السبت، ديسمبر 29، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الرابع عشر (( القصور المعرفي الاجتماعي لعلي الوردي ))

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الرابع عشر
حميد الشاكر
(( القصور المعرفي الاجتماعي لعلي الوردي ))
3
***********************
رابعا : عندما توصلنا الى نتيجة علمية وفكرية حول المرحوم (علي الوردي) في القسم الثاني عشر من هذه الاقسام البحثية مفادها (( ان المرحوم الوردي لايمكن اعتباره عالما من علماء الاجتماع الحديث او حتى قبول انتمائه للمجال المتخصص في العلم الاجتماعي المعاصر الذي اتكئ على منجز مؤسس علم الاجتماع الحديث ((اوجست كونت)) ومن جاء بعده كان منطلقنا ومرجعيتنا ومتكئنا في هذه الرؤية هو ((ما طرحه ))المرحوم الوردي نفسه في مؤلفاته وكتبه من منطلقات فكرية ((متناقضة وبعيدة )) جدا عن ما طرحته المدرسة الاجتماعية الحديثة ، او علم الاجتماع الحديث من منطلقات ، وافكار ومناهج وتعاريف ومصطلحات وغايات لهذا العلم الاجتماعي )) !.
وذكرنا انذاك مثالا فاقع اللون وصارخ الدلالة بين ما طرحته المدرسة الاجتماعية اوعلم الاجتماع الحديث من مبادئ ومقدمات في دراسة اي مجتمع (( من قبيل مبدأ التعاون الكونتي للمجتمع )) ، وبين ما طرحه المرحوم الوردي من منطلقات ، ومبادئ في مؤلفاته وكتبه من قبيل (( فكرة الصراع الهيجلية )) لفكره وتصوراته وتحليلاته للمجتمع ووجوده وحركته وسكونه !!.
وارجعنا كل ذالك الى حقيقة ان المرحوم الوردي كانت له رؤية لمسمى العلم الاجتماعي بعيدة ولا تمت او تتصل بصلة للعلم الاجتماعي الحديث الذي وضع لبناته ((كونت)) وطوره ومأسسه ((دوركايم)) ونظر له بشكل مختلف المنطلقات ((سبنسر)) وغيره ، كانت ترى : ان علم الاجتماع ماهو الا كميات متراكمة من التحاليل الفوضوية ، او التي تنبع من عدة مصادر علمية متنوعة نفسية وفلسفية وتاريخية وحتى طبيعية ...تقيّم المجتمع وظواهره وحركته وسكونه ، ولهذا وجدنا المرحوم الوردي يتكئ وينطلق من كل رؤية تحلل الوجود الاجتماعي بظواهره المتنوعة على اساس انها ((الممثل الحقيقي للعلم الاجتماعي )) الحديث سواء جاءت هذه الرؤى من المدرسة النفسية او الفلسفية او التاريخية او حتى الفقهية اوالصوفية او الادبية الشعرية !!.
وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدلّ على ان المرحوم الوردي لم يكن ابدا على اطلاع على نظرية (( اوجست كونت )) ومن بعده (( دوركهايم )) الاجتماعية ، وما احدثته هذه النظرية ، وكيف استطاع (( كونت )) نقل الفكر الاجتماعي من فكر ينظّر له كل من هبّ ودب ، الى ((علم )) له متخصصوه ، وتعريفه ومقدماته وميدانه ومواضيعه ومصطلحاته ومناهجه وغاياته واهدافه .....الخ ، ولايفرق عن باقي العلوم الاخرى وبما فيها العلوم الفيزيائية او الطبيعية او الهندسية او الرياضية ، ولا يعقل ان يسأل صاحب علم النفس عن قوانين ، ومجالات وتعاريف الفيزياء الذرية الحديثة كما لايعقل في عرف مؤسسي علم الاجتماع الحديث ان يسأل متفلسف عمله ((حركة الذهن الانساني )) او عالم نفس او فقيه ... عن قوانين الاجتماع وظواهره وسكونه وحركته !!.
وهذا في الحقيقة هو ما يفسر ويجيب لنا عن الاسألة التي طرحناها في هذه البحوث حول المرحوم الوردي وفكره ولم يستطع احد و(لن) يستطيع احد من محازبي المرحوم الوردي من الاجابة عليها لانها ببساطة لاتدرك اجابة هذه الاسألة الا اذا درسنا الوردي على اساس انه (هاوي) للعلم الاجتماعي او مثقف حاول انتحال صفة عالم الاجتماع الحديث !!.
نعم لماذا افتقر هذا الفكر للمرحوم الوردي من تناول علم الاجتماع كعلم ، او حتى تناول تعريف للعلم الاجتماعي في مؤلفاته وكتبه اوعلى الاقل ادراك بعض المبادء الاولية للفكر الاجتماعي من قبيل (فكرة التعاون) ليميزهاعن الفكر الفلسفي الايدلوجي الهيجلي في فكرة (( الصراع / الديالكتيك )) ؟.
جواب ذالك : لان المرحوم علي الوردي لم تكن له صلة اكاديمية اوحتى ثقافية عامة تؤهله ليدرك ماهية علم الاجتماع وكيف انتقل ليصبح علما مستقلا بذاته وله متخصصوه ومناهجه ومصطلحاته ، ومبادئه وتعاريفه ومناهج عمله وميادين فعله ولهذا عجز المرحوم الوردي او غاب عن ادراك المقدمات الاولية للعلم الاجتماعي الحديث ؟.
هل هناك مؤسس للعلم الاجتماعي الحديث غير( كونت ودوركهايم ) ربما انتمى لمدرستهم علي الوردي ولهذا ناقض في فكره وتصوراته ومنطلقاته و..... كل ما جاء في التأسيس لهذا العلم الاجتماعي الحديث على يد (( كونت ودوركهايم وسبنسر... )) ؟.
أم ان علي الوردي اساسا لاعلاقة اكاديمية او علمية له باي مدرسة او علم يتصل بعلم الاجتماع الحديث ؟.
هذا سؤال افتراضي يحاول تخليص المرحوم علي الوردي من ورطة قصوره المعرفي الفاضح باوليات العلم الاجتماعي الحديث وربمامن ورّط المرحوم الوردي بهذا المأزق هو فوضوية القرن التاسع عشر الذي كان يسمي كل من كتب في وحول المجتمع على اساس انه اصبح عالمامن علماء الاجتماع في العصرالحديث ولهذا نسج على منوالهم المرحوم الوردي في تناوله لقضايا الاجتماع الدقيقة بدون اي منطلقات ولا اي مناهج ولا اي تعريفات ولا اي اختصاص يذكر !!.
المشكلة الآن ليس فيما كان يعتقده ويكتبه المرحوم علي الوردي باسم العلم الاجتماعي ، او يطرحه تحت يافطات (( المنطق الجديد والعلم الحديث والواقعية ونتاجات علم الاجتماع الحديث ومايقوله جيمس او هيجل او...))كاساليب خداع فكرية لتخدير القارئ العراقي واستغفال ذائقته العلمية المتخصصة او التي ينبغي ان تحترم العلم وتخصصاته لكن المشكلة في اجيال وعت ونمت على هذا الفكر الوردي واعتباره انه الممثل العراقي الوحيد للعلم الاجتماعي الحديث ، ولهذا وسياسيا ايدلوجيا طرحت بعض الاحزاب العراقية الخمسينية الفوضوية اعلاميا مسمى ((مؤسس علم الاجتماع العراقي الحديث )) للمرحوم علي الوردي ونسبة هذا التأسيس المخادع لفكر لايمت بصلة اكاديمية اوعلمية حقيقية للعلم الاجتماعي الحديث وهذه جريمة انسانية فكرية وليست مشكلة ثقافية عراقية فقط فكيف ومن يستطيع وماهي الجهود التي ينبغي ان تبذل فكريا وثقافيا لاعادة بوصلة الثقافة والفكر العراقي الى جادة الصواب في فكرة العلم الاجتماعي الحديث بمؤسسيه وباصوله وقواعده ومنطلقاته وغاياته واهدافه ؟!.
نعم هناك مشكلة اكاديمية اخرى في هذا البئر الذي حفر للثقافة والفكر العراقي بليل بالتعاون بين احزاب سياسية مؤدلجة من جهة وبين المرحوم علي الوردي ليطرح فوضوية فكرية لها اول وليس لها اخرويلصقها بقفا علم الاجتماع الحديث من جانب اخر ، وهي ان فكر المرحوم علي الوردي اصلا لايصلح البناء عليه على اساس انه فكر يمت بصلة لعلم الاجتماع ، ولا على اساس انه فكر فلسفي نقدي او نفسي تحليلي يمكن تقديم ماهو مفيد ونافع للعلم ومشاريعه الحديثه !!.
ففكر المرحوم الوردي لايلتزم باي منهج يثمر علما نافعا ((ولا علم بلا منهج كما يدركه المتخصصون)) وفيه من المتناقضاة التي لها اول وليس لها اخر ، وفيه ايضا ماهو اكبر من المتناقضات ، الا وهو الخطر الذي يلحقه فكر المرحوم الوردي داخل اي مجتمع يحاول التماسك والانسجام والتكامل والتطور في حال قبوله كرؤية اجتماعية علمية داخل هذا المجتمع !!.
بمعنى اخر لنأخذ فكرة ( الصراع/ ديالكتيك) التي ينطلق منها المرحوم الوردي في فكره التحليلي الاجتماعي بل والتي يعتبرها هي القانون الواقعي الذي يحكم معادلة الوجود والحركة الاجتماعية بشكل مطلق ففي الفصل الاول من مؤلفه (( مهزلة العقل البشري )) يطرح المرحوم علي الوردي فكرة (( الصراع)) بشكل صريح وواضح ويرى كل من لايؤمن بالصراع كقانون يحكم الحياة والمجتمع ماهو الا ((طوبائي )) جامد ومتخلق وراكد ....(( وهذه المفردات يستخدمها الوردي بكثافة لكل رؤية تخالف توجهاته الفكرية المؤدلجة)) ومن اصحاب المنطق القديم فيقول :(( وقد لخص هيجل هذا المنطق بقوله : ان كل شيئ يحتوي على نقيضه في صميم تكوينه وانه لايمكن ان يوجد الا حيث يوجد نقيضه معه : مهزلة العقل البشري / بلا طبعة ص 26 )) .
ثم يضيف الوردي قائلا : (( عيب الطوبائيين انهم لايؤمنون بالحركة والتطور ، فالحركة في نظرهم امر طارئ والسكون هو الاصل في الكون / نفس المصدر / ص 26 )) .
والحقيقة ليس هنا موضع مناقشة المرحوم علي الوردي (( سنناقشه في المحور الثاني / القصور المعرفي الفلسفي للمرحوم الوردي )) وفهمه الشخصي لفكرة ((الديالكتيك)) الهيجلي :
وهل هو فعلا يدرك فلسفيا ويشخص ذهنيا مفهوم ومعنى الديالكتيك ؟.
ام انه كعادته يفهم القضايا الفكرية الفلسفية المعقدة بعقلية عامية ساذجة ؟.
وكذا هل اطلع المرحوم الوردي على تاريخ هذه الفكرة (( الديالكتيك )) لهيجل ؟ .
ولماذا اعتمدها في نظريته المعرفية ؟.
وما الذي اراد ان يتخلص منه هيجل في ثنائية الواقع والذهن البشري ليصنع لنا نظرية معرفة جديدة ؟.
ام ان المرحوم الوردي فقط قرأ الفكرة بلا توسع ولاادراك لتاريخها ولا لملابساتها الفكرية ، فقرر هو من نفسه وبلا مناقشة للفكرة ولا استدلال عليها انها القانون الاوحد للحياة ، وكل من لايؤمن بالديالكتيك فهو طوبائي وصاحب برج عاجي والى ما هنالك ؟.....الخ
لا ليس هنا المناقشة والبحث مع المرحوم الوردي في هذه المحاور الفلسفية ولكن يكفي هنا ان نشير الى ان المرحوم الوردي وباعتبار انه لافيلسوفا متخصصا بقضايا الفلسفة الانسانية ، ولا هو عالما للاجتماع متخصصا بمفاهيم ومبادئ ومصطلحات هذا العلم وافكاره ومن هنا عندما يتحدث عن ((الديالكتيك / او فكرة الصراع في الفكر الهيجلي)) ينتقل ذهنه وتلقائيا للحديث عن (( الحركة ، والتطور ، والسكون)) ، ليتهم الطوبائيين ((ويقصد بهم في هذه الفقرة المنتمين للفلسفة الارسطية والعربية الاسلامية المتمنطقة بالمنطق الارسطي )) على اساس انهم اناس يؤمنون بالسكون ويناهضون الحركة والتطور !!.
ولا اعلم فعلا كيف فهم المرحوم الوردي فكرة (الديالكتيك) على انها فقط تعني ( الحركة والتطور ) مع ان (( للحركة وللتطور )) مفاهيم فلسفية كثيرة ومتنوعة و((الديالكتيك)) صورة من صور الحركة في الفكر الفلسفي اعتمدت على مفهوم (( الصراع الداخلي للوحدة القائمة )) ، وعلى هذا الاساس فان فكرة او نظرية (( الحركة الجوهرية )) لصدر المتألهين في الفكر الفلسفي العربي والاسلامي المنتمي للمدرسة والمنطق الارسطي هي فكرة في تفاصيلها الدقيقة صاحبت الايمان والكعب الاعلى بمفهوم (( الحركة )) الذاتية لكنها حركة ((تكاملية)) وليس ((تناقضية)) كما يطرحها (هيجل) ومن بعده ((ماركس)) وغيرهم وهذه الاختلافات في مفهوم (الحركة) هو الاثراء للفكر الفلسفي الذي يناقش المفاهيم والمصطلحات بدقة وتخصص وشمولية وليس كما يناقشها الطارئون على الفكر الفلسفي ومفاهيمه بسذاجة وعامية وخبط عشواء بلا دقة ولا ادراك ولاتمييز !!.
والان من هم الطوبائيون الذي يتحدث عنهم المرحوم الوردي على اساس انهم اصحاب نظرية السكون والجمود ؟.
هل هم الفلاسفة الذين تحدثوا منذ ارسطو الى الفيلسوف صدرالمتألهين في نظرية (الحركة الجوهرية) الى باقر الصدر معاصر المرحوم الوردي ، والذي طرح كتاب (( فلسفتنا )) في نهاية خمسينات القرن المنصرم ، ليناقش فيه هزالة فكرة (( الصراع والديالكتيك )) ويفندها علميا وفلسفيا ؟.
أم ان الطوبائي هو علي الوردي الذي يعيش في عالم اخر من الافكار التي لاتمت بالصلة لا للعلم الفلسفي ومفاهيمه ولا الى اي علم نافع ومفيد ؟.
على اي حال لايكفي ان ندرك خبط المرحوم الوردي في المفاهيم الفلسفية وعشوائيته الفكرية بادراك الابعاد الحقيقية الواسعة لهذه المفاهيم فقط بل ينبغي ((وهو الاهم الان)) ان ندرك ماذا تعني فكرة ( الصراع الهيجلي ) من خطروتدمير لهيئة المجتمع من جهة وماذا تعنيه من بعد ونقائضية لفكر العلم الاجتماعي الحديث ، لنفهم من ثم ماهية المدرسة الاجتماعية الوردية التي حاول المرحوم علي الوردي التأسيس لها داخل المجتمعية العراقية الحديثة !! .
وهذا ما سنتناوله في القسم القادم انشاء الله .
______________________________________
alshakerr@yahoo,com
مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/
 

