الأربعاء، يونيو 03، 2009

(( الحذر من تغوّل مجلس النواب العراقي .... أشكالية الكويت !؟.))


(( الحذر من تغوّل مجلس النواب العراقي .... أشكالية الكويت !؟.)) حميد الشاكر
_____________________

لكل مؤسسة في اي دولة من دول العالم الحديث والقديم وظيفة معينة تقوم بها هذه المؤسسة داخل أطار الدولة لخدمة كيان المجتمع داخليا وخارجيا ، فمؤسسة الامن الوطني هي (مثلا) مختلفة وظيفتها والمهام المُناطة بعملها عن وظيفة المؤسسة التشريعية والرقابية النيابية ، ومؤسسة الدفاع كذالك ، وهكذا مؤسسة العلاقات الخارجية وصناعة الدبلماسية ورعاية شؤون البلاد والعباد مع دول وشعوب الاقليم والعالم هي ايضا مختلفة .....، وهكذا القضاء ومؤسسة التنمية والاقتصاد ومؤسسة ......الخ !.
وعلى هذا قامت الدول المحترمة في التاريخ وحتى اليوم ، أما الدول والحكومات غير المحترمة والتي يكثر فيها تدمير المؤسسات وصناعة الطاغية بدلا عنها ، فيكون الحال مختلفا عندما يِحرق الطاغية جميع المسافات والمؤسسات داخل الدولة ليكون الحاكم او العصابة هو الجهاز والمؤسسة الوحيدة في الدولة التي تدير جميع ملفات الدولة الخارجية والداخلية بعقلية واحدة لاغير هي عقلية الطاغية الذي ينظر لمصالح المجموع من خلال ثقب مصالح حكم الفرد واستمراره في الحكم لاغير !.
هذا النوع من التغوّل في حكم الفرد الشمولي لاجهزة الدولة ربما وليس ببعيد انه يتطوّر باشكال فساد متعددة ليس بالضرورة ان يكون الحكم فرديا ليُقال ان هناك طغيان في الحكم والدولة ، بل يكفي في بعض الاحيان ان تكون مؤسسة من مؤسسات الدولة هي مترهلة وفاسدة او طاغية على مجموع المؤسسات الاخرى في اي دولة لتصنع عملية الطغيان والارباك داخل جهاز الدولة الكبير ، كإن ( مثلا ) تتولى مؤسسة الدفاع التي وظيفتها حماية المجتمع والدولة من العدو الخارجي ادارة مؤسسة الاقتصاد والتنمية ، او تزحف لتلعب دور وظيفة مؤسسة الامن الداخلي لتتحول من عسكري الى شرطي داخل المدن ، او ربما ارتقت المؤسسة الدفاعية في الطغيان والفساد في هذه الدولة او تلك لتتقمص دور مؤسسة المجلس النيابي التشريعي لتصبح قيادة ثورية لاصدار البيانات القانونية والتشريعية لادارة المجتمع وحكمه باسم القانون العسكري ..... الخ !.
فكل هذا ايضا طغيان وفساد داخل الدولة ، ليس باسم الفرد الطاغية بل بأسم المؤسسة ايضا عندما يطغى عمل مؤسسة على اخرى داخل الدولة لتتدخل بشؤون جميع مؤسسات الدولة تحت مسمى وآخر يحول هذه المؤسسة الى طاغية تعتقل وتحكم جميع المؤسسات بالقوة والعنف !.
الغرض هو القول : انه ليس فقط الطغيان بالامكان صناعته من خلال حكم الفرد لاغير ، بل ربما تمكن المجتمع من لاشعور منه من صناعة مؤسسة طاغية وهو لايدرك خطأ بعض الخطوات في دعمه لهذه المؤسسة داخل الدولة او تلك ، او ربما اعتقد العاملون داخل المؤسسة انفسهم وللدعم اللامحدود من قبل المجتمع لهم على اساس ان هذا التأييد هو البطاقة الخضراء التي تدعم تجاوز وظيفتهم المؤسساتية داخل ادارة حكم الدولة كلها بجميع مؤسساتها من خلال مؤسسة واحدة لاغير ، وبهذه الصيغة ايضا نكون كمجتمع او كموظفين داخل مؤسسات الدولة قد وقعنا في خطأ صناعة الطاغية داخل الحكم والدولة من حيث لانشعر !.
