لمشروع الامامة الذي قال الرسول الاعظم عنه :(( الائمة اثنى عشر كلهم من قريش )) و كقول الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم وعلي بابها )) فأدرك المتشيعة ان القيادة للدولة وللدين والمسلمين في علي بن ابي طالب بعد الرسول محمد ص لانه الاعلم بشهادة الرسول محمد ص ، وبشهادة جميع المسلمين ثانيا بمافيهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال :(( لولا علي لهلك عمر )) !.ثالثا : وهكذا عندما سمع المتشيّعة وقرأ ان اهل البيت عليهم السلام جميعا كانوا انفسهم يدعون لانفسهم بالامامة ، ويصرحون انهم الاوصياء بعد رسول الله ص على هذا الدين ، فالتاريخ مشحون بمقالات تبدأ من علي بن ابي طالب ع وتنتهي بجميع مانقل عن ائمة اهل البيت الاثنى عشر تؤكد على :ان الخلافة من حق علي بن ابي طالب واهل بيته ، وان هناك انحراف غير مبرر في شأن الرياسة والامامة ، قد انحرف بدفة القيادة عن اهل بيت الرسول الى اصحابه !.ومن خلال هذه الدعوة لاهل البيت لم يجد المتشيّعة امام هذه الدعوة الا تصديق اهل البيت في دعواهم للامامة والقيادة باعتبار انهم الاطهار الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وباعتبار ان عدم استجابة المسلمين لدعوى امامة اهل البيت عصيان صريح لاهل بيت الرسالة والنبوة الذي لم يذكر عنهم الكذب على الله ورسوله والمؤمنين أو دعوى ماليس من حقهم انه لهم ، وترك الاعلم والاحق بالقيادة الى غيرهم ، وهذا مالايتحمله ان وقع متشيّعة اهل البيت ع!.أذن من منطلق كل هذه المعطيات وجد المتشيّعة لاهل البيت انفسهم مضطرين للتشيع لاهل البيت وان كان المزاج السياسي والمذهبي الطائفي والسلطة السياسية عند غير اهل بيت الرسالة والنبوة ، ولكن هذا لايلغي التشبث باهل البيت كمرجعية سياسية ودينية للمسلمين كافة ، كما انه وجد المتشيّعة ان الانتماء لاهل البيت واخذ الاحكام الاسلامية عنهم ، وفهم الشريعة الاسلامية من انهر عقولهم ، واجب شرعي وحكم اسلامي في اخذ حكم الشريعة من العالم بها وليس من الجاهل عليها ، مضافا اليه ضرورة اسلامية انسانية تقول : ان المجتمع الاسلامي الذي اسس على تقوى الله ومعرفته لاتكون القيادة فيه الا لأكرم خلق الله عليه سبحانه واعلمهم بشريعته ، فكان اهل البيت ع قيادة المتشيّعة في هذا الاسلام والدين !.نعم الآن ربما يقول قائل : الايكفي غير اهل البيت ع ان يكونوا ايضا حاملي لعلم الاسلام ومستوعبي لشريعته الغرّاء كالصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ، فلماذا اختصرتم علم الدين والشريعة في الاسلام وبعد الرسول الاعظم محمد ص بعلي بن ابي طالب واهل بيته ؟.ثم انه كذالك كان الخلفاء الراشدون من اهل العلم بالاسلام وهم الاحق بالقيادة والامامة عن غيرهم ، فلماذا قالت المتشيّعة بضرورة الامامة والقيادة لاهل البيت ع فضلا عن صحابة الرسول ص ؟.الحقيقة بغض النظر عن رؤية الشيعة الامامية في مذهبهم الاسلامي لموضوعة الامامة والقيادة ، وانها منصب يضعه الله ورسوله حيث مكانه الصحيح ، وان التنصيب للامام علي بن ابي طالب كان بأمر من الله سبحانه ورسوله الكريم في حجة الوداع في غدير خم عندما قال الرسول الاعظم :(( من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ...)) بغض النظر عن ذالك نقول : ان ضرورة الاجتماع الاسلامي الانساني كان يضطرّ جميع المسلمين لتقديم اهل البيت في قيادة دفة حركة المسلمين في واقع حياتهم الرسالية الاسلامية ، وهذا بسبب ماذكرناه من ان الاجتماع الاسلامي بُني على اسس اسلامية صافية ، مما يضطرنا للقول بوجوب تقديم الاعلم والاتقى اسلاميا بين المسلمين لتستمر مسيرة المسلمين الرسالية بعد محمد ص وهي متوجهة الى جهتها الصحيحة في المسير حسب الخطة الاسلامية !.ولكنّ وبما ان مبدأ الشورى دخل على خط القيادة والامامة في الاسلام ، وهمش اهل البيت ع عن دورهم القيادي الفكري والسياسي في هذا الدين برزت لدينا كمسلمين من وجهة النظر الشيعية الاسلامية مشكلتان :الاولى : قيادة السياسي للديني بدلا من قيادة الرسالي للسياسي !.ثانيا : بروز ظاهرة التناقض بين بنية الاجتماع الاسلامي ودفة القيادة فيه ، مما أثرّ بشكل رهيب على النظري في الاسلام وتقدم المادي عليه !.ان الشورى الذي يتحدث عنها التاريخ بانها هي من صمم حركة الاسلام والمسلمين فيما بعد الرسول الاعظم محمد ص ، وانها هي مَن قدمت الصحابي على اهل البيت ، إن اردنا فهمها واقعيا وبلا ادنى افكار سلبية مسبقة ، نجد انها عملية (توازن ) خلقتها المصالح الاجتماعية القائمة آنذاك في بدايات التحرك الاسلامي بعدالرسالي المحمدي!.اي ان هناك توازنات قبلية وسياسية وربما تكون اجتهادية من قبل الصحابة رأت ان تقديم اهل بيت الرسول ص للامامة بعد ان كانت النبوةّ فيهم أمر لايتحمله الواقع السياسي والقبلي والاقتصادي العربي الاسلامي القائم ، وإن علي بن ابي طالب بالذات كمرشح أوحد لاهل البيت الى قيادة الامامة بعد رسالة محمد ص ، أمر لاتقبله العرب المسلمين ابدا ، ولهذا كان الاجتهاد ان يختار المسلمون لانفسهم اماما يقود مركبتهم الاسلامية الى كل مافيه مصلحة الامة في جلب منافعها ودفع المضّار عنها ، فكانت على هذا الاساس خلافة ابي بكر الصديق الاول رض بهذا المعنى ، وان كانت ايضا هي جبرية أقرب منها شورية أتفق جميع المسلمين عليها !.ولكنّ وعلى اي حال إن هذه الحادثة بالذات من وجهة النظر الشيعية الاسلامية كانت أول خطوة غير محسوبة اسلاميا بدقة ، مما وضع اللبنة الاساسية لمشروع مايسمى حديثا ( فصل الدين عن الدولة ) اي فصل مضمون القيادة في الاسلام وضرورة ان تكون هي الاعلم والاكرم على الله سبحانه وفيه ، الى القيادة التي ليس لها مؤهل غير انها قادرة على لعب توازنات سياسية معينة داخل المجتمع الاسلامي آنذاك !.بمعنى آخر : ان حركة الاسلام في مرحلة الرسالة كانت مرحلة منسجمة تماما بين ماهو ديني وماهو سياسي من منطلق ان المجتمع الذي بناه الاسلام واسس لوجوده هو نفسه الذي يقوده صاحب الرسالة والاسلام والاعلم فيه من غيره على الاطلاق ، وكان من الممكن ان تستمر هذه العملية بعد الرسول لو قدم من هو اعلم بالشريعة الاسلامية من غيره مثل علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول الاكرم محمد ص ، ولكن وبما ان التوازنات المصلحية السياسية هي التي فرضت معادلة جديدة على قضية الامامة والقيادة في الاسلام ، وانها هي التي أخرّت الاعلم او استبدلت الذي هو ادنى علما اسلاميا بالذي هو خير تقوى وعلما ، اصبح لدينا عنصر جديد داخل في معادلة بناء هيكل القيادة في الاسلام ، الا وهو عنصر المصالح السياسية القائمة للقبائل العربية والاسلامية ، وعند هذا اضطر المجتمع الاسلامي بعد الرسول محمد ص ان يقدم السياسي صاحب كفاءة ادارة الازمات والتوازنات ، على الديني صاحب كفاءة العلم والتقوى والعدالة والرؤية والنظرية !.وبهذا بالضبط انطلقة شرارة وضع اللبنة الاولى في الاسلام لنظرية فصل الديني عن السياسي في قيادة الامة الاسلامية !.حتى ان الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رض ، كان يقول دوما ويقرّ باستمرار :(( انه ليس الاعلم في الشريعة والاحكام الاسلامية ، ولولا وجود عالم كعلي بن ابي طالب الى جواره لكان خبط خبط عشواء في احكام الشريعة الاسلامية ، ولكن الله سلّم )) ماذا يعني هذا الكلام على لسان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض ، وعلى لسان التاريخ ايضا ؟.ثم اذا كان الاعلم في الشريعة جالس بجوار الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وهو علي بن ابي طالب عليه السلام فلماذا لايقدّم في القيادة الاسلامية ليكون العالم بالدين والقانون الذي يحكم المسلمين هو المدير لهذه العملية ؟.اعني لماذا يكون الاعلم بالقانون الاسلامي الذي يدير الدولة والجمهور الاسلامي جالسا بلا حكم بينما الاقل منه اعلمية هو الذي يتصدى للحكم والادارة ؟.وأليس يصبح هناك تناقضا اذا قلنا ان القيادة في الاسلام هي الاقل ادراكا وعلما بهذا الاسلام نفسه ؟.من هنا قلنا ان اشكالية الشورى التي رفعت رأسها في الاسلام بعد رحيل المؤسس الرسالي الاسلامي محمد بن عبدالله ص هي التي اسست في هذا الاسلام لفصل ماهو ديني يضطرّ المسلمين فيه لتقديم قيادة الاعلم في الاسلام لرياستهم ، عن ماهو سياسي الذي يدير الازمات السياسية في هذا الاسلام بغض النظر عن الاعلمية او التقوى في هذا الدين والواقع !.وهذه الرؤية هي التي تفسر لنا كمسلمين لماذا اصبح لدينا فتوحات سياسية عظيمة في الاسلام ، مع تأخر فضيع في العلم والفكر والثقافة والايمان .... وباقي شؤون الرسالية الاسلامية التي تعتمد على القيادة الاسلامية على اساس انها ايضا مشروع تعليم وتزكية وتطهير وتلاوة كتاب ، فمن منطلق ان على دفة القيادة في الاسلام بعد الرسول صعد السياسي ابو بكر ومن بعده داهية السياسية عمر بن الخطاب .... وهكذا ، ونُحي قائدا كعلي بن ابي طالب العالم بالكتاب والسنة ومعلّم هذه الامة ومزكيها بعد الرسول الاعظم محمد ص ، برزت لدينا في تاريخنا الاسلامي ظاهرة تغلّب السياسي الذي عبر عن نفسه بالغزوات والفتوحات السياسية الكثيرة ، في نفس الوقت الذي تراجعنا كمسلمين في الجانب العلمي والعقدي والفكري لتظهر تيارات الانحراف في الاسلام كالخواج وغير الخوارج وسبعين فرقة وحتى اليوم في المذاهب الوهابية السلفية التي تحمل سياسة وتتطلع الى الغزو الاّ انها تفتقر للعلم والتزكية وتلاوة الكتاب حق تلاوته !!. نعم المسلمون مجمعون على ان اهل البيت ع بقيادة علي بن ابي طالب ع هم الاعلم في هذه الشريعة وهم الافضل وهم الاطهر وهم الاكثر فهما وادراكا للقانون الاسلامي .....، ولكن مع ذالك شاءت المصالح القبلية السياسية ان تقدم السياسي على الديني واستمرت المشكلة الى هذه اللحظة في فصل الدين عن الدولة ، واعطاء الاميرالامارة والقيادة في الاسلام ورجل العلم والدين وتلاوة الكتاب والتزكية الاسلامي في واد آخر !.ان التناقض الذي بدى واضحا بين بنية الاجتماع الاسلامي التي انبنت على الاسلام ومفاهيمه ، وبين القيادة السياسية التي هي على عدم ادراك ورؤية كاملة لهذا الاسلام ، بعد فصل القيادة عن اهل البيت ع في الاسلام ، ولدّ حالة من الازدواجية الرهيبة بين ماهو نظري علمي في الاسلام وبين ماهو سياسي واداري في هذا الاسلام ، وبدلا من ان يكون موقع القيادة والامامة في الاسلام اذا قدّر له ان يسير على سيرة الرسول الاعظم محمد ص واهل بيته الاطهار عليهم السلام ، هي أمامة وقيادة في العلم والتعليم والتزكية للمسلمين مضافا لذالك ادارة شؤونهم المصلحية والاقتصادية والاجتماعية ، اصبحت في دور تقديم السياسي بعد الشورى ، وتهميش اهل البيت عن القيادة ، مجرد قيادة سياسية تدير شأن الحرب والسلم وتوازنات في مجال الاقتصاد وتوزيع المغانم ، ودفاع لصد العدو والغارات لاغير !.بمعنى : ان القيادة والامامة في الاسلام بعدما نزع منها صفة الادراك والعلم ووجوب تقديم الاعلم في الدين على غير الاعلم ، اصبحت قيادة المسلمين بيد من هو ليس باعلم بهذا الدين وقوانينه ويكفي ان يكون القائد صاحب ادراك اداري سياسي ( كمعاوية بن ابي سفيان وغيره ) يدير الدفة بعيدا عن الفكر والتقوى وتلاوة الكتاب وباقي العلوم الاسلامية وغير ذالك !.نعم كان صحابة رسول الله ص لديهم شيئ متفاوت من العلم الاسلامي هنا وهناك ، ولكنّ هناك فرق بين ان نقول : اننا بحاجة الى قيادة وإمام يدرك بشمولية كل الفكر والعلم والحكم الاسلامي ، وبين ان نقول يكفي لنا ان يكون في موقع القيادة من لديه قليل من العلم الاسلامي ليدير دفة قيادة المجتمع في هذا البحر الهائج ؟.!المتشيّعة وجدت في علي بن ابي طالب واهل بيته ع بعد الرسول صفة القيادة العالمة بشمولية تامة بالاسلام والدين ، وسمعت وروت عن علي بن ابي طالب ع انه قال :(( لو ثنى لي الوسادة ( تعبير عن الخلافة ) وروى لو كسرت لي الوسادة، ثم جلست عليها، لقضيت بين اهل التوراة بتوراتهم، وبيناهل الانجيل بانجيلهم، وبين اهل الزبور بزبورهم، وبين اهل الفرقان بفرقانهم. واللّه ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا ارض،ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار، الا وانا اعلم متى نزلت وفي ايشيء نزلت، وما رجل من قريش جرت عليه المواسي الا وانا اعلماي آية نزلت فيه تسوقه الى جنة او الى نار)). أفبعد هذا لعلي واهل بيته تترك المتشيّعة اهل العلم والدراية بالاسلام ، الى من هو عالم بانساب العرب وايامها من خلال الشورى وتوازن المصالح السياسية لاغير !.الواقع ان المتشيّعة من المسلمين لايمكن لهم القبول بمعادلة فصل الاسلامي الديني عن السياسي في هذه الحياة ، وما ولائهم لاهل البيت الا للمحافظة على مبدأ دمج الاسلامي الرسالي بالسياسي في حركة المجتمع من منطلق : ان هذه الامة بُنيت على شكل مخصوص لحمل رسالة خاصة للعالم اجمع ، ولايتسنم القيادة فيها الا صاحب العلم والخبرة مضافا اليه صاحب الكفاءة والقادر على سياسة المجتمع من خلال الاسلام بتعليمه وتزكيته للمجتمع وتنظيفه ، أما كون القيادة تكون مجرد لعب سياسي فهذا شيئ اقرب لحالات الملكيات ( الكسروية والقيصرية ) الدنيوية وليس النبوية الرسالية ، وعلي بن ابي طالب واهل بيته رأوا فيهم المسلمون الشيعة انهم قيادات رسالية ودينية ، اصحاب مشاريع التعليم والتزكية وتلاوة الكتاب على الامة والمجتمع قبل ان يكونوا ملوك سياسة وادارة حكم وفض منازعات وتوازن مصالح في حركة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ، ولهذا تشيّعوا لهم من منطلق انهم الاوصياء على هذا الدين والاعرف بمداخله ومخارجة والاتقن لمحكم كتابه من المتشابه به ، وناسخه من منسوخه ، ومقيده من مطلقه ، وعامه من خاصه ، والاعرف بسنة رسوله واحكامه فهم اهل بيته والمهيئين لحمل الرسالة من بعده ، وخزّان علمه !.نعم بما اننا مجتمع اسلامي بنته رسالة السماء واقامت اركانه ، فلايصلح لقيادنا الا العالم بهذه الرسالة لتستمر مسيرة هذه الامة على المحجة البيضاء التي لاتنكسر امام المغريات ولاتلويها السياسات ولاتدخل بحساباتها التوازنات ، وكل هذا وجدناه في اهل بيت النبوة من علي بن ابي طالب بعد الرسول الذي رفع شعار :( سالوني قبل ان تفقدوني ) والى الطاهر الحسن وحتى الحسين سيدا شباب اهل الجنة عليهما السلام الذي ضحيا بكل شيئ من اجل استقامت هذا الدين ، والدفاع عن الرسالة واليقين ، وحتى اخر امام من ائمة المسلمين الشيعة !.هذا هو معتقد المتشيّع في اهل البيت عليهم السلام ، وهذه هي الاسباب والدوافع التي تدفع المتشيّع ليضحي بالغالي والرخيص من اجل هذا الانتماء ، كما انها هي هي الاسباب نفسها التي لو نشروا المتشيّع بمناشير الحديد والنار الف مرّة على ان يتبرأ من التشيّع لاهل البيت لما فعل ، من منطلق ايمانه ان الرسالة الخاتمة التي ارسلها الله سبحانه نجاة ورحمة للعالمين ، هي مابلغه بعد الرسول محمد ص اهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولاطريق موصل للنجاة امام الله سبحانه غدا الا طريق علي والحسين وباقي ائمة اهل البيت عليهم السلام جميعا .___________________
alshaker@yahoo.comal_shaker@maktoob.com
كثيرا من المسلمين ومع الاسف عندما يريدون التعرّف على الشيّعة والتشيع في الاسلام ، ولماذا هم في الاساس قد تشيّعوا لمدرسة ال البيت المعينة في الدين من دون المدارس الاسلامية الاخرى ؟، أوما سبب هذا التشيّع بالذات لاهل بيت الرسول محمد ص بغض النظر عن جمهور معظم الصحابة ومايحملونه من قبس من نور النبوة والاسلام ؟، فأن الاعتقاد السائد لدى المسلمين غير الشيعة : أن المسألة ماهي الا مجرد تشيّع عصبوي قبلي او في احسن الاحوال هو تشيّع سياسي لهذا البيت الهاشمي الذي انحدر منه الرسول ص واهل بيته الكرام ، في مقابل تشيّع قبلي آخر يذهب الى الاتكاء على الصحابة ومن تبعهم باحسان ، لتكون المعادلة برمتها هي تشيّع لال هاشم في السياسة ، مقابله تشيّع لال أمية في الجانب الاخر !؟.وعلى هذا الاساس قد بنى الكثير من الفكر صاحب النوايا الطيبة الذي يحاول ردم الهوّة بين الشيعة والسنة في الاسلام اليوم ، وعلى هذا ايضا أنحاز مَن انحاز ضد الشيعة والتشيّع ليستخدم شتى الاساليب السياسية المنحرفة كتكفير الشيعة ورميهم بالشرك والبدع وسبّ الصحابة الكرام ..... الخ ، لينال من شرعية الوجود الشيعي ومذهب التشيّع لاهل بيت الرسول الاعظم محمد ص !.والحقيقة ، وبغض النظر عن هذه الزاوية السياسية ، وغيرها من الزوايا العقدية الخلافية الموجودة بين عقائد المسلمين ومنتمياتهم الفكرية والايدلوجيه ، نحن لابد ان ننظر للوجود وللفكر الشيعي وقضية التشيع على اساسها الواقعي العميق الذي يراه المتشيعون لاهل البيت انفسهم ، ولنسألهم في بدأ مسيرتنا للتعرف على التشيّع والشيعة وفكرتهم نحو هذا الانتماء ولماذا هم ينتخبون الانتماء والتشيّع لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟.لنخرج فيما بعد بنتيجة رؤية واضحة تدفعنا لأدراك معنى التشيّع والشيعة ولماذا هذا التشيّع داخل الاطار الاسلامي الكبير ؟.نعم لو فُرض اننا سألنا متشيّعا لاهل البيت عن سرّ انتمائه لهذا المذهب الاسلامي ؟.وماهي دوافعه ورؤيته الحقيقية لهذا التشيّع ؟.وهل هو تشيّع سياسي أم ديني أم اجتماعي ؟.فماعسانا نسمع من هذا المتشيّع الاسلامي ؟.الاقرب الى الواقع الشيعي الاسلامي هو اننا سوف نسمع جوابا يرى : ان اهل البيت عليهم السلام جميعا ، وحسب المعتقد الشيعي الامامي الاثني عشري ، هم ليسوا في المقام الاول قادة سياسيون فحسب ، ليكون ايمان المتشيّع بهم باعتبار انهم عباقرة في السياسة وادارة شؤون الحكم وجلب المصالح ودفع المضار عن المجتمع .....لاغير ، وليكون فيما بعد ايمان المتشيّع باهل البيت كان منطلقه الاول منطلقا سياسيا نفعيا مصلحيا دنيويا ، واختلاف المتشيّع مع غيره اسلاميا هو اختلاف سياسي فقط !.لا لاينظر المتشيّعة لاهل البيت عليهم السلام على اساس انهم قادة وأئمة سياسيون في المقام الاول ، ولكنّ يرى المتشيعة ان اهل بيت الرسالة وفي المقام الرئيس والصدارة العظمى انهم ائمة دين وقادة اسلام ووعي ، أختارهم الله سبحانه (بشكل او بآخر) ليبلغوا الدين بعد الرسالة ويشرحوا للأمة مضامين هذا الاسلام وافاقه الصحيحة مضافا لذالك الحفاظ على روح الشريعة الاسلامية بعد النبوة من تحريف المنحرفين ، واحتيال المنتحلين ، وبدع الجهلاء والظالمين ، ومن هنا كان المتشيّع في بدئ خطواته الاولى يبحث في قضية الانتماء لاهل البيت ع وهل هو انتماء اسلامي ديني اساسي أم انه انتماء من نوع آخر وعلى نمطية مختلفة ؟!.وربما في هذا المنعطف الذي يوّضح لنا ماهية الانتماء الشيعي لاهل البيت عليهم السلام ، وكيفية نظرته لهذا البيت الرسالي الطاهر ؟، وعلى اي اساس ينتمي المتشيّع لمدرسة اهل البيت ع ، يعترضنا ساءل بأعتراضين :الاول : قضية ( دور اهل البيت ع ) في هذه الحياة الاسلامية وكيفية نظر المتشيعة له اسلاميا دينيا وليس سياسيا دنيويا نفعيا مصلحيا فحسب ؟.وثانيا : قضية لماذا لم يكن غير اهل البيت من صحابة رسول الاسلام محمد العظيم ص هم ايضا يصلحون لمهمة توضيح الدين وتبليغ الرسالة وحمل الامانة وحفظها كذالك ؟.الحقيقة وللجواب على هذين الاشكالين لابد ان ندرك : ان الدور السياسي في الحياة الانسانية هو مختلفٌ تماما عن دور التبليغ الرسالي الديني في الاسلام اختلافا جذريا ومن القواعد والاسس ، وربما يكون هنا وهناك التقاء سياسي اسلامي ديني في بعض المحطات ، لكن لاننسى ان هناك افتراق حتمي وتناقض صارخ ايضا وفي كثير من الاحيان بين الاسلامي الديني والسياسي النفعي كذالك ، وما مقولة التاريخ الاسلامية المعروفة :(( لاكسروية ولا قيصرية وانما هي النبوّة )) التي قالها العباس بن عبد المطلب لابي سفيان بن حرب الاموي في اخر محطة من محطات القضاء على الكفر والشرك العربي آنذاك في مكة ، الا تعبيرا عن مدى اختلاف المشروعين في القواعد والمنطلقات والمبادئ والغايات بين ماهو رسالي الاهي في بنيان الدول والسياسات والحكومات ، وبين ماهو سياسي ملكي دنيوي في نفس البنيان !.بمعنى أوضح :ان في مجتمع تبنيه الادارة والسياسة والمصالح والمنافع طابع مختلف تماما عن مجتمع تبنيه الرسالة والنبوّة والاسلام ، ففي المجتمع المنبني على المصالح تبرز سيقان المجتمع ومرتفعاته الهيكلية بشكل يحتم عندئذ على تقديم نموذج القيادة والادارة لهذا المجتمع منسجما مع القواعد والاسس التي بُني عليها هذا القيام الاجتماعي ، وعلى هذا يكون تقديم السياسي على الديني الاسلامي واجب حياتي للبشر لادارة مشاريع الدول وتطلعات المجتمعات باعتبار ان الاسس التي يقوم ويبنى عليها المجتمع والدولة هي نفس الاسس التي تفرض نمط ونوعية القيادة لهذه الامة او ذالك المجتمع !.