الاثنين، ديسمبر 24، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثالث عشر

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثالث عشر
حميد الشاكر
(( القصور المعرفي الاجتماعي والفلسفي لعلي الوردي ))
2
***********************
ثالثا : يبدو ان المرحوم علي الوردي كان يرى او ينظر لمشروع علم الاجتماع برمته و((صفة عالم الاجتماع)) بالتحديد على اساس انه : (( كل من تناول هيئة وتركيبة وحركة وظواهر المجتمع بالتحليل والدرس فانه اصبح عالما من علماء الاجتماع ويمكن له في قاموس العلم الاجتماعي ان يقيّم هذا الوجود الاجتماعي وينتقد من هيئته ويصدر الاحكام القطعية بحقه ، ولهذا رأينا علي الوردي وتقريبا في معظم طرحه الفكري والثقافي يميل الى تسمية كل من كتب حول الهيئة الاجتماعية على اساس انه علمٌ من علماء المجتمع بل وراينا المرحوم علي الوردي يقتبس كل شاردة وواردة ممن يتحدثون عن المجتمع على اساس انها داخلة وممثلة للعلم الاجتماعي الحديث والقديم وكل هذا نصادفه مطروحا بكثافة في مدونات ومؤلفات وكتب علي الوردي وهي تتحدث عن كتّاب تاريخ يتحدثون ويحللون هيئة المجتمع وعلماء نفس او اقتصاد او فلسفة ..... او حتى علماء طبيعة وخصوصا منهم الغربيون وهم يطرحون رؤاهم الفكرية حول هيئة الاجتماع ووجوده ، وينقل عنهم الوردي ارائهم باعتبارهم علماء ومتخصصون في الهيئة الاجتماعية وهم الممثلون الحقيقيون لهذا العلم الاجتماعي الحديث )).
بمعنى آخر : كان علي الوردي معتقدا حسب ما نقرأه ونستوحيه مما كتبه فعلا : (( ان مفكر علم الاجتماع او عالم هذا العلم ماهو الا كاتبا يتناول هيئة المجتمع بالرصد والتحليل سواء كان هذا المفكر منتميا ومتخصصا بالمناهج واساليب تفكير العلم الاجتماعي الحديث ، او انه مؤدلجا سياسيا او مجرد صاحب راي في هيئة المجتمع وجودا وحركة وظواهرا ومتغيرا .... وما العلم الاجتماعي (( الحديث)) الا كمية متراكمة من التحليلات الفكرية حول المجتمع سواء كانت هذه التحليلات نابعة ومنطلقة من ((متخصص في علم الاجتماع )) ، وصاحب منهج ومنطلقات في هذا العلم ، او انطلقت من عالم نفس او مؤرخ او كاتب فلسفة .... يجتهد شخصيا في فهم المجتمع وقيامته ووجوده ونشأة ظواهره وتغيراته وسكونه )) !!.
ومثال حي على ذالك من مؤلفات المرحوم الوردي ( مثلا ) ما يطرحه كفكر اصيل ، وقواعد ومنطلقات متينة في فهم المجتمع وتراكيبه وهيئته عن (( وليم جيمس )) وهو المعروف للمفكرين من هو ، فهو المنظر الاصيل للراسمالية الصناعية الحديثة والمؤدلج سياسيا حتى ذقنيه في الدفاع عن طبقة اصحاب الراسمال الغربي الحديث وهو مَن وظف جلّ حياته لصياغة فلسفة براجماتية نفعية مادية خادمة لاغراض الراسمال العالمي الصناعي الحديث (في استهلاك السلع المصنعة راسماليا ) من خلال طرحه لرؤى نفعية في علم النفس .. ومع ذالك يتكئ على ارائه وتصوراته ونظرياته بعمق المرحوم علي الوردي في كتاباته وتحليلاته ، بل ويرى المرحوم الوردي ان (وليم جيمس) عالم من علماء الاجتماع البارزين في العصر الحديث وفكره النفعي هو القواعد او الموازين التي تحكم ماهو حق وصحيح ونافع في اخلاقيات المجتمع وتصوراته ودوافعه ولهذا وجدنا المرحوم الوردي يستنسخ بحرفية ويؤمن بحرارة بكل ما طرحه ((جيمس)) حول المجتمع (( وما ينبغي ان يكون عليه )) من قبيل :
((رؤية)) جيمس النفعية المعروفة في الاخلاق الانسانية والتي تذهب الى انه : ((ليس هناك ما يسمى بالحق والباطل المطلق او الخير والشرّ او الصلاح والرذيلة ... في مجال الفكر اولا وفي الاخلاق الاجتماعية ثانيا ولاينبغي في الفكر الانساني الجديد ان نضع الموازين الاخلاقية للافعال الانسانية الفردية والاجتماعية قبل ان نضع معيارا لهذه الافعال على نفعها وجلبها للسعادة واللذة للانسان ، او المها وما تسببه من الم وتعاسة مادية للبشر فالمعيار الواقعي لكل فكر وخلق انساني هو نفعيته للانسان وليس تعبيره عن المفاهيم الاخلاقية المعنوية او الروحية الفارغة من اي منفعة ولذة )) !!.
وطبعا يقصد (( جيم )) من النفعية واللذة والسعادة ... فيما تجلبه هذه الافعال الاخلاقية للانسان وللمجتمع هي السعادة واللذة والمنفعة المادية الاستهلاكية التي تشبع رغبات الانسان الحيوانية المادية بالاساس ، وبالعرض الرغبات المعنوية والروحية فيما بعد لاغير !!.
نفس هذه المضامين الفكرية مع الاسف يعتبرها المرحوم علي الوردي المعبر الاصيل عن مفاهيم العلم الاجتماعي الحديث بل وتقريبا هذه الافكار الفلسفية النفعية ل((جيمس )) هي المتحكمة في المنطلقات الفكرية التي اسماها علي الوردي بالاجتماعية
وعلى هذا الاساس انتقد الوردي الافكار و(الاخلاقيات الاجتماعية العراقية)التي تتكئ على المعنوية والروحية اكثر من انطلاقها من النظرة المادية النفعية التي يسميها الوردي ب(( الواقعية )) احيانا وب(( العملية )) احيانا اخرى !!.
ففي المجال الفكري والعقدي للمجتمع يقول المرحوم علي الوردي : (( لايكفي في الفكرة ان تكون صحيحة بحد ذاتها الاحرى بها ان تكون عملية ممكنة التطبيق وكثيرا ما تكون الافكار التي ياتي بها الطوبائيون من اصحاب البرج العاجي رائعة ولكنها في الوقت ذاته عقيمة تضر الناس اكثر مماتنفعهم / انظر مهزلة العقل البشري / المقدمة / ص 13 )).
وفي موضع اخر يصرح ببراجماتية جيمسية صريحة بالقول : (اننا يجب ان ندرس العقائد دراسة موضوعية في ضوء منطق جديد ، فالعقائد هي ظواهر اجتماعية قبل ان تكون افكارا مجردة ، والناس يتمسكون باحد العقائد او يغالون فيها من جراء ما يحيط بهم من ظروف اجتماعية ونفسية معينة / نفس المصدر / ص 67 )!!.
اما في جانب رؤية الوردي لطبيعة المجتمع وما ينبغي ان يدرس على اساسه من منطلقات فهو كبير الايمان بفكرة (( جيمس )) التي ترى حتمية وجود الصراع والشر داخل تركيبة الاجتماع باعتبار ان طبيعته الفطرية لايمكن لها ان تتحرك وتتطور الا بوجود قاتل ومقتول وناهب ومنهوب وسارق ومسروق وصارع ومصروع ....وحتى ان وجد التعاون والهدوء والوفاق داخل المجتمع فان ((حتمية الطبيعة البشرية )) ستنفر من هذا التعاون والاخاء والوفاق والانسجام والمحبة بسبب عدم توافق هذه المفاهيم مع الجبلة والطبيعة البشرية المتوحشة !!.
فيقول المرحوم علي الوردي ناقلا عن جيمس :(( يقول وليم جيمس بعد ان عاش (( بين جماعة من الناس متآخين متحابين منسجمين متكاتفين ...)) بضعة ايام : اصبحت اشتهي ان اسمع طلقة مسدس او المح لمعان خنجر او انظر الى وجه شيطان . ، وعندما خرج وليم جيمس من هذا المجتمع الطوبائي قال انا سعيد حين اخرج الى عالم فيه شيئ من الشر / مهزلة العقل البشري / الفصل السابع / التنازع والتعاون / ص 119 ))
والحقيقة ان ما يلفت نظرعالم الاجتماع المختص في كلام الوردي هذا هوال(ما يجب) التي ينطلق منها المرحوم علي الوردي دائما في اطاريحه وتصوراته ف((ما يجب )) ايدلوجي سياسي وليس هو علمي اجتماعي في قراءة الظاهرة الاجتماعية وفهم
وجودها او منطلقاتها او جذورها النفسية والاجتماعية ولكن مع ذالك نرى علي الوردي ينطلق بشعور وادراك او بغير شعور وادراك (لااعلم) ولكنه دائما في تصوراته ومؤلفاته يؤكد على ما يجب ان يكون عليه المجتمع في فكره وتصوراته واخلاقياته وسلوكه وتوجهاته وغير ذالك وهذا ان دلّ على شيئ فانه يدل على ان الوردي لم يدرك اول اساس من اسس العلوم الحديثة وبما فيها علم الاجتماع الحديث وهو(الحيادية ) في قراءة الظاهرة سواء كانت طبيعية او انسانية لاكتشاف اسرارها وقوانينها كما تطرحه هي نفسها وليس فرض قانون عليها مسبقا كما يحلو دائما للوردي في فكرة ((ما يجب ويجب )) !!.
نعم (( يجب )) ان يدرس في علم الاجتماع الجانب والمحيط المادي والبيئي والاجتماعي للانسان لندرك ماهية افكاره وعقائده وتوجهاته النفسية والعقدية ، ومنشأ هذه العقائد ، والمؤثرات القائمة بينها وبين المحيط الاجتماعي الذي حولها ، لكن لاعلى اساس ((يجب)) ان تكون النتيجة النظر للانسان وعقائده وفكره على انه منتج مادي لاغير بل نترك الحكم بهذا الصدد لنفس الظاهرة الاجتماعية ، لتعبر عن نفسها هي ، ولا نلبسها نحن ثوبا ايدلوجيا ، او فلسفيا معينا ، فاذا رصد عالم الاجتماع خلقا اجتماعيا او فكرة وعقيدة جماعية تضحي بالمادي النفعي (مثلا) من اجل النفعي والمكتسب الاخلاقي المعنوي والروحي ، هنا علينا دراسة هذه الفكرة والعقيدة ، او الخلق كما تعبر هي عن ذاتها وتتحدث عن نفسها ، ولا علاقة لعالم الاجتماع بنقد هذه الظاهرة او المطالبة بتعديلها او الغائها من الوجود او اصلاحها او فرض رؤية ايدلوجية عليها لتقييمها ....... فكل هذا عمل الايدلوجي والاصلاحي وحتى الديني اكثر منه عمل العالم الاجتماعي الذي يحاول دراسة المجتمع ((على ماهو عليه )) ليعطي ((المقدمات الاولية )) لباقي التوجهات الاخرى العلمية والايدلوجية والفلسفية والعقدية الدينية لتشتغل على المطالبة باصلاحه وتغييره ان امكن ، وهذا هو الفرق او المفصل الذي اكد عليه (( اوجست كونت )) و(( دوركايم )) في علم الاجتماع الحديث والانطلاق به الى صورة (( العلم )) الوضعي المنفصل عن الايدلوجي والفلسفي والديني ... وباقي التوجهات التي تنطلق من كليات (( استنباطية )) مسبقة في الاحكام ، لتنزلها على الجزئيات في المجتمع ، بينما يكون عمل ( العلم ) استقرائيا يحاول الصعود من دراسة الجزئيات والظواهر الاجتماعية كما هي ووصفها واكتشاف قوانينها الداخلية وكيف تعمل ولماذا هي تعمل بهذه الطريقة فقط!!.
والغريب ان علي الوردي نفسه (وهذا ايضامن تناقضات الوردي الفكرية)قد انتقد بشكل مكثف رهيب (المنطق الارسطاطاليسي الاستنباطي / سنتناول نقد الوردي للفلسفة لاحقا ونبين القصور المعرفي للوردي في الجانب الفلسفي اكثرمن قصوره المعرفي في الجانب الاجتماعي)صاحب المقدمات الكلية ودعى الى انتهاج الاستقراء العلمي للوصول الى نتائج عملية في كل الدراسات الانسانية ومنها الاجتماعية ايضاولكن نفس هذا الوردي هو اول من يمارس قلب المنطق ليحاكم العلمي بالايدلوجي المسيس وصاحب الرؤى المسبقة على دراسة اي ظاهرة اجتماعية !!.
وعلى العموم كان مقصودنا هو ضرب المثال الواضح ، الذي كان يدفع بالمرحوم علي الوردي في رؤيته لعلم الاجتماع وعلى اي اساس كان الوردي ينظر للعلم الاجتماعي وعلماءه البارزين ويبدو ومن خلال طرح الوري الفكري : ان علي الوردي كان بالفعل ((غير مدركا )) الفصل بين ما يطرحه اصحاب الاراء الفكرية ، والايدلوجية المتنوعة السياسية والفلسفية والتاريخية والدينية حول المجتمع وظواهره ، وبين تحول الفكر الاجتماعي نفسه منذ (( اوجست كونت )) الى علم مستقل ومختص وله علمائه ومتخصصوه ومصطلحاته ومناهجه ومنطلقاته ..... الخ المختلفة عن باقي الافكار والمدارس والعلوم الاخرى النفسية والفلسفية والتاريخية وغير ذالك !!.
والعجيب ان علي الوردي وللقارئ ان يطلع على كل مؤلفات المرحوم علي الوردي ومصادرها ومراجعها الفكرية ( كما المحنا اليه في الاقسام السابقة من هذه البحوث ) لم يترك مؤدلجا سياسيا او فلسفيا او دينيا ... لم يتكئ عليه في منطلقاته الفكرية لدراسة المجتمع وتحليله باستثناء علماء الاجتماع الحقيقيون ومؤسسوا هذا العلم فلم نجد لهم ذكرا ابدا لافي مراجع ومصادر علي الوردي التاليفية ولا في كل منطلقات علي الوردي الفكرية ، ففي فكرة (الصراع الاجتماعي) مثلا كان (هيجل) الفيلسوف الالماني هو ممول علي الوردي الفكري في مفهوم او قانون (وجود او ايجاد الصراع داخل المجتمع) مع ان (هيجل ) فيلسوفا ولم يكن متخصصا في علم الاجتماع ، او دارسا اساسيا لمنظومته القائمة ، وكذالك مع ان فكرة الصراع فكرة مناقضة تماما لفكرة (( التعاون )) التي كان يؤمن (( اوجست كونت )) مؤسس علم الاجتماع الحديث بانها :(( اول قاعدة ينبغي على عالم الاجتماع الانطلاق منها لدراسة وفهم المجتمع وقواعده وقوانينه المتنوعة بل ان التعاون عند كونت هو اول ثابت غير متغير في تركيبة الاجتماع وقواعده التي منها المتغير ومنها الثابت )) لكن مع ذالك وجدنا علي الوردي يؤمن ب(( بقانون الصراع )) الايدلوجي الفلسفي الهيجلي ، ويعتبره اول قانون يحكم حياة المجتمع الانساني ككل ، ويتهجم ويستهزء ويترك (( قانون التعاون )) الذي اكد عليه ((كونت ودوركايم وغيرهم )) على اساس انه المنطلق الفكري للعلم ولعالم الاجتماع الحديث !!.
فهل كان المرحوم علي الوردي يقدم لنا ( ثقافيا عراقيا )على اساس انه مؤسس علم الاجتماع العراقي الحديث وتابعا لمدرسة علم الاجتماع الكونتية الفرنسية الحديثة ؟.
ام ان الوردي هذا كان يطرح هو نفسه على اساس فلسفي ، وايدلوجي هيجلي ومن ثم مادي ماركسي واحيانا نفعي راسمالي فردي كما رايناه مع جيمس وغيره ؟.
الحقيقة اننا امام فكر المرحوم علي الوردي اشبه مانكون في مهزلة عراقية حقيقية مضحكة ومبكية في نفس الوقت بل نحن امام المرحوم علي الوردي وفكره ، الذي طرحه تحت مسمى العلم الاجتماعي الحديث امام كذبة (( لوثت )) كل الثقافة والفكر العراقي الحديث من جهة ، ودمرت كل مفاهيم العلم الاجتماعي الحديث من جانب اخر !!.
نعم انهامشكلة كبرى بالنسبة للثقافة العراقية الحديثة ان يفهم ويعي ويدرك ...المثقف العراقي ومن ثم جيل الشباب القارئ الجديد ماهية علم الاجتماع الحديث مما طرحه او اعتقده المرحوم علي الوردي حول علم الاجتماع !!.
فعلي الوردي طرح كل شيئ باسم علم الاجتماع طرح تفلسفا باسم علم الاجتماع وطرح ايدلوجي باسم العلم الاجتماعي وطرح ماركسيا ماديا باسم علم الاجتماع ، وطرح نفعيا فرديا باسم علم الاجتماع ، وطرح تاريخيا ....... الخ لكنه لم يطرح مطلقا (علم الاجتماع) نفسه بحقيقته وماهيته ومدرسته ومصطلحاته كعلم مستقل وله مناهج ومنطلقات وقادة ومختصون يدركون ماهية الفصل بين علم الاجتماع وباقي العلوم الانسانية الاخرى !!.
_________________
alshakerr@yahoo,com
مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/
 
