الجمعة، يوليو 22، 2011

(( حقوق الانسان فكر وثقافة وليس خداع وسياسة يافراس الجبوري )) حميد الشاكر


هالني كما هال العراقيين جميعا عندما اطلت علينا قوى الامن العراقية قبل ايام وهي تعلن القاء القبض على مجرمي ومنفذي مذبحة عرس الدجيل ومن بينهم رئيس منظمة حقوق انسان عراقية اسمه فراس الجبوري !!.

والحقيقة ربما اذهل العراقيين الصورة البشعة التي نفذ بها محترفي ارهاب عراقيين ودوليين جميع تفاصيل هذه المذبحة من اغتصاب نساء وعروسة امام عريسها الذي كان هو الاخر ضحية الموت البطيئ الى رميه وعروسه وهي مقطعة الاثداء مربوطين كالخراف في حبل واحد في نهر قريب وحتى ربط اطفال باحجار ثقيلة ورميهم وهم احياء بنفس النهر والى اقامة مذبحة اومسلخ بشري للرجال من خلال اعدامهم بالرصاص من الخلف في الراس وهم يتناوحون على ارواحهم ، التي ازهقت واطفالهم ونسائهم لا لشيئ الا لمجرد انهم اعتقدوا ان من حقهم الفرح كباقي البشر !!.

بعض العراقيين اغاضهم جدا هذه الجرأة من مجرمين هم في الحقيقة من اجبن خلق الله وادونهم كرامة وسمعة واتفههم مواقع وعشائر وحمولات قبلية على عرض وشرف العراقيين بهذه الصورة من اللهو والهزء بكرامة وشرف ..الخ العراقيين ثم ذهبوا يتسائلون سياسيا ب : بياترى هل كان فراس الجبوري ، وغيره من عتاة مجرمي البعث الصداميين ليجرأون على اهانة العراقيين باعراضهم وبهذه الصورة الحقيرة والدنيئة اخلاقيا وعرفيا وقبليا وعشائريا وانسانيا ....اذا لم يكن فراس الجبوري وامثاله لديهم من الضمانات الامريكية المحتلة للعراق والاقليميةوحتى من قبل احزاب عراقية متنفذة في العمل السياسي العراقي ما يطمئن ارواحهم الشريرة انهم وعلى اي حال ، وفي نهاية المطاف ومهما قاموابه من افعال اجرامية فسوف لن يصيبهم اي مكروه ومهما فعلوا بالعراق وشعبه ؟.
ام ان هؤلاء الحفنة من القتلة قد مسخت انسانيتهم بالفعل حتى وصلوا الى مراحل من التوحش والدونيةالى درجة اصبح اجتثاثهم الوجودي من اوجب الواجبات المقدسة والاخلاقية في العراق اليوم ؟؟.

طبعا انا كصاحب راي وليّ علاقة بالفكر ، والمحافظة على ثقافة المجتمع العراقي وقيمه كان غيضي ، بالاضافة الى ماذكرته ، لجميع العراقيين من انتفاض لكرامةانسانية قداهدرت ومن عرض قداعُتدي عليه وطفولة ذبحت بابشع صور الاغتيال والجريمةهالني كذاللك تلك الظاهرة التي فضّ بكارتها السفاح الدكتورفراس الجبوري ، وهو يمتطي صهوة اشرف مؤسسة مدنية وهي مؤسسة حقوق الانسان ، ليصنع منها ساترا او متراسا او مُدية لذبح الانسان العراقي وحقوقه بهاولتكون بالفعل الراية لحربه القذرة ضد الشعب العراقي وكرامته وامنه وشرفه وعرضه !!.

عندئذ تساءلت بكل ذهول وحيرة وأسف وألم ...... وباقي المنغصات ب : كيف ؟، ولماذا ؟، وماهي الاسباب التي جعلت من مجرم كفراس الجبوري ينظر بهذا المستوى من الدونية لمفهوم وفكرة (حقوق الانسان ) حتى دُفع دفعا لارتكاب كل جرائمه تحت غطاء هذا المفهوم وتلك الفكرة بالذات ليقوم بالواقع بجريمتين وليست واحدة :
الاولى :وهي جرائم مادية في قتل البشرواغتصاب اعراضهم وذبح اطفالهم ورجالهم من جانب !.
الثانية : وهي جرائم معنوية في قتل المفاهيم ، والافكار الانسانية والالهية الدينية الجميلة وتشويه وجودها وتقديمها للانسانية كمجرد وحش مفترس للبشرية ومضل لافكارهم وثقافاتهم لاغير من جانب اخر ؟.

طبعا انا ، وغيري مدركين للماهية الخلقية لصنف المجرمين والارهابيين لاسيما الصداميين منهم والقاعديين الوهابيين السعوديين ، الذين عاثوا في الارض العراقية قتلا ، ودمارا وفسادا ..الخ في الارض وانهم من فئةالذين لايتورعون من استخدام اقدس المقدسات البشرية كالدين وغيره لاستغفال البشر من جهةولتمرير مخططات اعداء الدين والفضيلة للتشويه من جانب اخرومن ثم القيام بجرائمهم تحت مسمى المقدس والفضيلة والدين لاعطاء شرعية لاجرامهم الكارثي ، وهكذا فلا غرابة ان استنفد الارهابيون الورقة القداسية لتبرير جرائمهم باسم الدين والجهاد والفضيلة ....وكل ذالك بريئ منهم ليتحولوا الى اللعب بالاوراق الانسانيةالمدنية كحقوق الانسان وحرية وكرامة البشر ، وحق التعبير وغير ذالك لتكون مؤسسات المجتمع المدني هذه المرّة هي المنصات ، التي ينطلق منها الاجرام ، والارهاب في العراق ليذبح العراقيين تحت يافطات حقوق الانسان ، وحريات الصحافة ... وهلمّ جرّا !!.

هذا شيئ نحن ندركه في طبائع الجريمةوالتوحش اللابشري وهو قد حصل تاريخيا بالفعل وباسماء متعددة مرّة باسم التقدمية والعلمية كما حصل في الشيوعية العالمية ومرة باسم الديمقراطية ، والحرية كما حصل في حروب العالم الراسمالي ومرة باسم الدين كماقرانا وسمعنا كثيرا عن حكم الكنيسة من جهةفي التاريخ الاوربي وحكم الارهاب وطالبان والقاعدةفي افغانستان والسعودية ... لكن مالفت نظري بالاضافة لذالك في قراءة ظاهرة الارهاب ورؤيته لكل قيم ومفاهيم المجتمع المدني بازدراء لاسيما ان اعظم الجرائم في العراق ارتكبت ، وهي محمية بهذه المفاهيم من ديمقراطية الى حقوق انسان الى حرية تعبير وصحافة .... ، ان امثال هذه الظواهر لم تأتي من فراغ مطلق كما انها لم تأتي فحسب مندفعة بدوافع الجريمة وتسترها بكل ماهو قداسي وانساني لاغيربل هناك ايضاالابعاد الفكريةوالاخرى السياسية وغير غائب عن بالنا الابعاد الاجرامية وهي التي تجعلنا نعيد السؤال مرة تلو الاخرى ، لنسأل : صحيح هل كان عامل الدافع الاجرامي فقط هو الذي يقف خلف ارتكاب الجرائم الارهابية البشعة باسم الفضيلة والدين وحقوق البشر والديمقراطية وباقي العناوين ؟.
أم ان هناك عوامل اخرى ، هي ماصنع من النموذج فراس الجبوري سفاح عرس الدجيل ليجترأ بهذه الصورة على كل ماهو مقدس وانساني لامتهانه والنظر اليه على انه حقير ، والى درجة انه لاينفع الا كونه غطاء ومنصة لارتكاب الجرائم لاغير ؟.

بمعنى اخر : هل كان للاستغلال السياسي الغربي ، بامتهان كرامة البشر واحتلال اوطانهم ، واستعمار اراضيهم ، ونهب ثرواتهم وزرع الفتن بينهم تحت مسمى الدفاع عن الديمقراطية ، وحقوق الانسان انعكاس مباشر على رؤية الارهاب في عالمنا العربي بالعموم ، والعراقي بالخصوص ، للمفاهيم والافكار المدنية الغربية من مفاهيم لحقوق البشر وديمقراطية وحرية راي وصحافة ...، واعتبار كل ذالك مجرد اوراق سياسية غربية منافقة الغرض من طرحها تبرير غايات دنيئة بوسائل فضيلة وكريمة لاغيرومن هنا كانت نظرة الازدراء والتحقير لكل المفاهيم الانسانية التي صنعت جزء منها بلا ريب الحضارة والفلسفة الغربية بالامس وحتى اليوم ؟.
أم ان هؤلاءالمجرمين والقتلة بالفعل ينظرون بل هم يحملون عقيدة لاتؤمن بكل قيم ومفاهيم وافكار انسانية ، بل ويعتبرون كل ذالك مجرد نكتة سمجة لايؤمن بمضونها سوى المغفلين من بني البشر ؟.

