مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
الأحد، نوفمبر 27، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر ... صراع الطبقات )) 17 حميد الشاكر
في رؤيته الاجتماعية يستخلص الامام السيد الفيلسوف محمد باقرالصدر في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا: ان الاطروحة الماركسية اطروحة تنظرللمجتمع على اساس تركيبة طبقية اقتصادية فقط تقسم المجتمع من خلالها الى شطرين اساسيين :
الاول : شطر العمال والكادحين واصحاب المهن الانتاجية .
الثاني : وهو شطرالتجار والراسماليين الذين يمتلكون القدرة الاقتصادية لاستئجار الاجراء والعمال لخلق وادامة انتاج ، وارباح اقتصادية من فائض قيمة السلع التي يصنعها وينتجها العمال بعرقهم لاغير .
ومن منطلق ان الماركسية الاشتراكية المادية الديالكتيكية الشيوعية ترى في هاتين الطبقتين انهما طبقتين متناقضتي المصالح ، وهناك في داخل معادلة القطبين هاذين عملية سطوونهب وسرقة من قبل طبقة الراسمال لعرق وكدح وارباح عمل وانتاج طبقة العمال ففي المقابل ستضطر طبقة العمال للنضال والمطالبة بحقوقها المنهوبة ، مما سيخلق حتما حالة من الصراع بين هاتين الطبقتين باعتبار تناقض المصالح وتضارب التوجهات والافكار والتطلعات !!.
اما ماهية الاسباب الجوهرية التي خلقت هذا الصراع بين طبقتي المجتمع ؟.
اومن هوالشيطان الذي يكمن بين مفاصل المجتمع الواحد لضرب علاقة اي مجتمع يحاول ان يكون منسجما ومتكاملا وبناءا على اساس المحبة والاستقرار وبعيدا عن الصراع والانقسام والحرب والكراهية ؟.
فهو وبكلمة واحدة في نظر الماركسية الشيوعية الاشتراكية (الملكية الخاصة) !!.
تلك الملكية التي لولاها لماخلقت طبقات متفاوتة بين تجارواجراء ، ولما كان هناك تناقض وتضارب في مصالح المجتمع الواحد ، ولما كان هناك سارق ، ومسروق ولا ظالم ومظلوم !!.
وعلى هذا الاساس نادت الشيوعيةالمادية بالاطاحة وبالغاءالملكية الخاصة للتخلص من اسّ البلاء الانساني ، الذي دفع بالانسان قابيل الراسمالي المتخم ، الذي يحاول العيش على كدّ وعرق الاخرين ان يسرق ويظلم ويقتل اخيه الانسان العامل الكادح الطيب هابيل ويسرق فائض قيم سلعه المنتجة !!.
وبهذه الخطوة التي رسمتهاالماركسية للمشكلة الاجتماعية وبتشخيصها للملكية على اساس انها الداء الحقيقي لكل تناقضات المجتمع ومن منطلق ان رفع والغاء الملكية هو الضمان الحقيقي للمساواة بين الناس ، شرح الامام الصدر في تمهيده الفلسفي هذه الخطوات الماركسية الشيوعية في اولانظرتها للمجتمع وتركيبته وثانيا لمشكلته الازلية الاقتصادية وثالثا وضع الحلول لهذه الاشكالية بالقول :
(( فالميدان الاجتماعي في هذه الفلسفة ميدان صراع بين المتناقضات ، وكل وضع اجتماعي يسود ذالك الميدان فهو ظاهرة مادية خالصة منسجمة مع سائر الظواهر والاحوال المادية ، ومتأثر بها غير انه في نفس الوقت يحمل نقيضه في صميمه وينشب حينئذ الصراع بين النقائض في محتواه ، حتى تتجمع المتناقضات وتحدث تبدلا في ذالك الوضع وإنشاءا لوضع جديد ...وهكذا يبقى العراك قائما حتى تكون الانسانية كلها طبقة واحدة ،وتتمثل مصالح كل فرد في مصالح تلك الطبقة الموحدة .... في تلك اللحظة يسود الوئام ويتحقق السلام ، وتزول نهائيا جميع الاثار السيئة للنظام الديمقراطي الراسمالي ، لأنها انما كانت تتوالد من تعدد الطبقة في المجتمع وهذا التعدد انما نشأ من انقسام المجتمع الى منتج واجير واذا ً فلابد من وضع حد فاصل لهذا الانقسام ، وذالك بالغاء الملكية )) 1.
والحقيقة ان في هذا النص من تمهيد السيد الامام الصدر ((رض)) الكثيرمن الثراء المعرفي الذي بحاجة الى تبيين من جهة وطرح تساؤلات تسيرفي ظلاله من جانب اخر لتبين الكثير مما سكت عنه الامام الصدر اختصارا او اعتمادا !!.
فمن البداية السيد الصدر يشخص الرؤية الماركسية للميدان الاجتماعي على اساس انه ميدان صراع وعراك ، وهذا طبعا معتمدا على نفس الفلسفة الشيوعية المادية الماركسية ، ومنطقها الديالكتيكي في تفسير حركة الكون والعالم والحياة والانسان فهناك بصورة مختصرة ترابط عضوي وقانوني ، وكوني بين الكون وقوانينه من جهة وحركة المجتمع وتناقضاته الطبقية من جانب اخروكما ان في الوجود الكوني قانون ، ومنطق جدلي يتحكم في حركة هذا الوجود ، الذي ركب على (( اطروحة وطباق وتركيب)) في الوجود واللاجود والصيرورة كماشرحناه في الحلقة الماضية من هذه السلسلة ، فكذاهنا في ميداننا الاجتماعي الانساني ايضا يتحكم نفس المنطق الديالكتيكي القائم على عملية صراع اجتماعية ، بين طبقة عمال وطبقة راسماليين كطبقتين تحمل منطق الاثبات والنفي ونفي النفي حسب المنطق الماركسي !!.
اما لماذا الرؤية للمجتمع واختصار تركيبته القائمة فقط على مجرد هاتين الطبقتين ؟.
ولماذا ؟، وماهو المبرر لأغفال باقي الطبقات الاجتماعية ، الفنية والادبية والفكرية والسياسية والعسكرية ...الاخرى وصهرها فقط بطبقتين داخل كل مجتمع وتاثيرها بحركة هذا المجتمع ومصيره وحركته وصيرورته وصورته ؟.
وعلى اي اساس بنت الماركسية المادية رؤيتها الى تركيبة المجتمع بشكل الطبقات الهرمية التي بالضرورة تطرح تصور الاعلى والادنى فقط لهذا المجتمع من دون النظر للمجتمع بالشكل الافقي بدلا من الهرمي التراكمي ؟.
وهل فعلا لايمكننا ان ننظر للمجتمع الا من خلال الطبقية الاقتصادية لاغير ؟.
أم انه يمكن دراسة المجتمع ، وتركيبته القائمة ، بعيدا عن مثل هذه التقسيمات التي تحاول بناء اسفين صراع وحرب بين المجتمع الواحد لاغير ؟.
كل هذه الاسألة ، واجوبتها يمكن الاجابة عليها ماركسيا شيوعيا ماديا ، كما يمكن الاجابة عليها اسلاميا ، وغير اسلامي ايضا وحسب كل رؤية ومعطياتها المعرفية للمجتمع وتركيبته وحركته وماهيته !!.
ثم بعد ذالك يشرح الامام الصدر ماهية هذا التناقض الاجتماعي الاقتصادي التوجه فحسب باعتباران الماركسية الشيوعية ارتأت تفسير كل ماهية المجتمعات وتقلباتها وحركاتها التاريخية والفكرية والسياسية والاجتماعيةوحتى النفسية من خلال العامل الواحد وهو(( العامل الاقتصادي )) كألآه يتصرف بالمجتمع والانسان كيفما يرتأي وذالك بارجاع كل التاريخ وتقلباته والمجتمع وتصوراته والانسان وتطلعاته لوسائل الانتاج ، ونوعيتها في ادارة ماكنة الاقتصاد الانتاجية الاجتماعية !.
نعم ما تصورات وتأملات الانسان ، وافكاره ومقدساته واديانه وحقائقه واخلاقه الا منعكسا طبيعيا حسب الرؤية الماركسية لماهية ، ونوعية وسائل الانتاج القائمة وما حركة المجتمع والتاريخ وتناقضاته ، الاّ عبارة عن تطور ، وتناقض وحركة هذه الوسائل الانتاجية الاقتصادية ، التي بدأت بالفأس لتحطيب حطب الغابة الى ادوات الغزل والنسج ، وحتى طواحين الهواء ، ومن ثم محركات البخار.... وحتى اذرع المصانع الحديثة فكل هذا التطور لوسائل الانتاج الانسانية ماهو، الا الوجة الحقيقي لتغير وتطور الحياة والمجتمع برمته بل وهي المحرك الاوحد والشارح الكبيرلكل ما حدث ، ويحدث في التاريخ والمجتمع والانسان والحياة حتى اليوم ، وكلها ايضا تعبر عنها الشيوعية الماركسية المادية بحركة الحياة المادية وظواهرها الاجتماعية فاينماوجدت مصطلح (حركة الحياة المادية) مستخدمافي الفكر الماركسي الشيوعي فاعلم انه اشارة لهذه الفكرة التي تربط بين وسائل الانتاج وتطورها ، وبين الحياة وتقدمهاولهذا اشار الصدرلرؤية الماركسية المادية الشيوعيةحول المجتمع وظواهره بالقول الى ان :
(( كل وضع اجتماعي يسود ذالك الميدان ( الاجتماعي ) فهو ظاهرة مادية خالصة منسجمة مع سائر الظواهر والاحوال المادية ومتأثرة بها)) !!.
اي انه مامن ظاهرة متحركة اوساكنة او تبدوانها ساكنة في هذاالمجتمع الا ويكون مؤسسها ومنتجها وصانعها ذالك العامل الاقتصادي الخطير وتلك الوسائل الانتاجية المادية العظيمة التي كما انتجت سلع الاسواق ، والمتاجر على مر تاريخها الطويل فكذالك هي منتج سلع الافكار ، والمشاعر والتصورات والاديان والحقائق واذواق الفنون البشرية قاطبة وبلا تردد !.
وكذالك فان هذه الوسائل من الانتاج الاقتصادية هي ايضا كذالك خالق وصانع هذه التناقضات الاجتماعية بين طبقتي العمال ، واصحاب الراسمال وهي ، وكلما بقت طبقة الراسمال مهيمنةعليها من خلال رؤوس اموالها فستشعر طبقة العمال العاملة في داخلها انها منهوبة ، ومستنزفة ومسروقة من قبل طبقة الراسمال المهيمنة على وسائل الانتاج هذه التي تصنع التاريخ والحياة والواقع والحاضر والمستقبل وما من قرار يقرّلمجتمع فيه هيمنة لطبقة الراسمال على وسائل الانتاج العمالية المنتجة الا اذا تمكنت طبقة العمال من ارجاع وسائل الانتاج لحوزتها ، ومن ثم لتلغي تملكها لطبقة الراسمال الحقيرة ، وتجعلها في خدمة طبقة الكادين لاغير ليقام على غرار ذالك القرار الغاء الملكية نهائيا من جهة ، وقيام المجتمع الشيوعي المشاعي الذي ليس فيه منتج واجير ، ولا انقسام طبقي لعامل وصاحب راس مال ، ليعم بعد ذالك الانسجام ويعود السلام وتصبح الجنة تحت اقدام الشيوعيين !!.
اي بمعنى اخر: عندما تحدث السيد الامام عن ميدان اجتماعي فيه تناقض وصراع طبقي حسب الرؤية الشيوعية الماركسية وتحدث عن رؤية ماركسية تنظر للمجتمع ماديا اقتصاديا فحسب ، فكذالك تحدث رضي الله عنه عن : (( مجتمع هو في نفس الوقت يحمل نقيضه في صميمه )) فياترى كيف ينبغي لنا ان نفهم ماركسيا شيوعيا هذا المجتمع وهو يحمل نقيضه في صميمه ؟ 2 .
