_______________
تعرض
( مشروع الفلسفة العقلية ) اليونانية في
تاريخه الطويل الى تنوعات متعددة من الهجمات
( الممنهجة مرة ، والعبثية مرة
اخرى ) التي حاولت النيل اولاً من وجود الفلسفة ومنطقها الارسطي ( 450 ق م الى 300
ق م ) بالتحديد وارادة استأصال هذا الوجود
من مناهج التفكير الانسانية ، وثانيا من مكانتها الفكرية والعلمية والنظرية بشكل
عام !!.
وقد
توزعت تلك التنوعات النقدية الاقصائية تأريخيا وحتى وقتنا المعاصر على الفلسفة
ومشروعها الفكري النهضوي بالتشكيلات التالية :
اولا
: الهجوم من قبل المدرسة السوفسطائية .
ثانيا
: حصار السلطة ورجال دينها الرسميين .
ثالثا
: النقودات العنيفة من قبل الغير ملمين بالفلسفة ومشروعها الانساني الواسع .
آ
: المدرسة السوفسطائية .
والحقيقة
للمدرسة السفسطائية بالتحديد تاريخ يرتدّ
بجذورها ، وتأسيساتها الفكرية الاولية الى ما قبل بزوغ ، وولادة المنطق الارسطي ، الذي جاء ( هذا المنطق ) كرد فعل مناهض ومعاكس في التوجه والاهداف على ما طرحته وكانت
تؤسس له المدرسة السفسطائية بعد مرحلة من تاسيسها في عمق الحضارة الفكرية
اليونانية القديمة !!.
ولم
تكن السفسطة ( كما يبدو ذالك بعكس من يرى ان السفسطة نتاج فكر غير منظم ) مجرد افكار مشوشة ومتناثرة ومتناقضة و.... فحسب بل كانت مدرسة جامعية منظمة ومهنية ومتنقلة
وبكادر من اساتذة فن الجدل لا يشق لهم غبار يعلّمون ويدرّسون مناهج الجدل ، وفن
الدفاع عن الاراء والصراع من اجلها في مقابل مبالغ مالية ثقيلة يفرضونها على طلبة
علوم فن الجدل والخطابة والسياسة انذاك !!.
ومن
اهم اساتذة فن السفسطة في العصر اليوناني (بروتاغور وغورغياس وبرودكس ، و ...الخ )
.
ثم
ما ان لبثت السفسطة ان تحولت الى مادة تجارية
اكثر منها مشروع علم ، وفن لتناول الحكمة ، ودخلت فيما بعد الى مرحلة العبث الفكري ، الذي
يحاول تدمير ونفي كل تفكير سليم ، والتشكيك بكل حقيقة او قانون قائم الى ان وصلت
سفن عبثها الفكرية الى مراسي مبادئ ونتائج شك فكرية ثلاثة اعتبرت هي المبادئ
الرئيسية لهذه المدرسة وهي :
اولا
: ان الانسان الفرد ومعاييره الذهنية اساس كل معرفة ولا وجود لشئ خارج ذهن الانسان
!.
اي
ان ذهن الانسان هو مخترع لفكرة الواقعية الوجودية خارج الانسان .
ثانيا
: ولو ( فرضنا ) ان شيئا وجد واقعيا ، وخارج الذهن الانساني ، لكانت معرفته
مستحيلة !.
ثالثا
: وحتى ان امكن معرفة ما هو موجود ، لما امكن نقل هذه المعرفة من انسان لاخر / (1)
وما
ان شاعت هذه ( الفوضى الفكرية) بين الاجتماع في العصر اليوناني انذاك حتى دبت ( الخلافات الاجتماعية ) على اثر
ذالك ، واهتز التكاتف المجتمعي لهذه الامة
الحضارية مما استدعى في النهاية تدخل الدولة ( بسلطتها القضائية ، والتنفيذية ) فيما بعد للحفاظ على وحدة ، وتماسك المجتمع
الفكرية والروحية والعقدية والقانونية والاخلاقية و... لتمنع ( الدولة اليونانية)
من ثم فن التفكير الفلسفي والسوفسطائي بكافة اهدافه من اساسه وتجرّم او تعلق العمل
بالتفلسف مهما كان لونه وشكله او غايته ووسائله لحماية الامة من كوارث التفكك
والانهيار !.
وراح ضحية هذه ( المأساة الفكرية ) للامة اليونانية
واحداً من اكابر فلاسفة عصرها ، ولكن ومع الاسف كان هذا الواحد من غير السفسطائيين
العابثين وهو فيلسوف الحكمة اليونانية (( سقراط )) بتهمة افساد شباب اثينا !!.
كانت
السفسطة (( باعتبار جعلها فكر الانسان الفرد معيارا قانونيا واخلاقيا ووطنيا
وسياسيا و ... لما هو حق او باطل )) بالفعل كماعبر عنها احد رجال دولة ( اثينا ) انذاك
بانها (( السبب الاصيل لتفتيت وحدة المجتمع واحترامه للقانون )) !.
ولهذا
ما ان استفحل امر السفسطة وآذن بخراب الاجتماع الاثيني اليوناني انذاك حتى انبرى لها حكماء من تلامذة سقراط نفسه
( افلاطون ثم ارسطو) ليبينوا لهذه الامة فكريا وثقافيا وعقليا و .. زيف وشعبذة وخداع كل ما طرحته هذه السفسطة العبثية باسم
الفلسفة والحكمة وليعيدوا من ثم للمعرفة والقانون والعقل والحكمة والفلسفة
والمجتمع و... كل اعتباراتها الفكرية من خلال ابتكار(منطق فكري/ المنطق الارسطي) ليحصن
من طريقة تفكير ذهن الامة الاثينية وفكرها اولا ، ويرشدها الى سبل التكاتف المجتمعي ووحدة الهدف له والتفكير
القويم الموصل الى الحقائق الثابتة والسليمة التي تكشف زيف وتلاعب وفوضوية و... السوفسطائيين
واستغلالهم لجهل الناس وسذاجتهم لقيادتهم الى العبثية المدمرة ثانيا !!.
وبهذا
نشأت حالة من الصراعات والحروب الفكرية والتناقضات والتناشزات العقدية بين (المدرسة
السوفسطائية التجارية) التي لاهدف لها سوى جني الارباح ( كما وصفها سقراط ومدرسته
المنطقية /2 ) والتلاعب باذهان الناس
وقيادهم الى التناحر والتفكك الاجتماعي ، وبين الفلسفة ومنطقها الارسطي الذي وضع
اسس العلم والحكمة الثابتة وابان طرق الحقيقة وكيفية الوصول اليها من خلال
البراهين والادلة العقلية القاطعة والمستقرة !!.
ولم
تدم فترة الصراع طويلا حتى كان الانتصار ساحقا للفلسفة ومنطقها الارسطي في باقي العهود اليونانية الذي ازدهر فيها العلم
والاستقرار والحكمة والفن والتفوق ..... بفضل استقرار الفكر وما اسست له الفلسفة
من نظام معرفي رصين انعكس على استقرار الامة اليونانية لكن مع بقاء روح السفسطة ، والشك تنازع
البقاء ، حتى عصورنا الحديثة حيث لم يزل
هناك بروز لنتؤات ( سوفسطائية ) فكرية هنا ،
وهناك سميت مرة بالنسبية واخرى بالشكية وثالثة بالمثالية ....... والى
المادية الماركسية المعاصرة وهي تعتمدعلى ما اسسته المدرسة السوفسطائية في
بعض منطلقاتها الفكربة التي تنال في احيان كثيرة من كفاءة العقل الانساني في
اصابة الواقع وتنال من كفاءته في الوصول الى حقائق هذا الواقع المتغير حسب
توجهاتها ونظرياتها المعرفية في هذا الاطار !.
ب
: السلطة ورجال دينها .
ان
من الاشكاليات التي جابهت الفلسفة ومنطقها
الارسطي في مشروعها الانساني العقلي الطويل نسبيا بعد السفسطة ، وقادتها الفكريين هي ايضا ( السلطة القائمة ) من جهة وكذالك ( وعاظها
الرسميين من رجال دين لاهوتيين ) كانوا اصحاب خدمة سياسية ، وريبة فطرية من كل
ماهو عقلي ومفكر خارج نطاقات وسياقات الطاعة العمياء لاوامرهم المغلفة برداء الدين
واللاهوت والاخلاق من جانب اخر !.
والحق
ان الفلسفة ومنذ تاسيس قواعدها الاولية
للفكر الانساني شكلت احد اهم عوامل القلق السياسية والدينية معا وذالك لا لسبب كون الفلسفة
ومشروعها بالضرورة قد تكون فوضوية وضد استقرارالدولة والمجتمع على طول الخط التاريخي
او تكون تحمل اساليب تفكير لاتنسجم مع الدين او تهدد مبادئه اللاهوتية الاخلاقية السامية او... الخ ، بل لكون الفلسفة ومشروعها تمثل بطبيعتها
الفكرية المتحررة ، وبتركيبتها البنيوية
المختلفة وبدعوتها العقلية المتوازنه و .... الضد النوعي للاستبداد والتخلف والانحراف
والاستغلال مهما كان عنوانه او اختلف موقعه سياسيا او دينيا او اقتصاديا او
اجتماعيا او تربويا او .... غير ذالك ومن هنا كان الصراع جذريا تاريخيا بين
الفلسفة من جهة والدولة المستبدة ووعاظ دينها المزيفين من جانب اخر !!.
ولهذا لم يكن (سقراط ) هو اول اوآخر فيلسوف تناهضه (
الدولة ورجال الدين الرسميين معها) ليحكمواعليه وعلى الفلسفة ومشروعها بالاعدام المشين، بل وهكذا في كل تاريخ مشروع
الفلسفة العقلية ، وما تحدثه من قفزات فكرية نوعية في كل دولة او دين وماتدعوا له
من اهداف وغايات مختلفة ومتناقضة تماما مع دعوة الاستبداد السياسي والانحراف
الديني المتحالف معه !.
