مدونة فكرية سياسية واجتماعية تحاول أثارة العقل العراقي والعربي والاسلامي للتفكير المتطلع لبناء المستقبل من خلال رؤية لاتهمل التاريخ والحاضر !.
الأربعاء، أغسطس 24، 2011
(( العرب أمة ابتليت بوباء الردّة )) حميد الشاكر
سألني احدهم : ماذا يعني غياب الهدف والشعار من قبيل فلسطين وتحريرها او الامة وتوحيدها او حتى الرؤية ومقارباتها .......من كل تقريبا الثورات العربية الربيعية الجديدة التي شهدتها تونس ثم مصر ثم اليمن ثم ليبيا .... ؟.
اجبته بالاتي : الجواب واضح وهو ان هناك ثلاث مقدمات خاطئة في سؤالك فمن الطبيعي انك لاتنتبه لثلاث نتائج خاطئة وصلت لها في المعادلة !!.
سألني : وكيف ؟.
قلت :
اولا : انك وصفت ما يحصل اليوم في العالم العربي وحراك شعوبه التائهة ضد انظمتها بتهستر واضح على انه ثورة ، بينما الوصف الواقعي لمثل هكذا حراك جماهيري هو الارتدادة وليس الثورة !!.
ثانيا : تبحث عن اهداف في عمق الحراك الذي اسميته بالعربي الربيعي بينما الواقع ان هذا الحراك ليس هو عربيا شعبيا مئة بالمئة ولاهو ربيعيا كما يحلوا للاعلام تسميته بنفاقية سياسية عالية المنسوب !.
ثالثا : كان المفروض ان تكون ظاهرة غياب الاهداف عن اي حراك انساني يدلل بما لايقبل الشك بين مفهوم الثورة وغيرها ، لكن مع الاسف ولانقلاب الموازين الاخلاقية والفكرية لانساننا العربي وفقده لكل بوصلة علميا تزن افعاله اصبحت الظاهرة تقرأ بالمقلوب لتصبح الثورة هي التي لاتحمل الاهداف وليس الاهداف هي التي تهب الثورة هويتها وشرعيتها الطبيعية !!.
وبهذه المقدمات الخاطئة بنيت سيادتك كل النتائج الخطأفي قراءة الحراك والحدث العربي الخطير !!.
عادمرّة اخرى محاوري ليسألني التوضيح حول ما معنى الردّة في وصفي للحراك العربي الجديد ؟.
ولماذا لا يمكن لنا ان نطلق على هذا الحراك بانه عربي مع ان الشعوب العربية هي اداة التنفيذ بداخله ؟.
وكيف يتسنى لنا الغاء صفةالثورية والتغييرية على الحراك العربي القائم لمجرد فقدانه للاهداف الكبيرة وطموحات الامة وتطلعاتها التقليدية كتحرير فلسطين او بناء النهضة الصناعية الكبيرة ، او تحرر القرار السيادي السياسي لهذه الشعوب المستعبدة ؟.
فاجبته :
سيدي المحترم : ان قراءة واعية ، ومتزنة لما يحدث اليوم على الساحة العربية توضح لنا بشكل لالبس فيه ان هذا الحراك بهويته المعلنة هو عبارة عن ارتدادة هذه الشعوب لما كانت تهتف له في عشرات السنين الماضية فالقومية العربية والاشتراكية وكذا التحررية وكل الشعارات الاربعينية والخمسينية التي نادت بها هذه الشعوب العربية ، وضحت من اجلها وامنت بمبادئها واوصلت على اساسها حكومات ونظم جمهورية وشخصيات غاية في الفتك والدكتاتورية امثال بورقيبة وعبد الناصر وصدام حسين والعقيد القذافي والجنرال علي عبد الله صالح .. الخ هي هي نفسها الشعوب العربية اليوم التي ذهبت لتتحالف مع الشيطان واسرائيل في سبيل الوصول الى ردتها الجديدة على هذه النظم والافكار والدكتاتوريات التي ساهمت ببنائها ، وتثبيت اركان حكوماتها لعقود من الزمن ، وعلى هذا الاساس نستطيع قراءةالحدث العربي في (( ارتداداته )) الاخيرة في تونس ومصر واليمن وليبيا ... فهي ارتدادات على مشاريع قومية واخرى قطرية وثالثة اشتراكية اكثر مما هي ثورات بِكر تتطلع للمستقبل وتنسج احلام وخيالات لبناء غد افضل !!.
