الأربعاء، فبراير 18، 2009

(( هل أتعجب من وقاحة عبدالرحمن الراشد أم من غبائه ؟. )) حميد الشاكر


(( هل أتعجب من وقاحة عبدالرحمن الراشد أم من غبائه ؟. )) حميد الشاكر___________
تحت عنوان (( خيار العراقيين : نموذج ايران أم الخليج )) كتب عبدالرحمن الراشد صاحب جريدة الشرق الاوسط في العدد 11040 /18 فبراير 2009 / مقالا حول مصير او مرجعية الدولة العراقية الجديدة وتوجهاتها المستقبيلية بين النموذج الايراني البعثي التسلحي حسب مايراه الراشد ، وبين النموذج الخليجي الوديع والمُسالم ، وهذا كله جاء بعد ان ذكر الراشد مؤشرا : ان هناك صفقة تسلح تحاول الدولة العراقية من خلالها اعادة تاهيل القوات المسلحة العراقية المدمرة بصفقة سلاح بخمسة مليارات دولار فحسب لأعادة تاهيل القوة العسكرية الدفاعية من، وعلى هذا رأي عبد الرحمن الراشد في هذه الخطوة من قبل الدولة العراقية انها مؤشر الى العودة لدولة التسلح والتغوّل العسكرية التي تُنفق على التسلح في مقابل اهمال الاعمار والبناء في العراق حالها في ذالك حال دولة الصداميين فيما مضى وحال ايران فيما بقى ، واخيرا مآل هذه الاسلحة وتلك المليارات التي تُصرف عليها ، حسب رؤية الراشد : مآلها الى الخردة والتكديس الفوضوي لاغير ، ومن هنا فعلى العراق الخيار بين أمرين ، أما ان يحتذي النموذج الايراني التسلحي ، أو انه يختار النموذج الخليجي السلمي غير التسلحي !.والحقيقة انا أمام هذا الطرح والرؤية والمنظور السياسي لعبد الرحمن الراشد في الشأن العراقي بحيرة يخالطها التعجب والتساؤل في الآن الواحد ، فهل أتعجب من هذه الوقاحة والفجاجة التي يتحدث بها عبدالرحمن الراشد الذي يبدو انه اتخم اموالا بترولية حتى دخل في حالة التنبلة الاخلاقية ؟.أم أتعجب واستغرب للغيبوبة الفكرية والاستحمار العقلي الذي اوصل الراشد وامثاله الى منسوب من الغباء والغيبوبة مُشينة تماما لاصحاب القلم ومدعي الثقافة ورافعي شعار الصحافة ؟.ولعمري ورب السماء وما بناها والارض وما دحاها لم تكن نظرتي هذه للراشد وماكتبه ويكتبه كل يوم منشأه التحامل الشخصي او الدوافع السياسية او غير السياسية ، ولكنها نظرة ترى اشراط ساعة آخر الزمان عندما يتحول الانسان بارادته الى حمار عقور ، وكلب مسعور ، والاّ برب القارئين وما وعوا والكاتبين وماسطروا : هل يحق لعبد الرحمن الراشد وغيره من طابور التصهين السعودي ان يتحدث عن التسلح وكيفية انه معيب لدولة كالعراق ؟.وهل يعي عبد الشيطان الراشد وامثاله عن اي عراق يتحدث ؟.وفي اي خيار يخيّر العراق واهله ؟.لدينا في المثل العراقي يُقال : يابن أمّ الرجولة !.قال : حساب يكون .لنسأل : عبد الشيطان السفيه الآن عن دول التسلح في العالمين العربي والاسلامي ولنرى : من هي الدول التي تتقاضي العمولات وتدّوي بعدها الفضائح والسرقات ، دولة العراق الجديدة أم المملكة العربية السعودية ودول الخليج بالذات التي يريد السفيه عبد الشيطان الانتساب عراقيا لها ولامثالها ؟.هل نسي او تناسى عبد الشيطان السفيه هذا ان صحيفته بالذات وصحف العربية السعودية بشكل عام هي من تحدث بفجاجة عن فضيحة صفقة اليمامة السعودية البريطانية التي اعتبرتها الصحف البريطانية انها اكبر واخطر صفقة تسلح في القرن الماضي والحاضر ؟.ألم يصرحّ ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز نفسه للصحف السعودية بعد أن فاحت الريح النتنة لصفقات التسلح السعودية : ان مبلغ سبعين مليار دولار لصفقة الاسلحة البريطانية ( 48 طائرة تايفون يورفايتر )سوف لن تؤثر على التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية كنوع من تطمين الراي العام السعودي ان كان هناك وجود اصلا لهذا الرأي ؟.فهل العراق الذي يحاول ترميم تسليح جيشه المحطم والمدمر نهائيا لحماية بلده بسبعة مليارات دولار هو دولة التسلح المرعبة بينما المملكة السعودية التي صفقة واحدة من صفقاتها التسلحية المشبوهة بسبعين مليار دولار ليست من دول التسلح العبثية ، ولهذا يدعونا السفيه عبد الشيطان لنكون من دول الخليج السلمية والابتعاد عن ايران التسلحية ؟.هل نسي او تناسى عبد الرحمن بن ملجم ، (عفوا عبد الرحمن الراشد) : درع الجزيرة وكيفية اموال البترول الطائلة التي انفقت عليه ثم تبخر هذا الدرع كأنه لم يكن شيئا موجودا ؟.