( بقلم : حميد الشاكر )
المراقب لحركة الامين العام لجامعتنا العربية عمرو موسى ، وخاصة ما يرتبط بالشأن اللبناني لينتابه بعض الغرابة من هذه الحركة الدؤوبة والمتهسترة لأمين الجامعة العربية وهو يقيس الطريق ايابا وذهابا من القاهرة الى لبنان ومن لبنان الى القاهرة المقر الرسمي للجامعة العربية ، مما يدفع بعضنا او جلّنا الى التساؤل عن المغزى والدوافع التي تذخ الحياة في شرايين جامعتنا العربية متصلبة الشرايين بهذه الحركة النشطة والغريبة على جامعتنا ومفرقتنا العربية ؟!.
فياترى لماذا أمين الجامعة العربية السياسي المحنك عمرو موسى الذي احب ان القبه شخصيا بعمرو بن العاص هو بهذه الحيوية والنشاط بالمسألة اللبنانية بعكس قضايا عربية اخرى كثيرة نجد هذا العمرو اثقل من سلحفاة في توجهه اليها وحلها والتعامل معها بمسؤولية ؟.
بمعنى آخر : ان هناك وفي العالم العربي اقطار كثيرة عربية أخرى تعيش من الازمات ماتثقل عن حمله الجبال ولانرى حسّا لهذه الجامعة العربية او سعيها حتى لاكتشاف ماهية هذه المشاكل فضلا عن التدخل لحلها مثل العراق وازمته مع الاحتلال والارهاب الضارب بعنف للشعب العراقي ، ومثل السودان ومشاكلها مع الانفصاليين في الجنوب والمتمردين في دارفور ، ومثل سوريا واعتداءات الكيان الصهيوني العنصري لها بلا حتى مذكرة استنكار من الامين العام للجامعة العربية هذا ، ومثل ................ الخ ،كل هذا لانرى اي نشاط او حركة او نية صادقة من قبل امين عام الجامعة العربية عمرو بن العاص في الحركة وتحمل المسؤولية ، بعكس تماما المسألة اللبنانية التي لم تزل تراوح مكانها ، فأن امين عام مفرقتنا العربية عمرو بن العاص نراه وهو ممتلئ حيوية حتى الشدقين وضاحكا على طول الخط وهو يعالج بحرقة الموضوع اللبناني وكأنه لاشغل له ولاشاغل الا لبنان لهذا الرئيس والامين العام للجامعة الغربية او عذرا العربية !.
هل الجامعة العربية حقا لها اهتمام مستقل بلبنان العربي أم هي وكالعادة ضغوط غربية اميركية خارجية تنعكس تلقائيا على الزعماء الاقزام من السياسيين العرب الذين بدورهم يفرغون شحنات هلعهم المرعب في الضغط على الجامعة العربية لتتحرك بقوة على القضية اللبنانية وحل اشكالاتها المعقدة ولاسيما مشكلة انتخاب الرئيس الماروني المسيحي حصة العالم الغربي الصليبي في لبنان الطوائف مما يستدعي حالة استنفار طبيعية في دوائر الجامعة العربية التابعة لسياسات التمويل العربية الاعرابية الخليجية وغير الخليجية ؟.
الحقيقة المرّة التي لو تأملناها قليلا لوصلنا الى كوارثها ان هذه المفرقة العربية المسماة الجامعة العربية اصبحت وتحت قيادة الامين العام لها عمرو بن العاص مجرد دائرة رسمية بترولية مع الاسف ، وماهي اليوم في اقبح وجوهها الا دائرة موظفين زائدي الملاك على الدول العربية يدفعون الى هذه الجامعة لمجرد ملئ الفراغ في موظفي هذه الدائرة فحسب ، بل وزادت هذه الجامعة العربية كارثية عندما تسلق عمرو موسى من وزارة الخارجية المصرية الى الامانة العامة للجامعة العربية ليتربع على كرسيها كتاجر بترول ورأسمالي لبيع المواقف السياسية من على زعامة الجامعة العربية ، مما دفع بهذه الجامعة مؤخرا لتكون مجرد ماخور لحياكة المؤامرات على العرب والعروبة نفسها بما فيها القضايا المصيرية لعالمنا العربي المحاط بمنظومة عالمية رهيبة من المؤامرات الاستعمارية الغربية الجديدة !.