وعلى فكرة (قلت لمحاوري المحترم) فهذا الوباء هومرض قديم في هذه الشعوب العربية ورثته اول ماورثته ، عندما آمنت بالاسلام وبمحمد رسول الله ص ولكن وبعدمااختفى شخص الرسول الاعظم ص من المشهدالعربي السياسي فسرعان ما ارتدت امته عليه وعلى دينه ونظامه وخلفائه من اهل بيته الشرعيين لتعلن اول ثورة ارتداداتها المتوالية بعد حكومة الاسلام وحتى يوم الناس هذا !!.
وهكذ ااستمرت هذه الامة في صناعةالشعارات والانظمة والدكتاتوريات والهتافات والايمان الساذج بالمبادئ ...والكيانات لمرحلة معينة ، ولكن سرعان ماتعلن هذه الشعوب العربية نفسها ، بعد عجزها عن تحقيق اي هدف من اهدافها الثورية المعلنة سابقا انها بصدد القيام بثورة (اي بالمعنى الحقيقي ارتدادة) من ثوراتها العبثية ، التي تطيح بالقديم ، قبل اي انجاز له يذكر لتوهم نفسها انها بصدد بناء مشروع ثوري عظيم يصنع لها ما لم تصنعه الثورات السابقة !!.
هذا هو جواب مفهومنا للارتدادات العربية المتكررة ، وكيف انها اقرب للارتداد منها للثورة والتطلع للمستقبل ؟، وكيف ان هذه الامة العربية ومع الاسف ادمنت النفاق والكذب على نفسهاقبل غيرها عندماتسمي الاشياء بغير مسمياتها الطبيعية ليصبح الارتداد ثورة ، والثورة فتنة والباطل حقا ، والكرامة عارا !!.
اما ما ذكرته حول : لماذية عدم مقدرتنا بتسمية هذه الحراكات بالعربية او نسبة هويتها للجماهير العربية ؟.
فالجواب واضح وهو: كون هذه الامة هي بالفعل في مرحلة موت مؤكد بين الامم والشعوب ، ومعنى كون هذه الامة امة ميتة فهذا يدفعنا للاعتراف بان اي توقع لثورة من هذا المسجى بين الامم نكتة اقرب للطرفة منها للجد والحقيقة وعندما اتفاجأ انا وغيري بهبة جماهيرية متهسترة غير مسبوقة وتساندها ميديا اعلامية غربية قوية جدا مضافا لاموال بترول سعودي وخليجي مفتوح بلا نهاية للاطاحة بالنظم السياسية الحديدية الحاكمة لهذه الشعوب ،فعندئذ لابد ان اقف بين خيارين لاثالث لهما :اما الايمان بامكانية المعاجز في القرن الواحد والعشرين الراسمالي المادي حتى النخاع ، لاخدع نفسي وعقلي وكل وجودي بامكانية بعث امه هكذا وفجأة من الموت الى قيادة كل العالم بثوررات لانظير لها !!.
واما ان اقرأ المشهد العربي بواقعية لابحث عن تلك الاصابع التي تقف خلف هذا الشبح الميت العربي ، الذي انتفض من قبره ليطيح بنظم سياسية لم تتمكن دول كبرى من القضاء عليها فيما مضى !!.
في تونس ربما الوضع الفجائي الذي اطاح بنظام بن علي فيه كثير من الغموض لكن في مصركانت اصابع الادارةالامريكية واضحة المعالم في لعبةتهيئة الارضية لانقضاض الشعب المصري وارتداده على كل النظام الناصري القائم الذي اصبح اثرا بعد عين اما مؤخرا في ليبيا ، فلا اعتقد ان عاقلا يستطيع القول بصرحة ان الشعب الليبي هو الذي اطاح بنظام القذافي المجرم ، و لوحده بدون ان يعلن ان الفضل الاول والاخيرلطائرات الناتوا التي لم تترك لنا مجالا لرؤية صراحة التدخل الغربي الخارجي في اسقاط نظام القذافي المجرم !!.
نعم كانت ابعاد الانامل الغربية ، والامريكية والصهيونية واضحة المعالم ، مع كل خطوة خطتها هذه الشعوب العربية التائهة ، وهي تجري للموت كيفما اتى وحتى عندما كانت تريد ان تعبر هذه الشعوب عن ذاتها بتمثيل الثورية فقد كانت عينها شاخصة الى تهديد نظمها السياسية القائمة بالمحاكم الدولية اولا ، وقبل كل شيئ قبل اعتمادها على قدراتها وغير ذالك !!.
