الخميس، يناير 20، 2011

(( من وعيّ القرآن ... اقرأ )) - 11 - حميد الشاكر

دلالات الانعكاسات الانسانية .... :- اقرأ






ماهي الدلالات والانعكاسات الانسانية الاولى التي خلقتها كلمة القرآن العظيمة(اقرأ) وهي تواجه الانسان الرسول محمد العظيم نيابة عن البشرية جمعاء صلى الله عليه واله لأول وهلة في غار حراء المبارك ؟.



فيما مضى اشرنا للدلالات الفكرية في كون الكلمة القرآنية ( اقرأ ) أثبتت بشكل لالبس فيه انها كلمة أعلى من حيز أن تكون انعكاسا لواقع ، او ايحاءً لنفس هائمة في التفكير في شؤون الانسان والعالم ،والآن نريد ان نفتق زاوية اخرى ترتبط بدلالتها الواقعية الانسانية وكيف انها استطاعت ان تهّزالواقع الانساني القائم من جهة وهي ايضا قادرةعلى اعطائنا العميق من الفكر الذي يؤكد لنا ان هذه الكلمة الاولى من القرآن الكريم هي معجزة الاعجاز القرآنية وبوابة الادراك والفهم للمشروع الاسلامي برمته من جانب آخر !!.



وعلى هذا الاساس كان السؤال حول الانعكاسات الانسانية ، التي خلقتها او احدثتها ( اقرأ ) على الصعيد الرسالي والانساني الواقعي المحمدي يندرج تحت اطارالسؤال عن دلالات اقرأ الواقعية والانسانية وكيف انها اذا قرأت بتأمل فانها ستعطينا الدليل على انها كلمة اتت من خارج الكيانية الانسانية المحمدية ، وانها وحي منزل من السماء ، وانها كلمة الخلاص الالهية التي لايمكن ان تُفترى على الله سبحانه وتعالى !!.



ان ( اقرأ ) القرانية وحسب مايطرحه التاريخ وتقدمه السيرة النبوية ، ويثبته باب اسباب النزول القراني بالاضافة لما تؤكده الكلمة القرانية نفسها كانت هي كلمة الوعي الانسانية الاولى لرسالة السماء اللاهوتية لمحمد بن عبدالله الرسول الخاتم وهذا الوعي والادراك الاولي لكلمة الوحي ( اقرأ ) لمحمد الرسول كان معرّضا ، لهزة عنيفة نفسية وروحية وفكرية تؤكد ان حدث الوحي هنا ليس هو بالحدث الطبيعي الذي كان يتوقعه محمد الرسول او يتوقع حدوثه او الاصح القول ليس هو بالحدث الذي اعتادت عليه النفس المحمدية الطبيعة البشرية فلاريب عندئذ من ان هذه العملية الثقيلة على الروح والطبيعة البشرية تأخذ كل ابعادها في الصراع وفي جدل النفس والفكر الانسانية عندما اطلّت عليها ( اقرأ ) وكان جواب الطبيعة والكينونة والوعي والادراك المحمدي الكريم ، حسب ماتنقله المصادر السيرية والتاريخية والقرآنية ب (ما أقرا ) في رواية ابن هشام في سيرته وفي رواية البخاري الاخرى كان جوابه صلى الله عليه واله وسلم لكلمة الوحي الاولى ب (ما انا بقارئ ) !!.



ومنذ رواية اهل الحديث والسير والتاريخ ، للكلمة القرآنية الاولى (( اقرأ )) نجد انفسنا أمام مسارين فكريين لفهم الانعكاس الانساني المحمدي لكلمة الوحي الالهية اقرأ ، وهذان المساران هما :

الاول : هو في فهم ردّة فعل العظيم محمد ص عندما اجاب كلمة الوحي السماوية اقرأ ب (ما اقرأ ) ؟.

الثاني : وهو فهم معاني الرواية الاخرى ، التي ذكرت انعكاس كلمة الوحي الالهية اقرأ وجواب الرسول محمد ص ب ( ما انا بقارئ ) !!.



فلاريب ان الصيغة الاولى لجواب الرسول محمد ص (ما اقرأ ؟) هي صيغة استفهامية لفحوى الامر الالهي ومعناها ان العظيم محمد ص كان يحاول ان يسأل وهو يجابه الامر الالهي ب( اقرأ ) عن ماهية المقروء ، وكيفيته وصيغته ، ليستطيع ان يقرأه عندئذ بالسؤال عن ما اقرأ !!.

