(( 1 ))
دأب علم الاجتماع ومنذ الدعوة التي اطلقها(اوجست كونت /1798م / 1857م )
، لانشاء علم للمجتمع على ان تكون ((
العلوم الوضعية التجريبية))وبكافة مصطلحاتها ومفاهيمها وقوانينها و..الخ المنطلق
والمرتكز الذي على اساسه ينبغي ان يقام بناء علم الاجتماع الحديث في توجهاته
وتناولاته وتحليلاته و...حتى مصطلحاته ومفرداته اراد لها مؤسسوا هذا العلم ان لا
تكون بعيدة عن روح ومصطلحات العلم التجريبي بفضاءاته المتعددة والمتنوعة
الفيزيائية الكونية والطبيعية والكيميائية والفسلجية الطبية .... الخ وحتى بما في
ذالك الاقتصادية والصناعية الميكانيكية !!.
اي وبمعنى اخر اوضح وابسط تعبيرا: اجتهد مؤسسوا علم الاجتماع الغربي
الحديث (( من كونت الى دوركهايم ، وفيبر وسبنسر ... حتى تالكوت))على ان يكون علم
الاجتماع الذي دعوا له ونظرّوا واسسوا لشرعيته العلمية قريبا جدا من روح ، وسمات
باقي العلوم التجريبية والتقنية الصناعية الحديثة التي تعتمد في عملها على قوانين
طبيعية او فيزيائية او كيميائية او طبية او ...... الخ ، في مقدماتها ونتائجها
بعيدا عن التحليلات الخيالية او الطوبائية او الايدلوجية السياسية او الخرافية
الدينية ، التي عادةً ما تبني رؤاها الاجتماعية ،
او الكونية على الخيالات والاوهام واليوتوبيات السياسة اللاواقعية لاغير !.
وهكذا تبنت الاتجاهات العلمية الحديثة لمدارس علم الاجتماع نماذج
ومناهج صيغ علمية متعددة لمنطلقاتهاالفكرية العلمية التي تستوحي من باقي العلوم
الاخرى ، اسس مناهجهاالبحثية ، وبعض
اكتشافات قوانينها الطبيعيةالمتنوعة لتسقطهااولتستخدم مفاهيمهامن ثم كمادة
اصطلاحية وتحليلية لعلم الاجتماع الحديث من قبيل :
اولا : المدرسة التطورية، التي تأثرت بشكل مباشر بالنظرية العلمية
للعالم البريطاني الطبيعي (تشارلز دارون/ 1809م / 1882ن) والتي اعتمد عليها ( كونت
) في رؤيته التاريخية والاجتماعية في
مراحل تطور المجتمع الثلاث المعروفة عنده
والتي هي ايضا المدرسة التي انطلق من خلالها ( كارل ماركس ) في رؤيته التاريخية والاجتماعية
القائمة على مبدأ ، او قانون الصراع الداخلي الذي ينتج وضعا اكثر تطورا في عملية حركته
الاجتماعية !!.
ثانيا : المدرسة الوظيفية ل(تالكوت) التي برز واضحا تاثرها بالعلوم
الطبية الفيسلوجية بل واشتقاق اسمهما
(الوظيفية) من علم وظائف الاعضاء وكيفية عمل هذه الوظائف و قوانين هذه
الاعضاء و.. غير ذالك ، وكذا الميكانيكية التي تعتمدعلى قوانين الميكانيكا الحديثة
هي ايضا كانت رافدا قويا لنظريات (( تالكوت الاجتماعية )) وخاصة في (( قانوني
الثابت والمتحرك )) في علم الميكانيك الذي نقله واستخدم قوانينه تالكوت في الثابت
والمتغير في علم الاجتماع الحديث !.
ثالثا : المدرسة البنائية الوظيفية التي ساهم كل من (اوجست كومت
ودوركهايم ، وسبنسر)) في وضع لبناتها الاساسية والتي استوحىت من المفاهيم الهندسية
والرياضية الكثير من مصطلحاتها الاجتماعية لتكون رافدا ومنطلقالبناءات المدرسة
البنائية الوظيفية الحديثة وكذا في المدرسة ((الميكانيكية الاجتماعية)) لا يختلف
الوضع في اتكائها ، وبشكل كبيرعلى قوانين الميكانيكا الحديثة في المدرسة الاجتماعية
الميكانيكية .