نعم
ربما بسبب ان مشروع الفلسفة العقلية ومنذ بدايته من ((سقراط وافلاطون وارسطو... حتى
الكندي والفارابي وابن سينا ومسكويه وابن طفيل وابن رشد ... الى روجر بيكون
وفرنسيس بيكون وسبينوزا ...، وحتى الطباطبائي ومطهري ومحمد باقر الصدر/ في العصر
الحديث )) كان مشروعا يحمل هموم التنظير والتفكير للدولة ، واللاهوت والقانون
والحاكم والعدالة وحرية الفكر و ....
ولهذا كان مشروعا مزعجا دائما للسلطة المستبدة من ورجال الدين كنسيين كانوا او غير كنسيين من شيوخ سلطة ووعاظ سلاطين !!.
فالاستبداد
السياسي نادرا ما يقبل او هو مطلقا لايقبل بفكر فلسفي يطرح مشروع الدولة ، وينّظر
في عدلها وديمقراطيتها واستبدادها وحاكمها وقانونها بشكله العقلي الحامل للحرية
والعدالة ، وكذا السائرون في ركاب هذا الحكم المستبد الذين عادة ما يوظفون للمشاريع السياسية لكن باسم الدين ليناهضوا اي
فكر فيه رائحة تفلسف عقلي غير قابل بطبيعته
لأستعباد الفكر وتدجينه بكل ماهو خاضع ومستكين وخرافي ويتعارض مع المنطق الفلسفي
السليم !.
في
التاريخ العربي الاسلامي ( مثلا ) يطالعنا التحالف المدنس لسلطة ( المتوكل
العباسي/ 232 هجرية/ كنموذج ) ومساندة رجال دينه الكهنوتيين من اصحاب الحديث
السلفيين في حربهم لاستئصال وابادة الفكر
المعتزلي المتفلسف عربيا اسلاميا في بواكير التاسيس لمشروع الفلسفة العربية
الاسلامية !!.
وكذا
ما ( الغزالي/ في مؤلفه تهافت الفلاسفة ) بعد ذالك وارهابه للفلسفة ، وتحالفه مع
السلطة القائمة الا دليل من ضمن ادلة كثيرة تؤكد هذا التحالف المدنس بين السلطة
ووعاظها من جهة والفسفة ومشروعها ومنظريها ومفكريها من جانب اخر !!.
وهكذا
اذا ما اردنا التحدث عن فلسفة العرفان
العقلية وقتل (السهروردي) وفتوى ((ابن الصلاح / 643/ هجرية )) التي حكمت :(( بان
الفلسفة شر مطلق )) وفتوى (( ابن تيمية / 728 هجرية )) ، التي حرمت قراءة الفلسفة
ورمي الشيخ الرئيس بالتحديد ( ابن سينا )
بالالحاد وما محنة فيلسوف قرطبة ( ابن رشد/ 520 ه / 595 هجرية) الا دلائل واشارات
فيها ما يغنينا عن سرد الكثير من الامثلة لمحنة الفلسفة على يد الاستبداد السياسي
ورجاله الدينيين المتحالفين معه !.
اما
في التاريخ الاوربي الوسيط حتى عصر النهضة والعصر الحديث ، فلسنا بحاجة ايضا الى ذكر الادلة
على هذه الهجمة السياسية والدينية الكنسية المستبدة ضد الفلسفة ومشروعها الاصلاحي
الفكري والعلمي فهي ظاهرة اشهر من ان يساق لها ادلة ولم تزل حتى اليوم عظام فلاسفة الحكمة الاوربية المنبوشة
من قبورها لتحرق امام اعين الناس باسم الزندقة هناك شاهدةٌ اثبات على عداء
الاستبداد السياسي والتسلط الرجعي لرجال الدين مع الفلسفة .
ج
: الجاهلون بمشروع الفلسفة .
وفي
العصور الحديثة المتأخرة ، لاسيما من القرن الثامن عشر الميلادي وحتى اليوم برزت
مدارس فكرية ، وعلمية كثيرة تنال من وجود الفلسفة ومشروعها الفكري ( ومنطقها
الارسطي بالتحديد ) لكن كانت ولم تزل اشرس هذه الافكار والمدارس هجوما على الفلسفة
، ومنطقها الارسطي ومن ثم الاسلامي هي تلك
المدارس التي لم تدرك او تستوعب بشكل تام
هذه الفلسفة ومشروعها العقلي والعلمي والانساني العام بل اعتمدت في كل هجومها
النقدي للفلسفة على افكار قشرية ، وتصورات قاصرة معرفيا وعاجزة فكريا عن فهم
وادراك مصطلحات ومعنى الفلسفة ومشروعها الفكري الانساني العميق والكبير !.
وطبعا
من ابرز ممثلي هذه المدرسة المناهضة للفلسفة ومنطقها الارسطي الاسلامي في عصرنا
الحديث (محليّا عراقيا ) كان هو المرحوم علي الوردي رحمه الله حيث شنّ حملة هجومية
كبيرة وعنيفة ايضاعلى الفلسفة الارسطية اليونانية والاسلامية من خلال معظم مؤلفاته
وكتبه التي تناول فيها الكثيرمن المواضيع الثقافية التي تلامس ( من بعيد ) جوهر
مواضيع الفلسفة ومشروعها الفكري والعلمي العميق
!.