 
 

الخميس، ديسمبر 20، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثاني عشر

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثاني عشر
حميد الشاكر
(( القصور المعرفي الاجتماعي والفلسفي لعلي الوردي ))
***********************
لايمكن حسب ما وضعناه في القسم الحادي عشر من قواعد ومنطلقات لمفهوم (الابداع ) في مراحله الثلاثة (الاحاطة ، البحث ،الاضافة النوعية) ومن ثم التأسيس ان نعتبر ان فكر وطرح وتصورات المرحوم علي الوردي يمكن وصفها او قبول انتمائها لدائرة ( الابداع ) الفكري او العلمي في جانبي الفكر والعلم ((الاجتماعي)) من جانب ، والفكر والعلم ((الفلسفي)) من جانب آخر باعتبار ان المرحوم الوردي تناول هذين الجانبين الفكريين بكثافة في طرحه وتآليفه المتنوعة ، وطبعا ذالك لالشيئ معقد سوى ان ما طرحه المرحوم الوردي في المجال والجانب الاجتماعي ، وكذا في المجال والجانب الفلسفي على وجه الخصوص في كتاباته ومؤلفاته((يفتقر)) في الحقيقة تقريبا لجميع مراحل وقواعد ومبادئ الابداع والتأسيس الفكرية والعلمية الاجتماعية والفلسفية !!.
بمعنى اخر : انه اذا تساءلنا جميعا عن ما تناوله المرحوم الوردي حول علم الاجتماع كعلم قائم ومستقلّ بذاته ؟ ، وتساءلنا حول الاطاريح التي طرحها فعليا المرحوم علي الوردي من خلال مؤلفاته والتي لها صلة علمية وفكرية بعلم الاجتماع كخطوة اولى فهل سنجد احاطة فكريا علمية نسبية للمرحوم علي الوردي للعلم الاجتماعي الحديث بصورة موسعة ومتخصصة تناولت
اولا : تاريخ نشأة علم الاجتماع .
ثانيا : ماهية العوامل والاسباب البشرية الغربية بالخصوص التي تسببت بولادة هذا العلم .
ثالثا : ماهو علم الاجتماع تعريفا ، ومواضيع ومناهج ومحاور عمل .... العلم الاجتماعي هذا .
رابعا : قادة ومفكري ومدارس علم الاجتماع الحديث ومادار حولهم من بحوث وحوارات واختلافات وجهات النظر حول العلم الاجتماعي .
خامسا : ......الخ .
بمؤلف مستقل للمرحوم علي الوردي يناقش فيه من جانب معظم ما طرح حول علم الاجتماع الحديث من جهة ، ويظهر لنا نحن قراءه وناقدوه والمفكرون داخل طرحه الفكري ونصه الثقافي ابداع وتأسيس واحاطة .... المرحوم علي الوردي ومدى استيعابه واجتهاده الفكري (الشخصي) داخل هذا العلم الاجتماعي من جانب اخر لندرك اجتياز المرحوم الوردي للخطوة الاولى الضرورية التي تؤهله للعبورالى مرحلة الابداع والتأسيس النوعي لهذا العلم الحديث وليصبح من ثم مؤسسا للعلم الاجتماعي العراقي الحديث ؟.
أم اننا وبعد قراءة وبحث جميع منتوج علي الوردي الفكري حول علم الاجتماع بالتحديد لا نكاد نرى المرحوم علي الوردي الا باعتباره عابر سبيل على العلم الاجتماعي الحديث او رجل صاحب ثقافة عامة وبسيطة وغير متخصصة حول علم الاجتماع ؟.
وهكذا اذا اردنا ان نتساءل جميعا حول (المحور الثاني) لتناولات المرحوم علي الوردي الفكرية في الجانب الاخر من المعادلة الفكرية الوردية ، والتي اخذت حيزا كبيرا من فكر ، وطرح المرحوم علي الوردي ، اقصد (محور الفلسفة العربية والاسلامية والارسطية ونقدها ) فهل سنصادف عليا ورديا تشّرب فكره وعلمه حتى الامتلاء من الفلسفة وتاريخها ومصطلحاتها المعقده ومجال عملها .....الخ ، ولهذا وجدنا ان من حق علي الوردي الطبيعي والفكري والثقافي ان يستهزء بكل المشروع الفلسفي ويصفه باقذع وابشع الالفاظ والتصورات ، ليظهر علي الوردي اخيرا ومن على منصات اقلام والسنة محازبيه وانصاره على اساس انه المبدع الذي حطم اركان الفلسفة الارسطية والعربية والاسلامية من خلال فكر وعلم ومنطق خلاق ومبدع وعميق وجدير بالاهتمام ؟.
أم اننا سنصادف انسانا لم يدرك من مفردات وتاريخ ومصطلحات وافكار ومشاريع ... الفلسفة الارسطية والعربية الاسلامية الا القشور تماما ، ولم يناقش سوى مفردات بسيطة جدا يمكن لاي نصف متعلم من طرحها ، ومناقشتها بدون اي جهد فكري ولا تعمق علمي سوى الاعتماد على رؤى فلاسفة ومفكرين غربيين بالتحديد نقدو هذه الافكارفنسج المرحوم علي الوردي على منوالهم وخطاهم لا اكثر ولا اقلّ ؟.
(( المحور الاول : علم الاجتماع ))
لم يذكر المرحوم علي الوردي (علم الاجتماع كعلم قائم بنفسه) بمؤلف مستقل واحد يناقش ما ذكرناه انفا من محاور تاريخية ومنهجية وفكرية... حول علم الاجتماع ، ومن ثمّ ليبين لنا فيها المرحوم الوردي ماهية رؤيته حول مشروع العلم الاجتماعي الحديث ، وماهو الجديد النوعي الذي يمكن ان يضيفه هو شخصيا كمؤسس للعلم الاجتماعي العراقي العربي الاسلامي الحديث ...ومع ان لعلي الوردي اكثر من عشر مؤلفات متنوعة اعتمدت في معظمها على (( اسم العلم الاجتماعي )) في التحليل وفي المنطلقات كما كان يدعيه الوردي نفسه ، الا انه ومع ذالك لم نقرأ ابدا كتابا او مؤلفا او حتى بحثا يتناول فيه المرحوم علي الوردي العلم الاجتماعي الحديث بصورة مستقلة وعلمية ومتخصصة في هذا المجال لاغير !!.
لماذا لم يكتب مؤسس علم الاجتماع العراقي الحديث كما يحب ان يطلق عليه محازبيه وانصاره من لقب اي مؤلف يتناول العلم الاجتماعي الحديث كعلم مستقل وقائم بذاته وحديث وهو بحاجة فعلا الى تعميق التنظير والكتابة حوله ؟.
هذا سؤال على من يسمي المرحوم علي الوردي ب ((المؤسس لعلم الاجتماع العراقي الحديث)) ان يجيب عليه بعلمية ومنطق فكري متزن ومقبول !!.
نعم في كتاب (( منطق ابن خلدون )) تعرض المرحوم الوردي لموضوع (( اباء علم الاجتماع الحديث )) بسطرين في قوله :(( مما يلفت النظر ان اباء علم الاجتماع ، وهم كونت الفرنسي وسبنسر الانكليزي ووارد الامريكي ، اهتموا بتقسيم دراساتهم الاجتماعية الى جانبين ، حركي وسكوني / منطق ابن خلدون ط الثانية / دار كوفان لندن / ص 75 )) .
وهكذا في موضع اخر من المؤلف ذاته طرح المرحوم علي الوردي اشكالية (( من هو المؤسس للعلم الاجتماعي )) وهل هو (( كونت )) ام انه (( ابن خلدون )) / انظر ص 234 من نفس المصدر .
ثم جرت مناقشة بسيطة الى موضوع تاثر (كونت) باراء (ابن خلدون) الاجتماعية ام لا ؟.
وهكذا اهمية ( اوجست كونت ) وما طرحه فلسفيا من المراحل الثلاث ( المرحلة الدينية والميتافيزيقية والوضعية ) في فلسفة ( كونت الوضعية ) واستمر البحث ليتناول اختلاف منهجية (اوجست كونت) عن منهجية ( ابن خلدون ) الاجتماعية والغريب ان المرحوم علي الوردي اكتفى فقط بالقول :((ان هناك اختلاف في منهجية الرجلين الفكرية في تناول العلم الاجتماعي)) لكنه لم يذكر لنا : ماهية هذا الاختلاف ؟ ، وكيف كان ؟ وعلى اي اسس فكرية اختلف منهجا (ابن خلدون ) من جهة و(( اوجست كونت )) من جانب اخر ؟.
ثم ينتهي بحث المرحوم علي الوردي اليتيم لتاريخ علم الاجتماع بتعليلين لاسباب وعوامل ولادة (( العلم الاجتماعي الحديث )) :
الاول : ينسبه المرحوم علي الوردي ل (( فلويد هوز )) ، ومضمونه : ان المجتمع البشري كان حتى عهد قريب راكدا لايتغير تغيرا كبيرا يجلب الانتباه ، وكانت التقاليد والاعراف مسيطرة تماما على الافراد ، ومانعة لهم من التفكير بتغير هيئة المجتمع وبعد ان تغير المجتمع بصورة كبيرة في العصر الحديث فكر الانسان بالتغير الاجتماعي فصنع علما لهذا التغير اسماه (( علم الاجتماع )) سيسولوجي !!.
الثاني : ايضا ينسبه علي الوردي ل(دون مارتنديل ) في كتابه (طبيعة المجتمع) ، ومضمونه : ان تراكم الافكار وتلاقحها هو الذي انتج الحاجة لعلم يسمى بعلم الاجتماع / نفس المصدر / ص 238 الى 241.
والملفت للنظر في كل ما طرحه علي الوردي حول (( اوجست كونت)) و((ابن خلدون)) وتعليل الاسباب والعوامل التي انتهت بولادة علم الاجتماع الاوربي ان المرحوم الوردي كان ناقلا لكل هذه المفردات والتعليلات عن غيره من كتاب وعلماء تحدثوا عن (علم الاجتماع ) تاريخا وتعليلا ، وكأنه في موضوع علم الاجتماع مجرد ناقلا ((ببغائيا)) يقلد ما طرحه الاخرون في هذا المجال بدون ان يكون له اي رأي مستقل في معمعة العلم الاجتماعي الحديث او يكون له على الاقل اطلاع مباشرعلى ما كتبه اوجست كونت نفسه والمترجم الى الانجليزية بطبيعة الحال (لاسيما ان علي الوردي رجل ضليع باللغة الانجليزية كاتبا وقارئا حسب ما ينقل عنه ) ليقارن باجتهاده الشخصي هو ، بين ماطرحه كونت وما طرحه ابن خلدون او على الاقل يكون له راي مستقل في موضوع علم الاجتماع نشأة وتاسيسا ومواضيع ومناهج بعيدا عن ( هوز ) الذي لااعلم شخصيا ولا الانسكلوبيديا ايضا تعلم من هذا ال (هوز) الذي ينقل عنه الوردي هذه التعاليل الساذجة لنشأة علم الاجتماع الحديث ويتبعه الوردي مجرورا او مبهورا باذنيه لكل ما يطرحه الغربيون من سطحيات في العلم الاجتماعي بالتحديد !!.
نعود ونسأل : ما الذي دفع مؤسسنا العراقي للعلم الاجتماعي الحديث ان يكون ببغائيا مقلدا في الشأن العلمي الاجتماعي ، مع انه كان يطمح بلقب المؤسسية لهذا العلم الحديث في العراق الحديث ؟.
ولماذا وباعتبارانه متخصص بالعلم الاجتماعي كمايطرحه هونفسه لم يطلع المرحوم علي الوردي نفسه على العلم الاجتماعي ومن مصادره الاساسية ليطرح لنا رؤيته واجتهاده بالعلم الذي يتحدث باسمه ليل نهار ، وفي جميع مؤلفاته وكتبه ؟.
والغريب العجيب انه ، وباعتبار ان علي الوردي كان عابر سبيل على علم الاجتماع ((من وجهة نظرنا الشخصية)) ومعتمدا بالكلية عن ما ينقله الاخرون له من معلومات ثقافية عامة عن موضوع علم الاجتماع فانه وقع في متاهات ومطبات ومزالق لاينبغي لنصف متعلم ان يقع فيها في موضوع العلم الاجتماعي الحديث ، فضلا عن من سُلم كرسي الاستاذية في كلية الاداب العراقية انذاك لادارة قسم الاجتماع فيها من قبيل :
اولا : لو كان المرحوم علي الوردي مطلعا اطلاعا علميا مستقلا تاما على حياة ونشأة ومحيط الفيلسوف الفرنسي (( اوجست كونت))الاجتماعي ودارسا لماهية التغيرات التي طرأت على المجتمع الاوربي الذي عاش في كنفه (كونت) مباشرة من التاريخ الاوربي نفسه لادرك ان سبب نشأة ، وولادة العلم الاجتماعي في اوربا ، كان هو ولادة (( الماكنة الصناعية )) في اوربا وما احدثته هذه النقلة الانسانية الصناعية من اختلالات في منظومة المجتمع الاوربي لاحظها اوجست كونت بدقة ولاحظها تلميذه ((دوركهايم))الفرنسي المولد ايضا والذي يبدو ان المرحوم الوردي لايعلم انه الاب الثاني للعلم الاجتماعي الحديث بعد (كونت ) ولهذا تحدث (كونت ودوركايم) عن اشكالية (تقسيم العمل) في العصر ما بعد الصناعي ، قبل ان يتحدث عنها سارق الافكار ومشوهها (( كارل ماركس )) وغيره !!.
فلا الافكار والتقاليد الاجتماعية ،ولا التراكمات الفكرية هي التي انتجت هذا العلم الاجتماعي الحديث كما نقله الوردي عن هوز وومارتنديل ،ولكن وبما ان الوردي ليس له اي صلة علمية حقيقية بواقع وتاريخ ونشأة العلم الاجتماعي فاضطر للاتكاء على النقل عن غيره في نشأة وولادة واسباب وعلل.. علم الاجتماع ومن ثم مناقشة هذا الغير بفكره البعيد عن واقع علم الاجتماع ومؤسسه اوجست كونت ،ليوظف علي الوردي كعادته مسمى علم الاجتماع ونشأته لضرب تقاليد ومعتقدات واعراف المجتمع القائمة واعتبارها انها الاساس او القيد الذي يكبل المجتمع من التغيير والتقدم والتطور ....الخ !!.
ثانيا : الحقيقة انا استغرب ممن يدعي الاختصاص والتاسيس للعلم الاجتماعي العراقي الحديث ، كيف ينقل اراء تقليدية حول علم الاجتماع ومؤسسيته الفعلية بين (كونت ) من جهة وبين (ابن خلدون ) من جانب اخر ولم تكن له رؤية علمية لاختلاف مشروع علم الاجتماع الحديث الذي اسسه ( كونت ) وبين المشروع التاريخي الحضاري ل (ابن خلدون ) ؟!!.
نعم قيل بتأسيسية ابن خلدون لمشروع (علم اجتماع ) عربي سبق مشروع (كونت ) الاجتماعي الاوربي ،لكن هذا لايعني اننا وكمطلعين على بعض تفاصيل العلم الاجتماعي الحديث ان نخلط حابلا بنابل لنلبس مشروع ابن خلدون ((التاريخي الحضاري )) بمشروع (( اوجست كونت )) الاجتماعي العلمي الحديث !!.
فهناك فرق منهجي شاسع بين الطرح الخلدوني التاريخي الذي ناقش فيه ((سنن التاريخ / حسب الرؤية القرانية)) وانعكاسها على المتغير الاجتماعي من راس الهرم ((الدولة في ولادتها الى موتها )) حتى اسفله في (( تغير العوائد والطبائع الاجتماعية )) بما هو قائم من صراع بين ((البداوة والحضارة )) العربية الاسلامية بالتحديد ، وبين مشروع علم الاجتماع الكونتي الذي يناقش فيه (( ظواهر المجتمع كمتغير تابع لما يطرأ عليها من تقلبات وتطورات فكرية وصناعية او اقتصادية او سياسية او حتى تاريخية )) !!.
في المشروع الاول يمكننا ان نقول ان الدراسة تتناول (القشرة الظاهرية ) للمجتمع في سياقه التاريخي ، ومثل هذه الدراسات يمكن تسميتها بالدراسات التاريخية الحضارية التي نسج على منوالها ((ول ديورانت في قصة الحضارة )) و (( وتوينبي في دراسة للتاريخ )) ، ولا سيما ان المطلع على (( ديورانت في قصة الحضارة )) سيرى التوافق الكبير بينه وبين ماطرلحه (( ابن خلدون في مقدمته )) من منهجية ورؤية في كيفية نشأة الحضارة وسقوطها !!.
بينما في المشروع الثاني يحاول دراسة القوانين المتغيرة والثابتة حسب ما طرحه (كونت ودوركهايم ) داخل تركيبة المجتمع فالبحث في العلم الاجتماعي كما يلتقطه احيانا علي الوردي نفسه ((داخليا )) اكثر مماهو خارجيا او تاريخيا !!.
وعلى اي حال ليس غريبا خلط الوردي ومن تبعهم في رؤيته بدمج كل المشاريع والعلوم الانسانية في بوتقة واحدة ، ليصبح التاريخي هو عين الاجتماعي والاجتماعي هو عين الفلسفي والفلسفي هو عين الطبيعي او الرياضي .... وهكذا ، لكن يبقى ان زمن التخصص اليوم يفرض علينا ان نلتفت الى التفاصيل والمناهج الدقيقة لكل علم على جانب ، ولا يسمح اليوم وفي عصر التخصص ان نقول او نطرح موضوع : هل كان ابن خلدون هو المؤسس للعلم الاجتماعي ام انه كونت هو اول من اسس لهذا العلم الحديث ؟.
ثالثا : .... لعدم الاطالة نتاول النقاط الاخرى في القسم القادم انشاء الله .
_______________________
alshakerr@yahoo,com
مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/
 

