كنت اتمنى ان استمر في تناول هذه الورقة الفيصلية اليتيمة ، وما جاء فيها من مفاهيم ، ومفردات سياسية تورخ لاهم حقبة تاريخية في تاسيس العراق الحديث ، فما زال (من وجهة نظري) الكثيرمن المحاور الفكرية والسياسية التي تختزلها هذه الورقة وعلى مستويات عدة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية .. وغير ذالك ، بحاجة الى الابراز والجدل نحوها والكتابة في مضامينها ومناقشة فحواها ومقاصدها ... وما الى هنالك !!.
لكن ( وهذه هي حالنا ) مشاغل الزمان وهموم العيش تقعد بهممنا لمواصلة مثل هكذا مطاردات نرى انها من الاهمية بمكان لاعادة قراءة وانتاج تاريخ هذه الامة العراقية الحديثة ، وبكل مفاصلها الاساسية : الفكرية والسياسية والسوسيولوجية والفلسفية .... الخ !.
نعم ربما لامسنا اساس رؤيتنا للموضوع ، وطرحنا الخط العريض لأسلوب تناولنا لمثل هكذا محاور ، لاسيما موضوع هذه الورقة الفيصلية السياسية المهمة ، بعشرمقالات متتالية ، بحثنا من خلالها كما نعتقد اهم المحاورالتي جاءت في هذه الورقة وهي محاور (( صناعة الدولة وبناء مواطنيتها وفكر الملك فيصل الاول ( رحمه الله ) ، وما كان يتمتع به هذا الرجل من حنكة سياسية ، وكيفية استطاعته صناعة هذا التاريخ العراقي الحديث ..... وكنا نتمنى ان نستمراكثرلنتناول ما انجزه الملك فيصل من تاسيسات اخرى وفي جميع الجوانب من قبيل الجانب العلمي والمعرفي والتربوي للعراق الحديث وكيف انه استطاع ارساء (( قواعد التعليم )) في هذا البلد حتى انتج لنا هذا التعليم عباقرة الفكر العراقي الحديث !.
وهكذا في بناء فيصل الاول رحمه الله وتاسيسه للمؤسسة العسكرية وتفوق هذه المؤسسة مهنيا ، وبلوغها الى مرحلة من القوة ، والصلابة بحيث بزت اقرانها ((لعقدين فقط من الانشاء)) من جيوش المنطقة العربية والاسلامية في المهنية والتطور قبل ان تُختطف من قبل عصابات الانقلابات العسكرية وصرفها الى غيروظائفها المؤسسسية !!.
ونفس الكلام يمكن قوله في بناء فيصل الاول للاقتصاد العراقي ، والفن في العراق ..... الخ !!.
كل هذه المحاور بحاجة من القلم والفكر العراقي اليوم ان يعيد انتاج بحثها بعقلية البحث التاريخي العلمي المحايد البعيد عن العقد الايدلوجية والسياسية والانتماءات الحزبية الضيقة ، التي تمسخ من شخصية الباحث، وتعيق من نموه الفكري والنقدي والبحثي الخلاّق والمتوازن !!.
صحيح ربما يؤاخذنا من لفتت نظره مقالاتنا هذه بانه نحن سلطنا الاضواء فقط على الجوانب الايجابية لتجربة الملك فيصل الاول رحمه الله ولم نشر الى سلبيات تلك المرحلة السياسية التاسيسية العراقية الخطيرة ، افلا يعتبر هذا اخلال ب((التوازن البحثي العلمي )) الذي ندعوا اليه لمرحلة سياسية مصيرية في تاريخ العراق الحديث ؟.
جوابنا : هو انه بالفعل نحن تعمدنا الحديث حول الايجابيات لمرحلة الملك فيصل الاول التاسيسية ، ولكن هذا ليس اعتباطا ، او غضا من مبدأ العدالة في البحث العلمي التاريخي العراقي الحديث ، وانما لاسباب من اهمها :
اولا : العراق اليوم ، وتحت ضغط هذه الدوامة من الفوضى السياسية التي يعيشها بعد سقوط الدولة تماما هو بحاجة الى فكر وقلم وبحث ومفردة تمهد لعقول سياسييه (( المتحجرة )) الطريق وتبّين لها الاسلوب الذي من خلاله يتمكنون من سلوك نفس التجربة السياسية العراقية الحديثة الوحيدة الناجحة في تاريخهم المعاصر ، ولهذا نحن ذهبنا لابراز اهم الخطوات التي قام بها فيصل الاول لانشاء دولة العراق الحديث وتحديث مجتمعه الممزق !.
ثانيا : هناك الكثير ممن كتبوا بايدلوجيا حزبية مفرطة ، قد تناولوا شيطنة الحقبة الملكية نقديا وابراز انها عيب مطلق ، بل لانغالي ان قلنا ان تاريخ العراق الحديث بكتابه ومفكريه وانصاف متعلميه ينطبق عليهم النص القائل (( كلما دخلت امة لعنت اختها )) ولهذا كلما جاء حزب او تيار للسلطة في العراق عن طريق اللاشرعية ، او الانقلاب العسكري ، يجد نفسه مضطرا لشيطنة من سبقه وادمان لعنه ليلانهارا كي يبررانقلابه على الوضع السابق ولهذا ارتاينا ان نكتفي بكل هذا النقدالذي وجه سياسياوحزبيا للحقبة الملكية لنتفرغ نحن ، وربما غيرنا ايضا ، لتسليط الاضواء على بعض الايجابيات في هذه الحقبة ، ليتوازن الفكرالعراقي السياسي الحديث المتخم ، دائما بعدم توازن كفتي الميزان الفكري العراقي الحديث !.
وفي النهاية اشكر كل من تابع هذه المقالات التي تناولت ورقة الملك فيصل الاول ، وكل من ساهم بنشرها ، على امل ان نتناول مفردة عراقية سياسية او فلسفية او اجتماعية ... بسلسلة اخرى !.
مدونتي فيها التفاصيل