يبدو ان جواب كلا السؤالين بنعم هوالحاصل في النموذج الارهابي العراقي تجاه كل المفاهيم الانسانية الراقية ومنها طبعا مفهوم حقوق الانسان فمن خلال الخبرة والمتابعة نكتشف ، ان الارهاب في العراق الذي خلق وصنع الف الف الدكتور فراس الجبوري هو خليط مركب من الجهل بكل هذه القيم والمفاهيم الانسانية الفكريةمن جهة ومن جهة اخرى نرى ان عامل النزعة الاجرامية هي الاخرى عنصر من عناصر مركب الشخصية الارهابية التي هي ارهابية بالتكوين وطاردة لكل ماهو اخلاقي وانساني من جانب اخر !!.

ونعم مفاهيم حقوق الانسان ، ومؤسسات المجتمع المدني ، تمثل اليوم في جوهرهاالفكري القاعدةوروح النظام الاجتماعي الناجح والمتطور والمتطلع بالفعل لبناء حياةانسانية كريمة وعادلةولكن هذه المعاني والمفاهيم الراقية اذا لم تجرّد من الخداع ، والدجل السياسي المعروف غربيا وشرقيا لايمكن لمثل هذه المفاهيم والافكاران تكون فاعلة ومؤثرة بالفعل في بناء المجتمع وصناعة تطوره وتقدمه واعادة ترتيبه وانتاجه بصورة سليمة !!.

بمعنى اخر : ان اشكاليتنا اليوم هي اشكالية فكرية بامتياز لكن مايعقد هذه الاشكالية اكثر ، هو دخول العوامل السياسية عليها وصراع ماهو سياسي على ماهو فكري داخل مجتمعاتنا المحطمة فمثلا كل الفكر المدني الانساني المطروح عصريا من مؤسسات حقوق مدنية ، الى حرية فكر وصحافة الى ديمقراطية وحكم رشيد بارادة شعبية ....الخ، كانت فيما مضى من التجربة الانسانية ، ولم تزل هي منتج خالص للفكر الانساني الناهض ، وكان قادة هذا الفكر ، وفلاسفته هم الذين يشرفون بصورة مباشرة على التنظير لهذه المؤسسات ، وفكرها وهم المشرفين بالادارة عليها ، مما جعل من مفهوم حقوق الانسان مدرسة فكر وثقافة مجتمع وامة حقيقية تقع مسؤوليتهاعلى اصحاب الكفاءة ، والاختصاص الفكري والثقافي في المجتمع قبل ان تكون مدرسة سياسة وتسلق جهلة سياسيين على رقاب هذه المفاهيم الراقية !!.

اليوم مع الاسف قلبت المعادلة بالتمام لتضيع كل ملامح الصورة والمشهد في هذه القضية حتى اصبح دور المفكرين والفلاسفة والمنظرين والمثقفين في قضاياحقوق الانسان دورَالمتفرج المكسور الجناح وليتقدم من ثم بشكل رهيب دور السياسي المتخلف ليدعي قيادته لهذا المضمار !!.

كم هي اليوم مع الاسف مرة اخرى مؤسسات المجتمع المدني التي يقودها اناس(امثال فراس الجبوري وغيره) ليس لهم اي علاقةلابالفكر ولابالثقافة ولاحتى بالادراك فضلا عن معرفتهم وادراكهم وثقافتهم ، لمفاهيم المجتمع المدني وكيف نشأت وماهي الافكارالفكرية العالية القيمة التي ينبغي توفرها بصاحب مشروع او مشاريع قيادة المؤسسات المدنية ؟.

شخصيا اعرف الكثير من جهلة التسلق السياسي الذين هم اليوم على رأس مؤسسات المجتمع المدني والذين يقودون فعلياهذه المؤسسات ويوجهونها ويقبضون اموال طائلة حكومية ، لادارة موظفي ، وكوادر هذه المؤسسات ولكن بمجرد ان تسأل احدهم عن ابسط الجوانب الفكرية ، لافكار ومفاهيم مؤسسات المجتمع المدني ؟ .
او تسأل احدهم عن تاريخ ونشأة فكرة حقوق الانسان ؟ .
او تسأله عن فلاسفة ، ومفكري ومنظري هذه الافكار ومااسمائهم وكيف نظروا لحقوق البشر والديمقراطية وما تعنيه هذه الافكار ....الخ ؟.

فستصدم بكميةالجهل المطبقة لدى هؤلاءالبشرمن مدعي الدفاع عن حقوق الانسان ومدعي النشر لثقافتها وفكرها داخل ربوع المجتمع !!.
اُدعى عادة لاحتفالات ، وتجمعات تعقد تحت مسمى جمعيات حقوق الانسان وعادة ما اُدعى ككم مهمل للجلوس في المقاعد الخلفية مع اناس لايدركون من الاجتماع الا فتح افواههم ، ثم تعقد الندوة لخطابات سياسية وحزبية افضل مايمكن القول عنها ، انها تفاهات خطابية ، لاتقدم ولاتؤخر ليفض مجلس حقوق الانسان ونحن متخمين من كميةالشعارات السياسية الفارغة حول حقوق البشر !!.
اتساءل بعدها :ياتُرى لماذا لايطرح بمثل هذه التجمعات الفكر الفلسفي الذي نظّر لمفاهيم حقوق البشر على يد اكبر فلاسفة اوربا لندرك خلفيات فلسفة ان يكون للانسان حقوق ؟.
ففكرة حقوق الانسان ؟ وكيف اصبح للانسان حقوق ؟، ومن اين تاتي هذه الحقوق ؟، وهل هي حقوق قانونية ؟، ام انها حقوق طبيعية تهبها الطبيعة ام انها حقوق الهية ؟، .....الخ ، فكل هذا كان ولم يزل مطروحا في الفكر الفلسفي الاوربي والشرقي وينبغي ان يُعرف ويُفهم ويدرك اجتماعيا ليؤمن المجتمع بحقوقه ، ويدافع عنها ويموت من اجلها اذا تعرضت هذه الحقوق للمصادرة ؟.
ثم لماذا لم يطرح ابدا اسماء فلاسفة النهضة الاوربيين والشرقيين الذي لولاهم لما ادركنا اي معنى او مفهوم لحقوق البشر في العصر الحديث ؟.
الا يعلم قادة هذه المؤسسات المدنية والاكلين من سحت اموالها حراما ان موضوعات حقوق الانسان والديمقراطية والمجتمع المدني والحرية ....... كلها مواضيع لها صلة بالفكر والثقافة اكثر من صلتها بالحزبية والشعارات السياسية والجمعيات والخطب التافهة من كتاب الخواطر الشعرية !!.

بعد ذالك التفت وانتبه الى زعيم او قائد هذه المؤسسة ، التي لااعلم كيف اصبح زعيما لجمعية حقوق الانسان ، فاذا انا امام انسان امي لايحسن ان يقرأ مفردة من كتاب فكيف له ان يدرك تاريخ فلسفة معقدة ونضال فلاسفة ومفكرين عظام امثال سبينوزا وروسو ولوك .... افنوا اعمارهم في سبيل ايصال فكرة حقوق الانسان لمجتمعاتهم ، للارتقاء بهذا المجتمع فكريا حتى وصلوا الى قمة التحضر والتقدم البشرية !!.

كارثتنا ايها الاحبة ليس في الارهابي فراس الجبوري ، وكيفية وصوله الى قيادة مؤسسات المجتمع المدني في عراقنا الجديد ، ليحمل مسؤولية نشر ثقافة حقوق الانسان الذي هو لايدرك منها اي مفردة ، ولايؤمن بها طرفة عين ومن ثم لنفاجئ بانه قائدمن قواد الارهاب المحلي والعالمي بل كارثتنا الاعمق هي في خداع مؤسستنا السياسية من جهة وجهل امتنا العراقية ، بمفاهيم وافكار هذا المجتمع المدني وعدم ادراكهم بان حقوق الانسان هي فكر وثقافة ، وان القائمين عليها ينبغي ان يكونوا قادة وصانعي هذا الفكر وتلك الثقافة من جانب اخر !!.

نعم ايها العراقيون النبلاء ينبغي على مجتمعنا ان يدرك ان معنى مؤسسة مدنية ترعى حقوق الانسان وحرية الراي والفكر ونظام الديمقراطية هي ان تكون منبر فكر وثقافة وحوار وفلسفة ووعي ، وليست هي مؤسسات خدمات واعانات او منصات للخطب السياسية ليتسلق على رقابها جهال السياسة وفاقدي الوعي والثقافة لهذه الدرجة !!.
اخيرا : ادعوا الى تطهير مؤسسات المجتمع المدني من متسلقي السياسة وجهّال العالم العراقي الجديد ، وانبه على ان اي منبر من منابر مؤسسات المجتمع المدني اذا لم يكن على راسها مفكر او مثقف او منظر فيلسوف في ثقافة حقوق الانسان والمجتمع المدني يدرك بالفعل ما يعني مجتمع مدني بكل ابعاده الفكرية والثقافية ، فينبغي طرده فورا والتعامل معه على اساس النصب والتحايل وانتحال صفة مدير مؤسسة مدنية لاغير !.


alshakerr@yahoo.com



مدونتي فيها المزيد http://7araa.blogspot.com