الاثنين، ديسمبر 03، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الحادي عشر

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الحادي عشر
حميد الشاكر
الابداع في فكر علي الوردي
************************
يتذكر قراءنا المحترمون اننا ، وفي القسم الاول من هذه الاقسام البحثية حول : (( كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي )) قد اشرنا الى ظاهرة (( صناعة الكذب )) في التاريخ الانساني بصورة عامة ، والتاريخ العربي الاسلامي والعراقي بصورة خاصة وقد ذكرنا انذاك ان (صناعة الكذب) تأريخيا وحتى اليوم هي صناعة رائجة وظاهرة اجتماعية متجذرة واصيلة في الوجود الانساني المعاش ، وحتى ان اقدس المقدسات الانسانية ، واعظم المعتقدات والافكار الاطلاقية ، التي لايمكن الشك بواقعيتها لدى المنتمين والتابعين لها اذا تأمل فيها باحث دقيق ومفكر حقيق وعالم صدّيق...سيكتشف عوار مركباتها الفكرية وهشاشة بناءاتها الايدلوجية بمجرد التأمل الهادئ في داخلها وذكرنا مثالا لذالك من تاريخ العراق الحديث ( كذبة ماسُمي بعلم الاجتماع العراقي الحديث ، وكذبة مَن سُمي بمسمى مؤسس هذا العلم المزعوم ) ، ودللنا في الاقسام التسعة بعد القسم الاول بالدليل الفكري الملموس انه :
اولا : ليس هناك اصلا لا علما للاجتماع في العراق الحديث ولا تأسيسا ولا مؤسسا لهذا الوهم الكبير وانما هناك رجل ادعى علميته بهذا العلم مع انه لم يذكر ولا مرة واحدة تعريفا او تأصيلا او مواضيعا او مناهج ...... لهذا العلم ، ولم يدّرس بتاتا مادة علم الاجتماع ولامدارسه ولامناهجه ولاتاريخه .... ولا غاياته واهدافه في جامعاتنا العراقية ومع ذالك فرض على العقل العراقي اعلاميا وايدلوجيا وسياسيا فرضا ان يسميه الفكر العراقي بالمؤسس لعلم الاجتماع العراقي الحديث ، لمجرد انه بين سطر واخر في مؤلفاته يذكر مسمى علم الاجتماع لاغير !!.
وثانيا : كتب هذا الرجل (المرحوم علي الوردي) كل ماكتب تحت مسمى هذا العلم مع ان جميع مؤلفاته لم يذكر فيها ابدا حتى اسم مؤسس هذا العلم ، او ما طرحه من اصول وقواعد لهذا العلم ( اوجست كونت مثلا ) ، او منظريه او كتابه وقادته ، او مناهجه او غاياته واهدافه ... بل اكتفى بذكر وحشو اسماء غربية لعلماء نفس ومفكرين وكتاب تاريخ وباحثين ...الخ لدعم افكاره وتصوراته ليس لهم اي صلة تخصص بعلم الاجتماع او ليس هم على الاقل من المهتمين بمناهجه البحثية او تأصيلاته العلمية او استنتاجاته الاجتماعية !!.
وهكذا قاربنا اكتشاف (الكذبة)التي حيكت على الثقافة والفكرالعراقي الحديث بليل سياسي وايدلوجي حاول خداع الفكر العراقي وتزييف وعيه العلمي ، والاكاديمي باسم علم الاجتماع ، لاسباب تتعلق بالترويج فقط لكل ماطرحه المرحوم الوردي من فكر ايدلوجي وسياسي منتمي ومتناقض قد اساء للعلم الاجتماعي ولتاسيس هذا العلم وللاكاديمية العلمية العراقية بصورة خاصة وللشعب العراقي وتاريخه وبنيته الفكرية الحديثة وثقافته بصورة عامة !!.
نعم ( صناعة الكذب ) هي التي صنعت لنا كعراقيين وهم وكذبة ( علم الاجتماع العراقي الحديث ) ، وهي نفسها التي صنعت لنا (كذبة المؤسس لهذا العلم في العراق الحديث) وهي نفسها الماكنة التي قتلت مشروع علم الاجتماع العراقي الحقيقي الذي كان يراود صّناع القرار السياسي والعلمي في العراق الملكي عندما انشأوا قسما لعلم الاجتماع واوفدوا طلبة لدراسة هذا العلم والاتيان بقواعده واسسه لبناء عراق جديد ومجتمع عراقي قائم على العلم والتقنية والاكاديمية ، لكن مع الاسف جرت الرياح بما لاتشتهي السفن !!.
طبعا لم تنتهي ماكنة ( صناعة الكذب ) فقط بانتاج هذه الكذبة لاغير، بل صنّعت كذالك ( ادواتها الاحتياطية ) ايضا خوفا من عطب بعض اجزائها ، ليتم بسرعة تبديل غياراتها كي لاتبين عورات الكذبة اوتلوح مؤشراتها للعقل العراقي الفكري والعلمي والثقافي الحديث فينفضح المستور فانتجت هذه الماكنة ( الالقاب الشرفية والعلمية ) لهذا المنتوج الكاذب كقطع غيار وادوات احتياطية داعمة لاستمرارية هذا المنتج ، واسبغت من الالقاب على (فكر المرحوم الوردي بالخصوص) ما لايتوقعه عقل مفكر متوازن فكان هناك القاب : المصلح والمجدد والمفكر وعالم الاجتماع ومؤسس علم الاجتماع .... واخيرا ((المبدع)) ليضاف كلقب مرادف او رديف كلما ذكر فكرالمرحوم الوردي من قبل محازبيه وانصاره وملاّك ماكنة انتاج الكذب الاعلامية الخمسينية والستينية السلطوية تلك وحتى اليوم !!.
وفي الحقيقة كل الشعوب والامم المحترمة تتطلع ليكون لديها الكثير من المبدعين ، والمؤسسين للعلوم والمدارس والفلسفات الانسانية فالامم تعيش وتحيا وترتقي ،وتُحترم بمبدعيها ومفكريها وعلمائها وعظمائها ، لكن ان يُفرض علينا كعراقيين كذبة او اسماء لاهي مؤسسة ولاهي مبدعة ولاهي مفكرة ولاهي متخصصة ولاهي عالمة... ثم يطلب من الفكر العراقي ان يناقض نفسه ويعيش الازدواجية في المعايير والقيم ، ليشيد بعبقرية وابداع فكر هو في الاساس ليس له اي صلة بالابداع والعبقرية والتأسيس فهذا شيئ لايقبله ضمير ووعي شعب وامة ومجتمع يحترم نفسه ليحترمه الاخرون !!.
صحيح هناك من يرى ان اي كاتب مشاغب يستطيع اثارة الراي العام ، او يجلب الشتائم لكتاباته وافكاره او يطرح فكرا ليس فيه الا رائحة الاستفزاز واللاموضوعية للجمهور اولا ، ولباقي محترفي القلم وصناعة الفكر ثانيا ، انه قد طرح ابداعا ولفت نظرا واثار زوبعة في فنجان ابداعي فارغ ، فهو الملهم والمفكر والعالم والمؤسس والمبدع والكبير حقا !!.
لكن وليسمح لنا من يحترم معنى الابداع والتاسيس والفكر والبناء والتقدم والتطور ... لنقول : ان الابداع صفة فكرية اعلى كعبا بكثير من هذه الجدليات الفكرية الفارغة ، واعمق بمسافات ضوئية من هذا الفهم الساذج لمفهوم الابداع ومادته وغايته وكل مشروعه !!.
ولكن يبدو ان عدم ادراك الثقافة العراقية او عدم وعي الفكر العراقي الحديث او قلة تناول مادة ( الابداع ) بالبحث والتنظير والتأصيل ... ومن ثم الدراسة لهذه المادة (في فكرنا العراقي ) والتساؤل حول ماهية الابداع ؟ ، وماهو الابداع وكيف ينبغي لنا فهم الابداع ؟ ، ومن هو المبدع ؟ ... الخ هو الذي جعل من مصطلح ومفهوم الابداع غامض الدلالات لهذا الفكر العراقي الحديث ولهذا اختلط على الثقافة والفكر العراقي الحابل بالنابل ليرى او لترى هذه الثقافة ان كل ايدلوجي اوسياسي او منتمي لحزب او لتيار سياسي او لايدلوجي فلسفي هو مبدعا بالنسبة لانصاره ومحازبيه سواء كان ما يطرحه فعلا له صلة بالابداع او لم يكن كذالك او له صلة بالتأسيس الحقيقي للعلم والفكر والفلسفة والادب ... او لم يكن كذالك !!.
ان ( الابداع ) وكذا باقي الالقاب العلمية الشرفية ومع الاسف في الكثير من الاحيان والازمان هي الاخرى مفهوما ومصطلحا ومصداقا أُخضعت تاريخيا وحتى اليوم (قسرا) لهيمنة العامل السياسي والايدلوجي و(صناعته) في تاريخنا العربي والاسلامي من جهة وتاريخنا العراقي لاسيما منه الحديث (زمن الايدلوجي السياسي الراسمالي والشيوعي والقومي)من جانب آخر ولعلّ في هذا الاخضاع السياسي والايدلوجي ، لهذه المفاهيم والالقاب العلمية الشرفية للهيمنة السياسية القائمة في التاريخ وحتى اليوم مايبررها سياسيا وايدلوجيا وعقديا من قبيل :
اولا : معروف ان هذه الالقاب التشريفية العلمية والفكرية لها تاثير غاية في العمق ، وفي الخطورة على بناء الفكر والثقافة الاجتماعية الانسانية العامة التي تهتم وتنجذب وتنخدع ... ب((العناوين العلمية والفكرية )) الكبيرة لهذا الكاتب ، او ذاك المتعلم اكثر من اهتمامها الواقعي لمنتج هذا الكاتب ، او ذاك الممتهن لمهنة التاليف والعلم ، ولهذا وجدنا الكثير الكثير ممن يتأثرون بشخصيات علمية ، وفكرية معينة في التاريخ وحتى اليوم كان تأثرهم نابعا ، ليس من خلال منتوج علمي اوتطوير ثقافي واقعي او تأسيس فكري حقيقي ..... يفرض هذه العملية من التاثير الايجابي ، بل لمجرد ان فلانا الفلاني يحمل لقب وعنوان وصفة شيخ الاسلام ( مثلا ) او يوضع قبالة اسمه عنوان العلامة او صاحب الفلسفة الفلانية او يطلق عليه مسمى المؤسس للعلم ... مع انه وفي واقع الامر لو دٌرس وبحث واخضع للتحليل منتوج هذا الشيخ الاسلامي او ذاك المتفلسف العلاني لاكتشف ابسط المبتدئين فكريا وعلميا وثقافيا ضحالة وسذاجة وسطحية افكار واطروحات هذا الملقب بشيخ الاسلام او الملقب بصاحب الفلسفة او مؤسس العلم ومرسي قواعده الوهمية !.
وثانيا : تصنع بطبيعتها هذه الالقاب العلمية نوعا من (الحصانة الفكرية) المخادعة لحامليها وهذا ما التفت له مصنعي الكذب الايدلوجي والسياسي منذ فجر التاريخ الانساني وحتى اليوم في هذا المجال العلمي والفكري والثقافي والعقدي ...بحيث ان كل صاحب لقب علمي صنع سياسيا او ايدلوجيا او حتى عقديا دينيا مذهبيا ( مع ان الكل يرجع للعامل السياسي في هذا المضمار ) يكون في الاعم الاغلب ، علما وفكرا ووعيا ومنتوجا علميا .... بمنأى عن طائلة النقد والبحث المعمق والعلمي لما تصنعه هذه الالقاب من هالة وقدسية لحامليها زورا وبهتانا تصنع بدورها طوابيرا من السذج والبسطاء والمنتمين والمخدوعين بهذه العناوين الكبيرة للدفاع المستميت عن هذه العناوين العلمية والفكرية المزيفة وما انتجته من فكر وتصورات بل وربما تدفعهم للاستماتة بالدفاع من اجل عدم التعرض اساسا لهذه العناوين المخادعة بالنقد او التناول او البحث او التشكيك ، من قبل اي باحث او مفكر او عالم يكتشف ضحالة منتج العنوان المزيف الكبير وما طرحه وانتجه فكريا وثقافيا وعلميا !!.
وهكذا كان العامل السياسي ولمبررات في معظمها نفعية ايدلوجية هو اللاعب الابرز في صناعة معظم الالقاب الشرفية العلمية لاناس ليس لهم حظ من الابداع الحقيقي سوى مجارات الايدلوجي السياسي او التنظير لخدمته اوالدفاع والاستماتة لانتماءاته وتوجهاته والآعيبه ومؤامراته ومبادئه وغاياته !!.
ونعم هناك مبدعون من الجانب الاخر ايضا حقيقيون وعلماء ومفكرون فرضوا بعلمهم وفكرهم وعرقهم وجهدهم وتضحياتهم وخدماتهم الكبيرة للانسانية وللفكر وللعلم .... ، اسماءهم الفكرية والعلمية والفلسفية في التاريخ وحتى اليوم وهناك من كان يستحق الكثير الكثير ولكنه ولمجرد عدم وجود منصات سياسية رافعة له او لعدم وجود قدر مساعد لحظوظهم العاثرة انتهت حياتهم وفكرهم وكل ابداعهم الى حيث النسيان والاهمال والموت الابدي !!.
ومن هنا يفترض بنا :
اولا : التأصيل لمفهوم الابداع في المجال العلمي والفكري ، والسؤال عن ماهية هذا الابداع ؟ ، وكيف ينبغي وعيه وادراكه وفهم مراحله ومقتضياته بصورة علمية ؟.
وثانيا : اخضاع كل فكر او مفكر يوصف منتجه الفكري بالابداع لقواعد وتأصيلات هذا المفهوم كي نستطيع ادراك هل ينطبق وصف الابداع على هذا الفكر المفكر ؟.
ام انه في الواقع لا نصيب حقيقي من ((الابداع)) ينسجم مع ماطرحه هذا الكاتب او ذالك المؤلف في منتوجه العلمي والفكري المتواضع ؟.
ان ماهية الابداع ( في الحقيقة ) في اي مجال علمي وفكري او فلسفي او ادبي او حتى تقني صناعي تتطلب مراحل ثلاثة في الماهية وفي الصناعة وفي الجوهر والغاية :
الاولى : وهي مرحلة (الوعي والاستيعاب والاحاطة) بالمادة العلمية اوالفكرية المراد الابداع في مجالها الفكري والعلمي فمثلا من اراد ان يمتهن الفلسفة كمادة علمية بامكانه الابداع داخل مضمونها الفكري فعليه اولا وكمرحلة اولى ان يستوعب ويحيط باصول المادة الفكريةوالعلمية لموضوعة الفلسفة اوالمطروحة داخل المدارس الفلسفية المتنوعة لان هذا الاستيعاب والاحاطة بالمادة الفكرية للفلسفة تعتبر هي القاعدة الاولية التي تمكن اي مفكر فيما بعد من الانتقال الى المرحلة الثانية في التعامل مع مادة الفلسفة العلمية والفكرية او مع اي مادة نحاول اخضاعها لمفهوم الابداع بصورة عامة ، وبغير هذا الاستيعاب والاحاطة والوعي لايمكن لاي متعرض للمادة العلمية او الفلسفية او التقنية الصناعية ان ينبس ببنت شفة حول هذه المواضيع العلمية والفكرية الفلسفية والتقنية لفقده للقاعدة الاولية في الانطلاق للمرحلة الثانية !.
الثانية : وهي مرحلة (التأمل والنقد والبحث ) داخل هذه المفردات والاصول الفكرية والعلمية لاي موضوع علمي او فكري او فلسفي او تقني صناعي يمّكن ( من التمكين ) المتأمل والناقد والباحث من اعادة قراءة هذا المنتج الفلسفي والفكري والعلمي وحتى التقني ، والسؤال (من داخل هذه العملية البحثية والنقدية والتأملية ) : عن امكانية او لا امكانية اعادة قراءة وكتابة او اضافة ماهو جديد لهذا المنتج الفكري والعلمي او ماهو مكمّل لهذه الفلسفة او تلك الافكار او هذا العلم القائم امامه ؟!!.
الثالثة : وهي مرحلة (الابداع والاضافة والتجديد او الاصلاح)وهي المرحلة النهائية او الغاية العظمى لكل باحث ومفكر وعالم في مجاله ومضماره في هذه الحياة ،فما من مفكر او متفلسف او عالم يقرأ العلم ويستوعبه ويحيط به ويتأمل ويبحث بداخله الا وكانت غايته الاضافة والابداع لهذا العلم وهذه الفلسفة وتلك الافكار !!.
اما ان وقف المفكر والمتفلسف والعالم والمثقف على مراحل الاستيعاب والاحاطة والبحث والنقد فقط بدون ان يطرح ما هو جديد ليضيف دفعة نوعية لهذا العلم او تلك الفلسفة فيسمى عالما ويسمى فيلسوفا اومختصا بدراسة الفلسفة وتدريسها لكنه لايسمى مبدعا او مجددا او مصلحا لعدم قدرته على الاضافة النوعية التي تدفع بالمنتج الفكري ، او الفلسفي او العلمي خطوة جديدة اخرى الى الامام !!.
اي وبمعنى اخر : ان الابداع والتجديد والاصلاح مرحلة ارقى من مراحل الاستيعاب والاحاطة من جهة ومرحلة البحث والنقد والتأمل من جانب اخر بل هي مرحلة الاضافة النوعية في اي مجال من مجالات العلوم والافكار والفلسفات الانسانية المتنوعة !!.
فالمخترعون التقنيون في العصر العلمي الحديث ((مبدعون)) في مجالهم التقني والعلمي وهكذا الفلاسفة والمفكرون من امثال ((الشيخ الرئيس )) في عصره ، او ((صدر المتألهين )) صاحب نظرية الحركة الجوهرية مثلا ، او ((محمد باقر الصدر)) وما طرحه من نظريات في المجال الفلسفي الحديث كذالك ينطبق عليهم مسمى (المبدعون) لطيهم في مضمار تخصصهم المراحل الثلاثة التي ذكرناها انفا لمفهوم وماهية الابداع ، وكذا االعلماء الدينيون ك(( الانصاري)) صاحب الاصول الدينية التجديدية المبتكرة ، وهكذا الاثريون ك ((طه باقر )) قارئ الطين في الانثربولجيا العراقية ، والعلامة (( مصطفى جواد )) الذي ابدع في مجال اللغة العربية وقعد لها القواعد واستحدث لها الاصول والمبادئ ...... الخ ، فكل هؤلاء من مبدعي القرون القديمة والحديثة الذي سبقهم مبدعون وجاء بعدهم اخرون ، قد نالوا صفة الابداع والمبدعين لجهودهم التي طوت مراحل عديدة في حياتهم الفكرية والفلسفية والعلمية من الاستيعاب والاحاطة بمادتهم العلمية ، الى التأمل والنقد والبحث داخلها حتى وصولهم الى مرحلة التفتح والولادة والتجديد والاضافة لهذا العم او ذاك او تلك الفلسفة او هذه !!.
والآن ومن كل ماتقدم نعود لاصل بحثنا حول ((كذبة علم الاجتماع العراقي ، ومؤسسه علي الوردي )) لنقوم بعملية تطبيقية لمفهوم الابداع ومادته وماهيته وغايته التي اشرنا لها انفا ونتساءل :
اولا :
هل حقا يمكننا كباحثين حول العلم الاجتماعي في العراق الحديث ومَن سُمي بالمؤسس لهذا العلم ان نطلق على فكر المرحوم الوردي المطروح باسم العلم الاجتماعي الحديث صفة الابداع والاضافة والتأسيس الجديد ؟.
ام اننا في الحقيقة لايمكننا ان نصف فكر المرحوم الوردي الا بالمتطفل على العلم الاجتماعي فضلا عن الابداع فيه ؟.
بمعنى اخر: هل طوى فكر المرحوم علي الوردي جميع المراحل العلمية والفكرية للعلم الاجتماعي الحديث لاسيما الاوربي منه استيعابا ، واحاطة ، ودراسة ، وتاليفا ، وبحثا ، وتأصيلا ، ونقدا ، واضافة ، وتجديدا ومن ثم تاسياسا نوعيا ، لنتمكن من وصف فكر المرحوم الوردي بالابداع في المجال العلمي الاجتماعي بالتحديد ؟.
ام ان فكر المرحوم علي الوردي وبجميع مؤلفاته وكتبه التي لم تزل تقرأ بين ايدينا لايحمل حتى الخطوة والمرحلة الاولى من الاستيعاب والاحاطة بالعلم الاجتماعي ، ولذالك من المهزلة والمخجل حقا تسمية فكرالرجل بالابداع او حتى الاستيعاب الاولى لهذا العلم الانساني الحديث ؟.
ثانيا :
معروف ومقروء في منتج الوردي الفكري انه لم يتناول في كتبه ، ومؤلفاته فقط مسمى العلم الاجتماعي الحديث ليمرر افكاره من تحت ذقن هذا المسمى بصورة نقدية ، بل ان اكثر ما تناوله الوردي في فكره ومؤلفاته وكتبه الافكار الفلسفية ايضا فضلا عن الافكار التي تتعلق بالعلم النفسي ، والتحليلي التاريخي فهل حقا يمكننا وصف الفكر النقدي للفلسفة بصورة عامة الذي طرحه الوردي ب(الابداع) لاسيما مايتعلق بالفكرالنقدي للمرحوم الوردي للافكار والتصورات الفلسفية العربية والاسلامية على التخصيص ؟.
أم اننا بالفعل في مأزق اذا اعتبرنا ان ما يطرحه الوردي من نقد لفكر الفلسفة اليونانية ، ومن ثم العربية الاسلامية في كتبه ومؤلفاته يعتبر اصلا داخلا في النقد الذي يستحق الالتفات فضلا عن الاشادة به والاعتراف بابداعه او بقيمته الفكرية ؟؟.
بمعنى اخر : هل يمكننا ومن خلال قراءتنا لما طرحه المرحوم الوردي حول الفلسفة وافكارها وعلمها ومدارسها وتصوراتها بصورة نقدية ان ندرك ان هذا الرجل اولا قد احاط واستوعب وادرك جميع الاصول والابعاد والمفردات للمدرسة الفلسفية من عهد اليونان (سقراط افلاطون ارسطوا) حتى (بدوي والطباطبائي ومحمد باقر الصدر ومرتضى مطهري) ولذالك انتقل للمرحلة اللاحقة ثانيا : بحث وتأمل ونقد هذه الافكار وثالثا طرح جديدا ونوعيا ومضافا لهذه الفلسفة ، ولهذا يمكننا وصف ما طرحه الوردي من نقد للفلسفة وافكارها بالخصوص بالابداع والتجديد والاصلاح ؟.
ام اننا ونحن نقرأ ما كتبه المرحوم الوردي نقدا حول بعض الافكار الفلسفية ( من قبيل استهزاءه بالمنطق الارسطي ، او من قبيل تناول فكر ابن طفيل الفلسفي وتسفيهه بلغة لاتمت للفكر بصلة ) اليونانية والعربية الاسلامية لانملك الا التأسف والحزن والاسى على هذا الرجل وما يطرحه باسم الفكر والثقافة العراقية الحديثة ؟.
محوران سنتناولهما في القسم القادم انشاء الله لنرى اين موقع فكر المرحوم الوردي من الابداع في مضماري علم الاجتماع الحديث من جهة ، والفكر الفلسفي الانساني بصورة عامة والاسلامي بصورة خاصة من جانب اخر ، مع بدء ذكرنا لنماذج فكرية صريحة اعتمد عليها المرحوم الوردي في منطلقاته الفكرية الفلسفية ، والاجتماعية التحليلية في مؤلفاته وكتبه وغير ذالك ومناقشتها ونقدها وتفنيدها .. حتى الوصول الى الدلائل التي تشير الى القصور المعرفي الفاضح لفكر المرحوم الوردي في ادراك واستيعاب ما يطرحه هو نفسه من افكار فضلا عن ابداعه المزعوم في هذا المضمار !.
******************
alshakerr@yahoo,com
مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/