هل غاب وهو ليس ببعيد الخبر الذي تناقلته كل صحف العالم بما فيها موقع البي بي سي البريطاني عن عبد الشيطان السفيه الذي نقله في صحيفة الشرق الاوسط نفسها صفقات التسلح السعودية مع شركات داسو الفرنسية ، وكيفية الاخذ والرد الذي دار حول المقاتلات (رافال) الفرنسية الصنع ، وكيف ان هناك منافس يزاحم الفرنسيين في رزقتهم التسلحية عندما دخلت بريطانيا على خطوط الصفقات للترويج لبيع المملكة العربية السعودية مقاتلات ( بي اي اي bae) سيستمز بقيمة ستة مليارات جنيه استرليني ؟.وكيف غاب عن عبد الرحمن الراشد قبل ان يتحدث عن الدول والتسلح : ان الامير بندر بن سلطان اشهر من نار على علم في العالم كله : انه من اهم تجّار الحروب والتسلح والاجرام في العالم ، ولا اخطر من صفقة طائرات الاواكس الامريكية التي ابرمها الامير بندر بن سلطان مع رونالد ريغن الرئيس الامريكي ، وبعدها اليمامة ، وغيرها الصواريخ الصينية التي اغاض بندر بها الولايات المتحدة لعدم بيع المملكة السعودية بعض الاسلحة عالية التقنية ...الخ ؟.أبعد هذا الغيض من الفيض يكتب عبد الرحمن الراشد للعراق وللعراقيين : ضرورة الاختيار بين ايران التسلحية أو دول الخليج السلمية ؟.لكنّ الغريب العجيب هو ليس دعوة عبد الشيطان السفيه أو عبد الرحمن الراشد للدولة العراقية في حتمية الاختيار بين دول التسلح وغيرها !.ولا الغريب العجيب غفلة وتغابي عبد الرحمن الراشد عن دول التسلح في المنطقة العربية وغير المنطقة العربية ، وكيفية تبذير الميارات البترولية الخليجية الطائلة عليها ؟!.ولا الغريب العجيب نسيان امثال عبد الرحمن الراشد لانفسهم وقيمتهم التافهة امام العراق ليتحدث بمثل هذه اللغة للعراقيين ؟......الخ .أنما الغريب والعجيب والمذهل حقاً هو : تبرير أبن الحلال عبد الرحمن الراشد لموقفه ودعوته للعراقيين : انه لايرغب ان تكون دولتهم الجديدة صاحبت هواية جمع السلاح ليصبح مصيره كخردة مهملة في المخازن العراقية باعتبار اننا العراقيون أما سوف لن نستخدم هذا السلاح مطلقا ، أو ان العالم سيأتي مجددا ليفكك ترسانتنا العراقية من الاسلحة لتصبح خردة لاغير ؟.هل رأى العالم الانساني وغير الانساني مثل هذا العبد الرحمن الراشد ؟.على الاقل ياسيد عبد الشيطان السفيه العراق وان كنّا نختلف مع دكتاتورياته السابقة كان يتسلح ليقاتل ويغزو ويرهب الاخرين ويعتدي ويشاغب على العالم وعلى جيرانه ايضا !.ولكن قولوا لي برب العرب والعجم لأي شيئ دول الخليج العربي تنفق كل هذه الاموال على التسلح الذي لم يسمع العالم في يوم من الايام ان الخليجيين يفكرون ولو فقط بالدفاع عن انفسهم واعراضهم بها ؟.قولوا لنا يأمة العقلاء والقرّاء والكتاب : عن اي شيئ يتحدث هذا المعتوه العتلّ الزنيم عبد الشيطان السفيه المدعو عبد الرحمن الراشد عندما يحاول منع الدولة العراقية من التسلح لحماية الوطن العراقي ، بينما يتغابى عن فضائح خليجه ونتانة رائحته المخجلة بين الامم والشعوب عندما تدفع الاموال من قوت الشعب الخليجي لتكتب صفقات وهمية لسلاح لم يأتي اصلا لمخازن الجيوش الخليجية ؟.ياعبد الرحمن الراشد الاتستحي بكتابة مثل هذه التحليلات التي يخجل منها حتى المبتدأ في عالم الكتابة والتفكير والسياسة ؟.ثم لنترك كل مامضى ،ولنعود لصلب الموضوع ولنتساءل : اولا من قال لعبد الرحمن الراشد وغيره ان العراقيين بصدد التفكير ان يكونوا ذيلا اما لايران او لدول الخليج العربية ؟.وثانيا : من انت ياعبد الرحمن الراشد أصلا لتخيّر العراقيين بين هذا وذاك ؟.وهل انت الا قلم مأجور وموظف تافه يرّوج لسياسة التخلف والاستسلام والانبطاح والرجعية في المنطقة العربية ، ويكتب طربا وفرحا عندما يرى دماء الاطفال العربية والفلسطينية والعرااقية تسفك على يد الارهاب الصهيوني والتكفيري الصدامي السلفي ؟.أللعراق ياعبد الشيطان السفيه تلقي بزعابيلك اعتقادا منك ان العراقيين يتحرقون شوقا لترفكم الخليجي الذي تدفعون ثمنه ذلاّ وخضوعا ودونّية للعالم الاستعماري الغربي الحديث الذي يمنّ عليكم بالحماية ورمي الفتات لتأكلوا منه في الحضائر موادعين كأي قرد اليف في حديقة حيوان صغيرة ؟.ألا تعلم ياسيد عبد الرحمن الراشد انك انت وامثالك عارٌ على مجرد حملكم لاسم الانسانية والعروبة والاسلام ؟.فكيف سوّلت لك نفسك ان العراقيين اصحاب دولة وفكرة الحسين بن علي الحسينية ( هيهات منا الذلة ) يشرّفهم ان ينتسبوا لك او لامثالك من الخليجيين وغير الخليجيين العرب والعجم ؟.الا تعلم ان ابسط شحّات في العراق ، واصغر متسول ، يحمد الله ويشكره الف الف مرّة انه خلقه عراقيا عزيز النفس ابي الضيم صاحب كرامة وشجاعة تنتفض للعرض والوطن ، بدلا من ان يخلقه ديوث لايرى للكرامة موقع ولا للشرف والاستقلال والرجولة موقع من امثالك وامثال غيرك من تنابلة البترول الخليجي الذي ان صففتهم مع اسطبل من الحمير لم تفرق بينهم وبين غيرهم على الاطلاق ؟.أبعد هذا ياعبد الرحمن الراشد تدعوا الامة العراقية لتكون ذيلا لكم او لاي دولة في هذا العالم ؟.أخيرا أنا لم أرى في العراق مثلبة قط الا ان العراق خلق لكم الحرف والقلم في بادئ الانسانية ، وعلمكم التحضر ونظافة مواضع الخباثة منكم ، لتكتب انت وامثالك مثل هذا الكلام حول العراق والعراقيين في زمن البترول وعبد الرحمن الراشد !._____________________
