الثلاثاء، يناير 26، 2010

(( المفاصل الرئيسية للالحاد في الفكر الماركسي الشيوعي !)) حميد الشاكر


(( المفاصل الرئيسية للالحاد في الفكر الماركسي الشيوعي !)) حميد الشاكر
__________________________________________________________
1:-
( الدين هو تأوهات المخلوق المضطهد وسعادته المتخيلة لرسم روح عالم بلا روح وقلب عالم بلا قلب ، ونقد الدين هو نقد هذا الوادي من الدموع الملئ بالزهور الخيالية والذي يمثل الدين الهالة الضوئية التي تحيط به ونقد الدين يقتطف هذه الورود الخيالية التي يراها المضطهد في السلسال او الجنزير الذي يكبله.... كارل مردوخ ماركس / الفرضية الاولى للطريقة المادية / كتاب الايدلوجيا الالمانية )

*************************
2: - ظاهرة الالحاد
لاريب ان ظاهرة الالحاد ظاهرة انسانية بشرية مزمنة ، ومنذ وجود هذا الانسان على وفي هذه الارض وجدت ظاهرة الالحاد التي تسمى دينيا بالكفر والجحود والتمرد ...وغير ذالك كحالة تعبير عن رفض واقع قانوني واخلاقي وشرعي ديني !.والحقيقة وعلى مدى تاريخ الانسان الطويل قد تعددت الالوان الفكرية للالحاد كما تعددت ايضا الدوافع وراء وخلف هذا الالحاد الفكري حسب المنظور الاسلامي فمرة يكون الالحاد وحسب ما يطرحه الفكر الاسلامي بالخصوص بشكل ونوع الشرك مع الله سبحانه وتعالى في عبادة غير الله عزوجل مثل عبادة النجوم او الملائكة او الاصنام او الحيوان او النيران ....باعتقاد انها مخلوقات مؤثرة في حياة الانسان ومرة يكون الالحاد بشكل ونوع النفي لوجود خالق اومدبر او علة اولى لهذا الوجود وعادة ما لايعترف الفكر الاسلامي نفسه بهذا النوع من الالحاد (الحاد النفي )باعتباره الحاد مفتعل لاتقبله الفطرة البشرية ولا الذوق والعقل البشري بصورة عامة ، ولهذا جاءت المعالجة القرآنية الاسلامية ، لهذا النوع من الالحاد على اساس الفرضية وليس على اساس الوجود الحقيقي في الفكر الاسلامي ، حيث قال سبحانه :( أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون ) أما غير ذالك فالفكر الاسلامي بمجمله منصرف الى معالجة ظاهرة الالحاد (الشركية) التي هي عبارة عن الحاد بربوبية الله سبحانه وتعالى واضافة الشريك معه !!!.

وهكذا في مبضع وموضع الدوافع التي تقف خلف ظاهرة الالحاد في التاريخ الانساني ، فيؤكد ايضا الفكر الاسلامي على ان دافع المصالح الدنيوية والصراع عليها ، تقريبا هو المبرر الاعظم الذي يقف خلف ولادة ونمو واتساع وانتشار ظاهرة الالحاد الانسانية البشرية في هذا العالم ، من منطلق ان الاديان الحقّة دائما اتت بميزان العدالة بين الناس ، ورفع التظالم فيما بينهم والبين الاخر وتنظيم وادارة شؤون حياتهم بالقسط كما قال سبحانه:(لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ، ليقوم الناسُ بالقسط .../ الحديد / 25 )) ، بينما دعاة الالحاد والكفر بالاديان دائما هم من يتطلع لحياة لاتحكمهاالضوابط ولاتتوافر بها القوانين المنظمة والمقيدة لحياة البشر والمجتمعات كلها من العدوان بعضها على البعض الاخر ،ومن هنا كانت ولم تزل الاديان هي العائق الذي ترى فيها الحركات الالحادية انها قيود ومزنجرات واسلاك تكبل من حياة الافراد والمجتمعات وتعتقل ثورتهم او فوضويتهم الجامحة !!.

نعم صحيح هناك من استطاع ترويض خطاب الاديان وقوانينها وافكارها .... من عتاة المجرمين ،وايضا بسبب الصراع على المصالح الدنيوية ليحوّل بعض الاديان الى جحيم ومعتقلات وسجون ومزنجرات كما حصل بالفعل للديانة اليهودية او الاخرى المسيحية ، او باقي الاديان التي داخلتها فيروسات الفساد والمصالح الطبقية او الفئوية او العنصرية .....، لكن هذا لايعني ان الخطابات الدينية الحقة وكما يحاول تصويرها خطاب الالحاد القديم والجديد على اساس انه خطاب ومن الجذور هو خطاب الظلم والخرافة والاسطورة وغير ذالك ، بل كان من المفروض ان ينظر للاديان باعتبار انها قوانين لادارة الحياة بالعدل على اساس انها شرائع تحاول لملمة اللحمة الاجتماعية ، وتنظيم حركتها الانسانية ، واقامة العدل فيما بينهم بالسوية كما يطرحه وينظّر ويدعو له الاسلام في القديم وحتى يوم الناس هذا !!.

لكنّ مع كل مابذل في سبيل تحصين الاديان من استغلال المستغلين من جهة ، وتمرد الملحدين والفوضويين من جانب اخر بقيت ظاهرة الالحاد متوثبة بين الفينة والاخرى ، وثائرة بين الحين والاخر لتعبر عن وجودها وباشكال متعددة ، ومن اخطر تلك الاشكال الالحادية ،التي مارسها الجنس الانساني في القديم وحتى الحاضر ، هو شكل الالحاد الماركسي الشيوعي الحديث الممثل في الفلسفة المادية !!.
************************

3:- منشأ الاديان

إن خطورة الالحاد في الفكر الماركسي الشيوعي الحديث تنبع من انه الحاد مُفلسف بصورة فكرية ، اي انه مغطى بطابع يبدو للوهلة الاولى على اساس انه مستند على فكرة نظرية من جانب ،ومتوكئ على قاعدة علمية من الجانب الاخر ، ولهذا نشأت عملية التغوّل الالحادية في الفكر الشيوعي ، الذي التهمت نصف البشرية لتبشرّ بالحادها المعلّب فكريا وعلميا والمسوّق على اساس انه البضاعة التي استطاعت ان تكتشف السرّ الاعظم لحياة البشرية وباسبابه العلمية والفكرية في صورة البؤس لهذه الحياة ولماذا هي متألمة ومتخلفة وغير منتظمة الحركة بشكل بادي للعيان !!.

بمعنى اخر كانت ظاهرة الالحاد قبل التنظير الشيوعي الماركس في التاريخ ، تأخذ اطوارها البدائية في التعبير ، عندما تحاول التمرد على القوانين الدينية والشرائع السماوية والحكومات الاخلاقية الرسالية ،فتدخل من هنا وهناك بعض الافكار داخل هذه الاديان ، لتتحول الاديان من مساراتها التوحيدية الضامنة للعدالة الاجتماعية ، الى مسارات الانحراف ،والظلم ولتقع فيما بعد بشراك الاستغلال والانحراف والشرك والالحاد عن خط الاديان المستقيم ، وهكذا في كل مفصل من مفاصل التاريخ الانسانية سنجد ان هناك عوامل اجتماعية واخرى نفعية فردية ، وثالثة وهمية ...هي التي ساهمت في ولادة فكرة الالحاد والتمرد على الاديان او استغلال افكارها ، لتصب بصالح الظلم بين الخلق اجمعين ، ولكننا سوف لن نجد في هذا التاريخ الطويل ،لظاهرة الالحاد مَن استطاع ان ينظّر وباسم الفكروالعلم ....للالحاد ،ليبرز ظاهرة الالحاد بوجهها العلمي والفكري وليقدم وجه الاديان ومن الجذور على اساس انها خرافة ، ووهم واسطورية ، واداة من ادوات الظلم والقمع البشرية.....الخ لاغير سوى الفكرة الشيوعية المادية الماركسية التي تمكنت من طرح منظومة متفلسفة متكاملة ، باسم نقد الدين ، والرؤية اليه على اساس انه منتج طبقي بحت استطاعت من خلاله قوى الاستغلال ،والظلم والراسمالية ان تبيع الوهم للفقراء ، لتخدير مشاعرهم وتزييف افكارهم والسيطرة على مطالباتهم وحقوقهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الانسانية من خلاله !!!.

بمعنى اكثر وضوحا ومغايرة : ان الماركسية الشيوعية المادية لم تكتفي برؤية من نظرّ ( نيتشة المتفلسف الالماني ) فيما قبل الشيوعية وبعدها ، الى ((ان الدين وهم من مخترعات الطبقات الفقيرة المقهورة والمسحوقة التي فقدت العدل في الارض فذهبت للسماء لتبحث عنه وتصوغ من ثم جنة للفقراء ونار للاغنياء والمجرمين )) ، بل الشيوعية توغلت اكثر فاكثر للحقد على الاديان لتصنع لها مناشئا تتصل بطبقات الاجرام والاستغلال والظلم والرذيلة ..مباشرة ، لتصبح الاديان صنيعة الطبقات المستغلة والراسمالية المجرمة لاستغفال الطبقات الفقيرة ، والضحك على كل وجودهم ليؤمنوا بقانون مقدس وملكية محترمة ونظام اخلاقي اجتماعي يجب ان يراعى ويحترم ولهذا كان الدين ( حسب رؤية ماركس ) من اخطر الاسلحة ،التي تستخدمها الطبقات الظالمة ، والراسمالية ،والمجرمة في السيطرة على طبقات الفقراء من جهة ، وترويض هذه الطبقات وقمعها بأسم المقدس والاخلاق والالهي والديني من جانب اخر يقول ماركس :((ان القيم الدينية تلك القيم التي تسيطر على المجتمع كله ، هي بالضبط صورة من هذا الانسلاخ فهي قيم ونظم غرضها الوحيد هو تدعيم قوة طبقة بعينها مسيطرة اقتصاديا /الموسوعة الفلسفية / زكي نجيب محمود )) !!!!.

وبهذه الرؤية قدمت الشيوعية وجه الدين وجوهره ومضمونه وهدفه في هذه الحياة والدنيا ، وبدلا من ان يكون الدين نصير الضعفاء حتى وان كان وهما ،....وبدلا من ان يكون الانبياء ثوريون من اجل المحتاجين والمستضعفين حتى ولو على سبيل الحكاية الخرافية والاسطورية ،... وبدلا من ان تكون شرائع الاديان اخلاقيات تقف الى جانب الضعفاء والبسطاء والمحتاجين حتى ولو على سبيل الحكاية والمسرحية الانسانية ...الخ ، بدلا من هذا كله طرحت المادية الماركسية الشيوعية الاديان على اساس انها القيود وانها الظلم ، وانها الخدعة ، وانها الكابوس ، وانها الوهم ، وانها الكفر والالحاد بعينه ، وانها الشيطان الذي ينبغي على الانسان ان يلعنه ويرجمه ويحطمه ويدمره من حياته ومن هذه الحياة !!.

هل يرى القارئ الكريم كيف استطاعت الشيوعية المادية الماركسية ليس فقط تشويه الدين او مناهضته او الدعوة عليه بانه فكرة وهمية ويجب التخلص منها فحسب ، بل ان المادية الشيوعية لم تكتفي بكل تلك الدعوات لمناهضة الاديان بل واكثر من ذالك جعلت منشأ الاديان ، واسسها الواقعية راجعة الى الظلم والاستغلال والرأسمال والدكتاتورية والضحك على الاذقان وغير ذالك ، لتصنع من وجه الدين الملائكي وجه مشيطن وشيطاني ويجب ليس فقط الكفر به بل والبصق عليه بلا ادنى وخز من ضمير اخلاقي او ديمقراطي او حتى حضاري انساني !!.

لكنّ هل يدرك القارئ النحرير ان المادية الشيوعية الماركسية لم تكتفي ايضا بالحادها فقط بهذه الخطوة من البحث عن منشأ الاديان والدعوة الى الثورة والالحاد فيها ،بل انها طرحت مشروعها الفكري والعلمي لخدمة هذا الالحاد والتنظير لدعمه ورفده عندما طرحت نظريتها المعرفية الماركسية على اساس الماديةوعندما طرحت من الجانب الاخر ديالكتيكها المتصارع في سبيل زعزعة اي ايمان بفكرة وجود حقيقة ثابتة ؟.
**********************

4:- نظرية المعرفة والديالكتيك

لم يستهزء احد من العاقلين في هذا العالم بالفلسفة والفلاسفة العقليين ، بقدر ما استهزء ماركس بهم ، وبافكارهم وبرؤاهم الفلسفية في مفصلي نظرية المعرفة من جهة ، ومفصل نظرية الحركة (التطور بالتعبير الشيوعي المادي) من جانب اخر !!.

كان الفلاسفة العقليون عندما يحاولون ان يقيموا المعرفة الانسانية ، ويدرسوا مناهلها ومنابعها الواقعية ، فانهم يخلصون الى حقيقتين :
الاولى :ان الانسان بامكانه ان يستحصل على المعرفة بواقعية وليس بمثالية ذاتية كما كانت تطرحه مدرسة افلاطون المثالية التي ترى وجود الاشياء في مخيل الانسان وليس في خارجه !.
الثانية : هي ان الانسان بامكانه ان يصل من خلال عقله الى الحقائق الواقعية الخارجية الثابتة ، بحيث ان المعرفة الانسانية تتمكن على هذا الوعي ان تدرك الواقع الخارجي الذي هو بدوره يمتلك الحقائق الثابتة والمتغيره في الاشياء !!.

جاء ماركس بعد ذالك ليتشدق انه اكتشف سرّ الاسرار الكونية في داخل الانسان وخارجه ، ليحكم على نظرية المعرفة وعلى حركة الكون وقوانينه الكلية بالاتي :
اولا : ان افكار الانسان ونظراته وبالمحصلة معرفته الكاملة ماهي الا انعكاس مادي عن الواقع الخارجي لحياته !.
ثانيا : ان حياة الانسان الخارجية حياة قائمة على المادة لمتغيرة والمتحركة والمتطورة والغير متوقفة لاغير !.
ثالثا : قانون حركة هذه الحياة الخارجية قانون ديالكتيكي يخضع لحركة صراع دائمة يكون فيها التطور عملية ولادة لشئ جديد مع نفي شئ قديم ، وهكذا كل حقبة تلد جديد يصارع قديم لينتصر عليه اخيرا ليلد الجديد شيئا جديدا اخر يقوم بعملية الصراع الازلية ليصبح الجديد قديما والقديم جديدا :
رابعا: ان المتحكم الحقيقي ،بحركة وعملية هذا الصراع الديالكتيكي الازلي القائم في قلب حياة اي مجتمع هي وسائل الانتاج الاقتصاديةفكيفما تكون هذه الوسائل الانتاجية تكون على غرارها صورة الصراع الاجتماعي وماهية افكار المجتمع وتصوراته وقيمه وتنظيراته .
خامسا : وعلى هذا الاساس كانت ماهية المعرفة الانسانية محددة بانعكاسها عن الواقع المادي اولا ، ومتحركة ومتطورة مع حالة الصراع داخل الواقع الاقتصادي المعاش للمجتمع ثانيا !.
سادسا :اي حديث عن حقيقة ثابتة او اي شئ ثابت في فكر الانسان ومنظومته المعرفية هو حديث خرافة واسطورة ولاعلمية مطلقا ، بل هو حديث عن تحجر وجمود ليس له من العلم والفكر اي رصيد محترم ، بل هو اشبه بنتيجة مخالفة قانونيا لمقدماتها الطبيعية !!.

وبهذا قررت الشيوعية الماركسية المادية : ان الاديان على فرض انها افكار او قيم او اخلاقيات معرفية ما ، فانها لاتعدو ان تكون منعكس فكري لحقبة معينة من التاريخ البشري ، والتمسك بها او الايمان باستمراريتها الفكرية والقداسية والاخلاقية والقيمية ..، ماهو الا ايمان بخرافة مناقضة للعلم من جهة ومناقضة لحركة التطور القانونية في الكون والعالم من جانب اخر وعلى هذا الاساس ، فان الايمان العلمي يقتضي الحكم على الدين ، كفكر ،او كمعرفة بانه شئ ينتمي للقرون ماقبل الصناعية عندما كان الفاس اليدوي ، هو وسيلة الانتاج المتاحة للانسان في هذه الحياة ،وعندما كان الادراك البشري لايعلم من قوانين الطبيعة اي سرّ من اسرارها القانونية ، اما في عصر العلم والتكنلوجيا والصناعة والمكننة ،لايمكن ان يكون للدين اي وجود فكري او قيمي محترم داخل حياة الانسان وخارجه ، بل وانتفت الحاجة للاديان وافكارها وتشريعاتها وقيمها واخلاقها ايضا ، بعدما اصبحت عبئا وتخلفا واسلحة بيد اناس يحاولون قمع الثورية البروليتاريا التي تريد ان تتحرك مع تطور الحياة وعملية صراعها المستمرة !!.

نعم بهذه الرؤية والفكرة طرحت الشيوعية الماركسية المادية الحادها ( العلمي )على اساس انه الحاد ينطلق من الفكر والعلم في جبهة صراع واحدة !!!

والحقيقة ان الاشكالية الماركسية ، الشيوعية ،المادية نحو المعرفة ونحو قوانين الحياة وحركتها الطبيعية ، انها وقعت تحت وطأت ظلمات فكرية بعضها فوق بعض كما يعبر القرآن الكريم عن ذالك بقوله سبحانه وتعالى(والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمئان ماء حتى اذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ،أو كظلمات في بحر لحيٍ يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها ، ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور / 40 / النور ) !!.

وبالفعل وللوهلة الاولى ترى ان الرؤية المادية الشيوعية في المعرفة وقوانين الحياة ، وببريقها السرابي الخادع على اساس انها ماء الحياة ، ولكن وبعد تأمل بسيط فيما طرحته المدرسة المادية الماركسية في هذين المفصلين المعرفيين سيكتشف اي انسان منّا انه يتبع سرابا لاغير ،وليس له اي سند قانوني او علمي يذكروسرعان ماسوف يصطدم بالحقيقة الثابتة والقانون الفعلي في هذه الحياة (( الله سبحانه )) وهو امامه ، ويكتشف عندئذ انه كان داخلا في ظلمات فكرية لها اول ماركسي مادي وليس لها اخر ، ظلمات في بحر لجي متلاطم الامواج وفي ليل مظلم بلا ضوء لبصيص قمر ، اذا اخرج يده لم يكد يراها من ظلمات الواقع وظلمات الابصار وظلمات العقول والافكار وأنفاق المتاهات ، ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور !!.
وعلى هذا الاساس نحن بحاجة للتأمل في ظلمات الفكر الماركسي لندرك من اين كانت البداية وكيف ينبغي ان يكون المخرج منها ؟.

***********************
5:- الظلمات الفكرية للمادية الشيوعية

اولا : الظلمة الاولى في نظرية المعرفة

إن الظلمة الاولى في الرؤية الماركسية المادية تأسست من مقولة :((ان افكار الانسان وتصوراته وكل معرفته لها منفذ علمي ومعرفي واحد لاغير هو واقع الانسان المادي الخارجي فقط )) !!.
وهذه الظلمة الماركسية ، مع انها حكم فيه تهكم وليس عليه اي برهان ودليل عقلي او علمي مقنع ، الا انها هي بداية طريق المغارة المظلمة ، الذي يدخل فيها اي ماركسي شيوعي مادي ملحد ينتمي للفكر المادي الشيوعي ، فهي تقرر ومنذ البداية ان منفذ المعرفة الانسانية الوحيد هو المنفذ الواقعي المنعكس من خارج حياة الانسان ،وعلى هذا الاساس حكمت الشيوعية على العقل والمعرفة الانسانية كلها بالاعتقال للمادية الخارجية بدون ذكر للاسباب المنطقية والعلمية التي تحتم علينا رهن المعرفة والعقل البشري كله للمادية الواقعية لاغير !!.

نعم ماهو المقصود الشيوعي المادي من رهن الذهنية البشرية كلها بواقع المادية الخارجية ؟.
وماهي منعكسات هذه الرؤية لنظرية المعرفة الانسانية .؟.

سؤالان سيبرزان في حال معرفتنا للتوجهات الفكرية المادية الشيوعية لنظرية المعرفة الماركسية هذه !!.

