************ المدخل ***********
لاريب إن في تراثنا الفكري الاسلامي والتاريخي الكثير من الموضوعات ، التي وعلى اهميتها الكبرى للاسلام كفكر وكمدرسة وكدين وكرؤية وكتصور وكحقيقة ... الا انها مع ذالك تطوى في ادراج النسيان والاهمال لسبب اولآخر عن قصد او عن غير قصد في تغطية عدم اثارة غبارها ، الذي إن اُطلق من ارضه ربما يشكل عاصفة في الفكر والرؤى والتصورات الفكرية داخل هذه المدرسة والامة الاسلامية الكبيرة !!.
ولعل من ضمن هذه المواضيع التي اعتبرها فكريا من اخطر المواضيع الاسلامية الغير مثارة بكثافة هي موضوعة : (( قرآن علي بن ابي طالب ع )) الذي جمعه اوألفه بعد انتقال الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله للرفيق الاعلى وبروزاشكالية جمع القرآن بعده صلى الله عليه واله حسب ماتذكره الكثير من المصادر الحديثية والتاريخية واختلاف المذاهب الاسلامية في هذه الاشكالية الى عدة اتجاهات ورؤى وتصورات ، كل منها يذهب مذهبه الخاص في موضوع جمع القرآن وزمانية وكيفية وسببية حصوله وتأليف سوره واياته ...... الخ والى ماهنالك من فصول وابواب تتعلق بمسألة جمع القرآن تراثيا وتاريخيا وعلميا !!.
والحقيقة لم اطلع فيما بين يدي من مصادر وبحوث على مَن تناول موضوع (( قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع )) بالبحث المعمّق والدراسة المفصلة ، التي تلاحق هذه الزاوية فكريا ، وعلميا من تاريخ القرآن وكيفية جمع امير المؤمنين له بالخصوص إلا ما خطه يراع الشيخ الكوراني في كتيب صغير اسماه ((قرآن علي بن ابي طالب )) مع انه ومن الجانب الاخر للفكرة لا يمكننا اغفال ان هذا ( القرآن العلوي ) قد ذُكر بنوع من التكثيف الخبري المفرّق هنا وهناك بمتون المصادرالحديثية والتاريخية وكذا البحوث العلمية للقرآن الكريم بصورة مستمرة فتقريبا ما من عالم اوباحث معتبر ومحترم كتب في موضوعة تاريخ جمع القرآن الا وذكر : ان عليّا ابن ابي طالب ع كان عنده قرآن قد جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد ص وانه جاء به لرجال الحكم آنذاك وعرضه عليهم وانه مختلف في ترتيب سوره وانها حسب النزول القرآني .... الخ ، لكنّ مع ذالك بقي هذا النقل التاريخي والحديثي والسيري والبحثي العلمي.. يتناول موضوع قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام على استحياء وباقتضاب غير مبرر ، وباختصار بحيث انه ، وفي بحوث موسعة كالتي يعقدها صاحب الاتقان ( السيوطي ) مثلا لا نجد في قُبالة الكمّ الهائل من المرويات الا مروية واحدة او اثنتين او حديث مبتور ينقل عن قرآن علي بن ابي طالب ع فحسب وبدون مناقشة هذه المرويات ، او دراسة فحوى هذه النقول والاحاديث النادرة وفضلا عن ذالك طبعا مسارعة مَن ينقل هذه المرويات عن غيره في الاغلب الاعم لتضعيف هذه المرويات اوالتشويش عليها اوربما رميها بالقطع وغير ذالك كما حصل لروايات ابن سيرين في الاتقان ، التي نقلت بعض اخبار قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام ولماذية تأليفه في عهد خلافة الاول ابي بكر والاتيان بموضوعه في سياق تاريخي حسّاس ، ومَن انتفض في قُبالته كابن حجر ، ليسارع برمي الخبر بالانقطاع او بتأويل معناه على غير وجهه الصحيح والظاهر !!.
وكذا ما طرحه ويطرحه حتى اليوم اساطين علماء مدرسة اهل البيت عليهم السلام في موضوعة (( قرآن علي بن ابي طالب ع )) فلا تعدو الموضوعة كذالك من مرور علمائنا الابرار على هذا الموضوع مرور الكرام ، ونقل ما ورد عن ائمة اهل البيت عليهم السلام او ماذكرته كتب الحديث والسيروالتواريخ الاسلامية فقط بشأن مصحف علي بن ابي طالب ع ليتحول الموضوع برمته الى مجرد الإخبار عن وجود قرآن لعلي بن ابي طالب روائيا وحديثيا وتاريخيا لاغير ، والاكتفاء بنقل رواية عن الكافي واخرى عن ابن النديم او عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره ، وكذا ماذكره صاحب الاحتجاج الطبرسي ، او العياشي في تفسيره ، وبدون حتى عقد فصل دراسة وبحث وتجميع.... لهذه الاحاديث والمرويات والخروج بنظرة موسعة عن قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع تتناول على الاقل المسكوت عنه في الروايات الحديثية كبحوث :
لماذا انفرد امير المؤمنين بهذا الجمع المغاير الذي ميز مصحفه عليه السلام عن باقي مَن جمع القرآن في حقبة حياة الرسول الاعظم محمد ص كابن مسعود وابيّ وبعد وفاته ؟.
وما كانت غايته ؟.
وماهية اختلاف هذا الجمع عن غيره ؟.
وكيف لنا ان نفهم هذا الاختلاف ؟.
وهل من الممكن لاي مسلم ان يعيد قراءته للقران بحيث يبدأ بما بدأ به علي بن ابي طالب قرآنه في الترتيب ؟.
أم انه لابد من الوقوف عند قراءة واحدة للقرآن فحسب ، وهي التي بناها زعماء السلطة انذاك من خلفاء الصحابة والتي هي حتى اليوم بين يدي المسلمين منذ الف واربعمائة سنة ؟.
وهل ما اذا قرأ الانسان المسلم اليوم القران الكريم حسب ترتيب قران علي بن ابي طالب ع ستختلف بنيته الفكرية وتصوراته الاسلامية العامة لجميع الموضوعات الكونية والحياتية والاجتماعية والفردية الشخصية ؟.
أم انه لافرق جوهري سيطرأ على الانسان المسلم وفكره وثقافته ، اذا ما قرأ القرآن حسب وجوده اليوم بين الدفتين او ما اذا قرأه بصورة نزوله العلوية ؟.
ثم ماهي دوافع مشائخ الصحابة مثلا لرفض قرآن علي بن ابي طالب اواعتباره قراناغيرصالح لقيادة أمة محمد رسول الله ص يغنيهم في الهداية ويغني شيوخ الصحابة من عناء توكيل امرجمع القران لزيد بن ثابت ( كان ابنا ليهودي وامًّ نصرانية قبل ان يسلم وهو طفلا كما ورد في متون المصادر عن ابن مسعود وهو يعيره ) الذي بدا بالجمع وكأنه غير ملم بكل ماورد في القرآن كماتوحي به المرويات المذكورة في المتون والمصادر الحديثية والتاريخية والاتيان بسور القرآن واياته من هنا وهناك من العسب والرقاع وصدور الرجال واللخاف وشهادة شاهدين .... وغير ذالك ؟.
ولماذا هذا الرفض ؟.
وما الذي كان يحتويه قرآن علي ع بحيث دفع ابو بكر أوعمر بن الخطاب على وجه الخصوص للانتفاض ولرفض من ثمّ هذا القرآن بالمطلق ، والبحث عن من يجمع لهم القرآن بصورة مختلفة تبدأ من المدني الى المكي من نزول سوره وليس العكس حسب نزوله كما فعل امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ؟.
وهل لاسامح الله كان علي بن ابي طالب ع (مثلا) جاء بقرآن غير هذا الذي جمعه زيد بن ثابت وغيره ليرفضه رجال السلطة والحكم والخلافة انذاك ؟.
أم ان قران علي بن ابي طالب لايختلف ابدا عن القران الذي جمعه زيد بن ثابت الشاب الغير متهم في دينه لشيوخ الصحابة ولا بحرف واحد غير ترتيب السور فحسب فقرآن علي كان مرتبا حسب نزول السور القراني من المكي الى المدني وقران زيد السلطوي رُتب من المدني الى المكي وبقراءات متعددة في الجمع الاول للقرآن الكريم ؟.
واذا كان هذا هو الاختلاف بين قرآن عليٍّ عليه السلام ، وقرآن زيد بن ثابت في الجمع ، فما الذي ازعج شيوخ الصحابة في تقديم السور المكية في قرآن علي عليه السلام (بغض النظر عن ان هناك تفسير وتأويل في قرآن علي ع او لا ) على السور المدنية في الترتيب حتى تمّ رفض قرآن علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول حسب ما اعلنه العظيم محمد صلى الله عليه واله لعلي بن ابي طالب في الاحاديث المشهورة والركون الى تأليف قرآن جمعه شاب من الصحابة استعان بالكثير على عملية جمع القرآن ، والتي لم تزل هي العملية التي تثير الشكوك بين الفينة والاخرى حول صحة القرآن وصيانته من الضياع عند اعداء الامة ، الى ان دُفع الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالاطاحة بقرآن زيد وجمعه الذي شتت قراءة المسلمين للقران الكريم في جميع امصارهم ، واعادة صياغة تأليف القرآن على نسخة واحدة ، وارسالها الى جميع الامصاروحرق مادونها من مصاحف ؟؟.
وهل كان تجميع علي ع لهذا القرآن وبهذه الكيفية العلوية المختلفة بنص من رسول الله ص وتوقيف منه ؟.
أم انه تأليف وجمع للقرآن الكريم اجتهد فيه امير المؤمنين عليّ ع كما اجتهد باقي الصحابة اومشايخهم وخلفائهم في جمعهم الاول للقرآن في زمن ابي بكر (( كما يزعم التاريخ )) وجمعهم الثاني في زمن عثمان ابن عفان ؟......الخ .
كل هذا وغيره الكثيرلم يدرس مع الاسف في بحوث تُعقد مستقلة لقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام على يد علماء مدرسة اهل البيت الشريفة وماينتج من هذه الدراسات من نتائج وبروز حقائق عقدية وآثار اسلامية عظيمة (سنتعرض لبعضها خلال هذا البحث) حتى على مستوى التغيير في فكر الامة القرآني والاسلامي ، وانطلاقته وبداية بناءه بشكل مختلف !!.
نعم هناك من توسع في ملاحقة (( ماروي )) بهذا الشأن ، كما طرحه العلامة السيد مرتضى العسكري في (القرآن الكريم في روايات المدرستين) ولكنه ( قدس) انتهج نفس النهج الاخباري الذي ينقل الخبربلا التعمق في بحثه ودرسه وملاحقة معانيه وغاياته ومبادئه .... الخ ، فكان طرحه شبيها بطرح التجميع للرواية بلا اضافة معاني الدراية لها ليكون هناك فصلا وبحثا خاصا بقرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
ولعلّ هناك الكثير من الاسباب التي اعاقت بحث علماء واكابر مفكري مدرسة اهل البيت عليهم السلام في مثل هذه المواضيع القرآنية الجوهرية وربمامن ضمن اهم الاسباب التي منعت علماء مدرسة اهل البيت ع من تناول هذا الفصل بالدراسة والبحث والتعمق هو الخشية من رمي الشيعة ومذهبهم بالانتماء الى قرآن مختلف الترتيب عن قرآن المسلمين الذي بين ايديهم حتى اليوم ومن ثم الافتراء عليهم كما هوالمعهود من حركات الضلال والتطرف والارهاب الاسلاموية التاريخية وحتى اليوم باتهام شيعة اهل البيت ع ومدرستهم بانهم يؤمنون بتحريف القرآن الموجود اليوم بين يدي جميع المسلمين ، وبما فيهم شيعة اهل البيت ع ويؤمنون بقرآن آخر غير قرآنهم !!.
وهذا صحيح من خلال التقصي والبحث نجد ان هناك مَن يفتري بصورة مخزية ومستمرة وبلا حياء على مدرسة اهل البيت وشيعتهم في كل شاردة وواردةوخاصة رميهم بفرية القول بتحريف القرآن ومع ان الشيعة تقطعت اوتارحناجرهم وهم يعلنون براءتهم من فرية القول بتحريف القرآن لكن مع ذالك لم يزل هناك من يجدمصلحة في شق اجتماع الامة وقوة وحدتها بتمزيق لحمة هذه الامة ورمي طائفة عظيمة منهم بالكفر ، واخراجهم من الملّة لقولهم كما يزعم المنتفعون بتحريف القرآن ومن ثم الدعوة للقتل والقتال بين الامة الواحدة لمآرب شيطانية قديمة معروفة !!.
نعم ربما كان هذا من اهم الاسباب التي اعاقت بحث علمائنا الابرار في مدرسة اهل البيت في موضوعة ( قرآن علي بن ابي طالب ع ) وعقد فصول مستقلة لدراسته وملاحقته والخروج منه بنتائج وحقائق علمية كثيرة ومفيدة للامة ولجميع المسلمين خشية على وحدة الامة من جهة واغلاق الابواب امام اعداء الاسلام والمتصيدين بالماء العكر من جانب اخر لكن ومرة اخرى وكما هو معلوم بالضرورة : ان هذه التضحية من قبل علماء شيعة اهل البيت ع في عدم التعرض لبعض المواضيع والبحوث الاسلامية الكبيرة ، والحساسة كموضوع ( قرآن علي بن ابي طالب ع ) لم يغلق الباب على اعداء الاسلام ولا المغرضين ان يستمروا في استهداف مدرسة اهل البيت ع ورميهم بالباطل في كل المواضيع الاسلامية ومنها الافتراء على مدرسة اهل البيت وشيعتهم بالقول بتحريف القرآن ، مما يعطينا وغيرنا انطباعا ان اعداء الاسلام سواء تناول علماء الاسلام هذا الموضوع او ذاك او لم يتناولوه ، فانهم سائرون في مخططهم الشيطاني ، لتفريق الامة المسلمة وزرع الشقاق والعداوة والبغضاء بينهم وتحريضهم على مدرسة اهل البيت على اي حال وفي اي موضوع يطرح في هذه المدرسة المحمدية المباركة وهذا مما يوجب على علماء الامة الابرار ان يعيدوا حساباتهم في قضية الخوف من استغلال اعداء الامة لهذا الموضوع ، او ذاك باعتبار انه موضوع يناقش قضية يمكن استغلالها هنا وهناك !!.
والغريب العجيب بهذا الصدد ان مامن عالم من علمائنا الابرار ممن تناول ( قرآن علي بن ابي طالب ) وجمعه وكيفية ترتيب سوره واختلافها عن ما جمعه شيوخ الصحابة وخلفائهم ، الا ووضع بحثه وتقصيه داخل فصل (( نفي تحريف القرآن الكريم )) وكأن اثارة موضوع (( قران علي بن ابي طالب )) لايمكن اثارته الا من خلال دفع شبهة تحريف القرآن الكريم التي ربما يوحي بها موضوع (( قران علي بن ابي طالب ع )) الى باقي المرويات التي تنسب الى التاريخ والصحابة ويشمّ منها رائحة نقص او زيادة في القرآن الكريم والعياذ بالله !!.
وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدلّ على ماذكرناه من تخوّف علماء مدرسة اهل البيت من رميهم بفرية القول : ان عندهم قرآن غير قرآن المسلمين يتعبدون به وان الشيعة فرقة تقول بتحريف قرآن المسلمين الذي بين ايديهم ، وهذا ايضا بالضبط مادفع جلّ علماء مدرسة اهل البيت لوضع فصل وبحث (( قرآن علي بن ابي طالب )) في زاوية او فصل او بحث (( نفي التحريف عن القرآن الكريم )) ليقال مسبقا انه لاتحريف في القرآن حتى وان كان هناك قرآن لعلي بن ابي طالب ع ثبت وجوده تاريخيا وانه مختلف في ترتيبه عن هذا القرآن الذي بين يدي المسلمين حتى اليوم !!.
لكن كان الاجدر بمن تناول البحث ورواية الخبر عن قرآن علي بن ابي طالب ع ان يعقد له فصلا مستقلا وبعيدا عن فصل (( نفي التحريف عن القرآن الكريم )) كي لايوهم ان هذه الفكرة مرتكز فكرة ووهم التحريف في القرآن الكريم وذالك لعدة اسباب لايسع التمهيد لذكرها ولكن من اهمها :
اولا : لفصل فكرة قرآن علي بن ابي طالب ع عن شبهة تحريف او عدم تحريف القرآن الكريم باعتبار انه لاعلاقة عضوية مباشرة بين القول بحقيقة وجود قرآن لعلي ع قد جمع بعد وفاة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله مختلف عن قرآن زيد بن ثابت ، وبين فكرة هل القرآن مصون عن التحريف كما ذكره سبحانه (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) او ان هناك يد خيانه قد تسللت لنصوصه ومتونه لتتلاعب بها كيفما شاءت ؟.
ثانيا : لانه بالفعل القول بوجود قرآن مختلف ترتيبا لعلي بن ابي طالب ع بغض النظر عن ثبوته تاريخيا وسيريا وروائيا حديثيا ليس له علاقة اصلا بفكرة تحريف القرآن او عدمه ، بسبب ان فكرة الزيادة او النقص في القرآن اصلا هي لاتمت بالصلة لقرآن علي بن ابي طالب بقدر ماهي متصلة بما نقل في مدرسة اهل الحديث والصحابة وقول الكثير من الصحابة كما يرويه السيوطي صاحب الاتقان اشتباها بسقوط او ضياع او نسخ تلاوة سور من القرآن كاملة !!.
كذالك فان القول بوجود قرآن لعلي بن ابي طالب متساوقا زمانيامع ما الفه مشائخ السلطة والحكم من الصحابة من قرآن على يد زيد بن ثابت يؤكد على تطابق القرآنين في النصوص ، والفحوى والمضمون مع وجود اختلاف في الترتيب فحسب لغايات سياسية معروفة لاتمس مطلقا جوهر الصيانه القرآنية من التحريف والتلاعب وسنذكرها فيما بعد وهذا ايضا لايدفعنا بالبحث ابدا ان نضع موضوع (( قرآن علي بن ابي طالب )) في فصل التحريف او عدمه للقرآن الكريم !!.
وعلى العموم كان وضع بحث قرآن علي بن ابي طالب في فصل ( نفي التحريف عن القرآن ) وضعاغير موفق لتناول الحقيقة القرآنية التي طرحها امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع نفسه من خلال جمعه للقرآن الكريم بصورة مختلفة وتقديمه للامة باعتباره الحصانة الالهية من الضلال والانحراف عن خط الرسالة المحمدية الخاتمة ، وعلى هذا كان من الاجدر بكل من اراد تناول موضوعة جمع القرآن وتاريخ تاليفه ان يعقد فصلا مستقلا يتناول فيه ماقدمه امير المؤمنين من ترتيب وتاليف للقرآن الكريم مختلفا شكلا عن القرآن الذي جمعته السلطة القائمة انذاك صحيح ولكنه متفق وعميق ومؤثرمضمونا على مسار الفكر والامة والبناء لشخصيتها الاسلامية ولو قدّر لقرآن علي بن ابي طالب ع ان يكون هو المعتمد للامة من قبل السلطة القائمة انذاك لكان هوبالفعل القرآن الذي يهدي للتي هي اقوم على الحقيقة والواقع وبلالبس يذكرولما برزت ظاهرة الاشتباه والمروق من الدين والارتداد عليه كما هو معلوم التاريخ من الخوارج وغيرهم باسم القرآن ونصوصه وحكم الله سبحانه فيه !!.
إن تناول موضوع (قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام)في هذه الاطلالة المختصرة لا يعني فقط اهمية اثارت الموضوع بشكل معمق ، وبحثي ودراسي منفصل من جديد فحسب ، ولايعني كذالك التأكيد على : ان قرآن علي بن ابي طالب عندما جمعه الامام علي عليه السلام بصورة محددة ، وقدمه للامة ليقيم الحجة عليهم وعلينا كان من ضمن مقاصده الشريفة لاريب هو تنبيه الامة لترتيب قرآن كريم بالامكان اعتماده شرعيا واسلاميا غير ماموجود بين ايديهم بالامس واليوم وفرض عليهم سلطويا من قبل اجتهاد خلفاء الصحابة !!.
وانما لقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام قصة لم تنتهي فصولها بعد ، والمسلمون مطالبون ان يهيئوا انفسهم وارواحهم وعقولهم ......وكل وجودهم لاستقبال قرآن علي بن ابي طالب من جديد والذي هو هو كتاب الله سبحانه الذي اوحاه لرسوله العظيم محمد صلى الله عليه واله حسب نزوله وتأويله وترتيبه وزمانه ، والذي هوهو قرآن المسلمين الذي بين ايديهم حتى اليوم ولكن بترتيب سوره بصورة مختلفة يتقدم فيه منسوخه على ناسخه ومطلقه على مقيده وعامه على خاصه ومكيه على مدنيه .... لاغير وهو يظهر مع رجل الاسلام الاخير في المستقبل القادم الامام المنتظر المهدي عجلّ الله تعالى فرجه الشريف كما وردت الروايات والاخبار التاريخية بذالك ، وهو يحمل نفس قرآن علي بن ابي طالب ع ليقود الامة المسلمة بهذا القرآن المختلف حتما في ترتيبه وفي انعكاس تاثيره على ذهن الامة وفكرها وتصوراتها الاسلامية التي سيخلقها قرآن علي بن ابي طالب بشكل مختلف !!.
وهذا وهذا وحده يكفي لكل علماء امتنا الاسلامية ان يكثفوا التبشيرويرسلوا مداد اقلامهم بجود وسخاء للكتابة عن قرآن علي بن ابي طالب ع الذي غبن حقه الاولون وحق على الاخرين ان يعيدوا له موقعه المناسب في فكر الامة والذي هو ايضا قرآن مستقبل هذه الامة والواجب عليها استقباله بالقبول الحسن .
____________________________________________________________________________________________________
******************** المبحث الاول ****************
قرآن علي ع حقيقة تاريخية :
لم تتفق الامة المسلمة بجميع مشاربها وتوجهاتها الفكرية والعقدية على موضوع تاريخي كما اتفقت كلمتها على وجود قرآن لعلي بن ابي طالب ع في تاريخ هذه الامة المسلمة ، وإن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع قد اعتزل في بيته لجمع القرآن بعد وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، وانه جاء به يحمله الى قيادات السلطة انذاك يعرضه عليهم ليكون منار هدى للامة المسلمة بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، وإن اصحاب السلطة بعد الرسول محمد صلى الله عليه واله ، قد آثروا ان يجمعوا ويألفوا القرآن على طريقتهم ، التي يرتأونها منسجمة مع وضعهم القائم ، ومصالحهم السياسية والقبلية وان خلفاء الصحابة كلفوا زيد بن ثابت ليقوم بمهمة تأليف وجمع القرآن من اللخاف والرقاع والعسب وصدور الرجال بشهادة شاهدين بدلا من القبول بقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
فقد ذكر صاحب الاتقان السيوطي في النوع الثامن عشر من جمع القرآن وترتيبه ، عن ابن ابي داود في روايته الثانية القول :((أخرج ايضا من طريق ابن سيرين قال قال عليٌّ : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم آليت أن لا آخذ عليَّ ردائي الا لصلاة جمعه حتى أجمع القرآن فجمعته _ 1 _ )).
وعنه ايضا ردّا على ابن حجر في رمي رواية ابن سيرين بالانقطاع قال: ((قلت قد ورد من طريق اخرى أخرجه ابن الضريس في فضائله حدثنا بشربن موسى ، حدثنا هودة بن خليفة حدثنا عون عن محمد بن سيرين عن عكرمة قال : لما كان بعد بيعة ابي بكر قعد علي بن ابي طالب في بيته فقيل لابي بكرقد كره بيعتك فأرسل اليه فقال : أكرهت بيعتي ؟.
قال : لاوالله !.
قال : ما أقعدك عني ؟.
قال : رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدثت نفسي ان لا البس ردائي الا لصلاة حتى اجمعه .
قال له ابو بكر : فانك نعم مارأيت _2_ )) .
وبغض النظرعن مافي رواية عكرمة التي ينقلها السيوطي عن ابن سيرين من اشكاليات حول بيعة ابي بكر ودفع علي لتهمة كراهية البيعة لابي بكر بسبب مناقضتها للصريح من التاريخ المدّون ، الا ان الرواية صريحة في ان علي بن ابي طالب عليه السلام جلس في بيته لجمع القرآن وتأليف فصوله وسوره ولعلّ هناك من اراد تحريف موقف عليٍّ من بيعة ابي بكر فاضاف لها جمع القرآن ليكون سببا في تخلف علي وكراهيته لبيعة ابي بكر وجلوسه في بيته !.
وكذا مانقله السيوطي عن ابن حجر نفسه لكن في النوع العشرين من معرفة حفاّظ القرآن ورواته قوله عن ابن حجر :(( قال ابن حجر وقد ورد عن علي انه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه ابن ابي داود _ 3 _ )).
وروى القرطبي صاحب ( الجامع لاحكام القرآن ) عن ابن الطيب قوله :(( قال ابن الطيب : إن قال قائل قد اختلف السلف في ترتيب سور القرآن ، فمنهم من كتب في مصحفه السور على تاريخ نزولها ، وقدم المكي على المدني ، ومنهم من جعل في اول مصحفه الحمد ومنهم من جعل في اوله " اقرأ باسم ربك " وهذا اول مصحف عليّ رضي الله عنه _ 4 _ )).
وفي رواية القرطبي اضاءة على موضوع قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام وهي : انه قرآن في اول سورة منه سورة اقرأ او العلق وان لعلي بن ابي طالب مصحفا خاصا به كان مختلفا عن باقي ترتيب مصاحف الصحابة !!.
وهكذا ماينقله الشيخ محمد هادي معرفة عن ابن النديم في فهرسه - بسند يذكره - :(( ان عليا ع راى من الناس طيرة عند وفاة النبي ص فاقسم ان لايضع رداءه حتى يجمع القرآن فجلس في بيته ثلاثة ايام حتى جمع القرآن ، فهو اول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه وكان هذا المصحف عند ال جعفر _ 5 _)).
ويبدو جليا من رواية ابن النديم ان مصحف علي بن ابي طالب ع كان هو اول مصحف جمع فيه القرآن كاملا ، بالاضافة الى اختلاف دوافع جمع القران في رواية ابن النديم عن ماسبق من روايات ، ففي رواية السيوطي كان دافع امير المؤمنين علي ع لجمع القرآن رؤيته وخشيته من الزيادة في كتاب الله اما في راوية ابن النديم فكانت طيرة المسلمين بعد وفاة الرسول ص السبب الكافي لدفع امير المؤمنين لجمع القرآن وتأليفه في مصحف واحد ولكن ليس من الصحف التي كتبت على عهد رسول الله كما في روايات الخاصة بل من قلبه الشريف مباشرة !!.
وذكر اليعقوبي في تاريخه :(( وروى بعضهم ان علي بن ابي طالب كان قد جمعه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى به يحمله على جمل فقال : هذا القرآن قد جمعته ...- 6 - )).
والرواية ذيلها طويل وهي تنفرد بترتيب مصحف علي عليه السلام بشكل غير ماذُكر في جلّ الروايات التي تؤكد على ترتيبه من المكي الى المدني من السور غير ان اليعقوبي ذكر قرانا لعلي مجزءا لسبعة اجزاء ، وجزءه الاول يبدأ بجزء سورة البقرة المدنية ، ولهذا مايفسره عند بعض الاعلام سنذكره في موضعه !!.
اما ماروي عن طريق مدرسة اهل البيت وعلماءها الابرار في شأن وجود مصحف وقرآن لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع فبغض النظر عن ورود الرواية عن ائمة اهل البيت عليهم السلام بشكل له من الشهرة الشيئ العظيم بحقيقة مصحف علي بن ابي طالب ع ووجوده تاريخيا كرواية صاحب الكافي الشيخ الكليني اعلى الله مقامه في كتاب فضل القرآن عن ابي عبدالله عليه السلام ما مختصره :(( وقال : أخرجه عليّ - اي المصحف - عليه السلام الى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عزوجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه واله وقد جمعته من اللوحين .... - 7- )) .
فأن اجلاّء وفقهاء ومراجع علماء مدرسة اهل البيت عليهم السلام قد نفوا حتى مجرد الشك في وجودقران لعلي بن ابي طالب الفه عليه السلام وجمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله واخرجه لزعماء السلطة انذاك ليكون هو الامام للامة لولا رفض السلطة الحاكمة له !!.
فقد ذكر اية الله السيد ابو القاسم الخوئي في ( البيان في تفسير القرآن )مانصه بشأن وجود قران علي بن ابي طالب تاريخيا : (( أن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه السلام ، يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لاينبغي الشك فيه وتسالم العلماء الاعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لاثباته ...- 8 - )).
وقال العلامة البلاغي (كما ينقله اية الله الشيخ محمد هادي معرفة): (( من المعلوم عند الشيعة ، أنّ عليًا أمير المؤمنين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله لم يرتد برداء ، إلاّ للصلاة حتى جمع القرآن على ترتيب نزوله وتقدّم منسوخه على ناسخه -9-)).
وبهذا يتبين ان حقيقة وجود مصحف او قرآن لعلي بن ابي طالب ع جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم صلى الله عليه واله من الحقائق التي لايمكن الشك او ورود الشك وتسربه نحوها !!.
نعم يترتب على هذه الحقيقة حول قرآن علي بن ابي طالب ع الكثير من البحوث القرآنية ، التي تتعلق بالخصوص في بحث جمع القرآن ، وهل جمع القرآن كاملا في زمن وحياة الرسول الاعظم محمد ص كما يذهب اليه اكابر علماء مدرسة اهل البيت ع ؟.
أم ان حقيقة قرآن علي بن ابي طالب وجمعه وتأليفه..... تؤكد ما تذهب اليه مدرسة الصحابة من ان القرآن لم يكن مجموعا (( وليس مكتوبا)) بتمامه ابان حياة الرسول محمد صلى الله عليه واله في مصحف واحد ؟.
وكيف يجمع ومنطق العقل والضرورة يقول مادام نافذة الوحي لم تزل مفتوحة بحياة الرسول الاعظم محمد ص فلايمكن القول بختم وجمع القرآن في جامع واحد ، الا بعد انتقال الرسول الاعظم صلى الله عليه واله الى الرفيق الاعلى وبهذا يحصل اليقين بانقطاع وحي السماء والسماح للامة بجمع القران في مصحف واحد باعتبار انه لاانتظار بعد رحيل الرسول ص لاي وحي من السماء ؟!.
ولولا الاطالة بالبحث لناقشنا ما اورده اية الله الخوئي بالبيان بهذا الصدد ، وما ذكره ايضا السيد العسكري في مطارحاته بين المدرستين ، وما يذهب اليه العلامة السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ، لكن ارتأينا ان ذالك خارج سياق بحثنا هذا فاكتفينا بالاشارة فقط لحقيقة قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام ، وانها الحقيقة التي لم يلتفت لها بعمق باعتبار انها الدليل على صحة الراي الاخر القائل ان اول من جمع القرآن بعد وفاة رسول الله ص هو علي بن ابي طالب ع !.
________________________________________________________________________________________________________
************* المبحث الثاني **********
1: متى جمع علي بن ابي طالب عليه السلام قرآنه المُشار اليه في اكثر من مصدر تاريخي وسيري وحديثي ؟.
2: وهل كان جمع قران عليٍّ ع انعكاس وردة فعل لتفكير وجمع السلطة الحاكمة انذاك للقران بمساعدة زيد بن ثابت بعد وقعة اليمامة اولا ؟.
أم ان قرآن السلطة وتفكيرها بتاليفه وجمعه كان هو انعكاس وردة فعل لتأليف عليٍّ ع للقرآن الكريم وليس لوقعة اليمامة كما إدعته السلطة القائمة انذاك وكتّابها التاريخيين وفقهاءها السلطانيين من على لسانها فيما بعد ؟.
في هذا المبحث ينبغي علينا ان نبدأ بملاحقة قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب من زاويته الزمانية قبل الحديث عن اي شيئ يتعلق بهذا القرآن الكريم وكيفية تاليفه وجمعه وذالك بسبب ان معرفتناللتوقيت الزمني لكتابة علي بن ابي طالب لقرآنه سيسلط الضوء حتما على دوافع ومبررات أما :
اولا :السلطة انذاك في التفكير اوالاقدام على عملية جمع القرآن في زمن خليفة السقيفة ابي بكروبمشورة من عمرابن الخطاب كما تتحدث به معظم المصادرالتاريخية والحديثية !.
ثانيا:وإما مبررات اميرالمؤمنين ودوافعه التي دفعته للتفكير والاقدام والجلوس في بيته لجمع القران وتاليفه ان كانت السلطة الحاكمة انذاك هي من بادر لفكرة جمع القران قبل علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
ولايمكننا حقيقةً ان نفهم مبررات ودوافع كلا الطرفين سلطة الخلفاء او أمير المؤمنين علي بن ابي طالب في هذا المبحث من دون ان نناقش من هو صاحب المبادرة الاولى في فكرة تاليف وجمع القران مبتدءا!!.
في الزاوية الاولى من الموضوع تكاد تكون كلمة مدرسة اهل الحديث والتدوين التاريخي الاسلامي السلطوي متفقة وفي جميع مصادرها السيرية والتاريخية والحديثية على ان صاحب فكرة ( جمع القرآن ) كان هو الرجل الثاني لسلطة السقيفة عمر بن الخطاب عندما اشارعلى ابي بكربن ابي قحافة بفكرة جمع القرآن في مصحف واحد بعد يوم اليمامة وتكاد تكون هذه المعلومة من المسلمات عند كل من تناول تاريخ جمع القران في مدرسة الصحابةالتي يكاد يكون مصدرها واحدا وهو ما رواه البخاري في صحيحه في ( باب جمع القرآن ) من (كتاب فضل القرآن ) في الحديث رقم ( 4630) مانصه :
(( حدثنا موسى بن اسماعيل عن ابراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق ، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : أرسل اليّ ابو بكر مقتل أهل اليمامة ، فاذا عمر بن الخطاب عنده ، قال ابو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن ، واني اخشى ان يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، واني ارى ان تأمر بجمع القرآن . قلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذالك ورأيت في ذالك الذي راى عمر ، قال زيد : قال ابو بكر : إنك رجل شاب عاقل لانتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه ، فوالله لوكلفوني نقل جبل من الجبال ما كان اثقل عليّ مما امرني به من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل ابو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر ابي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن اجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع ابي خزيمة الانصاري ، لم اجدها مع احد غيره ، لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم سورة التوبة 128 ، حتى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند ابي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر . - 10 - )).
وفي هذا النص الحديثي يظهر بجلاء عدة حقائق تتعلق زمانيا ومكانيا بفكرة جمع القران ، وسبب وكيفية ذالك بالاضافة الى الامور المهمة التالية :
اولا : إن القرآن لم يكن مجموعا بشكله الكامل من الصحف المبعثرة وبمصحف واحد في زمن الرسول الاعظم محمد ص !.
ثانيا: ان صاحب الفكرة من الاساس هو عمر بن الخطاب وليس الحاكم الاول للمسلمين ابي بكربل ان النص يصرّح بان عمر ابن الحطّاب أمر الخليفة الاول بجمع القرآن كما اشرنا اليه بالخط تحت النص اعلاه من قول ابي بكر :(( مما امرني به من جمع القرآن )) .
ثالثا : ان الدوافع التي شحنت عمر بن الخطاب للالحاح ، والاصرار على فكرة جمع القرآن هي خشيته على ضياع القرآن بعد واقعة او حرب اليمامة التي قتل فيها العديد من القرّاء من صحابة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله .
رابعا : رفض الخليفة الاول ابو بكر لمشروع جمع القرآن وتاليفه بمصحف واحد ابتداءً لكون الرسول محمد صلى الله عليه واله لم يقم بهذا المشروع ولم يطرح الفكرة قبل عمر ، الى ان شرح الله صدر الحاكم لفكرة عمر وعرضها على زيد بن ثابت الشاب الغير متهم عند دائرة الحكم واصحاب النفوذ والسلطة وكان كاتبا للوحي في زمن الرسول ص في المدينة .
