( بقلم : حميد الشاكر)
عادة مايطرح عقديا اسلاميا وفكريا اجتماعيا موضوعة (( الاعمار الطبيعية )) للانسان والامم والجماعات والشعوب والدول ..، على اساس ان كل تلك العناوين لها قوانين وسنن واحدة في موضوعة الاعمار او المراحل الطبيعية الثلاث التي تشكل محطات حركية لحياة الانسان كما هي لحياة الامم وكذا للدول ، فالانسان يبدأ مرحلة الطفولة كبداية طبيعية لحركته في هذه الحياة ، ولايغادرها حتى يصل الى مرحلة الشباب والفتوة ، لينتقل بعد ذالك الى مراحل الضج والشيخوخة والكهولة ، ولتنتهي عند هذه المحطة اخر سني بقاءه في الوجود الانساني هذا ، وهكذا هي سنة البقاء وقوانينها الطبيعية بالنسبة للامم باعتبار ان كل امة تمثل جسدا واحدا لها من القوانين والسنن مايخضعها لنموذج الطفولة عندما تولد ، والفتوة والشباب عندما تتطلع للمستقبل والبناء ، لتصل بعد ذالك لمراحل الشيخوخة والتكهل عندما تدخل في مرحلة ضياع الهدف وضمور قوة الحركة نحوه لتتعطل كافة طاقاتها الابداعية لتصل الى مرحلة الموت الطبيعي بان تكون امة غير فاعلة في شيئ تماما ، وهذه هي حال الدول والحكومات نفسها عندما تظهر في الحياة الانسانية من خلال تغيير ثوري او اخر طبيعي وهي تحمل تطلعا واسعا وهدفا حيويا في حركتها السياسية نحو المستقبل لتنطلق من مرحلة الولادة والطفولة الى الفتوة والقوة والشباب بكل عنفوان ، ومن ثم لتصل الى مجد الرجولة وعز النضوج لتنتهي عند ضعف الشيخوخة وموت الكهولة الطبيعية في اخر عمر الدول والحكومات الانسانية !.
نعم قد رصد القرءان الكريم كطرحا اسلاميا اصيلا مشرقا (( سنن وقوانين )) الحياة الانسانية ، ولاسيما منها سنن حياة وموت الامم الانسانية وجعل لكل امة (( أجل وكتاب )) من خلاله تبدأ الامة مسيرتها لتنتهي عند مرحلة محددة بحدود معروفة ليقول سبحانه : (( ولكل أمة اجل فاذا جاء اجلهم لايستأخرون ساعة ولايستقدمون / قرءان كريم )) وقال سبحانه :(( لكل أمة اجل اذا جاء اجلهم فلا يسئخرون ساعة ولايستقدمون / يونس 49 )) .
كما وان المؤرخ الاجتماعي المعروف بابن خلدون صاحب (( المقدمة )) المشهورة قد رصد السنن والقوانين الطبيعية لحياة الدول والممالك والحكومات الانسانية ، ليعطيها المراحل الثلاثة في تقسيمه المشهور لنشوء وسقوط الدول والحكومات ، وخاصة منها الدول المتولدة من عصبية البداوة وبذرة العصبة ، ليقول في الفصل الرابع عشر :((ان الدولة في الغالب لاتعدو أعمارا ثلاث أجيال .. الجيل الاول لم يزالوا على خلق البداوة وخشونتها وتوحشها ... والجيل الثاني تحول حالهم بالملك والترفه من البداوة الى الحضارة (لينتقلوا )) من عز الاستطالة الى ذل الاستكانه فتنكسر سورة العصبية بعض الشيئ وتؤنس منهم المهانة والخضوع ... وأما الجيل الثالث ... يبلغ فيهم الترف غايته بما تبنقوه من النعيم وغضارة العيش فيصيرون عيالا على الدولة ومن جملة النساء والولدان ... حتى يأذن الله بانقراضها فتذهب الدولة .))
وكذا ما طرحه الامام الشهيد السعيد محمد باقر الصدر رحمة الله عليه في مدرسته القرءانية في الفصل الثاني من (( سنن التاريخ في القرءان )) ليؤكد حقيقة وجود هذه السنن التاريخية التي تلعب لعبتها في حركة الانسان والامة والدولة ، ليصل الى نتيجة حتمية نشوء وسقوط الدول والامم بالشرائط القانونية المعروفة !؟.
وعليه ومن هذه النظرة القرءانية والاجتماعية التاريخية وكذا الفكرية الاسلامية ، يمكننا القول وجزما ان دولة الارهاب البدوي الوهابي السعودي في جزيرة العرب والمسلمين هي تخطو الى مراحلها الاخيرة من عمر دولة القبيلة والعصبة ، باعتبار ان هذه الدولة قد استنفدت كل قوانينها وسننها الطبيعية في مراحل الطفولة وكذا الفحولة واخيرا هي الان في مرحلة الشيخوخة والكهولة ، لاسيما ان ادركنا ان الجيل الاول من مؤسسي هذه الحكومة المتوحشة في الجزيرة العربية قد ذهب بقوة توحشه البدوي الاعرابي واهدافه وتطلعاته في الغزو والتوسع الملكي والتي كانت تلك الاهداف والتطلعات المحرك القوي لفاعلية هذه الدولة وسر نموها المتزايد ، أما والحال ان هذه العصبة من الحكام القبليين قد فقدو سر ّ توهجهم القبلي (( وهو هدف الغزو الخارجي لدولة القبيلة )) وركونهم الى الترف والدعة والسكينة ، والرضا بذل التبعية للقوي الخارجي اليوم فهم في المرحلة الطبيعية الماقبل الاخيرة ، مع وجود الجيل الثاني من رجال دولة ال سعود وبداية جيل الكهولة الثالث على سدة الحكم ، والذي بدأت بوادر تآكله بالظهور الى العلن من خلال الخوف الرهيب الذي يطفوا على سطح مستقبل هذه الدولة من الحكم الطبيعي لهذه العائلة ، مع بروز المؤشرات الحقيقية على ان الجيل الثالث من رجال الدولة السعودية قد سيطر تماما على مقاليد السلطة في دولة الحكم السعودي والذي هو ومن ضمن صفاته القانونية التقوقع الى الداخل والتراجع عن التطلعات الكبيرة والرضا بالوجود الملكي وان كان رذيلا او ذليلا في الحياة والقناعة بماهو موجود من المغنم مع طلب الحماية من التوابع والموالين على حد تعبير ابن خلدون عند ضعف الدولة وانفراط الدعم من بناتها الذي اسسوا لوجودها ، واستأجار من يقوم على حماية الدولة بدلا من ابنائها الفعليين ؟.
ان مشكلة ((دولة العصبة والقبيلة )) في الحكم السعودي اليوم ، هي ان لهذا النموذج من الدول قوانين صارمة جدا في تمرحل حركتها الطبيعية ، فهي دولة قامت على حكم القبيلة مستعينا بشعار الدين للوصول الى الحكم وليس للوصول الى الدعوة الدينية ، وهذا اول تناقض فعلي يساهم في تعجيل شيخوخة الحكم وسقوطه المبكر ، بعكس ما لو استعانت الدعوة الدينية بالقبيلة والعصبة لانتصار فكرتها في السيطرة على الحكم فهي الاخرى ايضا لها قوانينها في الانتعاش والموت الا انها ستكون حتما اقوى واصلب عودا من المعادلة الاولى في الحكم !؟.
نعم قامت دولة ال سعود في الجزيرة العربية على اساس انها وبداية دولة الدعوة الدينية ، وسرعان ماساهم هذا الشعار بالتفاف الحركة الارهابية الوهابية حول شعارات النظام السياسي السعودي لنصرته باعتبار تبادل المصالح بين القبيلة والدعوة ، ولكن وبعد رحيل الرعيل الاول من العائلة الحاكمة في الملك السعودي تكشفت النوايا الحقيقية لاصحاب الملك والسلطان ، وباعتبار ان الدولة في العصر الحديث لها قوانينها الدولية المختلفة جدا عن قوانين دولة العصبة والقبيلة ، وباعتبار ان العائلة الحاكمة في الملك السعودي يفهم اللعبة السياسية الحديثة في العالم فسرعان ما اراد ان يقنع انصار الدعوة الدينية بان للدولة ضروراتها القانونية التي تفرض التنازل عن مبدأ (( الغزو والتوسع الخارجي )) او مبدأ الجهاد ونشر الدعوة الوهابية في الخارج ، وهنا حصلت اول بادرة انشقاق حقيقية بين الملك السعودي وانصار دولتها وبنات اسسها الاولية ، ولكن لم يظهر هذا الانشقاق بشكله الحاد جدا الا في الفترة الاخيرة من العقد المنصرم وبعد احداث اختمرت كل عواملها الطبيعية ، برز الجناح الديني الوهابي وهو يعلن ثورته على الحكم السعودي او على مبتنيات هذا الحكم وقناعاته بالمغنم السياسي المحدود في ارض الجزيرة العربية ، ليقود الفكر الديني الوهابي غزواته الدينية العالمية (( غزوة واشنطن ونيويورك )) معلنا رفضه لمبدأ الاستكانه باعتبار ان هذا المبدأ هو حبل المشنقة الحقيقية لاسس الحركة القبلية الوهابية بصورة خاصة ، وليعود الجناح الديني الوهابي الى المبادئ والاسس الذي قام على اساسها ابان تضامنه مع الحكم والدولة السعودية في الجزيرة العربية !.
صحيح : ان الحركة الدينية السلفية الوهابية اسست على اساس انها حركة توسع وغزو باسم الدين ، وهذا ما فهمه الاباء المؤسسين لدولة ال سعود الحديثه ، مما دفع هذه الثلة من رجال القبيلة ان يفكروا بانشاء او التحول من القبيلة الى الدولة بمساندة الدعوة الدينية المتلهفة لفكرة الغزو والمغانم وكل مايتصل بحياة البداوة والخشونة والتنقل من ارض الى ارض ، وحصل الاتفاق ، ولكن مع مجيئ القانون الدولي الجديد او تشكل العالم الحديث في بلورة حياته الدولية ، ليجد الزعماء القبليون انفسهم في مشكلة حقيقية مع قواعد دولتهم الشعبية المؤمنة بفكرة ان الدين والاسلام يعني التوسع والغزو او الجهاد كما اضلهم الضالون من علماء التعرّب ، بل ومع الاسس التي قامت عليها دولة ال سعود في جزيرة العرب والمسلمين من انها دولة او حكم الغزو الديني ، وهنا حاول حكام ال سعود خداع هذه القواعد الشعبية من الحركة الوهابية بان حولوا مفهوم الغزو والتوسع من صيغته (( الانشطارية )) الذي يتمدد تلقائيا من جغرافية الى مجاورتها ، الى صيغته (( المتشظية )) في الرمي ، ليصبح الغزو مدفعيا لينتقل من الجزيرة العربية ودفعة واحدة يصدر الى افغانستان او اي مناطق بعيدة جغرافية !؟.
تمام : يحق القول هنا انه وكما ان للحكم والدولة القبلية اجيالها الثلاث الطبيعية ، فكذا هنا للحركة الوهابية السعودية وباعتبار ارتباطها العضوي بدولة القبيلة السعودية ايضا اجيالها التي اختلفت مع الحكم وتطوراته من جيل الى جيل ، فهناك الجيل الاول من دعاة الحركة الوهابية التي فهمت الدعوة على اساس انها توسع مستمر لحركة الدعوة الوهابية ، وهذا الجيل كالجيل الملكي تميز بالخشونة والتوحش ونزعة الجرأة والاقدام على التضحية ....، مما هيئ الفتوحات الجغرافية الكبيرة امام هذا الامتداد البربري والقبلي المندفع بكل حماسة ، ليأتي بعده الجيل الثاني من الحركة الوهابية التي ارادت الدولة السعودية ترويضه وتدجينه في اقفاص الجزيرة العربية الجغرافية والتنفيس له بين الفينة والاخرى بان يغزو الغزوات البعيدة جغرافيا ، وبالفعل جاء الجيل الثاني من الوهابية (( ابن باز وامثاله )) داجنا موادعا قابلا بالدخول في لعبة ترويض الحركة الوهابية وادلجت افكارها على ضرورة اطاعة اولي الامر مهما فعلوا ماداموا يقيموا الصلاة فيهم !؟.
أما بعد الجيل الثاني وبداية الجيل الثالث الذي يسير حذو النعل للنعل مع العائلة السعودية الحاكمة للحركة الوهابية ، فقد بدأت بوادر العودة القوية الى الافكار والتطلعات التي بناها الاباء المؤسسون للحركة الوهابية من الجيل الاول وبداية الثاني ، وسرعان ماتفجر الاعلان عن ولادة الجيل الثالث من الحركة الوهابية بموت المقبور ابن باز من جهة ممثل الترويض الوهابي وبداية تشكل عالم العولمة المفتوح من جانب اخر !.
الحقيقة انه ليس صدفة ان تكون الغزوة الوهابية للجيل الثالث من الوهابية عالمية الابعاد الانسانية لتطال اميركا واوربا واسيا وجميع القارات العالمية الانسانية ، وذالك من خلال ان الطبيعة القانونية للعالم الحديث العولمي يفرض علينا فهم المعادلة بهذا الشكل من الغزو الوهابي للجيل الثالث والذي اسس على فكرة التوسع او القفز للابعد الجغرافي في عملية الحرب الدينية للفكر الوهابي ، فهنا وتزامنا مع ولادة الجيل الثالث للحركة الوهابية ولد مفهوم العولمة والعالم الجديد ورفع التعرفة الجمركية وتحرير التجارة العالمية ومحاولة رفع الحدود الجغرافية والدخول في تحالفات اممية متعدد واتحاد اوربي واخر افريقي ,.......... الخ ، كل هذا وغيره هيئ الارضية للحركة الوهابية ان تعبر عن نفسها وتلقائيا من خلال طرح مفهوم الغزو ولكن ليس بصيغته الجغرافية الضيقة بل بصيغته العولمية المتسعة ، لنجد ان الغزوة الحديثة للجيل الثالث من الحركة الوهابية يتنفس الصعداء في ابعد نقطة من الارض الجغرافية وهي واشنطن ونيويورك الامريكية !.
وهنا شعرت العائلة الحاكمة من ال سعود انها دخلت في مرحلة الخطر الحقيقي من جراء بذرتها السرطانية التي ارادتها ان تكون حامية لدولة القبيلة فاصبحت كارثة على دولة العائلة بصورة انفلت زمام السيطرة والتحريك لها في الغزو الخارجي الذي كان يخدم جميع الاطراف المتعاقدة ، ليصل الى اللعب وحده كحركة وهابية تبحث عن الدولة الراعية لنشاطها الديني التوسعي الارهابي ، بعد مانفضت يدها من العائلة الحاكمة في الجزيرة العربية والاسلامية من ارض الحرمين الشريفين !.
مضبوط : اراد الجيل الثالث من الحركة الوهابية ان يستبدل الدولة ويبحث عن دولة ترعى مصالح الدعوة الوهابية ، فكانت طالبان افغانستان وامارتها تعبيرا عن ((دولة الدعوة وليس دعوة الدولة )) لتحل محل شرعية دولة ال سعود الذي بذلت الحركة الوهابية الكثير في حمايتها من الداخل والخارج ، ولكن سرعان ما اسقط العالم كله دولة طالبان (( دولة الدعوة الوهابية )) باعتبارها ليست دولة وانما قاعدة ،!.
ان ((القاعدة )) هو المفهوم الاصيل الذي يشرح لنا فلسفة الفكر والحركة الوهابية من الالف الى الياء ، فهي حركة تعبر عن الغزو البدوي بلباس وشعار ديني ، وهي ليس بحاجة الى دولة وحضارة مستقرة ، بل هي بحاجة الى قواعد راحة ومناطق انطلاق ومراحل رعي ....كشأن اي قبيلة ترتحل من مكان الى اخر ..... الخ ، للانتقال بالقافلة الى الارض الجديدة الاخرى المراد غزوها او استيطانها من جديد ، لذا فليس هناك في فكر الحركة الوهابية اي معنى للمواطنة بل الدين هو الجامع الحقيقي للبشر والدين اما ان يكون وهابيا واما لا ، كما انه ليس هناك اي فكرة عن معنى التحضر او الاستقرار او البناء او الانشاء او التمدن ........الى باقي عناوين اي تجمع بشري حضاري انساني ، باعتبار ان كل هذه المفردات ما هي الا بدع في عقل الانسان القبلي المتنقل والراحل من مكان الى اخر ، بلا انتماء الى وطن ، ولاتفكير ببناء او تشيد او حياة طويلة في الارض ، وهذه هي كل مواصفات البداوة والقبلية تماما التي صاغها العقل الوهابي بشكل دين مقدس دعوته الاولى والاخيرة هي ليس البناء والاستقرار وتشييد الخضارة بل الغزو والجهاد والهجرة والتكفير .....الخ وقدمه لانصاره على اساس انه هو دين التوحيد والتجريد من كل شيئ ... فافهم جزاك الله كل خير !.
كل هذه الرؤية الواقعية للحركة الوهابية مع تطورات اجيالها المختلفة قد انعكس بشكل سلبي مئة بالمئة على دولة القبيلة السعودية في الجزيرة العربية ، فهي من جانب فقدت السيطرة على دفة الحركة الوهابية الخارجية التي كانت توظفها لمصالحها العالمية في خدمة هذا الطرف من الصراع العالمي او ذاك ، ومن جانب ثاني ان هذه الحركة وضعت مملكة ال سعود بمواجهة مع العالم الاخر باعتبار ان هذه الحركة تحسب على رعاية دولة ال سعود ، وهي نفسها الحركة التي ترعى الارهاب العالمي وتنشره في اقطار الارض قاطبة تحت شعار الجهاد في سبيل الله ، ومن جانب ثالث فان دولة العصبة للعائلة المالكة في جزيرة العرب قد فقدت قواعدها الشعبية التي تسيطر عليها الحركة الوهابية من الداخل لتجد نفسها مملكة ال سعود تتحرك بالفراغ تماما ولاتكد تضع ارجلها على قواعد بشرية تسند حركتها الطبيعية على الارض وهذه هي الكارثة الثالثة التي اوصلت الدولة السعودية الى نهايتها الحتمية في الوجود !.
ان نهاية الدولة السعودية في جزيرة العرب والمسلمين هي ليست امنية نتكئ على وسادتها لنحلم بغد افضل ليس فيه هذه النماذج من الحكم الخارجة على الشرعية العقلية والفكرية والاسلامية والعالمية والانسانية .....فحسب ، وانما هي حتمية قانونية تفرضها علينا سنن التاريخ والقرءان والفكر البشري ايضا ، فهذه الدولة بانت بوادر الانهيار المعنوي والمادي فيها من الداخل والحارج تماما ، لذا هي وفي اللحظة الاخيرة من الحياة تنازع البقاء القسري ك (( ذبالة الفانوس عندما تهب لتنطفئ تماما )) وما هذه التلاطمات والتجاذبات وكذا الاهتزازات الكبيرة في سياسة دولة ال سعود الداخلية والخارجية الا مؤشرات تؤكد على الضعف اكثر منه تاكيدا على القوة ، فليس هناك قوة شعبية داخلية تسند النظام السعودي القائم ان تعرض لاي هزة من الخارج ، مما جعل العائلة الحاكمة في ارض الجزيرة العربية ترتمي وبكل مالديها في احضان المستعمرين الاقوياء من (( الكفرة على حد تعبير الفكر الوهابي )) لحماية وجودها المهترء تماما ، وكذا محاولة هذه العائلة الحاكمة ان تستبدل كل سياستها ازاء الكيان الصهيوني الغاصب للارض العربية والاسلامية في فلسطين ولبنان وسوريا ، بأن تدخل مع الكيان الصهيوني بحلف وثيق يؤمن لها الدعم والحماية الغربية من السقوط والغضب الشعبي الداخلي الذي يتهدد مصير هذا النظام من الداخل ، لذالك ليس من المستغرب في القريب من الوقت ان نجد اعلان تحالف مقدس بين مملكة ال سعود ودولة ال اسرائيل يظهر الى العلن باسم الدفاع عن الامن والاستقرار العالمي ضد الارهاب وزعزعة استقرار في المنطقة العربية والاسلامية هنا ؟.
كل هذا وغيره مؤشرات على مدى الهشاشة التي تشعر بها الدولة السعودية امام التطورات الطبيعية لشيخوخة الدولة السعودية من جهة ، وقوة الدفع الخارجي الضاغط على وجود هذه الدولة من جانب اخر !.
نعم ذكي جدا من يلاحظ ان ولادة الدولة العراقية الديمقراطية الجديدة ، وامتلاكها لافق الهدف الكبير وطفولة مراحلها النامية وتطلعها الى الفتوى والقوة ، ومن ثم تهيئة كل الظروف لاقامة مشروع دولة قوية وبدماء جديدة وشابة ومتطلعة ....الخ ، قد ساهم في تفاقم رعب دولة ال سعود الايلة للسقوط في مراحل عمرها المتقدمة ، لذالك فان دولة ال سعود ترى في التجربة العراقية للدولة الفتية المولودة حديثا ، تراها بعين الموت القادم على ربوعها التي اسنت تماما لقدم التجربة واستنفادها لكل طاقاتها الحيوية ، وليس امامها الا الدخول بحرب ابادة ضد الدولة العراقية الجديدة ، لتوفر لها (( للدولة السعودية القائمة اليوم )) صنع عدو خارجي بامكانه ان يحرك الدماء المتجمدة في الجسد الجزيري الداخلي ليستمر القلب بالنبض والحياة في هذه الدولة من جانب ، ودفع الحركة الوهابية التي تمثل الخطر الداخلي الكبير وخاصة بجيلها الثالث المتمرد على الدولة السعودية من تغيير البوصلة من التفكير على الانقلاب على الدولة السعودية المنتهية الصلاحية الوجودية والناضجة الثمرة للسقوط في احضان الحركة الوهابية تماما ، الى التفكير بالعدو الشيعي الرافضي .....الخ الذي ضرب خيامه في العراق اليوم ، البلد المجاور لبلد الحرمين الشريفين المقدسين للعالمين العربي والاسلامي هذا !.
ان ظواهر من قبيل انتفاضة العراقيين الاحرار في المهجر ضد الارهاب السعودي الوهابي الذي يضرب بلدهم - العراق الجديد - بكل وحشية وقسوة ، وانتفاضة القلم العراقي المهاجر وبنفس الاتجاه من الحيوية وثورة الحبر على الظلم والارهاب السعودي ، وما استتبع هذه الثورة القلمية والشعبية العراقية من تحريك للذهن العربي والاسلامي ودفعه الى التفكير بخطر الدولة السعودهابية على الاسلام وعلى العرب بصورة عامة ، وتمرد القلم العربي بعد العراقي وتلمس بعض بوادر هذه الثورة الثقافية وكتاباتها في الصحف العربية السورية واللبنانية والمصرية والليبية واليمنية ......الخ ، يؤكد لنا ان العراقيين استطاعوا ان يغيروا من المعادلة في المنطقة العربية والاسلامية ثقافيا وسياسيا ، بل وان يقودوا وجهة البوصلة من توبيا عدم التعرض لدولار البترول السعودي الوهابي اعلاميا الى التخلص من اغلال هذه التوبيا الى رحابة حرية التفكير لهذا العقل العربي ، وماهي الا فترة قصيرة ان استطاع عراقيوا المهجر - بالخصوص عراقيوا المهجر لتاثيرهم الرهيب على العقل الغربي الذي يعيشون فيه وفضح ارهابية هذه النظام السعودي وتبرأة الاسلام العظيم من ارهاب الوهابية السعودية - ان يستمروا بانتفاضتهم المقدسة ضد الارهاب السعودي فنحن نجزم بان زوال هذه الدولة الفاسدة على وجود الارض العربية والاسلامية المقدسة سوف يزول قريبا انشاء الله تعالى !.
بسم الله الرحمن الرحيم :
(( فاصبر صبرا جميلا ، انهم يرونه بعيدا ، ونراه قريبا )) صدق الله العظيم
24/08/2007م
مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
السبت، فبراير 13، 2010
(( السلفية الدينية أفيون الشعوب الاسلامية ... جدلية العداء للعقل وللعدل ؟.))
( بقلم : حميد الشاكر )
تمثل السلفية الدينية تيارا من التيارات التي تلبست بالاسلام ثوبا ، ومنذ اطلالة هذا الاسلام العظيم وولادته في الجزيرة العربية وحتى اليوم ، ولاريب ان هذا التيار السلفي نشأ وترعرع في احضان الملكية الاموية - بداية - ليكون انعكاس لهذه المرحلة (( مرحلة السلف التي جاءت بعد مرحلة الصحابة في زمن محمد رسول الله ص )) وبكل مافيها من عفن فكري وسياسي واجتماعي قامت عليه الملكية الاموية في حقبتها المظلمة بعدما حولت هذه العائلة (( الامويون )) الاسلام من مفاهيمه الاصيلة في الحكم الشوري الى مفاهيم الطاغوت والتفرعن الملكي المنحط الذي استتبع كثيرا من الظواهر المنافية لروح الاصالة الاسلامية المحمدية الاولى ، من نشوء ظاهرة وعاظ السلاطين ، حتى التزييف لاحكام الاسلام والقرءان الكريم ، وصولا الى مسخ الهوية الاسلامية بكاملها وارادة نزع صفة المدرسة المحمدية للاسلام تماما واستبدالها بالمدرسة السلفية صاحبة الموضوع الذي نتحدث حوله باعتباره تيارا بني ونشأ ونمى تحت ظلال وفي كنف ورعاية وتخطيط العائلة الاموية الحاكمة التي دست دينا جديدا يتناغم ودين السلطان !.
نعم هذه الانحرافة العميقة في العصر الاموي للمسار الاسلامي ، وارادة القضاء على فكر محمد رسول الله العظيم ، هي من ضمن العوامل التي دفعت بالتيار العلوي الاسلامي الاصيل بقيادة سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله ص الحسين ابن علي للقيام بثورة شاملة (( بعد ثورة امير المؤمنين علي بن ابي طالب من موقع الامامة والخلافة اولا )) ، وانتفاضة اسلامية غامرة على الوضع القائم للاموية الشيطانية بمساندة السلفية من وعاظ السلاطين وحاشية الترف وجنود السلطان ، حتى وصل الامر بسيد شباب اهل الجنة للخروج بعياله واهله ونسائه وشيعته وكل مايملك من غالي وثمين لكشف هذه المؤامرة الخسيسة على الاسلام برمته ، فكانت واقعة كربلاء وبحق هي ليست فقط انتفاضة بيت علوي اسلامي محمدي اصيل على بيت فرعوني شيطاني اموي خبيث فحسب ، وانما كانت ولم تزل انتفاضة وثورة وتمرد للحسين بن علي واهل بيت النبوة الكرام على ((واقع وتيار وذهنية ومشروع ومذهب ودين ..... الخ )) سمي فيما بعد ب (( التيار السلفي )) واصبح اليوم ومع بالغ الاسف والحزن تيارا يصطبغ بطابع الدين والقداسة لاتباعه الذين يؤمنون به حتى هذه اللحظة بدون شعور وادراك واحساس منهم ان هذا التيار ماهو الا تيارا بعيدا تماما عن اهداف ومبادئ واصالة الاسلام الحنيف ، بل ماهو الا شيطان بين المسلمين ما ظهرت فتنة بينهم في التاريخ وحتى اليوم الا من اسمه وجنسه ورسمه ولاحول ولاقوة الا بالله عندما نصل الى مرحلة لانرى فيها اخذ ديننا الصحيح الا من هذا التيار المنحرف !.
تيار السلطة وتيار السيف وتيار الدرهم والدينار لوعاظ السلاطين !.
او تيار الارهاب والخوارج وسفك دماء المسلمين وتكفيرهم في الماضي وحتى الحاضر !.
اليس غريبا ان توصف المرحلة والزمن الذي قتل فيها سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي بن ابي طالب ع وتسبى نسائه وتيتم عيال رسول الله محمد ص وتقمع الحريات وتمتهن الكرامات وتلغى الشريعة ويؤمّر أنجس خلق الله عزوجل على المسلمين يزيد بن معاوية ...... الخ ، اليس غريبا ان يسمي المسلمون اليوم هذه الحقبة من العفن الانساني بانها مرحلة وحقبة وزمن (( السلف الصالح )) ؟.
وأليس عجيبا وغريبا ان تقدس مرحلة من مراحل الزمن لالشيئ الا لانها تحت ولاية الاسرة الاموية التي عاثت بالارض الفساد وعطلت الشريعة وحولت الاسلام الى وسيلة غزو وتوسع ونهب وسفك لدماء المسلمين وغيرهم باسم الجهاد مرة وباسم اخماد الفتن مرة اخرى ؟.
واليس مذهلا ان لايشعر المسلمون حتى هذه اللحظة بمؤامرة ماسمي بحقبة ((السلف الصالح)) ، وتحول السلف هذا الى مشرّع ينازع شريعة الاسلام ومحمد العظيم ص المكانة والقداسة حتى فهمنا السلفية تماما ولم نفهم اي شيئ عن وحول اسلام محمد ص العظيم ؟.
وهل من الممكن ان المسلمين بشعور وبلا شعور وصفوا هذه المرحلة (( بالسلف الصالح )) بسبب انها ساهمت في قتل الحسين وتشريد اهل البيت واستحلال دماء انصارهم ....الخ . لذالك هي تسمى بمرحلة الصالحين ؟.
وعلى هذا اي صلاح تتحدث عنه العقول الميتة لهذه الحقبة التي لم يسد فيها الا سيف السلطان وفساد الضمائر وسفك الدماء للصالحين من ال محمد ص وغيرهم من المسلمين حتى صدق عليهم قول رسول الله محمد الكريم ص بما معناه :(( لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) وغدت الخلافة كرة ملكية تتلقفها مرة بني امية واخرى بني العباس وثالثة من لايعرف لهم اصلا او فصلا من شذاذ الافاق ؟.
ولم لا !؟.
ان كان المؤسس لافكار واحكام وقواعد هذا التيار السلفي هي الشجرة الملعونة في القرءان من بني امية ، لم لايكون هذا التيار نسخة مصغرة لتغلغل ابليس الى الاسلام بلبوس ديني يضمن له العبث بالاسلام واهله وباسم الدين نفسه ، ليصبح قتل الدين بالدين (( قتل الحسين بمحمد ص )) والصراط المستقيم بالصراط والتوحيد بالتوحيد ...... الخ ، لنجد انفسنا امام دينيين واسلامين وطريقين وصراطين ، صراط محمد ص وعلي والحسين واسلامهم وتوحيدهم من جهة ، وصراط ودين وتوحيد السلفية الاموية من جهة اخرى ، ومابينهما اختلاف الطين والنار ، الذي قال عنه ابليس اللعين حكاية عنه في القرءان العظيم (( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) !.
ان الاشكالية الكبيرة للتيار السلفي في القديم وحتى اللحظة الانية هي في كينونة اتباع هذا التيار والمنخرطين بتقديسه بلا ادنى تأمل يذكر لهذه الحركة وهذا التيار والمذهب ، مما يرّ شح ظاهرة السلفيين وهذه الغيبوبة العميقة في فكرهم وعقولهم وشعورهم وحتى وجودهم الانساني الى التساءل حولها وبكل غرابة ب : لماذا يتميز اتباع هذه السلفية الاموية بحالة من الغيبوبة الانسانية الفكرية التي تتناقض حتى مع الاسلام نفسه ؟.
وهل عندما ينخرط الفرد بالايمان بالسلفية هو بالحتم سيكون داخلا في غيبوبة فكرية وعقلية وانسانية تماما ؟.
وماهو السبب ان يكون السلفي الديني مميز بميزة عدم التفكير باي شيئ من جهة ، وعدم امتلاكه الى اي خلق اسلامي اصيل يتصل باسم العدالة التي بشر بها الاسلام بل واعتبرها الاساس الاول لبعث الانبياء والرسل ع جميعا ؟.
كيف لنا ان نفهم انسانا ركب تركيبة دينية هي بالاساس الابعد تماما عن الدين نفسه ؟.
الحقيقية ان معرفة الاجوبة لهذه الاسألة وغيرها للظاهرة السلفية اليوم وبالامس تنفك بكامل رمزيتها الغريبة ان ادركنا ما اشرنا اليه ان هذه السلفية ماهي الا انعكاس لحالة طاغوتية سلطانية سياسية للعصر الاموي القبيح ، وما مركباتها وقواعدها الا منتج من منتجات التشيطن الاموي الذي البس السياسة الشيطانية لبوس الدين والاسلام ايضا ، لذا جاءت السلفية كجدران اقيمت على هذه الاسس الاموية والتي اسست لبعدين في معركتها المصيرية مع الحياة والانسان والاسلام وهما :
الاول : وضع اسس العداء الكبير لمشروع العدالة اي عدالة تذكر وبالخصوص العدالة الاسلامية كخلق رفيع في الاسلام .
ثانيا : اعمال ماكنة التشويه للعقل بل واعتبار عمله (( زندقة )) او الحث على احترامه من اهم شباك ابليس اللعين في الدين !.
وهنا ضمنت الماكنة الرسمية السياسية الاموية ابعاد اهم عنصري الاسلام الاصيل من الحياة الاسلامية لتغنم بالجانب الاضعف في معادلة الطاعة للسلطان في الدين وليتحول فيما بعد هذا الدين من ثورة ونهضة تشترك فيها العدالة والدين والعقل كتكتل واحد الى افيون ومخدر وانحطاط وتخلف يساهم في غيبوبة المجتمع وغلاظة طباعه !؟
ان واقع الاسلام المحمدي العظيم والاصيل قد وضع للاسلام والمسلمين الابعاد الثلاثة التي من خلالها يستطيع المسلمون ان يكونوا امة عظيمة على الحقيقة ، كما ان القرءان الكريم اشار الى هذه الابعاد الثلاثة على اساس انها مثلث الدين الاسلامي التي قام على اساسها كاهداف رئيسية لثورته المباركة الا وهي :
اولا : الدين والتدين والايمان
الثاني : العدل والقيام بين الناس بالقسط .
ثالثا : العقل والعلم كميزان ومحور واساس لخطاب الله سبحانه للانسان .
ومن هذه الاركان الثلاثة عرف التوحيد والرسول والرسالة ، ففي معرض العدالة على اساس انها ناموس الاسلام وسلامه وهدف النبوات وختامه قال سبحانه :(( لقد ارسلنا رسلنا بالبينت وأنزلنا معهم الكتب والميزان ليقوم الناس بالقسط ../ 25/ الحديد )) فالعدل هنا اساس وهدف وغاية كل عملية ارسال رسل وانزال كتب سماوية مقدسة ، وهذا مايجعلنا نوقن ان كل دين او فكرة او تيار او اطروحة ....الخ ، لاتحترم العدالة الانسانية ، او تحاول الالتفاف عليها باسم اي شيئ كان ماهي الا فكرة او تيار او دين او مقدس منحرف يريد ان يمارس الظلم باسم المقدس والتدين ؟.
وهكذا عندما نشير الى ان المحور الثاني (( العقل )) هو من اهم المحاور التي اعتمد عليها القرءان العظيم باعتبارها الاساس الاخر والميزان الاكبر لمعرفة الحق من الباطل ، فاننا لم ناتي بجديد بقدر ما اشرنا الى تاسيس اسس له الاسلام في قرءانه وسنة نبيه الكريم محمد رسول رب العالمين ص ، فالقرءان يقول بحرمة عدم تحريك العقل واستغلال قواعده واحكامه ، بل وعاب على الكفار والمنافقين عليهم انهم لو كانوا يمتلكون عقلا مفكرا لما كانوا من الكافرين بالدين والشريعة الاسلامية ، باعتبار ان الاسلام قرين العقل والفطرة ولايخالفهما باي شيئ يذكر ، لذالك جاءت النصوص القرءانية الكثيرة التي تشير الى ان الذين يناهضونه بعنف ماهم الا كالانعام التي لاتمتلك عقلا مفكرا ، بل وعدم وجود العقل عندهم وعدم احترامهم لمقررات العقل والفهم والانساني هو ما اوردهم الى نار جهنم الخالدين فيها والعياذ بالله سبحانه .
يقول سبحانه حكاية عن اهل النار من الكفار والمنافقين :((وقالوا لوكنا نسمع او نعقل ماكنا في اصحاب السعير / 10/ الملك )) اي لوكان لنا عقول نفكر بمانسمعه لكنا من اصحاب الجنة ولكن بما اننا احتقرنا العقل واتهمنا عمله بانها زندقة وانحراف اغلقنا اسماعنا عن كل مانسمع كي لانفكر فيه فكنا من اصحاب السعير ؟!.