وربما
ان قلنا او قررنا: ان ما من مؤلف او كتاب من كتب علي الوردي الا وكان فيه نصيبا وافرا من نقد الفلسفة
الارسطية ومنطقها اليوناني ومن ثم العربي الاسلامي فاننا سوف لن نكن بهذا من المبالغين او من الذين
يتقولون على الرجل بغير ما سطره قلمه في هذا الاطار !!.
ففي
كتابه / مثلا / مهزلة العقل البشري/ وفي
عدة فصول منه ومن اهمها الفصل التاسع( ماهي السفسطة ) تناو ل المرحوم علي الوردي
وبلغة جارحة وغير علمية واعية في معظم الاحيان الفلسفة ومنطقها بشكل نقدي عنيف ، وربما يهبط في بعض الاحيان اذا لم يكن في كثيره
الى انواع من الهزء والسخرية التي لاتنم عن بحث علمي او فكري متوازن !!.
وكذا
في كتابه : منطق ابن خلدون ( الفصل الاول خصائص المنطق القديم ) وكتابه اسطورة الادب
الرفيع ( في فصل :النحو والمنطق الارسطي ) و ..الخ ففي كل هذا المنتج الثقافي لم
يدع ( الوردي ) فرصة الا وقرص بلاذع القول الفلسفة ومنطقها .
والحقيقة
ان مواقف واراء وتصورات الدكتور (علي
الوردي) نحو الفلسفة ومشروعها العقلي ومنطقها الارسطي الاسلامي من الغرابة بحيث
اننا عندما نقرأ نقودات الوردي الفكرية ضد الفلسفة ، وهجومه العنيف على منطقها وبهذا الشكل و...الخ تبدأ تحيط بنا التساؤلات من كل جانب وتحاصرنا
الاستفهامات من جميع الجهات بالاتي :
اولا:
كيف يطرح الدكتو علي الوردي مثل هكذا طرح نقدي
عنيف ضد الفلسفة ومنطقها الارسطي الاسلامي
وهو طرح ( مع الاسف ) ابسط ما يقال
فيه حتى اليوم انه طرح لايمت للفلسفة وفكرها وواقعها ومناهجها المنطقية باي صلة
علمية او مهنية واعية تدرك اولا مقدمات الفلسفة قبل نقدها والخوض في بحارها
ومصطلخاتها العميقة ؟!!.
ثانيا
: لماذا تناول المرحوم علي الوردي الفلسفة ، ومنطقها ومدرستها بالذات بهكذا نقودات
لا ترقى لتكون ندا لما طرحته الفلسفة في
عصره هو شخصيا ثم ماهي الدوافع العلمية ، والفكرية الاكاديمية او الاجتماعية التي حتمت على علي الوردي ان يناصب العداء
للفلسفة والهجوم على منطقها الارسطي الاسلامي من كل حدب وصوب وحتى ان كانت
موضوعاته : ( في الشعر او الادب او النحو العربي ... ) التي لاتمت بصله مباشرة للفلسفة
ومشروعها الفكري المختلف ( الا من حيث تقعيد قوانين البحث اللغوي النحوي ، التي اسست لها الفلسفة للحضارة العربية
والاسلامية ) لكن ومع ذالك وجدنا الوردي
يرجع اسباب تخلف حتى النحو العربي (( الذي يعاني من الافتقار في فهمه والالتزام
بقوانينه في الكتابة كما ذكره هو شخصيا ))
الى المنطق الارسطي بالذات كما حصل في كتابه ( اسطورة الادب الرفيع / مثلا ) في المقالة
العشرون عندما ذكر : (( ومن الجدير بالذكر هنا ان القوانين المنطقية القديمة قد
ظهر بطلانها .... ولكن اصحابنا / يقصد
النحويون / لايزالون مصرين على التمسك بها ... وهذا دليل على اننا نسير متخلفين
...) 3؟
رابعا
: كيف نفهم انحياز الوردي الى المدرسة السوفسطائية اليونانية القديمة والحديثة
ولينصرها على الفلسفة ومنطقها الارسطي العلمي الرصين بل وليطرح مشروع السفسطة
اليونانية على اساس انه مشروع العلم والتقدم والرقي لاي مجتمع اما مشروع الفلسفة
ومنطقها فهو مشروع الخزعبلات والتخلف ؟!.
خامسا
: مامعنى ان يسبغ المرحوم الوردي الصفة الطبقيةعلى المدرسة السفسطائية في احد كتبه
المدونه ويعتبرانها (السوفسطائية) مشروع الطبقات الفقيرة الذي جاء بالضد من مشروع
الفلسفة الذي هو مشروع الطبقة الراسمالية المستغلة ؟؟.
وهل
حقا وفعلا ، وواقعا كان مشروع الفلسفة الارسطية الاسلامية منتجا راسماليا وتابعا
لمصالح الطبقة المستغلة في المجتمع اليوناني العاجي القديم ، بعكس السفسطة التي
كانت منطق الفقراء والكادحين في الماضي ومنطق العلم في العصر الحديث كما يطرحه
المرحوم الوردي ؟
بمعنى
اخر ماهي الدوافع الفكرية او السياسية ، التي دفعت بالوردي ان يصادر موضوع الفلسفة
علميا ، ليناقشه طبقيا ومن ثم ليطرح
الفلسفة ايدلوجيا كنوع من الهجوم ، وتشويه صورة الفلسفة ، ومشروعها العقلي ،
وليطرح في الجانب الاخر المدرسة السوفسطائية على نفس الاساس لتلميع صورة السفسطة في مقابل تشويه صورة الفلسفة
ايدلوجيا ؟.