وفي الحقيقة ان المادية الماركسية ارادت من خلال طرحها للمعرفة الانسانية ، وربطها بالخارج المادي فحسب ان تقول : ان ليس هناك اي منافذ اخرى ومنابع مختلفة عن المادية ، هي التي تتمكن من تموين ، ورفد المعرفة الانسانية ،بمعرفة صالحة للاعتماد عليها علميا واحترامها فلسفيا وفكريا ،اما القول ان هناك وحيٌ (مثلا) يهبط من السماء رساليا ليغذي العالم البشري بالمعرفة ، او القول ان للعقل البشري امكانية في اختراق الجدار الحديدي للمادية ، لاختراع او انشاء معارف ،وحقائق اخرى لاتخضع للمادية في نشأتها ....الخ فكل ذالك ماهو الا اساطير ووهم لايمت للعلم والمعرفة بصلة واقعية ومن هنا كان الايمان بالاديان وبالرسل وبالرسالات ، او الايمان بالمبادئ العقلية او الثوابت الاخلاقية ، وغير ذالك كله ايمان بتوافه ليس لها من العلم ولامن الفكر في الماركسية اي رصيد او اعتراف او احترام !!!.

اضف الى ذالك ان الماركسية المادية الشيوعية من حيث تعلم او من حيث لاتدرك ، فان ربطها هذا للمعرفة الانسانية بالواقع المادي المتحرك لاغير ،فانها اسست لاعظم انغلاق فكري في الوجود البشري على الاطلاق ، ومع ان الماركسية والماركسيون يتشدقون دوما بالعلمية والتطور والانفتاح .....الخ ، الا انها بالفعل الفلسفة الوحيد التي تمكنت من ادخال العقل البشري كله في معتقل المادية المظلمة لاغير ، ورهنته بالاكراه لفكرة ان المنفذ الوحيد لتصوراتك الذهنية والابداعية هو هذا الحيز فحسب وهذا (مع الاسف ) ما انعكس فكريا ونفسيا ، وسلوكيا ايضا على كل المنتمين للشيوعية والمؤمنين بفكرها ان يكونوا اناسا منغلقين وماديين وجافيين الى ابعد الحدود الفكرية والجمالية والفنية ...وغير ذالك الكثير بحيث ان الجمود والانغلاق الفكري لدى الشيوعيين منشأه الاصيل من فكرة ، او رؤية نظرية المعرفة الماركسية ، الذي جعلت من الفكر الانساني تابع للمادية الخارجية فقط !!.

صحيح في الجانب الاخر طرحت الفلسفة العقلية ( الاسلامية ) رؤيتها لموضوعة منابع المعرفة الانسانية في نظرية المعرفة ، وأكدت ان للعقل البشري قدرة وامكانية انفتاح غير مقيدة بحدود المادة ، وان للعقل الانساني امكانية التملص من المادية الخارجية لصناعة القوانين الفكرية والاخلاقية والقيمية الثابتة ، وهكذا للعقل البشري القدرة على ليس فقط الخضوع لقوانين العالم الخارجي ، بل والتفاعل معه ، ورصده واستخلاص القوانين الثابتة من حركته ( جميع القوانين العقلية الفلسفة كمبادئ العلة والمعلول ومبدأ السببية ومبدأ عدم اجتماع النقيضين ، وكذا القوانين الطبيعية كقانون الحركة وقوانين الجاذبية وقوانين الغليان وقوانين الانشطار الذري وقوانين التفاعلات الكيميائية ، وكذا قوانين الرياضيات ....الخ ) الذي تؤكد هذه القوانين ان للعقل ادراك ابعد واوسع من خضوعه فقط للمادية ، وبما في ذالك قانون (( الديالكتيك او حركة الصراع )) الماركسية الذي تؤكد الماركسية المادية نفسها على اساس انه القانون الثابت الوحيد في هذا العالم والذي لايتغير ، ..... كل هذا طرحته المدرسة العقلية الفلسفية في قبال ما طرحته المدرسة الماركسية المادية لتصل الى نتيجة((ان منافذ المعرفة العقلية الانسانية اوسع بكثير من قيود المادية )) ومع ذالك بقت المادية الماركسية متمسكة برؤيتها المادية على اساس ان المنفذ الوحيد للمعرفة الانسانية هي حركة الواقع الخارجي المادي لاغير !!.

ثانيا : الظلمة الثانية في قانون الديالكتيك

وهو القانون القائل بعملية الصراع المسيطرة حركيا على عالم الانسان الخارجي !!!.

والظلمة في هذا القانون ماركسيا شيوعيا مادياهي ليس في وجوده خارجيا اوعدم وجوده في عالم المادة الاجتماعي الانساني بل في الفهم الشيوعي المادي لقوانين الحياة القائمة في داخله ، فالعالم البشري بما فيهم اصحاب الفلسفة العقلية الاسلامية مجمعون على ان العالم الطبيعي والاجتماعي الانساني هو عالم خاضع لقوانين الحركة وقوانين التحول وقوانين التطور وغير ذالك لكن الاختلاف بين الرؤية المادية الشيوعية المنغلقة لهذه القوانين ،وبين الرؤية العقلية الفلسفية هو في كون الشيوعية الماركسية لسبب او اخر (يُقال انها اسباب سياسية بالدرجة الاولى وليس فكرية ولا علمية) ارتأت الشيوعية المادية ان تنظر لعملية الحراك الطبيعي والاجتماعي هذا على اساس انه حراك ( صراع وديالكتيك وتناقض )مما يجعل العالم الخارجي كله بما فيه عالم الانسان يخضع لعملية حركة صراع مدمرة يدمر فيها القانون الجديد في كل شئ عالم ومحتوى القانون او القوانين القديمة لاغير ، وبعد هذا اعلن ماركس ، عبقريته المنقطعة النظير ،باكتشاف ماهية قوانين الحياة والكون والطبيعة والتاريخ الديالكتيكية المتناقضة هذه ، وانها قوانين تتحرك بماهية وعملية صراع ينفي فيها الجديد القديم ، وبعدما يصبح الجديد قديما يولد نفي النفي لينتقم الجديد من القديم الجديد وهكذا !!!.

هل فعلا ان هناك قانون يتحكم في العالم ديالكتيكي يعتمد صيغة او حركة الصراع الغير منتهية هذه ؟.
أم ان هناك قوانين وحركة وتطور في الحياة لكن ليس لها علاقة لابالتناقض ولابالصراع ولابالتدمير وغير ذالك ؟.

هذا سؤالان فكريان وعلميان ليس لهما اي علاقة بصراع سياسي او ايدلوجي ، وانما طلب معرفة حركة قوانين الكون والحياة والمجتمع ....، هي بالفعل معرفة من اجل الفكر والوعي والفلسفة والعلم اكثر بكثير من انها معرفة تصب في حيز سياسي او نفعي او ماشاكل ذالك !!!.

في الفكر المادي الماركسي الشيوعي اي اعتراض او طلب معرفة او نقد لهذه الرؤية الديالكتيكية يعتبر جريمة بل ويعتبر وبسرعة البرق على اساس انه جمود وتخلف ونظرة للحياة تريد ان تقول بوجوب عودة الحياة للحياة الحجرية ليس الا ، بينما في الواقع ان المعرفة غير متوجهة هل الحياة متحركة ومتطورة او انها جامدة ومتحجرة ؟، وانما متوجهة الى معرفة كيفية هذه الحركة وهل هي حركة (تكامل ) وندية ام حركة صراع وتناقضية ؟.

من خلال تشبث الشيوعية المادية بفكرة الديالكتيك وفكرة الصراع وفكرة التناقض ، فرضت هذه المدرسة على نفسها وهم : انه وبما ان الحياة متطورة ومتحركة بعدة اشكال متناقضة ، وبما ان هذه الحياة المادية هي فقط مصدر المعرفة الانسانية ، فعلى هذا المنطلق لابد ان تكون جميع افكار الانسان ومعتقداته وتصوراته ايضا وتبعا لحركة الحياة كذالك متغيرة ومتطورة ومتحولة ومتناقضة كل يوم وكل جيل وكل حقبة تاريخية انسانية بشرية !!.

إذن بسبب ان قانون الصراع هو الحاكم على حياة المجتمع ، اضطرت بالبداهة ان تعتقد الشيوعية المادية ان تقول بتطور او تحول او تناقض تصورات الانسان وافكاره ومعتقداته وقيمه ، وعلى هذا لايصبح من المنطقي حسب الرؤية المادية هذه القول بثبات اي فكرة او معتقد او تصور للانسان ، لان كل هذه المنظومة المعرفية خاضعا حتما لتطورات وتناقضات وصراعات الحياة الخارجية !!.
هذا طبعا بعكس من يؤمن بالفلسفة العقلية التي تقول بان المعرفية الانسانية اولا ليست هي رهينة مادية وثانيا قانون الحركة والتطور في الحياة لايقوم على بنية الصراع ونفي النفي ليكون هناك عدم ثبات اي فكر انساني او اخلارقي او معتقدي ، وانما هناك حركة (تكامل جوهرية ) تتحكم في العالم الخارجي للانسان تكون فيها الحركة عبارة عن عملية ولادة تراكمية للاشياء من القوة الى الفعل على طول خط حركة الحياة وتطورها المستمر !!.

الان اذا سألنا وما هو مبتغى الشيوعية المادية بفهم حركة وقوانينن الحياة بصيغتها الصراعية والتناقضية ؟.

لقلنا ان الهدف من كل هذه الرؤية المظلمة هو توظيف الفكر والعلم والفلسفة للمصالح السياسية لاغير !!.

نعم ففي قانون يحكم العالم والانسان باسم الصراع والديالكتيك نستطيع ان نقنع اي انسان ساذج على ان حركة قوانين الحياة والعالم قائمة على عملية الصراع هذه وان صراعه مع الاخر قدر طبيعي وقانوني وحتمي في هذه الحياة ، وبهذا عندما ندعوا طبقة فقراء وعمال للثورة على باقي طبقات المجتمع لابد ان يكون لدينا مستمسك حتى ان كان وهما الا انه يستطيع استغفال الابرياء من بني البشر على اساس انه علمي وتطوري ، وبهكذا وعي نستطيع تحشيد الجماهير العظمة ، للتمرد على الثابت والمقدس في حياتها سواء كان دينيا او اخلاقيا باعتبار انه وهم وليس هناك اي ثابت فكري على الحقيقة ، ونستطيع كذالك لتمرير قضية الثورية وانها من ضمن السنن الكونية التي لاتؤخذ الحقوق الا من خلالها التناقضية !!.

طبعا الان هناك من سوف يأخذ هذا الطرح الذي نطرحه لمعرفة الدوافع الشيوعية المادية بتبني فكرة الديالكتيك والصراع على اساس انه دعما للظلم والاستبداد والسرقة الراسمالية ، من منطلق ان من يدعوا لعدم الصراع فهو حتما مع الخضوع والذلة والاستسلام !!.

والحقيقة انه ليس هناك من رابط يربط الثورية او التغيير او الحركة او التطور بالفكرة المادية الشيوعية ، ليقال ضد كل من ينتقدها على اساس انه ضد الثورية وضد التطور ، ولكن هناك رؤية فوضوية سياسية ، تحاول استغفال بني البشر ، ببعض الشعارات البراقة التي تطرح الحرية والديمقراطية ( مثلا ) من جهة وتطرح بنفس الوقت الدكتاتورية والظلم من الجانب الاخر ، ولتقول في النهاية : ان الديالكتيك والصراع يحتم الايمان بالديمقراطية من جهة وبدكتاتورية البروليتارية من جانب اخر !!.

ومثل هذا الفكر خطره في كونه من اتعس الافكار التي استغلت الانسانية المعذبة وامالها العريضة ، لتفلسف الاجرام والسرقة والاستغفال باسماء مستعارة وجميلة وجذابة ، بل ولتسرق مضمون العلم الذي كل الفكرة الماركسية المادية بالنقيض منه لتختطفه وتتاجر بالعلم كما بالفن كما بالفكر والفلسفة من اجل الوصول الى السلطة وخلق الفوضى واعتداء المجتمع بعضه على البعض الاخر وظلم الانسان لاخيه الانسان تحت مبررات وذرائع لايقال عنها الا انها ابشع بالفعل من ظلم السرّاق الرسماليين والمنحرفيين الكنسيين الدينيين !!.

صحيح يبقى الكثير في هذه المدرسة المادية الماركسية الالحادية الذي بحاجة الى مناقشة وتعرية ، وخاصة في مجال الترويج للالحاد ضد الاديان بصورة خاصة ، وضد الثوابت والاخلاق والحرية والكرامة واستقرار المجتمع .... بصورة عامة ولايكفي بالفعل ابراز المفاصل الفكرية فحسب لهذا الالحاد الديني في المدرسة الماركسية ، بل كان ينبغي علينا دراسة ايضا جميع مفاصل هذه المدرسة ومفصل مفصل ، ليدرك القارئ ان هذه الفكرة ، بالاضافة الى انها ابعد شئ عن العلم ، والفكر والفلسفة والانسانية ، هي كذالك المدرسة ، التي ان اختطفت الابرياء فكريا وعقليا وثقافيا ...فانها ستقودهم الى جحيم بشري دنيوي يكفر بكل القيم الانسانية والمواثيق والعهود البشرية ، لينتقل من انسان ينبغي ان يحمل قلبا وروحا الى انسان يحمل جثة مادية لاتشعر ولاتحس ولاتنبض بالحياة ابدا !.
___________________________________________

alshakerr@yahoo.com

الاثنين، يناير 18، 2010

(( الاخوان المسلمون من بنائين الى قطبيين .... رؤية من الخارج )) حميد الشاكر


(( الاخوان المسلمون من بنائين الى قطبيين .... رؤية من الخارج )) حميد الشاكر
_______________________________

لاشك ان انتخاب الدكتور محمد بديع مرشدا عاما ثامنا للاخوان المسلمين في مصر بعد انتهاء ولاية محمد مهدي عاكف رجل الاعتدال الاخواني ، وماصادف هذه الانتخابات من شدّ وجذب ، وما اثير من لغط هنا وهناك بشأن بروز مصطلحات جديدة داخل وخارج حلقة الاخوان من مثل ((قطبيين وغير قطبيين )) مضافا الى ذالك ما رافق هذه الانتقالية الصعبة نوعا ما لولاية المرشد العام الثامن داخل الاخوان بالاطاحة (ان امكن القول هكذا) ببعض الاصلاحيين او رموز الاعتدال الاخواني امثال نائب المرشد الاول السابق محمد حبيب وعبد المنعم ابو الفتوح عضو مكتب الارشادوبروز عناصر ممن تحسب على تيارات التشدد كعصام العريان وغيره ، وموقف الحكومة المصرية المراقب من بعيد والمفضل عدم الظهور بالصورة مطلقا ....الخ ، كل هذا بالامكان قراءته على اساس ان هناك بعض التطورات البنيوية الحقيقية التي تحركت داخل الكيان الاخواني الاسلامي المصري الذي يعتبر من اهم التكتلات الاسلامية في المنطقة العربية والاسلامية وايضا العالمية اليوم بلا منازع !!.

فالاخوان المسلمون جماعة لايخفى على احد انها من اكبر الجماعات الاسلامية في المنطقة والعالم ومن اقدمها تشكلا وتجذرا ايضا في الوعي الاسلامي الحديث ،وإن اكثر الحركات والجماعات والاحزاب والتكتلات الاسلامية من هنا وهناك تعود او ترتدّ بجذورها التنظيمية او الفكرية الى جماعة الاخوان المصرية الذي اسسها الشيخ حسن البنا (1928م ) لتستمر الى يوم الناس هذا كقطب محرك ، وفاعل في العالم الاسلامي والعربي المعاصر ، وعلى هذا الاساس فاي تغيير او تطور او طروء جديد على بنيتها او سلوكها او منهجها الحركي في الداخل او الخارج الاخواني وعلى مستوى القيادات وتشكيل اطر مكتب الارشاد ، او اقلّ من ذالك ، سيرصد بعمق على اساس انه تغيير ستمتد ارتداداته الكلية على جميع امتداد حركة جماعة الاخوان المسلمين داخل مصر وخارجها !!.

نعم إن الحديث عن تغييرات جوهرية قدضربت قمة الهرم القيادي الاخواني ، في مفصلين مهمين جدا هما :
اولا :مفصل الانتخابات الداخلية لجماعة الاخوان لانتخاب المرشد بدلا من بيعته في السابق لتطرح جماعة الاخوان المسلمين نموذجها الانتخابي الجديد ولاول مرة !.
ثانيا : صعود تيار القطبيين ( نسبة الى سيد قطب وافكاره ) داخل الاخوان للقيادة ومكتب الارشاد والمعروف بتشدده الفكري والسلوكي والمنهجي ايضا !.
لابد ان تكون لمثل هذه التطورات ماتستحقة من توقف ودراسة ، وتأمل في انعكاساتها ، السياسية الداخلية ،في داخل جماعة الاخوان المسلمين وفي خارجها كذالك ،وماسوف تنتجه هذه التطورات على رؤية الاخوان من الداخل وفي هرم القيادة المتقدم تجاه جميع القضايا العربية والاسلامية القائمة اليوم !!.

والحقيقة إن ما يميز المرحلة الاخوانية الاسلامية الجديدة انها اتت والعالم العربي والاسلامي يعيش في مرحلة مخاض ازمات لها اول وليس لها اخر ، وعلى كافة الاصعدة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، فهناك الازمات الخارجية كالكيان الصهيوني الذي يعيث في الارض العربية والاسلامية الفسادوهناك اشكالية دول اعتدال ومحور مقاومة ،وهناك ازمة المقاومة داخل فلسطين وخارجها ، وايضا هناك قضية الاحتلال ، والتدخلات الاجنبية ، والامريكية في لشأن العربي الاسلامي ،وهناك صواعق الطائفية والتناحر المذهبي الاسلامي الداخلي والاسلامي المسيحي التي تفجرت صواعقها بفعل التدخلات الاستعمارية وهناك اشكالية التطرف في العالم الاسلامي ......... كما ان هناك الاشكاليات المصرية الداخلية الاكثر تعقيدا بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين وغيرهم !!.

وكل هذا بالطبع منعكس على اي تطوّر ، او تغيير يحدث في قمة الهرم القيادي لجماعة الاخوان المسلمين ،لاسيما ان الحديث عن مرحلة سابقة كان مكتب الارشاد الاصلاحي ( حبيب عبد الفتوح ابرز قادته ) السابق بمرشده العام المعتدل (محمد مهدي عاكف) وماانتهجته هذه المجموعة من سياسات معتدلة ومتوازنة تقريبا في كل القضايا الداخلية المصرية ،والخارجية العربية ، والاسلامية ، ثم بعد ذالك ياتي الحديث حول تغييرات جوهرية في هوية ، وماهية قيادات الاخوان ، ومكتب ارشادها العام ، وانتقاله من كوادر اصلاحية منفتحة ومدركة ومتوازنة في طرحها السياسي العام ، الى الحديث عن قطبيين بقيادة محمد بديع وعصام العريان ....وغيرهم ممن لهم افكار وتصورات متشنجة في بعض القضايا الاسلامية شئ فيه الكثير من دواعي القلق والتساؤلات على مستقبل سياسة الجماعة اولا ، وماهية تصورات ادارتهم للملفات الداخلية ، والخارجية العربية ،والاسلامية بالنسبة لنا على الاقلّ ممن ينظر للجماعة من الخارج اكثر ممن يتعامل مع جماعة الاخوان المسلمين من الداخل !!.

والواقع إن اكثر ما يشغل اصحاب الفكر العربي والاسلامي من خارج جماعة الاخوان المسلمين وهم يرصدون هذه التطورات والتغييرات الاخوانية داخليا وعلى الساحة المصرية هي بعض الاسألة التي فرضت نفسها قسرا بعد عملية الانتخاب وصعود تيار القطبيين المتشدد لقيادة هذه الجماعة والتي تتبلور بالاشكاليات التالية :

اولا : هل ستبقى السياسات العامة لجماعة الاخوان المسلمين على خطها السابق في الحركة والتصورات لقضايا مصر الداخلية وقضايا الامة الخارجية ؟.
أم ان هناك بعض التطورات المختلفة ستبرز على سطح السياسات الاخوانية الداخلية والخارجية تختلف عن ما انتهجه مكتب الارشاد القديم وبمرشده السابق مهدي عاكف ؟.

