بسم الله الرحمن الرحيم : ( آلر تلك ءايت الكتَب المبين ، أنّا أنزلنه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون ، نحنُ نقصُ عليك أحسن القصص بمآ أوحينا أليك هذا القرءان وان كنت من قبله لمن الغافلين / 1-3/ يوسف ) . تفتح سورة يوسف ع برمز التنبيه في القرءان الكريم الا وهو الحروف المقطعة والتي استخدمت هذه الحروف وحسب ما جاء في مدونات
المفسرين على أساس انها حروف مقطعة كان الغرض منها ألفات النظر وتهيئة الارضية الفكرية للانصات لمايقال بعدها ، بأعتبار انه ودائما كل مايأتي بعد هذه الحروف المرمّزة في القرءان الكريم كان على درجة عالية من الاهمية !.وفي هذه السورة او القصة القرءانية المباركة جاءت هذه الحروف للتدليل على انّ ماسيقال بعد هذه الاحرف المقطعة بحاجة الى تفكّر عالي القيمة وانصاتّ كثير التأمل لما تحمله هذه القصة من اسرار ومن اجوبه ومن افاق ومن تصورات ومن حكم ومن اشكالات ... هي بحاجة بالفعل الى التوقف عندها بتمعنّ وبكثير من الصبر والتدقيق !.ثم بعد ذالك تبدأ السورة رحلتها مع العقل العربي اولا والعقل الانساني ثانيا لتؤكد حقيقة :(( تلك ايات الكتب المبين )) فبيان هذا الكتاب المبين حقيقة يجب الالتفات اليها بعمق من منطلق ان القرءان الكريم هو الكتاب الالهي الوحيد في هذه الحياة الذي يحمل ميزتي البيان والتبيين في الان الواحد معا ، فهو وكما ذكر اهل التبيين القرءاني (بيّن بذاته مبين لغيره ) فبيان القرءان من البيانات الاعجازية العظيمة لله سبحانه وتعالى في هذا الكتاب المعجز ، فهو الكتاب الوحيد الذي يكتفي بذاته لذاته ويبيّن جميع حججه ورسالاته ، كما انه الكتاب الالهي المقدس الوحيد الذي يحمل دليله وبرهانه واعجازه من داخله هو ، وليس من خارج فضائه القرءاني ، ليكون فيما بعد هو الدليل على الرسول والرسالة ، وهو المبين على التوحيد وباقي العقائد الاسلامية الاخرى ، فهو وبعبارة مختصرة الكتاب التّام على الحقيقة الذي احتوى ايات بينَّات تاماتّ وغير محتاجات الى غيرهن او ناقصات بحاجة الى الاتمام من غيرهن ، فالقرآن على هذا كتاب قائم بذاته في حججه وبراهينه ، واياته بيّنات تتمّمُ بعضها البعض الاخر ، وهذا مايختص بالجانب الانساني من مطلوبية الانتباه : الى ان هذه ايات الكتاب المبين !.أمّا مايختص بالجانب العربي لعقل هذه الامة المحمدية ، فهي ايضا بحاجة الى انتباه وتفكر ووعي وتأمل بالرسالة السماوية التي خاطبت غيرهم ب :( تلك ايات الكتاب المبين ) بينما خاطبتهم بلغة الانزال المباشر عليهم ليقول القرءان العظيم :( أنّا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون ) وكأنّ النص القرءاني الكريم يريد ان يقول : اذا كان غيركم بحاجة الى ايات مبينة ، واذا كان غيركم من امم البشرية طالب لكثير من العناية في التبيين لايصال فكرة الكتاب العظيم وافكاره وتصوراته العقدية الالهية المقدسة ، فمابالكم انتم ايها الامة المفطورة على اللغة العربية ، والمنزل عليها هذا القرءان بلغتها هي ، مالكم بعيدي التعقل عن هذا القرءان الكريم وقصصه واياته وبيناته ، مع انكم اصحاب التنزيل اي ُنزّل عليكم من خلال العظيم محمد رسول رب العالمين ص ، ويخاطبكم بلغتكم التي تفهمونها بالفطرة وتدركون معانيها بلا ادنى تعب ، فرحمتنا عظيمة لكم ، وفضلنا خطيرا عليكم ، وبينما الامم الباقية بحاجة الى كبير تبيين وعناية وتأمل لفهم هذا الكتاب ، اصبحتم انتم يا أمة محمد العربي ص أهل التنزيل وقريبي التعقل والادراك لهذا القرءان الكريم !.