تمام : ان ماكنة السلطة الاموية انذاك ادركت حقيقة هذين البعدين الخطرين على كل نظام سياسي فاسد وقائم على الظلم يريد ان يرفع من معادلة الدولة والمجتمع نظامي (( العقل والعدل )) كي تخلوا له الساحة تماما لممارسة اي نوع من انواع الفساد والظلم والانحراف بدون ان يكون هناك اي ميزان او مرجعية من خلالها يستطيع المجتمع ان يحاكم حكومته ان سعت في الارض فسادا او شاءت الانحراف في حركتها السياسية ، لذا جاءت (( الفكرة )) التي خططت لمشروع سياسي منحرف ومتكامل لضرب عنصري ((العدل والعقل)) في الحقبة الاموية لادراك هذا النظام السياسي بخطورة اي مجتمع يملك المثلث المتكامل للمجتمع الحي الا وهو (( الايمان والعقل والعدل )) على سلطة الظلم والفساد ، ومن هنا طرحت فكرة (( الجبرالديني السلفي )) التي بنيت على اساس ديني وباسم الاسلام في هذه المرحلة لضرب مشروع العدالة ومن الاساس العقدي الاول ، وجاءت فكرة (( الايمان )) بطاعة الحاكم بلا ادنى تفكير بمشروعية الخروج على ظلمه وفساده ، لضرب قواعد العقل والمنطق الانساني المستنكر لكل ماهو قبيح الفعل حكما ؟.
وهنا رحبت جميع السلط المتعفنة والفاسدة والخارجة على النظام الانساني ب (( الدين والتدين )) والانفراد به ونزعه عن منظومته المتكاملة في (( العدل والعقل )) ليكون الدين هذا عونا لهذه النظم الدكتاتورية السياسية التاريخية وحتى اليوم لضرب مشروع (( العدالة والعقلنة )) اساسا وهدفا ومن ثم ليكون هذا الدين رافدا قويا للظلم والفساد لتلك النظم السياسية المهترئة ؟.
نعم عندما ينّظر- من التنظير - الفكر السلفي الديني في التاريخ وحتى اليوم لوضع الاسس الدينية التي توصل فكرة (( العداء للعقل )) واعتباره فاقدا لصلاحية المعرفة القيمية للحسن والقبح العقليين ، وبعد ذالك نرى محاولة هذه السلفية الدينية اعلان حرب بلا هوادة على العقل والفكر الانساني لرفعه من المعادلة الاسلامية تماما ، عندها ندرك ونتسائل : لماذا هذا العداء السافر لكل ما يتصل بالعقلنة الانسانية سواء كانت فلسفية او كلامية في التاريخ وحتى اليوم ؟.
ان الباحثين في الفكر الاسلامي سيجدون ان التاسيس للعداء للعقل بدأ تماما كأنطلاقة فعلية على يد وحقبة السلفية الاموية ، وفي هذه الحقبة ايضا لمسنا التأسيس لمشروع تهميش العقل الانساني من الوجود الفكري الاسلامي ، لنجد ان وعاظ السلاطين قد بدأوا حملتهم الفعلية على الوجود والتحرك العقلي ، ليقمع اي تساءل فكري وعقلي حول المسائل الاسلامية من منطلق انه (( بدعة في الدين )) لتحارب الفلسفة اولا والمنطق ثانيا لتنتهي الصولة على علم الكلام باعتباره من اخطر ما ابتدعه العقل الانساني الاسلامي على الدين نفسه ، ومن بعد ذالك لنصل الى نتيجة ترى : انه مع ان القرءان والاسلام او الكتاب والسنة حسب مصطلحات السلفية الدينية تحث على احترام العقل والترحيب باجتهاده ، مع ذالك نجد السلفية الدينية تعلن الحرب وعدم الاحترام لهذا العقل الذي اكرمنا الله سبحانه وتعالى به ، والعكس صحيح ايضا ، فمع ان الكتاب والسنة لاتجرم او تحرم استعمال العقل او الركون الى مقرراته في الحسن والقبح لاعمال البشر ، مع هذا نجد ان السلفية وتحت لافتة (( البدعة )) التي هي اساسا بدعة تجرم العقل وتحرّم تحريكة او الركون الى مقرراته الفكرية !.
اليس غريبة هذه المعادلة : مع ان الاسلام يحث على احترام العقل والاخذ بمقرراته ، نرى السلفية الدينية تحرّم وتجرم هذا العقل والركون الى مبادئه باسم (( البدع )) ؟.
لماذا لم تكن العلاقة طيبة او متوازنة بين السلفية الدينية في التاريخ وحتى اليوم وبين العقل الانساني ؟.
واذا كانت شريعة الاسلام تحث على احترام العقلنة الانسانية وتوجب العمل بها فمن اين جاءت السلفية الدينية الاموية بهذه الفتوى ضد العقل والتفكير والتأمل الانساني لتراه عدوا للدين والشريعة الاسلامية بل وزندقة في الدين ؟.
نعود في هذا المفترق من الطرق لمرجعيتنا الفكرية في النظر للموضوعة السلفية الدينية ، لنجد ان هذه السلفية بما انها منتج ووليد حقبة الظلم والاستبداد والعفن السياسي في القديم وحتى الحديث ، فان افكارها ومنطلقاتها الفكرية واسسها الايدلوجية لم تكن ولن تكون منطلقات واسس ومبادئ فكرية اسلامية مطلقا بقدر ماكانت منطلقات ومبادئ واسس طاغوتية سياسية ترى ان المرجعية السياسية لاي حقبة من الحقب التاريخية هي الاساس والمؤشر الذي ينبغي لها ان تستقي منه افكارها ومنطلقاته السلفية الدينية ، وعليه فكلما كانت الحقبة السياسية حقبة ظلم واستغفال للعقل الاسلامي واستبداد واعتداء على حقوق الامة ، وجدنا ان السلفية الدينية مجتهدة في اخماد ثورة التساؤلات العقلية الاجتماعية على ظلم الحاكم بفتاوى التجريم لكل تفكير منطقي او عقلي تحت بند (( البدعة وطاعة الحاكم او ولي الامر بلا تفكير ))!.
ان البداية او التأسيس لهذا الفكر السلفي الديني بما انه اموي المنشأ فاننا سنجد حتما الجواب على : لماذية هذا العداء للعقل في السلفية الدينية هناك ، وعليه فان معرفة وادراك مفاصل الحقبة الاموية التاريخية السياسية يطلعنا بوضوح على الاسس والمبادئ التي بنت السلفية الدينية كل دينها المزيف عليه ، لتخترع فيما بعد دينا سلطانيا طاغوتيا يزاحم دين الاسلام المحمدي الاصيل ؟!.
نعم عندما ندرك ان العائلة الاموية كانت تتوجس الرعب والرهبة من كل عقل اسلامي مفكر يتسائل بشفافية عن حركات السلطان فاننا سندرك لماذا يخشى سلاطين الجور من العقول المفكرة ، ومن ضمنها المتسائلة : اي عقل يقبل ان يؤمر يزيد ابن معاوية الفاسد اخلاقيا والمنحط روحيا والمتسافل معنويا والمتخاذل كيانيا ......... الخ ، على مسلمين واسلام هو اساسا جاء ليبني منظومة اخلاقية رفيعة المستوى اقترنت بميزان اخلاق محمد رسول الله ص لتكون اخلاق محمد ص هي مرجعية اخلاق الحاكم الاسلامي ، وعليه اي عقل يقبل اخلاق معاوية او ابنه يزيد في قبالة اخلاق محمد ص العظيم ؟.
واي عقل سيقبل ان يؤمر سلاطين الجور والرذيلة على امة تؤمن ان من صفات الحاكم ان يكون نزيها ورعا ومتقيا نظيفا ومؤمنا بتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى ؟.
واي عقل سيقبل ان تكون الصولة لحكم التفرعن والتبذير والاستيلاء على حقوق الامة المالية والسياسية ، في مجتمع يؤمن باسلام يدعو الى مكافحة الفساد وحرب الظلم والتمرد على التفرعن والثورة على كل جور ؟.
وهكذا سوف نصطدم بمشروعين متنافرين تماما ، مشروع التفرعن والفساد السياسي من جهة ، ومشروع الاسلام المناهض للفساد والرذيلة من جهة اخرى ، وعند هذا نفهم الخوف الشديد من سلاطين الجور من مشروع التفكير والعقلنة الاسلامية ، لذا جاءت الرغبة الاموية انذاك والفرعونية حتى اليوم بمحاولة التخلص من (( العقل )) باعتباره ان دخل بالمعادلة السياسية والفكرية الاسلامية افسد كل مايخطط له البلاط الملكي المنحط ، وماهي الا غمزة حتى وجدنا وعاظ السلاطين من (( السلف الطالح )) يعملون ماكناتهم التخريبية للهجوم على العقل وتجريم حركته وتفسيق وتبديع تفكيره خدمة لاصحاب السلطان وعونا لهم في معركتهم الطاغوتية ضد العقل ، لنصل الى نتائج غاية في الخطورة على الاسلام اولا وعلى الامة المسلمة ثانيا !.
صحيح : من منطلق ذاك التاسيس السلفي الديني الخادم لاغراض السلطة السياسية انذاك اصبحنا اليوم امة بلا عقل مفكر ، بل والاخطر من ذالك وصلنا الى مرحلة من التزييف ترى ان ((الدين والاسلام )) هو اصلا مشروعا ضد العقل ومناهضا له ومحذرا من احترامه ، وكل ذالك بسبب ان السلفية الدينية اوهمتنا بدين سلطاني اموي فاسد اعتقدنا انه هو هو دين محمد ص الاسلامي ؟.
ان ظواهر تاريخية من قبيل ظاهرة انقراض مذهب ((الاعتزال الاسلامي)) او المعتزلة في التاريخ الاسلامي وبروز وانتصار مذهب اهل الحديث والظاهر والسلفية عليه مؤشر يشير لنا بكل وضوح حول المعركة التي دارت في التاريخ بين انصار العقل من جهة وانصار الظلم والسلطة ورفع العقل من المعادلة الاسلامية من جهة اخرى ، وليس غريبا ان تقع مثل هذه المعارك التاريخية في الواقع الاسلامي القديم والحديث بين انصار العقلنة الاسلامية وانصار السلفية الدينية باعتبار ان المشروعين مختلفين تماما ومتناقضين تماما في المبادئ والنتائج التي نتوصل اليها فيما لوقبلنا او رفضنا معادلة العقل هذه ؟.
الشيعة الامامية وكذا المعتزلة من المذاهب الاسلامية التي توافقت على احترام وتبجيل ورفع مكانة العقل الانساني في المعادلة الاسلامية لذا هي وبلا اليات معقدة تواجهت حتميا مع السلفية الدينية من جهة ومناصرة الماكنة السلطانية السياسية من جهة اخرى ، لنكون نحن وامام هذا المشهد قبالة جبهتين متناقضتين جبهة (( العقل والعدل والايمان )) كأصول للاسلام المحمدي الاصيل مثلتهما المدرسة الامامية الشيعية والمدرسة الاعتزالية العقلية من جانب ، وجبهة (( الظلم والغيبوبة )) كاصول للاسلام السلفي المرتد مثلته هذه السلفية الدينية بمؤازرة ومباركة السلط الظالمة والحاكمة بلاشرعية اسلامية او انسانية تذكر، ومن هذا وجدنا الكيفية التي اختلفت فيها الرؤى الفكرية اختلافا جذريا بين كلا الجبهتين وفي كل الاشياء الفكرية والتاريخية والشرعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فليس هناك اي قداسة تذكر في المدرسة العقلية الامامية او الاعتزالية في تناول الموضوعات الانسانية والاسلامية تمنع من المناقشة العقلية لهذا الدين او ذاك او تلك الشخصية الانسانية او هذه او هذا النظام السياسي او ذاك باعتبار ان الاسلام والعقل وحدة انسجام وليست بذرة انقسام ، بعكس تماما المدرسة الطاغوتية السلفية الدينية التي تجرم اي دراسة او مناقشة فكرية او عقلية تتناول هذا الموضوع اوذاك من المواضيع الانسانية والاسلامية ،فهناك قداسة لحقبة الصحابة وحقبة السلف وحقبة ماوراء السلف لايجوز تناول هذه الحقب باي عقلنة ودراسة فكرية توضح لنا ماهية هذه الحقب ولماذا نحن وصلنا الى هذه الحالة من ورائها ، ويكفيك تدليلا على هذه النقطة من الانغلاق مصطلح (( السلف الصالح )) باعتباره مصطلح ومنذ البداية يحكم بالصلاح لحقبة مورس فيها ابشع انواع الظلم والانحراف عن اصول الاسلام ومبادئه من تغيير نمط الحكم الاسلامي حتى الوصول الى تأمير فاسق كيزيد والوليد وغيرهم من حقبة اموية كاملة لم نرى فيه الا كل ابتعاد عن ماهو صالح والاقتراب الى كل ماهو طالح وفاسد ، ومع ذالك ترى السلفية تحريم المساس بهذه الحقبة التي جرت فيها من الحروب مايندى له جبين الاسلام على الجملة !.
هل كان الاسلام يحرم دراسة هذه الحقب من التاريخ الانساني أم ان حكّام هذه الحقب السياسية هم من يرغب بعدم اثارة واقعهم المليئ بكل ماهو عفن وفاسد وظالم وبعيد عن الاخلاق الاسلامية ؟.
يبدو وبكل صراحة ان حكام الجور هم من يرغب بعدم التعرض لحقب ملكهم الفاسد بالدراسة والوعي والعقلنة باعتبار ان اي بحث منصف وعقلي لهذه الحقب السلفية ستطلعنا حتما على حجم الجرائم والانحرافات التي حصلت في واقعهم السياسي والفكري والاجتماعي عن الاسلام وموازينه ، ولكن لاقرار سياسي بامكانه ان يحكم بالاعدام على عمل العقل المفكر وحركته المكتشفة للزيف والفساد التاريخي وغير التاريخي منه فما هو العمل عند هذه النقطة ؟.
الجواب : لاسيف كسيف (( الدين )) بامكانه ان يساهم وباسم الطاعة والايمان بتدمير واعدام العقل الانساني عن التحرك والتفكير ، وعليه فوعاظ السلطان جاهزون لاصدار الفتوى باعدام العقل وباسم الدين يجرم تفكيره كي يتخلص من العقل ونهائيا وباسم الدين هذه المرة وليس باسم السياسة التي لاتنهض بلعب هذا الدور الكبير جدا ، فالعقل وتفكيره وحركته وعمله والعلوم التي ينتجها كلها (( زندقة وبدعة وتفلسف وخروج على الكتاب والسنة ومالم يفعله السلف الصالح .......الخ )) من هذه التهم التي تحكم باعدام امة فضلا عن عقل انسان هنا وانسان هناك ؟.
هكذا حيكت المؤامرة السلفية الدينية على العقل الاسلامي لاعدامه ارضاء لرغبات السلطة الحاكمة والقائمة ومنذ العصر الاموي حتى هذا اليوم ، فلا تفكير في التاريخ ولا اخذ عبرة منه ، ولاتفكير بمعاوية بن ابي سفيان لدخوله في السلف الصالح ولايجوز التفكير بالسقيفة ولا بلماذا تخرج ام المؤمنين عائشة على ولي امر المسلمين وخليفتهم علي بن ابي طالب ع ؟. ولاتفكير بلماذا يقتل سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي ع ؟. ولاتفكير حول القياس لماذا ادخل للدين باسم الدين ،؟. ولاتفكير بلماذا من يختلف مع جزء من الصحابة يعد كافرا ؟. ولاتفكير بهل ان بعض الصحابة وصلو الى مرحلة الرسل والانبياء والاختلاف معهم يعد اختلافا مع الاسلام نفسه ؟. ولا تفكير حول الله او الرسول او الرسالة او الصحابة او السلف او المال الاسلامي وعبث الحكام او المراة او الحرية ولاتفكير ولاتفكير ......الخ!؟.
والغريب العجيب ان هذه القداسة في الفكر السلفي الديني تدور اينما دارت رحى السلاطين ، فان كانت تنال من شخصية ليست رسمية وليست لها منصب سياسي في التاريخ وحتى اليوم رفيع المستوى كالخلافة او الملك او الامارة فالامر خفيف فاما ان تعرض النقد او العقل او التفكير لهذا الحاكم او ذاك الخليفة او هذا الملك او ذاك الامير فان القيامة تقوم ولاتقعد ، واي مخالف للسلطان فهو حتما صاحب فتنة حسب المعتقد السلفي الديني واي ذيل او مناصر للسلطان فهو حتما من البطانة الصالحة والسلف الصالح ايضا ، وخذ على ذالك من اول خليفة بعد رسول الله محمد ص حتى اخر رئيس او ملك اليوم على بلاد المسلمين فكلهم طاهر مطهر ولي امر مفترض الطاعة من قبل الله سبحانه في عرف وفكر السلفية الدينية هذه ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
الاعجب الاغرب من ذالك في كارثة السلفية الدينية اليوم هو : ان هذه السلفية وصلت الى مرحلة من عبادة المنفعة والمصلحة والقوة ارغمها على ان ترى كعبتها التعبدية دائرة اينما دارت هذه القوة وذالك السلطان حتى ان القاتل والمقتول من السلاطين هم ولاة امر تجب طاعتهم وتقديس مراحلهم الزمنية في العرف السلفي الديني ، فالسلفية الصالحة هي هي خلافة الراشدين وحقبة الامويين وزمن العباسيين وبعده سواء كانوا سلاجقة او اتراك او عجم او عرب ....الخ ، كل هذه الحقب المتناقضة والمتناحرة والمختلفة والمتقاتلة ..، كلها حقب للسلف الصالح حتى وان كانت العباسية دمرت وبعنف ودموية منقطعة النظير حقبة بني امية نجد ان السلفية تبارك وتقدس كلا الحقبتين معا وتصفهمها ب(( السلف الصالح )) وختى ان قامت مجموعة من الصحابة بقتل الحسين ابن علي ع سيد شباب اهل الجنة فكل من القاتل والمقتول صالحا ، وحتى ان نكثت طائفة من الصحابة عهودها مع الخليفة الرابع للمسلمين علي بن ابي طالب ع فكل من الامام والخارج على امامته صالحا وقد رضى الله عنهم جميعا ؟.
وكل ذالك في الفكر السلفي الديني لالشيئ الا لأن السلطة والقوة اينما كانت كان ((الصلاح)) معها ، ولايهم ان كان امويا او علويا او عباسيا هو من يكون فوق السلطة ، ولكن المهم عند السلفية الدينية هي صلاح السلطة والقوة اينما حلت ، وفي يد من كانت هذه السلطة !.
ان هذه العبادة من قبل السلفية الدينية للسلطة والقوة اينما حلت هو مايدفعنا ان نقرر ان هذا التيار الديني ماهو الا منتج طاغوتي دنيوي يعبد الهوى والمنفعة من دون الله ، وحتى ان كانت هذه السلطة عند الكفار والمشركين او اميركا واسرائيل اليوم فانك ستجد ان هذه السلفية الدينية ستفعل المستحيل لاخراج مركز القوة من معادلة الخطأ بل واعتبار السلم والصلح ووجوب الركون الى الظلم القوي هو من اركان الاسلام العظيمة التي امر الله سبحانه وتعالى بها (( والصلح خير )) مع القوة والسلطة على اي حال !.
يتبقى لدينا موقف السلفية الدينية المناهض لمشروع العدالة الانسانية والاسلامية ، ولماذا تميزت هذه المدرسة السلفية بابتعادها الفكري والعملي الاخلاقي عن مفهوم العدالة تماما ؟.
ان العدالة الانسانية بالعموم والاسلامية بالخصوص هي مشروع ومنذ البداية ناهضها العداء بعدين من ابعاد الاجتماع الانساني على العموم :
الاول : بعد النظم السياسية الطاغوتية المتفرعنة والمؤمنة بشرعية القوة والسيطرة في الحكم فحسب .
ثانيا : وبعد النظام الاجتماعي اللامدني والمتمثل بنظم الاجتماع القبلي او الاعرابي او الوحشي ، باعتبار ان اساسيات هذه النظم الاجتماعية قائمة على اليات تفكير وعمل وقوانين مختلفة تماما عن اليات وقوانين الاجتماع المدني ، لذالك جاء مفهوم العدالة كمنتج للمجتمعات المدنية فحسب ، بينما اختصت مجتمعات التوحش بقوانين التعصب والقوة والغلبة فقط كادارة لحياة التجمعات المتوحشة في التاريخ وحتى اليوم .
وعليه فعندما نقول ان هناك (( عدالة اسلامية )) فاننا نقرر ومنذ اللحظة الاولى مدنية النظام والتشريعات الاسلامية باعتبارها اسست لمنظومة كاملة لمفهوم (( العدل )) في الاسلام والذي هو وبالضرورة قانون ارفع واعلى من قوانين ونظم العصبة القبلية وغيرها ، وعليه نتساءل : من اين جاء العداء الكبير في المنظومة الفكرية السلفية الدينية للعدل الانساني والاسلامي ؟.
أمن اتباع السلفية الدينية واعتبارها منتج طاغوتي فرعوني سياسي لذالك جاء الفكر السلفي الديني بعيدا ومناهضا لفكرة العدالة استتباعا لعداء ومناهضة الواقع السياسي الفرعوني لها ؟.
أم لان السلفية الدينية وعند الرجوع لدراسة نظمها الاجتماعية فاننا شنكتشف انها وليدة القبلية والتعرب العربي المتوحش الذي انعكس عليها فكريا ليدفعها وبدون اي شعور لعداء نظام التمدن البشري الا وهو نظام (( العدالة )) والترحيب بنظام القوة والتغلب الا وهو نظام العصبة ؟.
الحق ان كلا البعدين داخلين في تركيبة السلفية الدينية التي دفعتها وبلا شعور للنظر بعداء واشمئزاز لفكرة العدالة المدنية والتي هي انعكاس لواقع اجتماعي مختلف تماما عن واقع النظام القبلي هذا !.
في المذاهب الاسلامية الكثيرة هناك مذهبين يران ان (( العدل )) ركن من اركان الاسلام العظيم الا وهما ، المذهب الامامي الشيعي الجعفري الذي يرى (( العدل )) الركن الثاني للاسلام بعد التوحيد (( التوحيد العدل النبوة الامامة المعاد )) ، وكذالك المعتزلة ترى ان (( العدل )) الركن الثاني ايضا للاسلام الكريم بعد التوحيد(( التوحيد العدل النبوة المنزلة بن المنزلتين والمعاد )) ، اما السلفية الدينية فهي لاترى العدل لاركنا ولافرعا لركن في الاسلام بل وتراه شيئا غريبا على الاسلام نفسه اذا اخذنا ان من عقيدة السلفية الدينية موضوعة (( الجبر )) والتي تعني انعدام مفهوم العدالة تماما قبالة مفهوم (( الله سبحانه )) الذي يفعل مايشاء بلا موازين او ضوابط عقلية تحكم العمل وتصنفه الى ماهو عادل وماهو ظالم ؟.
نعم السلفية وباعتبار انها منعكس للقبلية الاموية من جهة ، وباعتبار انها منتج طاغوتي سياسي من جانب اخر دفعت لتكون في خانة العداء لمشروع (( العدل )) الانساني والاسلامي بالخصوص ، ولذالك جاءت عقائد السلفية الدينية وكذا فقهها وكذا توجهها الفكري والاجتماعي والفردي قائم تماما على كل ماهو بعيدا عن مفهومي (( العقل والعدل )) بالمطلق ، ففي العقيدة السلفية نجد ان لامعايير للعدل والظلم في الفعل الالهي فممكن ان يفعل الله سبحانه الظلم والعدل في الان الواحد باعتباره السيد والمالك المطلق ، وكذالك عندما تعلن السلفية الدينية ان ليس هناك مدخلية للعقل الانساني عندما يحكم على الافعال بالقبح والحسن ، فممكن ايضا ان يفعل الله القبيح والحسن من الاعمال باعتباره المالك المطلق فممكن ان يعاقب الصالح ويعفوا عن السيئ ، كما ان الله سبحانه ممكن له ان يرغم الانسان على فعل القبيح ويعاقبه او يجازيه فلا مناقضة في هذا العمل ولاظلم ولاقبح ولاحسن ولاعدل ....الخ ؟.!
هكذا تنّظر السلفية الدينية وعقديا لمشروعي العدل والعقل بالنسبة لله سبحانه وتعالى ، والغاية ربما لاتغيب عن الفطن الذكي من مفكري الاسلام واهله ، وهي ارادة تبرير ظلم الحكام وفسادهم ، لذا تعاملت السلفية مع الله فكريا على اساس انه حاكم من حكام البشر الذين يملكون السلطة والقوة ، فكانت (( الجدلية )) في الفكر السلفي تتحرك بين تبرير عمل الحكام والسلاطين والفراعنة الظلمة من جهة ، وبين ان نعطي قداسة ومشروعية لهذه الاعمال الطاغوتية لنجعلها في خانة القبول اسلاميا ، فجاء (( رب )) السلفية الدينية منسجما مع ربهم الدنيوي من الحكام والسلاطين الدنيويين ، فاذا كان الله سبحانه بالامكان ان يفعل المتناقضات الكبيرة وبامكانه ان يجازي المسيئ ويعاقب الصالح ، وليس هناك مقاييس لافعاله تحكم بقبح او حسن هذا العمل او ذاك ، فمن المقبول ان يكون الحاكم فاسدا ظالما مستهترا يعاقب الصالح ويحسن الى المسيئ باعتبار ان له سلطة الملك والقوة ايضا كالله سبحانه وتعالى ، واذا كانت العقيدة تسمح بعبادة من يفعل الظلم ويفعل القبيح وليس هو بقبيح في نفس الوقت فلماذا لاتكون الطاعة للملك والحاكم الدنيوي حتى ان عمل الافعال القبيحة وغير العادلة ايضا ؟.
ان هذا الفكر العقدي للسلفية الدينية هو ما اشرنا اليه باعتباره الخطر الاعظم على شريعة الاسلام والمسلمين وارادة تزييف كل عقائدهم الاسلامية ابتغاء لتبرير ظلم حكام الجور وسلاطين التفرعن ، واذا رجعنا ايضا للجانب الفقهي كذالك للسلفية الدينية وجدناها خليط عجيب غريب من عبادة القوة والسلطة ايضا ، ففتاوي وعاظ السلفية الدينية بوجوب (( اطاعة اولي الامر )) الظالمين والفاسدين والمتفرعنين والمعطلين لشرع الله سبحانه ، وكذا فتوى : ان شرعية الملك والحكم هي الغلبة والقوة في الجانب السياسي ، فانك ستجد ان تاسيس الظلم والدكتاتورية في النظام الفقهي الاسلامي لم يكن الا من خلال نوافذ وفتاوي هذا التيار السلفي الذي حول الحياة السياسية وتدريجيا من الشورى والرضا والانتخاب او البيعة ، الى السيف والتفرد والدكتاتورية والمؤامرات والتسلط ، لنصل الى مرحلة مسخ القيم السياسية الاسلامية تماما واحلال كل ماهو نجس وعفن مكانها ، والاعظم كارثة ان هذه السلفية الدينية لم تكتفي بان طرحت فكرة الدكتاورية كوسيلة للوصول الى الحكم ، لا بل لم تكتفي بذالك حتى شرعنة هذه الدكتاتورية والظلم والفساد بطابع من الدين والقداسة والاسلام لتعلن : ان شريعة الاسلام ومحمد رسول الله ص تقول بان شرعية الحاكم تاتي من خلال المؤامرات والدسائس والخدع والغلبة والقوة والتسلط ، ومن كان اكثر اجراما وسفكا للدماء فهو ولي الامر التي تجب طاعته من قبل الله سبحانه وتعالى !؟.
اليست هذه كارثة بحق ؟.
محمد رسول الله ص يدعوا قومه ثلاثة عشر سنة بالكلمة والاقناع حتى يهيئ له الله سبحانه من يؤمن به وبرسالته ، ومن ثم لتنتخب هذه الثلة من المؤمنين محمدا ص ورسالته وتبايعه طواعية وبلا ادنى اكراه ، ليصبح قائد مسيرة منتخب من قبل الشعب ومبايع له من قبل الامة ، ليكون وبحق مغيرا عالميا ومصلحا كونيا وسراجا منيرا للبشرية ، تأتي السلفية بعد ذالك بشريعة جديدا ودين اخر ليقول لنا : لاتقتدوا بهذه السنة للوصول الى الحكم وقيادة الامة ، بل عليكم النظر للقوة واستخدامها بكل عنف ودموية لتصلوا الى الحكم والسلطة لتغنموا بالشرعية وطاعة المسلمين لكم ونحن سوف نفتي بحرمة الخروج عليكم وعلى سلطانكم الجائر ؟.
أما ان غفلتم عن القوة والسيف وجاء من هو اقوى منكم وتغلب عليكم بالدم والسيف فنحن السلفية الدينية سوف نفتي بوجوب طاعة الغالب على المغلوب هذا ؟.
هل هذا معقول ؟.
هل هذا عدل ؟.
هل هذا دين الاسلام ؟.
صحيح : بل هذه هي السلفية الدينية البارحة واليوم بعيدا عن اسلام محمد العظيم ص او عقل العقلاء او عدل البشرية جمعاء ، نعم هذه هي الجذور والمبادئ والاسس التي بنيت عليها السلفية الدينية اصولا وفروعا باسم الدين والمقدس فمن شاء فليؤمن بها ومن شاء فليكفر بطاغوتها ، وليشهد الله والانبياء والرسل والاوصياء وجميع المسلمين انني اول من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله سبحانه وتعالى .
________________________
10/10/2007م
تمثل السلفية الدينية تيارا من التيارات التي تلبست بالاسلام ثوبا ، ومنذ اطلالة هذا الاسلام العظيم وولادته في الجزيرة العربية وحتى اليوم ، ولاريب ان هذا التيار السلفي نشأ وترعرع في احضان الملكية الاموية - بداية - ليكون انعكاس لهذه المرحلة (( مرحلة السلف التي جاءت بعد مرحلة الصحابة في زمن محمد رسول الله ص )) وبكل مافيها من عفن فكري وسياسي واجتماعي قامت عليه الملكية الاموية في حقبتها المظلمة بعدما حولت هذه العائلة (( الامويون )) الاسلام من مفاهيمه الاصيلة في الحكم الشوري الى مفاهيم الطاغوت والتفرعن الملكي المنحط الذي استتبع كثيرا من الظواهر المنافية لروح الاصالة الاسلامية المحمدية الاولى ، من نشوء ظاهرة وعاظ السلاطين ، حتى التزييف لاحكام الاسلام والقرءان الكريم ، وصولا الى مسخ الهوية الاسلامية بكاملها وارادة نزع صفة المدرسة المحمدية للاسلام تماما واستبدالها بالمدرسة السلفية صاحبة الموضوع الذي نتحدث حوله باعتباره تيارا بني ونشأ ونمى تحت ظلال وفي كنف ورعاية وتخطيط العائلة الاموية الحاكمة التي دست دينا جديدا يتناغم ودين السلطان !.
نعم هذه الانحرافة العميقة في العصر الاموي للمسار الاسلامي ، وارادة القضاء على فكر محمد رسول الله العظيم ، هي من ضمن العوامل التي دفعت بالتيار العلوي الاسلامي الاصيل بقيادة سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله ص الحسين ابن علي للقيام بثورة شاملة (( بعد ثورة امير المؤمنين علي بن ابي طالب من موقع الامامة والخلافة اولا )) ، وانتفاضة اسلامية غامرة على الوضع القائم للاموية الشيطانية بمساندة السلفية من وعاظ السلاطين وحاشية الترف وجنود السلطان ، حتى وصل الامر بسيد شباب اهل الجنة للخروج بعياله واهله ونسائه وشيعته وكل مايملك من غالي وثمين لكشف هذه المؤامرة الخسيسة على الاسلام برمته ، فكانت واقعة كربلاء وبحق هي ليست فقط انتفاضة بيت علوي اسلامي محمدي اصيل على بيت فرعوني شيطاني اموي خبيث فحسب ، وانما كانت ولم تزل انتفاضة وثورة وتمرد للحسين بن علي واهل بيت النبوة الكرام على ((واقع وتيار وذهنية ومشروع ومذهب ودين ..... الخ )) سمي فيما بعد ب (( التيار السلفي )) واصبح اليوم ومع بالغ الاسف والحزن تيارا يصطبغ بطابع الدين والقداسة لاتباعه الذين يؤمنون به حتى هذه اللحظة بدون شعور وادراك واحساس منهم ان هذا التيار ماهو الا تيارا بعيدا تماما عن اهداف ومبادئ واصالة الاسلام الحنيف ، بل ماهو الا شيطان بين المسلمين ما ظهرت فتنة بينهم في التاريخ وحتى اليوم الا من اسمه وجنسه ورسمه ولاحول ولاقوة الا بالله عندما نصل الى مرحلة لانرى فيها اخذ ديننا الصحيح الا من هذا التيار المنحرف !.
تيار السلطة وتيار السيف وتيار الدرهم والدينار لوعاظ السلاطين !.
او تيار الارهاب والخوارج وسفك دماء المسلمين وتكفيرهم في الماضي وحتى الحاضر !.
اليس غريبا ان توصف المرحلة والزمن الذي قتل فيها سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي بن ابي طالب ع وتسبى نسائه وتيتم عيال رسول الله محمد ص وتقمع الحريات وتمتهن الكرامات وتلغى الشريعة ويؤمّر أنجس خلق الله عزوجل على المسلمين يزيد بن معاوية ...... الخ ، اليس غريبا ان يسمي المسلمون اليوم هذه الحقبة من العفن الانساني بانها مرحلة وحقبة وزمن (( السلف الصالح )) ؟.
وأليس عجيبا وغريبا ان تقدس مرحلة من مراحل الزمن لالشيئ الا لانها تحت ولاية الاسرة الاموية التي عاثت بالارض الفساد وعطلت الشريعة وحولت الاسلام الى وسيلة غزو وتوسع ونهب وسفك لدماء المسلمين وغيرهم باسم الجهاد مرة وباسم اخماد الفتن مرة اخرى ؟.
واليس مذهلا ان لايشعر المسلمون حتى هذه اللحظة بمؤامرة ماسمي بحقبة ((السلف الصالح)) ، وتحول السلف هذا الى مشرّع ينازع شريعة الاسلام ومحمد العظيم ص المكانة والقداسة حتى فهمنا السلفية تماما ولم نفهم اي شيئ عن وحول اسلام محمد ص العظيم ؟.
وهل من الممكن ان المسلمين بشعور وبلا شعور وصفوا هذه المرحلة (( بالسلف الصالح )) بسبب انها ساهمت في قتل الحسين وتشريد اهل البيت واستحلال دماء انصارهم ....الخ . لذالك هي تسمى بمرحلة الصالحين ؟.
وعلى هذا اي صلاح تتحدث عنه العقول الميتة لهذه الحقبة التي لم يسد فيها الا سيف السلطان وفساد الضمائر وسفك الدماء للصالحين من ال محمد ص وغيرهم من المسلمين حتى صدق عليهم قول رسول الله محمد الكريم ص بما معناه :(( لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) وغدت الخلافة كرة ملكية تتلقفها مرة بني امية واخرى بني العباس وثالثة من لايعرف لهم اصلا او فصلا من شذاذ الافاق ؟.
ولم لا !؟.
ان كان المؤسس لافكار واحكام وقواعد هذا التيار السلفي هي الشجرة الملعونة في القرءان من بني امية ، لم لايكون هذا التيار نسخة مصغرة لتغلغل ابليس الى الاسلام بلبوس ديني يضمن له العبث بالاسلام واهله وباسم الدين نفسه ، ليصبح قتل الدين بالدين (( قتل الحسين بمحمد ص )) والصراط المستقيم بالصراط والتوحيد بالتوحيد ...... الخ ، لنجد انفسنا امام دينيين واسلامين وطريقين وصراطين ، صراط محمد ص وعلي والحسين واسلامهم وتوحيدهم من جهة ، وصراط ودين وتوحيد السلفية الاموية من جهة اخرى ، ومابينهما اختلاف الطين والنار ، الذي قال عنه ابليس اللعين حكاية عنه في القرءان العظيم (( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) !.
ان الاشكالية الكبيرة للتيار السلفي في القديم وحتى اللحظة الانية هي في كينونة اتباع هذا التيار والمنخرطين بتقديسه بلا ادنى تأمل يذكر لهذه الحركة وهذا التيار والمذهب ، مما يرّ شح ظاهرة السلفيين وهذه الغيبوبة العميقة في فكرهم وعقولهم وشعورهم وحتى وجودهم الانساني الى التساءل حولها وبكل غرابة ب : لماذا يتميز اتباع هذه السلفية الاموية بحالة من الغيبوبة الانسانية الفكرية التي تتناقض حتى مع الاسلام نفسه ؟.
وهل عندما ينخرط الفرد بالايمان بالسلفية هو بالحتم سيكون داخلا في غيبوبة فكرية وعقلية وانسانية تماما ؟.
وماهو السبب ان يكون السلفي الديني مميز بميزة عدم التفكير باي شيئ من جهة ، وعدم امتلاكه الى اي خلق اسلامي اصيل يتصل باسم العدالة التي بشر بها الاسلام بل واعتبرها الاساس الاول لبعث الانبياء والرسل ع جميعا ؟.
كيف لنا ان نفهم انسانا ركب تركيبة دينية هي بالاساس الابعد تماما عن الدين نفسه ؟.
