السبت، سبتمبر 29، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم السابع

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي بحث مناقش / القسم السابع


حميد الشاكر



ماهي إشكالية مشروع علمنا الاجتماعي العراقي المعاصر على الحقيقة ؟.

ولماذا نحن نرى ضرورة العودة للتراث الفكري التاريخي الحديث الذي سُمي ب(العلمي والاجتماعي العراقي) بعملية اعادة نقد وتقييم وبناء وانتاج ..... جديدة للعلم الاجتماعي العراقي الذي وأدته الفوضوية الايدلوجية الخمسينية على يد المرحوم علي الوردي ، ومن ثم ليُصبح لدينا بالفعل (( مدرسة و علم )) اجتماعي عراقي حقيقي مُنبني على اسس علمية ومشيد على رؤى اجتماعية مدروسة ، ويقوم بوظيفته كمؤسسة فكرية واكاديمية وعلمية حيوية في تركيبة الاجتماع العراقي الحديث بعيدا عن اي تسييس او ادلجة او فوضوية فكرية او غير ذالك ؟.



الواقع: ان الاشكالية ((العلمية الاجتماعية)) في العراق الحديث اشكالية معقدة تماما في تراكيبها وملابساتها الفكرية والعلمية والسياسية ... وحتى المجتمعية ، ومن وجهة نظرنا البحثية فان أسّ هذا التعقيد وقطبه الاكبر يتبلور بثلاث محاور رئيسية :

المحور الاول : وهو محور فوضوية التاسيس للعلم الاجتماعي العراقي في كلياتنا التدريسية .

المحور الثاني : وهو محور عبثية التنظير بأسم هذا العلم .

المحور الثالث : وهو هشاشة البناء وتشوهات ماتبقى من اطلاله البالية .

وربما هنا ومن المفروض علينا وقبل تناول هذه المحاور الثلاثة بالبحث والملاحقة والتدقيق ان نجيب على سؤال اساس يبيّن للقارئ الكريم اولا : المبررات والدوافع التي تدفعنا وكذا ربما تدفع غيرنا في المستقبل القريب انشاء الله لمناقشة (( اشكالية مشروع علم الاجتماع العراقي الحديث )) !.

وثانيا : سؤال هل فعلا هناك اشكالية في علمنا الاجتماعي العراقي الحديث من الاساس لنناقشها بهذه الاهمية ؟.

ام ان علم الاجتماع العراقي الحديث وصل الى مراحل القمة والكمال في نموه وتطوره واستمراريته وانتاجه وابداعه لكل ماهو مفيد ونافع للاجتماع العراقي القائم فكرا وعلما ومؤسسة واكاديميا واجتماعا ....الخ ؟.

الحقيقة لايخفى على اي متابع او مهتم او مطلع .... ماكان عليه تاريخ ونشأة ((فكرة)) العلم الاجتماعي في العراق الحديث من خمسينيات القرن المنصرم وما كان يرسم انذاك لهذا العلم وما ضخه الاجتماع العراقي بكل مؤسساته الحكومية والمدنية من دعم للفكرة وللمشروع باعتباره مشروع المستقبل ... وما وصل له اليوم مشروع علم الاجتماع العراقي الحديث من موت محقق يستدعي كل من له ذرة اهتمام بهذه الامة العراقية ان يسأل ب : لماذا ؟.

وكيف ؟.

واين الخلل ؟.

بمعنى :

لماذا ما سُمي بعلم الاجتماع في العراق الحديث لم يكن نصيب حياته من الاستمرار الفعلي سوى عقد واحد لاغير بدأ مع بداية الخمسينيات ، لينتهي مع بداية الستينيات من القرن العشرين المنصرم ، بحيث لم نعد نسمع بالعلم الاجتماعي في العراق منذ الستينات وحتى اليوم لا ابداعا ولا تاليفا ولاتأصيلا ولا كتابة ولا تنظيرا ولا تطورا .. ولا حتى مناقشات سواء كان للمرحوم علي الوردي نفسه او لغيره من مدعي امتهان العلم الاجتماعي ؟.