al_shaker@maktoob.com

(موت الفنّ الدرامي العراقي أليوم ...وجهة نظر فكرية؟.) حميد الشاكر


(موت الفنّ الدرامي العراقي أليوم ...وجهة نظر فكرية؟.) حميد الشاكر____________
(1)
بالمقارنة بين مايطرحه العالم العربي بالخصوص ( انتاج وأعمال ) والاسلامي بالعموم من فن درامي تلفزي وفضائي اليوم ، وبين مانفتقده بقوّة للفن الدرامي العراقي فأن ليس هناك وجهٌ للمقارنة على الحقيقة ، فالحضور الدرامي المصري في كل بيت عربي قصة قديمة ومعروف تفوقها النوعي والكمي فيما مضى ، وما نلمسه بعد التسعينات من القرن المنصرم للفن الدرامي السوري اذهل الكثير من المراقبين والمتابعين ايضا ، حتى ان بداية القرن الواحد والعشرين حسمت نهائيا للفن الدرامي السوري الذي نافس الفن الدرامي المصري وتفوّق عليه بجدارة واصالة فنه الدرامي المُحكم ، وكذا يقال بفن الدراما الخليجية التي تشق طريقها بصعوبة تقليدية الا ان لها حضورا لابأس به ، وهكذا اذا ذهبنا غربا في العالم العربي نجد ان هناك الجزائر والمغرب من قادة الفن الدرامي الافريقي العربي في المغرب ، أما اذا رجعنا شمالا بالنسبة للعراق فالدراما الاسلامية التركية واضحة للعيان ، ولافرق بالنسبة لشرق العالم العربي والعراق بالخصوص سنجد ان الدراما والسينما الايرانية نهضت بالفعل وحققت حضورا محليا وعالميا لابأس فيه !.أمّا اذا التفتنا الى حالنا العراقية وبحثنا عن ذاتنا الدرامية الفنية وكمية وكيفية حضورها العراقي الداخلي او العربي او الاسلامي الخارجي فاننا ومع الاسف سنصاب بصدمة مؤلمة لهذه الحالة المتردية من التأخر والعقم الفكري والفني الدرامي والعراقي ، وأحسن ماسنجده على أطلال الفن الدرامي العراقي انشاد القصائد برواد الفن العراقي وانجازاتهم العظيمة وتاريخ الفن الدرامي الاصيل ........ وهكذا طحنا بلا طحين والسنة طوال بلا عمل ملموس وشاشة فضائية تتحدث عن الاعمال الدرامية العراقية اليوم !.ماهي مشكلة الفن الدرامي في العراق ؟.سؤال كبير جدا بحاجة الى وقفة حقيقية وليس الى فنانين يخرجون على شاشات التلفزة العراقية ليلقون التهم جزافا هنا مرّة على الدولة وهناك أخرى على الحظ العاثر ، ولنخرج بنتيجة ان الكلّ العراقي السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي ... مُدان ماعدى الفنان العراقي المسكين ، والذي وفي الواقع وإن اردنا الحديث عن أدائه الفني فسنجد لامحالة ان سوء اداء الفنان العراقي الدرامي بالذات هو احد اسباب تراجع الدراما الفنية في العراق ، لابل هو احد الاسباب الرئيسية بتراجع العراق فنيا وعزوف العالم كله عن تذوّق الفن العراقي المحلي على الحقيقة !.ولكنّ وعلى اي حال لابد من مناقشة وضع الفن الدرامي العراقي ، وما آلت اليه هذه الواجهة الحضارية العراقية من انحصار وتقوقع وموت سريري ملحوظ بقوّة ، ليس على اساس ان الفن العراقي شأن نخبوي فني اكاديمي لاغير ويجب ان يُناقش في الغرف المتخصصة ومن قبل اشخاص تعتّقوا من كثرة استهلاكهم فنّيا ، لا بل على اساس ان نناقش الفن الدرامي العراقي بالخصوص باعتباره هوية وطنية اليوم ، ومعلما شخصيا للفكرالعراقي وكذا اداة سياسية فاعلة ايضا ، ولاننسى باعتبار الفن اليوم مدرسة من خلالها يفهم اطفالنا الفرق بين الحياة العراقية والاخرى العربية والاسلامية ، وعلى هذا كله ادعو جميع الكتاب ومن مختلف التخصصات الفكرية والميول السياسية والاتجاهات الادبية ان يناقش كل من زاويته مأزقية الفن الدرامي في العراق لتتكّون لدينا حصيلة متنوعة من الدراسات والافكار والاقتراحات التي تدعم من نهضة هذا الفن الذي تأخر بشكل مرعب ومربك للعراق ايضا ، حتى وصل الحال باطفالنا في الغربة وفي العراق وداخل بيوتنا باتقان وفهم اللغة الشامية الدرامية اكثر من فهمهم للغة الفن والدراما العراقية كنتيجة طبيعية لغياب هذه الدراما عن الحضور الفضائي التلفزي الجيد الذي يشارك الاباء في داخل البيوت في تربية اطفالهم !.
***********
(2)
للمشكلة الفنية الدرامية العراقية اكثر من محور بالامكان تسليط الاضواء على زواياها الحادة ودراسة افاقها المتعددة ، كما ان هذه المحاور تستبطن اكثر من سؤال وسؤال كباب يجب فتحه لمناقشة الفن الدرامي العراقي اليوم ، ومن هذه الابواب والاسألة يبدأ الباب او العنوان الكبير الاتي : ماهي مشكلة أو اشكالية الفن الدرامي العراقي بشكل عام ؟.وهل هي مشكلة فكرية وغياب نص درامي ومعالجة فنية ؟.أم هي مشكلة سياسية وصراع ابدي من اجل اخضاع الفني للسياسي ؟.أم هي مشكلة أقتصادية وعدم وجود توجيه انتاجي سليم وداعم لعجلة الفن الدرامي العراقي ؟.أو ان المشكلة ليس كل مامرّ ذكره بل الاشكالية الدرامية العراقية اشكالية اجتماعية لمجتمع عراقي غير منفتح على الفن المعاصر بكل اطيافه ؟.ثم لماذا تأخرّ الفن الدرامي العراقي ( انتاجا وحضورا ونوعية ) عن اقرانه في الدراما العربية والاسلامية بصورة عامة ؟.وهل ان اسباب تأخر الدراما الفنية العراقية تعود لعوامل تأريخية طبيعية وبسبب عدم التأسيس ومن البداية للمؤسسة الفنية ؟.أم ان السبب في تأخر الدراما الفنية العراقية يعود بالاساس الى ماعاناه العراق كوطن من ويلات الدكتاتورية السياسية والحروب المتكررة والحالة الاجتماعية المُدمرة ؟.هل الفنان العراقي فنان غير مجتهد وكسول ولاهو بمستوى لائق لتقديم فن على الحقيقة لذالك انتكس الفن الدرامي العراقي اليوم ؟.أم لأن الفن الدرامي بصورة عامة فن يعتمد نجاحه على العمل الجماعي المتناسق ، والمعروف عن الشخصية العراقية انها تبدع في العمل الفردي وتنتكس بالعمل الجماعي ؟.أخيرا من اين يجب ان نبدأ بحلحلة الاشكالية الفنية الدرامية العراقية ؟.من المؤسسة ؟.أم من الاكاديميات والمعاهد ؟.أم من الفنان نفسه لزراعة او انبات جيل جديد من الفنانين العراقيين القادرين على تقديم فن درامي عراقي جديد وجيد وغير مملوء بالعقد والتراكمات النفسية القاتلة للابداع ؟.
***************(3)
أ : أهمية الفن
لاشك ان الفن الدرامي بالخصوص اصبح اليوم أكثر من مجرد واجهة حضارية انسانية لكل وطن من الاوطان الانسانية في هذا العصر ، كما ان الفن الدرامي وخاصة العربي منه دخل في حيز السياسي بشكل واسع ، حتى ان الدراما العربية اصبحت اليوم من الادوات السياسية الفاعلة والمؤثرة جدا في استقطاب الراي العام العربي السياسي بشكل ملفت للنظر ، وهذه النقطة بالخصوص هي اليوم التي تدفع نظمٌ سياسية قائمة في منطقتنا العربية لرمي ثقلها الداعم بكل قوّة لامداد الفن الدرامي هنا في مصر او هناك في سوريا ... وهكذا ، وجعل هذه النظم السياسية القائمة تفكر كثيرا في كيفية دعم الفن الدرامي وافساح المجال الكافي والحرية المناسبة لنهوض ونمو الفن الدرامي لكل بلد على منحى ، لابل واكثر من ذالك نرى اليوم ان هذه النظم السياسية بدأت بالفعل بتخصيص جزء من مجهودها السياسي لهذا الغرض الفني الدرامي والسماح والدعم مؤخرا لفضائيات تتخصص فقط بالفن الدرامي العربي كالذي هو حاصل بالفعل في فضائية الدراما المصرية ومثلها هذه الايام في فضائية الدراما السورية ، وكل هذا طبعا غير ناتج من انه وفجأة اصبحت نظمنا السياسية محبة للفن وصاحبت خيال فني وابداعي على الواقع ، وانما كل ذالك جاء نتيجة اكتشاف النظم السياسية العربية مؤخرا اهمية الدراما التفلزيونية وقدرتها على حشد الراي العام السياسي لصالح وجهة نظر سياسية هنا وهناك ، ولهذا وجدنا بالفعل ان الدراما السورية مؤخرا استطاعت ان تنظم الراي العام العربي السياسي وتضعه في صالح وجهة النظر السورية السياسية في قضية المقاومة والهوية العربية و... باقي الاشياء الاخرى التي استطاع الفن السوري الدرامي خلقها في داخل الانسان العربي وترويضها لصالح التوجهات السياسية السورية العامة ، حتى ان وسائل الاعلام العالمية والعربية ذكرت ان هناك تسائل في داخل دوائر القرار السياسي الامريكية قد تساءلت عن سر انشداد الانسان العربي للدراما السورية في مسلسل باب الحارة الاخير !.أذن من ناحية الاهمية الواقعية فأن الفن اليوم اصبح وبجدارة اكثر من كونه معلما حضاريا لاغنى عنه لكل شعب ووطن وامة متحضرّة ، كذالك هو اداة سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة جدا وتلعب ادواراً متعددة في حياة الفرد والجماعة والشعوب هذه الايام ، ولهذا اذا اردنا ان نفهم جزء من اسرار الحياة العراقية السياسية الداخلية وخاصة الخارجية الجديدة وفشلها على المستوى العربي فسنكتشف من قريب ومن بعيد ان لفشل الدراما العراقية وعدم تمكنها من النهوض فنيا في العراق الجديد ، وكذا فشل هذا الفن الدرامي العراقي للوصول الى حالة الابداع واكتشاف مفاتيح الشخصية العربية واللعب بذكاء على اوتارها الحساسة .... كل ذالك ساهم من هنا او هناك في تعثر السياسة الخارجية العراقية ، او ساهم في اعراض الانسان العربي من التفاعل الايجابي مع مجمل القضايا السياسية العراقية المطروحة اليوم في العراق الجديد ، لابل اكثر من ذالك فان الفن الدرامي العراقي فشل ايضا في تصوير ونقل مأساة الشعب العراقي وما تعرض له ارهابيا من هجمات رجعية مجرمة حصد ارواح العراقيين بلا رحمة ، ومع ذالك بقي الفن الدرامي العراقي عاجزا تماما عن نقل مشاعر مجرد الصورة للانسان العربي او كيفية ان يجعل هذا الانسان متعاطفا فنيا مع مأساة هذا الشعب المسكين !.نعم انه فشل فني على جميع المستويات الفكرية والسياسية والاجتماعية والانسانية لدراما العراق اليوم ، لابل ربما ان هناك تواطئ ايضا للدراما الفنية العراقية بتشويه صورة العراق بدلا من الرُقي بها بين الشعوب والامم ؟!.
ب : بحاجة للبداية
عند دراستنا او اطلاعنا على تجارب الفن الناجحة بصورة عامة عالميا وعربيا ، نلاحظ وبشكل مباشر ان النماذج التي نجحت فنيا والتي حاولت النجاح وهي في طريقها الى ذالك تتميز بميزة اساسية هي التي وضعت القواعد الفنية الصلبة لتلك النجاحات الفنية الظاهرة للعيان ، الا وهي ميزة مأسسة الفن بصورة عامة !.اي ان نعمل فنيا من خلال تحويل فوضويتها الفنية الى مؤسسة من ضمن مؤسسات المجتمع المدني والسياسي والاقتصادي ايضا ، مضافا لذالك البناء لقاعدة استقلال المؤسسة الفنية بالخصوص عن باقي مؤسسات الدولة السياسية !.ان المطالبة ببداية الفن الدرامي العراقي بأن يتحول الى مؤسسة مستقلة لايعني هذا فقط الاقرار بأن سبب تخلف الفن الدرامي العراقي هو لكون المؤسسة السياسية العراقية ومنذ خلقت الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921م حاولت وحاولت الاستيلاء على الفن واخضاعه بالتمام لصالح توجهاتها السياسية او الحزبية او الدكتاتورية الى ان اصبح الفن العراقي الدرامي وغير الدرامي مجرد طبلة وحنجرة تصدح بصفات القائد السياسي الضرورة فحسب ، بل اننا نريد ان نشير الى ان ظاهرة الصراع بين الفني والسياسي ظاهرة قديمة في الدول قدم الانسان نفسه ، ولهذا طالبنا بالاستقلال لمؤسسة الفن وخاصة منه الدرامي لنشير الى هذين المفصلين ، مفصل محاولة اي دولة وسياسة لخطف الفن واستخدامه للصالح السياسي ، ومفصل عملية الصراع الطبيعية بين مؤسسات اي مجتمع انساني يتداخل فيها طبيعيا الاقتصادي مع الفني مع السياسي مع الديني ايضا ، ولهذا نحن ندرك انه لابد من وجود تعامل واحتكاك حتمي بين السياسي والفني سينشأ حتما في كل مجتمع متحرك ، ولكنّ نوع هذه العلاقة وحدودها الطبيعية هي التي ينبغي ان تستقطب اهتمام اصحاب الفن العراقي ورجاله والقائمين على ادارته وصناعته اليوم وبالمستقبل ان ارادوا ان يبنوا صناعة فنية مستقبلية عراقية راقية !.اي وبمعنى عملي واضح ، نرى نحن المراقبين لحياة المجتمعات الانسانية : ان لهذه الحياة تداخلات طبيعية تنشأ من خلال الاحتكاكات الانسانية بين كل مناحي الحياة الاجتماعية السياسية والفكرية الدينية والاخرى الاقتصادية وكذا الفنية ، وكل منحى من هذه المناحي يعبر عن وجوده بشكل مختلف ومتلائم مع مصالحه ووجوده الطبيعي ، فالسياسي يحاول الادارة الصارمة للمجتمع والمنفعة ، وكذا الفني يحاول من خلال صراعه ان يعبر عن ذاته وبما يوفر له مصالحه الفنية والابداعية في عكس صورة المجتمع ومطالبه باعتبار ان الفن يجب ان يكون مرآة المجتمع واداة تعبيره ضد القهر والظلم من جهة والتطلع للامل والمستقبل من جهة اخرى ، وهنا بالذات يأتي الفارق بين المؤسسات الاجتماعية وغيرها من وجودات فوضوية غير مؤسساتية ، فإن كانت المؤسسة الفنية مُدركة لحدودها ووظائفها وشخصيتها المستقلة وخططها الفنية عن باقي مؤسسات العمل الاجتماعي وخاصة منه السياسي ، فأن في هذه الحالة بالذات نقول وبالفعل ان لدينا مؤسسة فنية عراقية مستقلة في العمل وفي التعبير وفي التخطيط وفي التوجهات ايضا ، وهذا لايكون بالفعل الا في المجتمعات المتمتعة بنوع من الحريات الاجتماعية التي تسمح بالتوازن بين مؤسسات الدولة ، أما ان كان هناك دكتاتورية وتفرد واقصاء وطغيان للسياسي على باقي مناحي الاجتماع الانسانية ، فبالطبع نحن امام مؤسسة سياسية تريد اخضاع جميع مؤسسات المجتمع لارادتها ومصالحها وتوجهاتها السياسية كالذي حصل بالفعل بالعراق منذ تأسيسه وحتى هذه اللحظة ، بحيث ان المؤسسة السياسية استطاعت ان تلغي كل شخصيات المؤسسات الاجتماعية الاخرى بما فيها المؤسسة الدينية والاقتصادية والفنية ، ولهذا جاءت كل هذه المؤسسات لتعبر قهرا عن وجهة النظر السياسي فحسب فيما مضى من زمان !.أما الان ونحن نحاول اعادة موازنة المعادلة وانشاء المؤسسات الاجتماعية العراقية (بعد موت الدكتاتورية السياسية وطغيانها الذي انتهى ) على قدم المساواة فعلينا وبالفعل البداية من بناء المؤسسة في كيان الدولة العام ، مؤسسة الفن ومؤسسة الاقتصاد ومؤسسة الدين ومؤسسة السياسة والحكومة ، ليدرك اهل الفن بالخصوص ان عليهم فهم معادلة المؤسسة الفنية وماهيتها ، وكيف ينبغي ان تكون في تفاعلها مع باقي المؤسسات الاخرى ، وكيف ينبغي الحفاظ على استقلاليتها وشخصيتها المميزة بحيث انه لو قدر في المستقل ان تسقط اي مؤسسة من مؤسسات المجتمع السياسي والمدني فانه لايؤثر سلبا على مسيرة المؤسسة الفنية التي ينبغي ان تكون حيّة في كل التقلبات المفاجئة !.ان احد مفاجع الفن العراقي اليوم انه استهلك من قبل المؤسسة السياسية في الماضي بحيث انه اصبح ذراعا من اذرع السلطة السياسية التنفيذية للدولة بحيث انه عندما سقطت المؤسسة السياسية في سنة 2003 م ، رأينا وكشيئ طبيعي كيفية انهيار مؤسسة الفن معه وكذا الاقتصاد وكذا حتى المؤسسة الاخلاقية الدينية والوطنية يمكن القول انها سقطت مع المؤسسة السياسية ، وهذا يعني ان هناك اختلال أُدخل من قبل النظام السياسي السابق لارباك موازنة ومعادلة دولة المؤسسات ، ما يعني من جهة اخرى ان تفهم المؤسسة الفنية العراقية المُراد اقامتها حديثا ان عليها ان تفهم كدرس كيفية بناء الاستقلال قدر المستطاع عن باقي المؤسسات الاخرى بحيث يكون هناك نوع من التفكير داخل المؤسسة الفنية في كيفية احتمال سقوط جميع مؤسسات المجتمع وبقاء مؤسسة الفن قائمة بذاتها !.نعم يجب ان يفكر اصحاب الفن الدرامي العراقي والقائمين عليه ومن وظفهم المجتمع والدولة لتطوير هذا الحقل والمؤسسة الفنية العراقية بالخصوص ان يفكروا في كيفية الصناعة والتأثير على القرار المؤسساتي السياسي والاقتصادي والديني قبل ان يفكروا في كيفية التأثر بهذه المؤسسات ؟.بمعنى اوضح : على اهل الفن وصناعته ان يطرحوا السؤال التالي كأستراتيجية حقيقية لعمل المؤسسة الفنية العراقية الجديدة : هل سوف يستطيع الفن الدرامي العراقي من صناعة الموقف السياسي الاجتماعي والشعبي ؟.أم ان المؤسسة الفنية العراقية ستكرر نفس الخطأ في الانتظار للخضوع لهذه المؤسسة الاجتماعية او السياسية او تلك لتفقد الاستقلالية والشخصية الفنية من جديد ؟.نعم هذا مانقصده في ضرورة ان يكون الفن الدرامي العراقي مؤسساتيا ومستقلا ومخططا له استرتيجيا ومستقبليا ايضا !.ان الفن اليوم ليس هو من ضمن الجماليات الحضارية لاي امة فحسب ، وليس هو ايضا اداة سياسية خطيرة جدا لاغير ، بل هو بالاضافة لذالك ذاكرة امة وتاريخ شعب اسقاطه كما حصل في الفن العراقي سيبقي اثر مثلوم في ذاكرة وعقل الامة من صعب رؤيته في اي صفحة من صفحات التاريخ المكتوبة ، ونحن ومع الاسف كعراقيين فقدانا ربما ثلاثة ارباع ذاكرة امتنا العراقية الفنية لالسبب الا لكون المؤسسة الفنية لم تكن مؤسسة بقدر ما مسخت لمجرد سوط في يد شرطي المؤسسة السياسية وعندما سقطت المؤسسة السياسية لم نجد ذكرا لذاكرة فن دامت اكثر من اربعين سنة !!!؟.
ج : الفنّ والفنان العراقي
الفنان العراقي فنان كسول بطبعه ، فهو ليس كالفنان السوري او الفنان المصري الذي اختمرت فنيته الى حد ّ طبيعة الاجتهاد والمثابرة على اخذ العبر والدروس ، كما ان مايميز الفنان العراقي الدرامي بالخصوص الذي انتجته مؤسسة الطاغوت السياسية لفترة اكثر من اربعين سنة انه اقرب شيئ للمشخصاتي منه للفن ، فان الشيئ الاعظم في شخصية الفنان العراقي اليوم انه فنان غير تلقائي ، ويعتمد على الحركة اكثر بكثير من اعتماده على الطبيعية والثقة بذكاء المتلقي ، فتجده يحاول افتعال الحركات الزائدة كثيرا في مشاهده الكوميدية او الدرامية ، وربما لشعور هذا الفنان الشخصي انه يفتقر لورق وسيناريوا جيد لهذا ارتأى ان يسد ثغرة افتقار النص من خلال الحركة التي حولت ومع الاسف الفنان العراقي من الفنية الى القرقوزية او القريب من نوّاح المقابر في مشاهده الدرامية !.وهكذا عندما ذكرنا ان الفن ابداع جماعي وهو نتيجة عمل اذا لم تتوفر فيه التعاونية والحب والحميمية الجماعية فانه يخرج فن درامي فج وغير معبر ولامؤثر ايضا ، فكيف اذا كانت الحالة الفنية العراقية بحاجة لخلق روح الجماعية الوصول في يوم من الايام الى صناعة فنٍ يرتقي للاقليمية او العالمية وليؤثر فيما بعد بهذا الحيّز الاكبر من المجتمعات الانسانية ؟.بمعنى اخر : اذا كان الفن العراقي الدرامي ومن خلال افتقاد روح الجماعة الابداعية قد فقد روح الاتصال مع جمهوره المحلي العراقي بالاساس ، فكيف بامكانه ان يصل الى روح المشاهد العربي بالعموم ليحرز رقما صعبا بين الشعوب والامم ؟!.لكنّ ربما يقول قائل من الفنانين العراقيين : ان هذا الحكم بالجماعية والفردية للفن والفنان العراقي فيه كثير من التجنّي والاعتداء على الفن واهله في العراق ، فهلا كنتم اكثر انصافا ورأيتم نصف الكأس المملوء بدلا من رؤية الفارغ ؟.نقول لهم بصراحة اننا وجدنا الفن التشكيلي العراقي عالمي الشهرة ، وكذا رأينا الفن الموسيقي الفردي ايضا عالمي الصيت ، وكذا فن النحت والرسم بالذات فان الفن العراقي وحقيقة فيه سرٌّ عالمي غريب وعجيب ، ولكن الغريب العجيب ان سبب ابداع الفن العراقي في هذه الحقول الفنية الرائعة لالسبب الا لكون هذه الفنون فرديا وليست جماعية ، اي ان طبيعة هذه الفنون تفرض الفردية ولذالك تجد الفنان العراقي مبدعا حقّا فيها ، أما عندما نتحول الى فن الدراما العراقية التي تفرض الجماعية فسنكتشف الكارثة ؟.نعم نكتشف كارثة هزالة الفن الدرامي العراقي ، وكذا ربما اي فن يحتاج الى العمل الجماعي فانك ستجد ان هناك ثغرة عدم الابداع الجماعي في الفن العراقي بصورة عامة !.أما لماذ ؟ وكيف السبيل للاصلاح الفني ؟.وماهي الطريقة لايجاد روح العمل الجماعي وحبه في الفن العراقي لنرتقي بهذا الفن ؟.فإن كل ذالك بحاجة الى عقد ندوات واجتماعات ونقاشات ووضع برامج اكاديمية وغير اكاديمية لخلق فنانين جدد يتشربون روح العملالجماعي الفني من البداية لتتهيئ داخل نفوسهم الفنية عبقرية الابداع داخل الجماعة وليس خارجها !.صحيح : نحن بحاجة الى رؤية فنية عراقية درامية جديدة مضافا اليها جيل فنانين جدد يحملون الهمّ الفني اولا واخرا ، ولايتخذون الفن وسيلة للوصول الاقتصادي او السياسي او غير ذاك ، كما اننا بحاجة الى مقاييس فنية عامة جديدة تحاول نقل الفن العراقي من هذه التقليدية التي افسدت ذوق الانسان العراقي العام حتى تذّوق غير فنه الوطني ، الى فن متطلع للمستقبل يصنع الانسان والمجتمع والتقاليد ولاتصنعه هذه التقاليد وهذا المجتمع وهذا الانسان !.اي اننا بحاجة الى فن عراقي مع نقله لواقع الانسان العراقي اليوم ، محاكاته ايضا لتاريخ هذا الانسان ومستقبله برؤية فنية مبتكرة وحديثة وغير تقليدية لهذا الطرف او ذاك ، والفن كما افهمه بسذاجة انه قادر على صناعة الخيال وتحويله الى حلم وواقع ان شاء ذالك !._______________
al_shaker@maktoob.com

(( العراق دولة الحسين بن علي ع الفكرية ... !. )) حميد الشاكر


(( العراق دولة الحسين بن علي ع الفكرية ... !. )) حميد الشاكر ___________
في العراق وعندما ترى هذه الجموع المليونية التي تأتي لكربلاء لزيارة الحسين بن علي ع كل سنة مشياًّ على الاقدام ، لتجدد له الانتخاب والبيعة ، تشعر عندئذ انه وبالفعل صدق من قال ان الافكار لاتموت ابدا !.طبعا كثيرا من البشر والعظماء ماتوا وقبروا وانتهى بهم الامر الى النسيان ، لكن العظيم الحسين بن علي ع عندما أتى العراق في سنة من السنين وهو يحمل معه فكرة ، كأنما بدمائه واهل بيته واصحابه الطاهرة قد ألقى بذرة هذه الفكرة في ارض العراق وليرويها فيما بعد بتلك الدماء لتنبت زهرة ، ثم نمت لتصبح ساق نبتة ، ثم اشتدّت لتتحول الى شجرة ، ثم ارتفعت لتثمر الشجرة ، ثم نضجت لتصطف هذه الملايين من البشر على امل الحصول على ثمرة من هذه الشجرة الحسينية يقطفها الزائر او مجدد البيعة والانتخاب لفكرة الحسين كل عام !؟ياترى ما تلك الفكرة الحسينية التي حملها معه الحسين بن علي من أرض الرسالة المحمدية من المدينة ليضعها في تربة كربلاء العراق وليرويها بدمه الطاهر كي تعيش من بعده وتخلّد ؟.وياترى لو قدر للحسين التمكين والنصر في ثورته الحسينية فهل ستكون تلك الثورة مشروع دولة يطبقه الحسين بن علي بن ابي طالب ع في ارض العراق ؟.واذا ماقلنا ان الحسين استشهد لتبقى الفكرة ، فهل يعني ان فكرة دولة الحسين هي الهدف من هؤلاء الملايين من الزوار والمحبين للحسين وفكرته ، وما زيارتهم ومجيئهم ومشيهم وتجديد البيعة لسيدهم الحسين ... الا تعبيرا واصرارا على ضرورة احياء بذرة الحسين وفكرته التي بذل دمه الشريف من اجلها في العراق ؟.يبدو ان الجواب على مثل هذه الاسألة ليس معقدا كما كنا نتوقعه او نفكر فيه ، وما دامت الافكار لاتموت ، والحسين بن علي صاحب فكرة دولة الاصلاح والعدالة والحرية ، فلاريب ان هذه الملايين الزاحفة نحو الحسين بن علي ع كل عام ، تحاول انعاش قلب الفكرة ، واعادة الرونق لحضورها ، وترسيخ مبدأ الايمان بها ...، ومادام لاسبيل لعودة الحسين بن علي ع الى الحياة من جديد فلا اقل من عودة فكرته الى الحياة والقيمومة على أقامت مشروعه في العراق الذي حلم به واستشهد من اجله وبذل الكثير في سبيله ، وهذا هو بالفعل مايحصل اليوم في زيارة الحسين ع في كربلاء ، كما انه نفس الرؤية التي من خلالها تزحف الملايين لزيارة الحسين كل عام من كل سنة !.كنّا فيما مضى وحتى الان نسمع الخطباء الحسينيون يذكرون لنا فكرة ( دولة المهدي المنتظر ) عليه السلام عند الشيعة ، وكيف انها ستملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، وكيف ان من اهداف دولة اخر الزمان المهدوية الشيعية الاسلامية وشعاراتها هو شعار ( يالثآرات الحسين ) ، وكنّا عند ذاك لانستطيع الربط بين دولة المهدي وفكرة دولة الحسين التي ذكرناها انفا ، لالسبب الا لكون الخطباء لم يذكروا لنا نوعية الربط او الامتداد الطبيعي بين ماهية دولة فكرة الحسين وبين قيام دولة المهدي ، لهذا اعتقدنا كثيرا ان المشروع الحسيني هو مختلف عن المشروه المهدوي في آخر الزمان !.أما اليوم وببركة تنفس الحرية وبإضات الافكار الحسينية أصبح لدينا شبه فكرة مستنيرة ترشدنا الى ان مؤسس فكرة دولة الاصلاح والعدل والحرية هو واحد فحسب ، هو الحسين بن علي بن ابي طالب ع ، وما المهدي المنتظر قائد دولة الاصلاح القادمة عليه السلام سوى المترجم الناصح والعليم الفاهم وصاحب البيت الذي خرجت منه قبل الف واربعمائة سنة بذرة فكرة الدولة الحسينية متجهة للعراق ولم تكن الارض بعد مهيئة لقيام هذه الدولة ، فغرز الحسين البذرة في ارض العراق وذهب راشدا الى سيادة جنان الخلد والرضوان !.أما من يتعاهد البذرة بعد الحسين ع ، ومَن يسهر على رعايتها ، ومن يديم ذكرها ، ومن يسقي اغصانها ..... طول الفترة الفاصلة بين الحسين ع والمهدي المنتظر ، فهم هؤلاء الزوار والاحباب والموالين والانصار من حزب الحسين وشيعته وكوادر تنظيمه وعصابته !.في كل سنة يبكي زوار الحسين ويحيون فقده ويترنمون بفكرته وينشدون القصائد لنهضته ، ويمشون المسافات البعيدة على أمل الفات انظار العالمين لسفرته عليه السلام وتضحيته ، ويختمون صخبهم الشديد بتجديد الولاء لفكرته ودولته !.ربما لو كان الحسين بن علي عليه السلام حيّا في هذه الايام لفعل نفس ما اقدم عليه فيما مضى من سنين وايام ، ولاعلن مجددا انه صاحب فكرة تبحث عن دولة تقيم أودها وتحوّل مشروعها من الفكر والتنظير الى الواقع والحياة والانسان ، لكن الفرق بين الماضي والحاضر ان في الماضي ترك الحسين وحيدا بين جدران الصحراء وغفلة الناس وقساوة قلوب الاعداء ، أما اليوم فللحسين بن علي جماهير تزحف بالملايين لنصرته وتعلن البيعة لدولته وفكرته ، ولا اعتقد ان هناك من يوازي الحسين بن علي ع وفكرته جماهيريا ليتقدم مع الحسين ع في مهرجان الانتخابات والبيعة في العراق ليقول انا المرشّح الاخر لقيادة العراق بدلا عن الحسين ع !.على اي حال اذا لم يكن الحسين ع حاضرا بجسده الشريف شخصيا في العراق اليوم لننتخبه ، فقد انتخب الشعب العراقي كله فكرة دولة الحسين في كرنفال بيعة الزيارة وموسيقى ضرب الصدور ، وملحمة الاقدام التي اثارت نقعا بعد غاراتهن صبحا !.____________
al_shaker@maktoob.com