السبت، نوفمبر 24، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم العاشر

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم العاشر


حميد الشاكر



(( الشخصية الفكرية لعلي الوردي ))

*****************************





ايضا من اهم الاشكاليات البحثية حول المرحوم علي الوردي هي اشكالية ((التركيبة الفكرية او الشخصية الفكرية)) للمرحوم علي حسين الوردي !!.

والحقيقة ان تركيبة علي الوردي الفكرية وبغض النظر عن ما اشرنا اليه في الاقسام السابقة من اصابتها المزمنة بمرض او اعراض مرض الفوضوية الفكرية في الطرح والتحليل والتناول والكتابة وماانتجته هذه الفوضوية الفكرية للوردي في مؤلفاته وكتبه ... واطاريحه الثقافية من ابتعاد عن كل ما هو منهجي وعلمي وفكري متزن هي كذالك تركيبة معقدة وتثير بطبيعتها الثقافية الكثير من الاسئلة التي بحاجة فعلا الى تفكيك وتحليل وقراءة .. لندرك جذورها واسسها التي تنطلق منها في تناول القضايا الفكرية ، والفلسفية والثقافية والاجتماعية والنفسية الفردية ، والتي تناولها علي الوردي بدوره في بحوثه ومؤلفاته وكتبه بالمناقشة !!.



فمثلا سؤال : هل كانت تركيبة المرحوم الوردي الفكرية (مادية) وتنتمي لرؤى ومناهج المدارس المادية في القديم من الزمان وحتى حديثها ؟.

ام انها تركيبة فكرية معنوية علمية وعقلية متوازنة تنطلق وتنّظر وتحلل الافكار والتصورات والتوجهات بصورة تمزج بين المادية العلمية والعقلية الفلسفية المنطقية من جانب آخر ؟.

كان سؤالا يراود الكثير من المفكرين والكتاب والمثقفين الذين قرأوا علي الوردي ، وبحثوا في منتوجه الفكري والثقافي وهو سؤال على اي حال اذا تمكنا من بحثه ، ومناقشته والاجابة عليه فانه سيحدد ، ويوضح ويسلط الاضواء لنا كباحثين وقارئين لفكر المرحوم علي الوردي على الكثير من الغموض والتشويش ، الذي ينتاب فكره المتناثر الرؤى والتصورات هنا وهناك في مؤلفاته المتنوعة !!.

وهكذا سؤال من قبيل : هل يعتبر فعلا ما طرحه المرحوم علي الوردي في مؤلفاته من افكاروتصورات وفي مجالات اجتماعية وفكرية وعلمية وفلسفية ونفسية فردية .. متنوعة هي افكار وتصورات ورؤى (ابداعية وتجديدية واصلاحية) سبقت عصرها في مجال استشراف المستقبل الفكري والاجتماعي والعلمي والتبشير بكل ملامحه الواقعية كما يدعيه انصاره ومحازبيه ؟.

أم ان ماطرحه المرحوم علي الوردي في الماضي ، والذي لم نزل نقرأه حتى اليوم هو مجرد افكار وتصورات ورؤى شخصية للمرحوم الوردي خالية بطبيعتها وبعد التأمل وقراتها بدقة من البعد العلمي او الفكري او الفلسفي العميق والرزين ولا تتعدى مطلقا هذه الافكار والتصورات للمرحوم الوردي من القشرية في التحليل والسطحية والسذاجة في الطرح والتناول ؟.

وهذا ايضا من الاسئلة الفكرية الحيوية ، التي في تناولها ومناقشتها والبحث حولها تنجلي الغوامض من الزوايا الخفية لفكر المرحوم الوردي القلق والمعقد الذي يتناول الكثير من الافكار العميقة بشكل يثيرالتساؤلات التي لايدرك اجابتها والبحث فيها الااصحاب الفكر العميق والباحث والمتخصص في مجالات الفكر الانساني القديم والحديث !!.



نعم دعونا ( قراءنا الاعزاء ) في هذا القسم العاشر ان نتناول محورين للشخصية الفكرية للمرحوم الوردي ولنجعل من هذين المحورين وبحثهما مقدمة وبوابة نطلّ ونبحث ونناقش من خلالها (( مفردات فكر المرحوم الوردي )) التي انطلقت منهاجميع افكار وتصورات علي الوردي الفكرية والفلسفية والعلمية والاجتماعية والنفسية الفردية ، وهذان المحوران هما :

اولا : محور مادية او لامادية الشخصية الفكرية لعلي الوردي .

ثانيا : وهو محور وصف فكر المرحوم علي الوردي من قبل محازبيه وانصاره والمنتمين لاطروحته بالابداع والتجديد !!.



اما ما يتعلق بالمحور الاول فنقول :

ذهب كثير من المفكرين والمثقفين والعلماء ممن قرأوا فكر واطروحات المرحوم الوردي الى ان شخصية فكر المرحوم الوردي تتميزبالايمان العميق بالمادية كرؤية فلسفية قديمة وحديثة تحاول فهم وادراك العالم والانسان والمجتمع من خلال هذه الرؤية المادية المنقطعة عن كل ماهو معنوي او اخلاقي او فلسفي عقلي متوازن !!.

ولعل اهم الشخصيات الفكرية في العصر الحديث التي قرأت فكر المرحوم علي الوردي واستنتجت من خلال قراءتها لهذا الفكر مادية الوردي الفكرية وانه صاحب شخصية فكرية مادية صرفة هو الفيلسوف الايراني المعروف ( وفيلسوف الشرق الحديث كما اعتقده شخصيا ) المرحوم (مرتضى مطهري ) في كتابه القيّم ((المجتمع والتاريخ / ص 148 )) حيث يشير تحت عنوان ((الاسلام والمادية التاريخية )) الى ان المرحوم علي الوردي وخصوصا في كتابه ((مهزلة العقل البشري )) هو ممن يؤمنون بالمادية وصلاحها لتفسير وتحليل التاريخ والمجتمع والانسان والعالم !!.

وهكذا هناك اخرون ممن يشمون رائحة المادية في فكر المرحوم الوردي ((بل والمادية المتطرفة احيانا)) التي تسيطر بنوبات شديدة على فكر المرحوم الوردي وهو يحاول تحليل وتفسير الكثير من الظواهر الفكرية والاجتماعية والنفسية الفردية للحياة وللانسان من خلال هذا المنظور المادي المغلق لاغير !!.