ولماذا لم تنتج هذه المدرسة ، التي نسبت لشخص المرحوم علي الوردي اكثر من نسبتها للمؤسسة العلمية الاكاديمية او لعلم الاجتماع العراقي نفسه او للامة العراقية برمتها ... ، اي تلميذ في علم الاجتماع يشار له بالبنان او على الاقل يقال انه عالم او مفكر او حتى مثقف في العلم الاجتماعي العراقي الحديث منذ تأسيس كذبة علم الاجتماع في العراق وحتى اليوم ؟.

ولماذا علم الاجتماع في العراق الحديث تحول من (علم عالمي انساني نافع)واكاديمي ومقنن بقوانين لم تزل تدفع بالمجتمعات والفكر الاوربي نحو الامام والتطور والتقدم بينما في حالتنا العراقية تحول الى فكر فوضوي يثير الاشمئزاز والاسى والاسف في العراق حتى اصبح اثرا تاريخيا بعد عين من شدة ما اعتراه من مسخ وتدمير لمسمى العلم الاجتماعي ؟.

ولماذا لم تستطع مدرسة علم الاجتماع العراقي ، او ما سُمي بمدرسة علم الاجتماع في العراق ان تجدد من نفسها وتهب قوة الاستمرار والابداع لذاتها ، بل كان ولم يزل العكس في صفة مشروعها ، عندما شاهدنا شيخوختها وموتها حتى قبل شبابها ونظارتها ورجولتها وفحولتها العلمية والفكرية والثقافية الحيوية ؟.

اخيرا وليس اخر : لماذا لم يثر مشروع علم الاجتماع العراقي الذي تأسس على يد المرحوم الوردي شكليا اي دراسات نقدية وتقييمية حقيقية تستولد الابداع استيلادا بل راينا هذا المشروع الفكري والعلمي وبالعكس تماما ارسى قواعد (التدجين) للفكر العراقي حتى البلادة في صناعة التقديس والتبجيل والتهليل والتبريك لفكر شخص المرحوم علي الوردي بدون ان يكون له اي دور حقيقي في صناعة الفكر النقدي الاخرالذي يتمكن من توسيع افق الفكر العراقي واعطاءه المجالات الارحب لابداع المعرفة الجديدة في علم الاجتماع على التحديد ؟.

اي بمعنى اخر اكثر مباشرة : لماذا لاصق مشروع علي الوردي الفكري ومدرسته العشوائية الفكرية التي اختطفت مسمى علم الاجتماع الحديث انتاج طوابير من ((البلداء الفكريين)) الذين يتمكنون من القاء قصائد المديح والتقديس والتبجيل ....في فكر الرجل بدون ان تكون لهم القدرة الفكرية او الثقافية او العلمية على النقد (نقد فكر الرجل نفسه ) ، واعادة انتاج الفكر الجديد والانطلاق الى عالم اوسع من الابداع والبناء والتطوير .....، وبحيث يمكننا القول هنا فعلا ان المرحوم علي الوردي استطاع نقل الفكر العراقي من تقديس كل ماهو قديم وبالي وخرافي وشعبي واسطوري .... الى تقديس كل ماهو تضليلي تحدث باسم العلم ، وتبجيلي تحدث باسم الجدل وتهليلي تحدث باسم التنظير وسطحي تحدث باسم المنطق الجديد والنظريات الحديثة ... وهلم جرّا ؟.

كل هذه اللماذيات ، وغيرها الكثير في الكيفيات هو ما يدعونا حقيقةً لمناقشة ((اشكاليات علم الاجتماع العراقي الحديث)) وما وصل له هذا العلم من تردي وانهيار ولولا هذه الاسألة التي تبحث عن اجوبة علمية ومنطقية وفكرية وثقافية متزنة للنهوض من جديد بمشروع العلم الاجتماعي في العراق لما كان لبحثنا واسألتنا هذه اي معنى او مبررات معقولة وهذا اولا !!.