أما ان كانت قواعد المجتمع المدنية قائمة على الفكرة الدينية والنبوّة الرسالية كما هو في الاسلام ، وان المساهم في بناء اللبنات الاولى للمجتمع وللدولة كان هو الاسلام واطروحته ، فيكون عندئذ القانون البديهي فارضا نفس معادلة القواعد والاسس ليقدم القيادة الاسلامية الدينية الفكرية لقيادة هذه الدولة والامة على القيادة السياسية في هذا المضمار !.وعلى هذا كانت المعادلة الاسلامية في الاسلام ترى ان القيادة التي ينبغي ان تقدّم في الاسلام وحسب مجتمعه الاسلامي هي القيادة العلمية والفكرية والدينية او هي قيادة التعليم والتزكية والتربية وتلاوة الكتاب للمجتمع كما في قوله سبحانه وتعالى :(( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آيتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون / 151/ سورة البقرة )) قبل القيادة السياسية والادارية والمصلحية والنفعية في هذا المجتمع !.أي ان الاسلام اول مابزغ نوره على جزيرة العرب والمسلمين ، وبدا وحيه للناظرين ، بدأ اول مابدأ فيه وضع لُبناته الاجتماعية الاولى في بناء مجتمعه الاسلامي على اساس هذا الدين وهذه الرسالة وهذا الاسلام ، ومن ثم أقيمت هياكل المجتمع الاسلامي لتكون قاعدة :(( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) وقاعدة :(( هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون )).... هي الاسس والقواعد ، و ليصل فيما بعد الى مرحلة قيام مجتمع رسالي اسلامي مترابط برباط (( انما المؤمنون اخوة )) و حامل لمبدأ عقدي ومبشر جميع الامم بهذه الرسالة ، بالاضافة الى تمييز موقع هذه الامة واتجهاتها الفكرية والعملية في انها أمة وسطا، ومثل هذه المعادلات الاجتماعية هي مختلفة تماما عن مجتمع يقوم على اسس اجتماعية او اقتصادية او سياسية ، كالذي نقرأه مثلا في الفكر السياسي الغربي القديم والحديث ، الذي يرى ان قاعدة تكوين المجتمعات وبناءه كانت نواة الاجتماع السياسي الذي اضطرّ الانسان من خلال الحروب ان يجتمع ليضمن الدفاع عن نفسه ، او كالذي يذهب الى ان نواة الاجتماع الانسانية هي العوامل الاقتصادية النفعية التي توفر للأفراد حوائجهم الاقتصادية ، او غير ذالك من رؤى سياسية درست فكرة اللُبنة الاولى لقيام المجتمعات الانسانية ودولها حسب افكار ( لوك وروسوا وسبينوزا ....) وغيرهم من فلاسفة ومفكري الشرق والغرب !.وعلى هذا نقول ان نفس هذه الاسس التي يقوم عليها اي مجتمع تفرض ان تأتي صور واشكال وصياغات قياداته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فاذا كانت لُبنات المجتمع مؤسسة على المصالح والمنافع ، فرض المنطق ان تأتي قياداته سياسية مئة بالمئة لا لسبب معقد الا لكون هذه القيادات السياسية هي الاعرف والافهم والاكثر ادراكا للكيفية الصحيحة التي من خلالها يتم قياد المجتمع والتحرك به نحو الافضل ومايوفر له جلب المصالح ودفع المضار عنه !.وأمّا ان كانت لبنات المجتمع الاولى وقواعده البنيوية الانسانية الثابتة هي مبنية على التقوى لله سبحانه والمعرفة برسالته والعبادة له والتضحية في سبيل اعلاء كلمته .....، فستكون نفس هذه القواعد الاجتماعية البنيوية هي الفارضة شكل القيادة وصياغتها النهائية ، بأن تأتي القيادة فكرية تعليمية ايدلوجية في المقام الاول لقيادة المجتمع وليس فحسب حسب مايوفرّ مصالحه المادية ويدفع عنه المضار الحياتية ، وانما فوق ذالك قيادة هذه الامة حسب مخطط الفكرة ومتطلبات الرسالة ، والدفع به نحو الامام في التقدم والسمو والتزكية والرفعة الاخلاقية وهكذا !.والآن لو سألنا عن القواعد البنوية التي بنى عليها الاسلام مجتمعه والرسالة المحمدية مضامينها الانسانية ، فهل سنقول ونخرج بنتيجة ان بنية الاجتماع الاسلامية هي رسالية دينية اخلاقية عبادية نبوية ومن ثم مصلحية ؟.أم انها بنية مصلحية سياسية اقتصادية اجتماعية نفعية لاغير ؟.إن كانت البنية الاجتماعية التي اقامها الاسلام في بداية تحركه الرسالي كانت ايدلوجية فكرية اخلاقية عبادية ، تطلب منّا ان نقرّ بوجوب ان يتقدم الاعلم والافهم والاكثر ادراكا لمطالب واهداف وغايات هذه الرسالة الاسلامية المحمدية الخاتمة في قيادة الدولة والمجتمع ؟.وإن كان العكس في بنية الاجتماع الاسلامي فيتقرر عندئذ القول علينا تقديم السياسي على الفكري في قيادة هذه الامة وهذا التيار ، وهذه الدولة مادام ان بنية المجتمع أُقيمت على اساس المصالح !.ان المتشيّعة لاهل بيت الرسالة المحمدية عليهم السلام جميعا ومن هذا المنطلق الذي ذكرناه آنفا يرون : ان بنية الاجتماع الاسلامي الذي اقامها الرسول الاكرم محمد ص ، بالاضافة الى القرءان الكريم ، وما أسس له الاسلام ومنذ البداية ، هو بنيان وتأسيس قائم على الفكرة والايدلوجية والاخلاقية والتعليم والتزكية والرسالية والاهداف وتلاوة الكتاب الكريم ....، قبل قيامها على المصالح والمنافع السياسية والتوازنات المصلحية والقبلية ، ولهذا يرى المتشيّعة وجوب تقديم اهل البيت ع لقيادة الامة والدولة الاسلامية بسبب انهم الاقدر والاعلم والافهم ..... على استيعاب فكرة الاسلام ومعرفة مداخل ومخارج الرسالة المحمدية الخاتمة !.اي ان المتشيّعة عندما استفسروا إسلامياًعن الجهة التي مثلت بعد الرسول الاعظم محمد ص الفهم الوافي والمعرفة المحيطة والعلم الكامل في الشريعة ، وجدت :اولا : القرءان الكريم نفسه يقرّ ان اهل بيت الرسالة والنبوّة الذين اذهب الله سبحانه عنهم الرجس في قوله سبحانه وتعالى :(( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا )) واوجب مودتهم على المسلمين في قوله سبحانه :(( قل لااسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى ))......هم الاقرب تقوىً وطهارة وعفة لروح الاسلام ومداركه ولمس افاقه وتعاليمه الحقيقية عن غيرهم من المسلمين ، فهم اهل خاصية بالطبيعة الاكرم عند الله سبحانه وتعالى في قوله سبحانه :(( إن اكرمكم عند الله اتقاكم )) ولهذا توجه المتشيّعة لاهل البيت على اساس انهم الاكثر قربا من الله سبحانه وتعالى صاحب الشرع المقدس ومرسل الرسالة الى البشرية جمعاء وباعث محمد ص للعالمين جميعا !.ثانيا : كذالك عندما استفسر المتشّيعة من الاسلام والرسول الاعظم محمد ص نفسه عن ماهية ومَن هية الجهة التي يمكن ان تكون حاملة للرسالة والعلم والحكمة من بعده ، فقد وجدوا ان للرسول الاعظم محمد ص الكثير من الاحاديث الصحيحة التي تنقلها كل الفرق الاسلامية تقول بالعِدل بين القرءان الذي هو كتاب الله الكريم وبين اهل بيته الطيبين الطاهرين في قوله ص :(( أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا ، او انهما لن يفترقا حتى يردا عليا الحوض )) فتيقن الشيعة ان اهل البيت هم عدل القران وهم الكفة الاخرى للاسلام فتشيعوا لهم من هذا الباب وهذا الطريق !.وكذالك هي الحال في مئات الاحاديث الرسالية النبوية الشريفة التي تؤكد على قضية الاعلمية في الاسلام والشريعة المحمدية لاهل البيت على العموم ولعلي بن ابي طالب بالخصوص ، كخطوة اولى لمشروع الامامة الذي قال الرسول الاعظم عنه :(( الائمة اثنى عشر كلهم من قريش )) و كقول الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم وعلي بابها )) فأدرك المتشيعة ان القيادة للدولة وللدين والمسلمين في علي بن ابي طالب بعد الرسول محمد ص لانه الاعلم بشهادة الرسول محمد ص ، وبشهادة جميع المسلمين ثانيا بمافيهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال :(( لولا علي لهلك عمر )) !.ثالثا : وهكذا عندما سمع المتشيّعة وقرأ ان اهل البيت عليهم السلام جميعا كانوا انفسهم يدعون لانفسهم بالامامة ، ويصرحون انهم الاوصياء بعد رسول الله ص على هذا الدين ، فالتاريخ مشحون بمقالات تبدأ من علي بن ابي طالب ع وتنتهي بجميع مانقل عن ائمة اهل البيت الاثنى عشر تؤكد على :ان الخلافة من حق علي بن ابي طالب واهل بيته ، وان هناك انحراف غير مبرر في شأن الرياسة والامامة ، قد انحرف بدفة القيادة عن اهل بيت الرسول الى اصحابه !.ومن خلال هذه الدعوة لاهل البيت لم يجد المتشيّعة امام هذه الدعوة الا تصديق اهل البيت في دعواهم للامامة والقيادة باعتبار انهم الاطهار الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وباعتبار ان عدم استجابة المسلمين لدعوى امامة اهل البيت عصيان صريح لاهل بيت الرسالة والنبوة الذي لم يذكر عنهم الكذب على الله ورسوله والمؤمنين أو دعوى ماليس من حقهم انه لهم ، وترك الاعلم والاحق بالقيادة الى غيرهم ، وهذا مالايتحمله ان وقع متشيّعة اهل البيت ع!.أذن من منطلق كل هذه المعطيات وجد المتشيّعة لاهل البيت انفسهم مضطرين للتشيع لاهل البيت وان كان المزاج السياسي والمذهبي الطائفي والسلطة السياسية عند غير اهل بيت الرسالة والنبوة ، ولكن هذا لايلغي التشبث باهل البيت كمرجعية سياسية ودينية للمسلمين كافة ، كما انه وجد المتشيّعة ان الانتماء لاهل البيت واخذ الاحكام الاسلامية عنهم ، وفهم الشريعة الاسلامية من انهر عقولهم ، واجب شرعي وحكم اسلامي في اخذ حكم الشريعة من العالم بها وليس من الجاهل عليها ، مضافا اليه ضرورة اسلامية انسانية تقول : ان المجتمع الاسلامي الذي اسس على تقوى الله ومعرفته لاتكون القيادة فيه الا لأكرم خلق الله عليه سبحانه واعلمهم بشريعته ، فكان اهل البيت ع قيادة المتشيّعة في هذا الاسلام والدين !.نعم الآن ربما يقول قائل : الايكفي غير اهل البيت ع ان يكونوا ايضا حاملي لعلم الاسلام ومستوعبي لشريعته الغرّاء كالصحابة رضوان الله عليهم اجمعين ، فلماذا اختصرتم علم الدين والشريعة في الاسلام وبعد الرسول الاعظم محمد ص بعلي بن ابي طالب واهل بيته ؟.ثم انه كذالك كان الخلفاء الراشدون من اهل العلم بالاسلام وهم الاحق بالقيادة والامامة عن غيرهم ، فلماذا قالت المتشيّعة بضرورة الامامة والقيادة لاهل البيت ع فضلا عن صحابة الرسول ص ؟.الحقيقة بغض النظر عن رؤية الشيعة الامامية في مذهبهم الاسلامي لموضوعة الامامة والقيادة ، وانها منصب يضعه الله ورسوله حيث مكانه الصحيح ، وان التنصيب للامام علي بن ابي طالب كان بأمر من الله سبحانه ورسوله الكريم في حجة الوداع في غدير خم عندما قال الرسول الاعظم :(( من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ...)) بغض النظر عن ذالك نقول : ان ضرورة الاجتماع الاسلامي الانساني كان يضطرّ جميع المسلمين لتقديم اهل البيت في قيادة دفة حركة المسلمين في واقع حياتهم الرسالية الاسلامية ، وهذا بسبب ماذكرناه من ان الاجتماع الاسلامي بُني على اسس اسلامية صافية ، مما يضطرنا للقول بوجوب تقديم الاعلم والاتقى اسلاميا بين المسلمين لتستمر مسيرة المسلمين الرسالية بعد محمد ص وهي متوجهة الى جهتها الصحيحة في المسير حسب الخطة الاسلامية !.ولكنّ وبما ان مبدأ الشورى دخل على خط القيادة والامامة في الاسلام ، وهمش اهل البيت ع عن دورهم القيادي الفكري والسياسي في هذا الدين برزت لدينا كمسلمين من وجهة النظر الشيعية الاسلامية مشكلتان :الاولى : قيادة السياسي للديني بدلا من قيادة الرسالي للسياسي !.ثانيا : بروز ظاهرة التناقض بين بنية الاجتماع الاسلامي ودفة القيادة فيه ، مما أثرّ بشكل رهيب على النظري في الاسلام وتقدم المادي عليه !.ان الشورى الذي يتحدث عنها التاريخ بانها هي من صمم حركة الاسلام والمسلمين فيما بعد الرسول الاعظم محمد ص ، وانها هي مَن قدمت الصحابي على اهل البيت ، إن اردنا فهمها واقعيا وبلا ادنى افكار سلبية مسبقة ، نجد انها عملية (توازن ) خلقتها المصالح الاجتماعية القائمة آنذاك في بدايات التحرك الاسلامي بعدالرسالي المحمدي!.اي ان هناك توازنات قبلية وسياسية وربما تكون اجتهادية من قبل الصحابة رأت ان تقديم اهل بيت الرسول ص للامامة بعد ان كانت النبوةّ فيهم أمر لايتحمله الواقع السياسي والقبلي والاقتصادي العربي الاسلامي القائم ، وإن علي بن ابي طالب بالذات كمرشح أوحد لاهل البيت الى قيادة الامامة بعد رسالة محمد ص ، أمر لاتقبله العرب المسلمين ابدا ، ولهذا كان الاجتهاد ان يختار المسلمون لانفسهم اماما يقود مركبتهم الاسلامية الى كل مافيه مصلحة الامة في جلب منافعها ودفع المضّار عنها ، فكانت على هذا الاساس خلافة ابي بكر الصديق الاول رض بهذا المعنى ، وان كانت ايضا هي جبرية أقرب منها شورية أتفق جميع المسلمين عليها !.ولكنّ وعلى اي حال إن هذه الحادثة بالذات من وجهة النظر الشيعية الاسلامية كانت أول خطوة غير محسوبة اسلاميا بدقة ، مما وضع اللبنة الاساسية لمشروع مايسمى حديثا ( فصل الدين عن الدولة ) اي فصل مضمون القيادة في الاسلام وضرورة ان تكون هي الاعلم والاكرم على الله سبحانه وفيه ، الى القيادة التي ليس لها مؤهل غير انها قادرة على لعب توازنات سياسية معينة داخل المجتمع الاسلامي آنذاك !.بمعنى آخر : ان حركة الاسلام في مرحلة الرسالة كانت مرحلة منسجمة تماما بين ماهو ديني وماهو سياسي من منطلق ان المجتمع الذي بناه الاسلام واسس لوجوده هو نفسه الذي يقوده صاحب الرسالة والاسلام والاعلم فيه من غيره على الاطلاق ، وكان من الممكن ان تستمر هذه العملية بعد الرسول لو قدم من هو اعلم بالشريعة الاسلامية من غيره مثل علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول الاكرم محمد ص ، ولكن وبما ان التوازنات المصلحية السياسية هي التي فرضت معادلة جديدة على قضية الامامة والقيادة في الاسلام ، وانها هي التي أخرّت الاعلم او استبدلت الذي هو ادنى علما اسلاميا بالذي هو خير تقوى وعلما ، اصبح لدينا عنصر جديد داخل في معادلة بناء هيكل القيادة في الاسلام ، الا وهو عنصر المصالح السياسية القائمة للقبائل العربية والاسلامية ، وعند هذا اضطر المجتمع الاسلامي بعد الرسول محمد ص ان يقدم السياسي صاحب كفاءة ادارة الازمات والتوازنات ، على الديني صاحب كفاءة العلم والتقوى والعدالة والرؤية والنظرية !.وبهذا بالضبط انطلقة شرارة وضع اللبنة الاولى في الاسلام لنظرية فصل الديني عن السياسي في قيادة الامة الاسلامية !.حتى ان الخليفة الثاني للمسلمين عمر بن الخطاب رض ، كان يقول دوما ويقرّ باستمرار :(( انه ليس الاعلم في الشريعة والاحكام الاسلامية ، ولولا وجود عالم كعلي بن ابي طالب الى جواره لكان خبط خبط عشواء في احكام الشريعة الاسلامية ، ولكن الله سلّم )) ماذا يعني هذا الكلام على لسان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رض ، وعلى لسان التاريخ ايضا ؟.ثم اذا كان الاعلم في الشريعة جالس بجوار الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، وهو علي بن ابي طالب عليه السلام فلماذا لايقدّم في القيادة الاسلامية ليكون العالم بالدين والقانون الذي يحكم المسلمين هو المدير لهذه العملية ؟.اعني لماذا يكون الاعلم بالقانون الاسلامي الذي يدير الدولة والجمهور الاسلامي جالسا بلا حكم بينما الاقل منه اعلمية هو الذي يتصدى للحكم والادارة ؟.وأليس يصبح هناك تناقضا اذا قلنا ان القيادة في الاسلام هي الاقل ادراكا وعلما بهذا الاسلام نفسه ؟.من هنا قلنا ان اشكالية الشورى التي رفعت رأسها في الاسلام بعد رحيل المؤسس الرسالي الاسلامي محمد بن عبدالله ص هي التي اسست في هذا الاسلام لفصل ماهو ديني يضطرّ المسلمين فيه لتقديم قيادة الاعلم في الاسلام لرياستهم ، عن ماهو سياسي الذي يدير الازمات السياسية في هذا الاسلام بغض النظر عن الاعلمية او التقوى في هذا الدين والواقع !.وهذه الرؤية هي التي تفسر لنا كمسلمين لماذا اصبح لدينا فتوحات سياسية عظيمة في الاسلام ، مع تأخر فضيع في العلم والفكر والثقافة والايمان .... وباقي شؤون الرسالية الاسلامية التي تعتمد على القيادة الاسلامية على اساس انها ايضا مشروع تعليم وتزكية وتطهير وتلاوة كتاب ، فمن منطلق ان على دفة القيادة في الاسلام بعد الرسول صعد السياسي ابو بكر ومن بعده داهية السياسية عمر بن الخطاب .... وهكذا ، ونُحي قائدا كعلي بن ابي طالب العالم بالكتاب والسنة ومعلّم هذه الامة ومزكيها بعد الرسول الاعظم محمد ص ، برزت لدينا في تاريخنا الاسلامي ظاهرة تغلّب السياسي الذي عبر عن نفسه بالغزوات والفتوحات السياسية الكثيرة ، في نفس الوقت الذي تراجعنا كمسلمين في الجانب العلمي والعقدي والفكري لتظهر تيارات الانحراف في الاسلام كالخواج وغير الخوارج وسبعين فرقة وحتى اليوم في المذاهب الوهابية السلفية التي تحمل سياسة وتتطلع الى الغزو الاّ انها تفتقر للعلم والتزكية وتلاوة الكتاب حق تلاوته !!. نعم المسلمون مجمعون على ان اهل البيت ع بقيادة علي بن ابي طالب ع هم الاعلم في هذه الشريعة وهم الافضل وهم الاطهر وهم الاكثر فهما وادراكا للقانون الاسلامي .....، ولكن مع ذالك شاءت المصالح القبلية السياسية ان تقدم السياسي على الديني واستمرت المشكلة الى هذه اللحظة في فصل الدين عن الدولة ، واعطاء الاميرالامارة والقيادة في الاسلام ورجل العلم والدين وتلاوة الكتاب والتزكية الاسلامي في واد آخر !.ان التناقض الذي بدى واضحا بين بنية الاجتماع الاسلامي التي انبنت على الاسلام ومفاهيمه ، وبين القيادة السياسية التي هي على عدم ادراك ورؤية كاملة لهذا الاسلام ، بعد فصل القيادة عن اهل البيت ع في الاسلام ، ولدّ حالة من الازدواجية الرهيبة بين ماهو نظري علمي في الاسلام وبين ماهو سياسي واداري في هذا الاسلام ، وبدلا من ان يكون موقع القيادة والامامة في الاسلام اذا قدّر له ان يسير على سيرة الرسول الاعظم محمد ص واهل بيته الاطهار عليهم السلام ، هي أمامة وقيادة في العلم والتعليم والتزكية للمسلمين مضافا لذالك ادارة شؤونهم المصلحية والاقتصادية والاجتماعية ، اصبحت في دور تقديم السياسي بعد الشورى ، وتهميش اهل البيت عن القيادة ، مجرد قيادة سياسية تدير شأن الحرب والسلم وتوازنات في مجال الاقتصاد وتوزيع المغانم ، ودفاع لصد العدو والغارات لاغير !.بمعنى : ان القيادة والامامة في الاسلام بعدما نزع منها صفة الادراك والعلم ووجوب تقديم الاعلم في الدين على غير الاعلم ، اصبحت قيادة المسلمين بيد من هو ليس باعلم بهذا الدين وقوانينه ويكفي ان يكون القائد صاحب ادراك اداري سياسي ( كمعاوية بن ابي سفيان وغيره ) يدير الدفة بعيدا عن الفكر والتقوى وتلاوة الكتاب وباقي العلوم الاسلامية وغير ذالك !.نعم كان صحابة رسول الله ص لديهم شيئ متفاوت من العلم الاسلامي هنا وهناك ، ولكنّ هناك فرق بين ان نقول : اننا بحاجة الى قيادة وإمام يدرك بشمولية كل الفكر والعلم والحكم الاسلامي ، وبين ان نقول يكفي لنا ان يكون في موقع القيادة من لديه قليل من العلم الاسلامي ليدير دفة قيادة المجتمع في هذا البحر الهائج ؟.!المتشيّعة وجدت في علي بن ابي طالب واهل بيته ع بعد الرسول صفة القيادة العالمة بشمولية تامة بالاسلام والدين ، وسمعت وروت عن علي بن ابي طالب ع انه قال :(( لو ثنى لي الوسادة ( تعبير عن الخلافة ) وروى لو كسرت لي الوسادة، ثم جلست عليها، لقضيت بين اهل التوراة بتوراتهم، وبيناهل الانجيل بانجيلهم، وبين اهل الزبور بزبورهم، وبين اهل الفرقان بفرقانهم. واللّه ما من آية نزلت في بر ولا بحر، ولا سماء ولا ارض،ولا سهل ولا جبل، ولا ليل ولا نهار، الا وانا اعلم متى نزلت وفي ايشيء نزلت، وما رجل من قريش جرت عليه المواسي الا وانا اعلماي آية نزلت فيه تسوقه الى جنة او الى نار)). أفبعد هذا لعلي واهل بيته تترك المتشيّعة اهل العلم والدراية بالاسلام ، الى من هو عالم بانساب العرب وايامها من خلال الشورى وتوازن المصالح السياسية لاغير !.الواقع ان المتشيّعة من المسلمين لايمكن لهم القبول بمعادلة فصل الاسلامي الديني عن السياسي في هذه الحياة ، وما ولائهم لاهل البيت الا للمحافظة على مبدأ دمج الاسلامي الرسالي بالسياسي في حركة المجتمع من منطلق : ان هذه الامة بُنيت على شكل مخصوص لحمل رسالة خاصة للعالم اجمع ، ولايتسنم القيادة فيها الا صاحب العلم والخبرة مضافا اليه صاحب الكفاءة والقادر على سياسة المجتمع من خلال الاسلام بتعليمه وتزكيته للمجتمع وتنظيفه ، أما كون القيادة تكون مجرد لعب سياسي فهذا شيئ اقرب لحالات الملكيات ( الكسروية والقيصرية ) الدنيوية وليس النبوية الرسالية ، وعلي بن ابي طالب واهل بيته رأوا فيهم المسلمون الشيعة انهم قيادات رسالية ودينية ، اصحاب مشاريع التعليم والتزكية وتلاوة الكتاب على الامة والمجتمع قبل ان يكونوا ملوك سياسة وادارة حكم وفض منازعات وتوازن مصالح في حركة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية ، ولهذا تشيّعوا لهم من منطلق انهم الاوصياء على هذا الدين والاعرف بمداخله ومخارجة والاتقن لمحكم كتابه من المتشابه به ، وناسخه من منسوخه ، ومقيده من مطلقه ، وعامه من خاصه ، والاعرف بسنة رسوله واحكامه فهم اهل بيته والمهيئين لحمل الرسالة من بعده ، وخزّان علمه !.نعم بما اننا مجتمع اسلامي بنته رسالة السماء واقامت اركانه ، فلايصلح لقيادنا الا العالم بهذه الرسالة لتستمر مسيرة هذه الامة على المحجة البيضاء التي لاتنكسر امام المغريات ولاتلويها السياسات ولاتدخل بحساباتها التوازنات ، وكل هذا وجدناه في اهل بيت النبوة من علي بن ابي طالب بعد الرسول الذي رفع شعار :( سالوني قبل ان تفقدوني ) والى الطاهر الحسن وحتى الحسين سيدا شباب اهل الجنة عليهما السلام الذي ضحيا بكل شيئ من اجل استقامت هذا الدين ، والدفاع عن الرسالة واليقين ، وحتى اخر امام من ائمة المسلمين الشيعة !.هذا هو معتقد المتشيّع في اهل البيت عليهم السلام ، وهذه هي الاسباب والدوافع التي تدفع المتشيّع ليضحي بالغالي والرخيص من اجل هذا الانتماء ، كما انها هي هي الاسباب نفسها التي لو نشروا المتشيّع بمناشير الحديد والنار الف مرّة على ان يتبرأ من التشيّع لاهل البيت لما فعل ، من منطلق ايمانه ان الرسالة الخاتمة التي ارسلها الله سبحانه نجاة ورحمة للعالمين ، هي مابلغه بعد الرسول محمد ص اهل بيته الطيبين الطاهرين ، ولاطريق موصل للنجاة امام الله سبحانه غدا الا طريق علي والحسين وباقي ائمة اهل البيت عليهم السلام جميعا .___________________