خامسا : تردد زيد بقبول الفكرة ابتداءً واعتراضه ثانيا على مشروع لم يقم به محمد الرسول صلى الله عليه واله ، لكن بعد اصرار الخليفة ومستشاره الاول عمر على ذالك وافق زيد على تبني المشروع والقيام به .
سادسا : شروع زيد بالقيام بالمهمة وتعقب ايات وسور القرآن من هنا وهناك من الورق وعظام الكتف وجريد النخل ومن الحجارة التي كان يكتب عليها الصحابة القران ومن الخشب ... وغير ذالك .
سابعا : الانتهاء من مشروع جمع القران ووضعه عند الخليفة ابي بكر ومن ثم عند الحاكم من بعده عمر بن الخطاب لينتهي المطاف بقران زيد بن ثابت وراثة عند حفصة بنت عمر بن الخطاب وفي ادراج صناديقها المقفلة قبل ان يحرقه مروان ابن الحكم في خلافة عثمان بن عفان .
ولعلّ هذه النقاط السبعة هي ابرزما ذكره ويذكره علماء الحديث والتاريخ الى يومنا الحاضرحول فكرة جمع القرآن في مدرسة انصار الحكم من صحابة الرسول ص !!.
أما مايتعلق بفكرة جمع القرآن في الجانب الاخر للموضوع المتعلق بقرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام فقد وردت الرواية بالشكل والنقاط المختلفة التالية :
اولا : جلوس علي بن ابي طالب ع في بيته بعد وفاة الرسول مباشرة لجمع القرآن كما انزله الله سبحانه وتعالى كما تورده الاخبار بجميع مصادر المسلمين المعتبرة .
ثانيا : ورود الرواية التي تتحدث صراحةً ان الرسول محمد قد اوصى علي بن ابي طالب ع بان يجمع القرآن الموجود اساسا بصحف غير مجموعة فقد روى صاحب تفسير الصافي الكاشاني عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال : (( إن رسول الله صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام ياعلي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولاتضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة ، فانطلق علي عليه السلام فجمعه في ثوب اصفر ثم ختم عليه في بيته وقال : لا ارتدي حتى اجمعه . قال : كان الرجل لياتيه فيخرج اليه بغير رداء حتى جمعه .- 11- )).
ثالثا : إتيان علي بن ابي طالب ع بالقرآن مجموعا حسب وصية الرسول محمد صلى الله عليه واله له في مرضه قبل وفاته لاصحاب السلطة والحكم ورفض الرجل الثاني في الحكم عمر بن الخطاب لقرآن علي بن ابي طالب .
وعلى هذا الاساس والنقاط المذكورة في روايات الفريقين فريق السلطة وفريق امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام يتبين لنا من خلال المقارنة والبحث الاتي من الزوايا المهمة :
اولا : إدعاء فريق الحكم ان سبب قدح فكرة جمع القرآن للرجل الثاني في الخلافة عمر بن الخطاب هو معركة اليمامة التي نشبت بين المسلمين من قرّاء الصحابة وبين قبائل الاعراب العربية التي ارتدت مع مسيلمة الكذاب وغيره من اعراب الجزيرة ومثل هذا الطرح يثير الكثير من علامات الاستفهام الغريبة التي تبدأ بالتالي :
أ : ما الاسباب الشرعية الموجبة التي دفعت السلطة الحاكمة آنذاك من دفع العظيم من القرّاء وعلماء الامة الى معارك خارج عاصمة دولة الرسول في المدينة المنورة ، واستبقاء من هو غير قارئ ، ولا حافظ للقرآن في المدينة مما انتج بعد استشهاد علماء الامة وقارئيها للقران في معركة اليمامة ان يخشى الرجل الثاني في الحكم عمر على ضياع القرآن بعد مقتل حامليه ؟.
وألم يكن الجدير باصحاب الحكم والسلطة والخلافة ان يدعوا الى نفير الجهاد من هو اقلّ شأنامن حملة القرآن انصياعا لقوله سبحانه :(( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون / 122/ التوبة )) فكيف ساغ لاصحاب الحكم والسلطة الزج بالعظيم من قرّاء القران وحملته من علماء الامة بحروب تأكل من يقدم اليها بحيث اضطرهم هذا العمل بعد استشهاد اهل القرآن للاعتماد على زيد بن ثابت الذي لم يكن بالمستوى المطلوب من وعي القرآن كله بمكيه ومدنيه ، لاسيما ان علمنا ان زيد انصاري ومن اهل المدينة وآمن وهو صغير السن بعد يهوديته ولم يحضر القرآن المكي كله ولا ملابساته وكيفية انزاله وحيا لرسول الله صلى الله عليه واله ؟!.
ب : حرب اليمامة مع مسيلمة وانصاره وقعت في السنة الثانية عشر او في بداياتها ونهاية السنة الحادية عشر من الهجرة (12) مما يعني ان القرآن المشار اليه انفا والذي ارتأت السلطة الحاكمة جمعه بالاستعانة بزيد كان بعد سنة او اقل من ذالك بقليل بعد رحيل الرسول الاعظم محمد ص من هذه الدنيا الى الرفيق الاعلى ولم تتحرك فكرة الخوف على القران الا بعد زمن ليس باليسير من وفاة الرسول وهذا يعني من جانب آخر انه لولا استحرار القتل بقرّاء القرآن من الصحابة الذي لايفهم حتى اليوم لماذا الزج بهم بكثافة بحروب حتى اكلت منهم العشرات ، اذا لم يكن المئات مع انهم لانفير عليهم غير نفير طلب العلم وانذار المسلمين اذا رجعوا من القتال .......الخ ، لما كانت الفكرة اصلا واردة عند المسلمين بجمع القرآن في مصحف واحد لاسيما انه فعل لم يقم به الرسول الاعظم محمد ص حسب ماترويه هذه الروايات ولبقي المسلمون حتى اليوم يقرأون القرآن مفرقا وكل حسب قراءته للقران وطريقه الموصل سندا لقراءة هذا الصحابي او ذاك !!.
ثانيا : في الجانب الاخر للموضوع نجد ان عليّا بن ابي طالب عليه السلام اعتكف في بيته من اول يوم لوفاة الرسول ليجمع قرآن المسلمين النازل على رسولهم الكريم محمدص كوظيفة شرعية انيطت بعنقه للحفاظ على اقدس مقدسات المسلمين وبلا مبررات من هنا وهناك كقتل القرّاء او غيابهم عن عاصمة الدولة وانتشار الجهل والخوف على ضياع مقدس المسلمين الاول والاخير الا وهو القرآن الكريم !!.
ولا فرق ان كان عمل علي بن ابي طالب ع في جمعه للقرآن ، كان بوصية من رسول الله محمد صلى الله عليه واله وهذا هو الاقرب للصواب في اندفاع علي ع وتصميمه على جمع القرآن كأول عمل عظيم يقوم به بعد وفاة الرسول محمد ص ، او كان علي بن ابي طالب قام بهذا العمل لجمع القرآن باعتبار وظيفة امامته بعد الرسول وانه القائم بامور الامة بعد الرسول محمد ص فعلى كلاالمعنيين كان علي بن ابي طالب ع ومن اول يوم لوفاة الرسول شغله الشاغل هو كيفية جمع القرآن في مصحف واحد يوحد الامة ويجمع لها شتات مقدساتها الاعظم القران الكريم !!.
وعلى هذا الاساس يتبين لنا كباحثين ومنقبين عن زمانية فكرة جمع القرآن ان اول من قام بها واسس لمفهومها هو علي بن ابي طالب ع سابقا بذالك فكرة السلطة الحاكمة بقيادة ابي بكر ، وعمر بن الخطاب بسنة بعد وفاة الرسول او ستة اشهر على الاقل وانها فكرة علوية كانت دوافعهاشرعية اسلامية بحتة بوصية من الرسول الاعظم محمد ص لعلي بن ابي طالب ع تدرك اهمية وواجب جمع القرآن بمصحف واحد لمصير وتوحيد الامة المسلمة بغض النظرعن وجود قرّاء قد قتلو في معارك الجهاد ضد المرتدين او لم يقتلوا !!.
وبهذا ومن وجهة نظري الفكرية الخاصة اجد ان فكرة جمع القرآن ، التي طرحها عمر ابن الخطاب باسم يوم اليمامة ومقتل القرّاء فيها وخشيته على ضياع القرآن .....الخ ، كلها كانت مبررات غير واقعية لفكرة الجمع القرآني تلك ، وإن مادفع حقا الرجل الثاني في سلطة السقيفة عمر بن الخطاب ، للتفكير بجمع القرآن وحثه او دفعه للخليفة الاول ابي بكرعلى تبني هذه الفكرة ( اذا لم يكن امره امرا بذالك ، فانصاع الخليفة ابو بكر لمطلب عمر ابن الخطاب قرين وخليل السلطة معه لفكرة جمع القرآن تلك) هو ما كان يقوم به علي بن ابي طالب عليه السلام في بيته من عملية تأليف وجمع القرآن ومعرفة عمر ابن الخطاب وادراكه لخطورة هذه الخطوة من قبل عليٍّ ع على مخططات الحكم القائم وقرب اعلان امير المؤمنين لمشروعه في جمع القرآن على الامة ليكون هو امام المسلمين وقرآنهم الرسمي وموحدهم على الحقيقة !!!.
وهنا ندرك ان حركة او فكرة عمر لجمع القرآن بمبرر الخوف على ضياعه بعد مقتل القرّاء في اليمامة قد كانت حركة وفكرة استباقية لاجهاض مشروع علي بن ابي طالب لتوحيد وجمع القرآن واعلانه للامة ، كما انه بهذا نفهم وندرك اصرار والحاح عمرعلى ضرورة جمع القرآن الآن وقبل اعلان علي بن ابي طالب لقرآنه وفرض هذه الفكرةعلى الخليفة واستدعاء زيد للقيام بهذه المهمة التي لاعمر كان قادرا على القيام بها لوحده ولا الخليفة الاول ابو بكر بسبب ان كلا الرجلين لم يكونا من حفّاظ القرآن وقراءه ومستوعبيه على التمام (- 13 -) فاضطرا للاستعانة بشاب ليس له خبرة كافية غير اطاعة اوامر الخليفة في كيفية ترتيب القرآن الذي وبالفعل اصبح هو قرآن السلطة الذي اطاح بقرآن علي بن ابي طالب وابطل مشروع توحيده وجمعه واعلانه للقران الموحد !!.
وليس من الغريب ايضا والحال هذه ان يظهر للعلن قرآن زيد بن ثابت ، وفي نفس اللحظة والزمن الذي جاء به علي بن ابي طالب بقرآنه لاصحاب الحكم والسلطة بعد ان جمعه على حسب ترتيبه ، وبوّبه على حسب نزوله وقدم منسوخه على ناسخه ومكيه على مدنيه ، ليكون هو قرآن المسلمين عامة وموحد نظرتهم ورؤيتهم القرآنية ، ولكن وبمحاولة استباقية لعمر اصبح للمسلمين قرانا جمعه زيد بن ثابت على عجالة ، ومن هناوهناك وكيفما اتفق ، تحت مبرر الخوف على ضياع القرآن وبحجة مقتل القرّاءفي يوم اليمامة(مع ان هناك من القرّاء من لم يقتل كابن مسعود وابي وباب مدينة علم الرسول علي بن ابي طالب ...، لكن مع ذالك حتى لم يفكر ابو بكر وعمر استشارتهم في كيفية جمع القرآن !!) تتبناه السلطة وتعاقب كل من لم يعترف بشرعيته الاسلامية ومصدريته ومرجعيته الوحيدة للحكم في الاسلام !!.
روى صاحب الاحتجاج الطبرسي عن ابي ذر الغفاري أنه قال :(( لما توفي رسول الله (ص) جمع علي (ع) القرآن وجاء به الى المهاجرين والانصار وعرضه عليهم لما قد اوصاه رسول الله (ص) فلما فتحه ابو بكر خرج في اول صفحة فتحها فضائح القوم ( يعني عندما كانوا مشركين وينزل القران فيهم كابو خالد الوليد بن المغيرة وابو سفيان ... وغيرهم) فوثب عمر وقال : ياعلي اردده فلاحاجة لنا فيه ، فاخذه ع وانصرف ثم احضروا زيد بن ثابت - وكان قاريا للقرآن - فقال له عمر : ان عليا جاء بالقران وفيه فضائح المهاجرين والانصار(مع ان الانصار لافضائح لهم في القران وانما الفضائح كانت بعتاة كفرة قريش في مكة / مني كاتب هذه السطور ) وقد راينا ان تؤلف القرآن ونسقط منه ماكان فضيحة ( اي التفسير ) وهتكا للمهاجرين والانصار فاجابه زيد الى ذالك.... )) - 14 - .
وبهذا النص الخبري يبدو الربط واضحا وجليّا بين قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع وانه هو السبب والدافع الحقيقي لقادة السلطة بابتكار فكرة جمع القرآن ، بصيغتها السلطوية الخالية من اي بيان رسولي ، او تفسيري يثير انزعاج كبار عتاة مشركي مكة انذاك بعد اسلامهم الصوري وبعدما تسنم ابنائهم المناصب العظيمة في دولة الخلفاء بعدالرسول كخالد ابن الوليد وزير دفاع دولة ابي بكر الذي ذُكر اباه الوليد ابن المغيرة كثيرا بالقران ولعن الرسول له ولامثاله في قنوت صلاته صلى الله عليه واله ، وكمعاوية بن ابي سفيان قائد الشام ومروض خراجها لدولة الخليفة عمر ابن الخطاب فيما بعد وما كان القرآن يتحدث حول اسرته من ال امية وانهم الشجرة الملعونة في القرآن ... وهكذا !!.
________________________________________________________________________________________________
******** المبحث الثالث ***************
ماهي اهداف مشروع جمع علي بن ابي طالب للقرآن الكريم ؟؟.
وهل كانت هي نفس اهداف مشروع السلطة القائمة انذاك عندما بادر احدهم بفكرة جمع القرآن هذه على اثر قرآن عليٍّ ع؟.
أم ان لكلا المشروعين اهدافه الخاصة ومساراته المغايرة وغاياته المختلفة ، التي انعكست فيما بعد على كلا القرآنين ليكون مصير قرآن السلطة الحاكمة في التجميع الاول الى المحرقة العثمانية في الجمع الثاني ليصدق عليه قوله سبحانه: (( وقدمنا الى ماعملوامن عمل فجعلناه هباءً منثورا /23/ الفرقان)) ، بينما بقي قرآن علي بن ابي طالب ع ذخرا لقيامة الامام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في اخر الزمان ليظهره الله على الدين كله ولو كره المشركون والكافرون ؟.
ثم ماهي الدلالات السياسية ، التي توحي بها صيغة ترتيب قرآن علي بن ابي طالب ع من المكي الى المدني ، والتي ازعجت السلطة القائمة ايضا بحيث انها دفعتها لعدم التفكير مطلقا بتأليف القرآن على كيفية نزوله وحيا وزمانيا ؟.
لاريب ان هناك اختلافا كبيرا وجوهريابين مشروع علي بن ابي طالب عليه السلام في جمع القرآن وبين مشروع جمع السلطة للقرآن بصيغته السلطوية المنعكسة عن مشروع عليّ ع والساعية لاجهاض فكرته من الاساس وهو اختلاف الاهداف في كلا المشروعين فقد كان علي بن ابي طالب ع لا يبغي من جمعه للقرآن الكريم الا ان يكون هاديا للمسلمين ومبينا لهم ما التبس عليهم من نصوص القرآن ، وحافظا لهذا القرآن من ايدي الشياطين المحرفين للكلم عن مواضعه ، لذا جاء به كما انزله الله سبحانه وتعالى على رسوله العظيم محمد ص وبدون ان تأخذه في بيانه لومة لائم اومصلحة سياسة وحكم دنيا زائل ليحابي هذه القبيلة او تلك من قبائل قريش وعتاة كافريها ومنافقيها في الجاهلية وفيما بعدالاسلام على حساب القرآن وبيانه وهدايته للامة ، فجعل له حاشية بيانية تضيف لبعض النصوص منه شروحا توضيحية يحتاجها الاسلام والمسلمون في مسيرتهم في هذه الحياة الدنيا !!.
لكن مشروع السلطة والحكم في جمع القرآن كان مشروعا مغايرا باهدافه تماما وكان مشروعا سياسيا ، مصلحيا بامتياز ولا همّ له او هدف ومسيرة غير تعطيل واجهاض مشروع قرآن علي بن ابي طالب ع الذي ان ظهر وبان للامة فقد يطيح برؤوس الكثير من منافقي قريش ممن اليوم هم قادة الحكم في خلافة ابي بكر وبعده عمر بالاضافة الى كيفية خنقه وقتله قبل ظهوره للعلن والتفاف المسلمين حوله ، ليتبلور الى مرجعية كبرى للمسلمين وللاسلام ، وبالفعل ما ان انتهى دور قرآن السلطة التي جمعته لغاية واحدة لاغير حتى طوي في بيت ابي بكرومن ثم في بيت عمر لترثه بنته حفصة قبل ان يحرقه مروان ابن الحكم في خلافة عثمان عندما وحّد المصاحف في مصحف وقرآن وقراءة واحدة لاغير !!.
لماذا لم يصبح قرآن زيد هو القرآن الجماهيري الاسلامي ، الذي يتوحد حوله المسلمون في فكرهم وعقائدهم ومرجعيتهم كما كان يهدف علي بن ابي طالب عندما اعلن عن قرآنه لجميع المسلمين مهاجرين كانوا او انصارا ؟.
ولماذا احتفظت السلطة بقرآن زيد وكأنه كتيب حزبي ، او مفكرة تختص باصحاب الحكم والسلطة فحسب ولاعلاقة للمسلمين به وبما فيه من قرآن ينبغي ان يتلى اناء الليل والنهار في كل بيت مسلم ؟.
وعلى اي اساس لم يتوجه ابو بكر ومن ثم صاحب الفكرة في جمع القرآن عمر ابن الخطاب على استنساخ قرآن زيد بن ثابت وارساله الى الامصار كي يكون مرجعية المسلمين والموحد لكلمتهم كما حصل في خلافة عثمان ؟.
ولماذا احتفظ عمر ابن الخطاب في زمن خلافته بقرآن زيد ابن ثابت الذي ادعى انه سيكون الحافظ للقران من الضياع لعقود في بيته واكتفى بقبول تعدد القراءات وتناشز البيانات وتضارب السن المسلمين في قرائتهم للقران حتى اورث الكارثة لخلافة عثمان بن عفان الذي اضطر للملمة جراح القران ووحد لسانهم بقران واحد ؟..... الخ .
كل هذه اسألة تؤكد اهداف فكرة جمع القرآن للخليفة الاول ، والثاني وانها اهداف كانت سياسية ، وبقيت سياسية واستمرت سياسية الى ان آل قرآن زيد بن ثابت ومن جمعه الى محرقة عثمان بن عفّان ، الذي صادر مصحف زيد من بيت حفصة بنت عمر بن الخطاب بالقوة ايام خلافته ، لا ليعيد كتابته واعتماده وانه قرآن المسلمين الاوحد ، بل ليتخلص منه حرقا باعتباره قرآنا غيرُ صالح لجمع المسلمين وربط كلمتهم ، وليعيد الخليفة عثمان كتابة وتأليف وجمع القرآن من جديد وباستشارة من قبل علي بن ابي طالب وتلامذته الذين ساهموا بشكل فاعل بكتابة القرآن العثماني الموجود اليوم بين ايدينا حتى اليوم !!.
الغريب العجيب في كل ماتقدم ان اصحاب السلطة بعد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وبعد انقلاب السقيفة الكارثي وانحياز الخلافة لابي بكر ثم عمر ثم عثمان وابعادها كليا عن عترة الرسول واهل بيته عليهم السلام بقيادةعلي بن ابي طالب يبدو ان مشكلتهم مع قرآن علي بن ابي طالب لم تكن بسبب فقط ان في قرآن علي بن ابي طالب بعض الحواشي والتفاسير التي تظهر للمسلمين وتبيّن لهم بعض معاني النصوص القرآنية التي ارادت السلطة ان تكون مخفية ومنسية فحسب !! .
فلو كان الرفض مرتكزا فقط على وجود بيانات وتاويلات وتفسيرات بقرآن علي بن ابي طالب ع ، لكان من السهل اقناع علي بن ابي طالب (مثلا) او الصحابة بامكانية تجريد وتخليص القرآن العلوي من هذه الهوامش ليتم فيما بعد تبني قرآن علي بن ابي طالب خالصا من التفسير والتأويل باعتباره الجامع المانع لكتاب المسلمين المقدس !!.
لكن يبدو ومن صيغة وشكل الرفض المطلق من قبل السلطة القائمة لقرآن علي بن ابي طالب او حتى مناقشة ان يكون علي بن ابي طالب ع صاحب فكرة الجمع القرانية او المنخرط في زعامة لجنة زيد بن ثابت التي جمعت شتات القران ، يبدو من صيغتها المعلنة ان الفكرة من الاساس كانت مرفوضة وبكافة حيثياتها وبكل تلاوينها وعناوينها المرتبطة بعلي بن ابي طالب على الخصوص من قبل سلطة الخليفة ابي بكر ومن بعده عمر بن الخطاب !!.
فياترى لماذا كانت فكرة الجمع القراني على يد علي بن ابي طالب مرفوضة بالمطلق من قبل سلطة ابي بكر وعمر انذاك ؟.
وهل بسبب فقط ان قران علي بن ابي طالب ع ، فيه من البيان الرسالي (( ما قاله الرسول الاعظم محمد ص بحق قادة الكفر القرشي من ذم ولعن ووعيد )) تفسيرا وتأويلا للقرآن مايزعج قادة الكفر القرشي المكي ولذالك ارتأت الخلافة ان تطيح بقرآن علي وتستبدله بتأليف قران سلطة مجرد ومبهم وخالي من اي اشارة بيانية لاغير ؟.
أم انه مجرد ورود ذكرلعلي بن ابي طالب في فكرة جمع القرآن كان امرا مرفوضا من قبل سلطة الخليفتين من منطلق مشروع تغييب علي بن ابي طالب واهل بيت الرسول عن تمام المشهد السياسي والفكري للمسلمين ، وسواء كان قرآن علي بن ابي طالب فيه بيان وتفسير وتأويل ، لنصوص القرآن تتعرض لقادة الكفر المكي بالنقد او لا يوجد اي شيئ في قرآن علي ، فانه سيرفض من الاساس باعتباران فكرة دخول اسم علي ابن ابي طالب ع في مشروع جمع القران كان امرا مرفوضا من الجذور ومن البداية ؟.
او ان الامر على الحقيقة لا هذا ولاذاك بالنسبة لفكرة القران وجمعه لصاحب السلطة الاول ابو بكر ومستشاره الاول عمر بن الخطاب ، وانما متعلق الامر وخطورته من وجهة نظر السلطة ليس في علي بن ابي طالب بشخصه ، ولابتأويلات وتفسيرات قرآنه الرسالي على التحديد التي تتناول بالنقد قادة الكفر القرشي ، وآباء من تعاونوا على انشاء السلطة الجديدة بعد الرسول محمد ص انقلابا على الشرعية ، بل الخطورة تجسدت في جمع القرآن نفسه حسب نزوله الزمني الذي يبدأ بالمكي من السور والايات ، وينتهي بالمدني منه ، وهذا وحده هو سرّ رفض عمر ابن الخطاب على التحديد في مشروع وعملية الجمع القرآني التي وكما هو معروف ان عمر بن الخطاب على الخصوص ممن لم يكن لهم حظٌّ من سابقة الايمان والنضال في مكة من اجل اقامة دعائم الدين والاسلام ، ولذا راى هو وكذا باقي من اسلم متأخرا من قادة قريش فانهم كانوا يرون في القرآن المكي ان تقدم في القران الكريم نفسيا وفكريا وعقديا على المسلمين انه سيكون مثلبة له ولامثاله وليس مفخرة ترفد من رصيدهم في الحكم والسلطة والقداسة التي ينبغي ان تكون للصحابة واصحاب الحكم بعد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله !!.
الحقيقة شخصيا وفكريا أميل الى جواب السؤال الثالث الذي يذهب الى ان مشكلة ابي بكر وعمر مع قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، فضلا عن ماذُكر من اسباب جوهرية كانت موجودة اولا في قرآن علي بن ابي طالب ع من تفسير وتأويل ينتقد منافقي وكفار قريش مضافا الى عملية ومخطط تهميش دور عليّ ع في فكرة جمع القرآن من قبل السلطة القائمة لكن ايضا ما اذهب اليه بقوّة إن خطر قرآن علي عليه السلام حسب ما اعتقده انه كان يمثل من وجهة نظرالسلطة انه القرآن الذي جمع حسب نزوله زمانيا بالوحي على رسول الله محمد ص ، وانه مفتتح بالسور المكية التي كان شوطها طويلا وقاسيا على من لم يؤمن مبكرا بالاسلام كعمر ابن الخطاب وخالد بن الوليد وال امية ....الخ ، وكل من تأخر اسلامه الى حقبة الطلقاء او قبلها بقليل من الزمن !!.
نعم أكد اكثرمن كتب من علمائنا الابرار ( قدس) في مدرسة اهل البيت ع على ان سبب ودوافع رفض ابوبكر وعمر لقرآن علي بن ابي طالب ع كان نقطة ان في قرآن علي بن ابي طالب تفسيرا وبيانا وتأويلا لم يكن ليأتي على هوى زعماء قريش وبنائهم لقداسيات كاذبة ، ومخادعة حول شخصياتهم الهزيلة ولهذا كانت فضائح القوم هي الدافع على رفض قرآن علي بن ابي طالب من قبل سلطة الخليفة الاول ابو بكر وخليله الوفي عمر ابن الخطاب لكن جانب ترتيب القرآن وجمعه حسب نزوله من المكي الى المدني من وجهة نظري كان سيؤدّي من وجهة نظر الخلفاء ابو بكر وعمر الى نفس وظيفة قران علي بن ابي طالب ع الذي همشه بالتفسير والتأويل والتبيين بل ان خطورة قراءة القرآن حسب نزوله من مكيه الى مدنيه هي هذه الفكرة المستهدفة من قبل السلطة للاطاحة بها وجمعُ قرآنٍ يدفع بكل التاريخ والقرآن المكي من الواجهة القرآنية ليؤلف مكانه قرآن يبتدأ من المدني ومن سورة البقرة ، ليأخذ قارئ القرآن شوطا طويلا جدا ، حتى يصل في اخر القران الى السور المكية التي تتحدث عن نضال وجهاد السابقة من المسلمين امثال علي بن ابي طالب وعمار بن ياسر وال هاشم ....الخ ممن كان له ذكر حسن وواضح بالقرآن المكي ، واجرام والتاريخ الاسود للعتاة والكفرة والمنافقين من قريش امثال ال امية وابو سفيان وولده معاوية والوليد بن المغيرة وعمرو بن العاص وابو لهب ......الخ الذي اصبحوا هم او ابنائهم في ليلة وضحاها بفضل تغيير ترتيب سورالقرآن واياته وغياب حقائق تاريخهم الاسود مع الاسلام في ايات ونصوص القران المكي قادة لدين محمد الرسول ص الذي لم يفقهوا اية من كتابه العزيز القرآن الكريم !!.
وإلا هل يمكن لباحث ان يرشدنا لماذا لم يجمع الخلفاء ابو بكر وعمر ابن الخطاب سور القرآن وبعيدا عن علي وقرآنه وابن مسعود وقرانه وابي وقرانه ...الخ حسب تسلسل نزوله الزمني لاسيما ان روايتهم انه امر لم يرد عن الرسول فيه شيئ وانه خاضع بالتمام لفكرة ( انه خير ) وان جمع القران لمصلحة المسلمين والحفاظ عليه من الضياع بعد مقتل قراءه فحسب ؟.
فلماذا كان راي السلطة الحاكمة مجتهدا بجمع القران ، من سوره المدنيه الى سوره المكيه ، حتى تقدم الناسخ على المنسوخ واصبح عمل المسلمين باحكام القران منقلبا من ناسخه الى منسوخه ليصبح المنسوخ في حكم الله ناسخا للناسخ ؟.
واذا كان قرآن علي بن ابي طالب ع مبتدأ بالمكي قبل المدني ومعروف ان جمع علي ع للقران كان بوصيةمن الرسول الاعظم محمد ص ، وانه لايمكن ان يقوم بعمل بغير موافقة للكتاب والسنة المحمدية ، ما يعني ان صيغة ترتيب القران الشرعية هو ترتيب علي ع لسور القران من مكيه الى مدنية ، فاذن الم يكن هذا منبها للسلطة القائمة بضرورة ترتيب القران حسب نزوله مادام الامر شرعيا من جانب علي بن ابي طالب ع وبوصية رسالية واختياريا اجتهاديا من قبل السلطة والحكم ؟.
أم ان حسابات الحكم البكرية والعمرية انذاك كانت متعمدة لتأخير ماقدمه الله ورسوله واهل بيته ع من ترتيب القران لالشيئ الا لتأخير ما اراد الله سبحانه ورسوله تقديمه وتقديم ما اراد الله ورسوله تاخيره ؟.
__________________________________________________________________________________________________
************ المبحث الرابع *****
ترتيب قرآن علي بن ابي طالب !.
هل ذكر التاريخ لنا او متون الحديث ومصادر العلم الشرعي الاسلامي بالضبط ترتيب سور قرآن علي بن ابي طالب كما كتبه بعد الرسول الاعظم محمد ص ؟.
أم ان قران علي سيبقى من الاسرار الالهية التي لايفضّ خاتمها ، الا الامام المهدي المنتظر عجل الله مخرجه الشريف ، وهو يخرج لنا مع قرآن علي بن ابي طالب ع كما كتبه ليحمل الامة بالعمل به وقراءته حسب ترتيبه ؟.
طبعا لا احد من العالمين من المسلمين اليوم وغيرهم يستطيع ان يدّعي انه مطلع اوقرأ او ورد اليه شيئ فيه تفصيل ما كتبه علي بن ابي طالب من قرآن اظهره لمرّة واحدة لاصحاب سلطة السقيفة ، قبل ان يختفي عن الانظار الى يوم الناس هذا إلاّ اللهم ربي الامام المهدي محمد ابن الحسن العسكري ع ثاني عشر ائمة اهل البيت وخاتم نهضة الاسلام في العالم ، فهو عجل الله تعالى فرجه الشريف القادر على ادّعاء ملكيته لقران علي بن ابي طالب ع ، وان هذا القرآن احد ادلة وعلامات وامارات صدق الامام المهدي عند ظهوره في اخر الزمان !!.
نعم ورد في كتب التاريخ والحديث ماهو قريب مما تُحدثنا به تلك المتون والمصادر عن قرآن علي بن ابي طالب ع ، الا وهو ماتبقى لنا مما روي عن الصحابة ، او بعضهم لاسيما اولئك الصحابة ، الذي اشتهر عنهم انهم من تلامذة علي بن ابي طالب ع او من مريديه كعبدالله ابن العباس ابن عم عليٍّ ع وموضع ثقته في امور كثيرة فمثل هذا الصحابي لايخفى انه اخذ الكثير من علم القران وترتيب سوره وتقديم المكي منه على المدني ....الخ من عليًّ بن ابي طالب ع !!.
ثم انني من المؤمنين دائما ان عليَّ بن ابي طالب ع رجل المهمات المعقدة في الاسلام في حياة الرسول بصورة عامة وبعد انتقاله للرفيق الاعلى صلى الله عليه واله بصورة اكبر واكثر واعمق واوسع وخاصة بل ان علي بن ابي طالب ع هو صاحب المبادرات التي تستقي كل ذكائها من كيد الله سبحانه لاعدائه في كل ماهو في صالح هذه الامة والهادي لها الى سواء السبيل وعليه ليس علي بن ابي طالب ع من وجهة نظري من يترك الساحة لاعداء الاسلام وجُّهاله كي يفعلوامايحلوا لهم في اضلال الامة وايرادها المهالك في الدنيا والاخرة بل هو ممن (( يسالم ما سلمت امور المسلمين )) ويقاتل ماتعرّضت امور المسلمين لخطر داهم ، ومن هنا لاريب عندي ان عليًّ ابن ابي طالب قد استطاع من خلال صيغ وطرق غير مباشرة ان يطرح من علمه ومن ترتيب قرآنه الكريم الشيئ الكثير من خلال قنوات اخرى ، غير قناته الشخصية لاسيما قناة تلامذته الذين اوصلوا الكثير من علمه عليه السلام وتصوراته لنا حتى اليوم تحت مسمياتهم ، لكن لاشك من رائحة عمق العلم الذي حملوه انه صادر من عين صافية ومن نبع اهل البيت الذين زقوا العلم زقا !!.
أضف الى ذالك فإن هناك مساعدا اخر يعينناعلى مهمة الاقتراب من ترتيب سور قرآن علي بن ابي طالب ع التي رتبت حسب النزول وتقدم فيها المكي على المدني ، الا وهو إن القرآن نفسه وحملته ومن كتبوه منذ حياة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله قد التفتوا الى تسمية السور القراني وتوصيفها بالمكي منها النازل بمكة بصورة عامة ، والمدني من سور القرآن التي نزلت في المدينة ، فكتب القرآن حتى في تأليف وجمع السلطة الاول والثاني للقرآن وهو مزودا بعلامة السور مكيها من مدنيها ليعلم حتى اليوم ان سورة الزلزلة مدنية وسورة الاخلاص مكية ، وهذا طبعا بغض النظر من انني من المؤمنين ان ترسيم السور القرانية واعطائها شخصيتها المكانية والزمانية من مكي ومدني هو بامر من الرسول الاعظم محمد ص !!.
نعم أُختلف في بعض السور في مكان نزولها ، لكن بشكل عام تواتر بين الامة العلم بماهو مدني من سور القرآن عن ماهو مكي معروف الشكل والصورة والحدث وزمان النزول بشكل قطعي ، ولهذا ثبتت مسميات سور القرآن في المصحف الشريف وكأنها جزء من شخصية وبناء السَور القرآني الذي لايمكن الاستغناء عنها !!.
وعلى هذا المبنى يمكننا الاقتراب قليلامن ترتيب قران علي بن ابي طالب ع الفعلي ولكن ليس اصابته بدقة ومئة بالمئة وبهذا القدر من الاقتراب من قرآن علي بن ابي طالب نحن قانعون الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا !!