دعونا
نبدأ من المحور الرابع في الاجابة على مثل هكذا اسألة ، لنستبين موقف المرحوم
الوردي من الفلسفة ، ومشروعها ولنأخذ على سبيل المثال لا الحصر موقف الوردي من
السفسطة ، ولنتساءل : ما هو موقف علي الوردي من المدرسة السفسطائية اليونانية اولا
؟.
****************************************
اولا
: الوردي سفسطائيا .
في
كتابه ((مهزلة العقل البشري )) يعلن علي الوردي صراحة في الفصل التاسع تحت عنوان
(ماهي السفسطة) بانه : (( فخور من كونه سفسطائيا وعنده ان هذه السفسطة خير من هذه
الخزعبلات المنطقية ، التي يتمشدق بها اصحاب المنطق القديم / 4 ))
وطبعا
يقصد المرحوم الوردي بالخزعبلات واصحاب المنطق القديم قادته من مناطقة وفلاسفة
يونانيين واسلاميين تاريخيا وحتى وقتنا المعاصر !!.
والحقيقة
ان اول سؤال يفرض علينا نفسه ونحن نقرأ ل(مؤسس علم الاجتماع العراقي الحديث ) مثل
هذا الاعلان الغريب هو : كيف لعالم من علماء الاجتماع ان يطرح نفسه كسفسطائيا
يفتخر بكونه من هذا الفصيل ومنتميا بعنف لمبادئ هذه المدرسة الفكرية المدمرة لكل
ماهو اجتماعي اصلا ؟
بمعنى
آخر ان من اهم مبادئ الفلسفة السفسطائية ( كما يفهمها اي سوفسطائي يوناني انذاك
مثلا ) هي كونها قائمة اولا على المثالية اللاواقعية اي هي فكرة لا تعترف بوجود
شيئ خارج وجود الانسان ،وهذا يعني ان لاوجود ، لا لخارج مادي ولا لواقع اجتماعي
يمكن ان يدرسه دارس ،او ان يقيم على اساسه
علم وقوانين وبحث ......الخ فكيف انتمى واعلن وافتخر الوردي لهذه المدرسة التي
لاتعترف باي عنوان اجتماعي ؟ حقا لاندرك !.
وثانيا
هو ان من مبادئ او بصيغة ادق مناهج السفسطة الفكرية هو عدم الاعتراف باي معايير
ولا موازين ولا ظواهر ولا اخلاقيات .... اجتماعية واقعية وما موجود هو معايير وموازين ذهنية انسانية
فردية لاعلاقة لها باي اخر انساني او اجتماعي او قانوني ثابت ومن هذا كانت الحقيقة عند السوفسطائيين القدماء والجدد
هي حقيقة فردية (هذا ان وجدت حقيقة ) ليس لها اي علاقة بواقع اجتماع انساني يذكرفعلى اي اساس بعد ذالك يحاول
الوردي وهوالسفسطائي العتيد اقامة علم للاجتماع ، او ايهامنا بانه بصدد محاولة
اقامة علم اجتماع عراقي من اهم دراساته
وابحاثه مظاهر وظواهرالمجتمع ، وان يكون للمجتمع (( وجود اولا ، ووحدة فكروقانون
حركة ثانيا ، ووحدة ظواهر اجتماعية اقتصادية او عرفية او سياسية ثالثا و ... ))
وليس فردية خيالية ؟
يبدو
ان عالمنا لعلم الاجتماع الحديث علي الوردي ربمالم يكن يدرك مبادئ السفسطائية
الاولية او غاب عن باله انعكاسات فكرهذه المبادئ السوفسطائية على علم الاجتماع الحديث ، او انه
لم يدرك استحالة الحديث عن مجتمع وظواهر اجتماعية وقوانين اجتماعية ...... تحت
اطار الايمان والانتماء للفكر او للمنهجية الفكرية (( العدمية )) للمدرسة السفسطائية القديمة والحديثة ،ولهذا هو
يفتخر ان يكون سفسطائيا !!.
ولكن
ومع ذالك لابد ان نفهم او ندرك على الاقل
:
اولا
: ماهي رؤية الدكتور علي الوردي نفسه للسوفسطائية حتى نلتمس له العذر بهذا
الافتحار السوفسطائي .
وثانيا
: على غرار ذالك يمكننا الحكم على فهم
الدكتور الوردي لهذه السفسطائية ، وهل هو فهم ،
ووعي وادراك ماهو موجود
للسفسطائية نفسها ؟. ام ان للوردي فهمه الخاص الذي لم يشاطره فيه احد من
فلاسفة وعلماء اجتماع الشرق والغرب ؟.
******************************************************
ثانيا
: ماهية السوفسطائية الوردية .