alshaker@yahoo.comal_shaker@maktoob.com
الخميس، مارس 12، 2009
(( محاولة تهديم المشهد الحسيني والزينبي في مصر )) حميد الشاكر
(( محاولة تهديم المشهد الحسيني والزينبي في مصر )) حميد الشاكر___________
لفترة ليست بالقصيرة والمحاولات السلفية التكفيرية تناضل من اجل النيل من تراث ال محمد ص في هذه الحياة الاسلامية ومهما كان شكل هذا التراث المحمدي الاصيل او لونه او صورته او عنوانه .... سواء كان علما مبثوثا في الكتب ، او معلما شامخا لضريح شخصية اسلامية مقدسة ، او صورة من خلالها يكون ذكرا لال محمد ص الاطهار !. وحتى ان المحاولات التاريخية والى هذه اللحظة لم تدّخر وسيلة ولاوسعا ولااسلوبا في سبيل طمس معالم ال البيت الكرام عليهم السلام في هذا الوجود ، وكأنما لم يكتفي الخط الاموي السلفي التاريخي والى يوم الناس هذا بقتل الال الاطهار وسبي ذراريهم وملاحقة كل شاردة وواردة تتصل بخبرهم ....، عاد بعد ذالك وبأسماء متعددة ليمحوا ذكرهم من الوجود تماما ، فلارواية عن الدين والاسلام تروى عنهم في كتب الصحاح المرّوج لها سياسيا لاتخاذها كتب رواية الحديث النبوي الشريف ، ولامعالم تشهد بفضلهم ينبغي ابقائها قائمة ......، وحتى ذكرهم في الصلاة الواردة على رسول الاسلام محمد ص ، فهناك الخط الذي يعمل على تغييب ذكر ال محمد عندما يُصلى على الرسول الاعظم محمد ص بالصلاة البتراء ، مع العلم ان كل المسلمين تقريبا يقرّون ان الصلاة البتراء على محمد ص منهيٌ عنها اسلاميا ، ولكنّ مع ذالك كأنما هناك استثقال او تعمد لذكر الصيغة الاسلامية الشرعية الاصلية التي تقول : اللهم صلي على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم ، ويُكتفى بالقول : صلى الله عليه وسلم في حال ذُكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم !.طبعا لاحاجة بي الى ذكر ان واضع مخطط انهاء ذكر ال محمد ص من الوجود الانساني هم الامويون بالتحديد في تاريخ المسلمين ، ثم بعد ذالك حمل الراية من بعدهم الخط السلفي التكفيري في التاريخ وحتى اليوم بدعاوي شتى وباسماء متنوعة وباساليب مختلفة وغريبة وعجيبة ، بدأت باسم محاربة البدع في الدين كي يكون اي ذكر لحديث عن طريق غير طريق الصحاح السلفية هو بدعة والتي بالاساس لاتذكر ال البيت ع مطلقا في رواياتها المروية ، والى ان نصل بعد ذالك ليصبح كل شيئ متعلق بآل محمد هو بدعة في الدين في عرف ومفهوم وذهنية المدرسة السلفية التكفيرية ، ونهاية الوصول الى رميّ اي متقرب او ذاكر او محيي ذكر ال محمد ص في هذه الحياة الاسلامية بالكفر والشرك وعداء السلف الصالح ومحاولة تدمير الاسلام ..... وهكذا من مسميات ظاهرها الدفاع عن الاسلام وباطنها ابادة ذكر اهل الاسلام وحملة مشاعله وخزّان علم الدين ويعاسيب المؤمنين ال محمد الطيبين الطاهرين !.وكذالك انا لست بحاجة لذكر ايضا ماحصل بعد حادثة ابادة ال البيت المحمدي ص في كربلاء على يد العصابة الاموية ، وماعُرف اسلاميا بملحمة عاشوراء الحسينية ، وكيف ان العقيلة زينب بنت فاطمة الزهراء وعلي بن ابي طالب وحفيدة المصطفى محمد ص وقفت في بلاط يزيد بن معاوية لتعلن ليزيد : ان اهل البيت والمسلمين من انصارهم يدركون مخطط ابادتهم من الوجود ، ويفهمون ان المخطط يرمي ايضا لرفع ذكرهم من هذه الحياة الاسلامية ، فقالت له كلمتها المشهورة :(( اسع سعيك ، وكد كيدك ، وناصب جهدك ، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا ...)) !.وبالفعل جاءت قرون وذهبت قرون ، وبذلت الاموال ، واُغريت الملوك والامراء ضد شيعة ال محمد ص لاستئصالهم ، ووضعت السيوف على الرقاب ، وقطعت الالسن حزّا بالشفار ، وهدمت القبور ، وطوردت الانصار ، واجتمعت الانس والجن على ان يمحوا ذكر اهل البيت ويبيدوا معالمهم من هذه الحياة ،......... الخ ، فلن يكن النجاح حليف المخطط ، وباءت كل الجهود بالخذلان والهزيمة ،وأثمر العكس ثماره فتأسست المدارس العلمية لتراث اهل البيت ع ، واصبحت مدرستهم الاسلامية هي الاعلى فكرا وصوتا ، وشيّدت المقابر واتخذت مساجدا يذكر فيها اسم الله سبحانه كثيرا ، وبُكي على الحسين ع وتجددت مأساته ، ولعن يزيد بن معاوية ، وفضح المنافقين ودرست معالمهم وخبا ذكرهم ، وماتت سيرتهم الى يوم الدين !!.كل هذا جرى بشكل عجيب وبصورة غريبة ، لايمكن تصديق مساراتها ان ذُكرت للسامعين !.خطٌ اموي : ملك وخطط ، ودبرّ ، وفكرّ وقدّر ، فقتل كيف قدّر ، ثم قُتل كيف قدّر ، ثم نظر ، ثم عبس وبسر ،ثم أدبر وأستكبر، وسفك الدماء ، ورشى بالمال ، واشترى الضمائر ، وافترى الاحاديث ، وزوّر الوثائق ، واعتدى على الحرمات ، وسهر الايام والليالي الطويلات ...... كل هذا على أمل ان يأتي التدبير بثماره في محو ذكر ال محمد ودينهم ، الاّ ان النتيجة في النهاية جاءت عكس المتوقع الاموي بالتمام !.وخطٌ اخر محمدي علوي هاشمي : ظُلم ، وقُتل ، وسُبي ، وهُجرّ ، ومُنع من الكلام ، وحوصر بشعب الجبال ، وطورد ، وشُوّه ، وقيل عنه مالايقال ، وسُبّ ، وسكت ، ولم يفكرّ ، ولم يدبّر ، ولم يبذل مال ، ولادعى منقبةً ، ولاقال كلمة ، ولاخطط لمستقبل ، ولادفع غائلة ، وفُعل به كل مامن شأنه ان يمحو ذكر البشر والحجر ...، ومع ذالك جاءت كل النتائج ايجابية وبصالح ال محمد واحترامهم وذكرهم وتقديسهم في هذه الحياة الانسانية الاسلامية عند المسلمين حتى اليوم !.فهل راى احداً بعد هذه المعادلة من عجب عجيب كهذا ؟.واليوم ايضا لم يزل الخط السلفي الاموي نشطا جدا في اعادة احياء المخطط والعمل على التدبير من جديد في كل اماكن المسلمين وديارهم للنيل من ذكر ال محمد ص وانصارهم في هذه الحياة ، وكأنما القوم ليس لهم قلوب يعقلون بها ولاعقول يفقهون بها التاريخ والتجربة ،ولاحتى عيون يبصرون بها الواقع واين هم ال محمد واين اعدائهم في الغابرين ، فعادوا سيرتهم الاولى بحربهم ضد ذكر ال البيت ع والانتقاص من وحيهم المحمدي ، فبين سلفي يغرّ السلاطين ويخوفه على سلطانه من دين شيعة اهل البيت الخطر على الظلم والظالمين ، وبين سلفي اخر يرمي مدرسة اهل البيت وعلمهم وانصارهم بالبدعة للنيل منهم وتدمير ايمانهم ، وهكذا لثالث يتهمهم بالشرك ليسفك دمائهم ، واخر بالكفر ليحل اموالهم ، واخر ليهدم منازلهم .... وكل هذا على امل ان ينتهي ذكر ال محمد من الوجود ولايسمع صوت لانصارهم ، ولايُرى شاهد لاضرحتهم ، ولايسمع محاضرة في مناقبهم !.إن آخر هذه الحيل السلفية التكفيرية تطلّ علينا براسها منذ زمن ليس بالبعيد ، ولكنّ في مصر هذه المرّة لتطرح التشكيك في وجود التاج الحسيني في المشهد الحسيني المطهر ، وكذا التشكيك في الحضرة الزينبية ووجودها الفعلي الحقيقي والتاريخي في هذا المكان المبارك في مصر ، مع الدعوة للسلطات المصريّة ( جاءت هذه الدعوة من خلال صحيفة مصريون لكاتب معتوه ) بأتخاذ اللازم والتعامل مع خرافة الوجود بما يرفع من سطوتها على الناس من جهة ، وبما يمنع حسب زعمهم من رفع المبررات للتدخلات الشيعية التي تحاول الترويج للتشيّع لال البيت ع من خلال زيارات الاضرحة المقدسة في مصر وغير مصر !.أذن : المحاولة السلفية التكفيرية هذه المرّة وبكل بساطة تشير الى دعوة السلطات المصرية بتهديم المشهد الحسيني والزينبي في مصر بعد ان عجزت الوهابية السلفية بالاقدام على فعل ذالك بنفسها خشية من ردّة فعل المسلمين المحبين لال البيت ع في مصر تحت غطاء عدم وجود رأس للحسين اساسا في هذا المشهد ، مضافا له عدم وجود السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب في الضريح الزينبي ، مضافا لذالك قطع ارجل التشيّع من الدخول لمصر بذريعة زيارة اهل البيت عليهم السلام ومن ثم نشر التشيّع كما يرتعب منه السلفيون الاميون العصريون في هذه الايام في مصر !.والحقيقة ان مثل هذه المحاولات لمحو ذكر ال محمد ص ليس بالجديدة على التمام ، وانما هي قديمة قدم الكراهية لال البيت عليهم السلام من قبل الامويين وانصارهم من السلفية ، ففي العراق قيل فيما مضى حول ضريح الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع مثل ذالك ، وان جسده الطاهر والشريف لم يدفن في النجف الاشرف على الحقيقة ، وانما دفن في مكان آخر ، وما زيارة الشيعة لمكان في النجف يسمى ضريح الامام علي ع الا خرافة خلقها بعض المنتفعين لنشر التشيع في العراق ، وعندما لم تنطلي هذه الحيلة على محبي ال البيت ع ، قامت السلفية الوهابية الاموية بعد ذالك بشن الغارات وغزو العصابات التي تهجم من عمق الصحراء النجدية والحجازية العربية لتهديم ضريح الامام علي بن ابي طالب ع وولديه الحسين ابن رسول الله والعباس بن علي بذريعه انها اضرحة تدعو للشرك بعبادة الله سبحانه الواحد القهار !.نعم هكذا هي اليوم محاولة التشكيك التي يرّوج لها مصريا سلفيا وهابيا ، وبنفس الاهداف ونوعيه المخطط ، فتبدأ العملية والمحاولة بفكرة التشكيك في طهارة المكان وقدسية الموقع الحسيني والزينبي في القاهرة ، لتنتهي بعد ذالك بالدعوة الصريحة للسلطات المصرية ، ومن ثم القيام بالعمل ارهابيا اذا لم تقم السلطات المصرية بازالة المشهد الحسيني والزينبي ، ليقع لهذه الاماكن التي يذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى كثيرا ما وقع للامامين العسكريين من ال البيت في سامراء ، الامام الهادي والامام الحسن العسكري من تفجير المرقدين الطاهرين ، لتحل الكارثة وتبدأ الفتنة في مصر كما بدأت في العراق من قبل !.ان في مصر كما في العراق الملايين المملينة من محبي اهل البيت من اهل السُنة الكرام ، ولايعتقد احدا مطلقا ان محبي اهل البيت في العراق هم مختلفون عن محبي اهل البيت من المصريين سنة وشيعة وصوفية وغير ذالك من اديان اخرى غير اسلامية كالمسيحية ترى في اهل البيت رمزا للانسانية العالية القيمة بشريا ، ومن هنا نقول انه مخطئ تماما من يعتقد انه وبسبب ان مصر ليس فيها شيعة كثُر اليوم فيمكن تمرير مخطط هدم ضريحي الحسين وزينب الطاهرة بلا مشاكل ولافتنة بين المسلمين في مصر ، بل نقول وبجزم مطلق للسلفية الوهابية الوافدة لمصر من ارض السعودية الوهابية العربية ، ان الشعب المصري يحمل من الحب لال البيت ، ومن الاحترام والتقديس لذكر الحسين واخته العقيلة زينب مايفوق بكثير حتى حب الشيعة في العالم لاهل البيت ع ، وليعلم السلفيون التكفيريون في مصر : ان مثل هذه الدعاوي في تسفيه المشاهد الاسلامية المقدسة في مصر وخصوصا المشهدين الحسيني والزينبي ، ودعوة السلطات بشكل غير صريح لهدم المشهدين بدعاوي سخيفة كسخف عقول حامليها ، هي دعوة لشق الصف المصري الوطني والاجتماعي ودعوة لتفجير الفتنة بين مجتمعه الذي يحاول التماسك في الزمن الصعب هذا جدا !.ثم بعد ذالك ولأوجه مقالي الآن لاصحاب دعوة محو ذكر ال محمد في اي مكان من العالم الاسلامي : ماهو المبرر لمثل دعواتكم هذه التي تحاول ملاحقة ال البيت اينما وجدوا في الحياة ، وتحاول النيل من وجود ذكرهم الاسلامي العبادي والفكري والثقافي والمادي ؟.هل بسبب ان بعض المصادر التاريخية تقول بانه ليس هناك حقيقة لوجود التاج او الراس الحسيني في هذا المكان ، وان ليس هناك حقيقة لدفن العقيلة زينب في مصر ؟.وهل ان مصر في الحقيقة هي التي تشرّفت بوجود رأس للحسين ابن رسول الله ص ،واخته العقيلة زينب فيها ، أم ان الحسين وزينب هم من تشّرف بوجودهم في مصر لتدعون لخلو مصر من راس الحسين وزينب ؟.ان مكة غرفة الحجر المربعة وجسد الرسول الطاهر ص في المدينة يثرب هما من جعلا صحراء نجد والحجاز المجدبة اطهر بقعة في هذه الارض ، فقولوا لي ياسلفية وهابية اذا رفعنا من مصر المشهد الحسيني وضريح العقيلة زينب عليهما السلام ، فباي شيئ اسلاميا تتميز قاهرة مصر وشعبها الكريم الطيّب ؟.من هنا نقول لكم ايها التافهون السلفيون التكفيريون : ان المشهد الحسيني والزينبي في مصر ثروة اسلامية وشرف عظيم لمصر وتراثها ، وليس العكس صحيحا لتدعون للتخلص من ضريحي الحسين وزينب عليهما السلام ، لتبقى مصر فرعونية الثقافة والاصول فحسب ؟!.الا تدركون ان ثقافة مصر الاسلامية وشواخصها الحضارية هي متجسدة فحسب بمشهدي الحسين وزينب في هوية مصر اليوم ، فكيف وانتم تدعون ليل نهار الى العودة لحكم الاسلام ، وبنفس الوقت تطالبون الدولة والحكومة بتهديم الحضارة او هوية الحضارة الاسلامية في مصر عندما تدعونها لازالة المشهدين الاسلاميين العظيمين الذان يثبتان هوية مصر الاسلامية ؟.وهل هذا الا فعل من يريد ازالة الهوية الاسلامية الاصيلة عن مصر وتراثها وعمقها الحضاري الاسلامي ؟.فكيف جاءت الدعوة على النقيض تماما لدعوة السلفية باحياء معالم الاسلام وحكمه ؟.صحيح انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور !. ثم وبغض النظر ان مصر تتشرف بوجود ال البيت او بقايا من ال البيت المطهر عليهم السلام على ترابها الوطني ، وبغض النظر ان كان هناك وجود حقيقي او وجود رمزي اراد المصريون ان يكون بين اضلعهم ذكر للحسين بن علي بن ابي طالب سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله ص وزينب بنت الزهراء سيدة نساء العالمين فبنوا لهم المشاهد ليتشرفوا بذكر ال محمد ص بينهم ، بغض النظر عن ذالك : من قال ان هذه الاضرحة المقدسة هي التي تصلح ان تكون مبررا للتمدد الشيعي ، وعلى هذا المبنى تطالب السلفية الوهابية المصرية بازالة هذه الاضرحة المباركة لقطع ذريعة تكاثر الشيعة والتشيّع بمصر ؟.وقولوا لي ياسلفية برب الحسين وزينب عليهم السلام : هل ان المراقد الشريفة لاهل البيت هي التي اوجدت الشيعة في كل مكان ؟.أم ان المؤمنين باهل البيت ومحبيهم هم من اوجد وبنى وشيّد هذه المشاهد الاسلامية المقدسة في كل مكان ؟.ان القوم من السلفية الوهابية المصرية اعماهم الحقد والكراهية عن رؤية الواقع كما هو عليه في الحقيقة فبدأو يخلطون بين المقدمة والنتيجة وبدلا من ان يروا ان الانسان هو من يبني الحجر اعتقدوا ان الحجر هو من يوجد الانسان ، لذالك هم اليوم يدعون السلطة والدولة والحكومة لتهديم جميع مراقد اهل البيت في مصر اعتقادا منهم انها هي من تنشر التشيّع العلوي وهي من تكثّر عددهم وهي من تفتن عقولهم وهي من تدعوهم للشرك بزعمهم ، فذهبوا للمطالبة بوجوب ازالة الاضرحة الشريفة اعتقادا منهم ان في هدمها ومحو اثرها من الوجود سيعود جميع المسلمين امويين سلفيين الهوى والمنهج والديانة .... وهكذا !.الايعلم هؤلاء كم مرّة هدم المرقد الشريف للامام الحسين عليه السلام في كربلاء العراق في زمن المتوكل وغيره ، وكيف ان السلطة تركت المياه اربعين يوما تغمر منطقة الضريح لدرسها تماما مع الارض وغياب اثرها ، ثم عاد المؤمنون باهل بيت الرسول محمد ص لاعادة بناء الضريح الحسيني من جديد وباسلوب ورونق اعظم ؟.فهل كان الباني عندئذ هو الانسان ام الحجر الموجود على الاضرحة المقدسة ؟.وعليه فما مبرر دعوة السلطات المصرية من قبل السلفية المصرية الاموية او محاولة تهديم الاضرحة الرسالية لاهل البيت المقدسة إن كان المحرك الحقيقي والفاعل الاساس هو الانسان المؤمن وليس الحجر القائم ؟.ثم نسأل سلفية مصر الجدد بالقول : هل ان المصريين قبل الاف السنين هم من بنى المشهد الحسيني والزينبي في القاهرة ؟.أم ان المشاهد المقدسة هي من اوجدت المصريين في القاهرة ؟.فعليكم امام هذه الحسبة وان اردتم التخلص من محبة اهل البيت والتشيّع لهم او تمدد التشيّع لهم ان تطالبوا باعدام كل محب لاهل البيت في مصر ، وكل عاشق للحرية عشق الحسين ، وكل محبة وامرأة مصرية رأت في زينب امها واختها وسندها وقوتها في هذه الحياة الاسلامية !.لا ان تطالبوا السلطات المصرية بازالة المشاهد الحسينية والزينبية وهي بناء سوف يعود المحبين المصريين لاهل البيت كما اعاد العراقيون مرارا بناء المشاهد المقدسة في العراق بعدما هدمها اسلافكم الطالحون من قبل !.اخيرا : فليعلم سلفيي الخط الاموي المصري المناهض لاهل البيت عليهم السلام في كل مكان : ان ليس هناك اي مخطط من اي جهة شيعية او غير شيعية تهدف الى نشر التشيّع لاهل البيت ع في البلدان الاسلامية السنية ، كما انه ليس هناك اي تدبير ماعدى التدبير الالهي العظيم الذي كتب في قرانه الكريم ليغلبن هو وعباده الصالحون ، وليس ايضا هناك اي قوّة على وجه هذه الكرة الارضية بامكانها محو ذكر ال البيت وتضحياتهم ووحيهم وعلومهم وحبهم من هذه الحياة ، وما يزيد ال البيت امثال دعواتكم ايها السلفيون الاقوة ومتانة وتقدم في هذه الحياة ، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون !.______________________
al_shaker@maktoob.com
لفترة ليست بالقصيرة والمحاولات السلفية التكفيرية تناضل من اجل النيل من تراث ال محمد ص في هذه الحياة الاسلامية ومهما كان شكل هذا التراث المحمدي الاصيل او لونه او صورته او عنوانه .... سواء كان علما مبثوثا في الكتب ، او معلما شامخا لضريح شخصية اسلامية مقدسة ، او صورة من خلالها يكون ذكرا لال محمد ص الاطهار !. وحتى ان المحاولات التاريخية والى هذه اللحظة لم تدّخر وسيلة ولاوسعا ولااسلوبا في سبيل طمس معالم ال البيت الكرام عليهم السلام في هذا الوجود ، وكأنما لم يكتفي الخط الاموي السلفي التاريخي والى يوم الناس هذا بقتل الال الاطهار وسبي ذراريهم وملاحقة كل شاردة وواردة تتصل بخبرهم ....، عاد بعد ذالك وبأسماء متعددة ليمحوا ذكرهم من الوجود تماما ، فلارواية عن الدين والاسلام تروى عنهم في كتب الصحاح المرّوج لها سياسيا لاتخاذها كتب رواية الحديث النبوي الشريف ، ولامعالم تشهد بفضلهم ينبغي ابقائها قائمة ......، وحتى ذكرهم في الصلاة الواردة على رسول الاسلام محمد ص ، فهناك الخط الذي يعمل على تغييب ذكر ال محمد عندما يُصلى على الرسول الاعظم محمد ص بالصلاة البتراء ، مع العلم ان كل المسلمين تقريبا يقرّون ان الصلاة البتراء على محمد ص منهيٌ عنها اسلاميا ، ولكنّ مع ذالك كأنما هناك استثقال او تعمد لذكر الصيغة الاسلامية الشرعية الاصلية التي تقول : اللهم صلي على محمد وال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم ، ويُكتفى بالقول : صلى الله عليه وسلم في حال ذُكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم !.طبعا لاحاجة بي الى ذكر ان واضع مخطط انهاء ذكر ال محمد ص من الوجود الانساني هم الامويون بالتحديد في تاريخ المسلمين ، ثم بعد ذالك حمل الراية من بعدهم الخط السلفي التكفيري في التاريخ وحتى اليوم بدعاوي شتى وباسماء متنوعة وباساليب مختلفة وغريبة وعجيبة ، بدأت باسم محاربة البدع في الدين كي يكون اي ذكر لحديث عن طريق غير طريق الصحاح السلفية هو بدعة والتي بالاساس لاتذكر ال البيت ع مطلقا في رواياتها المروية ، والى ان نصل بعد ذالك ليصبح كل شيئ متعلق بآل محمد هو بدعة في الدين في عرف ومفهوم وذهنية المدرسة السلفية التكفيرية ، ونهاية الوصول الى رميّ اي متقرب او ذاكر او محيي ذكر ال محمد ص في هذه الحياة الاسلامية بالكفر والشرك وعداء السلف الصالح ومحاولة تدمير الاسلام ..... وهكذا من مسميات ظاهرها الدفاع عن الاسلام وباطنها ابادة ذكر اهل الاسلام وحملة مشاعله وخزّان علم الدين ويعاسيب المؤمنين ال محمد الطيبين الطاهرين !.وكذالك انا لست بحاجة لذكر ايضا ماحصل بعد حادثة ابادة ال البيت المحمدي ص في كربلاء على يد العصابة الاموية ، وماعُرف اسلاميا بملحمة عاشوراء الحسينية ، وكيف ان العقيلة زينب بنت فاطمة الزهراء وعلي بن ابي طالب وحفيدة المصطفى محمد ص وقفت في بلاط يزيد بن معاوية لتعلن ليزيد : ان اهل البيت والمسلمين من انصارهم يدركون مخطط ابادتهم من الوجود ، ويفهمون ان المخطط يرمي ايضا لرفع ذكرهم من هذه الحياة الاسلامية ، فقالت له كلمتها المشهورة :(( اسع سعيك ، وكد كيدك ، وناصب جهدك ، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا ...)) !.