رابعا : مدرسة (( فيبر )) الاجتماعية ، التي تأثرت بفكر الاقتصادي الانجليزي
المشهور(ادم سميث)واتخذت من قوانين الاقتصاد الحديث اهم دوافعها وربما منطلقات
رؤاها في ((اخلاق البروتستانتية وروح الراسمالية)) لفيبر ومن ثم ليكون قانون العرض
والطلب الاقتصادي ممثلا بقانون اجتماعي طرحه((داهرندوف)) في معادلة (( فكل نظام
اجتماعي يتضمن طلبا موزعا بطريقة ما، وانماط مختلفة من النشاط يرتبط بها عرض موزع ،
هو نفسه بطريقة ما / انظر المعجم النقدي لبودن ص 187)) !!.
والحقيقة ان فكرة او دعوة (( الدمج بين ماهوعلمي وضعي تجريبي وبين
ماهو اجتماعي )) ليكون علم الاجتماع كباقي
العلوم الوضعية التجريبيةفي اتكاءه على قوانين لاتقل حتمية في عملهابين المقدمات
والنتائج في الرؤى التحليلية التفسيرية
التبينية لحركة وتطوروتغيّر و... سكون المجتمع عن حتمية عمل باقي القوانين العلمية
لا تختص بدعوة علماء الاجتماع المحدثين ما بعد العصر الصناعي الغربي بل ان عالم الاجتماع العربي المسلم (( عبد
الرحمن ابن خلدون / 732 هجرية ، 808 هجرية
)) قد استوحى فكرة (( قوننت حركة المجتمع والتاريخ )) من رواد الفكر الفلسفي
اليوناني (( افلاطون وارسطوا بالخصوص))من
جهة ومن القران الكريم من جانب اخرعندما وضع القران الكريم اسس نظرية ( سنن = قوانين ) الحركة التاريخية في حديثة المتكرر عن
قوانين ،وسنن (نسبها لله سبحانه) هي المتحكمة الفعلي في حركة الدورة التاريخية البشرية العامة وعلى الغرار نقل او نسج (( ابن خلدون / في مقدمته )) الكثير من القوانين الفسلجية
والجغرافية والطبيعية .... في محاولة انشاءه علم للتاريخ والمجتمع كان من اهم
منطلقاته : (( الحديث عن اعمار للدول كاعمار الانسان في الولادة والطفولة والفتوة والشيخوخة ، ثم الموت ، وحديثه
عن طبائع للعمران = قوانين ، لايمكن
الحديث اجتماعيا خارج اطاراتها القانونية وكذا
الحديث عن (الجغرافوية الاجتماعية ) في تاثير البيئة الجغرافية على تكوين الانسان ،
والمجتمع ومن ثم (تكيّف) المجتمع مع طبائع بيئته الجغرافية الطبيعية في البداوة
والعمران مثالا و ..... الخ )) !.