يتبقى لنا من سيناريوا الارتدادات العربية الجديدة التي حتما سوف تقود المنطقة للضياع فصل الثوريةولماذا لايمكننا ان نصف هذه الهبات الارتداديةلهذه الشعوب العربية على اساس انها ثورية وصاحبت اهداف استراتيجية !!.
في السابق كانت الاهداف تسبق الثورات دائمت ، لان اهداف الثورات هي قوانين التغييرات الكبرى التي تنتجها اي ثور في هذا العالم بينما وكدلالة على ارتداداتنا العربية وكعلامة لالبس فيها باننا لسنا اصحاب ثورة ،وانما نحن فرسان ارتدادات خائبة هو ان جميع هباتنا الارتدادية اليوم ، وبلا استثناء انفقد فيها الهدف من الاساس ولاتغيير عقلائي بلا هدف ،ولايمكن لانسان ان يقوم بعمل انساني معقول بلا غاية او هدف !!.
لكن المهزلة قد وقعت انتفاضات مليونية عارمة في مصر ، وفي اليمن وفي ليبيا ... تريد كل شيئ ولكن بدون اعلان اي شيئ سوى اسقاط الانظمة القائمة لاغير واستبدالها بانظمة لالون لها ولارائحة ولاطعم !!.
والا ماهي اهداف الارتدادة التونسية بالتحديد ؟.
وماهي اهداف الارتدادة المصرية وكذا اليمنية واخيرا الليبية ؟.
نعم سقطت انظمة في مناطق هبت شعوبنا العربية فيهاضد الانظمة بحماية غربية وبتمويل بترولي واعلامي خليجي معروف الغايات ولكن ماذا بعد ؟.
اين الشعور والاحساس الثوري بهذه الارتدادات العربية ؟.
اين الاهداف والروح والغايات الكبرى ؟.
اين اتجاه البوصلة ؟.
اين هموم الوطن والامة والشعب وخطط التنمية داخله والتحرر والتطلع للانتقال بهذا الشعب الى عصرالصناعة والنهضة الحقيقية ليكون بمصاف الامم والشعوب الحرّة والمستقلة بدلا من الاستعباد والتبعية ؟.
لاشيئ من ذالك مطلقا طرح كشعارات او اهداف لهذه الارتدادات العربية !!.
بل الانكى والامرّ فعلا ان هذه الارتدادات العربية ولانها مجرد ارتدادات متهسترة جماهيريا لاغير لم تكتفي بان اصبحت اداة طيعة بيد الاستعمار والغرب وعملاء التصهين الخليجية وغير ذالك بل انها ارتدادات تحاول حتى اسقاط كل شيئ جميل او ماتبقى من الجمال في هذه الامة ، لترتد حتى على بقعة الضوء المشرقة في وجودها العربي الا وهي مقاومة اسرائيل لتحاول اسقاط انظمة واحزاب وتيارات اشتهرعنها الوقوف مع المقاومةوماتبقى من كرامة هذه الامة الميتة كما يحصل اليوم في ارتدادة هذه الشعوب العربية على نظام المقاومة العربي والاسلامي في سوريا وحزب المقاومة في لبنان ودولة الجمهورية الاسلامية في ايران !!.
نعم اذا قررت هذه الشعوب العربية ان تغير بوصلة التغيير بداخلها لينسجم مع تطلعات واهداف الشعوب الحرّة والفاعلة يكون هذا هو اول فتح حقيقي وثورة حقيقية نرجوا من الله ان لاترتد عليها هذه الا مة من جديد ، اما اذا بقت هذه الامة بتيهها القديم الجديد واعتقدت ان ماتقوم به اليوم من تهستر هو ثورة عملاقة من اجل الحرية والكرامة الانسانية ، فلاغرابة ان تعود هذه الامة بالقريب العاجل لتنقلب وترتد على الارتداد ولتبقى في هذه الدوامة من الردة وردّة الردة على نفسها الى ان يقوم يوم الحساب ولاحول ولاقوة الابالله !!.
alshakerr@yahoo.com
http://7araa.blogspot.com/ مدونتي تتشرف باطلاعكم