ولي شخصيا ميل وقبول بالترتيب الذي تقدمه الرواية عن الصحابة ومن ثم التابعين ، والتي ينقلها صاحب الاتقان في علوم القران الشيخ السيوطي الشافعي ، باعتبارها النسخة القريبة تاريخيا وحديثيا وسيريا.. ، لما تحدثنا به الاخبار عن قران علي عليه السلام الذي يبتدأ بالمكي من السور وينتهي بالمدني منه حسب النزول ، ففي الرواية يُنقل لنا الاتي :
(( وقال ابن الضريس في فضائل القران : حدثنا محمد بن عبدالله بن ابي جعفر الرازي انبأنا عمر بن هرون حدثنا عثمان بن عطاء الخرساني عن ابيه ابن عباس قال : كانت اذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ماشاء وكان اول ما نزل من القرآن : 1 اقرأ باسم ربك ، ثم 2 ن ، 3 ثم يايها المزمل ، 4 ثم يايها المدثر ، 5 ثم تبت يدا ابي لهب ، 6 ثم اذا الشمس كورت ، 7 ثم سبح اسم ربك ، 8 ثم والليل اذا يغشى ، 9 ثم والفجر ، 10 ثم والضحى ، 11 ثم ألم نشرح ، 12 ثم والعصر ، 13 ثم والعاديات ، 14 ثم انا اعطيناك ، 15 ثم ألهاكم التكاثر ، 16 ثم ارايت الذي يكذب بالدين ، 17 ثم قل يايها الكافرون ، 18 ثم ألم تر كيف فعل ربك ، 19 ثم قل اعوذ برب الفلق ، 20 ثم قل اعوذ برب الناس ، 21 ثم قل هو الله أحد ، 22 ثم والنجم ، 23 ثم عبس ، 24 ثم انا انزلناه في ليلة القدر ، 25 ثم والشمس وضحاها ، 26 ثم والسماء ذات البروج ، 27 ثم والتين ، 28 ثم لايلاف قريش ، 29 ثم القارعة ، 30 ثم لا اقسم بيوم القيامة ، 31 ثم ويل لكل همزة ، 32 ثم والمرسلات ، 33 ثم لااقسم بهذا البلد ، 34 ثم والسماء والطارق ، 35 ثم اقتربت الساعة ، 36 ثم ص ، 37 ثم الاعراف ، 38 ثم قل اوحي ، 39 ثم يس ، 40 ثم الفرقان ، 41 ثم الملائكة ، 42 ثم كهيعص ، 43 ثم طه ، 44 ثم الواقعة ، 45 ثم طسم ، 46 ثم الشعراء ، 47 ثم طس ، 48 ثم ، القصص ، 49 ثم بني اسرائيل ( الاسراء) ، 50 ثم يونس ، 51 ثم هود ، 52 ثم يوسف ، 53 ثم الحجر ، 54 ثم الانعام ، 55 ثم الصافات ، 56 ثم لقمان ، 57 ثم سبأ ، 58 ثم الزمر ، 59 ثم حم ، 60 ثم المؤمن ، 61 ثم حم السجدة ، 62 ثم حمعسق ، 63 ثم حم الزخرف ، 64 ثم الدخان ، 65 ثم الجاثية ، 66 ثم الاحقاف ، 67 ثم الذاريات ، 68 ثم الغاشية، 69 ثم الكهف ، 70 ثم النحل ، 71 ثم انا ارسلنا نوحا ، 72 ثم سورة ابراهيم ، 73 ثم الانبياء ، 74 ثم المؤمنين ، 75 ثم تنزيل السجدة ، 76 ثم الطور ، 77 ثم تبارك الملك ، 78 ثم الحاقة ، 79 ثم عم يتساءلون ، 80 ثم النازعات ، 81 ثم اذا السماء انفطرت ، 82 ثم اذا السماء انشقت ، 83 ثم الروم ، 84 ثم العنكبوت ، 85 ثم ويل للمطففين !!.
فهذا ما أنزل الله بمكة ، ثم انزل بالمدينة :
86 سورة البقرة ، 87 ثم الانفال ، 88 ثم آل عمران ، 89 ثم الاحزاب ، 90 ثم الممتحنة ، 91 ثم النساء ، 92 ثم اذا زلزلت ، 93 ثم الحديد ، 94 ثم القتال ( سورة محمد ) ، 95 ثم الرعد ، 96 ثم الرحمن ، 97 ثم الانسان ، 98 ثم الطلاق ، 99 ثم لم يكن ، 100 ثم الحشر ، 101 ثم اذا جاء نصر الله ، 102 ثم النور ، 103 ثم الحج ، 104 ثم المنافقون ، 105 ثم المجادلة ، 106 ثم الحجرات ، 107 ثم التحريم ، 108 ثم الجمعة ، 109 ثم التغابن ، 110 ثم الصف ، 112 ثم الفتح ، 113 ثم المائدة ، 114 ثم براءة . انتهى
فهذا الترتيب لسور القرآن من المكي الى المدني هو تقريبا ما تطمئن له النفس وتتوفر عليه المتون الحديثية والتاريخية وقد سقطت منه سور الفاتحة لاختلاف الرواية حولها انها نزلت مرتين في مكة وفي المدينة ، وهناك رواية وضعت فاتحة الكتاب في اول مانزل من القران الكريم وحتى قبل ( اقرأ ) واخرى وضعتها بعد سورة (تبت يدا ابي لهب) ، وبغير قبول هذا الترتيب سنكون في متاهة الاجتهاد البشري البعيد جدا عن روح السند ، والاتصال بما خلفه لنا السلف من هذه الامة الذي هو الاقرب علميا لما تتحدث به المتون من قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
نعم ليس هناك خلاف بين من نقل الاخبارعن قرآن علي بن ابي طالب ع انه قران كان مرتبا حسب نزول القرآن زمنيا وتقديم السور المكي فيه على المدني ، وإن اول سورة من قرآن علي بن ابي طالب كما نقلناه اعلاه عن اكثر من مصدر من مصادر المسلمين عامة هي سورة ( اقرأ ) او العلق التي توافق المسلمون على انها اول سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه واله في غار حراء في مكة من سنة اربعين لمولده الشريف ص !!.
وكما ذكرنا ايضا : ان اليعقوبي في تاريخه قد انفرد بترتيب نسبه الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، تتقدم في اجزائه السور المدنية على المكية ، وانه مجزأ الى سبعة اجزاء ، وان ليس هناك ترتيب زمني محدد فيه ، وانما كان ترتيب سوره على الاجزاء السبعة ، بحيث ان جزء سورة البقرة يدخل فيه المدني مع المكي من السور كجزء مستقل ، وهكذا باقي الاجزاء الاخرى التي ذكرها اليعقوبي ، كقرآنٍ ألفه علي بن ابي طالب وجمعه عنده يجمع في كل جزء من اجزائه سور تبدأ بالمدنية وتنتهي بالمكية ولا اعلم الحكمة ( على فرض الصحة بهذا النقل اليعقوبي ) من هذا التقسيم ماهي ولماذا جزء امير المؤمنين قرانه بهذه الصورة -15- !!.
ولايبعد ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع وكما يذكره الشيخ الكوراني في كتابه ( قران علي بن ابي طالب -16- ) لم يكن لينعزل عن مشروع حفظ القرآن وجمعه بصورته الصحيحة وإن جوبه قرآنه الذي جمعه على التنزيل اول خلافة ابي بكر وعمر بالرفض المطلق ، لكن ليس علي بن ابي طالب ع من يغلّب دوافعه الشخصية ، ومشاكله الفردية على صيانه مقدسات الامة وملاحقة كل ما من شأنه الحفظ لامة الرسول الاعظم محمد ص وهذا معروف من سيرته الشريفة عليه السلام ، وكيف انه لم ينعزل عن ملاحقة مصالح الامة ، وكل ما من شأنه رفعتها وعزتها ، حتى بعد ان عزل عن الخلافة والامامة وهي حقه الواضح وضوح النهار ، ولهذا يذهب الشيخ الكوراني الى ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب لم يكن ليحصر نفسه في جمع قرآن واحد ، بل كان لامير المؤمنين مساهمة فاعلة بعد ان آيس من قبول قادة قريش وخلفائهم لقرانه المجموع حسب النزول ان يكتب قرآنا اخر مرتبا حسب ترتيب اصحاب السلطة والحكم ، ولكن بالصورة التي لا لبس فيها ولاتعدد قراءات ولا تناشز روايات كالذي وقع فيه قران السلطة ابان ايام ابي بكر وعمر، بل ويقدم علي بن ابي طالب ع مشورته من خلال تلامذته من الصحابة كحذيفة بن اليمان وابناء الصحابة الذي ادخلهم عثمان بن عفان في لجنة جمع القران الثانية ليكون قراننا هذا الذي بين ايدينا والذي وّحدعثمان على لسانه ألسنة جميع الامة هوالقران الذي جمعه بالفعل علي بن ابي طالب في الجمع العثماني الثاني للقران وقدمه لعثمان من خلال تلميذه حذيفة بن اليمان ، واعجب عثمان في ترتيبه، وصادق على ان يكون قران علي بن ابي طالب هو القرآن الموحد للمسلمين ، وان كان عثمان لم يعلن ذالك صراحة خوفا من انصار الحكومات السابقة حكومة ابي بكر وعمر من رفض حتى هذا الامر إن نسب الى علي بن ابي طالب لاغير !!.
وعلى العموم مثل هذه الرؤية وبادلتها المذكورة في مضانها ، تشرح لنا ماهية انفراد اليعقوبي وهو المؤرخ النحرير بالانفراد بالقول بقرآن علي ابن ابي طالب المجزأ الى سبعة اجزاء ، وان اول سورة فيه هي سورة البقرة !!.
أما ما تحدث حوله الجمّ الغفير من الرواة والمحدثين ، والمؤرخين وبما فيهم اهل البيت عليهم السلام من قرآن لعلي بن ابي طالب كان هو مدار الفكرة ومفجر اشكالية رفض السلطة لقران المسلمين ، فهو القرآن المعروف عن علي بن ابي طالب انه جمعه والفه بوصية من الرسول ابان مرضه الشريف صلى الله عليه واله وبعد وفاته حيث قام امير المؤمنين بجمعه كما اُنزل من السماء صافيا خالصا من كل شائبة تقديم ، وتاخير في سوره واياته قد تثير اللبس في فهم المسلمين وعقائدهم لنصوص القرآن الكريم !!.
وعلى هذا المبنى اتفقت كلمة مدرسة علماء اهل البيت ع واكابر مجتهدي هذه المدرسة الشريفة على ان :(( الفرق بين قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع الذي جاء به لاصحاب السلطة انذاك ورفضوه وبين ما موجود اليوم بين يدي المسلمين من قران قام بجمعه ثانيا الخليفة عثمان بن عفان ابان حكمه هو فقط ترتيب السور وبعض مواضع الايات التي قدمت واخرت منها القليل ولاشئ غير ذالك مطلقا !!.
فقد أكد العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ( كنموذج ) في تفسير الميزان ما نصه :((أن جمعه عليه السلام القران وحمله اليهم وعرضه عليهم - اي على اصحاب الحكم ، والسلطة ابو بكر وعمر وباقي المهاجرين والانصار - لايدل على مخالفة ما جمعه لما جمعوه في شيئ من الحقائق الدينية الاصلية اوالفرعية الا ان يكون في شيئ من ترتيب السور او الايات من السور التي نزلت نجوما بحيث لايرجع الى مخالفة في بعض الحقائق الدينية - 17 - ))
فلا مجال والحال هذه للقول بنقص او زيادة ولا حرف واحد في نص القران بين ماجمعه علي بن ابي طالب عليه السلام وبين ماجمعه الخليفة الثالث تحت اشراف علي بن ابي طالب غير المباشر من قران يتداوله المسلمون حتى اليوم ، ويقرآونه حتى هذه اللحظة فالنص القرآني هو هو وسور القرآن هي هي ، واياته الشريفة هي هي واحرفه المنيره كذالك هي هي بين قران علي بن ابي طالب وبين قراننا المقروء اليوم !!.
صحيح اختلف العلماء ومن جميع مذاهب الاسلام ومشاربه في افكار العلوم القرانية التي تتناول المواضيع التالية :
اولا : هل ان ترتيب السور في القرآن الكريم الموجود الى الان بين ايدينا ، هو ترتيب توقيفي من قبل الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وبامر من الوحي الالهي بحيث قال للصحابة وبصريح العبارة :ضعوا سورة البقرة في اول القران وبعدها سورة ال عمران .... مثلا ؟.
أم انه ترتيب اجتهد فيه الصحابة من عنديات انفسهم لجمع القرآن وتأليفه في بادئ الامر ؟.
ثانيا : وهل ان ترتيب الاي داخل السور القرانية هي ايضا بتوقيف من قبل الرسول الاعظم محمد ص ؟.
أم انه وضع وترتيب اجتهادي اجتهد فيه الصحابة كما اجتهدوا في ترتيب سور القران وتاليفها وجمعها في مصحف واحد ؟.
وهنا اختلفت اراء العلماء والمدارس الاسلامية بين من قال بان الامركله بما فيه جمع القران كان اجتهادا بشريا من الصحابة لحفظ القران وصيانته من الضياع ، وبين قائل بالعكس وان آي السور وضعت داخل السور بتوقيف وامر من رسول الله صلى الله عليه واله وكذالك ترتيب سور القران في المصحف كذالك كانت بتوقيف منه صلى الله عليه واله !!.
وعلى اي حال هذا الاختلاف ، وبما في ذالك اختلاف ترتيب سور وايات قرآن علي بن ابي طالب عن باقي مصاحف الصحابة وقران السلطة الذي جمع مرتين في زمن الاول وزمن عثمان بن عفان له دليل لايقبل الشك في ان ترتيب هذا القران الذي بين ايدينا اليوم في سوره واياته انما كان ترتيبا وجمعا اجتهاديا من قبل المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وهذا مايجعل من موضوعة ترتيب سور القران بالخصوص واختلافها بين قران علي بن ابي طالب وقراننا اليوم موضوعا لايدخل مطلقا في حيز الاختلال في القران او القدح في صيانته من التحريف او التلاعب او النقص او الزيادة ، بل هو موضوع يدخل في اطار قبول القرآن نفسه وسعته المرنه لقراءته بترتيب وكيفيات متعددة ، بحيث ان القران نفسه ومن معاجزه العظمى انه قران يمكن قراءة سوره بتراتيب مختلفة بدون ان يفقد اعجازه وكمية تاثيره ووظيفته في هداية البشر الى الله سبحانه وتعالى والى الاسلام وعظمته !!.
ولي في هذا الشأن رأي اذهب اليه باطمئنان ، وثقة ودليل لابأس فيه ، وهو ان ترتيب الآي داخل السور مما لاارتاب في انه بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه واله ، وانه لايمكن لاحد التلاعب فيه بل وانه داخل في الاعجاز القرأني وصيانة القرآن من التلاعب والتقديم والتأخير بهذا الصدد ونعم كان الكثير من الايات المدنية داخلة في السور المكية ولهذا فصل بحث عندي لامجال له هنا في هذا البحث ، ولكن ما اتكئ عليه بهذا الراي هو :
اولا : إن القرآن الكريم نفسه عندما اراد التحدي لمعارضيه فانه وفي اكثر من اية ومورد تحدى مناهضيه إما بان ياتوا بهذا القرآن كله كاملا تاما كقوله سبحانه :(( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا / 88 / الاسراء )) !!.
واما ان يأتوا بسورة تامة كاملة من مثله او بعشر سور مثله ، فقال سبحانه : (( قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين / 38/ يونس)) وقال عز وجل : (( قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين / 13 / هود )) مما يعني ان تركيب السورة القرانية وترتيب آيها هو الداخل في التحدي والاعجاز ولايمكننا والحال هذه ان نقول ان هدم تركيبة السورة ، وادخال اي مكان ايات اخر مما يحفظ للقران اعجازيته في التحدي او صيانته من التلاعب وكيف ذاك والقرآن مشحون بتحدي خصومه بتركيب السور القرآني بدون ان يشير ولا بموضع واحد انه يتحدى بتركيب اية او بتركيب ترتيب السور بعضها اثر بعض وانما كان تحديه دوما بالسورة ، كوحدة اعجازية كاملة وتامة ولايمكن الاتيان بمثلها منفردة ، او مجتمعة مع باقي السور بالقران الكريم !!.
ثانيا : اسم ( السورة) في احد اشتقاقاته اللغوية المعتبرة هو من السور اي السور الذي يحيط بالمدينة ليجمع شتاتها ويحصر هويتها ويخلق شخصية مجموعها وبدايتها ونهايتها ، ما يعني ان لسور القران ( كما يذكره الطباطبائي في تفسيره الميزان ) هوية مستقلة ولها بدايتها ونهايتها وهدفها وغايتها المستقلة تماما عن باقي السور ويمكن عندئذ تصور ان يتحدى القرآن بالاتيان بالسورة المستقلة او بالعشر سور منه او بالقران كوحدة مستقلة عامة ، باعتبار ان هذا النسق وهذا الترتيب بالسور وهذا التنسيق كله داخل بالتحدي الالهي الاعجازي لسور القران واحدة واحدة ، ولايمكننا عندئذ ان نجمع بين القول ان ايات السور موضع اجتهاد بشري قام به الصحابة ، وبين ان الله سبحانه نص على عجز البشرية على الاتيان بترتيب سورة من سور القران الشريفة ، فيتبين ان النص القراني ذاهب الى ان كل مايتعلق بالسورة القرانية هو داخل بالتحدي والاعجاز الذي ترتب بعناية الله سبحانه وبوحيه مباشرة ولا علاقة ليد الاجتهاد البشري في ترتيب الايات داخل سور القران الكريم .
ثالثا : لو كانت الايات القرانية داخل السور مما يمكن الاجتهاد في ترتيبه لما كان نسق السورة اعجازيا ومختصا بعظمة الله سبحانه وتحديه بهذا التركيب القراني للسورة منفردة !!.
ولكان ايضا انتقل التحدي من الاتيان بسورة من القران متكاملة التناسب والترتيب ، الى الاتيان باية واحدة فقط ، باعتبار انه لم يقل احد من العلماء ان تركيب الاية هل هو توقيفي ام اجتهادي للصحابة وباقي المسلمين ، وعليه ثبت لدينا انه مثلما ان تركيب الاية في القرآن توقيفيا مختصا بالوحي وتنسيقه للاي القراني ، كذالك تركيب السور وترتيب الاي بداخل كل سورة هو ايضا داخل توقيفيا من الوحي ووضع الرسول لكل اية مكانها وهذا ما يدفعنا للقول جزما ان ترتيب الاي داخل السور لايمكن ان يكون الا بأمر من الله ورسوله ص والا لم يكن ترتيب الاي داخل السوراعجازيا وقابلا للتحدي لامكانيةالبشر على التنسيق بمثله ، وهذا بعكس السور متفرقة فان لاتحدي مطلقا في ترتيب السور ولم يذكر احدا من العلماء ان ترتيب السور مما تحدى الله سبحانه به المعاندين والكافرين !!.
وبهذا يتبين بجلاء قولنا ان ترتيب السور داخل القرآن اجتهاديا ولا غبار على ذالك ، ولايعتبر من التلاعب بالقران واعجازه وصيانته ان تتقدم السورالمدنية على المكية او العكس لان التحدي والاعجاز في السورمستقلة كلٍّ على حدا وليس في ترتيبها وجمعها قرانيا واحدة تلو اخرى ، ولعل الرواية التي نقلناها عن صاحب تفسير الصافي الكاشاني عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال (( ان رسول الله صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام : ياعلي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولاتضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة ... -18-)).
فقول الرسول لعلي ع (( خذوه واجمعوه )) لاريب ان فيه كيفية غير مقيدة لجمع سور القران ، فالمهم عند الرسول وبهذه الرواية هو جمع القران كاملا وليس ترتيب سوره بصورة محددة !!.
وهذا يعني خلاصة للموضوع ان علي بن ابي طالب عندما جمع القرآن حسب نزوله وتقديم مكيه على مدنيه ، بعكس جمع الخلفاء قبله واصحاب السلطة والحكم الذين ارتأوا جمع القران بصورة منكوسة وتقديم مدنيه على مكيه ، كان يهدف للعمل بامامته بعد رسول الله ص ، وانه الاعرف والخبير الاكبر بترتيب سور القران التي تاخذ بيد الامة الى هدايتها وفلاحها بشكل لالبس فيه وهذا بعكس مشروع السلطة في جمع القران الذي ضرب حابلا بنابل وجمع سور القران بلا فقه ولاروية او ادراك لاهمية هذا الجمع والترتيب ، بحيث انهم ابتدأو القران بسورة البقرة لالشيئ الا لانها اول سورة نزلت بالمدينة !!.
___________________________________________________________________________________________________
*********** المبحث الخامس ******
ماهية واهداف ترتيب علي بن ابي طالب ع لقرآنه .
عندما قلنافي البحث الرابع ان ترتيب سورالقران شأن خضع للاجتهاد البشري وغير مؤثرعلى اعجاز القران وتحديه وصيانته وهدايته بصورة عامة وعامية للناس اجميعن فذالك باعتبار ان القران نفسه قابل لهذا الاجتهاد وغير مؤثر بحصانته واعجازه وحفظه وتأثيره على البشرية ، لذا كان قرآن علي بن ابي طالب مرتبا ترتيبا يختلف عن غيره ممن حاول جمع القران ولكن بصيغة وتأليف مختلف في النزول والزمن من دون ان يكون لهذا الاختلاف اي تاثير على مجمل القران الكريم عامة !!.
لكننا لم نكن نعني بذالك مطلقا ان لاتأثير ابدا لهذا الترتيب والاجتهاد فيه على مسارات هداية القرآن للامة وصيانته لمسيرتها في هذه الحياة وانما كنّا بصدد اثبات ان ترتيب السور داخل القران غير داخل بموضوعة او شبهة او توهم الزيادة او النقص اوالضياع او .... وهكذا والا كيف يقال لاتأثير معنوي وفكري على ترتيب سور القرآن والقرآن نفسه يذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه الحقيقية ، باعتبار ان مواضع الكلم له من التاثير الشيئ العظيم في الهداية لايقل شأنا عن الكلم نفسه وكيفية صياغته ولهذا قال سبحانه ذمّا لقوم امتهنوا تحريف الكلم عن مواضعه :(( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ../ 13 / المائدة )) !!.
اي ان لعن هذه الفئة من البشر وقسوة قلوبهم تأتت من كارثتين :
الاولى : نقضهم لعهودهم التي قطعوها لرسلهم وانبيائهم ، في شأن التبليغ مثلا او في شأن الوصية بالخلافة والامامة من بعد الرسالة والنبوة ...الخ !.
الثانية : بسبب امتهانهم ليس لتحريف الكلم نفسه بتبديل كلم مكان كلم اخر بل لامتهانهم ازالة الكلم عن مواضعه التي ارادها الله والرسل ان تكون فيه وتتلى على اساسه وفي مكانه المنزل فيه بالضبط ، فمثل هذا التحريك للكلم من مكان الى مكان اخر يعتبره القران تحريفا غير مباشر ، يكون القصد منه تحريف معاني الكلم الذي وضع في موضعه الحقيقي بشكل لايتهيئ اذا حّرّك هذا الكلم نفسه ووضع في مكان اخر !!.
وعلى هذا الاساس كانت رؤيتنا لترتيب كلم سور قران علي بن ابي طالب عليه السلام ، التي رتبت حسب نزول القران وحيا على قلب وكيان وروح الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله ، وما وصية الرسول الاعظم محمد ص لعلي بن ابي طالب بالتحديد بجمع وتأليف القرآن بعده كما ورد في الرواية الا لكون علي بن ابي طالب ع وحده هو القادر ان يرتب سور القرآن وكلماتها التامات على الشكل الذي انزله الله سبحانه ، وبالقالب والموضع الذي اراده الله سبحانه ورسوله ان يتلى في داخله وبين طريق صراطه المستقيم !!.
إن المسلمين قديما ، وحديثا مجمعون على ان عليَّ بن ابي طالب ع ، فضلا عن انه باب مدينة علم الرسول ص وانه الاعلم بشريعة محمد العظيم ص من باقي صحابته بل كل امته ، وانه اقضى صحابة رسول الله ص ، فانه من جانب اخر هو الاوحد الذي قال واعلن انه مستعد للمسألة في هذا الدين والقران وكيفما كانت عندما قال :(( سلوني قبل ان تفقدوني )) !!.
بل ان كلمة المسلمين مجمعة على ان علي بن ابي طالب ع الوحيد ، الذي ُصهر تماما مع كل حرف من حروف القرآن الكريم فضلا عن كلماته واياته ونصوصه وفصوله واجزائه وسوره وكل كيان القران الكريم حتى طار بالافاق عنه قوله :(( سلوني عن كتاب الله فوالله ما من اية الا وانا اعلم ابليل نزلت ام بنهار ام في سهل ام في جبل ....-19-)) !!.
ولهذا ورد عن الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله قوله بحق علي ع :(علي مع القرآن والقرآن مع عليّ ) و (والحق مع علي وعلي مع الحق ) ....الخ .
نعم لايمكن لاحد في هذه الامة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، ان يدعي انه الاعلم بمواضع كل كلمة واية وسورة من كتاب الله عزوجل وكيف نزلت وفي اي وقت وباي شكل وعلى اي صورة .... ، غير علي بن ابي طالب عليه السلام ليس لانه ابن عم رسول الله ص واحد اصحابه ، والمنتمين لدينه فحسب ، بل لان علي بن ابي طالب هو امام هذه الامة والمنوط هدايتها به وبالقران الكريم وانه هو وصي الرسول بعده وانه خليفته وامير المؤمنين ، فمن الواجب عليه بعد ذالك ان يجمع القرآن ويؤلفه من الرقاع والحرير والصحف ويجمعه حسب نزوله بعد انتقال الرسول الاعظم محمد ص للرفيق الاعلى وكيفما اراد الله سبحانه لكتابه ان تتلى سوره وكلماته وبالمواضع التي نزل فيها من غير تحريك ولاتبديل ولا تحريف .... للكلم عن مواضعه !!.
وبالفعل يذكر لنا التاريخ ان علي بن ابي طالب بادر بلا عائق يوقفه لجمع القران ، وشمّر عن ساعده ، والقى رداءه في بيته ليعتكف ستة اشهر ( كما في معظم الروايات التاريخية ومنها تذكر ثلاثة ايام ) يخط كتاب الله سبحانه وتعالى بانامله الشريفة خدمة لله سبحانه ولدينه ولرسوله ولهذه الامة ليضع لنا كل سورة في مكانها المناسب وفي زمنها الذي نزلت به وفي سياقها وموضعها الذي وضعها الله سبحانه بداخله وقدمه للامة ولحكامها القائمين على امرها ليعلن لهم بانه : هذا كتاب الله سبحانه جمعته كما انزله الله سبحانه وتعالى بلا زيادة ولانقص ولاشائبة نسيان او سهو ولا حاجة لشاهد او معين او ورقة تذّكر ما نسي الانسان !!.
لكن ما كان من السلطة ورجالها المأخوذين بترتيب امر الدنيا والخلافة قبل الاسلام والدين ، الا ان رفضوا قرآن علي بن ابي طالب ع ، وعمدو لشاب غرّ من الانصار أسمه زيد بن ثابت ، ابتدأ حياته يهوديا قبل الاسلام بالمدينة ليس له بالقران لاعير ولانفير الا كونه كان قارئا ان يقوم بمشروع جمع قران من هنا وهناك ، يعلم الله ما كان بداخله قبل ان تحرقه سلطة عثمان ليكون هو الند لقران علي بن ابي طالب والمجهض لمشروع جمع القران حسب نزوله من رائحة الوحي السماوية وعندئذ ما كان من علي بن ابي طالب ع بعد ادراكه لمعنى الرفض الجازم الا ان اعلن للامة وللتاريخ انكم سوف لن ترونه بعد لحظتكم هذه ابدا !!.
وهنا ربما يتساءل متسائل :لماذا اعلن اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ع اخفاءه الابدي لقرآنه الذي جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد ص ؟.
وهل كان هذا الاخفاء لقران الامة المسلمة المنوط به هدايتها ورشادها وعدم ضلالها ، لدوافع شخصية تملكت امير المؤمنين عندما رفضت السلطة تبني قرانه ليكون المرجعية العظمى المقدسة لهذه الامة ؟.
أم ان امير المؤمنين ادرك بفكره وعقله وفطرته الالهية السليمة ، ان القوم في رفضهم القاطع لقرانه سوف لن يقفوا عند حد معقول او خط احمر الا الوصول الى هذا القران والقضاء عليه وتدميره قبل ان يظهر للعلن وللامة وللتاريخ وللحقيقة ، ولهذا اعلن انه سوف لن يُرى بعد هذا اليوم ؟.
يذكر صاحب الاحتجاج الطبرسي :(ان عمر ابن الخطاب ابان خلافته قد سأل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عن قرانه الذي كتبه واظهره لهم في ايام خلافة ابي بكر قبل ان يرفضوه مطلقاوسأله ان يخرجه له من جديد ليتبناه عمر كقران رسمي يدعوا الامة للالتفاف حوله ليكون قران المسلمين الاوحد !!.
لكن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع قال له : هيهات ليس الى ذالك سبيل ....- 20 - )) .
وفي مثل هذه المرويات يبدو جليّا ان قرآن علي بن ابي طالب ع كان يشكل هاجسا سياسيا وفكريا لسلطة الخلفاء القائمة وقد حاولت السلطة كثيرا للوصول الى نسخة قران علي بن ابي طالب ع ، لكن يبدو ان كل المحاولات باءت بالفشل ، ليبقى قرآن علي بن ابي طالب لخير غاية هذه الامة بعد ان انحرف باولها حبّ الدنيا الرأس لكل خطيئة !!.
نعم في خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب ايضا لم تكن ابدا الارضية الاجتماعية الاسلامية قد تهيئت بعد لاستقبال ثورة فكرية وعقدية ، كالتي يخلقها قران علي بن ابي طالب ع ان اظهره للعيان ، وكيف يتمكن علي بن ابي طالب ان يظهر قرانه وقدتمكن حب الدنيا والتقاليد والعصبية من المسلمين الى حد ان الخلافة نفسها لم يصل اليها علي بن ابي طالب الا من خلال ثورة اجتماعية جماهيرية اسلامية عامة ، لفقراء وضعفاء ومضطهدي هذه الامة كسرت كل السياقات القديمة التي من خلالها جاء الخليفة الاول والثاني والثالث ببيعة صورية من مهاجرين وانصار ، وسقيفة وغرف مظلمة واتفاقات وصفقات سياسية مشبوهة ؟.
وهكذا شاء القدر ان تكون خلافة علي بن ابي طالب وحدها قد تأسست من خلال الانتخاب الجماهيري العام الذي اطاح بسلطة عثمان الاموية والاتيان بعلي بن ابي طالب كخليفة منتخب من قبل الجمهور مباشرة ومثل هذا الامرهوالذي اثار نقمة منتفعي السلطة والحكم قبل حكومة علي عليه السلام ، وهو الذي لم يترك لعلي فرصة تذكر ليستقر في حكمه يوما واحدا كاملا يتصل بعضه ببعض بشكل مريح ليتمكن على الاقل امير المؤمنين ان يوصل شيئ مما عنده من علم للامة بل ان علي ابن ابي طالب ع لم يستقرعلى منبر رسول الله ص وخلافته سويعة حتى تكالبت عليه الدنيا بشياطينها من ناكثين الى مارقين الى خارجين عن الملة والدين ، وما هي الا حرب الجمل تبعتها صفين ثم الخوارج .... وهكذا حتى فلق راس علي بن ابي طالب ع بسيف الغدر والحقد والنفاق والجهل ليعلن الباطل دولته حتى يوم الناس هذا !!.
كان علي بن ابي طالب ع يصرخ (( ان هاهنا لعلما جما )) وهو يشير الى صدره ، ثم ينظر يمينا فلا يجد الا ابن الكوا وهو يسأل ما البصير بالليل الاعمى في النهار ؟.
وينظر شمالا فلايجد الا محب ضعيف ، ومبغض شرس منافق عنيد ، فكيف له ان يخرج قرانه الذي جمعه بعد رسول الله ص وهو يعلم ان كلمة منه تحمل مظلمة له ولاهل بيته بحق الاول او الثاني ، لم يستطع نفذها الا بعد شقشقية هدرت ثم قرت فكيف يقنع امة ادمنت عبادة الاشخاص ، وعبادة اعمال الاشخاص وارتبطت مصالحها بسنة شيخين بعد رسول الله اكثر من ارتباطها بالله ورسوله وكتابه الكريم ، ان يطيحوا بقرآن الفه الاول واعاد تأليفه عثمان بن عفان باعتبار انه هذا وحده هو قرآن رب العالمين ووحي السماء الخاتم ، واي تفكير باعادة تأليفه يعتبر خروجا على الدين ، وطعنا في سنة سيد المرسلين وتحريفا لكتاب رب العالمين بعدما انتكست موازين الامة العقدية ليصبح المنكر معروفا عند معظمها والمعروف منكرا ؟؟!.
_______________________________________________________________________________________________________
************** المبحث السادس **********
وراثة الامام المهدي ( عج ) لقرآن علي بن ابي طالب وحمل الامة عليه في اخر الزمان .
وردت اكثر من رواية عن اهل بيت النبوة والعصمة عليهم السلام جميعا ، وهي تتحدث عن قرآن علي بن ابي طالب ع وانه من ميراث الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وان خروجه سيكون مشفوعا بخروج قران علي بن ابي طالب ايضا ليكون هو بترتيبه وسوره وبياناته ونوره وهدايته قائدا لهذه الامة ، ومعيدا لها فكرها وشخصيتها ، وبانياً لها عقيدتها التي لالبس فيها ولاشبهة ولا غموض حولها ابدا !!.
فقد روى صاحب الكافي ثقة الاسلام الشيخ الكليني في اصوله بسنده عن الامام ابي عبدالله عليه السلام مامختصره من رواية تامة الذيل قوله ع لرجل اراد ان يقرأ القران مع تاويله وتفسيره :((كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فاذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي بن ابي طالب عليه السلام .... -21- )).
اي ان الامام عليه السلام يأمر قارئ القرآن ذاك وهو يدمج بين نص القرآن وتفسيره في قراءته ، ان يقرأ نص القرآن فقط كما يقرأ جميع المسلمين بلا اضافة شيئ له ، الى ان يأذن الله سبحانه بخروج صاحب الامر الامام المهدي المنتظر ، عندئذ هو من سيُقرئ الناس القرآن بنصه ويعلمهم تفسيره والحكمة فيه ويزكيهم كوظيفة من وظائف الامام في هداية الامه لبيان القران كما يهديهم لجمعه وقرانه على الترتيب الذي جمعه امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع !!.
اما ماذكرناه من رواية صاحب الاحتجاج الطبرسي ، فان في ذيلها ما يشير الى الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وقران علي بن ابي طالب ع ، والعلاقة البنيوية الرسالية بينهما من جهة ، وبينهما وبين الامة المسلمة من جانب اخر ، فقد روى صاحب الاحتجاج مانصه من رواية طويلة الذيل بين عمر ابن الخطاب ، الذي سأل امير المؤمنين عن قرانه الذي جمعه واخرجه بخلافة ابي بكر ، وهل من خروجه مجددا من سبيل ؟.
وجواب امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع عن سؤاله بهيهات وسؤال عمر مجددا :(( فهل لاظهاره من وقت معلوم ؟. فقال عليٌّ (ع) نعم اذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به صلوات الله عليه - 22- )).
ان العلاقة بين الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وبين قرآن علي بن ابي طالب ع لهي علاقة بالفعل تدعو للتأمل وللسؤال والاستفسار حول هذه العلاقة وابعاد ماهيتها الفكرية ولماذيتها العقدية وكيفيتها الحركية بالاتي :
اولا : ماهي العلاقة ، التي تُحتم ان يُربط مشروع الامام المهدي المنتظر الاسلامي العالمي الكبير ، بقرآن علي بن ابي طالب بالتحديد كبوصلة وبرنامج وخطة للنهضة المهدوية الاخيرة ؟.
وهل يعني هذا انه لا نهضة مهدوية كبيرة وعظيمة يتم لها الحصول والنجاح والتفجر العالمي الكبير بغير قرآن علي بن ابي طالب بترتيبه هذا وتنسيقه وهيئته وتأثيره ؟.
أم انه لا علاقة بنيوية رسالية الاهية للثورة المهدوية بقران علي بن ابي طالب ع ويكفي الامام المهدي ان يقود الامة والعالم بهذا القرآن الموجود بين ايدي المسلمين اليوم ؟.
ثانيا : ما معنى قول الامام علي بن ابي طالب ع لعمر ابن الخطاب في الرواية: (ويحمل الناس عليه) اي يحمل الامام المهدي الناس على قران امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ؟.
فهل يعني ان الناس ستمتنع حتما من الانصياع ، والقبول بقرآن علي بن ابي طالب واعتباره بدعة ، بل وتحريفا للقران الذي بين ايديهم اليوم ، باعتبار اختلاف ترتيبه وسوره وهيئته وقراءته ... ولذالك يحملهم حملا عليه وبالقوّة ؟.
أم ان المعنى ان الامام المهدي عليه السلام سينهض ويرتفع بهذا الامة الى القمة على ظهر قران علي بن ابي طالب ع الذي سيهيئ لهم الرفعة والعلو ، والسموا في هذه الحياة الدنيا الى اعلى عليين ولذالك سيحملهم الامام عليه فتجري السنة الالهية الكبرى والسنة الرسالية الخاتمة به صلوات الله عليه ؟.