طبعا ان هذا النقيض في صميم المجتمع من وجهة نظر الماركسية الشيوعية ، هو تلك الجرثومة ، التي خلقتها وسائل الانتاج ومعادلتها الظالمة التي جعلتها تسقط بيد الطبقة الراسمالية السارقة لتقيم نظام منتج واجير ، او هي تلك المعادلة الاقتصادية القائمة اليوم في المجتمعات الراسمالية التي تخلق التناقض في وجود طبقتين داخل المجتمع راسماليين واجراء ،وهي معادلة بابسط عبارة لتعريفهاهي تسلط الراسمال على وسائل الانتاج الاقتصادية ولايمكن ان يقر قرار لهذا التناقض المتصارع الا بتجريد طبقة الراسمال من هذه الوسائل الانتاجية وارجاعها للدولة الممثلة لطبقة العمال فقط ، كي تكون بخدمة طبقة واحدة لا غيرهي طبقة العمال ، وعندئذ ينتهي دورقانون التناقض والصراع الطبقي الذي كانت تخلقه وسائل الانتاج المغتصبةمن قبل طبقة الراسمال ،عندما تصنع فائض قيمة من عرق العمال ليستولي عليه ظلما صاحب الراسمالي ويعود الوئام وينشر السلام بين المجتمع الذي يعمل جميع افراده لصالح المجموع فقط !!.
والحقيقة : ان ما يمكننا ان نؤاخذه على مثل هذه الافكار الماركسية حول المجتمع وتركيبته وماهيته وحركته وتناقضاته ... وبغض النظر عن ما ذكره الامام الصدر في تفنيده تقريبا لكل الاسس الفلسفية المادية ، والمنطقية ، والاقتصادية عندما اثبت بالدليل الفلسفي والمنطقي والاقتصادي انه :
اولا : لايمكن الاعتماد على الرؤية المادية الاقتصادية فقط في تفسير كل التاريخ وتقلباته والحياة وتنوعاتها والافكار وتصوراتها فمثل هذه الرؤية الماركسية المادية الموحدة لفهم الحياة لا يمكن لها ان تصمد امام الكم الهائل من الظواهر الاجتماعية التي لايمكن لنا ان نفسرها ماديا فحسب !.
ثانيا : قد ذكرالامام الصدر بما لايقبل اللبس او التشويش في اطروحته الفلسفية ان الفهم الديالكتيكي الهيجلي من ثم المنطق الماركسي الشيوعي للعالم وحركته والحياة وقوانينها ، وتصوره بشكل صراع تناقض داخل نواة الكون وظواهر المجتمع هو منطق لايصمد امام مقتضيات العقل والتحليل العلمي الرزين فهو ومنذ البداية بنى كل مقرراته على تصور ينافي مبدأ العلية وقانون السببية الكوني ومن هذا المنطلق اي بناء فوقي عليه لايمكن قبوله او اخذه مسلمة قانونية لاتقبل النقض ، وعلى هذا الاساس يصل الامام الصدر الى حقيقة وهم ما يسمى بقانون الديالكتيك الماركسي القائم على صراع التناقضات الوجودية والكونية والاجتماعية ...... وعليه فتصور مجتمع يحمل في داخله قانون تناقض وصراع حتمي ومن ثم البحث عن ماهية هذا الصراع وتلك التناقضات لتكون اخيرا وسائل الانتاج الاقتصادية في الفكرالشيوعي هي جرثومة التناقضات الطبقية ماهي الا تصورات لاتمت للعلم والفكر باي صلة واقعية !.
ثالثا: قد ذكرنا كما ذكرالامام الصدران لاوجودا اقتصاديا واقعيا لما اسماه ماركس (فائض القيمة ) باعتبار ان الاساس النظري الاقتصادي الذي بنى عليه ماركس كل مزاعمه في (العمل اساس القيمة) ماهي الا نظرية هشة لوجوداكثر من عامل غير عمل العامل يدخل على صناعة قيمة السلع المنتجة ، وعلى هذا التقرير الواضح فاتكاء الماركسية على ان فائض القيمة هو الجرثومة ، التي تفجر الصراع الطبقي وتديمه بين طبقة الراسمال ، وطبقة العمال ماهو الا تصورات ادبية اقرب للشعرية منها للعلمية او الفلسفية !.
اقول بغض النظر عن ذالك الطرح الصدري الفلسفي المعروف ، فيمكننا ايضا هنا ان نؤاخذ الطرح الماركسي من زوايامتعددة فكرية اخرى ابسطها هوسؤالنا : كيف تحول قانون التناقض الطبقي ، والصراع الديالكتيكي من كونه قانونا يحكم الوجود والعالم والحياة برمتها من قانون لايمكن نقضه مطلقا باعتبار انه قانون الى مجرد متعلق بطبقة اجتماعيةراسمالية لاغيران نفيت اوابيدت بطل عمل قانون التناقضات الاجتماعية ، والصراعات الحتمية ، وعشنا تحت ظلال طبقة عمال ليس فيها اي تناقضات شيوعية ؟.
بمعنى ايضا مختلف : في الطرح الماركسي الاجتماعي يمر المجتمع في خطوتين مهمتين جدا في تطوره التاريخي هي المجتمع المتناقض والمتصارع وهو المجتمع المكون من طبقتين راسمالية واخرى عمالية ، والاخرى خطوة المجتمع الشيوعي الغير متناقض ، والغير متصارع ، وهي الخطوة الحتمية التي ستأتي بعد الخطوة الاولى ، وفي هذه الخطوة الثانية لاعمل نهائيا لقانون الديالكتيك في داخله باعتبار ان من صنع قانون الصراع ، والتناقض هو التناشز الاجتماعي ، بين طبقة عمال وطبقة راسماليين لاغير وفي حال تدمير طبقة الراسمال والعيش تحت ظلال طبقة واحدة فحسب ، فلا حاجة بعد لعمل قوانين الديالكتيك ابدا ، او يتعطل عملها بشكل علمي ادق !!.
هنا من حقنا ان نتسائل فكريا وفلسفيا وعلميا : ماهي المبررات الفكرية او العلمية التي تطرحها امامنا الماركسية العلمية ، والتقدمية والتطورية باعتبار انها مدرسة لاتؤمن ابدا بالخرافات والاساطير والخيالات الطوباوية اوالمعاجزالدينية التي تنبني على تعطيل قوانين الكون والحياة ، بل هي دائما مدرسة عقلية علمية اقول : ماهي مبررات هذه المدرسة المادية الفكرية لاقناع العقل البشري والعلمي لتفسر لنا كيفية ايقاف القوانين الكونية الاجتماعية عندما يقام نظام شيوعي اجتماعي من جهة ؟.
وكيف ارتبط قانون حديدي كوني ووجودي ، واجتماعي كالديالكتيك بمجرد وسائل انتاج اقتصادية عندما تُنقل من طبقة راسماليين ، الى طبقة عمال سيتوقف القانون الكوني عن العمل ايضا ليعم السلام مجتمعنا الشيوعي المنتظر ؟!!.
كيف يكون القانون الجدلي الديالكتيكي والذي هو حسب الرؤية الماركسية محرك التطور التاريخي والاجتماعي والعالمي البشري مرتبط ومنوط بوجود وعدم وجود طبقة الراسمال المتخمة ؟.
وهل يصبح قانون التطوروالتناقض الديالكتيكي الاجتماعي حسب الرؤية الماركسية منتج طبيعي للطبقة الراسمالية ووجودها وفي حال انتفائها ينتفي عمل القانون ؟.
واذا كان الديالكتيك ، والتطورالبشري منوط بطبقة الراسمال ، وان كان من زاوية سلبية وضد طبقة العمال ،فكيف تطالب الماركسية الشيوعية التطورية بالغاء وافناء طبقة الراسمال عامل التطور والصراع داخل المجتمعات البشرية ؟.
وهل الماركسية تصبح بهذا المنطق المقلوب داعية لقتل روح الصراع والديالكتيك والتطور المرتبط تماما مع طبقة الراسمال صانعة الديالكتيك الحقيقي ؟.
أم انه سينظر اليهاومن خلال دعوتهالتدمير طبقةالراسمال الممون الاصيل لصراع الطبقات على اساس انها مدرسة للجمود وموت الحركة في داخل صميم المجتمع عندما تدعوا لتدميرالطبقة الراسمالية والانتقال بالمجتمع الى الركودوالوئام والسلام والنهاية وغياب اي افق لهدف جديد ؟.
سننتظرمن يجيب مع ادراكنامسبقا انه لايمكن الدفاع عن اوهام سطرتها الماركسية الشيوعية في يوم من الايام لاستغفال البشرية باسم المجتمع الشيوعي الحر والسعيد !!.
1 : فلسفتنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 24.
2 : نفس المصدر .
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الأحد، نوفمبر 20، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر .. فائض القيمة )) 16 حميد الشاكر
اذا ما استثنينا كارل ماركس من المنطق الديالكتيكي تاسيسا وتنظيرا كما اشار له السيد الفيلسوف الامام محمد باقر الصدر في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا عندما ارجع الديالكتيك لمؤسسه الاصيل فدريك هيجل المثالي واذا ماعزلنا ايضا ماركس عن المادية وفلسفتها والتنظير لها كما هو معروف من ان مؤسس الفلسفة المادية والمنظر لها في الفكرالشيوعي الاشتراكي هوقرين ماركس فردريك انجلز المنحدر اساسا من الطبقة الراسمالية الثرية ، والذي له الفضل باعاشة ماركس من ورطة عطالته وبطالته الدائمة ، كما ذكر ذالك في (الموسوعة الفلسفية المختصرة) ايضا بالقول : (( ، ونحن ندين لانجلز اكثر مما ندين لماركس بعرض المبادئ الرئيسية للمادية الجدلية)) 1 باعتباران المعروف عن ماركس انه يفتقرللفكر الفلسفي الخلاّق على الحقيقة !!.
اقول : اذا استثنينا ماركس ، من كلا جناحي الشيوعية الاشتراكية ( الفلسفة المادية والمنطق الديالكتيكي)فما الذي سيبقى لماركس لتسمى باسمه الفكرة برمتها ولتصدّر لنا الشيوعية المادية الجدلية باسم الماركسية ؟.
ومن ثم نحن ، في احد مقالاتنا ذكرنا سؤال : لماذا دُفع بماركس اذا كان هو مقلدا وتابعا لجناحي الفكرة بالذات ليكون هو واجهة هذه الفلسفة من قبل انجلز بالتحديد مع ان المطلع على محاورات انجلز وماركس سيكتشف ان ماركس بالفعل لم يكن مؤهلا فلسفيا ويفتقر لامتلاك الفكر الفلسفي ليطرح فكرا كان انجلز مهندس حركته وطرحه بالكامل ؟.
قيل سياسيا بسبب يهودية ماركس ، وان هناك اصابع ماسونية خلف الموضوع هي التي طرحت الاشتراكية لصناعة تيار يؤمن بحق اسرائيل في الوجود على ارض فلسطين المحتلة !!.
وهذه الفكرة لاتستبعد ، لاسيما ان ادركنا ان تأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين كان على يدحزب العمل الاشتراكي الذي حكم الكيان الصهيوني منذ تاسيسه وباول رئيس وزراء اشتراكي (بن كوريون) ، الذي اسس للميلشيات الارهابية ( الهاغاناه والالماخ ) ، كمنظمتي فتك صهيونية بالاضافة الى زعامة هذا الحزب للباسدروت وللصهيونية العالمية انذاك !!.
وقيل اقتصاديا ان انجلز الراسمالي المنشأ الخطير هوالذي حوّل من كارل ماركس من صحفي مغمور الى صاحب نظرية غيرت وجه العالم الانساني وذالك بسبب ما كانت تعانيه اوربا من حرب ، وصراع مخاض بين القوى الكاثولوكية والاقطاعية التقليدية ، وبين القوى الراسمالية الصناعية الصاعدة انذاك ، ولهذا احتاجت اوربا الراسمالية لاي فلسفة تضعف من الدين والكنيسة ، وتحالفها مع الاقطاع والزراعية وهكذابرزت الحاجة لفلسفة تصب في صالح تدميرالاقطاع والدين من جهة وتصب في صالح تهيئة الارضية للسيطرة الراسمالية على العالم من جانب اخر !!.
وايضا هذا الجواب ربما يكون له واقع لاسيما ان ادركنا في النهاية ان العالم اليوم اصبح بلامنازع للراسمالية الديمقراطية بعدماادت الشيوعية المادية وظيفتها بتدمير الروح الدينية في اوربا قبل ان تُري الناس جميعا جحيم الدكتاتورية الشيوعية التي جعلت من اكثر من نصف الكرة الارضية يهربون من حكم الدكتاتورية الاشتراكية ليقعون في النهاية كثمرة ناضجة بحضن الراسمالية الديمقراطية بلا ادنى تردد .
وعلى اي حال فقد بقي شيئ لكارل ماركس يذكره الامام الصدرفي تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا عندما اشارالى ان ماركس بدا مقلدا وتابعافي فكرتي المادية وفلسفتها والديالكتيك ومنطقه ، اما ما تميز به ماركس عن غيره فهو : (( زعمه انه اكتشف تناقضات راس المال ، والقيمة الفائضة التي يسرقها صاحب المال في عقيدته من العامل )) . 2 .