ولكن في الحقيقة هناك في الجانب الاخر من عملية تقييم (الشخصية الفكرية للمرحوم علي الوردي) ممن قرأ ولمس المعنوية والايمان بما وراء المادة في فكر المرحوم علي الوردي بل ولعليّ شخصيا قرأت الكثير من تحليلات المرحوم الوردي الفكرية والثقافية والاجتماعية والنفسية .... وصادفت انسانا وشخصية فكرية غارقة حتى في الاسطورية الخرافية احيانا ، فضلا عن الايمان الديني السطحي الساذج الذي يبدو وكأنه هو المسيطر تماما على توجهات فكر المرحوم الوردي هنا وهناك !!.

ولا دليل للقارئ الكريم على ذالك اوضح من قراءة كتاب(خوارق اللاشعور) المملوء بالحديث عن سيطرة قوى غيبية وسحرية وحتى دروشية على حياة الانسان ومشاعره وافكاره ... الخ وكتاب (الاحلام بين العلم والعقيدة) والذي هو عبارة في كثير من تحليلاته عن حديث غيبوي وحديث عن كوابيس ليلية وما اشبه ... ، ليجد القارئ والباحث غزارة الكمية الفكرية الاسطورية والخرافية للشخصية الفكرية للمرحوم علي الوردي وهي تسيطر على توجهاته الفكرية والتحليلية لهذه الظاهرة او تلك الفكرة في اطروحات هذا الرجل !!.



وعلى هذا الاساس اذاً : ماهي حقيقة الشخصية الفكرية للمرحوم علي الوردي في هذا المجال ؟.

وهل هي فعلا شخصية مادية حسية لاتؤمن الا بكل ماهو مادي ومنغلق كما استشرف بعض المفكرين ذالك من خلال مؤلفات الوردي واطاريحه وتحليلاته النفسية الفردية والاجتماعية ؟.

ام ان الوردي لاريب انه صاحب شخصية فكرية غيبوية وعلمية معنوية واخلاقية بل وخرافية اسطورية في الكثيرمن نزعاتها الفكرية والثقافية ؟؟.

هنا وفي معرض الجواب على مثل هذا المحور من البحوث حول الشخصية الفكرية لعلي الوردي ليسمح لي القارئ الكريم ان اطرح وجهة نظري الخاصة في موضوع الشخصية الفكرية للمرحوم علي الوردي لاقول :

الحق انني لست مع من قرأ واستنتج وقيّم الشخصية والتركيبة الفكرية لعلي الوردي على اساس انها تركيبة وشخصية مادية التوجه والانتماء لاغير ، وكذالك انا لا اميل بقوة الى من رأى التركيبة والشخصية الفكرية للمرحوم الوردي على اساس انها مجرد نزعات وشطحات اسطورية وغيبوية وخرافية وايمانية ساذجة مسيطرة على رؤى وافكار وتصورات ... المرحوم علي الوردي فحسب !!.

بل ما اذهب اليه واعتقده عمليا في تركيبة وشخصية علي الوردي الفكرية هو :

ان الشخصية والتركيبة الفكرية للوردي لايمكن لاي باحث ، ومدقق تقييمها بشكل علمي بمجرد قراءة فقط منتوج فكر الوردي ومؤلفاته الثقافية فحسب ، كما حصل في تقييم الفيلسوف الايراني ((مطهري رحمه الله )) لتركيبة علي الوردي الفكرية ، بل لابد على كل من يريد فهم الوردي ووعي تركيبته الفكرية ان يدرس اولا ويبحث ويقف بتأمل طويلا عند تاريخ الرجل ونشاته التربوية وتركيبته الاسرية والاجتماعية ، ليدرك ويفهم المرحلية والنشأة في تكوين علي الوردي الانسان قبل ان يعي ويفهم علي الوردي الكاتب والمؤلف والمؤدلج والمثقف ثانيا !!.

عند ذاك يأتي التقييم صائبا لماهية الشخصية والتركيبة الفكرية للمرحوم الوردي !!.

ونعم بالفعل وكما ذكره الفيلسوف الايراني مطهري حول الوردي بان قارئ فكر الوردي ومؤلفاته واطاريحه ... لابد ان يخرج بنتيجة: ان فكر المرحوم علي الوردي فكرا يميل بعنف للمادية كايدلوجيا وايمان وانتماء علمي من خلالها ينطلق فكر الوردي بتحليل وتفسير الاشياء الفردية الانسانية والاجتماعية والفكرية .... والنفسية ، لكن هذا لايعني ان تركيبة فكر المرحوم علي الوردي هي بالفعل تركيبة تؤمن فقط بالمادية او العلمية او العصرية ... الخ كما يدعيه مرارا وتكرارا الوردي نفسه في اكثر من مؤلف من مؤلفاته المتشعبة بل ان هذه (الظاهرة)في فكرالمرحوم علي الوردي يقابلها الظاهرة الفكرية الاخرى الاسطورية الغيبوية ايضا والتي نقرأها بوضوح في سير تفكير وتصورات وتحليلات ومؤلفات .. الوردي والتي ان جمعت للظاهرة الاولى فانها سترسم ملامح شخصية فكرية تحمل وجهين ( معنوي خرافي اسطوري ومادي علمي ) في رأس واحد ، وهذا ربما يعبر عن حقيقة اخرى غير المادية العلمية التي نكتشفها في فكر الوردي من جهة وغير ايضا الغيبوية الاسطورية الخرافية.. التي نلمسها بعمق في فكر الوردي من جانب آخر !!.

فياترى ماهي حقيقة التركيبة الفكرية المغيبة هذه للمرحوم الوردي اذا لم تكن هي مادية ولاهي غيبوية وماورائية ؟.

كما انه كيف يتسنى لنا عندئذ فهم هذه الحقيقة المغيبة لشخصية فكر المرحوم الوردي ؟؟.



في الواقع ان حقيقة التركيبة الفكرية او الشخصية الفكرية للمرحوم علي الوردي وكما اعتقده شخصيا هي تركيبة في عمقها وجوهرها واساسها منبنية من حيث النشأة والتكوين والبناء على اساس انها : (( شخصية مزدوجة التكوين )) !!.



اي بمعنى اخر : ان من يقرأ ويبحث الوردي نشأة أسرية تربوية وتكوينا اجتماعيا ، وتاريخا متدرجا ، وفكرا ثقافيا ، وأدلجة سياسية ...الخ ، لابد وان يصل بعد وعي كل هذه العوامل ودراستها الى حقيقة الشخصية والتركيبة الفكرية للمرحوم الوردي وهي تتجلى بابهى صور الازدواجية الشخصية لفكر المرحوم الوردي !!.



ولعلّ مصطلح ((ازدواجية الشخصية للفرد العراقي)) في فكر ومؤلفات وكتب المرحوم علي الوردي رحمه الله كان في الحقيقة هذا هو منشأه الفكري والثقافي في فكرالمرحوم علي الوردي فالرجل هو نفسه مصاب ب(ازدواجية فكرية جامعة للمتناقضات المتنافرة) انعكست على كل رؤاه التحليلية الاجتماعيةوالفردية من جهة واثارت انتباه الكثيرين ممن قرأوا فكرالمرحوم الوردي من جانب آخر حتى ان فيلسوف ايران الحديثة المرحوم مطهري (صاحب الذكر الانف) قد استغرب من طرح الوردي عندما حاول في كتبه ومؤلفاته الجمع بين المادية كفكرومدرسة وايدلوجيا معروفة القواعد والاسس والتوجهات المناهضة والرافضة لكل ماهو غيبي او ديني او معنوي ، وبين القرآن والاسلام وفكره الديني على اساس ان كل ماجاءت به المادية الحديثة هو موجود في القران حسب رؤية المرحوم الوردي ولهذا تسائل مطهري بشكل استنكاري بالقول :

(( ان من يفكر هكذا فهو أما انه لايعرف الاسلام معرفة صحيحة ، او لا يعرف المادية التاريخية معرفة صحيحة ، او لايعرف شيئا منهما كذالك / المجتمع والتاريخ / ص 148/ دار المرتضى / ج1)) .

والحق انه فضلا عن ان المرحوم الوردي ، كما لمّح له مطهري ليس له معرفة علمية حقيقية لا بالاسلام وفكره ولا بالمادية وتصوراتها الايدلوجية ( سنتناول الجهل المعرفي للمرحوم الوردي في الاقسام الاتية انشاء الله لنثبت هذه الفكرة ) ولذالك هو اعتقد بامكانية الجمع بين الماء والناري لكن ايضا من صفات المرحوم الوردي الفكرية وهذا ربما ما فات المرحوم الفيلسوف مطهري : ان المرحوم علي الوردي ، ليس هو فقط يؤمن بامكانية جمع المتناقضات في حيز واحد ، بل انه كذالك رجل يمتلك تركيبة فكرية وشخصية ثقافية تسمح لوجود ازدواجية في المعايير الفكرية والاخلاقية والعلمية والاجتماعية .. والى ما هنالك من تركيبة في كل شيئ ، ولذالك وعندما طرح المرحوم الوردي فكرة (ازدواجية الشخصية) كان على المرحوم مطهري وغيره ممن بحثوا وقرأوا المرحوم الوردي ولم يزالوا يقرأوا ويبحثوا الوردي ان يدركوا :

اولا : علاقة هذا المصطلح بالتركيبة الفكرية لعلي الوردي نفسه وانها علاقة عضوية بين الوردي وتركيبته النفسية والروحية والعقلية التي سيطرت على كل توجهاته الفكرية فيما بعد !.

وثانيا : ليدركوا لماذا علي الوردي بالفعل هو المميز من بين المفكرين والكتاب والمثقفين العراقيين الذي استطاع بجدارة ان ينقل ما بتركيبته الفكرية من ازدواجية فكرية ويسقطها كمنجز اجتماعي على الفرد العراقي برمته باعتباره مزدوج الشخصية الفكرية والسلوكية والاجتماعية !!.

وطبعا هذه الخلاصة للشخصية الفكرية للمرحوم الوردي اذا وضعها اي قارئ ، أو باحث حول الوردي رحمه الله نصب عينيه وهو يحلل منتوج علي الوردي الفكري سيستطيع فهم الكثير من متناقضات فكر الوردي والتي تتناثربسخاء في مؤلفاته وكتبه من قبيل جمعه بين المادية (مثلا) المنغلقة وبين الايمان بالاسلام والغيبية اوجمعه بين فكرة الصراع كضرورة للطبيعةالبشرية والايمان بها وبين دعوته للوحدة والاخاء والتعاون من جانب اخر ، او بين جمعه لفكرة ان الانسان صناعة مادية اجتماعية مئة بالمئة (( انظر ما ذكره في مهزلة العقل البشري / الفصل الثامن ص 132 )) وبين تاليفه لكتاب كامل يتحدث عن تدخل القوى الغيبية او اللامادية في صناعة فكر الانسان ووجوده ومشاعره وتوجهاته وكل كيانه (( كتاب خوارق اللاشعور نموذجا )) ..... الخ وهكذا !!.

اما ماهو السبب ؟ او ماهي الاسباب الموضوعية التي صنعت هذه الشخصية المزدوجة لفكرالمرحوم الوردي وتركيبته العقلية المتناقضة ؟.

فالحق انها عدة اسباب موضوعية يتداخل فيها التربوي الاسري مع النفسي الفردي التاريخي وهكذا الاجتماعي والبيئي لحياة وبناء شخصية المرحوم الوردي الانسانية بصورة عامة !!.



فالمرحوم الوردي نشأ في بيئة اسرية تقليدية ومحافظة ومنغلقة تماما وما لبث في حياته التربوية يتشرب هذا الفكر التقليدي المنغلق والذي يمكن اعتباره قد سيطر على مفاهيم الوردي للحياة بل وهو المسيطر على فكر المرحوم الوردي الى اخر حياته في هذه الدنيا !!.

لكن حياة المرحوم علي الوردي ، وخاصة منها الفكرية لم تكن لتسير على نمط فكري وتربوي موحد او منظم او بامكانها ان تنتقل بلا قلق من مرحلة الى اخرى بدون انتكاسات خطرة كي لاتصاب بقلق المعرفةوخطرها الداهم على امثال اصحاب النشأة التربوية التقليدية المحافظة بل هي انتقلت من اجواءواحضان مفاهيم فكريةمتواضعةودافئة وساكنة ومطمئنة فرديا واجتماعيا الى امواج معارف ومفاهيم وعواصف فكرية هائجة ، والمرحوم علي الوردي مع انه قطع مراحل عمرية من حياته غير موفقا في تحصيله الدراسي لاسباب ربما معيشية طبيعية الا انه استطاع ان يتسلق الى عالم الدراسةوالعلم ليطلع على عالم مختلف تماما عن عالمه التربوي والبيئي الاجتماعي الذي اسس لكل مفاهيم المرحوم الوردي الفكرية في بداية حياته التربوية ، ومن هذه المرحلة الانتقالية في فكر الوردي بدأت حياة الصراع الفكرية ، بين ماهو تقليدي سطحي بدائي وساذج وبين ماهو ثوري علمي هائج ، وهذه الحياة من الصراع الفكري تبدو جلية في اطروحات ومؤلفات المرحوم علي الوردي وهي تتفاعل بين ماهو تقليدي تربوي اجتماعي ، وبين ماهو علمي عالمي حضاري فلسفي واسع !!.



نعم القارئ للوردي سيلفت نظره هذه الكمية الهائلة من الصراع الفكري الذي كان يعيشها فكريا وثقافيا ومفاهيميا... المرحوم الوردي في كتاباته ، ومؤلفاته واطروحاته ، بل لايخلوا سطرا مما كتبه الوردي في معظم مؤلفاته المتنوعة من هذه الظاهرة الفكرية للمرحوم الوردي وعلى اي حال كان الوردي ممزقا فعلا بين ما تلقاه تربويا ونشأة اسرية وضميرا مجتمعيا ... وبين ماتلقاه فيما بعد علميا ، وفكريا من خلال المدارس والكتب وقصاصات المجلات والجرائد ، التي كان يقرأها لتحدثه عن العلم وانجازاته والايدلوجيا وثوراتها والمادية وتصوراتها ....الخ !!.



وهنا كان على علي الوردي رحمه ان يختار بين قطبين من التصورات والمفاهيم والتوجهات والايمانات والمدارس المتناقضة فاما الانتماء للمادية وللعلمية وللعصرية كما فهمها الوردي نفسه والكفر بالمعنوية الغيبية ؟.

واما البقاء على الايمان بالمعنوية والغيبية والتقليدية التربوية !!.



عند الكثير من المفكرين والكتاب العراقيين وغير العراقيين كان القرارلايحتاج فكريا الى خلق حالة من الصراع الفكري فاختار الكثير منهجا موحدا في حياتهم الفكرية ليكون هذا المنهج هو الانتماء والقرار والمدرسة والنافذة التي يطل من خلالها الفكر والعقل والنفس والذهن والروح على الاشياء في العالم ، لكن عند المرحوم علي الوردي كان القرار صعبا جدا بين كيان وفكر نشأ داخل اطار تملئه روائح الايمان بالقوى الغيبية والسحريةوالتقليدية وبين الانتقال الى عالم لايؤمن الا بالمادة والمحسوس والنفعي لاغير !!.



ويبدو ان المرحوم علي الوردي قد اختارطريقا وسطا بين البين ليؤمن بامكانية المزاوجة او الازدواجية بين ماهو مادي وبين ماهو غير مادي ، وهكذا بقي المرحوم الوردي حتى اخر انفاسه في عالم الفكر يراوح بين هاتين العاصفتين الفكريتين اللتين كانتا شديدة البروز والانعكاس على كل ما طرحه الوردي من افكار ، وتصورات ورؤى اسماها علمية وحديثة وجديدة ، لكنها في العمق بقيت تقليدية ماورائية غيبية ويسيطر عليها الكثير من تراث الوردي التربوي الفكري الاسري والاجتماعي !.







