(
في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي .... اللغة ) 13/ حميد الشاكر
(( 31 ))
تعتبر(اللغة) كمادة صوتية هوائية حلقية والتي
هي داخلة في عملية الوظائف الفيسلوجية للجسد الانساني من اهم ( قنوات التواصل الانسانية الاجتماعية ) على
مدى تاريخ البشرية منذ ان تمكنت من نقل الصوت الى معنى اجتماعي لغوي وحتى اليوم
!!.
كما ان اللغة شكلت محورامتطورا جدا في تاريخ
البشرية البعيد وقفزة نوعية في عملية التواصل الاجتماعية بعد لغة الاشارة الرمزية، التي كانت تاريخيا هي لغة التواصل
الاجتماعي انذاك !!.
وبغض النظر عن تاريخ تطور التواصل الاجتماعي
اللغوي ، وكيفية وماهية البدايات التاريخية الانسانية التي تمكنت من تحويل الاصوات الى لغة تفاهم اجتماعية وبعد
ذالك صياغة هذه الاصوات بحروف مكتوبة و.. بغض النظر ايضا عن فلسفة تنوع اللغات
الانسانية و لماذية .....الخ ؟. ، بغض النظر عن كل ذالك لكون هذه المحاورالبحثية
بعيدة عن محورموضوعنا السوسيولوجي الاجتماعي هذا ، الّا ان اللغة وبتوافق مدارس
علم الاجتماع الحديثة تعتبر او تصّنف من ضمن اهم (الظواهر) التي ولدت تحت ضغط الحاجة
الاجتماعية ومن خلال متطلباتها وتطوراتها الانسانية
!!.
نعم في موضوعة اللغة ، باعتبارها ظاهرة اجتماعية تاريخية متطورة يمكن
تصورحال هذه اللغة حال كل الظواهرالاجتماعية التي تقسّم الى ماهو اصيل وثابت
(استاتيك) يتمكن من الاستمرار الزمني ، ويتحول او يتكيف مع الحياة الاجتماعية ،
كيفما تطورت او تقلبت بها المتطلبات الاجتماعية ، ومنه ما هو ( انستاتيك ) يؤدي
وظيفة زمنية ، ومكانية اجتماعية معينه
وربما يضمر او يضعف في عمله (هذه الظاهرة اللغوية ) او ربما تنقرض
ويتجاوزها الزمان والمكان الاجتماعي ، كبعض اللغات التي انقرضت ، ولم تعد مستعملة
او لها وجود اجتماعي مستخدم يذكر !!.
وعلى هذا الاساس تدرس وتبحث ظاهرة اللغة في
مدارس العلوم الاجتماعية على اساس انها :
اولا:ظاهرة اجتماعية ابتكرها الانسان من خلال
الممارسة الطبيعية لتواصله الاجتماعي .
ثانيا : انها ظاهرة متطورة ومتكيفة مع
متطلبات الاجتماع الانساني .
ثالثا : انها ظاهرة تنقسم الى الاصيل الثابت
والى المتغير المتطور والمتحرك !!.
((32 ))
في العلوم الانثربولوجية والاجتماعية يبحث
موضوع اللغة الكردية من خلال عدة اصعدة علمية مهمة منها :
اولا : هل اللغة الكردية لغة اصيلة ومستقلة ،
وتحمل داخلها قوانين تهيئ لها ان تكون من ضمن اللغات العالمية او الاجتماعية التي
اصبحت بفعل التطور التاريخي امًّا لفروع لهجوية متنوعة ؟.
ام ان اللغة الكردية في اساسها ( لهجة ) وفرع
للغة الفارسية او الهندواوربية او الكلدانية او ... ومن ضمن اللهجات المحلية لهذه
اللغة الام او تلك ؟.