في المحور الاول من الاسألة ينبغي ان ندرك بوعي لالبس فيه ان مشروع الامام المهدي لايمكن ان ينجح او يصل الى اهدافه وغاياته بملئ الارض قسطا وعدلا وهداية بعدما ملئت ظلما وجورا وضلالة ، إلا بقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام الذي سيقود مشروع الامام أمام البشرية خطوة خطوة ويبدأ معهم الرسالة الاسلامية كما بدأت مع رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، عندما بدأ وحيه وقرآنه وكتابه ب ( اقرأ باسم ربك ) وانتهى باخر سورة نزلت من القرآن الكريم الا وهي سورة براءة وهي تعلن للعالم البراءة من المشركين وسياحتهم اربعة اشهر في الارض كآخر مدة ومهلة يعطيها الامام المهدي عليه السلام لمشركي العالم وكافريه ان يسيحوا في هذه الارض قبا ان يطهر الارض من نجاستهم !!.
وطبيعي اذا كان الحال هذه في بداية ونهاية مشروع الامام ، فلابد ان نتصور ان بين يديه عليه السلام برنامجا وقرانا وكتابا مرتباحسب نزوله اول مرّة وبما اننا اليوم نمتلك قرآنا لايبدأ حسب نزول القرآن كما انه لاينتهي كماانتهى قران وكتاب العظيم محمد ص فلابد عندئذ ان نرجع لصياغة القران وجمعه وتأليفه حسب ماجمعه اميرالمؤمنين وبشرّت به الروايا عن اهل البيت وغيرهم وانه القرآن الذي جمع حسب نزوله سورة سورة من مشروع ( اقرأ باسم ربك ) الفكري والثقافي والعلمي والتغييري العقدي حتى نهاية اخر اية نزلت فيه ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) .
ومن هنا نفهم بصورة واضحة معنى العلاقة الرسالية الالهية التي تربط بين مشروع الامام المهدي العالمي الكبير وبين قرآن علي بن ابي طالب الذي جمعه والفه وكتبه حسب نزوله اول مرة ، وخطوة بعد خطوة !!.
نعم قرآن علي بن ابي طالب ع هو الصيغة الوحيدة التي بامكانها ان تعيد مشروع الرسالة الالهية للعالمين وكأنه يتنزل الان من وحي السماء ليبدأ الامام المهدي مع البشرية مشروعه ، وكأنه رسول بعث من جديد ، وكأن قرانه الذي بين يديه يسمعه العالم لاول مرّة وهو يصدح باول اية منه (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) !!.
وكما ان العظيم محمد بدأ رسالته ومشروعه من نافذة ((اقرأ )) ليصنع فيما بعد أمة مسلمة قارئة واعية مدركة فاهمة عالمة مستوعبة مناضلة مجاهدة .....الخ ، كذاك هو طريق الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، الذي سيبدأ بايات وسور قران علي بن ابي طالب ع وهي تصدح من جديد للعالم الانساني من حيث بدأ طريق الاسلام ومن اول اياته المباركة ايضا :(( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) !!.
وكذالك عندما نحاول فهم المحور الثاني لسؤالنا حول العلاقة بين الامام المهدي وقرآن علي بن ابي طالب من جهة ، وبينهما وبين الامة من جانب آخرفليس من السهل والحال هذه تصورقبول فئات كبيرة من الامة الاسلامية المغيبة فكريابعملية التغيير المهدوية الكبرى التي ستبدأ اول ماتبدأ بالصدمة الثورية الفكرية العظمى عندما يُخرج الامام المهدي قرآن علي بن ابي طالب ع باعتباره قرآن الامة الاوحد ومرجعيتها الفكرية والعقدية والشرعية ... الاصيلة ليعيد صياغة وتأليف قراننا الذي بين ايدينا اليوم ليرتب سوره حسب ماجاء في قرآن علي بن ابي طالب اول مرّة ولنبدأ كمسلمين بقراءة القرآن الكريم كمانزل وحيا على قلب الرسول الاعظم محمد ص !!.
وللقارئ ان يتصور ردّة فعل الكبير من فئات هذه الامة المتحجرة والتقليدية والخاضعة لدين العصبية والتعنصر قُبالة مشروع اصلاحي يبدأ من داخل الامة الاسلامية على يد الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف وهو يؤسس اول لبنة لنهضته المهدوية العالمية الكبيرة باعادة صياغة تاليف سور القران الكريم ليضع سورة العلق اولا وسورة ن او القلم ثانيا ، والمزمل ثالثا .... وهكذا حتى نهاية القران حسب نزوله اول مرة ، وحسب ماجمعه علي بن ابي طالب في قرآنه ثاني مرّة !!.
ثم اضافة لهذا التصور الواقعي ، بين امة مسلمة مغيبة ، ستمتنع حتما من التجاوب مع اي عملية تغييرية اسلامية مهدوية كبرى في المستقبل وهي بحاجة الى صدمة ثورية فكرية مهدوية تعيد لهاوعيها ونهضتها الفكريةوبين مشروع يفتتح نهضته الاصلاحية باعادة صياغة اقدس مقدساتها وجمعه وتاليفه من جديد الا وهو القرآن الكريم لابد ان ننتبه الى انه لا رقي لهذه الامة ولا تطور ولانهضة حقيقية ، الا اذا حُملت هذه الامة من جديد على قرآن علي بن ابي طالب الذي سيفتح الافاق العالمية لهذه الامة لتطرح نفسها من جديد على العالم وبشكل وصورة وثقافة وفكر ووجه مختلف وجديد ايضا !!.
اي ان الذي يعتقد ان هذه الامة المسلمة بامكانها ان تعود بقدراتها الموجودة لديها اليوم لمكانتها التي اوصلها لها في بادئ الامر العظيم محمد صلى الله عليه واله ، قبل ان تنتكس وترتد على ادبارها بعد موته صلى الله عليه واله ، وان تكون مهيئة فعليا للنهضة بمشروع عالمي كالذي سيأتي به الامام المهدي المنتظر وهي بهذه الصورة من التدني الفكري والتكلس التراثي والغيبوبة العقدية والتخلف النفسي والاخلاقي والاقتصادي والعلمي ....الخ ، فانه ليس فقط من الحالمين لاغير ، بل انه من معاتيه البشرية الذي بحاجة فعلا لاعادة قراءة سنن التاريخ والحياة والكون وان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم !!.
وإلا كيف لامة لاتدرك نفسها ، وتعيش في غيبوبة عدم ادراكها ، وتحمل من الموروث الموبوء ، والجاهلي المغلف بالقداسي والديني الشيئ الذي بحاجة الى طوفان كوني لازالته والتي تعيش خارج موازين ومقاييس العصر والعالم وهي الامة الوحيدة التي ولهذه اللحظة لاتفقه من قوانين دينها وقوانين كونها وقوانين تاريخها وقوانين ونواميس حياتها اي لغة ... ان تتمكن من النهوض البسيط بادارة حياتها بشكل افضل فضلا عن تفكيرها بقيادة مشروع يحاول تغيير الكون والعالم والبشرية جمعاء !!.
نعم الامة التي ستقود مشروع الامام المهدي العالمي والكوني لتظهره على الدين كله ولو كره الكافرون أمةٌ ينبغي ان تؤسس من جديد وان تنتمي الى برنامج قرآني مختلف تماما لما بين ايدينا اليوم من برنامج نقرأه كل صباح ومساء ، ولا نشعر اننا ازددنا اي شيئ مختلف عما قراناه بالامس من قرآن غير اضلال المضلين لنا وزيادة التخلف داخل حوزتنا باسمه الشريف !!.
الامة التي تريد ان تقود مشروعا كونياعالميا بشريا انسانيا ينبغي عليها قبل كل شيئ ان تكون امةمشرّفة في وجهها ورافعة للراس في انجازاتها واخلاقها ، وراقية وانسانية جدا في فكرها واطروحاتها ، ومثل هذه الامة تمتلك شوطا بعيدا وطويلا جدا على امتنا الاسلامية اليوم الغارقة في وحل الذل والهوان بين الامم ، والراكسة في طين التخلف الاخلاقي والعلمي والاقتصادي والمنتكسة في ضلالات التراث والتخبط والوجه الاسود بين الامم والشعوب !!.
ولهذا كان اول مشروع نهضة الامام المهدي (عج) هو اصلاح الامة من الداخل ، اصلاح مقدساتها القرانية بان يحملها على قران علي بن ابي طالب ع الذي سيهب لهذه الامة الخطوات الصحيحة من جديدلتنظيم فكرها واصلاح اخلاقها واعادة تقييمها واحترامها لنفسها ، لتكون بالفعل الامة التي يُلتفت لها باحترام ، وتؤمن بمشروعها باقي الامم والشعوب ، على اساس انه المشروع المفقود لهذه الامم والشعوب والمبحوث عنه لهذه البشرية والمشروع الذي يهب للبشرية الحرية الحقيقية والعدالة المفقودة والانسانية المسحوقة ...الخ ، وبهذا تؤمن الشعوب والامم بالاسلام وامته ومشروعه باعتباره مشروع انقاذ وعدالة وحرية للبشرية !!.
اما مشروع الغزو والقتل والدمار والعبيد والاماء والجواري ولغة الاستعلاء والتحقير .... وباقي هذه اللغة البهيمية اللابشرية التي يرفعها بعض المنتسبين لهذه الامة الاسلامية ، وباعتبار انه مشروع الاسلام لفتح العالم الانساني من جديد ، فيكفينا ان نشير الى ان هذا المشروع ، هو ما تعاني منه هذه الامة حتى اليوم ، وهو ماقدمته يد الخيانة لهذه الامة باسم الاسلام وعلى اساس انه من اعظم مبادئها الدينية ، ومثل هذه المبادئ الاجرامية ، ومع الاسف ، والتي انحدرت الينا من تراث جاهلي باسم الاسلام لابد له من اجتثاث يقلعه من جذوره ، ليبرئ الاسلام والامة والقرآن منه ، ومثل هذا الاجتثاث بحاجة الى ثورة بحجم ثورة الامام المهدي ، والى قرآن يعيد صياغة هذا الفكر ، ويطيح بكل شياطينه العالقة بجسم الاسلام والقران ليبدأ قرآننا مع الامام المهدي ع من جديد ب (( اقرأ )) اولا وليس باي لغة متخلفة اخرى !!.
ومن هنا يتبين لنا معنى تلك العلاقة الرسالية العضوية بين الامام المهدي عليه السلام وقرآن علي بن ابي طالب ع من جهة وبين الامة ونهضتها واعادة تشكيل مقدساتها وفكرها واخلاقها وعقائدها ... من جانب اخر ، لتكون بالفعل امة تطمح لقيادة الامم وتطمع لاصلاح مافسد منهاوترنوا لها الامم الاخرى على اساس انها الامة الوسطى التي تمتلك مشروع خلاص البشرية من ماسيها وكوارثها وانحداراتها واستعبادهل لراس المال وشياطينه في هذا العالم وغير ذالك !!.
___________________________________________________________________________________________________
*************** الخاتمة *******
في تجربةً شخصية ليّ حاولت من خلالها اعادة قراءتي للقران الكريم حسب ماوردفي الرواية عن قرآن علي بن ابي طالب ع وحسب ماروته المتون التاريخية والعلمية والحديثية من تسلسل لنزول سور القران (كما ذكرناه في المبحث الرابع ) من مكيه الى مدنيه باعتباره الاقرب لروح وحقيقة قران علي بن ابي طالب عليه السلام ، لاستكشف ماهي الاضافات الفكرية والاخرى الروحية وكذا النفسية التي تضيفها او تتمكن من اضافتها مثل هذه القراءة القرانية المختلفة عن ما موجود من ترتيب السور القراني العثماني على الشخصية الانسانية الاسلامية الفردية بالخصوص وفي عصرنا الحاضر بالتحديد ؟!!.
والحقيقة عندما شرعت بعقلية الباحث والمتأمل والمتساءل والمتلقي ... من فيض الفكر القراني وانا اقرأ القران حسب نزوله الزمني المرتب علويا ، والمنقول تراثيا وتاريخيا هالني ما اكتشفته من فروق فكرية واخرى تربوية وكذا روحية ونفسية ... تعكسها هذه القراءة على الفرد والمجتمع ، إن قُدر لهذه القراءة العلوية ان تصبح برنامجا ، ومنهجا يضاف الى قراءة القران العثمانية التي بين ايدينا اليوم !!.
في البداية وعلى المستوى الفكري لااخفي القارئ سرّا إن قلت انني تمتعت برحلة قرانية لم اكن اشعر بها في حياتي السابقة كلها عندما كنت اقرا القران مبتدأ من تسلسله العثماني المكتوب في المصحف الشريف من سورة البقرة في بدايته الى سورة الناس في نهايته ، بل انها كانت حقا قراءة مختلفة بدأت ب( اقرأ ) وانتهت ب (وهو رب العرش العظيم ) من سورة التوبة بسلسلة من السور القرآني منسجمة وانسيابية وغير قلقة وغير متضاربة ولاهي مشوشة لقراءة النص القراني ، فقد بدأت وانتهيتُ متحركا فكريا مع النص القراني زمنا بزمن ومكانا بمكان وحدثا بحدث والقران العلوي يأخذني من سورة الى سورة بتسلسل وانسجام قراني وتاريخي وفكري وروحي ونفسي عجيب غريب !!.
قرأت في البداية سورة العلق ، فكنت مع اجوائها اتنسم عبق الكلمة القرانية التي لم تزل وكانما هي طرية ندية تنزل للتو من فم الوحي الطاهر وهو يوحي باول كلمة نزلت على قلب العظيم محمد ص في غار حراء (اقرأ) !!.
اقرأ كلمة ورسالة شعرتُ في اول لقاء معها في القران العلوي انها كانت لي مباشرة ، كما كانت للعظيم محمد صلى الله عليه واله مباشرة وبلا فاصلة وهي تدعوني قرآنيا لبداية مشروع قراءة لايمكن الا الابتداء منه لتكون مسلما حقيقيا وواعيا وفاهما ومدركا معنى ان تكون انسانا قارئا قبل ان تكون اي شيئ آخر في رسالة الاسلام !!.
في القران العثماني الذي بين يدي وايدي المسلمين حتى اليوم ، كانت دائما بدايتي مع قراءة القران مبهمة وغامضة وغريبه ومستعصية الفهم على فكري وعقلي وقلبي ونفسي وروحي وانا ابتدأ قراءتي لسورة البقرة ب ( أ ل م ..)) !!.
ما ذا تعني هذه الحروف المقطعة أ ل م ؟.
هذا اول سؤال يواجه اي قارئ للقران اليوم في العالم البشري كله فضلا عن العالم الاسلامي وهو يفتتح قراءته للقران بسورة البقرة ؟.
من اول وهلة يفاجئني طلسم ( أ ل م ) وانا افتتح قراءة قراني الذي بين يدي برموز واحرف دوخت العلماء منذ نزول القران حتى يوم المسلمين هذا الى ان عجزت الامة اولها واخرها وفي نهاية المطاف قال الجميع :(( الله اعلم بمراده )) !!.
اما بدايتي مع قران علي بن ابي طالب ع المرتب حسب نزول القران ، والذي في بدايته تاتي سورة العلق التي ابتدأ فيها بعد بسم الله الرحمن الرحمن :(( اقرأ باسم ربك الذي خلق ..)) فالبداية والافتتاح والتلقي والاستيعاب وصفاء الفكر ....الخ شيئ مختلف تماما ومبدع حقا وغير معقد ولايختزل اي طلاسم واحرف غير مفهومة القصد والمعنى الا لله سبحانه ، بل انه شيئ بالفعل مبهج ومفهوم وهادئ ، ومنسجم مع افتتاح مسلم لقراءة قرانه المقدس وهو يدرك ماعليه ان ينتهج من مشروع يبدأ بالعلم وبالقراء وبالوعي وبالثقافة !!.
في بداية قران علي بن ابي طالب ع انت وانا نبدأ بقراءتنا للقران بالدعوة الى قراءة قرانية تسلط الضوء على قراءة كل شيئ في هذا الوجود من نافذة الله الذي خلق ، نقرأ القران باسم الله ونقرأ الحياة من خلال نافذه الله ونقرا الكون باسم ربنا ونقرا العالم والانسان والتاريخ والحاضر والماضي والمستقبل .... كل هذا نبدأ قراءته مع اول كلمة من قران علي بن ابي طالب ع الذي رتب مبتدأ بكلمة (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) - 23 - !!.
ثم بعد ذالك تأخذك اجواء قراءة قران علي بن ابي طالب برحلة تبتدأ معك انت الانسان المنفرد الذي لايشاركك في هذا الوجود احد غير الله سبحانه وانت الجالس بين يدي القران لتتدرج وانت وحدك مع الرب الذي : (( خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ....)) !!.
بعد هذه السورة تتلقفك سورة (ن) او القلم ، في الترتيب القراني العلوي لعلي بن ابي طالب ع لتستمر بك بلا انقطاع ولا تيه ولاتضارب ولا ضياع للخطوات بل ايضا لم تزل مع مشروع القراءة واجوائهاالقرانية وادواتها الفكرية من قلم وسطور وكتابة ورسالة و..... غير ذالك ليقول النص لك :(( ن والقلم ومايسطرون ما انت بنعمة ربك بمحنون ...)) !!.
انها نفس الاجواء الخطابية الفردية التي تخاطب الانسان المؤمن بالقران سواء كان العظيم محمد صلى الله عليه واله او كان انا او انت ممن يؤمنون برسالة هذا القران ، وهي تنبهنا الى وعورة طريق الايمان وضريبة الاستمرار والتضحية من اجله :(( ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين فلاتطع المكذبين ودّوا لو تدهن فيدهنون ))!!.
بعد ذالك ندخل في اجواء سورة المزمل حسب الترتيب القراني العلوي ، وبعدها شقيقتها التوأم سورة المدثر ، وايضا نحن لم نزل في شوط الخطاب الفردي وليس الاجتماعي في التوجيه القراني وهو يشير الى :(( يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا )) في سورة المزمل ، والى :( يايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر) في سورة المدثر وكأنما الخطاب اعداد فردي وخطاب شخصي لي ولك يدعونا لهجران الراحة ، وعدم التفكير بالدعة لنستعد لقيام الليل اعظم عبادة اسلامية عرفتها البشرية في الاديان حتى اليوم ، ولنستعد ايضا بثياب طاهرة وقلب خالص ونية صادقة للانذار وللتبشير للاكبر سبحانه وتعالى !!.
انه شوط فردي قراني طويل ، لتربية الفرد الانساني المسلم ، واعداده بشكل صحي وجيد ومتين ورصين وهادئ قبل زجه في المعترك الاجتماعي الذي هو بحاجة الى انسان مسلم واعي يحمل رسالة الرحمة الالهية للناس اجمعين ، ويحمل رسالة الفكر والقراءة ، ويحمل رساله الثياب الطاهرة والاخلاق الحسنة ، والهجر الجميل للعنف والاساءة ويحمل رسالة قيام الليل وقراءة القران في داخله ويحمل رسالة الصلاة والصبر على الاذى ويحمل رسالة التقوى والسجود ، ويحمل رسالة الايمان والصلابة وتكامل الشخصية ويحمل رسالة عدم المداهنة على حساب الصدق والحق ويحمل رسالة ومشروع ترتيل القران وحمل القول الثقيل ، ويحمل رسالة التمرس والتلذذ بناشئة الليل ، التي هي اشد وطئا واقوم قيلا ، ويحمل قيامة الانذار لله ولخير البشرية ويحمل ..... الخ !!.
كل هذا ينبغي ان يمر فيه الفرد المسلم وهو يقرأ القران الكريم ، ويتمرن على استيعابه ويدرك ويؤمن بضرورته حسب قراءة قران علي بن ابي طالب ع قبل ان يصل الى الايات ، التي تدفعه لاجواء الصراع الاجتماعي العنيف ، والمزاحمة على اصلاح الحياة والعيش داخل مجتمع فيه من الفساد والنفاق والكفرالذي يفرض على المؤمن الصدام واللجوء للعنف لاجهاض مشروع الرحمة الذي يحمله الشيئ العظيم !!.
هذا فيما يتعلق بقران علي بن ابي طالب ع المرتبة سوره حسب نزول سورالقران من المكي الى المدني وكيف انه يوفر للفرد المسلم تربية عالية الضبط واعادة تاهيل ودورات تسامي فكرية وروحية تاخذ بيده خطوة خطوة نحو الكمال والتسامي الفردي والشخصي اولا وقبل ان ينفتح على الاخرين ليصلح ويرمم ماعندهم من اعوجاج ، يكون هو بعد هذه الدورة القرانية من قيام الليل وقراءة القران وادراك معنى الصبر وتحمل الاذى والهجر الجميل للعنف ....الخ التي مر بها قراءة في قران علي بن ابي طالب ع قد تهيئ فعلا ليحمل رسالة الاسلام العظيمة والكبيرة للعالمين جميعا !!.
اما فيما يتعلق بمن يقرأ القران حسب جمعه العثماني الذي بين ايدينا حتى اليوم والذي يبدأ بسورة البقره الطويلة ، فان حظه من هذا الترتيب التربوي الفردي ، والمركز بصورة مكثفة من الاعداد الفكري والنفسي للفرد المسلم ومع الاسف الشيئ القليل جدا بحيث ان احدنا عندما يفتتح قراءته للقران بسورة البقرة لا يكاد يفقه حقا اين مبتدأه واين منتهاه ؟ ، وما هو مشروعه الفردي اولا والواجب الملقى عليه قبل غيره ثانيا ؟، بل لا اخفي سرّا ان قلت ان احدنا عندما يبتدأ قراءته للقران الكريم من سورة البقرة باعتبارها المفتتح لمشروع قراءة القران ، فكأنه يتهيئ ليدخل في متاهة فكرية لايعرف كيف ولماذا دخلها اصلا او انه على احسن الاحوال ، سيشعر ان هناك مقدمات مفقودة تماما ، لطريق سورة البقرة لايدرك اين هي وكيف اقتطعت من بداية طريق البقرة ليدخل هو لقراءة سورة البقرة بلا مقدمات ، وليجد نفسه في معمعة تبدأ بطلسم الاحرف المقطعة وتقسيم المجتمع في هذه السورة الى مؤمنين وكافرين ومنافقين ثم تستفيض في تاريخ اقوام بني اسرائيل والتدافع مع الاخر المختلف عقديا مع الاسلام ، والجهاد لهم وكمية هائلة من تداخلات القصص والاحكام والامثال المعقدة والتواريخ التي اصلا لم يسمع بها الفرد المسلم لافي تاريخه ولافي ثقافته البسيطة ... وهكذا !!.
ان ماذكرناه انفامن مثلين قرانيين الاول يبتدأ بسورقرانية مكية مرتبة حسب نزول القران تؤكد على الجانب البنائي والتاهيلي والفكري للفرد المسلم والاخر يبتدأ بسورمدنية ليس لها ملامح الا ملامحها الوعظية العامة فذالك لنقول ان هناك بون شاسع فكريا وروحيا ونفسيا وعقديا على بناء الشخصية الاسلامية الفردية ، وكذا فيما بعد الاجتماعية بين ان نبدأ مشروعنا بقراءة القران حسب الترتيب العلوي الذي تذكره المصادر التاريخية لنا عن قران علي بن ابي طالب وفلسفته في جمع القران ولماذية ترتيبه بهذه الصيغة من الجمع ، وبين قران ليس له فلسفة من اول يوم في جمعه سوى ان السلطة التي كانت قائمة قبل الف واربعمائة سنة ارتأت ان تجمع القران بهذه الصيغة ، والجمع لمجرد تاخير سوره المكية عن المدنية بسبب ، ربما كانت تثير ازعاج قادة الكفر المكي انذاك !!.
فالحكمة هناوالفلسفة هي في كيفية بناء القران الكريم وسوره الشريفه للفرد وللمجتمع بصورة يمكن ان تضمن انعكاسا فكريا وعقديا وروحيا ... ايجابيا على متلقي القران والجالس بين يديه وهو يبحث عن المشروع الذي ياخذ بيديه من البداية وحتى النهاية بتصور ورؤية لاتضارب فيها ولاتناشز ولاتناقض او لبس على الاطلاق ، وليس الحكمة ان نضع القران بين يدي اي قارئ لنتركه في متاهة لها اول ، وليس لها اخر ، وهذا ربما كان هو من اهم الدوافع ، التي صيرت امير المؤمنين ع لجمعه للقران الكريم بصيغة وكيفية تضمن تمرحلات سور القران الكريم نفسه ليجمعه كما نزل بالتحديد وبسور مكيها يسبق مدنيها وبتدرج شاء السميع العليم ان يكون لكل سورة من القران الكريم موضع ومرحلة تاخذ حيزها الطبيعي من تربية الفرد المسلم ولترتقي به سُلمة سلمة الى ان تصل به الى الكمال الاسلامي للفرد المسلم الذي تطور وتكامل في يوم من الايام حتى اصبح يحمل روحا واخلاقا وتطلعا عالميا كبيرا وكبيرا جدا قبل ان ينتكس ويرتد على عقبيه !!.
نعم كل هذا شعرتْ به تجربتي الشخصية لقراءالقران بترتيبه العلوي العظيم وكل هذا دفعني في الماضي وحتى الحاضر لاسأل بالتالي :
اذا كان المبنى في ترتيب وتاليف جمع القران في السابق من قبل سلطة خلفاء المسلمين الثلاثة بعد وفاة العظيم محمد صلى الله عليه واله ، لحفظ القران من الضياع كما ادعت ، واليوم اصبح القران مصون من اي تلاعب ، وكان المبنى لعلي بن ابي طالب ع في تاليفه وجمعه للقران هو هداية الامة وصيانة مقدساتها من التحريف والزيادة والنقصان في الجهة المقابلة ، فما الضير ان تفكر اليوم هذه الامة بالعودة (( لجمع القران علويا )) اذا كان هذا الجمع لايمس مطلقا اي حرف من حروف القران بالتغيير او التبديل غير تقديم سوره المكية على سوره المدنية لاضافة نوع هداية وخطوات وبرنامج يعيد لفكر الامة خطواتها الصحيحة وياخذ بيدها لفهم اعمق لاسلامها ودينها ومعتقدها ؟.
واذا كان مشروع اعادة تجميع القران حسب الترتيب العلوي لنزول سور القران زمانيا من سابع المستحيلات اليوم بسبب ان امتنا اليوم هي اضعف واصغرمن ان تفكر بهذا المستوى العالي من اعادة صياغة حياتها بصورة شاملة وانها ادمنت الجمود وعبادة ماهو قائم ، حتى وان كانت كلمة الامة متفقة على ان امر جمع القران كان اجتهادا من قبل المسلمين ، وما اجتهد به الاولون يمكن ان يجتهد به الاخرون لكن على فرض ان الامة لم تزل بعد غير مهيئة للانتقال الى خطوة جمع القران من جديد لتتبنى صيغة قران علي بن ابي طالب باعتبارها مشروعا اسلاميا ثوريا للامة كلهاوبامكانه ان يعيد الروح لجثة الامة الهامدة فما الضير ان قمنا بطباعة المصحف الشريف مرتبا حسب نزول السور القراني وجعله منهجا دراسيا لدراسة اطفالنا وحفظهم للقران الكريم حسب نزوله ولنبتدا معهم من السور المكية لحفظها لننتهي عند السور المدنية وبهذا نكون بدلا من ان ندّرس ابنائنا القران الكريم لحفظه من جزء عم الى جزء تبارك .. الى باقي الاجزاء الثلاثين للقران نكون في المنهج الاخر قد علّمنا وحفظنا ابنائنا نفس القران الكريم ونفس سوره المكية قبل المدنية ولكن بترتيب قران علي بن ابي الطالب الذي يبدأ بسورة (اقرأ ) وينتهي بسورة (براءة ) ؟.
وربما لاهذا ولاذاك ممكن الحصول باعتبار ان لدينا وداخل امتنا الاسلامية كوارث لها اول وليس لها اخر ، واصغرها كارثة التكفيرين الخوارج من سلفية هذا العصر الذين ادمنوا احتساء ولذة تكفير المسلمين لاتفه سبب وقطع رقابهم وشرب دمائهم بنشوة ولذة ومعاقرة على نفس منضدة الشيطان الرجيم ، فلماذا لايقوم اصحاب العلم وتفسير القرآن ببداية مشروع جماعي وليس فردي يتبنى تفسير القران حسب نزول سور القران الكريم وحسب ماورد عن ترتيب قران علي بن ابي طالب ع ليرى علماء التفسير والبيان القراني كيف تتغير عندهم بوصلة التفسير الاسلامية راسا على عقب ؟، وكيف انهم سينتجون تفسيرا لنصوص القران مختلفة تماما في عمقها وجديتها ونسقها وانسجامها مع بعضها والبعض الاخر ؟.
نعم ليبدأ علماء هذه الامة لتهيئة الاجواء الفكرية الاجتماعية والنفسية من خلال كتابة التفسير القراني حسب تسلسل نزول السور القراني ، ولتكون هذه الخطوة الاولى لمشروع اعادة صياغة وتجميع القران ، وسترى الامة كيف ان حياتها الاسلامية ايضا ستتغير وتعاد لها صياغتها تلقائيا تبعا لهذه التغيير واعادة الصياغة لسور القران الكريم !!.
طبعا مثل هذه الاسألة والمقترحات لاعادة جمع القران الكريم ، وصياغته وتاليفه حسب ترتيب قران علي بن ابي طالب ع او الاقرب اليه لااعتقد ان احدا قد طرحها من قبل على هذه الامة كما انني ربما اعتقد انه لااحد يمكنه ان يجرأ فقط على التفكير بمثل هذا الطرح باعتباره طرحايتناول اقدس مقدسات المسلمين القران الكريم الذي استقرت كلمة الامة على صياغته منذ الف واربعمائة عام ، لكن من الجانب الاخر ونظريا فان هذه الامة نفسها تقرا ، ويُروى لها وتؤمن بان هذا القران وبتاليفه القائم اليوم سيتغير حتما ويُعاد صياغته وجمعه على يد وفي زمن الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، وهذا مايدفعني وربما غيري لطرح مشروع اعادة صياغة وتجميع القران باعتباره خطوة على طريق نهضة هذه الامة وانها الخطوة التي لابد منها لاعادة انتاج امة قد ماتت تماما او استهلكت كل ماعندها ولايمكن لها ان تنتج ماهو نافع مع جمع القران العثماني الذي بين يديها حتى اليوم !!.
بقيت واحدة لديّ وهي ان سيرة وسنة الصحابة كانت قائمة بان يكتب كل صحابي قرانه الذي ياخذه من الرسول الاعظم محمد ص مباشرة وبيده ليُضاف هذا القران الى حامله فكان لدى هذه الامة قرّاء كما كان لهؤلاء القراء ولكلٍّ منهم قران يحمله معه بخط يده فكان قران علي بن ابي طالب ع وكان قران ابن مسعود وقران ابي .... وهكذا ، ومع ان تلك السنة للصحابة الكرام قد احدثت نوع من الاشكالات العلمية والفكرية في قراءة وترتيب سور القران الا اننا اليوم كأمة مسلمة بامكاننا التأسي بعمل الصحابة الكرام ولكن بشكل مختلف لايثير الشبهة ولايصنع اي مشكلة للقران !!.
نعم ليتب كل فرد منا قرآنه بيده مستنسخا من القران الكريم نفسه ، ولكن بترتيب سوره حسب الترتيب العلوي الذي انتخبه علي بن ابي طالب لقرانه عليه السلام ، وليكون لكل منا وفي بيته قران كتب بخط يد الحامل وسترى الامة كيف يكون التغيير بصورة عامة مذهلا وكبيرا وعميقا الى اقصى غاية ممكنة !!.
ان القران الكريم هو سر وجود هذه الامة المسلمة واستمرارها في هذه الحياة ، كما ان عدل القران من العظيم محمد صلى الله عليه واله واهل بيته الطاهرين وعلى راسهم علي بن ابي طالب ع ايضا هم سر رفعة وقوة ونهضة هذه الامة ، ولايمكن ان تأتينا وصفة الاهية تجمع بين علي بن ابي طالب ، وبين القران الكريم مجموعا ومؤلفا ومصنفا حسب نزوله ، ثم يكون بعد ذالك فشل لنهضة هذه الامة وتحاذل وانحدار في مسيرتها !!.
____________________________________________________
________________________
المصادر :
1: الاتقان في علوم القرآن / لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي / وبالهامش إعجاز القرآن للباقلاني / ج1/ ص 57/ المكتبة الثقافية / بيروت لبنان/ 1973م .
2: نفس المصدر /ج1/ ص 57.
3: نفس المصدر / ج1/ ص 71.
4 : الجامع لاحكام القرآن / القرطبي / ج1/ باب ماجاء في ترتيب سور القرآن واياته .../ ص59/ دار احياء التراث العربي / بيروت لبنان/ 1405 هجرية .
http://www.hodaalquran.com/details.php?id=13325: آية الله الشيخ محمد هادي معرفة /
6: تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب / ج2/ ص134/ دار صادر بيروت
7: اصول الكافي / ثقة الاسلام محمد بن يعقوب / ج2/ ص 604/ تحقيق العلامة محمد جواد الفقيه / فهرسة د يوسف البقاعي / دار الاضواء ط الاولى 1413 هجرية .
8: البيان في تفسير القرآن / السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي / ص 223/ مؤسسة الاعلمي للمطبوعات/ ط الثالثة 1394 هجرية .
9: التمهيد في علوم القرآن / محمد هادي معرفة / مصدر سابق
10: صحيح البخاري / كتاب فضائل القرآن / باب جمع القرآن .
11: تفسير الصافي / الفيض الكاشاني / ج 1 / المقدمة السادسة ص 40 / مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان / صححه قدم له الشيخ حسين الاعلمي .
12 : راجع ابن كثير /احداث السنة الثانية عشر .
13 : انظر الاتقان في علوم القران للسيوطي /ج1/ ص 71 / ردا على ابن حجر وادعائه الساذج بحفظ ابي بكر للقران في زمن الرسول وبعد وفاته ص قال :(( قلت لكن اخرج ابن اشتة في المصاحف بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال مات ابو بكر ولم يجمع القرآن وقتل عمر ولم يجمع القرآن ، قال ابن أشتة قال بعضهم يعني لم يقرأ جميع القرآن حفظا ...)) مصدر سابق .
أما عمربن الخطاب وعدم حفظه للقرآن فلسنا بحاجة لذكر اي مصدر غير ماطار في الافاق من شهرة خلطه بين القران وغير القران من اياته في الشيخ والشيخة ، وما علم عنه بالضرورة قوله من قال ان محمد قد مات قتلته وقراءة ابي بكر لاية وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل ... الخ !!.
14: الاحتجاج / للطبرسي من علماء القرن السادس / علق ولاحظ عليه السيد محمد الموسوي الخرسان / قدم له السيد محمد بحر العلوم / ج1/ ص 155/ مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان / ط الثانية 1403 هجرية .
15 : انظر تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب / ج2/ ص 134 مصدر سابق
16: انظر علي الكوراني العاملي / قران علي بن ابي طالب / الفصل السابع .
17: الميزان في تفسير القران / السيد الطباطبائي / ج12/ ص 114/ ط الاولى 1411هجرية / مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان .
18: تفسير الصافي / مصدر سابق .
19 : انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري / لابن حجر العسقلاني / كتاب تفسير القرآن / سورة الطور .
20 : الاحتجاج / للطبرسي / ج1 / ص 156 / مصدر سابق .
21 : اصول الكافي / لشيخ الاسلام الكليني / ج2/ ص 604/ مصدر سابق .
22 : الاحتجاج / للطبرسي / مصدر سابق .
23 : للمزيد من ادراك الافاق الفكرية التي يشير لها مشروع اقرأ راجع بحوثنا حول الكلمة القرآنية (اقرأ ) والتي كتبناها تحت عنوان (( من وعي القران )) وعنوان (( من هدي القرآن )) فصل دلالة اقرأ !.
لاريب إن في تراثنا الفكري الاسلامي والتاريخي الكثير من الموضوعات ، التي وعلى اهميتها الكبرى للاسلام كفكر وكمدرسة وكدين وكرؤية وكتصور وكحقيقة ... الا انها مع ذالك تطوى في ادراج النسيان والاهمال لسبب اولآخر عن قصد او عن غير قصد في تغطية عدم اثارة غبارها ، الذي إن اُطلق من ارضه ربما يشكل عاصفة في الفكر والرؤى والتصورات الفكرية داخل هذه المدرسة والامة الاسلامية الكبيرة !!.