والحقيقة ان لكلمة الفيلسوف الصدر ( زعم ) بحق ماركس وانه اكتشف تناقضات راس المال ، وفائض القيمة لها ما لها من مدلولات عميقة ، تحاول ان تشيرالى ان الفكرة الوحيدة التي هي (فائض القيمة) المتبقية لترقيع عملية عبقرية كارل ماركس الاقتصادية المزعومة ماهي : الا زعم ووهم وادعاء لاقيمة معرفية او اقتصادية او علمية له على الاطلاق وهذا ان كانت بالفعل فكرة ( العمل اساس القيمة ) التي استنبط منها ماركس نظريته في (فائض القيمة ) هي من بنات افكار كارل ماركس !!.
ومن ثم فان هذه الفكرة التي تاسست عليها تقريبا كل فكرة ماركس وتأسست عليها فكرة الصراع الطبقي الذي هدمت نسيج المجتمعات الانسانية ،والتي تأسست عليها فلسفة الغاء الملكية ومن ثم الاعتداء على ممتلكات البشر وحرمتهم المالية .... الخ كل هذا كان نتيجة خداع وكذبة ووهم وسياسةحاولت استغفال العقل البشري لتلعب لعبتها السياسية الخبيثة ، باسم فائض القيمة ، وحقوق الفقراء والعمال والمحرومين والكادحين ...الخ بينما الواقع المعرفي والعلمي والاخلاقي والاقتصادي يقول غير ذالك تماما وان ليس هناك مايسمى بفائض القيمة في الفكرالاقتصادي والعلمي وان هناك شيئ واحد لاغير: هو جهل مطبق بمسمى الاقتصاد ، استغله ماركس ليروج بين البسطاء حراك ثورة مفتعلة لمصالح سياسية مخادعة لاغير !!.
أما ماهي فكرة فائض القيمة ؟.
وهل العمل فقط هو اساس اي قيمة تبادلية للسلع المنتجة ؟.
أم ان هناك عوامل اخرى تدخل في بناء القيمة لاي سلعة منتجة ؟.
وهل فكرة : ان العمل اساس اي قيمة تبادلية ، بالفعل لماركس وفكره الاقتصادي العبقري ؟.
أم انها فكرة سطر اسسها الاقتصادي الانجليزي الراسمالي المعروف ريكاردو كما يذكره الامام الصدر، قبل ان يسطو عليها فكريا ماركس ، ليزعم انها من مبتكراته العبقرية ؟.
وكيف ترّكب على هذه الفكرة مفهوم الصراع الطبقي ؟.
وما علاقة فائض القيمة بنزع الملكية الخاصة والصراع الطبقي ؟.
وكيف يكون نزع الملكية من الافراد ضمان الوصول للمجتمع الشيوعي اللاطبقي ؟.
وكيف تغولت الدولة على اساس هذه الافكار الوهمية حتى تحولت الى وحش مدمر ودكتاتورية لم يشهد لها التاريخ مثيلا ؟.
وماهي المعاني الاجتماعية الكارثية لفكرة نزع الملكية الخاصة ووضعها بيد الدولة ؟.
فكل هذه الاسألة ، بعضها اجاب عليه الامام الصدر محمد باقر رض في اطروحته الاقتصادية ( اقتصادنا )، وبعضها مع الاسف لم يجب عليها سنحاول نحن الجواب عليها لتكتمل فكرة اوجريمة فائض القيمة وكيف تاسس عليها ما تاسس وانها فكرة مخادعة ولاواقعية وغير اقتصادية من الاساس !!.
نعم في معرض جوابه الامام الصدريبدأ من الاساس ليشرح لنا ماهية فائض القيمة وارتباطها بقانون ( العمل اساس القيمة ) ليقول بما معناه :
((ولم يصنع ماركس شيئا أساسيافي مجال تحليل القيمة التبادلية وانما اخذ بالنظرية التقليدية التي شادها قبله ( ريكاردو ) وهي النظرية القائلة : ان العمل البشري هو جوهر القيمة التبادلية ، فالقيمة التبادلية ، لكل منتوج انساني تقدر على اساس كمية العمل المتجسد فيه ، وتتفاوت قيم الاشياء بتفاوت العمل المهراق فيها فقيمة السلعة التي يتطلب انتاجها ساعة واحدة من العمل فقيمتها نصف قيمة السلعة ، التي ينفق عليها في العادة ساعتان من العمل )) 3.
وهكذا يُرجع ايضا الامام الصدررض نظرية (العمل اساس القيمة) الى الاقتصادي الانجليزي الراسمالي المعروف ( ريكاردوا ) ليصبح ماركس قاعدا على القاع من اي اضافة حقيقية لمبادء الاقتصاد الراسمالي القائم انذاك !!.
والحقيقة ان الامام الصدر رض يذكر ان قبل ديفيد ريكاردوا كان هناك (جون لوك ) و ( ادم سميث ) الذي نوه الى هذا القيمة التبادلية ، لكن ( ادم سميث ) وباعتباره بالفعل يدرك معنى فهم الاسس الاقتصادية ونظرياتها العملية راى ان هذه النظرية انما تعتبر واقعية اذا اخذناها على اساس تحركها في المجتمعات البدائية وليس في المجتمعات الاقتصادية الصناعية المعقدة !!.
صحيح ماركس اتى بعد ذالك ليزعم انه استنبط من نظرية ( العمل اساس القيمة ) قانون ( فائض القيمة ) والذي هو عبارة عن القيمة التي يصنعا العامل في السلعة ليأتي صاحب المال ويستولي عليها بدون وجه حق !!.
بمعنى اخر:ان صاحب المال عندما يشتري بدينار قطعة من الخشب ليدفعها للعامل ليصنع له بها سريرامن خشب ليبيعه بدينارين فان الدينارالاخرالذي يكسبه صاحب المال ماهو الا قيمة خلقها العامل بقوة عمله الذي حولت من الخشب سريرا لتعطيه قيمة استعمالية وتبادلية حقيقية ، لكن صاحب المال ياخذ هذا الربح ليعطي العامل جزءا منه ويحتفظ بالربح المتبقي من الدينار كربح له ، وبهذا يكون العامل قد انفق عمل دينار كامل الا انه لم يقبض سوى جزء من مستحقاته ليبقى دوما يعمل بقيمة اكثر دائما مما يقبضه بسبب ان صاحب راس المال استولى على الجزء الاكبر من قيمة السلعة !!.
وبهذا الفهم درس ماركس كل الاقتصاد الراسمالي باعتباره ماهو الا ربح منهوب من عمل العاملين وكدحهم في الحقيقة ، يساهم في ذالك الراس مال الذي ينتج ربحا لم يقم باي عمل في داخله !!.
والحق ان ما اسماه ماركس ، واعتبرته كثير من الاوساط الفكرية على اساس انه ثمرة الفكرالماركسي الخالص ، بقانون ( فائض القيمة ) باعتباره هو المحور الذي اكتشفه ماركس اقتصاديا في تناقضات الاقتصاد الراسمالي ، وبنى عليه رؤيته في الصراع الطبقي وضرورة زوال الملكية الخاصة من جراءه ... ، قد تناوله الامام الصدر بكل مفاصله الدقيقة لياتي على مدعياته من القواعد ،وحتى نظرية (( العمل اساس القيمة )) قد ناقشها الامام الصدر باعتبارانها الاساس الذي بنى عليه ماركس كل نظريته الاقتصادية الوهمية كذالك ناقشها الامام الصدر بشكل واضح وصريح ومباشر ليؤكد الحقائق الاقتصادية والفكرية التالية :
اولا : نظرية ( ان العمل فقط لاغير هو اساس القيمة ) نظرية افضل مايُقال حولها انها نظرية بدائية جدا لمفهوم الاقتصاد كما عبر عن ذالك (ادم سميث ) وهذا طبعا اذا لم نشأ ان نطلق صفة المخادعة على هذه النظرية فهي نظرية بالامكان الرجوع بمفهومها لعالم انساني كانت اليد هي الاله الوحيدة للعمل الاقتصادي ، وكان الانتاج فقط ما كان ينتجه العامل من عمل لاغير !!.
اما في مجتمعات اقتصادية يدخل فيها تنوع في الات الانتاج ففي مثل هذه الحالات الاقتصادية المتطورة لايمكن ان نختصر قيمة السلع في طاقة عمل العامل المنفق عليها لاغير ، وحتى في هذه الصورة البدائية ايضا لاتصمد نظرية ان (العمل فقط هو اساس القيمة التبادلية للسلع لاغير ) !.
ثانيا : هذه النظرية ولانها لايمكن ان ترتقي الى مستوى القانون الاقتصادي الذي يمكن الاعتماد عليه بدلا من البناء فوقه اصطدمت بعقبات كثيرة حتى ان المؤمنين بها من الماركسين جعلوا لها استثنائين :
الاول : هو (( الاحتكار )) باعتباره عملية تدخل في صلب معادلة صناعة القيمة التبادلية للسلع وان كان بشكل غير طبيعي بحيث ان احتكارالسلعة بامكانه ان يرفع درجات من قيمة السلعة ويضاعف من قيمتهابلا اي عمل اضافي يبذل عليها وهكذا في كل قانون العرض والطلب الذي بامكانه ان يتحكم بقيمة السلع !.
وثانيا : الانتاج الفردي وهو مايكون نتاجا قيمته ليست في كمية العمل المنفق عليه وانما قيمته بالندرة التي يمثلها وبالكفاءة التي تتجسد فيه ، مثال قيمة وثيقة تاريخية اثرية نادرة عندما تكون قيمتها التبادلية من ندرتها ، ومثال لوحة فنية ينفق عليها الفنان بابداعه نصف ساعة بينما تكون قيمتها مرتفعة بما لاتقاس بعمل مئة ساعة لاي عامل نسيج كادح !!.
وبهذا يصبح لدينا اكثر من عامل غير العمل هو ما يساهم بصناعة القيمة التبادلية للسلع المنتجة .
ثالثا : دائمامايجهل الاقتصاد الماركسي او يتجاهل ماركس القيمة الذاتية للسلع قبل دخول العمل عليها وتحويلها فعليا ،فهو اقتصاد ولانه بدائي الرؤية ينظر لكل السلع الخام على اساس انها ليست بذات قيمة الا اذا دخل عنصر العمل عليها ، ليعطيها قيمتها الاستعمالية والنفعية والتبادلية !!.
والحقيقة انه صحيح كما ذكر الامام الصدر رضوان الله عليه : ان السلع الخام في مرابضها لاتعني اي قيمة اذامادخل العمل الانساني لاستخراجها اوخلقها وصناعتها ... لكن هذا لايعني ان لاقيمة مختلفة بين الحجر وبين الخشب وبين الذهب كمعدن نفيس ذاتيا !!.
ونعم الخشب له قيمة ذاتية ارقى من الحجر ، تهبها الطبيعة لهذه السلعة تتكامل مع عمل الانسان لتكوّن قيمة اعلى ، وكما ان العمل بحد ذاته اذا كان عبثيا مثلا ايضا لايشكل اي قيمة ، كذالك السلعة لاتشكل اي قيمة اذا اهملت وتركت اما اذا تظافر العمل مع السلعة في جهد مثمر اقتصاديا فعندئذ تكون قيمة السلعة مشكلة من المادة الخام نفسها ومن عمل الانسان معا ، وكما ان عمل الانسان بلا مادة خام ذات قيمة لايعني شيئ كذالك المادة الخام بلا عمل لاتعني اي قيمة ،ولذا تكون قيمة اي سلعة تبادلية مصنعة بالاساس من العمل ، ومن المادة معا ، وليس فقط من عمل الانسان لاغير !!.
رابعا :ان مشكل القيمة التبادلية الحقيقي للسلع حسب رؤية الامام الصدر الاسلامية ليس هو العمل لتصح نظرية (العمل اساس القيمة)كمبدأ اقتصادي اوحدلاغير وانما المُشكل الفعلي للقيمة هو عامل ( سيكلوجي ) اجتماعي تمثله الرغبة الاجتماعية في السلعة ومنفعتها الاقتصادية التي تسد حاجات المجتمع !!.