في العراق اليوم يبدو ان مجلس النواب العراقي المحترم كأحد أهم مؤسسات الدولة العراقية الجديدة ، وللدعم اللامحدود الذي توّفر لهذه المؤسسة من قبل الشعب والكوادر الثقافية والقانونية والسياسية مؤخرا لدفعها للقيام بواجبها الرقابي والتشريعي داخل الدولة ولخدمة المجتمع .... يبدو ان هناك فهم خاطئ ربما تسرب مع دعم الشعب والامة العراقية لهذه المؤسسة الحيوية داخل كيان دولة العراق الجديد الى بعض اعضائها ليعتقد من هنا او هناك : ان على مجلس النواب العراقي ان يعمل باعتباره المؤسسة الوحيدة داخل الدولة التي يحق لها التدخل في عمل ووظائف جميع مؤسسات الدولة الاخرى ، او إن تمكن المجلس من الغاء عمل باقي مؤسسات الدولة من الاساس ليصبح مجلس النواب أخيرا هو المؤسسة الوحيدة التي ترسم سياسات البلد الداخلية والخارجية وفي جميع الاتجاهات الاجتماعية ،الامنية والدفاعية والانمائية والاقتصادية والدبلماسية والقضائية ..... وهكذا حتى نصل الى انه ليس هناك مؤسسة ابدا في داخل الدولة العراقية غير مؤسسة مجلس نواب الشعب العراقي لاغير هي الحاكم والامر والناهي والمشرّع والمراقب والمنفذ والمخطط وغير ذالك !!!.
والحقيقة ان مثل هذا الفهم سواء وجد داخل اذهان اعضاء مجلس النواب العراقي المحترم ، او وجد داخل اذهان عامة الشعب العراقي هو كارثة حقيقية ، واسلوب لاعادة انتاج الطاغية المتغوّل ولكن بشكله الجماعي المؤسساتي وليس بشكله الفردي الشمولي الدكتاتوري ، ولهذا رأينا كيفية بروز ظواهر سياسية غير صحية داخل مؤسسة مجلس النواب العراقي تطفو على سطح المشهد العراقي السياسي وهي تعالج الاشكالية السياسية الاخيرة بين دولة الكويت الشقيقة وبلدنا العراق على خلفية اشكالية ابقاء العراق داخل قفص البند السابع الاممي الى حين ايفاء العراق بكافة التزاماته في موضوعة التعويضات الكويتية على العراق !!.
طبعا انا ليس ضد ان يناقش نواب الشعب في مجلس النواب العراقي الاشكالية القائمة اليوم بين العراق والكويت والتفكير الجدي بكيفية ايجاد الحلول السلمية لهذا الملف التي ترضي جميع الاطراف ، ولكن انا وربما غيري ايضا ضدّ ان يتجاوز المجلس النيابي صلاحياته ووظائفه داخل الدولة العراقية ، وليلغي من ثم مؤسسة الخارجية تماما بما في ذالك دبلماستها التي من المفروض انها صاحبت وظيفة تذليل العقبات الاقليمية بين العراق وجيرانه ، ولهذا نحن نرى ان ادارة ملفات العراق الخارجية ليس من وظيفة مجلس النواب العراقي التدخل بادارتها مباشرة ، لاسيما ان المجلس من حقه مسالة مؤسسة وزارة الخارجية العراقية عن خططها في ادارة وحلحلة هذا الملف العراقي الكويتي وليس القفز على مؤسسة وزارة الخارجية واخذ المبادرة مباشرة والحديث للدولة الشقيقة الكويت وكأنما لاوجود لبرتكول سياسي داخل هذه الدولة العراقية الجديدة يفرض وجود مؤسسة اسمها الخارجية هي من يمكنها الحديث مباشرة مع العالم الخارجي للعراق وليس اعضاء مجلس النواب !.