وبالفعل جاءت قرون وذهبت قرون ، وبذلت الاموال ، واُغريت الملوك والامراء ضد شيعة ال محمد ص لاستئصالهم ، ووضعت السيوف على الرقاب ، وقطعت الالسن حزّا بالشفار ، وهدمت القبور ، وطوردت الانصار ، واجتمعت الانس والجن على ان يمحوا ذكر اهل البيت ويبيدوا معالمهم من هذه الحياة ،......... الخ ، فلن يكن النجاح حليف المخطط ، وباءت كل الجهود بالخذلان والهزيمة ،وأثمر العكس ثماره فتأسست المدارس العلمية لتراث اهل البيت ع ، واصبحت مدرستهم الاسلامية هي الاعلى فكرا وصوتا ، وشيّدت المقابر واتخذت مساجدا يذكر فيها اسم الله سبحانه كثيرا ، وبُكي على الحسين ع وتجددت مأساته ، ولعن يزيد بن معاوية ، وفضح المنافقين ودرست معالمهم وخبا ذكرهم ، وماتت سيرتهم الى يوم الدين !!.كل هذا جرى بشكل عجيب وبصورة غريبة ، لايمكن تصديق مساراتها ان ذُكرت للسامعين !.خطٌ اموي : ملك وخطط ، ودبرّ ، وفكرّ وقدّر ، فقتل كيف قدّر ، ثم قُتل كيف قدّر ، ثم نظر ، ثم عبس وبسر ،ثم أدبر وأستكبر، وسفك الدماء ، ورشى بالمال ، واشترى الضمائر ، وافترى الاحاديث ، وزوّر الوثائق ، واعتدى على الحرمات ، وسهر الايام والليالي الطويلات ...... كل هذا على أمل ان يأتي التدبير بثماره في محو ذكر ال محمد ودينهم ، الاّ ان النتيجة في النهاية جاءت عكس المتوقع الاموي بالتمام !.وخطٌ اخر محمدي علوي هاشمي : ظُلم ، وقُتل ، وسُبي ، وهُجرّ ، ومُنع من الكلام ، وحوصر بشعب الجبال ، وطورد ، وشُوّه ، وقيل عنه مالايقال ، وسُبّ ، وسكت ، ولم يفكرّ ، ولم يدبّر ، ولم يبذل مال ، ولادعى منقبةً ، ولاقال كلمة ، ولاخطط لمستقبل ، ولادفع غائلة ، وفُعل به كل مامن شأنه ان يمحو ذكر البشر والحجر ...، ومع ذالك جاءت كل النتائج ايجابية وبصالح ال محمد واحترامهم وذكرهم وتقديسهم في هذه الحياة الانسانية الاسلامية عند المسلمين حتى اليوم !.فهل راى احداً بعد هذه المعادلة من عجب عجيب كهذا ؟.واليوم ايضا لم يزل الخط السلفي الاموي نشطا جدا في اعادة احياء المخطط والعمل على التدبير من جديد في كل اماكن المسلمين وديارهم للنيل من ذكر ال محمد ص وانصارهم في هذه الحياة ، وكأنما القوم ليس لهم قلوب يعقلون بها ولاعقول يفقهون بها التاريخ والتجربة ،ولاحتى عيون يبصرون بها الواقع واين هم ال محمد واين اعدائهم في الغابرين ، فعادوا سيرتهم الاولى بحربهم ضد ذكر ال البيت ع والانتقاص من وحيهم المحمدي ، فبين سلفي يغرّ السلاطين ويخوفه على سلطانه من دين شيعة اهل البيت الخطر على الظلم والظالمين ، وبين سلفي اخر يرمي مدرسة اهل البيت وعلمهم وانصارهم بالبدعة للنيل منهم وتدمير ايمانهم ، وهكذا لثالث يتهمهم بالشرك ليسفك دمائهم ، واخر بالكفر ليحل اموالهم ، واخر ليهدم منازلهم .... وكل هذا على امل ان ينتهي ذكر ال محمد من الوجود ولايسمع صوت لانصارهم ، ولايُرى شاهد لاضرحتهم ، ولايسمع محاضرة في مناقبهم !.إن آخر هذه الحيل السلفية التكفيرية تطلّ علينا براسها منذ زمن ليس بالبعيد ، ولكنّ في مصر هذه المرّة لتطرح التشكيك في وجود التاج الحسيني في المشهد الحسيني المطهر ، وكذا التشكيك في الحضرة الزينبية ووجودها الفعلي الحقيقي والتاريخي في هذا المكان المبارك في مصر ، مع الدعوة للسلطات المصريّة ( جاءت هذه الدعوة من خلال صحيفة مصريون لكاتب معتوه ) بأتخاذ اللازم والتعامل مع خرافة الوجود بما يرفع من سطوتها على الناس من جهة ، وبما يمنع حسب زعمهم من رفع المبررات للتدخلات الشيعية التي تحاول الترويج للتشيّع لال البيت ع من خلال زيارات الاضرحة المقدسة في مصر وغير مصر !.أذن : المحاولة السلفية التكفيرية هذه المرّة وبكل بساطة تشير الى دعوة السلطات المصرية بتهديم المشهد الحسيني والزينبي في مصر بعد ان عجزت الوهابية السلفية بالاقدام على فعل ذالك بنفسها خشية من ردّة فعل المسلمين المحبين لال البيت ع في مصر تحت غطاء عدم وجود رأس للحسين اساسا في هذا المشهد ، مضافا له عدم وجود السيدة زينب بنت علي بن ابي طالب في الضريح الزينبي ، مضافا لذالك قطع ارجل التشيّع من الدخول لمصر بذريعة زيارة اهل البيت عليهم السلام ومن ثم نشر التشيّع كما يرتعب منه السلفيون الاميون العصريون في هذه الايام في مصر !.والحقيقة ان مثل هذه المحاولات لمحو ذكر ال محمد ص ليس بالجديدة على التمام ، وانما هي قديمة قدم الكراهية لال البيت عليهم السلام من قبل الامويين وانصارهم من السلفية ، ففي العراق قيل فيما مضى حول ضريح الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع مثل ذالك ، وان جسده الطاهر والشريف لم يدفن في النجف الاشرف على الحقيقة ، وانما دفن في مكان آخر ، وما زيارة الشيعة لمكان في النجف يسمى ضريح الامام علي ع الا خرافة خلقها بعض المنتفعين لنشر التشيع في العراق ، وعندما لم تنطلي هذه الحيلة على محبي ال البيت ع ، قامت السلفية الوهابية الاموية بعد ذالك بشن الغارات وغزو العصابات التي تهجم من عمق الصحراء النجدية والحجازية العربية لتهديم ضريح الامام علي بن ابي طالب ع وولديه الحسين ابن رسول الله والعباس بن علي بذريعه انها اضرحة تدعو للشرك بعبادة الله سبحانه الواحد القهار !.نعم هكذا هي اليوم محاولة التشكيك التي يرّوج لها مصريا سلفيا وهابيا ، وبنفس الاهداف ونوعيه المخطط ، فتبدأ العملية والمحاولة بفكرة التشكيك في طهارة المكان وقدسية الموقع الحسيني والزينبي في القاهرة ، لتنتهي بعد ذالك بالدعوة الصريحة للسلطات المصرية ، ومن ثم القيام بالعمل ارهابيا اذا لم تقم السلطات المصرية بازالة المشهد الحسيني والزينبي ، ليقع لهذه الاماكن التي يذكر فيها اسم الله سبحانه وتعالى كثيرا ما وقع للامامين العسكريين من ال البيت في سامراء ، الامام الهادي والامام الحسن العسكري من تفجير المرقدين الطاهرين ، لتحل الكارثة وتبدأ الفتنة في مصر كما بدأت في العراق من قبل !.ان في مصر كما في العراق الملايين المملينة من محبي اهل البيت من اهل السُنة الكرام ، ولايعتقد احدا مطلقا ان محبي اهل البيت في العراق هم مختلفون عن محبي اهل البيت من المصريين سنة وشيعة وصوفية وغير ذالك من اديان اخرى غير اسلامية كالمسيحية ترى في اهل البيت رمزا للانسانية العالية القيمة بشريا ، ومن هنا نقول انه مخطئ تماما من يعتقد انه وبسبب ان مصر ليس فيها شيعة كثُر اليوم فيمكن تمرير مخطط هدم ضريحي الحسين وزينب الطاهرة بلا مشاكل ولافتنة بين المسلمين في مصر ، بل نقول وبجزم مطلق للسلفية الوهابية الوافدة لمصر من ارض السعودية الوهابية العربية ، ان الشعب المصري يحمل من الحب لال البيت ، ومن الاحترام والتقديس لذكر الحسين واخته العقيلة زينب مايفوق بكثير حتى حب الشيعة في العالم لاهل البيت ع ، وليعلم السلفيون التكفيريون في مصر : ان مثل هذه الدعاوي في تسفيه المشاهد الاسلامية المقدسة في مصر وخصوصا المشهدين الحسيني والزينبي ، ودعوة السلطات بشكل غير صريح لهدم المشهدين بدعاوي سخيفة كسخف عقول حامليها ، هي دعوة لشق الصف المصري الوطني والاجتماعي ودعوة لتفجير الفتنة بين مجتمعه الذي يحاول التماسك في الزمن الصعب هذا جدا !.ثم بعد ذالك ولأوجه مقالي الآن لاصحاب دعوة محو ذكر ال محمد في اي مكان من العالم الاسلامي : ماهو المبرر لمثل دعواتكم هذه التي تحاول ملاحقة ال البيت اينما وجدوا في الحياة ، وتحاول النيل من وجود ذكرهم الاسلامي العبادي والفكري والثقافي والمادي ؟.هل بسبب ان بعض المصادر التاريخية تقول بانه ليس هناك حقيقة لوجود التاج او الراس الحسيني في هذا المكان ، وان ليس هناك حقيقة لدفن العقيلة زينب في مصر ؟.وهل ان مصر في الحقيقة هي التي تشرّفت بوجود رأس للحسين ابن رسول الله ص ،واخته العقيلة زينب فيها ، أم ان الحسين وزينب هم من تشّرف بوجودهم في مصر لتدعون لخلو مصر من راس الحسين وزينب ؟.ان مكة غرفة الحجر المربعة وجسد الرسول الطاهر ص في المدينة يثرب هما من جعلا صحراء نجد والحجاز المجدبة اطهر بقعة في هذه الارض ، فقولوا لي ياسلفية وهابية اذا رفعنا من مصر المشهد الحسيني وضريح العقيلة زينب عليهما السلام ، فباي شيئ اسلاميا تتميز قاهرة مصر وشعبها الكريم الطيّب ؟.من هنا نقول لكم ايها التافهون السلفيون التكفيريون : ان المشهد الحسيني والزينبي في مصر ثروة اسلامية وشرف عظيم لمصر وتراثها ، وليس العكس صحيحا لتدعون للتخلص من ضريحي الحسين وزينب عليهما السلام ، لتبقى مصر فرعونية الثقافة والاصول فحسب ؟!.الا تدركون ان ثقافة مصر الاسلامية وشواخصها الحضارية هي متجسدة فحسب بمشهدي الحسين وزينب في هوية مصر اليوم ، فكيف وانتم تدعون ليل نهار الى العودة لحكم الاسلام ، وبنفس الوقت تطالبون الدولة والحكومة بتهديم الحضارة او هوية الحضارة الاسلامية في مصر عندما تدعونها لازالة المشهدين الاسلاميين العظيمين الذان يثبتان هوية مصر الاسلامية ؟.وهل هذا الا فعل من يريد ازالة الهوية الاسلامية الاصيلة عن مصر وتراثها وعمقها الحضاري الاسلامي ؟.فكيف جاءت الدعوة على النقيض تماما لدعوة السلفية باحياء معالم الاسلام وحكمه ؟.صحيح انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور !. ثم وبغض النظر ان مصر تتشرف بوجود ال البيت او بقايا من ال البيت المطهر عليهم السلام على ترابها الوطني ، وبغض النظر ان كان هناك وجود حقيقي او وجود رمزي اراد المصريون ان يكون بين اضلعهم ذكر للحسين بن علي بن ابي طالب سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله ص وزينب بنت الزهراء سيدة نساء العالمين فبنوا لهم المشاهد ليتشرفوا بذكر ال محمد ص بينهم ، بغض النظر عن ذالك : من قال ان هذه الاضرحة المقدسة هي التي تصلح ان تكون مبررا للتمدد الشيعي ، وعلى هذا المبنى تطالب السلفية الوهابية المصرية بازالة هذه الاضرحة المباركة لقطع ذريعة تكاثر الشيعة والتشيّع بمصر ؟.وقولوا لي ياسلفية برب الحسين وزينب عليهم السلام : هل ان المراقد الشريفة لاهل البيت هي التي اوجدت الشيعة في كل مكان ؟.أم ان المؤمنين باهل البيت ومحبيهم هم من اوجد وبنى وشيّد هذه المشاهد الاسلامية المقدسة في كل مكان ؟.ان القوم من السلفية الوهابية المصرية اعماهم الحقد والكراهية عن رؤية الواقع كما هو عليه في الحقيقة فبدأو يخلطون بين المقدمة والنتيجة وبدلا من ان يروا ان الانسان هو من يبني الحجر اعتقدوا ان الحجر هو من يوجد الانسان ، لذالك هم اليوم يدعون السلطة والدولة والحكومة لتهديم جميع مراقد اهل البيت في مصر اعتقادا منهم انها هي من تنشر التشيّع العلوي وهي من تكثّر عددهم وهي من تفتن عقولهم وهي من تدعوهم للشرك بزعمهم ، فذهبوا للمطالبة بوجوب ازالة الاضرحة الشريفة اعتقادا منهم ان في هدمها ومحو اثرها من الوجود سيعود جميع المسلمين امويين سلفيين الهوى والمنهج والديانة .... وهكذا !.الايعلم هؤلاء كم مرّة هدم المرقد الشريف للامام الحسين عليه السلام في كربلاء العراق في زمن المتوكل وغيره ، وكيف ان السلطة تركت المياه اربعين يوما تغمر منطقة الضريح لدرسها تماما مع الارض وغياب اثرها ، ثم عاد المؤمنون باهل بيت الرسول محمد ص لاعادة بناء الضريح الحسيني من جديد وباسلوب ورونق اعظم ؟.فهل كان الباني عندئذ هو الانسان ام الحجر الموجود على الاضرحة المقدسة ؟.وعليه فما مبرر دعوة السلطات المصرية من قبل السلفية المصرية الاموية او محاولة تهديم الاضرحة الرسالية لاهل البيت المقدسة إن كان المحرك الحقيقي والفاعل الاساس هو الانسان المؤمن وليس الحجر القائم ؟.ثم نسأل سلفية مصر الجدد بالقول : هل ان المصريين قبل الاف السنين هم من بنى المشهد الحسيني والزينبي في القاهرة ؟.أم ان المشاهد المقدسة هي من اوجدت المصريين في القاهرة ؟.فعليكم امام هذه الحسبة وان اردتم التخلص من محبة اهل البيت والتشيّع لهم او تمدد التشيّع لهم ان تطالبوا باعدام كل محب لاهل البيت في مصر ، وكل عاشق للحرية عشق الحسين ، وكل محبة وامرأة مصرية رأت في زينب امها واختها وسندها وقوتها في هذه الحياة الاسلامية !.لا ان تطالبوا السلطات المصرية بازالة المشاهد الحسينية والزينبية وهي بناء سوف يعود المحبين المصريين لاهل البيت كما اعاد العراقيون مرارا بناء المشاهد المقدسة في العراق بعدما هدمها اسلافكم الطالحون من قبل !.اخيرا : فليعلم سلفيي الخط الاموي المصري المناهض لاهل البيت عليهم السلام في كل مكان : ان ليس هناك اي مخطط من اي جهة شيعية او غير شيعية تهدف الى نشر التشيّع لاهل البيت ع في البلدان الاسلامية السنية ، كما انه ليس هناك اي تدبير ماعدى التدبير الالهي العظيم الذي كتب في قرانه الكريم ليغلبن هو وعباده الصالحون ، وليس ايضا هناك اي قوّة على وجه هذه الكرة الارضية بامكانها محو ذكر ال البيت وتضحياتهم ووحيهم وعلومهم وحبهم من هذه الحياة ، وما يزيد ال البيت امثال دعواتكم ايها السلفيون الاقوة ومتانة وتقدم في هذه الحياة ، وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون !.______________________
al_shaker@maktoob.com
ظاهرة الرعب من التشيع .. هل هو ديني أم سياسي ؟
ربما يتساءل الكثيرون من أمثالي عن ظاهرة ((الرعب والخوف المبالغ فيه من التشيع)) والتي نقرأها في الصحف ونسمعها في الإذاعات ونشاهدها وخاصة على الفضائيات العربية والإسلامية ، وهي تحاول تضخيم هذا المارد الذي انطلق وفجأة من قمقمه ليصبح بين ليلة وضحاها من طائفة أو مذهب إسلامي بسيط وهادئ إلى أسطورة وطلاسم وأشباح وزواحف وتمددات ومخططات ........... إلى آخر هذه المسميات المريبة فكريا وإعلاميا وسياسيا ودينيا ؟.
صحيح ما هذه الضجة الكبيرة جدا حول ((التمدد الشيعي)) أو ((انتشار التشيع)) في المنطقة العربية والإسلامية ؟.
وما هذه الحملة الكبيرة إعلاميا والضخمة سياسيا وفكريا في تسليط الأضواء وبشكل مباشر على هذه الموضوعة حتى كدنا نتلمس جوانبنا ونحن نجلس في بيوتنا لنرى هذا الزحف ((الشيعي)) والتمدد في ((التشيع)) هل وصل إلى مقاعدنا أم لم نزل في طور الابتعاد عن هذه الجعجعة الرهيبة ؟!.
نقرأ : ((قرى كاملة في سورية قد تشيعت)) ، نسمع : ((مدن في الجزائر تعتنق التشيع وبصورة مفاجئة)) ، نشاهد : ((الإخوان المسلمون في الأردن يجرون تحقيقا لورود معلومات عن تشّيع قيادات في داخلها)) ، نشعر : ((قرى ومدن في تنزانيا والمغرب ولبنان والهند .... تعلن ولائها للتشيع)) ، نبصر : ((قرى ونجوع في غرب أو شرق أو شمال أو جنوب مصر تتشيع لآل البيت)) ، نفاجأ : ((مظاهرات لفتح تتهم قيادات لحماس بالتشيع في فلسطين)) ....... إلخ !!!!.
هل هذا هو الواقع الحقيقي من الأمر، أم إن وراء الأكمة ما ورائها في هذه الحملة الإعلامية والثقافية والسياسية من موضوعة ((التمدد الشيعي)) ؟. وربما كانت هناك حقيقة ما وراء هذه المدافع من الإعلاميات التكنولوجية الحديثة الموصلة للخبر والناقلة للحدث بصورة رهيبة وعجيبة وسريعة ، فلماذا ومن أي شيء هذا الاستنفار والرعب من ظاهرة ((التشيع)) سواء كان له تمدد أم لم يكن ؟.
ما الشيء الذي يجعل ((التشيع)) مرعب ومخيف لباقي العالم الإسلامي والعربي ؟.
وما هو السرّ الذي يرشح التشيع كمذهب من مذاهب المدرسة الإسلامية لأن يكون هو الوحيد المشكل قلقا للعالمين العربي والإسلامي ؟.
وهل التشيع هو مختلف تماما عن التحنبل أو المالكية أو التحنفف أو الشافعية أو الزيدية أو الأباضية ..... أو باقي مذاهب الإسلام العديدة، حتى ندق نواقيس الخطر من تمدده وانتشاره بين المسلمين ؟.
هل المتهسترين من التمدد الشيعي أو الانتشار الشيعي في العالمين العربي والإسلامي ينظرون إلى هذا التشيع على أساس انه دين غير الإسلام فهم لذالك خائفين من الردة على المسلمين -مثلا- فهم لذالك شديدي القلق من تمدد هذا المذهب وانتشاره بين مواطنيهم ؟.
أم هم ينظرون لهذا المذهب وهذه الطائفة المسماة ((شيعة)) على أساس إنها كباقي المذاهب الإسلامية مع اختلاف لا يخرج من الملة بينها وبين باقي المذاهب الإسلامية الأخرى الموجودة في العالم الإسلامي والعربي اليوم ؟.
إذاً من أين جاء هذا الرعب البارز على صفحات الوجوه قبل الصحف وشاشات الفضائيات العربية والإسلامية، من سياسيين ومفكرين ومثقفين وحتى مجانين ؟!.
وإذا كان هناك نشر للتشيع ، أو تمدد طبيعي لهذا التشيع فما هي اللعبة أو الضميمة التي تشكل نواة الرعب والخوف لهؤلاء البشر ؟.
بل هناك الأغرب حقيقة في هذه الظاهرة الانفجارية في العالمين العربي والإسلامي والتي ولدت بين ليلة وضحاها ، لنرى وبقدرة قادر الناس تدخل أفواجا للتشيّع وبدون أي حساب يذكر ، إن من لم يظهر تنديده بهذا التشيع من علماء ومفكرين وسياسيين ومثقفين فانه سيتهم وعلى الفور بأنه متشيع للتشيع ، مما جعل الكل من المسلمين في حالة رعب من السكوت أو وقت للتفكير ، مما حمل الكلّ على إظهار براءته من التشيع وباللسان الممتلئ كي لا تكون هناك شبهة سكوت من قبل احد ؟.
هل حقا انه مرجل في القلوب كان خامدا في المنطقة العربية والإسلامية بين التشيع وباقي مذاهب الإسلام ، وما أن أتيحت له فرصة التعبير حتى انفجر كالبركان العظيم ليعمي بدخانه المتصاعد فجأة وبلا مقدمات ظاهرية ملموسة جميع المتخاصمين مذهبيا ؟.
أم إن القصة ومن البداية لها أبعاد أخرى مخدرة لوقت معين ، وعند إرادة اللعب فيها فبالإمكان إخراجها من الدرج كخارطة طريق لمرحلة معينة من الزمن في عالم السياسة والإدارة ، وسرعان ما تنتفي الحاجة إليها لتخديرها من جديد وإرجاعها إلى الملفات النائمة في المنطقة العربية والإسلامية ؟.
أم إن التشيع حقا خطرا على المنطقة العربية والإسلامية ، وهو يشكل تناقضا صريحا بينه وبين باقي المذاهب الإسلامية الأخرى المتجهة اتجاه ديني آخر ، ولذالك كان مسكوتا عنه لضعفه في المنطقة ، أما عندما يرتفع ويشتد عوده فهو خطر وخطر حقيقي على العرب والمسلمين ؟.
ولكن ما نوع هذه الخطرية التي يشكلها هذا التشيع الفكري الإسلامي على المنطقة العربية والإسلامية إن كان حقا هو خطر واقعي ؟.
هل هو خطر فكري ديني عقائدي، كأن يكون للتشيع قدرة على التأثير على عقائد المسلمين ومذاهبهم العقائدية والفقهية ومن ثم نقلها ((لا أريد أن أقول حرفها)) من فكر عقائدي إلى آخر ديني مختلف ؟.
أم إن التشيع يمتلك الخطرية السياسية على المنطقة العربية والإسلامية ، فهو ((التشيّع)) له قدرة على تغيير المعادلات الديموغرافية والجيوسياسية ....... الخ للمنطقة العربية والإسلامية فهو لذالك يجب أن يحجم وتسلط على أخطاره الأضواء الكاشفة لألاعيبه السياسية ؟.
إن القول بأن خطر ((التمدد الشيعي)) أو ((التشيع)) على المنطقة العربية والإسلامية يتقولب في قالب ديني هو وفي الحقيقة خدعة ما بعدها خدعة تذكر ، فالتشيع وبهذا المعنى لا يشكل اختلافا جوهريا عن باقي المذاهب الإسلامية الموجودة في المنطقة العربية والإسلامية ، فهو ومن حيث الإيمان بمبادئ الدين الإسلامي كباقي المذاهب الإسلامية ، يؤمن بكل ما يؤمن به الحنبلي أو الشافعي أو الأباضي أو الزيدي أو الحنفي أو المالكي ...، وما اختلافه مع باقي المذاهب الإسلامية إلا كاختلاف باقي المذاهب تلك مع بعضها والبعض الآخر تماما ، فليس هناك إله للشيعي هو مختلف عن الإله المعبود للحنفي من المذاهب الإسلامية ، وليس له نبي مختلف عن نبي الشافعي أو الحنبلي ، كما إن قرآنه وقبلته ....... وباقي الأمور الدينية الأساسية هي وبالضبط نفس ما لدى المسلمين الآخرين من عقائد وإيمانات دينية أخرى ، وعليه فليس هناك فارقة واقعية لنقول أو نؤكد إن للتشيع منحى ديني مختلف عن باقي المسلمين عربا كانوا أو عجما في هذا المنعطف !.
نعم في الأمور الفرعية المختلف عليها مذهبيا بين المسلمين ، كالجبر والتفويض في المناحي الاعتقادية ، أو الإمامة والخلافة في المناحي السياسية ، أو الصحابة والقرابة في المناحي الاجتماعية أو الخمس والزكاة في المناحي الاقتصادية أو الولاء والبراء في المناحي النفسية .....، كل هذا فيه اخذ ورد اجتهادي بين المسلمين قديما وحديثا ، إلا انه يبقى ومهما علت وتيرته من المواضيع الغير مخرجة للملة ، أي بمعنى إن المتشيع أو غيره مهما انغمس في الاجتهادات الفكرية أو الثقافية أو الفلسفية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية .... فإنه داخل في إطار ((لا اله إلا الله محمد رسول الله)) المدخلة للإسلام وحتى إن كان ظاهريا فضلا عن الإيمان والالتزام بالإسلام حرفيا ؟!.
وعليه فلا سبيل واقعي للقول إن ((التشيع)) هو دين آخر غير دين الإسلام ، مما يضعنا وبلا أي شبهة أمام حقيقة : إن التشيع لا يشكل أي تهديد أو خطر ديني حقيقي يذكر على المنطقة العربية أو الإسلامية من الناحية الدينية ، وما هذه الهلوسات الطائفية التي تسمع من هنا أو هناك -من تكفيريين وغيرهم- إلا مجرد توظيف للمشاعر الدينية الساذجة في سبيل استحصال مكاسب سياسية فحسب وهذا ما يدفعنا لنتساءل عن الخطر الشيعي وهل هو سياسي أكثر منه ديني على المنطقة العربية والإسلامية أم إن هناك بعد آخر ؟.
