الجمعة، سبتمبر 30، 2011

(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 5 حميد الشاكر


يتجه الامام الصدر في تمهيده الفلسفي بعد ان بين اهمية النظام الاجتماعي لتركيبة المجتمع وخطريته على هذا التركيب وان نضال الشعوب وجهادها المتواصل كان منصباًمن اجل الوصول الى اقامة نظام اجتماعي صالح .... الى الدخول في مناقشةالمذاهب الاجتماعيةالقائمة في العصرالحديث ليناقش منها اثنين بصورة مباشرة ، ويتحدث عن اثنين من هذه المذاهب بصورة نظرية وليقول :
(( إن اهم المذاهب الاجتماعية ، التي تسود الذهنية الانسانية العامة اليوم ويقوم بينها الصراع الفكري ، والسياسي على اختلاف وجودها الاجتماعي في حياة الانسان هي مذاهب اربعة :
1 : النظام الديمقراطي الرأسمالي .
2: النظام الاشتراكي ( آنذاك ) .
3 : النظام الشيوعي .
4 : النظام الاسلامي )) . 1 .
والحقيقة اننا بحاجة ، وقبل ان نناقش رؤية الصدر الفكرية وكذا مناقشته المذهبية للرأسمالية الديمقراطية اولا ومن بعدهامناقشة الاشتراكية المادية الماركسية ان نقف قليلا عند ماعناه او قصده الصدرمحمد باقر عندما ابتدأ طرحه التمهيدي هذا بمناقشة المذهب الاجتماعي ولنسأل :
ما الذي قصده الامام الصدر بالنظام الاجتماعي ومناقشته ؟.
ولماذا تحول الامام الصدربلا فواصل من قوله بوجود اربعة مذاهب انسانية بحاجة الى مناقشة ، الى دخوله لمصطلح النظام الاجتماعي ؟.
وهل ان مصطلح النظام الاجتماعي يختلف في فكرالامام الصدرعن مصطلح المذهب الاجتماعي ؟.
أم انه لافرق منهجي في فكرالامام الصدربين قولنامذهب اجتماعي او نظام اجتماعي ؟.
اخيرا : ما هو مقصود الامام الصدر بالنظام الاجتماعي ؟.

والحقيقةولكون منهجيةالامام الصدردقيقة بانتخاب المصطلحات الاجتماعية كما هي الفلسفية والسياسية والاقتصادية في مناقشاته الفكرية ، فان الامام في هذا الموضع لم يترك فاصلا ، للتمييز بين مناقشته للمذاهب الاجتماعية وحديثة عن هذه النظم الاجتماعية ، وكأنه ومنذ البداية يعلن : ان حديثه عن المذاهب الاجتماعية المقصود منه ، والمراد هو حديثه عن هذه النظم الاجتماعية التي تقوم بادارة المجتمعات الانسانية برؤية مذهبية تدعو لها وتعلن للعالم انها المذاهب الاكثر صلاحا ، لادارة الانسانية فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا !!.
ولهذا ذكر في معرض حديثه عن هذه النظم او المذاهب الايدلوجية الاربعة بان :((العالم يتقاسمه اليوم اثنان من هذه الانظمة الاربعة (بالحكم) فالنظام الديمقراطي الراسمالي هو اساس الحكم في بقعة كبيرة من العالم ، والنظام الاشتراكي هو السائد (انذاك) في بقعة كبيرة اخرى... اما النظام الشيوعي والاسلامي فوجودهما بالفعل فكري خالص ...)) . 2 .

