الخميس، يناير 23، 2014

(( مقدمة في علم الاجتماع 2/2 )) حميد الشاكر

ان من بين اهم الابحاث التي تناولت العلم الاجتماعي الحديث هوبحث (( تعريفات )) هذا العلم ودراسة ماهية تنوعاتها المتعددة الاتجاهات منذ تاسيس ونشأة علم الاجتماع وحتى اليوم !!.


ف((دوركهايم )) مؤسس علم الاجتماع الفرنسي الحديث عرّف علم الاجتماع بانه : (( علمُ النظم الذي يبحث في طريقة نشأتها وفي وظائفها . / قواعد المنهج في علم الاجتماع / ص 44 )) .

اما (( فيبر)) مؤسس علم الاجتماع الالماني الحديث ، فعرّف علم الاجتماع بانه : ((علمٌ يهدف الى فهم الفعل الاجتماعي بطريقة شارحة ، ويفسر بذالك اسبابه في تتابعه وتأثيراته./ماكس فيبر/ مفاهيم اساسية في علم الاجتماع / ص 58 )) .

وفي عصرنا القائم عرّف عالم الاجتماع البريطاني ((انتوني جدنز)) علم الاجتماع بانه((الدراسة المنهجية للمجتمعات البشرية مع التاكيد بصورة خاصة على النظم الصناعية الحديثة . / علم الاجتماع / ص 78 )) .

وفي الاطار العربي والاسلامي لعلم الاجتماع والتاريخ الذي اسسه (( ابن خلدون )) واسماه ب (( علم العمران )) ولم يصادف هذا المشروع حسن الطالع ليستمر ويتكامل ويتطور،فقدعرّف ابن خلدون علم العمران بانه ((ما يعرض لطبيعة ذالك العمران من الاحوال / مقدمة ابن خلدون / تحقيق درويش الجويدي )) .

وهكذا ما طرحه (محمد الجوهري) حول تعريف هذا العلم الحديث على انه (( هو الدراسة العلمية للعلاقات التي تقوم بين الناس ولما يترتب على هذه العلاقات من اثار . / المدخل الى علم الاجتماع / ص 7 )) .....الخ .

والحقيقة ان الغاية من ذكرنا لهذا التنوع الثري في موضوعة (( التعريف )) لعلم الاجتماع الحديث لم يكن ليهدف الى بحث ، ومناقشة ماهيات هذه التعاريف ؟ او لماذية هذه المختلفات التعريفية ؟ وعلى اي فلسفة ورؤية نظرية اجتماعية قامت ؟.

فهذا ماقام به الكثيرمن علماء الاجتماع المحدثون والقدامى الذين تناولوا بالبحث هذه التعددية في التعريفات العلمية لعلم الاجتماع، والتنوع في طروحاتها (( انظر مثلا : اسس علم الاجتماع / للدكتور محمود عودة ))، بل ان هناك من طرح من جانب اخر استحالية ( طرح تعريف للعلم الاجتماعي) ، بسبب انه علم يقوم على المتحرك ((الجدلي )) المتغير دائما في الاطار الاجتماعي من جهة والمعقد الذي لا يمكن فكريا وضع تعريف محدد له (( هذه الفكرة قامت على جدلية ان الانسان ابن وصناعة المجتمع فكيف له تعريف صانعه وهو صنيعته / انظر تيودور ادرنو /محاضرات في علم الاجتماع)) مع ان نفس المنتمين لفكرة محالية وضع تعريف محدد لوظيفة علم الاجتماع اقروا من جانب اخر : بان هذا العلم يمتلك موضوعا ومنهجا علميا لا يمكن انكاره كعلم مستقل ومثمر ومنتج ... ولكن مع ذالك ينغلق تعريف موضوعه !!.

اقول لم اشأ ان اطرح هذا البحث المهم جدا لاي باحث في علم الاجتماع كمفتاح يدخل من خلاله لفهم علم الاجتماع الحديث بكافة مساراته العلمية ولم اشر لهذه المقدمة كي اتوسع في ماهية وتنوعات هذه التعريفات ومكامن الخلل او الاصابة فيها !!.

بل كانت اشارتنا الى تعدد ، وتنوع هذه التعاريف لموضوع علم الاجتماع الحديث لتسليط الاضواءعلى زاويةاصبحت اليوم من مسلمات بحث علم الاجتماع الحديث الا وهي : ان هذا التنوع في مُعرّفات العلم الاجتماعي الحديث ان دلت على شيئ فانماتدل على مالهذا العلم من عمق وتعقيدات وتداخلات مع باقي العلوم الانسانية والطبيعية من جهة ، وعلى ما لهذا العلم من اتصالات وانشغالات .... مع جميع جوانب حياة الانسان الاجتماعية والفردية ، والنفسية ، والاقتصادية والسياسية والاسرية والتاريخية .... الخ من جانب اخر !!.