ولعل من ضمن هذه المواضيع التي اعتبرها فكريا من اخطر المواضيع الاسلامية الغير مثارة بكثافة هي موضوعة : (( قرآن علي بن ابي طالب ع )) الذي جمعه اوألفه بعد انتقال الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله للرفيق الاعلى وبروزاشكالية جمع القرآن بعده صلى الله عليه واله حسب ماتذكره الكثير من المصادر الحديثية والتاريخية واختلاف المذاهب الاسلامية في هذه الاشكالية الى عدة اتجاهات ورؤى وتصورات ، كل منها يذهب مذهبه الخاص في موضوع جمع القرآن وزمانية وكيفية وسببية حصوله وتأليف سوره واياته ...... الخ والى ماهنالك من فصول وابواب تتعلق بمسألة جمع القرآن تراثيا وتاريخيا وعلميا !!.
والحقيقة لم اطلع فيما بين يدي من مصادر وبحوث على مَن تناول موضوع (( قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع )) بالبحث المعمّق والدراسة المفصلة ، التي تلاحق هذه الزاوية فكريا ، وعلميا من تاريخ القرآن وكيفية جمع امير المؤمنين له بالخصوص إلا ما خطه يراع الشيخ الكوراني في كتيب صغير اسماه ((قرآن علي بن ابي طالب )) مع انه ومن الجانب الاخر للفكرة لا يمكننا اغفال ان هذا ( القرآن العلوي ) قد ذُكر بنوع من التكثيف الخبري المفرّق هنا وهناك بمتون المصادرالحديثية والتاريخية وكذا البحوث العلمية للقرآن الكريم بصورة مستمرة فتقريبا ما من عالم اوباحث معتبر ومحترم كتب في موضوعة تاريخ جمع القرآن الا وذكر : ان عليّا ابن ابي طالب ع كان عنده قرآن قد جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد ص وانه جاء به لرجال الحكم آنذاك وعرضه عليهم وانه مختلف في ترتيب سوره وانها حسب النزول القرآني .... الخ ، لكنّ مع ذالك بقي هذا النقل التاريخي والحديثي والسيري والبحثي العلمي.. يتناول موضوع قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام على استحياء وباقتضاب غير مبرر ، وباختصار بحيث انه ، وفي بحوث موسعة كالتي يعقدها صاحب الاتقان ( السيوطي ) مثلا لا نجد في قُبالة الكمّ الهائل من المرويات الا مروية واحدة او اثنتين او حديث مبتور ينقل عن قرآن علي بن ابي طالب ع فحسب وبدون مناقشة هذه المرويات ، او دراسة فحوى هذه النقول والاحاديث النادرة وفضلا عن ذالك طبعا مسارعة مَن ينقل هذه المرويات عن غيره في الاغلب الاعم لتضعيف هذه المرويات اوالتشويش عليها اوربما رميها بالقطع وغير ذالك كما حصل لروايات ابن سيرين في الاتقان ، التي نقلت بعض اخبار قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام ولماذية تأليفه في عهد خلافة الاول ابي بكر والاتيان بموضوعه في سياق تاريخي حسّاس ، ومَن انتفض في قُبالته كابن حجر ، ليسارع برمي الخبر بالانقطاع او بتأويل معناه على غير وجهه الصحيح والظاهر !!.
وكذا ما طرحه ويطرحه حتى اليوم اساطين علماء مدرسة اهل البيت عليهم السلام في موضوعة (( قرآن علي بن ابي طالب ع )) فلا تعدو الموضوعة كذالك من مرور علمائنا الابرار على هذا الموضوع مرور الكرام ، ونقل ما ورد عن ائمة اهل البيت عليهم السلام او ماذكرته كتب الحديث والسيروالتواريخ الاسلامية فقط بشأن مصحف علي بن ابي طالب ع ليتحول الموضوع برمته الى مجرد الإخبار عن وجود قرآن لعلي بن ابي طالب روائيا وحديثيا وتاريخيا لاغير ، والاكتفاء بنقل رواية عن الكافي واخرى عن ابن النديم او عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره ، وكذا ماذكره صاحب الاحتجاج الطبرسي ، او العياشي في تفسيره ، وبدون حتى عقد فصل دراسة وبحث وتجميع.... لهذه الاحاديث والمرويات والخروج بنظرة موسعة عن قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع تتناول على الاقل المسكوت عنه في الروايات الحديثية كبحوث :
لماذا انفرد امير المؤمنين بهذا الجمع المغاير الذي ميز مصحفه عليه السلام عن باقي مَن جمع القرآن في حقبة حياة الرسول الاعظم محمد ص كابن مسعود وابيّ وبعد وفاته ؟.
وما كانت غايته ؟.
وماهية اختلاف هذا الجمع عن غيره ؟.
وكيف لنا ان نفهم هذا الاختلاف ؟.
وهل من الممكن لاي مسلم ان يعيد قراءته للقران بحيث يبدأ بما بدأ به علي بن ابي طالب قرآنه في الترتيب ؟.
أم انه لابد من الوقوف عند قراءة واحدة للقرآن فحسب ، وهي التي بناها زعماء السلطة انذاك من خلفاء الصحابة والتي هي حتى اليوم بين يدي المسلمين منذ الف واربعمائة سنة ؟.
وهل ما اذا قرأ الانسان المسلم اليوم القران الكريم حسب ترتيب قران علي بن ابي طالب ع ستختلف بنيته الفكرية وتصوراته الاسلامية العامة لجميع الموضوعات الكونية والحياتية والاجتماعية والفردية الشخصية ؟.
أم انه لافرق جوهري سيطرأ على الانسان المسلم وفكره وثقافته ، اذا ما قرأ القرآن حسب وجوده اليوم بين الدفتين او ما اذا قرأه بصورة نزوله العلوية ؟.
ثم ماهي دوافع مشائخ الصحابة مثلا لرفض قرآن علي بن ابي طالب اواعتباره قراناغيرصالح لقيادة أمة محمد رسول الله ص يغنيهم في الهداية ويغني شيوخ الصحابة من عناء توكيل امرجمع القران لزيد بن ثابت ( كان ابنا ليهودي وامًّ نصرانية قبل ان يسلم وهو طفلا كما ورد في متون المصادر عن ابن مسعود وهو يعيره ) الذي بدا بالجمع وكأنه غير ملم بكل ماورد في القرآن كماتوحي به المرويات المذكورة في المتون والمصادر الحديثية والتاريخية والاتيان بسور القرآن واياته من هنا وهناك من العسب والرقاع وصدور الرجال واللخاف وشهادة شاهدين .... وغير ذالك ؟.
ولماذا هذا الرفض ؟.
وما الذي كان يحتويه قرآن علي ع بحيث دفع ابو بكر أوعمر بن الخطاب على وجه الخصوص للانتفاض ولرفض من ثمّ هذا القرآن بالمطلق ، والبحث عن من يجمع لهم القرآن بصورة مختلفة تبدأ من المدني الى المكي من نزول سوره وليس العكس حسب نزوله كما فعل امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ؟.
وهل لاسامح الله كان علي بن ابي طالب ع (مثلا) جاء بقرآن غير هذا الذي جمعه زيد بن ثابت وغيره ليرفضه رجال السلطة والحكم والخلافة انذاك ؟.
أم ان قران علي بن ابي طالب لايختلف ابدا عن القران الذي جمعه زيد بن ثابت الشاب الغير متهم في دينه لشيوخ الصحابة ولا بحرف واحد غير ترتيب السور فحسب فقرآن علي كان مرتبا حسب نزول السور القراني من المكي الى المدني وقران زيد السلطوي رُتب من المدني الى المكي وبقراءات متعددة في الجمع الاول للقرآن الكريم ؟.
واذا كان هذا هو الاختلاف بين قرآن عليٍّ عليه السلام ، وقرآن زيد بن ثابت في الجمع ، فما الذي ازعج شيوخ الصحابة في تقديم السور المكية في قرآن علي عليه السلام (بغض النظر عن ان هناك تفسير وتأويل في قرآن علي ع او لا ) على السور المدنية في الترتيب حتى تمّ رفض قرآن علي بن ابي طالب ع باب مدينة علم الرسول حسب ما اعلنه العظيم محمد صلى الله عليه واله لعلي بن ابي طالب في الاحاديث المشهورة والركون الى تأليف قرآن جمعه شاب من الصحابة استعان بالكثير على عملية جمع القرآن ، والتي لم تزل هي العملية التي تثير الشكوك بين الفينة والاخرى حول صحة القرآن وصيانته من الضياع عند اعداء الامة ، الى ان دُفع الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالاطاحة بقرآن زيد وجمعه الذي شتت قراءة المسلمين للقران الكريم في جميع امصارهم ، واعادة صياغة تأليف القرآن على نسخة واحدة ، وارسالها الى جميع الامصاروحرق مادونها من مصاحف ؟؟.
وهل كان تجميع علي ع لهذا القرآن وبهذه الكيفية العلوية المختلفة بنص من رسول الله ص وتوقيف منه ؟.
أم انه تأليف وجمع للقرآن الكريم اجتهد فيه امير المؤمنين عليّ ع كما اجتهد باقي الصحابة اومشايخهم وخلفائهم في جمعهم الاول للقرآن في زمن ابي بكر (( كما يزعم التاريخ )) وجمعهم الثاني في زمن عثمان ابن عفان ؟......الخ .
كل هذا وغيره الكثيرلم يدرس مع الاسف في بحوث تُعقد مستقلة لقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام على يد علماء مدرسة اهل البيت الشريفة وماينتج من هذه الدراسات من نتائج وبروز حقائق عقدية وآثار اسلامية عظيمة (سنتعرض لبعضها خلال هذا البحث) حتى على مستوى التغيير في فكر الامة القرآني والاسلامي ، وانطلاقته وبداية بناءه بشكل مختلف !!.
نعم هناك من توسع في ملاحقة (( ماروي )) بهذا الشأن ، كما طرحه العلامة السيد مرتضى العسكري في (القرآن الكريم في روايات المدرستين) ولكنه ( قدس) انتهج نفس النهج الاخباري الذي ينقل الخبربلا التعمق في بحثه ودرسه وملاحقة معانيه وغاياته ومبادئه .... الخ ، فكان طرحه شبيها بطرح التجميع للرواية بلا اضافة معاني الدراية لها ليكون هناك فصلا وبحثا خاصا بقرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
ولعلّ هناك الكثير من الاسباب التي اعاقت بحث علماء واكابر مفكري مدرسة اهل البيت عليهم السلام في مثل هذه المواضيع القرآنية الجوهرية وربمامن ضمن اهم الاسباب التي منعت علماء مدرسة اهل البيت ع من تناول هذا الفصل بالدراسة والبحث والتعمق هو الخشية من رمي الشيعة ومذهبهم بالانتماء الى قرآن مختلف الترتيب عن قرآن المسلمين الذي بين ايديهم حتى اليوم ومن ثم الافتراء عليهم كما هوالمعهود من حركات الضلال والتطرف والارهاب الاسلاموية التاريخية وحتى اليوم باتهام شيعة اهل البيت ع ومدرستهم بانهم يؤمنون بتحريف القرآن الموجود اليوم بين يدي جميع المسلمين ، وبما فيهم شيعة اهل البيت ع ويؤمنون بقرآن آخر غير قرآنهم !!.
وهذا صحيح من خلال التقصي والبحث نجد ان هناك مَن يفتري بصورة مخزية ومستمرة وبلا حياء على مدرسة اهل البيت وشيعتهم في كل شاردة وواردةوخاصة رميهم بفرية القول بتحريف القرآن ومع ان الشيعة تقطعت اوتارحناجرهم وهم يعلنون براءتهم من فرية القول بتحريف القرآن لكن مع ذالك لم يزل هناك من يجدمصلحة في شق اجتماع الامة وقوة وحدتها بتمزيق لحمة هذه الامة ورمي طائفة عظيمة منهم بالكفر ، واخراجهم من الملّة لقولهم كما يزعم المنتفعون بتحريف القرآن ومن ثم الدعوة للقتل والقتال بين الامة الواحدة لمآرب شيطانية قديمة معروفة !!.
نعم ربما كان هذا من اهم الاسباب التي اعاقت بحث علمائنا الابرار في مدرسة اهل البيت في موضوعة ( قرآن علي بن ابي طالب ع ) وعقد فصول مستقلة لدراسته وملاحقته والخروج منه بنتائج وحقائق علمية كثيرة ومفيدة للامة ولجميع المسلمين خشية على وحدة الامة من جهة واغلاق الابواب امام اعداء الاسلام والمتصيدين بالماء العكر من جانب اخر لكن ومرة اخرى وكما هو معلوم بالضرورة : ان هذه التضحية من قبل علماء شيعة اهل البيت ع في عدم التعرض لبعض المواضيع والبحوث الاسلامية الكبيرة ، والحساسة كموضوع ( قرآن علي بن ابي طالب ع ) لم يغلق الباب على اعداء الاسلام ولا المغرضين ان يستمروا في استهداف مدرسة اهل البيت ع ورميهم بالباطل في كل المواضيع الاسلامية ومنها الافتراء على مدرسة اهل البيت وشيعتهم بالقول بتحريف القرآن ، مما يعطينا وغيرنا انطباعا ان اعداء الاسلام سواء تناول علماء الاسلام هذا الموضوع او ذاك او لم يتناولوه ، فانهم سائرون في مخططهم الشيطاني ، لتفريق الامة المسلمة وزرع الشقاق والعداوة والبغضاء بينهم وتحريضهم على مدرسة اهل البيت على اي حال وفي اي موضوع يطرح في هذه المدرسة المحمدية المباركة وهذا مما يوجب على علماء الامة الابرار ان يعيدوا حساباتهم في قضية الخوف من استغلال اعداء الامة لهذا الموضوع ، او ذاك باعتبار انه موضوع يناقش قضية يمكن استغلالها هنا وهناك !!.
والغريب العجيب بهذا الصدد ان مامن عالم من علمائنا الابرار ممن تناول ( قرآن علي بن ابي طالب ) وجمعه وكيفية ترتيب سوره واختلافها عن ما جمعه شيوخ الصحابة وخلفائهم ، الا ووضع بحثه وتقصيه داخل فصل (( نفي تحريف القرآن الكريم )) وكأن اثارة موضوع (( قران علي بن ابي طالب )) لايمكن اثارته الا من خلال دفع شبهة تحريف القرآن الكريم التي ربما يوحي بها موضوع (( قران علي بن ابي طالب ع )) الى باقي المرويات التي تنسب الى التاريخ والصحابة ويشمّ منها رائحة نقص او زيادة في القرآن الكريم والعياذ بالله !!.
وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدلّ على ماذكرناه من تخوّف علماء مدرسة اهل البيت من رميهم بفرية القول : ان عندهم قرآن غير قرآن المسلمين يتعبدون به وان الشيعة فرقة تقول بتحريف قرآن المسلمين الذي بين ايديهم ، وهذا ايضا بالضبط مادفع جلّ علماء مدرسة اهل البيت لوضع فصل وبحث (( قرآن علي بن ابي طالب )) في زاوية او فصل او بحث (( نفي التحريف عن القرآن الكريم )) ليقال مسبقا انه لاتحريف في القرآن حتى وان كان هناك قرآن لعلي بن ابي طالب ع ثبت وجوده تاريخيا وانه مختلف في ترتيبه عن هذا القرآن الذي بين يدي المسلمين حتى اليوم !!.
لكن كان الاجدر بمن تناول البحث ورواية الخبر عن قرآن علي بن ابي طالب ع ان يعقد له فصلا مستقلا وبعيدا عن فصل (( نفي التحريف عن القرآن الكريم )) كي لايوهم ان هذه الفكرة مرتكز فكرة ووهم التحريف في القرآن الكريم وذالك لعدة اسباب لايسع التمهيد لذكرها ولكن من اهمها :
اولا : لفصل فكرة قرآن علي بن ابي طالب ع عن شبهة تحريف او عدم تحريف القرآن الكريم باعتبار انه لاعلاقة عضوية مباشرة بين القول بحقيقة وجود قرآن لعلي ع قد جمع بعد وفاة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله مختلف عن قرآن زيد بن ثابت ، وبين فكرة هل القرآن مصون عن التحريف كما ذكره سبحانه (( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون )) او ان هناك يد خيانه قد تسللت لنصوصه ومتونه لتتلاعب بها كيفما شاءت ؟.
ثانيا : لانه بالفعل القول بوجود قرآن مختلف ترتيبا لعلي بن ابي طالب ع بغض النظر عن ثبوته تاريخيا وسيريا وروائيا حديثيا ليس له علاقة اصلا بفكرة تحريف القرآن او عدمه ، بسبب ان فكرة الزيادة او النقص في القرآن اصلا هي لاتمت بالصلة لقرآن علي بن ابي طالب بقدر ماهي متصلة بما نقل في مدرسة اهل الحديث والصحابة وقول الكثير من الصحابة كما يرويه السيوطي صاحب الاتقان اشتباها بسقوط او ضياع او نسخ تلاوة سور من القرآن كاملة !!.
كذالك فان القول بوجود قرآن لعلي بن ابي طالب متساوقا زمانيامع ما الفه مشائخ السلطة والحكم من الصحابة من قرآن على يد زيد بن ثابت يؤكد على تطابق القرآنين في النصوص ، والفحوى والمضمون مع وجود اختلاف في الترتيب فحسب لغايات سياسية معروفة لاتمس مطلقا جوهر الصيانه القرآنية من التحريف والتلاعب وسنذكرها فيما بعد وهذا ايضا لايدفعنا بالبحث ابدا ان نضع موضوع (( قرآن علي بن ابي طالب )) في فصل التحريف او عدمه للقرآن الكريم !!.
وعلى العموم كان وضع بحث قرآن علي بن ابي طالب في فصل ( نفي التحريف عن القرآن ) وضعاغير موفق لتناول الحقيقة القرآنية التي طرحها امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع نفسه من خلال جمعه للقرآن الكريم بصورة مختلفة وتقديمه للامة باعتباره الحصانة الالهية من الضلال والانحراف عن خط الرسالة المحمدية الخاتمة ، وعلى هذا كان من الاجدر بكل من اراد تناول موضوعة جمع القرآن وتاريخ تاليفه ان يعقد فصلا مستقلا يتناول فيه ماقدمه امير المؤمنين من ترتيب وتاليف للقرآن الكريم مختلفا شكلا عن القرآن الذي جمعته السلطة القائمة انذاك صحيح ولكنه متفق وعميق ومؤثرمضمونا على مسار الفكر والامة والبناء لشخصيتها الاسلامية ولو قدّر لقرآن علي بن ابي طالب ع ان يكون هو المعتمد للامة من قبل السلطة القائمة انذاك لكان هوبالفعل القرآن الذي يهدي للتي هي اقوم على الحقيقة والواقع وبلالبس يذكرولما برزت ظاهرة الاشتباه والمروق من الدين والارتداد عليه كما هو معلوم التاريخ من الخوارج وغيرهم باسم القرآن ونصوصه وحكم الله سبحانه فيه !!.
إن تناول موضوع (قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام)في هذه الاطلالة المختصرة لا يعني فقط اهمية اثارت الموضوع بشكل معمق ، وبحثي ودراسي منفصل من جديد فحسب ، ولايعني كذالك التأكيد على : ان قرآن علي بن ابي طالب عندما جمعه الامام علي عليه السلام بصورة محددة ، وقدمه للامة ليقيم الحجة عليهم وعلينا كان من ضمن مقاصده الشريفة لاريب هو تنبيه الامة لترتيب قرآن كريم بالامكان اعتماده شرعيا واسلاميا غير ماموجود بين ايديهم بالامس واليوم وفرض عليهم سلطويا من قبل اجتهاد خلفاء الصحابة !!.
وانما لقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام قصة لم تنتهي فصولها بعد ، والمسلمون مطالبون ان يهيئوا انفسهم وارواحهم وعقولهم ......وكل وجودهم لاستقبال قرآن علي بن ابي طالب من جديد والذي هو هو كتاب الله سبحانه الذي اوحاه لرسوله العظيم محمد صلى الله عليه واله حسب نزوله وتأويله وترتيبه وزمانه ، والذي هوهو قرآن المسلمين الذي بين ايديهم حتى اليوم ولكن بترتيب سوره بصورة مختلفة يتقدم فيه منسوخه على ناسخه ومطلقه على مقيده وعامه على خاصه ومكيه على مدنيه .... لاغير وهو يظهر مع رجل الاسلام الاخير في المستقبل القادم الامام المنتظر المهدي عجلّ الله تعالى فرجه الشريف كما وردت الروايات والاخبار التاريخية بذالك ، وهو يحمل نفس قرآن علي بن ابي طالب ع ليقود الامة المسلمة بهذا القرآن المختلف حتما في ترتيبه وفي انعكاس تاثيره على ذهن الامة وفكرها وتصوراتها الاسلامية التي سيخلقها قرآن علي بن ابي طالب بشكل مختلف !!.
وهذا وهذا وحده يكفي لكل علماء امتنا الاسلامية ان يكثفوا التبشيرويرسلوا مداد اقلامهم بجود وسخاء للكتابة عن قرآن علي بن ابي طالب ع الذي غبن حقه الاولون وحق على الاخرين ان يعيدوا له موقعه المناسب في فكر الامة والذي هو ايضا قرآن مستقبل هذه الامة والواجب عليها استقباله بالقبول الحسن .
____________________________________________________________________________________________________
******************** المبحث الاول ****************
قرآن علي ع حقيقة تاريخية :
لم تتفق الامة المسلمة بجميع مشاربها وتوجهاتها الفكرية والعقدية على موضوع تاريخي كما اتفقت كلمتها على وجود قرآن لعلي بن ابي طالب ع في تاريخ هذه الامة المسلمة ، وإن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع قد اعتزل في بيته لجمع القرآن بعد وفاة رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، وانه جاء به يحمله الى قيادات السلطة انذاك يعرضه عليهم ليكون منار هدى للامة المسلمة بعد رسول الله صلى الله عليه واله ، وإن اصحاب السلطة بعد الرسول محمد صلى الله عليه واله ، قد آثروا ان يجمعوا ويألفوا القرآن على طريقتهم ، التي يرتأونها منسجمة مع وضعهم القائم ، ومصالحهم السياسية والقبلية وان خلفاء الصحابة كلفوا زيد بن ثابت ليقوم بمهمة تأليف وجمع القرآن من اللخاف والرقاع والعسب وصدور الرجال بشهادة شاهدين بدلا من القبول بقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
فقد ذكر صاحب الاتقان السيوطي في النوع الثامن عشر من جمع القرآن وترتيبه ، عن ابن ابي داود في روايته الثانية القول :((أخرج ايضا من طريق ابن سيرين قال قال عليٌّ : لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم آليت أن لا آخذ عليَّ ردائي الا لصلاة جمعه حتى أجمع القرآن فجمعته _ 1 _ )).
وعنه ايضا ردّا على ابن حجر في رمي رواية ابن سيرين بالانقطاع قال: ((قلت قد ورد من طريق اخرى أخرجه ابن الضريس في فضائله حدثنا بشربن موسى ، حدثنا هودة بن خليفة حدثنا عون عن محمد بن سيرين عن عكرمة قال : لما كان بعد بيعة ابي بكر قعد علي بن ابي طالب في بيته فقيل لابي بكرقد كره بيعتك فأرسل اليه فقال : أكرهت بيعتي ؟.
قال : لاوالله !.
قال : ما أقعدك عني ؟.
قال : رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدثت نفسي ان لا البس ردائي الا لصلاة حتى اجمعه .
قال له ابو بكر : فانك نعم مارأيت _2_ )) .
وبغض النظرعن مافي رواية عكرمة التي ينقلها السيوطي عن ابن سيرين من اشكاليات حول بيعة ابي بكر ودفع علي لتهمة كراهية البيعة لابي بكر بسبب مناقضتها للصريح من التاريخ المدّون ، الا ان الرواية صريحة في ان علي بن ابي طالب عليه السلام جلس في بيته لجمع القرآن وتأليف فصوله وسوره ولعلّ هناك من اراد تحريف موقف عليٍّ من بيعة ابي بكر فاضاف لها جمع القرآن ليكون سببا في تخلف علي وكراهيته لبيعة ابي بكر وجلوسه في بيته !.
وكذا مانقله السيوطي عن ابن حجر نفسه لكن في النوع العشرين من معرفة حفاّظ القرآن ورواته قوله عن ابن حجر :(( قال ابن حجر وقد ورد عن علي انه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم ، أخرجه ابن ابي داود _ 3 _ )).
وروى القرطبي صاحب ( الجامع لاحكام القرآن ) عن ابن الطيب قوله :(( قال ابن الطيب : إن قال قائل قد اختلف السلف في ترتيب سور القرآن ، فمنهم من كتب في مصحفه السور على تاريخ نزولها ، وقدم المكي على المدني ، ومنهم من جعل في اول مصحفه الحمد ومنهم من جعل في اوله " اقرأ باسم ربك " وهذا اول مصحف عليّ رضي الله عنه _ 4 _ )).
وفي رواية القرطبي اضاءة على موضوع قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام وهي : انه قرآن في اول سورة منه سورة اقرأ او العلق وان لعلي بن ابي طالب مصحفا خاصا به كان مختلفا عن باقي ترتيب مصاحف الصحابة !!.
وهكذا ماينقله الشيخ محمد هادي معرفة عن ابن النديم في فهرسه - بسند يذكره - :(( ان عليا ع راى من الناس طيرة عند وفاة النبي ص فاقسم ان لايضع رداءه حتى يجمع القرآن فجلس في بيته ثلاثة ايام حتى جمع القرآن ، فهو اول مصحف جمع فيه القرآن من قلبه وكان هذا المصحف عند ال جعفر _ 5 _)).
ويبدو جليا من رواية ابن النديم ان مصحف علي بن ابي طالب ع كان هو اول مصحف جمع فيه القرآن كاملا ، بالاضافة الى اختلاف دوافع جمع القران في رواية ابن النديم عن ماسبق من روايات ، ففي رواية السيوطي كان دافع امير المؤمنين علي ع لجمع القرآن رؤيته وخشيته من الزيادة في كتاب الله اما في راوية ابن النديم فكانت طيرة المسلمين بعد وفاة الرسول ص السبب الكافي لدفع امير المؤمنين لجمع القرآن وتأليفه في مصحف واحد ولكن ليس من الصحف التي كتبت على عهد رسول الله كما في روايات الخاصة بل من قلبه الشريف مباشرة !!.
وذكر اليعقوبي في تاريخه :(( وروى بعضهم ان علي بن ابي طالب كان قد جمعه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى به يحمله على جمل فقال : هذا القرآن قد جمعته ...- 6 - )).
والرواية ذيلها طويل وهي تنفرد بترتيب مصحف علي عليه السلام بشكل غير ماذُكر في جلّ الروايات التي تؤكد على ترتيبه من المكي الى المدني من السور غير ان اليعقوبي ذكر قرانا لعلي مجزءا لسبعة اجزاء ، وجزءه الاول يبدأ بجزء سورة البقرة المدنية ، ولهذا مايفسره عند بعض الاعلام سنذكره في موضعه !!.
اما ماروي عن طريق مدرسة اهل البيت وعلماءها الابرار في شأن وجود مصحف وقرآن لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع فبغض النظر عن ورود الرواية عن ائمة اهل البيت عليهم السلام بشكل له من الشهرة الشيئ العظيم بحقيقة مصحف علي بن ابي طالب ع ووجوده تاريخيا كرواية صاحب الكافي الشيخ الكليني اعلى الله مقامه في كتاب فضل القرآن عن ابي عبدالله عليه السلام ما مختصره :(( وقال : أخرجه عليّ - اي المصحف - عليه السلام الى الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم : هذا كتاب الله عزوجل كما أنزله الله على محمد صلى الله عليه واله وقد جمعته من اللوحين .... - 7- )) .
فأن اجلاّء وفقهاء ومراجع علماء مدرسة اهل البيت عليهم السلام قد نفوا حتى مجرد الشك في وجودقران لعلي بن ابي طالب الفه عليه السلام وجمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله واخرجه لزعماء السلطة انذاك ليكون هو الامام للامة لولا رفض السلطة الحاكمة له !!.
فقد ذكر اية الله السيد ابو القاسم الخوئي في ( البيان في تفسير القرآن )مانصه بشأن وجود قران علي بن ابي طالب تاريخيا : (( أن وجود مصحف لأمير المؤمنين عليه السلام ، يغاير القرآن الموجود في ترتيب السور مما لاينبغي الشك فيه وتسالم العلماء الاعلام على وجوده أغنانا عن التكلف لاثباته ...- 8 - )).
وقال العلامة البلاغي (كما ينقله اية الله الشيخ محمد هادي معرفة): (( من المعلوم عند الشيعة ، أنّ عليًا أمير المؤمنين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله لم يرتد برداء ، إلاّ للصلاة حتى جمع القرآن على ترتيب نزوله وتقدّم منسوخه على ناسخه -9-)).
وبهذا يتبين ان حقيقة وجود مصحف او قرآن لعلي بن ابي طالب ع جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم صلى الله عليه واله من الحقائق التي لايمكن الشك او ورود الشك وتسربه نحوها !!.
نعم يترتب على هذه الحقيقة حول قرآن علي بن ابي طالب ع الكثير من البحوث القرآنية ، التي تتعلق بالخصوص في بحث جمع القرآن ، وهل جمع القرآن كاملا في زمن وحياة الرسول الاعظم محمد ص كما يذهب اليه اكابر علماء مدرسة اهل البيت ع ؟.
أم ان حقيقة قرآن علي بن ابي طالب وجمعه وتأليفه..... تؤكد ما تذهب اليه مدرسة الصحابة من ان القرآن لم يكن مجموعا (( وليس مكتوبا)) بتمامه ابان حياة الرسول محمد صلى الله عليه واله في مصحف واحد ؟.
وكيف يجمع ومنطق العقل والضرورة يقول مادام نافذة الوحي لم تزل مفتوحة بحياة الرسول الاعظم محمد ص فلايمكن القول بختم وجمع القرآن في جامع واحد ، الا بعد انتقال الرسول الاعظم صلى الله عليه واله الى الرفيق الاعلى وبهذا يحصل اليقين بانقطاع وحي السماء والسماح للامة بجمع القران في مصحف واحد باعتبار انه لاانتظار بعد رحيل الرسول ص لاي وحي من السماء ؟!.
ولولا الاطالة بالبحث لناقشنا ما اورده اية الله الخوئي بالبيان بهذا الصدد ، وما ذكره ايضا السيد العسكري في مطارحاته بين المدرستين ، وما يذهب اليه العلامة السيد الطباطبائي في تفسير الميزان ، لكن ارتأينا ان ذالك خارج سياق بحثنا هذا فاكتفينا بالاشارة فقط لحقيقة قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام ، وانها الحقيقة التي لم يلتفت لها بعمق باعتبار انها الدليل على صحة الراي الاخر القائل ان اول من جمع القرآن بعد وفاة رسول الله ص هو علي بن ابي طالب ع !.
________________________________________________________________________________________________________
************* المبحث الثاني **********
1: متى جمع علي بن ابي طالب عليه السلام قرآنه المُشار اليه في اكثر من مصدر تاريخي وسيري وحديثي ؟.
2: وهل كان جمع قران عليٍّ ع انعكاس وردة فعل لتفكير وجمع السلطة الحاكمة انذاك للقران بمساعدة زيد بن ثابت بعد وقعة اليمامة اولا ؟.
أم ان قرآن السلطة وتفكيرها بتاليفه وجمعه كان هو انعكاس وردة فعل لتأليف عليٍّ ع للقرآن الكريم وليس لوقعة اليمامة كما إدعته السلطة القائمة انذاك وكتّابها التاريخيين وفقهاءها السلطانيين من على لسانها فيما بعد ؟.
في هذا المبحث ينبغي علينا ان نبدأ بملاحقة قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب من زاويته الزمانية قبل الحديث عن اي شيئ يتعلق بهذا القرآن الكريم وكيفية تاليفه وجمعه وذالك بسبب ان معرفتناللتوقيت الزمني لكتابة علي بن ابي طالب لقرآنه سيسلط الضوء حتما على دوافع ومبررات أما :
اولا :السلطة انذاك في التفكير اوالاقدام على عملية جمع القرآن في زمن خليفة السقيفة ابي بكروبمشورة من عمرابن الخطاب كما تتحدث به معظم المصادرالتاريخية والحديثية !.
ثانيا:وإما مبررات اميرالمؤمنين ودوافعه التي دفعته للتفكير والاقدام والجلوس في بيته لجمع القران وتاليفه ان كانت السلطة الحاكمة انذاك هي من بادر لفكرة جمع القران قبل علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
ولايمكننا حقيقةً ان نفهم مبررات ودوافع كلا الطرفين سلطة الخلفاء او أمير المؤمنين علي بن ابي طالب في هذا المبحث من دون ان نناقش من هو صاحب المبادرة الاولى في فكرة تاليف وجمع القران مبتدءا!!.
في الزاوية الاولى من الموضوع تكاد تكون كلمة مدرسة اهل الحديث والتدوين التاريخي الاسلامي السلطوي متفقة وفي جميع مصادرها السيرية والتاريخية والحديثية على ان صاحب فكرة ( جمع القرآن ) كان هو الرجل الثاني لسلطة السقيفة عمر بن الخطاب عندما اشارعلى ابي بكربن ابي قحافة بفكرة جمع القرآن في مصحف واحد بعد يوم اليمامة وتكاد تكون هذه المعلومة من المسلمات عند كل من تناول تاريخ جمع القران في مدرسة الصحابةالتي يكاد يكون مصدرها واحدا وهو ما رواه البخاري في صحيحه في ( باب جمع القرآن ) من (كتاب فضل القرآن ) في الحديث رقم ( 4630) مانصه :
(( حدثنا موسى بن اسماعيل عن ابراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق ، أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : أرسل اليّ ابو بكر مقتل أهل اليمامة ، فاذا عمر بن الخطاب عنده ، قال ابو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال : إن القتل قد استحرّ يوم اليمامة بقرّاء القرآن ، واني اخشى ان يستحرّ القتل بالقرّاء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، واني ارى ان تأمر بجمع القرآن . قلت لعمر : كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذالك ورأيت في ذالك الذي راى عمر ، قال زيد : قال ابو بكر : إنك رجل شاب عاقل لانتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن فاجمعه ، فوالله لوكلفوني نقل جبل من الجبال ما كان اثقل عليّ مما امرني به من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل ابو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر ابي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن اجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع ابي خزيمة الانصاري ، لم اجدها مع احد غيره ، لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ماعنتم سورة التوبة 128 ، حتى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند ابي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر . - 10 - )).
وفي هذا النص الحديثي يظهر بجلاء عدة حقائق تتعلق زمانيا ومكانيا بفكرة جمع القران ، وسبب وكيفية ذالك بالاضافة الى الامور المهمة التالية :
اولا : إن القرآن لم يكن مجموعا بشكله الكامل من الصحف المبعثرة وبمصحف واحد في زمن الرسول الاعظم محمد ص !.
ثانيا: ان صاحب الفكرة من الاساس هو عمر بن الخطاب وليس الحاكم الاول للمسلمين ابي بكربل ان النص يصرّح بان عمر ابن الحطّاب أمر الخليفة الاول بجمع القرآن كما اشرنا اليه بالخط تحت النص اعلاه من قول ابي بكر :(( مما امرني به من جمع القرآن )) .
ثالثا : ان الدوافع التي شحنت عمر بن الخطاب للالحاح ، والاصرار على فكرة جمع القرآن هي خشيته على ضياع القرآن بعد واقعة او حرب اليمامة التي قتل فيها العديد من القرّاء من صحابة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله .
رابعا : رفض الخليفة الاول ابو بكر لمشروع جمع القرآن وتاليفه بمصحف واحد ابتداءً لكون الرسول محمد صلى الله عليه واله لم يقم بهذا المشروع ولم يطرح الفكرة قبل عمر ، الى ان شرح الله صدر الحاكم لفكرة عمر وعرضها على زيد بن ثابت الشاب الغير متهم عند دائرة الحكم واصحاب النفوذ والسلطة وكان كاتبا للوحي في زمن الرسول ص في المدينة .