من
قراءة فصل (( ماهي السفسطة / من كتاب مهزلة العقل البشري )) للمرحوم علي الوردي يتضح
لنا ان علي الوردي في بداية الفصل اشار الى مبدأين من مبادئ السفسطة كان يعتقد انهما
من ارقى المبادئ الاجتماعية والعلمية للمدرسة السفسطائية وهما :
الاول:
هورؤية السفسطائيون للعدل الاجتماعي الذي اطاح بالرؤية الافلاطونية النظرية لهذا العدل
حيث يقارن علي الوردي بين الرؤيتين قائلا:(( كان افلاطون يرى بان العدل عبارة عن فكرة
مجردة يمكن الوصول اليها عن طريق التفكير السليم ، اما السوفسطائيون فكانوا ، على العكس
من ذالك يرون العدل من صنع التاريخ ونتيجة من نتائج التفاعل الاجتماعي )) 5.
ثانيا
: وهو مبدأ ((ان الانسان مقياس كل شيئ )) ثم يعقب علي الوردي على هذا المبدأ بالقول
: (( وذهب السوفسطائيون الى ان الحقيقة هي : تناقض ونزاع فكل انسان يرى الحقيقة حسبما تقتضيه مصالحه وشهواته
، وبتنازع هذه الحقائق الفردية تنبعث ( الحقيقة الوسطى ) التي تنفع النوع الانساني
بوجه عام )) 6 .
والحقيقة
انا لااعلم من اين جاء الدكتورالوردي بمبدأ العدالة الاجتماعية للمدرسة السفسطائية وجعلها من مبادئ هذه المدرسة
الرئيسية ولعل ما نقله الدكتور عن ( فرنغتون ) من رؤية تحليلية للمدرسة السوفسطائية
اليونانية في كتابه (العلوم اليونانية ) ومن ثم ادخال عنصر العدالة
الاجتماعية كدافع تحليلي لظاهرة السفسطة
من قبل (فارنغتون ) كمبدأ من مبادئ السفسطة عند الوردي و.... اقول : لعل هذا هو
الذي دفع بالدكتور الوردي ، ورسخ في اعتقاده :(( ان العدالة الاجتماعية هي مبدأ من
مبادئ ومنطلقات مدرسة السفسطة اليونانية الفكرية والفلسفية انذاك )) !!.
ولهذا
هو اورد مبدأين فحسب للمدرسة السوفسطائية اليونانية ، وجعل اول هذين المبدأين هو
مبدأ العدالة الاجتماعية !.
لكن ان نرجع الى المبادئ الرئيسية التاريخية لاي
مدرسة فكرية او فلسفية او علمية حسب ما وضعته هذه المدرسة لنفسها شئ ،وان نحلل نحن
هذه المبادئ كظواهر اجتماعية وتاريخية ونخرج بنتائجنا الشخصية والتحليلية ونضعها
وننسبها لتلك المدرسة كمبادئ تاسيسية شئ
اخر مختلف تماما !!.
بمعنى
اخر : انه من الخطأ المنهجي والاكاديمي والفكري العميق عندما نحاول بحث ودراسة
مبدئ مدرسة فكرية ما ، فلسفية كانت او علمية ، او دينية او .... لاسيما ان كانت
المدرسة تاريخية ، وصاحبت جذور زمنية
متطاولة كالمدرسة السوفسطائية ، فمن ( العوار العلمي ) ان لانرجع بدراستنا وبحثنا
الى التاسيس الرئيس لهذه المدارس وناخذ بمبادئها التي وضعت لها من قبل قادتها
الفكريين بالفعل ونعتمد بالعكس في هذا المجال على ما حلله المحللون ونظّر له
الباحثون في اسباب نشاة هذه المبادئ وناخذ برؤاهم التحليلية لنصنع منها مبادئ
ننسبها لهذه المدرسة الفلسفية او تلك من غير ان تكون هذه التحليلات هي فعلا مبادئ
او اسس لتلك المدرسة !!.
نعم
(فرنغتون) ربما كان بصدد تحليل السفسطائية
كظاهرة اجتماعية تاريخية يونانية ينبغي البحث عن دوافعها واسبابها الاجتماعية وربما كانت العدالة الاجتماعية احد
اهم اسباب وعوامل نمو الفكر السوفسطائي اليوناني القديم ،لكن هذا لايعني ان تصبح
العدالة الاجتماعية من اهم مبادئ السوفسطائية الفلسفية الفكرية ونجعل هذا الطلب
للعدالة الاجتماعية او هذا السبب التحليلي هو المبدأ الرئيس للمدرسة السوفسطائية
القديمة والحديثة فيما بعد !!.
لان
امثال هذه المناهج في قراءة الفكر اي فكر لاسيما الفلسفي التاريخي والمعاصر سيربك كل اسس الدراسات التاريخية ، والفكرية
والعلمية والعقدية و .... ويقلبها راسا على عقب بل ويزيف حقائقها التي كانت موجودة
عليها فعلا ويفتح الباب على مصراعيه لعبث فكري له اول وليس له اخر !!.
فهذا
مثلا صاحب كتاب (( تاريخ الفلسفة اليونانية )) ((وولتر ستيس)) يرجع اسباب ظهور
الفكر السوفسطائي اليوناني الى ما كانت تعانيه الحياة اليونانية من تفكك سياسي
وانقسام مجتمعي ويرى (( ان الطمع والطموح والاغتصاب والانانية والذاتية المطلقة
والهوى والجموح هي النغمات السائدة في الحياة السياسية في تلك الفترة )) التي ولدت واشتدت وترسخت مبادئ الفكر
السوفسطائي بين جنباتها !!. 7 .