اي وبمعنى اخر يتفق ، حتى غير علماء الاجتماع اليوم على ان : موضوع علم الاجتماع ، وتناولاته العلمية من السعة والتعقيد بحيث انه لايمكن النظر الى هذا العلم إلاّعلى اساس حضوره في اكثرمن مجال من مجالات الحياة الانسانية وغير الانسانية وهذا ما يجعل من علم الاجتماع بالتحديد على انه علم مركب اكثر من اي علم حديث اخر ، ويصعب حصر تعريفه بزاوية محددة !!.

فعلم الاجتماع هو علم ليس بعيدا عن التاريخ وعلمه ، وكذا هو علم يتداخل مع حياة الانسان النفسية الفردية ،والاسرية ، والاجتماعية ، والاقتصادية والسياسية والعقدية والجغرافية والطبية ... وحتى المستقبلية والتاملية لهذا الانسان وعلى هذا الاساس فمن الصعب تحديد وتعريف هذا العلم لتعقد ( مركبات موضوعاته ) من جهة ، وتوسع تدخلات علم الاجتماع في شؤون انسانية واجتماعية مختلفة يرى انها من صلب تناولات موضوعاته العلمية من جانب اخر !!.

وهذا ما يجعل من تقريبا معظم التعريفات ، التي طرحت للعلم الاجتماعي الحديث على اساس انها مورد بحث ومناقشة وجدل ونقد ونقض .... وغير ذالك !!.

ولعل ما يلفت النظرفي موضوعة (التنوع في التعريفات) للعلم الاجتماعي الحديث والتعدد في توجهاتها الفكرية هو : حقيقة انه والى اللحظة الراهنة لايمكن وضع تعريف (( جامع مانع )) للعلم الاجتماعي الحديث ، اما بسبب ان هذا العلم بالفعل معقد ومركب ومتداخل بشكل كبيرجدا بحيث يصعب حصراذرعه العاملة والمتصلة مع اكثر من مجال ، واما بسبب انه علم حديث، ولم يزل في طور التكامل لاسيما ان المنظومة الاجتماعية سواء الانسانية العامة ، او المحلية الخاصة كل يوم هي في شأن جديد ومتغير ومعطى لم يكن حاضرا من قبل ولهذا وتبعا لحركة وتطور هذه المنظومة الاجتماعيةالانسانية يتطورالعلم الاجتماعي الحديث ويتوسع ليشمل الاكثروالاكثرمن النظم والافاق الاجتماعية الجديدة التي تؤثرفي تعريفه وتشخيص افاق عمله من ثم .

نعم ربما(( ومن وجهة نظري الشخصية )) ان من مميزات علم الاجتماع الحديث انه العلم الذي ((يتكامل تعريفه)) كلما ازدادت المعرفة الانسانية بالمجتمع ونظمه وقوانينه وظواهره ومتطلباته ومتغيراته .... ، ولهذا نرى هذه التنوعية الكثيفة والمتعددة لتعريف علم الاجتماع وافاق عمله المتنامية !.

ولنضرب لذالك مثلا : التعريف الذي ذكره صاحب (( المدخل الى علم الاجتماع )) عندما عرف علم الاجتماع على انه: (( هو الدراسة العلمية للعلاقات ، التي تقوم بين الناس ولما يترتب على هذه العلاقات من آثار / ذكرنا المصدر )) !.

ففي مثل هذا التعريف للعلم الاجتماعي الحديث الكثيرمن الاختصارالمخل بوظائف ، وافاق العلم الاجتماعي الحديث (( لا اقول ان الدكتور الجوهري لم يبحث علاقة المجتمع بباقي الافاق غير الانسانية ولكن اقول ان صياغة التعريف فيها نقص )) الذي يفرض نفسه بشكل اوسع من مجرد انه (( علم يدرس ويبحث فقط العلاقات الانسانية )) !!.

اي انه ، واذا توافقنا تماما مع هذا التعريف للعلم الاجتماعي الحديث على اساس انه ((الدراسة العلمية)) الامبيريقية ، فاننا لانتوافق مطلقا مع ان مشروع وهدف ونظام .. هذه الدراسة العلمية الاجتماعية هو فقط (العلاقات الانسانية) ففي العلم الاجتماعي القديم ، والحديث هناك اكثر من علاقة غير الانسانية جغرافية طبيعية او تاريخية او صناعية حديثة ، او .... مع الانسان ، وتؤثر في مساراته الفكرية والنفسية والاخلاقية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... كلها يدرسها ويبحثها علم الاجتماع القديم ، والحديث ، وهذا ما قام به مؤسس العلم الاجتماعي العربي الاسلامي ((ابن خلدون )) وحتى (( انطوني جدنز )) الذي حصر معظم عمل العلم الاجتماعي الحديث ب(( علاقة المجتمع مع الصناعة الحديثة ))، وما احدثته هذه الحداثة الصناعية من مؤثرات فكرية واخلاقية واسرية ومجتمعية .....الخ !!.

بمعنى اكثر اختصارا ووضوحا ، فان ابن خلدون لم يدرس في (( علم العمران )) الاجتماعي مثلا ، او لم يحدد هذا العلم بعلاقة (افراد المجتمع بعضهم مع البعض) الاخر فحسب ، بل هو بحث علاقة الجغرافيا ، والتاريخ والاقتصاد بالانسان ايضا وجعل لهذه العلاقات الجغرافية ، والتاريخية والاقتصادية ..... مؤثرات وتاثيرات فيما بينها وبين منظومة المجتمع الانساني !!.

وهكذا اليوم عندما اراد ان يبحث ((انطوني جدنز)) او ان يعرّف العلم الاجتماعي ومهام وظائفه الاجتماعية فانه لم يكتف بان عرّف علم الاجتماع بانه ((علاقة او دراسة لعلاقة تقوم بين الناس،ومايترتب على ذالك)) فحسب ، بل انه عرّف هذا العلم بانه:(( علم اجتماعي ينصب اهتمامه الرئيس على دراسة النظم الاجتماعية التي تخلقت بفعل التحولات الصناعية التي حدثت ابان القرنين او الثلاثة الماضية . / مقدمة نقدية في علم الاجتماع / ص 27/ القاهرة 2002م )) !!.

ليبرز ( جدنز) ما للحداثة الصناعية من ((علاقة)) اثرت بشكل مباشر على وجود المجتمع وبنيته وتراكيبه النفسية والاسرية والفكرية ... وغير ذالك ، حتى يصل الى الاعلان بان : علم الاجتماع ماهو الا علم الحداثة الصناعية لاغير !!.

والمهم هو القول ان علم الاجتماع لايمكن (على الاقل في العصر الحديث) تعريفه والنظر اليه على انه دراسة وبحث لعلاقات اجتماعيةونظم داخلية انسانية فحسب لان علم الاجتماع يبحث بشكل اكثركثافة وموضوعية علاقات المجتمع مع محيطه الطبيعي والصناعي ومؤثرات هذا المحيط على بنية الاجتماع وتراكيبه المعقدة !.

وحتى التاريخ هو ليس بعيدا عن علم الاجتماع ، باعتبار ان التراكمات التاريخية هي صانعة الحاضرالاجتماعي بمعظم ابعادظواهره الاجتماعية العقدية والتقديسية والنفسية والقانونونية والتقاليدية ...... والى ماهنالك من وجود اجتماعي منبني تماما على هذه التاريخية الماضية !!.

و لايفرق كثيرا ما اذا قلنا ان (للتامل المستقبلي) للمجتمع ايضاعلاقة في تراكيب بنيته الاجتماعية والاخلاقية والعلمية والقانونية ... الخ ، ففي مثل هذه التطلعات المستقبلية سواء منها العلمية او الفلسفية الادبية علاقة بحركة المجتمع وتطوره او تراجعه وانطوائه كذالك !!.

اذاً هناك للمجتمع، وللعلم الذي يتناول هذا الاجتماع علاقات داخلية انسانية ونظم تفاعلات فردية واسرية وجالياتية واجتماعية ... يرصدها العلم الاجتماعي حركيا وتأثيراتيا تغيرا ونموا وانتكاسا ..، كما ان هناك للمجتمع وللعلم الاجتماعي ايضا ((علاقات خارجية)) مع المحيط الطبيعي البيئي والكوني ، والصناعي الاقتصادي والتكنلوجي ...تشكل عوامل اتصال وعلاقة وتاثير وتاثر بهذا الخارج الاجتماعي يرصدها ، ويبحثها ، ويدرسها بعمق العلم الاجتماعي الحديث باعتبار انها علاقة ربما تكون هي الاقوى في تحديد وتشكل العلاقات الاجتماعية الداخلية !!.

وعلى هذا الاساس ، فاي تعريف للعلم الاجتماعي الحديث لاياخذ بنظرالاعتبار كل هذه الابعاد ، التي لها علاقة ، وصلة بالمجتمع وعلمه الاجتماعي فسيكون حتما تعريفا ناقصا او مبتورا اوهو تعريف لايعبر عن حقيقة هذا العلم ووظائفه العلمية والمهنية التي يهدف لتحقيقها في دراساته وابحاثه ،كما ان كل رؤية لاتنظر لعلم الاجتماع الحديث بهذه السعة وبهذه المرونة ،وبهذا الافق الواسع ، ستكون رؤية بعيدة تماما عن واقع هذا العلم والمسؤوليات التي من اجلها انشأ هذا العلم وتمت ولادته على اساسه !!.

