الاثنين، سبتمبر 26، 2011

(( من التمهيد الفلسفي لفكر السيد محمد باقر الصدر )) 3 حميد الشاكر


لاريب إن الكتاب والمفكرين والعلماء والمثقفين .... ممن تناول حياة وفكر الامام الصدر رضوان الله تعالى عليه قد تناولوا العديد من الزوايا والآفاف لسيرة هذا العلم الفذ الشخصية ، وكذا المناحي الفكرية ايضا الذي تميز بها طرح السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه !!.

فالسيد محمد باقر الصدر حاضرٌ بعمق في اقلام وفكر ممن تناوله بالبحث سيرةً شخصيةً وكذا سياسيةً وفلسفية وتجديدية وقرآنية تفسيريةً ، وفقهية اجتهادية واصوليا وبحثا علميا ومشروعا تاسيسيا وصراعا حضاريا ودولة اسلامية ومواجهةً ومدرسةوتجربة تاريخيةوابداعا ومعرفة واسسا منطقية واقتصادا وعملا تنظيميا وتغييرا ونهضةً دينية ..... كل هذا تناوله العلماء والمفكرون والكتاب والمثقفون حول الصدرتغطيةً لحياة وجهاد وفكر السيد الشهيد محمد باقر الصدر !.

لكن لم اصادف فيما قرأت حول الصدر فكرا ومفكرا ، وعلى حدود اطلاعي المحدود وحتى الآن ممن كتب اولامس موضوع ((النظام الاجتماعي )) في فكر الامام الصدر ليرصد له بحثا اوقسما او فصلا مستقلا في كتاباته حول فكر الامام مع ان السيد الصدر محمد باقر نفسه لم يخلو فكره في اي طرح طرحه سواء كان فلسفيا او فقهيا او اقتصاديا او اصوليا ، او سياسيا من الاشارةوتناول فكرة(النظام الاجتماعي) واهميته وحيويته للحياة الاجتماعية المحلية والعالمية ، كما تناوله مثلا في تمهيده الفلسفي لكتاب فلسفتنا الذي هو بين ايدينا الان !!.

وعلى هذا الاساس كان تناولنا للتمهيد الفلسفي لفكر الصدر باعتبار ان هذا التمهيد يصلح ان يكون منصة جيدة لتناول فكرة ((النظام الاجتماعي )) في فكر الصدر وكيقية تناول الصدر رحمة الله عليه لها ؟، ولماذا نظر الصدر للنظام الاجتماعي على اساس انه (( مشكلة العالم التي تملأ فكر الانسانية اليوم )) !!.

طبعا حسب مانذهب اليه فإن موضوعة (النظام الاجتماعي ) في فكر الامام الصدر لها اكثر من بُعد واعمق من قصة عابرةً ،ولهذا وجدنا هذا الاهتمام الكبير في فكرالصدر للنظام الاجتماعي واعتباره كما تناولناه سابقا بانه هو مشكلة العالم ، والانسانية في الحديث من التاريخ ، والقديم منه وان النظام الاجتماعي داخل في حسابات الحياةا لانسانية ومؤثربها بشكل مفصلي وان النظام الاجتماعي هوالمشكّل الحقيقي لحياةالانسان وهويته لا بلّ ان النظام الاجتماعي هوالمعادلةالحقيقية في تطورحياة الانسان اوتراجعها واندحارها الى الابد ، ولهذا رأى الامام الصدر، وبشكل لالبس فيه : ان مشكلة النظام الاجتماعي هي من دفع الانسانية : (( الى خوض جهاد طويل وكفاح حافل بمختلف الوان الصراع وبشتى مذاهب العقل البشري التي ترمي الى اقامة البناء الاجتماعي وهندسته ...)) 1.

اي ان السيد الشهيد كان يرى في تمهيده الفلسفي هذا ، إن جهاد البشرية الطويل ونضالها المستمر كان هدفه الاول والاخير هو اقامة نظام اجتماعي صالح يضمن للمجتمع كرامته وسعادته وتطوره !!.

وهذا يعني فيما يعنيه : ان الامام الصدر كان ينظر (( للنظام الاجتماعي )) انه المحورالذي تدور حوله حياة البشرية كلها وفي صلاحه تصلح البشرية وتنعم بالامن والاستقرار والكرامة والحرية الحقيقية وفي فساده تعاني هذه البشرية من ويلات الظلم ، والانحراف والغرق بالرذيلة ، والانحطاط الى ما لانهاية !!.

إن هذه الحقيقة للنظام الاجتماعي في فكر الامام الصدر، وابرازها من قبلنا ستحلّ الكثيرمن الغاز فكر الصدر وفلسفته التي التبس بعض مواردها على الكثير ممكن كتب حول فكر الصدر السياسي ،بل اننا سنزعم بثقة ان ادرك هذه الحقيقةلفكرالصدرورؤيته نحوالنظام الاجتماعي في محوريته التغييرية العالمية ستُطلع جميع من كتب حول حياة الصدر الفكرية ، والحركية على سرّ مواقف الصدر السياسية الجهادية ، التي تبناها في حياته الشاقة التي امتلأت بالجهاد المتواصل من اجل تغيير النظام الاجتماعي والسياسي القائم في العراق واحلال النظام الاسلامي محله ،فبغير معرفة رؤية الامام الصدر هذه ، لموضوعة النظام الاجتماعي ، واهميته ومحوريته التغييرية العالمية في فكر الصدرلايمكننا فهم الصدر فكرا والذي وظف كل هذا الفكر من اجل التنظير للنظام الاجتماعي الاصلح للمجتمع ،ومفكرا عندما حمل على عاتقه مسؤولية الشهادةمن اجل الوصول الى اقامة هذا النظام الاجتماعي الصالح الذي كان الامام يرى انه يتجسد في النظام الاسلامي في هذه الحياة !!.

ونعم من جانب آخر كان هناك من عمالقة الفكر الاسلامي الحديث من يرى المشكلة العالمية والانسانية وجذورها الحقيقية بشكل مختلف عن ما اسس ونظرّ له الامام الصدرفي فكرة محورية النظام الاجتماعي التغييرية العالمية فهنالدينا( للمقارنةاختلاف رؤيةالصدرعن غيره) المفكرالاسلامي الجزائري (مالك بن نبي) الذي يرى ان المشكلة العربية والاسلامية ومن ثم الانسانية العالمية تختصربانها (مشكلة افكار) قبل ان تكون مشكلة (نظام اجتماعي ) كما يذهب له الصدر ، وعندما طرح (( مالك بن نبّي)) رؤيته حول المشكلة العالمية المعاصرة في كتابه (مشكلة الافكار في العالم الاسلامي) كان ذاهبا الى القول الصريح ب: ((ان العالم الاسلامي يعاني من مشكلة افكارلامشكلة وسائل ونظم واليات )) !.

أما الامام الصدرفطرحه كان مختلفامن الناحيةالنظرية لمالك بن نبّي وايضا من الناحيةالعمليةفبينما كان توجه بن نبّي الى ان كل شيئ ينبغي ان يكون او هكذا هو في الرؤية الاسلامية على اساس انه وسائل توصل الى الافكار والارتقاء نحوها ، كان الامام الصدر اكثر واقعية فكرية عندما كان يرى ان الغاية العظمى والهدف الاسمي لكل شيئ في هذا العالم وبمافي ذالك الافكار ومواضيعها ومداميكها ينبغي ان تكون وسائلا ومقدمات للوصول الى اقامة (( نظام اجتماعي صالح )) يؤطر بسياجاته وجدرانه ومنصاته وقواعده كل الوجود البشري لينهض به ويبحر بهم نحو شاطئ الامان !!.

ومن هنا قال الصدر وهو يتحدث عن النظام الاجتماعي الاصلح في تمهيده الفلسفي واعتباره غاية الغايات الانسانية ومنتهى اشواط النضال البشرية : (( لنعرف الغاية التي يجب ان ينتهي اليها الشوط والساحل الطبيعي الذي لابد للسفينة ان تشق طريقها اليه ، وترسوعنده لتصل الى السلام والخير وتؤوب الى الحياة مستقرة ، يعمرها العدل والسعادة ، بعد جهاد وعناء طويلين وبعد تطواف عريض في شتى النواحي ومختلف الاتجاهات ))!.2.


1: فلسفتنا للامام الصدر / دار التعارف للمطبوعات لبنان / الطبعة الرابعة عشر / ص 11.
2: نفس المصدر / ص 12.


مدونتي http://7araa.blogspot.com/

alshakerr@yahoo.com