___________
يبدو من المعطيات والتطورات السياسية التي تبلورت بعد احداث باريس 13
/ نوفمبر / 2015م / الاجرامية والتي تبناها فيما بعد تنظيم داعش ، وما لحق ذالك من
تسارعات امنية في اوربا ودخول الرعب الى
القلب الالماني وحتى تطاير شرر الارهاب الداعش الوهابي مؤخرا باحداث كالفورنيا 2 /
ديسمبر / 2015/في الولايات المتحدة وقتل اكثرمن سبعة عشرمواطنا هناك واصابة
العشرات بالاضافة الى وجود روسيا على الارض السورية بصورة مبابشرة وعزمها على
انهاء داعش و ... ، يبدو بعد كل ذالك ان العالم الغربي بصورة عامة والولايات
المتحدة بصورة خاصة قدحزموامرهم بالنسبة لمصير تنظيم داعش وضرورة التخلص منه من
جهة ، وانه تنظيم مع ان صناعته ورعايته وتمويله ، وحُقن استمراره كانت كلها
برعاية ، وصناعة مخابراتية امريكية
وسعودية وهابية صهيونية الاّ انه تنظيم قد استهلك كل وظائفه التي من اجلها قد صنع
وبانت عليه امارات الارتدادات العكسية ، التي تضرب هنا ، وهناك في قلب اوربا والولايات
المتحدة بدلا من الاستمرار بوظائف ادامة
الفوضى الخلاّقة في العالمين العربي والاسلامي التي من اجلها صُنع وتحت استقطاب
بوصلتها قد سمح له بالبقاء والاستمرار من جانب اخر !!.
طبعا (للتذكير) قبل داعش كانت لعبة القاعدة ، التي صُنعت برعاية امريكية وسعودية في افغانستان لمناهضة االسوفيت انذاك ، قبل
خروجها عن السياق الذي رسم لها استراتيجيا
من خلال احداث 11/ سبتمبر/2001 في الولايات المتحدة ، والتي دفعت بدورها الولايات
المتحدة لتتخذ قرار الغزو لافغانستان تحت تاثير الكرامة الامريكية التي تمرغت في
الوحل عالميا !.
وبالفعل ماهي الا ايام قلائل بعد ان غزت القوات الامريكية افغانستان
في/ 7 / اكتوبر/ 2001 م/ ، واذا بالقاعدة تتبخر من الوجود السياسي ، والاجتماعي الافغاني
لتعود خلايا تتحرك داخل اقبية الكهوف
والمغارات الافغانية وحتى نهايتها في العراق وصناعة داعش بدلا عنها !.
اين ذهبت القاعدة وقادتها وقوتها التي لاتقهر ؟.
كان هوالسؤال الذي شغل الميديا والاعلام العالمي انذاك عندما دخلت
القوات الغازية الامريكية لافغانستان بلا ادنى مقاومة للقاعدة او قواتها التي ضخمت
في الاعلام الغربي الى درجة اعتقد العالم كله بانها القوة التي سوف لن تقهر بسهولة
!.
الحال هي الحال والسيناريو هو السيناريو نفسه لكن مع داعش هذه المرة
!.
في البدء كانت (الفكرة داعش) بدلا من القاعدة فمن جهة ( كان صانع
الفكرة بندر بن سلطان مدير المخابرات السابق ومن اهم مبرراتها واهداف صناعة داعش
هي انها ) تشكل اولا نواة تناقض من قلب
القاعدة لتنقلب على القاعدة وتقتلها او تنفيها من الداخل عقابا للقاعدة وقادتها
على تمردهم على صنّاعها الامريكيين وسادتهم الوهابيين السعوديين وهذا ما حصل بالفعل
عندما صُنع ابو بكر البغدادي على العين
الصهيوسعودية امريكية وفي السجون العراقية ليقدم فيما بعد كزعيم محتمل لخلافة الظواهري ، والاطاحة بعرشه
القاعدي في العراق الذي ورثه عن ابن لادن
بعد مقتله !.
ومن جانب اخر (داعش) التي تقوم بنفس وظيفة القاعدة قبل ان تتمرد وتحت
نفس ايدلوجيتهاالوهابية السعودية الصهيونية وتحت اشراف نفس المخططين والصانعين
والممولين للقاعدة من قبل وتحت سقف السيناريونفسه في ( ادامة الفوضى ونشر
معطياتها = ، حروب طائفية + ، ضرب مؤسسات
الدول + تدمير شامل لبنى اقتصادية + ، تغييرات ديمغرافية وجغرافية لسكان المنطقة +
..... الخ )) في العالمين العربي
والاسلامي !.
