(
في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي ... الركود والتخلف ) 17/ حميد الشاكر
((38))
ثانيا : الركود الاجتماعي
كذالك يَعتبِر ( سيرغي ) ان من اهم العوامل
التي ساهمت بعدم ولادة ظاهرة الدولة داخل الاجتماع الكردي القديم والحديث ، هو
عامل الركود الاجتماعي باعتبار ان الدولة ( في مفهوم علم الاجتماع الحديث ) ماهي
الا نتاج الحراك الاجتماعي التاريخي الداخلي وماينتجه هذاالحراك من تنوع
وتطوراجتماعي فكري ، واقتصادي ، وسياسي وقانوني و.... يفرض على الاجتماع ضرورة
وجود او ايجاد او صناعة ظاهرة الدولة ومؤسسة الحكم داخل كيانه !!.
والحقيقة ان هذه الظاهرة ( الركود ) داخل
تاريخية الاجتماع الكردي لم تلفت نظر ( سيرغي ) فحسب في تناول اسباب عدم قيام دولة
كردية لمسيرة الاف من السنين ، بل ان ما من عالم اجتماع مستشرق كان او غير مستشرق كتب في الشان الكردي السياسي
والاجتماعي ، الا والتفت الى هذا العامل باعتباره من اهم اسباب بقاء المجتمعية
الكردية القديمة وما قبل الحديثة تراوح
مكانها في داخل نظام القبيلة والاقطاع لاغير وعدم تمكنها من اجتياز عقبة المجتمع
القبلي البدائي !!.
فهذا الكوردولوجي الروسي (نكتين) في كتابه
(الكرد) مثلا هو ايضا يتناول ظاهرة الركود
داخل الاجتماع الكردي ، ويطرح فيها العديد من الاراء التي تناولت بروزهذه الظاهرة
كرأي (وغرام) الذي سلط الاضواء على انه : ( لم تتغير طبائع الاكراد منذ عام 1000 قبل المسيح . انهم شعب قوي ، موهوب
يحسنون المعاملة ومع ذالك هناك شيئ ينقصهم .. فيلبثون شعبا فاشلا اذ انهم لم
يتمكنوا حتى الان من التخلص من حياتهم القبلية ... / انظر باسيل نكتين / الكرد / قدم له صلاح
برواري / ص 67/ منشورات مجلة / ط د )) . ولهذا اعتبر(نكتين) ان من الاسباب الجوهرية في
عدم تطور هذا الاجتماع الكردي ، وتحوله الى ( مجتمع الدولة المتنوع ) هو ذالك النظام القبلي ، والاقطاعي
المهيمن والجاثم على قلب الاجتماع الكردي
ثقافيا وقيميا واقتصاديا وتربويا و ...والمانع والمجهض لاي محاولة تطور اجتماعية
داخل الاجتماع الكردي القديم والحديث !!.
اي وبمعنى اخر اوضح صورة: ان النظام القبلي
والاقطاعي الكردي باعتبار انه نظام قائم داخل الاجتماع الكردي تاريخيا وحتى اليوم
وله الريادة والقيادة في هذا الاجتماع ، وباعتبار انه نظام (يدافع عن مصالحه)
القائمة ومكتسباته السياسية ، والاقتصادية المستقرة لقرون من الزمن ، فهو نظام
بطبيعة الحال سوف لن يسمح ابدا بان تهدد منافعه القائمة اي فكرة سواء كانت فكرة
الدولة الجامعة ، التي حتما ستطيح بتعدد القيادة والسلطة داخل المجتمع لتصهرها تحت سلطة وقانون واحد اوكانت فكرة
التطوروالتقدم التي هي ضد كل ماهو جامد ومتكلس وتقليدي داخل المجتمع !.
ثالثا : تخلف الوعي السياسي .
وهذا ايضا حسب ما ذكره (سيرغي ) من الاسباب
والعوامل التي باعدت بين الكرد كمجتمع يراوح مكانه منذ الاف السنين ، وكمجتمع ( تكلست
) مفاصله الفكرية والسياسية الى حد العجز عن القيام او التفكير بماهو بعد نظام القبيلة والاقطاع
البدائي والعيش على حساب الاخرين !!.
نعم في مقولة ( سيرغي ) ماهو ابعد من مجرد
(الوصف الاجتماعي) لتخلف الوعي السياسي الكردي تاريخيا والذي نتج عنه توقف عجلة
التطور الفكري السياسي لهذا الاجتماع ف(سيرغي)عندما تحدث عن:((ان الكرد مع حفاظهم على
نظام الاسرة /لكن / ليس لهم معرفة بنظام الدولة والمجتمع وفق المفهوم المحدد))
فانه اراد ان يشيربشكل خفي الى العوامل التي اوقفت عجلة التطور الفكرية والمنظومة
المعرفية لهذا المجتمع، اكثر من اشارته لاي شيئ اخر !.