الحقيقية ان معرفة الاجوبة لهذه الاسألة وغيرها للظاهرة السلفية اليوم وبالامس تنفك بكامل رمزيتها الغريبة ان ادركنا ما اشرنا اليه ان هذه السلفية ماهي الا انعكاس لحالة طاغوتية سلطانية سياسية للعصر الاموي القبيح ، وما مركباتها وقواعدها الا منتج من منتجات التشيطن الاموي الذي البس السياسة الشيطانية لبوس الدين والاسلام ايضا ، لذا جاءت السلفية كجدران اقيمت على هذه الاسس الاموية والتي اسست لبعدين في معركتها المصيرية مع الحياة والانسان والاسلام وهما :
الاول : وضع اسس العداء الكبير لمشروع العدالة اي عدالة تذكر وبالخصوص العدالة الاسلامية كخلق رفيع في الاسلام .
ثانيا : اعمال ماكنة التشويه للعقل بل واعتبار عمله (( زندقة )) او الحث على احترامه من اهم شباك ابليس اللعين في الدين !.
وهنا ضمنت الماكنة الرسمية السياسية الاموية ابعاد اهم عنصري الاسلام الاصيل من الحياة الاسلامية لتغنم بالجانب الاضعف في معادلة الطاعة للسلطان في الدين وليتحول فيما بعد هذا الدين من ثورة ونهضة تشترك فيها العدالة والدين والعقل كتكتل واحد الى افيون ومخدر وانحطاط وتخلف يساهم في غيبوبة المجتمع وغلاظة طباعه !؟
ان واقع الاسلام المحمدي العظيم والاصيل قد وضع للاسلام والمسلمين الابعاد الثلاثة التي من خلالها يستطيع المسلمون ان يكونوا امة عظيمة على الحقيقة ، كما ان القرءان الكريم اشار الى هذه الابعاد الثلاثة على اساس انها مثلث الدين الاسلامي التي قام على اساسها كاهداف رئيسية لثورته المباركة الا وهي :
اولا : الدين والتدين والايمان
الثاني : العدل والقيام بين الناس بالقسط .
ثالثا : العقل والعلم كميزان ومحور واساس لخطاب الله سبحانه للانسان .
ومن هذه الاركان الثلاثة عرف التوحيد والرسول والرسالة ، ففي معرض العدالة على اساس انها ناموس الاسلام وسلامه وهدف النبوات وختامه قال سبحانه :(( لقد ارسلنا رسلنا بالبينت وأنزلنا معهم الكتب والميزان ليقوم الناس بالقسط ../ 25/ الحديد )) فالعدل هنا اساس وهدف وغاية كل عملية ارسال رسل وانزال كتب سماوية مقدسة ، وهذا مايجعلنا نوقن ان كل دين او فكرة او تيار او اطروحة ....الخ ، لاتحترم العدالة الانسانية ، او تحاول الالتفاف عليها باسم اي شيئ كان ماهي الا فكرة او تيار او دين او مقدس منحرف يريد ان يمارس الظلم باسم المقدس والتدين ؟.
وهكذا عندما نشير الى ان المحور الثاني (( العقل )) هو من اهم المحاور التي اعتمد عليها القرءان العظيم باعتبارها الاساس الاخر والميزان الاكبر لمعرفة الحق من الباطل ، فاننا لم ناتي بجديد بقدر ما اشرنا الى تاسيس اسس له الاسلام في قرءانه وسنة نبيه الكريم محمد رسول رب العالمين ص ، فالقرءان يقول بحرمة عدم تحريك العقل واستغلال قواعده واحكامه ، بل وعاب على الكفار والمنافقين عليهم انهم لو كانوا يمتلكون عقلا مفكرا لما كانوا من الكافرين بالدين والشريعة الاسلامية ، باعتبار ان الاسلام قرين العقل والفطرة ولايخالفهما باي شيئ يذكر ، لذالك جاءت النصوص القرءانية الكثيرة التي تشير الى ان الذين يناهضونه بعنف ماهم الا كالانعام التي لاتمتلك عقلا مفكرا ، بل وعدم وجود العقل عندهم وعدم احترامهم لمقررات العقل والفهم والانساني هو ما اوردهم الى نار جهنم الخالدين فيها والعياذ بالله سبحانه .
يقول سبحانه حكاية عن اهل النار من الكفار والمنافقين :((وقالوا لوكنا نسمع او نعقل ماكنا في اصحاب السعير / 10/ الملك )) اي لوكان لنا عقول نفكر بمانسمعه لكنا من اصحاب الجنة ولكن بما اننا احتقرنا العقل واتهمنا عمله بانها زندقة وانحراف اغلقنا اسماعنا عن كل مانسمع كي لانفكر فيه فكنا من اصحاب السعير ؟!.
تمام : ان ماكنة السلطة الاموية انذاك ادركت حقيقة هذين البعدين الخطرين على كل نظام سياسي فاسد وقائم على الظلم يريد ان يرفع من معادلة الدولة والمجتمع نظامي (( العقل والعدل )) كي تخلوا له الساحة تماما لممارسة اي نوع من انواع الفساد والظلم والانحراف بدون ان يكون هناك اي ميزان او مرجعية من خلالها يستطيع المجتمع ان يحاكم حكومته ان سعت في الارض فسادا او شاءت الانحراف في حركتها السياسية ، لذا جاءت (( الفكرة )) التي خططت لمشروع سياسي منحرف ومتكامل لضرب عنصري ((العدل والعقل)) في الحقبة الاموية لادراك هذا النظام السياسي بخطورة اي مجتمع يملك المثلث المتكامل للمجتمع الحي الا وهو (( الايمان والعقل والعدل )) على سلطة الظلم والفساد ، ومن هنا طرحت فكرة (( الجبرالديني السلفي )) التي بنيت على اساس ديني وباسم الاسلام في هذه المرحلة لضرب مشروع العدالة ومن الاساس العقدي الاول ، وجاءت فكرة (( الايمان )) بطاعة الحاكم بلا ادنى تفكير بمشروعية الخروج على ظلمه وفساده ، لضرب قواعد العقل والمنطق الانساني المستنكر لكل ماهو قبيح الفعل حكما ؟.
وهنا رحبت جميع السلط المتعفنة والفاسدة والخارجة على النظام الانساني ب (( الدين والتدين )) والانفراد به ونزعه عن منظومته المتكاملة في (( العدل والعقل )) ليكون الدين هذا عونا لهذه النظم الدكتاتورية السياسية التاريخية وحتى اليوم لضرب مشروع (( العدالة والعقلنة )) اساسا وهدفا ومن ثم ليكون هذا الدين رافدا قويا للظلم والفساد لتلك النظم السياسية المهترئة ؟.
نعم عندما ينّظر- من التنظير - الفكر السلفي الديني في التاريخ وحتى اليوم لوضع الاسس الدينية التي توصل فكرة (( العداء للعقل )) واعتباره فاقدا لصلاحية المعرفة القيمية للحسن والقبح العقليين ، وبعد ذالك نرى محاولة هذه السلفية الدينية اعلان حرب بلا هوادة على العقل والفكر الانساني لرفعه من المعادلة الاسلامية تماما ، عندها ندرك ونتسائل : لماذا هذا العداء السافر لكل ما يتصل بالعقلنة الانسانية سواء كانت فلسفية او كلامية في التاريخ وحتى اليوم ؟.
ان الباحثين في الفكر الاسلامي سيجدون ان التاسيس للعداء للعقل بدأ تماما كأنطلاقة فعلية على يد وحقبة السلفية الاموية ، وفي هذه الحقبة ايضا لمسنا التأسيس لمشروع تهميش العقل الانساني من الوجود الفكري الاسلامي ، لنجد ان وعاظ السلاطين قد بدأوا حملتهم الفعلية على الوجود والتحرك العقلي ، ليقمع اي تساءل فكري وعقلي حول المسائل الاسلامية من منطلق انه (( بدعة في الدين )) لتحارب الفلسفة اولا والمنطق ثانيا لتنتهي الصولة على علم الكلام باعتباره من اخطر ما ابتدعه العقل الانساني الاسلامي على الدين نفسه ، ومن بعد ذالك لنصل الى نتيجة ترى : انه مع ان القرءان والاسلام او الكتاب والسنة حسب مصطلحات السلفية الدينية تحث على احترام العقل والترحيب باجتهاده ، مع ذالك نجد السلفية الدينية تعلن الحرب وعدم الاحترام لهذا العقل الذي اكرمنا الله سبحانه وتعالى به ، والعكس صحيح ايضا ، فمع ان الكتاب والسنة لاتجرم او تحرم استعمال العقل او الركون الى مقرراته في الحسن والقبح لاعمال البشر ، مع هذا نجد ان السلفية وتحت لافتة (( البدعة )) التي هي اساسا بدعة تجرم العقل وتحرّم تحريكة او الركون الى مقرراته الفكرية !.
اليس غريبة هذه المعادلة : مع ان الاسلام يحث على احترام العقل والاخذ بمقرراته ، نرى السلفية الدينية تحرّم وتجرم هذا العقل والركون الى مبادئه باسم (( البدع )) ؟.
لماذا لم تكن العلاقة طيبة او متوازنة بين السلفية الدينية في التاريخ وحتى اليوم وبين العقل الانساني ؟.
واذا كانت شريعة الاسلام تحث على احترام العقلنة الانسانية وتوجب العمل بها فمن اين جاءت السلفية الدينية الاموية بهذه الفتوى ضد العقل والتفكير والتأمل الانساني لتراه عدوا للدين والشريعة الاسلامية بل وزندقة في الدين ؟.
نعود في هذا المفترق من الطرق لمرجعيتنا الفكرية في النظر للموضوعة السلفية الدينية ، لنجد ان هذه السلفية بما انها منتج ووليد حقبة الظلم والاستبداد والعفن السياسي في القديم وحتى الحديث ، فان افكارها ومنطلقاتها الفكرية واسسها الايدلوجية لم تكن ولن تكون منطلقات واسس ومبادئ فكرية اسلامية مطلقا بقدر ماكانت منطلقات ومبادئ واسس طاغوتية سياسية ترى ان المرجعية السياسية لاي حقبة من الحقب التاريخية هي الاساس والمؤشر الذي ينبغي لها ان تستقي منه افكارها ومنطلقاته السلفية الدينية ، وعليه فكلما كانت الحقبة السياسية حقبة ظلم واستغفال للعقل الاسلامي واستبداد واعتداء على حقوق الامة ، وجدنا ان السلفية الدينية مجتهدة في اخماد ثورة التساؤلات العقلية الاجتماعية على ظلم الحاكم بفتاوى التجريم لكل تفكير منطقي او عقلي تحت بند (( البدعة وطاعة الحاكم او ولي الامر بلا تفكير ))!.
ان البداية او التأسيس لهذا الفكر السلفي الديني بما انه اموي المنشأ فاننا سنجد حتما الجواب على : لماذية هذا العداء للعقل في السلفية الدينية هناك ، وعليه فان معرفة وادراك مفاصل الحقبة الاموية التاريخية السياسية يطلعنا بوضوح على الاسس والمبادئ التي بنت السلفية الدينية كل دينها المزيف عليه ، لتخترع فيما بعد دينا سلطانيا طاغوتيا يزاحم دين الاسلام المحمدي الاصيل ؟!.
نعم عندما ندرك ان العائلة الاموية كانت تتوجس الرعب والرهبة من كل عقل اسلامي مفكر يتسائل بشفافية عن حركات السلطان فاننا سندرك لماذا يخشى سلاطين الجور من العقول المفكرة ، ومن ضمنها المتسائلة : اي عقل يقبل ان يؤمر يزيد ابن معاوية الفاسد اخلاقيا والمنحط روحيا والمتسافل معنويا والمتخاذل كيانيا ......... الخ ، على مسلمين واسلام هو اساسا جاء ليبني منظومة اخلاقية رفيعة المستوى اقترنت بميزان اخلاق محمد رسول الله ص لتكون اخلاق محمد ص هي مرجعية اخلاق الحاكم الاسلامي ، وعليه اي عقل يقبل اخلاق معاوية او ابنه يزيد في قبالة اخلاق محمد ص العظيم ؟.
واي عقل سيقبل ان يؤمر سلاطين الجور والرذيلة على امة تؤمن ان من صفات الحاكم ان يكون نزيها ورعا ومتقيا نظيفا ومؤمنا بتحكيم شرع الله سبحانه وتعالى ؟.
واي عقل سيقبل ان تكون الصولة لحكم التفرعن والتبذير والاستيلاء على حقوق الامة المالية والسياسية ، في مجتمع يؤمن باسلام يدعو الى مكافحة الفساد وحرب الظلم والتمرد على التفرعن والثورة على كل جور ؟.
وهكذا سوف نصطدم بمشروعين متنافرين تماما ، مشروع التفرعن والفساد السياسي من جهة ، ومشروع الاسلام المناهض للفساد والرذيلة من جهة اخرى ، وعند هذا نفهم الخوف الشديد من سلاطين الجور من مشروع التفكير والعقلنة الاسلامية ، لذا جاءت الرغبة الاموية انذاك والفرعونية حتى اليوم بمحاولة التخلص من (( العقل )) باعتباره ان دخل بالمعادلة السياسية والفكرية الاسلامية افسد كل مايخطط له البلاط الملكي المنحط ، وماهي الا غمزة حتى وجدنا وعاظ السلاطين من (( السلف الطالح )) يعملون ماكناتهم التخريبية للهجوم على العقل وتجريم حركته وتفسيق وتبديع تفكيره خدمة لاصحاب السلطان وعونا لهم في معركتهم الطاغوتية ضد العقل ، لنصل الى نتائج غاية في الخطورة على الاسلام اولا وعلى الامة المسلمة ثانيا !.
صحيح : من منطلق ذاك التاسيس السلفي الديني الخادم لاغراض السلطة السياسية انذاك اصبحنا اليوم امة بلا عقل مفكر ، بل والاخطر من ذالك وصلنا الى مرحلة من التزييف ترى ان ((الدين والاسلام )) هو اصلا مشروعا ضد العقل ومناهضا له ومحذرا من احترامه ، وكل ذالك بسبب ان السلفية الدينية اوهمتنا بدين سلطاني اموي فاسد اعتقدنا انه هو هو دين محمد ص الاسلامي ؟.
ان ظواهر تاريخية من قبيل ظاهرة انقراض مذهب ((الاعتزال الاسلامي)) او المعتزلة في التاريخ الاسلامي وبروز وانتصار مذهب اهل الحديث والظاهر والسلفية عليه مؤشر يشير لنا بكل وضوح حول المعركة التي دارت في التاريخ بين انصار العقل من جهة وانصار الظلم والسلطة ورفع العقل من المعادلة الاسلامية من جهة اخرى ، وليس غريبا ان تقع مثل هذه المعارك التاريخية في الواقع الاسلامي القديم والحديث بين انصار العقلنة الاسلامية وانصار السلفية الدينية باعتبار ان المشروعين مختلفين تماما ومتناقضين تماما في المبادئ والنتائج التي نتوصل اليها فيما لوقبلنا او رفضنا معادلة العقل هذه ؟.
الشيعة الامامية وكذا المعتزلة من المذاهب الاسلامية التي توافقت على احترام وتبجيل ورفع مكانة العقل الانساني في المعادلة الاسلامية لذا هي وبلا اليات معقدة تواجهت حتميا مع السلفية الدينية من جهة ومناصرة الماكنة السلطانية السياسية من جهة اخرى ، لنكون نحن وامام هذا المشهد قبالة جبهتين متناقضتين جبهة (( العقل والعدل والايمان )) كأصول للاسلام المحمدي الاصيل مثلتهما المدرسة الامامية الشيعية والمدرسة الاعتزالية العقلية من جانب ، وجبهة (( الظلم والغيبوبة )) كاصول للاسلام السلفي المرتد مثلته هذه السلفية الدينية بمؤازرة ومباركة السلط الظالمة والحاكمة بلاشرعية اسلامية او انسانية تذكر، ومن هذا وجدنا الكيفية التي اختلفت فيها الرؤى الفكرية اختلافا جذريا بين كلا الجبهتين وفي كل الاشياء الفكرية والتاريخية والشرعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، فليس هناك اي قداسة تذكر في المدرسة العقلية الامامية او الاعتزالية في تناول الموضوعات الانسانية والاسلامية تمنع من المناقشة العقلية لهذا الدين او ذاك او تلك الشخصية الانسانية او هذه او هذا النظام السياسي او ذاك باعتبار ان الاسلام والعقل وحدة انسجام وليست بذرة انقسام ، بعكس تماما المدرسة الطاغوتية السلفية الدينية التي تجرم اي دراسة او مناقشة فكرية او عقلية تتناول هذا الموضوع اوذاك من المواضيع الانسانية والاسلامية ،فهناك قداسة لحقبة الصحابة وحقبة السلف وحقبة ماوراء السلف لايجوز تناول هذه الحقب باي عقلنة ودراسة فكرية توضح لنا ماهية هذه الحقب ولماذا نحن وصلنا الى هذه الحالة من ورائها ، ويكفيك تدليلا على هذه النقطة من الانغلاق مصطلح (( السلف الصالح )) باعتباره مصطلح ومنذ البداية يحكم بالصلاح لحقبة مورس فيها ابشع انواع الظلم والانحراف عن اصول الاسلام ومبادئه من تغيير نمط الحكم الاسلامي حتى الوصول الى تأمير فاسق كيزيد والوليد وغيرهم من حقبة اموية كاملة لم نرى فيه الا كل ابتعاد عن ماهو صالح والاقتراب الى كل ماهو طالح وفاسد ، ومع ذالك ترى السلفية تحريم المساس بهذه الحقبة التي جرت فيها من الحروب مايندى له جبين الاسلام على الجملة !.
هل كان الاسلام يحرم دراسة هذه الحقب من التاريخ الانساني أم ان حكّام هذه الحقب السياسية هم من يرغب بعدم اثارة واقعهم المليئ بكل ماهو عفن وفاسد وظالم وبعيد عن الاخلاق الاسلامية ؟.
يبدو وبكل صراحة ان حكام الجور هم من يرغب بعدم التعرض لحقب ملكهم الفاسد بالدراسة والوعي والعقلنة باعتبار ان اي بحث منصف وعقلي لهذه الحقب السلفية ستطلعنا حتما على حجم الجرائم والانحرافات التي حصلت في واقعهم السياسي والفكري والاجتماعي عن الاسلام وموازينه ، ولكن لاقرار سياسي بامكانه ان يحكم بالاعدام على عمل العقل المفكر وحركته المكتشفة للزيف والفساد التاريخي وغير التاريخي منه فما هو العمل عند هذه النقطة ؟.
الجواب : لاسيف كسيف (( الدين )) بامكانه ان يساهم وباسم الطاعة والايمان بتدمير واعدام العقل الانساني عن التحرك والتفكير ، وعليه فوعاظ السلطان جاهزون لاصدار الفتوى باعدام العقل وباسم الدين يجرم تفكيره كي يتخلص من العقل ونهائيا وباسم الدين هذه المرة وليس باسم السياسة التي لاتنهض بلعب هذا الدور الكبير جدا ، فالعقل وتفكيره وحركته وعمله والعلوم التي ينتجها كلها (( زندقة وبدعة وتفلسف وخروج على الكتاب والسنة ومالم يفعله السلف الصالح .......الخ )) من هذه التهم التي تحكم باعدام امة فضلا عن عقل انسان هنا وانسان هناك ؟.
هكذا حيكت المؤامرة السلفية الدينية على العقل الاسلامي لاعدامه ارضاء لرغبات السلطة الحاكمة والقائمة ومنذ العصر الاموي حتى هذا اليوم ، فلا تفكير في التاريخ ولا اخذ عبرة منه ، ولاتفكير بمعاوية بن ابي سفيان لدخوله في السلف الصالح ولايجوز التفكير بالسقيفة ولا بلماذا تخرج ام المؤمنين عائشة على ولي امر المسلمين وخليفتهم علي بن ابي طالب ع ؟. ولاتفكير بلماذا يقتل سيد شباب اهل الجنة الحسين بن علي ع ؟. ولاتفكير حول القياس لماذا ادخل للدين باسم الدين ،؟. ولاتفكير بلماذا من يختلف مع جزء من الصحابة يعد كافرا ؟. ولاتفكير بهل ان بعض الصحابة وصلو الى مرحلة الرسل والانبياء والاختلاف معهم يعد اختلافا مع الاسلام نفسه ؟. ولا تفكير حول الله او الرسول او الرسالة او الصحابة او السلف او المال الاسلامي وعبث الحكام او المراة او الحرية ولاتفكير ولاتفكير ......الخ!؟.
والغريب العجيب ان هذه القداسة في الفكر السلفي الديني تدور اينما دارت رحى السلاطين ، فان كانت تنال من شخصية ليست رسمية وليست لها منصب سياسي في التاريخ وحتى اليوم رفيع المستوى كالخلافة او الملك او الامارة فالامر خفيف فاما ان تعرض النقد او العقل او التفكير لهذا الحاكم او ذاك الخليفة او هذا الملك او ذاك الامير فان القيامة تقوم ولاتقعد ، واي مخالف للسلطان فهو حتما صاحب فتنة حسب المعتقد السلفي الديني واي ذيل او مناصر للسلطان فهو حتما من البطانة الصالحة والسلف الصالح ايضا ، وخذ على ذالك من اول خليفة بعد رسول الله محمد ص حتى اخر رئيس او ملك اليوم على بلاد المسلمين فكلهم طاهر مطهر ولي امر مفترض الطاعة من قبل الله سبحانه في عرف وفكر السلفية الدينية هذه ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
الاعجب الاغرب من ذالك في كارثة السلفية الدينية اليوم هو : ان هذه السلفية وصلت الى مرحلة من عبادة المنفعة والمصلحة والقوة ارغمها على ان ترى كعبتها التعبدية دائرة اينما دارت هذه القوة وذالك السلطان حتى ان القاتل والمقتول من السلاطين هم ولاة امر تجب طاعتهم وتقديس مراحلهم الزمنية في العرف السلفي الديني ، فالسلفية الصالحة هي هي خلافة الراشدين وحقبة الامويين وزمن العباسيين وبعده سواء كانوا سلاجقة او اتراك او عجم او عرب ....الخ ، كل هذه الحقب المتناقضة والمتناحرة والمختلفة والمتقاتلة ..، كلها حقب للسلف الصالح حتى وان كانت العباسية دمرت وبعنف ودموية منقطعة النظير حقبة بني امية نجد ان السلفية تبارك وتقدس كلا الحقبتين معا وتصفهمها ب(( السلف الصالح )) وختى ان قامت مجموعة من الصحابة بقتل الحسين ابن علي ع سيد شباب اهل الجنة فكل من القاتل والمقتول صالحا ، وحتى ان نكثت طائفة من الصحابة عهودها مع الخليفة الرابع للمسلمين علي بن ابي طالب ع فكل من الامام والخارج على امامته صالحا وقد رضى الله عنهم جميعا ؟.
وكل ذالك في الفكر السلفي الديني لالشيئ الا لأن السلطة والقوة اينما كانت كان ((الصلاح)) معها ، ولايهم ان كان امويا او علويا او عباسيا هو من يكون فوق السلطة ، ولكن المهم عند السلفية الدينية هي صلاح السلطة والقوة اينما حلت ، وفي يد من كانت هذه السلطة !.
ان هذه العبادة من قبل السلفية الدينية للسلطة والقوة اينما حلت هو مايدفعنا ان نقرر ان هذا التيار الديني ماهو الا منتج طاغوتي دنيوي يعبد الهوى والمنفعة من دون الله ، وحتى ان كانت هذه السلطة عند الكفار والمشركين او اميركا واسرائيل اليوم فانك ستجد ان هذه السلفية الدينية ستفعل المستحيل لاخراج مركز القوة من معادلة الخطأ بل واعتبار السلم والصلح ووجوب الركون الى الظلم القوي هو من اركان الاسلام العظيمة التي امر الله سبحانه وتعالى بها (( والصلح خير )) مع القوة والسلطة على اي حال !.
يتبقى لدينا موقف السلفية الدينية المناهض لمشروع العدالة الانسانية والاسلامية ، ولماذا تميزت هذه المدرسة السلفية بابتعادها الفكري والعملي الاخلاقي عن مفهوم العدالة تماما ؟.
ان العدالة الانسانية بالعموم والاسلامية بالخصوص هي مشروع ومنذ البداية ناهضها العداء بعدين من ابعاد الاجتماع الانساني على العموم :
الاول : بعد النظم السياسية الطاغوتية المتفرعنة والمؤمنة بشرعية القوة والسيطرة في الحكم فحسب .
ثانيا : وبعد النظام الاجتماعي اللامدني والمتمثل بنظم الاجتماع القبلي او الاعرابي او الوحشي ، باعتبار ان اساسيات هذه النظم الاجتماعية قائمة على اليات تفكير وعمل وقوانين مختلفة تماما عن اليات وقوانين الاجتماع المدني ، لذالك جاء مفهوم العدالة كمنتج للمجتمعات المدنية فحسب ، بينما اختصت مجتمعات التوحش بقوانين التعصب والقوة والغلبة فقط كادارة لحياة التجمعات المتوحشة في التاريخ وحتى اليوم .
وعليه فعندما نقول ان هناك (( عدالة اسلامية )) فاننا نقرر ومنذ اللحظة الاولى مدنية النظام والتشريعات الاسلامية باعتبارها اسست لمنظومة كاملة لمفهوم (( العدل )) في الاسلام والذي هو وبالضرورة قانون ارفع واعلى من قوانين ونظم العصبة القبلية وغيرها ، وعليه نتساءل : من اين جاء العداء الكبير في المنظومة الفكرية السلفية الدينية للعدل الانساني والاسلامي ؟.
أمن اتباع السلفية الدينية واعتبارها منتج طاغوتي فرعوني سياسي لذالك جاء الفكر السلفي الديني بعيدا ومناهضا لفكرة العدالة استتباعا لعداء ومناهضة الواقع السياسي الفرعوني لها ؟.
أم لان السلفية الدينية وعند الرجوع لدراسة نظمها الاجتماعية فاننا شنكتشف انها وليدة القبلية والتعرب العربي المتوحش الذي انعكس عليها فكريا ليدفعها وبدون اي شعور لعداء نظام التمدن البشري الا وهو نظام (( العدالة )) والترحيب بنظام القوة والتغلب الا وهو نظام العصبة ؟.
الحق ان كلا البعدين داخلين في تركيبة السلفية الدينية التي دفعتها وبلا شعور للنظر بعداء واشمئزاز لفكرة العدالة المدنية والتي هي انعكاس لواقع اجتماعي مختلف تماما عن واقع النظام القبلي هذا !.
في المذاهب الاسلامية الكثيرة هناك مذهبين يران ان (( العدل )) ركن من اركان الاسلام العظيم الا وهما ، المذهب الامامي الشيعي الجعفري الذي يرى (( العدل )) الركن الثاني للاسلام بعد التوحيد (( التوحيد العدل النبوة الامامة المعاد )) ، وكذالك المعتزلة ترى ان (( العدل )) الركن الثاني ايضا للاسلام الكريم بعد التوحيد(( التوحيد العدل النبوة المنزلة بن المنزلتين والمعاد )) ، اما السلفية الدينية فهي لاترى العدل لاركنا ولافرعا لركن في الاسلام بل وتراه شيئا غريبا على الاسلام نفسه اذا اخذنا ان من عقيدة السلفية الدينية موضوعة (( الجبر )) والتي تعني انعدام مفهوم العدالة تماما قبالة مفهوم (( الله سبحانه )) الذي يفعل مايشاء بلا موازين او ضوابط عقلية تحكم العمل وتصنفه الى ماهو عادل وماهو ظالم ؟.
نعم السلفية وباعتبار انها منعكس للقبلية الاموية من جهة ، وباعتبار انها منتج طاغوتي سياسي من جانب اخر دفعت لتكون في خانة العداء لمشروع (( العدل )) الانساني والاسلامي بالخصوص ، ولذالك جاءت عقائد السلفية الدينية وكذا فقهها وكذا توجهها الفكري والاجتماعي والفردي قائم تماما على كل ماهو بعيدا عن مفهومي (( العقل والعدل )) بالمطلق ، ففي العقيدة السلفية نجد ان لامعايير للعدل والظلم في الفعل الالهي فممكن ان يفعل الله سبحانه الظلم والعدل في الان الواحد باعتباره السيد والمالك المطلق ، وكذالك عندما تعلن السلفية الدينية ان ليس هناك مدخلية للعقل الانساني عندما يحكم على الافعال بالقبح والحسن ، فممكن ايضا ان يفعل الله القبيح والحسن من الاعمال باعتباره المالك المطلق فممكن ان يعاقب الصالح ويعفوا عن السيئ ، كما ان الله سبحانه ممكن له ان يرغم الانسان على فعل القبيح ويعاقبه او يجازيه فلا مناقضة في هذا العمل ولاظلم ولاقبح ولاحسن ولاعدل ....الخ ؟.!
هكذا تنّظر السلفية الدينية وعقديا لمشروعي العدل والعقل بالنسبة لله سبحانه وتعالى ، والغاية ربما لاتغيب عن الفطن الذكي من مفكري الاسلام واهله ، وهي ارادة تبرير ظلم الحكام وفسادهم ، لذا تعاملت السلفية مع الله فكريا على اساس انه حاكم من حكام البشر الذين يملكون السلطة والقوة ، فكانت (( الجدلية )) في الفكر السلفي تتحرك بين تبرير عمل الحكام والسلاطين والفراعنة الظلمة من جهة ، وبين ان نعطي قداسة ومشروعية لهذه الاعمال الطاغوتية لنجعلها في خانة القبول اسلاميا ، فجاء (( رب )) السلفية الدينية منسجما مع ربهم الدنيوي من الحكام والسلاطين الدنيويين ، فاذا كان الله سبحانه بالامكان ان يفعل المتناقضات الكبيرة وبامكانه ان يجازي المسيئ ويعاقب الصالح ، وليس هناك مقاييس لافعاله تحكم بقبح او حسن هذا العمل او ذاك ، فمن المقبول ان يكون الحاكم فاسدا ظالما مستهترا يعاقب الصالح ويحسن الى المسيئ باعتبار ان له سلطة الملك والقوة ايضا كالله سبحانه وتعالى ، واذا كانت العقيدة تسمح بعبادة من يفعل الظلم ويفعل القبيح وليس هو بقبيح في نفس الوقت فلماذا لاتكون الطاعة للملك والحاكم الدنيوي حتى ان عمل الافعال القبيحة وغير العادلة ايضا ؟.
ان هذا الفكر العقدي للسلفية الدينية هو ما اشرنا اليه باعتباره الخطر الاعظم على شريعة الاسلام والمسلمين وارادة تزييف كل عقائدهم الاسلامية ابتغاء لتبرير ظلم حكام الجور وسلاطين التفرعن ، واذا رجعنا ايضا للجانب الفقهي كذالك للسلفية الدينية وجدناها خليط عجيب غريب من عبادة القوة والسلطة ايضا ، ففتاوي وعاظ السلفية الدينية بوجوب (( اطاعة اولي الامر )) الظالمين والفاسدين والمتفرعنين والمعطلين لشرع الله سبحانه ، وكذا فتوى : ان شرعية الملك والحكم هي الغلبة والقوة في الجانب السياسي ، فانك ستجد ان تاسيس الظلم والدكتاتورية في النظام الفقهي الاسلامي لم يكن الا من خلال نوافذ وفتاوي هذا التيار السلفي الذي حول الحياة السياسية وتدريجيا من الشورى والرضا والانتخاب او البيعة ، الى السيف والتفرد والدكتاتورية والمؤامرات والتسلط ، لنصل الى مرحلة مسخ القيم السياسية الاسلامية تماما واحلال كل ماهو نجس وعفن مكانها ، والاعظم كارثة ان هذه السلفية الدينية لم تكتفي بان طرحت فكرة الدكتاورية كوسيلة للوصول الى الحكم ، لا بل لم تكتفي بذالك حتى شرعنة هذه الدكتاتورية والظلم والفساد بطابع من الدين والقداسة والاسلام لتعلن : ان شريعة الاسلام ومحمد رسول الله ص تقول بان شرعية الحاكم تاتي من خلال المؤامرات والدسائس والخدع والغلبة والقوة والتسلط ، ومن كان اكثر اجراما وسفكا للدماء فهو ولي الامر التي تجب طاعته من قبل الله سبحانه وتعالى !؟.
اليست هذه كارثة بحق ؟.
محمد رسول الله ص يدعوا قومه ثلاثة عشر سنة بالكلمة والاقناع حتى يهيئ له الله سبحانه من يؤمن به وبرسالته ، ومن ثم لتنتخب هذه الثلة من المؤمنين محمدا ص ورسالته وتبايعه طواعية وبلا ادنى اكراه ، ليصبح قائد مسيرة منتخب من قبل الشعب ومبايع له من قبل الامة ، ليكون وبحق مغيرا عالميا ومصلحا كونيا وسراجا منيرا للبشرية ، تأتي السلفية بعد ذالك بشريعة جديدا ودين اخر ليقول لنا : لاتقتدوا بهذه السنة للوصول الى الحكم وقيادة الامة ، بل عليكم النظر للقوة واستخدامها بكل عنف ودموية لتصلوا الى الحكم والسلطة لتغنموا بالشرعية وطاعة المسلمين لكم ونحن سوف نفتي بحرمة الخروج عليكم وعلى سلطانكم الجائر ؟.
أما ان غفلتم عن القوة والسيف وجاء من هو اقوى منكم وتغلب عليكم بالدم والسيف فنحن السلفية الدينية سوف نفتي بوجوب طاعة الغالب على المغلوب هذا ؟.
هل هذا معقول ؟.
هل هذا عدل ؟.
هل هذا دين الاسلام ؟.
صحيح : بل هذه هي السلفية الدينية البارحة واليوم بعيدا عن اسلام محمد العظيم ص او عقل العقلاء او عدل البشرية جمعاء ، نعم هذه هي الجذور والمبادئ والاسس التي بنيت عليها السلفية الدينية اصولا وفروعا باسم الدين والمقدس فمن شاء فليؤمن بها ومن شاء فليكفر بطاغوتها ، وليشهد الله والانبياء والرسل والاوصياء وجميع المسلمين انني اول من يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله سبحانه وتعالى .
________________________
10/10/2007م
(( الناس أعداء ماجهلوا !)) رؤية علوية
( بقلم : حميد الشاكر )
هذه الكلمة اشهر من نار على علم ، وهي لعلي بن ابي طالب سيد العلماء ومفكر المفكرين عليه السلام ، ويبدوا ان قدر هذا الرجل انه يبقى حيا الى ان يرث الله الارض ومن عليها !. طبعا حيّا بفكره وعلمه وروحه ..... وامتداداته الاخرى التي تفرض على الحياة ان تتكيف مع وجود علي ع ، وليس ان يتكيّف علي ع مع الحياة !.
انها حقا معادلة صعبة ، فبينما العالم الانساني كله يجب ان يتكيّف مع الحياة ومتطلباتها ، نجد ان الاستثناء في هذه القاعدة علي بن ابي طالب والقليل من البشر كالانبياء والرسل وباقي الربانيين في هذه الدنيا ، فان الحياة هي التي تتكيف مع افكارهم وطروحاتهم العابرة للازمان وللاماكن وللانسان ، وذالك من منطلق ان هذه الثلة من البشر هي الضوابط لحركة الحياة وليس العكس صحيحا ، فكلما استمرت حركة الحياة قدما ، وذهبت بالتفاعل مع المتطلبات الاجتماعية ظهرت بوادر الانحراف هنا او الانعطافة هناك في الحركة ، عندها يرجع الى البوصلة لارجاع عجلة المسيرة في الحياة الى سكتها القويمة وهكذا تستمر الحياة بالمسير بين الفينة والاخرى بفضل تلك البوصلة التي تقوّم من المسيرة كلما انحرفت عن جادة الاستقامة والاستمرار !.
نعم علي بن ابي طالب عليه السلام بوصلة الحياة الفكرية والعلمية والنفسية والروحية ، ومن اجل هذا استحق علي ع وامثاله القليل ، ان تتكيف الحياة معهم بدلا من ان يتكيّفوا هم مع الحياة !.
يقول علي ع في رؤيته الاجتماعية الفكرية هنا :(( الناس اعداء ماجهلوا !.))
انها حقا كلمة ومع ان العالم كله يتداول بها ولربما يوميا من الكلمات التي تختزل بداخلها اكثر من معنى غامض وغريب وجديد ، يستحق - هذا الغامض والجديد والغريب - ان نتوقف عنده ، ونتأمله ونقلبه ونسير معه اينما سار بنا هو، وليس مانسير به نحن لنرى : لماذا يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
او كيف يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
وهل يجهل الناس الا كل مالايستحق الجهل منهم ؟.
أم ربما يجهل الناس ما يجب ان يجهله كل الناس ؟.
لماذا وكيف يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
وهل المعنى ان الناس تعادي ما تجهله في هذه الحياة ؟.
أم ان الجهل هو سبب العداء بين الناس انفسهم ، ولذالك الناس متعادين مازالوا جاهلين ومتحابين مازالو عالمين او متعلمين ، لهذا كان ولم يزل الناس اعداء ... بينهم ... ما جهلوا ، ومابقوا جاهلين ؟.