او بمعنى اخر فان ابن خلدون ( كما ذكره كتاب دراسات مصرية لعلم
الاجتماع / الفصل الرابع للساعاتي/ شارك في تاليفه عدة من علماء الاجتماع)(قد
استعارمن علم الطبيعيات مصطلحات وافكار استخدمها في علم العمران ((= علم الاجتماع )) البشري كان يدعم بها اراءه ونظرياته في
العمران البشري بالاستناد الى افكار ، وقوانين من علم الطبيعيات ، و بذالك كان من الطلائع ، الذين نظروا الى ((
الظواهر الاجتماعية)) من الوجهة الطبيعية
والفيزيائية والالية = الميكانيكية وبذالك يكون سابقا لاوجست كونت الذي استخدم
مصطلحا الاستاتيكا الاجتماعية والديناميكا الاجتماعية / ص 71))
((2))
لايختلف نموذج (الداروينية الاجتماعية) عما سبق ذكره انفا باعتبار
انها محاولة من ضمن المحاولات العلمية
الاجتماعية الكثيرة ، التي سعت لدمج ( ماهو اجتماعي بما هو علمي ) فحال هذه
المدرسة هو حال (( الميكانيكية الاجتماعية )) او غيرها من باقي المناهج العلمية
الاجتماعية الحديثة ، التي انفتحت ((اقتبست من )) على باقي العلوم الوضعية
والتجريبية لتستخدم بعض مفاهيمهاوقوانينهاالعلمية ولكن ما يميز الداروينية
الاجتماعية عن غيرها(في الحقيقة) عدة مميزات فكرية ونظرية وعلمية ، جعلتها مثارجدل
ونقاش اشكالي داخل باقي المدارس العلمية الاجتماعية الحديثة ، ومن اهم مميزات الداروينة الاجتماعية والاشكالات
المثارة حولها الاتي :
اولا: لا ريب ان ((الداروينية الاجتماعية)) مدرسة تأثرت بشكل كلي
بنظرية البيلوجي الطبيعي (( تشارلز دارون )) صاحب النظرية التي اثرت بمجمل((العقل
الغربي العلمي والفلسفي الحديث)) فهي مدرسة تحذو بكل مفاهيمها وتصوراتها ومفرداتها
ومنطلقاتها وتحليلاتها و .. من نظرية النشوءوالارتقاء الداروينية وبهذا لايمكن فهم
المدرسة الداروينية الاجتماعية ، اذا لم يسبقها فهم ووعي ، واستيعاب كامل لمفردات ومصطلحات ومفاهيم
نظرية دارون الطبيعية !.
ثانيا: من اهم الاشكاليات التي واجهت هذه المدرسة هي انها مدرسة تحاول
نقل مفاهيم (( الصراع والبقاء للاقوى و ....الخ )) من حيزها الطبيعي الى الحيز
الاجتماعي لتطرح فكر اجتماعي فيه من الخطورة بحيث انه قادر على صناعة ((الحروب
والابادات الاجتماعية)) تحت مسمى (( حتمية الصراع والبقاء للاصلح )) من الطبقات
الاجتماعية التي تحمل جينات ومواصفات القدرة على الاستمرار والتطور !!.
والواقع ان هناك بالفعل من علماء الاجتماع الغربيين من تحدث بلغة ((
صراع الطبقات العليا والطبقات الدنيا )) من مثل (( وليام جراهام سومنر)) الذي
ينتمي ايضا للمدرسة ((الداروينية)) الاجتماعية التي اسس لها اولا(سبنسر/ 1820م/
1903م) صاحب النظرية التطورية لكن اغرت الداروينية الطبيعية كثيرا ((سومنر)) حتى
دفعته للحديث عن(امتياز الطبقات العلياعلى الطبقات الدنيا الاجتماعية على اساس
التباين للقانون الطبيعي الذي يحفظ البقاء للاصلح ./ انظر مقدمة في علم الاجتماع /
اليكس انكلز / ترجمة الجوهري / ص 79 )) .
وهذا ما دفع بالكثير من المفكرين العرب والمسلمين (( كعبد الوهاب
المسيري في موسوعته/ اليهود ، واليهودية ، والصهيونية )) لدرج الداروينية الاجتماعية
في خانة المؤامرات الصهيونية( كعادة
العقل العربي المعاصرفي اخذ اسوأمافي العلوم الغربية وترك ماهوالافضل والقابل للتطوروالابداع)ومن
ثم نزع الطابع العلمي من هذه المدرسة والباسها الجلباب الايدلوجي السياسي لاغير !.
نعم هناك من تحدث عن صراع وجود لطبقات اجتماعية (( بين عليا ودنيا)) متأثرا بمصطلحات ومفاهيم
النظرية العلمية لدارون لكن هذا اولا :
لايعني ولاينفي كون ((نظرية النشوء والارتقاء نظرية علمية)) حتى وان
(فهم) بعض الاجتماعيين الغربيين منها هذه المفاهيم الصراعية ليطبقها ايدلوجيا
متأثرا بنظرية صراع الطبقات للماركسية المتطرفة ثانيا :
في النظرية الداروينية الكثيرمن الجوانب العلمية التي اثبت العلم بما
لالبس فيه بانها جوانب علمية مئة بالمئة كمفهوم ومحور (التكيف) العضوي مع البيئة الطبيعية ومثل هذا
المفهوم اوالقانون العلمي هو ماينبغي لعلم الاجتماع الحديث ان يقوم عليه في
المدرسة الداروينية الاجتماعية باعتباره المفهوم الاكثر علمية وعمقا في نظرية
النشوء والارتقاء الداروينية ، فلا ضرورة ملحة تدفعنا لنقد ، او نفي علمية النظرية لمجرد ان في زواياها رؤية
او فكرة تقول بالصراع من اجل البقاء !!.