ثانيا : اذا تقرر علميا ان ليست اللغة
الكردية لغة ام مستقلة او تحمل عناصر لغة
الام القانونية (( اي ليس لها قانون نحوي وصرفي ضابط لعملها اللغوي )) وانها مجرد لهجات محلية منطوقة
وفرع للغات اخرى فكيف يمكن ادراك اسباب وماهيات وجذور واصول و ...الخ ، هذه
اللهجات المتنوعة بانتمائاتها الاجتماعية ؟.
اولا : حسب ما طرحه الكاتب الكردي ( احمد تاج
الدين) في كتابه ((الاكراد تاريخ شعب ، وقضية
وطن)) من تساؤلات جوهرية في موضوعة اللغة
او اللهجات الكردية المتنوعة: (فان اللغة الكردية هي فرع ولهجة تنتمي للاصل او
للغة الامّ الفارسية ، التي بدورها فرع للغة النزندية التي كانت مع البهلوية اللغة
الام لكتب المجوسية القديمة المقدسة ) ، وهذا
الراي نقله تاج الدين عن الاستاذ وفيق حلمي وسعيد حيدر وكاظم حيدر ( من صفحة 30
الى 60 ) !!.
كما ان صاحب قاموس ((اللغة الكردية : كردي
عربي )) د جانو / م شركوه : كذالك يذهب الى القول بالاصول الايرانية للهجة الكردية
ولهذا ذكرصاحب القاموس القول :((تنتمي اللغة الكردية الى مجموعة اللغات الايرانية
فرع من لغات الهندواوربية )) .
نعم كذالك ذكر تاج الدين رايا للمستشرق ((
سيدني سميث )) بموافقة الاستاذ (( احمد فوزي)) مخالفا للراي الاول بكون اللغة
الكردية فرعا للغة الايرانية القديمة ليقرر : (( ان اللغة الكردية تتصل بمجموعة اللغات
الشمالية الغربية بعكس الايرانية المتصلة بمجموعة اللغات الجنوبية الغربية / ص 57
)) .
لكن مع ذالك عقد الاستاذ ((طبيبي)) استاذ قسم
الانثربولوجيا بجامعة طهران دراسة مفصلة حول اللغة الكردية ليتوصل الى نتائج قاطعة
ب : (( ان اللغة الكردية ، التي يتكلم بها
الكثير من سكان النواحي الغربية، والجنوبية الغربية والشمالية الغربية وطوائف
عديدة في شمال ايران وغربها وبعض القبائل في شمال تركيا وشرقها وفي العراق وسوريا
وقبائل القوقازهي بلا شك او شبهة من اللغات الهندية والايرانية واحد فروع الفارسية
القديمة/راجع ص 81)) . وعلى هذا الاساس يثبت ( طبيبي ) بان اللغة ( او الادق علميا
القول اللهجة ) الكردية هي لهجة وفرع من فروع اللغة الام الفارسية !!.
وهكذا ما عقد له المستشرق الروسي (نكتين) في
كتابه (( الكرد )) من فصل لدراسة اصول وجذوراللهجات الكردية ليصل الى اجماع مفاده:
(( فالابحاث التي قام بها العلماء في القرن التاسع عشرعن بلاد كردستان ، وعن الاكراد ولغتهم ،
والمعلومات التاريخية الاكيدة عن قبائل الاكراد ، وعن لهجاتهم ومعتقداتهم قبل صدر
الاسلام كل ذالك اظهر ان النظريات السابقة عن اصل الاكراد كانت خاطئة فعلماء
اللغات وبالاخص (بوت وروديجار ) قد دحضوا النظرية القائلة : بأن اللغة الكردية هي
كلدانية الاصل ، واثبتوا علاقتها باللغة الفارسية الحديثة وباللغة الزندية وهي امّ
اللغة الفارسية / ص 23 )) .
ثم بعد ذالك يسرد ( نكتين ) ابحاث( مينورسكي
والعلامة مار ) في نفس هذا الاتجاه .
من هنا يمكننا الجواب على سؤال: هل ان اللهجة
الكردية لغة ام مكتفية بذاتها ليس في مجال التخاطب فقط بل ومن ناحية الثروة
العلمية والفلسفية والفكرية والادبية و ....الخ ؟.