في البداية اظهرت داعش بقيادة الرفيق ابو بكر البغدادي ، وعصاباته
البعثية الاجرامية ( تفانيا ) في تطبيق المخطط الامريكي الصهيوسعودي في العراق وفي
سوريا ، ونجحت بالفعل في الخطوة الاولى والثانية في اضعاف القاعدة قبل قتلها
نهائيا معنوياوماديا في العراق وسورياوباقي مناطق النفوذ الداعشي في العالم العربي
الاسلامي بالخصوص ، واستطاعت (داعش) ان تديم عجلة الفوضى بالمنطقة كماهو مرسوم لها
من قبل صناعها ورعاتها الاصليين !.
لكن وكما اشرنا كثيرا ( سوسيولوجيا سياسيا واجتماعيا ) في كتاباتنا
وبحوثنا حول حركات التطرف ، والارهاب الوهابية السعودية الحديثة ، والمصّنعة امريكيا واسرائيليا
ان امثال هذه الحركات والتيارات الارهابية ركبت تركيبة معقدة ، وتتميز بميزة
جهنمية (قصد) راسم اللعبة الاميريكي نفسه ان يضعها في قلب معادلة صناعة هذه
التيارات الارهابية التدميرية منذ البداية
الا وهي ميزة :
(( انها تيارات تصلح لصناعة الفوضى، وادامتها في اي منطقة تحركت فيها
لكنها تيارات لايمكن ان تكون صالحة ، او قابلة للتحول الى مشروع دولة او التفكير
في عمران شعب او بناء اقتصاده او ادارة شؤونه بشكل طبيعي )) .
ولهذا حتى القاعدة ، قبل افول
نجمها لم تستطع ان تتحول بتفكيرها الى دولة مع ان السعودية الوهابية انذاك والامارات وباكستان حلفاء الولايات المتحدة
الامريكية قداعترفوا بحكومة طالبان(التي كانت مجرد واجهة لحكم القاعدة ) في
افغانستان في 25/مايو/ 1997م/ لكن لم تسمح (حويملات ماهو مصنوع ومركب و مغروز في
قلب هذه التيارات) الارهابية من ان تخضع لما تتطلبه الدولة والحكم من آليات وبقيت
دوافعها ، او لنقل قواعدها الفكرية التي بنيت على اساسها (امريكيا سعوديا) دائما
متطلعة الى التمرد على كل ماهو مستقر ونشر الفوضى وضرب الاستقرار في اي مكان وصلت قوتها
اليه !.
داعش عندما اكدنا في بداية بروزها ، واعلان خلافتها الهلامية في : / 29 / يونيو/ 2014 / بانها حركة ، او تنظيم لا يختلف
في اليات وجوده ، وحركته واهداف صناعته عن
ما رسم للقاعدة من قبل وحتى ان بدت داعش في بداية تبلورها على انقاض
القاعدة انها حركة ، او تنظيم مختلف بعض
الشيئ عن القاعدة ( من خلال طرح او
استخدتم مصطلح دولة وربط هذه الدولة بحدود العراق والشام فحسب ، او من خلال تاخيرها للاعلان عن انها خلافة
منتفية الجغرافية و ...الخ ) لكن هذا لاينفي كما اشرنا مرارا انه تنظيم (( تتحكم
فيه اليات تاسيسه اكثر من اي شيئ اخر وليس اهدافه ( اقامة الخلافة ، وتطبيق شرع الله
و ...) الا انجرار وارتباط بهذه الاليات
التاسيسية التي ركب عليها منذ البداية )) !!.
وهذا يعني ان من مميزات بل و(حتميات ) داعش السوسيولوجية الاجتماعية
والسياسية والدينية الوجودية هي :
اولا : انه تنظيم صّنع وركب على اليات كيفية صناعة الفوضى او ادامتها في العراق
وسوريا فحسب اما اذا خرج خارج هذا السياق فيعتبر ذالك من مؤشرات تمرده او انفلات
حركته عن ما مرسوم له من وظيفة .
ثانيا : انه تنظيم لايمكن ان يتحول في وظائفه السوسيولوجية والسياسية
التي صنع من اجلها الى دولة اوحكم مستقر وصاحب رؤية مشاريع ادارة واعمار اجتماعية
، واذا ما حاول ذالك ، فنفس اليات وجوده التاسيسية ستفرض عليه (باسم الخلافة مثلا)
ان يتمدد الى خارج الحدود الجغرافية السياسية لاي دولة مما يدخله في اطار ( فقد
الشرعية) وتهديد السلم والامن الدوليين في العصر الحديث .