اما ثانيا : وهو مايتعلق بأسس ومنطلقات الاشكالية العلمية الاجتماعية في العراق فينبغي الالتفات بعمق الى :

اولا : محور فوضوية التأسيس .

ونقصد في الحقيقة باشكالية التأسيس هي تلك المرحلة من سنة 1948م 1949 م عندما تقررعراقيا في العهد الملكي انشاء كلية للعلوم وللاداب تكون اساسا لمشروع علم اكاديمي عراقي فكري حديث ، فبدأت اقسام اللغة العربية والتاريخ والجغرافية والفلسفة كاول اقسام كان لها نصيب من دراسات هذه الكلية !!.

ومعروف على هذا الصعيد من تاريخ العراق الاكاديمي الحديث ايضا ان قسم ((علم الاجتماع)) في هذه الكلية اضيف مع مادة الاقتصاد للدراسة في هذه الكلية في سنة 1952 م ، ما يعني ان الكلية برمتها كانت تحت طور التأسيس ودراسة مشروعها حتى عام 1952م عندما اقترح قادة هذه الكلية آنذاك اضافة مواد تدريسية اخرى للكلية (( اللغة الانجليزية ، الاثار والحضارة ....الخ )) ومن ضمن هذه المواد كان ((علمنا الاجتماعي )) ، قبل ان تقرر الكلية لسبب او لاخر في سنة 1954م الغاء مادة (( الفلسفة )) من التدريس في الكلية !!.

وسؤال : لماذا الغيت مادة (( الفلسفة )) من التدريس في كلياتنا العلمية بحث مستقل وبعيد عن موضوعنا هنا ، ولكن ينبغي الاشارة اليه باعتبار ان الغاء هذه المادة الفكرية والعلمية من مدارس وجامعات الانسان العراقي الحديث له اسبابه ( العقدية والسياسية والمجتمعية ...) كما ان له انعكاساته السلبية على ذهنية وابداع الانسان العراقي في الخمسينات حتى اليوم وربما يكون احد انعكسات مثل هكذا قرارات هو ما وصل له العقل الفكري والثقافي والعلمي العراقي من تكلّس ، وجمود ورجعية ولا ابداع ولا تنظيم ....الخ !.

وعلى اي حال كان عام 1952م هو عام ولادة قسم (( علم الاجتماع )) في كلية العراق الاولى وجامعته ( انذاك ) العلمية الا وهي كلية الاداب والعلوم العراقية !!.

في عام 1953م عين المرحوم علي الوردي قائما على ادارة هذا القسم وانيط به تدريس مادة علم الاجتماع لطلبة كلية الاداب في العراق !!.

لماذا عين المرحوم الوردي من قبل ادارة كلية الاداب لادارة قسم (علم الاجتماع ) ؟.

وهل كان المرحوم الوردي ممن درس علم الاجتماع واصوله وقواعده ومناشئه ومدارسه ومؤسسيه .... في العصر الحديث وتخصص بهذا العلم ولذالك كانت قيادة كلية الاداب موفقة تماما لتسليم قسم (علم الاجتماع ) للمرحوم الوردي ليديره حسب اختصاصه العلمي وينظر باسمه عراقيا كيفما يرتأي هو ؟.

أم ان المرحوم علي الوردي اصلا لاعلاقة له الا سماعا بعلم الاجتماع ، ولكن وللظروف التاريخية التاسيسية لكلية الاداب في العراق الحديث كان لادارة كلية الاداب اضطراراتها التدريسية لحشوا الفراغات التخصصية في تدريس هذه الاقسام المستحدثة في تاريخ التعليم الاكاديمي في العراق الحديث ؟.