ثانيا : عندما قيل ان هناك قطبيين قد صعدوا الى قمة الهرم القيادي الاخواني وفي مكتب الارشاد ، لاريب ان هناك ايضا تصورات خارجية وداخلية مصرية مختلفة قد صعدت للسطح كذالك لتطرح السؤال عن سياسة التشدد والتطرف والتكفير ، وهل ان القطبيين في صعودهم المفاجأ لقمة القيادة الاخوانية سينعكس بالضرورة صعود خطاب قطبي يميل للتشدد والتكفير والتطرف في الخطاب السياسي والدعوي الجديد للاخوان المسلمين ؟.
أم ان الخطاب السياسي والدعوي الاخواني لايتأثر بشكل مباشر بتغيير انماط القيادات الصاعدة والنازلة ، باعتبار انه خطاب مرابط بمؤسساتية ثابتة داخل الجماعة ولاتتحرك بتحرك الشخوص القيادية داخل هذه المؤسسات ؟.

ثالثا : ان اخطر مايواجه الامة اليوم ، هو الفتنة الطائفية الاسلامية الاسلامية داخل الامة ، بين السنة والشيعة ، والتي يلعب عليها الاستعمار الغربي والصهيوني لاضعاف هذه المنطقة العربية والاسلامية ، وكذا الفتنة الاسلامية المسيحية التي تضرب بالخصوص مصر هذه الايام ، وكان مكتب الارشاد السابق بزعيمه عاكف قد ابدى حنكة وتوازن كبير جدا في خطاب الاخوان بين هاتين الفتنتين بحيث ان الجماعة استطاعت وبطول فترة المرشد السابق مهدي عاكف ان تمسك العصى من الوسط وان تطرح خطابا توحيديا لاطائفيا ولايميل لجهة اسلامية على حساب اخر ، وألآن السؤال : هل المرشد الجديد محمد بديع وبتصوراته القطبية الصدامية المعروفة ، وكذا مكتب ارشاده الجديد بقيادة عصام العريان هو قادر على انتهاج سياسة الوسطية الاسلامية ، بحيث اننا سنكتشف خطابا يغطي جميع تلاوين وتعددية واختلاف المذاهب الاسلامية داخل الاطار وبما فيها السنة والشيعة ؟.
أم اننا سنفاجئ بخطاب طائفي متشنج سلفي ..الخ ،يميل لجهة اسلامية على اخرى ليزيد الهوة واتساع الشرخ لكيان الاسلام ووحدة الامة ، بحيث اننا سنلمس سياسة تمييز طائفية واضحة لحركة الاخوان القطبيين الجدد ، وميل يزيد اضطرام الاحتراب الطائفي الاسلامي الاسلامي والاسلامي المسيحي ، كما هو متوقع مع الاسف لسياسات الاخوان القادمة بقيادة القطبيين بديع وعصام العريان ؟.

ربما تكون هذه بعض الاشكاليات والتساؤلات التي بحاجة مرشد الاخوان الجديد ومكتبه الارشادي ان يجيبوا عليها بوضوح وبلا لبس او مداهنة من هنا وهناك ، وهناك ايضا الكثير من الاسألة داخلية من قبيل موضوعة التوريث ومشاركة الاخوان في الحياة السياسية او العزوف للدعوة فحسب ، وامكانية الاخوان ومشاركتهم في الفعاليات السياسة والحزبية وغير ذالك ..... وهناك الشأن الخارجي للاخوان وباقي الاسألة الاخرى ، لكننا اكتفينا بطرح بعض الاسألة لادراكنا ان اهم سؤال ربما ينبغي ان تجيب عليه جماعة الاخوان بتشكيلتها السياسية والقيادية الجديدة للخارج المصري اليوم وبالتحديد للاخر الاسلامي هو : هل ستبقى جماعة الاخوان المسلمين على عهد سابقها المعتدل والاصلاحي في موضوعة انتهاج الخطاب والسياسة الوسطية حيال التنوع الاسلامي الطائفي داخل الاطار الاسلامي واعني بذالك خطابها الاسلامي المتجاوز للتشنجات المذهبية الطارئة بين السنة والشيعة ؟.
أم انه ولصعود قطبيين ( تكفيريين على حد تعبير ابو العلا ماضي زعيم حزب الوسط ) ،فاننا سنجابه بخطاب وسياسة سلفية منغلقة ورافضة للاعتراف بالاخر ، وبمشروعية ان يكون له حق الاجتهاد في الرؤية المختلفة للاسلام ؟.

الحقيقة انه ومن خلال مايطرحه بعض قيادات القطبيين الجدد في قيادة الاخوان ، ولاسيما مايطرحه الدكتور عصام العريان من كتابات فيها الكثير من التشنج والانغلاق الطائفي الموجه بالخصوص الى الخط الشيعي الاسلامي ، وماينم عن ذالك من رؤية منغلقة عن الاخر ، فأن مثل هذه المؤشرات القطبية الاخوانية ، لاتبشر في الحقيقة بمستقبل سياسات اخوانية ،معتدلة ومتوازنة ووسطية في الخطاب والمنهج الاتي ، وهذا اذا ما اضفنا اليه فكرة ان هناك دعم سلفي تكفيري جاء من احدى دول البترول الخليجي التكفيرية ( السعودية بالتحديد ) ليساند الخط التكفيري المتشدد داخل منظومة الاخوان المسلمين وليدفع بهم لتسنم مكتب الارشاد والقيادة داخل الاخوان لتكون السيطرة السلفية المنغلقة هي المهيمنة على خطاب وسلوك...الخ الاخوان السياسي القادم ، فان ذالك يدعوا للقلق بالفعل على سياسات ومناهج وخطاب الاخوان في مرحلة قيادة القطبيين للجماعة !!.

بمعنى اخر : ان هناك بالفعل ولدى المراقبين من خارج الجماعة توجس وخيفة وتساؤلات .....من صعود القطبيين وفي هذه المرحلة الحساسة بالذات داخليا مصريا بحيث ان مصر على مفترق طرق حقيقي في هذه المرحلة ، وخارجيا من منطلق ان معادلة الاخوان كانت ولم تزل هي المعادلة الصلبة في توحيد خطاب الامة والابتعاد عن النفخ بكير الفتنة الطائفية ، ومجيئ وصعود تيار وخط وقيادة امثال عصام العريان وغيره وبخطابهم الطائفي المتشنج من جهة ، وبفقده للتوازن والرؤية البعيدة السياسية من جانب اخر ، فحتما ان الانعكاسات ستكون مدعاة للقلق على الاخوان ومن الجماعة بنفس الوقت ، لاسيما ان المرحلة القادمة عربيا ومصريا واسلاميا هي بحاجة بالفعل الى خطاب الاعتدال والتوازن والوسطية في كل الامور السياسية ، وليس بحاجة الى خطاب التكفير والانغلاق والتطرف والسلفية .... والذي يبدو انه السمة الصاعدة في قيادة الاخوان هذه الايام وفي مكتب ارشادهم ومع مرشدهم القطبي الجديد محمد بديع !!.

ان الخطر الحقيقي في تشكيلة الاخوان القطبية الجديدة ليس هي في جماعة الاخوان كمؤسسةانتهجت على طول خط تاريخها الدعوي والاسلامي والسياسي خطاب الاعتدال والوسطية والتوازن ..بفضل كوادرها الاصلاحية التي لااعلم كيف اطيح بها في ليل مظلم ،وبعيدا عن الاضواء ، مع حاجة مصر والساحة العربية والاسلامية ، لامثالهم في هذه المرحلة والمجيئ بكادر ابعد ماتكون الساحة المصرية بالخصوص والاسلامية بالعموم بحاجة اليه ،فمصر من الداخل لاتتحمل اكثر من ذالك تشنجا وتوترا وخطابا قطبيا حادا ومتعصبا ومنغلقا وطائفيا ،وكذا عالمنا العربي والاسلامي لايتحمل ضغطا سلفيا تكفيريا مزق الامة بفتنته الطائفية والدعوة للاقتتال الاسلامي الاسلامي وفتاوي التفرقة والضلال خدمة للصهاينة والاستعمار ، وصعود تيار القطبيين في هذه المرحلة الحرجة والمصيرية للاسلام والعرب فيه الكثير من المغامرة والكثير من القلق والكثير من علامات الاستفهام الخطيرة جدا بمضامينها وفحواها العميقة سوف يكشف عنها المستقبل قريبا جدا
___________________________

alshakerr@yahoo.com

السبت، يناير 16، 2010

(( شياطين وأوادم ..... رؤية قرءانية !)) حميد الشاكر


في القرءان الكريم عادة مايُطرح خطان لمسيرة بني الانسان على هذه الارض :
الخط الاول : هو خط البني آدميين بصفاتهم ومميزاتهم وتوجهاتهم وطبائعهم .... التي ورثوها من والدهم الاول مخلوق الله سبحانه ( آدم ) والذي على اساسه خاطب القرآن الناس ب (( يابني آدم لاتتبعوا خطوات الشيطان ..)) !.
والخط الثاني : والذي كسبه الانسان من خلال تمرده على فطرته وطبيعته وآدميته وشريعته ....، من الشيطان الرجيم عدوه وعدو اباءه الاولين ، والذي ايضا على اساسه خاطب القرآن المتشيطنين بقوله :(( شياطين الانس والجن .. و ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون )) !!.

والحقيقة ان لكلا الخطين مميزات من خلالها نستطيع ادراك خط الانسان في هذه الحياة اليوم ، وهل هو انسان منتمي للخط الادمي ( نسبة لادم ع ) وكل ما يتمتع به من صفات الاوادم الطينية الارضية ؟.
أم انه انسان منتمي لخط الشيطان ، ومُعتصر كل الاخلاقية الشيطانية في صفاته وذاته وانماط تفكيره التي ينتمي لها في هذا العالم الانساني المعاش من نارية شيطانية واخرى حارقة وثالثة متمردة ورابعة حاقدة حاسدة ؟.

طبعا المعروف من المميزات المختلفة لكلا الخطين الادمي والشيطاني ، انهما خطان متباعدان في صفات وطبائع وجواهر متعددة ، تصنع هذه الاختلافات ( حسب الرؤية الاسلامية القرآنية ) تناشزات طبيعية بين الاخلاقية الادمية ونمطية حياتها واساليب تفكيرها ، وبين الاخلاقية الشيطانية وما تتمتع به من اساليب وجواهر وطبائع مختلفة تماما عن الخط الاول ، ومن ابرز هذه الفوارق على سبيل المثال بين الخط الادمي والخط الشيطاني هي الاتي :

اولا : آدم مخلوق طيني ارضي بالامكان تقليب تربته وحرثها والقاء بذر الانبات فيها بعد سقيها بماء الحياة ، بينما الشيطان مخلوق ناري حارق ، ليس له ارض تورق ولاطينة تنبت ، وهذه حقيقة قوله (( خلقتني من نار وخلقته من طين )) .

ثانيا : على اساس الطينة الادمية اصبح لادم وابنائه ثقل ووزن وطمأنينة وحيز ، بينما بقي الشيطان الناري ليس له ثقل في جوهر الخلقة ولاوزن ولاطمأنينة وحيز ، فكان آدم خليفة للارض ( اني جاعل في الارض خليفة .) بينما بقي الشيطان معلقا في الهواء لناريته الخفيفة !.

ثالثا : في ادم وخلقه انكسار وانقياد وبحث عن طريق دائما وتوجه الى خالقه باستمرار ليعينه ويهديه سواء السبيل (( اياك نعبد واياك نستعين )) بينما في الشيطان واخلاقه ميل للاستقلال وابتكار الراي وخط الطريق بنفسه :(( انا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )).

رابعا : في ادم تردد واخذ وعطاء واستماع لاخر والقبول بنصيحته الخارجية ، وفيه تواضع وادراك للحجم الحقيقي لادم وامكانيته الادمية ، وفيه اندفاع وخوف وتوبة وعودة للطريق الالهي والشريعة المقدسة :(( قالا ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )) بينما في الشيطان الناري عزة بالراي والاثم ، وعدم استماع لاخر او الايمان برايه ( يعني دكتاتوري برايه ) وفيه جرأة واندفاع وعدم تنازل عن الراي وان كان خاطئا :(( انا خير منه ..)) .

خامسا : ادم الطيني بريئ وساذج ولاينظر لغيره بعلوا او بحسد ، وينفتح على الاخر حتى وان كان عدوه كما استغفله الشيطان مرّة واخرجه من الجنة ، وهو ادمي المزاج معتدل قابل للمرونة وبامكان اي مخلوق اخر الوقوف على طينته الارضية الادمية بلاعذاب ، وحتى ان صادف مخلوق اساء له فانه لايحمل الحقد عليه ابدا ، بينما الشيطان الناري حارق يريد ان يأكل بناره كل شئ ، لايستطيع احدا ان يقف على ناره بدون ان يحترق ، ولايرى الشيطان في غيره غير انه انقص منه شأنا ، وانه عدو ولاينبغي ان يعطى في هذه الحياة لاي شئ ، بل ان الشيطان يرى كل مافي الوجود ملكا له ولاينبغي لاحد ان يشاركه فيه ، وان اراد ان يشاركه احد بشئ فيجب تدميره حتى ولو على اساس النكاية والمكيدة به ب :(( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين )) !!.

نعم هناك ايضا عشرات الفوارق بين كلا الخطين الادمي والشيطاني اعرضنا عن ذكرها خشية الاطالة ، واكتفينا بما ذكرنا من امثلة لاحتوائها على الموضوع ، لنخلص من هذه الفوارق والمميزات الى ان الانسان اليوم وغدا هو ايضا خاضع لهذين الخطين في مسيرة حياته البشرية على هذه الارض ، فأما ان يتخذ من خط ادم وصفاته وجوهره خريطة يجتاز بها منحنيات الحياة ليصبح من بني ادم في هذا العالم ، او يتخذ من طريق وخط الشيطان له سبيلا ليصبح من حزب الشيطان وابنائه ومواليه على الحقيقة ، ولينظر للعالم من منظار الشيطان ومقتبسات اخلاقه النارية !!.

في حياتنا اليومية الان نصادف صنفين من بني البشر :
الاول : الصنف الناري المنتمي لخط الشيطان وهو يحمل جميع صفات الشيطنة الخلقية من نارية حارقة لاتورق ولاتنبت ،ومن صفات استقلالية ترى في نفسها القدرة على وضع الطريق والشريعة الانسب لمسير حياتها الفردية ، ومن جوهرية الكراهية لبني ادم الطينيين على الجملة والنظر اليهم بدونية وعنصرية وبغض منقطع النظير !!.
الثاني : الصنف الطيني الادمي صاحب البراءة والانبات والانفتاح على الاخر وطلب المعونة والتواضع والارشاد من الله سبحانه وتعالى دوما وبدون انقطاع !!.

بمعنى اخر ان من صفات البني ادميين عندما تبحث عنهم من حولك في هذا العالم انهم اناس قابلين لانبات الخضرة في طينتهم الانسانية ، وعندما تجالس احدهم تشتم عبق الجنائن وبرودة العشب الندي واريج النخيل وهي تملئ كل وجودهم الادمي ، فهو وجود قابل للعطاء وقابل للرحمة وقابل للانبات .... مطمئن متواضع ارض طيبة !.
وهذا بعكس مصادفتك لانسان شيطاني حرقته جوهرية النار الشيطانية لتترك ارضه سبخاء لاتحمل الا الدخان والحريق وكل ماهو اخلاقي النار واللهيب وماتتركه الجوهرية الشيطانية على طينة الانسان من رائحة ومن تشويهٍ ومن موت ودمار كامل لايقبل الاصلاح .

نعم وهكذا عندما تصادف ادميا من حولك متواضعا يستقي اخلاقه من ابيه ادم الاول وهو يتوجس خيفة من فقده للطريق ويلتجأ بين الفينة والاخرى لخالقه ومبدعه بطلب الرحمة والمغفرة والمعونة والاعانة ، ويعترف بحرقة بالظلم لنفسه وخالقه ويسأله الارشاد ، ويطلب منه الهداية وينتظر الشريعة ليسير عليها في حياته للوصول الى السعادة والاطمئنان !!.
وهذا ايضا مختلفا تماما عندما تصادف شيطانا انسيا متمردا على خالقه مغترّا بنفسه ، مصرّا على ان يخط طريقه في هذه الحياة بيديه هو وليس بيد خالقه ومبدعه ، اعتقادا منه انه الاكفأ على رؤية الحقيقة وهو الاعلى شأنا من ان يتواضع لغير ذاته النارية الشيطانية المتوهجة والمتمردة والخفيفة الحركة والجريان !!.

في حياتنا الانسانية نصادف بشرا لاادميين ( اي ان صفاتهم لاتنتمي لابيهم ادم الطيني البارد الارضية ) بل هم اقرب الى الشيطانية النارية منها للادمية ، حتى اننا عندما نجلس بالقرب من احدهم نحس حرارة النار الخارجة من جلودهم والتي تريد ان تحرق مابجانبها من اشياء غير نارية ، انها قوالب لاتحب احدا غير نفسها ، ولاترى في هذا الوجود وجودا ينبغي ان يحترم غير وجودها ، هي وجودات تتنفس بشهيق وزفير يحرق الاخرين من حولها ، وهي دائمة القول (( انا انا انا ......)) ولاترى للادميين بالقرب منها اي قيمة تذكر او منزلة يجب ان ترفع او شأنا يجب ان يحترم ويكرّم !!.

بعكس ذالك عندما نجلس الى ادميين من اهل الطين والتواضع والاتصال بالله سبحانه وتعالى ، هم بشر جلودهم باردة ، انفاسهم مختلطة بماء وطين الادميين ، وبشرتهم تميل الى لون الارض ، واحاديثهم دائما تشير للجماعة :(( ربنا ظلمنا انفسنا )) لايتحدث احد منهم الا وهو ذاكر للادمي الاخر الذي بجانبه ، وجلّ احاديثهم حول الله والى اين نحن ذاهبون وتنقضي هذه الحياة الدنيا والى التراب والطين والارض سوف نعود ، ونادرا مايلتفت احدا لغيره ليراه عدوا له في هذه الحياة ، فيهم براءة ادم بادية وضعفه واتكاله على الله سبحانه !!.

الخلاصة : اننا نستطيع ان ندرك من حولنا من خلال صفاتهم الادمية او الشيطانية شريطة ان ندرك الرؤية القرآنية لصفات كلا المخلوقين الناري الشيطاني الحارق ، والطيني الادمي المنبت !.
________________________________________________

alshakerr@yahoo.com

الجمعة، يناير 08، 2010

(( شمجلب بالشيوعية .... لاتكتب في صفحتنا مع الشكر !.)) حميد الشاكر


(( شمجلب بالشيوعية .... لاتكتب في صفحتنا مع الشكر !.)) حميد الشاكر
___________________________________

((شمجلب بالشيوعية )) رسالة وردتني من الاخ عبد الرحمن صاحب موقع صوت العراق باعتبار ان الضغوط عليه وصلت الى حد صعب جدا ، وفي زمن الديمقراطية وحرية الراي والراي الاخر ، تكون في بعض الاحيان الضغوطات لاتطاق لاسيما ان كانت ضغوطات مرتبطة بمصالح سياسية حقيرة ، تلعب في اتجاهات متعددة !!.
كان ردي :(( اخي ان كانت كتاباتي لاتعجب ذائقتك ارجو ابلاغي بذالك ...، وانا ادرك مايكتب ومالايُكتب )) !.
بعدها بيوم وردت رسالة عبد الرحمن ب :(( تحياتي اخي وارجوك بكل حب لاتكتب في صفحتنا مع الشكر)) .
خير انشا الله .

في عالم الانترنت المفتوح لا ابواب موصدة ، ولايخسر الكاتب منّا كثيرا ان حُجب عن الكتابة في موقع مابقدر خسارة الموقع لكتّابه هذا ان كان يقدر الكتّاب والكتابة طبعا واذا ما أ غلقت ابواب صحيفة بوجه قلم عراقي لسبب او لاخر لاسيما الاسباب التي تتعلق بالفكر فانه لايعدم النافذة الاخرى التي ستفتح له اذرعتها بكل تقييم واحترام ومحبة لكن لابد مع ذالك من كلمة في مضمار قطيعة الطلاق البائن بيني وبين موقع صوت العراق حول اوزيوزة ( الشيوعية ) وتحت فكر الديمقراطية الجديد اكتب مايعجب اصحاب المواقع ولاتكتب رايك الذي تؤمن به !.