نعم وربما هنا نعود لنقلب تاريخ هذه الجامعة التي بنيت تحت اعين الاستعمار البريطاني انذاك وبموافقة مباشرة منه لنتساءل وببراءة الانسان العربي البسيط بالقول : هل من المعقول لدائرة سياسية بنيت على غير قواعد التقوى والايمان بالانسان العربي لتسمى الجامعة العربية ان تكون ممثلا واقعيا وصادقا لهذه الامة المغلوبة على امرها وعقلها وكل كيانها الانساني ؟.
وهل من المعقول لجامعة عربية كان من المفروض ان تكون انعكاسا صادقا لتطلعات امة العرب المسكينة ان تقوم بعمل كل ما من شأنه الاضرار بهذه التطلعات والتآمر على كيان الامة بدءا من اعتراف هذا الامين العام العار على الامة عمرو بن العاص او عمرو موسى بالكيان العنصري الصهيوني وجلوسه مباشرة مع زعماء الحرب الصهاينة في ((انابلس)) ، وانتهاءا بالتآمر على المقاومة العربية والاسلامية في لبنان وفي سوريا وفي كل مكان شريف ، وانحياز هذا الامين العام لقادة البترول من الخونة ومدمري امة العرب ودافعي كرامتها الى الانحسار ؟.
ان مايقلق السيد عمرو موسى وبهذا الشكل الهستيري على لبنان هو ومع الاسف ليس القيام بمسؤولياته الطبيعية كامين عام للجامعة العربية باعتبار ان هذا الامين قد تخلى عن وظائفه مبكرا في كل بقاع العالم العربي ليخون امانته بوضح النهار و ليتخصص في الكيفية التي يرضي فيها قادة البترول العربي فحسب ، وانما مايدفع بهذا العمرو ابن ... لتكون لبنان قبلته اليومية هو الضغوط العربية التي ترى في لبنان اهم الساحات العربية المجاورة للكيان الغاصب من صهاينة بني اسرائيل ، مما يعني ان اي دولة عربية بامكانها ان تقدم خدمات على خط (( أمن الكيان الصهيوني )) في الحدود الشمالية من فلسطين ستكون الرقم واحد بالنسبة للقرب من قلب الولايات المتحدة الامريكية ، وهذا ماتسعى اليوم اليه دولتان عربيتان كبيرتان (( مصر العربية والسعودية الاعرابية )) وهاتان الدولتان هما المحرك الفعلي لامين عام جامعتنا العربية ودفعه بقوة للذهاب والاياب من والى لبنان ليس باعتبارها دولة عربية في ازمة بقدر ماهي ورقة يهتم بها كثيرا المستعمر الجديد لعالمنا العربي الولايات المتحدة الامريكية و يحاول فيها لعب دور العادم لحركة المقاومة العربية فيه والمقلقة تماما لوجود الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين !.
تمام : هناك مايقلق كثيرا الادارة الامريكية في واشنطن وكذا في اسرائيل من وجود لبنان قوي ومقاوم في نفس اللحظة ، كما ان هناك فرصة تقديم الخدمات من قبل مملكة ال سعود الشريرة من جهة ومصر الفراعنة من جهة اخرى لتخفيف هذا القلق الامريكي الاسرائيلي المزدوج ، وذالك من خلال تدخل هاتين الدولتين مباشرة في الشأن اللبناني من خلال واجهة الجامعة العربية لفرض معادلة سياسية جديدة في لبنان همها الوحيد القضاء على عناصر قوة المقاومة في لبنان ، وهذا مايفعله اليوم امين الجامعة العربية في بيروت وهذا ما يضطر الامين العام للجامعة العربية ان يحمل حقيبته كل يوم ليذهب الى لبنان بمبادرات جديدة لانتخاب رئيس للبنان حسب القياسات الاسرائيلية الامريكية حتى مع عدم ترحيب اهل الدار اللبنانيين بعمرو موسى ومجيئه الى لبنان شخصيا !.
وهنا ربما يتسائل البعض منا عن اهمية لبنان بالنسبة الى مصر الدافعة لوزير خارجيتها الاسبق والامين العام للجامعة العربية الحالي عمر بن العاص للتدخل بقوة في الشأن اللبناني الداخلي بانتخاب رئيس لجمهورية لبنان الطائفية : فياترى ماهي الدوافع المصرية لذالك؟. ولماذا مصر معتنية كثيرا بعكس باقي الدول العربية بلبنان الماروني الرئيس ؟.
ان مصر العروبة تعاني ومنذ قديم الزمان من تهمة اضطهاد العنصر المسيحي القبطي داخل دولتها البوليسية ، وما من سبيل لدفع هذه التهمة عن مصر عمرو بن العاص الا بالدفع بقوة باتجاه الدعم اللامحدود للبنان الماروني الرئيس المسيحي المشكلة ، وهذا الدفع مايخفف قليلا من غضب الولايات المتحدة المخيف تجاه مصر ، والرافع قليلا من تهمة عقدة اضطهاد الاقباط في مصر لدينهم المختلف لهذا جاءت مبادرة عمرو موسى الاخيرة لتسلم كل لبنان لطائفة واحدة في جمهورية الطوائف ، ولتعطي الرئيس الماروني في لبنان عشر وزراء لم يكن ليحلم يوما رئيس جمهورية في لبنان ان يحصل عليهم ، ولكن ومع ذالك كانت المبادرة المصرية لحل المشكلة اللبنانية ومن وجهة الجانب المصري تصب في هذا الاطار ، اطار عقدة الاقباط وكيفية ترحيلها لبنانيا ليقال ان مصر صاحبة المبادرة العربية لاحياء لبنان مسيحي مئة بالمئة ؟!.
اما مايختص بالجانب السعودي فالمعادلة والدوافع مختلفة تماما في تدخلها بالشأن اللبناني ، فهنا مملكة ال سعود الشريرة تلعب على وتر الطائفية داخل لبنان وسعيها باشعال حرب داخلية لبنانية طائفية لاضعاف المقاومة اللبنانية من الداخل وخدمة لاسرائيل وامنها واميركا وسيطرتها على الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ، لذالك فالخط السعودي في لبنان هو خط مناهض لحركات المقاومة في المنطقة العربية بالتمام سواء كانت هذه الخطوط المقاومة للكيان العنصري حزب الله او حركة الجهاد الاسلامي وحماس او سوريا كدولة عربية محتضنة للمقاومة العربية ضد اسرائيل ، ومن هنا كان الدور السعودي معقدا وخطرا على لبنان الوحدة والمقاومة اكثر من اي جهة اخرى في العالم العربي وغير العربي !.
هذه الرؤيتان السعودية والمصرية هي ما تفتح امامنا الغاز النشاط المفاجئ لعمرو موسى امين الجامعة العربية تجاه لبنان ، وسعيه الحثيث لايجاد حل للمعضلة اللبنانية ، ولو كان العراق او سوريا او السودان ....الخ من الدول العربية يمثل الجزء البسيط من معادلة (( الامن الاسرائيلي او السيطرة الامريكية )) على المنطقة العربية لكان دور المفرقة العربية بقيادة عمرو موسى اكثر نشاطا بكثير مما نراه اليوم ومع الاسف !.
نعم عمر موسى او عمرو بن العاص امين جامعة الدول العربية هو الاسوأ على الاطلاق لقيادة هذه الدائرة الرسمية العربية والتي اصبح وجودها وعدمها سيان بالنسبة لتطلعات الانسان العربي او لقضايا العرب السياسية بصورة عامة ، ذالك ان لم نقل ان وجودها اصبح يشكل ضررا مباشرة لكيان امة العرب ومستقبلهم ونهضتهم الحقيقية في المستقبل !.
ونعم بامكان الجامعة العربية ان تقوم بدور اكبر واكثر حيوية لواقع امتنا المحتضرة ، ولكن عندما تتخلص هذه الجامعة العربية من استعمار راس المال البترولي الخليجي من جهة ، وتوجهات قادة الخيانة الفراعنة الاستسلامية من جهة اخرى ، وليكون لباقي العرب الشرفاء فيها موقع الصدارة والامانة العامة على كرسيها المنهوب قصرا !.
26/02/2008م