يبدو لكل متتبع ، ومطلع على هذه التفاصيل العلمية الاكاديمية العراقية تاريخيا ، ومما طرحه المرحوم علي الوردي من افكار وتصورات ، ومؤلفات لم يذكر فيها اي شيئ يتصل او له صلة بعلم الاجتماع ( نشأة وتاريخا ومناهج بحث ومواضيع واهداف وغايات ومؤسسين ...الخ ) انه لا المرحوم علي الوردي له تخصص بهذا العلم الانساني الحديث ولا ادارة كلية الاداب انذاك كانت ممن يبحث عن التخصص في تدريس مواد اقسامها العلمية والفكرية الدقيقة أمام ضرورة اقامة المشروع التعليمي اولا كيفما اتفق ومن ثم البحث بعد ذالك عن مجالات التخصص في كوادر التعليم !!.

بل كانت الاجواء العلمية السائدة انذاك هو البحث عن مسميات فارغة المضمون لتوسيع دائرة كلية العراق الاولى وهذا يتبين من خلال رجوعنا لدراسة تاريخ العلم الاكاديمي العراقي في العهد الملكي ، وكيفية بروز فكرة انشاء كليات تعليمية في العراق الحديث ؟ ، وكيفية انتخاب الكوادر التدريسية لسد الفراغات في التخصصات العلمية انذاك ؟ ، وكيف تم طرح تسميات اقسام العلوم التي ينبغي ان تفتح كقسم علم الاجتماع ؟، وماهي تصورات هذه الكلية البدائية لهذه العلوم ؟ ، وكيف تم انتخاب كل مدّرس لمادته التدريسية ؟....الخ !!.

والحقيقة ربما كانت هذه الفوضوية في تعيين الكوادر التدريسية في كلية الاداب عند تاسيسها في العراق الحديث لازمت (( قسم علم الاجتماع )) بصورة خاصة في هذه الكلية بالتحديد وربما لنقص الكادر التعليمي المتخصص بهذا العلم فانتدبت ادارة كلية الاداب المرحوم الوردي لهذه المهمة ليس باعتباره مختصا بالعلم الاجتماعي ، ولكن باعتبار ان الرجل كان شغوفا بطرح كل افكاره وتصوراته الادبية (( باسم العلم الاجتماعي )) وقيادة التعليم في العراق انذاك بحاجة الى سد الفراغات في الكوادر التعليمية لاقسام كلية الاداب لاسيمامنها قسم علم الاجتماع الذي استحدث على عجل وبدون دراسات مسبقة ولهذا ارتأت قيادة كلية الاداب انذاك (او يبدو هكذا سارت الامور) ان تلقي على عاتق المرحوم الوردي مهمة القيام بتدريس مادة علم الاجتماع في كلية الاداب في بغداد من عام 1953م !!.

يعني حتى لو قبلنابهذه الفرضية في تبريرالعمل الفوضوي الذي قامت به انذاك كلية الاداب بشأن قسم علم الاجتماع وتسليمها قيادة هذا القسم للمرحوم الوردي لادارته فكريا وعلميا وثقافيا كيفما شاء وهو ليس صاحب تخصص وحتى لو قبلنا ان فكرة سد الشواغر من المواد التدريسية بالامكان ردمه بالقاء مهمة التدريس مؤقتا الى مَن هوغير صاحب اختصاص لكن الاشكالية بقيت قائمة بل تعقدت اكثرفاكثر بهذا العمل الفوضوي الاكاديمي الغيرمدروس النتائج والعواقب الكارثية على كل العلم العراقي الحديث وبنائه على اسس سليمة !!.

بمعنى اخر : يمكننا قبول ان مختص او عالم من علماء النفس او دارس متخصص في الدراسات التاريخية ، ولسبب او اخر ان ينقل تخصصه من مادة علمية الى اخرى ، كأن ينقل صاحب اختصاص علم النفس او الاداب او التاريخ تخصصه من هذه المجالات العلمية الى مجال علم الاجتماع ، ليصبح في هذا الفن استاذا بارعا ، فلا بأس بذالك !!.

اوربما يمكننا قبول فكرة ان متخصصا في مجال من مجالات العلوم الانسانية ارتأى ان يطلع على مجال العلم الاجتماعي ليرى تاريخ هذا العلم ويطلع على مواضيع هذا العلم واهدافه ومناهجه البحثية ....الخ ،ومن ثم ليؤلف فيه وينظّر حوله بل ويطرح الجديد بصدده ليبز اصحاب هذا العلم والمختصين به كما حصل مثلا للفيلسوف الفرنسي (اوجست كونت) عندما بدأ متخصصا بالفلسفة لكنه استطاع ان يلتحق بعلم اصبح هو مؤسسه كالعلم الاجتماعي وهكذا لكل من يريد ان يطلع على علم يضيفه الى تخصصه الاكاديمي او العلمي فلا بأس مطلقا بذالك !!.

وعليه فهل من الممكن قبول فكرة:ان المرحوم علي الوردي قد نقل بالفعل تخصصه الاكاديمي (باعتبار اننا والى اليوم لانعرف ماهو تخصص علي الوردي العلمي بعد اخذه للشهادة من اميركا ) من اي علم الى علم الاجتماع مثلا ليكون المرحوم الوردي صاحب اختصاص ثانوي بهذا العلم وتنتهي اشكالية عدم التخصص بهذا المعنى ؟؟.

لنفترض وكعراقيين ان المرحوم علي الوردي لم يكن دارسا ابدا للعلم الاجتماعي ، وانه رجل ذهب للولايات المتحدة مثلا لأخذ كورسا باللغة الانجليزية ، او ليطرح بحثا في علم النفس ...الخ ، ليحصل من ثم ومن احدى الجامعات الامريكية على شهادة تقدير ولكنه رجل يعشق العلم الاجتماعي ، وحاول قدر امكانه فعلا ان يدرس علم الاجتماع ويأخذ بكل اطرافه ومن ثم ليدرس طبيعة الاجتماع العراقي ويكتب في هذا المحورمتناولا التاريخ وكل شاردة وواردة ليدونها في بحوث اسماها بالاجتماعية فهل يمكننا عندئذ ان ننظر للمرحوم الوردي على انه اصبح عالما من علماء الاجتماع ويحق له ان يشغل استاذا محاضرا في هذا القسم من كلية الاداب في العراق الحديث ؟؟.

الحقيقة للجواب على مثل هكذا فرضيات ينبغي علينا ان نسأل اولا عن ما الذي طرحه المرحوم علي الوردي في علم الاجتماع فكرا وتاليفا ومواضيع .... حتى نتمكن من رؤية المرحوم الوردي كعالم من علماء الاجتماع ومستحقا لتدريس هذه المادة في كلياتنا وجامعاتنا العراقية لابنائنا من الطلبة والتلاميذ ؟.

بمعنى اخر : ما الذي رأته او لمسته ادارة كلية الاداب ببغداد في 1952م في المرحوم علي الوردي من نبوغ علمي في العلم الاجتماعي (غير طبعا حديثه المكرر ونسبة جميع افكاره للعلم الاجتماعي الحديث) اقول ما الذي درسته كلية الاداب في مراحل تاسيسها لهذه الكلية من منتوج المرحوم علي الوردي العلمي الاجتماعي حتى تم اختياره لمنصب ادارة قسم علم الاجتماع في هذه الكلية ؟.

لا بأس نتنزل قليلا في السؤال:ما الذي طرحه المرحوم علي الوردي في كل مراحل تدريسه لمادة علم الاجتماع في هذه الكلية في كل المرحلة الخمسينية من القرن المنصرم من تاريخ العراق الاكاديمي الحديث ، حتى تبقى هذه الكلية على تصورها من امكانيات الوردي العلمية في علم الاجتماع على التحديد ؟.