نعم صحيح : هل التمدد الشيعي والانتشار التشيعي هو خطر سياسي على المنطقة العربية بالذات فهو لذالك مرعب وخطير بالنسبة للساسة بالمنطقة العربية والإسلامية ؟.
وإذا كان خطر التشيع سياسيا فكيف يكون هذا الخطر ؟.
كيف يكون الفكر الشيعي خطرا سياسيا يهدد الأنظمة العربية والإسلامية بالمنطقة ، ولذالك فإن هذه الأنظمة شديدة التوجس من الفكر الشيعي ليس لأنه ديني بل لأنه سياسي في المقام الأول ، وما هذا الإعلام المسيس من قبل الأنظمة العربية القائمة ضد التشيع باسم ((التمدد الشيعي)) ما هو إلا وسيلة لدرئ خطر الفكر الشيعي السياسي عنها ، وان اتخذت المعركة لونا دينيا أو طائفيا بين هذه الأنظمة والتشيع إلا انه يبقى الخطر الحقيقي الذي استشعرته هذه الأنظمة القائمة هو خطر سياسي بالدرجة الأولى وليس دينيا ؟.
إن من الظواهر الملفتة للنظر في المنطقة العربية والمزمنة الفعل في هذه المنطقة الحيوية هي ظاهرة الدكتاتورية والتصلب السياسي الدائم بين الأنظمة الحاكمة وشعوبها المغلوب على أمرها ، وكانت ولم تزل المنطقة العربية تاريخيا وحديثا تعيش جدلية السياسي والديني في مراحلها المتحركة ، مما جعل لثنائية الدين والسياسة تلازم مصيري في الأجواء العربية الإسلامية ، والحقيقة في هذا التلازم الثنائي ترجع إلى كون العامل السياسي هو دائم البحث عن الشرعية الفوق بشرية أو اجتماعية إنسانية ، لتتيح له هذه الشرعية الدينية أو اللاهوتية استمرارية البقاء في ممارسة السلطة الزمنية وبالشكل الذي ترتئيه مصالحه الفئوية بعيدا عن رغبات الاجتماع الإنساني والبشري المراد سياسته وقيادة دفته الاجتماعي ، ولذالك كان ولم يزل العامل السياسي ملاصقا للديني وباحثا عن الشرعي اللاهوتي ليس حبا أو تطبيقا لمبادئ هذا الديني أو ذاك اللاهوتي المقدس ، وإنما طلبا للشرعية في الوجود السياسي بعد إن فقد السياسي الشرعية الإنسانية والاجتماعية في وجوده السياسي والسلطاني لسياسة الأمم !؟.
وعليه ومن منطلق هذه ((الحقيقة)) التاريخية والمعاصرة في منطقتنا العربية وغير العربية، مثل العامل الديني طوق النجاة للنظم الاستبدادية العربية وغير العربية، وجاءت مفاهيم: ((إطاعة أولي الأمر، وحرمة الخروج على السلطان....الخ)) في الفكر الإسلامي -السني على الخصوص- هدية ثمينة تقدم لهذه الفئات الطاغوتية من أهل السلطان والدولة لتجد نفسها محاطة وبشكل غير مسبوق بهالة من الدعم اللاهوتي المقدس لوجودها اللاشرعي ، مما جعل هذه النظم الاستبدادية ترحب كل الترحيب بهذا الدين الذي يضمن لها بقائها اللاشرعي إنسانيا والى أبد الآبدين ومن غير إن تكون هناك سلطة مناهضة لوجودها هذا غير سلطة الثورة والدعم والمشروعية الجماهيرية وهذه يراد لها كثير من الجهد لتنجح في الإطاحة بمثل هذه النظم الطاغوتية المستبدة ؟!.
وفي مثل هذه الأجواء الممتلئة امتزاجا وتلازما بين ما هو طاغوتي سياسي وديني مشوه ، برز ((التشيع)) في القديم وفي الحديث كوجهة نظر إسلامية سياسية مغايرة لما هو موجود على الساحة العربية والإسلامية ، وبطبيعة الحال لفت نظر السلاطين وأصحاب الدولة ووعاظ مجالسهم الدينيين هذه النظرية ((الشيعية)) السياسية في التاريخ وحتى يومنا هذا ، وما توجهت له أنظار الساسة العرب قديما وحديثا لظاهرة ((التشيع والشيعة)) هو سؤال : هل في هذا المذهب المسمى تشيعا كوجهة نظر دينية أي إشارة ضمان دينية لوضع السلطة السياسية القائمة كضمان ((إطاعة ولي الأمر وحرمة الخروج على سلطانه الظالم)) ؟.
وسرعان ما اكتشفت هذه السلط الاستبدادية والطاغوتية وجهة النظر السياسية الإسلامية لمذهب التشيع الإسلامي والقائلة : بعدم وجود أي ضمان يذكر للسلطة الحاكمة الظالمة !.
لا بل الأنكى من ذالك إن المذهب الشيعي الإسلامي وأمام أنظار أهل السلطان والدولة ، ليس فحسب هو يختزل في داخله عدم ضمان لأهل السلطان والدولة ورفع الحصانة عنهم فحسب ، بل إن في داخله شرارة ورؤية ثورية وشرعية متكاملة للإطاحة ، بل وجوب الإطاحة بالسلطان الظالم ووجوب عدم طاعته أو الخضوع لابتزازه الديني والدنيوي ، مما شكل حالة "رعب" حقيقية لأهل الدولة والسلطان وعلى طول الخط التاريخي العربي قديما وحديثا ؟!.
إن شخصيات كعلي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب وباقي أئمة آل البيت الذين يعدّون وبلا ريب مراجع شرعية دينية وإسلامية للفكر الشيعي العقائدي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ....، أولئك النماذج قد طرحوا رؤية مختلفة تماما للعملية السياسية التي ينبغي إن تقوم في إدارة الاجتماع الإنساني الإسلامي وللاختصار نقول إن من أهم المبادئ السياسية التي تطرحها مدرسة أهل البيت عليهم السلام للنظام السياسي الإسلامي هي:
أولا : لا شرعية للنظام القائم سياسيا إلا من خلال الرضا الجماعي للمجتمع ، كما انه لا سند شرعي إسلامي يمكن السلطة السياسية إن تتسلط بالقوة على إدارة المجتمع ، فبين الأمة والإمام يجب إن يكون هناك ((عقد)) سياسي بموجبه يكون الإمام أو الخليفة أو الرئيس ، مخولا من قبل الأمة في إدارة شأنها السياسي والإداري والاقتصادي ، وهذا بالفعل ما مارسه الإمام أمير المؤمنين أبان خلافته المباركة ، فهو لم يأتي من خلال صفقة فئوية مختصرة لأشخاص معينين ، مع إيمانه إن إمامته نصية ومن قبل الرسول المعظم محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولكنه ومع ذالك أراد وبكل صراحة إن يكون لـ ((العقد)) السياسي مشروعية إسلامية ظاهرة -كان العقد يسمى بيعة- تكون بين الأمة والإمام أو الرئيس ، لذا كان جلّ اهتمامه آنذاك في مقولة ((إلتمسوا غيري)) التثبت من الإرادة الاجتماعية في الانتخاب ، وعندما تمت ((البيعة)) من قبل المجتمع كان لزاما على القائد إن يدافع وبكل قوة عن إرادة المجتمع فقاتل الخارجين عن سلطة المجتمع ّ.
إن مثل هذه الفكرة للنظام السياسي الإسلامي لا توفر أي حصانة لاستهتار السلطة والسلطان إن أراد إن يمارس أهوائه في إدارة المجتمع ، وليس لـ ((إطاعة أولي الأمر أو حرمة الخروج على السلطان الظالم)) أي مشروعية في الفكر الشيعي ، باعتبار إن العقد يعقده المجتمع مع السلطة وله إن يفسخ العقد ويستبدل ولي الأمر إن ظلم ، لذالك كان هذا الفكر ليس فقط انه غير صالح كأداة لاستغلال السلاطين فحسب ، بل هو أكثر من ذالك يعطي السلطان للمجتمع في اختيار قادته السياسيين وهذا ما لا يرغب به أي طاغوت يذكر ، ولذالك كان الفكر الشيعي خطرا على وجود السلطان اللاشرعي ومن حق السلاطين حينئذ إن ترتعب من هذا الفكر الإسلامي السياسي الخطير على وجودها الفعلي ؟!.
ثانيا : يتميز الفكر الشيعي السياسي بأنه الفكر الإسلامي الوحيد الذي يوجب الخروج على السلطان المستهتر الغير مراعي لحقوق الدين والدنيا للاجتماع الإسلامي الإنساني ومهما كان لونه وحتى إن كان مدعيا للتشيع لآل البيت عليهم السلام ، ومن هذه الفكرة جسد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كمرجعية إسلامية مشروعية هذا الخروج ووجوبه إن تطلب الأمر ذالك ، ومن ثم ليطيح بخدعة ((ولي الأمر وحرمة الخروج على السلطان الظالم)) ليشيد مكانها رؤية الثورة الإسلامية على الظلم ومهما تزيا بزي ومسوح الدين والتقوى ليخاتل الناس ويستغفل مشاعرهم الدينية ، وليضع مكانها مشروعية التمرد على السلطان القائم ، ومن هنا مثل الفكر الشيعي هاجسا مرعبا لكل الأنظمة التاريخية والحديثة السياسية في المنطقة العربية والإسلامية ، مما دفع هذه الأنظمة لملاحقة هذا الفكر ونشر الدعايات والإعلام المضاد له وتشويهه مع معالمه الكريمة ليتخلص تماما من هذه النواة الثورية المقلقة على النظام القائم ، فأصبح التشيع في عرف السلاطين وأنظمتهم القائمة هو العدو الأول والمعارض الخطير لوجودهم اللاشرعي ومن ثم انتقام هذه الزمر السلطوية من فكرة التشيع بان خلقوا لها ألف فرية دينية كـ ((سب الصحابة الكرام ، لهم قرءان غير القرءان ، يعبدون القبور ومشركين ، لديهم المتعة ، أهل تقية وكذب ومخاتلة ........ وهلم جرا)) ليقضوا على فكرتها السياسية الهيبة والمرعبة هذه ؟!.
هذه نقطتان فقط للتنويه لما يمثله الفكر الشيعي السياسي من مخاطر حقيقية سياسية على الوضع السلطوي الدكتاتوري القائم في المنطقة العربية اليوم ، ويبقى إن الفكر الشيعي السياسي ليس فيه عملية تملك للسلطة ، فليس هناك كسروية في الإسلام الشيعي السياسي ، كما انه ليس هناك قيصرية لنعطي الملكيات القائمة في المنطقة العربية اليوم مشروعية إسلامية ، ومن هنا فالنظم الملكية دستورية كانت أو غير دستورية -وهنا نذكر الأردن والسعودية والمغرب .... الخ- ليس لها أي غطاء شرعي في الفكر الشيعي السياسي الإسلامي ، مما يضعنا أمام حقيقة "رعب" هذه الأنظمة الملكية من التمدد الفكري للشيعة ، باعتبار إن نظمهم السياسية سوف تفقد شرعيتها الدينية بعد إن فقدت الشرعية الاجتماعية إن تسنى لهذا التمدد الشيعي الفكري والسياسي بالسير بصورة طبيعية ، مما يدفع هذه النظم الملكية من دق ناقوس الخطر من هذا التمدد والهلال الشيعي الزاحف ، ولحساسية الموقف السياسي وضعف هذه النظم ولاشرعيتها الدينية والاجتماعية لجأت هذه النظم إلى إثارة النعرات الطائفية والدينية ضد التشيع وأهله لتحويل المعركة من أطرها السياسية إلى الأطر الدينية والطائفية للحفاظ على وجودها القائم سياسيا ومن ثم خلط الأوراق على الاجتماع الإسلامي البسيط والمحدود التفكير السياسي لدفعه لمواجهة مع التمدد الشيعي ؟!.
هنا يمثل الفكر الآخر الإسلامي -السلفي بالخصوص والوهابي بالأخص- ضمانه سياسية ودينية ممتازة لهذه النظم الملكية السياسية القائمة اليوم ، فهي وبعكس الرؤية الشيعية السياسية ، فيها كل الضمانات الدينية والسياسية المطلوبة لحماية الوضع السياسي الملكي القائم ، فهناك التجربة ((الأموية)) والتي هيئت الأرضية لتقديس السلف بعد تقديس الصحابية في الفكر الإسلامي ، لتكون هذه التجربة وبدعم من السلف الصالح هي التجربة الإسلامية الرائدة بدلا من التجربة العلوية والحسينية في العلم السياسي الإسلامي ذات الطبيعة الاجتماعية والثورية ، ولتأخذ الملكية أو النظام الملكي السياسي ((الكسروي أو القيصري على حد تعبير الإسلام المحمدي)) مشروعيته الدينية من الإسلام ، ومن ثم ليكون قبول السلف الصالح بهذا النظام الملكي وفكرة عدم وجود نظام سياسي معين في الإسلام قد أشار له الرسول محمد الأعظم (صلى الله عليه وآله) ووجوب طاعة أولي الأمر وحرمة الخروج على السلطان الجائر .....الخ ، كل هذه تجعل كرصيد محترم ومقبول من قبل الأنظمة الملكية القائمة في التاريخ وحتى اليوم لدعم هذه الفكرة اللاإسلامية والإشادة بمنجزاتها العملاقة في التاريخ وحتى اليوم !.
هذا من ناحية النظم الملكية القائمة اليوم في المنطقة العربية وما تتوجسه من خيفة ورعب من التمدد الشيعي الفكري والبشري على وجودها السياسي ، أما من الناحية السياسية الأخرى والمتمثلة بهذه الجمهوريات التي تحولت إلى كوابيس على منطقتنا العربية لتمارس الدكتاتورية وبشكل غير مسبوق على الإطلاق ، فإن الحال هو الحال نفسه من حالة الرعب المستمرة من التمدد الفكري للتشيع في المنطقة العربية بالخصوص ، فنحن هنا أمام سياسيين علمانيين جمهوريين تحولوا وبشكل مفاجئ في الآونة الأخيرة إلى أباطرة رومانيون وطائفيون دينيون ضد التمدد الشيعي الفكري والبشري وفجأة ! ، فما هي اللعبة ؟.
اللعبة هي نفس اللعبة نحن أمام نظام دكتاتوري مستبد يحاول وبكل الطرق الحفاظ على وضعه القائم ومن ثم تسليم الراية للورثة الشرعيين للنظام السياسي القائم في جمهوريات التملك السياسية ، وهناك فكرة ليس فيها أي غطاء ديني للدكتاتورية وبل فيها غطاء شرعي إسلامي للتمرد والثورة على الدكتاتورية القائمة ، وبما إن المدّ الإسلامي هو السائد في المنطقة العربية والإسلامية ، فليس هناك خطر اكبر من خطر الشرعية الدينية التي يوفرها النظام السياسي الإسلامي الشيعي للتمرد على الدكتاتورية ، وعليه فليس أمام أباطرة اللحظة من رؤساء جمهوريات الدول العربية الحديثة إلا الالتجاء للسلفية الإسلامية القديمة الحديثة للدفاع وباسم الشرع عن وجودهم القائم ، لذالك اتجهت هذه النظم وبالتفاف قوي -النظام المصري والآخرين منهم نموذجا- من وجهتها العلمانية الداعية لقتل الدين وعزله تماما عن الحياة السياسية إلى استحضار الدين ودفعه لمواجهة الفكر السياسي الشيعي القادم بخطر التمرد والثورة على السلطة الدكتاتورية القائمة ، ولا شيء سوف تخسره هذه النظم الدكتاتورية بهذه العملية الخطيرة ؟!.
إلى هنا يمكننا القول إننا وضحنا ماهية اللعبة الحقيقية بين هذه النظم السياسية القائمة في المنطقة العربية وبين مووالإسلامية.الشيعي والخطر الإسلامي الجديد المسمى بنشر التشيع في المنطقة العربية والإسلامية ، ولاحظنا إن تفكير هذه النظم كان منحصرا في التفكير في خطر هذا التشيع من الناحية السياسية وليس من الناحية الدينية فهذه النظم السياسية للمنطقة العربية بالخصوص هي ليس فحسب تمقت الدين وتزدري كل مظاهرة الرجعية فحسب بل وتسعى جاهدة للتخلص من كل ما هو ديني أو طائفي أو باقي العناوين التي تحد من رغباتها في التسلط وعدم المسؤولية والإشارة لمفاسدهم المستشرية والعفنة ، لنخرج بنتيجة مفادها : إن التشيع وتمدده المفتعل ما هو إلا محاولة يائسة من النظم العربية الدكتاتورية القائمة للحفاظ على مكاسبها القائمة فحسب ، وأي تهديد شيعي أو سني أو يهودي أو مسيحي أو رحماني أو شيطاني ، ديمقراطي أو دكتاتوري ....، سيجابه وبعنف وتطرف ودموية لا نظير لها من قبل هذه النظم الملكية والجمهورية العربية القائمة في منطقتنا العربية والإسلامية .
صحيح ما هذه الضجة الكبيرة جدا حول ((التمدد الشيعي)) أو ((انتشار التشيع)) في المنطقة العربية والإسلامية ؟.
وما هذه الحملة الكبيرة إعلاميا والضخمة سياسيا وفكريا في تسليط الأضواء وبشكل مباشر على هذه الموضوعة حتى كدنا نتلمس جوانبنا ونحن نجلس في بيوتنا لنرى هذا الزحف ((الشيعي)) والتمدد في ((التشيع)) هل وصل إلى مقاعدنا أم لم نزل في طور الابتعاد عن هذه الجعجعة الرهيبة ؟!.
نقرأ : ((قرى كاملة في سورية قد تشيعت)) ، نسمع : ((مدن في الجزائر تعتنق التشيع وبصورة مفاجئة)) ، نشاهد : ((الإخوان المسلمون في الأردن يجرون تحقيقا لورود معلومات عن تشّيع قيادات في داخلها)) ، نشعر : ((قرى ومدن في تنزانيا والمغرب ولبنان والهند .... تعلن ولائها للتشيع)) ، نبصر : ((قرى ونجوع في غرب أو شرق أو شمال أو جنوب مصر تتشيع لآل البيت)) ، نفاجأ : ((مظاهرات لفتح تتهم قيادات لحماس بالتشيع في فلسطين)) ....... إلخ !!!!.
هل هذا هو الواقع الحقيقي من الأمر، أم إن وراء الأكمة ما ورائها في هذه الحملة الإعلامية والثقافية والسياسية من موضوعة ((التمدد الشيعي)) ؟. وربما كانت هناك حقيقة ما وراء هذه المدافع من الإعلاميات التكنولوجية الحديثة الموصلة للخبر والناقلة للحدث بصورة رهيبة وعجيبة وسريعة ، فلماذا ومن أي شيء هذا الاستنفار والرعب من ظاهرة ((التشيع)) سواء كان له تمدد أم لم يكن ؟.
ما الشيء الذي يجعل ((التشيع)) مرعب ومخيف لباقي العالم الإسلامي والعربي ؟.
وما هو السرّ الذي يرشح التشيع كمذهب من مذاهب المدرسة الإسلامية لأن يكون هو الوحيد المشكل قلقا للعالمين العربي والإسلامي ؟.
وهل التشيع هو مختلف تماما عن التحنبل أو المالكية أو التحنفف أو الشافعية أو الزيدية أو الأباضية ..... أو باقي مذاهب الإسلام العديدة، حتى ندق نواقيس الخطر من تمدده وانتشاره بين المسلمين ؟.
هل المتهسترين من التمدد الشيعي أو الانتشار الشيعي في العالمين العربي والإسلامي ينظرون إلى هذا التشيع على أساس انه دين غير الإسلام فهم لذالك خائفين من الردة على المسلمين -مثلا- فهم لذالك شديدي القلق من تمدد هذا المذهب وانتشاره بين مواطنيهم ؟.
أم هم ينظرون لهذا المذهب وهذه الطائفة المسماة ((شيعة)) على أساس إنها كباقي المذاهب الإسلامية مع اختلاف لا يخرج من الملة بينها وبين باقي المذاهب الإسلامية الأخرى الموجودة في العالم الإسلامي والعربي اليوم ؟.
إذاً من أين جاء هذا الرعب البارز على صفحات الوجوه قبل الصحف وشاشات الفضائيات العربية والإسلامية، من سياسيين ومفكرين ومثقفين وحتى مجانين ؟!.
وإذا كان هناك نشر للتشيع ، أو تمدد طبيعي لهذا التشيع فما هي اللعبة أو الضميمة التي تشكل نواة الرعب والخوف لهؤلاء البشر ؟.
بل هناك الأغرب حقيقة في هذه الظاهرة الانفجارية في العالمين العربي والإسلامي والتي ولدت بين ليلة وضحاها ، لنرى وبقدرة قادر الناس تدخل أفواجا للتشيّع وبدون أي حساب يذكر ، إن من لم يظهر تنديده بهذا التشيع من علماء ومفكرين وسياسيين ومثقفين فانه سيتهم وعلى الفور بأنه متشيع للتشيع ، مما جعل الكل من المسلمين في حالة رعب من السكوت أو وقت للتفكير ، مما حمل الكلّ على إظهار براءته من التشيع وباللسان الممتلئ كي لا تكون هناك شبهة سكوت من قبل احد ؟.
هل حقا انه مرجل في القلوب كان خامدا في المنطقة العربية والإسلامية بين التشيع وباقي مذاهب الإسلام ، وما أن أتيحت له فرصة التعبير حتى انفجر كالبركان العظيم ليعمي بدخانه المتصاعد فجأة وبلا مقدمات ظاهرية ملموسة جميع المتخاصمين مذهبيا ؟.
أم إن القصة ومن البداية لها أبعاد أخرى مخدرة لوقت معين ، وعند إرادة اللعب فيها فبالإمكان إخراجها من الدرج كخارطة طريق لمرحلة معينة من الزمن في عالم السياسة والإدارة ، وسرعان ما تنتفي الحاجة إليها لتخديرها من جديد وإرجاعها إلى الملفات النائمة في المنطقة العربية والإسلامية ؟.
أم إن التشيع حقا خطرا على المنطقة العربية والإسلامية ، وهو يشكل تناقضا صريحا بينه وبين باقي المذاهب الإسلامية الأخرى المتجهة اتجاه ديني آخر ، ولذالك كان مسكوتا عنه لضعفه في المنطقة ، أما عندما يرتفع ويشتد عوده فهو خطر وخطر حقيقي على العرب والمسلمين ؟.
ولكن ما نوع هذه الخطرية التي يشكلها هذا التشيع الفكري الإسلامي على المنطقة العربية والإسلامية إن كان حقا هو خطر واقعي ؟.
هل هو خطر فكري ديني عقائدي، كأن يكون للتشيع قدرة على التأثير على عقائد المسلمين ومذاهبهم العقائدية والفقهية ومن ثم نقلها ((لا أريد أن أقول حرفها)) من فكر عقائدي إلى آخر ديني مختلف ؟.
أم إن التشيع يمتلك الخطرية السياسية على المنطقة العربية والإسلامية ، فهو ((التشيّع)) له قدرة على تغيير المعادلات الديموغرافية والجيوسياسية ....... الخ للمنطقة العربية والإسلامية فهو لذالك يجب أن يحجم وتسلط على أخطاره الأضواء الكاشفة لألاعيبه السياسية ؟.
إن القول بأن خطر ((التمدد الشيعي)) أو ((التشيع)) على المنطقة العربية والإسلامية يتقولب في قالب ديني هو وفي الحقيقة خدعة ما بعدها خدعة تذكر ، فالتشيع وبهذا المعنى لا يشكل اختلافا جوهريا عن باقي المذاهب الإسلامية الموجودة في المنطقة العربية والإسلامية ، فهو ومن حيث الإيمان بمبادئ الدين الإسلامي كباقي المذاهب الإسلامية ، يؤمن بكل ما يؤمن به الحنبلي أو الشافعي أو الأباضي أو الزيدي أو الحنفي أو المالكي ...، وما اختلافه مع باقي المذاهب الإسلامية إلا كاختلاف باقي المذاهب تلك مع بعضها والبعض الآخر تماما ، فليس هناك إله للشيعي هو مختلف عن الإله المعبود للحنفي من المذاهب الإسلامية ، وليس له نبي مختلف عن نبي الشافعي أو الحنبلي ، كما إن قرآنه وقبلته ....... وباقي الأمور الدينية الأساسية هي وبالضبط نفس ما لدى المسلمين الآخرين من عقائد وإيمانات دينية أخرى ، وعليه فليس هناك فارقة واقعية لنقول أو نؤكد إن للتشيع منحى ديني مختلف عن باقي المسلمين عربا كانوا أو عجما في هذا المنعطف !.
نعم في الأمور الفرعية المختلف عليها مذهبيا بين المسلمين ، كالجبر والتفويض في المناحي الاعتقادية ، أو الإمامة والخلافة في المناحي السياسية ، أو الصحابة والقرابة في المناحي الاجتماعية أو الخمس والزكاة في المناحي الاقتصادية أو الولاء والبراء في المناحي النفسية .....، كل هذا فيه اخذ ورد اجتهادي بين المسلمين قديما وحديثا ، إلا انه يبقى ومهما علت وتيرته من المواضيع الغير مخرجة للملة ، أي بمعنى إن المتشيع أو غيره مهما انغمس في الاجتهادات الفكرية أو الثقافية أو الفلسفية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية .... فإنه داخل في إطار ((لا اله إلا الله محمد رسول الله)) المدخلة للإسلام وحتى إن كان ظاهريا فضلا عن الإيمان والالتزام بالإسلام حرفيا ؟!.