ان هذه الكلمة او الجوهرة من كلام علي بن ابي طالب ربيب الرسالة والنبوة المحمدية عليهم السلام جميعا تشبه كثيرا النخلة العراقية الجميلة التي تمتلك اكثر من وجه ، ومن اي مكان نظرت لها من الزواية المختلفة فانك سترى وجهها الجميل وبدون تغير في المنظر ، مضافا لذالك فان من منافع النخلة الثمرة الطيبة والظلال الباردة وكذا الوقود لبرد الشتاء القارص ، فكل النخلة جميلة ، كما ان كل الحروف في كلام علي بن ابي طالب جميلة ايضا !.
نعم :(( الناس اعداء ماجهلوا ))!.
علي عليه السلام يقرر حقيقة اجتماعية انسانية غاية في الاهمية تقول : ان العدو الحقيقي للانسان والانسانية هو (( الجهل )) باعتباره العقبة الكبيرة امام الزاحف الانساني للمستقبل وللحياة ، والناس بطبيعتهم يرتعبون ويخشون ويرهبون مما لايدركون ابعاده التامة في هذه الحياة الدنيا المليئة بالمخاطر !.
الناس اعداء الحياة ان جهلوا فلسفتها !.
الناس اعداء الحب ان لم يدكوا معناه !.
الناس اعداء العمران ان جهلوا غايته !.
الناس اعداء العلم ان جهلوا اهميته !.
الناس اعداء الثقافة ان لم يدركوا ثمرتها !.
الناس اعداء الناس ان لم يتعارفوا على بعضهم البعض !.
الناس اعداء النظام ان لم يفهموا اهميته !.
الناس اعداء علي بن ابي طالب ان جهلوا مكانته !.
الانسان عدو نفسه ان جهل نفسه !............... الخ .
صحيح : حقا ان من عرف نفسه فقد عرف ربه ، ومن جهل نفسه كان اعدى اعداءه نفسه التي بين جنبيه وعدوا المرء نفسه التي بين جنبيه !.
ان المعرفة كما يراها علي ع هي (( الصديق )) الحقيقي لحركة الانسان والمجتمع في هذه الحياة ، وكما ان الناس اعداء ماجهلوا ، فكذا الناس اصدقاء ماعرفوا ، والمعرفة بهذا المعنى هي الاطمئنان وهي السكينة وهي الطريق المعبدة لعدم خشية الناس وخوفهم وعدائهم للمجهول ، فكلما فهم الناس وادركوا وتوضحت امامهم الطريق كلما ساروا بطمأنينة الى الامام وبلا خوف من عدوا مضمر او ظاهر للعيان !.
ان المشكلة الحقيقية لعدم اقدام الناس في الحياة انهم يخشون ماجهلوا ، ويخافون من السير في الطريق التي لايدركون الى اين هي توصل ، كما ان صاحب التجارة لايضع رأس ماله الثمين في صفقة لايدرك كل ابعادها الحقيقية او هو يجهل كل تفاصيلها الواقعية ، فالناس اعداء ماجهلوا !.
الا ان نفس هؤلاء الناس ان تمكنوا من معرفة قوانين لعبة الحياة ، وفهموا معاني الارشادات والاوامر في الدولة والمجتمع والى اين بامكانها ان تصل بالناس فانهم اول من سوف يكون صديقا لهذه المسيرة ومدافعا عن السير فيها والى الامام !.
كذا الحال عندما يعادي الناس الفلسفة فانهم يمقتون الدعاة اليها ، بسبب جهلهم لااكثر ولا اقل لمفاهيم الفلسفة !.
والحال منطبقة ايضا على اعداء الاسلام والشريعة لالسبب الا لكونهم لم يدركو هذا الدين الرباني العظيم ومايختزله من احكام وشرائع وتنظيمات واوامر ونواهي وفلسفات وتكافل اجتماعي وحب انساني منقطع النظير ، لكنهم اعداء ماجهلوا وليس اعداء للاسلام كيفما فهمه علي بن ابي طالب ع نفسه وصادقه وانفتح من خلال معرفته به وعلمه باصوله وفروعه !.
(( الناس اعداء ماجهلوا ))
بكل تأكيد ان الجهل سبب اصيل في تفكك المجتمع وذوبان لحمة الحب والتآخي فيما بينه وبين البعض الاخر !.
الناس عندما يرتقي مستواها الثقافي الى مرحلة الفهم والادراك والوعي للاشياء العالمية سينعكس بكل قوة على ادراكها لبعضها والبعض الاخر ، وانفتاحها بكل اريحية بين افرادها الاجتماعيين لتكون فسحة المعرفة والادراك اكبر فيما بين افراد هؤلاء المجتمع العارفين بكل منهم مع الاخر !.
اعرف الدين فلا اجهل حقوق الفقراء والمساكين في المجتمع الذي انتمي اليه ، والرحمة فيما بين الفرد والاخر في هذا المجتمع !.
اعرف القانون فلا اعتدي على حرية جاري الشخصية وانتهك حرمة اسرته بكل وقاحة !.
اعرف الحقوق فلا اجهل على من يختار نمط حياة معين يريد ان يعيش في داخل اطاره وبكل حرية !.
اعرف الاداب فاراعي التقاليد واحيي سير المجتمع وارتضي العيش في داخل كيانه !.
اعرف الشر فلا امارس الرذيلة وانحطاط الاعمال وتهديم اقتصاد الامة !.
كل هذا عندما اكون عارفا ، أما عندما اكون جاهلا فالناس اعداء .... ماجهلوا !.
اعادي جاري لعدم معرفتي بحقوقه !.
اعادي امتي وادمر اقتصاده لعدم معرفتي بواجبي داخل هذه الامة !.
اعادي الفن لعدم ادراكي بقيمته !.
اعادي الكون والانسان والمجتمع ونفسي لعدم معرفتي باي شيئ منها !.
الناس اعداء فيما بينهم والبين الاخر بسبب جهلهم ، فالناس اعداء ماجهلوا ؟.
حقا انها كلمة اشبه بالجوهرة الثمينة التي ينبغي بين الفينة والاخرى اخراجها من الخزانة وتنظيفها والنظر الى محاسنها قبل ارجاعها الى الدرج مجددا :(( الناس اعداء ماجهلوا )) فالنجعل المعرفة الطريق الى صداقة الانسان مع الكون والحياة والانسان والطبيعة والحيوان والجماد والنفس والروح وباقي الاشياء الوجودية !.
________________________________16/02/2008م
هذه الكلمة اشهر من نار على علم ، وهي لعلي بن ابي طالب سيد العلماء ومفكر المفكرين عليه السلام ، ويبدوا ان قدر هذا الرجل انه يبقى حيا الى ان يرث الله الارض ومن عليها !. طبعا حيّا بفكره وعلمه وروحه ..... وامتداداته الاخرى التي تفرض على الحياة ان تتكيف مع وجود علي ع ، وليس ان يتكيّف علي ع مع الحياة !.
انها حقا معادلة صعبة ، فبينما العالم الانساني كله يجب ان يتكيّف مع الحياة ومتطلباتها ، نجد ان الاستثناء في هذه القاعدة علي بن ابي طالب والقليل من البشر كالانبياء والرسل وباقي الربانيين في هذه الدنيا ، فان الحياة هي التي تتكيف مع افكارهم وطروحاتهم العابرة للازمان وللاماكن وللانسان ، وذالك من منطلق ان هذه الثلة من البشر هي الضوابط لحركة الحياة وليس العكس صحيحا ، فكلما استمرت حركة الحياة قدما ، وذهبت بالتفاعل مع المتطلبات الاجتماعية ظهرت بوادر الانحراف هنا او الانعطافة هناك في الحركة ، عندها يرجع الى البوصلة لارجاع عجلة المسيرة في الحياة الى سكتها القويمة وهكذا تستمر الحياة بالمسير بين الفينة والاخرى بفضل تلك البوصلة التي تقوّم من المسيرة كلما انحرفت عن جادة الاستقامة والاستمرار !.
نعم علي بن ابي طالب عليه السلام بوصلة الحياة الفكرية والعلمية والنفسية والروحية ، ومن اجل هذا استحق علي ع وامثاله القليل ، ان تتكيف الحياة معهم بدلا من ان يتكيّفوا هم مع الحياة !.
يقول علي ع في رؤيته الاجتماعية الفكرية هنا :(( الناس اعداء ماجهلوا !.))
انها حقا كلمة ومع ان العالم كله يتداول بها ولربما يوميا من الكلمات التي تختزل بداخلها اكثر من معنى غامض وغريب وجديد ، يستحق - هذا الغامض والجديد والغريب - ان نتوقف عنده ، ونتأمله ونقلبه ونسير معه اينما سار بنا هو، وليس مانسير به نحن لنرى : لماذا يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
او كيف يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
وهل يجهل الناس الا كل مالايستحق الجهل منهم ؟.
أم ربما يجهل الناس ما يجب ان يجهله كل الناس ؟.
لماذا وكيف يكون الناس اعداء ماجهلوا ؟.
وهل المعنى ان الناس تعادي ما تجهله في هذه الحياة ؟.
أم ان الجهل هو سبب العداء بين الناس انفسهم ، ولذالك الناس متعادين مازالوا جاهلين ومتحابين مازالو عالمين او متعلمين ، لهذا كان ولم يزل الناس اعداء ... بينهم ... ما جهلوا ، ومابقوا جاهلين ؟.
ان هذه الكلمة او الجوهرة من كلام علي بن ابي طالب ربيب الرسالة والنبوة المحمدية عليهم السلام جميعا تشبه كثيرا النخلة العراقية الجميلة التي تمتلك اكثر من وجه ، ومن اي مكان نظرت لها من الزواية المختلفة فانك سترى وجهها الجميل وبدون تغير في المنظر ، مضافا لذالك فان من منافع النخلة الثمرة الطيبة والظلال الباردة وكذا الوقود لبرد الشتاء القارص ، فكل النخلة جميلة ، كما ان كل الحروف في كلام علي بن ابي طالب جميلة ايضا !.
نعم :(( الناس اعداء ماجهلوا ))!.
علي عليه السلام يقرر حقيقة اجتماعية انسانية غاية في الاهمية تقول : ان العدو الحقيقي للانسان والانسانية هو (( الجهل )) باعتباره العقبة الكبيرة امام الزاحف الانساني للمستقبل وللحياة ، والناس بطبيعتهم يرتعبون ويخشون ويرهبون مما لايدركون ابعاده التامة في هذه الحياة الدنيا المليئة بالمخاطر !.
الناس اعداء الحياة ان جهلوا فلسفتها !.
الناس اعداء الحب ان لم يدكوا معناه !.
الناس اعداء العمران ان جهلوا غايته !.
الناس اعداء العلم ان جهلوا اهميته !.
الناس اعداء الثقافة ان لم يدركوا ثمرتها !.
الناس اعداء الناس ان لم يتعارفوا على بعضهم البعض !.
الناس اعداء النظام ان لم يفهموا اهميته !.
الناس اعداء علي بن ابي طالب ان جهلوا مكانته !.
الانسان عدو نفسه ان جهل نفسه !............... الخ .
صحيح : حقا ان من عرف نفسه فقد عرف ربه ، ومن جهل نفسه كان اعدى اعداءه نفسه التي بين جنبيه وعدوا المرء نفسه التي بين جنبيه !.
ان المعرفة كما يراها علي ع هي (( الصديق )) الحقيقي لحركة الانسان والمجتمع في هذه الحياة ، وكما ان الناس اعداء ماجهلوا ، فكذا الناس اصدقاء ماعرفوا ، والمعرفة بهذا المعنى هي الاطمئنان وهي السكينة وهي الطريق المعبدة لعدم خشية الناس وخوفهم وعدائهم للمجهول ، فكلما فهم الناس وادركوا وتوضحت امامهم الطريق كلما ساروا بطمأنينة الى الامام وبلا خوف من عدوا مضمر او ظاهر للعيان !.
ان المشكلة الحقيقية لعدم اقدام الناس في الحياة انهم يخشون ماجهلوا ، ويخافون من السير في الطريق التي لايدركون الى اين هي توصل ، كما ان صاحب التجارة لايضع رأس ماله الثمين في صفقة لايدرك كل ابعادها الحقيقية او هو يجهل كل تفاصيلها الواقعية ، فالناس اعداء ماجهلوا !.
الا ان نفس هؤلاء الناس ان تمكنوا من معرفة قوانين لعبة الحياة ، وفهموا معاني الارشادات والاوامر في الدولة والمجتمع والى اين بامكانها ان تصل بالناس فانهم اول من سوف يكون صديقا لهذه المسيرة ومدافعا عن السير فيها والى الامام !.
كذا الحال عندما يعادي الناس الفلسفة فانهم يمقتون الدعاة اليها ، بسبب جهلهم لااكثر ولا اقل لمفاهيم الفلسفة !.
والحال منطبقة ايضا على اعداء الاسلام والشريعة لالسبب الا لكونهم لم يدركو هذا الدين الرباني العظيم ومايختزله من احكام وشرائع وتنظيمات واوامر ونواهي وفلسفات وتكافل اجتماعي وحب انساني منقطع النظير ، لكنهم اعداء ماجهلوا وليس اعداء للاسلام كيفما فهمه علي بن ابي طالب ع نفسه وصادقه وانفتح من خلال معرفته به وعلمه باصوله وفروعه !.
(( الناس اعداء ماجهلوا ))
بكل تأكيد ان الجهل سبب اصيل في تفكك المجتمع وذوبان لحمة الحب والتآخي فيما بينه وبين البعض الاخر !.
الناس عندما يرتقي مستواها الثقافي الى مرحلة الفهم والادراك والوعي للاشياء العالمية سينعكس بكل قوة على ادراكها لبعضها والبعض الاخر ، وانفتاحها بكل اريحية بين افرادها الاجتماعيين لتكون فسحة المعرفة والادراك اكبر فيما بين افراد هؤلاء المجتمع العارفين بكل منهم مع الاخر !.
اعرف الدين فلا اجهل حقوق الفقراء والمساكين في المجتمع الذي انتمي اليه ، والرحمة فيما بين الفرد والاخر في هذا المجتمع !.
اعرف القانون فلا اعتدي على حرية جاري الشخصية وانتهك حرمة اسرته بكل وقاحة !.
اعرف الحقوق فلا اجهل على من يختار نمط حياة معين يريد ان يعيش في داخل اطاره وبكل حرية !.
اعرف الاداب فاراعي التقاليد واحيي سير المجتمع وارتضي العيش في داخل كيانه !.
اعرف الشر فلا امارس الرذيلة وانحطاط الاعمال وتهديم اقتصاد الامة !.
كل هذا عندما اكون عارفا ، أما عندما اكون جاهلا فالناس اعداء .... ماجهلوا !.
اعادي جاري لعدم معرفتي بحقوقه !.
اعادي امتي وادمر اقتصاده لعدم معرفتي بواجبي داخل هذه الامة !.
اعادي الفن لعدم ادراكي بقيمته !.
اعادي الكون والانسان والمجتمع ونفسي لعدم معرفتي باي شيئ منها !.
الناس اعداء فيما بينهم والبين الاخر بسبب جهلهم ، فالناس اعداء ماجهلوا ؟.
حقا انها كلمة اشبه بالجوهرة الثمينة التي ينبغي بين الفينة والاخرى اخراجها من الخزانة وتنظيفها والنظر الى محاسنها قبل ارجاعها الى الدرج مجددا :(( الناس اعداء ماجهلوا )) فالنجعل المعرفة الطريق الى صداقة الانسان مع الكون والحياة والانسان والطبيعة والحيوان والجماد والنفس والروح وباقي الاشياء الوجودية !.
________________________________16/02/2008م
(( دولة ال سعود الشريرة تتفوق حتى على اسرائيل في زعزعة الاستقرار في المنطقة العربية !))
( بقلم : حميد الشاكر )
يمكننا وبكل صدق ان نصنف تاريخ الدولة السعودية الشريرة في الجزيرة العربية الى قسمين :
الاول : قسم ماقبل احداث سبتمبر الوهابية الارهابية في الولايات المتحدة الامريكية ، حيث كانت السياسة السعودية في المنطقة العربية تنتهج نهج (( النفاق )) السياسي والديني في هذه المنطقة العربية مضافا اليها سياسة المخاتلة والثعلبية الماكرة تجاه قضايا الامة العربية الحيوية !.
والثاني : القسم الذي نشأ بعد تلك الاحداث الارهابية الوهابية ومنعكساتها الخطيرة على العالم برمته ، حيث انكشفت اللعبة السعودية الخطرة داخل الكيان العربي والاسلامي ، وبدت هذه الدولة بلا ملابس للستر والتخفي ، مضافا لذالك ما انتجته هذه الاعمال الارهابية العالمية لمؤسسة ال سعود الوهابية الدينية ، والتهديد من قبل العالم الاستعماري الرأسمالي القديم برفع الحماية الغربية لهذه القبيلة السعودية التي لولا وجود هذه الحماية لما بقت في سدة حكم الجزيرة العربية نصف يوم على الاكثر !.
هذان القسمان من تاريخ دولة الشر السعودية مليئان - في الحقيقة - بالكثير مما يقال في مناهج السياسة السعودية تجاه قضايا المنطقة العربية والاسلامية ايضا ، ولكن في المرحلة الاخيرة للقسم الثاني من تاريخ دولة ال سعود الشريرة برزت ظواهر سياسية خطيرة جدا بحيث اصبحت السياسة السعودية في هذه المرحلة الحرجة في العالم العربي ، هي ليست فقط سياسة هستيرية مدمرة لكل ماهو عربي واسلامي في هذا العالم فحسب ، وليست فقط سياسة (( تقديم الخدمات )) للعالم الاستعماري فقط في اضعاف هذا التحرك العربي او ذاك الالتقاء الاسلامي خدمة للمصالح الغربية والامريكية بالذات ، بل ارتقى الدور السعودي السياسي التخريبي في المنطقة العربية لمستوى التفوق حتى على الدور الاسرائيلي الصهيوني ايضا في هذه المنطقة عندما اريد للكيان الصهيوني العنصري ان يكون كتيبة قتال متقدمة للعالم الغربي في قلب العالم العربي المملوء طاقة حيوية نفطية وغير نفطية بالنسبة للعالم الاستعماري القديم والجديد ، فكلما احتاجت الدول الصناعية الراسمالية ضرب اي منطقة عربية تحاول النهوض او التملص من الفك الغربي تحركت قوى العنصرية والصهيونية لضرب هذا الموقع او ذاك من المواقع العربية ، مضافا اليه ماتقوم به الدولة العنصرية الظلامية الصهيونية من تقديم خدمات اخرى استخباراتية وامنية وارهابية ايضا للسيد صاحب الشركة الكبرى لهذه المحمية الصغيرة المسماة اسرائيل !.
والحقيقة انني من - ربما القليل او الكثير - ممن هو في حيرة حقيقية عند المقارنة بين الدور الشرير لدولة ال سعود الوهابية في المنطقة العربية وبين الدور الخطير لدولة اسرائيل العنصرية في نفس المجال ، فايهما اخطر على الكيان العربي اليوم ؟.
نحن نعلم التاريخ والايدلوجيا والمخطط الذي استهدفه العالم الاستعماري القديم عندما اقدم على جريمة زرع اسرائيل في قلب هذه المنطقة العربية والاسلامية في فلسطين ، ومن ثم تهجير ابناء هذا البلد بالقوة والنار من بيوتهم ومراكز نشأتهم الطبيعية ، ومن ثم بدأت مشكلة العرب واسرائيل منذ ذالك الحين وحتى اشعار اخر غير منظور !.
ولكننا وبكل صراحة او الكثير منا حتى هذه اللحظة لايدرك المخطط والايدلوجيا والاهداف الحقيقية وراء زرع دولة الشر السعودية الوهابية في قلب جزيرة العرب والمسلمين من قبل الاستعمار الغربي قديما وحديثا اليوم ، ولربما سيبقى الكثير منا غير مدرك تماما خطر هذه الدولة السعودية على الامتين العربية والاسلامية ، وماتقوم به من اعمال اخطر بكثير مما تقوم به شقيقتها اسرائيل داخل هذه الامة من تدمير وتفتيت لحمتها الانسانية والقومية والاجتماعية ايضا !.
نعم اصبحت اليوم دولة الشر السعودية الخطر الداخلي الكبير للامة العربية والاسلامية ، فهي لم تتحول فحسب الى معمل لتقديم الخدمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول الاستعمارية فحسب ، بل هي اليوم وبالفعل الدولة الفاعلة في ضرب اللحمة العربية والاسلامية بصورة مباشرة وبحرب معلنة تماما على الامة والمجتمع العربي والاسلامي ايضا وكرأس حربة متحرك !.
فهنا نحن امام حرب طائفية مذهبية طاحنة لتفتيت الامة العربية والاسلامية من الداخل بقيادة دولة الشر السعودية وبكل وضوح وبلا ادنى خفية او خشية من حساب ، فالمؤسسة الدينية الوهابية لدولة ال سعود الشريرة وبلا هوادة تذكر تشن الحملات تلو الحملات التكفيرية لجميع فرق الامة الاسلامية ومذاهبها التاريخية وبلا استثناء يذكر لتهيئة الارضية تماما لتفتيت هذه الامة وعقيدتها الاسلامية من الداخل ومن العمق الايدلوجي والفكري لهذه الامة ، وهذه العملية التدميرية العقدية للامتين العربية والاسلامية لايستطيع القيام بها اي دولة او مؤسسة خارجية من خارج الجسد الاسلامي والعربي هذا ، وحتى اسرائيل لاتستطيع الظهور او القيام بهذه المهمة المدمرة والكبيرة ايضا داخل الجسد العربي والاسلامي ، ولكن دولة الشر السعودية الوهابية هي القادرة الان على تفتيت عقيدة هذه الامة واضعاف لحمتها الدينية بكل شدة وقذارة من الفعل ومن الداخل ايضا وفي وضح النهار وتحت عناوين وهمية اسلامية بارزة !. وعندئذ نتساءل من هو الاخطر على الكيان العربي والاسلامي اليوم دولة الشر السعودية ام دولة الظلام الصهيونية الاسرائيلية ؟.
اسرائيل اعجز من ان تقنع عربيا او مسلما انها بصدد الدفاع عن مذهبه او طائفته او توجهه الديني هذا او ذاك !.
ولكن هل دولة الشرالسعودية قادرة على هذه العملية وبشكل جيد لاستغفال الكثير من العرب والمسلمين ودفعهم لقتل ابناء جلدتهم ودينهم باسم التكفير والجهاد والدفاع عن المذهب والطائفة وفي كل المناطق العربية والاسلامية ايضا ؟.
الجواب نعم : دولة ال سعود الوهابية زرعت في هذه المنطقة العربية للعب الدور الداخلي في تفتيت لحمة هذه الامة وسر قوتها الكبير خدمة للمصالح الاستعمارية الغربية القديمة والحديثة !.
كذالك عندما يقال ان دولة الشر السعودية واليوم تلعب اخطر ادوارها الاستعمارية الغربية على الاطلاق عندما تحولت هذه الدولة برمتها الى خزانه مالية عملاقة موظفة لخدمة الكيان العنصري الصهيوني الاسرائيلي ، وامداده اللامحدود باسباب البقاء والوجود والفعل الاقتصادي الكبير !.
فهنا نحن امام محور سعودي اسرائيلي - رشح من خلال تصريحات وزير الخارجية السعودي الاخيرة - خطير في المنطقة العربية لقيادة الدفة نحو السيطرة الكاملة سياسيا واقتصاديا وامنيا واعلاميا ايضا ، يهدف بشكل مباشر الى اخضاع كامل للمنطقة العربية والاسلامية لهذه القيادة الثنائية في المنطقة العربية بالعموم ، وهذا يتوضح من خلال التنسيق الواضح تماما بين اسرائيل من جهة ومملكة ال سعود من الجهة الاخرى في ضرب المعوقات العربية والاسلامية التي تقف في مسار حركة هذه القيادة الثنائية في منطقة العرب والمسلمين - سوريا ايران حزب الله حماس العراق - ، والمتمثلة اليوم بما يسمى قوى (( الممانعة والمقاومة )) العربية والاسلامية ضد الهيمنة الاسرائيلية الامريكية على المنطقة العربية ، فنجد انه وبنفس اللحظة تنخرط دولة الشر السعودية لقيادة محور لاتختلف مطالبه مطلقا عن المطالب الاسرائيلية والامريكية للمنطقة العربية ، لاوبل يرتقي العمل السعودي لضرب هذه الدول والاحزاب وقوى الممانعة الصغيرة من الداخل ، لنكتشف ان لدولة الشر السعودية مخطط كامل لضرب لبنان من الداخل وتفتيت لحمته اجتماعيا وسياسيا للقضاء على مقاومته الوطنية وتركيعها للمشروع الصهيوني القادم ، وذالك من خلال شراء طوائف كاملة بمال البترول الخليجي في لبنان الطوائف للقيام بضرب عناصر قوة لبنان المقاومة في الداخل ، وكذالك ماكشفت عنه بعض المعلومات الدقيقة التي كشف عنها مؤخرا احد السياسيين البارزين في العالم العربي - انيس النقاش - بتمويل دولة الشر السعودية لانقلاب عسكري يطيح بحكومة الرئيس بشار الاسد وقلب المعادلة في سوريا الى صالح توجهات سياسية اخرى تؤمن بضرورة هيمنة المشروع الصهيوني والامريكي على المنطقة العربية ، وكذا الحال بالنسبة لضرب دولة الشر السعودية للاستقرار في العراق وابقاءه عاجزا عن القيام والفعل العربي ايضا !.
ان الحقيقة التي باتت واضحة للعيان ولكل انسان عربي منصف ومسلم اراد الله سبحانه ان ينير بصيرته ، ان الخطرين الاسرائيلي والسعودي على كيان ووجود الامتين العربية والاسلامية بات من المسلمات السياسية لدى الانسان العربي بالخصوص ، ولكن هذا لايكفي ان يدرك الانسان العربي مكامن الخطر على وجوده فحسب ، بل عليه ايضا ان يساهم في كشف حقيقة اعداء الامة العربية بقضاياها المصيرية ايضا ، والا فان الثمن سيكون غاليا جدا على هذه الامة ان رأت عدوها يهدم باساس وجودها ولم تحدث فعلا يذكر !.
نعم : اليوم اصبحت دولة ال سعود الشريرة بنفس منزلة الخطر الاسرائيلي على كيان امتنا العربية والاسلامية ووجودها الفعلي ، ولايعني ذالك اننا نريد حرف مسار المعركة المصيرية لهذه الامة مع المستعمر العنصري الصهيوني الاسرائيلي باي حال من الاحوال - كما تحاوله دولة الشر السعودية عندما دعت للخطر الايراني بدلا من الخطر الصهيوني - ، بل المقصود التنبيه الى ان الكيان الاستعماري الصهيوني كان ولم يزل يجد الامداد والعون والنصرة من خونة الامة من الداخل والذي تمثل اليوم وبكل قوة بدولة الشر الارهابية السعودية هذه ، وويل لامة العرب ان تركت مملكة ال سعود تقود دفتها الى الابد !.
____________________________
18/02/2008م
يمكننا وبكل صدق ان نصنف تاريخ الدولة السعودية الشريرة في الجزيرة العربية الى قسمين :
الاول : قسم ماقبل احداث سبتمبر الوهابية الارهابية في الولايات المتحدة الامريكية ، حيث كانت السياسة السعودية في المنطقة العربية تنتهج نهج (( النفاق )) السياسي والديني في هذه المنطقة العربية مضافا اليها سياسة المخاتلة والثعلبية الماكرة تجاه قضايا الامة العربية الحيوية !.
والثاني : القسم الذي نشأ بعد تلك الاحداث الارهابية الوهابية ومنعكساتها الخطيرة على العالم برمته ، حيث انكشفت اللعبة السعودية الخطرة داخل الكيان العربي والاسلامي ، وبدت هذه الدولة بلا ملابس للستر والتخفي ، مضافا لذالك ما انتجته هذه الاعمال الارهابية العالمية لمؤسسة ال سعود الوهابية الدينية ، والتهديد من قبل العالم الاستعماري الرأسمالي القديم برفع الحماية الغربية لهذه القبيلة السعودية التي لولا وجود هذه الحماية لما بقت في سدة حكم الجزيرة العربية نصف يوم على الاكثر !.
هذان القسمان من تاريخ دولة الشر السعودية مليئان - في الحقيقة - بالكثير مما يقال في مناهج السياسة السعودية تجاه قضايا المنطقة العربية والاسلامية ايضا ، ولكن في المرحلة الاخيرة للقسم الثاني من تاريخ دولة ال سعود الشريرة برزت ظواهر سياسية خطيرة جدا بحيث اصبحت السياسة السعودية في هذه المرحلة الحرجة في العالم العربي ، هي ليست فقط سياسة هستيرية مدمرة لكل ماهو عربي واسلامي في هذا العالم فحسب ، وليست فقط سياسة (( تقديم الخدمات )) للعالم الاستعماري فقط في اضعاف هذا التحرك العربي او ذاك الالتقاء الاسلامي خدمة للمصالح الغربية والامريكية بالذات ، بل ارتقى الدور السعودي السياسي التخريبي في المنطقة العربية لمستوى التفوق حتى على الدور الاسرائيلي الصهيوني ايضا في هذه المنطقة عندما اريد للكيان الصهيوني العنصري ان يكون كتيبة قتال متقدمة للعالم الغربي في قلب العالم العربي المملوء طاقة حيوية نفطية وغير نفطية بالنسبة للعالم الاستعماري القديم والجديد ، فكلما احتاجت الدول الصناعية الراسمالية ضرب اي منطقة عربية تحاول النهوض او التملص من الفك الغربي تحركت قوى العنصرية والصهيونية لضرب هذا الموقع او ذاك من المواقع العربية ، مضافا اليه ماتقوم به الدولة العنصرية الظلامية الصهيونية من تقديم خدمات اخرى استخباراتية وامنية وارهابية ايضا للسيد صاحب الشركة الكبرى لهذه المحمية الصغيرة المسماة اسرائيل !.
والحقيقة انني من - ربما القليل او الكثير - ممن هو في حيرة حقيقية عند المقارنة بين الدور الشرير لدولة ال سعود الوهابية في المنطقة العربية وبين الدور الخطير لدولة اسرائيل العنصرية في نفس المجال ، فايهما اخطر على الكيان العربي اليوم ؟.
نحن نعلم التاريخ والايدلوجيا والمخطط الذي استهدفه العالم الاستعماري القديم عندما اقدم على جريمة زرع اسرائيل في قلب هذه المنطقة العربية والاسلامية في فلسطين ، ومن ثم تهجير ابناء هذا البلد بالقوة والنار من بيوتهم ومراكز نشأتهم الطبيعية ، ومن ثم بدأت مشكلة العرب واسرائيل منذ ذالك الحين وحتى اشعار اخر غير منظور !.
ولكننا وبكل صراحة او الكثير منا حتى هذه اللحظة لايدرك المخطط والايدلوجيا والاهداف الحقيقية وراء زرع دولة الشر السعودية الوهابية في قلب جزيرة العرب والمسلمين من قبل الاستعمار الغربي قديما وحديثا اليوم ، ولربما سيبقى الكثير منا غير مدرك تماما خطر هذه الدولة السعودية على الامتين العربية والاسلامية ، وماتقوم به من اعمال اخطر بكثير مما تقوم به شقيقتها اسرائيل داخل هذه الامة من تدمير وتفتيت لحمتها الانسانية والقومية والاجتماعية ايضا !.
نعم اصبحت اليوم دولة الشر السعودية الخطر الداخلي الكبير للامة العربية والاسلامية ، فهي لم تتحول فحسب الى معمل لتقديم الخدمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدول الاستعمارية فحسب ، بل هي اليوم وبالفعل الدولة الفاعلة في ضرب اللحمة العربية والاسلامية بصورة مباشرة وبحرب معلنة تماما على الامة والمجتمع العربي والاسلامي ايضا وكرأس حربة متحرك !.
فهنا نحن امام حرب طائفية مذهبية طاحنة لتفتيت الامة العربية والاسلامية من الداخل بقيادة دولة الشر السعودية وبكل وضوح وبلا ادنى خفية او خشية من حساب ، فالمؤسسة الدينية الوهابية لدولة ال سعود الشريرة وبلا هوادة تذكر تشن الحملات تلو الحملات التكفيرية لجميع فرق الامة الاسلامية ومذاهبها التاريخية وبلا استثناء يذكر لتهيئة الارضية تماما لتفتيت هذه الامة وعقيدتها الاسلامية من الداخل ومن العمق الايدلوجي والفكري لهذه الامة ، وهذه العملية التدميرية العقدية للامتين العربية والاسلامية لايستطيع القيام بها اي دولة او مؤسسة خارجية من خارج الجسد الاسلامي والعربي هذا ، وحتى اسرائيل لاتستطيع الظهور او القيام بهذه المهمة المدمرة والكبيرة ايضا داخل الجسد العربي والاسلامي ، ولكن دولة الشر السعودية الوهابية هي القادرة الان على تفتيت عقيدة هذه الامة واضعاف لحمتها الدينية بكل شدة وقذارة من الفعل ومن الداخل ايضا وفي وضح النهار وتحت عناوين وهمية اسلامية بارزة !. وعندئذ نتساءل من هو الاخطر على الكيان العربي والاسلامي اليوم دولة الشر السعودية ام دولة الظلام الصهيونية الاسرائيلية ؟.
اسرائيل اعجز من ان تقنع عربيا او مسلما انها بصدد الدفاع عن مذهبه او طائفته او توجهه الديني هذا او ذاك !.
ولكن هل دولة الشرالسعودية قادرة على هذه العملية وبشكل جيد لاستغفال الكثير من العرب والمسلمين ودفعهم لقتل ابناء جلدتهم ودينهم باسم التكفير والجهاد والدفاع عن المذهب والطائفة وفي كل المناطق العربية والاسلامية ايضا ؟.
الجواب نعم : دولة ال سعود الوهابية زرعت في هذه المنطقة العربية للعب الدور الداخلي في تفتيت لحمة هذه الامة وسر قوتها الكبير خدمة للمصالح الاستعمارية الغربية القديمة والحديثة !.
كذالك عندما يقال ان دولة الشر السعودية واليوم تلعب اخطر ادوارها الاستعمارية الغربية على الاطلاق عندما تحولت هذه الدولة برمتها الى خزانه مالية عملاقة موظفة لخدمة الكيان العنصري الصهيوني الاسرائيلي ، وامداده اللامحدود باسباب البقاء والوجود والفعل الاقتصادي الكبير !.
فهنا نحن امام محور سعودي اسرائيلي - رشح من خلال تصريحات وزير الخارجية السعودي الاخيرة - خطير في المنطقة العربية لقيادة الدفة نحو السيطرة الكاملة سياسيا واقتصاديا وامنيا واعلاميا ايضا ، يهدف بشكل مباشر الى اخضاع كامل للمنطقة العربية والاسلامية لهذه القيادة الثنائية في المنطقة العربية بالعموم ، وهذا يتوضح من خلال التنسيق الواضح تماما بين اسرائيل من جهة ومملكة ال سعود من الجهة الاخرى في ضرب المعوقات العربية والاسلامية التي تقف في مسار حركة هذه القيادة الثنائية في منطقة العرب والمسلمين - سوريا ايران حزب الله حماس العراق - ، والمتمثلة اليوم بما يسمى قوى (( الممانعة والمقاومة )) العربية والاسلامية ضد الهيمنة الاسرائيلية الامريكية على المنطقة العربية ، فنجد انه وبنفس اللحظة تنخرط دولة الشر السعودية لقيادة محور لاتختلف مطالبه مطلقا عن المطالب الاسرائيلية والامريكية للمنطقة العربية ، لاوبل يرتقي العمل السعودي لضرب هذه الدول والاحزاب وقوى الممانعة الصغيرة من الداخل ، لنكتشف ان لدولة الشر السعودية مخطط كامل لضرب لبنان من الداخل وتفتيت لحمته اجتماعيا وسياسيا للقضاء على مقاومته الوطنية وتركيعها للمشروع الصهيوني القادم ، وذالك من خلال شراء طوائف كاملة بمال البترول الخليجي في لبنان الطوائف للقيام بضرب عناصر قوة لبنان المقاومة في الداخل ، وكذالك ماكشفت عنه بعض المعلومات الدقيقة التي كشف عنها مؤخرا احد السياسيين البارزين في العالم العربي - انيس النقاش - بتمويل دولة الشر السعودية لانقلاب عسكري يطيح بحكومة الرئيس بشار الاسد وقلب المعادلة في سوريا الى صالح توجهات سياسية اخرى تؤمن بضرورة هيمنة المشروع الصهيوني والامريكي على المنطقة العربية ، وكذا الحال بالنسبة لضرب دولة الشر السعودية للاستقرار في العراق وابقاءه عاجزا عن القيام والفعل العربي ايضا !.