وهذا العامل في الحقيقة لم يغب حتى عن
المفكرين الكرد انفسهم فالمفكرون الكرد
اشاروا من خلال بحوثهم وكتاباتهم الاجتماعية والسياسية الى ان هناك (تخلف) واضح في
المنظومة المعرفية السياسية الكردية ،وهذا التخلف ساهم ولم يزل في (( تشتت
المجتمعية الكردية ، وانقسامها على نفسها
بل وعدائها الواضح لفكرة الدولة ، وسلطتها
وقانونها الجامع سواء كانت دولة كردية او دولة وطنية ينصهر فيها المكون الكردي
كمواطن من الدرجة الاولى )) !!.
وبهذا الصدد يذكر الكاتب الكردي السوري
القومي (د. احمد محمود الخليل ) في كتابه ( الشخصية الكردية ) وتحت عنوان ( النفور
من الدولة المركزية ) ان من اهم اسباب نفور الفكر الكردي الاجتماعي من فكرة الدولة
ومركزيتها وسلطتها الجامعة الامور التالية :
اولا : ضعف الفكر السياسي الكردي وتخلفه حالت
دون صناعة فكر سياسي اداري داخلي وخارجي صاحب خبرة ؟.
ثانيا : التناحر السياسي (طبعا يقصد القبلي)كظاهرة
متاصلة عند الكرد ....!.
ثالثا : التشرذم السياسي كطابع غالب على
الحالة السياسية الكردية منذ قرنين من الزمن .
ثالثا : غياب المشروع السياسي وفقدان الرؤية
الموحدة ...
رابعا : فجاجة الفكر السياسي وافتقاره للنضج
خامسا : ....الخ
وهكذا حتى يصل (( الخليل)) الى النتيجة
الطبيعية لاي تخلف فكري للمعرفة السياسية الاجتماعية تاريخيا ، وحتى اليوم بصورة
عامة ، والكردي بصورة خاصة ليخلص الى :(( ان ثالوث: الجبل/ الرعوية / القبلية /
كان مهيمناعلى الذهنية الكوردية بشكل عام ،
وهذا الثالوث هو مدمر كل كفاح يتطلب وحدة الرؤية والموقف .. كما انه بؤرة
انتاج الغفلة والخيانه .../ انظر احمد محمود الخليل/الشخصية الكردية/ اربيل 2003
طبعة موكرياني اولى من ص 160 الى 172/ ))
طبعاهناك ايضاعوامل من خارج الاجتماع الكردي
يشيرلها السوسيولوجيون الكرد دائما على اساس انها من الاسباب
والعوامل المهمة في تخلف الوعي السياسي الكردي التاريخي والمعاصر وهو العامل الاقليمي لاسيما الايراني والتركي /حسب
مايعتقده الكثيرمن المثقفين الكرد/ الذي هيمن على الاجتماع الكردي سياسيا ولقرون
متواصلة ومنعه من حق الحياة ، والمعرفة
السياسية المتطورة فكريا لانشاء الدولة وصناعة ظاهرتها الاجتماعية !!.
الا اننا نعتقد ان مثل هذه العوامل الخارجية
عوامل ثانوية في صناعة ظاهرة الدولة لاي مجتمع انساني ،كما اننا نعتقد ان ظاهرة
الدولة تفرضها تطورات المجتمع الداخلية ولاتستطيع ( اذا كان المجتمع متطورامن الداخل
) اي قوى من خارج المجتمع ان توقف عجلة ،
وولادة ظاهرة الدولة للمجتمع المتطور ذاتيا داخليا ،وعليه فلا واقعية علمية
لمفهومة : ان الوضع الاقليمي للكرد هو الذي منع الاجتماع الكردي من التطور السياسي
، والمجتمعي ، والاقتصادي والمعرفي و...الخ بسبب ان هذه الظاهرة بالذات ( حسب
قراتنا الاجتماعية ) هي نتاج تفاعلات اجتماعية (اقتصادية وثقافية وتربوية وقانونية
و ..) داخلية تنتج الضرورات المعرفية بما فيها ضرورة المعرفة السياسية للمجتمع
والتي تساهم بصناعة ظاهرة الدولة داخل المجتمع رغم اي ظرف سياسي ياتي من خارج المجتمع
!!. __________________________________________
راسلنا
مدونتي فيها المزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
HTML