وعليه فلا سبيل واقعي للقول إن ((التشيع)) هو دين آخر غير دين الإسلام ، مما يضعنا وبلا أي شبهة أمام حقيقة : إن التشيع لا يشكل أي تهديد أو خطر ديني حقيقي يذكر على المنطقة العربية أو الإسلامية من الناحية الدينية ، وما هذه الهلوسات الطائفية التي تسمع من هنا أو هناك -من تكفيريين وغيرهم- إلا مجرد توظيف للمشاعر الدينية الساذجة في سبيل استحصال مكاسب سياسية فحسب وهذا ما يدفعنا لنتساءل عن الخطر الشيعي وهل هو سياسي أكثر منه ديني على المنطقة العربية والإسلامية أم إن هناك بعد آخر ؟.
نعم صحيح : هل التمدد الشيعي والانتشار التشيعي هو خطر سياسي على المنطقة العربية بالذات فهو لذالك مرعب وخطير بالنسبة للساسة بالمنطقة العربية والإسلامية ؟.
وإذا كان خطر التشيع سياسيا فكيف يكون هذا الخطر ؟.
كيف يكون الفكر الشيعي خطرا سياسيا يهدد الأنظمة العربية والإسلامية بالمنطقة ، ولذالك فإن هذه الأنظمة شديدة التوجس من الفكر الشيعي ليس لأنه ديني بل لأنه سياسي في المقام الأول ، وما هذا الإعلام المسيس من قبل الأنظمة العربية القائمة ضد التشيع باسم ((التمدد الشيعي)) ما هو إلا وسيلة لدرئ خطر الفكر الشيعي السياسي عنها ، وان اتخذت المعركة لونا دينيا أو طائفيا بين هذه الأنظمة والتشيع إلا انه يبقى الخطر الحقيقي الذي استشعرته هذه الأنظمة القائمة هو خطر سياسي بالدرجة الأولى وليس دينيا ؟.
إن من الظواهر الملفتة للنظر في المنطقة العربية والمزمنة الفعل في هذه المنطقة الحيوية هي ظاهرة الدكتاتورية والتصلب السياسي الدائم بين الأنظمة الحاكمة وشعوبها المغلوب على أمرها ، وكانت ولم تزل المنطقة العربية تاريخيا وحديثا تعيش جدلية السياسي والديني في مراحلها المتحركة ، مما جعل لثنائية الدين والسياسة تلازم مصيري في الأجواء العربية الإسلامية ، والحقيقة في هذا التلازم الثنائي ترجع إلى كون العامل السياسي هو دائم البحث عن الشرعية الفوق بشرية أو اجتماعية إنسانية ، لتتيح له هذه الشرعية الدينية أو اللاهوتية استمرارية البقاء في ممارسة السلطة الزمنية وبالشكل الذي ترتئيه مصالحه الفئوية بعيدا عن رغبات الاجتماع الإنساني والبشري المراد سياسته وقيادة دفته الاجتماعي ، ولذالك كان ولم يزل العامل السياسي ملاصقا للديني وباحثا عن الشرعي اللاهوتي ليس حبا أو تطبيقا لمبادئ هذا الديني أو ذاك اللاهوتي المقدس ، وإنما طلبا للشرعية في الوجود السياسي بعد إن فقد السياسي الشرعية الإنسانية والاجتماعية في وجوده السياسي والسلطاني لسياسة الأمم !؟.
وعليه ومن منطلق هذه ((الحقيقة)) التاريخية والمعاصرة في منطقتنا العربية وغير العربية، مثل العامل الديني طوق النجاة للنظم الاستبدادية العربية وغير العربية، وجاءت مفاهيم: ((إطاعة أولي الأمر، وحرمة الخروج على السلطان....الخ)) في الفكر الإسلامي -السني على الخصوص- هدية ثمينة تقدم لهذه الفئات الطاغوتية من أهل السلطان والدولة لتجد نفسها محاطة وبشكل غير مسبوق بهالة من الدعم اللاهوتي المقدس لوجودها اللاشرعي ، مما جعل هذه النظم الاستبدادية ترحب كل الترحيب بهذا الدين الذي يضمن لها بقائها اللاشرعي إنسانيا والى أبد الآبدين ومن غير إن تكون هناك سلطة مناهضة لوجودها هذا غير سلطة الثورة والدعم والمشروعية الجماهيرية وهذه يراد لها كثير من الجهد لتنجح في الإطاحة بمثل هذه النظم الطاغوتية المستبدة ؟!.
وفي مثل هذه الأجواء الممتلئة امتزاجا وتلازما بين ما هو طاغوتي سياسي وديني مشوه ، برز ((التشيع)) في القديم وفي الحديث كوجهة نظر إسلامية سياسية مغايرة لما هو موجود على الساحة العربية والإسلامية ، وبطبيعة الحال لفت نظر السلاطين وأصحاب الدولة ووعاظ مجالسهم الدينيين هذه النظرية ((الشيعية)) السياسية في التاريخ وحتى يومنا هذا ، وما توجهت له أنظار الساسة العرب قديما وحديثا لظاهرة ((التشيع والشيعة)) هو سؤال : هل في هذا المذهب المسمى تشيعا كوجهة نظر دينية أي إشارة ضمان دينية لوضع السلطة السياسية القائمة كضمان ((إطاعة ولي الأمر وحرمة الخروج على سلطانه الظالم)) ؟.
وسرعان ما اكتشفت هذه السلط الاستبدادية والطاغوتية وجهة النظر السياسية الإسلامية لمذهب التشيع الإسلامي والقائلة : بعدم وجود أي ضمان يذكر للسلطة الحاكمة الظالمة !.
لا بل الأنكى من ذالك إن المذهب الشيعي الإسلامي وأمام أنظار أهل السلطان والدولة ، ليس فحسب هو يختزل في داخله عدم ضمان لأهل السلطان والدولة ورفع الحصانة عنهم فحسب ، بل إن في داخله شرارة ورؤية ثورية وشرعية متكاملة للإطاحة ، بل وجوب الإطاحة بالسلطان الظالم ووجوب عدم طاعته أو الخضوع لابتزازه الديني والدنيوي ، مما شكل حالة "رعب" حقيقية لأهل الدولة والسلطان وعلى طول الخط التاريخي العربي قديما وحديثا ؟!.
إن شخصيات كعلي بن أبي طالب والحسين بن علي بن أبي طالب وباقي أئمة آل البيت الذين يعدّون وبلا ريب مراجع شرعية دينية وإسلامية للفكر الشيعي العقائدي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ....، أولئك النماذج قد طرحوا رؤية مختلفة تماما للعملية السياسية التي ينبغي إن تقوم في إدارة الاجتماع الإنساني الإسلامي وللاختصار نقول إن من أهم المبادئ السياسية التي تطرحها مدرسة أهل البيت عليهم السلام للنظام السياسي الإسلامي هي:
أولا : لا شرعية للنظام القائم سياسيا إلا من خلال الرضا الجماعي للمجتمع ، كما انه لا سند شرعي إسلامي يمكن السلطة السياسية إن تتسلط بالقوة على إدارة المجتمع ، فبين الأمة والإمام يجب إن يكون هناك ((عقد)) سياسي بموجبه يكون الإمام أو الخليفة أو الرئيس ، مخولا من قبل الأمة في إدارة شأنها السياسي والإداري والاقتصادي ، وهذا بالفعل ما مارسه الإمام أمير المؤمنين أبان خلافته المباركة ، فهو لم يأتي من خلال صفقة فئوية مختصرة لأشخاص معينين ، مع إيمانه إن إمامته نصية ومن قبل الرسول المعظم محمد (صلى الله عليه وآله) ، ولكنه ومع ذالك أراد وبكل صراحة إن يكون لـ ((العقد)) السياسي مشروعية إسلامية ظاهرة -كان العقد يسمى بيعة- تكون بين الأمة والإمام أو الرئيس ، لذا كان جلّ اهتمامه آنذاك في مقولة ((إلتمسوا غيري)) التثبت من الإرادة الاجتماعية في الانتخاب ، وعندما تمت ((البيعة)) من قبل المجتمع كان لزاما على القائد إن يدافع وبكل قوة عن إرادة المجتمع فقاتل الخارجين عن سلطة المجتمع ّ.
إن مثل هذه الفكرة للنظام السياسي الإسلامي لا توفر أي حصانة لاستهتار السلطة والسلطان إن أراد إن يمارس أهوائه في إدارة المجتمع ، وليس لـ ((إطاعة أولي الأمر أو حرمة الخروج على السلطان الظالم)) أي مشروعية في الفكر الشيعي ، باعتبار إن العقد يعقده المجتمع مع السلطة وله إن يفسخ العقد ويستبدل ولي الأمر إن ظلم ، لذالك كان هذا الفكر ليس فقط انه غير صالح كأداة لاستغلال السلاطين فحسب ، بل هو أكثر من ذالك يعطي السلطان للمجتمع في اختيار قادته السياسيين وهذا ما لا يرغب به أي طاغوت يذكر ، ولذالك كان الفكر الشيعي خطرا على وجود السلطان اللاشرعي ومن حق السلاطين حينئذ إن ترتعب من هذا الفكر الإسلامي السياسي الخطير على وجودها الفعلي ؟!.
ثانيا : يتميز الفكر الشيعي السياسي بأنه الفكر الإسلامي الوحيد الذي يوجب الخروج على السلطان المستهتر الغير مراعي لحقوق الدين والدنيا للاجتماع الإسلامي الإنساني ومهما كان لونه وحتى إن كان مدعيا للتشيع لآل البيت عليهم السلام ، ومن هذه الفكرة جسد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام كمرجعية إسلامية مشروعية هذا الخروج ووجوبه إن تطلب الأمر ذالك ، ومن ثم ليطيح بخدعة ((ولي الأمر وحرمة الخروج على السلطان الظالم)) ليشيد مكانها رؤية الثورة الإسلامية على الظلم ومهما تزيا بزي ومسوح الدين والتقوى ليخاتل الناس ويستغفل مشاعرهم الدينية ، وليضع مكانها مشروعية التمرد على السلطان القائم ، ومن هنا مثل الفكر الشيعي هاجسا مرعبا لكل الأنظمة التاريخية والحديثة السياسية في المنطقة العربية والإسلامية ، مما دفع هذه الأنظمة لملاحقة هذا الفكر ونشر الدعايات والإعلام المضاد له وتشويهه مع معالمه الكريمة ليتخلص تماما من هذه النواة الثورية المقلقة على النظام القائم ، فأصبح التشيع في عرف السلاطين وأنظمتهم القائمة هو العدو الأول والمعارض الخطير لوجودهم اللاشرعي ومن ثم انتقام هذه الزمر السلطوية من فكرة التشيع بان خلقوا لها ألف فرية دينية كـ ((سب الصحابة الكرام ، لهم قرءان غير القرءان ، يعبدون القبور ومشركين ، لديهم المتعة ، أهل تقية وكذب ومخاتلة ........ وهلم جرا)) ليقضوا على فكرتها السياسية الهيبة والمرعبة هذه ؟!.
هذه نقطتان فقط للتنويه لما يمثله الفكر الشيعي السياسي من مخاطر حقيقية سياسية على الوضع السلطوي الدكتاتوري القائم في المنطقة العربية اليوم ، ويبقى إن الفكر الشيعي السياسي ليس فيه عملية تملك للسلطة ، فليس هناك كسروية في الإسلام الشيعي السياسي ، كما انه ليس هناك قيصرية لنعطي الملكيات القائمة في المنطقة العربية اليوم مشروعية إسلامية ، ومن هنا فالنظم الملكية دستورية كانت أو غير دستورية -وهنا نذكر الأردن والسعودية والمغرب .... الخ- ليس لها أي غطاء شرعي في الفكر الشيعي السياسي الإسلامي ، مما يضعنا أمام حقيقة "رعب" هذه الأنظمة الملكية من التمدد الفكري للشيعة ، باعتبار إن نظمهم السياسية سوف تفقد شرعيتها الدينية بعد إن فقدت الشرعية الاجتماعية إن تسنى لهذا التمدد الشيعي الفكري والسياسي بالسير بصورة طبيعية ، مما يدفع هذه النظم الملكية من دق ناقوس الخطر من هذا التمدد والهلال الشيعي الزاحف ، ولحساسية الموقف السياسي وضعف هذه النظم ولاشرعيتها الدينية والاجتماعية لجأت هذه النظم إلى إثارة النعرات الطائفية والدينية ضد التشيع وأهله لتحويل المعركة من أطرها السياسية إلى الأطر الدينية والطائفية للحفاظ على وجودها القائم سياسيا ومن ثم خلط الأوراق على الاجتماع الإسلامي البسيط والمحدود التفكير السياسي لدفعه لمواجهة مع التمدد الشيعي ؟!.
هنا يمثل الفكر الآخر الإسلامي -السلفي بالخصوص والوهابي بالأخص- ضمانه سياسية ودينية ممتازة لهذه النظم الملكية السياسية القائمة اليوم ، فهي وبعكس الرؤية الشيعية السياسية ، فيها كل الضمانات الدينية والسياسية المطلوبة لحماية الوضع السياسي الملكي القائم ، فهناك التجربة ((الأموية)) والتي هيئت الأرضية لتقديس السلف بعد تقديس الصحابية في الفكر الإسلامي ، لتكون هذه التجربة وبدعم من السلف الصالح هي التجربة الإسلامية الرائدة بدلا من التجربة العلوية والحسينية في العلم السياسي الإسلامي ذات الطبيعة الاجتماعية والثورية ، ولتأخذ الملكية أو النظام الملكي السياسي ((الكسروي أو القيصري على حد تعبير الإسلام المحمدي)) مشروعيته الدينية من الإسلام ، ومن ثم ليكون قبول السلف الصالح بهذا النظام الملكي وفكرة عدم وجود نظام سياسي معين في الإسلام قد أشار له الرسول محمد الأعظم (صلى الله عليه وآله) ووجوب طاعة أولي الأمر وحرمة الخروج على السلطان الجائر .....الخ ، كل هذه تجعل كرصيد محترم ومقبول من قبل الأنظمة الملكية القائمة في التاريخ وحتى اليوم لدعم هذه الفكرة اللاإسلامية والإشادة بمنجزاتها العملاقة في التاريخ وحتى اليوم !.
هذا من ناحية النظم الملكية القائمة اليوم في المنطقة العربية وما تتوجسه من خيفة ورعب من التمدد الشيعي الفكري والبشري على وجودها السياسي ، أما من الناحية السياسية الأخرى والمتمثلة بهذه الجمهوريات التي تحولت إلى كوابيس على منطقتنا العربية لتمارس الدكتاتورية وبشكل غير مسبوق على الإطلاق ، فإن الحال هو الحال نفسه من حالة الرعب المستمرة من التمدد الفكري للتشيع في المنطقة العربية بالخصوص ، فنحن هنا أمام سياسيين علمانيين جمهوريين تحولوا وبشكل مفاجئ في الآونة الأخيرة إلى أباطرة رومانيون وطائفيون دينيون ضد التمدد الشيعي الفكري والبشري وفجأة ! ، فما هي اللعبة ؟.
اللعبة هي نفس اللعبة نحن أمام نظام دكتاتوري مستبد يحاول وبكل الطرق الحفاظ على وضعه القائم ومن ثم تسليم الراية للورثة الشرعيين للنظام السياسي القائم في جمهوريات التملك السياسية ، وهناك فكرة ليس فيها أي غطاء ديني للدكتاتورية وبل فيها غطاء شرعي إسلامي للتمرد والثورة على الدكتاتورية القائمة ، وبما إن المدّ الإسلامي هو السائد في المنطقة العربية والإسلامية ، فليس هناك خطر اكبر من خطر الشرعية الدينية التي يوفرها النظام السياسي الإسلامي الشيعي للتمرد على الدكتاتورية ، وعليه فليس أمام أباطرة اللحظة من رؤساء جمهوريات الدول العربية الحديثة إلا الالتجاء للسلفية الإسلامية القديمة الحديثة للدفاع وباسم الشرع عن وجودهم القائم ، لذالك اتجهت هذه النظم وبالتفاف قوي -النظام المصري والآخرين منهم نموذجا- من وجهتها العلمانية الداعية لقتل الدين وعزله تماما عن الحياة السياسية إلى استحضار الدين ودفعه لمواجهة الفكر السياسي الشيعي القادم بخطر التمرد والثورة على السلطة الدكتاتورية القائمة ، ولا شيء سوف تخسره هذه النظم الدكتاتورية بهذه العملية الخطيرة ؟!.
إلى هنا يمكننا القول إننا وضحنا ماهية اللعبة الحقيقية بين هذه النظم السياسية القائمة في المنطقة العربية وبين مووالإسلامية.الشيعي والخطر الإسلامي الجديد المسمى بنشر التشيع في المنطقة العربية والإسلامية ، ولاحظنا إن تفكير هذه النظم كان منحصرا في التفكير في خطر هذا التشيع من الناحية السياسية وليس من الناحية الدينية فهذه النظم السياسية للمنطقة العربية بالخصوص هي ليس فحسب تمقت الدين وتزدري كل مظاهرة الرجعية فحسب بل وتسعى جاهدة للتخلص من كل ما هو ديني أو طائفي أو باقي العناوين التي تحد من رغباتها في التسلط وعدم المسؤولية والإشارة لمفاسدهم المستشرية والعفنة ، لنخرج بنتيجة مفادها : إن التشيع وتمدده المفتعل ما هو إلا محاولة يائسة من النظم العربية الدكتاتورية القائمة للحفاظ على مكاسبها القائمة فحسب ، وأي تهديد شيعي أو سني أو يهودي أو مسيحي أو رحماني أو شيطاني ، ديمقراطي أو دكتاتوري ....، سيجابه وبعنف وتطرف ودموية لا نظير لها من قبل هذه النظم الملكية والجمهورية العربية القائمة في منطقتنا العربية والإسلامية .
الثلاثاء، مارس 10، 2009
أزدواجية شخصية الفرد العراقي : مصطلح علي الوردي الغامض
((أزدواجية شخصية الفرد العراقي : مصطلح علي الوردي الغامض )) حميد الشاكر **********
لابد ان الكثير اذا لم يكن جلّ العراقيين مثقفين وغير مثقفين قد سمعوا او قرأوا ، أو كتبوا عن مصطلح (أزدواج شخصية الفرد العراقي ) وهو يتداول بكثرة في مؤلفات الدكتورعلي الوردي الاجتماعية رحمة الله عليه ، ولكنّ القليل فقط ربما من توقف عند هذا المصطلح الاجتماعي ، ليتأمل ويسأل عن ماهيته الفكرية واللغوية ؟. وهكذا اهدافه الثقافية ؟. ولماذا هو مُستخدم بكثرة في كتابات الوردي؟. وماهو سبب أثرهذا المصطلح في الفرد والمجتمع العراقي بصورة سريعة وجذّابة وحيوية الى درجة انقسام المجتمع والفرد العراقي قبالته الى مؤيد ومعارض ؟.وهل ان هذا المصطلح المستخدم ورديّا اجتماعيا هو بالفعل ابتكار جديد للدكتورعلي الوردي في اكتشاف شخصية الفرد العراقي الحديثة ؟.أم ان الدكتور علي الوردي مفكر عراقي تقليدي مئة بالمئة الا انه استطاع تغليف مفرداته الثقافية والفكرية فحسب بقالب من المصطلحات الجديدة الجذاّبة لاغير ؟.كما ان هناك الكثير من الاسألة حول بحوث الاجتماعي علي الوردي بالامكان تقديمها بشكل دراسة موسعة تتناول جلّ ماكتبه علي الوردي خلال رحلته الفكرية الاجتماعية في بحر الظواهر العراقية الاجتماعية الثرّية المادة الثقافية على الجملة ، ولكننا هنا اردنا ان نشير الى فقط مجرد اللفظة ( الازدواجية ) او المصطلح لنسلط الاضواء على ماهيته كمدخل قيمي واسع يصلح لان يكون قاعدة لفهم النمطية العقلية والثقافية والذهنية التي سيّرت الكثير من المنتوج الفكري الاجتماعي لعلي الوردي !.نعم ماهو مفهوم او مصطلح الازدواجية حسب ماكان يهدف اليه علي الوردي في فضائاته الاجتماعية ؟.وهل هو قريب الشبه بالمفهوم التقليدي الديني الموروث الذي يتحدث عن ( النفاق ) باعتباره احد مصاديق ومضامين مصطلح الازدوجية الاجتماعية ايضا ؟.أم انه مصطلح حديث في تركيبه اللغوي ومضمونه الفكري ، وابداعه المدرسي العلمي ، ولهذا استخدمه الدكتور على الوردي كنمط خاص من تشخيص الظواهر الاجتماعية ؟.