وهكذا
ما طرحه (( يوسف كرم )) في ((تاريخ الفلسفة اليونانية)) عندما ارجع ولادة ظاهرة
السوفسطائية الى (( ارادة المتاجرة بالعلم والانحطاط القيمي الذي صاحب ثلة من السوفسطائيين
العبثيين وانحطاطهم الاخلاقي و ...الخ )) 8 .
فهل
يسوغ لنا هذا التحليل ل(ستيس) وهو يحلل ويبحث في الظروف الاجتماعية ، التي تمخضت
عنها الافكار السوفسطائية (( ان نجعل من الفوضوية والعبثية /مثلا / مبدأ من مبادئ
السوفسطائية الاولى )) ؟؟.
وهل
يسوغ لنا التحليل الذي طرحه (كرم ) في قراءته للظروف المجتمعية ، والتاريخية التي
واكبت ظهور الفكر السوفسطائي ان نجعل من (
الانحطاط الخلقي وارادة العبثية وقلب الحقائق والتلاعب بالالفاظ و ....)) كاحد اهم
مبادئ السوفسطائية اليونانية القديمة مثلا ؟.
هذا
مع الاسف ما قام ويقوم به دائما في مؤلفاته ((الدكتور الوردي )) عندما يريد مناقشة
وبحث اي موضوع من مواضيع الفكر الانسانية وبالخصوص عندما يحاول بحث ونقد ودراسة
المدرسة الفلسفية في كتبه ومؤلفاته او عندما يحاول ان يطرح مبادئ هذه المدرسة او
تلك من مدارس الفكر الانساني !!.
ولهذا
والتزاما بالمنهج العلمي والامانه الاكاديمية التي تفرض الالتزام بقواعد البحث
التاريخية ،وكذا ما تفرضه ايضا النباهة في صناعة البحوث وتمييز ماهو اصل مما هو
ملحق وفرع في البحث والدراسة نرى الكثير من المختصين بالبحث الفلسفي ، والتاريخي عندما
يشرعون في ( ترتيب مبادئ ) المدرسة السوفسطائية اليونانية فانهم ابدا لايذكرون ( العدالة
الاجتماعية ) كمبدأ من مبادئ المدرسة بل ولا يسمحون لانفسهم بتجاوز ماذكره التاريخ
فحسب من هذه المبادئ باعتبار امانة النقل البحثي من جهة وباعتبار ان البحث
والدراسة سوف تحرف عن مسارها وتزيف نتائجها الواقعية والحقيقية اذا لم ننتبه لهذا
المنهج !.
عند
ديوانت كاتب قصة وتاريخ الحضارة وهو كذالك
فيلسوف مختص بشؤون الفلسفة وتاريخها القديم والحديث ، يذكر لنا ماذكرناه سابقا من مبادئ
للمدرسة السوفسطائية وعلى لسان تلميذ (( بروتاغوراس / 451 ق م / 415 قام بزيارة لاثينا
)) اشهر سوفسطائي يوناني على الاطلاق وهو (( غورغياس الليونتيني / ولد 483 ق م )) حيث
يعدد مبادئ المدرسة السوفسطائية بالاتي :
اولا
: لا وجود لشيئ ما .
ثانيا
: ولو ان شيئا وجد لكانت معرفته مستحيلة .
ثالثا
: ولو ان شيئا كانت معرفته ممكنة فلما امكن نقل هذه المعرفة لانسان اخر / 9
وهكذا
ما ذكره صاحب كتاب ((فلسفتنا : محمد باقر الصدر )) حول (غورغياس) في كتابه ( اللاوجود
) حيث عدد ايضا المبادئ السوفسطائية الثلاثة المذكورة انفا لاغير / 10 .
اذاً
لماذا وما هو الدافع او السبب الذي اضطر علي الوردي لوضع ( العدالة الاجتماعية ) كمبدأ
للسفسطة ومن ثم لينسبه للمدرسة السفسطائية
البعيدة عن اي بحوث لها علاقة بالمجتمع وعدالته او بحركته او بمفاهيمه القيمية ؟ .
ربما
كان الجواب هو بسبب ماعرف عن الدكتور علي الوردي في شغفه للمخالفة وحبه لفن قلب الحقائق ( باعتباره سوفسطائيا مفتخرا بسوفسطائيته ) والا
بغير ذالك فسيبقى امامنا فهم واحد لاغير لنتناول فيه الوردي ليس من السهل قبوله
للاخلاقية العلمية للدكتور علي الوردي !!.
نعم
صحيح اذا اراد ان يطرح الدكتور علي الوردي (ماهية السفسطة ومبادئها ) كما هي في حقيقتها
وواقعها التاريخي لاصبح من الصعب على الوردي الدفاع عن مبادئ السوفسطائية العبثية
فضلا عن افتخاره بان يكون سوفسطائيا وربما
هذا هو اصل الاشكالية ، لكن مالذي يضطر مفكرا او عالما او مثقفا عراقيا ان ينتمي
لمدرسة لايكون الدفاع عنها ممكنا او مستساغا
الا بفن قلب الحقائق والتلاعب بالفاظها ومبادئها وعناوينها !!.