ام انها لهجات محلية وفروع قبلية تفتقر الى
ابسط مقومات اللغة الام الجامعة قوميا ؟.
حسب دراسة استاذ الانثربولوجيا في جامعة
طهران (طبيبي) فان (هذه اللغة تختلف في صيغ نطقهامن عشيرة وقبيلة وجارتهاوكذاتختلف
في مصطلحاتها كذالك ، والتعبيرات التي تعبربها هذه القبائل الكردية بحيث يختلف نطق
قبيلة مع اخرى من الاكراد !!.
فمثلا لايفهم احد من سكان (اورامانات ) يتحدث
اللغة الاورامية شيئا من لغة (اهل عرقه) من قبيلة منجور في شمال كردستان ايران
والعكس صحيح . لهذا انقسمت هذه اللغة في ناحية كردستان الى فروع ، وكل فرع بدوره الى لهجات متعددة ، حتى سبب هذا الاختلاف
بين الافرع ، واللهجات الى اعتقاد بعض الدارسين وعلماء اللغات : بان الكردية لغة
غير ايرانية / ص 82 ))
ان هذه الحقيقة المؤلمة ، التي يذكرها ( طبيبي
) ويؤيده عليها معظم الباحثين مستشرقين كانوا ، ام كردا لتعدد اللهجات الكردية
وتنافرها وتباعدها ، وعدم انسجامها فيما بينها ، والبين الاخر : حقيقة ضاغطة على المجتمعية الكردية القديمة
والحديثة من جهة وضاغطة على المفكرين والباحثين الكرد ايضا من جانب اخر ولطالما
اشتكى الكتاب الكرد بنوع من اللوعة (القومية العاطفية ) من هذه الظاهرة الكردية
اللهجوية التي تساهم في ( تنافر ) الاجتماع الكردي وليس الى تلاحمه فهذا (مثلا)
احمد تاج الدين (وهو كردي الاصل والمنشأ ) في كتابه المذكور انفا يصرّح بوضوح
العبارة بهذا الشان بالقول: ((وتختلف اللهجات/الكردية/عن بعضها اختلافا جذريالدرجة
ان الكردي قد يجد صعوبة في التفاهم مع اخيه الكردي الذي يتكلم لهجة بعيدة عنه / ص
58 )) .
وهكذا كل من تعرض لموضوع اللغة الكردية ، او
لهجاتها المحلية ، فقد ذكر هذه الاشكالية ليس لكونها اشكالية على الصعيد الاجتماعي
الكردي فحسب ، بل اشكالية على الصعيد التاريخي والتراثي والقومي و....الخ ، لهذه
الشعوب المستكردة التي استوطنت الجبل وتحدثت
باللهجات الكردية الا انها لم تكتب لاتاريخا ولاعلما ولافلسفة ولا ادبا ولاشعرا
ولا ....الخ ، بهذه اللغة التي هي اساسا لهجات متفرقة وليست لغة صاحبت قوانين ونحو
وصرف لتصلح ان تكون لغة فلسفة وعلم وادب قومي لهذا الشعب !.
اما كيف كان الكرد بقبائلهم المنعزلة يدونون
عقودهم التجارية والقانونية او يسجلون مواثيقهم مع الدول التي انتمت هذه القبائل
لميراثها القومي تاريخيا حتى اليوم ؟.
فحسب ماتوصل له البحث العلمي الانثربولوجي
التاريخي فان اللغة الفارسية كانت هي القلم ، الذي كتب فيه معظم الكرد
تاريخهم وادبهم واحداثهم القبلية
والسياسية وماجرى عليهم قبل قيام الدول الحديثة بعد الحرب العالمية الاولى وكان
الحرف العربي المستخدم فارسيا بعد الاسلام هو متداول مدونات الكرد كما ان (( ثلاثة
ارباع اللهجات الكردية هي عربية الجذور والاصل )) !!
__________________________________________
راسلنا
مدونتي فيها المزيد