ان الحقيقة التي باتت واضحة للعيان ولكل انسان عربي منصف ومسلم اراد الله سبحانه ان ينير بصيرته ، ان الخطرين الاسرائيلي والسعودي على كيان ووجود الامتين العربية والاسلامية بات من المسلمات السياسية لدى الانسان العربي بالخصوص ، ولكن هذا لايكفي ان يدرك الانسان العربي مكامن الخطر على وجوده فحسب ، بل عليه ايضا ان يساهم في كشف حقيقة اعداء الامة العربية بقضاياها المصيرية ايضا ، والا فان الثمن سيكون غاليا جدا على هذه الامة ان رأت عدوها يهدم باساس وجودها ولم تحدث فعلا يذكر !.
نعم : اليوم اصبحت دولة ال سعود الشريرة بنفس منزلة الخطر الاسرائيلي على كيان امتنا العربية والاسلامية ووجودها الفعلي ، ولايعني ذالك اننا نريد حرف مسار المعركة المصيرية لهذه الامة مع المستعمر العنصري الصهيوني الاسرائيلي باي حال من الاحوال - كما تحاوله دولة الشر السعودية عندما دعت للخطر الايراني بدلا من الخطر الصهيوني - ، بل المقصود التنبيه الى ان الكيان الاستعماري الصهيوني كان ولم يزل يجد الامداد والعون والنصرة من خونة الامة من الداخل والذي تمثل اليوم وبكل قوة بدولة الشر الارهابية السعودية هذه ، وويل لامة العرب ان تركت مملكة ال سعود تقود دفتها الى الابد !.
____________________________
18/02/2008م
(( محمد رسول الله ص بعيدا عن الصحافة الدنماركية ...نافذة تعارف أممية ))
( بقلم : حميد الشاكر )
من هو محمد رسول الله ص ؟. وما الذي أتى به من جديد ؟.
(اذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا ان محمدا كان من أعظم عظماء التأريخ فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والاخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء ، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التأريخ كله . / المؤرخ المادي ول ديورانت / قصة الحضارة / ج 13/ص47/ ترجمة محمد بدران / دار الجيل بيروت ) .
*****************
ليس من السهل البحث عن ( محمد ) صاحب الرسالة الاسلامية الكبيرة وخاتم مشروع النبوة ، وذالك لعدة اعتبارات جوهرية تأريخية وفكرية ودينية ودنيوية ونفسية وعقلية ....، فمن الناحية التأريخية ف( محمد ) ولد وترعرع في مجتمع لم تكن به مادة التدوين رائجة في سوق الاجتماع العربي آنذاك ، مما يضعنا قبال أشكالية حداثة التدوين للشعب العربي وفقدان مادة التورخة الآنية للحدث التاريخي العربي سواء على مستوى الافراد بأعتبار ان ليس هناك تورخة للمواليد الانسانية لدى هذا الاجتماع العربي تشخّص الزمن الذي ولدت به الشخصيات العربية المؤثرة اجتماعيا وتأريخيا وكيفية هذه الولادة ، أو على مستوى الاحداث الاجتماعية مما يضطرنا للجوء والاخذ بمادونته الاقلام من خلال النقل الشفهي في بداية الامر حتى استقرار التدوين والعمل به للاجتماع العربي بفضل الدعوة الاسلامية ، ولاريب ان مثل هذا التدوين الشفهي في بداية حياة ( محمد ) سيدخل الكثير من عدم التوثيق والدقة على حياة منقذ ومؤسس العالم العربي والاسلامي فيما بعد ولعدة اسباب تقديسية او غيرها من الاسباب التي تبدو موضوعية مرة وذات نواية مشبوهة مرة اخرى ، ولكن وعلى اي حال ستبقى بدايات وبواكير حياة ( محمد ) قبل البعثة والرسالة مجال جدال واخذ وردّ على المستوى التأريخي والنقلي ، كما وانّه سيبقى بعض الغموض يلف البواكير الاولية لحياة اعظم من عرف التأريخ فيما بعد .
كذالك ان قلنا انه ليس من السهل فكريا تناول حياة ( محمد ) الواسعة والمليئة بكل ماهو مثير للتساءل ، ف( محمد ) المفكر فيه تختلف صورته بين تلك المدرسة وهذه ، كما ان ( محمدا ) في عيون انصاره ومحبيه هو مختلف عن ( محمد ) في عيون أعدائه ومبغضيه ، ف ( محمد ) الاسلامي هو النموذج الاكمل في عالم الفكر والمعرفة ، كما انّه الاكمل في عالم الرسالة والوحي ، بخلاف ( محمد ) الذي انطلق من عمق الصحراء ليحمل سيفا وينطلق بغزوات وحروب ومقاتل كما يصوره الفكر السياسي الغربي الصليبي في القرون الوسطى وما تلاها ، كذا القول ان ( محمدا ) في المدرسة الفكرية عميق وواسع وذو وجوه عدة ف ( محمد ) الرسول هو مختلف عنه الزوج والاب والصديق كما نّه المقاتل بخلاف الرؤوف الرحيم وكذا الكريم مختلف في شخصيته عن المعلّم والاستاذ والمزكي ، وكذا ( محمد ) المبشّر والمنذر هو مختلف عن الهادي والسراج والمصطفى والمنتخب ......الخ .
ولاريب ان هذه الزواية الواسعة لحياة ( محمد ) الرسول تضيف ابعادا اخرى معقدة لمشاريع البحث عن كل كيانه المحترم ، لابل وعن كل انفاسه الشريفة ومارافقها زمانيا ومكانيا من احداث كبيرة او صغيرة لهذه الشخصية الفذة ، فنحن هنا أمام تورخة تحاول التعرف على ( محمد ) نشأة وذوقا ونفسا ومعتقدا وعلما وعقلا وأخلاقا وعبادة وشجاعة ورجولة وزواجا وابوة ورسالة وتبشيرا وانذارا وهداية وحزنا وانسانا وهمّا وألما وحبا ......الخ ؟.
ومثل هذا البحث لايتوقع انه ينجز من خلال اطلالات موجزة بل هو بحاجة - حقا - لجهد بشري فكري تهيئ له الظروف الفكرية والانسانية المناسبة لأنجازه كمشروع فكري يحاول البحث عن ( محمد ) العظيم في عيون اعدائه ومريديه ، اما هنا فنحن نحاول البحث عن العناوين الرئيسة لحياة ( محمد ) كمداخل من خلالها نطلّ ولو بجزء بسيط على رياض حياة ( محمد ) العطرة والندية ، وأمامنا ثلاث طرق للوصول لهذه المهمة الشاقة لأكتشاف الشخصية المحمدية ، او لنقل ان بين ايدينا ثلاث مصادر رئيسية نتمكن من خلالها التعرف على حياة رسول الاسلام ((محمد ) ) وهي :
أولا : المدونات التأريخية والسيرية لحياة ( محمد)
ثانيا : المدونات الحديثية ( السنة النبوية ) التي جمعت لنا الكثير مما كان يقوم به رسول الاسلام (محمد ) من أعمال وأقوال وتقارير نبوية .
ثالثا : القرءان الكريم
ان المدونات التأريخية والسيرية كانت ولم تزل هي المرجع المعتبر لمعرفة حياة الرسول ( محمد ) وما تخلل هذه الحياة من أحداث كبيرة وصغيرة ، منذ النشأة الاولى لولادة ( محمد ) وحتى آخر انفاسه في هذه الحياة ، ولكن وكما هو معروف فقد تصدى الكثير ممن كتبوا في اشكاليات التورخة العربية بالمقال : من ان التاريخ العربي كتب متأخرا عن حياة صاحب الرسالة الاسلامية بسنوات طويلة ، مما أدخل الكثير من الشك على الاحداث التي نقلت فيما بعد لحياة الرسالة الاسلامية وصاحبها المعظم، وكذالك عندما نقرر ان السنة النبوية بقت ولمدة طويلة من الزمن الاسلامي مجردة عن التدوين والكتابة - وكان هذا بأمر من الخليفة الاول والثاني - ومتناقلة من خلال المشافهة اللسانية والسمع فحسب الى حين اتخاذ القرار من قبل الاجتماع الاسلامي بتدوين السنة النبوية المحمدية وحفظها في المدونات الكتابية ، مما عرّض السنة النبوية لكثير او قليل من الغموض والتشتت ، ولكن يذكر بأنّ التشددّ في الاجتماع الاسلامي في حفظ حياة ( محمد ) واقواله واعماله ... كان سببا مباشرا في الحفاظ على هذه السنة النبوية وايصالها للتدوين بكل أمانة ومصداقية مما وفر لنا سنة نبوية منقولة ومحفوظة بكل دقة ؟.
أما المصدر الثالث فلاريب ان القرءان الكريم هو المصدر الوحيد الذي لم تشوبه اي شائبة او نقص من انّه المصدر الاصدق لحياة ( محمد ) وعصره الذي تحرك به ، وهذا بشهادة كل من اراد البحث في المصادر التأريخية المدونة في عهد ( محمد ) فالقرءان مازال ولم يزل من أهم المصادر والمراجع التي يمكن الاعتماد عليها بنسبة عالية جدا ومصداقية منقطعة النظير ، وذالك بسبب ان العناية التي اولاها المسلمون لحفظ القران الكريم وتدوينه ونقله ... لم يشهد مثلها التاريخ الانساني على الاطلاق في الحفظ والتدوين لكتاب آخر ، بحيث ان حرفا واحدا من القرءان الكريم ( في قوله سبحانه : والّذين يكنزون ... ) كان مادة لبحوث تاريخية مطولة واشكاليات فكرية وعقائدية عميقة تحاول التأكد من هذا الحرف هل هو قرءاني الاهي او هو بشري مندّس ، وهكذا كان القرءان الكريم كتاب ديني عقائدي مقدس قبل ان يكون وثيقة تاريخية مهمة جدا أرخّت لعصر الرسالة الاسلامية بالنسبة للاجتماع الاسلامي مما رشح هذا الكتاب المقدس لأن يكون في المستوى الراقي جدا من المصداقية النقلية ، ومعلوم والحال هذه ان الوثيقة القرانية المقدسة قد تناولت حياة ( محمد ) النفسية والروحية والعقلية والعاطفية والادارية والقتالية والاجتماعية والاسرية .....الخ بعمق وبشيئ من التركيز والسعة مما أدخل التناول القرءاني لحياة ( محمد ) الى مستوى المدونة الرئيسية لهذه الحياة المليئة بكل ماهو غريب وعظيم وكبير غيّر من مجرى التاريخ الانساني بشكل عميق ، وهنا وهنا فحسب يمكننا البحث عن حياة ( محمد ) الحقيقية والتي لارتوش او منزلقات بشرية فيها والتي تحركت مع كل حرف قرءاني لنجد ان حياة ( محمد ) مرسومة بشكل لا لبس فيه بين سطور القرءان التي رافقته خطوة بخطوة حتى خروجه من هذه الحياة الدنيوية.
نعم يبقى للتورخة والسيرة النبوية بعض الجوانب التي لم يتعرض لها النص القرءاني من حياة ( محمد ) الانسانية هي المعتمد الثاني والاهم في حياة الشخصية الرسالية المحمدية ، كما ان للتورخة ميزات أخرى ليس هنا مجال البحث فيها .
**********************************************
( ألانسان محمد )
يذكر لنا التأريخ العربي الاسلامي صورتين لولادة ( محمد ) العظيم ، الاولى تعتمد على البعد الاسطوري لولادة غير عادية في العرف الانساني - الاسطورية بمعنى الفوق الطبيعي من طبائع الاشياء في هذا العالم - ف( محمد ) يولد ومعه شيئ غريب تحدثنا به كتب السير الاسلامية من خلال ماتناقلته عن أم ( محمد ) نفسه آمنه بنت وهب والدة ( محمد ) بالقول :( أن آمنة بنت وهب أم رسول الله أنها أتيت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها : انك قد حملت بسيد هذه الأمة ، فاذا وقع الى الارض فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ، ثم سميه محمدا . ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى ، من أرض الروم ../ السيرة النبوية لابن هشام ، ج 1، 157ص.) .
أما الصورة الاخرى فهي صورة أكثر طبيعية وميلا الى التقاليد والعادات العربية المألوفة وهي الصورة الادبية للتأريخ العربي الاسلامي - يتناقلها أهل الادب واللغة العربية - ومفادها :( أن النبي ص لما ولد أمر عبد المطلب بجزور فنحرت ودعا رجال قريش وكانت سنتهم في المولود اذا ولد في استقبال الليل كفؤوا عليه قدرا حتى يصبح ففعلوا ذالك بالنبي فأصبحوا وقد انشقت عنه القدر وهو شاخص الى السماء فلما حضرت رجال قريش وطعموا قالوا لعبد المطلب : ماسميت ابنك هذا قال : سميته محمدا قالوا ماهذا من اسماء ابائك قال أردت ان يحمد في السموات والارض . / شرح المفصل / ابن يعيش النحوي ج 1 ).
الحقيقة يمكن الجمع بين الصورتين لولادة ( محمد ) لولا ان الصورة الاولى عليها الكثير من علامات الاستفهام التأريخية ، ومنها النقل عن أم ( محمد ) آمنة بنت وهب وبلا سند تأريخي يذكر سوى مقولة ابن هشام ( ويزعم ) والتي تشير الى عدم ثقة ابن هشام نفسه بالرواية ، أما الصورة الاخرى فهي الاقرب للحياة العربية المعاشة آنذاك بالاضافة الى أن أهل اللغة يكونون عادة أكثر دقة بالنقل التأريخي من أهل التواريخ المدونة باعتبار ان اهل اللغة حفاّظ حجة وتتبع لكل مايتصل باللغة العربية بغض النظر عن التأثيرات الايدلوجية للعقيدة الاسلامية على شخصية الرسول ( محمد ) فهم أهل نظر للسان العربي وقوانينه المنطوقة بعكس أهل التواريخ والسير فانهم من هنا او هناك ينقلون الحدث بكل مايحمل من تشويق تأريخي لاسيما منه التشويق التقديسي الذي يضيف هالة من القدسية على الحدث التاريخي او هالة من التضخيم للحدث التاريخي ، ويذكر ايضا ان ولادة ( محمد ) كانت بعد حادثة الفيل التي تتناقلها العرب شفهيا كما هو عادتهم في ذكر الحوادث والتي ذكرها القرءان الكريم ايضا كحدث معروف ومشهور ؟.
وعلى أي حال ولد ( محمد ) في عائلة كريمة في أصول الاجتماع العربي ، فله أب وأم ينحدران من الطبقة المتوسطة اقتصاديا والشريفة أخلاقيا ، جده لابيه عبد المطلب كان سيد قومه في الشرف والعفة والرأي الحكيم ، والده ( عبدالله ) كما هو معروف ومشهور ، وللأسم صبغة توحيدية هذا الاسم (عبدالله ) فهو ليس كأسم أخيه من والده ( عبد العزى ) المكنى بابي لهب ، توفي عن ولده محمد وهو حمل وقيل ابن سنة ، وبقي محمد في رعاية أمه آمنة التي ارسلته للرضاعة في بادية العرب خوفا عليه من امراض واوبئة المدن المفتوحة دينيا كمكة مركز التجارة والتعبد آنذاك حتى الوقت المعاصر ، وعندما وصل ( محمد ) مرحلة الفطام رجع به أهل البادية لأمه وهم يروون بعض مالهذا الصبي ( محمد ) من سمات ملفتة للنظر ولاسيما في بعض شؤونه الصحية او النفسية فهو دائم الاطروقة والانعزال الا انه صاحب طلعة مبشرة بالخير كما هي عادة العرب في الفراسة والتفائل بوجوه الاخرين ، وتذكر في التاريخ حادثة ( شق الصدر ) ل (محمد ) وهو في بادية العرب (في بادية بني سعد مع مرضعته حليمة بنت ابي ذؤيب ) ).
وبقي مع أمه حتى السابعة لتغادره وحيدا يتيما لجده عبد المطلب لتنتقل من هذه الحياة الى الحياة الاخرى ، وكان عبد المطلب شخصية بارزة في الاجتماع العربي ، اعتنى ب (محمد ) بشكل ملفت للنظر فهو يقربه من مجلسه ويتوسم به المستقبل الكبير ولكن سرعان ما وافت المنية أجل عبد المطلب ول ( محمد ) من العمر ثماني سنين ، ليعهد به الى عمه ( ابي طالب ) اخ ابيه لأمه وابيه ، والذي ضم ( محمد ) الى ابناءه الكثر ، وقد اتسمت حياة (محمد) مع عمه ابي طالب بعناية فائقة وحتى مرافقة ( محمد ) لعمه الحنون في اسفاره القليلة نسبيا للتجارة المتواضعة لأبي طالب ، وقد قضى ( محمد ) جلّ شبابه وبدايات رجولته مع عمه ابي طالب ، وفي كنف زوج ابي طالب الذي كان ( محمد ) يرى بها الأم الثانية له بعد أمه الحقيقية ، وقد اغدقت عليه زوج ابي طالب ( فاطمة بنت أسد ) حنانا ورعاية كبيرة جدا كما يذكر التاريخ ذالك ، وبقي ( محمد ) تحت رعاية عمه حتى تزويجه بالمرأة الاولى لقريش ( خديجة ) والتي لقبت بالكبرى لعظمتها وشخصيتها القوية ، وكانت أمرأة ثرية تزوجها محمد ، او تزوجت ( محمد ) بعد أعجاب متبادل بين الشخصيتين سرعان ماتحوّل الى علاقة قوية ، بدأت بالتجارة والعمل لتنتهي بالحب والايمان ل ( محمد ) وبرسالته الالهية ، وبعد رحلة طويلة شكل الثنائي ( ابو طالب وخديجة ) ركني ارتكاز ل ( محمد ) عندما أعلن دعوته الرسالية ، فأبو طالب كمدافع ومحامي ومناضل من أجل حرية ( محمد ) ودعوته ، وخديجة بما تملك من أموال وحب وحنان وسكن ... ل( محمد ) في الايام الاولى الصعبة لدعوته الاسلامية وبعد بضعة عشر سنة من دعوة ( محمد ) الاسلامية ، فقد معها عمه الكافل له وزوجه المؤمنه بكل ماجاء به من رسالة ليجد ( محمد ) نفسه وحيدا في مكة وبدون ابي طالب وخديجة ومن ثم لتنتقل حياة ( محمد ) نقلة نوعية ليقرر الهجرة من مكة الى المدينة ( يثرب ) منزل خؤولة محمد لجده عبد المطلب ولأبيه عبد الله ، ويثرب هذه مدينة شبه تجارية وتعدّ المنافس الاول لمكة تجاريا ، وصاحبة تنوع بشري وفكري ، ففي المدينة كانت هناك طوائف من أهل الكتب السماوية من يهود هاجروا ليثرب على أمل اللقاء برسول آخر الزمان كما يذكر التأريخ والقرءان ، كما ان هناك من النصارى ( الانصار ) المسيحيين وباقي التنوعات الفكرية الاخرى ، و موقع يثرب على الطريق التجارية لجزيرة العرب من الشمال لمكة ، وواقعها الاداري كان ارقى بقليل من واقع مكة مدينة المقدس العربي ، كما ان جغرافيتها الزراعية الهمتها بعض التحضر الاجتماعي والمخالطة التجارية هيئت لها المناخ الواسع لحياة المدن ، اما منظومتها السياسية فكانت القبلية فيها تمرّ بحالة ولادة ومخاض للتحول الى الاجتماع العمراني الملكي فكان التفكير قائما بانشاء مملكة صغيرة يتوجّ بها احد قادة هذا الاجتماع كملك على المدينة ، وفي هذه الاثناء جاءت دعوة ( محمد ) ورسالته السماوية لتحرك مجموعة من سكان يثرب للايمان ب(محمد ) ورسالته ومن ثمّ دعوته للهجرة لديارهم وقيام نظامه الاسلامي على ربوع يثرب ، وفعلا وبقليل من الزمن كانت دولة او نظام ( محمد ) الاسلامي قد شكل النظام الاداري والسياسي والاقتصادي ليثرب ، لينتقل ( محمد ) من الداعية الى الأمة ، وليتحول الى مشاكل البناء والتوحيد لهذه الامة والتي بدأت قوميا لأمة العرب في تحريرهم من السيطرة الاستعمارية لأمبراطوريتي الارض فارس والروم ، ثم لتنتقل الى الفتح والتوسع على حسب القانون الدولي آنذاك الذي يجيز التوسع الاستعماري لأمم الارض ، وخلال عشر سنوات من نضال ( محمد ) وأمته قامت الخلافة الاسلامية كأحد أنظمة الحكم العالمية الكبيرة لتأخذ حصتها من الوجود العالمي ليشكل عندها ( محمد ) معجزة بكل ما لمعنى المعجزة من ضخامة انسانية ، فمن يتيم تنتقل كفالته ورعايته من يد ليد ، الى رسول ومبشر وصانع أمة لم تزل ندائاتها العقائدية مرعبة للعالم الحضاري المعاصر ، ومن فرد مستضعف ومتألم الى أنصار وصحابة ودولة وحضارة وتأثير كبير جدا ...الخ ؟.
انتقل ( محمد ) من هذه الدنيا وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها سني العمل ومنها سني التعبد ومنها سني النضال والالم ومنها سني البناء والتشييد ...، وترك بعد وفاته دعوة اسلامية عقائدية دينية ، لها كتاب مقدس سمي (قرءان ) بسبب انه من النوع المقروء على الناس اجمعين ، يضم بين دفتيه العقيدة الفكرية للمسلمين والمنهاج العملي لحياتهم اليومية والاسرية والفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، واوصى ( محمد ) قبل وفاته بالخلافة من بعده وادارة شؤون الامة لأخيه في النشأة وابن عمه في النسب ابي طالب ، وتلميذه في الرسالة ، وزوج ابنته المدللة فاطمة وأب ابنيه الرساليين الحسن والحسين ، علي ابن ابي طالب كأمام وخليفة من بعده ، وبعدها دفن في المدينة التي احتضنته من قبل .
**********************************
( الرسول محمد )
قد يتسأل الكثير عن حياة ( محمد ) ورسالته الاسلامية وما الذي اضافته من جديد للأنسانية في هذا العالم ؟.
كما انه قد يتسأل البعض الاخر عن صورتين لحياة ( محمد ) باعتبارهما صورتي جدل ونقاش ، الاولى صورة ( محمد ) المناضل والمقاتل والمجاهد ؟.
والصورة الاخرى صورته الرسالية والتي تؤسس لصورة ( محمد ) الرؤوف الرحيم صاحب الرحمة المهداة ، وانه ( رحمة للعالمين ) مامعناها الفكري ؟.
الحقيقة ان السؤال وبهذه الصيغة الاولية :( ما الجديد الذي أتى به محمد ؟.) ينم عن غفلة كبيرة بما جاء به ( محمد ) من رسالة ، كما انه سؤال يظهر مدى غفلة السائل وعدم ادراكه لفلسفة الاديان والنبوات في هذه الارض الانسانية ؟.
ولنفترض جدلا ان السائل يتسأل وهو مؤمن بالاديان السماوية والرسالات النبوية ، ويهدف الى معرفة الاضافة الالهية التي اضافها الاسلام للاديان الاخرى ، ومن هنا يحق التسأل عن الجديد الذي جاء به ( محمد ) ليضيفه الى باقي اديان العالم الانساني ، فما الجديد الذي جاء به ( محمد ) ليبشربه العالم الانساني ؟.
وبمعنى آخر هل جاء ( محمد ) بالتبشير بالجنة والنار - مثلا - ، فالجنة والنار مبشر بها من قبل ؟. أم جاء بالاخلاق والاحسان للفقراء والمحتاجين فالاديان السابقة قد دعت لمثل هذه الاخلاقيات الانسانية ؟. وكذا باقي تعاليم ( محمد ) ورسالته ما الشيئ الجديد الذي جاء به (محمد ) لم يكن موجودا في باقي الاديان السابقة ليكون له الميزة على باقي الاديان الاخرى والرسالات السماوية المغايرة ؟.
عندما يطرح مثل هذا السؤال بين يدي الرسالة الاسلامية لتجيب هي نفسها عن هذه الاشكالية باعتبارها دعوة ( محمد ) الناطقة ، فان للرسالة الاسلامية رؤية حول موضوع :( الجديد والتجديد ) في فلسفة النبوة والوحي ، فالمدرسة الاسلامية ومبدأيا لاترى لمفهوم ( الجديد ) اي منطق رسالي ، واذا ما أخذنا الجديد بمعنى الاضافة الغير مسبوقة فأن الفكر الاسلامي الديني يرى ان هذه الاضافة قريبة لمفهوم ( البدعة ) وليس لمفهوم ( التجديد ) والمعترف به أسلاميا ، فالجديد بمعناه الابداعي ليس له اي أساس في فلسفة الفكر الاسلامي حول النبوة والوحي ، وانما ما له أساس ومرتكز هو القول :
ان فلسفة الوحي والنبوة في الدعوة المحمدية ترى ان للاجتماع الانساني أصولا وقوانينا تتحكم بحركة هذا الاجتماع البشري ، وقد ارسل الله الرسل برسالات وشرائع تحافظ على الانسجام القائم بين حركة الاجتماع الانساني وتلك الاصول والقوانين المؤسسة لهذا الوجود الاجتماعي ، وعندما تشذ الحركة الاجتماعية العامة عن أصول ( العدالة والتوحيد والاتصال بالسماء ....الخ ) يرسل الله رسولا جديدا ليذكر الاجتماع الانساني بضرورة العودة الى تلك الاصول الربانية ، وليضخ روحا جديدة من التجديد لروح الاجتماع الانساني ويحثها على العودة الطوعية لاصول الدين الواحدة والغير مختلفة لكل الاديان السماوية الالهية ، وهكذا كانت الرسالة السماوية وبعنوانها الكبير هي عملية يقوم بها نبي او رسول من قبل الله سبحانه ليذكر ويدعوا ويبشر وينذر الاجتماع الانساني بضرورة العودة الى الله ؟.
وهذه العودة هي ليست عملية ارتداد الى الخلف الاجتماعي بقدر ماهي رجوع الى منظومة القيم السليمة لأسس الاجتماع الانساني ، وهذه القيم بطبيعتها صالحة لكل زمان ومكان لحياة البشر ، فمفهوم مثل العدالة كأساس من أسس الاجتماع الانساني لايحده زمان ولايبلى بتغير المكان وانما هو أصل لقيام اي اجتماع سليم يريد ان يؤسس ويبني وجوده على اساس الحقوق والواجبات لكل افراد الاجتماع الانساني ، وكذا التوحيد في الرؤية الاسلامية لعملية التجديد الرسالي ، وكذا حرارة الاتصال الايماني بالله لأنشاء ضمير انساني متقد وحساّس بالاخرين ....، فكل ذالك يعتبر من مبادئ الرسالات السماوية كلها والتي تدخل في عملية ادامة التجديد لها بين كل فترة واخرى حسب الرؤية الاسلامية لمفهوم التجديد ، ولذالك جاء هذا المفهوم بهذه الصيغة أسلاميا :( ان الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها / محمد رسول الله )اخرجه ابو داوود في سننه .؟.
ومن هنا يكون السؤال عن الجديد الذي جاء به (محمد ) سؤال غافل عن فلسفة الدعوات الدينية بشكل عام وعلى طول التاريخ ، فليس هناك جديد في الاديان السماوية ، وانما هناك ( تجديد) لدعوة واحدة لكل الانبياء عندما ينحرف الاجتماع عن اصوله الاجتماعية التي توفر له الديمومة في المسير يبعث الله سبحانه من يعيد حركة الاجتماع الانساني الى الاصول الدينية العامة وفي كل الاديان ؟.
أما ان كان السؤال حول الجديد الذي ينبغي ان يأتي به ( محمد ) للانسانية باعتبار ان عملية التجديد تلك لابد لها من فلسفة خاصة تكون الدعوة الرسالية التالية متممة للدعوة الدينية السابقة ، فان مثل هذه الرؤى هي الاقرب للصواب عندما يسأل عن ماهية الفلسفة التي تكون من خلالها حركة النبوة متجددة لكل عصر وزمان حتى وصولها الى الرسالة الخاتمة التي لاحاجة لرسالة بعدها ، فهنا يكون السؤال بهذه الصيغة :( ماهي فلسفة التجديد الرسالية ؟. ولماذا ختمت الرسالة والنبوة بالاسلام او وبصورة اخرى ما الذي نسخه الاسلام من بقايا الاديان السابقة وما الذي اضافه للحياة الانسانية ؟.) .
ان الدعوة المحمدية الاسلامية وبهذا المعنى من التجديد الرسالي وهبت للانسانية بعدين اساسيين في الحياة الاجتماعية الانسانية :
الاول : بعد يتمثل بتحرير الانسان من عبودية العقيدة الدينية المنتهية صلاحيتها اللاهوتية .
ثانيا : بعد الانفتاح على الاخر الانساني والقبول به وجوديا او بمعنى مبدأ حوار الحضارات .
في الفكر الاسلامي حقيقة فكرية بارزة للعيان يجدها كل متأمل في الرسالة الاسلامية الخاتمة وهي القائلة : ان الاديان السماوية هي دعوة ثورية للتغيير الاجتماعي ، ولكنها ومن الجانب الاخر او الوجه الاخر للعملة الدينية هي أغلال وسجون ومعتقلات فكرية ان تحولت هذه الاديان او حرفت الى اداة بايدي المنتفعين من رجال الدين والسلطان لتتحول الفكرة الدينية وعلى ايدي هذه الزمر الطاغوتية الى كوابيس مفزعة ، وعندئذ يكون الدين وبهذا المعنى المزيف اكثر من وثن يعبد لغير الله سبحانه ، ومعلوم في الاطروحة الاسلامية ان للدين سلطانا ونفوذا كبيرا على عقول الناس ومشاعرهم واحاسيسهم الروحية ،وليس من السهل التخلص من اديان الظلام الا بثورة دينية مضادة تحطم اسطورة الاديان المزيفة وتستنقذ الانسان من بين براثنها المميته لتحرر عقله وقلبه ومشاعره من اغلال الاديان المزيفة ومن ثم لتخرجه من الظلمات الى النور بأذن الله سبحانه ؟.
ان القرءان يحدثنا ان دعوة ( محمد ) ورسالته السماوية أتت لتحرر الانسان من ظلامية الاديان المنغلقة وعبادة الانا والذات ، ولترفع من جانب آخر الاغلال الفكرية والروحية والنفسية التي بنتها تلك الاديان الظلامية :( الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ، فالذين ءامنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون / 157 / الاعراف ).
فهنا نحن أمام دعوة او رسالة سماوية تحاول انقاذ الانسان ، واخراجه من الظلمات الى النور ، كما وانها دعوة تحرير من قيود واغلال الجهل والتخلف الديني المعتقل لطاقة الانسان وحركته النشطة ، وهي كذالك دعوة تحطم الخبائث وتفتح الرياح الطيبة وتأمر بالمعروف وتنهى عن كل ماهو منكر ؟.
ان الفكرة بهذا القالب ستقلب ميزان من يتسأل عن الاضافة الجديدية التي قدمها (محمد ) للبشرية ، فهنا نحن أمام عملية استطاعت انقاذ البشرية وتحريرهم بشكل فعلي من الاغلال الدينية التي كانت تحطم الانسان بأسم الدين وتشلّ من طاقته وفعله في هذه الحياة و بدون ان تذهب بهم بعيدا عن الحيز الايماني الالهي لعملية الثورة والتحرير ، وهذا بعكس من حاول في التأريخ الاوربي الوسيط والمعاصر ، عندما اكتشف الاغلال التي وضعها الدين على الطاقة الانسانية ليتحول الدين والتدين الى افيون واغلال وقيود ومعتقلات فكرية ، فحاولت بعض الافكار المادية ان تصنع ثورة تحررية من التخلف الديني وماسببته تلك الاديان من ظلمة وألم للانسان ، وحقا فعلت عندما حررت الانسان من الاغلال الدينية الكنسية ، ولكنها ومع الاسف استبدلت نوعية الاغلال والظلمة بأغلال وظلمات مادية تخبط فيها الانسان حتى وصوله للضياع والقلق ، فالانسان بلا دين كالوعاء الفارغ الذي بحاجة الى الايمان والحب ، كما ان الانسان بدين تلاعبت به يد الخيانة الانسانية أشبه بدمية لاتجرأ على التحكيم لعقل الانسان ومبادئه الفطرية ؟.
ومن هنا نفهم عمق الانجاز الذي قدمته دعوة ( محمد ) الاسلامية ورسالته الخاتمة للانسانية عندما انتفضت لتبشر بثورة تحرر الانسان وتمرده على اديان الخرافة والظلمة والمقدس المزيف ، ولتستبدل الانسان بأنسان التوحيد والعدل والعقل والعلم وبناء الحياة حرث الاخرة ؟.
اما من ناحية البعد الاخر الذي اضافته دعوة ( محمد ) الاسلامية لعقلية الانسان المسلم ومشاعره وكيانه ، فيكفي ان يقال انها هي الدعوة الدينية الوحيدة في العالم الانساني التي اختلفت مع باقي اديان العالم الانساني ولكنها بنفس الوقت اعترفت لهم بوجودهم الحضاري والديني ، واعتبرت ان ايمانهم الديني أمر متعلق بحياتهم الشخصية ولايجوز ارغامهم على التنازل عن ايمانهم الديني حتى ان كان هناك اختلاف عقائدي بينه كمنظومة عقائدية دينية توحيدية وبين باقي اديان العالم الانساني الاخرة ؟.
نحن عندما نقول ان الدعوة الاسلامية المحمدية هي الوحيدة التي بامكانها الادعاء على انها دعوة حوار حضاري فاننا لانفتري على باقي اديان ومعتقدات العالم البشري ، وذالك من منطلق ان الدعوة الوحيدة الدينية التي اختلفت مع الاخر الحضاري بدون ان تلغي وجوده كدين هي الفكرة الاسلامية ، كما انها الفكرة الوحيدة التي تقبل التعايش مع الاخر الحضاري واحترام معتقده والاعتراف به كدين يجب الاحترام والتوقير له ، وهذا - حقيقة - بعكس تماما الاديان المتنافره التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة ونفي اي حقيقة لاي دين آخر سواء كان هذا الدين بشريا او الاهيا ، ومثل هذه الرؤى التي تمتلكها هذه الاديان المغلقة على ذاتها لايمكن لها ان تدّعي انها تمتلك قواعدا للحوار الحضاري باعتبار انها اساسا لاتؤمن بالاخر كدين فكيف لها ان تدعي حواره واحترام معتقداتها الدينية ؟.
وهكذا نجد ان الاضافة الاسلامية الاخرى التي اضافتها دعوة ( محمد ) ورسالته للبشرية هي اضافة أمكانية التعايش مع الاخر الحضاري والاعتراف بوجوده الديني ، ومن ثم حواره ودعوته لهذا الحوار الحضاري :( قل ياهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألانعبد الا الله ولانشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فأن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون / 64 / آلعمران ) .
( وقولوا ءامنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون / 46 / العنكبوت ).
الحقيقة انه ليس من السهل وجود افكار دينية بهذا الرقي من التحرر والانفتاح على الاخر وديمومة الحياة مع عدم الحرج على الانسان ؟
19/02/2008م
من هو محمد رسول الله ص ؟. وما الذي أتى به من جديد ؟.
(اذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا ان محمدا كان من أعظم عظماء التأريخ فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والاخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء ، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحا لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التأريخ كله . / المؤرخ المادي ول ديورانت / قصة الحضارة / ج 13/ص47/ ترجمة محمد بدران / دار الجيل بيروت ) .
*****************
ليس من السهل البحث عن ( محمد ) صاحب الرسالة الاسلامية الكبيرة وخاتم مشروع النبوة ، وذالك لعدة اعتبارات جوهرية تأريخية وفكرية ودينية ودنيوية ونفسية وعقلية ....، فمن الناحية التأريخية ف( محمد ) ولد وترعرع في مجتمع لم تكن به مادة التدوين رائجة في سوق الاجتماع العربي آنذاك ، مما يضعنا قبال أشكالية حداثة التدوين للشعب العربي وفقدان مادة التورخة الآنية للحدث التاريخي العربي سواء على مستوى الافراد بأعتبار ان ليس هناك تورخة للمواليد الانسانية لدى هذا الاجتماع العربي تشخّص الزمن الذي ولدت به الشخصيات العربية المؤثرة اجتماعيا وتأريخيا وكيفية هذه الولادة ، أو على مستوى الاحداث الاجتماعية مما يضطرنا للجوء والاخذ بمادونته الاقلام من خلال النقل الشفهي في بداية الامر حتى استقرار التدوين والعمل به للاجتماع العربي بفضل الدعوة الاسلامية ، ولاريب ان مثل هذا التدوين الشفهي في بداية حياة ( محمد ) سيدخل الكثير من عدم التوثيق والدقة على حياة منقذ ومؤسس العالم العربي والاسلامي فيما بعد ولعدة اسباب تقديسية او غيرها من الاسباب التي تبدو موضوعية مرة وذات نواية مشبوهة مرة اخرى ، ولكن وعلى اي حال ستبقى بدايات وبواكير حياة ( محمد ) قبل البعثة والرسالة مجال جدال واخذ وردّ على المستوى التأريخي والنقلي ، كما وانّه سيبقى بعض الغموض يلف البواكير الاولية لحياة اعظم من عرف التأريخ فيما بعد .