خامسا : تردد زيد بقبول الفكرة ابتداءً واعتراضه ثانيا على مشروع لم يقم به محمد الرسول صلى الله عليه واله ، لكن بعد اصرار الخليفة ومستشاره الاول عمر على ذالك وافق زيد على تبني المشروع والقيام به .
سادسا : شروع زيد بالقيام بالمهمة وتعقب ايات وسور القرآن من هنا وهناك من الورق وعظام الكتف وجريد النخل ومن الحجارة التي كان يكتب عليها الصحابة القران ومن الخشب ... وغير ذالك .
سابعا : الانتهاء من مشروع جمع القران ووضعه عند الخليفة ابي بكر ومن ثم عند الحاكم من بعده عمر بن الخطاب لينتهي المطاف بقران زيد بن ثابت وراثة عند حفصة بنت عمر بن الخطاب وفي ادراج صناديقها المقفلة قبل ان يحرقه مروان ابن الحكم في خلافة عثمان بن عفان .
ولعلّ هذه النقاط السبعة هي ابرزما ذكره ويذكره علماء الحديث والتاريخ الى يومنا الحاضرحول فكرة جمع القرآن في مدرسة انصار الحكم من صحابة الرسول ص !!.
أما مايتعلق بفكرة جمع القرآن في الجانب الاخر للموضوع المتعلق بقرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام فقد وردت الرواية بالشكل والنقاط المختلفة التالية :
اولا : جلوس علي بن ابي طالب ع في بيته بعد وفاة الرسول مباشرة لجمع القرآن كما انزله الله سبحانه وتعالى كما تورده الاخبار بجميع مصادر المسلمين المعتبرة .
ثانيا : ورود الرواية التي تتحدث صراحةً ان الرسول محمد قد اوصى علي بن ابي طالب ع بان يجمع القرآن الموجود اساسا بصحف غير مجموعة فقد روى صاحب تفسير الصافي الكاشاني عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال : (( إن رسول الله صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام ياعلي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولاتضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة ، فانطلق علي عليه السلام فجمعه في ثوب اصفر ثم ختم عليه في بيته وقال : لا ارتدي حتى اجمعه . قال : كان الرجل لياتيه فيخرج اليه بغير رداء حتى جمعه .- 11- )).
ثالثا : إتيان علي بن ابي طالب ع بالقرآن مجموعا حسب وصية الرسول محمد صلى الله عليه واله له في مرضه قبل وفاته لاصحاب السلطة والحكم ورفض الرجل الثاني في الحكم عمر بن الخطاب لقرآن علي بن ابي طالب .
وعلى هذا الاساس والنقاط المذكورة في روايات الفريقين فريق السلطة وفريق امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام يتبين لنا من خلال المقارنة والبحث الاتي من الزوايا المهمة :
اولا : إدعاء فريق الحكم ان سبب قدح فكرة جمع القرآن للرجل الثاني في الخلافة عمر بن الخطاب هو معركة اليمامة التي نشبت بين المسلمين من قرّاء الصحابة وبين قبائل الاعراب العربية التي ارتدت مع مسيلمة الكذاب وغيره من اعراب الجزيرة ومثل هذا الطرح يثير الكثير من علامات الاستفهام الغريبة التي تبدأ بالتالي :
أ : ما الاسباب الشرعية الموجبة التي دفعت السلطة الحاكمة آنذاك من دفع العظيم من القرّاء وعلماء الامة الى معارك خارج عاصمة دولة الرسول في المدينة المنورة ، واستبقاء من هو غير قارئ ، ولا حافظ للقرآن في المدينة مما انتج بعد استشهاد علماء الامة وقارئيها للقران في معركة اليمامة ان يخشى الرجل الثاني في الحكم عمر على ضياع القرآن بعد مقتل حامليه ؟.
وألم يكن الجدير باصحاب الحكم والسلطة والخلافة ان يدعوا الى نفير الجهاد من هو اقلّ شأنامن حملة القرآن انصياعا لقوله سبحانه :(( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون / 122/ التوبة )) فكيف ساغ لاصحاب الحكم والسلطة الزج بالعظيم من قرّاء القران وحملته من علماء الامة بحروب تأكل من يقدم اليها بحيث اضطرهم هذا العمل بعد استشهاد اهل القرآن للاعتماد على زيد بن ثابت الذي لم يكن بالمستوى المطلوب من وعي القرآن كله بمكيه ومدنيه ، لاسيما ان علمنا ان زيد انصاري ومن اهل المدينة وآمن وهو صغير السن بعد يهوديته ولم يحضر القرآن المكي كله ولا ملابساته وكيفية انزاله وحيا لرسول الله صلى الله عليه واله ؟!.
ب : حرب اليمامة مع مسيلمة وانصاره وقعت في السنة الثانية عشر او في بداياتها ونهاية السنة الحادية عشر من الهجرة (12) مما يعني ان القرآن المشار اليه انفا والذي ارتأت السلطة الحاكمة جمعه بالاستعانة بزيد كان بعد سنة او اقل من ذالك بقليل بعد رحيل الرسول الاعظم محمد ص من هذه الدنيا الى الرفيق الاعلى ولم تتحرك فكرة الخوف على القران الا بعد زمن ليس باليسير من وفاة الرسول وهذا يعني من جانب آخر انه لولا استحرار القتل بقرّاء القرآن من الصحابة الذي لايفهم حتى اليوم لماذا الزج بهم بكثافة بحروب حتى اكلت منهم العشرات ، اذا لم يكن المئات مع انهم لانفير عليهم غير نفير طلب العلم وانذار المسلمين اذا رجعوا من القتال .......الخ ، لما كانت الفكرة اصلا واردة عند المسلمين بجمع القرآن في مصحف واحد لاسيما انه فعل لم يقم به الرسول الاعظم محمد ص حسب ماترويه هذه الروايات ولبقي المسلمون حتى اليوم يقرأون القرآن مفرقا وكل حسب قراءته للقران وطريقه الموصل سندا لقراءة هذا الصحابي او ذاك !!.
ثانيا : في الجانب الاخر للموضوع نجد ان عليّا بن ابي طالب عليه السلام اعتكف في بيته من اول يوم لوفاة الرسول ليجمع قرآن المسلمين النازل على رسولهم الكريم محمدص كوظيفة شرعية انيطت بعنقه للحفاظ على اقدس مقدسات المسلمين وبلا مبررات من هنا وهناك كقتل القرّاء او غيابهم عن عاصمة الدولة وانتشار الجهل والخوف على ضياع مقدس المسلمين الاول والاخير الا وهو القرآن الكريم !!.
ولا فرق ان كان عمل علي بن ابي طالب ع في جمعه للقرآن ، كان بوصية من رسول الله محمد صلى الله عليه واله وهذا هو الاقرب للصواب في اندفاع علي ع وتصميمه على جمع القرآن كأول عمل عظيم يقوم به بعد وفاة الرسول محمد ص ، او كان علي بن ابي طالب قام بهذا العمل لجمع القرآن باعتبار وظيفة امامته بعد الرسول وانه القائم بامور الامة بعد الرسول محمد ص فعلى كلاالمعنيين كان علي بن ابي طالب ع ومن اول يوم لوفاة الرسول شغله الشاغل هو كيفية جمع القرآن في مصحف واحد يوحد الامة ويجمع لها شتات مقدساتها الاعظم القران الكريم !!.
وعلى هذا الاساس يتبين لنا كباحثين ومنقبين عن زمانية فكرة جمع القرآن ان اول من قام بها واسس لمفهومها هو علي بن ابي طالب ع سابقا بذالك فكرة السلطة الحاكمة بقيادة ابي بكر ، وعمر بن الخطاب بسنة بعد وفاة الرسول او ستة اشهر على الاقل وانها فكرة علوية كانت دوافعهاشرعية اسلامية بحتة بوصية من الرسول الاعظم محمد ص لعلي بن ابي طالب ع تدرك اهمية وواجب جمع القرآن بمصحف واحد لمصير وتوحيد الامة المسلمة بغض النظرعن وجود قرّاء قد قتلو في معارك الجهاد ضد المرتدين او لم يقتلوا !!.
وبهذا ومن وجهة نظري الفكرية الخاصة اجد ان فكرة جمع القرآن ، التي طرحها عمر ابن الخطاب باسم يوم اليمامة ومقتل القرّاء فيها وخشيته على ضياع القرآن .....الخ ، كلها كانت مبررات غير واقعية لفكرة الجمع القرآني تلك ، وإن مادفع حقا الرجل الثاني في سلطة السقيفة عمر بن الخطاب ، للتفكير بجمع القرآن وحثه او دفعه للخليفة الاول ابي بكرعلى تبني هذه الفكرة ( اذا لم يكن امره امرا بذالك ، فانصاع الخليفة ابو بكر لمطلب عمر ابن الخطاب قرين وخليل السلطة معه لفكرة جمع القرآن تلك) هو ما كان يقوم به علي بن ابي طالب عليه السلام في بيته من عملية تأليف وجمع القرآن ومعرفة عمر ابن الخطاب وادراكه لخطورة هذه الخطوة من قبل عليٍّ ع على مخططات الحكم القائم وقرب اعلان امير المؤمنين لمشروعه في جمع القرآن على الامة ليكون هو امام المسلمين وقرآنهم الرسمي وموحدهم على الحقيقة !!!.
وهنا ندرك ان حركة او فكرة عمر لجمع القرآن بمبرر الخوف على ضياعه بعد مقتل القرّاء في اليمامة قد كانت حركة وفكرة استباقية لاجهاض مشروع علي بن ابي طالب لتوحيد وجمع القرآن واعلانه للامة ، كما انه بهذا نفهم وندرك اصرار والحاح عمرعلى ضرورة جمع القرآن الآن وقبل اعلان علي بن ابي طالب لقرآنه وفرض هذه الفكرةعلى الخليفة واستدعاء زيد للقيام بهذه المهمة التي لاعمر كان قادرا على القيام بها لوحده ولا الخليفة الاول ابو بكر بسبب ان كلا الرجلين لم يكونا من حفّاظ القرآن وقراءه ومستوعبيه على التمام (- 13 -) فاضطرا للاستعانة بشاب ليس له خبرة كافية غير اطاعة اوامر الخليفة في كيفية ترتيب القرآن الذي وبالفعل اصبح هو قرآن السلطة الذي اطاح بقرآن علي بن ابي طالب وابطل مشروع توحيده وجمعه واعلانه للقران الموحد !!.
وليس من الغريب ايضا والحال هذه ان يظهر للعلن قرآن زيد بن ثابت ، وفي نفس اللحظة والزمن الذي جاء به علي بن ابي طالب بقرآنه لاصحاب الحكم والسلطة بعد ان جمعه على حسب ترتيبه ، وبوّبه على حسب نزوله وقدم منسوخه على ناسخه ومكيه على مدنيه ، ليكون هو قرآن المسلمين عامة وموحد نظرتهم ورؤيتهم القرآنية ، ولكن وبمحاولة استباقية لعمر اصبح للمسلمين قرانا جمعه زيد بن ثابت على عجالة ، ومن هناوهناك وكيفما اتفق ، تحت مبرر الخوف على ضياع القرآن وبحجة مقتل القرّاءفي يوم اليمامة(مع ان هناك من القرّاء من لم يقتل كابن مسعود وابي وباب مدينة علم الرسول علي بن ابي طالب ...، لكن مع ذالك حتى لم يفكر ابو بكر وعمر استشارتهم في كيفية جمع القرآن !!) تتبناه السلطة وتعاقب كل من لم يعترف بشرعيته الاسلامية ومصدريته ومرجعيته الوحيدة للحكم في الاسلام !!.
روى صاحب الاحتجاج الطبرسي عن ابي ذر الغفاري أنه قال :(( لما توفي رسول الله (ص) جمع علي (ع) القرآن وجاء به الى المهاجرين والانصار وعرضه عليهم لما قد اوصاه رسول الله (ص) فلما فتحه ابو بكر خرج في اول صفحة فتحها فضائح القوم ( يعني عندما كانوا مشركين وينزل القران فيهم كابو خالد الوليد بن المغيرة وابو سفيان ... وغيرهم) فوثب عمر وقال : ياعلي اردده فلاحاجة لنا فيه ، فاخذه ع وانصرف ثم احضروا زيد بن ثابت - وكان قاريا للقرآن - فقال له عمر : ان عليا جاء بالقران وفيه فضائح المهاجرين والانصار(مع ان الانصار لافضائح لهم في القران وانما الفضائح كانت بعتاة كفرة قريش في مكة / مني كاتب هذه السطور ) وقد راينا ان تؤلف القرآن ونسقط منه ماكان فضيحة ( اي التفسير ) وهتكا للمهاجرين والانصار فاجابه زيد الى ذالك.... )) - 14 - .
وبهذا النص الخبري يبدو الربط واضحا وجليّا بين قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع وانه هو السبب والدافع الحقيقي لقادة السلطة بابتكار فكرة جمع القرآن ، بصيغتها السلطوية الخالية من اي بيان رسولي ، او تفسيري يثير انزعاج كبار عتاة مشركي مكة انذاك بعد اسلامهم الصوري وبعدما تسنم ابنائهم المناصب العظيمة في دولة الخلفاء بعدالرسول كخالد ابن الوليد وزير دفاع دولة ابي بكر الذي ذُكر اباه الوليد ابن المغيرة كثيرا بالقران ولعن الرسول له ولامثاله في قنوت صلاته صلى الله عليه واله ، وكمعاوية بن ابي سفيان قائد الشام ومروض خراجها لدولة الخليفة عمر ابن الخطاب فيما بعد وما كان القرآن يتحدث حول اسرته من ال امية وانهم الشجرة الملعونة في القرآن ... وهكذا !!.
________________________________________________________________________________________________
******** المبحث الثالث ***************
ماهي اهداف مشروع جمع علي بن ابي طالب للقرآن الكريم ؟؟.
وهل كانت هي نفس اهداف مشروع السلطة القائمة انذاك عندما بادر احدهم بفكرة جمع القرآن هذه على اثر قرآن عليٍّ ع؟.
أم ان لكلا المشروعين اهدافه الخاصة ومساراته المغايرة وغاياته المختلفة ، التي انعكست فيما بعد على كلا القرآنين ليكون مصير قرآن السلطة الحاكمة في التجميع الاول الى المحرقة العثمانية في الجمع الثاني ليصدق عليه قوله سبحانه: (( وقدمنا الى ماعملوامن عمل فجعلناه هباءً منثورا /23/ الفرقان)) ، بينما بقي قرآن علي بن ابي طالب ع ذخرا لقيامة الامام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في اخر الزمان ليظهره الله على الدين كله ولو كره المشركون والكافرون ؟.
ثم ماهي الدلالات السياسية ، التي توحي بها صيغة ترتيب قرآن علي بن ابي طالب ع من المكي الى المدني ، والتي ازعجت السلطة القائمة ايضا بحيث انها دفعتها لعدم التفكير مطلقا بتأليف القرآن على كيفية نزوله وحيا وزمانيا ؟.
لاريب ان هناك اختلافا كبيرا وجوهريابين مشروع علي بن ابي طالب عليه السلام في جمع القرآن وبين مشروع جمع السلطة للقرآن بصيغته السلطوية المنعكسة عن مشروع عليّ ع والساعية لاجهاض فكرته من الاساس وهو اختلاف الاهداف في كلا المشروعين فقد كان علي بن ابي طالب ع لا يبغي من جمعه للقرآن الكريم الا ان يكون هاديا للمسلمين ومبينا لهم ما التبس عليهم من نصوص القرآن ، وحافظا لهذا القرآن من ايدي الشياطين المحرفين للكلم عن مواضعه ، لذا جاء به كما انزله الله سبحانه وتعالى على رسوله العظيم محمد ص وبدون ان تأخذه في بيانه لومة لائم اومصلحة سياسة وحكم دنيا زائل ليحابي هذه القبيلة او تلك من قبائل قريش وعتاة كافريها ومنافقيها في الجاهلية وفيما بعدالاسلام على حساب القرآن وبيانه وهدايته للامة ، فجعل له حاشية بيانية تضيف لبعض النصوص منه شروحا توضيحية يحتاجها الاسلام والمسلمون في مسيرتهم في هذه الحياة الدنيا !!.
لكن مشروع السلطة والحكم في جمع القرآن كان مشروعا مغايرا باهدافه تماما وكان مشروعا سياسيا ، مصلحيا بامتياز ولا همّ له او هدف ومسيرة غير تعطيل واجهاض مشروع قرآن علي بن ابي طالب ع الذي ان ظهر وبان للامة فقد يطيح برؤوس الكثير من منافقي قريش ممن اليوم هم قادة الحكم في خلافة ابي بكر وبعده عمر بالاضافة الى كيفية خنقه وقتله قبل ظهوره للعلن والتفاف المسلمين حوله ، ليتبلور الى مرجعية كبرى للمسلمين وللاسلام ، وبالفعل ما ان انتهى دور قرآن السلطة التي جمعته لغاية واحدة لاغير حتى طوي في بيت ابي بكرومن ثم في بيت عمر لترثه بنته حفصة قبل ان يحرقه مروان ابن الحكم في خلافة عثمان عندما وحّد المصاحف في مصحف وقرآن وقراءة واحدة لاغير !!.
لماذا لم يصبح قرآن زيد هو القرآن الجماهيري الاسلامي ، الذي يتوحد حوله المسلمون في فكرهم وعقائدهم ومرجعيتهم كما كان يهدف علي بن ابي طالب عندما اعلن عن قرآنه لجميع المسلمين مهاجرين كانوا او انصارا ؟.
ولماذا احتفظت السلطة بقرآن زيد وكأنه كتيب حزبي ، او مفكرة تختص باصحاب الحكم والسلطة فحسب ولاعلاقة للمسلمين به وبما فيه من قرآن ينبغي ان يتلى اناء الليل والنهار في كل بيت مسلم ؟.
وعلى اي اساس لم يتوجه ابو بكر ومن ثم صاحب الفكرة في جمع القرآن عمر ابن الخطاب على استنساخ قرآن زيد بن ثابت وارساله الى الامصار كي يكون مرجعية المسلمين والموحد لكلمتهم كما حصل في خلافة عثمان ؟.
ولماذا احتفظ عمر ابن الخطاب في زمن خلافته بقرآن زيد ابن ثابت الذي ادعى انه سيكون الحافظ للقران من الضياع لعقود في بيته واكتفى بقبول تعدد القراءات وتناشز البيانات وتضارب السن المسلمين في قرائتهم للقران حتى اورث الكارثة لخلافة عثمان بن عفان الذي اضطر للملمة جراح القران ووحد لسانهم بقران واحد ؟..... الخ .
كل هذه اسألة تؤكد اهداف فكرة جمع القرآن للخليفة الاول ، والثاني وانها اهداف كانت سياسية ، وبقيت سياسية واستمرت سياسية الى ان آل قرآن زيد بن ثابت ومن جمعه الى محرقة عثمان بن عفّان ، الذي صادر مصحف زيد من بيت حفصة بنت عمر بن الخطاب بالقوة ايام خلافته ، لا ليعيد كتابته واعتماده وانه قرآن المسلمين الاوحد ، بل ليتخلص منه حرقا باعتباره قرآنا غيرُ صالح لجمع المسلمين وربط كلمتهم ، وليعيد الخليفة عثمان كتابة وتأليف وجمع القرآن من جديد وباستشارة من قبل علي بن ابي طالب وتلامذته الذين ساهموا بشكل فاعل بكتابة القرآن العثماني الموجود اليوم بين ايدينا حتى اليوم !!.
الغريب العجيب في كل ماتقدم ان اصحاب السلطة بعد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وبعد انقلاب السقيفة الكارثي وانحياز الخلافة لابي بكر ثم عمر ثم عثمان وابعادها كليا عن عترة الرسول واهل بيته عليهم السلام بقيادةعلي بن ابي طالب يبدو ان مشكلتهم مع قرآن علي بن ابي طالب لم تكن بسبب فقط ان في قرآن علي بن ابي طالب بعض الحواشي والتفاسير التي تظهر للمسلمين وتبيّن لهم بعض معاني النصوص القرآنية التي ارادت السلطة ان تكون مخفية ومنسية فحسب !! .
فلو كان الرفض مرتكزا فقط على وجود بيانات وتاويلات وتفسيرات بقرآن علي بن ابي طالب ع ، لكان من السهل اقناع علي بن ابي طالب (مثلا) او الصحابة بامكانية تجريد وتخليص القرآن العلوي من هذه الهوامش ليتم فيما بعد تبني قرآن علي بن ابي طالب خالصا من التفسير والتأويل باعتباره الجامع المانع لكتاب المسلمين المقدس !!.
لكن يبدو ومن صيغة وشكل الرفض المطلق من قبل السلطة القائمة لقرآن علي بن ابي طالب او حتى مناقشة ان يكون علي بن ابي طالب ع صاحب فكرة الجمع القرانية او المنخرط في زعامة لجنة زيد بن ثابت التي جمعت شتات القران ، يبدو من صيغتها المعلنة ان الفكرة من الاساس كانت مرفوضة وبكافة حيثياتها وبكل تلاوينها وعناوينها المرتبطة بعلي بن ابي طالب على الخصوص من قبل سلطة الخليفة ابي بكر ومن بعده عمر بن الخطاب !!.
فياترى لماذا كانت فكرة الجمع القراني على يد علي بن ابي طالب مرفوضة بالمطلق من قبل سلطة ابي بكر وعمر انذاك ؟.
وهل بسبب فقط ان قران علي بن ابي طالب ع ، فيه من البيان الرسالي (( ما قاله الرسول الاعظم محمد ص بحق قادة الكفر القرشي من ذم ولعن ووعيد )) تفسيرا وتأويلا للقرآن مايزعج قادة الكفر القرشي المكي ولذالك ارتأت الخلافة ان تطيح بقرآن علي وتستبدله بتأليف قران سلطة مجرد ومبهم وخالي من اي اشارة بيانية لاغير ؟.
أم انه مجرد ورود ذكرلعلي بن ابي طالب في فكرة جمع القرآن كان امرا مرفوضا من قبل سلطة الخليفتين من منطلق مشروع تغييب علي بن ابي طالب واهل بيت الرسول عن تمام المشهد السياسي والفكري للمسلمين ، وسواء كان قرآن علي بن ابي طالب فيه بيان وتفسير وتأويل ، لنصوص القرآن تتعرض لقادة الكفر المكي بالنقد او لا يوجد اي شيئ في قرآن علي ، فانه سيرفض من الاساس باعتباران فكرة دخول اسم علي ابن ابي طالب ع في مشروع جمع القران كان امرا مرفوضا من الجذور ومن البداية ؟.
او ان الامر على الحقيقة لا هذا ولاذاك بالنسبة لفكرة القران وجمعه لصاحب السلطة الاول ابو بكر ومستشاره الاول عمر بن الخطاب ، وانما متعلق الامر وخطورته من وجهة نظر السلطة ليس في علي بن ابي طالب بشخصه ، ولابتأويلات وتفسيرات قرآنه الرسالي على التحديد التي تتناول بالنقد قادة الكفر القرشي ، وآباء من تعاونوا على انشاء السلطة الجديدة بعد الرسول محمد ص انقلابا على الشرعية ، بل الخطورة تجسدت في جمع القرآن نفسه حسب نزوله الزمني الذي يبدأ بالمكي من السور والايات ، وينتهي بالمدني منه ، وهذا وحده هو سرّ رفض عمر ابن الخطاب على التحديد في مشروع وعملية الجمع القرآني التي وكما هو معروف ان عمر بن الخطاب على الخصوص ممن لم يكن لهم حظٌّ من سابقة الايمان والنضال في مكة من اجل اقامة دعائم الدين والاسلام ، ولذا راى هو وكذا باقي من اسلم متأخرا من قادة قريش فانهم كانوا يرون في القرآن المكي ان تقدم في القران الكريم نفسيا وفكريا وعقديا على المسلمين انه سيكون مثلبة له ولامثاله وليس مفخرة ترفد من رصيدهم في الحكم والسلطة والقداسة التي ينبغي ان تكون للصحابة واصحاب الحكم بعد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله !!.
الحقيقة شخصيا وفكريا أميل الى جواب السؤال الثالث الذي يذهب الى ان مشكلة ابي بكر وعمر مع قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، فضلا عن ماذُكر من اسباب جوهرية كانت موجودة اولا في قرآن علي بن ابي طالب ع من تفسير وتأويل ينتقد منافقي وكفار قريش مضافا الى عملية ومخطط تهميش دور عليّ ع في فكرة جمع القرآن من قبل السلطة القائمة لكن ايضا ما اذهب اليه بقوّة إن خطر قرآن علي عليه السلام حسب ما اعتقده انه كان يمثل من وجهة نظرالسلطة انه القرآن الذي جمع حسب نزوله زمانيا بالوحي على رسول الله محمد ص ، وانه مفتتح بالسور المكية التي كان شوطها طويلا وقاسيا على من لم يؤمن مبكرا بالاسلام كعمر ابن الخطاب وخالد بن الوليد وال امية ....الخ ، وكل من تأخر اسلامه الى حقبة الطلقاء او قبلها بقليل من الزمن !!.
نعم أكد اكثرمن كتب من علمائنا الابرار ( قدس) في مدرسة اهل البيت ع على ان سبب ودوافع رفض ابوبكر وعمر لقرآن علي بن ابي طالب ع كان نقطة ان في قرآن علي بن ابي طالب تفسيرا وبيانا وتأويلا لم يكن ليأتي على هوى زعماء قريش وبنائهم لقداسيات كاذبة ، ومخادعة حول شخصياتهم الهزيلة ولهذا كانت فضائح القوم هي الدافع على رفض قرآن علي بن ابي طالب من قبل سلطة الخليفة الاول ابو بكر وخليله الوفي عمر ابن الخطاب لكن جانب ترتيب القرآن وجمعه حسب نزوله من المكي الى المدني من وجهة نظري كان سيؤدّي من وجهة نظر الخلفاء ابو بكر وعمر الى نفس وظيفة قران علي بن ابي طالب ع الذي همشه بالتفسير والتأويل والتبيين بل ان خطورة قراءة القرآن حسب نزوله من مكيه الى مدنيه هي هذه الفكرة المستهدفة من قبل السلطة للاطاحة بها وجمعُ قرآنٍ يدفع بكل التاريخ والقرآن المكي من الواجهة القرآنية ليؤلف مكانه قرآن يبتدأ من المدني ومن سورة البقرة ، ليأخذ قارئ القرآن شوطا طويلا جدا ، حتى يصل في اخر القران الى السور المكية التي تتحدث عن نضال وجهاد السابقة من المسلمين امثال علي بن ابي طالب وعمار بن ياسر وال هاشم ....الخ ممن كان له ذكر حسن وواضح بالقرآن المكي ، واجرام والتاريخ الاسود للعتاة والكفرة والمنافقين من قريش امثال ال امية وابو سفيان وولده معاوية والوليد بن المغيرة وعمرو بن العاص وابو لهب ......الخ الذي اصبحوا هم او ابنائهم في ليلة وضحاها بفضل تغيير ترتيب سورالقرآن واياته وغياب حقائق تاريخهم الاسود مع الاسلام في ايات ونصوص القران المكي قادة لدين محمد الرسول ص الذي لم يفقهوا اية من كتابه العزيز القرآن الكريم !!.
وإلا هل يمكن لباحث ان يرشدنا لماذا لم يجمع الخلفاء ابو بكر وعمر ابن الخطاب سور القرآن وبعيدا عن علي وقرآنه وابن مسعود وقرانه وابي وقرانه ...الخ حسب تسلسل نزوله الزمني لاسيما ان روايتهم انه امر لم يرد عن الرسول فيه شيئ وانه خاضع بالتمام لفكرة ( انه خير ) وان جمع القران لمصلحة المسلمين والحفاظ عليه من الضياع بعد مقتل قراءه فحسب ؟.
فلماذا كان راي السلطة الحاكمة مجتهدا بجمع القران ، من سوره المدنيه الى سوره المكيه ، حتى تقدم الناسخ على المنسوخ واصبح عمل المسلمين باحكام القران منقلبا من ناسخه الى منسوخه ليصبح المنسوخ في حكم الله ناسخا للناسخ ؟.
واذا كان قرآن علي بن ابي طالب ع مبتدأ بالمكي قبل المدني ومعروف ان جمع علي ع للقران كان بوصيةمن الرسول الاعظم محمد ص ، وانه لايمكن ان يقوم بعمل بغير موافقة للكتاب والسنة المحمدية ، ما يعني ان صيغة ترتيب القران الشرعية هو ترتيب علي ع لسور القران من مكيه الى مدنية ، فاذن الم يكن هذا منبها للسلطة القائمة بضرورة ترتيب القران حسب نزوله مادام الامر شرعيا من جانب علي بن ابي طالب ع وبوصية رسالية واختياريا اجتهاديا من قبل السلطة والحكم ؟.
أم ان حسابات الحكم البكرية والعمرية انذاك كانت متعمدة لتأخير ماقدمه الله ورسوله واهل بيته ع من ترتيب القران لالشيئ الا لتأخير ما اراد الله سبحانه ورسوله تقديمه وتقديم ما اراد الله ورسوله تاخيره ؟.
__________________________________________________________________________________________________
************ المبحث الرابع *****
ترتيب قرآن علي بن ابي طالب !.
هل ذكر التاريخ لنا او متون الحديث ومصادر العلم الشرعي الاسلامي بالضبط ترتيب سور قرآن علي بن ابي طالب كما كتبه بعد الرسول الاعظم محمد ص ؟.
أم ان قران علي سيبقى من الاسرار الالهية التي لايفضّ خاتمها ، الا الامام المهدي المنتظر عجل الله مخرجه الشريف ، وهو يخرج لنا مع قرآن علي بن ابي طالب ع كما كتبه ليحمل الامة بالعمل به وقراءته حسب ترتيبه ؟.
طبعا لا احد من العالمين من المسلمين اليوم وغيرهم يستطيع ان يدّعي انه مطلع اوقرأ او ورد اليه شيئ فيه تفصيل ما كتبه علي بن ابي طالب من قرآن اظهره لمرّة واحدة لاصحاب سلطة السقيفة ، قبل ان يختفي عن الانظار الى يوم الناس هذا إلاّ اللهم ربي الامام المهدي محمد ابن الحسن العسكري ع ثاني عشر ائمة اهل البيت وخاتم نهضة الاسلام في العالم ، فهو عجل الله تعالى فرجه الشريف القادر على ادّعاء ملكيته لقران علي بن ابي طالب ع ، وان هذا القرآن احد ادلة وعلامات وامارات صدق الامام المهدي عند ظهوره في اخر الزمان !!.
نعم ورد في كتب التاريخ والحديث ماهو قريب مما تُحدثنا به تلك المتون والمصادر عن قرآن علي بن ابي طالب ع ، الا وهو ماتبقى لنا مما روي عن الصحابة ، او بعضهم لاسيما اولئك الصحابة ، الذي اشتهر عنهم انهم من تلامذة علي بن ابي طالب ع او من مريديه كعبدالله ابن العباس ابن عم عليٍّ ع وموضع ثقته في امور كثيرة فمثل هذا الصحابي لايخفى انه اخذ الكثير من علم القران وترتيب سوره وتقديم المكي منه على المدني ....الخ من عليًّ بن ابي طالب ع !!.
ثم انني من المؤمنين دائما ان عليَّ بن ابي طالب ع رجل المهمات المعقدة في الاسلام في حياة الرسول بصورة عامة وبعد انتقاله للرفيق الاعلى صلى الله عليه واله بصورة اكبر واكثر واعمق واوسع وخاصة بل ان علي بن ابي طالب ع هو صاحب المبادرات التي تستقي كل ذكائها من كيد الله سبحانه لاعدائه في كل ماهو في صالح هذه الامة والهادي لها الى سواء السبيل وعليه ليس علي بن ابي طالب ع من وجهة نظري من يترك الساحة لاعداء الاسلام وجُّهاله كي يفعلوامايحلوا لهم في اضلال الامة وايرادها المهالك في الدنيا والاخرة بل هو ممن (( يسالم ما سلمت امور المسلمين )) ويقاتل ماتعرّضت امور المسلمين لخطر داهم ، ومن هنا لاريب عندي ان عليًّ ابن ابي طالب قد استطاع من خلال صيغ وطرق غير مباشرة ان يطرح من علمه ومن ترتيب قرآنه الكريم الشيئ الكثير من خلال قنوات اخرى ، غير قناته الشخصية لاسيما قناة تلامذته الذين اوصلوا الكثير من علمه عليه السلام وتصوراته لنا حتى اليوم تحت مسمياتهم ، لكن لاشك من رائحة عمق العلم الذي حملوه انه صادر من عين صافية ومن نبع اهل البيت الذين زقوا العلم زقا !!.
أضف الى ذالك فإن هناك مساعدا اخر يعينناعلى مهمة الاقتراب من ترتيب سور قرآن علي بن ابي طالب ع التي رتبت حسب النزول وتقدم فيها المكي على المدني ، الا وهو إن القرآن نفسه وحملته ومن كتبوه منذ حياة الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله قد التفتوا الى تسمية السور القراني وتوصيفها بالمكي منها النازل بمكة بصورة عامة ، والمدني من سور القرآن التي نزلت في المدينة ، فكتب القرآن حتى في تأليف وجمع السلطة الاول والثاني للقرآن وهو مزودا بعلامة السور مكيها من مدنيها ليعلم حتى اليوم ان سورة الزلزلة مدنية وسورة الاخلاص مكية ، وهذا طبعا بغض النظر من انني من المؤمنين ان ترسيم السور القرانية واعطائها شخصيتها المكانية والزمانية من مكي ومدني هو بامر من الرسول الاعظم محمد ص !!.
نعم أُختلف في بعض السور في مكان نزولها ، لكن بشكل عام تواتر بين الامة العلم بماهو مدني من سور القرآن عن ماهو مكي معروف الشكل والصورة والحدث وزمان النزول بشكل قطعي ، ولهذا ثبتت مسميات سور القرآن في المصحف الشريف وكأنها جزء من شخصية وبناء السَور القرآني الذي لايمكن الاستغناء عنها !!.
وعلى هذا المبنى يمكننا الاقتراب قليلامن ترتيب قران علي بن ابي طالب ع الفعلي ولكن ليس اصابته بدقة ومئة بالمئة وبهذا القدر من الاقتراب من قرآن علي بن ابي طالب نحن قانعون الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا !!
ولي شخصيا ميل وقبول بالترتيب الذي تقدمه الرواية عن الصحابة ومن ثم التابعين ، والتي ينقلها صاحب الاتقان في علوم القران الشيخ السيوطي الشافعي ، باعتبارها النسخة القريبة تاريخيا وحديثيا وسيريا.. ، لما تحدثنا به الاخبار عن قران علي عليه السلام الذي يبتدأ بالمكي من السور وينتهي بالمدني منه حسب النزول ، ففي الرواية يُنقل لنا الاتي :
(( وقال ابن الضريس في فضائل القران : حدثنا محمد بن عبدالله بن ابي جعفر الرازي انبأنا عمر بن هرون حدثنا عثمان بن عطاء الخرساني عن ابيه ابن عباس قال : كانت اذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ماشاء وكان اول ما نزل من القرآن : 1 اقرأ باسم ربك ، ثم 2 ن ، 3 ثم يايها المزمل ، 4 ثم يايها المدثر ، 5 ثم تبت يدا ابي لهب ، 6 ثم اذا الشمس كورت ، 7 ثم سبح اسم ربك ، 8 ثم والليل اذا يغشى ، 9 ثم والفجر ، 10 ثم والضحى ، 11 ثم ألم نشرح ، 12 ثم والعصر ، 13 ثم والعاديات ، 14 ثم انا اعطيناك ، 15 ثم ألهاكم التكاثر ، 16 ثم ارايت الذي يكذب بالدين ، 17 ثم قل يايها الكافرون ، 18 ثم ألم تر كيف فعل ربك ، 19 ثم قل اعوذ برب الفلق ، 20 ثم قل اعوذ برب الناس ، 21 ثم قل هو الله أحد ، 22 ثم والنجم ، 23 ثم عبس ، 24 ثم انا انزلناه في ليلة القدر ، 25 ثم والشمس وضحاها ، 26 ثم والسماء ذات البروج ، 27 ثم والتين ، 28 ثم لايلاف قريش ، 29 ثم القارعة ، 30 ثم لا اقسم بيوم القيامة ، 31 ثم ويل لكل همزة ، 32 ثم والمرسلات ، 33 ثم لااقسم بهذا البلد ، 34 ثم والسماء والطارق ، 35 ثم اقتربت الساعة ، 36 ثم ص ، 37 ثم الاعراف ، 38 ثم قل اوحي ، 39 ثم يس ، 40 ثم الفرقان ، 41 ثم الملائكة ، 42 ثم كهيعص ، 43 ثم طه ، 44 ثم الواقعة ، 45 ثم طسم ، 46 ثم الشعراء ، 47 ثم طس ، 48 ثم ، القصص ، 49 ثم بني اسرائيل ( الاسراء) ، 50 ثم يونس ، 51 ثم هود ، 52 ثم يوسف ، 53 ثم الحجر ، 54 ثم الانعام ، 55 ثم الصافات ، 56 ثم لقمان ، 57 ثم سبأ ، 58 ثم الزمر ، 59 ثم حم ، 60 ثم المؤمن ، 61 ثم حم السجدة ، 62 ثم حمعسق ، 63 ثم حم الزخرف ، 64 ثم الدخان ، 65 ثم الجاثية ، 66 ثم الاحقاف ، 67 ثم الذاريات ، 68 ثم الغاشية، 69 ثم الكهف ، 70 ثم النحل ، 71 ثم انا ارسلنا نوحا ، 72 ثم سورة ابراهيم ، 73 ثم الانبياء ، 74 ثم المؤمنين ، 75 ثم تنزيل السجدة ، 76 ثم الطور ، 77 ثم تبارك الملك ، 78 ثم الحاقة ، 79 ثم عم يتساءلون ، 80 ثم النازعات ، 81 ثم اذا السماء انفطرت ، 82 ثم اذا السماء انشقت ، 83 ثم الروم ، 84 ثم العنكبوت ، 85 ثم ويل للمطففين !!.