فقيمة سرير الخشب في مثلنا السابق وقيمة الثوب وقيمة الملعقة وقيمة وسيلة النقل كل هذا تحدده رغبة المجتمع في هذه السلعة مضافا لمنفعتها وما تسده من حاجات لهذا المجتمع ، وكل هذا يخضع للعامل السيكلوجي للمجتمع اكثر من اي شيئ اخر وعندما تفقد السلعة منفعتها او تتنفي حاجة المجتمع لها اويعزف المجتمع سيكلوجيا عن اقتناء هذه السلعة ، او تلك فمهما كان العمل المنفق وبكميات مادية كبيرة على هذه السلعة فسيصبح غير ذات قيمة تبادلية اقتصادية !!.
والواقع : ان تفسيرالامام الصدررض لمصدرالقيمة التبادلية للسلع وارجاعه للعامل السيكلوجي ورغبة المجتمع يحل الكثير من الاشكالات التي تفجرت بوجه النظرية الماركسية في نظرية ( العمل اساس القيمة ) فعندئذ يمكننا فهم : لماذا كانت وثيقة تاريخية تملك قيمة تبادلية اقتصادية ضخمةجدافقط من الزمن ومع ان العمل المنفق عليها ضئيل ؟.
وكيف اصبحت لوحة فنية بقيمة تبادلية اقتصادية مرتفعة جدا مع انها تستمد قيمتها التبادلية فقط من ذوق المجتمع وسيكلوجيته ورغبته الفنية مع ان كل ما انفق عليها صاحب الريشة هو ساعة بينما اصبحت قيمتها بقيمة الف ساعة من عمل ناسج في مصنع ؟.
وهكذا نفهم لماذاقانون العرض والطلب يتحكم بقيمة السلعةفي الارتفاع والانخفاض ؟، ولماذا الاحتكار يعطي قيمة وهمية ومخادعة للسلع ؟.
خامسا : اشارالامام الصدر لعنصر اخر داخل في عملية القيمة التبادلية للسلع غير العمل المبذول عليها ، وهو كفاءة المواد الخام واختلاف انتاجها طبيعيا ، ويضرب الامام الصدر ، لهذه الحالة مثال الارض الجيدة التكوين والتي بامكانها ان تعطي ناتجا اجود من المحاصيل في قبال الاراضي التي لاتمتلك هذه الكفاءة الطبيعية !!.
فعمل ساعة في زراعة ارض جيدة ،وانتاج محصول الرز في ارض مهيئة طبيعيا للانتاج الاجود مختلف عن عمل ساعتين في ارض رديئة الانتاج ، مما يجعل من العمل في مثل هذه الاجواء شيئا ليس له علاقة اصلا لابقيمة الانتاج ، والسلع ولا باضفاء قيمة تذكر على هذه المعادلة !!.
بل ان عمل ساعتين في ارض رديئة التكوين الطبيعي او الغير صالحة لزراعة ما يفقد العمل نفسه قيمته ليجعل من عمل ساعة في ارض جيدة يعادل ساعتين في ارض اخرى !!.
سادسا : ان للقيمة التبادلية بعد ذالك عنصر مساهم واساسي في صياغتها الا وهو عنصر التنظيم والادارة والتسويق والقيادة الكفوءة !!.
ومعروف ان الادارة وقيادة العمل وكفاءة التسويق وتنظيم اي عملية اقتصاد بدأت من الاستخراج ومرورا بالعمل ، وحتى الانتاج والتوزيع والتسويق وجني الارباح كل ذالك اذا دخل عليه عنصر الكفاءة بالقيادة ، والادارة ، والتنظيم سيجنى لاريب ارباحا اعلى ، وقيمة تبادلية ارفع مما لو تركت هذه العملية الاقتصادية بلا تخطيط وقيادة وادارة ، فربما نزول سلعة منفق عليها من العمل عشر ساعات سيأتي بربح اقل كثيرا من سلعة انفق عليها نفس العشر من الساعات لكنها تنزل بشكل مختلف وبتنظيم ارقى وادارة اكفأ لتجني ارباحا مناسبة لسعر الاسواق !!.
وهكذا وصل الصدر في تحليله للنظرية الماركسية في ((العمل اساس القيمة )) الى هشاشة هذه النظرية تماما وانها نظرية لاتصلح اساسا لدراسة معنى القيمة التبادلية على اساس ان مكونها الوحيد ، هوالعمل فهناك العامل السيكلوجي الاجتماعي الذي هو اساس القيمة وهناك قيمة المواد الخام وهناك عنصر كفاءة المواد الخام وهناك ...الخ وبهذا ايضا ضرب الامام الصدر وهم قانون(فائض القيمة) الماركسي كذالك عندماهدم النظرية من الاساس فقاعدة فائض القيمة قائمة على مبدأ(ان العمل اساس القيمة ) باعتبار ان صاحب راس المال يسرق من قيمة سلعة عمل العامل !!.
اما والحال ان للقيمة اسس اخرى مختلفة فاصبح لدينا واضحاان ليس عمل العامل هو فقط المساهم في اعطاء السلعة قيمتها التبادلية ، ليحق له التسلط على قيمة السلعة كلها بدون مشارك !!.
وانما لصاحب الادارة الناجحة وقيادة العمل في عملية صناعة القيمة ايضا نصيب يصب في صناعةهذه القيمةوعلى هذا الاساس اقتسم صاحب راس المال مع العامل جني الارباح الذي درته السلعة التي اشتراها صاحب المال وسلمها للعامل ليشتري منه ( منفعة عمله ) وليس طاقة عمله ولا عمله الاساس !!.
بمعنى : ان الذي يؤسس للقيمة التبادلية للسلع هي اربع عناصر اساسية :
الاول : الرغبة الاجتماعية السيكلوجية كاساس للقيمة التبادلية .
ثانيا : المادة الخام .
ثالثا : العمل المبذول عليها .
رابعا : الادارة وصاحب المشروع والقيادة !.
فعن اي قيمة فائضة اذاً كان ينّظرويتحدّث كارل ماركس في كل ثورياته المخادعة بعد ذالك ؟.
وعلى اي اساس علمي ، انتقل ماركس بنظرياته البدائية اللاعلمية والعابثة بمسمى الاقتصاد وعلمه ليجعل من وهم (فائض القيمة)على اساس انه نواة التناقض الطبقي الذي يخلق صراع الطبقات الحتمي بين طبقة العمال المسروقة وطبقة الراس مال السارقة داخل المجتمع ؟.
واذا ماثبت علميا ان لافائض للقيمة مسروق ، ولا عمل عامل هو المساهم الاوحد في القيمة التبادلية ، فعلى اي فكر ونظرية تطورية طالب ماركس بالغاء الملكية الخاصة باعتبار انها اس البلاء الكوني الذي اذا دمرناه مع طبقته سنعيش في جنة اجتماعية شيوعية ليس فيها فائض قيمة يسرق ولاطبقة راس مال ينهب ؟.
اين يمكننا بعد ذالك ان نضع شعارات الماركسية الثورية وخلقها لانقسام وحرب اهلية بين طبقات اي مجتمع مستقر ولايمكن له التطور الحقيقي بلا استقرار ؟.
واين يمكننا ان نضع هذا الاعتداء السافر على خصوصيات الفرد البشرية والتدخل بملكياته ونزع حقوقه الاقتصادية بالقوة والعنف باسم نزع الملكية الخاصة ؟.
والحق ان لديّ مئات الاسألة من هذا النوع لا اعتقد ان للماركسية اي فكرة بكيفية الاجابة عليها بعد هذه الفضائح الفكرية التي فجر صاعقها الفيلسوف الصدر في كتابه الاقتصادي المشهور اقتصادنا !!.
نعم لنكتفي بسؤال واحد اخيرا وجوابه ليدرك اي متتبع ما الجريمة ، التي اقترفتها الماركسية المخادعة باسم العلم والتطور ، والتقدم وفائض القيمة ، وحقوق العمال والفقراء والكادحين ...بحق الانسان والمجتمع وهو: هل ساهمت فكرة نزع الملكية الخاصة ، التي رتبتها الماركسية على فكرة حرب الطبقات ، بتنمية حرية الانسان وحقوقه وكرامته او حرية المجتمع وكرامته ونموه اقتصاديا ؟.
أم انها ساهمت في اضعاف المجتمع امام تغول الدولة وافقدت الفرد والمجتمع اخر اوراق القوة والاستقلال والحرية ، والكرامة في قبالة الدولة ، وعصابة الحكم التي حكمت باسم المجتمع والفرد ؟.
طبعا لااريد ان اتحدث عن فكرة نزع الملكية في الفكر الماركسي وتعارضها حتى مع الفطرة الانسانية ،كما انني لااريد ان اتحدث عن هذه الفكرة وتناقضها مع فكرة المجتمع الشيوعي المادي الذي يؤمن بكل ماهولااخلاقي ثم يطالب هذا المجتمع ان يعمل باخلاقية راقية وبدون مقابل لخير ورفاه الاخرين ، وكذالك لااريد ان اتحدث عن رؤية الماركسية للانسان كمادة يمكن اعادة تصنيعها وانتاجها من جديد وبشكل مختلف عن ماعرفته البشريةمن انسانيةللانسان ولهذا اعتقدالماركسيون الشيوعيون انه لاشيئ في داخل الانسان فطريا او روحيا او معنويا يمكن ان يكون اساسا ثابتا في خلقة الانسان ولهذا اعتقدوا ان الملكية بالامكان انتزاعها من الانسان وصناعة انسان لايشعر اساسا بصفة التملك ، ويعمل ببلاهة للاخرين بدون ان يسأل نفسه لماذا اعمل انا للاخرين بينما الاخرون لايعملون من اجلي !!.
اقول بغض النظر عن ذالك ، فقضية التملك والملكية ، وماشرعته السماء وقوانين الارض من رفدلموضوعة الملكية الخاصة وتوازنهامع ملكية المجتمع الا لادراكها لضرورة ان يبقى الفرد والجماعة يمتلك نوعا من القوة الاقتصادية لتعطيه استقلاله السياسي قبالة هذه الهيئة المسماة بالدولة ، فالدولة وحش لايرحم ، اذا استطاع ان يستولي على السلطة السياسية ويضم معها السلطة الاقتصادية ويجرد المجتمع من كل قوته ولهذاالسبب كانت الملكية الفردية والاجتماعية الخاصة هي الفكرة الاخيرة التي تجعل من المجتمع كائنا قويا ومستقلا ومتوازنا ، بين سلطة الحكم من جهة وسلطة المجتمع الاقتصادية من جانب اخر !!.
وفي حال تجريد المجتمع والفرد من استقلاله الاقتصادي ومصادرة ملكيته للدولة ووحوش الحكم فيها فليس فقط سيصبح المجتمع عاجزا امام اي دكتاتورية للدولة وتسلط لها وعبث بمقدراته ، واعتداء على كرامته وحريته ، بل وكذالك ستتحول الدولة نفسها الى ممارسة بروقراطية وفساد ودكتاتورية لاحدود لها ابدا ليتحول في المحصلة المجتمع الى مجرد عبيد واجراء ، ومتكلين وعالة .....لاصحاب السلطة والحكم لاغير وهذا ماحصل بالفعل ، للحكم الشيوعي الماركسي المادي الاشتراكي بالتحديد !!.
1 : الموسوعة الفلسفية المختصرة / مصدر سابق / ص 81 / فردريك انجلز .
2 : فلسفتنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 24.
3 : اقتصادنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 186.
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الأربعاء، نوفمبر 16، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر ... هيجل )) 15 حميد الشاكر
يمثل (( هيجل جورج فلهلم فردريك / 1770م / 1831م )) الالماني المولد والذي ذكره السيد المفكر والفيلسوف محمد باقر الصدر في تمهيده الفلسفي لكتابه فلسفتنا باعتباره الباني النهائي للمنطق الديالكتيكي الجدلي ، الذي اعتمدت عليه بشكل تام المدرسة المادية الماركسية من اهم المفكرين ، والفلاسفة الالمان الذين اسسوا فعلا لنمط فكري فلسفي وسياسي واجتماعي وتاريخي مختلف وخطيرفي العالم الاوربي القديم انذاك بصورة خاصة والعالم ككل بصورة عامة !!.
ولعلّ الامام الصدر رضوان الله عليه عندما ذكر هيجل في تمهيده الفلسفي ليذكره كرائدالمنطق الديالكتيكي الحديث والاهم في فهم روح الفلسفةالمادية الماركسية كان قاصدا من وراء هذا الذكرالضروري لطرح تصورين اساسيين :
الاول : تصور يرجع المنطق الديالكتيكي لمبتكره الحقيقي وهو هيجل .
الثاني : وهو تصور يسلط الضوء على ما اضافه (ماركس) للفكرالفلسفي الاوربي على الحقيقة وهل يستحق كل هذه الهالة من التقديس المفتعلةلفكره من قبل انصاره ومحازبيه من الشيوعيين الماديين ؟.