كذالك ان قلنا انه ليس من السهل فكريا تناول حياة ( محمد ) الواسعة والمليئة بكل ماهو مثير للتساءل ، ف( محمد ) المفكر فيه تختلف صورته بين تلك المدرسة وهذه ، كما ان ( محمدا ) في عيون انصاره ومحبيه هو مختلف عن ( محمد ) في عيون أعدائه ومبغضيه ، ف ( محمد ) الاسلامي هو النموذج الاكمل في عالم الفكر والمعرفة ، كما انّه الاكمل في عالم الرسالة والوحي ، بخلاف ( محمد ) الذي انطلق من عمق الصحراء ليحمل سيفا وينطلق بغزوات وحروب ومقاتل كما يصوره الفكر السياسي الغربي الصليبي في القرون الوسطى وما تلاها ، كذا القول ان ( محمدا ) في المدرسة الفكرية عميق وواسع وذو وجوه عدة ف ( محمد ) الرسول هو مختلف عنه الزوج والاب والصديق كما نّه المقاتل بخلاف الرؤوف الرحيم وكذا الكريم مختلف في شخصيته عن المعلّم والاستاذ والمزكي ، وكذا ( محمد ) المبشّر والمنذر هو مختلف عن الهادي والسراج والمصطفى والمنتخب ......الخ .
ولاريب ان هذه الزواية الواسعة لحياة ( محمد ) الرسول تضيف ابعادا اخرى معقدة لمشاريع البحث عن كل كيانه المحترم ، لابل وعن كل انفاسه الشريفة ومارافقها زمانيا ومكانيا من احداث كبيرة او صغيرة لهذه الشخصية الفذة ، فنحن هنا أمام تورخة تحاول التعرف على ( محمد ) نشأة وذوقا ونفسا ومعتقدا وعلما وعقلا وأخلاقا وعبادة وشجاعة ورجولة وزواجا وابوة ورسالة وتبشيرا وانذارا وهداية وحزنا وانسانا وهمّا وألما وحبا ......الخ ؟.
ومثل هذا البحث لايتوقع انه ينجز من خلال اطلالات موجزة بل هو بحاجة - حقا - لجهد بشري فكري تهيئ له الظروف الفكرية والانسانية المناسبة لأنجازه كمشروع فكري يحاول البحث عن ( محمد ) العظيم في عيون اعدائه ومريديه ، اما هنا فنحن نحاول البحث عن العناوين الرئيسة لحياة ( محمد ) كمداخل من خلالها نطلّ ولو بجزء بسيط على رياض حياة ( محمد ) العطرة والندية ، وأمامنا ثلاث طرق للوصول لهذه المهمة الشاقة لأكتشاف الشخصية المحمدية ، او لنقل ان بين ايدينا ثلاث مصادر رئيسية نتمكن من خلالها التعرف على حياة رسول الاسلام ((محمد ) ) وهي :
أولا : المدونات التأريخية والسيرية لحياة ( محمد)
ثانيا : المدونات الحديثية ( السنة النبوية ) التي جمعت لنا الكثير مما كان يقوم به رسول الاسلام (محمد ) من أعمال وأقوال وتقارير نبوية .
ثالثا : القرءان الكريم
ان المدونات التأريخية والسيرية كانت ولم تزل هي المرجع المعتبر لمعرفة حياة الرسول ( محمد ) وما تخلل هذه الحياة من أحداث كبيرة وصغيرة ، منذ النشأة الاولى لولادة ( محمد ) وحتى آخر انفاسه في هذه الحياة ، ولكن وكما هو معروف فقد تصدى الكثير ممن كتبوا في اشكاليات التورخة العربية بالمقال : من ان التاريخ العربي كتب متأخرا عن حياة صاحب الرسالة الاسلامية بسنوات طويلة ، مما أدخل الكثير من الشك على الاحداث التي نقلت فيما بعد لحياة الرسالة الاسلامية وصاحبها المعظم، وكذالك عندما نقرر ان السنة النبوية بقت ولمدة طويلة من الزمن الاسلامي مجردة عن التدوين والكتابة - وكان هذا بأمر من الخليفة الاول والثاني - ومتناقلة من خلال المشافهة اللسانية والسمع فحسب الى حين اتخاذ القرار من قبل الاجتماع الاسلامي بتدوين السنة النبوية المحمدية وحفظها في المدونات الكتابية ، مما عرّض السنة النبوية لكثير او قليل من الغموض والتشتت ، ولكن يذكر بأنّ التشددّ في الاجتماع الاسلامي في حفظ حياة ( محمد ) واقواله واعماله ... كان سببا مباشرا في الحفاظ على هذه السنة النبوية وايصالها للتدوين بكل أمانة ومصداقية مما وفر لنا سنة نبوية منقولة ومحفوظة بكل دقة ؟.
أما المصدر الثالث فلاريب ان القرءان الكريم هو المصدر الوحيد الذي لم تشوبه اي شائبة او نقص من انّه المصدر الاصدق لحياة ( محمد ) وعصره الذي تحرك به ، وهذا بشهادة كل من اراد البحث في المصادر التأريخية المدونة في عهد ( محمد ) فالقرءان مازال ولم يزل من أهم المصادر والمراجع التي يمكن الاعتماد عليها بنسبة عالية جدا ومصداقية منقطعة النظير ، وذالك بسبب ان العناية التي اولاها المسلمون لحفظ القران الكريم وتدوينه ونقله ... لم يشهد مثلها التاريخ الانساني على الاطلاق في الحفظ والتدوين لكتاب آخر ، بحيث ان حرفا واحدا من القرءان الكريم ( في قوله سبحانه : والّذين يكنزون ... ) كان مادة لبحوث تاريخية مطولة واشكاليات فكرية وعقائدية عميقة تحاول التأكد من هذا الحرف هل هو قرءاني الاهي او هو بشري مندّس ، وهكذا كان القرءان الكريم كتاب ديني عقائدي مقدس قبل ان يكون وثيقة تاريخية مهمة جدا أرخّت لعصر الرسالة الاسلامية بالنسبة للاجتماع الاسلامي مما رشح هذا الكتاب المقدس لأن يكون في المستوى الراقي جدا من المصداقية النقلية ، ومعلوم والحال هذه ان الوثيقة القرانية المقدسة قد تناولت حياة ( محمد ) النفسية والروحية والعقلية والعاطفية والادارية والقتالية والاجتماعية والاسرية .....الخ بعمق وبشيئ من التركيز والسعة مما أدخل التناول القرءاني لحياة ( محمد ) الى مستوى المدونة الرئيسية لهذه الحياة المليئة بكل ماهو غريب وعظيم وكبير غيّر من مجرى التاريخ الانساني بشكل عميق ، وهنا وهنا فحسب يمكننا البحث عن حياة ( محمد ) الحقيقية والتي لارتوش او منزلقات بشرية فيها والتي تحركت مع كل حرف قرءاني لنجد ان حياة ( محمد ) مرسومة بشكل لا لبس فيه بين سطور القرءان التي رافقته خطوة بخطوة حتى خروجه من هذه الحياة الدنيوية.
نعم يبقى للتورخة والسيرة النبوية بعض الجوانب التي لم يتعرض لها النص القرءاني من حياة ( محمد ) الانسانية هي المعتمد الثاني والاهم في حياة الشخصية الرسالية المحمدية ، كما ان للتورخة ميزات أخرى ليس هنا مجال البحث فيها .
**********************************************
( ألانسان محمد )
يذكر لنا التأريخ العربي الاسلامي صورتين لولادة ( محمد ) العظيم ، الاولى تعتمد على البعد الاسطوري لولادة غير عادية في العرف الانساني - الاسطورية بمعنى الفوق الطبيعي من طبائع الاشياء في هذا العالم - ف( محمد ) يولد ومعه شيئ غريب تحدثنا به كتب السير الاسلامية من خلال ماتناقلته عن أم ( محمد ) نفسه آمنه بنت وهب والدة ( محمد ) بالقول :( أن آمنة بنت وهب أم رسول الله أنها أتيت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها : انك قد حملت بسيد هذه الأمة ، فاذا وقع الى الارض فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ، ثم سميه محمدا . ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى ، من أرض الروم ../ السيرة النبوية لابن هشام ، ج 1، 157ص.) .
أما الصورة الاخرى فهي صورة أكثر طبيعية وميلا الى التقاليد والعادات العربية المألوفة وهي الصورة الادبية للتأريخ العربي الاسلامي - يتناقلها أهل الادب واللغة العربية - ومفادها :( أن النبي ص لما ولد أمر عبد المطلب بجزور فنحرت ودعا رجال قريش وكانت سنتهم في المولود اذا ولد في استقبال الليل كفؤوا عليه قدرا حتى يصبح ففعلوا ذالك بالنبي فأصبحوا وقد انشقت عنه القدر وهو شاخص الى السماء فلما حضرت رجال قريش وطعموا قالوا لعبد المطلب : ماسميت ابنك هذا قال : سميته محمدا قالوا ماهذا من اسماء ابائك قال أردت ان يحمد في السموات والارض . / شرح المفصل / ابن يعيش النحوي ج 1 ).
الحقيقة يمكن الجمع بين الصورتين لولادة ( محمد ) لولا ان الصورة الاولى عليها الكثير من علامات الاستفهام التأريخية ، ومنها النقل عن أم ( محمد ) آمنة بنت وهب وبلا سند تأريخي يذكر سوى مقولة ابن هشام ( ويزعم ) والتي تشير الى عدم ثقة ابن هشام نفسه بالرواية ، أما الصورة الاخرى فهي الاقرب للحياة العربية المعاشة آنذاك بالاضافة الى أن أهل اللغة يكونون عادة أكثر دقة بالنقل التأريخي من أهل التواريخ المدونة باعتبار ان اهل اللغة حفاّظ حجة وتتبع لكل مايتصل باللغة العربية بغض النظر عن التأثيرات الايدلوجية للعقيدة الاسلامية على شخصية الرسول ( محمد ) فهم أهل نظر للسان العربي وقوانينه المنطوقة بعكس أهل التواريخ والسير فانهم من هنا او هناك ينقلون الحدث بكل مايحمل من تشويق تأريخي لاسيما منه التشويق التقديسي الذي يضيف هالة من القدسية على الحدث التاريخي او هالة من التضخيم للحدث التاريخي ، ويذكر ايضا ان ولادة ( محمد ) كانت بعد حادثة الفيل التي تتناقلها العرب شفهيا كما هو عادتهم في ذكر الحوادث والتي ذكرها القرءان الكريم ايضا كحدث معروف ومشهور ؟.
وعلى أي حال ولد ( محمد ) في عائلة كريمة في أصول الاجتماع العربي ، فله أب وأم ينحدران من الطبقة المتوسطة اقتصاديا والشريفة أخلاقيا ، جده لابيه عبد المطلب كان سيد قومه في الشرف والعفة والرأي الحكيم ، والده ( عبدالله ) كما هو معروف ومشهور ، وللأسم صبغة توحيدية هذا الاسم (عبدالله ) فهو ليس كأسم أخيه من والده ( عبد العزى ) المكنى بابي لهب ، توفي عن ولده محمد وهو حمل وقيل ابن سنة ، وبقي محمد في رعاية أمه آمنة التي ارسلته للرضاعة في بادية العرب خوفا عليه من امراض واوبئة المدن المفتوحة دينيا كمكة مركز التجارة والتعبد آنذاك حتى الوقت المعاصر ، وعندما وصل ( محمد ) مرحلة الفطام رجع به أهل البادية لأمه وهم يروون بعض مالهذا الصبي ( محمد ) من سمات ملفتة للنظر ولاسيما في بعض شؤونه الصحية او النفسية فهو دائم الاطروقة والانعزال الا انه صاحب طلعة مبشرة بالخير كما هي عادة العرب في الفراسة والتفائل بوجوه الاخرين ، وتذكر في التاريخ حادثة ( شق الصدر ) ل (محمد ) وهو في بادية العرب (في بادية بني سعد مع مرضعته حليمة بنت ابي ذؤيب ) ).
وبقي مع أمه حتى السابعة لتغادره وحيدا يتيما لجده عبد المطلب لتنتقل من هذه الحياة الى الحياة الاخرى ، وكان عبد المطلب شخصية بارزة في الاجتماع العربي ، اعتنى ب (محمد ) بشكل ملفت للنظر فهو يقربه من مجلسه ويتوسم به المستقبل الكبير ولكن سرعان ما وافت المنية أجل عبد المطلب ول ( محمد ) من العمر ثماني سنين ، ليعهد به الى عمه ( ابي طالب ) اخ ابيه لأمه وابيه ، والذي ضم ( محمد ) الى ابناءه الكثر ، وقد اتسمت حياة (محمد) مع عمه ابي طالب بعناية فائقة وحتى مرافقة ( محمد ) لعمه الحنون في اسفاره القليلة نسبيا للتجارة المتواضعة لأبي طالب ، وقد قضى ( محمد ) جلّ شبابه وبدايات رجولته مع عمه ابي طالب ، وفي كنف زوج ابي طالب الذي كان ( محمد ) يرى بها الأم الثانية له بعد أمه الحقيقية ، وقد اغدقت عليه زوج ابي طالب ( فاطمة بنت أسد ) حنانا ورعاية كبيرة جدا كما يذكر التاريخ ذالك ، وبقي ( محمد ) تحت رعاية عمه حتى تزويجه بالمرأة الاولى لقريش ( خديجة ) والتي لقبت بالكبرى لعظمتها وشخصيتها القوية ، وكانت أمرأة ثرية تزوجها محمد ، او تزوجت ( محمد ) بعد أعجاب متبادل بين الشخصيتين سرعان ماتحوّل الى علاقة قوية ، بدأت بالتجارة والعمل لتنتهي بالحب والايمان ل ( محمد ) وبرسالته الالهية ، وبعد رحلة طويلة شكل الثنائي ( ابو طالب وخديجة ) ركني ارتكاز ل ( محمد ) عندما أعلن دعوته الرسالية ، فأبو طالب كمدافع ومحامي ومناضل من أجل حرية ( محمد ) ودعوته ، وخديجة بما تملك من أموال وحب وحنان وسكن ... ل( محمد ) في الايام الاولى الصعبة لدعوته الاسلامية وبعد بضعة عشر سنة من دعوة ( محمد ) الاسلامية ، فقد معها عمه الكافل له وزوجه المؤمنه بكل ماجاء به من رسالة ليجد ( محمد ) نفسه وحيدا في مكة وبدون ابي طالب وخديجة ومن ثم لتنتقل حياة ( محمد ) نقلة نوعية ليقرر الهجرة من مكة الى المدينة ( يثرب ) منزل خؤولة محمد لجده عبد المطلب ولأبيه عبد الله ، ويثرب هذه مدينة شبه تجارية وتعدّ المنافس الاول لمكة تجاريا ، وصاحبة تنوع بشري وفكري ، ففي المدينة كانت هناك طوائف من أهل الكتب السماوية من يهود هاجروا ليثرب على أمل اللقاء برسول آخر الزمان كما يذكر التأريخ والقرءان ، كما ان هناك من النصارى ( الانصار ) المسيحيين وباقي التنوعات الفكرية الاخرى ، و موقع يثرب على الطريق التجارية لجزيرة العرب من الشمال لمكة ، وواقعها الاداري كان ارقى بقليل من واقع مكة مدينة المقدس العربي ، كما ان جغرافيتها الزراعية الهمتها بعض التحضر الاجتماعي والمخالطة التجارية هيئت لها المناخ الواسع لحياة المدن ، اما منظومتها السياسية فكانت القبلية فيها تمرّ بحالة ولادة ومخاض للتحول الى الاجتماع العمراني الملكي فكان التفكير قائما بانشاء مملكة صغيرة يتوجّ بها احد قادة هذا الاجتماع كملك على المدينة ، وفي هذه الاثناء جاءت دعوة ( محمد ) ورسالته السماوية لتحرك مجموعة من سكان يثرب للايمان ب(محمد ) ورسالته ومن ثمّ دعوته للهجرة لديارهم وقيام نظامه الاسلامي على ربوع يثرب ، وفعلا وبقليل من الزمن كانت دولة او نظام ( محمد ) الاسلامي قد شكل النظام الاداري والسياسي والاقتصادي ليثرب ، لينتقل ( محمد ) من الداعية الى الأمة ، وليتحول الى مشاكل البناء والتوحيد لهذه الامة والتي بدأت قوميا لأمة العرب في تحريرهم من السيطرة الاستعمارية لأمبراطوريتي الارض فارس والروم ، ثم لتنتقل الى الفتح والتوسع على حسب القانون الدولي آنذاك الذي يجيز التوسع الاستعماري لأمم الارض ، وخلال عشر سنوات من نضال ( محمد ) وأمته قامت الخلافة الاسلامية كأحد أنظمة الحكم العالمية الكبيرة لتأخذ حصتها من الوجود العالمي ليشكل عندها ( محمد ) معجزة بكل ما لمعنى المعجزة من ضخامة انسانية ، فمن يتيم تنتقل كفالته ورعايته من يد ليد ، الى رسول ومبشر وصانع أمة لم تزل ندائاتها العقائدية مرعبة للعالم الحضاري المعاصر ، ومن فرد مستضعف ومتألم الى أنصار وصحابة ودولة وحضارة وتأثير كبير جدا ...الخ ؟.
انتقل ( محمد ) من هذه الدنيا وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها سني العمل ومنها سني التعبد ومنها سني النضال والالم ومنها سني البناء والتشييد ...، وترك بعد وفاته دعوة اسلامية عقائدية دينية ، لها كتاب مقدس سمي (قرءان ) بسبب انه من النوع المقروء على الناس اجمعين ، يضم بين دفتيه العقيدة الفكرية للمسلمين والمنهاج العملي لحياتهم اليومية والاسرية والفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، واوصى ( محمد ) قبل وفاته بالخلافة من بعده وادارة شؤون الامة لأخيه في النشأة وابن عمه في النسب ابي طالب ، وتلميذه في الرسالة ، وزوج ابنته المدللة فاطمة وأب ابنيه الرساليين الحسن والحسين ، علي ابن ابي طالب كأمام وخليفة من بعده ، وبعدها دفن في المدينة التي احتضنته من قبل .
**********************************
( الرسول محمد )
قد يتسأل الكثير عن حياة ( محمد ) ورسالته الاسلامية وما الذي اضافته من جديد للأنسانية في هذا العالم ؟.
كما انه قد يتسأل البعض الاخر عن صورتين لحياة ( محمد ) باعتبارهما صورتي جدل ونقاش ، الاولى صورة ( محمد ) المناضل والمقاتل والمجاهد ؟.
والصورة الاخرى صورته الرسالية والتي تؤسس لصورة ( محمد ) الرؤوف الرحيم صاحب الرحمة المهداة ، وانه ( رحمة للعالمين ) مامعناها الفكري ؟.
الحقيقة ان السؤال وبهذه الصيغة الاولية :( ما الجديد الذي أتى به محمد ؟.) ينم عن غفلة كبيرة بما جاء به ( محمد ) من رسالة ، كما انه سؤال يظهر مدى غفلة السائل وعدم ادراكه لفلسفة الاديان والنبوات في هذه الارض الانسانية ؟.
ولنفترض جدلا ان السائل يتسأل وهو مؤمن بالاديان السماوية والرسالات النبوية ، ويهدف الى معرفة الاضافة الالهية التي اضافها الاسلام للاديان الاخرى ، ومن هنا يحق التسأل عن الجديد الذي جاء به ( محمد ) ليضيفه الى باقي اديان العالم الانساني ، فما الجديد الذي جاء به ( محمد ) ليبشربه العالم الانساني ؟.
وبمعنى آخر هل جاء ( محمد ) بالتبشير بالجنة والنار - مثلا - ، فالجنة والنار مبشر بها من قبل ؟. أم جاء بالاخلاق والاحسان للفقراء والمحتاجين فالاديان السابقة قد دعت لمثل هذه الاخلاقيات الانسانية ؟. وكذا باقي تعاليم ( محمد ) ورسالته ما الشيئ الجديد الذي جاء به (محمد ) لم يكن موجودا في باقي الاديان السابقة ليكون له الميزة على باقي الاديان الاخرى والرسالات السماوية المغايرة ؟.
عندما يطرح مثل هذا السؤال بين يدي الرسالة الاسلامية لتجيب هي نفسها عن هذه الاشكالية باعتبارها دعوة ( محمد ) الناطقة ، فان للرسالة الاسلامية رؤية حول موضوع :( الجديد والتجديد ) في فلسفة النبوة والوحي ، فالمدرسة الاسلامية ومبدأيا لاترى لمفهوم ( الجديد ) اي منطق رسالي ، واذا ما أخذنا الجديد بمعنى الاضافة الغير مسبوقة فأن الفكر الاسلامي الديني يرى ان هذه الاضافة قريبة لمفهوم ( البدعة ) وليس لمفهوم ( التجديد ) والمعترف به أسلاميا ، فالجديد بمعناه الابداعي ليس له اي أساس في فلسفة الفكر الاسلامي حول النبوة والوحي ، وانما ما له أساس ومرتكز هو القول :
ان فلسفة الوحي والنبوة في الدعوة المحمدية ترى ان للاجتماع الانساني أصولا وقوانينا تتحكم بحركة هذا الاجتماع البشري ، وقد ارسل الله الرسل برسالات وشرائع تحافظ على الانسجام القائم بين حركة الاجتماع الانساني وتلك الاصول والقوانين المؤسسة لهذا الوجود الاجتماعي ، وعندما تشذ الحركة الاجتماعية العامة عن أصول ( العدالة والتوحيد والاتصال بالسماء ....الخ ) يرسل الله رسولا جديدا ليذكر الاجتماع الانساني بضرورة العودة الى تلك الاصول الربانية ، وليضخ روحا جديدة من التجديد لروح الاجتماع الانساني ويحثها على العودة الطوعية لاصول الدين الواحدة والغير مختلفة لكل الاديان السماوية الالهية ، وهكذا كانت الرسالة السماوية وبعنوانها الكبير هي عملية يقوم بها نبي او رسول من قبل الله سبحانه ليذكر ويدعوا ويبشر وينذر الاجتماع الانساني بضرورة العودة الى الله ؟.
وهذه العودة هي ليست عملية ارتداد الى الخلف الاجتماعي بقدر ماهي رجوع الى منظومة القيم السليمة لأسس الاجتماع الانساني ، وهذه القيم بطبيعتها صالحة لكل زمان ومكان لحياة البشر ، فمفهوم مثل العدالة كأساس من أسس الاجتماع الانساني لايحده زمان ولايبلى بتغير المكان وانما هو أصل لقيام اي اجتماع سليم يريد ان يؤسس ويبني وجوده على اساس الحقوق والواجبات لكل افراد الاجتماع الانساني ، وكذا التوحيد في الرؤية الاسلامية لعملية التجديد الرسالي ، وكذا حرارة الاتصال الايماني بالله لأنشاء ضمير انساني متقد وحساّس بالاخرين ....، فكل ذالك يعتبر من مبادئ الرسالات السماوية كلها والتي تدخل في عملية ادامة التجديد لها بين كل فترة واخرى حسب الرؤية الاسلامية لمفهوم التجديد ، ولذالك جاء هذا المفهوم بهذه الصيغة أسلاميا :( ان الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها / محمد رسول الله )اخرجه ابو داوود في سننه .؟.
ومن هنا يكون السؤال عن الجديد الذي جاء به (محمد ) سؤال غافل عن فلسفة الدعوات الدينية بشكل عام وعلى طول التاريخ ، فليس هناك جديد في الاديان السماوية ، وانما هناك ( تجديد) لدعوة واحدة لكل الانبياء عندما ينحرف الاجتماع عن اصوله الاجتماعية التي توفر له الديمومة في المسير يبعث الله سبحانه من يعيد حركة الاجتماع الانساني الى الاصول الدينية العامة وفي كل الاديان ؟.
أما ان كان السؤال حول الجديد الذي ينبغي ان يأتي به ( محمد ) للانسانية باعتبار ان عملية التجديد تلك لابد لها من فلسفة خاصة تكون الدعوة الرسالية التالية متممة للدعوة الدينية السابقة ، فان مثل هذه الرؤى هي الاقرب للصواب عندما يسأل عن ماهية الفلسفة التي تكون من خلالها حركة النبوة متجددة لكل عصر وزمان حتى وصولها الى الرسالة الخاتمة التي لاحاجة لرسالة بعدها ، فهنا يكون السؤال بهذه الصيغة :( ماهي فلسفة التجديد الرسالية ؟. ولماذا ختمت الرسالة والنبوة بالاسلام او وبصورة اخرى ما الذي نسخه الاسلام من بقايا الاديان السابقة وما الذي اضافه للحياة الانسانية ؟.) .
ان الدعوة المحمدية الاسلامية وبهذا المعنى من التجديد الرسالي وهبت للانسانية بعدين اساسيين في الحياة الاجتماعية الانسانية :
الاول : بعد يتمثل بتحرير الانسان من عبودية العقيدة الدينية المنتهية صلاحيتها اللاهوتية .
ثانيا : بعد الانفتاح على الاخر الانساني والقبول به وجوديا او بمعنى مبدأ حوار الحضارات .
في الفكر الاسلامي حقيقة فكرية بارزة للعيان يجدها كل متأمل في الرسالة الاسلامية الخاتمة وهي القائلة : ان الاديان السماوية هي دعوة ثورية للتغيير الاجتماعي ، ولكنها ومن الجانب الاخر او الوجه الاخر للعملة الدينية هي أغلال وسجون ومعتقلات فكرية ان تحولت هذه الاديان او حرفت الى اداة بايدي المنتفعين من رجال الدين والسلطان لتتحول الفكرة الدينية وعلى ايدي هذه الزمر الطاغوتية الى كوابيس مفزعة ، وعندئذ يكون الدين وبهذا المعنى المزيف اكثر من وثن يعبد لغير الله سبحانه ، ومعلوم في الاطروحة الاسلامية ان للدين سلطانا ونفوذا كبيرا على عقول الناس ومشاعرهم واحاسيسهم الروحية ،وليس من السهل التخلص من اديان الظلام الا بثورة دينية مضادة تحطم اسطورة الاديان المزيفة وتستنقذ الانسان من بين براثنها المميته لتحرر عقله وقلبه ومشاعره من اغلال الاديان المزيفة ومن ثم لتخرجه من الظلمات الى النور بأذن الله سبحانه ؟.
ان القرءان يحدثنا ان دعوة ( محمد ) ورسالته السماوية أتت لتحرر الانسان من ظلامية الاديان المنغلقة وعبادة الانا والذات ، ولترفع من جانب آخر الاغلال الفكرية والروحية والنفسية التي بنتها تلك الاديان الظلامية :( الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحلّ لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم اصرهم والاغلال التي كانت عليهم ، فالذين ءامنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون / 157 / الاعراف ).
فهنا نحن أمام دعوة او رسالة سماوية تحاول انقاذ الانسان ، واخراجه من الظلمات الى النور ، كما وانها دعوة تحرير من قيود واغلال الجهل والتخلف الديني المعتقل لطاقة الانسان وحركته النشطة ، وهي كذالك دعوة تحطم الخبائث وتفتح الرياح الطيبة وتأمر بالمعروف وتنهى عن كل ماهو منكر ؟.
ان الفكرة بهذا القالب ستقلب ميزان من يتسأل عن الاضافة الجديدية التي قدمها (محمد ) للبشرية ، فهنا نحن أمام عملية استطاعت انقاذ البشرية وتحريرهم بشكل فعلي من الاغلال الدينية التي كانت تحطم الانسان بأسم الدين وتشلّ من طاقته وفعله في هذه الحياة و بدون ان تذهب بهم بعيدا عن الحيز الايماني الالهي لعملية الثورة والتحرير ، وهذا بعكس من حاول في التأريخ الاوربي الوسيط والمعاصر ، عندما اكتشف الاغلال التي وضعها الدين على الطاقة الانسانية ليتحول الدين والتدين الى افيون واغلال وقيود ومعتقلات فكرية ، فحاولت بعض الافكار المادية ان تصنع ثورة تحررية من التخلف الديني وماسببته تلك الاديان من ظلمة وألم للانسان ، وحقا فعلت عندما حررت الانسان من الاغلال الدينية الكنسية ، ولكنها ومع الاسف استبدلت نوعية الاغلال والظلمة بأغلال وظلمات مادية تخبط فيها الانسان حتى وصوله للضياع والقلق ، فالانسان بلا دين كالوعاء الفارغ الذي بحاجة الى الايمان والحب ، كما ان الانسان بدين تلاعبت به يد الخيانة الانسانية أشبه بدمية لاتجرأ على التحكيم لعقل الانسان ومبادئه الفطرية ؟.
ومن هنا نفهم عمق الانجاز الذي قدمته دعوة ( محمد ) الاسلامية ورسالته الخاتمة للانسانية عندما انتفضت لتبشر بثورة تحرر الانسان وتمرده على اديان الخرافة والظلمة والمقدس المزيف ، ولتستبدل الانسان بأنسان التوحيد والعدل والعقل والعلم وبناء الحياة حرث الاخرة ؟.
اما من ناحية البعد الاخر الذي اضافته دعوة ( محمد ) الاسلامية لعقلية الانسان المسلم ومشاعره وكيانه ، فيكفي ان يقال انها هي الدعوة الدينية الوحيدة في العالم الانساني التي اختلفت مع باقي اديان العالم الانساني ولكنها بنفس الوقت اعترفت لهم بوجودهم الحضاري والديني ، واعتبرت ان ايمانهم الديني أمر متعلق بحياتهم الشخصية ولايجوز ارغامهم على التنازل عن ايمانهم الديني حتى ان كان هناك اختلاف عقائدي بينه كمنظومة عقائدية دينية توحيدية وبين باقي اديان العالم الانساني الاخرة ؟.
نحن عندما نقول ان الدعوة الاسلامية المحمدية هي الوحيدة التي بامكانها الادعاء على انها دعوة حوار حضاري فاننا لانفتري على باقي اديان ومعتقدات العالم البشري ، وذالك من منطلق ان الدعوة الوحيدة الدينية التي اختلفت مع الاخر الحضاري بدون ان تلغي وجوده كدين هي الفكرة الاسلامية ، كما انها الفكرة الوحيدة التي تقبل التعايش مع الاخر الحضاري واحترام معتقده والاعتراف به كدين يجب الاحترام والتوقير له ، وهذا - حقيقة - بعكس تماما الاديان المتنافره التي تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة ونفي اي حقيقة لاي دين آخر سواء كان هذا الدين بشريا او الاهيا ، ومثل هذه الرؤى التي تمتلكها هذه الاديان المغلقة على ذاتها لايمكن لها ان تدّعي انها تمتلك قواعدا للحوار الحضاري باعتبار انها اساسا لاتؤمن بالاخر كدين فكيف لها ان تدعي حواره واحترام معتقداتها الدينية ؟.
وهكذا نجد ان الاضافة الاسلامية الاخرى التي اضافتها دعوة ( محمد ) ورسالته للبشرية هي اضافة أمكانية التعايش مع الاخر الحضاري والاعتراف بوجوده الديني ، ومن ثم حواره ودعوته لهذا الحوار الحضاري :( قل ياهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألانعبد الا الله ولانشرك به شيئا ولايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فأن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون / 64 / آلعمران ) .
( وقولوا ءامنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون / 46 / العنكبوت ).
الحقيقة انه ليس من السهل وجود افكار دينية بهذا الرقي من التحرر والانفتاح على الاخر وديمومة الحياة مع عدم الحرج على الانسان ؟
19/02/2008م
(( الحضارة الكطرية بدلا من الحضارة العراقية ... الملتقى الثقافي السابع للدوحة !.))
( بقلم : حميد الشاكر )
بسم الله الرحمن الرحيم : (( الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ))
***********
عندما يحكم الرأسمال العالمي بهذه الصورة المرعبة فكل شيئ جائز !.
يتقدم الدولار على الفن ... جائز !.
يتقدم البترول الاسود على خضرة الارض والطبيعة ... طبيعي !.
يتقدم الغباء على الذكاء والجمال .... ممكن !.
تتقدم مضارب الخيام على اهرامات مصر ... ربما !.
تتقدم الصحراء القاحلة على ينابيع الانهار ... بكل تأكيد !.
تتقدم الدوحة على بابل .... لاريب !.
يتقدم بن باز على نجيب محفوظ ... متوقع !.
تتقدم العصى والخيزران على القلم والمسمار ... تمام !.
يتقدم الحيوان على الانسان .... صحيح !.
هكذا عندما يحكم المال واصحابه على شؤون قوم فاسقين !.
في الذكرى السابعة لملتقى الدوحة الثقافي جلس وجها لوجه امراء دويلة قطر أمام العالم الغربي كله بما فيه الامبراطورية الامريكية لتتحدث الدولة العظمى قطر الخليج العربي عن الاسلام وباسمه ، ومن ثم لتناقش القضايا المستعصية بين الشرق الاسلامي والغرب المسيحي !.
انها مشاكل كونية تتصدى لها قبيلة من قبائل ال الخليج ، لتتحدث باسم الحضارة الشرقية كلها من سومر الى بابل العراق الى دمشق الى مصر الاهرامات وحتى ليبيا حضارة البحر الابيض المتوسط الزاحفة شرقا ، كل هذا تتحدث عنه دولة قطر كمعبر عن وجود هذه الحضارة والناطق الرسمي بلسانها الفصيح !.
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
وانا لله وانا اليه راجعون !.
واذا بليتم فاستتروا !.
من هي قطر حضاريا وبشريا وعمليا وفعليا امام العالم اليوم ؟.
رجعت لاكتشف تاريخ قطر الحضاري ، كما يطلب اعلان الملتقى الثقافي السابع للدوحة بعبارة :(( اكتشف تاريخ قطر من على قناة الجزيرة )) وفعلا رجعت لاقرأ التاريخ من جديد فالربما سقطت من ذاكرتي الحضارة القطرية فلم اعد اتذكرها مع باقي الحضارات التي قرأتها فيما مضى، وكانت البداية من جديد من تواريخ العرب التي تبدأ بادم ابي البشر عليه السلام ، وحتى وول ديورانت صاحب قصة الحضارة الذي يبدأ قصته من انسان الكهف والعراء ومن ابناء نوح سام وحام ويافث ، نزولا حتى ملوك الدنيا وقائمي حضارتها في سومر وبابل ومرتفعات الموصل من الحضارة العراقية ، هبوطا الى طغيان فراعنة مصر وتلاوين اساطيرها الدينية ، وارتفاعا الى هيكل سليمان وحضارة اليونان وغلبت الروم وبني فارس من ساسان وغير ساسان ........ الى اخر هذه الاسماء والاديان والبلدان !.
المفاجئة : لم اجد ذكرا يذكر للحضارة القطرية لافي التواريخ ولا في الاديان ولا في الوديان ولاحتى مع الرعيان !.
اذا اين يمكن لي ان اكتشف تاريخ قطر الذي يدعو له الموتمر السابع الثقافي للدوحة ؟!.
وبعد عناء وتفكير طويل وسوس لي الشيطان بعيدا عن الهام الرحمن ليقول لي : اكتشف تاريخ قطر والعربان تحت غطاء الدولار والنسوان !.
أليست هي مصيبة حقا ان يتحكم الدولار حتى في الانسان !.
وهل من الممكن ان يكون راس المال بديلا عن الحضارات والفنون والتاريخ .... ليقدم اعرابي بوالا على عقبيه ليتحدث باسم الحضارة والانسان وبلا حياء ولا نسيان ؟.
الم يخجل القطريون عندما يتقدمون امام العالم الانساني ليتحدثوا عن اشياء هم ليسوا من بناتها ولا من منشئيها ولامن القادرين اصلا لحمايتها او الدفاع عنها !.
عن الاسلام العظيم يتحدث ساسة قطر !.
امام العالم الغربي باسلحته الهيدروجينية والنووية يحاول وزير خارجية قطر ان يدافع عن الامة العربية والاسلامية صاحب الجزيرة التي هي بحاجة لتسونامي واحد حتى تغيب عن الوجود تماما ؟!.
عن الارهاب والكباب بدو كطر تتحدث مع اسرائيل واميركا دولة قطر العظمى !.
وطبعا هذا كله وشعور غامر لاميركا واوربا واسرائيل بالفرح والهزء والسخرية من امة تقودها قطر والدوحة وتناقش باسمها بلا ادنى تامل ؟!.
قطر هذه لاتستطيع الدفاع عن نفسها ساعة يتيمة امام اضعف جيش في العالم ، هي نفسها التي تخوض المحادثات الساخنة لمناقشة سبل الدفاع عن الامتين العربية والاسلامية ، أمام التحديات المعاصرة في زمن التكنلوجيا وغزو الفضاء !.
قطر هذه التي ليس لها ذكر يذكر لافي تايخ ولافي حضارة ولافي دين ولافي زقاق من ازقة العالم المدون هي نفسها التي تتحدث عن (( حوار الحضارات وكيفية منع حوامل التصادم الاممية )) !.
قطر هذه التي لاتملك الا بئر غاز ومئتي الف نسمة بشرية وماخور اعلامي فضائي صوتي يسمى الجزيرة هي نفسها التي تتحدث عن صياغة الاعلام الحر وكيفية استثمار البترول لخدمة التنمية النوعية للثقافة الانسانية العالمية المعاصرة !.
قطر هذه التي لم يخرج منها ابدا لافيلسوف عربي ولافيلسوف اسلامي ولاشاعر كبير او صغير ولامؤرخ ولاطبيب في التاريخ وحتى اليوم ، ولم تخرج اي كفاءة انسانية تذكر ولم تقدم للانسانية لافي القديم ولافي الحديث حتى كاتب قصة يذكر او صاحب ريشة فنان او عازف الة موسيقية تسمع ........... هذه القطر هي التي تتحدث اليوم عن تطوير الفلسفة وكتابة الاداب وانشاء الفنون وكيفية تطوير مناهج العلوم .....الخ !.
اليست هذه معادلة غريبة عجيبة ؟!.
قبيلة لم تزل تحت الحماية الغربية الاستعمارية تتطلع للعب دور لو وضع على الجبال لهدها من الثقل ؟.
انا افهم ان من يريد ان يتحدث عن حوار للحضارات يجب ان يكون هو صاحب حضارة وباني قواعدها كالانسان العراقي او المصري او السوري او اللبناني او الفارسي ....الخ ، لكن ياتي انسان يرى في بناء الحضارة اكبر نكتة سخيفة ليتحدث هو بدلا عن بنات الحضارة الحقيقيين عن حوار الحضارات ، فهذا الشيئ لااستطيع حقا فهمه او ادراك ابعاده السيكلوجية ايضا !.
هل حقا ان الانسان البدوي القطري عاشق الصحراء والصيد والتنقل من مرعى الى مرعى هو نفسه اليوم الذي يفكر في الحوار والحضارة والعلوم والفلسفة والفن والتاريخ ؟.
ومنذ متى انقلب البدوي من عشق الغزو واكل الجرابيع في البادية الى حب الجدران وزحمة التمدن واسواق التجارة وبذخ الفن وصخب الموسيقى ... لا والكلاسيكية منها في ملتقى الدوحة ايضا ؟.
هل قطر تتحرك بارادة الامير القطري الفلتة ، أم هي مجرد لعبة مسلية تحركها يد الاستعمار الذكية للهزء بهذا العالم العربي ومن ثم فرض حضارة البترول عليه بدلا من حضارة التاريخ والانسان ؟.
هل حقا ان الانسان البدوي الاعرابي تحول بين ليلة وضحاها من ممتهن لكرامة المرءاة واعتبارها عورة بشرية الى كونها بدلة افرنجية عصرية يصطحبها معه اينما ذهب ؟.
هل يستطيع الراس مال البترولي الخليجي ان يغير الانسان بهذه الصورة العجيبة الغريبة .... لا واكثر ان يشتري هذا الدولار البترولي الخليجي حضارة وثقافة وعلما وفنونا واشياء اخرى ، بحيث يصبح الدولار والبترول راسمال الحاضر والفقر والقمع مجاري للصرف الصحي لحضارات الامم والشعوب ؟.
هل نحن الفقراء الحضاريون - الذي نمتلك عمقا تاريخيا حضاريا ولانملك دولارا راسماليا - الذي يعادي الغرب انفنا المرفوع وجبهتنا العالية وتفكيرنا المعقد وفنوننا المزعجة ، وتاريخنا الكبير وحضارتنا التي سبت نسائهم وعيالهم ورجالهم في غابر الازمان وهدمت هياكلهم .... هل نحن (( نحسد )) تجار البترول من امراء كطر والسعودية والامارات وباقي قبائل العالم الخليجي ، لذالك لانحب ان نراهم يقيموا المنتديات الثقافية والبرامج التقدمية والجلسات العالمية ؟.
ام اننا نحن الفقراء ندافع عن حضارتنا المسروقة وديننا المنهوب وفنوننا المصادرة وتاريخنا المتشوه وعالمنا الذي بنيناه بالاف السنين لياتي امير الغاز القطري ليستولي عليه بمساندة قوى الاستعمار الغربي ومن ثم ليكون صاحب قطر باني الاهرام ومشيد ابراج بابل ومخترع الحرف المسماري ومكتشف عجلة الفخاري ومنسق اوتار قيثارة سومر وشاق الانهار ومخطط الخطط ورافع الحصون ومخرج المعادن من باطن الارض ومكتشف النار وادوات التجميل .............الخ ؟.
هل نحن انانيون أم نحن خائفون ومدافعون عن الانسان ؟.
اخيرا : هل الانسان الكطري والخليجي البدوي بصورة عامة هو قادر على صيانة هذا الارث الحضاري الكبير وادامة حركته وانتاج ماتبقى منه ومن ثم تطويره نحو الافضل لتكون حضارة العرب والمسلمين اكثر تالقا على يد الراسمال البترولي الخليجي ؟.
أم ان هذا الانسان اعجز من رعاية ناقته الصحراوية هو بدلا من رعاية حضارة وتاريخ وفنون وعلوم وانسان .....الخ بحياة معقدة جدا ؟.
هل بامكان اي انسان عربي ان يتوقع من الدولار البترولي الخليجي ، ومن سيادة الامير القطري ان يقفز قفزة حضارية ضرورية اليوم لادامة مشاريع الحضارة الانسانية ، ليوجد لنا التكنلوجيا النووية المعاصرة الداخلة في بناء الحياة الحضارية المعاصرة لحياة الانسان مابعد التفكير بعمارة الفضاء الخارجي ؟.
قبل الاف السنين الانسان العراقي حاول الوصول الى السماء لاكتشاف مابعد الارض فبنا ابراج بابل العظيمة ، فهل تتمكن القبيلة القطرية اليوم من المحاولة او التفكير بمافوق الحياة ، أم ان الامارة الكطرية لم تزل تفكر بما ينزل من تحت البعير لتشربه على مائدة الصباح ؟.
واذا لم يكن بمقدور القادة السياسيون الكطريون ولا حتى الخليجيون مجرد التفكير بهذه المشاريع الانسانية الكبيرة فلماذا وما هو الدافع الذي يدفع باعراب المنطقة العربية وسكنة باديتها ان يقيموا المهرجانات التي تناقش الاشياء الانسانية الكبيرة والتي هي اكبر من حجم امراء البترول العربي والخليجي بالتحديد ؟.
رحم الله أمرأ عرف قدر نفسه !.
نعم بامكان دولار البترول الخليجي ان يصنع انسانا مستهلكا لمنتوج الحضارة الانسانية الصناعية ، وبامكان هذا الدولار ان يصنع الرفاهية الانية ، لكنه لم ولن يتمكن من صناعة الانسان القادر على انتاج الحضارة والصناعة وبناء الحياة بصورة كبيرة !,
20/02/2008م
بسم الله الرحمن الرحيم : (( الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون ))
***********
عندما يحكم الرأسمال العالمي بهذه الصورة المرعبة فكل شيئ جائز !.
يتقدم الدولار على الفن ... جائز !.
يتقدم البترول الاسود على خضرة الارض والطبيعة ... طبيعي !.
يتقدم الغباء على الذكاء والجمال .... ممكن !.
تتقدم مضارب الخيام على اهرامات مصر ... ربما !.
تتقدم الصحراء القاحلة على ينابيع الانهار ... بكل تأكيد !.
تتقدم الدوحة على بابل .... لاريب !.
يتقدم بن باز على نجيب محفوظ ... متوقع !.
تتقدم العصى والخيزران على القلم والمسمار ... تمام !.
يتقدم الحيوان على الانسان .... صحيح !.
هكذا عندما يحكم المال واصحابه على شؤون قوم فاسقين !.
في الذكرى السابعة لملتقى الدوحة الثقافي جلس وجها لوجه امراء دويلة قطر أمام العالم الغربي كله بما فيه الامبراطورية الامريكية لتتحدث الدولة العظمى قطر الخليج العربي عن الاسلام وباسمه ، ومن ثم لتناقش القضايا المستعصية بين الشرق الاسلامي والغرب المسيحي !.
انها مشاكل كونية تتصدى لها قبيلة من قبائل ال الخليج ، لتتحدث باسم الحضارة الشرقية كلها من سومر الى بابل العراق الى دمشق الى مصر الاهرامات وحتى ليبيا حضارة البحر الابيض المتوسط الزاحفة شرقا ، كل هذا تتحدث عنه دولة قطر كمعبر عن وجود هذه الحضارة والناطق الرسمي بلسانها الفصيح !.
لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم !.
وانا لله وانا اليه راجعون !.
واذا بليتم فاستتروا !.
من هي قطر حضاريا وبشريا وعمليا وفعليا امام العالم اليوم ؟.
رجعت لاكتشف تاريخ قطر الحضاري ، كما يطلب اعلان الملتقى الثقافي السابع للدوحة بعبارة :(( اكتشف تاريخ قطر من على قناة الجزيرة )) وفعلا رجعت لاقرأ التاريخ من جديد فالربما سقطت من ذاكرتي الحضارة القطرية فلم اعد اتذكرها مع باقي الحضارات التي قرأتها فيما مضى، وكانت البداية من جديد من تواريخ العرب التي تبدأ بادم ابي البشر عليه السلام ، وحتى وول ديورانت صاحب قصة الحضارة الذي يبدأ قصته من انسان الكهف والعراء ومن ابناء نوح سام وحام ويافث ، نزولا حتى ملوك الدنيا وقائمي حضارتها في سومر وبابل ومرتفعات الموصل من الحضارة العراقية ، هبوطا الى طغيان فراعنة مصر وتلاوين اساطيرها الدينية ، وارتفاعا الى هيكل سليمان وحضارة اليونان وغلبت الروم وبني فارس من ساسان وغير ساسان ........ الى اخر هذه الاسماء والاديان والبلدان !.
المفاجئة : لم اجد ذكرا يذكر للحضارة القطرية لافي التواريخ ولا في الاديان ولا في الوديان ولاحتى مع الرعيان !.
اذا اين يمكن لي ان اكتشف تاريخ قطر الذي يدعو له الموتمر السابع الثقافي للدوحة ؟!.
وبعد عناء وتفكير طويل وسوس لي الشيطان بعيدا عن الهام الرحمن ليقول لي : اكتشف تاريخ قطر والعربان تحت غطاء الدولار والنسوان !.
أليست هي مصيبة حقا ان يتحكم الدولار حتى في الانسان !.
وهل من الممكن ان يكون راس المال بديلا عن الحضارات والفنون والتاريخ .... ليقدم اعرابي بوالا على عقبيه ليتحدث باسم الحضارة والانسان وبلا حياء ولا نسيان ؟.
الم يخجل القطريون عندما يتقدمون امام العالم الانساني ليتحدثوا عن اشياء هم ليسوا من بناتها ولا من منشئيها ولامن القادرين اصلا لحمايتها او الدفاع عنها !.
عن الاسلام العظيم يتحدث ساسة قطر !.
امام العالم الغربي باسلحته الهيدروجينية والنووية يحاول وزير خارجية قطر ان يدافع عن الامة العربية والاسلامية صاحب الجزيرة التي هي بحاجة لتسونامي واحد حتى تغيب عن الوجود تماما ؟!.
عن الارهاب والكباب بدو كطر تتحدث مع اسرائيل واميركا دولة قطر العظمى !.
وطبعا هذا كله وشعور غامر لاميركا واوربا واسرائيل بالفرح والهزء والسخرية من امة تقودها قطر والدوحة وتناقش باسمها بلا ادنى تامل ؟!.
قطر هذه لاتستطيع الدفاع عن نفسها ساعة يتيمة امام اضعف جيش في العالم ، هي نفسها التي تخوض المحادثات الساخنة لمناقشة سبل الدفاع عن الامتين العربية والاسلامية ، أمام التحديات المعاصرة في زمن التكنلوجيا وغزو الفضاء !.
قطر هذه التي ليس لها ذكر يذكر لافي تايخ ولافي حضارة ولافي دين ولافي زقاق من ازقة العالم المدون هي نفسها التي تتحدث عن (( حوار الحضارات وكيفية منع حوامل التصادم الاممية )) !.
قطر هذه التي لاتملك الا بئر غاز ومئتي الف نسمة بشرية وماخور اعلامي فضائي صوتي يسمى الجزيرة هي نفسها التي تتحدث عن صياغة الاعلام الحر وكيفية استثمار البترول لخدمة التنمية النوعية للثقافة الانسانية العالمية المعاصرة !.
قطر هذه التي لم يخرج منها ابدا لافيلسوف عربي ولافيلسوف اسلامي ولاشاعر كبير او صغير ولامؤرخ ولاطبيب في التاريخ وحتى اليوم ، ولم تخرج اي كفاءة انسانية تذكر ولم تقدم للانسانية لافي القديم ولافي الحديث حتى كاتب قصة يذكر او صاحب ريشة فنان او عازف الة موسيقية تسمع ........... هذه القطر هي التي تتحدث اليوم عن تطوير الفلسفة وكتابة الاداب وانشاء الفنون وكيفية تطوير مناهج العلوم .....الخ !.
اليست هذه معادلة غريبة عجيبة ؟!.
قبيلة لم تزل تحت الحماية الغربية الاستعمارية تتطلع للعب دور لو وضع على الجبال لهدها من الثقل ؟.
انا افهم ان من يريد ان يتحدث عن حوار للحضارات يجب ان يكون هو صاحب حضارة وباني قواعدها كالانسان العراقي او المصري او السوري او اللبناني او الفارسي ....الخ ، لكن ياتي انسان يرى في بناء الحضارة اكبر نكتة سخيفة ليتحدث هو بدلا عن بنات الحضارة الحقيقيين عن حوار الحضارات ، فهذا الشيئ لااستطيع حقا فهمه او ادراك ابعاده السيكلوجية ايضا !.
هل حقا ان الانسان البدوي القطري عاشق الصحراء والصيد والتنقل من مرعى الى مرعى هو نفسه اليوم الذي يفكر في الحوار والحضارة والعلوم والفلسفة والفن والتاريخ ؟.
ومنذ متى انقلب البدوي من عشق الغزو واكل الجرابيع في البادية الى حب الجدران وزحمة التمدن واسواق التجارة وبذخ الفن وصخب الموسيقى ... لا والكلاسيكية منها في ملتقى الدوحة ايضا ؟.
هل قطر تتحرك بارادة الامير القطري الفلتة ، أم هي مجرد لعبة مسلية تحركها يد الاستعمار الذكية للهزء بهذا العالم العربي ومن ثم فرض حضارة البترول عليه بدلا من حضارة التاريخ والانسان ؟.
هل حقا ان الانسان البدوي الاعرابي تحول بين ليلة وضحاها من ممتهن لكرامة المرءاة واعتبارها عورة بشرية الى كونها بدلة افرنجية عصرية يصطحبها معه اينما ذهب ؟.
هل يستطيع الراس مال البترولي الخليجي ان يغير الانسان بهذه الصورة العجيبة الغريبة .... لا واكثر ان يشتري هذا الدولار البترولي الخليجي حضارة وثقافة وعلما وفنونا واشياء اخرى ، بحيث يصبح الدولار والبترول راسمال الحاضر والفقر والقمع مجاري للصرف الصحي لحضارات الامم والشعوب ؟.
هل نحن الفقراء الحضاريون - الذي نمتلك عمقا تاريخيا حضاريا ولانملك دولارا راسماليا - الذي يعادي الغرب انفنا المرفوع وجبهتنا العالية وتفكيرنا المعقد وفنوننا المزعجة ، وتاريخنا الكبير وحضارتنا التي سبت نسائهم وعيالهم ورجالهم في غابر الازمان وهدمت هياكلهم .... هل نحن (( نحسد )) تجار البترول من امراء كطر والسعودية والامارات وباقي قبائل العالم الخليجي ، لذالك لانحب ان نراهم يقيموا المنتديات الثقافية والبرامج التقدمية والجلسات العالمية ؟.
ام اننا نحن الفقراء ندافع عن حضارتنا المسروقة وديننا المنهوب وفنوننا المصادرة وتاريخنا المتشوه وعالمنا الذي بنيناه بالاف السنين لياتي امير الغاز القطري ليستولي عليه بمساندة قوى الاستعمار الغربي ومن ثم ليكون صاحب قطر باني الاهرام ومشيد ابراج بابل ومخترع الحرف المسماري ومكتشف عجلة الفخاري ومنسق اوتار قيثارة سومر وشاق الانهار ومخطط الخطط ورافع الحصون ومخرج المعادن من باطن الارض ومكتشف النار وادوات التجميل .............الخ ؟.
هل نحن انانيون أم نحن خائفون ومدافعون عن الانسان ؟.
اخيرا : هل الانسان الكطري والخليجي البدوي بصورة عامة هو قادر على صيانة هذا الارث الحضاري الكبير وادامة حركته وانتاج ماتبقى منه ومن ثم تطويره نحو الافضل لتكون حضارة العرب والمسلمين اكثر تالقا على يد الراسمال البترولي الخليجي ؟.
أم ان هذا الانسان اعجز من رعاية ناقته الصحراوية هو بدلا من رعاية حضارة وتاريخ وفنون وعلوم وانسان .....الخ بحياة معقدة جدا ؟.
هل بامكان اي انسان عربي ان يتوقع من الدولار البترولي الخليجي ، ومن سيادة الامير القطري ان يقفز قفزة حضارية ضرورية اليوم لادامة مشاريع الحضارة الانسانية ، ليوجد لنا التكنلوجيا النووية المعاصرة الداخلة في بناء الحياة الحضارية المعاصرة لحياة الانسان مابعد التفكير بعمارة الفضاء الخارجي ؟.
قبل الاف السنين الانسان العراقي حاول الوصول الى السماء لاكتشاف مابعد الارض فبنا ابراج بابل العظيمة ، فهل تتمكن القبيلة القطرية اليوم من المحاولة او التفكير بمافوق الحياة ، أم ان الامارة الكطرية لم تزل تفكر بما ينزل من تحت البعير لتشربه على مائدة الصباح ؟.
واذا لم يكن بمقدور القادة السياسيون الكطريون ولا حتى الخليجيون مجرد التفكير بهذه المشاريع الانسانية الكبيرة فلماذا وما هو الدافع الذي يدفع باعراب المنطقة العربية وسكنة باديتها ان يقيموا المهرجانات التي تناقش الاشياء الانسانية الكبيرة والتي هي اكبر من حجم امراء البترول العربي والخليجي بالتحديد ؟.
رحم الله أمرأ عرف قدر نفسه !.
نعم بامكان دولار البترول الخليجي ان يصنع انسانا مستهلكا لمنتوج الحضارة الانسانية الصناعية ، وبامكان هذا الدولار ان يصنع الرفاهية الانية ، لكنه لم ولن يتمكن من صناعة الانسان القادر على انتاج الحضارة والصناعة وبناء الحياة بصورة كبيرة !,
20/02/2008م
(( عمرو بن العاص أمين عام الجامعة العربية ... و لبنان !.))
( بقلم : حميد الشاكر )
المراقب لحركة الامين العام لجامعتنا العربية عمرو موسى ، وخاصة ما يرتبط بالشأن اللبناني لينتابه بعض الغرابة من هذه الحركة الدؤوبة والمتهسترة لأمين الجامعة العربية وهو يقيس الطريق ايابا وذهابا من القاهرة الى لبنان ومن لبنان الى القاهرة المقر الرسمي للجامعة العربية ، مما يدفع بعضنا او جلّنا الى التساؤل عن المغزى والدوافع التي تذخ الحياة في شرايين جامعتنا العربية متصلبة الشرايين بهذه الحركة النشطة والغريبة على جامعتنا ومفرقتنا العربية ؟!.
فياترى لماذا أمين الجامعة العربية السياسي المحنك عمرو موسى الذي احب ان القبه شخصيا بعمرو بن العاص هو بهذه الحيوية والنشاط بالمسألة اللبنانية بعكس قضايا عربية اخرى كثيرة نجد هذا العمرو اثقل من سلحفاة في توجهه اليها وحلها والتعامل معها بمسؤولية ؟.
بمعنى آخر : ان هناك وفي العالم العربي اقطار كثيرة عربية أخرى تعيش من الازمات ماتثقل عن حمله الجبال ولانرى حسّا لهذه الجامعة العربية او سعيها حتى لاكتشاف ماهية هذه المشاكل فضلا عن التدخل لحلها مثل العراق وازمته مع الاحتلال والارهاب الضارب بعنف للشعب العراقي ، ومثل السودان ومشاكلها مع الانفصاليين في الجنوب والمتمردين في دارفور ، ومثل سوريا واعتداءات الكيان الصهيوني العنصري لها بلا حتى مذكرة استنكار من الامين العام للجامعة العربية هذا ، ومثل ................ الخ ،كل هذا لانرى اي نشاط او حركة او نية صادقة من قبل امين عام الجامعة العربية عمرو بن العاص في الحركة وتحمل المسؤولية ، بعكس تماما المسألة اللبنانية التي لم تزل تراوح مكانها ، فأن امين عام مفرقتنا العربية عمرو بن العاص نراه وهو ممتلئ حيوية حتى الشدقين وضاحكا على طول الخط وهو يعالج بحرقة الموضوع اللبناني وكأنه لاشغل له ولاشاغل الا لبنان لهذا الرئيس والامين العام للجامعة الغربية او عذرا العربية !.
هل الجامعة العربية حقا لها اهتمام مستقل بلبنان العربي أم هي وكالعادة ضغوط غربية اميركية خارجية تنعكس تلقائيا على الزعماء الاقزام من السياسيين العرب الذين بدورهم يفرغون شحنات هلعهم المرعب في الضغط على الجامعة العربية لتتحرك بقوة على القضية اللبنانية وحل اشكالاتها المعقدة ولاسيما مشكلة انتخاب الرئيس الماروني المسيحي حصة العالم الغربي الصليبي في لبنان الطوائف مما يستدعي حالة استنفار طبيعية في دوائر الجامعة العربية التابعة لسياسات التمويل العربية الاعرابية الخليجية وغير الخليجية ؟.
الحقيقة المرّة التي لو تأملناها قليلا لوصلنا الى كوارثها ان هذه المفرقة العربية المسماة الجامعة العربية اصبحت وتحت قيادة الامين العام لها عمرو بن العاص مجرد دائرة رسمية بترولية مع الاسف ، وماهي اليوم في اقبح وجوهها الا دائرة موظفين زائدي الملاك على الدول العربية يدفعون الى هذه الجامعة لمجرد ملئ الفراغ في موظفي هذه الدائرة فحسب ، بل وزادت هذه الجامعة العربية كارثية عندما تسلق عمرو موسى من وزارة الخارجية المصرية الى الامانة العامة للجامعة العربية ليتربع على كرسيها كتاجر بترول ورأسمالي لبيع المواقف السياسية من على زعامة الجامعة العربية ، مما دفع بهذه الجامعة مؤخرا لتكون مجرد ماخور لحياكة المؤامرات على العرب والعروبة نفسها بما فيها القضايا المصيرية لعالمنا العربي المحاط بمنظومة عالمية رهيبة من المؤامرات الاستعمارية الغربية الجديدة !.
نعم وربما هنا نعود لنقلب تاريخ هذه الجامعة التي بنيت تحت اعين الاستعمار البريطاني انذاك وبموافقة مباشرة منه لنتساءل وببراءة الانسان العربي البسيط بالقول : هل من المعقول لدائرة سياسية بنيت على غير قواعد التقوى والايمان بالانسان العربي لتسمى الجامعة العربية ان تكون ممثلا واقعيا وصادقا لهذه الامة المغلوبة على امرها وعقلها وكل كيانها الانساني ؟.
وهل من المعقول لجامعة عربية كان من المفروض ان تكون انعكاسا صادقا لتطلعات امة العرب المسكينة ان تقوم بعمل كل ما من شأنه الاضرار بهذه التطلعات والتآمر على كيان الامة بدءا من اعتراف هذا الامين العام العار على الامة عمرو بن العاص او عمرو موسى بالكيان العنصري الصهيوني وجلوسه مباشرة مع زعماء الحرب الصهاينة في ((انابلس)) ، وانتهاءا بالتآمر على المقاومة العربية والاسلامية في لبنان وفي سوريا وفي كل مكان شريف ، وانحياز هذا الامين العام لقادة البترول من الخونة ومدمري امة العرب ودافعي كرامتها الى الانحسار ؟.
ان مايقلق السيد عمرو موسى وبهذا الشكل الهستيري على لبنان هو ومع الاسف ليس القيام بمسؤولياته الطبيعية كامين عام للجامعة العربية باعتبار ان هذا الامين قد تخلى عن وظائفه مبكرا في كل بقاع العالم العربي ليخون امانته بوضح النهار و ليتخصص في الكيفية التي يرضي فيها قادة البترول العربي فحسب ، وانما مايدفع بهذا العمرو ابن ... لتكون لبنان قبلته اليومية هو الضغوط العربية التي ترى في لبنان اهم الساحات العربية المجاورة للكيان الغاصب من صهاينة بني اسرائيل ، مما يعني ان اي دولة عربية بامكانها ان تقدم خدمات على خط (( أمن الكيان الصهيوني )) في الحدود الشمالية من فلسطين ستكون الرقم واحد بالنسبة للقرب من قلب الولايات المتحدة الامريكية ، وهذا ماتسعى اليوم اليه دولتان عربيتان كبيرتان (( مصر العربية والسعودية الاعرابية )) وهاتان الدولتان هما المحرك الفعلي لامين عام جامعتنا العربية ودفعه بقوة للذهاب والاياب من والى لبنان ليس باعتبارها دولة عربية في ازمة بقدر ماهي ورقة يهتم بها كثيرا المستعمر الجديد لعالمنا العربي الولايات المتحدة الامريكية و يحاول فيها لعب دور العادم لحركة المقاومة العربية فيه والمقلقة تماما لوجود الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين !.
تمام : هناك مايقلق كثيرا الادارة الامريكية في واشنطن وكذا في اسرائيل من وجود لبنان قوي ومقاوم في نفس اللحظة ، كما ان هناك فرصة تقديم الخدمات من قبل مملكة ال سعود الشريرة من جهة ومصر الفراعنة من جهة اخرى لتخفيف هذا القلق الامريكي الاسرائيلي المزدوج ، وذالك من خلال تدخل هاتين الدولتين مباشرة في الشأن اللبناني من خلال واجهة الجامعة العربية لفرض معادلة سياسية جديدة في لبنان همها الوحيد القضاء على عناصر قوة المقاومة في لبنان ، وهذا مايفعله اليوم امين الجامعة العربية في بيروت وهذا ما يضطر الامين العام للجامعة العربية ان يحمل حقيبته كل يوم ليذهب الى لبنان بمبادرات جديدة لانتخاب رئيس للبنان حسب القياسات الاسرائيلية الامريكية حتى مع عدم ترحيب اهل الدار اللبنانيين بعمرو موسى ومجيئه الى لبنان شخصيا !.
وهنا ربما يتسائل البعض منا عن اهمية لبنان بالنسبة الى مصر الدافعة لوزير خارجيتها الاسبق والامين العام للجامعة العربية الحالي عمر بن العاص للتدخل بقوة في الشأن اللبناني الداخلي بانتخاب رئيس لجمهورية لبنان الطائفية : فياترى ماهي الدوافع المصرية لذالك؟. ولماذا مصر معتنية كثيرا بعكس باقي الدول العربية بلبنان الماروني الرئيس ؟.
ان مصر العروبة تعاني ومنذ قديم الزمان من تهمة اضطهاد العنصر المسيحي القبطي داخل دولتها البوليسية ، وما من سبيل لدفع هذه التهمة عن مصر عمرو بن العاص الا بالدفع بقوة باتجاه الدعم اللامحدود للبنان الماروني الرئيس المسيحي المشكلة ، وهذا الدفع مايخفف قليلا من غضب الولايات المتحدة المخيف تجاه مصر ، والرافع قليلا من تهمة عقدة اضطهاد الاقباط في مصر لدينهم المختلف لهذا جاءت مبادرة عمرو موسى الاخيرة لتسلم كل لبنان لطائفة واحدة في جمهورية الطوائف ، ولتعطي الرئيس الماروني في لبنان عشر وزراء لم يكن ليحلم يوما رئيس جمهورية في لبنان ان يحصل عليهم ، ولكن ومع ذالك كانت المبادرة المصرية لحل المشكلة اللبنانية ومن وجهة الجانب المصري تصب في هذا الاطار ، اطار عقدة الاقباط وكيفية ترحيلها لبنانيا ليقال ان مصر صاحبة المبادرة العربية لاحياء لبنان مسيحي مئة بالمئة ؟!.
اما مايختص بالجانب السعودي فالمعادلة والدوافع مختلفة تماما في تدخلها بالشأن اللبناني ، فهنا مملكة ال سعود الشريرة تلعب على وتر الطائفية داخل لبنان وسعيها باشعال حرب داخلية لبنانية طائفية لاضعاف المقاومة اللبنانية من الداخل وخدمة لاسرائيل وامنها واميركا وسيطرتها على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ، لذالك فالخط السعودي في لبنان هو خط مناهض لحركات المقاومة في المنطقة العربية بالتمام سواء كانت هذه الخطوط المقاومة للكيان العنصري حزب الله او حركة الجهاد الاسلامي وحماس او سوريا كدولة عربية محتضنة للمقاومة العربية ضد اسرائيل ، ومن هنا كان الدور السعودي معقدا وخطرا على لبنان الوحدة والمقاومة اكثر من اي جهة اخرى في العالم العربي وغير العربي !.
هذه الرؤيتان السعودية والمصرية هي ما تفتح امامنا الغاز النشاط المفاجئ لعمرو موسى امين الجامعة العربية تجاه لبنان ، وسعيه الحثيث لايجاد حل للمعضلة اللبنانية ، ولو كان العراق او سوريا او السودان ....الخ من الدول العربية يمثل الجزء البسيط من معادلة (( الامن الاسرائيلي او السيطرة الامريكية )) على المنطقة العربية لكان دور المفرقة العربية بقيادة عمرو موسى اكثر نشاطا بكثير مما نراه اليوم ومع الاسف !.
نعم عمر موسى او عمرو بن العاص امين جامعة الدول العربية هو الاسوأ على الاطلاق لقيادة هذه الدائرة الرسمية العربية والتي اصبح وجودها وعدمها سيان بالنسبة لتطلعات الانسان العربي او لقضايا العرب السياسية بصورة عامة ، ذالك ان لم نقل ان وجودها اصبح يشكل ضررا مباشرة لكيان امة العرب ومستقبلهم ونهضتهم الحقيقية في المستقبل !.
ونعم بامكان الجامعة العربية ان تقوم بدور اكبر واكثر حيوية لواقع امتنا المحتضرة ، ولكن عندما تتخلص هذه الجامعة العربية من استعمار راس المال البترولي الخليجي من جهة ، وتوجهات قادة الخيانة الفراعنة الاستسلامية من جهة اخرى ، وليكون لباقي العرب الشرفاء فيها موقع الصدارة والامانة العامة على كرسيها المنهوب قصرا !.
26/02/2008م
المراقب لحركة الامين العام لجامعتنا العربية عمرو موسى ، وخاصة ما يرتبط بالشأن اللبناني لينتابه بعض الغرابة من هذه الحركة الدؤوبة والمتهسترة لأمين الجامعة العربية وهو يقيس الطريق ايابا وذهابا من القاهرة الى لبنان ومن لبنان الى القاهرة المقر الرسمي للجامعة العربية ، مما يدفع بعضنا او جلّنا الى التساؤل عن المغزى والدوافع التي تذخ الحياة في شرايين جامعتنا العربية متصلبة الشرايين بهذه الحركة النشطة والغريبة على جامعتنا ومفرقتنا العربية ؟!.
فياترى لماذا أمين الجامعة العربية السياسي المحنك عمرو موسى الذي احب ان القبه شخصيا بعمرو بن العاص هو بهذه الحيوية والنشاط بالمسألة اللبنانية بعكس قضايا عربية اخرى كثيرة نجد هذا العمرو اثقل من سلحفاة في توجهه اليها وحلها والتعامل معها بمسؤولية ؟.
بمعنى آخر : ان هناك وفي العالم العربي اقطار كثيرة عربية أخرى تعيش من الازمات ماتثقل عن حمله الجبال ولانرى حسّا لهذه الجامعة العربية او سعيها حتى لاكتشاف ماهية هذه المشاكل فضلا عن التدخل لحلها مثل العراق وازمته مع الاحتلال والارهاب الضارب بعنف للشعب العراقي ، ومثل السودان ومشاكلها مع الانفصاليين في الجنوب والمتمردين في دارفور ، ومثل سوريا واعتداءات الكيان الصهيوني العنصري لها بلا حتى مذكرة استنكار من الامين العام للجامعة العربية هذا ، ومثل ................ الخ ،كل هذا لانرى اي نشاط او حركة او نية صادقة من قبل امين عام الجامعة العربية عمرو بن العاص في الحركة وتحمل المسؤولية ، بعكس تماما المسألة اللبنانية التي لم تزل تراوح مكانها ، فأن امين عام مفرقتنا العربية عمرو بن العاص نراه وهو ممتلئ حيوية حتى الشدقين وضاحكا على طول الخط وهو يعالج بحرقة الموضوع اللبناني وكأنه لاشغل له ولاشاغل الا لبنان لهذا الرئيس والامين العام للجامعة الغربية او عذرا العربية !.
هل الجامعة العربية حقا لها اهتمام مستقل بلبنان العربي أم هي وكالعادة ضغوط غربية اميركية خارجية تنعكس تلقائيا على الزعماء الاقزام من السياسيين العرب الذين بدورهم يفرغون شحنات هلعهم المرعب في الضغط على الجامعة العربية لتتحرك بقوة على القضية اللبنانية وحل اشكالاتها المعقدة ولاسيما مشكلة انتخاب الرئيس الماروني المسيحي حصة العالم الغربي الصليبي في لبنان الطوائف مما يستدعي حالة استنفار طبيعية في دوائر الجامعة العربية التابعة لسياسات التمويل العربية الاعرابية الخليجية وغير الخليجية ؟.
الحقيقة المرّة التي لو تأملناها قليلا لوصلنا الى كوارثها ان هذه المفرقة العربية المسماة الجامعة العربية اصبحت وتحت قيادة الامين العام لها عمرو بن العاص مجرد دائرة رسمية بترولية مع الاسف ، وماهي اليوم في اقبح وجوهها الا دائرة موظفين زائدي الملاك على الدول العربية يدفعون الى هذه الجامعة لمجرد ملئ الفراغ في موظفي هذه الدائرة فحسب ، بل وزادت هذه الجامعة العربية كارثية عندما تسلق عمرو موسى من وزارة الخارجية المصرية الى الامانة العامة للجامعة العربية ليتربع على كرسيها كتاجر بترول ورأسمالي لبيع المواقف السياسية من على زعامة الجامعة العربية ، مما دفع بهذه الجامعة مؤخرا لتكون مجرد ماخور لحياكة المؤامرات على العرب والعروبة نفسها بما فيها القضايا المصيرية لعالمنا العربي المحاط بمنظومة عالمية رهيبة من المؤامرات الاستعمارية الغربية الجديدة !.
نعم وربما هنا نعود لنقلب تاريخ هذه الجامعة التي بنيت تحت اعين الاستعمار البريطاني انذاك وبموافقة مباشرة منه لنتساءل وببراءة الانسان العربي البسيط بالقول : هل من المعقول لدائرة سياسية بنيت على غير قواعد التقوى والايمان بالانسان العربي لتسمى الجامعة العربية ان تكون ممثلا واقعيا وصادقا لهذه الامة المغلوبة على امرها وعقلها وكل كيانها الانساني ؟.
وهل من المعقول لجامعة عربية كان من المفروض ان تكون انعكاسا صادقا لتطلعات امة العرب المسكينة ان تقوم بعمل كل ما من شأنه الاضرار بهذه التطلعات والتآمر على كيان الامة بدءا من اعتراف هذا الامين العام العار على الامة عمرو بن العاص او عمرو موسى بالكيان العنصري الصهيوني وجلوسه مباشرة مع زعماء الحرب الصهاينة في ((انابلس)) ، وانتهاءا بالتآمر على المقاومة العربية والاسلامية في لبنان وفي سوريا وفي كل مكان شريف ، وانحياز هذا الامين العام لقادة البترول من الخونة ومدمري امة العرب ودافعي كرامتها الى الانحسار ؟.