صحيح ياحميد الشاكر انت شمجلب بالشيوعيين العراقيين وفكرهم وسياستهم الاعلامية بحيث جايبهم ( نتف ) الى ان ضجوا ضجيج الثكالى ولطموا لطم الايامي ، ورفسوا رفسة المصروع ، وتهستروا تهستر المجانين ، واقسموا بايمانهم الماركسية وحلفوا باربابهم اللينينية انهم سيلاحقونك في كل مكان يكون لقلمك فيه رسم ولاسمك فيه ذكر ليمحوا ذكرك ويشطبوا اسمك ويدمروا ويكسروا قلمك على راسك ، ويجرعوك السمّ الزعاف ، لترى حال من يتعرض لحزب وفكر الديمقراطيين الشيوعيين العراقيين في العراق الجديد كيف يكون مصيره ؟.

نجيب : الحقيقة لستُ انا من يترصد للشيوعيين الديمقراطيين العراقيين بسوء ،بقدر مايترصد الشيوعيون العراقيون انفسهم للعراق واستقراره بالعموم وللاسلاميين العراقيين وفكرهم بالخصوص بالشرّ والمكيدة بحيث اننا كاسلاميين مواطنين عراقيين لايفوت يوم من الايام ، بغير قراءتنا لعشرات المقالات الهابطة من الوحي الماركسي الشيوعي العراقي ، وهي تلعن افكارنا وتشوّه حقائقنا ، وتحرّض على معتقداتنا تحت مسميات :(( الاسلام السياسي والظلامية الدينية والرجعية المرجعية والتخلف والتبشير بحتمية وجوب موت الاسلام السياسي )) ...........وهكذا وفي كل المواقع العراقية بما في ذالك منبر صوت العراق الشيوعي بعدما كنت اعتقد انه غير ذالك ، وعلى هذا هو ( منو امجلب بالاخر ) الشيوعيون من ترك الارهاب والبعثية وكل اعداء العراق لتكتب اقلامه وليل نهار حول الخطر الاسلامي والتبشير بموته والتحريض ضده وضد اسلامييه ووجوب ازلتهم من الوجود العراقي الجديد .... ؟.
أم حميد الشاكر الذي يكتب كل شهر مقالة واحدة فكرية نقدية يدافع بها عن وطنه ، ودينه ، وشعبه ومعتقده واسلامه وكيانه وتنوير مجتمعه ؟.
هذا اولا .

ثانيا : عندما يكتب الشاكر مقالة نقدية تتناول (مثلا ) تدليس القلم الشيوعي العراقي الحاقد على العراق الجديد ، ويطرح انه اعلام ضد الاستقرار وضد الامن في العراق ومساند للارهاب والبعثية .... لااعتقد انه يتحدث عن خيال بقدر تحدثه عن واقع ربما لايكاد يلمسه الكثيرون بوضوح ولهذا ربما تكون كتابت حميد الشاكر حول الموضوع محرجة وكاشفة وفاضحة لسياسة خبيثة للشيوعيين العراقيين تتراقص على دماء العراقيين وعلى امنهم وتحرّض على استقرارهم للوصول الى غايات سياسات الحزب الشيوعي الغير معلنة والتي مختصرها ( خلق الازمة وصناعتها للاستثمار في اثارة الراي العام العراقي ضد الدولة والحكم المستقرة اليوم ، لتغيير المعادلة السياسية لصالح الشيوعية وحركات سياسية اخرى في الانتخابات القادمة !!!).

وهذا مايؤلم الشيوعيين العراقيين جدا من قلم حميد الشاكر ، لانه قلم تنويري يرصد بوعي كل حرف تخطه الاقلام الشيوعية مع باقي الاقلام المعادية للاستقرار العراقي ويدرك غاياته بوضوح ولهذا فالشاكر عدو الشيوعية العراقية اليوم بامتياز مثلما هو عدو البعثية الارهابية التي ايضا منقرضيها يتوعدون حميد الشاكر بكل ماهو مميت ومدمّر من على منابر مواقع الانترنت البعثية مثل موقع دنيا الوطن الاردني الفلسطيني البعثي وغير ذالك ، في عداء الشاكر للتكفيريين الوهابيين السعوديين الذين رأوا في قلم الشاكر واقلام عراقية اخرى وطنية وشريفة انها السيوف التي تقطع السنتهم كلما حركوها للتحريض على العراق وشعبه وامنه او اللعب بادمغة العراقيين لتخريبها !!!.

نعم ربما يسأل متسائل : وكيف ادركت وماهي الادلة يا اخي الشاكر على ماتدعيه على الشيوعيين العراقيين وانهم مدلسون وصانعوا اعلام مضاد للدولة والحكومة والشعب العراقي وامنه واستقراره ؟!.

نقول للاحبة السائلين هذا السؤال : بغض النظر عن ماتطرحه الاقلام الشيوعية العراقية كل يوم من تشويه وتدليس للحقائق وتحريض ايضا مباشر للتذمر على الحكومة والسلطة المنتخبة والقدح واشاعة ثقافة عدم احترام رموز الدولة العراقية وقادة حكومتها لينعكس هذا سلبا على ثقافة وسلوك افراد المجتمع العراقي بعدم احترامهم للنظام والقانون والسلطة .......، بغض النظر عن ذالك نقول خذوا اي مقال شيوعي عراقي ينشر في جريدة طريق الجحيم ، او طريق الشعب الشيوعية ، واخضعوه لعملية تأمل وتحليل ستجدون ان كل ماذكرناه هو صحيح ودقيق مئة بالمئة ،وان سياسة ( صنع الازمات واستثمارها شيوعيا حزبيا ) هي من صلب سياسة الحزب الشيوعي العراقي منذ ولد او زرع في العراق وحتى اليوم !!.

مثال على ذالك :(( رضا الظاهر )) كتب مقالا في طريق الشعب العدد 1547 في 2010م/1/5 تحت عنوان :(ننحت في حجر .. هذا هو مجدنا ! )) ولانه مقال كان موجها لكوادر الشيوعيين العراقيين في الخارج والداخل ، ولانه استحوذ على اهتمام شيوعي عراقي كبير ولانه ذكر كوارث وفضائح في سياسة الحزب الشيوعي العراقي تجاه الوضع العراقي الجديد انصح جميع المثقفين العراقيين غير الشيوعيين ان يقرأوا هذه المقالة ويحللوا مضمونها بشكل علمي وسياسي وواقعي ليخرجوا بالنتائج المستوحاة من مثل هذه السياسة ضد او مع العراق الجديد !!.

على اي حال بغض النظر عن ان عنوان المقالة توحي باحتقار شديد للشعب العراقي عندما تصفه بالحجر الا انني احببت فقط ان اذكر منها الاتي ليطلع الاخر على سياسة هذه الشلّة من منافقي العمل السياسي العراقي الجديد ، يقول الظاهر :(( واذا ما طرحنا شعار المقاطعة في غير أوانه فاننا سنضعف قوة (( تحريضنا)) ......ومن ناحية أخرى فانه يتعين على المشاركة في الانتخابات (والعمل من داخل البرلمان ) ، أن يكونا رافداً في ((التحريض)) لا عائقاً أمام أعمالنا الاقتحامية وسط الناس وفي طليعتهم، ونحن ((نستثمر السخط لتعزيز الأمل وتأجيج الكفاح من أجل الغايات السامية.)) !!!!.

هل يحتاج المرء اكثر من ذالك وضوحا ليدرك ان هذه الشلة من الشيوعيين العراقيين هي اولا غير مؤمنة بالعملية السياسية في العراق الجديد ، وانها ثانيا تنتهج اساليب التحريض الاعلامية على الدولة والحكم والسلطة والقانون ........وكل الوضع القائم لاستثماره حزبيا وشيوعيا في مصالحها ، وانها ثالثا هي من يؤسس فعلا لحالة السخط الشعبية داخل الاجتماع العراقي للوصول الى غاياتها المشبوهة التي اسماها الظاهر بالغايات السامية التي تعني الانقلاب على الوضع العراقي الجديد ؟.
أم ان العميان بحاجة الى اكثر من ذالك ليفهموا الفولة

على العموم اننا بعد ذالك كله يطلب منّا باسم العراقية وعدم اثارة النقمة على العملاء وبائعي الضمير ، ان نخرس ،ونصمت ولانكتب حرفا واحدا تجاه هذا النفاق السياسي والكفر الشيوعي الصريح بعراقنا وامننا واستقرارنا وبناء لحمة مواطنينا ..مع حكومتنا المنتخبة كي يرضى علينا صاحب صوت العراق وموقعه الجميل ويسمح لنا بالكتابة في جنته الديمقراطية ؟.

ثالثا : هذه الاجواء والافكار والسياسات الاعلامية للشيوعيين العراقيين وماتفرزه من سلبيات على استقرار المجتمع العراقي وامنه ، مضافا لذالك ماتقدمه من خدمات للارهاب البعثي الذي هو يعمل من الجانب الاخر على التحريض ضد العراق وشعبه كله من الخارج والداخل وصناعة السخط الشعبي ، ورديفا اليهما الارهاب القاعدي الاجرامي الذي يستفيد من حالة ( السخط الاجتماعي والخارجي والتحريض المستمر ضد العراق داخليا من قبل الشيوعيين العراقيين وخارجيا من قبل البعثيين ).... كل هذا جعل من هذا المثلث المشؤوم (شيوعية بعثية وهابية)اكبر خطر اعلامي وسياسي وارهابي وثقافي على العراق الجديد وعمليته السياسية واستقراره المنشود وتطلعه نحو المستقبل والعمران والامان فعلا !!!.

الان هل من حق حميد الشاكر وغيره ان يشيروا او ينوهوا او يحذروا او يكتبوا او يقولوا او يتنفسوا او يصرخوا بوجه من يحيك المؤامرات المتنوعة ضد شعبهم ووطنهم وامنهم : بانه .......... قفوا !!.
لا ..... ان مؤامراتكم مكشوفة وعلى الشعب العراقي ان يعي المخطط ضد دمائه وامنه واستقراره !!.
او يعلن حميد الشاكر بقلمه او غيره : انه ياشيوعيين ياعراقيين عليكم بالتوقف او عليكم بتوجيه سياستكم وثقافتكم واقلامكم بالاتجاه الصحيح ومع امن واستقرار شعبكم ووطنكم ؟.
أم على حميد الشاكر ان يصمت ويطرد من جميع المواقع كي لايكتب كلمة تفضح العمالة والخيانة من الداخل والخارج !!.

الاخ عبد الرحمن صاحب صوت العراق يسألني (انته شمجلب بالشيوعيين) ويطلب صراحا كاكا عبد الرحمن منّي عدم الكتابة في موقعه الذي جيره كله لصالح اقلام شيوعية مشبوهة ومحرضة ضد امن العراق واستقراره ، ومطبلة لتنابلة امراء الخليج وعبقرياتهم البترولية ......يعتقد ان حميد الشاكر سوف يخسر الكثير لانه مُنع من الكتابه في ساحة كان يراها حميد الشاكر انها ساحة حرب مع اعداء الشعب العراقي واستقراره وامنه ، لكنه الطيّب لم يدرك انني مستمر في طريق تنوير ابناء جلدتي العراقيين على مكامن الخطر ومثاقيب الافاعي ومزاريفها اينما كانت وتحت اي مسمى يرفع ،الى ان يفتح الله بيننا وبين القوم الكافرين !!.

رابعا : ليعلم الجميع بما فيهم اخوتنا من الشيوعيين العراقيين المغرر بهم ، والذي يدفعون في معركة ، يعتقدون انها بصالح حزبهم ان الضرر الذي الحقوه بالعراق من خلال اقلامهم التي تنفخ بكير الفتنة وكراهية الحكومة المنتخبة واستقرارها وامنها وخدمة للبعثيين القتلة والقاعدة المجرمين تحت بند سياسة ،التحريض وصناعة السخط ، واستثماره لمعركة الحزب الشيوعي العراقي ضد العراق الجديد ، سوف ترتدّ هذه المعركة الخاسرة الى نحورهم وسيجنون ماجناه منافقي خلق الايرانيون عندما اصبحوا اداة خارجية يضربون شعبهم تحت مسميات ايدلوجية اول من كفر بها هم الشيوعيون الايرانيون انفسهم !!.

نعم (( سنُجلب )) برقبة اي معتدي على العراق وشعبه ثقافيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ...وسوف لن نسمح لاي ارهابي ثقافي او فكري او سياسي سواء كان وهابيا تكفيريا او بعثيا صداميا او شيوعيا غوغائيا ........ وتحت اي مسمى ان يعبث باستقرار وامن وتقدم وتطلع ودماغ وثقافة هذا الشعب العراقي النبيل وعراقه الجديدوانه وعد لو بقى قلم الشاكر يكتب لنفسه فقط وفي زنزانه مغلقة فسوف لن يتنازل عن كتابة الحقيقة بقوّة الله ومشيئته ومعونته لاغير وفضح المأجورين والحاقدين والكارهين لهذا الوطن العراقي وهذه الامة المسكينة !!.

_______________________________________
alshakerr@yahoo.com

الخميس، يناير 07، 2010

(( طهرّوا العراق من رجس أم الخبائث ... دعوة لسنّ قوانين تجرّم الخمر ))


في يوم من ايام 1919 ميلادية اصدرت المحكمة الدستورية الامريكية تعديلا حول تجارة الخمور وصناعتها جاء مفاده : (تجريم تجارة الخمور وصناعتها في الولايات المتحدة الامريكية )، وكان ذالك بعد تمهيد اعلامي امريكي دام اكثر من خمسين سنة لاسباب اخلاقية واجتماعية !!.
فشلت تجربة القانون الامريكية في سنة 1933م وتم الغاء قانون تجريم الخمر في الولايات المتحدة الامريكية لاسباب رأسمالية تجارية في المقام الرئيس ولاسباب اخلاقية ايضا ومايتعلق بتركيبة المجتمع الامريكي الهشة اجتماعيا مما أطاح بتجربة تطهير هذا المجتمع من رجس أم الخبائث (حسب المصطلح الاسلامي ) ،ولترتفع من ثم الجريمة في هذا الوطن بصورة مرعبة حقا حتى وصول الاجتماع الامريكي الى اعلى نسبة محكومين في السجون العالمية ليس بسبب السياسة طبعا بل بسبب الجريمة ودوافعها التي تقف المخدرات والخمور ورائها في الطابور الاول !!.
لكنّ عندما نطالب ( ياترى ) لتطهير مجتمع اسلامي تقليدي اخلاقي كالمجتمع العراقي من رجس أم الخبائث الخمر هذه وندعوا المشرّع القانوني العراقي للتفكير الجّاد بسنّ القوانين التي تجرّم صناعة وتعاطي وتجارة ...الخمور والترويج لها اعلاميا داخل العراق فهل ستنتهي هذه الدعوة وهذا المطلب الى الفشل كما حصل بالضبط للتجربة الامريكية للقرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ؟.
أم ان مثل الاجتماع والوطن العراقي هناك عدّة عوامل اخلاقية ودينية واجتماعية وصحية تدعمه بمشروع التطهير هذا وحتى اقتصادية تختلف تماما عن تناقضات الاجتماع الامريكي وهي ماتدعم وترشّح نجاح اي محاولة لتطهير المجتمع من نجاسة أم الخبائث تلك ، ونجاح فاعلية قوانينها بصورة تلقائية وبدون خمسين سنة اعلامية لتهيئة الارضية لنجاح مشروع حظر تداول الخمور والتجارة بها وصناعتها أو الترويج اعلاميا لسوقها وارباحها داخل العراق ؟.
في دول عربية واسلامية كثيرة مثل الخليج العربي الكويت والسعودية ....الخ قوانين الحظر على صناعة الخمور والاتجار بها ولدت مع ولادة هذه الدول العربية والاسلامية على ارض الواقع البشري ، ولم يزل بالخصوص النموذج الكويتي لقربه من العراق مثل دعوتنا في خصوصية حظر الخمور وبناء الخمارات والمقاصف الليلية والاتجار بها او صناعتها وتحريم كل ذالك او تجريمه باللغة القانونية من ضمن القوانين الراقية جدا في المجتمع الكويتي التي حافظت كثيرا على نقاء هذا المجتمع وانفتاح تجربته النظيفة اجتماعيا على العالم مما تدفع هذه التجربة الصغيرة في حجمها والكبيرة في معناها انطباعا اوليا ان محاولة تطهير مثل هذه المجتمعات العربية والاسلامية من رجس أم الخبائث هذه هو ليس بالامر المستحيل او الصعب او الذي يتحتم عليها الفشل كما حصل في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر ومابعده لاسيما ان من مميزات هذه المجتمعات العربية والاسلامية ومن ضمنها العراق بشعبه الاخلاقي التقليدي المحافظ ان الله سبحانه انعم عليها بمقدس ديني اسلامي هو من الاساس يدعم اي مشروع لتطهير وتنقية المجتمع من النجاسات والخبائث اللاخلاقية ودوافع الجرائم ومبرراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاسرية ... وغير ذالك !!.

وعلى هذا الاساس وبغض النظر ان مجتمعنا العراقي هو من الجذور قابل لفكرة تطهير المجتمع من رذائل الخمور ومفاسدها ، ومهيئ نفسيا وروحيا ودينيا للترحيب باي احكام قانونية تنسجم مع روح الشريعة الاسلامية واخلاقياتها السامية نقول بغض النظر عن ذالك فأن موضوعة الخمور وماتسببه من انتكاسات صحية على الفرد والمجتمع ، وماتصنعه من مشاكل اسرية وتدمير كامل لنواة الطفولة ان قدر لهذه الافة ان تهيمن على الاب في الاسرة او الام مما يخلق وطبيعيا طفولة قابلة بالتربية للانحراف السلوكي وكذا ما يخلقه هذا الخبث من ظواهر اجتماعية تزري بالكرامة الانسانية وما تشيعه من فاحشة وجريمة والغاء كامل لضرورات المحافظة على عقل الانسان وتفوقه وسلامته وسحق تام لادمية الانسان ...الخ كل ذالك عوامل وظواهر ومؤشرات بل وحقائق تحتم على دولة كالدولة العراقية ومجتمع كالمجتمع العراقي ان يطالب وبقوةّ واليوم وليس غدا بضرورة سنّ التشريعات القانونية التي تجرّم الخمور والاتجار بها وتعاطيها بشكل عام ، او الترويج الاعلامي لها ، او استيرادها او صناعتها في داخل الوطن العراقي ففي ذالك وكما يعلم الجميع بالبداهة تطهير لهذا المجتمع من اخطر آفة عدوانية ادخلها الاستعمار الغربي عليه بشكلها الجديد الذي خلط بين ماهو حضاري وماهو خبث ونجاسة اجتماعية حتى اصبح الكثير من ابناء مجتمعنا (مع الاسف) ينظر للمقاصف الليلية وممارسة ارتياد اماكن بيع الخمور ، والمتاجرة فيها وتعاطيها كانها من الامور الطبيعية في مجتمع اسلامي يحرّم الاسلام فيه الخمور وعربي واخلاقي وتقليدي كالعراق !!.
نعم باسم طفولة عراقية كي تعيش حياة تربوية صحية بعيدا عن رائحة وجنون ونجاسة ام الخبائث هذه وهي تغزو بيوتنا وتدمرهابكل قسوة وعنف كما تدّمر قيمنا الاسرية وتوازننا السلوكي الاجتماعي ، وباسم الانسان العراقي الذي يحاول الجميع منّا اعادة الجسم السليم له والعقل السليم لذاكرته ، وباسم صناعة ظواهر اجتماعية ليس فيها مترنح في اخر الليل او ملقى على الطريق كميت والمارة تعبر جسده كجثة منتنة الكلّ يبتعد عن نجاستهااو كمجرم يفقد انسانيته مع تناول اول جرعة كحولية تحوّل الانسان الى حيوان هائج ومفترس وباسم المرأة العراقية التي يقع عليها العبئ الاعظم من خبث ونجاسة وعنف هذه الخمور التي يحتسيها الرجال عادة في مجتمعنا العراقي لتتحمل النساء كل اجرام ام الخبائث هذه وانعكاساتها الاخلاقية الاسرية التدميرية الخطيرة على المراة العراقية في هذا المجتمع .... باسم العراق النظيف ندعوا لسنّ قوانين تجرّم الخمور وتمنع تداولها او الاتجار بها او الاعلان والترويج لموادها السامة القاتلة !!.