ومن
ثم ما الذي يدفع مفكرا عراقيا او عربيا او مسلما او عالميا او .....الخ ان يناصب
العداء للفلسفة ومنطقها التي بنت الاوطان والحضارات تاريخيا وحتى اليوم ، ويعرج
منتميا لفكرة ومدرسة سوفسطائية اجتمعت كلمة عقلاء علماء التاريخ على انها (بذرة )
لتهديم ، وتقويض دعائم فكر اي مجتمع دخلت فيه او روج لافكارها داخله ؟!!!.
علي
الوردي ذكر من ضمن مبادئ المدرسة السوفسطائية انها مدرسة تؤمن بمبدأ( ان الانسان مقياس
كل شيئ ) وهذا فعلا من مبادئ المدرسة السوفسطائية
ونشكر الدكتور الوردي على ذكر نصف الحقيقة من مبادء المدرسة السوفسطائية ولكن بدلا
من ان يدرك الدكتورعلي الوردي من هذا المبدأ انه كارثة على كل مجتمع يؤمن به كما فهمه
مثلا (( ول ديورانت )) في قصة الحضارة عندما ذكر :
((
لم يكن قولهم ان المعرفة شيئ نسبي سببا في حمل الناس على التواضع كما يجب ان يكون بل
انه أغرى كل انسان بان يتخذ من نفسه معيارا يقدر به جميع الاشياء فاصبح كل شاب نابه
يحس بانه خليق بان يحكم على القانون الاخلاقي ... وان يرفضه اذا لم يفهمه او يعجبه
... كان هذا الميل وتلك التفرقة عاملا في تقويض الدعائم القديمة للاخلاق اليونانية
)) 11 .
بدلا
من ان يدرك ( الوردي) هذه الحقيقة الاجتماعية الواضحة كما فهمها ، وادركها معظم من كتبوا بتاريخ السفسطة وافكارها
بسلبية على استقرار وتماسك ووحدة المجتمع واحترام
القانون من امثال هذه المبادئ الهدامة لاسيما مبدأ (( ان الانسان الفرد مقياس كل شيئ )) !!.
بدلا
من ذالك ذهب (الوردي) للاشادة بهذا المبدأ ، بل وجعله سبب في انبعاث : (( الحقيقة الوسطى
التي تنفع النوع الانساني بوجه عام )) !!.
ماهي
هذه الحقيقة الوسطى ؟.
وهل
يفهم القارئ الكريم مايقصده المرحوم علي الوردي بمصطلح (الحقيقة الوسطى التي تنفع النوع
الانساني بشكل عام) ؟
وهل
هناك مصطلح علمي او اجتماعي توافق عليه اهل علم الاجتماع او الفلسفة تحت مسمى (( الحقيقة الوسطى )) ؟.
ثم
كيف وباي منطق عقلي او اجتماعي عندما تتناقض مقاييسي ومعاييري الاخلاقية والفكرية الشخصية مع الاخرين
بحيث يصبح كل فرد منا يعيش في داخل هذا المجتمع يملك مقياسه ومعياره الشخصي ولايملك لاهدفا مشتركا
مع باقي الافراد ولا رؤية موحدة ولا مصالح منسجمة ولا غاية سامية ولا تعاونا متكاملا
..... وبعد ذالك كله سنصل جميعا الى الحقيقة الوسطى الاجتماعية المفيدة للنوع الانساني بشكل عام حسب مصطلح الدكتور علي الوردي
؟؟؟؟
_____________________________________________
1: قصة الحضارة / ول ديورانت / ج 7 / الفصل الرابع السوفسطائيون /
ص 211/ ترجمة محمد بدران / بيروت.
2: قصة الحضارة / ج7 ، ص 219 / مصدر سابق .
3:
راجع اسطورة الادب الرفيع / علي الوردي / المقالة العشرون / ص 190 / ط الثانية /
دار كوفان / بيروت .
4
: مهزلة العقل البشري / الدكتور علي الوردي / الفصل التاسع / ص 153 / دار كوفان
/ لبنان بيروت / ط الثانية 1994 .
5 : مهزلة العقل / علي
الوردي / مصدر سابق / ص 155
6 : مهزلة العقل / علي الوردي / مصدر سابق /
ص 155 .
7 : وولتر ستيس /
تاريخ الفلسفة اليونانية / ترجمة مجاهد عبد المنعم / دار الثقافة للنشر والتوزيع /
القاهرة / 1984م .
8 : يوسف كرم / تاريخ الفلسفة اليونانية / ط
لجنة التاليف والنشر 1936 م / 1355 هج / ص 58 : 60/ .
9 : ول ديورانت / نفس المصدر / ج7/ص 215 .
10 : فلسفتنا / محمد باقر الصدر / ص 97/ دار
التعارف / ط الرابعة عشر .
11 : ول ديورانت / قصة
الحضارة / ج7/ ص 218 / مصدر سابق .
*****************************
alshakerr@yahoo,com
مدونتي
( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق