الثلاثاء، مارس 31، 2009

(( الكفر بأديان فراعنة العرب .... رؤية قرءانية !.)) حميد الشاكر


(( الكفر بأديان فراعنة العرب .... رؤية قرءانية !.)) حميد الشاكر
___________________

( وقال فرعون ذروني أقتلْ موسى وليدعُ ربه إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يُظهر في الارض الفساد )

******
عندما يحترق حسرة أي فرعون تاريخي او حديث على دين ما فهل نفهم من ذالك انه بالامكان ان يكون الفرعون متدينا ؟.
أم ان الفراعنة هم هكذا دوما في عالم السياسة يتبنون المصالح ، واينما اتجهت مصالح عروشهم وامداد طغيانهم كان ايمانهم ودينهم وانتمائهم ؟.
ثم متى كان لفرعون دين وتقوى وايمان حتى يُقال قرءانيا ويسرد اسلاميا خوف الفرعون على دين قومه الصالح من فساد الانبياء وخطرهم الشديد ؟.
وهل كانت اديان الفراعنة دائما على شاكلتهم ، ولهذا آمنوا بها ودافعوا عنها ورأوا كل دين آخر فساد لها ؟.
أم ان الفرعون لايعرف الايمان ولافي حياته يوما شعر به ، ولاهو في وارد التفكير حوله ؟.
في قصة موسى وفرعون القرءانية لفتات لطيفة الى المنطق الفرعوني القاروني الهاماني من جهة ، والمنطق الموسوي الرسالي الهاروني من جهة آخرى ، ولكل منهما ملامحه والياته وانماط تفكيره ومنطلقاته .... المختلفة تماما عن الاخر الى حد الوصول الى :ان الفراعنة يرون في سبيل الانبياء والصالحين كفرٌ وفساد في الارض ، ويرى الانبياء سبيل المجرمين والفراعنة تكبر واستبداد ولاصلاح في هذه الحياة ، ولكن يبقى لكلٍ منهما منطقه ولكل موازينه ومقاييسه ، ولكل مرجعياته ومنطلقاته ايضا !.
طغاة العرب ايضا في الماضي والحاضر هم لايختلفون في قصتهم عن القصص القرءانية حول فرعون وموسى عليه السلام ، فهم كذالك كانوا يؤمنون بالطاغوت بعكس الانبياء الذين يؤمنون بالله ويكفرون بالطاغوت ، ولهم دين وايمان وانتماء وحب واعتزاز بألهتهم الوثنية ، ولكنها بعكس تماما ايمان الرسول الاعظم محمد ص ودينه وانتماءه وحبه لطريقه ، في قوله :(( لكم دينكم وليّ دين )) وفي الكثير من المفاصل رأى فراعنة العرب وطغاتهم نفس رؤية فرعون موسى في السابق ومخاوفه ، وحاولوا كثيرا من خلال مستشاريهم ان يقولوا : ذرونا نقتل محمد وليدعُ ربه !.
وطرحوا بنفس الصيغة مبررات دعوتهم لسفك الدماء تلك ولكن بصيغتها العربية عندما قالوا : نخشى من محمد ان يبدل دينكم او يُظهر في الارض الفساد !.
انه منطق يدفعنا دفعا للسؤال عن اديان الفراعنة ؟. وماهي ؟. ولماذا هذه الاديان تستهوي انتماء الفراعنة لها ؟. لابل والدفاع عنها ورؤية اي اديان وطرق تفكير اخرى على اساس انها تمدد غير مشروع وخطر غير مقبول وفساد في الارض وزعزعة للحمة المجتمع ووحدته ؟.
اليوم وفي وقتنا الحاضر ايضا وفجأة انتفض فراعنتنا السياسيين من حكامنا العرب ليرفعوا نفس الراية في اليات السياسة الفرعونية القديمة والحديثة وبنفس اساليبها لنسمع ونرى ( ذروني أقتل ) و ( اخاف ) و ( ان يظهر الفساد ) وكأنما اليات البطش والقتل ، وكذا الخوف الشديد ، وهكذا مبررات العنف ، كلها قوانين تسري على فراعنتنا الحاضرين كما سرت على فراعنة الامم الماضين ، ولكنّ الفرق بين فراعنة التاريخ عن فراعنتنا العرب الحاكمين : ان الفراعنة فيما مضى وان كانوا هم هم على نفس القانون والشاكلة مع الفراعنة الحاليين ، الا انهم كانوا اذكى واهدأ واجرّأ من فراعنتنا وحكامنا العرب الحاليين !.
نعم فرعون موسى وان كان طاغية دهره ، وسابق في الاجرام عصره ، الا انه مع ذالك كانت لديه عزة بالاثم وتجبّر على جميع الامم الاخرين ، وصاحب مشروع توسع وبناء امبراطوريات تنتشر على الدنيا والى اينما يصل سيف الفرعون وجنده !.
أما فراعنتنا العرب الخائبين ، فليس لهم اي جرأة او تطلع او شجاعة او مشروع في العالمين ، بل انهم احقر من التفكير بالتطلعات العظيمة ، واصغر من ان يفكروا ان يكون لهم شأن مع الماضين ، وانما جلّ تفرعنهم على شعوبهم المعزولة من السلاح والمجردة من القوة لاغير وهذا هو الفرق !.
طبعا ان فرعون موسى كان طاغية متجبر ، ومتسلط متفرد في الحكم والسياسة ، لكنه وباعتبار انه فرعون دكتاتور صاغ مستشاريه ديكورا لدولته لاغير ، وربما في احيان كثيرة تكون الطغاة والفراعنة بحاجة الى الحاشية والمستشارين ليسدوا نقص التفكير لديهم ومنسوب الغباء المخلوق في طبيعتهم ، فيستعينوا مرّة باصحاب العلوم والخبرة ، ومرّة باصحاب الدهاء والمكر والسياسة ، والكل من هؤلاء ينظر في عيون الطاغية ، ويستشف رغباته ليعود ويطرحها باسم الشورى ليحمل اوزار العمل امام العالمين ، ويطهّر ثوب الفرعون من كل دنس ورذيلة ، وهذا بالضبط ماكان يفعله فرعون موسى والذي لم يزل قائمين على فعله فراعنة حكّام العرب اليوم ، فلكل فرعون حاشية ومستشارين واهل حل وعقد ودراية وتدبير ، الا انهم كلهم في خدمة الفرعون ومنفذي رغبته ، وعندما يرغب فرعون موسى الانتقام من صاحب الدين الجديد موسى عليه السلام ، ولكنه لايريد ان يقال عنه انه مستعجل لسفك الدماء وداعية لقتل الابرياء ، بل هو يريد ان يقال عنه انه هو الديمقراطي المنفتح ، والرؤوف الرحيم بشعبه ، وهو الذي لولاه لكانت الدولة في مهب الريح ، وأمن المواطن في فساد وضياع ، ولهذا التفت فرعون ويلتفت فراعنة اليوم الجدد ليقول :(( ذروني أقتل موسى )) وكأنما يداه مغلولتان ، أو كأنما يطلب الاذن من مستشاريه ، ويشركهم في الامر ويأخذ برأيهم في نهاية المطاف ؟!.
ان فرعون لم يكن لينتظر احدا من حاشيته سيشير عليه بالضد مما يرغب بقتل الصالحين وموسى ، ولاهو في وارد ان يكون هناك من خدمه وحاشيته من يقول له قف انه نبيٌ ومن المرسلين ، فمثل هذا المنطق غير وارد في قاموس الفراعنة والجاهلين ، وحتى ان سحرة فرعون المخلصين عندما آمنوا برب موسى وهارون كانت نهايتهم مع الهالكين ، فكيف اذا كانت رغبة فرعون الخلاص من موسى ، فهل ستكون هناك رغبة مناقضة لرغبة العزيز فرعون ؟.
نعم الفراعنة كغيرهم من الحكّام والجائرين لايقدمون على القتل وسفك الدماء والابادة الا اذا شعروا بالخوف على السلطان ، والرعب من تبديل الاديان التي توفر للفرعون طاعة شعبه لملكه وانقيادهم للعبادة اليه ، عندئذ توضع الخطط وتستنفر اجهزة الامن والمخابرات لتسد ثغرة جريان المياه قبل ان تتحول الى طوفان لايصد ولايرد !.
ولكن بدلا من التصريح المباشر من قبل الفرعون بالخوف والخشية على السلطان تحوّر العملية ، وتطرح المبررات الغير واقعية ليكون الفرعون ليس وحده ، ويكون للسلطان انصار من قبل شعبه !.
قال فرعون مبررا المطالبة بقتل موسى الرسول :(( إني أخاف ان يبدل دينكم )) !.
العجيب ان فرعون لم يقل (( إني أخاف ان يبدل ديننا )) ولم يفكر حتى باشراك نفسه مع دين الاخرين ، وربما هذه بعض من غباءات السلاطين والفراعنة التي تفلت من بين اصابعهم كلما سنحت الفرصة ، او ربما ان بعض الفراعنة وصل الى مرحلة بحيث يرى نفسه اما انه اكبر من اي دين ليؤمن به ، أو انه هو الدين نفسه ويجب على الامة الايمان به مباشرة كأله يعبد من دون الالهة ، ولهذا قال فرعون موسى القديم :(( إني اخاف ان يبدل دينكم )) اي سلطانكم وفرعونكم والهكم ،كما لم يلتفت اليه بعض المفسرين !.
وليس ببعيد ان يكون فرعون موسى المصري صاحب سياسة وذكاء انبه من فراعنتنا العرب في هذه الايام ، ورأى انه لاينبغي للسلطان والدولة ان تميل لدين على اخر في الادارة والحكم ، ولهذا فصل نفسه عن الانتماء للاديان ، وخاطب الاكثرية من الشعب :(( اني اخاف ان يبدل دينكم )) انتم فانظروا ماذا انتم فاعلون ليثير الجمهور على موسى بدلا من ان يقوم بالعمل هو وحده !.
على اي حال أظهر لنا النص القرءاني : ان فرعون يخشى على وجود هذا الدين ، وان انتماء شعبه لهذا الدين هو في صالح سلطانه ، ولهذا شعر فرعون بالخشية على بقاء دين وايمان شعبه او غيبوبتهم وخداعهم باسم الدين على حاله بسبب ان الدين الموسوي الرسالي الذي جاء به موسى وهارون مبشرين ، هو دين لايخدم السلطان ولايثبّت دعائم واركان الطغيان ، بل هو دين يرفض الظلم والعدوان ويدعو الى العدل والاحسان ، وكل هذه المصطلحات السياسية من عدل وانصاف وعدم ظلم وانكار طاعة الفرعون بمعصية الخالق ....، كل هذه المفردات دين يراه الفراعنة مفسدة للانسان !.
فراعنتنا العرب ايضا هم اليوم في وجلّ عظيم على اديان شعوبهم التي تدعوا لطاعة السلطان ، بل بسبب ان هذه الاديان توفر الحماية لعروشهم الخاوية والفاسدة ، اصبح كل زعيم عربي اكثر تدينا وايمانا من شعبه المخدوع بعظمة الايمان وحقيقة الاديان ، بل واصبح الطاغية والفرعون العربي اكثر دفاعا عن دين الامة والشعب والمجتمع من الشعب والامة والافراد انفسهم ، حتى ان افراد الجمهور العربي اذهلهم تغير سلاطينهم وفجائية الايمان بالاديان عندهم ، وبدا ان الفراعنة اكثر حبا لاديان الشعب من انفسهم ، وعندها طرح الفراعنة ضرورة حماية الدين وخوفهم الشديد على تبديله بالقول :(( أخاف ان يبدل دينكم )) !.
وبكل معاني البراءة ، والايمان الفطري العاطفي الساذج انساقت امة العرب والمسلمين خلف هذه الخدعة والبدعة ليدافعوا عن فراعنتهم ظناً منهم انهم بذالك يدافعون عن الدين والايمان والانتماء والحقيقة ، ولو كان لديهم ادنى تأمل لسألوا انفسهم : دين يدافع عنه فرعون وطاغية لابد ان يكون طاغوت وخدعة ؟.
ان دين الانبياء والرسل هو ليس بالجزم دين الفراعنة والطواغيت ، بل هو دين العدل ودين المساواة ودين الانصاف ، ودين الفقراء ودين المساكين ودين التطلعات ودين المشاركة ودين الحرية ودين الكلمة والحجة ..... وباقي مفردات دين الرسل والانبياء !.
انه الدين الذي ليس بحاجة لحماية فرعون او طاغية ليدافع عنه ، وكيف يدافع طاغية عن دين هو جاء بالاساس ليزيل عروش الفراعنة والطواغيت وطاعة غير الله سبحانه ؟.
وأليس في دفاع الطاغية والفرعون عن دين ما دليلٌ على ان هذا الدين فيه لعبة سياسية خطرة يجب ان ينتبه لها المتدينون الساذجون ليلحقوا انفسهم ويبداو بالتفكير العميق ؟.
وأليس مجرد قول طاغية :(( اريد ان احافظ على دين مجتمعي )) او قول فرعون :(( أخاف ان يبدل دينكم )) ادلة كافية على ان مابين ايدي الناس على اساس انه دين هو في الحقيقة شبكة معقدة من الخداع والتخدير لاذهان وعقول الشعوب والبشر لتبقى على عبادة الفراعنة بدلا من الله سبحانه ؟.!
لاحظوا معي كيف يكون المنطق الفرعوني بالنسبة للدين مختلف عن المنطق الرسالي :
المنطق الطاغوتي الفرعوني فيه فرض للدين وعدم قبول بانتخاب الانسان بحرية لايمانه فيقول :(( ذروني أقتل موسى وليدعُ ربه إني اخاف ان يبدل دينكم او ان يظهر في الارض الفساد )) اي ان القتل وحده وسيلة الحفاظ على دين الفراعنة والطواغيت !.
بينما المنطق الرسالي النبوي الموسوي المحمدي يعتمد على العقل والحرية والاختيار والايمان :(( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) (( لااكراه في الدين )) (( لكم دينكم وليّ دين )) (( قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين ))..... فهو دين البرهان والحجة والعقل والاختيار والحرية والايمان ، دين :(( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخر )) اي انه الدين الذي لايرغب في الانتماء اليه سيخسر في الاخرة نفسه لاغير ، وليس دين الفرض والسيف الذي من يفكر ان يرتد منه فسوف يتصدى له الفرعون بالقتل والعذاب وسفك الدماء والاعراض ؟!.
ان دين الرسل والانبياء هو دين :(( يايها الذين آمنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم ذالك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم )) اي انه دين اللافرض ، دين الحب لله سبحانه وتعالى لاغير ، دين الاخلاق المرنة ودين العزّة والشرف والكرامة ، وليس دين الذلة للفراعنة وطاعة الطواغيت !.
انه دين يشعر الانسان تجاهه انه فضل من الله سبحانه ، وليس دين منة من احد ، انه دين الايمان الذي لايدافع عنه طاغوت او فرعون ، وانما يدافع عنه مؤمنون صالحون اذا ذهبوا جاء الله سبحانه بغيرهم بلا عنف ولاحماية ولاتدبير من احد ، ليدافعوا عن الدين ويجاهدوا في سبيله لاخراج الناس من عبادة العبيد الى عبادة الله الواحد القهار !.
هذا هو الفرق بين دين الفراعنة ودين الله سبحانه خالق كل شي !.
الدين الذي يرى في الفراعنة فساد اكبر في الحياة ، بعكس دين الفراعنة الذي يرى في دين الرسل والانبياء وموسى انه يريد ان يظهر الفساد في الارض من منطلق ان كل ماهو صالح في هذه الحياة فهو فساد بالنسبة لاجندة ومقاييس وموازين الفراعنة والطواغيت !.
نعم الدين الحق دين موسى وهارون ومحمد وعيسى وجميع الرسل دين يدعو للكفر بالطاغوت بدلا من مساندته والانسياق مع دينه بقوله:(( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها )) بل ان دليل دين الرسل هو عندما تراه يناهض التفرعن ويدعو الى الاطاحة بالطاغوت ، ويعلن التمرد على طاعة اولي الامر الفاسدين ، ويقول كلمته للاخرين :(( قد تبين الرشد من الغي )) صدق الله العظيم
____________________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com