اما ماهو (( المذهب الاجتماعي )) كمصطلح بحث ودراسة في وعي الامام الصدر (رض) ؟.
فالامام الصدرقدس سره الشريف قدشرح مقصوده المنهجي من(المذهبية ) في كتابه النوعي (( ااقتصادنا )) للتمييز بينه وبين مصطلح (( العلم )) في مجال الاقتصاد كي لاتختلط المفاهيم والمصطلحات على كل من يريد البحث في الراسمالية الديمقراطية او في المادية الاشتراكية الماركسية ، ومن هنا ذكر الامام انه و : (( كما يقسم الاقتصاد الماركسي الى علم ومذهب كذالك ينقسم الاقتصاد الراسمالي الى هذين القسمين ، ففيه الجانب العلمي ، الذي تحاول الراسمالية فيه ان تفسر مجرى الحياة الاقتصادية واحداثها تفسيرا موضوعياقائما على اساس الاستقراء والتحليل وفيه ايضا الجانب المذهبي الذي تدعو الراسمالية الى تطبيقه وتتبنى الدعوة اليه )) . 3 .
وهكذا فهمنا كما يقول اهل الحكمة : ان العلم هو معرفة ماهو كائن كما هو كائن في موضوعيته الكونية والطبيعية الخارجية ، اما المذهب فهو معرفة ماينبغي ان يكون وكيف ينبغي ان يقوم او هو الرؤية الفكرية المستخلصة احياناوالمعتمدة في بعض الاحيان على الرؤية العلمية الموضوعية او على ماهو كائن بالواقع القانوني ، والكوني الطبيعي ، والاقتصادي ، والتاريخي بسننه والفسلجي والنفسي الفردي او الاجتماعي !!.

فالمذهبية الذي تحدث عنها الامام الصدرفي تمهيده الفلسفي في الراسمالية وفي الاشتراكية المادية والذي سوف يتحدث عنها في الاسلام والشيوعية هي تلك الطريقة ، او النظام الاجتماعي الذي يدير المجتمع برؤية مذهبية ايدلوجية ترى ان هذا النظام هو ماينبغي ان يقوم على ادارة المجتمع وهو ماينبغي ان يكون المعتقدية الفكرية الايدلوجية ، التي يبشّربها اصحاب هذا النظام والقائمين على تطبيقه !!.

اما ماهو الفصل والربط بين العلم ، والمذهب داخل اي نظام اجتماعي فهذا الحيز من المناقشة حول فكر الصدر التمهيدي ليس موقع شرح ذالك وانما هدفنا لمعرفة مفهوم الصدر فحسب في مصطلح (المذهب الاجتماعي) والى اي توجه فكري هو يشير !!.

نعم ما يحاول مناقشته الامام الصدر (قدس)في الوريقات الاوائل من تمهيده الفلسفي لكتاب (( فلسفتنا )) هو المذاهب الاجتماعية التي تعتبر هي قوام الانظمة السياسية التي تمتلك رؤية مذهبية فلسفية من جانب ورؤية علمية موضوعيةفي جانب اخرسواء كانت هذه الرؤيةالعلمية في جانبها التاريخي كما طرحته الاشتراكية ، والشيوعية الماركسية المادية في مفهوم الحتمية التاريخية باعتبارها رؤية علمية ، او ما طرحه النظام الراسمالي من رؤية اقتصادية اعتقدت الراسمالية انها رؤية علمية وايضا حتمية لقانون السوق والاقتصاد العالمي !!.

ولهذا تطرح الديمقراطية الراسمالية نفسها ، كمذهب اجتماعي ، يقوم على علم اقتصادي ،وفلسفة نفعية ويستطيع هذا المذهب الراسمالي الديمقراطي ان يشرح للانسان كل ماهية وجوده العالمية ، وكذا ماينبغي عليه ان يقوم به في هذه الحياة انسجا ما مع رؤية هذه الديمقراطية الراسمالية !.
وصحيح وكما ذكرالامام الصدر ( رض ) ان الديمقراطية الراسماليةلاتمتلك رؤية كونية كاملة وشاملةكما امتلكته الماركسية الماديةفي شرح ماهوكائن للانسان وماينبغي عليه كونه ، لكن ومن الجانب الاخر يمكن استنباط رؤية الديمقراطية الراسمالية لكل الوجودالانساني من خلال رؤيتها المذهبية التي طرحت المادية بشكلها البشع والمشوه بصورة غاية في المكر والخداع !!.


1: فلفستنا / للسيد الصدر : دار التعارف / ص 12 .
2 : نفس المصدر .
3 : اقتصادنا / للسيد محمد باقر الصدر / دار التعارف / ط السابعة عشر / ص 253.


http://7araa.blogspot.com/

alshakerr@yahoo.com