(( ثقافة نقد السلطة وفلسفة ممارسة الحكم في العراق الجديد ))


ماعمرُ ظاهرة نقد السلطة ومعارضة الدولة في وطن كالوطن العراقي وعند شعب حضاري وجمهور فسيفسائي متنوع يملك من العمر الآف السنين المتطاولة ؟.
ثم ماعمر ثقافة ممارسة السلطة لهذا الوطن وعند هذا الجمهور العراقي ليرى نفسه صانعا ومنتجا للسلطة والدولة وليس مستهلكا لها ومعتصرا حياتها وطالبا لازهاق انفاسها ؟.
سوف لن اذهب بعيدا غائرا في التاريخ عندما خُلقت اول قرية اجتماعية بشرية في جامو الشمالية العراقية قبل اكثر من عشرة الاف سنة عندما اكتشف الانسان عملية تدجين الحيوان منزليا وزراعة الارض ،ولا ارجع بمتوالية هندسية لسبعة الاف سنة عندما اتضحت رؤية ظاهرة السلطة والدولة ، في مقابل الشعب والمجتمع في ممالك اور ، او سومر ، او مابعد ذالك لاكتشف علاقة الدولة مع المجتمع العراقي وما انبثق منها من ظواهر جدلية وكيف تبلورت رؤية المجتمع العراقي للسلطة والدولة وكيف كانت ردّة فعل الدولة والسلطة على هذا العنف الاجتماعي والسياسي المتبادل !!.
لكنّ دعوني ابدأ منذ الف واربعمائة عام منذ بزوغ شمس الاسلام العظيم على هذا العالم بصورة عامة ،وعلى الوطن العراقي ، بصورة خاصة لأتحسس نوع العلاقة الناشئة مابين الدولة والسلطة في الاسلام ومنذ فجره ،ومابين الشعب والجمهور العراقي منذ ان تلاقى مع الدول والسُلط السياسية التي تشكلت في ظلّ الاسلام ، وتبعا له فيما بعد حتى يوم الناس الحاضر لاسأل: هل كانت الدولة والسلطة في ظلّ الاسلام وفي يوم من الايام صديقة ومحبة ،وعادلة مع هذا الشعب العراقي الذي يمتد عمره لفجر السلالة الادمية البشرية العاقلة على هذه الارض ليكوّن حول الدولة والسلطة رؤية ايجابية ؟.
أم ان الشعب والجمهور العراقي في هذا الوطن الجغرافي قد تلاقى مع دُول الاسلام ، التي ورثت دول الحضارات القديمة في هذا الوطن العراقي بعلاقة اقلّ مايقال عنها ان الشعب العراقي حاول تقويم العلاقة مع الدولة ، والسياسة ، وطبقة الحكم فيها ، لكن دون جدوى وكلما حاول الشعب العراقي الالتفاف والتعبير عن نفسه بسلمية داخل السلطة والدولة ، كلما ابتُلي بطغاة وفراعنة يحاولون ترويض العراقيين للعبودية وليس لأدارة المجتمع بالسياسة والتنمية والاصلاح لهم ولمداركهم المعيشية الدينية والدنيوية ؟؟.
الحقيقة ان الشعب العراقي بجغرافيته هذه من الشعوب التي كانت فيه مركزية الدولة ، وقوّة بطشها تمثل منزلة الروح من الجسد وتُعبّر عن ظاهرة تاريخية تراكمية طبيعية لاسيما ان هناك عدة عوامل سياسية واخرى اقتصادية ومنها ايضا الجغرافية والشئ الاخير اجتماعية تجعل من المركزية للدولة وضرورة قوتها في بلد كالعراق وجغرافيته وموقعه وماله من ثقل تاريخي..... امر لامناص منه في بقعة جغرافية وتاريخيا كانت ممرا لحروب متنقلة وفتوحات وتوسعات امبراطورية تاريخية وحتى اليوم لاترى لها سلطان ، وسلطة على الدنيا كلها اذا لم تطأ ارض العراق وتهيمن على الشعب والجمهور فيه وتحكمه بقبضة من حديد وكل هذا على اساس انه ارض يمثل اولا واخيرا ارض معركة قبل ان يكون هذا الوطن ارض جمهور وعمران وبناء وحضارة واستقرار.... ولهذا كان ولم يزل العراق مرهونا وجوديا سياسيا بوجود قوّة الدولة ومركزيتها الحتمية الشديدة من جرّاء مايتعرض له هذا الوطن الحيوي من اطماع خارجية من جهة ،ومن ما ينعكس عليه في الداخل من مؤامرات تحاول اضعافه من الداخل مما يدفع الدولة والسلطة وطبقة الحكم فيه دائما الى ضرورة اليقضة ، والحذر والاشتباه والشك ....في كل فرد من افراد هذا الشعب ، والجمهور العراقي في داخل هذا الوطن باعتبار انهم عرضة طبيعية للاختراق الخارجي ، ونواة لايمكن الركون سياسيا لهدوئها من هنا او هناك !!.
وهكذا كانت للعوامل الجغرافية والسياسية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية ... وكل ذالك مدخلية مباشرة في صياغة نوع العلاقة واشكالياتها بين الدولة والسلطة والحكم في العراق وبين الجمهور والشعب داخل هذا الوطن ، واذا اضفنا لكل تلك العوامل الطبيعية عامل تسلط الطغاة على مدى قرون متواصلة على هذا الجمهورفحتما اننا سنصل الى نتيجة مركبة ومعقدة مفادها(ان الشعب العراقي وفي تاريخه الطويل لم يمارس الحياة مع السلطة والدولة الا بشكلها المتصادم والمتشنج والمناهض دوما للدولة ومسارات حكمها التي في معظم الاحيان تكون خادمة لطبقة الحكم في هذا الوطن على حساب مصلحة الشعب وامكانية التعبير عن نفسه داخل الدولة )!. وعلى اساس هذه النتيجة نكون قد وقفنا وجها لوجه أمام جواب سؤال ماعمرُ ظاهرة نقد السلطة ومعارضة الدولة في وطن كالوطن العراقي وعند شعب حضاري وجمهور فسيفسائي متنوع ومعقد ومتضارب المصالح يملك من العمر الآف السنين المتطاولة من جهة ؟.
ومن جهة اخرى نكون قد اشرنا الى انه : لماذا تتوتر هذه العلاقة تلقائيا وما اسباب ذالك وكيف ان للجغرافية ايضا وللموقع التاريخي كذالك مدخلية في فرض معادلة مركزية الدولة والسلطة القوية في بلد كالعراق وضرورتها الحتمية من جانب وما لهذه الحتمية الطبيعية من انعكاسات سلبية تلقائية على العلاقة بالمجتمع العراقي الذي كلما حاول ان يعبر عن نفسه سياسيا بحريةكلما اصطدم بجدار مركزية الدولة القوية وعدم تمكنها من التنازل قليلا عن هيمنتها السياسية والامنيةليتنفس المجتمع الحرية خوفا من انفلات الوضع وتهافت بنيانه من الداخل من الجانب الاخر ،مما يجعل عملية الشدّ والجذب بصورة مستمرة وديناميكية بين الجمهور العراقي ، والسلطة القائمة امرا فيه شبه كبير من عملية الحالة الطبيعية جدا في قوانين الحكم والادارة اولا(صناعة الادارة اي الدولة عندما تريد ان تدير المجتمع بغض النظر عن رؤية المجتمع لكيفية الادارة الصالحة ) اكثر منه محكوم بقانون الصراع بين السلطة والمجتمع ثانيا !!.
نعم ثقافة نقد السلطة ومعارضة الدولة في مجتمع كالمجتمع العراقي ظاهرة لم تولد قبل الف او الفي سنة فحسب ، بل انها ثقافة فرضتها الجغرافية السياسية العراقية والتاريخية منذ فجر التاريخ على هذا الوطن ، لتعمق من تجذرها سياسة الطغيان والاستبداد ....ثم تطورت الى شكل طبيعي لتتحول في كثير من مفاصل التاريخ الحديث الى عملية ادمان تصل الى حدّ الفوضوية المطلقة بحيث ان حركة سياسية فوضوية حديثة (مثلا) كالحركة الشيوعية العالمية ، عندما وصلت الى ثقافة الجمهور العراقي وهو يعيش اقصى الوان الضغط السياسي للدولة في محاولتها لترويضه على العيش في الحياة النظامية السياسية الجديدة بعد اندحار الامبراطورية العثمانية وقيام الدولة الملكية في العراق الحديث ، تلك الحركة السياسية وعلى الرغم من اختلافها الجذري اخلاقيا ومعتقديا وذوقيا واجتماعيا ....مع وجود الشعب العراقي لكنها استطاعت ان تستهوي بفوضويتها السياسية الثورية ، ودعوتها للتمرد على السلطة ،ومعارضة الدولة كل كيان الشعب العراقي ووجوده من منطلق : (( ان هذه الحركة قد لامست بُعدا ثقافيا متجّذرا داخل تركيبة المجتمع العراقي السياسية التي ترى ان الدولة والسلطة ماهي الاخلطة اسمنتية ومنذ قديم الازل اُريد منها ان تحكمه بالقهر والعنف وتخنق من حريته وحركته وتطوره لاغير)) وعلى هذا الاساس فعندما أتت دعوة تنادي بالثورة على الدولة ، والتخلص من السلطة ، وتدمير طبقة الحكم في العراق فقد صادفت استعدادا فطريا سياسيا تحمله جينات الانسان العراقي تاريخيا ضد ثقافة مشروعية الدولة وانسانية السلطة وقانونية الحكم التي ومنذ القدم لم يكن معها الجمهور العراقي على توافق حميم يذكرلاسيما ما عاناه الاجتماع العراقي من دول الجور وسياسة الطغيان والتفرعن وحكومات القتل والعنف والطائفية ..فكان ان تحوّل كل العراق الى شيوعية ليعبر من خلال فوضويتها ومناهضتها للسلطة والدولة عن مكامن روحه الثقافية المكبوتة من قبل قوّة مركزية الدولة واخذ السلطة له بالشدة في الادارة والحكم !!.
ان مثل هذه الظاهرة العراقية السياسية ، وبعد ان تيقنا ان فلسفة نقد السلطة في المجتمع العراقي قد عجنت عجنا مع جيناته الثقافية لترتقي الى مستوى الادمان التاريخي الذي من الصعب التخلص منه بسهولة تستطيع(هذه الظاهرة)خلق كارثة اجتماعية عراقية واحدة لاغير ، وهي كارثة تتجسد بحالة صراع ولادة سؤال ، يريد ان يقلب المعادلة التاريخية الاجتماعية العراقية الثقافية السياسية رأسا على عقب في يومنا الحالي وهو : بعد ان تمكن الاجتماع العراقي السياسي ولالآف من السنين اتقان مهنة فن نقد السلطة والتمرد ومعارضة الدولة والتخطيط لاسقاطها وتدميرها ....، فهل ياترى بامكان هذا الشعب والجمهور العراقي ان قدّر له القدر ان يعيد صياغة معادلة الحكم في العراق (ديمقراطيا ) من ممارسة السلطة وانتاجها والرؤية لها بايجابية بدلا من نقدها ومحاولة تدميرها لاغير ؟.
أم ان حالة الادمان الثقافية التاريخية في ممارسة نقد السلطة ، ومحاولة التمرد على الدولة ،أعجزت هذا الانسان تماما من رؤية نفسه في موقع ممارسة السلطة وصناعة الدولة وانتاج الحكم بدلا من تدميره فحسب ؟.
بمعنى اخر: اننا عندما ابرزنا ظاهرة نقد السلطة في وعي ، وثقافة الاجتماع العراقي واعطيناها تلك الابعاد التاريخية والسياسية لم نشأ القول :ان هذا الفعل السياسي الثقافي العراقي هو نتيجة غريزة غير واعية كان ولم يزل يمارسها الشعب العراقي كأدمان ليس له هدف وغاية ومعنى في هذه الحياة ، الا نقد السلطة من اجل النقد ، ومعارضة الدولة من اجل المعارضة ، والنقمة على طبقة الحكم من اجل النقمة ليس الاّ !!.
لا بل ذكرنا ان هناك عدّة عوامل ( تاريخية جغرافية سياسية اقتصادية ،ومن ثم اجتماعية ) فرضت علاقة متوترة بين الاجتماع العراقي التائق دوما للتعبير عن ذاته سياسيا بحرية ، وبين جهاز الدولة والسلطة وطبقة الحكم فيها التي مرّة يطغى عليها التفرعن والاستبداد ومرّة تجد نفسها مضطرة لاستخدام العنف لادارة وتنظيم المجتمع من جديد ، هي تلك الاسباب التي تفرض استمرارية النقد للسلطة والدولة من جانب الجمهور العراقي وانحراف الدولة والحكم من جانب طبقة الحكم في العراق منذ نشأته حتى اليوم وعلى هذا الاساس فنحن عندما نتساءل عن امكانية هذا الجمهور لممارسة السلطة والتعبير عن ذاته سياسيا وبحرية ، فنحن نتسائل عن امكانيته الثقافية في الانتقال من طابور المعارضة للدولة والنقد للسلطة ، الى طابور ممارسة السلطة وتوطيد اركان الدولة والمشاركة في الحكم ؟!.
والحقيقة انه ليس بالشئ البسيط ابدا الطلب من مجتمع كالمجتمع العراقي اليوم ، ان ينتقل بعزاله التاريخي الثقافي الثقيل من بيت النقد والتمرد ، والطعن بالدولة ، والسلطة والحكم والذي عاش فيه تحت الارض لاكثر من سبعة الاف سنة يتفنن فيها على :كيفية كراهية السلطة ورسم ابشع الصور الفنية لوجهها القبيح ، وفجأة تنقله الى بيت ، او قصر الحكم وممارسة السلطة ، والاقتران وحب الدولة بسهولة وبلا مقدمات غير مقدمات :ان الديمقراطية السياسية الحديثة قد سمحت له ان يكون حاكما بدلا من ان يكون محكوما مقهورا خائفا وتابعا ومهددا من قبل الدولة التي كانت تصنعها عصابة في ليلة مظلمة بينما اليوم يُراد له هو(الانسان العراقي) ان يصنع الدولة والحكم والادارة والسلطة !!!!.
نعم صعب على الشعب العراقي الذي اُتخم بثقافة عدم شرعية الدولة القائمةواستبداد طبقة الحكم فيها ، واجرامية المنتمين لها وصّناعها والمديرين لمشاريعها....الخ ان ينتقل هكذا وبين ليلة وضحاها من كونه من ضمن الرعية المساقين بالسيف والقوّة الى المخترعين للسيف والصانعين للسلطة والادارة والقوّة هو بنفسه وليس غيره !!.
وصعب جدا على شعب كالشعب العراقي ان يفهم قوانين اللعبة السياسية الجديدة بسهولة لاسيما معرفته لكيفية اعادة صياغة المعادلة بين سلطة كانت تحكمه ويناهضها الى سلطة هو يحكم من خلالها وعليها ان تحكم الاخرين وتدير شؤونهم وتتعامل مع رغباتهم المتنافرة وارائهم المتضاربة وميولهم التي تصنع كل ماهو معيق لحركة السلطة والدولة وانسيابية دورها ونجاحها في هذه الحياة !!.
ان السلطة والدولة في قاموس الانسان العراقي الاصيل هي النمروذ اولا وهي الفرعون وهي صاحب السيف وهي قاتلة الحسين وجميع الابرار معه ، وهي صاحبة القلب القاسي ، وهي القائمة على الحرب وهي صدام حسين المجرم وهي الحجاج وهي ....الخ ، كل هذا الكمّ الهائل من الظلام هو يعني السلطة والدولة والحكم في اجندات ودفاتر ذاكرة الشعب العراقي اليوم ، وسلطة ودولة وحكم بهذه البشاعة من المنظر من الصعب ان يتصالح معها الشعب العراقي بسهولة اولا وثقافيا كي يتمكن من ممارستها والابداع في صناعتها ثانيا وبلا ان يضطر ان يفهم الحقيقة التي سوف تصطدمه فيما بعد عندما يكتشف زورا انه لابد ان يكون ظالما ليعيش حياة الظالمين داخل الدولة والسلطة والحكم كما كان يفهمها ويستوعبها ويتربى عليها اجتماعيا !!.
والواقع ان هذه الثقافة السلبية تجاه الدولة والسلطة والحكم في ثقافة الانسان العراقي بغض النظر انها واقعية وحقيقة او انها تراكمية وتاريخية ، الا انها خلقت وصنعت في المقابل انسانا اقل مايُقال عنه انه انسان غير مستعد اجتماعيا لقبول زعزعة رسوخه الثقافي حول حقيقة وجوهر الدولة والسلطة والحكم ، ليغير ثوابته بسرعة ليرى الدولة والسلطة والحكم بعين مختلفة وايجابية !!.
وحتى لوقدّر لهذا الانسان ان يحكم فانه سوف لن يدرك صيغة حكم غير الحكم الاستبدادي والسلطة المستبدة والدولة غيرالعادلة لانه لم يثقف على نموذج آخر من الدول ، والسُلط ، والحكومات او يمارسها بالفعل ، ليجعل من ضمن ثقافته السياسية مفردات من قبيل : دولة القانون ودولة الانبياء موسى ومحمد ص وسلطة العادلين علي بن ابي طالب ع وحكومة الراشدين من عباد الله المتقين ....الخ لتكون لديه على الاقلّ كفة متوازنة تجاه رؤيته للدولة اليوم وللسلطة وللحكم في العراق ، ولهذا فلا استغراب عندما نرى موجة النقد اللاذعة للدولة وهيجان النار الثقافية التي تريد ان تطيح بالحكم وتدمّر السلطة على رؤوس اصحابها ، فمثل هذه الثقافة حتى في عراق جديد يحاول ان يصيغ المعادلة السياسية لتكون بصالح الشعب العراقي ، هي ثقافة طبيعية لايمكن التخلص منها الا عندما يضخ ثقافيا الجانب الثقافي الاخر من وجه الدولة والسلطة والحكم الذي تكون فيه الدولة هي ليس يزيد ابن معاوية ، بل انها الحسين بن علي ع وتكون السلطة هي ليس وحشٌ رابض على تلّ عالية من الارض متوثبا في كل لحظة لينقض على العراقيين ليأكلهم ، بل هي مؤسسة خدمية تحاول ادارة شأنهم العام وتنفذ مشاريع القانون عليهم بالتساوي وهكذا الحكم عندما يتحوّل ثقافيا اولا قبل ان يكون ممارسة فعلية من كونه اداة قمع وتفرعن وفئه وتعنصر وطائفية ...الى كونه مجال تعبير لشعب ينتخب الاصلح من ابنائه ليقدمه لصناعة الحكم وانتاجه بدلا من استهلاكه وجعله مزرعة تفريخ دواجن تنزل بيضا من ذهب على اناس ولتحرم اناس اخرين من الخبز !!.
اننا كعراقيين اليوم نمارس تجربة حكم جديدة ،وهي بالفعل جديدة علينا بكل المقاييس أمام تحدٍ شعبي اجتماعي جماهيري قبل ان يكون تحد سياسي لطبقة حكم او هياكل دولة او طوابير سلط حزبية منتظرة دورها للمشاركة في الحكم وصناعة السلطة ، بل ان الجمهور العراقي كصانع حقيقي للعراق الجديد عليه ان يعي مسؤوليته الانية في العراق الجديد ، وإن نجاح هذه التجربة وفشلها غير مرهون في الحقيقة بكفاءة كوادره السياسية ، بقدر ارتهانها لانتقاله كجمهور برؤيته للدولة والحكم والسلطة ، من كونها مؤسسات يجب القضاء عليها في ثقافته الماضية التاريخية الى مؤسسات تستحق التضحية من اجل الحفاظ عليها ، وبنائها والمشاركة بمسؤولية وحب في نهضتها باعتبار ان ماهيتها السياسية قد تغيرت تجاه الشعب والوطن والجمهور العراقي ، فعلى الشعب ايضا ان يغير من رؤيته لها ويدرك انه اليوم من صناعها وليس من الساعين لتدميرها ،وكل هذا لايتم من خلال الشعر ورصف القصائد واستغلال عواطف وهيجان مشاعر الشعب ضد السلطة وثقافته التاريخية المعروفة تجاه كل ماهو سلطوي بل بالاقلام الفلسفية السياسية العراقية التي تستطيع طرح ثقافة صناعة السلطة الجماهيرية اليوم بدلا من طرح القديم من الثقافات الفوضوية التي ادمنت ثقافة كيفية نقد السلطة لاغير وتدمير الدولة فحسب ، والنظر للحكم على اساس انه شبكة عصابة راسمالية تحاول صناعة الشرعية لسرقاتها فصنعت الحكم داخل المجتمع !!.
نعم ان الفلاسفة والمفكرين هم من يعبدّون الطريق للشعوب والامم لتعبر عليه من ضفة الى ضفة اخرى ، وعلى فلاسفة العراق الجديد ومفكريه وكتّابه ان يرسموا ملامح الطريق الذي ينقل المجتمع العراقي ثقافيا من ثقافة نقد السلطة وكراهية الدولة والاشمئزاز من الحكم فقط لاغير الى ثقافة كيفية صناعة السلطة والمشاركة في الحكم والدفاع عن الدولة وممارستها بكل قوانين القوة والهيبة فيها بلا تحفظ من استخدام ما استطعتم من قوة من اجل النهوض بها وتحقيق خطواتها والوصول الى الاهداف السامية لبناء حضارة عراقية يكون فيها الفرد العراقي قائدا ورائدا بدلا من ان يكون دائما تابعا وسلبيا وعاجزا وخائر القوى والتفكير والابداع !!!.