ثالثا : انه تنظيم لايمكن ان ينموويستمر ويتحرك الا في اجواء انهيار
سياقات اي مجتمع حديث من خلال الاختلافات الايدلوجية السياسية وتهيئة الارضية
لدخول الفوضى والاضطراب ، عندئذ يتمكن
امثال هذه التنظيمات الارهابية بالولوج والكمون في هذه المياه الاجتماعية الهائجة
والتحرك فيما بعد .
رابعا : انه تنظيم ، كسابقاته من التنظيمات الارهابية التدميرية صُنع
صناعة وبرمج برمجة مرتبطة بشكل مصيري مع الوظيفة التي يقوم بها ، وفي حال انتفت
الحاجة الوظيفية له فسينتهي عمله ووجوده من اي مجتمع حتما .
اي بمعنى اخر لو فرض انتفت الحاجة السياسية الاستكبارية من وجود امثال
هذه التنظيمات فسيتم القضاءعليه بشكل مباشراوان المجتمعات التي اقتحمتها داعش وعاثت فيها الفساد عادت (( هذه المجتمعات ))
لايجاد صيغة تعايش مشترك فيما بينها ورممت سياقاتها الاجتماعية من جديد فسوف تنتفي
الحاجة لتنظيم داعش وتنتهي متطلبات وظائفه من اي وجود اجتماعي قائم !!.
خامسا : انه تنظيم مخترق تماما من اصابع مصنعيه في بادئ الامر ، اي ان
من صنع هذه اللعبة لم ينس ابدا ان يضع رؤوس خيوطه ، التي تحرك هذا التنظيم ،
لترقصه كيفما شاءت فيما بعد بيد الصناع الحقيقيين لهذه التنظيمات الارهابية الدمى
!.
فداعش (كما القاعدة ) وباعتبار انها قامت على الايدلوجيا الوهابية
السعودية فانها سوف لن تستطيع الاستغناء عن السعودية كممول ايدلوجي وعقدي اولا وكممول
مالي ومخابراتي معلوماتي وقيادي ثانيا و .... الخ ، ولهذا فليس من الغريب ان نجد
التمويل الاقتصادي ، والمخابراتي المعلوماتي وكذا البشري الانتحاري وهكذا العسكري و ...مستمرا
دائما من السعودية الوهابية بالتحديد مضافا الى اصطياد بعض المغفلين ، وشراء المرتزقة من
المقاتلين من هنا وهناك لتطعيم هذه
التنظيمات الارهابية !.
الخلاصة: ان تنظيم داعش وباعتبارالمعطيات (الداخلية التنظيمية
والخارجية المؤسسة والمصنعة له ) المقدمة انفا وباعتبار انه بدأ ( كما بدأت
القاعدة من قبل ) بالتمرد على الوظائف المناطة به
، وخروجه من الجغرافية المرسومة له لنشر الفوضى وادامتها ، ليضرب بالعمق
الاوربي والغربي بصورة عامة وباعتبار انه بانت امارات استهلاك وظائفه الواقعية
وبدت عليه امارات العد العكسي لانحداره وسقوطه الاخلاقي والسياسي فضلا عن دخول
روسيا على خط المواجهة وتحفز فرنسا واتخاذ قرارها مع المانيا بشأن داعش وضرورة
هزيمتها ، ووجود الولايات المتحده وحليفها
السعودي الصهيوهابي نفسيهما في موقف
لايحسدان عليه وبان داعش اصبحت ورقة محروقة سياسيا و ... عن كل ذالك لابد ان نصل
الى نتيجة :
ان داعش تعيش ايامها الاخيرة ،
وان حكم رميها في سلة المهملات قد بانت اماراته ولم يتبقى من هذا الحكم الا
تنفيذه وكيفية الصيغة لذاك وان ما ينبغي
التفكير به الان هو ما القادم الارهابي التنظيمي بعد داعش ؟.
وما هو التنظيم الذي تفكر به
المخابرات الامريكية والسعودية
الصهيوهابية من جديد ليحل محل داعش ويستمر بوظيفتها التدميرية فيما بعد
داعش لواقع العرب والمسلمين ؟.
_______________
راسلنا على
مدونتي فيها المزيد على الرابط التالي :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق