الثلاثاء، ديسمبر 27، 2011

(( ماهية المقترح الصدري لأنتخابات برلمانية مبكرة )) حميد الشاكر


هل نحن فعلا وكما طرح مؤخرا التيار الصدري بحاجة الى انتخابات برلمانية مبكرة للخروج من شرنقة العملية السياسية العراقية التي اظلمت واصبحت بالفعل بحاجة لنافذة جديدة تُفتح ، لتغيير هوائها من الداخل ، ودخول اشعة شمس صباح مختلف على العراق واهله ؟.
ام ان هكذا دعوة وفي هذا الظرف الذي يمر به العراق وبعد وقت قصير من خروج قوى الاحتلال الامريكي واقتران ذالك باصدارمذكرة القاءقبض على طارق الهاشمي وعصابته الارهابية من حمايته ، سيجعل من الدعوة الصدرية دعوة شبه مستحيلة وغير واقعية لما يترتب عليها من انعكاسات وردود افعال غير مدروسة العواقب ؟.

في بيان التيار الصدري ، الذي طرحه رئيس هذا التكتل في البرلمان العراقي يرجع الدعوة بالذهاب الى انتخابات برلمانية مبكرة في العراق اليوم الى سببين رئيسيين :
الاول : وجود مرحلة عراقية جديدة بعدانسحاب قوات الاحتلال الامريكي من العراق .
الثاني:كثرة الاشكاليات القائمةداخل تركيبة العمليةالسياسية العراقية والتي لاتسمح بحركة انسيابية لعمل الحكومة وتقدم دولة العراق الجديد مما يسبب الكثير من عدم الاستقرار داخل البلد !!.
والحقيقة ان لكلا هذين السببين مشروعية سياسية وقوة كافية لدفع التيار الصدري او اي تيارعراقي سياسي غيره مشارك في العملية السياسية العراقية للتفكير بجدية لدعوة سياسية كبيرة من هذا النوع ، لاسيما ان اخذنا بنظر الاعتبار : ان كلا هذين السببين بالفعل بحاجة الى نقلة نوعية ، وخطوة واسعة تنقل هذا العراق الذي رزح بما فيه الكفايةمن الزمن تحت مقصلةالاضطراب وعدم الاستقراروالارهاب والتخلف وتدخل دول الجوار في شانه .... الى وضع يستحقه العراق بالفعل يضمن الاستقرار ودفع العملية السياسية العراقية الى الامام ، وقطع دابر الارهاب ، وكفّ ايدي دول الجوار بالعبث بامن العراق ، وتقدمه واخذ مكانه اللائق به كبلد كبير وبشعبه الذي ضحى وصبركثيرا وان الآوان لجني ثمار صبرودماء وتضحيات هذا الشعب المكلوم !!.
ولكنّ مع ذالك واذا ارادت الكتلّ السياسيةالعراقية ان تتوافق على الذهاب لانتخابات عراقية مبكرة لابد من الاخذ بعين الاعتبار المحاور التالية كي نضمن ان الانتخابات لاتعيد انتاج نفس الوضع السياسي العراقي القائم اليوم وهي :
اولا : ان تكون الدعوة لانتخابات مبكرة ، والتحضير لها والمضي بها قدما منسجمة تماما مع مواد الدستور العراقي وحسب فقراته ومتطلباته وان لايسمح مطلقا بالقفز على اي فقرة من فقرات الدستورالعراقي الذي يحمل ارادةوتصويت الشعب العراقي عليه مرّة اخرى ، واذا قال الدستور (مثلا) الاغلبية هي التي تشكل حكومة العراق بعد الانتخابات البرلمانية العامةفيجب احترام هذه الفقرة باعتبارها النتيجة الطبيعية لاي انتخابات داخل العراق !!.
ثانيا : الدعوة لانتخابات مبكرة ، وحسب ماجاء في الرؤية الصدرية لها تأتي حسب معطيات عراقية جديدة ، بعد انسحاب الاحتلال الامريكي ، بالاضافة الى ان العملية السياسية القائمة ، تعاني من شلل في الاداء ، وتكلس في مفاصل العملية السياسية العراقية وهذا يعني ان الوضع الذي تحاول الانتخابات المبكرة خلقه ينبغي ان يكون بالفعل منسجما مع وضع العراق الجديد والحرّ من ارادة الاحتلال الامريكي من جهة وان تضمن ، تشكيلة العملية السياسية القادمة ، ان تكون تشكيلة لا يعاد فيها نفس اشكاليات المحاصصات الطائفيةوالعرقيةالقائمةاليوم والتي تسببت بمآسي للعراقيين جميعا على حساب دمائهم واستقرارهم وتطورهم وقيام دولتهم الطبيعية !!.
ثالثا : الاعداد بصورةجيدة للانتخابات المرتقبة مع مراعاةالوضع العراقي الحساس وعدم تكراراخطاء عام 2010 التي فتحت ابواب كثيرةللتدخلات الخارجية اقتصاديا وسياسيا ، والعبث في مواقع مهمة باصوات العراقيين وتزوير ارادتهم الشعبية في بعض المفاصل ، بالاضافة الى تجاوزات دستورية مفضوحة كاشتراك عناصر بعثية في الانتخابات اعتداءعلى موادالدستورالتي تحضرمشاركة حزب البعث والمروجين له في حياة العراق السياسية الجديدة !!.
رابعا : ان تفضي هذه الانتخابات لكسر بعض التابوهات المزيفة ، التي خلقتها قوى الاحتلال الامريكي في العراق الجديد ، وان تكون تشكيلة الدولة العراقية الجديدة بمناصبها السيادية حسب الاستحقاقات الانتخابية ، وان لاتعاد قسمة هذه المناصب حسب التوافقات السيئة ، القومية ، والطائفية والعرقية ، ولتكون المشاركة وطنية ومن جميع ابناء الشعب العراقي على اساس الايمان ببناء العراق الجديد ، والنزاهة والصدق والكفاءة .... ، وان لاتكون التشكيلة السياسية القادمة على حساب احد من ابناء الشعب العراقي لحساب مكون اخر !.
اقصد ان تتشكل الحكومة العراقية التي ستنتجها الانتخابات المقترحة بوجوه جديدة حقيقية في مناصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب كي يشعر العراقيون جميعا ان حدثا تغييريا حقيقيا احدثته هذه الانتخابات وبنقلة نوعية ملموسة !!.
خامسا : ان لاتربط هذه الدعوة ، لانتخابات عراقية جديدة ، باي مفردة آنية يحاول الارهاب واعداء العراق جرّ العراق لها وان لاتكون هذه الدعوة انعكاسا لملف امني او غير امني ، كالذي يحاوله بعض المندسين من تضخيم ملف القاء القبض على الارهابي طارق الهاشمي وجعله مفصل حيوي من ارباك العملية السياسية العراقية القائمة !!.
اقول لاينبغي ان تكون هذه الدعوة مرتبطة بردّات فعل امنية او سياسية كبيرة كانت او صغيرة بل عليها ان تكون دعوة (( تطبخ على نار تفكير سياسي هادئ )) يتطلع للمستقبل ببناء محكم ، يدفع بالعراق من خلال تطلعات مستقبلية ، وليس من خلال ضغوطات تاريخية او تجاذبات آنية وهذا لتكون بالفعل هذه الدعوة تستحق الالتفات لها ودفعها بكل قوة واعطائها ماتستحق من من غطاء ومشاركة !!.
وبهكذا مقدمات وغيرها إن تحرك مشروع الانتخابات المبكرة قدما نكون قد خطونا بالفعل لعراق جديد خالي من الارهاب وقادربدولته ومؤسساتها وحكومته وكوادرها خلق نوع من حفظ الامن والاستقرار، والتطلع لدفع العراق خطوة حقيقية للامام في العمران وباقي الخدمات الاخرى بالاضافة الى انعكاسات مثل هذا الوضع الجديد ان تحقق على علاقات العراق الاقليمية والخارجية وتبوّءالعراق مكانة يستحقها بالفعل في عالم متغير وحساس ، وينتهي العراق من جانب اخر من الوضع المتردي الذي فرضته بعض الظروف القاهرة على العراق واهله بكل الجوانب السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية !!.
نعم العراق حقيقة بحاجة الى التفكير له بجدية لخطوة تضعه على السكة الصحيحة كما ان هذه الخطوة بحاجة الى رجال سياسة ، ودولة كبار في تفكيرهم وتطلعاتهم وتخطيطهم لبناء مستقبل كبير يليق بالعراق واهله ، اما من لايمتلك هذه الصفة من التطلع والكفاءة والشجاعة والكبر في الشخصية السياسية التي تناهز كبر العراق وعظمته فنرجوه ان لايتورط في المشروع العراقي اذا ابتلع الكثيرين في تاريخه الطويل من الساسة الذي كان حجمهم لايناسب حجم هذا البلد العملاق !!.

مدونتي : http://7araa.blogspot.com/
alshakerr@yahoo.com