اذا امتهنا السياسة وعملنا في مجالهافي
العصرالحديث بلارؤية علمية توّضح لنا مفاهيم السياسة وسنن وقوانين الدولة
فحتماسنتعامل مع الظواهر السياسية المستجدة يوميا بجهل ، وعواطف وتخبط وعدم ادراك وفهم لما هي السياسة
وقوانين ظواهر الحكم داخلها !.
بمعنى اخر ان السياسة اليوم اصبحت علماتدّرس
في الجامعات وليست مهنه لمن لامهنة له واذا اردنا ان ندرك ظواهرها علينا ان نعي ان
للحكم وظاهرة الدولة ( قوانين وسنن )هي المتحكمة في العاملين بداخلها وليس العكس
ولهذا قيل سابقا : الحكم ظاهرة نصنعها في بادئ الامر ثم تصنعنا الى مالانهاية !.
نعم كثيرمن ظواهر الحكم ، والسياسة تاخذ شكل
القوانين الاجتماعية والسنن التاريخية التي تحكم ظاهرة الحكم وحركة المجتمع ، ومن اهم هذه القوانين الحاكمة لمسيرة الدول هي ظاهرة ( الانفراد بالسلطة ، وتوحد القرار
داخل حكم الدولة ) !.
( ابن خلدون) عالم الاجتماع العربي وصاحب ( المقدمة
) ، والذي يعتبر في عرف الدارسين لعلم الاجتماع المعاصر على اساس انه اول من اسس (
لعلم الاجتماع السياسي ) تاريخيا قد تناول وبشكل مكثف ، ومعمق ظاهرة الدولة والحكم وخاصة داخل الاجتماع العربي الاسلامي
،وقد اكد ابن خلدون على مفهوم ( انفراد الحاكم بالسلطة لفساد الكل باختلاف حكامهم
/ انظر المقدمة / الفصل العاشر ) !!.
وهذا يعني مما يعنيه : (( ان الانفراد
بالسلطة وتوحيد رؤيتها وعدم تضارب الاراء حولها او محاصصة قرارها الممزق لانتظام
عملها من جهة والمُضر والمخل بمصالح الامة
ككل من جانب اخر ، كل ذالك يعتبر من ضمن قانون الدولة وسننها الاجتماعية الثابتة منذ
صنعت هيئة الدولة وحتى اليوم )) !!.
واذا ماراينا: ابّا يقتل ابناءه ليتفرد بقرار
الحكم والدولة تاريخيا او اخٌ يقصي اخاه ،
او صاحب قبيلٍ يبعد ابناء قبيلته او طائفيا يقتل ابناء طائفته او.. اذا ما راينا
ذالك تاريخيا جاريا في حكم الدول ، وحتى اليوم ،
فينبغي ان ندرك ان للدول قوانين ، وللحكم سنن في انتظامه وصلاح امره ، وكما
ان للكون خالقا والاها واحدا لاغير يقوم على ادارته وحكمه وانه ( لو كان فيهما
الهة الا الله لفسدتا ) كذالك الحكم والدولة
لابد لها من حاكم واحد ، ورؤية واحدة وقرار واحد كي لا يفسد حكم الدولة ، ولاينفرط عقد المجتمع ، وتضربه الفوضى والانهيار بسبب
تعدد الرؤى ومحاصصة القرار داخل الدولة !!.
اليوم في وضعنا العراقي القائم تبرز ظاهرتان في ادارة الدولة والحكم داخل
العراق :
الاولى : هي ظاهرة تمزيق الدولة بتمزيق رؤيتها وقرار ادارتها محاصصيا حزبيا
وطائفيا وقوميا و ....الخ ؟.
الثانية : خلل النظام الوظيفي للدولة والحكم (عجزها
عن القيام بوظائفها) مما انعكس على خلل حياة المجتمع ، وتعطيل مصالحه ، وفوضى
مسيرته وفساد امره ومعيشته !!.