***********
( ماهية مصطلح الازدواجية )
في الكثير من التتبعات الفكرية والثقافية لما كتبه الاستاذ الدكتور علي الوردي ، وفي سبيل الحصول واكتشاف المفهوم والمضمون الفكري لمستخدم الدكتور في مصطلحه (الازدواجية في الشخصية العراقية ) ، ندرك من هنا وهناك : ان الدكتور اراد من مصطلح ( الازدواجية ) في احيان كثيرة هو ذالك المعنى الذي يشير الى :ان الفرد العراقي واقع بين معادلتين صعبتين في حياته الانسانية الاجتماعية : الاولى : المعادلة الثقافة الفكرية العقائدية والتي من خلالها يطلّ الفرد العراقي على حياة ترسم له المدينة الفاضلة التي ينبغي ان يعيش فيها ، والتي تحترم الصدق وتؤمن بالعدالة ، وترنوا الى السمو بالمعنويات الاخلاقية الى كمال التقديس والتنزيه والتبجيل المطلق !.والثانية : المعادلةالاخرى السلوكية الاجتماعية المادية المعيشية التي تفرض على الفرد العراقي كل مامن شأنه ان يناقض المعادلة الاولى من اخلاقيات ومعنويات وتقديسيات وتبجيليات فكرية وايمانية وتقديسية ....، بحيث ان الفرد العراقي اصبح اشبه بمعمل متناقض ومتضارب ومزدوج في مقدماته ونتائجه ، فبينما يؤمن الفرد العراقي ويقدس الصدق بقوّة وبحرارة عالية في المسجد وعلى المستوى الروحي والايماني ، نجده عند اول خطوة خارج المسجد ، وعلى اعتاب السوق وفي معترك الحياة الاجتماعية والاسرية والمعيشية ، هو مضطّرٌ لتقمص الشخصية الاخرى في حياته الاجتماعية والاسرية وكذا الفردية ، حيث يكون الكذب هي لغة السوق والتجارة والربح والخسارة الطبيعية ، وكذا الظلم يصبح اللغة والمصطلح والسلوك الواقعي ، والعصا المرفوعة ، الذي من خلالها يؤدب اعدائه وابنائه في الاسرة على صعيد واحد!. وهكذا يمارس الفرد العراقي كل مامن شأنه ان يخلق حالة الصراع والازدواجية في شخصيته الانسانية من منطلق ايمان هذا الفرد بعد التجربة الطويلة انه لابد ان يعيش بين معادلتين ، وتحت اطار حياتين متناقضتين ومتصارعتين ، الاولى هي حياة الفكر والروح والايمان والثقافة والعقل والتاريخ والدين والمسجد ، التي تؤمن بكل ماهو نظيف ومقدس وطاهر ، وهذه الحياة على الارجح تُمارس في الاطر الدينية للمسجد وعلى مستوى التنظير والحكايات البطولية ، والثانية ، وهي الحياة التي تفرض معادلتها على الحياة عندما يتعامل الفرد الانساني العراقي مع غيره ، وفي الخارج من حياته الاجتماعية ( في السوق والعمل ومع الجار وفي المدرسة ....) ليتشكل سلوكه بشكل طبيعي واخلاقياته وتصرفاته حسب مقتضى الحياة والمعيشة !.والى هنا يبدو ان الوردي في مفهوم الازدواجية يشير الى ظاهرة انسانية طبيعية ، موجودة هي في المجتمع العراقي كما انها موجودة في جميع المجتمعات الانسانية الاخرى ، لاسيما ان رصدنا هذه الظاهرة في كل شعب ومجتمع حضاري يعيش الحياتين حياة الخيال والرواية والايمان والرومانسية والبطولة الفكرية والثقافية والدينية ، وحياة العمل والناس والتجارة والشطارة والشيطنة والاحتكاك والاخر .... في واقع الحياة السلوكية !.لكنّ يبدو ان علي الوردي عندما يستخدم مصطلح ( الازدواجية في الشخصية العراقية ) كأّنه لايشير من قريب او بعيد الى ظاهرة انسانية عامة ، بقدر ماهو يشير بتركيز مكثف على ظاهرة الفرد العراقي الازدواجية التي توحي من خلال الطرح ان هناك نموذجا فريدا بين الشعوب والافراد والامم هو مايميز بين ظاهرة ازدواجية الفرد العراقي ، واخر لم يسمه الدكتور علي الوردي الا بالاخر غير المزدوج والصريح مع نفسه والمتصالح بكلا حياتيه الفكرية الثقافية والاخرى الحياتية السلوكية ، وهذا الانسان حسب رأي الدكتور علي الوردي في بعض اشاراته الاجتماعية هو الانسان الاوربي والغربي السوبر !.ذالك الانسان الذي رأى فيه علي الوردي انه انسان غير مزدوج ، ولاهو واقع فريسة صراع بين معادلتين في حياته الاجتماعية ، وانما هو يؤمن بنفس الطريقة التي يعيش فيها ، يؤمن مثلا بالصدق ويحترمه ويقدسه ، بنفس الوقت الذي هو يمارس السلوك بصدق والحياة والمشاعر والاحتكاكات والتجارة ايضا بصدق !.الآن بغض النظر عن صحة ماذهب اليه الدكتور علي الوردي في اختيار نماذجه الواقعية الانسانية التي تحمل فايروس الازدواجية كالفرد العراقي والشخصية الاخرى التي تتمتع بصحة وعافية عن هذا المرض الاجتماعي ، وهو الفرد الاوربي السوبر ، لايسعنا امام هذا المضمون لمفهوم مصطلح ( الازدواجية الفردية والاجتماعية ) الا ان نتوقف لنسأل : لاعن العوامل والاسباب السياسية والاجتماعية وغيرها التي فرضت على الانسان العراقي ان يقع بين صراع حياتين او معادلتين ؟.!.ولا ان نرى ماهي الاسباب التي تفرض المعادلة الاولى على الفرد العراقي في تقديس الصدق فكريا ،واحتقاره سلوكيا ولماذ ؟.ولا ان نناقش هل فعلا ان الفرد واقع تحت فريسة مرض سلبي اسمه الازدواجية أم ان هذه الازدواجية التي يراها الدكتور علي الوردي انها مرضية ربما كانت هي وبالعكس صحية ونموذجية حسب المقاييس الاجتماعية الاخرى التي لاتستمد مرجعيتها من العقل الغربي المادي ؟.وانما نسأل عن شيئ آخر هو : ما هوالفرق بين مضمون هذا المصطلح العلمي الاجتماعي الذي استخدمه علي الوردي بكثافة في كتبه التحليلية لظواهر المجتمع والفرد العراقي ، وبين ماتستخدمه المدرسة القرءانية الاسلامية في مصطلح ( النفاق ) الديني عندما ترصد بعض ظواهر المجتمع الفردية والاجتماعية والسلوكية والفكرية المحيطة حولها ؟.وهل هناك التقاء بين قديم تقليدي وجديد مدرسي اوربي في المضامين والمصطلحات ؟.أم ان هناك عبقرية اكتشاف جديدة تميّز فكر الوردي عن ماذُكر تقليديا وتاريخيا لتوصيف الظواهر الاجتماعية ؟.****************( النفاق ازدواجية الفرد الارتدادية )
لاريب ان هناك فرق بين ان نقول : ان الفرد يؤمن بافكار اخلاقية عالية القيمة كالعدالة والصدق وحب الخيّر الا انه يضطرّ لمخالفة ذالك سلوكيا وحياتيا ومعيشيا او انه يرغب بتلك المخالفة لحسابات معينة ؟!.وبين ان نقول العكس : عندما يؤمن الفرد بالشر والظلم والشيطة وكراهية الخير ، الا انه يضطرّ لسلوك الخير وعمل الصالح والتظاهر بالتقوى في حياته العملية والسلوكية والمعيشية !.الاول هو ما اطلق عليه الدكتور علي الوردي انه انسان مزدوج او واقع تحت مرض الازدواجية في الشخصية !.أما الثاني فهو النفاق كما اطلقه القرءان الكريم والاسلام العظيم على فئة من الناس تؤمن بالسوء وتضمر الكفر والشرّ ، ولكنها تضطّر مجاراة للمجتمع وقوته وسطوته ان تنساق وتنسجم وتتشبه بسلوك المجتمع الخيّر !.وهناك ايضا لطيفة ربما لم يلتفت اليها الكثير ممن قرأ فكر الوردي بنوع من الانفعالية الزائدة ، هو : ان فكرة ومضمون الازدواجية التي رفعها الوردي كشعار او كمبضع لتشريح جثة الشخصية الفردية العراقية ، هي فكرة قريبة جدا للمصطلح الاسلامي الكبير والتي تسمى اسلاميا بالعموم وشيعيا بالخصوص بفكرة ( التقيّة ) فالتقية وعندما نريد الوصول الى مضمونها الفكري هي نفس فكرة الازدواجية ومضمونها ، في حال يؤمن الفرد والمجتمع بقوة بفكرة الايمان والخير وحب الصدق والتطلع الى العدالة ، ولكنّ دناءة المجتمع وظروفه السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية الظالمة والقاسية هي التي تفرض معادلتها سلوكيا على الفرد وتضطرّه للعيش بحياة اخرى غير الذي يؤمن بها هذا الفرد او هذا المجتمع !.وهكذا هي التقية من الظالمين ( مثلا ) في الاسلام ، حيث يكون الفرد خائف او مضطرٌ لاظهار سلوكيات ظاهرية تشعر الظالم انه تعبير عن الودّ والحب الا انها لاتنسجم مع ما يبطن من افكار وتصورات ايمانية وكراهية للظلم والظالمين ، ولكن ليس على صورته السلبية في فكرة النفاق ، بل على صورته الايجابية في العكس المرتد في الايمان بالخير واظهار الشرّ عندما يكون قانون الشر والكذب والظلم هو الطاغي على ظواهر المجتمع وحركته !.أذن الدكتور علي الوردي ومصطلحه العلمي ( الازدواجية ) الذي دوّخ العراقيين وآرق نومهم في كثير من الاحيان هو مصطلح يعيش بمضمون ديني تقليدي قديم قريب ومشترك ومشابه لمصطلح ( التقية في جانبها الايجابي ، والنفاق في جانبه السلبي ) الا انه بلباس جديد وحديث ومترجم ومدرّس في المدارس الاوربية ،ولايحمل صدمات المصطلحات الدينية العنيفة ، كما ويستعمل على اساس انه مرض سلوكي يصيب المجتمع او الفرد ليفصل في شخصيته ويربك حركته وانسجامه في هذا العالم !.نعم علينا عندئذ ان نتسائل وفي هذا المفصل : هل كانت الازدواجية التي تحدث حولها الدكتور علي الوردي بسلبية مطلقة فعلا هي تمثل سلبية عندما تطلق على سلوك الفرد العراقي ؟.أم ان المدرسة التي انتمى لها فكريا الدكتور علي الوردي واجتماعيا هي مدرسة لايمكن اسقاط رؤيتها الاجتماعية واهدافها التربوية على مجتمع وفرد كالمجتمع والفرد العراقي ؟.بمعنى آخر بغض النظر ان رؤيتنا لما اسماه الدكتور علي الوردي بالازدواجية او التناقضية او التضاربية في شخصة الانسان العراقي على اساس انها ظواهر سلبية بينما نحن نرى انها هي في الحقيقة ظواهر حضارية طبيعية بل وهي ايجابية على المستوى الحضاري البعيد لحركة الفرد وصراعه الدائم الذي يخلق له مع نفسه ومجتمعه دينامية الصراع والجدلية المستمرة ، بغض النظر عن ذالك : لماذا كان الدكتور على الوردي دائما ينظر للفكرة وللمصطلح من جانبها السلبي فحسب ؟.ولماذا لم يكن الدكتور علي الوردي يمتلك الافق الواسع في طرح فكره الاجتماعي ، بحيث انه بقي مصرّا على وجهة نظر واحدة سلبية في كل كتاباته التي ترى الازدواجية السبب الاصلي في التراجعية والتناقضية والتصادمية المدمرة في شخصية هذا الفرد المعقد ؟.***************
( الازدواجية باعتبارها ظاهرة ايجابية )
نعم الازدواجية في الشخصية العراقية عندما تطرح على اساس انها كذب الانسان على نفسه ، بالفعل تصبح مرضا اجتماعيا ونفسيا ويجب التعامل معه طبيّا للتخلص من اعراضه المرضية الاجتماعية ، ولكن علي الوردي لم يجرأ في كل ماكتب ان يصرّح انه يهدف الى القول : بأن الفرد العراقي يكذب على نفسه !.بل لمّح كثيرا واشار من بعيد الى : ان هناك مشكلة ما في شخصية الفرد العراقي تدفعه الى تقمص الازدواجية في تعاملاته الفردية والاجتماعية ، ثم بعد ذالك لم يوضح لنا الدكتور على الوردي من خلال كتاباته اي طريق او طريقة من خلالها نعالج هذه الظاهرة ، بل اكتفى بالقول ان هناك ظاهرة ، واشار الى انها سلبية ، وترك الباقي يقرره الفرد والمجتمع العراقي في كيفية الاليات واختراع السبل التي من خلالها ينتصر الانسان العراقي على ازدواجيته !.أما لماذا لم يشر على الوردي للاسباب (الجوهرية وليست الهامشية والعرضية ) التي تفرض على الفرد العراقي الايمان بشيئ هو نقيض لما يمارسه بالحياة ؟.فهذا راجع ربما لاكتفاء على الوردي برصد بعض الظواهر الجغرافية كصراع الصحراء مع الخضرة ، والانسانية كصراع البداوة مع الحضارة ، وطبيعية كسبب البرودة مع الحرارة الشديدة في الجو............. وتأثير كل ذالك على المزاج و خلق شخصية الازدواج لدى الفرد العراقي ، وغض نظره عن الاسباب الحقيقية السياسية والاقتصادية والعقائدية ....... وراء كل الظاهرة لعدم سماح الظرف السياسي القائم في العراق منذ الاف السنين من تناول علي الوردي وغيره لاسباب بعض الظواهر الاجتماعية العراقية بصراحة وشفافية وشجاعة علمية !.تمام : قلنا ان علي الوردي صاحب الانبهار بالمرجعية الثقافية الغربية ، وصاحب الدراسة التي لقنته ان الصدق هو ان ينسجم عمل الانسان مع ايمانه ، وان العدل هو ان يكون الفرد قادرٌ على التعبير عن ذاته بعيدا عن رؤية الاخر الاجتماعي ...، كل هذا هو مادفع علي الوردي ان يرى في ظواهر السلوك الاجتماعية والفردية العراقية على اساس انها ظواهر اجتماعية سلبية !.لكنّ لو سألنا : هذه الظواهر الاجتماعية والفردية التي رصدها الوردي على اساس انها سلبية ، هي سلبية حسب اي معيارية اخلاقية وقيمية فكرية ؟.وهل هي ازدواجية سلبية بالفعل ان ارجعنا ظواهرها للمدرسة الاجتماعية الاسلامية مثلا ؟.أم انها سلبية حسب مقاييس ومعايير وقيم المدارس الاجتماعية الغربية التي درسها الاستاذ علي الوردي ؟.بمعنى اخر : نعم في السلوك الغربي عندما يريد الاب ان يمارس الجنس ( مثلا ) مع صديقته في غرفة النوم العائلية ، فهو لايحمل الاعتقاد انه يقوم بفعل يناقض تماما ايمانه الفكري بحرية الفرد او الثقافي او الديني بالحياء او صدقه مع ذاته ، ولهذا فالاب الغربي لايرى حرجا او تناقضا يذكر ولامساسا بالاخلاقية الاسرية عندما يشرح لابنته مايقوم به من فعل وما يماسه من تصرفات ، وربما ينشأ الطفل او الطفلة الاوربية والغربية على هذا النمط من الاخلاقية الانسانية فلا ترى في سلوكها اي تعارض عندما تكبر وبنفس المنطق تصارح والدها بانها بحاجة الى نصف ساعة لتأجير غرفة والدها للنوم مع صديقها لممارسة اللذة !.ففي مثل هذه الظواهر نحن لانرى واجتماعيا اي ازدواجية تذكر بين ايمان الفرد الغربي وسلوكه ، من منطلق ان الانسان الغربي قد حسم قراره انه يترك كل مامن شأنه ان يعيق رغباته الطبيعية السلوكية او يقف في طريقها ، ولهذا هو لايحب الكذب ولايكذب ، ليس لان مفهوم الكذب والصدق هو نفسه مايحمله الانسان الشرقي ، لا ولكن مفهوم الكذب والصدق مختلف في الثقافة الغربية عن ثقافتنا الشرقية وخاصة العربية والاسلامية !.نعم : الفرد الاوربي يرى انه غير مضطر لادينيا ولا اخلاقيا ان يتنازل عن رغباته الفردية، وعندما لايعجبه امر يعبر عنه بصراحة ومهما كان مردود ذالك السلوك على المجتمع ، بسبب ان الفرد الاوربي يعيش حياة الفرد ويتحرك داخل نظام الفرد وينسجم مع الحرية الفردية التي منحتها القيمية الغربية والاوربية بعد ان قررت ان الحياة يديرها الفرد وليس الجماعة !.أما الجانب الاخر من المعادلة الشرقية والعربية والاسلامية فهي معادلة مختلفة تماما عن الجانب الغربي ، بل وهي معادلة قائمة على القيمية والمعيارية والنظامية الاجتماعية اولا وقب الفردية ، ولكنّ هذا الاختلاف هو مالم يراه الدكتور علي الوردي وغيره في ارائهم ودراساتهم الاجتماعية ، ومن هنا اعتقد هو وغيره ان موضوعة ( القيمية الاجتماعية والمعيارية الاخلاقية وكذا القانونية الثقافية ) هي شيئ طارئ على منظومة المجتمعات الانسانية وبالامكان تجاوزها او استبدال مفاعيلها بين ليلة واخرى لنرى منظومة القيم الغربية الفردية صالحة للمجتمع الشرقي العربي الاجتماعي والعكس ايضا صحيح !.ان هذه الرؤية هي التي تفسر لنا لماذا يرى الدكتور على الوردي وغيره ان الازدواجية في شخصية الفرد والمجتمع العراقي هي ظاهرة مرضية وسلبية ، ومن نفس ذاك المنطق الذي ذكرناه حاول علي الوردي ان يرى سلوك الفرد الغربي مقارنة بسلوك الفرد العراقي فخرج بنتيجة الانسجام في الاول والازدواج في الاخر !.والحقيقة اننا عندما نريد ان نكون موضوعيين في طرحنا لفكر الدكتور علي الوردي الاجتماعي لابد ان نشير الى ان الرجل كان يعتقد انه في طريق اصلاح اجتماعي ورصد لظواهر سلبية وثقافية للمجتمع والفرد العراقي ، تعيق من تطوّر الفرد العراقي ونهضة مجتمعه الداخلية والخارجية ، ولكننا الان ليس بصدد اظهار حسن النوايا لهذا الكاتب الاجتماعي العراقي او ذاك تجاه اصلاح الظواهر المجتمعية والثقافية العراقية ، وانما نحن بصدد دراسة اليات ومناهج فكرية اجتماعية درسها الدكتور علي الوردي في المدارس الاوربية واراد نقلها ربما نقول بلا وعي لحقيقة ان النظم الاجتماعية هي بطبيعتها مختلفة عن المصانع الالية ، فاعتقد الدكتور علي الوردي مثل ما ان المصنع الامريكي بالامكان تفكيكه من ارضه واعادة تركيبه في العراق ، كذالك هي مناهج التربية الاجتماعية بالامكان دراستها في الولايات المتحدة ونقل الياتها ومكائنها الى المجتمع العراقي لتعمل بنفس الكفاءة وعلى اعلى المستويات في الانتاج واعادة الانتاج ، لكنّ مافات الدكتور ان في الامر اختلاف عظيم !.صحيح : على حسب رأي دعوة الدكتور على الوردي : يجب ان تنسجم حركة الفرد والمجتمع العراقي السلوكية مع مبادئها الثقافية وايمانها الاخلاقي ، وبما اننا في العراق مجتمع صاحب قيم اسلامية ومعيارية عربية ، وقوانين دينية ، فينبغي عندئذ وان اردنا ان نعيش الحياة الاجتماعية الصحّية ان نحوّل نظامنا السياسي والثقافي والاقتصادي من نظمها المستوردة والغريبة والعلمانية الاوربية ، الى النظام الاسلامي الاخلاقي صاحب صفة العربية بكل ماتحمل هذه الكلمة من قيّم واساليب وسلوك حضاري شرقي ، وعندها سنخلق نفس الانسان الذي يؤمن بالصدق في المسجد هو نفسه الذي سنجده صاحب التجارة الصادقة في السوق والبيع والشراء ، وهكذا ان اردنا ان نرفع نوع الازدواجية المرضية من سلوك الفرد والمجتمع العراقي ، فعلينا ان نغير نمط الحياة الاجتماعية من واقعها الذي يظلم بعضه البعض الاخر الى نمطية العدل الذي يؤمن به الانسان العراقي ثقافيا ودينيا وعقديا ... وهكذا !.فهل هذا ما كان يريده الدكتور علي الوردي في اطروحاته الاجتماعية التي تنتقد ازدواجية الفرد العراقي ولماذا هي بالاساس موجودة ؟.أم ان الدكتور علي الوردي رحمة الله عليه اراد شيئ اخر تماما من كل اطروحاته الاجتماعية في الازدواجية ، بل اراد ان يترك الفرد العراقي ايمانه لينسجم مع واقع القيم الذي فرضتها الحياة على الانسان العراقي !؟.نعتقد انه هنا مكمن الجدلية المعقدة والمضكة والمبكية في فكر الدكتور علي الوردي ورؤيته الاصلاحية في نمطية الحياة الاجتماعية والفردية العراقية !.ان الدكتور علي الوردي وهو يذكر نموذج الفرد الاوربي الاعلى في بعض كتبه الاجتماعية حول شخصية الفرد العراقي نسي او ربما تناسى او لعله لم يخطر بباله ابدا : ان نموذجه الغربي الفردي الذي بشرّ به في بعض كتبه الاجتماعية ، انتصر اخيرا على ازدواجيته الاوربية والغربية بعدما قرر ان ينحاز للحياتي الدنيوي بالمطلق على حساب الفكري والديني والاخلاقي والثقافي في هذا المجال !؟.وليس ان الفرد الاوربي انحاز للمعنوي والفكري والاخلاقي الثقافي في حالة صراعه القديمة على حساب المادي والدنيوي واللاخلاقي ...، ليعتقد الدكتور على الوردي انه النموذج الاكثر صحية بين البشر ، ومن ثم لينتخبه ليكون النموذج المشرف ليحتذي به الانسان العراقي !.وعليه انا شخصيا لااعتقد ، ومهما كانت ميول الدكتور علي الوردي العلمانية والغربية والمادية هي تدعو الفرد العراقي في سبيل التخلص من ازدواجيته ان يرتمي كالانسان الاوربي في احضان الدنيوي ليتخلص من الايمان وافكار الصدق والعدالة والحبّ والخير ، ليصوغ فيما بعد معادلته البراغماتية العراقية الغير مزدوجة التي ترى الاخلاق من خلال المنفعة المادية ، ولاترى المنفعة المادية من خلال الاخلاق ، ليصبح الصدق مانفع ، والكذب ما اضرّ بالفرد ، وليس للصدق والكذب والعدالة والظلم والرذيلة والفضيلة اي معايير منفصلة عن المنفعة ؟!.أما ان كان الدكتور علي الوردي رحمه الله واعيا لهذه المعادلة وهو مع ان يتمرد الفرد العراقي على كل المثل الاخلاقية والقيم الايمانية المعنوية التي يحملها فكريا وذهنيا وثقافيا ليتخلص من عقدة الازدواجية ويميل الى الايمان فقط بالبراغماتية النفعية في ايمانه وثقافته ، أما ان كان هذا هو مشروع الدكتور علي الوردي فلاحول ولاقوّة الابالله العلي العظيم !.نعم ان الازدواجية في معناها الجدلي التي تصارع فيه الفكرة السلوك في الواقع الفاسد ولاتريد الاعتراف به حتى وان اضطرّ الفرد العراقي لمجارات هذا الواقع الاجتماعي ، والتماهي معه سلوكيا لاغير ، ان مثل هذه الازدواجية هي طبيعة انسانية وحضاريا مضافا اليها انها نعمة ايمانية تحاول الانتصار للمعنوي على المادي حتى وان كان في ذالك تمزق نفسي للفرد هنا وهناك !.والعكس من وجهة النظر الاسلامية الاجتماعية هي النكبة وهي الانتكاسة الفردية عندما يستسلم الفرد للواقع الاجتماعي الغير سوّي واللاخلاقي في سبيل التخلص من الازدواجية باعتبار انها حالة صراع فردية لاغير ، فما قيمة ان يفقد الفرد والمجتمع بوصلة القيم الاخلاقية الرفيعة والمبادئ الانسانية المثلى والمعايير الاجتماعية العالية التي يحملها فكريا وروحيا ، في سبيل ان يربح الايمان فقط والانسجام مع واقعه وبين افكاره وسلوكه !.ثم ان هذه الازدواجية التي تبدو من رائحتها في فكر الوردي على اساس انها امر سلبي ، هي بالفعل الجذوّة المعقدة التي تديم حركة الحياة الفعلية في صراعها بين الخير الذهني والعدالة الانسانية الروحية من جهة ، وبين الظلم والكذب والفساد الاجتماعي الذي يستولي على المجتمع بين الفينة والاخرى ، ومن هنا ان كان مصطلح الازدواجية هو عبارة عن حالة صراع ، وادامة جدلية ، ومعركة مستمرة بين الانسان وداخله وخارجه ، فاهلا بمثل هذه الازدواجية في الفرد العراقي التي لولاها لما كان ابداع للفن وشهادة للبطولة ومطالبة بالحركة والتغيير وتمرد على الواقع وغير ذالك !.أما ان كانت الازدواجية هي نفاق وتخاتل ، وقول بلا عمل ، فيجب عندئذ ايجاد المخرج والعودة الى ترتيب الحياة وتنظيمها بشكل يكون الانسان وايمانه وافكاره ومعتقداته منسجما مع ماهو قائم في المجتمع ويدير الناس ويرتب شؤونهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية !.بلغة اخرى من يريد ان لايرى ازدواجية في سلوك الفرد العراقي عليه ان لايفرض نمط حياة ونظام سياسة وحركة اقتصاد هي بالضد ممايحمله هذا الفرد من عقيدة وايمان ومقدسات دينية ( كما اشار لذالك الامام محمد باقر الصدر رض في اطروحاته الفلسفية والفكرية والاقتصادية ) واذا كان الفرد الاوربي تخلص من الازدواجية عندما تمرد على الاله المعنوي ليعيش حياته متمتعا بالاخلاق البرغماتية النفعية ، فالفرد العراقي يطرح المعادلة ولكن بشكلها العكسي ليتمرد على المادي في سبيل انتصار المعنوي عليه !. __________________
al_shaker@maktoob.com
لابد ان الكثير اذا لم يكن جلّ العراقيين مثقفين وغير مثقفين قد سمعوا او قرأوا ، أو كتبوا عن مصطلح (أزدواج شخصية الفرد العراقي ) وهو يتداول بكثرة في مؤلفات الدكتورعلي الوردي الاجتماعية رحمة الله عليه ، ولكنّ القليل فقط ربما من توقف عند هذا المصطلح الاجتماعي ، ليتأمل ويسأل عن ماهيته الفكرية واللغوية ؟. وهكذا اهدافه الثقافية ؟. ولماذا هو مُستخدم بكثرة في كتابات الوردي؟. وماهو سبب أثرهذا المصطلح في الفرد والمجتمع العراقي بصورة سريعة وجذّابة وحيوية الى درجة انقسام المجتمع والفرد العراقي قبالته الى مؤيد ومعارض ؟.وهل ان هذا المصطلح المستخدم ورديّا اجتماعيا هو بالفعل ابتكار جديد للدكتورعلي الوردي في اكتشاف شخصية الفرد العراقي الحديثة ؟.أم ان الدكتور علي الوردي مفكر عراقي تقليدي مئة بالمئة الا انه استطاع تغليف مفرداته الثقافية والفكرية فحسب بقالب من المصطلحات الجديدة الجذاّبة لاغير ؟.كما ان هناك الكثير من الاسألة حول بحوث الاجتماعي علي الوردي بالامكان تقديمها بشكل دراسة موسعة تتناول جلّ ماكتبه علي الوردي خلال رحلته الفكرية الاجتماعية في بحر الظواهر العراقية الاجتماعية الثرّية المادة الثقافية على الجملة ، ولكننا هنا اردنا ان نشير الى فقط مجرد اللفظة ( الازدواجية ) او المصطلح لنسلط الاضواء على ماهيته كمدخل قيمي واسع يصلح لان يكون قاعدة لفهم النمطية العقلية والثقافية والذهنية التي سيّرت الكثير من المنتوج الفكري الاجتماعي لعلي الوردي !.نعم ماهو مفهوم او مصطلح الازدواجية حسب ماكان يهدف اليه علي الوردي في فضائاته الاجتماعية ؟.وهل هو قريب الشبه بالمفهوم التقليدي الديني الموروث الذي يتحدث عن ( النفاق ) باعتباره احد مصاديق ومضامين مصطلح الازدوجية الاجتماعية ايضا ؟.أم انه مصطلح حديث في تركيبه اللغوي ومضمونه الفكري ، وابداعه المدرسي العلمي ، ولهذا استخدمه الدكتور على الوردي كنمط خاص من تشخيص الظواهر الاجتماعية ؟.