فهذا ما أنزل الله بمكة ، ثم انزل بالمدينة :
86 سورة البقرة ، 87 ثم الانفال ، 88 ثم آل عمران ، 89 ثم الاحزاب ، 90 ثم الممتحنة ، 91 ثم النساء ، 92 ثم اذا زلزلت ، 93 ثم الحديد ، 94 ثم القتال ( سورة محمد ) ، 95 ثم الرعد ، 96 ثم الرحمن ، 97 ثم الانسان ، 98 ثم الطلاق ، 99 ثم لم يكن ، 100 ثم الحشر ، 101 ثم اذا جاء نصر الله ، 102 ثم النور ، 103 ثم الحج ، 104 ثم المنافقون ، 105 ثم المجادلة ، 106 ثم الحجرات ، 107 ثم التحريم ، 108 ثم الجمعة ، 109 ثم التغابن ، 110 ثم الصف ، 112 ثم الفتح ، 113 ثم المائدة ، 114 ثم براءة . انتهى
فهذا الترتيب لسور القرآن من المكي الى المدني هو تقريبا ما تطمئن له النفس وتتوفر عليه المتون الحديثية والتاريخية وقد سقطت منه سور الفاتحة لاختلاف الرواية حولها انها نزلت مرتين في مكة وفي المدينة ، وهناك رواية وضعت فاتحة الكتاب في اول مانزل من القران الكريم وحتى قبل ( اقرأ ) واخرى وضعتها بعد سورة (تبت يدا ابي لهب) ، وبغير قبول هذا الترتيب سنكون في متاهة الاجتهاد البشري البعيد جدا عن روح السند ، والاتصال بما خلفه لنا السلف من هذه الامة الذي هو الاقرب علميا لما تتحدث به المتون من قرآن علي بن ابي طالب عليه السلام !!.
نعم ليس هناك خلاف بين من نقل الاخبارعن قرآن علي بن ابي طالب ع انه قران كان مرتبا حسب نزول القرآن زمنيا وتقديم السور المكي فيه على المدني ، وإن اول سورة من قرآن علي بن ابي طالب كما نقلناه اعلاه عن اكثر من مصدر من مصادر المسلمين عامة هي سورة ( اقرأ ) او العلق التي توافق المسلمون على انها اول سورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه واله في غار حراء في مكة من سنة اربعين لمولده الشريف ص !!.
وكما ذكرنا ايضا : ان اليعقوبي في تاريخه قد انفرد بترتيب نسبه الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، تتقدم في اجزائه السور المدنية على المكية ، وانه مجزأ الى سبعة اجزاء ، وان ليس هناك ترتيب زمني محدد فيه ، وانما كان ترتيب سوره على الاجزاء السبعة ، بحيث ان جزء سورة البقرة يدخل فيه المدني مع المكي من السور كجزء مستقل ، وهكذا باقي الاجزاء الاخرى التي ذكرها اليعقوبي ، كقرآنٍ ألفه علي بن ابي طالب وجمعه عنده يجمع في كل جزء من اجزائه سور تبدأ بالمدنية وتنتهي بالمكية ولا اعلم الحكمة ( على فرض الصحة بهذا النقل اليعقوبي ) من هذا التقسيم ماهي ولماذا جزء امير المؤمنين قرانه بهذه الصورة -15- !!.
ولايبعد ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع وكما يذكره الشيخ الكوراني في كتابه ( قران علي بن ابي طالب -16- ) لم يكن لينعزل عن مشروع حفظ القرآن وجمعه بصورته الصحيحة وإن جوبه قرآنه الذي جمعه على التنزيل اول خلافة ابي بكر وعمر بالرفض المطلق ، لكن ليس علي بن ابي طالب ع من يغلّب دوافعه الشخصية ، ومشاكله الفردية على صيانه مقدسات الامة وملاحقة كل ما من شأنه الحفظ لامة الرسول الاعظم محمد ص وهذا معروف من سيرته الشريفة عليه السلام ، وكيف انه لم ينعزل عن ملاحقة مصالح الامة ، وكل ما من شأنه رفعتها وعزتها ، حتى بعد ان عزل عن الخلافة والامامة وهي حقه الواضح وضوح النهار ، ولهذا يذهب الشيخ الكوراني الى ان امير المؤمنين علي بن ابي طالب لم يكن ليحصر نفسه في جمع قرآن واحد ، بل كان لامير المؤمنين مساهمة فاعلة بعد ان آيس من قبول قادة قريش وخلفائهم لقرانه المجموع حسب النزول ان يكتب قرآنا اخر مرتبا حسب ترتيب اصحاب السلطة والحكم ، ولكن بالصورة التي لا لبس فيها ولاتعدد قراءات ولا تناشز روايات كالذي وقع فيه قران السلطة ابان ايام ابي بكر وعمر، بل ويقدم علي بن ابي طالب ع مشورته من خلال تلامذته من الصحابة كحذيفة بن اليمان وابناء الصحابة الذي ادخلهم عثمان بن عفان في لجنة جمع القران الثانية ليكون قراننا هذا الذي بين ايدينا والذي وّحدعثمان على لسانه ألسنة جميع الامة هوالقران الذي جمعه بالفعل علي بن ابي طالب في الجمع العثماني الثاني للقران وقدمه لعثمان من خلال تلميذه حذيفة بن اليمان ، واعجب عثمان في ترتيبه، وصادق على ان يكون قران علي بن ابي طالب هو القرآن الموحد للمسلمين ، وان كان عثمان لم يعلن ذالك صراحة خوفا من انصار الحكومات السابقة حكومة ابي بكر وعمر من رفض حتى هذا الامر إن نسب الى علي بن ابي طالب لاغير !!.
وعلى العموم مثل هذه الرؤية وبادلتها المذكورة في مضانها ، تشرح لنا ماهية انفراد اليعقوبي وهو المؤرخ النحرير بالانفراد بالقول بقرآن علي ابن ابي طالب المجزأ الى سبعة اجزاء ، وان اول سورة فيه هي سورة البقرة !!.
أما ما تحدث حوله الجمّ الغفير من الرواة والمحدثين ، والمؤرخين وبما فيهم اهل البيت عليهم السلام من قرآن لعلي بن ابي طالب كان هو مدار الفكرة ومفجر اشكالية رفض السلطة لقران المسلمين ، فهو القرآن المعروف عن علي بن ابي طالب انه جمعه والفه بوصية من الرسول ابان مرضه الشريف صلى الله عليه واله وبعد وفاته حيث قام امير المؤمنين بجمعه كما اُنزل من السماء صافيا خالصا من كل شائبة تقديم ، وتاخير في سوره واياته قد تثير اللبس في فهم المسلمين وعقائدهم لنصوص القرآن الكريم !!.
وعلى هذا المبنى اتفقت كلمة مدرسة علماء اهل البيت ع واكابر مجتهدي هذه المدرسة الشريفة على ان :(( الفرق بين قرآن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع الذي جاء به لاصحاب السلطة انذاك ورفضوه وبين ما موجود اليوم بين يدي المسلمين من قران قام بجمعه ثانيا الخليفة عثمان بن عفان ابان حكمه هو فقط ترتيب السور وبعض مواضع الايات التي قدمت واخرت منها القليل ولاشئ غير ذالك مطلقا !!.
فقد أكد العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي ( كنموذج ) في تفسير الميزان ما نصه :((أن جمعه عليه السلام القران وحمله اليهم وعرضه عليهم - اي على اصحاب الحكم ، والسلطة ابو بكر وعمر وباقي المهاجرين والانصار - لايدل على مخالفة ما جمعه لما جمعوه في شيئ من الحقائق الدينية الاصلية اوالفرعية الا ان يكون في شيئ من ترتيب السور او الايات من السور التي نزلت نجوما بحيث لايرجع الى مخالفة في بعض الحقائق الدينية - 17 - ))
فلا مجال والحال هذه للقول بنقص او زيادة ولا حرف واحد في نص القران بين ماجمعه علي بن ابي طالب عليه السلام وبين ماجمعه الخليفة الثالث تحت اشراف علي بن ابي طالب غير المباشر من قران يتداوله المسلمون حتى اليوم ، ويقرآونه حتى هذه اللحظة فالنص القرآني هو هو وسور القرآن هي هي ، واياته الشريفة هي هي واحرفه المنيره كذالك هي هي بين قران علي بن ابي طالب وبين قراننا المقروء اليوم !!.
صحيح اختلف العلماء ومن جميع مذاهب الاسلام ومشاربه في افكار العلوم القرانية التي تتناول المواضيع التالية :
اولا : هل ان ترتيب السور في القرآن الكريم الموجود الى الان بين ايدينا ، هو ترتيب توقيفي من قبل الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وبامر من الوحي الالهي بحيث قال للصحابة وبصريح العبارة :ضعوا سورة البقرة في اول القران وبعدها سورة ال عمران .... مثلا ؟.
أم انه ترتيب اجتهد فيه الصحابة من عنديات انفسهم لجمع القرآن وتأليفه في بادئ الامر ؟.
ثانيا : وهل ان ترتيب الاي داخل السور القرانية هي ايضا بتوقيف من قبل الرسول الاعظم محمد ص ؟.
أم انه وضع وترتيب اجتهادي اجتهد فيه الصحابة كما اجتهدوا في ترتيب سور القران وتاليفها وجمعها في مصحف واحد ؟.
وهنا اختلفت اراء العلماء والمدارس الاسلامية بين من قال بان الامركله بما فيه جمع القران كان اجتهادا بشريا من الصحابة لحفظ القران وصيانته من الضياع ، وبين قائل بالعكس وان آي السور وضعت داخل السور بتوقيف وامر من رسول الله صلى الله عليه واله وكذالك ترتيب سور القران في المصحف كذالك كانت بتوقيف منه صلى الله عليه واله !!.
وعلى اي حال هذا الاختلاف ، وبما في ذالك اختلاف ترتيب سور وايات قرآن علي بن ابي طالب عن باقي مصاحف الصحابة وقران السلطة الذي جمع مرتين في زمن الاول وزمن عثمان بن عفان له دليل لايقبل الشك في ان ترتيب هذا القران الذي بين ايدينا اليوم في سوره واياته انما كان ترتيبا وجمعا اجتهاديا من قبل المسلمين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وهذا مايجعل من موضوعة ترتيب سور القران بالخصوص واختلافها بين قران علي بن ابي طالب وقراننا اليوم موضوعا لايدخل مطلقا في حيز الاختلال في القران او القدح في صيانته من التحريف او التلاعب او النقص او الزيادة ، بل هو موضوع يدخل في اطار قبول القرآن نفسه وسعته المرنه لقراءته بترتيب وكيفيات متعددة ، بحيث ان القران نفسه ومن معاجزه العظمى انه قران يمكن قراءة سوره بتراتيب مختلفة بدون ان يفقد اعجازه وكمية تاثيره ووظيفته في هداية البشر الى الله سبحانه وتعالى والى الاسلام وعظمته !!.
ولي في هذا الشأن رأي اذهب اليه باطمئنان ، وثقة ودليل لابأس فيه ، وهو ان ترتيب الآي داخل السور مما لاارتاب في انه بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه واله ، وانه لايمكن لاحد التلاعب فيه بل وانه داخل في الاعجاز القرأني وصيانة القرآن من التلاعب والتقديم والتأخير بهذا الصدد ونعم كان الكثير من الايات المدنية داخلة في السور المكية ولهذا فصل بحث عندي لامجال له هنا في هذا البحث ، ولكن ما اتكئ عليه بهذا الراي هو :
اولا : إن القرآن الكريم نفسه عندما اراد التحدي لمعارضيه فانه وفي اكثر من اية ومورد تحدى مناهضيه إما بان ياتوا بهذا القرآن كله كاملا تاما كقوله سبحانه :(( قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا / 88 / الاسراء )) !!.
واما ان يأتوا بسورة تامة كاملة من مثله او بعشر سور مثله ، فقال سبحانه : (( قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين / 38/ يونس)) وقال عز وجل : (( قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين / 13 / هود )) مما يعني ان تركيب السورة القرانية وترتيب آيها هو الداخل في التحدي والاعجاز ولايمكننا والحال هذه ان نقول ان هدم تركيبة السورة ، وادخال اي مكان ايات اخر مما يحفظ للقران اعجازيته في التحدي او صيانته من التلاعب وكيف ذاك والقرآن مشحون بتحدي خصومه بتركيب السور القرآني بدون ان يشير ولا بموضع واحد انه يتحدى بتركيب اية او بتركيب ترتيب السور بعضها اثر بعض وانما كان تحديه دوما بالسورة ، كوحدة اعجازية كاملة وتامة ولايمكن الاتيان بمثلها منفردة ، او مجتمعة مع باقي السور بالقران الكريم !!.
ثانيا : اسم ( السورة) في احد اشتقاقاته اللغوية المعتبرة هو من السور اي السور الذي يحيط بالمدينة ليجمع شتاتها ويحصر هويتها ويخلق شخصية مجموعها وبدايتها ونهايتها ، ما يعني ان لسور القران ( كما يذكره الطباطبائي في تفسيره الميزان ) هوية مستقلة ولها بدايتها ونهايتها وهدفها وغايتها المستقلة تماما عن باقي السور ويمكن عندئذ تصور ان يتحدى القرآن بالاتيان بالسورة المستقلة او بالعشر سور منه او بالقران كوحدة مستقلة عامة ، باعتبار ان هذا النسق وهذا الترتيب بالسور وهذا التنسيق كله داخل بالتحدي الالهي الاعجازي لسور القران واحدة واحدة ، ولايمكننا عندئذ ان نجمع بين القول ان ايات السور موضع اجتهاد بشري قام به الصحابة ، وبين ان الله سبحانه نص على عجز البشرية على الاتيان بترتيب سورة من سور القران الشريفة ، فيتبين ان النص القراني ذاهب الى ان كل مايتعلق بالسورة القرانية هو داخل بالتحدي والاعجاز الذي ترتب بعناية الله سبحانه وبوحيه مباشرة ولا علاقة ليد الاجتهاد البشري في ترتيب الايات داخل سور القران الكريم .
ثالثا : لو كانت الايات القرانية داخل السور مما يمكن الاجتهاد في ترتيبه لما كان نسق السورة اعجازيا ومختصا بعظمة الله سبحانه وتحديه بهذا التركيب القراني للسورة منفردة !!.
ولكان ايضا انتقل التحدي من الاتيان بسورة من القران متكاملة التناسب والترتيب ، الى الاتيان باية واحدة فقط ، باعتبار انه لم يقل احد من العلماء ان تركيب الاية هل هو توقيفي ام اجتهادي للصحابة وباقي المسلمين ، وعليه ثبت لدينا انه مثلما ان تركيب الاية في القرآن توقيفيا مختصا بالوحي وتنسيقه للاي القراني ، كذالك تركيب السور وترتيب الاي بداخل كل سورة هو ايضا داخل توقيفيا من الوحي ووضع الرسول لكل اية مكانها وهذا ما يدفعنا للقول جزما ان ترتيب الاي داخل السور لايمكن ان يكون الا بأمر من الله ورسوله ص والا لم يكن ترتيب الاي داخل السوراعجازيا وقابلا للتحدي لامكانيةالبشر على التنسيق بمثله ، وهذا بعكس السور متفرقة فان لاتحدي مطلقا في ترتيب السور ولم يذكر احدا من العلماء ان ترتيب السور مما تحدى الله سبحانه به المعاندين والكافرين !!.
وبهذا يتبين بجلاء قولنا ان ترتيب السور داخل القرآن اجتهاديا ولا غبار على ذالك ، ولايعتبر من التلاعب بالقران واعجازه وصيانته ان تتقدم السورالمدنية على المكية او العكس لان التحدي والاعجاز في السورمستقلة كلٍّ على حدا وليس في ترتيبها وجمعها قرانيا واحدة تلو اخرى ، ولعل الرواية التي نقلناها عن صاحب تفسير الصافي الكاشاني عن علي بن ابراهيم القمي في تفسيره باسناده عن ابي عبد الله عليه السلام قال (( ان رسول الله صلى الله عليه واله قال لعلي عليه السلام : ياعلي إن القرآن خلف فراشي في الصحف والحرير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولاتضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة ... -18-)).
فقول الرسول لعلي ع (( خذوه واجمعوه )) لاريب ان فيه كيفية غير مقيدة لجمع سور القران ، فالمهم عند الرسول وبهذه الرواية هو جمع القران كاملا وليس ترتيب سوره بصورة محددة !!.
وهذا يعني خلاصة للموضوع ان علي بن ابي طالب عندما جمع القرآن حسب نزوله وتقديم مكيه على مدنيه ، بعكس جمع الخلفاء قبله واصحاب السلطة والحكم الذين ارتأوا جمع القران بصورة منكوسة وتقديم مدنيه على مكيه ، كان يهدف للعمل بامامته بعد رسول الله ص ، وانه الاعرف والخبير الاكبر بترتيب سور القران التي تاخذ بيد الامة الى هدايتها وفلاحها بشكل لالبس فيه وهذا بعكس مشروع السلطة في جمع القران الذي ضرب حابلا بنابل وجمع سور القران بلا فقه ولاروية او ادراك لاهمية هذا الجمع والترتيب ، بحيث انهم ابتدأو القران بسورة البقرة لالشيئ الا لانها اول سورة نزلت بالمدينة !!.
___________________________________________________________________________________________________
*********** المبحث الخامس ******
ماهية واهداف ترتيب علي بن ابي طالب ع لقرآنه .
عندما قلنافي البحث الرابع ان ترتيب سورالقران شأن خضع للاجتهاد البشري وغير مؤثرعلى اعجاز القران وتحديه وصيانته وهدايته بصورة عامة وعامية للناس اجميعن فذالك باعتبار ان القران نفسه قابل لهذا الاجتهاد وغير مؤثر بحصانته واعجازه وحفظه وتأثيره على البشرية ، لذا كان قرآن علي بن ابي طالب مرتبا ترتيبا يختلف عن غيره ممن حاول جمع القران ولكن بصيغة وتأليف مختلف في النزول والزمن من دون ان يكون لهذا الاختلاف اي تاثير على مجمل القران الكريم عامة !!.
لكننا لم نكن نعني بذالك مطلقا ان لاتأثير ابدا لهذا الترتيب والاجتهاد فيه على مسارات هداية القرآن للامة وصيانته لمسيرتها في هذه الحياة وانما كنّا بصدد اثبات ان ترتيب السور داخل القران غير داخل بموضوعة او شبهة او توهم الزيادة او النقص اوالضياع او .... وهكذا والا كيف يقال لاتأثير معنوي وفكري على ترتيب سور القرآن والقرآن نفسه يذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه الحقيقية ، باعتبار ان مواضع الكلم له من التاثير الشيئ العظيم في الهداية لايقل شأنا عن الكلم نفسه وكيفية صياغته ولهذا قال سبحانه ذمّا لقوم امتهنوا تحريف الكلم عن مواضعه :(( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ../ 13 / المائدة )) !!.
اي ان لعن هذه الفئة من البشر وقسوة قلوبهم تأتت من كارثتين :
الاولى : نقضهم لعهودهم التي قطعوها لرسلهم وانبيائهم ، في شأن التبليغ مثلا او في شأن الوصية بالخلافة والامامة من بعد الرسالة والنبوة ...الخ !.
الثانية : بسبب امتهانهم ليس لتحريف الكلم نفسه بتبديل كلم مكان كلم اخر بل لامتهانهم ازالة الكلم عن مواضعه التي ارادها الله والرسل ان تكون فيه وتتلى على اساسه وفي مكانه المنزل فيه بالضبط ، فمثل هذا التحريك للكلم من مكان الى مكان اخر يعتبره القران تحريفا غير مباشر ، يكون القصد منه تحريف معاني الكلم الذي وضع في موضعه الحقيقي بشكل لايتهيئ اذا حّرّك هذا الكلم نفسه ووضع في مكان اخر !!.
وعلى هذا الاساس كانت رؤيتنا لترتيب كلم سور قران علي بن ابي طالب عليه السلام ، التي رتبت حسب نزول القران وحيا على قلب وكيان وروح الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله ، وما وصية الرسول الاعظم محمد ص لعلي بن ابي طالب بالتحديد بجمع وتأليف القرآن بعده كما ورد في الرواية الا لكون علي بن ابي طالب ع وحده هو القادر ان يرتب سور القرآن وكلماتها التامات على الشكل الذي انزله الله سبحانه ، وبالقالب والموضع الذي اراده الله سبحانه ورسوله ان يتلى في داخله وبين طريق صراطه المستقيم !!.
إن المسلمين قديما ، وحديثا مجمعون على ان عليَّ بن ابي طالب ع ، فضلا عن انه باب مدينة علم الرسول ص وانه الاعلم بشريعة محمد العظيم ص من باقي صحابته بل كل امته ، وانه اقضى صحابة رسول الله ص ، فانه من جانب اخر هو الاوحد الذي قال واعلن انه مستعد للمسألة في هذا الدين والقران وكيفما كانت عندما قال :(( سلوني قبل ان تفقدوني )) !!.
بل ان كلمة المسلمين مجمعة على ان علي بن ابي طالب ع الوحيد ، الذي ُصهر تماما مع كل حرف من حروف القرآن الكريم فضلا عن كلماته واياته ونصوصه وفصوله واجزائه وسوره وكل كيان القران الكريم حتى طار بالافاق عنه قوله :(( سلوني عن كتاب الله فوالله ما من اية الا وانا اعلم ابليل نزلت ام بنهار ام في سهل ام في جبل ....-19-)) !!.
ولهذا ورد عن الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله قوله بحق علي ع :(علي مع القرآن والقرآن مع عليّ ) و (والحق مع علي وعلي مع الحق ) ....الخ .
نعم لايمكن لاحد في هذه الامة بعد رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، ان يدعي انه الاعلم بمواضع كل كلمة واية وسورة من كتاب الله عزوجل وكيف نزلت وفي اي وقت وباي شكل وعلى اي صورة .... ، غير علي بن ابي طالب عليه السلام ليس لانه ابن عم رسول الله ص واحد اصحابه ، والمنتمين لدينه فحسب ، بل لان علي بن ابي طالب هو امام هذه الامة والمنوط هدايتها به وبالقران الكريم وانه هو وصي الرسول بعده وانه خليفته وامير المؤمنين ، فمن الواجب عليه بعد ذالك ان يجمع القرآن ويؤلفه من الرقاع والحرير والصحف ويجمعه حسب نزوله بعد انتقال الرسول الاعظم محمد ص للرفيق الاعلى وكيفما اراد الله سبحانه لكتابه ان تتلى سوره وكلماته وبالمواضع التي نزل فيها من غير تحريك ولاتبديل ولا تحريف .... للكلم عن مواضعه !!.
وبالفعل يذكر لنا التاريخ ان علي بن ابي طالب بادر بلا عائق يوقفه لجمع القران ، وشمّر عن ساعده ، والقى رداءه في بيته ليعتكف ستة اشهر ( كما في معظم الروايات التاريخية ومنها تذكر ثلاثة ايام ) يخط كتاب الله سبحانه وتعالى بانامله الشريفة خدمة لله سبحانه ولدينه ولرسوله ولهذه الامة ليضع لنا كل سورة في مكانها المناسب وفي زمنها الذي نزلت به وفي سياقها وموضعها الذي وضعها الله سبحانه بداخله وقدمه للامة ولحكامها القائمين على امرها ليعلن لهم بانه : هذا كتاب الله سبحانه جمعته كما انزله الله سبحانه وتعالى بلا زيادة ولانقص ولاشائبة نسيان او سهو ولا حاجة لشاهد او معين او ورقة تذّكر ما نسي الانسان !!.
لكن ما كان من السلطة ورجالها المأخوذين بترتيب امر الدنيا والخلافة قبل الاسلام والدين ، الا ان رفضوا قرآن علي بن ابي طالب ع ، وعمدو لشاب غرّ من الانصار أسمه زيد بن ثابت ، ابتدأ حياته يهوديا قبل الاسلام بالمدينة ليس له بالقران لاعير ولانفير الا كونه كان قارئا ان يقوم بمشروع جمع قران من هنا وهناك ، يعلم الله ما كان بداخله قبل ان تحرقه سلطة عثمان ليكون هو الند لقران علي بن ابي طالب والمجهض لمشروع جمع القران حسب نزوله من رائحة الوحي السماوية وعندئذ ما كان من علي بن ابي طالب ع بعد ادراكه لمعنى الرفض الجازم الا ان اعلن للامة وللتاريخ انكم سوف لن ترونه بعد لحظتكم هذه ابدا !!.
وهنا ربما يتساءل متسائل :لماذا اعلن اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب ع اخفاءه الابدي لقرآنه الذي جمعه بعد وفاة الرسول الاعظم محمد ص ؟.
وهل كان هذا الاخفاء لقران الامة المسلمة المنوط به هدايتها ورشادها وعدم ضلالها ، لدوافع شخصية تملكت امير المؤمنين عندما رفضت السلطة تبني قرانه ليكون المرجعية العظمى المقدسة لهذه الامة ؟.
أم ان امير المؤمنين ادرك بفكره وعقله وفطرته الالهية السليمة ، ان القوم في رفضهم القاطع لقرانه سوف لن يقفوا عند حد معقول او خط احمر الا الوصول الى هذا القران والقضاء عليه وتدميره قبل ان يظهر للعلن وللامة وللتاريخ وللحقيقة ، ولهذا اعلن انه سوف لن يُرى بعد هذا اليوم ؟.
يذكر صاحب الاحتجاج الطبرسي :(ان عمر ابن الخطاب ابان خلافته قد سأل امير المؤمنين علي بن ابي طالب عن قرانه الذي كتبه واظهره لهم في ايام خلافة ابي بكر قبل ان يرفضوه مطلقاوسأله ان يخرجه له من جديد ليتبناه عمر كقران رسمي يدعوا الامة للالتفاف حوله ليكون قران المسلمين الاوحد !!.
لكن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع قال له : هيهات ليس الى ذالك سبيل ....- 20 - )) .
وفي مثل هذه المرويات يبدو جليّا ان قرآن علي بن ابي طالب ع كان يشكل هاجسا سياسيا وفكريا لسلطة الخلفاء القائمة وقد حاولت السلطة كثيرا للوصول الى نسخة قران علي بن ابي طالب ع ، لكن يبدو ان كل المحاولات باءت بالفشل ، ليبقى قرآن علي بن ابي طالب لخير غاية هذه الامة بعد ان انحرف باولها حبّ الدنيا الرأس لكل خطيئة !!.
نعم في خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب ايضا لم تكن ابدا الارضية الاجتماعية الاسلامية قد تهيئت بعد لاستقبال ثورة فكرية وعقدية ، كالتي يخلقها قران علي بن ابي طالب ع ان اظهره للعيان ، وكيف يتمكن علي بن ابي طالب ان يظهر قرانه وقدتمكن حب الدنيا والتقاليد والعصبية من المسلمين الى حد ان الخلافة نفسها لم يصل اليها علي بن ابي طالب الا من خلال ثورة اجتماعية جماهيرية اسلامية عامة ، لفقراء وضعفاء ومضطهدي هذه الامة كسرت كل السياقات القديمة التي من خلالها جاء الخليفة الاول والثاني والثالث ببيعة صورية من مهاجرين وانصار ، وسقيفة وغرف مظلمة واتفاقات وصفقات سياسية مشبوهة ؟.
وهكذا شاء القدر ان تكون خلافة علي بن ابي طالب وحدها قد تأسست من خلال الانتخاب الجماهيري العام الذي اطاح بسلطة عثمان الاموية والاتيان بعلي بن ابي طالب كخليفة منتخب من قبل الجمهور مباشرة ومثل هذا الامرهوالذي اثار نقمة منتفعي السلطة والحكم قبل حكومة علي عليه السلام ، وهو الذي لم يترك لعلي فرصة تذكر ليستقر في حكمه يوما واحدا كاملا يتصل بعضه ببعض بشكل مريح ليتمكن على الاقل امير المؤمنين ان يوصل شيئ مما عنده من علم للامة بل ان علي ابن ابي طالب ع لم يستقرعلى منبر رسول الله ص وخلافته سويعة حتى تكالبت عليه الدنيا بشياطينها من ناكثين الى مارقين الى خارجين عن الملة والدين ، وما هي الا حرب الجمل تبعتها صفين ثم الخوارج .... وهكذا حتى فلق راس علي بن ابي طالب ع بسيف الغدر والحقد والنفاق والجهل ليعلن الباطل دولته حتى يوم الناس هذا !!.
كان علي بن ابي طالب ع يصرخ (( ان هاهنا لعلما جما )) وهو يشير الى صدره ، ثم ينظر يمينا فلا يجد الا ابن الكوا وهو يسأل ما البصير بالليل الاعمى في النهار ؟.
وينظر شمالا فلايجد الا محب ضعيف ، ومبغض شرس منافق عنيد ، فكيف له ان يخرج قرانه الذي جمعه بعد رسول الله ص وهو يعلم ان كلمة منه تحمل مظلمة له ولاهل بيته بحق الاول او الثاني ، لم يستطع نفذها الا بعد شقشقية هدرت ثم قرت فكيف يقنع امة ادمنت عبادة الاشخاص ، وعبادة اعمال الاشخاص وارتبطت مصالحها بسنة شيخين بعد رسول الله اكثر من ارتباطها بالله ورسوله وكتابه الكريم ، ان يطيحوا بقرآن الفه الاول واعاد تأليفه عثمان بن عفان باعتبار انه هذا وحده هو قرآن رب العالمين ووحي السماء الخاتم ، واي تفكير باعادة تأليفه يعتبر خروجا على الدين ، وطعنا في سنة سيد المرسلين وتحريفا لكتاب رب العالمين بعدما انتكست موازين الامة العقدية ليصبح المنكر معروفا عند معظمها والمعروف منكرا ؟؟!.
_______________________________________________________________________________________________________
************** المبحث السادس **********
وراثة الامام المهدي ( عج ) لقرآن علي بن ابي طالب وحمل الامة عليه في اخر الزمان .
وردت اكثر من رواية عن اهل بيت النبوة والعصمة عليهم السلام جميعا ، وهي تتحدث عن قرآن علي بن ابي طالب ع وانه من ميراث الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، وان خروجه سيكون مشفوعا بخروج قران علي بن ابي طالب ايضا ليكون هو بترتيبه وسوره وبياناته ونوره وهدايته قائدا لهذه الامة ، ومعيدا لها فكرها وشخصيتها ، وبانياً لها عقيدتها التي لالبس فيها ولاشبهة ولا غموض حولها ابدا !!.
فقد روى صاحب الكافي ثقة الاسلام الشيخ الكليني في اصوله بسنده عن الامام ابي عبدالله عليه السلام مامختصره من رواية تامة الذيل قوله ع لرجل اراد ان يقرأ القران مع تاويله وتفسيره :((كف عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتى يقوم القائم فاذا قام القائم عليه السلام قرأ كتاب الله عز وجل على حده وأخرج المصحف الذي كتبه علي بن ابي طالب عليه السلام .... -21- )).
اي ان الامام عليه السلام يأمر قارئ القرآن ذاك وهو يدمج بين نص القرآن وتفسيره في قراءته ، ان يقرأ نص القرآن فقط كما يقرأ جميع المسلمين بلا اضافة شيئ له ، الى ان يأذن الله سبحانه بخروج صاحب الامر الامام المهدي المنتظر ، عندئذ هو من سيُقرئ الناس القرآن بنصه ويعلمهم تفسيره والحكمة فيه ويزكيهم كوظيفة من وظائف الامام في هداية الامه لبيان القران كما يهديهم لجمعه وقرانه على الترتيب الذي جمعه امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع !!.
اما ماذكرناه من رواية صاحب الاحتجاج الطبرسي ، فان في ذيلها ما يشير الى الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وقران علي بن ابي طالب ع ، والعلاقة البنيوية الرسالية بينهما من جهة ، وبينهما وبين الامة المسلمة من جانب اخر ، فقد روى صاحب الاحتجاج مانصه من رواية طويلة الذيل بين عمر ابن الخطاب ، الذي سأل امير المؤمنين عن قرانه الذي جمعه واخرجه بخلافة ابي بكر ، وهل من خروجه مجددا من سبيل ؟.
وجواب امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع عن سؤاله بهيهات وسؤال عمر مجددا :(( فهل لاظهاره من وقت معلوم ؟. فقال عليٌّ (ع) نعم اذا قام القائم من ولدي يظهره ويحمل الناس عليه فتجري السنة به صلوات الله عليه - 22- )).
ان العلاقة بين الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف وبين قرآن علي بن ابي طالب ع لهي علاقة بالفعل تدعو للتأمل وللسؤال والاستفسار حول هذه العلاقة وابعاد ماهيتها الفكرية ولماذيتها العقدية وكيفيتها الحركية بالاتي :
اولا : ماهي العلاقة ، التي تُحتم ان يُربط مشروع الامام المهدي المنتظر الاسلامي العالمي الكبير ، بقرآن علي بن ابي طالب بالتحديد كبوصلة وبرنامج وخطة للنهضة المهدوية الاخيرة ؟.
وهل يعني هذا انه لا نهضة مهدوية كبيرة وعظيمة يتم لها الحصول والنجاح والتفجر العالمي الكبير بغير قرآن علي بن ابي طالب بترتيبه هذا وتنسيقه وهيئته وتأثيره ؟.
أم انه لا علاقة بنيوية رسالية الاهية للثورة المهدوية بقران علي بن ابي طالب ع ويكفي الامام المهدي ان يقود الامة والعالم بهذا القرآن الموجود بين ايدي المسلمين اليوم ؟.
ثانيا : ما معنى قول الامام علي بن ابي طالب ع لعمر ابن الخطاب في الرواية: (ويحمل الناس عليه) اي يحمل الامام المهدي الناس على قران امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ؟.
فهل يعني ان الناس ستمتنع حتما من الانصياع ، والقبول بقرآن علي بن ابي طالب واعتباره بدعة ، بل وتحريفا للقران الذي بين ايديهم اليوم ، باعتبار اختلاف ترتيبه وسوره وهيئته وقراءته ... ولذالك يحملهم حملا عليه وبالقوّة ؟.
أم ان المعنى ان الامام المهدي عليه السلام سينهض ويرتفع بهذا الامة الى القمة على ظهر قران علي بن ابي طالب ع الذي سيهيئ لهم الرفعة والعلو ، والسموا في هذه الحياة الدنيا الى اعلى عليين ولذالك سيحملهم الامام عليه فتجري السنة الالهية الكبرى والسنة الرسالية الخاتمة به صلوات الله عليه ؟.
في المحور الاول من الاسألة ينبغي ان ندرك بوعي لالبس فيه ان مشروع الامام المهدي لايمكن ان ينجح او يصل الى اهدافه وغاياته بملئ الارض قسطا وعدلا وهداية بعدما ملئت ظلما وجورا وضلالة ، إلا بقرآن علي بن ابي طالب عليه السلام الذي سيقود مشروع الامام أمام البشرية خطوة خطوة ويبدأ معهم الرسالة الاسلامية كما بدأت مع رسول الله محمد صلى الله عليه واله ، عندما بدأ وحيه وقرآنه وكتابه ب ( اقرأ باسم ربك ) وانتهى باخر سورة نزلت من القرآن الكريم الا وهي سورة براءة وهي تعلن للعالم البراءة من المشركين وسياحتهم اربعة اشهر في الارض كآخر مدة ومهلة يعطيها الامام المهدي عليه السلام لمشركي العالم وكافريه ان يسيحوا في هذه الارض قبا ان يطهر الارض من نجاستهم !!.
وطبيعي اذا كان الحال هذه في بداية ونهاية مشروع الامام ، فلابد ان نتصور ان بين يديه عليه السلام برنامجا وقرانا وكتابا مرتباحسب نزوله اول مرّة وبما اننا اليوم نمتلك قرآنا لايبدأ حسب نزول القرآن كما انه لاينتهي كماانتهى قران وكتاب العظيم محمد ص فلابد عندئذ ان نرجع لصياغة القران وجمعه وتأليفه حسب ماجمعه اميرالمؤمنين وبشرّت به الروايا عن اهل البيت وغيرهم وانه القرآن الذي جمع حسب نزوله سورة سورة من مشروع ( اقرأ باسم ربك ) الفكري والثقافي والعلمي والتغييري العقدي حتى نهاية اخر اية نزلت فيه ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا ) .
ومن هنا نفهم بصورة واضحة معنى العلاقة الرسالية الالهية التي تربط بين مشروع الامام المهدي العالمي الكبير وبين قرآن علي بن ابي طالب الذي جمعه والفه وكتبه حسب نزوله اول مرة ، وخطوة بعد خطوة !!.
نعم قرآن علي بن ابي طالب ع هو الصيغة الوحيدة التي بامكانها ان تعيد مشروع الرسالة الالهية للعالمين وكأنه يتنزل الان من وحي السماء ليبدأ الامام المهدي مع البشرية مشروعه ، وكأنه رسول بعث من جديد ، وكأن قرانه الذي بين يديه يسمعه العالم لاول مرّة وهو يصدح باول اية منه (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) !!.
وكما ان العظيم محمد بدأ رسالته ومشروعه من نافذة ((اقرأ )) ليصنع فيما بعد أمة مسلمة قارئة واعية مدركة فاهمة عالمة مستوعبة مناضلة مجاهدة .....الخ ، كذاك هو طريق الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، الذي سيبدأ بايات وسور قران علي بن ابي طالب ع وهي تصدح من جديد للعالم الانساني من حيث بدأ طريق الاسلام ومن اول اياته المباركة ايضا :(( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) !!.
وكذالك عندما نحاول فهم المحور الثاني لسؤالنا حول العلاقة بين الامام المهدي وقرآن علي بن ابي طالب من جهة ، وبينهما وبين الامة من جانب آخرفليس من السهل والحال هذه تصورقبول فئات كبيرة من الامة الاسلامية المغيبة فكريابعملية التغيير المهدوية الكبرى التي ستبدأ اول ماتبدأ بالصدمة الثورية الفكرية العظمى عندما يُخرج الامام المهدي قرآن علي بن ابي طالب ع باعتباره قرآن الامة الاوحد ومرجعيتها الفكرية والعقدية والشرعية ... الاصيلة ليعيد صياغة وتأليف قراننا الذي بين ايدينا اليوم ليرتب سوره حسب ماجاء في قرآن علي بن ابي طالب اول مرّة ولنبدأ كمسلمين بقراءة القرآن الكريم كمانزل وحيا على قلب الرسول الاعظم محمد ص !!.
وللقارئ ان يتصور ردّة فعل الكبير من فئات هذه الامة المتحجرة والتقليدية والخاضعة لدين العصبية والتعنصر قُبالة مشروع اصلاحي يبدأ من داخل الامة الاسلامية على يد الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف وهو يؤسس اول لبنة لنهضته المهدوية العالمية الكبيرة باعادة صياغة تاليف سور القران الكريم ليضع سورة العلق اولا وسورة ن او القلم ثانيا ، والمزمل ثالثا .... وهكذا حتى نهاية القران حسب نزوله اول مرة ، وحسب ماجمعه علي بن ابي طالب في قرآنه ثاني مرّة !!.
ثم اضافة لهذا التصور الواقعي ، بين امة مسلمة مغيبة ، ستمتنع حتما من التجاوب مع اي عملية تغييرية اسلامية مهدوية كبرى في المستقبل وهي بحاجة الى صدمة ثورية فكرية مهدوية تعيد لهاوعيها ونهضتها الفكريةوبين مشروع يفتتح نهضته الاصلاحية باعادة صياغة اقدس مقدساتها وجمعه وتاليفه من جديد الا وهو القرآن الكريم لابد ان ننتبه الى انه لا رقي لهذه الامة ولا تطور ولانهضة حقيقية ، الا اذا حُملت هذه الامة من جديد على قرآن علي بن ابي طالب الذي سيفتح الافاق العالمية لهذه الامة لتطرح نفسها من جديد على العالم وبشكل وصورة وثقافة وفكر ووجه مختلف وجديد ايضا !!.
اي ان الذي يعتقد ان هذه الامة المسلمة بامكانها ان تعود بقدراتها الموجودة لديها اليوم لمكانتها التي اوصلها لها في بادئ الامر العظيم محمد صلى الله عليه واله ، قبل ان تنتكس وترتد على ادبارها بعد موته صلى الله عليه واله ، وان تكون مهيئة فعليا للنهضة بمشروع عالمي كالذي سيأتي به الامام المهدي المنتظر وهي بهذه الصورة من التدني الفكري والتكلس التراثي والغيبوبة العقدية والتخلف النفسي والاخلاقي والاقتصادي والعلمي ....الخ ، فانه ليس فقط من الحالمين لاغير ، بل انه من معاتيه البشرية الذي بحاجة فعلا لاعادة قراءة سنن التاريخ والحياة والكون وان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم !!.
وإلا كيف لامة لاتدرك نفسها ، وتعيش في غيبوبة عدم ادراكها ، وتحمل من الموروث الموبوء ، والجاهلي المغلف بالقداسي والديني الشيئ الذي بحاجة الى طوفان كوني لازالته والتي تعيش خارج موازين ومقاييس العصر والعالم وهي الامة الوحيدة التي ولهذه اللحظة لاتفقه من قوانين دينها وقوانين كونها وقوانين تاريخها وقوانين ونواميس حياتها اي لغة ... ان تتمكن من النهوض البسيط بادارة حياتها بشكل افضل فضلا عن تفكيرها بقيادة مشروع يحاول تغيير الكون والعالم والبشرية جمعاء !!.
نعم الامة التي ستقود مشروع الامام المهدي العالمي والكوني لتظهره على الدين كله ولو كره الكافرون أمةٌ ينبغي ان تؤسس من جديد وان تنتمي الى برنامج قرآني مختلف تماما لما بين ايدينا اليوم من برنامج نقرأه كل صباح ومساء ، ولا نشعر اننا ازددنا اي شيئ مختلف عما قراناه بالامس من قرآن غير اضلال المضلين لنا وزيادة التخلف داخل حوزتنا باسمه الشريف !!.
الامة التي تريد ان تقود مشروعا كونياعالميا بشريا انسانيا ينبغي عليها قبل كل شيئ ان تكون امةمشرّفة في وجهها ورافعة للراس في انجازاتها واخلاقها ، وراقية وانسانية جدا في فكرها واطروحاتها ، ومثل هذه الامة تمتلك شوطا بعيدا وطويلا جدا على امتنا الاسلامية اليوم الغارقة في وحل الذل والهوان بين الامم ، والراكسة في طين التخلف الاخلاقي والعلمي والاقتصادي والمنتكسة في ضلالات التراث والتخبط والوجه الاسود بين الامم والشعوب !!.
ولهذا كان اول مشروع نهضة الامام المهدي (عج) هو اصلاح الامة من الداخل ، اصلاح مقدساتها القرانية بان يحملها على قران علي بن ابي طالب ع الذي سيهب لهذه الامة الخطوات الصحيحة من جديدلتنظيم فكرها واصلاح اخلاقها واعادة تقييمها واحترامها لنفسها ، لتكون بالفعل الامة التي يُلتفت لها باحترام ، وتؤمن بمشروعها باقي الامم والشعوب ، على اساس انه المشروع المفقود لهذه الامم والشعوب والمبحوث عنه لهذه البشرية والمشروع الذي يهب للبشرية الحرية الحقيقية والعدالة المفقودة والانسانية المسحوقة ...الخ ، وبهذا تؤمن الشعوب والامم بالاسلام وامته ومشروعه باعتباره مشروع انقاذ وعدالة وحرية للبشرية !!.
اما مشروع الغزو والقتل والدمار والعبيد والاماء والجواري ولغة الاستعلاء والتحقير .... وباقي هذه اللغة البهيمية اللابشرية التي يرفعها بعض المنتسبين لهذه الامة الاسلامية ، وباعتبار انه مشروع الاسلام لفتح العالم الانساني من جديد ، فيكفينا ان نشير الى ان هذا المشروع ، هو ما تعاني منه هذه الامة حتى اليوم ، وهو ماقدمته يد الخيانة لهذه الامة باسم الاسلام وعلى اساس انه من اعظم مبادئها الدينية ، ومثل هذه المبادئ الاجرامية ، ومع الاسف ، والتي انحدرت الينا من تراث جاهلي باسم الاسلام لابد له من اجتثاث يقلعه من جذوره ، ليبرئ الاسلام والامة والقرآن منه ، ومثل هذا الاجتثاث بحاجة الى ثورة بحجم ثورة الامام المهدي ، والى قرآن يعيد صياغة هذا الفكر ، ويطيح بكل شياطينه العالقة بجسم الاسلام والقران ليبدأ قرآننا مع الامام المهدي ع من جديد ب (( اقرأ )) اولا وليس باي لغة متخلفة اخرى !!.
ومن هنا يتبين لنا معنى تلك العلاقة الرسالية العضوية بين الامام المهدي عليه السلام وقرآن علي بن ابي طالب ع من جهة وبين الامة ونهضتها واعادة تشكيل مقدساتها وفكرها واخلاقها وعقائدها ... من جانب اخر ، لتكون بالفعل امة تطمح لقيادة الامم وتطمع لاصلاح مافسد منهاوترنوا لها الامم الاخرى على اساس انها الامة الوسطى التي تمتلك مشروع خلاص البشرية من ماسيها وكوارثها وانحداراتها واستعبادهل لراس المال وشياطينه في هذا العالم وغير ذالك !!.
___________________________________________________________________________________________________
*************** الخاتمة *******
في تجربةً شخصية ليّ حاولت من خلالها اعادة قراءتي للقران الكريم حسب ماوردفي الرواية عن قرآن علي بن ابي طالب ع وحسب ماروته المتون التاريخية والعلمية والحديثية من تسلسل لنزول سور القران (كما ذكرناه في المبحث الرابع ) من مكيه الى مدنيه باعتباره الاقرب لروح وحقيقة قران علي بن ابي طالب عليه السلام ، لاستكشف ماهي الاضافات الفكرية والاخرى الروحية وكذا النفسية التي تضيفها او تتمكن من اضافتها مثل هذه القراءة القرانية المختلفة عن ما موجود من ترتيب السور القراني العثماني على الشخصية الانسانية الاسلامية الفردية بالخصوص وفي عصرنا الحاضر بالتحديد ؟!!.
والحقيقة عندما شرعت بعقلية الباحث والمتأمل والمتساءل والمتلقي ... من فيض الفكر القراني وانا اقرأ القران حسب نزوله الزمني المرتب علويا ، والمنقول تراثيا وتاريخيا هالني ما اكتشفته من فروق فكرية واخرى تربوية وكذا روحية ونفسية ... تعكسها هذه القراءة على الفرد والمجتمع ، إن قُدر لهذه القراءة العلوية ان تصبح برنامجا ، ومنهجا يضاف الى قراءة القران العثمانية التي بين ايدينا اليوم !!.
في البداية وعلى المستوى الفكري لااخفي القارئ سرّا إن قلت انني تمتعت برحلة قرانية لم اكن اشعر بها في حياتي السابقة كلها عندما كنت اقرا القران مبتدأ من تسلسله العثماني المكتوب في المصحف الشريف من سورة البقرة في بدايته الى سورة الناس في نهايته ، بل انها كانت حقا قراءة مختلفة بدأت ب( اقرأ ) وانتهت ب (وهو رب العرش العظيم ) من سورة التوبة بسلسلة من السور القرآني منسجمة وانسيابية وغير قلقة وغير متضاربة ولاهي مشوشة لقراءة النص القراني ، فقد بدأت وانتهيتُ متحركا فكريا مع النص القراني زمنا بزمن ومكانا بمكان وحدثا بحدث والقران العلوي يأخذني من سورة الى سورة بتسلسل وانسجام قراني وتاريخي وفكري وروحي ونفسي عجيب غريب !!.
قرأت في البداية سورة العلق ، فكنت مع اجوائها اتنسم عبق الكلمة القرانية التي لم تزل وكانما هي طرية ندية تنزل للتو من فم الوحي الطاهر وهو يوحي باول كلمة نزلت على قلب العظيم محمد ص في غار حراء (اقرأ) !!.
اقرأ كلمة ورسالة شعرتُ في اول لقاء معها في القران العلوي انها كانت لي مباشرة ، كما كانت للعظيم محمد صلى الله عليه واله مباشرة وبلا فاصلة وهي تدعوني قرآنيا لبداية مشروع قراءة لايمكن الا الابتداء منه لتكون مسلما حقيقيا وواعيا وفاهما ومدركا معنى ان تكون انسانا قارئا قبل ان تكون اي شيئ آخر في رسالة الاسلام !!.
في القران العثماني الذي بين يدي وايدي المسلمين حتى اليوم ، كانت دائما بدايتي مع قراءة القران مبهمة وغامضة وغريبه ومستعصية الفهم على فكري وعقلي وقلبي ونفسي وروحي وانا ابتدأ قراءتي لسورة البقرة ب ( أ ل م ..)) !!.
ما ذا تعني هذه الحروف المقطعة أ ل م ؟.
هذا اول سؤال يواجه اي قارئ للقران اليوم في العالم البشري كله فضلا عن العالم الاسلامي وهو يفتتح قراءته للقران بسورة البقرة ؟.
من اول وهلة يفاجئني طلسم ( أ ل م ) وانا افتتح قراءة قراني الذي بين يدي برموز واحرف دوخت العلماء منذ نزول القران حتى يوم المسلمين هذا الى ان عجزت الامة اولها واخرها وفي نهاية المطاف قال الجميع :(( الله اعلم بمراده )) !!.
اما بدايتي مع قران علي بن ابي طالب ع المرتب حسب نزول القران ، والذي في بدايته تاتي سورة العلق التي ابتدأ فيها بعد بسم الله الرحمن الرحمن :(( اقرأ باسم ربك الذي خلق ..)) فالبداية والافتتاح والتلقي والاستيعاب وصفاء الفكر ....الخ شيئ مختلف تماما ومبدع حقا وغير معقد ولايختزل اي طلاسم واحرف غير مفهومة القصد والمعنى الا لله سبحانه ، بل انه شيئ بالفعل مبهج ومفهوم وهادئ ، ومنسجم مع افتتاح مسلم لقراءة قرانه المقدس وهو يدرك ماعليه ان ينتهج من مشروع يبدأ بالعلم وبالقراء وبالوعي وبالثقافة !!.
في بداية قران علي بن ابي طالب ع انت وانا نبدأ بقراءتنا للقران بالدعوة الى قراءة قرانية تسلط الضوء على قراءة كل شيئ في هذا الوجود من نافذة الله الذي خلق ، نقرأ القران باسم الله ونقرأ الحياة من خلال نافذه الله ونقرا الكون باسم ربنا ونقرا العالم والانسان والتاريخ والحاضر والماضي والمستقبل .... كل هذا نبدأ قراءته مع اول كلمة من قران علي بن ابي طالب ع الذي رتب مبتدأ بكلمة (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) - 23 - !!.
ثم بعد ذالك تأخذك اجواء قراءة قران علي بن ابي طالب برحلة تبتدأ معك انت الانسان المنفرد الذي لايشاركك في هذا الوجود احد غير الله سبحانه وانت الجالس بين يدي القران لتتدرج وانت وحدك مع الرب الذي : (( خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم ....)) !!.
بعد هذه السورة تتلقفك سورة (ن) او القلم ، في الترتيب القراني العلوي لعلي بن ابي طالب ع لتستمر بك بلا انقطاع ولا تيه ولاتضارب ولا ضياع للخطوات بل ايضا لم تزل مع مشروع القراءة واجوائهاالقرانية وادواتها الفكرية من قلم وسطور وكتابة ورسالة و..... غير ذالك ليقول النص لك :(( ن والقلم ومايسطرون ما انت بنعمة ربك بمحنون ...)) !!.
انها نفس الاجواء الخطابية الفردية التي تخاطب الانسان المؤمن بالقران سواء كان العظيم محمد صلى الله عليه واله او كان انا او انت ممن يؤمنون برسالة هذا القران ، وهي تنبهنا الى وعورة طريق الايمان وضريبة الاستمرار والتضحية من اجله :(( ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين فلاتطع المكذبين ودّوا لو تدهن فيدهنون ))!!.
بعد ذالك ندخل في اجواء سورة المزمل حسب الترتيب القراني العلوي ، وبعدها شقيقتها التوأم سورة المدثر ، وايضا نحن لم نزل في شوط الخطاب الفردي وليس الاجتماعي في التوجيه القراني وهو يشير الى :(( يا ايها المزمل قم الليل الا قليلا )) في سورة المزمل ، والى :( يايها المدثر قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر) في سورة المدثر وكأنما الخطاب اعداد فردي وخطاب شخصي لي ولك يدعونا لهجران الراحة ، وعدم التفكير بالدعة لنستعد لقيام الليل اعظم عبادة اسلامية عرفتها البشرية في الاديان حتى اليوم ، ولنستعد ايضا بثياب طاهرة وقلب خالص ونية صادقة للانذار وللتبشير للاكبر سبحانه وتعالى !!.
انه شوط فردي قراني طويل ، لتربية الفرد الانساني المسلم ، واعداده بشكل صحي وجيد ومتين ورصين وهادئ قبل زجه في المعترك الاجتماعي الذي هو بحاجة الى انسان مسلم واعي يحمل رسالة الرحمة الالهية للناس اجمعين ، ويحمل رسالة الفكر والقراءة ، ويحمل رساله الثياب الطاهرة والاخلاق الحسنة ، والهجر الجميل للعنف والاساءة ويحمل رسالة قيام الليل وقراءة القران في داخله ويحمل رسالة الصلاة والصبر على الاذى ويحمل رسالة التقوى والسجود ، ويحمل رسالة الايمان والصلابة وتكامل الشخصية ويحمل رسالة عدم المداهنة على حساب الصدق والحق ويحمل رسالة ومشروع ترتيل القران وحمل القول الثقيل ، ويحمل رسالة التمرس والتلذذ بناشئة الليل ، التي هي اشد وطئا واقوم قيلا ، ويحمل قيامة الانذار لله ولخير البشرية ويحمل ..... الخ !!.
كل هذا ينبغي ان يمر فيه الفرد المسلم وهو يقرأ القران الكريم ، ويتمرن على استيعابه ويدرك ويؤمن بضرورته حسب قراءة قران علي بن ابي طالب ع قبل ان يصل الى الايات ، التي تدفعه لاجواء الصراع الاجتماعي العنيف ، والمزاحمة على اصلاح الحياة والعيش داخل مجتمع فيه من الفساد والنفاق والكفرالذي يفرض على المؤمن الصدام واللجوء للعنف لاجهاض مشروع الرحمة الذي يحمله الشيئ العظيم !!.
هذا فيما يتعلق بقران علي بن ابي طالب ع المرتبة سوره حسب نزول سورالقران من المكي الى المدني وكيف انه يوفر للفرد المسلم تربية عالية الضبط واعادة تاهيل ودورات تسامي فكرية وروحية تاخذ بيده خطوة خطوة نحو الكمال والتسامي الفردي والشخصي اولا وقبل ان ينفتح على الاخرين ليصلح ويرمم ماعندهم من اعوجاج ، يكون هو بعد هذه الدورة القرانية من قيام الليل وقراءة القران وادراك معنى الصبر وتحمل الاذى والهجر الجميل للعنف ....الخ التي مر بها قراءة في قران علي بن ابي طالب ع قد تهيئ فعلا ليحمل رسالة الاسلام العظيمة والكبيرة للعالمين جميعا !!.
اما فيما يتعلق بمن يقرأ القران حسب جمعه العثماني الذي بين ايدينا حتى اليوم والذي يبدأ بسورة البقره الطويلة ، فان حظه من هذا الترتيب التربوي الفردي ، والمركز بصورة مكثفة من الاعداد الفكري والنفسي للفرد المسلم ومع الاسف الشيئ القليل جدا بحيث ان احدنا عندما يفتتح قراءته للقران بسورة البقرة لا يكاد يفقه حقا اين مبتدأه واين منتهاه ؟ ، وما هو مشروعه الفردي اولا والواجب الملقى عليه قبل غيره ثانيا ؟، بل لا اخفي سرّا ان قلت ان احدنا عندما يبتدأ قراءته للقران الكريم من سورة البقرة باعتبارها المفتتح لمشروع قراءة القران ، فكأنه يتهيئ ليدخل في متاهة فكرية لايعرف كيف ولماذا دخلها اصلا او انه على احسن الاحوال ، سيشعر ان هناك مقدمات مفقودة تماما ، لطريق سورة البقرة لايدرك اين هي وكيف اقتطعت من بداية طريق البقرة ليدخل هو لقراءة سورة البقرة بلا مقدمات ، وليجد نفسه في معمعة تبدأ بطلسم الاحرف المقطعة وتقسيم المجتمع في هذه السورة الى مؤمنين وكافرين ومنافقين ثم تستفيض في تاريخ اقوام بني اسرائيل والتدافع مع الاخر المختلف عقديا مع الاسلام ، والجهاد لهم وكمية هائلة من تداخلات القصص والاحكام والامثال المعقدة والتواريخ التي اصلا لم يسمع بها الفرد المسلم لافي تاريخه ولافي ثقافته البسيطة ... وهكذا !!.
ان ماذكرناه انفامن مثلين قرانيين الاول يبتدأ بسورقرانية مكية مرتبة حسب نزول القران تؤكد على الجانب البنائي والتاهيلي والفكري للفرد المسلم والاخر يبتدأ بسورمدنية ليس لها ملامح الا ملامحها الوعظية العامة فذالك لنقول ان هناك بون شاسع فكريا وروحيا ونفسيا وعقديا على بناء الشخصية الاسلامية الفردية ، وكذا فيما بعد الاجتماعية بين ان نبدأ مشروعنا بقراءة القران حسب الترتيب العلوي الذي تذكره المصادر التاريخية لنا عن قران علي بن ابي طالب وفلسفته في جمع القران ولماذية ترتيبه بهذه الصيغة من الجمع ، وبين قران ليس له فلسفة من اول يوم في جمعه سوى ان السلطة التي كانت قائمة قبل الف واربعمائة سنة ارتأت ان تجمع القران بهذه الصيغة ، والجمع لمجرد تاخير سوره المكية عن المدنية بسبب ، ربما كانت تثير ازعاج قادة الكفر المكي انذاك !!.
فالحكمة هناوالفلسفة هي في كيفية بناء القران الكريم وسوره الشريفه للفرد وللمجتمع بصورة يمكن ان تضمن انعكاسا فكريا وعقديا وروحيا ... ايجابيا على متلقي القران والجالس بين يديه وهو يبحث عن المشروع الذي ياخذ بيديه من البداية وحتى النهاية بتصور ورؤية لاتضارب فيها ولاتناشز ولاتناقض او لبس على الاطلاق ، وليس الحكمة ان نضع القران بين يدي اي قارئ لنتركه في متاهة لها اول ، وليس لها اخر ، وهذا ربما كان هو من اهم الدوافع ، التي صيرت امير المؤمنين ع لجمعه للقران الكريم بصيغة وكيفية تضمن تمرحلات سور القران الكريم نفسه ليجمعه كما نزل بالتحديد وبسور مكيها يسبق مدنيها وبتدرج شاء السميع العليم ان يكون لكل سورة من القران الكريم موضع ومرحلة تاخذ حيزها الطبيعي من تربية الفرد المسلم ولترتقي به سُلمة سلمة الى ان تصل به الى الكمال الاسلامي للفرد المسلم الذي تطور وتكامل في يوم من الايام حتى اصبح يحمل روحا واخلاقا وتطلعا عالميا كبيرا وكبيرا جدا قبل ان ينتكس ويرتد على عقبيه !!.
نعم كل هذا شعرتْ به تجربتي الشخصية لقراءالقران بترتيبه العلوي العظيم وكل هذا دفعني في الماضي وحتى الحاضر لاسأل بالتالي :
اذا كان المبنى في ترتيب وتاليف جمع القران في السابق من قبل سلطة خلفاء المسلمين الثلاثة بعد وفاة العظيم محمد صلى الله عليه واله ، لحفظ القران من الضياع كما ادعت ، واليوم اصبح القران مصون من اي تلاعب ، وكان المبنى لعلي بن ابي طالب ع في تاليفه وجمعه للقران هو هداية الامة وصيانة مقدساتها من التحريف والزيادة والنقصان في الجهة المقابلة ، فما الضير ان تفكر اليوم هذه الامة بالعودة (( لجمع القران علويا )) اذا كان هذا الجمع لايمس مطلقا اي حرف من حروف القران بالتغيير او التبديل غير تقديم سوره المكية على سوره المدنية لاضافة نوع هداية وخطوات وبرنامج يعيد لفكر الامة خطواتها الصحيحة وياخذ بيدها لفهم اعمق لاسلامها ودينها ومعتقدها ؟.
واذا كان مشروع اعادة تجميع القران حسب الترتيب العلوي لنزول سور القران زمانيا من سابع المستحيلات اليوم بسبب ان امتنا اليوم هي اضعف واصغرمن ان تفكر بهذا المستوى العالي من اعادة صياغة حياتها بصورة شاملة وانها ادمنت الجمود وعبادة ماهو قائم ، حتى وان كانت كلمة الامة متفقة على ان امر جمع القران كان اجتهادا من قبل المسلمين ، وما اجتهد به الاولون يمكن ان يجتهد به الاخرون لكن على فرض ان الامة لم تزل بعد غير مهيئة للانتقال الى خطوة جمع القران من جديد لتتبنى صيغة قران علي بن ابي طالب باعتبارها مشروعا اسلاميا ثوريا للامة كلهاوبامكانه ان يعيد الروح لجثة الامة الهامدة فما الضير ان قمنا بطباعة المصحف الشريف مرتبا حسب نزول السور القراني وجعله منهجا دراسيا لدراسة اطفالنا وحفظهم للقران الكريم حسب نزوله ولنبتدا معهم من السور المكية لحفظها لننتهي عند السور المدنية وبهذا نكون بدلا من ان ندّرس ابنائنا القران الكريم لحفظه من جزء عم الى جزء تبارك .. الى باقي الاجزاء الثلاثين للقران نكون في المنهج الاخر قد علّمنا وحفظنا ابنائنا نفس القران الكريم ونفس سوره المكية قبل المدنية ولكن بترتيب قران علي بن ابي الطالب الذي يبدأ بسورة (اقرأ ) وينتهي بسورة (براءة ) ؟.
وربما لاهذا ولاذاك ممكن الحصول باعتبار ان لدينا وداخل امتنا الاسلامية كوارث لها اول وليس لها اخر ، واصغرها كارثة التكفيرين الخوارج من سلفية هذا العصر الذين ادمنوا احتساء ولذة تكفير المسلمين لاتفه سبب وقطع رقابهم وشرب دمائهم بنشوة ولذة ومعاقرة على نفس منضدة الشيطان الرجيم ، فلماذا لايقوم اصحاب العلم وتفسير القرآن ببداية مشروع جماعي وليس فردي يتبنى تفسير القران حسب نزول سور القران الكريم وحسب ماورد عن ترتيب قران علي بن ابي طالب ع ليرى علماء التفسير والبيان القراني كيف تتغير عندهم بوصلة التفسير الاسلامية راسا على عقب ؟، وكيف انهم سينتجون تفسيرا لنصوص القران مختلفة تماما في عمقها وجديتها ونسقها وانسجامها مع بعضها والبعض الاخر ؟.
نعم ليبدأ علماء هذه الامة لتهيئة الاجواء الفكرية الاجتماعية والنفسية من خلال كتابة التفسير القراني حسب تسلسل نزول السور القراني ، ولتكون هذه الخطوة الاولى لمشروع اعادة صياغة وتجميع القران ، وسترى الامة كيف ان حياتها الاسلامية ايضا ستتغير وتعاد لها صياغتها تلقائيا تبعا لهذه التغيير واعادة الصياغة لسور القران الكريم !!.
طبعا مثل هذه الاسألة والمقترحات لاعادة جمع القران الكريم ، وصياغته وتاليفه حسب ترتيب قران علي بن ابي طالب ع او الاقرب اليه لااعتقد ان احدا قد طرحها من قبل على هذه الامة كما انني ربما اعتقد انه لااحد يمكنه ان يجرأ فقط على التفكير بمثل هذا الطرح باعتباره طرحايتناول اقدس مقدسات المسلمين القران الكريم الذي استقرت كلمة الامة على صياغته منذ الف واربعمائة عام ، لكن من الجانب الاخر ونظريا فان هذه الامة نفسها تقرا ، ويُروى لها وتؤمن بان هذا القران وبتاليفه القائم اليوم سيتغير حتما ويُعاد صياغته وجمعه على يد وفي زمن الامام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف ، وهذا مايدفعني وربما غيري لطرح مشروع اعادة صياغة وتجميع القران باعتباره خطوة على طريق نهضة هذه الامة وانها الخطوة التي لابد منها لاعادة انتاج امة قد ماتت تماما او استهلكت كل ماعندها ولايمكن لها ان تنتج ماهو نافع مع جمع القران العثماني الذي بين يديها حتى اليوم !!.
بقيت واحدة لديّ وهي ان سيرة وسنة الصحابة كانت قائمة بان يكتب كل صحابي قرانه الذي ياخذه من الرسول الاعظم محمد ص مباشرة وبيده ليُضاف هذا القران الى حامله فكان لدى هذه الامة قرّاء كما كان لهؤلاء القراء ولكلٍّ منهم قران يحمله معه بخط يده فكان قران علي بن ابي طالب ع وكان قران ابن مسعود وقران ابي .... وهكذا ، ومع ان تلك السنة للصحابة الكرام قد احدثت نوع من الاشكالات العلمية والفكرية في قراءة وترتيب سور القران الا اننا اليوم كأمة مسلمة بامكاننا التأسي بعمل الصحابة الكرام ولكن بشكل مختلف لايثير الشبهة ولايصنع اي مشكلة للقران !!.
نعم ليتب كل فرد منا قرآنه بيده مستنسخا من القران الكريم نفسه ، ولكن بترتيب سوره حسب الترتيب العلوي الذي انتخبه علي بن ابي طالب لقرانه عليه السلام ، وليكون لكل منا وفي بيته قران كتب بخط يد الحامل وسترى الامة كيف يكون التغيير بصورة عامة مذهلا وكبيرا وعميقا الى اقصى غاية ممكنة !!.
ان القران الكريم هو سر وجود هذه الامة المسلمة واستمرارها في هذه الحياة ، كما ان عدل القران من العظيم محمد صلى الله عليه واله واهل بيته الطاهرين وعلى راسهم علي بن ابي طالب ع ايضا هم سر رفعة وقوة ونهضة هذه الامة ، ولايمكن ان تأتينا وصفة الاهية تجمع بين علي بن ابي طالب ، وبين القران الكريم مجموعا ومؤلفا ومصنفا حسب نزوله ، ثم يكون بعد ذالك فشل لنهضة هذه الامة وتحاذل وانحدار في مسيرتها !!.
____________________________________________________
________________________
المصادر :
1: الاتقان في علوم القرآن / لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي / وبالهامش إعجاز القرآن للباقلاني / ج1/ ص 57/ المكتبة الثقافية / بيروت لبنان/ 1973م .
2: نفس المصدر /ج1/ ص 57.
3: نفس المصدر / ج1/ ص 71.
4 : الجامع لاحكام القرآن / القرطبي / ج1/ باب ماجاء في ترتيب سور القرآن واياته .../ ص59/ دار احياء التراث العربي / بيروت لبنان/ 1405 هجرية .
http://www.hodaalquran.com/details.php?id=13325: آية الله الشيخ محمد هادي معرفة /
6: تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب / ج2/ ص134/ دار صادر بيروت
7: اصول الكافي / ثقة الاسلام محمد بن يعقوب / ج2/ ص 604/ تحقيق العلامة محمد جواد الفقيه / فهرسة د يوسف البقاعي / دار الاضواء ط الاولى 1413 هجرية .
8: البيان في تفسير القرآن / السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي / ص 223/ مؤسسة الاعلمي للمطبوعات/ ط الثالثة 1394 هجرية .
9: التمهيد في علوم القرآن / محمد هادي معرفة / مصدر سابق
10: صحيح البخاري / كتاب فضائل القرآن / باب جمع القرآن .
11: تفسير الصافي / الفيض الكاشاني / ج 1 / المقدمة السادسة ص 40 / مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان / صححه قدم له الشيخ حسين الاعلمي .
12 : راجع ابن كثير /احداث السنة الثانية عشر .
13 : انظر الاتقان في علوم القران للسيوطي /ج1/ ص 71 / ردا على ابن حجر وادعائه الساذج بحفظ ابي بكر للقران في زمن الرسول وبعد وفاته ص قال :(( قلت لكن اخرج ابن اشتة في المصاحف بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال مات ابو بكر ولم يجمع القرآن وقتل عمر ولم يجمع القرآن ، قال ابن أشتة قال بعضهم يعني لم يقرأ جميع القرآن حفظا ...)) مصدر سابق .
أما عمربن الخطاب وعدم حفظه للقرآن فلسنا بحاجة لذكر اي مصدر غير ماطار في الافاق من شهرة خلطه بين القران وغير القران من اياته في الشيخ والشيخة ، وما علم عنه بالضرورة قوله من قال ان محمد قد مات قتلته وقراءة ابي بكر لاية وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل ... الخ !!.
14: الاحتجاج / للطبرسي من علماء القرن السادس / علق ولاحظ عليه السيد محمد الموسوي الخرسان / قدم له السيد محمد بحر العلوم / ج1/ ص 155/ مؤسسة الاعلمي بيروت لبنان / ط الثانية 1403 هجرية .
15 : انظر تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب / ج2/ ص 134 مصدر سابق
16: انظر علي الكوراني العاملي / قران علي بن ابي طالب / الفصل السابع .
17: الميزان في تفسير القران / السيد الطباطبائي / ج12/ ص 114/ ط الاولى 1411هجرية / مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت لبنان .
18: تفسير الصافي / مصدر سابق .
19 : انظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري / لابن حجر العسقلاني / كتاب تفسير القرآن / سورة الطور .
20 : الاحتجاج / للطبرسي / ج1 / ص 156 / مصدر سابق .
21 : اصول الكافي / لشيخ الاسلام الكليني / ج2/ ص 604/ مصدر سابق .
22 : الاحتجاج / للطبرسي / مصدر سابق .
23 : للمزيد من ادراك الافاق الفكرية التي يشير لها مشروع اقرأ راجع بحوثنا حول الكلمة القرآنية (اقرأ ) والتي كتبناها تحت عنوان (( من وعي القران )) وعنوان (( من هدي القرآن )) فصل دلالة اقرأ !.