أذن ففي البداية القرءانية لهذه السورة القصصية العظيمة تأتي اولا حروف التنبيه المقطعة ( الر ) وبعدها يوزّع الخطاب لمحورين : الاول وهو يخاطب العقل الانساني العام ( الغير اسلامي ) لينبهه على هذه الايات التي تسطّر بهذا الكتاب المبين والمبيّن لافكاره وعقائده واحكامه لكل البشر . والمحور الثاني : والذي ينتقل بدوره لخطاب اهل التنزيل بالخصوص اي اصحاب اللغة القرءانية العربية ليشير اليهم ب :(أنا انزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعلقون ) فلغاية تعقلكم انزلناه قرءانا عربيا يكفيكم عن معاناة الصراع من اجل التبيين والبيان ، فهذه الاية في موضع المنّة والفضل الالهي الذي ينبغي ان يذكر خصوصا لامة العرب بالذات !.وربما هناك من يستشكل على تقسيمنا هذا ومنذ البداية للخطاب القرآني الى خطاب للعقل البشري بصورة عامة وآخر للعقل العربي بالخصوص ، وليطلب على هذا التقسيم قرينة تظهر او تشير من بعيد او قريب الى ان هناك عنصرين في معادلة الخطاب القرءاني هذه في سورة يوسف بالتحديد ، فماهي القرينة التي تشير ولو بطرف خفي الى ان المخاطب جهتان في سورة يوسف القرءانية ؟.الحقيقة وبغض النظر عن ان الخطاب القرآني وعندما يتحدث عن تواريخ لشعوب وأمم اخرى غير أمة العرب المنزل عليها هذا القرءان الكريم ، يأخذ بالحسبان وبنظر اعتباره خطابه العام لتلك الامم التي يتحدث عن تأريخها الرسالي بالخصوص ، كالذي يحصل بصورة مكثفة في تأريخ بني اسرائيل في القرءان ، ففي مثل هذه الحالة يكون القرءان ملتفتا دائما في خطابه ومتنقلا على الدوام بين الخطاب لتلك الامم المتحدث عن تأريخها ليبّين لها مرة ويذكرها اخرى وينتقدها ثالثة ... وهكذا ، وبين خطاب يكون موجها لهذه الامة المحمدية بالتحديد لاخذ العبرة من تلك التواريخ والامم الغريبة على التاريخ العربي هنا ، وهكذا هنا في قصة يوسف عليه السلام فهي قصة لفرد منخرط في أمة غريبة التاريخ عن الامة التي أُنزل عليها القرءان العربي (أمة اسماعيل ابن ابراهيم ع ) ولهذا تطلب الخطاب ان يكون في هذه السورة موزعا بين أمة منزل عليها القرءان تتحدث العربية ، وبين أمة ( بني اسرائيل ) صاحبة هذا التاريخ والعارفة بدواخله ومخارجه !.ولكنّ بغض النظر عن تلك الرؤية بين أمة صاحبة التاريخ لقصة يوسف فوجب خطابها وتبيين الكتاب لها ، وأمة صاحبة التنزيل القرءاني ، بغض النظر عن هذه القرينة ، فأن هناك سبب النزول القرءاني الذي يقول : ان سبب نزول هذه السورة المباركة هو ماروي ان اليهود قالوا لكبراء المشكرين ( العرب القرشيين ) سلوا محمدا لمَ انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر وقصة يوسف ../ انظر الفخر الرازي والميزان لمحمد حسين والصافي للفيض الكاشاني ...؟.وهذا يدلل على ان العنصر الانساني الاخر وغير العربي داخل في معادلة الجواب القرءانية في قصة يوسف ، فوجب على هذا الاساس ان يبدأ الخطاب القرءاني في سورة يوسف اولا بخطاب اليهود الذين هم بحاجة الى مزيد من التبيين لهذه القصة ، ويثنّي بخطاب المشركين العرب على أمل عقلانيتهم في ادراك اللغة القرءانية العربية في هذه القصة العظيمة من قصص شعوب بني اسرائيل المختلفة السلوك والافكار وانماط العيش وباقي التطلعات !.نعم في سبب النزول الذي ذكرناه آنفا دلالة اخرى وهي ان هذه القصة بالذات لم تكن معروفة مطلقا لغير اليهود من سكنة الجزيرة العربية ، والذي هم المشكل الاول لمنظمات الفكر السري في الماضي وحتى الحاضر ، فمعروف ان الديانة اليهودية ديانة كانت من الديانات السرية الافكار اللاهوتية فهي ديانة بدأت غير تبشيرية ومازالت الى الان ، باعتبار انها ديانة قومية لشعب محدد يرى في نفسه الاسرية الخاصة لهذه الديانة ، ومن هنا كان اقتراحهم لمشركي العرب ان : ( سلوا محمداً لم انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر ) باعتبار ان هذه القصة من اسرار العالم اليهودي الغير مطلع عليه غير احبار وعلماء يهود انذاك ، وما مقترحهم بسوال محمد رسول الله ص من قبل مشركي العرب الا مصيدة وضعت كفخ لأصدياد صدق محمد ص من كذبه في دعوى النبوة والرسالة ، فكان الجواب القرآني مبينا لليهود صدق الرسالة من جهة ، بنفس اللحظة الذي شكل فيها القرءان مادة عقلية لمشركي العرب على صدق النبوة المحمدية هذه من جهة اخرى !.وعلى هذه الحقيقة جاء النص القرءاني المخاطب للرسول الاعظم محمد ص القطب الثالث في معادلة الخطاب القرءانية ليؤكد حقيقة :( نحنُ نقصَّ عليك أحسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرءان وان كنت من قبله لمن الغافلين ) !.نعم محمد رسول الله ص لم تكن لديه اي فكرة عن هذه القصة بالذات ، بل هو كان لايفكر اصلا بمثل هذه القصص العجيبة والغريبة لأمم قد مضت مع التاريخ ، فهو غير ملتفت عقلا وغافلا فكرا عن هذه القصص الحسنة ، فهو صلى الله عليه واله كما توقعت اليهود لايدرك شيئا من هذه القصة بالذات ، ولذالك كانت غاية مطلوبهم كدليل على صدق محمد ص او كذبه هو ان يدرك هذه القصة ، فأما ان يكون صادقا فيخبرهم عن سبب خروج ال يعقوب من الشام الى مصر بحسب ماتذكر مصادرهم الدينية السرّية الغير مطلع عليها من كل قوم محمد ص العرب ، وأما ان يكون كاذبا فيؤلف القصص ويضع الاساطير من عنده فيكشف امر الكاذبين !.الا ان المفاجئة الكبرى ان محمدا سرد لهم ليس فحسب سبب خروج ال يعقوب من الشام فحسب والذي لايتطلب الاسطر واحد من الجواب ، بل انه ص قصّ لهم قصة يوسف كلها منذ الصبى والطفولة حتى الملك والسلطان بسورة لايجد لها نظيرا في قصص العالم الواقعية بأي شيئ ؟.ليس بالكذب والافتراء والتأليف والتفكير والقراءة والمتابعة وباقي مصادر العلوم البشرية !.لا ... وانما :( بما أوحينا اليك هذا القرءان )) والذي شكل المصدر الحقيقي لمعرفة العظيم محمد ص بماهية القصة من اولها حتى اخرها بالتمام !.انها قصة موحى بها من قبل الله سبحانه لصفيه ورسوله محمد ص لتكون دليلا ليس على فكره وعقله وحنكته بقصّ الاساطير ... بل على غفلته عن ذالك كله ، غفلة عقله ان يتناول مثل هذه الافكار ، ودليل صدقه على انه مجرد وحي ومن احسن القصص التام والكامل والدال على صدق رسالة محمد العظيم ص !.
al_shaker@maktoob.com
المفسرين على أساس انها حروف مقطعة كان الغرض منها ألفات النظر وتهيئة الارضية الفكرية للانصات لمايقال بعدها ، بأعتبار انه ودائما كل مايأتي بعد هذه الحروف المرمّزة في القرءان الكريم كان على درجة عالية من الاهمية !.وفي هذه السورة او القصة القرءانية المباركة جاءت هذه الحروف للتدليل على انّ ماسيقال بعد هذه الاحرف المقطعة بحاجة الى تفكّر عالي القيمة وانصاتّ كثير التأمل لما تحمله هذه القصة من اسرار ومن اجوبه ومن افاق ومن تصورات ومن حكم ومن اشكالات ... هي بحاجة بالفعل الى التوقف عندها بتمعنّ وبكثير من الصبر والتدقيق !.ثم بعد ذالك تبدأ السورة رحلتها مع العقل العربي اولا والعقل الانساني ثانيا لتؤكد حقيقة :(( تلك ايات الكتب المبين )) فبيان هذا الكتاب المبين حقيقة يجب الالتفات اليها بعمق من منطلق ان القرءان الكريم هو الكتاب الالهي الوحيد في هذه الحياة الذي يحمل ميزتي البيان والتبيين في الان الواحد معا ، فهو وكما ذكر اهل التبيين القرءاني (بيّن بذاته مبين لغيره ) فبيان القرءان من البيانات الاعجازية العظيمة لله سبحانه وتعالى في هذا الكتاب المعجز ، فهو الكتاب الوحيد الذي يكتفي بذاته لذاته ويبيّن جميع حججه ورسالاته ، كما انه الكتاب الالهي المقدس الوحيد الذي يحمل دليله وبرهانه واعجازه من داخله هو ، وليس من خارج فضائه القرءاني ، ليكون فيما بعد هو الدليل على الرسول والرسالة ، وهو المبين على التوحيد وباقي العقائد الاسلامية الاخرى ، فهو وبعبارة مختصرة الكتاب التّام على الحقيقة الذي احتوى ايات بينَّات تاماتّ وغير محتاجات الى غيرهن او ناقصات بحاجة الى الاتمام من غيرهن ، فالقرآن على هذا كتاب قائم بذاته في حججه وبراهينه ، واياته بيّنات تتمّمُ بعضها البعض الاخر ، وهذا مايختص بالجانب الانساني من مطلوبية الانتباه : الى ان هذه ايات الكتاب المبين !.أمّا مايختص بالجانب العربي لعقل هذه الامة المحمدية ، فهي ايضا بحاجة الى انتباه وتفكر ووعي وتأمل بالرسالة السماوية التي خاطبت غيرهم ب :( تلك ايات الكتاب المبين ) بينما خاطبتهم بلغة الانزال المباشر عليهم ليقول القرءان العظيم :( أنّا أنزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون ) وكأنّ النص القرءاني الكريم يريد ان يقول : اذا كان غيركم بحاجة الى ايات مبينة ، واذا كان غيركم من امم البشرية طالب لكثير من العناية في التبيين لايصال فكرة الكتاب العظيم وافكاره وتصوراته العقدية الالهية المقدسة ، فمابالكم انتم ايها الامة المفطورة على اللغة العربية ، والمنزل عليها هذا القرءان بلغتها هي ، مالكم بعيدي التعقل عن هذا القرءان الكريم وقصصه واياته وبيناته ، مع انكم اصحاب التنزيل اي ُنزّل عليكم من خلال العظيم محمد رسول رب العالمين ص ، ويخاطبكم بلغتكم التي تفهمونها بالفطرة وتدركون معانيها بلا ادنى تعب ، فرحمتنا عظيمة لكم ، وفضلنا خطيرا عليكم ، وبينما الامم الباقية بحاجة الى كبير تبيين وعناية وتأمل لفهم هذا الكتاب ، اصبحتم انتم يا أمة محمد العربي ص أهل التنزيل وقريبي التعقل والادراك لهذا القرءان الكريم !.أذن ففي البداية القرءانية لهذه السورة القصصية العظيمة تأتي اولا حروف التنبيه المقطعة ( الر ) وبعدها يوزّع الخطاب لمحورين : الاول وهو يخاطب العقل الانساني العام ( الغير اسلامي ) لينبهه على هذه الايات التي تسطّر بهذا الكتاب المبين والمبيّن لافكاره وعقائده واحكامه لكل البشر . والمحور الثاني : والذي ينتقل بدوره لخطاب اهل التنزيل بالخصوص اي اصحاب اللغة القرءانية العربية ليشير اليهم ب :(أنا انزلناه قرءانا عربيا لعلكم تعلقون ) فلغاية تعقلكم انزلناه قرءانا عربيا يكفيكم عن معاناة الصراع من اجل التبيين والبيان ، فهذه الاية في موضع المنّة والفضل الالهي الذي ينبغي ان يذكر خصوصا لامة العرب بالذات !.وربما هناك من يستشكل على تقسيمنا هذا ومنذ البداية للخطاب القرآني الى خطاب للعقل البشري بصورة عامة وآخر للعقل العربي بالخصوص ، وليطلب على هذا التقسيم قرينة تظهر او تشير من بعيد او قريب الى ان هناك عنصرين في معادلة الخطاب القرءاني هذه في سورة يوسف بالتحديد ، فماهي القرينة التي تشير ولو بطرف خفي الى ان المخاطب جهتان في سورة يوسف القرءانية ؟.الحقيقة وبغض النظر عن ان الخطاب القرآني وعندما يتحدث عن تواريخ لشعوب وأمم اخرى غير أمة العرب المنزل عليها هذا القرءان الكريم ، يأخذ بالحسبان وبنظر اعتباره خطابه العام لتلك الامم التي يتحدث عن تأريخها الرسالي بالخصوص ، كالذي يحصل بصورة مكثفة في تأريخ بني اسرائيل في القرءان ، ففي مثل هذه الحالة يكون القرءان ملتفتا دائما في خطابه ومتنقلا على الدوام بين الخطاب لتلك الامم المتحدث عن تأريخها ليبّين لها مرة ويذكرها اخرى وينتقدها ثالثة ... وهكذا ، وبين خطاب يكون موجها لهذه الامة المحمدية بالتحديد لاخذ العبرة من تلك التواريخ والامم الغريبة على التاريخ العربي هنا ، وهكذا هنا في قصة يوسف عليه السلام فهي قصة لفرد منخرط في أمة غريبة التاريخ عن الامة التي أُنزل عليها القرءان العربي (أمة اسماعيل ابن ابراهيم ع ) ولهذا تطلب الخطاب ان يكون في هذه السورة موزعا بين أمة منزل عليها القرءان تتحدث العربية ، وبين أمة ( بني اسرائيل ) صاحبة هذا التاريخ والعارفة بدواخله ومخارجه !.ولكنّ بغض النظر عن تلك الرؤية بين أمة صاحبة التاريخ لقصة يوسف فوجب خطابها وتبيين الكتاب لها ، وأمة صاحبة التنزيل القرءاني ، بغض النظر عن هذه القرينة ، فأن هناك سبب النزول القرءاني الذي يقول : ان سبب نزول هذه السورة المباركة هو ماروي ان اليهود قالوا لكبراء المشكرين ( العرب القرشيين ) سلوا محمدا لمَ انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر وقصة يوسف ../ انظر الفخر الرازي والميزان لمحمد حسين والصافي للفيض الكاشاني ...؟.وهذا يدلل على ان العنصر الانساني الاخر وغير العربي داخل في معادلة الجواب القرءانية في قصة يوسف ، فوجب على هذا الاساس ان يبدأ الخطاب القرءاني في سورة يوسف اولا بخطاب اليهود الذين هم بحاجة الى مزيد من التبيين لهذه القصة ، ويثنّي بخطاب المشركين العرب على أمل عقلانيتهم في ادراك اللغة القرءانية العربية في هذه القصة العظيمة من قصص شعوب بني اسرائيل المختلفة السلوك والافكار وانماط العيش وباقي التطلعات !.نعم في سبب النزول الذي ذكرناه آنفا دلالة اخرى وهي ان هذه القصة بالذات لم تكن معروفة مطلقا لغير اليهود من سكنة الجزيرة العربية ، والذي هم المشكل الاول لمنظمات الفكر السري في الماضي وحتى الحاضر ، فمعروف ان الديانة اليهودية ديانة كانت من الديانات السرية الافكار اللاهوتية فهي ديانة بدأت غير تبشيرية ومازالت الى الان ، باعتبار انها ديانة قومية لشعب محدد يرى في نفسه الاسرية الخاصة لهذه الديانة ، ومن هنا كان اقتراحهم لمشركي العرب ان : ( سلوا محمداً لم انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر ) باعتبار ان هذه القصة من اسرار العالم اليهودي الغير مطلع عليه غير احبار وعلماء يهود انذاك ، وما مقترحهم بسوال محمد رسول الله ص من قبل مشركي العرب الا مصيدة وضعت كفخ لأصدياد صدق محمد ص من كذبه في دعوى النبوة والرسالة ، فكان الجواب القرآني مبينا لليهود صدق الرسالة من جهة ، بنفس اللحظة الذي شكل فيها القرءان مادة عقلية لمشركي العرب على صدق النبوة المحمدية هذه من جهة اخرى !.وعلى هذه الحقيقة جاء النص القرءاني المخاطب للرسول الاعظم محمد ص القطب الثالث في معادلة الخطاب القرءانية ليؤكد حقيقة :( نحنُ نقصَّ عليك أحسن القصص بما اوحينا اليك هذا القرءان وان كنت من قبله لمن الغافلين ) !.نعم محمد رسول الله ص لم تكن لديه اي فكرة عن هذه القصة بالذات ، بل هو كان لايفكر اصلا بمثل هذه القصص العجيبة والغريبة لأمم قد مضت مع التاريخ ، فهو غير ملتفت عقلا وغافلا فكرا عن هذه القصص الحسنة ، فهو صلى الله عليه واله كما توقعت اليهود لايدرك شيئا من هذه القصة بالذات ، ولذالك كانت غاية مطلوبهم كدليل على صدق محمد ص او كذبه هو ان يدرك هذه القصة ، فأما ان يكون صادقا فيخبرهم عن سبب خروج ال يعقوب من الشام الى مصر بحسب ماتذكر مصادرهم الدينية السرّية الغير مطلع عليها من كل قوم محمد ص العرب ، وأما ان يكون كاذبا فيؤلف القصص ويضع الاساطير من عنده فيكشف امر الكاذبين !.الا ان المفاجئة الكبرى ان محمدا سرد لهم ليس فحسب سبب خروج ال يعقوب من الشام فحسب والذي لايتطلب الاسطر واحد من الجواب ، بل انه ص قصّ لهم قصة يوسف كلها منذ الصبى والطفولة حتى الملك والسلطان بسورة لايجد لها نظيرا في قصص العالم الواقعية بأي شيئ ؟.ليس بالكذب والافتراء والتأليف والتفكير والقراءة والمتابعة وباقي مصادر العلوم البشرية !.لا ... وانما :( بما أوحينا اليك هذا القرءان )) والذي شكل المصدر الحقيقي لمعرفة العظيم محمد ص بماهية القصة من اولها حتى اخرها بالتمام !.انها قصة موحى بها من قبل الله سبحانه لصفيه ورسوله محمد ص لتكون دليلا ليس على فكره وعقله وحنكته بقصّ الاساطير ... بل على غفلته عن ذالك كله ، غفلة عقله ان يتناول مثل هذه الافكار ، ودليل صدقه على انه مجرد وحي ومن احسن القصص التام والكامل والدال على صدق رسالة محمد العظيم ص !.
al_shaker@maktoob.com