فهل درّس المرحوم الوردي (مثلا) تاريخ نشأة علم الاجتماع لطلابه في هذا القسم ؟.

وهل طرح ودرس المرحوم علي الوردي مواضيع علم الاجتماع الحديث لتلاميذه من قسم علم الاجتماع ؟.

وهل درّس وطرح او كتب المرحوم الوردي في كل حياته شيئا داخل كلية الاداب ، او خارجها حول مناهج البحث العلمية في العلم الاجتماعي الحديث ، وماهية اختلافاتها ؟.

او هل درّس المرحوم علي الوردي خصائص ، ومميزات المدارس الاجتماعية الحديثة واختلافاتها الفكرية مع بعضها والبعض الاخر ؟......الخ

أم ان المرحوم الوردي لم يتعرض ، لأي شيئ يمت بالصلة الحقيقية العلمية للعلم الاجتماعي في قسم علم الاجتماع من كلية الاداب وخارجها ، باستثناء تعرضه لعلم الاجتماع اسما عندما كان يحاضر عن الشعر العربي وادابه التي ليست رفيعة حسب اطروحة المرحوم علي الوردي في كتابه اسطورة الادب الرفيع في هذا القسم ؟.

شخصيا لم اعثر للمرحوم علي الوردي على اي مؤلف او محاضرة علمية تختص بعلم الاجتماع او لقاء يتحدث فيه المرحوم عن علم الاجتماع كعلم له اصول ومناهج !!.

نعم قرأت كثيرا اسم علم الاجتماع يتكرر بالمئات في احاديث ومؤلفات المرحوم الوردي ولكنني لهذه اللحظة لم اقرأ ولا بحثا علميا للمرحوم الوردي في علم الاجتماع نفسه كعلم !!.

فياترى اذاً ما الذي كان يدّرسه ويفعله المرحوم الوردي في قسم علم الاجتماع في كلية الاداب في بغداد طوال مرحلة ممارسته للتدريس في هذه الكلية مترأسا فيها قسم علم الاجتماع ؟.

وكيف سمحت ادارة كلية علمية تدعي احترام التخصص في العلوم الانسانية الحديثةوتحترم نفسها ان يطرح المرحوم الوردي كل شيئ في قسم علم الاجتماع باستثناء العلم الاجتماعي الحديث نفسه ؟.

ان هذه الفوضوية في تأسيس اعرق كلية علمية في العراق الحديث ، هي التي تسببت ايضا بقتل (مشروع علم الاجتماع) في العراق الحديث عندما سدت فراغات ملاكاتها التدريسية المتخصصة بالعلم الاجتماعي بالمرحوم علي الوردي الذي لم يقدم اي شيئ علمي ونافع لهذا العلم الجليل سوى (الحديث باسمه) ومن خلاله ليصل الى بناء مجد شخصي زائف لكيانه على حساب العلم الاجتماعي كعلم وكمشروع !!.

بل ان هذه الفوضوية هي التي سمحت للمرحوم ((علي الوردي)) ان يكتب مايشاء من متناقضات فكرية ويطرح ما يشاء من تفاهات اجتماعية لاتمت بصلة للعلم الاجتماعي باسم العلم الاجتماعي ، ومن خلال استيلائه على هذا القسم بلا مبرر الا مبرر كون كليتنا العراقية العريقة كانت على عجل بانشاء اقسام علمية لكليتها الاولى في العراق بدون ان تحضر لهذا التاسيس اي كوادر علمية تدريسية مختصة وعالمة في هذا المجال اوتدرس كيفية سد فراغات كوادرالتدريس لديهابشكل يخدم العلم ويطور من مستقبله المهني !!.

نعم في المجالات العلمية الاخرى في تاريخ اكاديمياتنا العلمية لا يمكن لنا الحديث بهذه الحرقة على العلم وامتهان كرامته في احدى اعرق كليات العراق الحديث ، ففي قسم الحضارة والاثار لا احد يستطيع ان ينبس ببنت شفة على الاستاذ المرحوم (طه باقر) قارئ الطين العراقي وحال كل شفراته التاريخية على اساس انه ليس عبقرية من عبقريات العراق الحديثة التي اعطت كل حياتها ، وكل راحتها وكل ماتملك لهذا العلم واختصت به وكتبت فيه والفت من خلاله ودرسته وابدعت وتعبقرت الى حد الامتنان العراقي الكامل لهذه العبقرية العلمية الاكاديمية المتخصصة في كليات العراق العلمية الحديثة !!.

لكن الامر يبدو كمهزلة في مجال (العلم الاجتماعي) الذي استلمه المرحوم الوردي ليوظفه الى افكار ما انزل العلم الاجتماعي بها من سلطان !!.

افكار لايمكن لقارئها الا ان يأسف على ما وصل له العلم الاجتماعي في العراق ، وهو مرة يوظف لايدلوجي سياسي ماركسي واخرى يوظف فيها لفلسفة نفعية راسمالية براجماتية ، وثالثة ليوظف فيها علم الاجتماع لتمرير تحليلات غاية في السخف والسطحية وعدم اللافكرية ، ورابعة لوضعية وخامسة لخوارق شعورية غيبية .....الخ !!.

نعم من ابداعات وعبقريات المرحوم الوردي التي نعترف له بها ان المرحوم علي الوردي هو الوحيد الذي طرح خليط عجيب من الافكار المتناقضة فكريا والمتناشزة مدرسيا وايدلوجياوفلسفيا ليصهرها كلها في بوتقة واحدةاسمها علم الاجتماع العراقي الحديث !!.

علم الاجتماع الحديث الذي نقله ((اوجست كونت)) من عالم الفوضوية الفكرية الى رحاب العلم وتخصصاته استطاع المرحوم الوردي ان يعيد هذا العلم وبجدارة ليكون كل شيئ فكري ماعدى كونه علما للاجتماع !!.

علي الوردي الذي استحصل شهادته الاكاديمية من اعتى دولة فردية راسمالية نفعية ، يعود للعراق بشهادة في علم الاجتماع الذي وصف اوجست كونت ماهيته بانه علم يكفر بكل ماهو فردي لااخلاقي ؟.

هل هذا معقول ان يدرس علي الوردي علم الاجتماع في وطن يقوم بكليته الفلسفيةوالقانونية والسياسية والانسانية والتربوية .... على الفردية ، ثم يعود لنا في العراق ليدّرس مادة علم الاجتماع الحديث !!.

لو كان قيل لنا ان دراسة المرحوم علي الوردي لعلم الاجتماع كانت في فرنسا او في المانيا او في بريطانيا ..... مثلا ، لكان منطقيا بعض الشيئ ان يدرس احدنا مادة علم الاجتماع في هذه البلدان التي فيهانوع من الاجتماعيةالحقيقيةوتقوم مجتمعيتها على الروح الاجتماعية المشتركة التي تخلق الظاهرة لتكون مادة للعلم الاجتماعي !!.

اما في الولايات المتحدة ،فانها من مهازل العقل البشري ان نعتقد ان للولايات المتحدة الامريكية باع في الدراسات الاجتماعية ولهذا السبب ذهب المرحوم علي الوردي ليدرس ((علم الاجتماع)) في وطن يكفر بكل ماهو اجتماعي ويقدس كل ماهو فردي نفعي !!.

انها احد فوضوياتنا العراقية التي لها اول وليس لها اخر في اكثر من اتجاه !!.



************

alshakerr@yahoo.com

زورو مدونتي لقراءة المزيد :



http://7araa.blogspot.com/