الحسين وحديث حول الصراع والطائفية وعبدالله الرضيع !


كنّا ذاهبين الى احياء مراسم عاشوراء الحسينية انا وزميلي ابو محمد عندما التفت اليّ قائلا : ليس في الاسلام ضعف هذه الايام سوى الصراع الطائفي وهذا سُني وآخر شيعي !!.
وحتى المتعلمنين والملاحدة من اهل اليسار ، والمتلبرلين ايضا ، لم يجدوا سلاحا يطعنون به الطرح الاسلامي وكفائته لقيادة الحياة غير حديثهم عن المحاصصة ، والصراع السني الشيعي ، وان الاسلام يحيي مفردات التمزق المذهبي لاي شعب فماهو رايك بالموضوع ؟.
وكيف من جانب ، وفي احاديثك كلها تطرح ان الاسلام قوة ، وتوّحد لهذه الامة ومن جانب اخر انت ترى بالفعل ان في داخل الاسلام توجهات وطوائف ومذاهب وملل ونحل واجتهادات مختلفة ربما تكون هي الاساس لحالة الصراع اليوم ؟.
قلت : هل قرأت او سمعت ايها المحترم عن الديالكتيك في الماركسية الشيوعية ؟.
قال : نعم ولكن لم افهم كل مايعنيه الديالكتيك وماعلاقته بموضوعنا الاسلامي ؟.
قلت : اولا معنى الديالكتيك هو عملية الصراع والجدل التناقضي ،وثانيا كان هدف فكرة الصراع او الديالكتيك داخل الاطروحة الشيوعية هو : ان تكون نواة فكرة التطوّر داخل هذه الاطروحةبمعنى ان الاطروحة الماركسية عندما ارادت ان تفلسف عملية التطور الداخلي في منظومتها الفكرية طرحت مفردة ( الديالكتيك ) لتكون هي الدينمو الذي يحرك العملية برمتها ويدفعها نحو التطور والتقدم ولهذا قيل ان المجتمع يحمل في داخله عملية صراعه الذي توفر له ديمومة الحركة والاندفاع نحو التغيير !!.
هذا مايخص الديالكتيك ، أما مايخص علاقة الديالكتيك بموضوعنا الاسلامي فلانني اعلم ان اصحاب الطرح الذي يحاول النيل وتشويه صوره الاسلام اليوم وطرحه القيادي لحياتنا الاسلامية فكريا وثقافيا هم انفسهم من ينتمون للطرح الفاشل الماركسي الشيوعي الذي افلس من كل شئ ولم يبقى لديه سوى العمل على تدمير حياة هذه الامة عمالة للمستعمر الغربي الجديد ولهذا كان قصدي واضحا بالربط بين افكار اليسار المشوّه العراقي وبين موضوعة الصراع داخل الاسلام لاتحدث لك ولغيرك عن ان اصحاب مشروع تدمير الاسلام باي ثمن هؤلاء الناس لديهم جهل مركب وليس جهلا بسيطا بحيث اننا حتى لو سلمنا بفكرهم الايدلوجي وطلبنا منهم ان نقرأ الاسلام بعيونهم كي نصل الى الحقيقة والى ( الصراع الايجابي في الاسلام ) فايضا سوف لن نصل معهم الى شئ ،فالقوم كما تعلم مصابون بجمود فكري وتحجر في كل شئ داخلهم حتى في المشاعر كما قال الله سبحانه عنهم :(( واذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء ولكن لايعلمون ))!.
على اي حال نعود لموضوعنا الاسلامي ، وصلته بالقضية الديالكتيكية تلك لاقول : نعم في داخل الاسلام كاي اطروحة فكرية تحاول خلق الحركة من داخلها وتنظرّ لعملية ادامة هذه الحركة ، بذر الاسلام ومن داخله عملية الاجتهاد الفكري وحثّ جميع المسلمين والمؤمنين به الى عملية اعمال العقل البشري في ادراكه وفهمه ومن هنا وبما ان اجتهادات البشر بطبيعتها متعددة ومختلفة ومتنوعة بدأت حركة التنوع في داخل الاسلام تأخذ طريقها مع بواكير حركة الاجتهاد والفكر داخل الاسلام ، لتتشكل النواة الاولى لتقسيمات الاجتماع الاسلامي المتعددة في اجتهادات الصحابة حول مواضيع الاسلام الفكرية الكثيرة وشيئا فشيئا تطوّرت هذه العملية لتتبلور بشكل مذاهب واتجاهات وملل وطوائف اجتماعية انسانية تحيط هذه الافكار والتوجهات ، ومن ثم شيعة وسنة ومعتزلة واهل حديث وماتدرية ...........الخ فيما بعد لتكوّن هذه المذاهب والاتجاهات والطوائف وماتطرحه من توجهات فكرية واخرى عقدية وتدافع عنها ، حالة الصراع ( الديالكتيك ) ونواة بذرة الحركة وديمومتها داخل الاسلام ومن ثم لتضمن اطروحة الاسلام العظيمة عملية ونواة حالة الصراع من داخلها لتكون اطروحة مستمرةومتطورة ومتغيّرة مع تطورات ، وتغيرات الحياة الاسلامية بصورة خاصة والعالمية بصورة عامة من حولها ،وبهذا ضمن الاسلام ديالكتيكه الخاص الممون لحركته الجوهرية الداخلية من ذاته ليضمن عدم الجمود ((جموده )) على مرحلة معينة من الزمن ،اوالمكان ، وحاله في ذالك حسب ماطرحه الشيوعيون القدماء وليس الجامدون التافهون الجدد اليوم حال الاطروحة الشيوعية عندما بحثت لها عن فكرة تموّن حركتها بالاستمرار فوجدت (( الديالكتيك )) او التناقض لتكون هي الفكرة التي تشرح من خلالها عملية التطور والتغير مع مستجدات الحياة ومشاكلها ، وهكذا الاسلام في قراءتنا الايجانية لمفرداته من الداخل فاننا سنجد من خلال القراءة العلمية والموضوعية والفكريةان موضوعة الاجتهادات والطوائف والمذاهب والملل .... في داخله لاينبغي ان تقرأ من جانبها السلبي فقط حتى وان افضت في بعض الاحيان الى حدّة في حالة الصراع الداخلي وانتقالها من عملية الديالكتيك الفكري الاجتهادي الى عملية التناقض والتناشز الصدامية كما يحاول اليوم اعداء الاسلام ادخال المسلمين داخل عملية صراع الطوائف وتقاتلهم بعضهم مع البعض الاخر !!.
أقول حتى في حالة تطوّر عملية الصراع الايجابي الداخلي داخل الاسلام ،وانحرافها عن مسيرتها المنضبطة ، فكريا ، وعلميا وشطوحها او انزلاقها الى حالة صراع دموي بين المذاهب ، والطوائف داخل الاسلام في بعض الازمان ، حتى في هذه الحالة ينبغي ان ننظر لعملية الصراع على اساس ايجابيتها البعيدة لتجدّد الخطاب والفكر الاسلامي في المستقبل ، ولاينبغي ان ينظر الى هذا الديالكتيك الداخلي الاسلامي بصورته السلبية لاغير كما يفعل اعداء الاسلام اليوم من منطلق ان هذا الصراع سيفضي حتما الى قتل الاسلام او تدمير مشروع اطروحته القيادية الاسلامية لحياة هذه الامةوعليه لامناص من عزل الاسلام عن قيادة الحياة لعدم كفائته في الادارة المنضبطة كما يرّوج لها المنحرفون !!.
لا ...الاسلام غير قابل للموت وكلما زادت حدّة الصراع في داخله زادت ايضا وتيرة تفعيل حركته وقدرته على الانتاج الفكري والحراك الاجتماعي اكثر فاكثر !!.
فهل وعيت الان ياصديقي ماعلاقة الديالكتيك بموضوعنا الاسلامي ؟.
وكيف : ان الذين يحاولون قراءة الصراع الداخلي والطائفي ، او المذهبي داخل الاسلام بصورة سلبية فقط ، لتشويه الصورة الاسلامية لاغير هم من اغبى الناس وابعدهم عن الرؤية المستقبلية لهذا الدين ؟!.
قال العزيز ابو محمد بعد ان سمع مثل هذا الكلام : يعني حضرتك قلبت الموضوع راسا على عقب ، وبدلا من ان يفرح اعداء الاسلام بتقاتلنا ويزيدوا من حطب النار المشتعلة ليطرحوا عدم صلاحية الاسلام لقيادة الحياة ، انت الان وضعتهم في زاوية الايجابي من هذا الصراع ، وكيف انه مكتشف علمي ماركسي قبل ان يكون مكتشفا علميا اسلاميا ؟!!.
على اي حال يبدو منطقيا ماتحدثت به ، وانه بالفعل ان اي اطروحة بحاجة الى حالة او عملية صراع داخلية تجدّد الحركة والروح لهذه الاطروحة في كل زمن ومهما تغيرت هذه الحياة !!.
وصحيح تماما كما الصراع طبقيا داخل الاطروحة الماركسية ،كذا التدافع والصراع فكريا واجتهاديا داخل الاطروحة الاسلامية الا انه يتمثل بدلا من الطبقة هو في الطائفة او المذهب او الملة والنحلة !!.
ياترى ياخي من اين لك هذه التصورات التي تستطيع ان تقلب كل شيئ من صورته القاتمة ضد الاسلام الى صورة على الاقل ليست سوداء تماما لصالح الاسلام ؟.
قلت : ياأخي ابو محمد كل هذا من بركة الحسين ع !!.
فقال مبتسما : اي (اشجاب ) ماعلاقة الحسين لما نحن بصدده ؟!.
فقلت : بل ان الحسين ع ، وثورته ،وعاشورائه هو صلب موضوعنا بالتمام في فكرة الصراع والديالكتيك والمذاهب واختلاف الاتجاهات في داخل الاطار الاسلامي !!.
فكرر العزيز ابو محمد المحترم سؤاله بدهشة : وكيف ؟.
قلت : ان الحديث عن الصراع داخل الاطروحة الاسلامية باعتباره المحرك لحياة الاسلام ،وديمومة تألقه وانتاجه دوما ، ليس بعيدا عن الحديث عن مَن خلق الصراع الحقيقي داخل هذه الاطروحة ؟.
وثورة الحسين كما تعلم انت هي بالفعل اول من فجر صاعق الديالكتيك الاسلامي الثوري بقوّة داخل الحركة الاسلامية الوليدة انذاك ؟.
نعم :الاجتهاد الفكري الذي اسس له الاسلام ، والاختلاف التصوري لطبقات افراد الاجتماع الاسلامي حول فهم الاسلام ووعيه فكريا كان النواة النظرية لعملية الصراع والتدافع والامر والنهي ..... داخل الاطروحة الاسلامية ، لكن الحسين وثورته كانت هي جذوة الانشطار النووي المتتالي داخل القنبلة الاسلامية التي فجرت الحركة الاسلامية ، ودفعتها بشكل مختلف تماما عن ماكانت عليه في السابق والى اليوم !!.
فالثورة الحسينية هي التي اسست للاتجاه المتصارع ثوريا وشرعيا اسلاميا داخل الاسلام ( وليس خارجه كما كان في زمن محمد رسول الله ص) مع الاتجاه السلطوي الحاكم الجائر داخل الاطار الاسلامي وهي التي دفعت الطبقات الاسلامية الانسانية اما للتكّتل ضد الجور والحكم والتفرعن في جانب الثورة الحسينية ، او التكتل مع السلطة والمصالح وطبقة الحكّام واصحاب المال والهيمنه .........وهكذا اصبح الاسلام بعد الحسين وثورته فرقتان فرقة تناضل من اجل الحرية والعدل واحترام دستور الاسلام وقوانينه واحكامه ، وفرقة تناضل من اجل مصالحها السلطوية وامتيازاتها السياسية والفرعونية لاغير !!.
بمعنى اخر ايها الصديق :ان الثورة الحسينية هي الدينمو هي الديالكتيك هي حركة الصراع الداخلية للاسلام التي لولاها لجمد ومات الاسلام منذ اكثر من الف واربعمائة عام على المستوى الاجتماعي ،ولاصبحنا اليوم متخمين بصراع نظري فكري حول الاسلام بلا اي حركة اجتماعية متبلورة لحراك يقدم الدم ويقدم النضال والعرق والتضحية من اجل الحرية والاسلام !.
قال : اي فعلا الحسين ع هو الكارثة !!!.
قلت : هل تعلم ايها الحسيني الطيّب ان الحسين ع فريد من نوعه في كل شئ !.
قال : ادرك هذا المعنى .
قلت : وهل تدرك ان الحسين فقط في هذا العالم هو من تحمل بلاءات وامتحانات ومصائب جميع الانبياء والرسل والائمة منذ ادم ابو البشر ع حتى محمد الرسول ص واهل بيته الكرام ، بحيث ان الحسين بدأ العالم بمأسيه وانتهى على يديه ؟.
قال: وكيف ذالك ، وأنّي لأعلم انك من انصارعدم عقلنة القضية الحسينية بالمطلق ، كما سمعت منك ذالك مرارا فلا استغرب ايها المتصوف في عشق الحسين ان تقول مالايرضاه عقل او تفكير ؟.
قلت : اي اسمع واقرأ ان هناك الكثير ممن يدعون الى عقلنة الشعائر الحسينية او تقديم هذه الشعائر بشكل ( كما يقولون ) حضاري ، حتى ان احدهم بعث ليّ صورا للتطبير في ايام عاشوراء ،ليريني كيفية الدماء وهي تسيل من على رؤوس الشيعة المؤمنين بالحسين وثورته ،وليكتب ليّ تحت الصورة : هل هذا شئ حضاري ومعقول ويخدم قضية الثورة الحسينية العظيمة التي ينبغي ان تقدم بلغة العصر والحداثة ( يعني من خلال شوكة وسكين ) ؟.
الحقيقة يااخي ابو محمد انا لااعلم ماذا يقصد البعض ب ( عقلنة الثورة والشعائر الحسينية ) ؟.
وهل في الثورة الحسينية كما اراها اي شئ معقول ومنطقي وقابل للتفسير اصلا حتى يمكن عقلنة هذه الشعائر ؟.
الحسين بن علي ع سيد الشهداء واعقل البشرية جمعاء يخرج بثورة كربلائية دموية ضد الظلم والظالمين ستخلق في الاسلام قنبلة تتفجر الى ان تقوم الساعة وهو يحمل بين ذراعيه طفل رضيع ابن شهر او ستة اشهر ، هل هذا معقول ؟.
انظر الى ثورات الانبياء كلها من ادم وحزنه وبلائه بفقد ابن وانحراف وكفر الابن الاخر ،وحتى خاتم النبيين محمد ص فهل ستجد ان هناك من اخرج طفلا رضيعا لارض معركة لاتبقي ولاتذر ؟.
انظر مرّة اخرى لتضحية الحسين بعياله واخوانه وعشيرته ونسائه واطفاله واصحابه ونفسه ووجوده ....من اجل الاسلام وقارن كل هذا بانبياء الله ورسله وما تحملوه من بلاءات ومحن ، فهل ستجد هناك مقارنة عقلية معقولة بين بلاء يونس ع والحسين ، او بلاء موسى وهارون والحسين ، او بلاء ابراهيم ونوح ع والحسين ؟.
هل من المعقول ان يرى الحسين ان ثورته لاتكتمل بنودها الاسلامية الا بكل هذا الكمّ الهائل من التضحيات ، بينما كان يكفيه ان يخرج رجلا لرجال ، لينازل الظالمين في ارض المعركة ، ولتنتهي الملحمة بلا ذبح اطفال وحرق نساء وابادة امة ومجزرة انصار ومحرقة دين وقرآن وانسانية وبشرية كاملة !!.
سألت نفسي ياصديقي ابو محمد : ياترى مارمزية عبدالله الرضيع الذي ذبح بين يدي الحسين يوم العاشر من محرم ؟.
وياترى عن مَن كان عبد الله الرضيع ابن الحسين يفتدي نفسه في التاريخ وحتى اليوم ؟.
قلبت التاريخ فلم اجد نبيا اسمه عبدالله ولم اجد وصيا ، او رسولا يحمل اسم عبدالله ، لأستطيع ان اقارن عقليا ، بين ضحايا الحسين الذي قدمهم لله في العاشر من محرم ، وضحايا جميع انبياء الله ورسله وخلقه ؟.
والحقيقة لم اجد مقارنة منطقية لعبدالله ابن الحسين غير انه يشبه عبدالله بن عبد المطلب ( ابو الرسول الاعظم محمد ص ) في حاله اول ولادته عندما ولد ايضا كان قد نذر عبد المطلب جدّ محمد ص ،ان يذبح العاشر من ابنائه لله سبحانه ، ان رزق بعشرة ذكور اشدّاء ،وبالفعل همّ عبد المطلب جدّ الرسول ان يذبح رضيعه عبد الله الا ان يدّ القدر تدخلت لتفتدي عبدالله الاول بمئة من الابل العربية !!.
أما عبد الله الحسين فلم يكن له فداء سوى الدم في كربلاء العراق ليذبح عبدالله مرّة اخرى في سبيل الله سبحانه !!.
ان عظمة الشعائر والثورة الحسينية ايها الصديق المحب في انها ليست واقعية ، ولامنطقية... بل وفيها مسكة الحبّ الالهية الجنونية بامتياز التي تدفع المحب دفعا للاحتراق النهائي فوق نار شمعة معشوقه (والذين امنوا اشدّ حُبّا لله ) !!!.
نعم الشعائر الحسينية وكذا الثورة الكربلائية عظمة اسرارها في صعوبة حلّ رموزها والى اي الاهداف الاعظم كانت تشير ، وحالها في التمّيز حال الشعائر الاسلامية التي لايعلم مضامينها واهدافها وغايتها او لايمكن عقلنتها لتلائم روح العلم والعصر والتحضر كما يدعون !!.
نصلي نصوم نتعبد نركع نسجد نحج نتوجه .....كل ذالك تعبّد في الاسلام ،يحمل ظاهرا لكن من الصعب فهم الغايات والدوافع والمنطقيات والتعقلن لحركة ساجد او توجه راكع او الطواف على بيت او مسح وجه ويدين بتراب في تيمم بدلا الماء الطهور إن فقد !!.
وهكذا الشعائر الحسينية اناس تبكي واخرى تلطم وثالثة تجرح الرؤوس وتفزع القلوب وتدخل المشاعر في هيجان والتعابير في غيبوبة واسطورية قديمة قدم حزن الحياة وادم على فقده للجنة ، وبعد ذالك لاتسألني عن العقلنة فكل وجود الانسان اصلا هو غير معقول في هذه الحياة !!.
ان التعبير عن الطقس كلما كان غريبا غير مألوفا ولامنضبطا بمعالق التحضّر واتيكيتات عالم المترفين وطبقة الراسماليين المجرمين كلما كان اسطوريا بدائيا حضاريا قديما غيبويا عميقا....الخ يجذب الانسان من الداخل ليسافر به الى بدايات نشأته الانسانيةوطقس عاشوراء الحسين عليه السلام عظمته في انه لم يزل قريبا من الدم ، وجمع جميع تاريخ الانسان منذ الولاة وحتى الممات في اسطورة فترتها الزمنية نصف ساعة لاغير !.