ثالثا :((من وجهت نظري الاجتماعية)) ان النظرية الطبيعية العلمية
لدارون هي من اهم النظريات العلمية ، التي
بامكانها ان تهب الكثير من المفاتيح العلمية لعلم الاجتماع وتفسيروتحلل المجتمع في
حركته وتطوره وكمونه ونقلاته النوعية بشكل اكثر مرونه من باقي العلوم التجريبية
الاخرى لاسيما ان النظرية تتحدث عن ما هو متصل مباشرة بين ماهو انساني وماهو طبيعي
بيئي !!.
وعليه فمن الخطأ الكبير (ادلجت سياسيا) هذه النظرية العلمية ونزع
((غطائها العلمي)) تحت مسميات الصراعات الايدلوجية ، وربما فقد التوازن
العلمي(سمنر)عندما اعتقدضرورة الالتزام الحرفي بمصطلح البقاء للاقوى او الاصلح
ليستوحي منه مفهوم الصراع الطبقي الذي يحتم نفي الطبقة الاضعف وبقاء الطبقة الاقوى في الوجود ، مع انه فكرة
صراع الطبقات قائمة وموجودة لكن ليس
بالضرورة ان تكون الصراعات الاجتماعية هي عينها الصراعات البيلوجية التي تتحدث عنها نظرية دارون العلمية !!.
رابعا :
من ضمن اهم الاشكاليات التي توجه للمدرسة الداروينية الاجتماعية بالخصوص
وباقي المدارس الاجتماعيةالعلميةالفيزيائية الفيسلوجية و الميكانيكية و.... الخ
الاجتماعية هو : انه هل من المعقول التعامل مع الانسان والمجتمع كقيمة وكمخلوق
يحمل ارادة وفكر وتوجه في حياته الاجتماعية ،بنفس قيمه الخلايا العضوية او المكائن
الصناعية او الطبيعة المجردة عن الحرية والاختيار ؟.
الا يختلف المجتمع الانساني المفكر والمريد والمتوجه عن باقي هذه
الموجودات الصماء العمياء الضئيلة الفعل في الكون والعالم ؟.
فكيف تتم الدعوة ، و(( البناء المنهجي المعرفي)) في هذه المدارس الاجتماعيةالحديثةلدراسة
المجتمع واكتشاف وتطبيق قوانين وجوده في حركته وتطوره وسكونه و .... وكانه خلية او
مكروب حي يعيش في مياه آسنه او كماكنه تعتمد في تشغيلهاعلى ذراع قطب منه ثابت وباقي اطرافه متحرك ، او كعظوا فسلجي
يقوم بوظيفة داخل جسم الانسان لاغير ؟.
نقوله انه :
اولا : صحيح لاريب في ذالك ، ان الاجتماع الانساني مختلف وجودا وماهية
عن باقي الموجودات العالمية الاخرى ، لكن
هو من قال ان الداروينية الاجتماعية عندما تدرس المجتمع، فانما تريد تحويله فقط
الى خلية بايلوجية تتاثر ولا تأثر في محيطها الطبيعي والبيئي ؟!.
نعم انه مما لاشك فيه ايضا ان الانسان ، والمجتمع كائن لاينفك عن التاثر والتاثير
ببيئته وبجغرافيته وبكل ما يحيط به من اشياء ، فمثلا : المجتمعات ذات البشرة
السمراء الداكنه تختلف تبعا ، لجغرافيتها
الطبيعية عن المجتمعات ذات البشرة البيضاء سلوكيا وفنا في الحياة وحركة وانتاجا و
....الخ ليس لان البياض في البشرة والسواد
فيها حالة فكرية او تطور روحي او معنوي او عقلي او طبقي وانما لكون الفسيلوجية
الانسانسة خلقت وصنعت لتتكيف مع البيئة المحيطة بها ، فان جسم الانسان يفرز مادة
((الميلانين)) التي وظيفتها منح الجلد لونا مناسبا ضد ((الاشعة فوق البنفسجية))
للمحافظة على الجلد من السرطان وذالك بتغييره الى الاسودالداكن المقاوم لهذه
الاشعة ولولا هذا اللون لانقرض الانسان في افريقياوباقي المجتمعات على خطوط
الاستواء ،ونفس القول في اصحاب البشرة البيضاء التي تفتقر لهذه الاشعة في الاماكن
الباردة ( فتصبغ هذه المادة الجلد ابيضا ) لادخال الاشعة وامتصاصها الى داخل الجسم
والا بغير ذالك يتعرض الجنس الابيض الى الاوبئة والفناء في الجغرافية الباردة !.
هذا ((التكيّف للانسان مع الطبيعة))هو نفس تكيف الخلايا مع بيئتها
الطبيعية ويسير عليه نفس قوانين التكيّف
الجغرافية ، ولكن بشكله الاجتماعي الانساني الاجتماعية في الالوان وما يتبع ذالك
اجتماعيا في الامزجه وفي الملابس وفي التطلعات و ..... في حتى امكانيات الانسان
الحضارية والفكرية وغير ذالك !!.
هذا ما قصدته الداروينية الاجتماعية في((التكيّف الاجتماعي)) الذي
لايلغي مميزات الانسان الاجتماعية من جهة، لكنه لايغفل ان الانسان ايضا يخضع
لقوانين الكون والطبيعة وترتبط كل امكانياته الوجودية بما في ذالك ارادته وقدرته
تحت اطار هذه القوانين فحسب !.
صحيح ان الاجتماع الانساني ليس
مادة طبيعية صماء او ماكنة الية تعمل بالطاقة لاغير لكن ايضا الانسان لايمكن له
الا ان يخضع لنفس قوانين الفيزياء الكونية والطبيعية وربما خاصته العظمى انه الكائن الوحيد القادر على
التفكير، واكتشاف هذه القوانين ، واستثمارعمل
الياتها ليكون الاقدر على السيطرة والانتفاع وتطوير حياته من خلال فهم هذه
القوانين وتوظيفها لحياته الاجتماعية !.
((3))
يمكننا القول :ان ((ابن خلدون)) في مقدمته كان هو السباق للاشارة
الى((الداروينية الاجتماعية)) بمفهومها العربي والاسلامي اذا اخذنا (( مفهوم
التكيف البيئي للمجتمع)) على اساس انه (قرين او رديف) مفهوم : (( تكيف الخلايا
الحية مع بيئاتها الطبيعية )) في الداروينية الحديثة !!.
فالجغرافيةالطبيعية الاجتماعية لها المنطلق الكبيرفي فكرابن خلدون
الاجتماعي ، وهو على اي حال تحدث بعمق عن التاثيرات الجغرافية الطبيعية على حياة
الانسان الاجتماعية ،وما ينتج عن ذالك اجتماعيا انسانيا في فلكلور المجتمع ،
ومزاجيته الفنية ، والنفسية والروحية
والثقافية والمعنوية وغير ذالك / راجع مقدمة ابن خلدون / المقدمة الثالثة من الفصل
الاول / في المعتدل من الاقاليم ، دار الجيل / ص 91/ .!.
كذالك عندما طرح (ابن خلدون) اشكاليات الاجتماع العربي من خلال ثنائية
(( صراع البداوة والحضارة )) فانه ايضا لم يبتعد عن منطلق الجغرافية الطبيعية
المشكلة ، لروح البداوة في سذاجتها ،
وقسوتها وابتعادها عن التحضروالعلم و..الخ واختلافها عن البيئة والجغرافية
الحضرية الساكنة الى القانون وسلطة الدولة وطلب الترف وازدهار العلوم والصناعات
ومن ثم بناء الحضارة ومفاسدها !!.