ام انه مجرد مقتبس للمادية كفلسفة يونانية قديمة من جهة ، ومقتبس ايضا للمنطق الجدلي الهيجلي من جانب اخر ليعري هذا الصنم الحجري من تلك الهالة التقديسية التي اضفاها انصارالشيوعية المادية على ماركس من خلال البربوجندة الاعلامية الضخمة التي كانوا يمتلكونها انذاك بدون وجه حق !!.
نعم السيد الصدر ذكر في تمهيده الفلسفي كتقييم لما طرحه كارل ماركس القول :
(( وانما جاء كارل ماركس الى هذا المنطق وتلك الفلسفة فتبناها وحاول تطبيقها على جميع ميادين الحياة فقام بتحقيقين :
احدهما : ان فسر التاريخ تفسيرا ماديا خالصا بطريقة ديالكتيكية .
والاخر : زعم فيه أنه اكتشف تناقضات رأس المال والقيمة الفائضة ، التي يسرقها صاحب المال في عقيدته من العامل ..)) 1 .
لكن يبقى لاشارة السيدالصدررض لهيجل كمنظر للديالكتيك والمنطق الجدلي ابعادا اخرى اكثر من كونها كاشفة لهشاشة فكر ماركس وتحجر افاقه المعرفية في ابداع فلسفة متكاملة الجوانب الذاتية وهذا ماسوف نتناوله بالنسبة لماركس بعد ان نسلط الاضواء على الخطرالفلسفي الاكبرالا وهوالفيلسوف الالماني هيجل لتكتمل صورة الديالكتيك عند كل من يريد فهم الجذور والخلفيات والانعكاسات...الخ لهذا المنطق الخطير الذي عده بعض مفكري الغرب بانه المؤسس الحقيقي للامبريالية الالمانية النازية المدمرة في المانيا وفي العالم !!.
طبعا الامام الصدر محمد باقر لم يتعرض للفيلسوف الالماني هيجل ، لبحث حياته بشكل مفصل ، او افكاره بشكل واسع في طرحه الفكري في فلسفتنا وفي اقتصادنا كحلقتي فلسفة الصدر المتبقية لنا منه رضوان الله عليه وكذا لم يكن كتاب الاسس المنطقية للاستقراء للامام الصدر كتاب يتناول الفلسفة وقادتها في العصر القديم او الحديث ليكون هناك نصيب لفلسفة هيجل ومنطقه في هذا الكتاب وكذالك لم يطرح الامام الصدر ، ولو قليلا عن الفلسفة الالمانية وخصائصها الفكرية ليهيئ لنا كقرّاء لفكره المسرح ، الذي نبتت منه الفكرة الشيوعية المادية ، لماركس باعتباره الماني المولد والمتاثر الثقافي ايضا لكنه اشار رحمه الله بكل وضوح الى ان صانع وباني فكرة المنطق الديالكتيكي هو فردريك هيجل !!.
ولهذا السبب مع الاسف ضاع الكثير من التفاصيل الدقيقة والمهمة لمشهد الملامح الفكرية والسياسية والاجتماعية ...... للفكرالاشتراكي الشيوعية المادي الماركسي الذي حاول الامام الصدر رض تقديمه بشكل مبسط وتناول الماركسية بعد ذاك بكل خطوطها وتفاصيلها الاصيلة ، ليشرحها فلسفيا ويوضح انعكاساتها الخطيرة فكريا وسياسيا واجتماعيا وتربويا على مجتمعه والعالم !!.
بمعنى اخران معظم فلاسفة ومفكري اوربا الذين تناولواهيجل تاريخاوفكرا وفلسفة قد اشاروا الى ان هذا المفكر قد امتد تأثيره الفكري والفلسفي بصورة غير مسبوقة لفيلسوف ومفكر آخر ، حتى انه استطاع خلق ظاهرة امواج عملاقة انشطرت الى حيزين كبيرين في حياة الاجتماع الانساني :
الاول : وهوحيز الفلسفة والفكرالانساني بحيث ان قراءة ووعي هيجل فكرا وفلسفة ومنطقا ولاهوتا وقانونا... قبل قراءة الفكر الاوربي والفلسفي الحديث اصبحت تعد ضرورة من ضرورات فهم الفكر الفلسفي الاوربي الحديث بصورة عامة !!.
وهذا بالواقع ما طرحته:(( الموسوعة الفلسفية المختصرة )) عندما ارادت التورخة لهيجل وفلسفته وتاثيره وتأسيسيته الكبيرة على مجمل الفكر الفلسفي الاوربي انذاك فقالت :
(( لكي يكتسب المرء شيئا من المنظور التاريخي عن كيركجارد ، وماركس وعن الماركسية والوجودية وعن البرجماتية والفلسفة التحليلية وعن الارثوذكسية الجديدة وما يسمى بالنزعة النقدية الجديدة ...... لكي يكتسب المرء شيئا من ذالك فلابد ان يأخذ في اعتباره تأثير هيجل من حيث هو احد العوامل الرئيسية .)) 2 .
اي ان هيجل وفلسفته تقريبا قد دخلت بمعظم مفاصل الفلسفة الاوربية الحديثة حتى ان فهَمنا للماركسية وماركس لا يمكن لها ان تكتمل بدون فهم هيجل وفلسفته اولا وكذا في الفلسفة الوجودية ، وابو جلدتها كيركجورد اللاهوتي المؤمن والى سارتر في الحاده وماديته وهكذا لوثر والبروتستانتية ، والنقد واتجاهاته ... ومن ثم معظم الفلاسفة الالمان الذين عاصرو هيجل اوجاءوا من بعده ، فكل هذا الكم الهائل من الفلاسفة والمفكرين الغربيين تابع او متأثربما طرحه هيجل من تنظيرفلسفي واخر منطقي وقانوني ...الخ وغير ذالك من افكار كان لها اهمية الصعق لتحريك الفكر الاوربي واعادة تحريك مياهه الراكدة !!.
الثاني : وهو الحيز السياسي ، والاجتماعي حيث يعتبر التنظير الفلسفي والمنطقي لهيجل لاسيما في فكرة الصراع ، وعبادتها على اساس انها الفكرة ، التي اسست لما كان يعرف بالنزعة الامبريالية الالمانية النازية ، والتي اتخذت من فكر هيجل بالتحديد قاعدة لحركتها ومنظورها السياسي ، الذي كان يرى في الصراع والحرب والدمار ... على اساس انها القوانين الطبيعية التي ينبغي ان تحكم العالم والانسانية جمعاء !!.
يذكر (( و . فريدمان )) في كتابه (( الثورة العالمية ومستقبل الغرب )) في فصل ((سبعة اتجاهات بارزة في الفكر الالماني)) حول تاثير الفلسفة الهيجلية على العقل الالماني السياسي والاجتماعي والقانوني القول :
(( و كان الكتاب الحربيون والمشرعون يتسابقون في بث الاحتقار للقانون الدولي مما ادى الى احتقارنفس فكرة الانسانيةعلى اعتبار انها تضم جميع الامم والشعوب والاجناس ونقولها مرة اخرى هذا يعودالى نظريات هيجل التي تناولها المشرعون الالمان الحديثون امثال (كوفمان) و(وشمدت) و (بندر) و( لارنز ) و ( بوكهوف ) وغيرهم بالايضاح ، والشرح ...)) 3.
ويقول : (( ان النظريات التي تبين بطريقة او باخرى روح العدوان الذي تميز به الالماني قد نشأت كلها تقريبا بين اول القرن التاسع عشر والعصر الحاضر اما قبل هذا التاريخ فكانت المانيا تشكل جزءا من المدنية الاوربية، التي تدرجت من النظام الاقطاعي والكاثوليكي في القرون الوسطى ، الى النهضة العلمية ثم انتشار الفلسفة العقلية.... ، وبطبيعة الحال كانت الاراء الخاصة بالرسالة الروحية للامة الالمانية والتطورالتاريخي ، عن طريق اسهام الامم المختلفة فيه عرضة للانحراف (( فقلب هيجل)) الرسالة والتطور معا ...)) 4 .
واخيرا يقول مختتما الفصل بعنوان : مرضان تعاني منهما المانيا الحديثة : (( بقي امامنا نظريتان بلغت بهما المانيا حد الكمال الخبيث نظريا ، وعلميا الاولى نظرية تفوق الجنس الالماني على غيره من الاجناس ، ذالك التفوق الذي يعطيه الحق في السيادة على غيره من الاجناس والعالم ..!!.
اما النظرية الثانية او المرض الثاني المرتبط بالنظرية الاولى ارتباطا وثيقا ، فهو تمجيد القوة والوحشية وهومرض يظهر بوضوح في فلسفة (( هيجل )) و( نيتشة ) ويبرز في فلسفة (( كلاوز ويتز )) و(( سبنجلر )) والنازيين . 5 .
وعلى هذا الاساس مثل هيجل وفلسفته ومنطقه القاعدة الاخطر لكل من حاول فهم العالم والحياة والمجتمع من خلال منطق هيجل ، باعتبار ان المؤمنين به وبفلسفته وبمنطقه الديالكتيكي ..حتما سينظرون بشكل منقلب لكل ماهو قائم ليصبح استقرار المجتمع ليس في انسيابيته في الحركة والتطوربل بالصراع والتناقض والنفي ونفي النفي.... الخ وهكذا في كل المجالات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية !! .
ان اخطر ماطرحه بالفعل ( هيجل) في فلسفته وفكره ورؤيته والذي انتجت بطبيعة الحال كل تلك الكوارث الفكرية والفلسفية وكذا السياسية والاجتماعية ...هو منطقه الجدلي الديالكتيكي !!.
هذا المنطق ، الذي ليس فقط ادعى هيجل انه مما ينبغي ان يكون في فكر الانسان وتصوراته فحسب، بل ان هيجل طرح الديالكتيك على اساس ماهو كائن وانه يمثل القانون الاوحد لحركة العالم والانسان والتاريخ والفكر والقانون مما جعل المؤمنين بهذا المنطق ان ي تخذوا منه الحقيقة المطلقة الوحيدة في هذا العالم !!.
أما ماهو ذالك المنطق الديالكتيكي ، الذي دمر المانيا ومن بعدها دمر نصف العالم باسم الشيوعية وحتمية الصراع الطبقي على يد ماركس ومحازبيه ممن انتفعوا من هذ ا الفكر للوصول الى السلطة والحكم ؟.
فهذ ا ماتناوله بتوسع الامام الصدر في اطروحته (( فلسفتنا)) ليجعل من الديالكتيك حجم منتفخ اعلاميا لاغيروانه منطق في حقيقته مناقض للعلم وقوانين العالم وسنن الحياة والمجتمع ، ولهذا ذكر الامام الصدر اولا ماهية المنطق الديالكتيكي الهيجلي في البداية بالقول: ((وتتلخص الطريقة الجديدة _ طريقة الديالكتيك الهيجلي _ لفهم الوجود في افتراض قضية اولى ، وجعلها اصلا ، ثم ينقلب هذا الاصل الى نقيضه بحكم الصراع في المحتوى الداخلي بين المتناقضات ،ثم يأتلف النقيضان في وحدة وتصبح هذه الوحدة بدورها اصلا ونقطة انطلاق جديدة ، وهكذا يتكرر هذا التطور الثلاثي تطورا لانهاية له ولا حد ..وقد بدأ هيجل بالمفاهيم والمقولات العامة فطبق عليها الديالكتيك واستنبطها بطريقة جدلية قائمة على التناقض الممثل في الاطروحة ، والطباق ، والتركيب واشهر ثواليثه في هذا المجال واولها هو :الثالوث الذي يبدأ من ابسط تلك المفاهيم ، واعمقها وهو مفهوم الوجود ، فالوجود موجود ، وهذا هو ( الاثبات ) او( الاطروحة ) بيد انه ليس شيئا لانه قابل لان يكون كل شيئ الدائرة وجود المربع وجود الابيض وجود الاسود النبات الحجر وجود .... فليس اذا شيئا وهو بالتالي ليس موجود وهذا هو ( الطباق ) الذي اثارته الاطروحة وهكذا حصل التناقض في مفهوم الوجودويحل هذا التناقض في(التركيب) بين الوجود واللاوجود الذي ينتج موجودا لايوجد على التمام اي الصيرورة والحركة )) 6 .
ثم بعد ذالك يبين الصدر جهل التصورات للاشياء العالمية في منطق هيجل واطروحته الديالكتيكية ليقول :(( ونظرة بسيطة على الاطروحة والطباق والتركيب في قضية الوجود التي هي اشهر ثواليثه تدلنا بوضوح على ان هيجل لم يفهم مبدأ عدم التناقض حق الفهم حين الغاه ووضع موضعه مبدأ التناقض !.
ان مفهوم الوجود مفهوم عام دون شك ، وهو لذالك قابل لان يكون كل شيئ قابل لان يكون نباتا او جمادا او ابيض او اسود او دائرة او مربعا ولكن هل معنى هذا ان هذه الاضداد ، والاشياء المتقابلة مجتمعة كلها في هذا المفهوم ، ليكون ملتقى للنقائض والاضداد ؟.
طبعا لا فان اجتماع الامور المتقابلة في موضوع واحد شيئ ،وامكان صدق مفهوم واحد عليها شيئ اخر ، فالوجود مفهوم ليس فيه نقاط السواد والبياض ، او النبات والجماد وانما يصح ان يكون هذا او ذاك لاانه هو هذا وذاك معا في وقت واحد )) .7 .
اي بمعنى اخر يريد الامام الصدر التفريق بين مفهوم الوجود العام باعتباره مفهوم فكر عام للاشياء مثله مثل مفهوم الحيوان الذي يدخل بداخل اطاره اي موجود حي كالانسان والحيوان مثلا ،وبين واقعية وجود الاشياء بالخارج وتنوعها او اندراجها تحت مفهوم الوجود ، ونعم النبات وجود والحجر وجود ، لكن هذا لايعني تناقض وجود هذه الاشياء مع مفهوم الوجودلانه فيه تنوع موجودات متقابلةوحتى ان كانت متناقضة ، كالبياض والسواد ، لكن هذا يعني عمومية مفهوم الوجود ، لهذه الاشياء المتقابلة ممايجعل من مفهوم الوجودمفهوما غيرقابل لانطباق مبدأ اجتماع النقيضان في حيز واحد اسمه الوجود واللاوجود ، وليس العكس !!.
وبهذا اتى الامام الصدررض على قواعد هذا المنطق من القواعدليهدم كل مدعياته العريضة في فهم سر الاسرار المنطقية والفلسفية للكون والعالم والحياة ... لكن مع الاسف بدلا من استماع العالم لهذا الصوت الفلسفي الفكري للسيد الفيلسوف الصدر في زمنه ذهبت الاحزاب والمنظمات والتيارات ....الشيوعية المنضوية تحت لواء الماركسية المادية ، والايمان بديالكتيكها المزعوم وتحت وطأة المصالح السياسية التي توفرها هذه الفوضى العارمة ، في غيها لتحاول تطبيق هذا الديالكتيك الهيجلي الموهوم على كل حياة الشعوب ومصير استقرارها الخطير ! .
ان اشكالية هذا المنطق الهيجلي ، ومن ثم الماركسي الشيوعي وخطريته وتدميريته ربما لاتبرزبشكل واضح في المجال الفكري والفلسفي المنطقي الذي تناوله الامام الصدر رضوان الله عليه في اطروحته الفلسفية ، باعتباران الحيز الفكري والمجال الفلسفي ، مجال وحيز عام ومتخصص بصورة كبيرة لذا من الصعب على الناس جميعا ادراك ما يعنيه هذا الديالكتيك ، وخصوصا منه المادي الشيوعي الماركسي على حياة الانسان والمجتمع بصورة مباشرة ، وكم تمنينا ان يكون الصدر متناولا لهذه الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة ، والمباشرة ، لمنطق هيجل الديالكتيكي على المجتمع واستقراره وتطوره الحقيقي وحركته ، ولكن الصدر كان طرحه فلسفيا في هذه الحلقة ولم يكن طرحا اجتماعيا ليلاحق ما يعنيه المنطق الاشتراكي الديالكتيكي الماركسي المادي على المجتمع واثار مثل هكذا فلسفات ومنطق على صحة الحياة الاجتماعية وتماسك لحمتها الانسانية !!.
نعم يمكننا نحن بهذه المناسبة ان ناخذ نموذجا من خلاله نطبق المنطق الديالكتيكي على وجوده لنرى كيفية تصورنا ، لحركة هذا النموذج داخل هذا الديالكتيك وليكن هذا الحيز ، هو الحيز السياسي ، فمعروف فكريا ان الديالكتيك ، ومنطقه في الفكر الاشتراكي الشيوعي الماركسي المادي وكذا من قبله الهيجلي المثالي لم يكن فقط طريقة للبرهان والاستدلال العقلي فحسب ، بل كان ذالك المنطق يؤخذ على اساس انه تفسير لتطور حركة الفكر والمدنية والمجتمع والانسان ... فالناس في السياسة مثلا ، يبحثون عن الحرية على حساب النظام ، ويبحثون عن النظام على حساب الحرية وهما التناقض بين الاطروحة والطباق بيد ان كليهما يتحولان الى شر واحد بعينه اذا تطرفنا فيهما ، الا وهو حكم الاقوى ، بغض النظر عن الاخرين ، وقصة الصراع السياسي ، هي في اغلبها : قصة محاولة الوصول الى تآلفات متعاقبة من الجانبين بحيث تحتفظ اكثر فاكثر بكل ماله قيمة في النظام والحرية معا ، غير ان التركيب النهائي المطلق في تناقض الحرية مع النظام سوف يكون الدولة باعتبار ان الدولة هي الحقيقة الكبرى التي ينبغي الدفع نحوها كحقيقة ينبغي عبادتها !!.
ومن هذا المنطق نفسه نظرالماركسيون وكذا كل الماديين الشيوعيين للدولة كمقدس ينبغي ان لايكون في قبالته ان وجدت اشتراكيا اي حرية ، او نظام يحترم باعتبار ان لا الحرية ولا النظام هي حقائق ثاثبتة ومقدسة لايمكن تجاوزها ديالكتيكيا !!.
وهكذا قس على ذالك رؤية المجتمع ووجوده وكيفية صناعة صراع طبقي قائم بين الراسمالية ، والعمال في داخله ، حتى الوصول للمجتمع الشيوعي ، الذي ليس فيه لاراسمالية ولاعمال اجراء لديهم !!.
اما العالم فمعادلته نفس معادلة الصراع السياسي فلا قانون ولاحريات ولاثوابت تحترم ولامواثيق ولامعاهدات ..... انما هو ساحة لفرن ملتهب من الصراع الذي لاينتهي الا بانتهاء مفعول قانون الديالكتيك الحاكم لهذا العالم !!.
اما كيف ولماذا ينتفي مفعول قوانين الديالكتيك ومنطق الجدل او الدجل الماركسي الشيوعي عند وصول البشرية لقيام مجتمع شيوعي عالمي ليس فيه ولا راسمالي متعفن واحد ؟.
فلا جواب علمي او فكري او فلسفي او منطقي يطرح في هذا المضمار !!.
نعم اخطر مافي هذا المنطق والجدل الديالكتيكي هو: انعكاساته المدمرة واللانسانية على المجتمع والانسان واذا كان هيجل المثالي واللامادي واللاهوتي الذي استوحى من الله المطلق والمادي المحدود اطروحة وطباق ر كبت منهما الانسان المسيح ليكون نتيجة قضت على فكرة الله والمادة هو الذي صنع الدولة البروسية الالمانية النازية التي نشرت الحرب والدمار في ربوع العالم كله ، فماذا ستكون انعكاسات الشيوعية الاشتراكية الديالكتيكية الماركسية المادية الملحدة ، غير دمار اكل نصف العالم باسم الشيوعية والخداع والدكتاتورية وطبقة العمال ...ونسف كرامة الانسان وحرياته من قاموس الوجود البشري !!.
1 : فلسفتنا / السيد الصدر /مصدر سابق / ص 24 .
2 : الموسوعة الفلسفية المختصرة / مراجعة واشراف زكي نجيب محمود / هيجل / ص 512.
3 : الثورة العالمية ومستقبل الغرب / و . فريدمان / ترجمة روفائيل جرجس / من الفكر السياسي الاشتراكي / الجمهورية العربية المتحدة / ص 22.
4 : فريمان / نفس المصر / ص 24 .
5 : فريمام / ص 30 .
6 : الصدر / فلسفتنا / ص 193 .
7 : الصدر / ص 194 .
http://7araa.blogspot.com/
الجمعة، نوفمبر 11، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر .. الديالكتيك )) 14 حميد الشاكر
اشارالسيد محمد باقر الصدر رض بتناوله للاشتراكية الشيوعية في تمهيده الفلسفي لكتاب ( فلسفتنا) : ان في الاشتراكية مذاهب متعددة وقد ذكرنا ان للاشتراكية جنبة ديمقراطية صناعية ، ولها جنبة مادية ماركسية ديالكتيكية شيوعية من جانب اخر !!.
ثم ذكر الامام الصدر : ان للاشتراكية الشيوعية المادية الديالكتيكية صاحبة البحث ثلاث مميزات اساسية :
الاولى : ميزة الفلسفة المادية .
الثانية : ميزة الطريقة الديالكتيكية !.
الثالثة : ميزة النسبة لماركس باعتباره مقتبس لهذه الرؤية !.
وذكرنا ان الاشتراكيات الديمقراطية تتبرأ من هذه المميزات الثلاث من منطلق انها دخيلة على الاشتراكيات الديمقراطية الغربية وانهاسبب تشوه الاشتراكية واختطاف مشروعها الانساني القيّم حسب ما وضعه الاشتراكيون الغربيون الديمقراطيون من صفات للمادية وللديالكتيكية الشيوعية الماركسية الدكتاتورية المشوهة !!.
نعم اما ماهي المادية الديالكتيكية الماركسية الشيوعية ، التي ابتلينا بوبائها المدمر عراقيا وعربيا واسلاميا في الماضي وبقاء جذورها الثقافية والفكرية في قاع فكرنا حتى اليوم كطحالب تخنق كل هواء فكري نقي يصلح للتجديد والتغيير ؟.
فالسيد الصدر محمد باقر في تمهيده الفلسفي يبينها على اساس انها : فلسفة خاصة للحياة وفهم مادي لها !.
او كما شرح مفهوم المادية الفلسفي في كتابه ( اقتصادنا ) على انها : (( تعني ان المادة بظواهرها المتنوعة هي الواقع الوحيد ، الذي يشمل كل ظواهر العالم والوان الوجود فيه وليست الروحيات وكل مايدخل في نطاقها من افكارومشاعروتجريدات الا نتاجا ماديا وحصيلة للمادة بدرجات خاصة من تطورها ونموها ، فالفكر مهما بدا رفيعا ، وعاليا على مستوى المادة ، فهو لايبدو في منظار المادية الفلسفية الا نتاجا للنشاط الوظيفي للدماغ ولايوجد واقع خارج حدود المادة )).1.
وبهذه المادية الماركسية الشيوعية ، حكمت هذه المدرسة على كل شيئ : انه نتاج مادي لاغيرفما الوجود الا منتج مادي وما الانسان وفكره ونظرية معرفته واخلاقه ومشاعره ودوافعه ....الا كذالك مجرد منتج مادي لايمت باي صلة لاي شيئ غير الصلة المادية ، وما فكرة الاديان والله والخالق وباقي الغيبيات اللاهوتية الا مجرد خداع طبقة راسمالية حاكمة تاريخيا وحتى اليوم تحاول شحذ اسلحتها المعنوية كما شحذت اسلحتها الاقتصادية والمادية ضد الطبقة العاملة ، وهكذا كل علم او مدرسة او فن او رؤية...الخ تستلهم افكارهامن غير المادية وانعكاساتها على الانسان فهي مدارس وافكار وقيم وفنون رجعية وغير علمية ولا تطورية ولايمكن لها ان تكون ثورية بروليتارية شيوعية ماركسية اشتراكية مادية !!.
اي وبمعنى اخر رديف لتعريف المادية من خلال تعريف الانسان المادي ، يمكننا القول: ان معرفة الشيوعي المادي الاشتراكي تتبلور في كونه انسانا يؤمن بالمادة فحسب في تصوراته الايدلوجية ، وملابساته الفكرية ، واخلاقياته الانسانية وفنونه التجريدية وغير التجريدي حسب التبيين الشيوعي لانسانها الماركسي والا بغيرهذه المادية يفقد الشيوعي هويته الشيوعية المادية ليصبح اما مثاليا اودينيا واقعيا حسب تقسيم الامام الصدر للتوجهات الانسانية ونقلها من قسمين هي المثالية والمادية الى اضافة قسم ثالث ، اسماه الامام الصدر بالقسم الواقعي العقلي الاسلامي الذي يؤمن بالواقع المادي ولايصادرالمعنوية من الحسابات !!.