(( العراق الجديد ... الاسم الذي يبغضه اعداء العراق !!))

العراق الجديد أسمٌ ورد دستوريا ( ذُكر في دستور العراق اليوم ) لحقبة مابعد انقبار حكّام البعث الصداميين ، وانقشاع ظلمة استبدادهم من على صدور العراقيين جميعا ، بعد سنين وسنين من سياسات القهر والابادة والاستهتار البعثية التي مارسها جلاوزة النظام العفلقي السابق بالحكم ضد الشعب العراقي بمهارة وتقنية وفنية عالية النذالة وعدم الانسانية والاحترام لاي حقوق واخلاقية ، ومن هنا اطلق الشعب العراقي اولا اسم (( العراق الجديد ))على هذه الحقبة الجديدة ، ثم استجاب الدستور العراقي للرغبة الجماهيرية هذه ليسمي ايضا هذه الحقبة ب (( العراق الجديد )) على امل ان يتخلص العراقيون من التراث السياسي الماضي المظلم والبغيض ، ويفتحوا صفحة جديدة لحياتهم مابعد النجاة من المحرقة التي نصبها لهم حزب البعث وصدام واعداء الشعب العراقي بالعموم !!.
ولكنّ يبدو ان هذا الاسم اصبح يثير الكثير من اعداء العراق اليوم لاسيما منهم الذين يرون في العراق انه لابد ان يبقى قديما وعاجزا ومتخلفا ومظلما .....لسبب او لاخر ايدلوجي او سياسي او حتى طائفي او صدامي في مثل منطقتنا العربية ، فهناك شبه هستيرية عصابية تنتاب الكثير ممن يريد ان يرى العراق دائما وخصوصا بعد حكم المقبور صدام حسين على اساس انه عراق الاشباح وعراق الدماء وعراق الخراب وعراق الجثث وعراق الاضطراب الامني وعراق ...... الخ لاغير ، وكلما سمع هؤلاء الصداميون الهاربون او المتباكون على حقبتهم الظلامية في حكم العراق اوالحاقدون فيما بعد على حقبة العراق الجديد باعتبارهم من المتضررين من عراق يحكمه اهله الاصلاء باسم الله وباسم الشعب اسم او مصطلح او رسم او ذكر.. (العراق الجديد ) على لسان اي عراقي او في كتابة اي كاتب او بين سطور اي مقال ..... يقلبون الدنيا رأسا على عقب ، وتجذبهم رجفة من الصرع وحالة من الجنون ، والتخبط بحيث ان الانفعالية والتعبير عنها ، تبدو فيها المبالغة اللاخلاقية واضحة جدا من خلال التعبير بالشتائم او الاستهزاء او التقزز وتقبيح صورة هذا الاسم (( العراق الجديد ))!!.
طبعا غير خافية تلك الاهداف السياسية والايدلوجية والطائفية خلف كراهية اسم (العراق الجديد)بالنسبة للصداميين المجرمين الارهابيين من منطلق ان هؤلاء المجرمين قد فقدوا سلطانهم على يد العراق الجديد ومن حقهم عندئذ ان تشمئز نفوسهم من العراق الديمقراطي الذي يجعل الناس سواسية امام القانون ، ويحفظ لهم حقوقهم السياسية وكراماتهم الادمية ، ويقدم لقيادة العراق من يستحق من ابنائه من خلال صناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة و......فكل هذه المفاهيم والمصطلحات هي بالضدّ من ارهابيين صداميين تعودوا على عراق يساق بالحديد والنار ، ويحكم بالظلم والعنف ، ويقسم فيه الشعب الى عبيد وسادة ، وطبقات وفئات ، ومظلومين وظلمه !!.
كذالك هي ليست خافية تلك الاهداف الطائفية خلف كراهية مصطلح ((العراق الجديد)) سياسيا لجوار العراق التكفيري لاسيما منه الوهابي السعودي وكيف انه كلما تذكران العراق اصبح جديدا او يتطلع اهله كي يكون جديدا وحرّا ويحكم من خلال ابنائه بلا كراهية طائفية ولاظلم ولاعنف او استبداد .فان المملكة السعودية وامثالها من جوار السوء العراقي تصاب بمغص سياسي حاد جدا وهستيريا مدمرة لاترحم ولذالك اصبح واضحا في الاجندة الوهابية السعودية الاعلامية والسياسية والاقتصادية وحتى الثقافية الاجتماعية : انه يجب ان لايجتاز العراق مرحلة العراق القديم ليصل الى بناء حلمه في عراق جديد مهما كلف الثمن وباي طريقة او وسيلة اجرامية كانت !!!.
نعم شخصيا وغيري من العراقيين كذالك تلمسنا بدلائل لاتقبل الشك : (ان هناك سياسة عربية طائفية تراهن على ان لايكون العراق جديدا وباي وسيلة كانت سواء ارهابية لزعزعة الاستقرار والامن او اقتصادية من مثل تدمير موارد الاقتصاد العراقية كي يبقى العراقيون تحت هيمنة الفقر وغياب الخدمات او اعلاميا فضائيا وصحفيامن خلال العزف على ان العراق الجديد الذي استبشر به العراقيون لم يجلب لهم بعد حكم صدام حسين غير الخراب والارهاب وسوء الخدمات وتفشي الجريمة ..... والى ماهنالك من دجل اعلامي وممارسة سياسية مجرمة توحي الى ان الارهاب لم ياتي من خلال فتاوي التكفير وتخطيط مخابرات دول الجوار العراقي وشراء الذمم البعثية الصدامية الخربة في الداخل لتدمير العراق وارجاعه الى حقب الظلمة والاستبداد بل ان الارهاب وسوء الخدمات وجميع الكوارث جاء بها فقط اسم العراق الجديد ورسمه وحلمه لاغير )!!!.
صحيفة الشرق الاوسط السعودية مثلا اليوم انزلت تقريرا من عدة اجزاء سينشر تباعا وتحت عنوان :((مشاهدات من العراق الجديد بعد قرابة سبع اعوام على التغيير ... بغداد بلا أمن ولاكهرباء ولاهوية )) لكاتبه المشبوه عرفا معد فياض يصب في سياسة ( كراهية اسم العراق الجديد ) ، وكيفية تقبيحه اعلاميا ،ومن خلال تعمق اي قارئ لمثل هكذا تقارير صحفية مشبوهة سيكتشف ان هذه السياسة الاعلامية الخليجية والسعودية بالخصوص لم يؤلمها مصطلح في العراق الجديد حقا اليوم مثلما يؤلمها مصطلح (( العراق الجديد )) المثبت دستوريا والملتف حوله شعبيا عراقيا والذي هو بالفعل اليوم الشوكة التي دخلت في عيون اعداء العراق ويحاولون بشتى الطرق اقتلاعها بدون ان تقلع عيونهم معها !!.
في بداية التقرير ووسطه ونهايته سيجد القارئ لاسيما العراقي مضمون مفاده بالحرف:(سياسيون يشاطرون العراقيين انتظار المعجزات والتحسر على ايام صدام )) !!.
وهذا هو بالفعل مايريده اعداء العراق الجديد :ان يعود العراق قديما بعدما يدمر اعداء العراق عراقنا الجديد بايديهم وباموالهم وباعلامهم وبمخابراتهم وباسلحتهم وانتحارييهم وقتلتهم وجلاديهم... ولايكتفوا بذالك بل يعلقوا كل هذه الجرائم برقبة البريئ (( العراق الجديد )) ليحكم عليه العراقيون بالادانه والطرد والنفي من حياتهم !!.
هل هؤلاء هم فقط اعداء اسم ومصطلح ومفهوم ومعنى وحياة (( العراق الجديد ))؟.
أم ان هناك ايضا اعداءً أُخر لهذا المسكين المسمى حُلما بالعراق الجديد !!.
لا اخفي القارئ سرّا ان بحت له بانني تفاجأت وانا ادافع عن هذا العراق المبتلى بشرّ خلق الله من حوله وفي داخله ان هناك ايضا غير الصداميين ، وغير البعثيين وغير السعوديين الوهابيين من هو متضرر من اسم العراق الجديد ، ومع الاسف القول ان هذه الجهات من الاحزاب العراقية التي تدعي الوطنية والمشاركة في حكم العراق ايضا كالحزب الشيوعي مثلا اليوم فهو كذالك وبكوادره واقلامه المريضة ، ومن خلال دوافع ايدلوجية ميتة ليس على خط الارتياح من اسم ورسم وحياة وروح هذا ( العراق الجديد ) او استمراره !!.
بل ان بعضهم (مثلما كتب الرفيق مثنى ردّا على مصطلحي العراق الجديدالذي استخدمه دائما نكاية باعداء العراق ) يرى في هذا العراق الجديد وتجربته الجديدة عملية لاتختلف عن عملية خط الثورة البعثي القديم ، الذي عندما نجح دمرّ البلاد والعباد وعليه يجب الاطاحة به اوعلى الاقل قتل المخاض الذي يريد ان ينجب حدثاجديدا بالفعل يغيرمن وجه خارطة الانسان العراقي الذي ربما سيحسب للاسلام السياسي العراقي وهذه كارثة الكوارث بالنسبة لكثيرين في العراق الجديد !!.
نعم سياسة يجب ان لاتكتمل تجربة العراق الجديدمضافا لها سياسة يجب ان لا يُكتب ابدا النجاح لاسم العراق الجديد في قادم الايام بل وسياسة يجب ان تجهض هذه التجربة ويصيبها الفشل والانهيار ويُعاد ترتيب اوراق اللعبة على شكل مختلف يكون فيه العراق على غير صيغة الدستور الحالي وكوادره السياسية اليوم وتشكيلته الحزبية المتنوعة ....كل هذا سلسلة مترابطة بدايتها تكون مرتكزة على بيدق اسم (( العراق الجديد )) وان استطاع اعداء العراق ان ينتصروا على هذا الاسم ليوصلوا من ثم الانسان العراقي من خلال الارهاب وعدم الاستقرار والتدخل بالشأن العراقي الداخلي ...بالكفر بهذا الاسم واذا كفر الانسان العراقي باسم (( العراق الجديد )) عندئذ نكون بالفعل امام انتصار كاسح لاعداء العراق ، ونعترف بكل اسف ان اعداء العراق استطاعوا ان يهزموا حلم العراق الجديد لتعود الكرّة علينا بعراق قديم اسود مظلم يتسلط من جديد لنصف قرن من المقابر الجماعية وتسلط حكم الفئة والطبقة والعائلة والعشيرة على العراق والعراقيين ولات حين مندم !!.
هذا مختصر لقصة اسم ( العراق الجديد ) !!!.

(( الحسين والعراق واهله إنتصارٌ أم هزيمة .... فراشة الدمّ ؟!))