***********
( ماهية مصطلح الازدواجية )
في الكثير من التتبعات الفكرية والثقافية لما كتبه الاستاذ الدكتور علي الوردي ، وفي سبيل الحصول واكتشاف المفهوم والمضمون الفكري لمستخدم الدكتور في مصطلحه (الازدواجية في الشخصية العراقية ) ، ندرك من هنا وهناك : ان الدكتور اراد من مصطلح ( الازدواجية ) في احيان كثيرة هو ذالك المعنى الذي يشير الى :ان الفرد العراقي واقع بين معادلتين صعبتين في حياته الانسانية الاجتماعية : الاولى : المعادلة الثقافة الفكرية العقائدية والتي من خلالها يطلّ الفرد العراقي على حياة ترسم له المدينة الفاضلة التي ينبغي ان يعيش فيها ، والتي تحترم الصدق وتؤمن بالعدالة ، وترنوا الى السمو بالمعنويات الاخلاقية الى كمال التقديس والتنزيه والتبجيل المطلق !.والثانية : المعادلةالاخرى السلوكية الاجتماعية المادية المعيشية التي تفرض على الفرد العراقي كل مامن شأنه ان يناقض المعادلة الاولى من اخلاقيات ومعنويات وتقديسيات وتبجيليات فكرية وايمانية وتقديسية ....، بحيث ان الفرد العراقي اصبح اشبه بمعمل متناقض ومتضارب ومزدوج في مقدماته ونتائجه ، فبينما يؤمن الفرد العراقي ويقدس الصدق بقوّة وبحرارة عالية في المسجد وعلى المستوى الروحي والايماني ، نجده عند اول خطوة خارج المسجد ، وعلى اعتاب السوق وفي معترك الحياة الاجتماعية والاسرية والمعيشية ، هو مضطّرٌ لتقمص الشخصية الاخرى في حياته الاجتماعية والاسرية وكذا الفردية ، حيث يكون الكذب هي لغة السوق والتجارة والربح والخسارة الطبيعية ، وكذا الظلم يصبح اللغة والمصطلح والسلوك الواقعي ، والعصا المرفوعة ، الذي من خلالها يؤدب اعدائه وابنائه في الاسرة على صعيد واحد!. وهكذا يمارس الفرد العراقي كل مامن شأنه ان يخلق حالة الصراع والازدواجية في شخصيته الانسانية من منطلق ايمان هذا الفرد بعد التجربة الطويلة انه لابد ان يعيش بين معادلتين ، وتحت اطار حياتين متناقضتين ومتصارعتين ، الاولى هي حياة الفكر والروح والايمان والثقافة والعقل والتاريخ والدين والمسجد ، التي تؤمن بكل ماهو نظيف ومقدس وطاهر ، وهذه الحياة على الارجح تُمارس في الاطر الدينية للمسجد وعلى مستوى التنظير والحكايات البطولية ، والثانية ، وهي الحياة التي تفرض معادلتها على الحياة عندما يتعامل الفرد الانساني العراقي مع غيره ، وفي الخارج من حياته الاجتماعية ( في السوق والعمل ومع الجار وفي المدرسة ....) ليتشكل سلوكه بشكل طبيعي واخلاقياته وتصرفاته حسب مقتضى الحياة والمعيشة !.والى هنا يبدو ان الوردي في مفهوم الازدواجية يشير الى ظاهرة انسانية طبيعية ، موجودة هي في المجتمع العراقي كما انها موجودة في جميع المجتمعات الانسانية الاخرى ، لاسيما ان رصدنا هذه الظاهرة في كل شعب ومجتمع حضاري يعيش الحياتين حياة الخيال والرواية والايمان والرومانسية والبطولة الفكرية والثقافية والدينية ، وحياة العمل والناس والتجارة والشطارة والشيطنة والاحتكاك والاخر .... في واقع الحياة السلوكية !.لكنّ يبدو ان علي الوردي عندما يستخدم مصطلح ( الازدواجية في الشخصية العراقية ) كأّنه لايشير من قريب او بعيد الى ظاهرة انسانية عامة ، بقدر ماهو يشير بتركيز مكثف على ظاهرة الفرد العراقي الازدواجية التي توحي من خلال الطرح ان هناك نموذجا فريدا بين الشعوب والافراد والامم هو مايميز بين ظاهرة ازدواجية الفرد العراقي ، واخر لم يسمه الدكتور علي الوردي الا بالاخر غير المزدوج والصريح مع نفسه والمتصالح بكلا حياتيه الفكرية الثقافية والاخرى الحياتية السلوكية ، وهذا الانسان حسب رأي الدكتور علي الوردي في بعض اشاراته الاجتماعية هو الانسان الاوربي والغربي السوبر !.ذالك الانسان الذي رأى فيه علي الوردي انه انسان غير مزدوج ، ولاهو واقع فريسة صراع بين معادلتين في حياته الاجتماعية ، وانما هو يؤمن بنفس الطريقة التي يعيش فيها ، يؤمن مثلا بالصدق ويحترمه ويقدسه ، بنفس الوقت الذي هو يمارس السلوك بصدق والحياة والمشاعر والاحتكاكات والتجارة ايضا بصدق !.الآن بغض النظر عن صحة ماذهب اليه الدكتور علي الوردي في اختيار نماذجه الواقعية الانسانية التي تحمل فايروس الازدواجية كالفرد العراقي والشخصية الاخرى التي تتمتع بصحة وعافية عن هذا المرض الاجتماعي ، وهو الفرد الاوربي السوبر ، لايسعنا امام هذا المضمون لمفهوم مصطلح ( الازدواجية الفردية والاجتماعية ) الا ان نتوقف لنسأل : لاعن العوامل والاسباب السياسية والاجتماعية وغيرها التي فرضت على الانسان العراقي ان يقع بين صراع حياتين او معادلتين ؟.!.ولا ان نرى ماهي الاسباب التي تفرض المعادلة الاولى على الفرد العراقي في تقديس الصدق فكريا ،واحتقاره سلوكيا ولماذ ؟.ولا ان نناقش هل فعلا ان الفرد واقع تحت فريسة مرض سلبي اسمه الازدواجية أم ان هذه الازدواجية التي يراها الدكتور علي الوردي انها مرضية ربما كانت هي وبالعكس صحية ونموذجية حسب المقاييس الاجتماعية الاخرى التي لاتستمد مرجعيتها من العقل الغربي المادي ؟.وانما نسأل عن شيئ آخر هو : ما هوالفرق بين مضمون هذا المصطلح العلمي الاجتماعي الذي استخدمه علي الوردي بكثافة في كتبه التحليلية لظواهر المجتمع والفرد العراقي ، وبين ماتستخدمه المدرسة القرءانية الاسلامية في مصطلح ( النفاق ) الديني عندما ترصد بعض ظواهر المجتمع الفردية والاجتماعية والسلوكية والفكرية المحيطة حولها ؟.وهل هناك التقاء بين قديم تقليدي وجديد مدرسي اوربي في المضامين والمصطلحات ؟.أم ان هناك عبقرية اكتشاف جديدة تميّز فكر الوردي عن ماذُكر تقليديا وتاريخيا لتوصيف الظواهر الاجتماعية ؟.****************( النفاق ازدواجية الفرد الارتدادية )
لاريب ان هناك فرق بين ان نقول : ان الفرد يؤمن بافكار اخلاقية عالية القيمة كالعدالة والصدق وحب الخيّر الا انه يضطرّ لمخالفة ذالك سلوكيا وحياتيا ومعيشيا او انه يرغب بتلك المخالفة لحسابات معينة ؟!.وبين ان نقول العكس : عندما يؤمن الفرد بالشر والظلم والشيطة وكراهية الخير ، الا انه يضطرّ لسلوك الخير وعمل الصالح والتظاهر بالتقوى في حياته العملية والسلوكية والمعيشية !.الاول هو ما اطلق عليه الدكتور علي الوردي انه انسان مزدوج او واقع تحت مرض الازدواجية في الشخصية !.أما الثاني فهو النفاق كما اطلقه القرءان الكريم والاسلام العظيم على فئة من الناس تؤمن بالسوء وتضمر الكفر والشرّ ، ولكنها تضطّر مجاراة للمجتمع وقوته وسطوته ان تنساق وتنسجم وتتشبه بسلوك المجتمع الخيّر !.وهناك ايضا لطيفة ربما لم يلتفت اليها الكثير ممن قرأ فكر الوردي بنوع من الانفعالية الزائدة ، هو : ان فكرة ومضمون الازدواجية التي رفعها الوردي كشعار او كمبضع لتشريح جثة الشخصية الفردية العراقية ، هي فكرة قريبة جدا للمصطلح الاسلامي الكبير والتي تسمى اسلاميا بالعموم وشيعيا بالخصوص بفكرة ( التقيّة ) فالتقية وعندما نريد الوصول الى مضمونها الفكري هي نفس فكرة الازدواجية ومضمونها ، في حال يؤمن الفرد والمجتمع بقوة بفكرة الايمان والخير وحب الصدق والتطلع الى العدالة ، ولكنّ دناءة المجتمع وظروفه السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية الظالمة والقاسية هي التي تفرض معادلتها سلوكيا على الفرد وتضطرّه للعيش بحياة اخرى غير الذي يؤمن بها هذا الفرد او هذا المجتمع !.وهكذا هي التقية من الظالمين ( مثلا ) في الاسلام ، حيث يكون الفرد خائف او مضطرٌ لاظهار سلوكيات ظاهرية تشعر الظالم انه تعبير عن الودّ والحب الا انها لاتنسجم مع ما يبطن من افكار وتصورات ايمانية وكراهية للظلم والظالمين ، ولكن ليس على صورته السلبية في فكرة النفاق ، بل على صورته الايجابية في العكس المرتد في الايمان بالخير واظهار الشرّ عندما يكون قانون الشر والكذب والظلم هو الطاغي على ظواهر المجتمع وحركته !.أذن الدكتور علي الوردي ومصطلحه العلمي ( الازدواجية ) الذي دوّخ العراقيين وآرق نومهم في كثير من الاحيان هو مصطلح يعيش بمضمون ديني تقليدي قديم قريب ومشترك ومشابه لمصطلح ( التقية في جانبها الايجابي ، والنفاق في جانبه السلبي ) الا انه بلباس جديد وحديث ومترجم ومدرّس في المدارس الاوربية ،ولايحمل صدمات المصطلحات الدينية العنيفة ، كما ويستعمل على اساس انه مرض سلوكي يصيب المجتمع او الفرد ليفصل في شخصيته ويربك حركته وانسجامه في هذا العالم !.نعم علينا عندئذ ان نتسائل وفي هذا المفصل : هل كانت الازدواجية التي تحدث حولها الدكتور علي الوردي بسلبية مطلقة فعلا هي تمثل سلبية عندما تطلق على سلوك الفرد العراقي ؟.أم ان المدرسة التي انتمى لها فكريا الدكتور علي الوردي واجتماعيا هي مدرسة لايمكن اسقاط رؤيتها الاجتماعية واهدافها التربوية على مجتمع وفرد كالمجتمع والفرد العراقي ؟.بمعنى آخر بغض النظر ان رؤيتنا لما اسماه الدكتور علي الوردي بالازدواجية او التناقضية او التضاربية في شخصة الانسان العراقي على اساس انها ظواهر سلبية بينما نحن نرى انها هي في الحقيقة ظواهر حضارية طبيعية بل وهي ايجابية على المستوى الحضاري البعيد لحركة الفرد وصراعه الدائم الذي يخلق له مع نفسه ومجتمعه دينامية الصراع والجدلية المستمرة ، بغض النظر عن ذالك : لماذا كان الدكتور على الوردي دائما ينظر للفكرة وللمصطلح من جانبها السلبي فحسب ؟.ولماذا لم يكن الدكتور علي الوردي يمتلك الافق الواسع في طرح فكره الاجتماعي ، بحيث انه بقي مصرّا على وجهة نظر واحدة سلبية في كل كتاباته التي ترى الازدواجية السبب الاصلي في التراجعية والتناقضية والتصادمية المدمرة في شخصية هذا الفرد المعقد ؟.***************
( الازدواجية باعتبارها ظاهرة ايجابية )
نعم الازدواجية في الشخصية العراقية عندما تطرح على اساس انها كذب الانسان على نفسه ، بالفعل تصبح مرضا اجتماعيا ونفسيا ويجب التعامل معه طبيّا للتخلص من اعراضه المرضية الاجتماعية ، ولكن علي الوردي لم يجرأ في كل ماكتب ان يصرّح انه يهدف الى القول : بأن الفرد العراقي يكذب على نفسه !.بل لمّح كثيرا واشار من بعيد الى : ان هناك مشكلة ما في شخصية الفرد العراقي تدفعه الى تقمص الازدواجية في تعاملاته الفردية والاجتماعية ، ثم بعد ذالك لم يوضح لنا الدكتور على الوردي من خلال كتاباته اي طريق او طريقة من خلالها نعالج هذه الظاهرة ، بل اكتفى بالقول ان هناك ظاهرة ، واشار الى انها سلبية ، وترك الباقي يقرره الفرد والمجتمع العراقي في كيفية الاليات واختراع السبل التي من خلالها ينتصر الانسان العراقي على ازدواجيته !.أما لماذا لم يشر على الوردي للاسباب (الجوهرية وليست الهامشية والعرضية ) التي تفرض على الفرد العراقي الايمان بشيئ هو نقيض لما يمارسه بالحياة ؟.فهذا راجع ربما لاكتفاء على الوردي برصد بعض الظواهر الجغرافية كصراع الصحراء مع الخضرة ، والانسانية كصراع البداوة مع الحضارة ، وطبيعية كسبب البرودة مع الحرارة الشديدة في الجو............. وتأثير كل ذالك على المزاج و خلق شخصية الازدواج لدى الفرد العراقي ، وغض نظره عن الاسباب الحقيقية السياسية والاقتصادية والعقائدية ....... وراء كل الظاهرة لعدم سماح الظرف السياسي القائم في العراق منذ الاف السنين من تناول علي الوردي وغيره لاسباب بعض الظواهر الاجتماعية العراقية بصراحة وشفافية وشجاعة علمية !.تمام : قلنا ان علي الوردي صاحب الانبهار بالمرجعية الثقافية الغربية ، وصاحب الدراسة التي لقنته ان الصدق هو ان ينسجم عمل الانسان مع ايمانه ، وان العدل هو ان يكون الفرد قادرٌ على التعبير عن ذاته بعيدا عن رؤية الاخر الاجتماعي ...، كل هذا هو مادفع علي الوردي ان يرى في ظواهر السلوك الاجتماعية والفردية العراقية على اساس انها ظواهر اجتماعية سلبية !.لكنّ لو سألنا : هذه الظواهر الاجتماعية والفردية التي رصدها الوردي على اساس انها سلبية ، هي سلبية حسب اي معيارية اخلاقية وقيمية فكرية ؟.وهل هي ازدواجية سلبية بالفعل ان ارجعنا ظواهرها للمدرسة الاجتماعية الاسلامية مثلا ؟.أم انها سلبية حسب مقاييس ومعايير وقيم المدارس الاجتماعية الغربية التي درسها الاستاذ علي الوردي ؟.بمعنى اخر : نعم في السلوك الغربي عندما يريد الاب ان يمارس الجنس ( مثلا ) مع صديقته في غرفة النوم العائلية ، فهو لايحمل الاعتقاد انه يقوم بفعل يناقض تماما ايمانه الفكري بحرية الفرد او الثقافي او الديني بالحياء او صدقه مع ذاته ، ولهذا فالاب الغربي لايرى حرجا او تناقضا يذكر ولامساسا بالاخلاقية الاسرية عندما يشرح لابنته مايقوم به من فعل وما يماسه من تصرفات ، وربما ينشأ الطفل او الطفلة الاوربية والغربية على هذا النمط من الاخلاقية الانسانية فلا ترى في سلوكها اي تعارض عندما تكبر وبنفس المنطق تصارح والدها بانها بحاجة الى نصف ساعة لتأجير غرفة والدها للنوم مع صديقها لممارسة اللذة !.ففي مثل هذه الظواهر نحن لانرى واجتماعيا اي ازدواجية تذكر بين ايمان الفرد الغربي وسلوكه ، من منطلق ان الانسان الغربي قد حسم قراره انه يترك كل مامن شأنه ان يعيق رغباته الطبيعية السلوكية او يقف في طريقها ، ولهذا هو لايحب الكذب ولايكذب ، ليس لان مفهوم الكذب والصدق هو نفسه مايحمله الانسان الشرقي ، لا ولكن مفهوم الكذب والصدق مختلف في الثقافة الغربية عن ثقافتنا الشرقية وخاصة العربية والاسلامية !.نعم : الفرد الاوربي يرى انه غير مضطر لادينيا ولا اخلاقيا ان يتنازل عن رغباته الفردية، وعندما لايعجبه امر يعبر عنه بصراحة ومهما كان مردود ذالك السلوك على المجتمع ، بسبب ان الفرد الاوربي يعيش حياة الفرد ويتحرك داخل نظام الفرد وينسجم مع الحرية الفردية التي منحتها القيمية الغربية والاوربية بعد ان قررت ان الحياة يديرها الفرد وليس الجماعة !.أما الجانب الاخر من المعادلة الشرقية والعربية والاسلامية فهي معادلة مختلفة تماما عن الجانب الغربي ، بل وهي معادلة قائمة على القيمية والمعيارية والنظامية الاجتماعية اولا وقب الفردية ، ولكنّ هذا الاختلاف هو مالم يراه الدكتور علي الوردي وغيره في ارائهم ودراساتهم الاجتماعية ، ومن هنا اعتقد هو وغيره ان موضوعة ( القيمية الاجتماعية والمعيارية الاخلاقية وكذا القانونية الثقافية ) هي شيئ طارئ على منظومة المجتمعات الانسانية وبالامكان تجاوزها او استبدال مفاعيلها بين ليلة واخرى لنرى منظومة القيم الغربية الفردية صالحة للمجتمع الشرقي العربي الاجتماعي والعكس ايضا صحيح !.ان هذه الرؤية هي التي تفسر لنا لماذا يرى الدكتور على الوردي وغيره ان الازدواجية في شخصية الفرد والمجتمع العراقي هي ظاهرة مرضية وسلبية ، ومن نفس ذاك المنطق الذي ذكرناه حاول علي الوردي ان يرى سلوك الفرد الغربي مقارنة بسلوك الفرد العراقي فخرج بنتيجة الانسجام في الاول والازدواج في الاخر !.والحقيقة اننا عندما نريد ان نكون موضوعيين في طرحنا لفكر الدكتور علي الوردي الاجتماعي لابد ان نشير الى ان الرجل كان يعتقد انه في طريق اصلاح اجتماعي ورصد لظواهر سلبية وثقافية للمجتمع والفرد العراقي ، تعيق من تطوّر الفرد العراقي ونهضة مجتمعه الداخلية والخارجية ، ولكننا الان ليس بصدد اظهار حسن النوايا لهذا الكاتب الاجتماعي العراقي او ذاك تجاه اصلاح الظواهر المجتمعية والثقافية العراقية ، وانما نحن بصدد دراسة اليات ومناهج فكرية اجتماعية درسها الدكتور علي الوردي في المدارس الاوربية واراد نقلها ربما نقول بلا وعي لحقيقة ان النظم الاجتماعية هي بطبيعتها مختلفة عن المصانع الالية ، فاعتقد الدكتور علي الوردي مثل ما ان المصنع الامريكي بالامكان تفكيكه من ارضه واعادة تركيبه في العراق ، كذالك هي مناهج التربية الاجتماعية بالامكان دراستها في الولايات المتحدة ونقل الياتها ومكائنها الى المجتمع العراقي لتعمل بنفس الكفاءة وعلى اعلى المستويات في الانتاج واعادة الانتاج ، لكنّ مافات الدكتور ان في الامر اختلاف عظيم !.صحيح : على حسب رأي دعوة الدكتور على الوردي : يجب ان تنسجم حركة الفرد والمجتمع العراقي السلوكية مع مبادئها الثقافية وايمانها الاخلاقي ، وبما اننا في العراق مجتمع صاحب قيم اسلامية ومعيارية عربية ، وقوانين دينية ، فينبغي عندئذ وان اردنا ان نعيش الحياة الاجتماعية الصحّية ان نحوّل نظامنا السياسي والثقافي والاقتصادي من نظمها المستوردة والغريبة والعلمانية الاوربية ، الى النظام الاسلامي الاخلاقي صاحب صفة العربية بكل ماتحمل هذه الكلمة من قيّم واساليب وسلوك حضاري شرقي ، وعندها سنخلق نفس الانسان الذي يؤمن بالصدق في المسجد هو نفسه الذي سنجده صاحب التجارة الصادقة في السوق والبيع والشراء ، وهكذا ان اردنا ان نرفع نوع الازدواجية المرضية من سلوك الفرد والمجتمع العراقي ، فعلينا ان نغير نمط الحياة الاجتماعية من واقعها الذي يظلم بعضه البعض الاخر الى نمطية العدل الذي يؤمن به الانسان العراقي ثقافيا ودينيا وعقديا ... وهكذا !.فهل هذا ما كان يريده الدكتور علي الوردي في اطروحاته الاجتماعية التي تنتقد ازدواجية الفرد العراقي ولماذا هي بالاساس موجودة ؟.أم ان الدكتور علي الوردي رحمة الله عليه اراد شيئ اخر تماما من كل اطروحاته الاجتماعية في الازدواجية ، بل اراد ان يترك الفرد العراقي ايمانه لينسجم مع واقع القيم الذي فرضتها الحياة على الانسان العراقي !؟.نعتقد انه هنا مكمن الجدلية المعقدة والمضكة والمبكية في فكر الدكتور علي الوردي ورؤيته الاصلاحية في نمطية الحياة الاجتماعية والفردية العراقية !.ان الدكتور علي الوردي وهو يذكر نموذج الفرد الاوربي الاعلى في بعض كتبه الاجتماعية حول شخصية الفرد العراقي نسي او ربما تناسى او لعله لم يخطر بباله ابدا : ان نموذجه الغربي الفردي الذي بشرّ به في بعض كتبه الاجتماعية ، انتصر اخيرا على ازدواجيته الاوربية والغربية بعدما قرر ان ينحاز للحياتي الدنيوي بالمطلق على حساب الفكري والديني والاخلاقي والثقافي في هذا المجال !؟.وليس ان الفرد الاوربي انحاز للمعنوي والفكري والاخلاقي الثقافي في حالة صراعه القديمة على حساب المادي والدنيوي واللاخلاقي ...، ليعتقد الدكتور على الوردي انه النموذج الاكثر صحية بين البشر ، ومن ثم لينتخبه ليكون النموذج المشرف ليحتذي به الانسان العراقي !.وعليه انا شخصيا لااعتقد ، ومهما كانت ميول الدكتور علي الوردي العلمانية والغربية والمادية هي تدعو الفرد العراقي في سبيل التخلص من ازدواجيته ان يرتمي كالانسان الاوربي في احضان الدنيوي ليتخلص من الايمان وافكار الصدق والعدالة والحبّ والخير ، ليصوغ فيما بعد معادلته البراغماتية العراقية الغير مزدوجة التي ترى الاخلاق من خلال المنفعة المادية ، ولاترى المنفعة المادية من خلال الاخلاق ، ليصبح الصدق مانفع ، والكذب ما اضرّ بالفرد ، وليس للصدق والكذب والعدالة والظلم والرذيلة والفضيلة اي معايير منفصلة عن المنفعة ؟!.أما ان كان الدكتور علي الوردي رحمه الله واعيا لهذه المعادلة وهو مع ان يتمرد الفرد العراقي على كل المثل الاخلاقية والقيم الايمانية المعنوية التي يحملها فكريا وذهنيا وثقافيا ليتخلص من عقدة الازدواجية ويميل الى الايمان فقط بالبراغماتية النفعية في ايمانه وثقافته ، أما ان كان هذا هو مشروع الدكتور علي الوردي فلاحول ولاقوّة الابالله العلي العظيم !.نعم ان الازدواجية في معناها الجدلي التي تصارع فيه الفكرة السلوك في الواقع الفاسد ولاتريد الاعتراف به حتى وان اضطرّ الفرد العراقي لمجارات هذا الواقع الاجتماعي ، والتماهي معه سلوكيا لاغير ، ان مثل هذه الازدواجية هي طبيعة انسانية وحضاريا مضافا اليها انها نعمة ايمانية تحاول الانتصار للمعنوي على المادي حتى وان كان في ذالك تمزق نفسي للفرد هنا وهناك !.والعكس من وجهة النظر الاسلامية الاجتماعية هي النكبة وهي الانتكاسة الفردية عندما يستسلم الفرد للواقع الاجتماعي الغير سوّي واللاخلاقي في سبيل التخلص من الازدواجية باعتبار انها حالة صراع فردية لاغير ، فما قيمة ان يفقد الفرد والمجتمع بوصلة القيم الاخلاقية الرفيعة والمبادئ الانسانية المثلى والمعايير الاجتماعية العالية التي يحملها فكريا وروحيا ، في سبيل ان يربح الايمان فقط والانسجام مع واقعه وبين افكاره وسلوكه !.ثم ان هذه الازدواجية التي تبدو من رائحتها في فكر الوردي على اساس انها امر سلبي ، هي بالفعل الجذوّة المعقدة التي تديم حركة الحياة الفعلية في صراعها بين الخير الذهني والعدالة الانسانية الروحية من جهة ، وبين الظلم والكذب والفساد الاجتماعي الذي يستولي على المجتمع بين الفينة والاخرى ، ومن هنا ان كان مصطلح الازدواجية هو عبارة عن حالة صراع ، وادامة جدلية ، ومعركة مستمرة بين الانسان وداخله وخارجه ، فاهلا بمثل هذه الازدواجية في الفرد العراقي التي لولاها لما كان ابداع للفن وشهادة للبطولة ومطالبة بالحركة والتغيير وتمرد على الواقع وغير ذالك !.أما ان كانت الازدواجية هي نفاق وتخاتل ، وقول بلا عمل ، فيجب عندئذ ايجاد المخرج والعودة الى ترتيب الحياة وتنظيمها بشكل يكون الانسان وايمانه وافكاره ومعتقداته منسجما مع ماهو قائم في المجتمع ويدير الناس ويرتب شؤونهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية !.بلغة اخرى من يريد ان لايرى ازدواجية في سلوك الفرد العراقي عليه ان لايفرض نمط حياة ونظام سياسة وحركة اقتصاد هي بالضد ممايحمله هذا الفرد من عقيدة وايمان ومقدسات دينية ( كما اشار لذالك الامام محمد باقر الصدر رض في اطروحاته الفلسفية والفكرية والاقتصادية ) واذا كان الفرد الاوربي تخلص من الازدواجية عندما تمرد على الاله المعنوي ليعيش حياته متمتعا بالاخلاق البرغماتية النفعية ، فالفرد العراقي يطرح المعادلة ولكن بشكلها العكسي ليتمرد على المادي في سبيل انتصار المعنوي عليه !. __________________
al_shaker@maktoob.com