فلكل بيئة جغرافية قوانينها، التي تتكيف معها ((الخلايا الحية)) لهذا
المجتمع او ذاك !.
في(الداروينية الاجتماعية الحديثة)كمدرسةمن مدارس علم الاجتماع الحديث
توسع مفهوم (التكيّف الاجتماعي) مع البيئة
الجغرافية حتى اصبح من المفاهيم التي لايمكن الاستغناءعنهالاي مدرسة اجتماعية اوعالم
اجتماع يريد فهم ((شخصية المجتمع ودوافعه وانماط تفكيره واساليب عيشه وفنونه
و....الخ )) !.
فطبيعي والحال هذه في اهمية البيئة الجغرافية للدراسات الاجتماعية ان
يكون المبتدأ وخط الشروع البحثي قبل دراسة اي مجتمع انساني قائم على ملاحظة اولا :
بيئته الجغرافية التي يستوطن اكنافها ، فاذا كانت مكانيته الجغرافية (( جبلية / مثلا
)) ، فاننا سنذهب في دراسة (( المجتمع الجبلي )) بكل ابعاده النفسية، والتقاليدية ،
والاقتصادية والسياسية...... الخ ، بشكل يكون منسجما مع قوانين ومعطيات هذه
الجغرافية البيئية الجبلية ، وهذا بعكس (ما لوكان ) نموذجنا البحثي يتناول دراسة
المجتمع المدني او الحضري الساكن عادة ((عربيا)) في اكناف السهول الجغرافية ، او
الارض المنبسطة ، فعادة ماتكون تركيبة
المجتمع المديني مختلفة ، عن المجتمع الجبلي في الكثير من الابعاد النفسية
والجسديةوالمعنوية والفلكلورية والفنية والاقتصادي والسياسية و ...الخ ، !!.
في المجتمع المديني تضعف(مثلا) او تموت ظاهرة الاقطاع والسلطة
القبليةالمهيمنة بشكل مطلق بسبب قدرة السلطة السياسية على بسط نفوذهاالقانوني الذي
يدفع بكل سلطة منافسه له خارج التاثير الاعلى من تاثير السلطة السياسية !!.
هذا بعكس المكانية الجغرافية البدوية ، او الجبلية التي تتحصن من سلطة الدولة وهيمنتها بجبالها
الشاهقة او باتساع صحرائها القاحلة في البداوة والفارغة من العمران والتجارة
والزراعية والانهار ...... فان الجغرافية الجبلية والبدوية مرتع خصب لنمو
الاقطاعيات القبلية التي تفرض قانونها ((عادة العرفي)) الذي يضمن قانون غلبة القوة
وسلطتها على قانون غلبة القانون في المجتمع المدني !.
هكذا القول في (المجتمع الريفي الزراعي) ايضا الذي يكون من جهة في
احتكاك مع المجتمعات المدينية الخاضعة لسلطة الدولة من جانب والمنفلته بنفس الوقت
من هذه السلطةوالراجعةالى حريتها الطبيعية التي تقترب من ( قيم البداوة والجبل
) في قوانينها واعرافها القبلية وكيفية
نموبعض الظواهر المختصة ببيئتها العشائرية من جانب اخر ، ؟.
فلكل مجتمع حسب مفاهيم المدرسة الداروينية (تكيفاته الاجتماعية)
المنسجمة والخاضعة بنفس الوقت مع قوانين وطبائع هذا العمران او ذاك اذا جاز
التعبير الخلدوني !!.
ان هذه الرؤية للداروينية الاجتماعية المعاصرة، لايمكن الا ان تكون
علمية تصب في صالح تطوير(مشروع علم الاجتماع الحديث) ونقله من مجرد رؤى وتنظيرات
شخصية، الى كونه علم يتكئ وينطلق من رؤى علمية لهاقوانينها المتعددة والمتنوعة
والثرية بقدرثراء العلوم الانسانية التجريبية اليوم ومن الجريمةبحق العلم وعلمائه
ان نصبغ هذه النظريات العلمية بكل قوانينها الواقعية اوندخلهاتحت هذا الاطار
الايدلوجي السياسي او ذاك !!.
راسلنا :
مدونتنا فيها المزيد :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق