الجمعة، يوليو 24، 2009

نشأة الوثنية في الفكر الوهابي بين شبهة الصالحين وموالاة الطغاة والمتفرعنين .... ؟


نشأة الوثنية في الفكر الوهابي بين شبهة الصالحين وموالاة الطغاة والمتفرعنين .... ؟. حميد الشاكر
_____________________
(( توطئة ))
لاريب إن فكرة الوثنية وتأريخ نشأتها الانسانية ومن ثم العربية والاسلامية بصورة خاصة من أهم الافكار التي تمسّ روح العقيدة الالهية المقدسة ، لاسيما عند الاديان التي اهم أصل من اصولها الدينية الا وهو التوحيد كما هو الواقع بالفعل في الدين الاسلامي الحنيف ، فهذا الدين وهذه الرسالة الاسلامية المحمدية لايشك مسلم قطّ انها رسالة التوحيد اولا واخيرا ، وانها جاءت للحياة البشرية لتجتثّ الوثنية من طريق الانسان وتزيل كل انعكاساتها الايمانية والعبادية من حياته الروحية والمعنوية والداخلية وكذا حياته الاجتماعية والسلوكية والتربوية الاسرية على الصعيد الاخر ، ولتحلّ محلها عملية الايمان بالتوحيد وبعبادة الله سبحانه وتعالى لاغير !.
ومن هنا كان الحديث والبحث حول موضوع الوثنية في الاسلام بالخصوص يعتبر هو حديث عن الوجه الاخر للتوحيد في هذا الاسلام ، او هو بحث في الجانب الاخر لموضوعة الاخلاص في العبادة لله سبحانه وتجنب الشرك فيه والعياذ بالله عز اسمه ، مما اضفى على فكرة الوثنية والبحث فيها ان يكون بحثا دقيقا باعتبار انه الصورة المعاكسة لتثبيت ومعرفة ورؤية التوحيد على اصوله الاسلامية الدقيقة !.
نعم معرفة نشأة الوثنية ، وكذا العبادة الوثنية ، وهكذا ايضا كيفية هذه النشأة واسبابها .... وغير ذالك كل هذا هو الذي سوف يشكل القاعدة فيما بعد لمعرفة التوحيد في الاسلام وكيفيته والطرق المؤدية اليه ..... وهكذا حتى نصل الى ان معرفة التوحيد في الاسلام لاتعرف الا بمعرفة نقيضها في العقيدة من منطلق قاعدة معرفة الضد بنقيضه في حياتنا الفكرية الانسانية والاسلامية كذالك ، ومن هذا المنطلق نفسه أكد القرءان الكريم كتاب الله العظيم كثيرا على موضوعة الشرك في عبادة غير الله وأولى لها اهتماما خاصا بحيث اننا نجد الحديث القرءاني مكثفا في مواجهة الوثنية والصنمية وعبادة الشرك وعبادة غير الله سبحانه في النص القرءاني المقدس ، وكذا كيفية نصوص القرءان نفسها بمعالجة هذه الفكرة بوثنيتها الصنمية وازالة الهالة القدسية عنها وتجريدها من المعتقدات الجاهلية الخرافية التي كان يؤمن بها الانسان الوثني العربي وغير العربي لهذه الاصنام والاوثان الحجرية حتى وصول الاسلام والقرءان والرسالة المحمدية الى التصادم المباشر مع العقيدة الوثنية واعلان الحرب على زيفها وابراز انها عبادة الجهلاء من بني البشر الذين يعتقدون باوثان لاتضر ولاتنفع من الحجارة على اساس انها آلهة وانها شاعرة وانها شافعة وانها رازقة وانها دافعة وانها ناصرة .... الخ الى غير ذالك من معتقدات وثنية كانت ترى في الاوثان ان لها هيمنة ما على الوجود الانساني والكوني غريب عجيب ، إلاّ ان الاسلام ومن خلال طرحه التوحيدي الرسالي استطاع ان يهدم كل هذا الوهم الواقع تحت المقدس الموروث والابوي حول الوثنية وليستبدل مكانها العقيدة التوحيدية الالهية المقدسة التي ترى في الله وحده سبحانه وتعالى القوة المطلقة التي تتحكم في مصير الانسان ووجوده وقدره وكل كينونته !!.
وبالحق استطاع دين الاسلام الحنيف والهدي المحمدي الرسالي العظيم وبزمن قياسي ان يقضي على ظاهرة الوثنية في عبادة ومعتقد الانسان العربي بالتمام ، لينتقل الاسلام بهذه الامة من حيز الوثنية والخرافة والاساطير والتشتت والضعف ، الى حيز التوحيد والتوّحد والبناء والتماسك والقوة تحت راية ( لا اله الا الله محمد رسول الله ) الذي جمعت للانسان المسلم طريقه وانارت له دربه الصاعد نحو الله سبحانه في العقيدة والعبادة والمقدس ودربه النازل في المعاملات والسياسات والتربية والتعليم والاسرة والتزكية ....ما بينه وبين مجتمعه والمحيط الانساني الاخر الذي يحيطه من حوله !!.
ومضى الاسلام على هذا الهدي مكتفيا بأيمان الناس الفطري حول التوحيد وعبادة الله سبحانه وتعالى والرضا من اي مسلم بالشهادتين لدخوله في الاسلام بأعتبار ان فهم الشهادتين الفطري البسيط كافيا للدلالة على نفي الالهة التي كانت تعبد وثنيا من دون الله سبحانه في ( لا اله الا الله ) وشهادة الرسالة لمحمد الرسول ص التي يدلل مضمونها الواضح على الايمان برسالة ونبوة هذا الانسان العظيم لتثبيت فيما بعد رسالته الالهية العظيمة وانها رسالة هي اساسامن عند الله تعالى موحى بها الى عبده ورسوله محمد ص !.
لكنّ هذا الفهم الاسلامي البسيط النبوي والفطري للتوحيد وللرسالة النبوية ومع مرور الزمن تعرض لهزات فكرية عنيفة ، وتداخلات اجتهادية بشرية بدأت بوادرها بعد العقود الاربعة الاولى من الهجرة النبوية المطهرة من حياة الاسلام العظيم ، حيث انطلقت الهزة الاولى لمقومات العقيدة الاسلامية العظيمة في فتنة الخوارج بشكلها العلني والسافر الذي يحاول ((بناء صياغة جديدة للفهم الاسلامي )) لم تستند في اساسها على الفهم النبوي الاصيل في قضايا وافكار من قبيل التوحيد والحكم في الاسلام والشرك ....وغير ذالك بحيث بدت هذه الظواهر الغريبة على روح الاسلام الرسالي المحمدي الاصيل وكأنها تحاول فرض فهمها الخاص في قضايا ( التوحيد والشرك ) من خلال فكرة ( الحكومة الالهية ) او شعار :(( إن الحكم الا لله )) حتى ان معظم الصحابة الكرام ، وعلى رأسهم باب مدينة علم الرسول الاعظم ص علي بن ابي طالب امير المؤمنين وأمام المتقين عليه السلام الذين ناضلوا وجاهدوا مع الرسول الاعظم محمد ص ، والذين ادركوا حدود الاسلام وكيفية ادراكه وفهم اصوله من الرسول الاعظم ص مباشرة ، هؤلاء الاصحاب العلماء هم من تصدى لظاهرة الخوارج في الاسلام وظاهرة فهمهم المعوجة لتعاليم الاسلام ونمطية ادراكه الاسلامية الفطرية وكيف ينبغي ان تكون ، ليعلن هؤلاء الاصحاب للملأ الاسلامي الفارق بين فهم النبوة المحمدية واصحابه النجباء واهل بيته الطاهرين لقضايا الاسلام في التوحيد والشرك والحكم الالهي الاصيل ، وبين فهم ابتدعته مجموعة لنفسها للاسلام وللتوحيد وللحكم في الاسلام ليس له اي صلة بفهم الاسلام الرسالي والنبوي الخالص ، بل انه فهم برز من خلال شبهة استحسان ونفعية سياسية واجتهاد عقلي بشري رأت هذه المجموعة الخارجية ان يكون هو الفهم الوحيد لمواضيع الاسلام بلا حتى الاعتراف ان فهم الدين في الاسلام لابد ان يُرجع فيه الى المشرّع النبوي الذي اوحي اليه هذا الدين من منطلق دلالة قوله سبحانه في وظيفة الرسالة والنبوة :(( وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس مانُزل اليهم ولعلهم يتفكرون ))
وقوله عز وجل :(( وما أنزلنا عليك الكتب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدىً وررحمة لقوم يؤمنون )) .
بل اكتفت هذه المجموعات الخارجية بفهمها القاصر للدين بعيدا تماما عن التبيين النبوي الرسالي لهذا الدين وافكاره واحكامه وتصوراته ...... وليبنوا من ثم منظومة هائلة من القيم والافكار والتصورات للاسلام واحكامه حسب اهوائهم وما ارتأته خيالاتهم الفاسدة ليصبحوا فيما بعد اول من ابتدع في الاسلام فهما خاصا معوجا لتعاليم الدين واصول احكامه وافكاره اوحى الشيطان بها اليهم ليضل بها عن سبيل الله سبحانه وهدي رسوله محمد الكريم ص ، وعلى هذا الاساس كانت فلسفة الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع للتصدي لهم وحربهم وفضح بدعهم وضلالاتهم لجميع المسلمين ، وتأكيده على وزيره ومستشاره ابن عباس رض على ان يرجع بالخوارج لفهم السنة النبوية الرسالية المحمدية ص وأن لايجادلهم بالقرءان فحسب من منطلق ان القوم شبهتهم في اعتمادهم على فهمهم الخاص للقرءان الكريم وعدم رجوعهم بفهم الشريعة لما بينه رسول الله ص للمسلمين عامة ، ولهذا امره عليّ ع بأن يجادلهم بالسنة ولايجادلهم في القرءان ، ليدرك اهل الدين وتابعي الرسالة المحمدية الكريمة : ان للدين الاسلامي فهما نبويا رساليا مبينا ، فيه هدىً ويسر رحمة لقوم يؤمنون كما قال القرءان الكريم عن الله سبحانه وتعالى !.
إن نفس هذه الاشكاليات والبدع التي دخلت على الفهم للاسلام واصوله واحكامه وتصوراته من خلال الخوارج في النصف الاول من قرنه الاول من موضوعة الحكم : ( إن الحكم إلا لله ) لينبري فيما بعد الخوارج لاتهام اي مخالف لهم في فهمهم الجديد والمبتدع للاسلام على اساس انه الشرك وعدم التوحيد ، ظهرت فيما بعد فرق وطوائف في هذا الاسلام على نفس الشاكلة الخارجية ولكن بعناوين وتصورات وافكار مختلفة ، تحاول ايضا وبنفس الطريقة صناعة فهم خاص للاسلام واحكامه وطبعا ايضا فهم ليس له صلة بالتبيين الرسالي النبوي المحمدي لهذا الدين واصوله وحدوده ، وانما هي اجتهادات فكرية وشبهات استحسان شيطانية تحاول الاتيان للدين وللاسلام من القواعد ومن زاوية من زوايا هذا الاسلام للانقضاض على ما أسسه الهدي الرسالي المحمدي العظيم لهذا الاسلام باسم الاسلام نفسه وايضا تحت شعار (( التوحيد والشرك )) في الاسلام ، ولكن هذه المرّة من زاوية مختلفة عن زاوية :(( حكم الله )) الخارجي لتكون الشبهة منطلقة من موضوعة الحكم والسياسة والدولة ، وانما هي زاوية تتعلق بموضوعة وفكرة الشرك والوثنية وكيفية نشأتها ؟، وكيفية العبادة لها ؟، ولماذا هي تعبد من دون الله ؟،..... وغير ذالك من زوايا وموضوعات هي من صميم الاطروحة الاسلامية في حقيقتها للوصول بهذه الافكار والتصورات الى نتائج غاية في الخطورة على الاسلام الاصيل وافكاره الرسالية العظيمة وهديه النبوي الفطري والبسيط الذي بيّن حسب اعتقادنا كل شيئ يتصل في عملية التوحيد والشرك ولم يغفل الا ماكان في اغفاله حكمة عظيمة اراد من خلالها الهدي الرسالي العظيم ان يوصل رسالة رحمة للعالمين ، ومن ضمن هذه الفرق الضالة عن هدي الرسالة المحمدية الاسلامية العظيمة اليوم هي فرقة الوهابية السلفية في العصر الحديث !.
********************************

(( الاشكالية السلفية الوهابية ))

إن الوهابية السلفية فرقة لاتختلف في انماط واساليب تفكيرها نحو الاسلام عن انماط واساليب تفكير حركات البدع الخارجية في التاريخ الاسلامي القديم ، فهي ايضا فرقة اشتركت مع الخوارج في مضمون : إن لها فهما خاصا للاسلام في عبادته وفي توحيده وشركه ابتدعته هذه الفرقة لترى كل مسلم لاينسجم مع مقاييسها الخاصة للاسلام على اساس انه مشرك وخارج عن ملة الاسلام والدين وكافرا بالله العظيم ويجب قتله والاستيلاء على ميراثه كغنيمة وسبي ذراريه حتى وان نطق الشهادتين وآمن ب(( ان لااله الا الله وان محمدا رسول الله )) على الحقيقة ، وطبعا مثل هذا الفهم للتوحيد والشرك في الاسلام لم يأتي به هدي رسالي نبوي محمدي اصيل ، ولم يقل به اهل بيت العصمة والطهارة النبوية عليهم السلام وكذا لم يتبنّاه صحابة الرسول رض الاعظم محمد ص ، وانما هو اجتهاد فكري وهابي رُكب بعضه على بعض بأسم الاسلام ، ليصبح هو الفهم الاصيل للاسلام واحكامه ، بغض النظر ان كان هذا الفهم للاسلام والتوحيد والشرك في عرف الفرقة الوهابية هو متصل بتبيين الرسول ص له او لم يتصل ، وانما تكتفي الوهابية بفهمها السقيم للتوحيد والشرك على اساس انه الفهم الاصيل لقضية الايمان والكفر او الشرك والتوحيد !.
والحقيقة ان أسّ الكارثة في الفكر الوهابي المعاصر للاسلام وتصوراته واحكامه ومفاهيمه يكمن في شبهة شيطانية خطيرة جدا أندست داخل هذا الفكر من خلال التاريخ ومن خلال ماذكرناه من فهم منكوس ومشوّه لقضايا الاسلام واحكامه ، وهذه الشبهة تتلخص في رؤية هذه الفرقة لقضية الشرك والوثنية ، وكيفية نشأتها ، ثم بناء الحركة الوهابية جميع تصوراتها الدينية على هذه الشبهة الخطيرة باسم التوحيد في الاسلام لتعتبر كما حصل للخوارج من قبل : ان التوحيد في الاسلام له صورة واحدة في الاسلام لاغير ، هي صورة الفهم الوهابي السلفي الخاص لها والذي هو عبارة عن محاربة الوثنية الجديدة التي هي في الاسلام وداخل اطاره ، وليس خارجه وبعيدة عنه !!.
ما يجعل في الحقيقة المميز الوهابي الجديد على باقي الحركات المبتدعة في التاريخ وحتى اليوم : انها الحركة التي استطاعت ان تنقل الشرك والوثنية من كونها وجود خارج في اطاره عن الاسلام وتوحيده ، وان الاسلام وجود مستقل في كيانه وهو بالضد من الوثنية والشرك ، الى القول ان الاسلام نفسه يحمل في داخل احشائه اجنّة الوثنية والشرك في داخله ، وانه بالامكان رؤية اسلام وثني ووثنية اسلامية في نفس الحيز والمكان والزمان والان الواحد في داخل المسلم والمسلمين الذين هم مسلمون من جهة ووثنيون مشركون من جانب آخر ؟!.
بمعنى آخر : إن من اهم مميزات الفكر السلفي الوهابي المبتدع انه الفكر الذي تجاوز كل الركائز والمقررات الاسلامية الرسالية الواضحة والمجمع عليها اسلاميا بين المسلمين في كون الشهادتين ( اشهد ان لااله الا الله وإن محمدارسول الله ) تبرئان الانسان من رجس الشرك والوثنية وتدخله الى حيز التوحيد والاسلامية ، هاتان الشهادتان أطاحت بمفاعيلها الاسلامية الحركة الوهابية لتخلق شرطا اخر وركيزة جديدة تقيد من هاتين الشهادتين الرساليتين المحمديتين الاسلاميتين ، وتلغي من مفاعيلهما الشرعية وتلغي ايضا من كونهما بابا من خلاله ينتقل الانسان من واقع الشرك والوثنية الى واقع التوحيد والاسلامية ، بل للحركة الوهابية عنوان آخر غير هاتين الشهادتين هو من يكون الميزان الاعلى الذي يحدد من هو المسلم الحق ومن هو المسلم المشرك ، الذي لم تخرجه شهادة الاسلام العظيمة من حيز الكفر والشرك الى حيز الايمان والتوحيد !!.
نعم لو رجعنا مثلا لعصر الرسالة المحمدية ، وعصر صحابته الكرام لنطرح عليهم مصطلح ( الوثنية الاسلامية او وثنية الاسلام ) لنستفتيهم مجمعين حول مشرك كافر اراد ان يدخل للاسلام ليعصم دمه وماله وعرضه ، لقالوا بفتوى شرعية اسلامية واحدة : بانه يكفيه ان ينطق الشهادتين لينتقل من عالم الشرك والوثنية الى عالم التوحيد والاسلامية ، وهاتين الكلمتين هنّ ما طلبهما رسول الله محمد ص من مشركي العرب وعبّاد اوثانهما ، وهما الكلمتان التي سوف تدخلان جميع المسلمين الى الجنة ، وهنّ اللتان قال عنهما رسول الله ص :(( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ))........الخ ، لندرك من خلال فهمهم المحمدي والرسالي للاسلام ان هاتين الشهادتين هنّ بوابة العبور الاولية بين عالمين عالم شرك ووثنية من جهة لايلتقي مطلقا مع غير عالمه وعالم توحيد واسلامية من جانب آخر لايمكن تسميته بالوثنية باي حال من الاحوال ، إلا ان الحركة السلفية الوهابية اليوم لاتعترف ولاتكتفي بهذا الهدي الرسالي الاسلامي الرحيم ، بل تخترع سبيلا اخرى وفهما جديدا وتصورات واحكام ما انزل الله سبحانه بها من سلطان لتكون هي الباب التي من خلالها يصبح الانسان اما مشركا وثنيا او انه موحدا اسلاميا ، وكأنما نحن امام دينين اسلاميين على الحقيقة دين محمد واهل بيته وصحابته وعامة المسلمين الكرام ، ودين السلفية الوهابية بشروطه واسلامه وتصوراته واحكامه .... مختلف تماما عن الدين والاسلام الاول ذاك !.
الاسلام المحمدي عالم فيه توحيد وايمان بالله لاغير ، بينما الاسلام الوهابي فيه اسلام وثني واسلام توحيدي !!.
وهذا المميز للحركة الوهابية المعاصرة هو مايرشحها لان تكون اخطر حركة بالفعل على الوجود الاسلامي من الداخل ، وانها الحركة الوحيدة التي تستطيع تفجير الاسلام من الداخل لتهديم اركان وحدته باسم التوحيد نفسه !!!.
***************************************

(( الوثنية في الفكر الوهابي ))
ينطلق الفكر الوهابي ومن البداية من ان فكرة الوثنية من اساسها فكرة نشأة وتأسست وتحركت ونمت في التاريخ وحتى اليوم من خلال قلب الايمان بالله سبحانه وتعالى للناس الغابرين ، عندما انبرى المؤمنون بالصالحين من عباد الله الرسل او الاولياء او الائمة في الدين ليصنعوا لهم تماثيل تحيي ذكرهم وتحافظ على بقائهم بين اممهم المؤمنه بهؤلاء الصالحين ، ومن بعد تقادم الزمان على هذه الاصنام للصالحين من اولياء الله المكرمين نسى الناس حقيقة ان هؤلاء الاصنام هي كانت لاناس صالحين فعبدوهم على اساس انهم الهة من دون الله سبحانه وتعالى ترزق الناس وتنصرهم وتمطرهم وتدفع عنهم البلاءات والمحن ...، فنشأت على اثر ذالك عبادة الاوثان وتحقق الشرك في الناس اجمعين بعبادة الاوثان والاصنام والصالحين ونسي الناس بداية الفكرة وتشبثوا بذيلها على اساس ان هؤلاء الاوثان ماهي الا الهة مع الله سبحانه العلي العظيم !!.
ثم بعد ذالك تدلل الحركة الوهابية على رؤيتها هذه في موضوعة الوثنية بما نقله مؤسس الحركة وقرنها الاكبر محمد بن عبد الوهاب في كتابه ( التوحيد) تحت عنوان :
____________
(( باب ماجاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين )) بما نصه :(( وقول الله عزوجل ( يأهل الكتب لاتغلوا في دينكم ) في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى ( وقالوا لاتذرنّ ءالهتكم ولاتذرن ودّا ولاسواعا ولايغوث ويعوق ونسرا / نوح/ 23) قال :(( هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان الى قومهم أن انصبوا الى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها انصابا وسموها باسمائهم ، ففعلوا ولم تعبد حتى اذا هلك أولئك ونُسي العلم عُبدت )).
وقال ابن القيم : قال غير واحد من السلف ( لما ماتوا عكفوا على قبورهم ، ثم صوروا تماثيلهم ، ثم طال عليهم الامد فعبدوهم .
وعن عمر : أن رسول الله ص قال ( لاتطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما انا عبد الله ورسوله ) أخرجاه.
قال : قال رسول الله ص ( إياكم والغلو فأنما أهلك من كان قبلكم الغلوا ). ...
_____________________
ثم بعد هذا الحديث لشيخ الوهابية وامامهم محمد بن عبد الوهاب يعقب شارح الكتاب ومقدمه الامام محمد بن سليمان التميمي بالقول :( 2 معرفة أول شرك حدث في الارض انه كان بشبهة الصالحين ) !!
____________
ان هذه الافكار والتصورات والمفاهيم لشيخ الوهابية محمد بن عبد الوهاب في كتابه ( التوحيد ) تقودنا الى كلّ البنيان الوهابي الذي اقامته هذه الحركة تحت مسمى ( التوحيد والشرك ) فيما بعد ، ولندرك من خلال هذا الطرحالبسيط ان سبب الاشكالية الفكرية لدى الوهابية هي نابعة من هذا المبنى الذي يرى :( ان الوثنية والشرك في العبادة كانت اسسها الواقعية هي الغلو في الصالحين واقامت النصب لهم ) وهذا مايفسر لنا غلو الوهابية من الجانب الاخر في الابتعاد عن كل مايتصل بالاولياء والصالحين في هذه الحياة الدنيا سواء كان زيارة قبورهم او ذكرهم واطرائهم بالمديح ، او التعبد بالقرب منهم او ..... او اي شيئ يتصل بالصالحين ومنهم الرسل والانبياء والائمة والاولياء ايضا ، باعتبار ان كل هؤلاء هم السبب الحقيقي للشرك واضلال البشرية عن عبادة الله سبحانه الواحد القهار ، ولهذا يمكن القول ان الوهابية حركة أُسست على اساس ان لها وظيفة واحدة لاغير هي : كيفية ابعاد المسلمين وباقي البشرية عن الوقوع في شراك الحب والغلو في الاولياء الصالحين كي لايعبدونهم من دون الله ويصبحوا من المشركين حسب ماطرحه امام الوهابية وما احتذاه اليوم تلاميذه والمؤمنين بخطه الوهابي التوحيدي هذا ، ولهذا ومن هذا المنطلق رأت الوهابية الحديثة وقياسا على فكرة نشأة الوثنية وانها بسبب الصالحين وان الاوثان ماهي الا ميراث لهم ....، انه بالامكان اجتماع شرك واسلام وتوحيد في حيز واحد ، وإن المسلم الموحد اذا زار قبرا او صلى عند صالحا او دعى الله بالقرب منه ، وكذا ان احبهم والتصق بذكراهم بحرارة ، فإن كل ذالك يعتبر شركا وبدعا ومخرجا من ملة الاسلام التوحيدية التي تدعوا فحسب للتوجه الى الله سبحانه لاغير !.
الآن : هل حقا ان فكرة نشأة الوثنية كانت بسبب اناس صالحين احبوهم قومهم فعبدوهم في نهاية المطاف ؟.
أم ان اسطورة نشأة الوثنية في العالمين كانت على انقاض الصالحين ماهي الا شبهة شيطانية بامتياز اراد الشيطان ان يستفز انصاره من خلالها ليطعن هذا الاسلام من الداخل ويضل العالمين ؟.
*************************************
(( بحث المرتكزات الوهابية لنشأة الوثنية ))

يجب وقبل ان نناقش الحجج التي استندت عليها الايدلوجيا الوهابية وقبل ايضا التوضيح انها مجرد شبه لاترقى لأن تكون حجج يقام عليها بناء فكري اسلامي سليم ان ننبه الى زاوية حيوية في البناء الفكري للحركة السلفية الوهابية في موضوعة الوثنية ونشأتها وهي : ان كل هذا البناء الفكري الوهابي الذي نراه اليوم يكفّر المسلمين ويرميهم بالشرك والخروج عن الاسلام والتوحيد ويحلل دمائهم ويهدم قبور ائمتهم واوليائهم ويرى فيها انصاب واوثان تعبد من دون الله سبحانه ...... وغير ذالك قد استندت في اساسها على ماذكرناه من رواية تنسب الى ابن عباس في معرفة نشأة هذه الوثنية ، وانهم كانوا اناس صالحين وبعد موتهم عبدهم اقوامهم بعد حين ، مايعني ان اي عملية تفنيد لهذه الفكرة في نشأة الوثنية وارتباطها بالصالحين سوف يكون نسفا كاملا لاصل الفكرة التي بنت عليها الحركة الوهابية جميع خيالاتها واساطيرها وتكفيرها للمسلمين باسم الشرك والوثنية والتوحيد وغير ذالك !.
والان هل حقا ان الاوثان ونشأتها في العبادات البشرية القديمة والحديثة هي كانت بالفعل منتج طبيعي لغلوا الاقوام الصالحين برسلهم وائمتهم واوليائهم من الناس العلماء والمباركين ؟.
أم ان الصالحين واقوامهم في التاريخ وحتى اليوم لايمكن ان يكونوا منشأ هذه الوثنية التي انحرفت عن عبادة الله الى عبادة غيره من الاوثان والعياذ بالله رب العالمين ؟.
ثم هل تدلل رواية ابن عباس التي ذكرت بالصحيح ( صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، سورة نوح ) واستند عليها امام الوهابية الشيخ محمد بن عبد الوهاب على اساس انها الوثيقة التي لايمكن الشك بمصداقيتها الحقيقة ، هل تصلح لان تكون السند التاريخي القطعي الذي يبين للعالمين نشأة الوثنية الحقيقة وانها لاناس صالحين ؟.
أم ان الرواية لاتعدو ان تكون مفتراة على ابن عباس ومنسوبة اليه زورا في سبيل تمرير غايات سياسية بابعاد المسلمين عن الناس الصالحين وعدم الاقتداء بهم او الاقتراب منهم او ذكر مآربهم في هذه الحياة الدنيا ؟.
اولا : دعونا نذكر العنوان العريض لكتاب محمد بن عبد الوهاب ( التوحيد ) الذي عنون فيه موضوعة نشأة الاوثان ، وهو عنوان :(( باب ماجاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين )) ونسأل : هل حقا كان الغلو في الصالحين هو المدخل الطبيعي لكفر بني ادم ع اجمعين ؟.
أم ان سبيل الصالحين لم يكن يوما من الايام هو سبيل الكافرين المشركين ؟.
بمعنى آخر : ما الغاية المبتغاة من وراء الصاق كفر العالمين من ادم الى يوم الناس هذا بالصالحين من البشر ؟.
وأليس كان من المفروض والطبيعي والاسلامي ان يكون سبب ضلال وكفر العالمين هم الناس الطالحين من الطغاة والمفسدين ، فكيف وبقدرة قادر وبلسان اسلامي اصبح الصالحين هم قادة الكفر بالعالمين بينما الفاسدين لاذكر لهم بضلال ابناء آدم اجمعين من بداية الخلق الى يوم الدين ؟.
من المستفيد من الصاق اضلال البشرية اجمعين بالصالحين المسلمين والدين والانبياء والاولياء الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ؟.
أم الشياطين والجبّارين والكافرين والفاسقين ؟.
طبعا مجرد القول : ان الصالحين هم سبب اضلال وشرك العالمين هو نصر مبين للشيطان وحزبه من الكافرين ، باعتبار ان تبعية اكبر جريمة عقدية دينية في تاريخ البشرية حتى اليوم لم يكن سببها الشيطان او الملحدين او الفاسقين او سبيل المنافقين ، بل كان الصالحون وسبيل المؤمنين هو ما اضل العالمين من ادم الى يوم الدين حسب عنوان امام السلفية الوهابية محمد بن عبد الوهاب في كتابه التوحيد ، ثم من بعده شيخ الوهابية شارح كتاب التوحيد محمد بن سليمان التميمي عندما ذيل شرحه بالقول :(( معرفة أول شرك حدث في الارض انه كان بشبهة الصالحين )) وعلى هذا كانت شبهة الصالحين هي من اضلّ العالمين وليس شبهة الظالمين او الفاسقين او حتى الشياطين ؟؟!!.
ثانيا : رواية ابن عباس التي تقول بأن هذه الاوثان كانت نصب للصالحين اتخذها اقوامهم بعدهم .... ليس هي نصا نبويا صاعدا ومتصلا بمقول للرسول الاعظم محمد ص او مرتبط بحديث عنه ص ، واوثق مايقال فيها انها رأي او اجتهاد لابن عباس شخصيا ، بحيث انه لو كان نصا رساليا لما غفل ابن عباس عن اسناده للرسول الاعظم محمد ص ، وهذا بغض النظر عن الشكّ اصلا في وثاقة هذه الرواية لابن عباس ، بل نحن لانشك بانها مدسوسة عليه ومكذوبة اليه لاعتبارات عدّة ، اولها انها لم تذكر في غير موضع صحيح البخاري ، ولاهي من المرويات التي تنسجم مع تفكير ابن عباس وتوجهاته الفكرية المعروفة عنه باعتباره من اهل البيت الهاشمي الذي يدرك تماما معنى الصالحين وسبيلهم !.
ثالثا : اذا لم نستطع توثيق هذه الرواية وصحة سندها لابن عباس ، وقد ادركنا انها ليست من الموروثات النبوية الرسالية لكون رواية البخاري تذكرها عن ابن عباس فقط ، من حقنا ان نتسائل عندئذ : لماذا لم يذكر الرسول الاعظم محمد ص ولا القرءان الكريم حقيقة نشأة الوثنية من الصالحين الذي اضلت الخلق من بني ادم ؟.
وهل من المعقول حادثة بهذه الخطورة من الامر على بني ادم اجمعين ، بل وانها السبب في كفر بني ادم كما ذكره شيخ الوهابية محمد بن عبد الوهاب لايتعرض لحقيقتها لا الرسول الاعظم محمد ص ولايبنها حتى القرءان الكريم ؟.
ما الحكمة ان تكون الضلالة التي اضلت ابناء ادم اجمعين واحرفتهم عن عبادة الله الكريم ليس لها ذكر لابسنة الرسول ولابالقرءان الكريم ؟.
بمعنى آخر بالامكان استنباط خرافة هذه الحكاية التي تنسب لابن عباس وتتحدث عن صالحين اضلوا ابناء ادم اجمعين بعدما اصبحوا اوثانا تعبد من دون الله سبحانه ، بالامكان الاستدلال على انها من الموضوعات السياسية فقط لمجرد عدم ورود ذكرها لابسنة نبوية متصلة بالرسول الاعظم ولا بقرءان كريم لم يترك شاردة ولاواردة حول الوثنية والشرك وعبادتها الاذكرها ، فمامعنى ان لايذكر القرءان الكريم اسطورة الصالحين الذين اصبحوا انصابا واوثانا تضل العالمين ؟.
هذا وغيره يدلل ان الرواية التي نسبت لابن عباس هي رواية موضوعة بالاساس ومكذوبة على ابن عباس لاسيما انها مناقضا للشرع الاسلامي الكريم !.
رابعا : القرءان الكريم نفسه يحدثنا في تاريخه الطويل : إن هناك وعلى مدار التاريخ ومنذ ادم حتى قيام الساعة ويوم الدين سبيلان او طريقان امام البشرية اجمعين ، سبيل وطريق المؤمنين وهي هي سبيل الله العلي العظيم في قوله سبحانه :((ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) وفي قوله :(( وان يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلا )) وقوله عز وجل (( واتبع سبيل من آناب )) وقوله (( قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة )) ..... ليسمي سبيل المؤمنين ومنذ ادم الى قيام يوم الدين بانه سبيل الرشد وسبيل الهدى وسبيل المؤمنين وسبيل الآيبين وسبيل الصالحين ....الخ .
وطريق اخر يسميه الله عزوجل سبيل الشياطين وسبيل الفاسقين وسبيل الباغين وسبيل الذين لايعلمون والطاغين والمتفرعنين والمجرمين ..... في قوله سبحانه وتعالى :(( وان يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ))!.
وعلى هذا التقرير القرءاني لايمكن ان تكون سبيل الصالحين او سبيل المؤمنين هي المفضية الى الكفر والشرك والالحاد والوثنية والعياذ بالله رب العالمين ، وهذا بعكس سبيل الطاغين والمجرمين وغير الصالحين الذي هي سبيل المشركين والكفار والمنافقين والوثنيين وغير ذالك !.
وعليه كيف تستقيم رواية البخاري التي تقول ان سبب كفر بني ادم اجمعين هي كانت سبيل المؤمنين ؟.
ثم اي مؤمنين هؤلاء الذين كانوا يتبعون ويحبون الصالحين ثم بعد ذالك يتبرعون ليبنوا لهم انصابا او اوثانا لتكون هي السبب في انحراف البشرية عن عبادة الله الواحد القهار الى عبادة الصالحين من عباده ؟؟.
ومتى كانت تعاليم الانبياء والصالحين او اتباعهم تقتضي نحت اوثان او جعل انصاب لهم بعد فقدانهم لتعبد فيما بعد من دون الله العظيم سبحانه وتعالى ؟.
ولماذا لايكون المجرمين والشياطين هم اصحاب فكرة الاوثان والانصاب لاضلال العالمين وليس اتباع الصالحين ؟!.
خامسا : ايضا القرءان الكريم عندما اراد ان يتحدث عن تاريخ سبيل المجرمين ذكر بكثافة ان اصحاب فكرة تاليه البشر هم الفراعنة والمستبدين والملحدين واتباعهم ومحبيهم في هذه الحياة ، ولم يكونوا الصالحين والانبياء والاولياء والمتقين !!.
أقصد : ان فكرة اتخاذ الالهة من البشر ومنذ ادم الى يوم الدين وحسب مايشير لها القرءان الكريم في نصوصه حول التاريخ البشري ، كانت ولم تزل هي فكرة غير الصالحين ، وبالخصوص مايتحدث عنه القرءان من ان الطغاة والفراعنة والجبارين والبعيدين عن الله وغير الصالحين هم من ابتدع فكرة نحت التماثيل لشخوصهم الفرعونية ، وهم من دعوا الناس لعبادتهم ، وان مصر بتماثيل فراعنتها الحاضرة حتى اليوم ، وكذا بابل العراقية بنمارذتها المتوالين واصنامهم واوثانهم التي كانت تفرض عبادتها على الناس اجمعين ، هؤلاء هم وبنص القرءان من ابتكر وانشأ عبادة الاوثان والاصنام في البشرية اجمعين ليعبدوا من دون الله ويتخذهم الناس الهة كما ذكر القرءان صراحا عن فرعون قوله :(( وقال فرعون يايها الملأ ماعلمت لكم من اله غيري ..)) وقوله (( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين ))..... وهكذا ، فكيف يترك من اسس للعبادة الوثنية من الطغاة والمجرمين بنص القرءان ويُذهب الى رواية مجهولة ومنسوبة لابن عباس كي نلصق نشأة الاوثان وعبادتها بالصالحين وسبيلهم ؟.
ثم هل ذكر القرءان ولو لمرّة واحدة ان رسولا او صالحا او مجموعة من المؤمنين دعوا لصناعة الهة او التشبه بعمل الكافرين كي يقال في الرواية المنسوبة لابن عباس ان هذه الاصنام في اساسها لاناس صالحين اتخذها قومهم بوحي من الشيطان الرجيم ؟.
سادسا : في الرواية شيئ شبيه بالنكتة المضحكة وهي : ان الشيطان اراد ان يضل الناس اجمعين فلم يجد حيلة لاضلالهم عن عبادة الله عزوجل غير حثهم على ذكر الصالحين واعمالهم الطيبة بصناعة نصب وتماثيل لتخليدهم في هذه الحياة ؟.
هل يرى القارئ اللبيب كيف ان هذا الشيطان اعيته السُبل فلم يجد امامه سوى الصالحين ليخلد ذكرهم بالوحي لقومهم بصناعة التماثيل لهم ؟.
انا وغيري يعرف ان اعداء الشياطين في هذه الدنيا والاخرة هم الصالحين ، فكيف فكرهذا الشيطان بان يحيي ذكرى الصالحين حتى بعد غيابهم من الحياة ؟.
لااعلم !!!.
الغريب العجيب لو كانت الرواية في صحيح البخارى ذكرت ان الشيطان اوحى لقوم الطغاة والفراعنة والغاوين والجبارين بان يقدسونهم ويطلبون منهم الحاجات من دون الله ويتخذونهم الهة من دون الله سبحانه كما يذكر القرءان الكريم ، لكانت القصة متماشية مع سياق العقل والمنطق الاسلامي ، ولكن ان يوحي الشيطان لقوم الصالحين ان ينحتوا لهم امثالا ليخلدوا معهم في هذه الارض فان هذا الشيئ اشبه بالنكتة منه للواقع الشيطاني المعروف بالمكر وحب الطغاة والجبابرة والعاصين اكثر بكثير من حبه ووده للصالحين حتى وان كان على سبيل الضلالة للناس اجمعين ، فالله سبحانه لم يجعل للشيطان سلطانا لا على المؤمنين ولا على سبيلهم في الحياة الدنيا ليكون مضلا للاخرين ، قال سبحانه :(( ان عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين )) فلماذا لايكون الغاوون هم من اوحى لهم الشيطان وليس الصالحين من قوم الصالحين ؟.
سابعا : نعم غير ماذكرته هذه الرواية في صحيح البخاري والذي بنت عليه الحركة الوهابية كلّ بنيانها العقدي الديني لترى في الصالحين في حياتهم وبعد مماتهم انهم اشرّ من الاشرار واخطر من الشيطان الرجيم نفسه على المؤمنين ، هل هناك ذكر تاريخي او ديني يؤكد ان ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا .. المذكورين في رواية البخاري عن ابن عباس رض هم اسماء رجال صالحين من قوم نوح او حتى طالحين ؟.
ان الروايات من التضارب بشكل يجعلنا لانطمئن الى مثل هذه الاجتهادات التي هي اشبه بالخرافية ، هذا اذا ثبتت انها للسلف الصالح بالفعل ، لكن على اي حال كل ماورد بهذا الشان هو متضارب لحد عدم الاستقرار بالمرّة ، فالقرطبي مثلا في تفسيره يذكر في بيان هذه الاية من سورة نوح عدة اقوال منها ماهو عن ابن عباس في نفس هذه الرواية ، ومنها ماعن عروة بن الزبير في قوله : اشتكى ادم عليه السلام وعنده بنوه ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسرا وكان ودّ اكبرهم وابراهم !!.
لنكتشف ان هذه الاسماء هي لابناء ادم مما يعني ليس لهم علاقة لابقوم نوح ولابانهم اناس صالحين من قريته اضلوا البشرية اجمعين للشرك والوثنية بعد موتهم ، مع انه لم يعرف لابالتواريخ ولابنصوص القرءان ان لادم ابناء بهذه الاسماء !!.
وهكذا رواية كعب الاحبار الذي ترى انهم ابناء ادم عليه السلام وان احدهم قد مات فحزنوا عليه فقال لهم الشيطان : انا اصوره لكم ... فصوره في المسجد من صفر ورصاص .. الى مات الكل فقال الشيطان لمن جاء بعدهم لم لاتعبدونهم ؟.... فعبدوهم من دون الله سبحانه !!.
ان هذا التضارب والقلق في المنقولات يختلف في كل شيئ الا في فكرة الصاق نشأة الوثنية في الصالحين من البشر ، ولعل المغزى الذي ارادت هذه الفكرة تاكيده : هو ان هناك جهة ما متضررة جدا من التفاف الناس حول الصالحين هي صاحبة فكرة كيفية ابعاد هؤلاء الصالحين عن الصالحين في هذه الحياة ولهذا جاءت فكرة نشأة الوثنية والصاقها بالصالحين او ربما بمن فرض الله ودهم في القرءان الكريم بقوله سبحانه :(( قل لااسالنكم عليه اجرا الا المودة في القربى )) ولهذا كان عنوان الغلوا من العناوين البارزة التي اسست لفكرة ابعاد الصالحين عن الصالحين .
**************************

(( خلاصة ))

الحقيقة ان الخلاصة التي نصل اليها من خلال اسطورة نشأة الوثنية والصاقها بالصالحين وسبيلهم من المؤمنين ، هي ان هناك محاولة شيطانية لحرف رؤية المسلمين والمؤمنين عن مكامن الشيطان وسبل المجرمين من الفراعنة والطواغيت والمستبدين ، بل ان هناك استهداف شيطاني للصالحين وسبيلهم من خلال بدعة ( الغلو ) في الصالحين كي يمحى سبيل المؤمنين من هذه الحياة وتطمر جميع معالمهم باسم الابتعاد عن الغلو الذي هو الطريق للشرك بالله وعبادة الصالحين ، وبهذا تكون الحسبة تمشي على راسها بدلا من الرجلين في فكر الاسلام والمسلمين ، وبدلا من ذكر الصالحين في هذه الحياة الدنيا وبعد مماتهم للعالمين كما ذكرهم القرءان الكريم باعتبار انهم منارات هدى ورحمة للسالكين ، نجد ان الشيطان قد استطاع ان يردم باب الله سبحانه وتعالى ويغلق جميع امثاله العليا من الصالحين امام المسلمين ، ليصبح كل ذكر لهم هو بدعة وكل تنقيب عن ماثرهم هو غلو وشرك ، وكل زيارة لاماكنهم او استذكار زيارتهم هي من الوثنية والانحراف عن التوحيد العظيم !.
هكذا استطاع الشيطان ان ينتقم من اولياء الرحمن ، بل هكذا استطاع ان يكون الشيطان مبرئا من اضلال بني ادم اجمعين ليصبح الصالحين والرسل والانبياء والائمة والاخيار هم سبب الضلال والكفر والشرك والوثنية لهؤلاء الناس المساكين !.
نعم كل صنم كان يعبد من دون الله سبحانه حسب رؤية الحركة الوهابية وتراثها التي استقت منه هذا العفن الشيطاني القبيح هو وجه ولي من اولياء الله الصالحين ، وبدلا من ان تكون هذه الاوثان هي وجوه فراعنة ونمارذة ومستبدين وكفرة تستحق ان يكفر بها بين العالمين ، اذا هي وبروايات البخاري وغيره اصبحت صور ووجوه صالحين ورسل واتقياء وساجدين ؟!.
أليس هذا هو الضلال المبين حقا ؟.
يصبح كل ذكر وزيارة وصله .....الخ لاولياء الله المتقين الصالحين هو بدعة وشرك ووثنية ، مع ان اثار هذه الزيارات وهذا الذكر للصالحين وزيارة قبورهم مما يزيد من ذكر الله سبحانه وزيادة المعرفة بتوحيده وكيفية الجهاد والتضحية في سبيله كما فعل الصالحون الماضون ، هذا يصبح هو المفضي للشرك بالله سبحانه والبعد عنه وهجران عبادته !!!.
بينما كل ذكر للشيطان والمستبدين والفراعنة والطواغيت يصبح اخبار تواريخ وتلاوة احاديث وعظة وتجربة وحكمة وعبرة للسياسيين ؟!.
هل نستطيع القول اخيرا ان سبيل الشيطان والفراعنة والمستبدين هو الذي انتصر على يد حركات من امثال الوهابية وغيرها ، بينما سبيل الصالحين والمؤمنين والقانتين قتل باسم الدين المزيف والتوحيد الاعوج والعبادة التي هي لغير الله ؟.
أم ان سبيل الصالحين لايمكن الا ان يكون هو المنتصر وهو التوحيد وهو الايمان وهو التقوى وهو المدنية والحضارة ، وماسبيل الطغاة والفراعنة والاعراب والمنافقين الا في تباب ؟.
_________________

alshakerr@yahoo.com

الأربعاء، يوليو 08، 2009

مَن يجيب على اسألتي في قصة الدين والدولة ؟!.


_____________________

(( هذه مجموعة أسألة اضعها بين يدي (مفكري) القلم والكتابة ليجيبوا هم عليها كيفما يرونه فكريا وعلميا صالحا للحياة الانسانية ، على ان تكون اجوبتهم غير منحازة إلاّ الى الفكر والحقيقة والاقناع والوجدان والعلم ... والدعوة عامة في التحدي على قدرة الاجابة عليها !!!)).
*******************************
ماهي قصة الدين مع الدولة ؟.
وماهي نوعية تلك العلاقة التي تشكلت مع الزمن بين الدين والدولة ؟.
مَن كان المتقدم في ادارة حكم الاجتماع الانساني اولا الدين ام الدولة ؟.
وهل حقا ان الدولة هي من طلب ودّ العلاقة مع الدين من اجل المصالح المشتركة التي تجمع بين الدولة ورجالاتها والدين ووعاظه ؟.
أم إن الدين هو المتزلف للدولة لخطب ودها من أجل المصالح التي تستولي عليها الدولة في هذه الحياة الدنيوية الانسانية المادية ؟.
هل كان هناك نوع من الصراع التاريخي بين الدين والدولة في التاريخ وحتى اليوم من اجل حكومة المجتمع وادارة شؤونه حسب اختلافات التوجهات الايدلوجية والمصلحية لكل من الدين والدولة ؟.
أم ان هناك توافق وانسجام بين الدولة والدين في التاريخ وحتى اليوم في تنظيم علاقة ادارة المجتمع وحكومته وسياسته في هذا العالم ؟.
متى تتوافق الدولة مع الدين ؟.
ومتى يتشاجر ويتناقض الدين مع الدولة ؟.
هل انتصرت اليوم وفي التاريخ الدولة على الدين ؟..
أم ان الدين هو الذي انتصر في نهاية الطريق على الدولة ؟.
هل من الممكن دمج الدولة بالدين ؟.
أم ان الممكن الوحيد هو دمج الدين بالدولة ؟.
ولماذا كلما حاول العالم فصل الدين عن الدولة فشلت الدولة والدين بهذا الفصل ؟.
وهل يعني هذا ان الدولة لاتستطيع الاستغناء عن حليفها التاريخي الدين ولهذا هي يمكن ان تتخاصم معه على المكاسب ، ولكن لايمكن لها ان تهجر الدين الى الابد ؟.
أم انه بالامكان تصور فصل الدين عن الدولة وطلاقهما بلارجعة في التفكير ؟..
ولكن في هذه الحالة السؤال يكون هو أذا حاولنا فصل الدولة عن الدين بعملية قيصرية جراحية مؤلمة فهل حتما اننا سنذهب الى حرب حتمية وتصادمية بين الدين والدولة ؟.
أم ان عملية فصل التوأم هذه بين الدين والدولة بالامكان نجاحها في حالة قتل جنين الدين ليعيش جنين الدولة بسلام او قتل جنين الدولة ليعيش الدين بسلام ؟.
بمعنى آخر : هل هناك صعوبة في تصوّر تجاور الدين والدولة في الحياة الانسانية بسلام بلامشاركة من الدين في السلطة او بتهميش دور الدولة عن الحكم ؟.
أم انه من المستحيل تصوّر دين مهمش يجلس بهدوء وسكينه والى قربه دولة تحكم وتسوس العباد والبلاد بكل عنفوان وتمرد ؟.
بمعنى مغاير ومن الجانب الاخر للموضوع : هل بالامكان تصور دولة تقدم فروض الطاعة والاستسلام أمام دين يحكم الناس ويدير شؤونهم كيفما يرتأي ؟.
أم اننا من المستحيل ان نتصوّر ان الدولة قادرة على مجرد التفكير بقضية الاستسلام امام الدين بلا حكم يوزع بينهما على التساوي على الاقلّ ؟.
ولكن لماذا دائما نحن أمام فرضية واحدة لاغير تقوم على فكرة وجوب الحكم في هذه الحياة للدين والدولة معا ؟.
أعني لماذا دائما تفكيرنا يفترض ان القدر وضع حاكمين هما الدين والدولة في حيز اجتماعي واحد لابد لهما من الحكم معا او الصراع معا ؟.
ولابد في علاقتهما من ان تكون اما توافق ومشاركة ، وأما تنافر وتصادم وحرب وضدية ؟.
هل من الممكن ان نتصور عملية هي في الاساس غير المشاركة او الدمج او الصراع على وفي الحكم بين الدين والدولة ؟.
أم ان قدر هذين العنوانين هما أما المشاركة واما الحرب واما قضاء طرف على اخر فحسب ؟.
هل ممكن ان تقضي الدولة على توأمها الدين لتحكم الدولة بلا شقيق ؟.
أوهل ممكن للدين ان يقضي على الدولة ليحكم العالم بلا دولة ؟.
أم انه مع التناقض الحاد في عملية الحكم والمشاركة بين الدين والدولة ، مع ذالك لايمكن ان نتصور التفرد لاحدهما بالسلطة والحكم ، ولهذا اصبح قدر الاثنين ان يعيشا معا حتى ان كانت هذه المعيشة في حالة صراع دائمة الا انها لايمكن لها ان تعيش الا بهذه الحالة من الصراع على الحكم لاغير ؟.
نعم لماذا النبي دائما هو مصطدما مع الحاكم ؟.
ولماذا الحاكم دائما يتوجس الريبة والخوف من النبي ؟.
ومع انه لانبي بلا حاكم ولاحاكم بلا نبي ، ومع ذالك من اصعب الافكار التي يمكن تخيّلها بين الدين والنبي من جهة وبين الحاكم والدولة من جهة اخرى هي التوافق في العيش في حيز واحد ؟.
لماذا لابد للحاكم اذا اراد ان يعيش مع النبي ان يؤمن بنبوته ؟.
ولماذا لايمكن تصوّر مداهنة النبي للحاكم لتكون الدولة هي المرّوض للدين ، وليس الدين هو المرّوض للدولة ؟.
ولكن من جانب آخر أليس في حقب زمنية كثيرة وجدنا ان الدولة استطاعت ان ترّوض الدين وتستخدم وعاظه للسلطان والدولة ؟.
فكيف ولماذا لانعتقد حقيقةً ان الدولة قادرة على دمج الدين مع مصالحها ليكون الدين هو المطية للدولة وليس العكس ؟.
أبسبب مثلا ان الدولة لابد ان تجرد الدين من كل روحه وعقله واخلاقه عندئذ تتمكن الدولة من ترويض الدين ولهذا نحن ننظر لعملية الدمج هذه على اساس انها خداع وتسلط لاغير ؟.
أم انه وبالفعل ان العلاقة اذا جاءت من الدولة نحو الدين لابد من ان يمسخ الدين من كيانه وروحه ، بعكس مالوكانت العلاقة متحركة من الدين نحو الدولة فاننا ننظر بفطرية الى ان الدين يحاول رفع الدولة من قاعها الى الاعلى ؟.
لماذا دائما الانسان ينظر بصورة طبيعية الى ان النبي والدين طاهر واخلاقي وروحي وجميل ، بينما يرى الدولة والحاكم على اساس انهم وساخة ودنيوية ولااخلاقية وقباحة ؟.
مَن الاقوى في معادلة الترويض وعض الاصابع في هذه المعركة الازلية القائمة بين الدين والنبي من جهة والدولة والحاكم من جهة اخرى ؟.
وماذا يعني فكريا وايدلوجيا في التاريخ وحتى اليوم ان سلاح الدين والنبي والامام دائما الثورة والايمان
والجماهير ، بينما يكون سلاح الدولة والحاكم والسياسي هو المال والقوّة والعسكر والقانون ؟.
هل سنصل في يوم من الايام لاقامة معادلة توازن بين الدين والدولة في الحياة ؟.
أم انه من الصعب جدا رؤية عرشين لنبي وطاغية في حكم شعب واحد ؟.
السؤال الاخير : لماذا لايكون الدين هو الضابط الاخلاقي والضمير الداخلي لحركة الدولة ، وتكون الدولة هي ذراع الدين في بسط سلطة العدالة والاخلاق بين الناس وكفى الله المؤمنين شرّ القتال ؟.