أما صيغة ( ما انا بقارئ ) المحمدية الانسانية الرسالية ، فقد كانت صيغة نفي لمادة القراءة من الاساس ، ويكون معناها في جواب العظيم محمد ص ، لوحي السماء النازل بالامر (اقرأ) بانه لم اكن احد القارئين ليأمرني الوحي بالقراءة فانا رجل أمي لااقرأ ولا اكتب ليطلب مني القراءة ، ولهذا جاء جواب العظيم محمد ص بالنفي لمادة القراءة بقوله ص : ما انا بقارئ !.



وطبعا لاشك ان صيغة ردّة الفعل الرسولية الاستفهامية الاولى ، مختلفة تماما عن صيغة النفي او ردة الفعل الرسولية الثانية ليس فقط من حيث الصيغة بل وكذالك من حيث المضمون ايضافاذا قلنا بمضمون السؤال ب(ما اقرأ) نحن نقترب الى المدرسة التي تقول ان محمدا الرسول ص كان قارئا وكاتبا ولم يكن رجلا اميا ، كما تدعي بعض الاراء ، والدليل ان العظيم محمد ص وفي بداية نزول الوحي السماوي له ، كان يسأل عن ماهية المقروء ، الذي كان ينبغي ان يقرأه عندما امره الوحي ب (اقرأ) واجاب (ما اقرأ ) ولم يكن ينفي تمكنه من القراءة وهذا يدفع من يقول ان محمدا الرسول لم يكن قارئا بل كان اميا ابّان بعثته بالرسالة !!.

وهذا الرأي مخالف للراي المشهور من ان العظيم محمد الرسول كان رجلا اميّا ابّان بعثته الرسالية المباركة والدليل على ذالك ان محمدا الرسول ص ، ومنذ اول كلمة وحي أمرته بالقراءة كان جوابه صريحا وواضحا انه رجل ليس بقارئ عندما قال (ما انا بقارئ ) كما ان هناك الكثير من الايات تدلل على ان العظيم محمد ص لم يكن قارئا ولاكاتبا (( ما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولاتخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون )) !.



وبهذا ادركنا اول الفروق التي جابهتنا في رواية ردّة الفعل الانسانية للكلمة القرآنية ( اقرأ ) ، وانها احدثت زاويتين فكريتين انسانيتين لتسلط اضوائها عليها ، وهي زوايا : هل كان محمدا الرسول ص قارئا عندما خاطبه الوحي الالهي بأمر: (اقرأ) ؟. ام انه كان رجلا أميا لايقرأ ولايكتب بدليل ( ما انا بقارئ ) ؟.



ثم وبعد ذالك وحسب ماترويه كتب التاريخ والسير واسباب النزول القرآنية لحادث نزول اول كلمة من الوحي الالهي الى عالم الانسان (اقرأ ) يحدثنا التاريخ ان كلمة الوحي هذه وبأمرها الالهي المباشر بالقراءة للرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم قد تكررت لمرّة ثانية بهبوطها على العظيم محمد ص ولم تكتفي بالهبوط الاول وامرها للعظيم محمد ، وجواب الرسول محمد لها بما اقرأ او ما انا بقارئ ، لتكرر عليه المطلب من جديد وتأمره مرّة ثانية ب (( اقرأ )) !!.



فياترى ما معنى ان تتكرر كلمة الوحي الالهية النازلة ( اقرأ ) على محمد الرسول ص مرة اخرى ، مع ان محمدا الرسول قد سأل ب(( ما اقرأ )) او نفى علمه بحروف القراءة والكتابة ب (( ما انا بقارئ ))؟؟.

فلماذا عندئذ كرر صاحب الوحي طلب القراءة من محمد الذي سأل واجاب من جديد ؟.

هل لان المطلوب من الوحي لم يدركه المتلقي العظيم محمد صلى الله عليه واله وسلّم ولهذا كرر الوحي الطلب من جديد ؟.

أم ان جواب محمد الرسول ص كان كاملا وتامّا على طلب الوحي وامره بالقراءة ، لكنّ الوحي اراد التاكيد ليتهيئ المتلقي لقراءة جديدة ليس هي قراءة الحرف والكتاب بقدر ماهي قراءة الوحي والترتيل لاغير ؟.

_______________________



alshakerr@yahoo.com

http://www.blogger.com/profile/06210792549531027877