نعم كذالك نحن بالضدّ المطلق من ان يكون مجلس النواب العراقي طرفا ايضا في تصعيد الازمة وليس حلها كما رأينا الكيفية المستفزة التي تحدث بها بعض اعضاء مجلسنا العراقي المنتخب ، مما دفع مجلس الامة الكويتي للرد بالمثل على هذه الاستفزازات ومطالبته بسحب السفير الكويتي من العراق على خلفية ( انا شخصيا العراقي لو كنتُ مكان الكويتيين لطالبت بسحب السفير من العراق ) التصريحات التي اطلقها بعض نواب المجلس العراقي ضد الكويت ومطالبة الكويت بتعويضات ، بل واكثر من ذالك بعض نواب المجلس العراقي كان يتحدث للاشقاء في الكويت بذهنية الصداميين العفالقة التي كانت ترى ان الكويت المحافظة التاسعة عشر التي من المفروض ان لاتكون في الوجود كدولة مستقلة !.
ومثل هذا التدخل من بعض اعضاء مجلس النواب العراقي بغض النظر من انه اساء للعلاقات العراقية الكويتية ولم يضف اي عنصر ايجابي لتمتين العلاقات بين البلدين بل هو بالعكس من ذالك ، بغض النظر عن هذه الزاوية هو بالفعل تضخّم في شخصية مجلس النواب العراقي وتغوّل غير مقبول واعتداء على باقي وظائف مؤسسات الدولة العراقية الجديدة ، مضافا لذالك هو سوء رؤية او سوء تقدير وفهم من قبل بعض اعضاء البرلمان او مجلس النواب العراقي للدعم الذي وفره الشعب العراقي لهذه المؤسسة على أمل القيام بوظائف المجلس الرقابية والتشريعية الداخلية ، وليس ليتحول مجلس النواب الى حاكم اوحد لجميع ملفات العراق الداخلية والخارجية والتدخل في كل شيئ الى حدّ اعاقة السلطة التنفيذية من القيام بوظائفها السياسية الطبيعية في داخل الدولة العراقية او خارجها ايضا !.
نعم كان بعض اعضاء مجلس النواب العراقي سيئي الاداء تماما عندما اعتقدوا ان مؤسستهم الرقابية والتشريعية هي الوحيدة صاحبت القرار داخل الدولة العراقية الجديدة ولها الحق في التدخل بكل شيئ داخلي وخارجي للعراق بغض النظر عن باقي المؤسسات العراقية الاخرى ، كما اننا كشعب عراقي وكمثقفين وكسياسيين وربما كقانونيين ايضا لانسمح بخلق طاغية جديد باسم المؤسسة بدلا من الفرد من منطلق اننا شعب يحترم نفسه ونسعى لصناعة دولة تحترم مؤسساتها الدستورية بعضها والبعض الاخر ، ولانرحب بالفوضى في العمل المؤسساتي داخل دولتنا العراقية الجديدة ، واهلا وسهلا بمجلس نواب يراقب ويشرّع ويحترم باقي المؤسسات ويدرك انه يتكامل مع باقي المؤسسات لاليلغيها او يعيق عملها في الواقع ، مضافا لذالك هو يساهم في مد الجسور مع دول العراق المجاورة على اساس الصداقة والاحترام وليس على اساس العداوة والبغضاء ، فمجلس النواب العراقي شئنا ذالك ام ابينا هو وجه العراق خارج حدود هذا الوطن فليكن وجها جميلا باسما ودودا وغير عدائي للاخرين !!.
__________________________-

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com