فمثلا اذا وجدنا فنانا يؤمن بتاثير المعنوية او الاخلاقية على الفن او ينظر الى الفن انه طائر بامكانه ان يتمرد على قيود المادية ، واغلالها واقبيتها المظلمة ، فان هذا الفنان برسم صفات الشيوعية ومدرستها الاشتراكية المادية فنان رجعي باعتبار انه فنان يؤمن بما فوق المادية من وجود وتاثير وفاعليه فهو اذا ليس علميا ولايمكن له ان يكون تطوريا ثوريا شيوعيا بسبب ايمانه بماوراء المادة من فن !!.
وهكذا ان وجدنا شيوعيا يؤمن بما فوق المادة من لاهوتيات غيبية كالايمان بخالق لهذا الوجود او الايمان بحياة بعد هذا الوجود المادي ، فمثل هذا الانسان هو حتما انسان مصاب بالازدواجيةفي شخصيته الفكرية بسبب جمعه بين الانتماء للشيوعية المادية من جهة وادعائه الايمان بالغيب وماوراء المادة والله .... في حياته الفكرية والسلوكية ، او انه انسان غير شيوعي مادي لانه انسان لم يلتزم بالمادية كميزان اعلى وكهوية فلسفية اصيلة في هويةالانسان الشيوعي المادي الذي يرجع كل شيئ للمادة كالاه وخالق وصانع ومؤثر !!.
اما مايتعلق ب(الديالكتيك) كمميز ثاني ومفصل من اهم المفاصل الفكرية للمدرسة الاشتراكية الشيوعية الماركسية ، وتأتي بالمرتبة الثانية من ترتيب الهرمية الفكرية الاشتراكية الشيوعية ، فعلى مستوى التعريف ، فان الامام السيد محمد باقر الصدر يعرفه في تمهيده الفلسفي على : (( انها طر يقة فكرية تُفسر من خلالها حركات التاريخ والانسان ، والعالم والسنن والقوانين الاجتماعية والطبيعية والكونية وحتى النفسية الفردية )) !!.
او بمعنى تعريفي صدري خالص للديالكتيك فالطريقة الديالكتيكية : (( هي القوانين التي تفسركل تطور وصيرورة بالصراع بين الاضداد في المحتوى الداخل للاشياء فكل شيئ يحمل في صميمه جرثومة نقيضه ويخوض المعركة مع النقيض ويتطور طبقا لظروف الصراع )) . 2 .
اي ان الديالكتيك (منطق للتفكير البشري) العلمي على حد زعم الشيوعية المادية ومن خلاله نستطيع فهم حركة كل شيئ في هذا الكون والعالم والمجتمع والانسان وهو منطق يتجه الى القول ان حركة كل شيئ ، بما ان كل شيئ متحرك ومتطور في الفكر الشيوعي الماركسي في هذا العالم قائمة على عملية صراع ذاتي للاشياء ومن داخلهافكل شيئ في الوجود يحمل نقيض وجوده وجرثومة صراعه من داخله وما الحركة فيه الا نتاج هذه الجرثومة ، التي تحركه وتتحرك بداخله الى ان تصل هذه الجرثومة بصراعها مع وجودها القائم الى نقطة التصادم الكلية ، لتنتصرعلى الوجود القائم وتخرج هي من شرنقتها التي كانت بالقوة لتصبح وجودا على انقاض الوجود السابق بالفعل ، وهذا هو معنى التطور ، ومعنى الحركة ومعنى التغير في منظومة المنطق الديالكتيكي الشيوعي الذي من خلاله نستطيع فهم حركة اي شيئ في الوجود وندرك كيفية هذه الحركة والى اين هي تتجه !! .
والحقيقة ان الامام الصدر رحمه الله قد تناول هذا المنطق الديالكتيكي وبكل ابعاده المفصلية في كتاب فلسفتنا بل يمكننا القول ان كتاب فلسفتنا للسيد الصدراخذ شطره الاوسع لمناقشة الديالكتيك المادي الشيوعي الاشتراكي الماركسي ، حتى وصل الى تفكيكه بالكامل وهدم مدعياته من الاساس ، وكل ذالك المجهود الفكري بذله الامام الصدر لادراكه ان هذا الديالكتيك ، بما يؤسسه من نمط ، واسلوب تفكير هواساس الرؤية الشيوعية للتاريخ وللمجتمع وللكون والانسان...وبهدمه سيسقط العقل المفكر للمدرسة الشيوعية ، وعلى هذا الاساس تناول الصدر الد يالكتيك بالنقاط الرئيسية التالية :
اولا : تفنيد الصدر لخداع ، وتزييف الاعلام الشيوعي المعروف بصناعته الكذب والترويج له على اساس ان الفكر الشيوعي الاشتراكي هو الوحيد ، الذي يؤمن بان العالم متحرك ومتطور ومتقدم ، اما باقي المدارس الاخرى الفكرية والدينية فانها مجرد مدارس مثالية لاتؤمن لا بالتطور ولا بالتقدم ولا بالحركة لهذا العالم ، انما هي مدارس تؤمن بالتحجر والجمود في رؤيتها لهذا العالم ككل !!.
بينما الامام الصدريطرح ان كثير من المدارس ومنهاالمدرسة الاسلامية العقلية هي الاخرى تؤمن بان هذا العالم عالم حادث ومتحرك ومتغير ومتطور فهي اذا ليست ميزة للفكر الشيوعي ليقال انها المدرسة الفريدة ، التي تؤمن بحركة العالم وتطوره وتغيره !!.
ثانيا : نبه الامام الصدر ، وهو يناقش الديالكتيك الشيوعي الى اهداف صياغة هذه الرؤية للديالكتيك ولماذا ارادت الشيوعية الماركسية ان تكون حركةالديالكتيك قائمة على صراع النقائض ومن داخل الاشياء وليس من خارجها ؟.
فاجاب الامام الصدر: ان الشيوعية المادية ارادت ارجاع اي حركة للعالم الى ذاته ومن داخله هروبا من فكرة (( ان لابد لكل متحرك من محرك )) واذا اردنا البحث عن المحرك الحقيقي لهذا الوجودوالعالم الذي امنت الشيوعية بحركته الدائمة فنحن امام خيارين لاثالث لهما :
اما القول ان المحرك هو من خارج المادة والعالم ، وعندئذ لابد من التسليم بوجود محرك اعظم هو الله سبحانه ، وهذا ما تفرّ منه مادية الالحاد الشيوعي الماركسي فرار الحريق !!.
واما ان نرجع الحركة لذات المتحرك ومن ثم لنطرح منطقا ديالكتيكيا اقل ما يقال بحقه عند اهل العلم والخبرة انه محاولة خداع فكرية مفضوحة لاستغفال البسطاء من البشر في هذا المضمار ! !.
وعلى هذا الاساس بيّن السيد الصدر اهداف المنطق الماركسي الديالكتيكي ولماذا هو طرح فكرة صراع النقائض في الاشياءوكيف استطاع ان يستغفل العقل العلمي والفلسفي ليقلب المعادلة راسا على عقب للهروب من فكرة ان الحركة لايمكن لها ان تصدر من ذات المتحرك !!.
ثالثا :بين الصدر وهويناقس الديالكتيك ان الشيوعيين والماركسيين ليسوا فقط ذهبوا بعيدا في ديالكتيكهم المزعوم ، بل انهم ابانوا عن عوراتهم الفكرية الفاضحة عندما لم يدركواحتى معنى ابسط المصطلحات الفكريةالعقلية ومنها قاعدة (( عدم اجتماع النقيضان في حيز واحد )) فذهبوا للتنظير الى كيفية خلق صراع مزعوم بين هذه المتناقضات ليطرحوا المعادلة بالمقلوب ليصبح الديالكتيك ماهو الا امكانية اجتماع النقائض وصراعها في حيز واحد لاغير !!.
بينما الامام الصدر شرح بما لالبس فيه صحة قاعدة (( عدم اجتماع النقائض )) وان ما تحدثت عنه المدرسة الماركسية شيئ مختلف عن مفاهيم ومدارك هذه القواعد الفلسفية الرصينة !!.
رابعا : كذالك شرح الامام الصدرفي كتابه ( فلسفتنا ) ان منطق الديالكتيك مناقض لاهم القوانين الكونية والعالمية والاجتماعية والانسانية والفكرية العلمية الا وهومبدأ (العلية في العالم) او مبدأ السببية القائم على ان لكل علة معلول ولكل سبب مسبب فهذه القوانين هي الاساس الاول والاخير لقيام العلم في هذا العالم وكون الديالكتيك يحاول من خلاله طرحه لمبدأ صراع المتناقضات تحويل اسباب وعلل الاشياء الى مسببات ومعلولات نفس الاشياء !!.
فهذا خلف للمنطق العلمي والفلسفي القائل باستحالة تحول العلل والاسباب في حالة صراع الى مسببات ومعلولات بعد انتصار المعلول على علته كما يطرحه المنطق الديالكتيكي الشيوعي في بيان حركة الاشياء وتطورها !!.
بمعنى اخر:اثبت الامام الصدر من خلال فكره الفلسفي استحالة ان تكون المسببات اكبر من اسبابها في اي حالة او زمن من الازمان ،كما ان علل الاشياء لايمكن لها ان تتحول في عملية صراع ديالكتيكية كما تزعم الهيجلية ، ومن بعدها الماركسية الى معلولات في وقت من الاوقات ، ولهذا يرى الامام الصدر ان الافتقار الفكري الواضح للفلسفة الجدلية التي اسسها هيجل والمادية الشيوعية التي نظر لها ماركس هو الذي دفعها للاعتقاد ، بان الديالكتيك : هو القانون الواقعي الوحيد الذي بامكانه ان يفسر قوانين وحركة هذا العالم !!.
بينما الواقع يقول ان الديالكتيك كمنطق مفسرلحركة قوانين الكون والحياة والطبيعة ماهو : الا منطق لايمت للواقع وللعلم باي صفة كانت ، وماهو الا محاولة سياسية لصناعة قانون صراع سياسي المراد منه توظيفه فيما بعدليكون هو قاعدة الصراع الاجتماعي للفكر الشيوعي لتهديم المجتمع واعادة تشكيله بشكل وبصورة ايدلوجية مناسبة للتصورات الشيوعية المادية الماركسية !!. 3 .
نعم ناقش ايضا الامام الصدر رض الديالكتيك بغيرهذه النقاط الاربعة التي ذكرناها كمفاصل وعناوين لبحث السيد الصدر لمفهوم الديالكتيك ، ولكن يبدو ان هذه النقاط الاربعة وهي: اختطاف مفهوم التطور واختصاره على الفلسفة المادية ، والاهداف السياسية لهذه الصياغة الفكرية للديالكتيك او لحركة العالم ،وقصور او افتقار الفكر الماركسي في ادراك بعض المفاهيم الفلسفية ،مضافا الى نتيجة ان الديالكتيك بشكله الشيوعي المادي ماهو الا خيال سياسي اكثر منه رؤية فكرية وعلمية لتفسير العالم .... استطاع الصدر تهشيم القواعد الفكرية للمادية الاشتراكية الشيوعية !!.
يتبقى لنا في هذه الحلقة ان نتناول المميز الثالث للمادية الاشتراكية الشيوعية والذي ذكره الصدر في تمهيده الفلسفي بالقول :
((ولاريب في ان الفلسفة الماديةوكذالك الطريقة الديالكتيكية ليستا من بدع المذهب الماركسي ، وابتكاراته فقد كانت النزعة المادية تعيش منذ الاف السنين في الميدان الفلسفي سافرة تارة ومتوارية تارة اخرى وراء السفسطة والانكار المطلق كما ان الطريقة الديالكتيكية في التفكير عميقة الجذور ببعض خطوطها في التفكير الانساني وقد استكملت خطواتها على يد (( هيجل )) الفيلسوف المثالي المعروف وانما جاء (كارل ماركس) الى هذا المنطق ، وتلك الفلسفة فتبناها وحاول تطبيقها على جميع ميادين الحياة ...)) 4.
وهذا ماسوف انشاءالله نتناوله في الحلقة القادمة استكمالا لهذاالبحث لنناقش ماركس واضافاته الحقيقية للفكر المادي الديالكتيكي ، وهيجل كمؤسس مثالي عده الكثيرون من فلاسفة ومفكري اوربا على انه اخطر من نظر للصراع العالمي في هذه الحياة !!.
1: اقتصادنا / للسيد الصدر / مصدر سابق / ص 55.
2: اقتصادنا / ص 56 .