المحور الثاني : الابداع في الشخصية الفكرية للمرحوم الوردي

القسم الحادي عشر

*********************

alshakerr@yahoo,com

مدونتي تتشرف بزيارتكم للمزيد



http://7araa.blogspot.com/



الأحد، أكتوبر 14، 2012

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم التاسع

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم التاسع
حميد الشاكر
ليس من السهل ادراك وتحليل وبحث المواقف السياسية والايدلوجية للمرحوم علي الوردي في تاريخ العراق الحديث !!.
كما انه ليس بالامرالهيّن ان يستبين احدنا حقيقة مواقف المرحوم الوردي السياسية وهل هي بالتحديد كانت مواقفا جماهيرية شعبية اجتماعية او طبقية ، ومع العراقيين المحرومين ، وبجانب مصالحهم الحقيقية ضد ممارسات الحكم التعسفية وادواته الدكتاتورية في العراق انذاك ؟.
ام ان مواقف المرحوم علي حسين الوردي السياسية كانت تقف الى جانب خطط ومناورات ومؤامرات الساسة واصحاب الحكم ضد الشعب العراقي ومصالحه وارادته وتطلعاته... الخ في هذا البلد الذي ابتلي بفساد ودكتاتورية قادة الحكم في عراقه القديم والحديث من جهة وفساد وتغريب وغيبوبة مثقفيه ومفكريه وانصاف متعلميه من جانب آخر ؟؟.
والحقيقة قبل الاجابة على هكذا اسئلة تختص بتوجهات علي الوردي الايدلوجية السياسية نحن ملزمون ان نجيب (قبل ذالك) على ماهية سؤال يستبطن بداخله عدة محاورفكرية اساسية توضح من جانب لماذية البحث في التوجهات السياسية للمفكرين والعلماء والباحثين والمثقفين بصورة عامة ؟.
ولتوضح من جانب آخر ايضا اننا هنا بصدد بحث علمي وفكري بالدرجة الاساس ، وليس بصدد بحث او نقد يحاول محاكمة الانتماءات السياسية للمرحوم الورد ويتخذ المواقف العلمية والفكرية على اساس ذالك !!.
والسؤال هو :
لماذا ينبغي علينا ملاحقة وبحث ومعرفة التوجهات والانتماءات والولاءات السياسية الايدلوجية ، لأي مفكر او مثقف او عالم في القديم من تاريخ العراق او العالم او في الحديث الجديد من تاريخ هذا الوطن العزيز اساسا ؟؟.
طبعا معروف على هذا الصعيد ان الانتماءات (الايدلوجية السياسية) لاي انسان منا بغض النظر عن صفته العلمية او الفكرية او الثقافية بصورة عامة بانها ليست بالامر الهامشي او العارض في تركيبة الانسان الفكرية اوالعلمية او الفلسفية او العقدية او الاجتماعية .... او حتى النفسية الفردية السلوكية !!.
بل ما زالت ولم تزل الانتماءات الايدلوجية السياسية تُعتبر من الاركان الاساسية في :
اولا : بناء الشخصية الفكرية والسلوكية الانسانية .
وثانيا : تحديد ملامح هذه الشخصية و(توجهاتها الفكرية) الفردية الخاصة والتربوية الاجتماعية العامة في هذه الحياة .
وعلى هذا الاساس كان البحث والتنقيب عن الانتماءات والميول السياسية للمفكرين والمثقفين والعلماء واصحاب الشأن العام وادراك وفهم توجهاتهم السياسية والايدلوجية من العوامل المساعدة كثيرا في فهم ، ووعي مسارات المنتوج الفكري والعلمي لهذا المفكر او ذاك العالم من جهة ومسارات السلوك والمماسة في هذه الحياة لهذا المفكر او ذاك من جانب آخر وهذا اولا .
اما ثانيا : فينبغي هنا الاشارة الى ان الانتماءات السياسية الايدلوجية لاي انسان مدني في هذه الحياة الانسانية وبالاخص ما يتعلق باصحاب الفكر والعلم والثقافة ... فانه يعتبر ومما لاريب فيه حق من الحقوق الانسانية الفطرية والطبيعية والصناعية الاجتماعية التي لاينبغي ابدا انتزاعها او مصادرتها من اي انسان في هذه الحياة وهذا فضلاعن كون الانتماء السياسي ايضا يُعدّ من جانب آخر من اهم الميزات الحضارية الانسانية لاي مجتمع بشري ومدني متنوع ومتزاحم ومتداخل ومتطور في هذه الحياة الدنيا !!.
وكون فلان المفكر او ذاك المثقف له توجه وانتماء سياسي لهذا الاتجاه او تلك المدرسة الايدلوجية فلاشك ان هذا يعتبر من الشؤون الطبيعية الانسانية ، التي لاتعاب على رجل الفكر والثقافة في الماضي وحتى عصرنا الحاضر بل ويعتبر هكذا انتماء من صميم ماهية المفكر والمثقف التي لاينبغي ان يكون لاحد منا عليها مغمز فكري ، او اي نقد خارج سياقات الفهم الفكري والحقوقي لحق الانتماء السياسي او العقدي او المجتمعي او ....الخ الانساني العام !!.
نعم ما ينبغي ان يُؤاخذ في موضوعة الانتماءات والولاءات الفكرية او السياسية هو محوران :
الاول : هو (عدم التوازن) في هذه الولاءات الطبيعية الفطرية الانسانية ، سواء كانت انتماءات وولاءات عقدية او سياسية او اقتصادية او مجتمعية طبقية او غير طبقية وزحف وطغيان بعض الولاءات على باقي الانتماءات العلمية او الفكرية او العقدية الاخرى بشكل يخلّ بالتوازن الفكري او العلمي او المجتمعي لهذا المثقف او ذالك من بني الفكر البشري !.
والثاني :هو(تعدد او لاتعدد الولاءات والانتماءات السياسية الايدلوجية) بحيث اننا نصادف انسانا يمتلك اكثر من انتماء وولاء سياسي مؤدلج يتضارب بعضه مع البعض الاخر ، او لايمتلك اي مرجعية فكرية ولا رؤية سياسية ولا موقفا اجتماعيا ..... محددا وواضحا يصلح ان يكون مرجعية تحدد من شخصية الانسان الفكرية وبناءه الايدلوجي والعقدي في هذه الحياة ، فمثل هذا الانسان سواء كان على مستوى الفكروالثقافة والعلم اوكان على مستوى البساطة وعدم التعقيد في موقعه الاجتماعي فان كليهما يشكلان عدم توازن بالنسبة لموضوعة الولاءات واشكالياتها البحثية والمعرفية والتحليلية العلمية على السواء !!.
وعلى اساس ضوء رؤيتنا الفكرية هذه يمكننا تناول ماهية مواقف المرحوم علي الوردي الايدلوجية السياسية ومدى علاقتها بفكره الذي اسماه اجتماعيا ونسبه للعلم الاجتماعي الحديث ويمكننا ايضا ان نعي ماهية الكثير الكثير مما كتبه المرحوم علي الوردي رحمه الله ولماذا هو في معظمه يميل للتضارب والتناقض في المواقف السياسية الايدلوجية بالخصوص ونفهم ماهي البداية ولماذا كانت بمثل هذا الكيف للمرحوم الوردي النهاية .....الخ ؟؟.
ولنبدأ من نقطة الشروع الاولى لنجيب على :
اولا : لماذا نتناول بالبحث مواقف المرحوم الوردي السياسية هنا بالتحديد ؟.
وماذا نقصد بمواقف المرحوم علي الوردي السياسية ؟.
وهل نقصد بمواقفه انتماءه الايدلوجي العام لمدرسة فكرية وسياسية معينة ، كأن يكون انتماءه للمدرسة الراسمالية الليبرالية او الشيوعية المادية او القومية .... الخ ؟.
أم نقصد مواقفه السياسية الشخصية المجتمعية العراقية لاغير بعيدا عن الايدلوجيا الفكرية لها ؟.
ثانيا : لماذا وصفنا هذا التوجه للمرحوم علي الوردي السياسي بانه من الصعب ادراكه والبحث فيه ؟.
ومن اين وفي اين تكمن الصعوبة في بحث هذه المواقف السياسية لعلي الورد ؟.
ثالثا : ماهي حقيقة مواقف المرحوم الوردي السياسية ، وكيف لنا ان نفهم اسرار تراكيبها الفكرية السياسية المعقدة ؟.
في معرض الجواب على هذه الاسئلة نقول :
اولا:لانقصد في بحثنا هذا تناول الجانب الايدلوجي (سنتناول الايدلوجية في فكر الوردي لاحقا) لمواقف المرحوم علي الوردي السياسية كما اننا لانريد تكرار ما طرحه قبلنا الجيل السابق ، عندما بحث مواقف علي الوردي الفكرية والسياسية ( بلا رؤية او قراءة شمولية لفكر الوردي ولا قواعد للبحث العلمي) فضاع او(ضيعه المرحوم علي الوردي نفسه) متعمدا في متاهات فكر الوردي الفوضوي ليراه (( جيل مفكري العراق السابقين )) مرّة بانه ينتمي للفكر الشيوعي الماركسي المادي ، واخرى للفكر الراسمالي الليبرالي وثالثة للقومي العروبي .... الخ لنرى في المحصلة المرحوم الوردي مأنوس بهذا الضياع والتخبط الذي دخل فيه منتقدوه ليؤكدوا ما اراده الوردي نفسه انذاك بانه رجل فكر لامنتمي وانه رجل ثقافة محايدة ... والى ما هنالك من خداع ومراوغة في تفسير هذه الظاهرة لمنتقدي الوردي الفكريين !!.
بل نقصد هنا بالتحديد مواقف المرحوم الوردي السياسية الشخصية العراقية المحلية التي تتخذ المواقف إما بجانب السلطات القائمة ب((الدعم الفكري والثقافي)) لها ضد ارادة وتطلعات وامال الشعب العراقي المظلوم ؟.
وإما الى جانب مطالب الشعب وصراعاته مع السلطات القائمة من خلال الفكر والثقافة !!.
ومن هنا كان بحثنا هذا ملاحقا لهذه الزاوية بالتحديد من فكر علي الوردي ومواقفه السياسية الغير معلنة !.
نعم تتناقض مواقف المرحوم الوردي الايدلوجية السياسية اشدّ التناقض ولاسيما فيماطرحه من فكرسياسي في كتبه ومؤلفاته المتنوعة بحيث يحار المتتبع لها في تصنيف ايدلوجية المرحوم علي الوردي والى اي جهة هي تنتمي وكيف لنا ان نفهم هذه التناقضات السياسية لانتماءات الوردي المتناحرة ؟.
ولنضرب لذالك مثلا من تراث المرحوم الوردي الفكري نفسه ليتبين القارئ بعض هذه التناقضات الايدلوجية والكيفية العلمية الصحيحة التي ينبغي توفرها في فهم التوجهات السياسية للمرحوم الوردي !!.
معلوم لقارئ فكر المرحوم الوردي ولاسيما في مؤلفاته التي عاصرت بداية الخمسينات كمؤلف ((مهزلة العقل البشري)) كيف ان المرحوم الوردي في بداية الخمسينات كان داعية ومبشرا لايشق له غبارللراسمالية الفرديةالديمقراطية حتى انه عقد فصلا كاملا في كتاب مهزلة العقل البشري (( الفصل العاشر)) تحت عنوان (( الديمقراطية في الاسلام )) خلاصته : ان الديمقراطية هي المصير المحتوم للبشرية في العصر الحديث .
ولم يترك المرحوم الوردي شيئا من دين ودنيا ، واسلام وعلي بن ابي طالب وابي بكر وعمر والعلم الحديث والمنطق الجديد ... الا وجيره لصالح فكرة الديمقراطية الراسمالية الفردية وكيف انها الحل الوحيد للبشرية في العصر الحديث !.
لكننا وفي بداية الستينات من القرن الماضي نجد ميول المرحوم الوردي السياسية تلعن هذه الراسمالية المجرمة التي تضرب فيها العدالة الاجتماعية وتنتفي منها الاشتراكية في الثروة والحكم ويتجلى هذا الموقف الايدلوجي السياسي بابهى صوره في مؤلفه الشهير ((لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث / من اواخر ما الف المرحوم الوردي في بداية الستينات )) عندما تناول المرحوم الوردي الايدلوجية الاشتراكية الماركسية بالتحليل والاعجاب والقول :
(( الواقع أني اجد في الماركسية جوانب مشرقة تجذبني اليها ، وقد اتيح لي ان ازور بعض البلاد الاشتراكية كروسيا والصين وجيكوسلوفاكيا وبولونيا فلم املك نفسي من الاعجاب بما شاهدت فيها من مزايا قلما نجد لها مثيلا في البلاد ( الرأسمالية ) وأعترف اني عندما درست مؤخرا بعض معالم الاشتراكية في بولونيا هتفت من اعماق نفسي قائلا : هنا يكمن مستقبل العالم . فاني لم اجد فيها تلك المناظر البشعة التي توجد عادة في البلاد الرأسمالية فليس فيها جموع العاطلين الذين لايجدون عملا او الاف الفقراء الذين يسكنون في بيوت لاتليق بالبشر .... / انظر ج 5 / القسم الثاني / الملحق الثالث / ص 293/ )) .
والان وبعد قرائتنا لكلا الموقفين الايدلوجيين للمرحوم الوردي فهل يمكنناتصنيف المرحوم الوردي على انه كان صاحب ميول راسمالية ديمقراطية ام صاحب انتماء ايدلوجي ماركسي اشتراكي ؟.
طبعا اي مثقف وواعي ومفكر ونصف متعلم يدرك التناقض الواضح بين الراسمالية الديمقراطية وفكرها الايدلوجي السياسي ، وبين الماركسية الاشتراكية الشيوعية التي اعلنت الحرب على الديمقراطية الراسمالية وضرورة زوال طبقتها من الوجود لكن مع ذالك وجدنا المرحوم الوردي مرة داعية ومبشر للديمقراطية الراسمالية ، واخرى من اشد المعجبين والداعين للاشتراكية الماركسية المادية ، التي هي النقيض الواضح للراسمالية من بداية القرن العشرين حتى نهايته فهل من تفسير يشرح لنا هذا التناقض الصارخ في انتماءات ومواقف المرحوم الوردي السياسية ؟.
الحقيقة وبدون اسهاب في توضيح هذه النقطة من حياة المرحوم الوردي الايدلوجية السياسية يمكننا القول بكل صراحة : ان المرحوم علي الوردي لاينتمي لاي ايدلوجيا سياسية في هذه الحياة غير الايدلوجيا السياسية الوردية فحسب !!.
اي ان امثال المرحوم الوردي ومن خلال متابعتنا الفكرية والعلمية لمنتوجهم الفكري والثقافي ، واكتشاف تقلبات هذا المنتوج الفكرية مع الزمن ، وتطوراته السياسية في العراق الحديث ندرك : ان المرحوم الوردي رجل لاينتمي اصلا لقواعد علمية ولا لايدلوجيا سياسية ثابتة في حياته العملية الشخصية بل هو انسان اينما تكمن السلطة هو مثقفها والمروج لافكارها الايدلوجيا ، وهذا وحده هو الذي يفسر لنا لماذا كان المرحوم الوردي من اشد المبشرين للديمقراطية الراسمالية في العهد الملكي عندما كان توجه السلطة ديمقراطيا اقطاعيا راسماليا بريطانيا استعماريا وكان المرحوم الوردي من اشد المعجبين بنور السعيد كما كان نوري السعيد معجبا بالوردي ؟.
ولماذا المرحوم الوردي نفسه تحول الى اشتراكيا ماركسيا ماديا ... ، عندما حدث انقلاب الجنرال قاسم ليثني الوسادة لسلطة الاشتراكيين الشيوعيين في العراق بعد 1958 م ؟.
وهكذا لكل تقلبات المرحوم علي الوردي الفكرية والثقافية بعد مجيئ الانقلاب والمدّ القومي 1964م وما جاء بعده من سلطة حزب البعث العربي الاشتراكي 1968م ، وكيف ان المرحوم الوردي قد تمكن ان يتلون مع جميع الالوان ، ويبدل جلده حسب متطلبات الظروف وتغيرات السياسة والحكم في العراق من ايدلوجية الى اخرى !!.