ان مايقلق السيد عمرو موسى وبهذا الشكل الهستيري على لبنان هو ومع الاسف ليس القيام بمسؤولياته الطبيعية كامين عام للجامعة العربية باعتبار ان هذا الامين قد تخلى عن وظائفه مبكرا في كل بقاع العالم العربي ليخون امانته بوضح النهار و ليتخصص في الكيفية التي يرضي فيها قادة البترول العربي فحسب ، وانما مايدفع بهذا العمرو ابن ... لتكون لبنان قبلته اليومية هو الضغوط العربية التي ترى في لبنان اهم الساحات العربية المجاورة للكيان الغاصب من صهاينة بني اسرائيل ، مما يعني ان اي دولة عربية بامكانها ان تقدم خدمات على خط (( أمن الكيان الصهيوني )) في الحدود الشمالية من فلسطين ستكون الرقم واحد بالنسبة للقرب من قلب الولايات المتحدة الامريكية ، وهذا ماتسعى اليوم اليه دولتان عربيتان كبيرتان (( مصر العربية والسعودية الاعرابية )) وهاتان الدولتان هما المحرك الفعلي لامين عام جامعتنا العربية ودفعه بقوة للذهاب والاياب من والى لبنان ليس باعتبارها دولة عربية في ازمة بقدر ماهي ورقة يهتم بها كثيرا المستعمر الجديد لعالمنا العربي الولايات المتحدة الامريكية و يحاول فيها لعب دور العادم لحركة المقاومة العربية فيه والمقلقة تماما لوجود الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين !.
تمام : هناك مايقلق كثيرا الادارة الامريكية في واشنطن وكذا في اسرائيل من وجود لبنان قوي ومقاوم في نفس اللحظة ، كما ان هناك فرصة تقديم الخدمات من قبل مملكة ال سعود الشريرة من جهة ومصر الفراعنة من جهة اخرى لتخفيف هذا القلق الامريكي الاسرائيلي المزدوج ، وذالك من خلال تدخل هاتين الدولتين مباشرة في الشأن اللبناني من خلال واجهة الجامعة العربية لفرض معادلة سياسية جديدة في لبنان همها الوحيد القضاء على عناصر قوة المقاومة في لبنان ، وهذا مايفعله اليوم امين الجامعة العربية في بيروت وهذا ما يضطر الامين العام للجامعة العربية ان يحمل حقيبته كل يوم ليذهب الى لبنان بمبادرات جديدة لانتخاب رئيس للبنان حسب القياسات الاسرائيلية الامريكية حتى مع عدم ترحيب اهل الدار اللبنانيين بعمرو موسى ومجيئه الى لبنان شخصيا !.
وهنا ربما يتسائل البعض منا عن اهمية لبنان بالنسبة الى مصر الدافعة لوزير خارجيتها الاسبق والامين العام للجامعة العربية الحالي عمر بن العاص للتدخل بقوة في الشأن اللبناني الداخلي بانتخاب رئيس لجمهورية لبنان الطائفية : فياترى ماهي الدوافع المصرية لذالك؟. ولماذا مصر معتنية كثيرا بعكس باقي الدول العربية بلبنان الماروني الرئيس ؟.
ان مصر العروبة تعاني ومنذ قديم الزمان من تهمة اضطهاد العنصر المسيحي القبطي داخل دولتها البوليسية ، وما من سبيل لدفع هذه التهمة عن مصر عمرو بن العاص الا بالدفع بقوة باتجاه الدعم اللامحدود للبنان الماروني الرئيس المسيحي المشكلة ، وهذا الدفع مايخفف قليلا من غضب الولايات المتحدة المخيف تجاه مصر ، والرافع قليلا من تهمة عقدة اضطهاد الاقباط في مصر لدينهم المختلف لهذا جاءت مبادرة عمرو موسى الاخيرة لتسلم كل لبنان لطائفة واحدة في جمهورية الطوائف ، ولتعطي الرئيس الماروني في لبنان عشر وزراء لم يكن ليحلم يوما رئيس جمهورية في لبنان ان يحصل عليهم ، ولكن ومع ذالك كانت المبادرة المصرية لحل المشكلة اللبنانية ومن وجهة الجانب المصري تصب في هذا الاطار ، اطار عقدة الاقباط وكيفية ترحيلها لبنانيا ليقال ان مصر صاحبة المبادرة العربية لاحياء لبنان مسيحي مئة بالمئة ؟!.
اما مايختص بالجانب السعودي فالمعادلة والدوافع مختلفة تماما في تدخلها بالشأن اللبناني ، فهنا مملكة ال سعود الشريرة تلعب على وتر الطائفية داخل لبنان وسعيها باشعال حرب داخلية لبنانية طائفية لاضعاف المقاومة اللبنانية من الداخل وخدمة لاسرائيل وامنها واميركا وسيطرتها على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ، لذالك فالخط السعودي في لبنان هو خط مناهض لحركات المقاومة في المنطقة العربية بالتمام سواء كانت هذه الخطوط المقاومة للكيان العنصري حزب الله او حركة الجهاد الاسلامي وحماس او سوريا كدولة عربية محتضنة للمقاومة العربية ضد اسرائيل ، ومن هنا كان الدور السعودي معقدا وخطرا على لبنان الوحدة والمقاومة اكثر من اي جهة اخرى في العالم العربي وغير العربي !.
هذه الرؤيتان السعودية والمصرية هي ما تفتح امامنا الغاز النشاط المفاجئ لعمرو موسى امين الجامعة العربية تجاه لبنان ، وسعيه الحثيث لايجاد حل للمعضلة اللبنانية ، ولو كان العراق او سوريا او السودان ....الخ من الدول العربية يمثل الجزء البسيط من معادلة (( الامن الاسرائيلي او السيطرة الامريكية )) على المنطقة العربية لكان دور المفرقة العربية بقيادة عمرو موسى اكثر نشاطا بكثير مما نراه اليوم ومع الاسف !.
نعم عمر موسى او عمرو بن العاص امين جامعة الدول العربية هو الاسوأ على الاطلاق لقيادة هذه الدائرة الرسمية العربية والتي اصبح وجودها وعدمها سيان بالنسبة لتطلعات الانسان العربي او لقضايا العرب السياسية بصورة عامة ، ذالك ان لم نقل ان وجودها اصبح يشكل ضررا مباشرة لكيان امة العرب ومستقبلهم ونهضتهم الحقيقية في المستقبل !.
ونعم بامكان الجامعة العربية ان تقوم بدور اكبر واكثر حيوية لواقع امتنا المحتضرة ، ولكن عندما تتخلص هذه الجامعة العربية من استعمار راس المال البترولي الخليجي من جهة ، وتوجهات قادة الخيانة الفراعنة الاستسلامية من جهة اخرى ، وليكون لباقي العرب الشرفاء فيها موقع الصدارة والامانة العامة على كرسيها المنهوب قصرا !.
26/02/2008م
(( ايران كابوس الصداميين في العراق وظهير الشرق للمقاومة ... الاسد وبابل ))
( بقلم : حميد الشاكر )
غريبة هي ظاهرة الرعب للصداميين في العراق وهلعهم العجيب من اي تقارب ايراني على مستوى العلاقات السياسية او الاقتصادية او الامنية او الثقافية مع العراق الجديد ، وربما لا نغالي ان قلنا ان هذه الظاهرة وبالفعل تحولت الى اسألة واستفهامات واستفسارات يجب تناولها بكل شفافية لندرس فيما بعد ماهية هذه الظاهرة للصداميين التي تحولت من الرعب من الشعب العراقي ومطالبته بالقصاص العادل من اجرام الصداميين ، الى الرعب والهلع من جمهورية ايران الاسلامية وبحساسية تزيد بكثير عن اي منسوب طبيعي بين دولة ودولة اخرى لايستغنيان عن اقامة العلاقات بشكل طبيعي لاسيما للفتة الجوار الجغرافي الحاكم ها فياترى :
ماهي الاسباب الواقعية والفعلية لرعب الصداميين من اي تقارب طبيعي بين العراق وايران الاسلام ؟.
ولماذا حشد الارهابيون والصداميون بعضا من عناصرهم التخريبية لتهب في شوارع الفلوجة والاعظمية وبعقوبة للتنديد بزيارة الرئيس الايراني المحترم احمد نجاد ؟.
وهل كان الصداميون - مثلا - وبدافع من الخوف على عروبة العراق خرج بعضهم منتحرا ليقول لايران الاسلام ارفعوا ايديكم عن عروبة العراق ؟.
أم كانت الدوافع الحقيقية وراء هستيريا الصداميون من التقارب الايراني العراقي هو مايشعرون به من اجرام وقتل واعتداء قاموا به ضد الثورة والشعب الايراني ابّان ثورة الامام الخميني رحمة الله عليه خدمة للاستعمار بقيادة مقبورهم المشنوق بامر العدالة الالهية صدام حصين مقاتل بالوعات الصرف الصحي ، لذالك هم شعرو بالهلع والوجل والموت القادم من الشرق الايراني مع اي تقارب ايراني عراقي جديد ؟.
أم ان المسألة هي لاعروبة ولاثأر مبيت بين الايرانيين والصداميين ، بل ان الموضوعة اعمق واشمل من ذالك بكثير وانما المسألة ترجع بجذورها الى لعبة لعبها الصداميون فيما مضى بقيادة مقبورهم اللعين صدام حصين وقد خدمت مصالحهم السياسية بشكل رهيب وادامة سلطتهم الاجرامية اكثر من اربع وعشرين سنة من الحكم الجائر ؟.
الحقيقة ان اكذوبة خوف الصداميين على عروبة العراق من اي تقارب ايراني عراقي ، هي ليست فقط اكذوبة ساذجة فحسب ، بل هي كذبة اتفه من ان يرد عليها في واقع الامر ، باعتبار ان عرب العراق اكبر واشمل من عروبة الصداميين المشكوك بنسبها الواقعي ، فالعراقيون عربا وكردا وغير ذالك من قوميات ، يؤمنون بأن العراق مشترك قومي لابناءه مع ايمانهم بأن الاكثرية من الشعب العراقي هم عربا اصلاء النسب وصافيي العروبة ، أمّا من يريد ان يتاجر بعروبته ليتفوق من خلال هذه العروبة المغشوشة كالصداميين الجدد على باقي قوميات الشعب العراقي ، فهذا ليس فحسب معتوه يجب عزله في مشفيات الطب العقلي ، بل هو خطر فعلي على وحدة العراق واستقراره وتقدمه ونموه الطبيعي ، ولكنّ مع ذالك لماذا يخشى الصداميون على عروبة العراق من اقامة علاقة طبيعية مع الجارة المسلمة ايران الامام الخميني رضوان الله عليه ؟.
ان الحقيقة التاريخية التي لاتقبل الجدل هي ان عروبة علي بن ابي طالب والحسين والكاظم والجواد والهادي والعسكري والرضا والصادق .... من اهل البيت عليهم السلام الاصيلة هي التي اثرت على ايران الفارسية وليست ايران الاعجمية هي التي اثرت على عروبة عراق ال محمد ص العربية ، وهذه الحقيقة واضحة وضوح الشمس لذي عينين ، فعربستان ملايين من الايرانيين الذي يعيشون في كنف الدولة الايرانية المسلمة وهم عرب ومستعربين مسلمين لافضل لاحد منهم على الاخر الا بالتقوى لله ، فاذن لماذا يخشى الصداميون على عروبة العراق بدلا من ان يخشى الايرانيون على فارسية الفرس ؟.
نعم العروبة الصدامية ليست اصيلة وهي هشة بالفعل ولم تقام على بنيان اسس على تقوى من الله فهي على جرف هار وبالامكان وقوعها مع اول هبة ريح خارجية ، أما عروبة الشعب العراقي فهي صلبة وقوية ومنفتحة وانسانية واخلاقية وغير طاردة للاخر غير العربي ولاخائفة منه ولا زارعة لثقافة الكراهية ولاحاقدة على بشر مهما تغيرت قوميته او كانت هويته ، ومثل هذه العروبة تؤثر ولاتتأثر ، ومثل هذه العروبة العلوية والحسينية والهاشمية عروبة لاديلمية ولا اعرابية ولا بدوية ، انها عروبة حضارية كما قال جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام :(( نحن قريش وشيعتنا العرب وباقي الناس علوج الروم )) او كما قال عليه السلام :(( نحن بنوا هاشم وشيعتنا العرب ..)) ، امّا ان اعتقد الصداميون انهم اكثر عروبة من الامام جعفر الصادق عليه السلام وشيعته ليكون البخاري والترمذي وابن حنبل وابو حنيفة ومسلم القشيري ....الخ اكثر عروبة من ال محمد ع فهذه والله نكتة مابعدها اخرى ، وكذا الحال ان اعتقد الدليمي او الاعرابي الضاري او العليان او باقي شلة المفسدين في الارض انهم اكثر عروبة من الشعب العراقي فهذه ايضا نكتة تتبع اختها الاولى في التفاهة وعدم الاحترام !.
نعم اخواني احبائي من الشعب العراقي ان عروبة ال محمد عليهم السلام هي عروبة اكثرية الشعب العراقي المتحضر الذي يرحب بالايراني والكردي والتركي وباقي القوميات واللغات البشرية ، بلا خوف ولاتحفض ولاشعور بالتفوق لهذه العروبة او تلك الا بتقوى الله والخلق الانساني الرفيع والشعور بالانسانية وحب الاخرين ، وهذه هي ثقافتنا العربية التي تعلمناها من مدرسة ال محمد عليهم السلام جميعا فأتني بمثلهم !.
بقي ان يقال ان رعب الصداميين من التقارب الايراني العراقي الجديد هو بسبب شعور الصداميين بعقدة الذنب تجاه امة من امم المسلمين تخلصوا من طاغوتهم الشاه شاهي في ايران بكثير من التضحياة الغالية ليجدو وفجأة وهم بعد في مخاض الثورة خنجر الصداميين يطعنهم من الغرب بلا مبرر يذكر الا خدمة للاستعمار الغربي الذي استشعر خطر الثورة الايرانية على مصالحه الحيوية ، ولثمان سنين اوغل صدام حصين بخداع منقطع النظير لشن حربه ضد جمهورية ايران الاسلامية اكلت خيرة الشباب الايراني ودمرت اقتصاد البلدين الجارين العراق وايران لتنتهي بعجز واضح لعنصر الانسان العراقي والايراني على حد سواء ، ليخرج صدام حصين وزمرته من مجرمي البعث المقبور وهو يترنح ترنح الفراعنة وهو يهز اكتافه معلنا انتصار العراق على عدوه القديم الجديد ايران الفارسية !.
هل انتصر صدام حقا في حربه الظالمة ضد الشعب العراقي وضد جيرانه من العجم ثم العرب ؟.
ماهي الا سنوات قليلة يخرج صدام حصين من بالوعة للصرف الصحي ليشنقه شعبه بعيد الاضحى المبارك ، ويعيث اتباعه فسادا في الارض ، ويستجلبوا عتاة مجرمي الارهاب العالمي لينصبوا للشعب العراقي حفلة مقصلة ذبح لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، لينتهي صدام وزمرته كأحقر ما خلق الله سبحانه من مخلوقات بوجوه انسانية وقلوب وارواح حيوانية مفترسة لاتنام الا بعين واحدة !؟.
صحيح كم هم اعداء الصداميون في العراق وخارجه ؟.
الشعب العراقي رقم واحد ، الشعب الايراني رقم اثنين ، الشعب الكويتي رقم ثلاثة ، باقي الشعوب العربية التي ادخلت قوات الاحتلال الامريكية للتخلص من نظام صدام حصين رقم اربعة ....الخ ، كل هؤلاء وغيرهم شكلوا مربعات رعب للصداميين القتلة في داخل العراق وخارجه ، ولكن الصداميين مع ذالك بقيت خشيتهم اكبر من الشعب العراق ومن ايران الاسلام بالذات ومن اي تقارب يذكر بين هذين الكيانيين المحترمين !.
ان هذا الرعب الصدامي من الجارة المسلمة ايران وفي الحقيقة لايعني الشعب العراقي من قريب ولامن بعيد ، وليس من السياسي او المنطقي او العقلي ان نعطل مصالح الشعبين العراقي والايراني بسبب عقد نفسية اجرامية يشعر بها الصداميون ازاء الدولة الايرانية الشقيقة والكبيرة ، كما انه ليس من المنطقي ان نغامر بعلاقاتنا العراقية الايرانية من اجل حفنة ساقطة اخلاقيا كالصداميين ، ومرعوبة نفسيا بسبب اجرامها الدموي ، كما انه وايضا ليس من المعقول ان نسمح لثقافة الكراهية تسود البلدين بسبب ان الصداميين ولدوا وربوا وترعرعوا على كيفية كره الاخر وشرب دماءه ونفيه من الوجود الانساني !.
نعم العراق الجديد يجب ان يكون عراق الاسلام العربي المحمدي العلوي ، وعراق المحبة والابواب المفتوحة ، وعراق لكل العراقيين بلا تمييز ، وعراق الحوار ، وعراق التجارة ، وعراق الشمس وبابل وعلي ع وجبال كردستان الجميلة !.
بقي لي نقطة يجب الاشارة اليها عندما ذكرنا ان الدوافع الحقيقية لحركة الصداميين ضد العلاقة الايرانية العراقية الطبيعية هي ليست دوافع خوف على عروبة العراق ، وربما تكون هي عقدة ذنب اجرامية مع ايران الاسلامية بالذات ، ولكن الاهم هو دافع اللعب على خطة صدام القديمة الجديدة وهي التالي :
ان اقرب طريق للوصول الى قلب ورضى السيد الامريكي هو شعار (( العداء لايران الاسلامية )) فهذا الشعار هو الذي لعب عليه صدام المشنوق ثماني سنوات في حربه ضد ايران الاسلامية وهو الذي وفر له الدعم الامريكي والغربي اللامحدود تكنلوجيا وعسكريا ، وكذا هو الاله التي فتحت خزائن البترول الخليجي ليغرف منها صدام حصين وزمرته ماشاؤا من الاموال لسد نفقات الحرب من جهة وشراء الكثير غير الاسلحة والدمار الشامل من جهة اخرى ، وعندما انتهت الحرب بصفقة لاغالب ولامغلوب بين ايران والعراق انتهت مع ذالك حاجة الغرب لهذا العتل الزنيم صدام حصين ليشنق الى الجحيم وبئس المصير ، ولكن بقى شعار (( العداء لايران )) يمتلك نفس القوة والجاذبية لقلب المارد الامريكي والغربي المستعمر القديم والحديث لمنطقتنا العربية والاسلامية ايضا ، وبقت شلة اللاعبين على هذا الشعار يجنون المكاسب حتى هذه اللحظة من رضى السيد الامريكي بالخصوص ، وحتى في مناطق مختلفة عن العراق ، فان هذا الشعار اصبح طوق النجاة للكثيرين في العالم العربي عندما يفكرون في الكيفية التي يصلون من خلالها الى القلب الامريكي ، فهنا الخليج العربي يتاجر في شعار ضد ايران ، وهنا لبنان جنبلاط وجعجع وسعد الحريري يتحدثون عن المجور الايراني الفارسي والسوري الخطير ، وهنا الاردن يتحدث عن هلال شيعي ايراني ، وهنا مصر تتحدث عن المشروع الايراني ....الخ ، المهم ان الشعار (( العداء لايران )) لم يزل يحتفظ برونقه حتى بعد استهلاك صدام حصين له تماما ، وهذا نفسه مايدفع الصداميين الارهابيين في العراق اليوم للتظاهر ضد زيارة رئيس جمهورية ايران الاسلامية ، او ضد اي اقامة علاقة طبيعية مع الجار الايراني الاسلامي هذا !.
نعم دوافع الصداميين في العراق اليوم وعداءهم الهستيري لايران الاسلام هي ليست الخوف على العروبة العراقية ، بقدر ماهي غزل خفي لقلب الادارة الامريكية التي ترى باعداء ايران انهم الاقرب لمصالحها ومشروعها في المنطقة العربية والاسلامية على السواء !.
الصداميون يريدون ان يؤكدوا للادارة الامريكية المحتلة للعراق انهم الاقدر على الانسياق مع مشروعهم المناهض لايران المقاومة وحماس والجهاد وحزب الله وسوريا ، بعكس الحكومة العراقية والشعب العراقي الذي رحب بالعلاقة الطيبة مع الجارة ايران ، فانهم يشكلون الخطر الحقيقي على المشروع الامريكي الكبير لشرق اوسط صهيوني مئة بالمئة !.
هنا نفهم تماما لماذا هذا الموقف المناهض لجبهة النفاق اللاعراقية لزيارة رئيس جمهورية ايران الاسلامية للعراق بقيادة المعتوه عدنان الديلمي ، ونفهم موقف هيئة علماء النفاق والارهاب بقيادة حارث المضر من العلاقة مع ايران والارتقاء بمستواها الى الاحسن ، ونفهم لماذا يشكل الصداميون مظاهرات علنية انتحارية في شوارع الفلوجة وبعقوبة والاعظمية من المغرر بهم ضد اي علاقة مع ايران حسنة وودية ، كل هذا وغيره ليقولوا للادارة الامريكية : مصالحكم هنا مع الصداميين الجسر الحقيقي لعبوركم الى مشروع الشرق اوسط الكبير في العراق وفي المنطقة وليس مع الحكومة العراقية وشعبها العراقي الاصيل الذي يرحب بعلاقة طبيعية مع عدوكم ايران الاسلام !.
الغريب العجيب ان هذه اللعبة (( لعبة العداء لايران )) مع انها تعمل بكل حيوية في جميع مناطق الدول العربية والاسلامية الا انها ومع الصداميين بالذات مقفلة الابواب تماما بين الادارة الامريكية والصداميين ، لا لسبب معقد الا لكون الشعب والحكومة العراقية هي الوحيدة في المنطقة العربية القائمة على معادلة الشرعية في الانتخاب والدولة ، وهذه المعادلة هي الاصعب على ذهنية وتربية الصداميين العفالقة وتجار سياستهم الفاشلة من وعاظ لسلاطين ومن هزازي رؤوس متعفنين !.
تمام : افهموا ايها الصداميون ان عراق اليوم هو عراق حر في كل شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وان كان الاختلال لم يزل جاثما على صدر العراق ، ولكن مسيره الى زوال وسيعلم عندئذ الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون !.
05/03/2008م
غريبة هي ظاهرة الرعب للصداميين في العراق وهلعهم العجيب من اي تقارب ايراني على مستوى العلاقات السياسية او الاقتصادية او الامنية او الثقافية مع العراق الجديد ، وربما لا نغالي ان قلنا ان هذه الظاهرة وبالفعل تحولت الى اسألة واستفهامات واستفسارات يجب تناولها بكل شفافية لندرس فيما بعد ماهية هذه الظاهرة للصداميين التي تحولت من الرعب من الشعب العراقي ومطالبته بالقصاص العادل من اجرام الصداميين ، الى الرعب والهلع من جمهورية ايران الاسلامية وبحساسية تزيد بكثير عن اي منسوب طبيعي بين دولة ودولة اخرى لايستغنيان عن اقامة العلاقات بشكل طبيعي لاسيما للفتة الجوار الجغرافي الحاكم ها فياترى :
ماهي الاسباب الواقعية والفعلية لرعب الصداميين من اي تقارب طبيعي بين العراق وايران الاسلام ؟.
ولماذا حشد الارهابيون والصداميون بعضا من عناصرهم التخريبية لتهب في شوارع الفلوجة والاعظمية وبعقوبة للتنديد بزيارة الرئيس الايراني المحترم احمد نجاد ؟.
وهل كان الصداميون - مثلا - وبدافع من الخوف على عروبة العراق خرج بعضهم منتحرا ليقول لايران الاسلام ارفعوا ايديكم عن عروبة العراق ؟.
أم كانت الدوافع الحقيقية وراء هستيريا الصداميون من التقارب الايراني العراقي هو مايشعرون به من اجرام وقتل واعتداء قاموا به ضد الثورة والشعب الايراني ابّان ثورة الامام الخميني رحمة الله عليه خدمة للاستعمار بقيادة مقبورهم المشنوق بامر العدالة الالهية صدام حصين مقاتل بالوعات الصرف الصحي ، لذالك هم شعرو بالهلع والوجل والموت القادم من الشرق الايراني مع اي تقارب ايراني عراقي جديد ؟.
أم ان المسألة هي لاعروبة ولاثأر مبيت بين الايرانيين والصداميين ، بل ان الموضوعة اعمق واشمل من ذالك بكثير وانما المسألة ترجع بجذورها الى لعبة لعبها الصداميون فيما مضى بقيادة مقبورهم اللعين صدام حصين وقد خدمت مصالحهم السياسية بشكل رهيب وادامة سلطتهم الاجرامية اكثر من اربع وعشرين سنة من الحكم الجائر ؟.
الحقيقة ان اكذوبة خوف الصداميين على عروبة العراق من اي تقارب ايراني عراقي ، هي ليست فقط اكذوبة ساذجة فحسب ، بل هي كذبة اتفه من ان يرد عليها في واقع الامر ، باعتبار ان عرب العراق اكبر واشمل من عروبة الصداميين المشكوك بنسبها الواقعي ، فالعراقيون عربا وكردا وغير ذالك من قوميات ، يؤمنون بأن العراق مشترك قومي لابناءه مع ايمانهم بأن الاكثرية من الشعب العراقي هم عربا اصلاء النسب وصافيي العروبة ، أمّا من يريد ان يتاجر بعروبته ليتفوق من خلال هذه العروبة المغشوشة كالصداميين الجدد على باقي قوميات الشعب العراقي ، فهذا ليس فحسب معتوه يجب عزله في مشفيات الطب العقلي ، بل هو خطر فعلي على وحدة العراق واستقراره وتقدمه ونموه الطبيعي ، ولكنّ مع ذالك لماذا يخشى الصداميون على عروبة العراق من اقامة علاقة طبيعية مع الجارة المسلمة ايران الامام الخميني رضوان الله عليه ؟.
ان الحقيقة التاريخية التي لاتقبل الجدل هي ان عروبة علي بن ابي طالب والحسين والكاظم والجواد والهادي والعسكري والرضا والصادق .... من اهل البيت عليهم السلام الاصيلة هي التي اثرت على ايران الفارسية وليست ايران الاعجمية هي التي اثرت على عروبة عراق ال محمد ص العربية ، وهذه الحقيقة واضحة وضوح الشمس لذي عينين ، فعربستان ملايين من الايرانيين الذي يعيشون في كنف الدولة الايرانية المسلمة وهم عرب ومستعربين مسلمين لافضل لاحد منهم على الاخر الا بالتقوى لله ، فاذن لماذا يخشى الصداميون على عروبة العراق بدلا من ان يخشى الايرانيون على فارسية الفرس ؟.
نعم العروبة الصدامية ليست اصيلة وهي هشة بالفعل ولم تقام على بنيان اسس على تقوى من الله فهي على جرف هار وبالامكان وقوعها مع اول هبة ريح خارجية ، أما عروبة الشعب العراقي فهي صلبة وقوية ومنفتحة وانسانية واخلاقية وغير طاردة للاخر غير العربي ولاخائفة منه ولا زارعة لثقافة الكراهية ولاحاقدة على بشر مهما تغيرت قوميته او كانت هويته ، ومثل هذه العروبة تؤثر ولاتتأثر ، ومثل هذه العروبة العلوية والحسينية والهاشمية عروبة لاديلمية ولا اعرابية ولا بدوية ، انها عروبة حضارية كما قال جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام :(( نحن قريش وشيعتنا العرب وباقي الناس علوج الروم )) او كما قال عليه السلام :(( نحن بنوا هاشم وشيعتنا العرب ..)) ، امّا ان اعتقد الصداميون انهم اكثر عروبة من الامام جعفر الصادق عليه السلام وشيعته ليكون البخاري والترمذي وابن حنبل وابو حنيفة ومسلم القشيري ....الخ اكثر عروبة من ال محمد ع فهذه والله نكتة مابعدها اخرى ، وكذا الحال ان اعتقد الدليمي او الاعرابي الضاري او العليان او باقي شلة المفسدين في الارض انهم اكثر عروبة من الشعب العراقي فهذه ايضا نكتة تتبع اختها الاولى في التفاهة وعدم الاحترام !.
نعم اخواني احبائي من الشعب العراقي ان عروبة ال محمد عليهم السلام هي عروبة اكثرية الشعب العراقي المتحضر الذي يرحب بالايراني والكردي والتركي وباقي القوميات واللغات البشرية ، بلا خوف ولاتحفض ولاشعور بالتفوق لهذه العروبة او تلك الا بتقوى الله والخلق الانساني الرفيع والشعور بالانسانية وحب الاخرين ، وهذه هي ثقافتنا العربية التي تعلمناها من مدرسة ال محمد عليهم السلام جميعا فأتني بمثلهم !.
بقي ان يقال ان رعب الصداميين من التقارب الايراني العراقي الجديد هو بسبب شعور الصداميين بعقدة الذنب تجاه امة من امم المسلمين تخلصوا من طاغوتهم الشاه شاهي في ايران بكثير من التضحياة الغالية ليجدو وفجأة وهم بعد في مخاض الثورة خنجر الصداميين يطعنهم من الغرب بلا مبرر يذكر الا خدمة للاستعمار الغربي الذي استشعر خطر الثورة الايرانية على مصالحه الحيوية ، ولثمان سنين اوغل صدام حصين بخداع منقطع النظير لشن حربه ضد جمهورية ايران الاسلامية اكلت خيرة الشباب الايراني ودمرت اقتصاد البلدين الجارين العراق وايران لتنتهي بعجز واضح لعنصر الانسان العراقي والايراني على حد سواء ، ليخرج صدام حصين وزمرته من مجرمي البعث المقبور وهو يترنح ترنح الفراعنة وهو يهز اكتافه معلنا انتصار العراق على عدوه القديم الجديد ايران الفارسية !.
هل انتصر صدام حقا في حربه الظالمة ضد الشعب العراقي وضد جيرانه من العجم ثم العرب ؟.
ماهي الا سنوات قليلة يخرج صدام حصين من بالوعة للصرف الصحي ليشنقه شعبه بعيد الاضحى المبارك ، ويعيث اتباعه فسادا في الارض ، ويستجلبوا عتاة مجرمي الارهاب العالمي لينصبوا للشعب العراقي حفلة مقصلة ذبح لم يشهد لها التاريخ مثيلا ، لينتهي صدام وزمرته كأحقر ما خلق الله سبحانه من مخلوقات بوجوه انسانية وقلوب وارواح حيوانية مفترسة لاتنام الا بعين واحدة !؟.
صحيح كم هم اعداء الصداميون في العراق وخارجه ؟.
الشعب العراقي رقم واحد ، الشعب الايراني رقم اثنين ، الشعب الكويتي رقم ثلاثة ، باقي الشعوب العربية التي ادخلت قوات الاحتلال الامريكية للتخلص من نظام صدام حصين رقم اربعة ....الخ ، كل هؤلاء وغيرهم شكلوا مربعات رعب للصداميين القتلة في داخل العراق وخارجه ، ولكن الصداميين مع ذالك بقيت خشيتهم اكبر من الشعب العراق ومن ايران الاسلام بالذات ومن اي تقارب يذكر بين هذين الكيانيين المحترمين !.
ان هذا الرعب الصدامي من الجارة المسلمة ايران وفي الحقيقة لايعني الشعب العراقي من قريب ولامن بعيد ، وليس من السياسي او المنطقي او العقلي ان نعطل مصالح الشعبين العراقي والايراني بسبب عقد نفسية اجرامية يشعر بها الصداميون ازاء الدولة الايرانية الشقيقة والكبيرة ، كما انه ليس من المنطقي ان نغامر بعلاقاتنا العراقية الايرانية من اجل حفنة ساقطة اخلاقيا كالصداميين ، ومرعوبة نفسيا بسبب اجرامها الدموي ، كما انه وايضا ليس من المعقول ان نسمح لثقافة الكراهية تسود البلدين بسبب ان الصداميين ولدوا وربوا وترعرعوا على كيفية كره الاخر وشرب دماءه ونفيه من الوجود الانساني !.
نعم العراق الجديد يجب ان يكون عراق الاسلام العربي المحمدي العلوي ، وعراق المحبة والابواب المفتوحة ، وعراق لكل العراقيين بلا تمييز ، وعراق الحوار ، وعراق التجارة ، وعراق الشمس وبابل وعلي ع وجبال كردستان الجميلة !.
بقي لي نقطة يجب الاشارة اليها عندما ذكرنا ان الدوافع الحقيقية لحركة الصداميين ضد العلاقة الايرانية العراقية الطبيعية هي ليست دوافع خوف على عروبة العراق ، وربما تكون هي عقدة ذنب اجرامية مع ايران الاسلامية بالذات ، ولكن الاهم هو دافع اللعب على خطة صدام القديمة الجديدة وهي التالي :
ان اقرب طريق للوصول الى قلب ورضى السيد الامريكي هو شعار (( العداء لايران الاسلامية )) فهذا الشعار هو الذي لعب عليه صدام المشنوق ثماني سنوات في حربه ضد ايران الاسلامية وهو الذي وفر له الدعم الامريكي والغربي اللامحدود تكنلوجيا وعسكريا ، وكذا هو الاله التي فتحت خزائن البترول الخليجي ليغرف منها صدام حصين وزمرته ماشاؤا من الاموال لسد نفقات الحرب من جهة وشراء الكثير غير الاسلحة والدمار الشامل من جهة اخرى ، وعندما انتهت الحرب بصفقة لاغالب ولامغلوب بين ايران والعراق انتهت مع ذالك حاجة الغرب لهذا العتل الزنيم صدام حصين ليشنق الى الجحيم وبئس المصير ، ولكن بقى شعار (( العداء لايران )) يمتلك نفس القوة والجاذبية لقلب المارد الامريكي والغربي المستعمر القديم والحديث لمنطقتنا العربية والاسلامية ايضا ، وبقت شلة اللاعبين على هذا الشعار يجنون المكاسب حتى هذه اللحظة من رضى السيد الامريكي بالخصوص ، وحتى في مناطق مختلفة عن العراق ، فان هذا الشعار اصبح طوق النجاة للكثيرين في العالم العربي عندما يفكرون في الكيفية التي يصلون من خلالها الى القلب الامريكي ، فهنا الخليج العربي يتاجر في شعار ضد ايران ، وهنا لبنان جنبلاط وجعجع وسعد الحريري يتحدثون عن المجور الايراني الفارسي والسوري الخطير ، وهنا الاردن يتحدث عن هلال شيعي ايراني ، وهنا مصر تتحدث عن المشروع الايراني ....الخ ، المهم ان الشعار (( العداء لايران )) لم يزل يحتفظ برونقه حتى بعد استهلاك صدام حصين له تماما ، وهذا نفسه مايدفع الصداميين الارهابيين في العراق اليوم للتظاهر ضد زيارة رئيس جمهورية ايران الاسلامية ، او ضد اي اقامة علاقة طبيعية مع الجار الايراني الاسلامي هذا !.
نعم دوافع الصداميين في العراق اليوم وعداءهم الهستيري لايران الاسلام هي ليست الخوف على العروبة العراقية ، بقدر ماهي غزل خفي لقلب الادارة الامريكية التي ترى باعداء ايران انهم الاقرب لمصالحها ومشروعها في المنطقة العربية والاسلامية على السواء !.
الصداميون يريدون ان يؤكدوا للادارة الامريكية المحتلة للعراق انهم الاقدر على الانسياق مع مشروعهم المناهض لايران المقاومة وحماس والجهاد وحزب الله وسوريا ، بعكس الحكومة العراقية والشعب العراقي الذي رحب بالعلاقة الطيبة مع الجارة ايران ، فانهم يشكلون الخطر الحقيقي على المشروع الامريكي الكبير لشرق اوسط صهيوني مئة بالمئة !.
هنا نفهم تماما لماذا هذا الموقف المناهض لجبهة النفاق اللاعراقية لزيارة رئيس جمهورية ايران الاسلامية للعراق بقيادة المعتوه عدنان الديلمي ، ونفهم موقف هيئة علماء النفاق والارهاب بقيادة حارث المضر من العلاقة مع ايران والارتقاء بمستواها الى الاحسن ، ونفهم لماذا يشكل الصداميون مظاهرات علنية انتحارية في شوارع الفلوجة وبعقوبة والاعظمية من المغرر بهم ضد اي علاقة مع ايران حسنة وودية ، كل هذا وغيره ليقولوا للادارة الامريكية : مصالحكم هنا مع الصداميين الجسر الحقيقي لعبوركم الى مشروع الشرق اوسط الكبير في العراق وفي المنطقة وليس مع الحكومة العراقية وشعبها العراقي الاصيل الذي يرحب بعلاقة طبيعية مع عدوكم ايران الاسلام !.
الغريب العجيب ان هذه اللعبة (( لعبة العداء لايران )) مع انها تعمل بكل حيوية في جميع مناطق الدول العربية والاسلامية الا انها ومع الصداميين بالذات مقفلة الابواب تماما بين الادارة الامريكية والصداميين ، لا لسبب معقد الا لكون الشعب والحكومة العراقية هي الوحيدة في المنطقة العربية القائمة على معادلة الشرعية في الانتخاب والدولة ، وهذه المعادلة هي الاصعب على ذهنية وتربية الصداميين العفالقة وتجار سياستهم الفاشلة من وعاظ لسلاطين ومن هزازي رؤوس متعفنين !.
تمام : افهموا ايها الصداميون ان عراق اليوم هو عراق حر في كل شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وان كان الاختلال لم يزل جاثما على صدر العراق ، ولكن مسيره الى زوال وسيعلم عندئذ الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون !.
05/03/2008م
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)