والظاهرة الثانية حتمية قانونية للظاهرة
الاولى ، فلا استقرار ونمو اجتماعي الا بوجود ( دولة موحدة وحكم صاحب قرار منفرد )
، ولاقرار موحد وحكم متماسك بوجود محاصصة للحكم وتمزيق لتماسك الدولة !!.
وعلى هذا الاساس : اذا راينا ظاهرة دولة ، وحكم تتنازع رؤاها
محاصصة حزبية او قبيلية او اسرية او قومية او طائفية او طبقية او دينية او ....
فينبغي ان نعي تماما ان ظاهرة الخلل الاجتماعي ،
وعدم الاستقرار الامني والفساد الاقتصادي والاداري ستتبع تلك الظاهرة حتما
!.
واذا راينا ظاهرة دولة قائمة على المحاصصة
وتشتت القرار والرؤية فينبغي ان ندرك: ان (حتمية الصراع) قادمة داخل هذه الدولة في
نهاية المطاف بين المتحاصصين وان هذه الحتمية الصراعية امر لامفر منه ابدا ، اذا
لم يتنازل المتحاصصون بالسلطة (( بارادتهم /
لعبة الديمقراطية : قبول الاقلية
بحكم الاكثرية) فيما بينهم ،
والبين الاخر ليتوافقوا على جهة واحدة تنفرد بالحكم والسلطة وادارة الدولة !!.
ان ما يجري اليوم في العراق وحكمه وسياسته
هوامرٌخاضع تماما لهذه السنة والقانون داخل الدولة ولاعلاقة لهذه القوانين والسنن للدول بنوعية
الصراع وافاقه ان كان بين ابن وابيه ، او
بين طائفة او مذهب واتباعها ، فليس هناك علاقة تحكم سنة الحكم وقوانين الدول غير تلك
السنن وهذه القوانين !!.
بمعنى اخر ان هذه السنن والقوانين الحتمية للحكم
والدولةلاعلاقة لها بنوعية الصراع داخل المجتمع على الانفراد بالسلطة والحكم ،ومن
يعتقد انه بامكانه ان يوقف سنة وقانون الدولة من الجريان ، والفعل لمجرد انه يرفع
او يخوّف اوليائه من حرب شيعية شيعية ، او كردية كردية او سنية سنية ، فهذا اما
انه لايدرك من مفاهيم الدولة وسنن وقوانين حكمها اي شيئ ؟.
واما انه مدرك تمامالهذه القوانين الا انه
يحاول ان يؤخر الوصول الى حتمية الصراع وانفراد جهة من الجهات بقيادة الدولة داخل
العراق !!.
الخلاصة :
اولا : الصراع في العراق على قيادة الدولة
وحكمها امر حتمي لامفرمنه ابدا تفرضه نفس متطلبات الدولة وقانونها على اتباعها !.
ثانيا : الصراع الشيعي الشيعي على الحكم والدولة
يحكمه قانون الدولة وسنة الحكم داخلها ، ولايمكن ايقافه الا بقيام سلطة ، وحكم
لجهة من جهات الشيعة والا سينقلب قانون الدولة على الشيعة انفسهم لياتي من هو ليس
بشيعي ليقود الدولة ويتغلب على حكمها رغم انف الشيعة انفسهم ؟.
ثالثا:ان الفاسدين والطائفيين(من الشيعة
والسنه والكرد)الذين يحاولون تعطيل قيام الدولة ،وجريان سننها الحتمية وقوانينها
النافذة فانما يحاولون عبثا لانهم سيواجهون بصراع ومعركة مع سنة من سنن المجتمع
وقوانينه التاريخية !.
رابعا :الوصول لسنة وقانون الانفرادبالسلطة
في العراق لجهةمعينه او حزب معين او فئة او .... امر قامت عليه قوانين الدول وسنن
الحكم داخلها ، وحتى النظم الديمقراطية القديمة واليوم هي ايضاخاضعة لهذا القانون
والحكم للدولة ولكن بشكل توافق سياسي وليس من خلال الصراعات والاقصاءات الدموية
السياسية !!.