بمعنى اخر : لايمكن لنا ان نعي ، وندرك ونفهم تناقضات مواقف علي الوردي السياسية والايدلوجية الا مع ربطها بالتغيرات السياسية والايدلوجية في العراق الحديث وبهذا وحده نفهم لماذا احتار ناقدي فكر الوردي في تناقضاته الايدلوجية والسياسية ، وكيف ان علي الوردي وبمكره السياسي المعروف اراد تزييف تفسير ظاهرة اتهام الوردي باكثر من انتماء وتوجه ليحرف الظاهرةويجيرها لصالحه على اساس ان العطب الفكري في منتقديه وليس في مواقفه الايدلوجيةوالسياسية المتقلبةبينما الحق ان اتهام المرحوم الوردي بالانتماء الى اكثر من ايدلوجيا ، واكثر من سياسة في مواقفه الفكرية والثقافية دليل على ان الرجل صاحب (انتماء نفعي) ، وليس له مبدأ ثابت في الحياة السياسية وهو مستعد لخدمة السلطة القائمة بفكره كيفما كان توجهها مختلفا سواء كانت سلطة راسمال وفردية وديمقراطية او سلطة اشتراكية وماركسية وقومية وحتى بعثية !!.
ثانيا : يتذكر قارئنا المحترم عندما تناولنا في القسم السابق ماهية (عقم) فكرالمرحوم الوردي من الابداع والتطورفي ستينات القرن المنصرم وموته الابداعي في السبعينات من نفس القرن ، كنا قد ارجعنا هذه الظاهرة الفردية في فكر المرحوم الوردي الى (( الفوضوية الفكرية )) التي كان ينتهجها المرحوم علي الوردي في طرحه الثقافي ومؤلفاته المتنوعة ، بالاضافة لغياب ((المنهجية العلمية)) لهذا الطرح الفكري الذي لايمكن له ان يتطور ويستمر بدون منهج مما ادى بطبيعة الحال الى توقف هذا التدفق الانفجاري في فكرالوردي الذي بلغ اوجه في منتصف الخمسينات الا انه سرعان ماخبى وانتهى في بداية الستينات وما بعدها من القرن العشرين المنصرم !!.
لكن كان هناك من يرّوج من محازبي المرحوم الوردي الفوضويين ايضا من جانب اخر لعامل مختلف في تفسير ظاهرة العقم الفكرية للمرحوم الوردي ليطرح (( العامل السياسي العراقي الداخلي )) باعتبار انه احد اهم العوامل ، التي تفسر لنا عقم فكر المرحوم الوردي وانقطاعه عن الاستمرار والتدفق الابداعي على مستوى التاليف والتنظير والكتابة .... ، وهذا من منطلق ما (( عُرف )) حسب طارحي هذا التفسير عن المرحوم علي الوردي من مواقف مساندة فكريا وداعمة تنظيريا وثقافيا لمظلومي ومستضعفي ومهمشي ... الشعب العراقي وحقوقهم السياسية والمدنية المشروعة ضد تعسف السلطات العراقية القائمة انذاك مما دفع السلطات العراقية الدكتاتورية الغاشمة بتحجيم فكر الوردي ومنعه من التدفق والابداع المستمر !!.
ولهذا جاء بحثنا هنا حول مواقف المرحوم علي الوردي السياسية الايدلوجية ، لنستبين حقيقة العامل (الفكري والعلمي) الذي يقف خلف ظاهرة عقم فكرالمرحوم الوردي عن الابداع في الستينات وموته في السبعينات وحتى اليوم وهل هو بالفعل عامل سياسي بامتياز ام انه عامل علمي وفكري لاغير وهذا لانستطيع ان نستبينه بدون وعي وفهم وادراك حقيقة مواقف المرحوم علي الوردي السياسية هذه ؟!!.
وفي الحقيقة تتميز مواقف المرحوم علي الوردي السياسية في كتاباته ، ومؤلفاته واطروحاته الثقافية بالكثير من الملابسات الفكرية الدقيقة التي بحاجة بالفعل الى متعمق وواعي ومحيط وناقد وفاهم ومدرك .... لماهية فكر المرحوم الوردي وغاياته وما يرمي اليه سياسيا وفكريا ليستطيع سبر اغوار الفكر الذي طرحه الوردي وهل هو فكر يصبّ بالنهاية في صالح مجتمع وشعب وجمهور وطبقة وأمة كما (( يوحيه )) او يحاول الايحاء به فكر المرحوم علي الوردي نفسه ؟.
ام انه فكر يتجه لخدمة مصالح ومناورات ومخططات سلطة وسلطان وحكومة ومنتفعين ؟.
طبعا للجواب على هذا السؤال علينا ان نلتفت الى ظاهرة غاية في الاهمية في فكر وتاريخ المرحوم علي الوردي وهي ظاهرة : (( ما اثاره فكر المرحوم علي الوردي من انعكاسات اجتماعية مدنية عراقية من جهة وسلطوية حكومية من جانب اخر)) .
بمعنى اخر : لماذا عندما ندرس ما طرحه المرحوم علي الوردي من ثقافة وفكر باسم العلم الاجتماعي ، وفي جميع مؤلفاته المتنوعة ، وندرس كذالك انعكاسات هذا الفكر الاجتماعية والسلطوية في العراق الحديث نجد ان افكار المرحوم الوردي كانت لها انعكاسات سلبية ومتنافرة جدا في مخيلة الطبقة العامة من المجتمعية العراقية بل وكانت ردود افعال الجمهورالعراقي على فكر المرحوم الوردي ردود افعال ناقمة ومحتقنة على كل ما طرحه المرحوم الوردي حول الاجتماع العراقي وهذا بعكس تماما ردود افعال السلطة الحاكمة والقائمة انذاك التي عاصرت نفس هذه المؤلفات للمرحوم الوردي والتي كانت حائزة على رضى السلطة الحاكمة ومباركتها ودعمها بكل ما اوتيت من قوة بحيث ودليل على ذالك لم نقرأ او نسمع يوما ان السلطات العراقية المتعاقبة ، والمنقلب بعضها على البعض الاخر كان ناقما ، او متعرضا بالاذى للمرحوم الوردي في حياته كلها بسبب مؤلفاته وطرحه الثقافي المتنوع ؟؟.
فياترى لوكان المرحوم الوردي كاتب جمهور وشعب ومجتمع عراقي ولم يكن كاتب سلطةوحكم ودكتاتورية وواعظ من وعاظ سلاطينها المتنوعين ، فكيف انقلبت الاية لينقم الجمهور العراقي العام على فكر الوردي بينما تباركه السلطة وتدعمه بكل قوة وسلاسة وبدون ان تتعرض للمرحوم الوردي باي اذى او اعتقال او تحجيم له ؟.
اولا :هل كانت فعلا المجتمعية العراقية المدنيةهي الناقمة على فكر المرحوم الوردي بينما كانت السلطة تبارك بنمو واستمرار هذا الفكر الوردي السياسي ؟.
وثانيا : اين يكمن الخلل في فكر الوردي الذي يوحي لقارئه انه يقف بكل قواه مع المظلومين والطبقات المسحوقة من الشعب العراقي ، ولكن مع ذالك اختار (( العقل الجمعي العراقي )) ان يكون نافرا من فكر الوردي ، لتحتضنه السلطة الحاكمة كبديل عن الشعب العراقي ؟.
ثالثا : ما الذي اكتشفه العقل الجمعي العراقي الفطري بفكر الوردي المنحاز للسلطة ، والذي لم يتمكن جميع مفكري ومنتقدي طرح المرحوم الوردي من العراقيين ان يصلوا لمغازيه واسراره كما توصل له العقل الجمعي العراقي بفطرته البسيطة والغير معقدة ؟.
في احد مؤلفاته يذكر المرحوم الوردي ظاهرة نقمة الاجتماع العراقي على ما يطرحه من فكر ، وثقافة باسم هذا الجمهور مرّة وباسم علم الاجتماع من جانب اخر قائلا ((طلبت في العام الفائت من احد طلبة الصف الرابع في فرع الفلسفة من كلية الاداب والعلوم ان يكتب تقريرا عني يجمع فيه مايقول الناس عن مؤلفاتي بصراحة لارياء فيها... وبعد مدة غير قصيرة جاء الطالب وهو آسف يقول بانه سوف لن يقدم لي تقرير باي حال من الاحوال ، وسبب ذالك انه جمع اقوال الناس واراءهم عني فوجد معظمها تتجه الى ناحية الذم والانتقاص والشتيمة .../ مهزلة العقل البشري /الفصل السادس/ القوقعة البشرية ص 107)).
والحقيقة انه عندما نقرأ نحن من لسان الوردي رحمه الله هذه الظاهرة التي اثارتها اطروحاته ومؤلفاته لدى الشارع العراقي من حقنا ان نتسائل عندئذ بلماذا هذه النقمة الجماهيرية على كاتب ملأ كتبه بالدفاع عن المظلومين ضد السلاطين ووعاظهم لصالح المحرومين وحقوقهم المشروعة ؟.
وهل كان دفاع الوردي عن المظلومين في العراق خديعة اكتشفها الجمهور العراقي لذالك لم يتفاعل معها ؟.
ام ان الجمهور العراقي ناكرا للجميل وحاقدا حتى على كل المدافعين عن حقوقه ومظلوميته ؟.
هنا ايضا يوجد من ينبري ليفسر لنا هذه الظاهرة بشكل مخادع وبعيد عن حقيقة الموقف وواقعه العراقي ، ليقول : بسبب ان علي الوردي شرّح جثة المجتمع العراقي ، واخرج جميع عيوبها بعلمية وشجاعة ، لذالك نقم الجمهور العراقي وليس السلطة القائمة عليه وعلى كل مؤلفات ونتاجات المرحوم الوردي الفكرية !!.
والواقع ان هذا التفسيرلظاهرة نقمة الاجتماع العراقي على علي الوردي ومؤلفاته تفسير لايدرك من تحليل الظواهرالاجتماعية اي بعد من ابعادها الواقعية ، فمعروف ( مثلا ) ان جميع الابطال التاريخيين والاسطوريين والانبياء والقادة العظام في التاريخ وحتى اليوم يتعرضون لامراض مجتمعاتهم العقلية والاخلاقية والسلوكية بالنقد والتحليل المؤلم في احيان كثيرة ، ولكن وبما ان هؤلاء القادة العظماء وقفوا الى جانب حقوق شعوبهم وجمهورهم المستضعف ، وناضلوا بشرف ضد السلطات الدكتاتورية القائمة ، وضحوا من اجل هذه المواقف ، وجدنا هذا الحب والالتفاف لهذه الجماهير حول زعمائهم الفكريين بدون ان نرى ان انتقادات هؤلاء العظام لنواقص مجتمعاتهم قد اثرت على مواقف الجمهور الايجابية نحوهم !!.
فاسطوري كعلي بن ابي طالب ( مثلا ) لم يترك حجرا على حجر في شخصية المجتمع العراقي لم ينتقدها باشد العناوين ولكن مع ذالك اسأل اي فرد من الجمهور العراقي اليوم عن علي بن ابي طالب ، او عن حبه او عن الايمان به فهل ستجد ان هناك ذم لبطل الدفاع عن المظلومين علي بن ابي طالب ؟.
فلماذا اذا يذمّ المجتمع العراقي ويشتم علي الوردي ومؤلفاته مع انها توحي كثيرا بوقوفها الى جانب الضعفاء من بني البشر ضد المستكبرين امثال هارون الرشيد ومعاوية وعبد الملك بن مروان ... وهلم جرّا ؟؟!.
في العراق يبدوان العقل الجمعي العراقي لم تنطلي عليه اساليب المرحوم الوردي السياسية الماكرة التي توحي من جهة بانها مع المظلومين ضد الظالمين بينما هي بالجانب الاخرتنظر لمشروعية ودكتاتورية السلطة عندما تطرح طبيعة الفرد والمجتمع العراقي على اساس نظرية الطبيعة المتوحشة والحيوانية التي لايمكن رياضتهاباساليب الحكم السلميةوالديمقراطية والمنفتحة !!.
ولهذا هناك ظاهرة في جميع مؤلفات المرحوم الوردي وبدون استثناء وهي ان المرحوم الوردي عندمايريد نقد السلطة والحكم فانه لايتعرض ابدا للسلطة والحكم القائم ودكتاتوريتهما التي تمارس على الحاضر العراقي بل هو دائما عندما يوحي بالدفاع عن المظلومين فانه يرتدّ بفكره الى التاريخ لينتقد هارون الرشيد او ينتقد دكتاتورية معاوية بن ابي سفيان ويتناول بالتجريم ممارسات مروان ابن الحكم ويزيد بن معاوية ... ليدافع عن الحسين بن علي او عن العبيد وثورتهم في البصرة او عن اناس لا وجود ولا صلة لهم في الحاضر العراقي ، وبهذا يبتعد تماما المرحوم علي الوردي عن اي ذكر للسلطة والحكم القائم فهو لايقصد بنقده السياسي في جميع مؤلفاته لاالمرحوم نوري السعيد في العهد الملكي ولا المرحوم قاسم في العهد الجمهور ولا صدام حسين في العهد البعثي ... وانما يقصد اموات حكموا باسم اللاهوت لاغير ، اما من يحكم باسم الديمقراطية او القومية او الشيوعية او البعثية .... فكل هؤلاء رجال حكم علمانيون ولايمارسون ابدا ما كان يمارسه هارون الرشيد من اجرام باسم اللاهوت لذالك لم يتعرض المرحوم علي الوردي لحاضرهم باي نقد على الاطلاق !!.
اما الجانب الاخرمن فكر الوردي السلطوي فهو بالفعل الفضيحة التي اعجب شخصيا كيف لم يتنبه لها الفكر العراقي المعاصر للمرحوم الوردي ليفضح نواياها السياسية الخبيثة ، وترويجها للديكتاتورية السياسية باسم العلم الاجتماعي ، ودراسة الفرد وطبيعة المجتمع في العراق واقصد بذالك :((تنظير المرحوم الوردي لاقبح النظريات في تناول الطبيعة الانسانية بصورة عامة وطبيعة الفرد العراقي بصورة خاصة)) !.
انظر الى اهم المرتكزات الفكرية لرؤى وتصورات المرحوم الوردي حول الطبيعة البشرية في جميع مؤلفات المرحوم الوردي ستجده المنظر الاساس لنظرية (( توماس هوبز )) في الطبيعة البشرية المتوحشة التي لايردعها رادع غير القوة والبطش ، ومثل هذه النظريات (اللاعلمية) معروف منشأها السياسي وكيف انها النظريات التي اسست للدكتاتوريات وحكومات الاستبداد بجميع صنوفها السياسية ، فليس هناك من نظر لهذه النظريات حول الطبيعة البشرية المتوحشة ، الا وكان داعية لايشق له غبار بدعم دكتاتورية السلطات القائمة ، وتبرير جميع انتهاكاتها للحقوق البشرية العادلة ، ولهذا فعندما يتبنى المرحوم علي الوردي مثل هذه النظرية ويقيم كل دراسته للمجتمع والفرد العراقي على اساسها فمن حق السلطات الدكتاتورية القائمة في العراق ان تصفق بحرارة لمشروع الوردي السياسي بل وتدعمه بكل ما اوتيت من قوة ، لا لسبب معقد الا ان السلطات الدكتاتورية التي تعاقبت على العراق لايسعدها اكثر من منظر يحلل لها جميع المبررات السياسية بقمع المجتمعات الانسانية تحت ذريعة طبيعة التوحش الانسانية التي جبل عليها الانسان فلا مفر من استخدام العنف والدكتاتورية والقوة لحفظ النظام والامن والسلم الاجتماعي !!.
وهذا بالتحديد ما روجت له جميع مؤلفات المرحوم الوردي ونظرّت له (( من طبيعة الفرد العراقي الى التنظير للازدواجية في شخصية الفرد العراقي الى التناشز الاجتماعي ....الخ )) خدمة للسلطة القائمة وتزلفا لمشاريعها الدكتاتورية ، وهذا ايضا ما جعل جميع السلطات الحاكمة في العراق تنظر بعين التقارب بين مشروع الوردي الفكري وبين رؤيتها الدكتاتورية لممارسة الحكم والسلطة على راس المجتمع العراقي المسكين !!.
نعم بالفطرة والعقل الجمعي فهم الاجتماع العراقي ماهية الميول السياسية للمرحوم الوردي فعامله بمقتضاها باللعن والطرد من محبة الشعب العراقي ، وبالفطرة وبالعقل الجمعي العراقي ايضا كشف الجمهور العراقي خديعة علي الوردي في دفاعه التاريخي عن المظلومين وتبريره لقمع واحتقار المظلومين والنظر اليهم كمتوحشين في حاضر مؤلفاته وكتبه واطروحاته حول طبيعة الفرد العراقي فلم ينال ابدا المرحوم الوردي احترام شعبه وتقديره بالمستوى المطلوب !!.
**********************
alshakerr@yahoo.com
زورو مدونتي لقراءة المزيد :
http://7araa.blogspot.com/