3 : راجع لمعرفة وجهة النظر الفلسفية للامام الصدر كتاب فلسفتنا / مصدر سابق / حيث ناقش الصدر كل ماذكرناه بصدد الديالكتيك من ص 179 في التمهيد الى ص 250 من نفس الكتاب .
4 : فلسفتنا ، السيد الصدر / التمهيد / ص 24 .
alshakerr@yahoo.com
http://7araa.blogspot.com/
السبت، نوفمبر 05، 2011
(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 13 حميد الشاكر
بدأ السيد الصدر في تمهيده الفلسفي لمناقشة الفكر الاشتراكي الشيوعي بالتنبيه الى ان الاشتراكية ، كمفهوم فكري ومذهب ونظام اجتماعي ، له عدة اتجاهات مذهبية وفكرية في العالم السياسي الاوربي بالخصوص انذاك والعالم الانساني بالعموم كما ان السيد الامام الصدر ( رض ) قد نوه في تمهيده الفلسفي ايضا الى ان من اشهر المذاهب الاشتراكية المعروفة انسانيا ، هو المذهب الاشتراكي القائم على النظرية الماركسية والمادية الجدلية بقوله :
(( في الاشتراكية مذاهب متعددة واشهرها المذهب الاشتراكي القائم على النظرية الماركسية والمادية الجدلية التي هي عبارة عن فلسفة خاصة للحياة وفهم مادي لها على طريقة ديالكتيكية )) 1 .
والحقيقة ان السيد الشهيد محمد باقرالصدر رحمه الله اراد بهذه الفقرة ان يشير الى ما كان في زمنه ولم يزل حتى اليوم من تنوع في رؤى المذاهب الاشتراكية التي تفترق بصورة واضحة بين اتجاهين واسعين :
الاول:وهوالاتجاه الاشتراكي البرلماني الديمقراطي الذي كانت بريطانيا احد ممثليه في اوربا الصناعية ومعها مجموعة من النظم السياسية الغربية التي آثرت الابتعاد نهائيا عن التطرف الاشتراكي صاحب النظرية الماركسية المادية !.
الثاني: وهو الاتجاه الاشتراكي الماركسي المادي الديالكتيكي ، الذي نشأ وترعرع فكريا في المانيا وعلى يد الفيلسوف المثالي ((فردريك هيجل)) واستقر في روسيا كتجربة سياسية اولا ، قبل ان يتحول ، الى منظومة الاتحاد السوفيتي بامبراطورية كبرى تمددت بشكل استعماري كبير ونافذ على مساحة واسعة من العالم !!.
وهناك ايضا تنظيرات اشتراكية دمجت ، بين الاشتراكيتين الديمقراطية ، والمادية كالاشتراكية الفرنسية ، التي بدأت ثورية الا انها سرعان ماعادت الى الديمقراطية ليستقر قرارها على ان تكون اشتراكية ديمقراطية ، وهكذا لابد من الاشارة الى ان الاختلافات المذهبية ، والفكرية لم تقتصر فقط بين اشتراكيتين فحسب الاولى منها مادية ، والثانية منها ديمقراطية بل ان الاشتراكية الديمقراطية الغربية نفسها ايضا ولوجود المتنفس الديمقراطي بداخلها ، كان في داخلها تعدد في الرؤى للاشتراكية ونظم عملها ومذاهبها الفكرية كذالك ، فكان هناك ما اسماه ( هيو . ا . كليج ) في كتابه (( الديمقراطية الصناعية والتأميم)) ، بالاختلاف بين الديمقراطية الاشتراكية ونظم عملها السياسية وكيفية اختلافها عن الاشتراكية الديمقراطية !!2 .
يتبقى ان نشير هنا كما اشار السيد الصدر لتعدد المذاهب الاشتراكية الى ان الفكرة القومية الغربية والشرقية ايضا ، دخلت على الملعب الاشتراكي ، لتتقاسم مذهبيتها الفكرية ليصبح لدينا اشتراكيتان قوميتان في الميدان الفكري قومية غربية وشرقية متبنية للاشتراكية الثورية المادية الماركسية ، كما هو الحال مثلا في الفكر القومي الالماني وكذا العربي البعثي المتطرف ، الذي تبنى تقريبا وجهة النظر الماركسية في فلسفة حتمية الصراع 3 .، وقومية غربية وشرقية ديمقراطية ، تحترم التطور العقلائي والديمقراطية الصناعية !!.
اما ماهية الاختلافات الجوهرية بين الاشتراكية الديمقراطية لاسيما البريطانية منها التي عاصرت زمن الامام الصدر والذي كتب كتابه ( فلسفتنا) ابّان وجودها الفعلي والسياسي والاشتراكية الماركسية المادية ، فيكفينا هنا ان نذكر ما ذكره (( هارولد ويلسن )) رئيس حزب العمال البريطاني ورئيس وزراء بريطانيا في 1964م في اطروحته المسماة ب (( ماهية الاشتراكية البريطانية )) عندما أكد :
ان الاشتراكية البريطانية في جوهرها ديمقراطية وتطورية فطوال تاريخها رفضت الاسلوب الثوري باستخدام القوة المسلحة او اتخاذ الاجراء الصناعي لبلوغ الغايات السياسية ولم يلقى منهج الصنف ، الذي اوحت به الثورتان الفرنسية والروسية أية استجابات من جانب الحركة العمالية البريطانية ، التي لم تكن تعني بالتدمير وانما عنيت بالبناء . 4 .
اي وبمعنى اخر اكثر وضوحا : ان المائز الرئيسي ، بين الاشتراكية الديمقراطية الغربية والاخرى الاشتراكية المادية الديالكتيكية الماركسية ان الاولى آمنت بحقوق المشاركة للعامل في الثروة الوطنية ، وامنت بان الديمقراطية الراسمالية حتما ستلد الاستغلال من قبل طبقة مستغلة صغيرة تمتلك النفوذ ووسائل الانتاج الصناعية ورؤوس الاموال الضخمةوآمنت كذالك بان يكون للعامل حق التصويت والمساهمة الفعالة في ادارة وسائل انتاجه الصناعية .....، الخ !!.
لكنها من جانب اخر لم تؤمن مطلقا بالمادية الماركسية ، كنظرية فلسفية وكذا لم تؤمن مطلقا بالديالكتيك كطريقة لفهم التطورات التاريخية والاجتماعية ، ولم تؤمن ايضا بالصراع الطبقي وحتمية وقوعه ولم تؤمن بضرورة ديكتاتورية البروليتاريا حتى تذويب او تدميرالطبقة الراسمالية والوصول الى المجتمع الشيوعي الخالي من كل تناقضات طبقية .....الخ !! .
نعم ولسوء طالعنا في الشرق بصورة عامة والعراق بصورة خاصة ، فقد اعرض اشتراكيوناعن الانتخاب الديمقراطي للاشتراكية الغربية لينتخبوا ومن ثم ليستوردوا لنا اشتراكية مادية بكل تفاصيلها الفكرية المتطرفة لتطرح امام شعوبنا على اساس انها طوق النجاة الاول والاخير وطريق التقدم والعلم والتطور النهائي !!.
أما لماذا ابتلينا نحن باشتراكية متطرفة ايدلوجية مادية ماركسية...مخادعة استغلت مسمى العلم والتقدم ، لتخدع شعوبنا المفتقرة للوعي والادراك السياسي الكافي ومن ثم لتدخلهم في نفق التشتت والانقسام والفوضوية وضياع الاستقرار الاجتماعي ؟.
فيبدو ان الجواب الواقعي على هذا السؤال هو : ان منطقة الشرق الاوسط بصورة عامة ، والعراق بصورة خاصة كان يخضع لعملية صراع وتسلل نفوذ بين الكتلة الشرقية السوفيتية الشيوعية انذاك والكتلة الغربية الاستعمارية الراسمالية مما جعل الخمسينات من القرن المنصرم ، ومابعده من حياة السياسة العراقية خاضعا بفضل مابذله الشيوعيين العراقيين من تغييرتوجه البوصلة للكتلة الشيوعية السوفيتية ولهذا راينا كيفية انتشار هذه الشيوعية الاشتراكية المادية المتطرفة في ربوع العراق في الاربعينات وحتى الخمسينات عندما عبرت الشيوعية الماركسية عن نفسها رسميا بعد انقلاب الجنرال قاسم في 1958م وتهيئة الاجواء للشيوعية العراقية الماركسية للتعبير عن ذاتها فكريا وسياسيا بكل صلف ووقاحة قبل ان تنقلب عليها الاشتراكية القومية العربية الممثلة بحزب البعث العربي الاشتراكي !!.
وعلى هذا الاساس ناقش الامام الصدر الاشتراكية الماركسية باعتبار انها الحاضر الاوفر حظا من الاشتراكيات ، التي انتمى لها الشعب العراقي ، ولتصبح الشيوعية الاشتراكية الماركسية المادية الديالكتيكية هي طريق الشعب العراقي الذي قدمه لهم مجموعة من المنتمين يساريا وسياسيا للكتلة الشرقية السوفيتية انذاك !!.
هذا مايتعلق بالاشتراكية من وجهة النظر السياسية بصورة عامة !!.
أما مايتعلق بالجانب الفكري للاشتراكية المادية الماركسية الديالكتيكية ، فقد تناولها الامام الصدررض بكل تفاصيلها الفلسفية والمذهبية من خلال اطروحتيه (( فلسفتنا واقتصادنا )) بحيث انه لاحق مقومات الفلسفة المادية وبكل عناصرها الفكرية في الحلقة الاولى من اطروحته الفلسفية ليفند في (نظرية المعرفة) مقولة مادية الفكر الانساني ، وليهدم في الجزء الثاني من كتاب فلسفتنا المفهوم الفلسفي المادي للعالم ليناقش الديالكتيك وكيفية صياغةاوهامه الماركسية الغيرقائمة على العلم والمناقضة لابسط القواعدالعلمية التي يقوم عليها العالم بمجمله من قبيل مبدأ العلية الذي يتحكم في العالم ككل !!.
اما في كتاب اقتصادنا فناقش الامام الصدر ، مذهبية النظام الاشتراكي واساسيات اطروحته الاقتصادية ، ليبين بالادلة الفكرية الواضحة ، للقاصي والتداني المستوى الفكري الهابط ، والمخادع للاطروحة الماركسية المادية ، التي بنت كل تدميرها لمقومات الاجتماع البشرية على اساس فكرة الديالكتيك اللاعلمية ، التي اسمتها (( حتمية الصراع الطبقي))وضرورةالوصول الى المجتمع الشيوعي اللاطبقي باعتبار انه اعظم قانون وسنة من سنن التاريخ ، والحياة والكون والعالم .....، واذا بالامام الصدر يعري هذا التنظير اللاعلمي ، ليعيد بوصلة التفسيرات العلمية الى نصابها الدقيق قبل ان يعبث بها الفكر الماركسي المسيس !!.
ومع ذالك لم يخلوا تمهيد الفيلسوف الصدر لكتابه ( فلسفتنا ) من الاشارات الفكرية العميقة التي تناولت الفكر الاشتراكي الماركسي بلمسات اضافية ، هي بحاجة فعلا لتناولها واعادة قراءتها فكريا ، فهو رضي الله عنه قد اشار في تمهيده الفلسفي الى ثلاث مستويات فكرية للاشتراكية الماركسية :
الاول : وهو المستوى المادي للفلسفة الماركسية الاشتراكية .
الثاني : وهو المستوى الديالكتيكي لهذه الفلسفة .
الثالث : وهو المستوى الشخصي ل( ماركس) وكيف انه مقلد في كلا الاطروحتين المادية والديالكتيكية لفيلسوف المانيا الخطير ( فرديش هيجل) الذي طرح ديالكتيكه بمثالية قبل ان يحوره ماركس لمادية غائرة في التطرف والتدمير !!.
وهذا ماسوف نتناوله ( انشاء الله) في الحلقة القادمة من هذه السلسلة المعرفية لفكر الامام الصدر الفلسفي في تمهيده لكتاب فلسفتنا !!.
1: فلسفتنا / السيد الصدر / مصدر سابق / ص 24.
2: للتوسع بنظرية الاشتراكية الديمقراطية انظر / الديمقراطية الصناعية والتاميم / هيو .ا . كليج / ترجمة ابراهيم لطفي عمر / الجمهورية العربية المتحدة .
3: لمعرفة علاقة الفكر القومي البعثي بالفلسفة المادية الماركسية راجع : الدكتور منيف الرزاز / فلسفة الحركة القومية العربية التحدي الاستعماري / ج2/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر / الطبعة الاولى 1977م / ص 121.
4 : ماهية الاشتراكية البريطانية / هارولد ويلسون / الدار القومية للطباعة والنشر
http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)