في بداية حياتي عندما كنت طفلا ابتلاني الله بقارئ حسيني (ملا) يترك كل اعماق الثورة الاسلامية الحسينية واهدافها وعظيم تضحياتها وكيفية امتداداتها الرسالية ......الخ ، ليطرح موضوعا واحدا عن هذه الثورة العملاقة الا وهو (غدر اهل العراق بالحسين واهل بيته) ثم بعد ذالك لايترك هذا المُقرء الحسيني الطيّب حجرا على حجر لاهل العراق في شتمهم ودنائتهم وطباع الغدر فيهم ولعنة الله عليهم ودعوة الحسين بتدميرهم ، وكيف ان دعوة الحسين تلاحقهم الى يوم القيامة ....الخ وهكذا حتى اننا كنّا كاطفال وفي بداية تشكيل ثقافتنا الحسينية من القرّاء كان لايبقى مؤثرا في داخلنا من الثورة الحسينية الا دراما الغدر وكيفية انها هي الجرم الاعظم في الثورة الحسينية لاهل العراق قاتلي الحسين وذريته الذين ادعّوا التشيع والنصرة للحسين ثم بعد ذالك انقلبوا عليه ليقتلوه ليتبيّن فيما بعد انهم كانوا هم الوحيدين في العالم الذي لهم ثأر مع الحسين واهل بيته وليس يزيد ولابني امية ، وعلى هذا حفروا حفرة اسمها البيعة للحسين ليسقط بها الحسين في كربلاء ويقتله اهل العراق هو واهل بيته واطفاله واصحابه شرّ قتلة !!.
طبعا مولانا القارئ الحسيني رحمه الله انذاك لم يكن يفتري على اهل العراق ، بل هو اخذ من تواريخ احداث تؤكد على خيانة اهل العراق للحسين ع ، وبما ان بشاعة الغدر بالكريم تستحلب العاطفة وتعتصر الالم والدمعة وخصوصا من شعب كالشعب العراقي العربي القبلي الذي يرى جميع الجرائم تغتفر ماعدى جريمة الخيانة والغدر ، فعلى هذا الاساس كان مقرؤنا الحسيني شديد التعلق بحكاية غدر اهل العراق ، وخيانتهم للحسين ، التي تتفاعل معها المشاعرية الشعبية العراقية الى حدّ اللطم على الرؤوس على اجدادهم العراقيين القدماء ، وكيف انهم كانوا من الانحطاط بحيث قتلوا وغدروا ، وخانوا سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الله محمد ص ، وابن فاطمة وعلي بن ابي طالب ع ايضا !!.
بقت هذه الثقافة الحسينية في داخلي الى اليوم ،ولكن في منتصف الطريق عندما فتح الله سبحانه لنا التفكير قبل ان تتعقد كل حياتنا من اهل العراق سألت مقرءا حسينيا آخر ورث القراءة الحسينية من قارئنا القديم بكل تفاصيلها ، بما في ذالك انتقامه من العراقيين القدماء : مولانا هو من قتل الحسين على الحقيقة يزيد بن معاوية وبني امية أم اهل العراق ؟.
فاجابني وهو مبتسما ابتسامة العبقري الذي يريد ان يوصل النظرية العملاقة لطفل صغير : ابني التاريخ يحدثنا ان كتب اهل العراق جاءت للحسين تدعوه للبيعة والنصرة ، ثم بعد ذالك غدروا به وقتلوه ، ولولا كتب اهل العراق لما اصاب الحسين ما اصابه ولما كانت عاشوراء كربلاء !!؟.
سألته مرّة اخرى وكأنما هذا الجواب استولد مئة سؤال اخر في داخلي لاقول له بحرقة: مولانا كيف من جانب حدثتنا بالامس ان الرسول اخبر اصحابه بمقتل الحسين بارض يقال لها كربلاء ،وام سلمة كانت لديها تربة من تراب الحسين وعلي بن ابي طالب عندما مرّ بارض الطفّ نادى صبرا ابا عبدالله ، واليوم تحدثنا على انه لولا كتب اهل العراق لما حدثت كربلاء ؟!.
ثم كيف بالامس تحدثنا عن تاريخ كتبه السلاطين الظلمة ووعاظهم ، وان معظم التاريخ كان تاريخا سياسيا كتب بالضد من اهل البيت وخطهم وانصارهم وشيعتهم ، واليوم تحدثنا بالوثائق التاريخية التي تدين شيعة الحسين من اهل العراق وتتهمهم بقتله والغدر به وكأنها قرءان منزل من السماء لايمكن الشك فيها وفي نوايا كاتبيها ؟.
اليس نقلك لتاريخ اعداء اهل العراق ، والقاء تبعة جريمة قتل الحسين ، واهل بيته على العراقيين يعدّ حيلة سياسية تاريخية ليضرب بني امية عصفورين بحجر واحد ، الاول هو ابادة اهل البيت وقتل ذرية الرسول وسيد شباب اهل الجنة الحسين ابن علي ع والتخلص من خطره سياسيا ، والثاني التنصل من تبعية هذه الجريمة والقائها على عاتق انصار الحسين وشيعته من اهل العراق بحجة الكتب وطلب النصرة من الحسين ، وبهذا تكون الخطة محكمة والمقتول يصبح هو القاتل تاريخيا ؟.
وهل هذا الا كما روّج الامويون في كتب التاريخ عندما استشهد عمار بن ياسر بين يدي امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع حيث كان مقتله مفزعا لاهل الشام بسبب ان رسول الله ص قال لعمّار تقتلك الفئة الباغية ، وعندئذ ابتكر الامويون فكرة : ان قاتل عمّار ليس من ذبحه بالسيف وانما من اخرجه للقتال !؟.
يقصدون بذالك ان قاتل عمّار هو علي بن ابي طالب وليس الفئة الباغية من ال امية !!.
فهل ثقافة القاء تبعية استشهاد الحسين على شيعته من اهل العراق الا هي نسخة مكررة من ثقافة الامويين التي تقتل القتيل وتمشي بجنازته ؟.
أم انه بالفعل كما تفضل حضرتكم لولا اهل العراق كشيعة للحسين لما كانت كربلاء ؟.
ثم اخيرا اليس جنابكم الكريم وغيركم من حملة فكرة (ترويج ثقافة اهل العراق كقتلة للحسين) تسدي خدمة لم يكن ينتظرها الامويوين في دمشق ابدا ، بحيث ان ذكائهم السياسي استطاع ، ليس فقط قلب الحقائق ، وقتل الحسين مرّة اخرى في تدمير صورة شيعته من اهل العراق لاغيربل انهم تمكنوا ايضا من اختراق شيعة اهل البيت انفسهم ،بفكرهم وثقافتهم ليرّوج هؤلاء انفسهم الى ان القتلة للحسين ليس هم الفئة الباغية من ال امية بل هم نحن الشيعة انفسنا ، وبذالك نال الطغاة وسام البراءة من الجريمة ، وحمل الضحايا وزر كل شيئ ؟.
الا ترى معي مولانا الكريم ان قرائتكم للتاريخ ينبغي ان تكون بوعي اكبر بكثير من مجرد نقل للنصوص التاريخية ، لتكون قراءة مابعد النصوص التاريخية لنحكم على ثورة الحسين بما تستحق وندرك اهدافها بوضوح والى اين هي كانت تتجه بالواقع والحقيقة وليس الى اين نحن نريد ان نقودها وكيف نحن نريد ان نطرحها بصورة عاطفية لاغير ؟.
يامولانا ثقافتكم هذه التي تطرحونها ليس فقط دمّرت امة لم تزل تعطي الاضاحي الجسام من اجل الحسين والاسلام ، ولولاها لما كان للحسين ع اسم ولارسم بين العالمين اعني اهل العراق ، ومع ذالك لم تنل من ثقافتكم المرّوجة منبريا و...غير اللعن والادانة وتحميل وزر حقبة لم يكن لهم فيها لاناقة ولاجمل باعتبار ان تلك امة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولاتسألون عن اصحاب الجحيم حتى اصبح الاعراب الاجلاف من النواصب لاهل البيت اكثر احتراما تاريخيا باعتبار انهم لم يشاركوا بجريمة الانسانية من شيعة اهل البيت من اهل العراق ؟.....الخ .
لم يأخذ كثيرا مقرئنا الحسيني القديم الطيّب بالتفكير ، ليدرك ما ارمي اليه من اسألتي ، الا انه وبسرعة شعر ان في اسألتي مايهدد صنعته التي لايعرف غيرها في الحياة والتي من الصعب اعادة النظر في ثقافتها من جديد ، لاسيما ان قارئنا الحسيني قضى خمسين سنة من عمره الطيّب وهو يحفظ بالاشعار التي تدين غدر اهل العراق وقتلهم للحسين وسبيهم لعياله ، وغير مستعد لان ينفق خمسين سنة اخرى ، وينتظر نتائج التفكير بمثل هذه الثقافة التي يحملها ، والتي يتقوّت منها معاشيا بنفس الوقت ، وعليه اغلق الحوار بسرعة وانتهى الموضوع ، ليقول ليّ لاعنصرية قومية في الاسلام !!.
جزالك الله خير ، قلت عندئذ !!!.
انتهى الموضوع لمقرئنا الحسيني لكنّ اسألتي لم تنتهي ابدا لهذا اليوم ؟!.
على اي حال هذه قصة من الاف القصص حول(الحسين واهل العراق) التي يرّوج لها ثقافيا من خلال التاريخ العربي المكتوب والذي يُعرف انه كتب خدمة للسلاطين وارباب الخلافة والسياسة ، وعلى هذا الاساس فليس من المعقول او الممكن ان نجد في تاريخنا من يشير بصراحة لحادثة ثورة الامام الحسين بلا ان يداهن السلطة ، ويتكئ على الاضعف في المعادلة لتكوّر كل جريمة الطفّ الحسينية الكربلائية برأس اهل العراق ، مرضاةً للسلطان وتأديبا لاهل العراق ، كي لايقوموا من جديد بصناعة ثورة ضد سلطان جائر قائم !!.
ان مايدعونا اليوم لقراءة ثنائية (الحسين مع اهل العراق ) هي ليست تلك الدوافع التاريخية السياسية القديمة المكتوبة ،وهي ليست تلك ايضا الدوافع الفكرية الساذجة ، التي تبحث عن تحريك العاطفة في قضية الثورة الحسينية بدلا من تحريك الفكر والعقل ، والاستلهام لهذه الثورة على اساس انها ثورة وجدت لالتقبر في ارض كربلاء في العقد السادس الهجري ..لا بل كي تكون ثورة الاجيال الاسلامية اللاحقة ،التي جاءت بعد الحسين لترى الحسين ع في كل لحظاتها وهو يسير خطوة بخطوة مع الزمان والمكان والتجدّد كل يوم حتى لحظة الناس هذه والى ان يرث الله سبحانه الارض وماعليها !!.
بمعنى اخر يجب ان تقرأ الثورة الحسينية بمجمل اهدافها ومعانيها وايحائاتها ..الفكرية كقراءة النص القرءاني بالتمام والذي فيه طبعا لانصادر الواقع والناس والاحداث واسباب النزول ..الخ التي تَحرّك النص القرءاني من خلالها لفهمه وادراك مراميه واهدافه ، ولكن مع ذالك ايضا لانقيّد النص القرءاني بهذا الواقع ونرهنه فقط في عطائه للحظته الراهنة ، بل هو في عطائه الفكري نصٌ فيه امكانية العطاء المستمرّ والمتطوّر مع حياة الانسان ومتغيراته ، وهكذا الثورة الحسينية اختلافها عن غيرها وعظمتها في نفسها انها ثورة حدثت في حقبة زمنية معينة الا ان عطائها الحسيني الاسلامي الالهي رُسم له كي يكون عطاءً متجددا متطورا متغيرا ، ويحمل اهدافا ومضامين بسعة حركة الحياة والانسان والزمان والمكان والتاريخ الى ان تقوم الساعة وتنتهي البشرية من هذا الكون الجميل !.
ومن هنا وعلى اسس هذه الرؤية المستقبلية للثورة الحسينية يكون اول سؤال يتبادر الى اذهان القارئين للثورة الحسينية في ثنائية (الحسين واهل العراق إنتصار ام هزيمة) هو سؤال : مالذي رآه الحسين عليه السلام تخطيطيا مستقبليا... من انتصار لثورته الاسلامية العظمى عندما وجد في اهل العراق ضالته ، التي كان يبحث عنها ليكون هذا الوطن وهذا الشعب هو نواة تحركه الثوري الاسلامي العظيم ؟.
بمعنى اخر : معروف ان اي صاحب ثورة عملاقة كالامام الحسين ع ،الذي يدرك انه يحاول تغيير مجرى تاريخ امة إسلامية وبشرية فيما بعد ، انه ودائما يبحث عن اسباب النصر لثورته العالمية تلك ، وليس من المعقول ان قائدا كالامام الحسين ع ينتخب ارضا وشعبا كالعراق وشعبه ليتحرك نحوه كي يكون وتكون هذه الارض المثوى الاخير لثورته ، وهو يدرك ان هذه الارض وهذا الشعب ، وهذا ..غير صالح بالمطلق لحمل هذه الثورة او المحافظة على نواتها في تربته البشرية الخصبة حتى تثمر وتورق وتصبح شجرة وارفة الاوراق فيما بعد !!.
لا.....لايمكن لقائد كالامام الحسين ان ينتخب ارضَ معركةٍ تكون فيها الخسارة محتّمة والهزيمة كالشئ المفروغ منه بطبيعة الحال ، وكذالك لايمكن لقائد يرى في ثورته المستقبل والاستمرارية والديمومة والحياة الابدية ......، ثم بعد ذالك يتوجه الى شعب فيه جميع اسباب الضعف والوهن البشرية بادية والتي تنبئ عن عدم صلاحية هذا الشعب لتحمل المسؤولية والاستعداد للصبر والتضحية وصيانة الامانة بعد الحسين واستشهاده الحتمي حسب المخطط الحسيني الالهي نفسه !؟.
نعم الحسين ع كان قائدا مفكرا على مستوى الاسلام ، ووعيه لحركة البشرية المستقبلية الاتية فيما بعد ، ولهذا ربما لايدرك الكثير ممن قرأوا الثورة الحسينية اليوم ، ان الحسين القائد كان يفكر بنتائج ثورته الاسلامية المستقبلية العظمى ،اكثر بكثير من تفكيره الآني المقيد بحقبته المعاشه اللحظية كما حصل مثلا لعبد الله ابن عباس وابن عمر وابن الحنفية .....عندما كانوا يرون اللحظة وينصحون بعدم الثورة او التوجه للعراق ،ولكنهم لايرون المستقبل كالحسين ع ، ومن هنا وقع الكثير ممن قرأ الثورة الحسينية على اساس انها فقط ثورة آنية لحظية تاريخية قديمة مقيدة ..بخطأ القراءة الواعية والمتساوقة فعلا مع فكر مخطط وقائد هذه الثورة الاسلامية الحسينية العظيمة ، وما كانت اهدافه المستقبلية انذاك لثورته هذه ، فقرأوا الثورة بلحظتها ليقرأوا فيما بعد جميع مفرداتها اللاحقة ايضا مع لحظة الحدث الآنية القاصرة الرؤية ، وليروا فيما بعد اهل العراق ، والوطن العراقي والناس انذاك ... والحكم القائم الاموي ، وكل ذالك على اساس تلك الرؤية الضيقة المحدودة والميتة بالفعل !!.
أما الحسين ابن علي ع قائد الثورة ومنفذ المخطط ، ومصمم الانقلاب الكبير في الرؤية الاسلامية ، فقد كان فكره وتخطيطه ورؤيته وحركته وتطلعاته .... كلها ترنوا نحو المستقبل ، نحو مابعد الشهادة ، نحو مابعد الحسين نفسه ، وعلى هذا كانت كل حركة الحسين ع وانتخابه لارض المعركة ،وللوطن الذي ستقام فيه هذه الثورة وتبذر بذرتها ، وللشعب الذي سيكون هو صاحب الامانة الذي يتحمل مسؤولية الحفاظ على الثورة ومبادئها واحيائها كل يوم ....مبنية على هذا الاستشفاف للمستقبل ، باعتبار ان ثائرا كالحسين عالما بشهادته موطنا نفسه واهل بيته على استقبال البلاء وكربه بكل ما سوف ياتي به لايمكن ان يمني نفسه وغيره بالانتصار المادي العسكري المحدود في ارض المعركة التي هي من الاساس محسومة النتائج المادية ، كما ان قائدا كالحسين ايضا لايمكن ان ينتخب شعبا وشيعة ووطنا كالعراق ، وهو لايعلم المخبوء من القوّة في هذا الشعب للمستقبل القريب والبعيد وكيفية ان يكون هو الحاضن المستقبلي للقضية والثورة الحسينية فيما بعد ؟!.
ان من مميزات الثورات الاستشهادية ،اي التي تكون فيها الثورة من اجل الشهادة وليس من اجل النصر العسكري والسياسي المادي كالثورة الحسينية ، يكون قادتها عادة يفكرون في انتصار مابعد الشهادة ولايفكرون في انتصار ماقبل الشهادة ، ولهذا عندما نقول ان الحسين ابن علي ع انتصر بثورته على يزيد بن معاوية والظلم والاستبدادفنحن لانخالف المنطق والواقع الذي حدث بالفعل من منطلق هذه المقاييس والموازين الاستشهادية للنصر ، والهزيمة وليس من خلال مقاييس ، وموازين النصر والهزيمة على المقررات المادية العسكرية الانيةونعم في ارض المعركة الآنية كحدث تاريخي قد انتصر جيش يزيد على جيش الحسين عليه السلام ولكن في موازين الشهادة ومقاييس التضحية قد انتصر الحسين بالفعل على يزيد بحيث اصبح الحسين ع بعد استشهاده بطلا اسطوريا عالميا محترما له انصار وذكر وقداسه ، بينما ذهب يزيد الى مطاوي النسيان ومزابل التاريخ في تقييمه والاعتراف له بتحقيق نصر ما في هذه الحياة الدنيا والاخرة !!.
ان هذا المقياس والميزان (ميزان ومقياس الاستشهاد والتضحيةالحسني) هو المقياس والميزان الذي على اساسه بنا الحسين ع كل اختياراته وكل مخططاته وكل حركاته وسكناته ، وبما في ذالك طبعا اختيار الحسين للعراق واهله كي يكونوا انصارا لثورته ونواة لدولته وملجأ لعصبته وكينونة لفلسفته وثورته ، وكل هذا حسب مقياس وميزان الشهاده وليس حسب مقياس
وميزان الحياة المادية اليزيدية الفانية !!.
ومعنى كون الحسين ينتخب العراق واهله كي يكونوا نواة لثورته ، فمعناه ان الحسين كان ينظر للعراق واهله على اساس القوّة الثورية الكامنة مستقبليا في داخلهم ،والصالحة لتحمل مسؤوليات ثورته والحفاظ عليها وادامة الحياة لها رغم ماسوف يعانيه هذا الوطن والشعب من محاصرات سياسية واخرى طاغوتية ترى في الحسين وثورته الخطر الاعظم على دكتاتورياتهم وطاغوتهم وتفرعنهم السياسي القائم !.
نعم لو كان العراق واهله غير صالحين ولامهيئين لتحمل نواة الثورة الحسينيةاوانهم لايمتلكون التربة الاجتماعية التي سوف تحيي من ثورة الحسين مابعد استشهاده وهذا هو الميزان الحسيني الاول وتنقلها للاجيال اللاحقة من المسلمين لكانت هزيمة الحسين ع محققة ، وكذا هزيمة ثورته لاريب فيها ، واكثر من ذالك لكان اختيار الحسين ع نفسه غير موفقا للارض وللشعب الذي سوف يودع عنده ثورته كي تثمر بعد استشهاده وليس في حين الثورة او قبل اوانهاوهذا مالايقوله صاحب عقل وضمير بغض النظر عن مؤمن بالحسين يرى في اختياره لارض المعركة والشعب الذي يأتمنه على ثورته و ...قمة النضوج والنظرة المستقبلية الالهية العميقة ؟.
ومن هنا نحن نقول : ان اختيار الحسين لاهل العراق ووطنهم كي يكونان مهبط ثورته ونواة فكرته والمثوى الاخير لشهادته لم يكن ناظرا ابدا للحظة الانية الحدثية التاريحية المحترقة بفعل الشهادة ، وانما كان اختيارا ناظرا للعراق واهله على اساس مايكمن داخلهم من استعداد فكري واجتماعي وروحي ونفسي وعقلي ....تفجرّ فيما بعد الاستشهاد الحسيني وثورته تلقائيا ليؤكد ان هذا الشعب وهذه التربة وهذا الوطن هو الوحيد الموجود في هذا العالم الذي يستطيع ان يحمل امانة الحسين وثورته واهداف استشهاده بعدما عجزت جميع بقاع الارض ومطارق السماء على حمل هذه الامانة !!.
نعم العراق واهله وحدهم الذي رأى فيهم الحسين القوة التي تستطيع ان تحافظ على الثورة وتحيي الدماء الزكية وتناضل من اجل عدم قبر الفكرة وتعطي الكثير من اجل عدم التنازل عن الشهادة والحسين بعد استشهاده ولولا هذا اليقين الحسيني الذي رأى انه لاامين كهذا الشعب ولا ارض كهذا الوطن ، لما فكر للحظة ان يأتي للعراق واهله ليغامر بثورته ودماء بيت النبوة وشهادتهم واهداف نهضتهم للعراق ليستشهد فيها ثم بعد ذالك تقبر ثورته وينقلب اهل الوطن على تراثها لتمحى من الوجود ، وعندئذ من حق العالم ان يتيقن بهزيمة الثورة الحسينية على يد الظلمة والمتفرعنين ليس لانها غير محقة ، ولكن بسبب ان الارض التي تفجرت عليها والشعب الذي من اجله سالت دمائها لم يحافظوا على حياة هذه الشهادة ونضال هذه الثلة من انصار الحسين وهذه الثورة ، وهذه هي الهزيمة الحقيقية للحسين وثورته !.
الحقيقة منذ ان تفجرت الثورة الحسينية على الارض العراقية وبين اهلها ولهذا اليوم ،لم يتوانا اهل العراق في خدمة النهضة الحسينية وتراثها وادامة الحياة لها ، بل كانوا بالفعل ورغم طغيان الطغاة واستبداد الساسة والخلفاء والسلاطين في الاسلام عليهم ونقمتهم كذالك من التفاف هذا الشعب وهذا الوطن حول الحسين وثورته مع ذالك لم يثني الظلم والاستبداد ابدا الشعب العراقي على ان يكون جبلا شامخا قويا عصيا في الوفاء للحسين وثورته وشهادته ، ولااعلم ان شعبا اعطى من التضحيات ونالته من المآسي والمصائب في حب الحسين واحياء اهداف ثورته كما نال الشعب العراقي ووطنه ، وبالفعل يمكننا هنا ان نقول ان اختيار الحسين لارض معركته كان موفقا مئة بالمئة ، اذ لولا انه كان صاحب رؤية الاهية مستقبلية عميقة لما كانت له هذه الندرة بالقرار عندما فضل على جميع ارض الله الواسعة العراق واهله فحسب ليكون العراق موطنه الاخير وشعبه شيعته الذين يحملون الامانة والراية من بعده والذي اعتقد انها نفس الامانه التي عرضت على السماوات والارض والجبال فابين ان يحملنها وحملها الانسان العراقي انه كان ظلوما جهولا !!.
ان اختيار الحسين للعراق واهله ليكون نهاية شهادته ومحط ثورته ونصرة فكرته لم يكن اختيارا في جانب واحد من جوانب حياة العراق والعراقيين فحسب ، فلم يكن اختيارا سياسيا فحسب ، ولاهو فقط اختيارا عاطفيا روحيا فغير ، بل كان اختيارا شاملا للعراق واهله ،فهو اختيارا فكريا وفلسفيا عقديا لما عُرف عن اهل العراق وتفلسفهم الفكري ، وكذا هو اختيارا سياسيا ايضا لما عُرف عن العراق واهله بانهم اول من اقام الدولة وسنّ القوانين وادار الدول والمجتمعات الحضارية ،وهكذا اختيارا اقتصاديا ، فمعروف ان اهل العراق اهل كرم وشيمة عربية بحيث انك لو زرت العراق في العاشر من محرم لوجدت العراقيين يبيعون ثيابهم من اجل نصب اكبر مأدبة طعام بشرية تمتد بطولها من جنوب العراق الى نقطة الحسين صاعدا ومن شماله نولا الى كربلاء جنوبا بحيث انك تعجب من هذه المائدة وكيف انها لاتعتبر اطول مأدبة طعام بشرية تنصب في العصر الحديث طولا من اجل اطعام زوّار الحسين واينما وجدوا !!.
ان العراقيين ينصبون مضائفهم على طول العراق وعرضه خدمة للسائرين للحسين وزواره ومحبيه ، فانا اتساءل هنا : فهل سيقع هذا الكرم والايثار والتضحية بالمال في اي مجتمع تجاري اليوم ، لو كان الحسين بغير ارض العراق وبين اهله ؟.
أم ان الحسين عندما اختار هذا الوطن وهذا الشعب لعلمه بخصال الايثار الاقتصادي بهم ، وكان يعلم ان ليس هناك شعب في الدنيا بامكانه ان يقيم مأدبة للحسين تخدم ثورته وشهادته بهذا الجنون في العشق والحب الحسيني الذي لاهل العراق !!!؟.
ولهذا نحن نقول : ان اختيار الحسين لاهل العراق ووطنهم لشهادته كان ذكيا جدا !!!.
وهكذا هو كان اختيار الحسين ع للعراق واهله يستهدف الجانب الروحي والعاطفي والنفسي ايضا لاهل العراق ووطنهم ، لما عُرف عن عاطفة هذا الشعب وانها نار ملتهبة لاتهدأ ابدا ، وانها ان وظفت لقضيةٍ وشهادة كالشهادة الحسينية فانها ستدمر الدنيا بكائا وعشقا وتولها روحيا وشعريا وادبيا وروحيا وفنيا وموسيقيا وغير ذالك !!.
نعم وكذالك اختيار الحسين للعراق واهله اجتماعيا ، فالمجتمع العراقي كان ولم يزل مجتمعا معقدا جدا بعلاقاته وظواهره الاجتماعية التي تجمع جميع متناقضات الدنيا ومتوالفاتها ، ومن النادر وجود مجتمع متنوع بظواهره الاجتماعية وتناشزاته المزاجية كالمجتمع العراقي ، فهو متماسك ومترابط واسري وقبلي الى حدّ الموت ، وفي المقابل المجتمع العراقي متحرر ومتمرد ومنفلت الى حدّ الجنون ، وهكذا مثل هذا المجتمع هو الوحيد الذي يستطيع استيعاب تعقيدات الثورة الحسينية وتناشزاتها وتوالفاتها الغريبة والعجيبة بنفس الوقت !!.
الخلاصة : ان اختيار الحسين للعراق واهله كان اختيارا حسينيا الاهيا مدروسا ومخططا تخطيطا رساليا الاهيا غيبيا حسينيا وهذا هو مايشرح لنا كقارئين للثورة الحسينية كل المفردات لهذه الثورة التي مرّة تراها غيبية الاهيا فيقال لنا ان استشهاد الحسين في الارض العراقية هو امر الاهي غيبي بامتياز مكتوب على لوح العرش ، ومرّة اخرى يحدثنا التاريخ ، ان الرسول محمد ص بشرّ بشهادة الحسين واقام مأتمنه وهو طفل لم يزل في السابعة من عمره ، ومرّة ثالثة يحدثنا التاريخ ان شهادة الحسين في ارض العراق كان لايعلمها حتى عبد الله ابن عباس وامثاله من البيت الهاشمي الذي اشار على الحسين ع ليذهب الى اليمن ويعتصم بالجبال ويعلن ثورته من هناك ؟!!!!!.
ياترى هل فعلا كانت هناك ارضا تصلح للحسين وثورته بعد كل ماذكرناه غير ارض العراق وشعبها ؟.
ام ان العراق خلق للحسين والحسين وشهادته وثورته خلقوا للعراق فحسب ؟.
على العراقيين اليوم ان يدركوا :(ان اختيار الله والحسين ومحمد ص والقدر والسماء والارض لوطنهم كي يكون منبت شجرة الثورة الحسينية ومثوى جسده الطاهر والشريف ومهوى افئدة العالمين من شيعة الحق والعدل ....اكبر دليل على خطرهم في هذه الحياة الدنيا وثقل المسؤولية التي يحملونها على عاتقهم والتي وضعها الله بعدله والحسين بشهادته حيث يضعون الشئ في موضعه والعراقيون لو لم يكونوا اهلا لهذه المهمة لما شرفهم الله بحملها ولما فكر الحسين بارضهم فليصحوا من غفلتهم ولايلتفتوا لمقالات اعدائهم ، وليدركوا ان الحسين اعظم حرمة ملايين المرات من حرمة الكعبة وبيت الله الحرام ، فليعملوا بهذه الذهنية وليوطنوا نفوسهم لهذا الهدف الاسلامي الانساني البعيد ، وليدركوا انهم النواة التي منها المبتدأ واليها المنتهى والسلام ).!!!!!!