alshakerr@yahoo.com

مدونتي فيها المزيد :

http://7araa.blogspot.com/





السبت، يناير 18، 2014

(( مقدمة في علم الاجتماع / 1/2 ))

(( مقدمة في علم الاجتماع / 1/2 )) حميد الشاكر

لم يعد الشان الاجتماعي ، لاسيما بعد دعوة الفيلسوف الوضعي الفرنسي ((اوجست كونت 1789/ 1857م))لانشاء علم للاجتماع  يكون هوالاطار المنهجي لدراسة جميع الظواهرالمجتمعية واتمام تلميذه وزميله الفرنسي (( اميل دوركايم 1858 / 1917م )) لاسس هذا العلم ، وبناءاته النظرية العقلية والعملية التجريبية، لم يعد هو ذالك الشأن الذي يمكن تناوله فيما بعد من خلال تأملات فكرية فقط ، او فلسفية او نفسية ذاتية او شخصية لهذا المفكر او ذاك  بعيدا عن اطرهذا العلم ومناهجه البحثية الحديثة !!.
بل اصبح للمجتمع ، ودراسة ظواهره المتنوعة ، وبحث بنيته وتطوراتها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية علم ومرجعية منهجية لابد على كل من يحاول ان يدرس هذا المجتمع ، او يبحث  في ظواهره ، او يحاول تحليل وقراءة هذه الظواهر .. الخ ،ان يرجع اليه ويطبق مناهج هذا العلم على كل ظاهرة اجتماعية يراد بحثها  ودراستها واستخلاص النتائج والاحكام والقوانين الاجتماعية منها !!.
وعلى هذا الاساس ، اذا كان من المقبول بحثيا ودراسيا تاريخيا ان نعود ببحث المسألة الاجتماعية وجذورها(( الظاهراتية )) الى التاريخ اليوناني لنقرأ سقراط ومن ثم افلاطون وارسطوا على اساس انهم من المؤسسين للفكر الاجتماعي القديم وهكذاعندما نرجع بحثيا الى المؤرخين والفلاسفة المسلمين لنقرأ الفارابية اورؤية ابن مسكويه الاخلاقية اورؤى ابن طفيل او ابن رشد ...، الفلسفية على انها ايضا من المؤسسات للرؤى الفكرية لعلم الاجتماع فيما مضى  فانه ينبغي ان يتعذر علينا بعد صناعة وانشاء علم للاجتماع فيما بعد (( اوجست كونت ودوركهايم وسبنسر وفيبر .... حتى جدنز))ان نرجع في تناول الشأن الاجتماعي الى غيرالمختصين بهذا العلم والطارحين لمناهجه ، والمقننين لعمله واستخلاص قوانينه ونتائجه !!.
وذالك لانه بعد ان تحولت ((المادة الاجتماعية))الى موضوع علم مختص له تعاريفه العلمية وموضوعه المختلف  والمميز عن باقي مواضيع العلم الطبيعية الفيزيكية ، والانسانية  وهكذا له مناهجه التجريبية الموضوعية الامبيريقية والعقلية النظرية ..... فبعد ذالك التخصص يكون من الصعب الاعتماد على اي رؤى اجتماعية تصدر من غيراصحاب الاختصاص بهذا العلم الحديث الذي له ادواته المساعدة للمختصين في فهم ماهية الظاهرة الاجتماعية ؟،وكيفية اختلافها عن باقي الظواهر النفسية او الطبيعية !!.   
صحيح  ان جميع العلوم ، وخاصة منها العلوم الانسانية تنفذ بعضها الى البعض الاخر وتتاثر بعضها بالاخر فالمتخصص في العلم الاقتصادي مثلا  لايمكن له ان يضع (( برنامجا اقتصادية للمجتمع ناجحا )) اذا لم يستعن بخبرات (علماء الاجتماع ) في مضمار العلم الاجتماعي او علماء النفس الاجتماعي والفردي ليدرك طبيعةالمجتمع ونمطية ادراكه وسلوكه وكيفية تفجير ، وتحريك طاقته  للمساهمة في انجاح  البرنامج الاقتصادي المراد طرحه ؟!.
وهكذا المتخصص بالعلم السياسي ، او معظم العلوم الاخرى بما فيها علم الاجتماع الذي هو ايضا بحاجة للادراك ، والاستيعاب للاستعانة بمنتجات العلم الاقتصادي وبحوثه ونتائجه ...  ليضع دراساته وبحوثه الاجتماعية الاقتصادية التي هي بحوث تؤثرفي حركة المجتمع وتشكيلاته الاجتماعية  ومدى تاثيرالعوامل الاقتصادية او السياسية او النفسية او... على بنيته السلوكية والاخلاقية والفكرية والاسرية ... الاجتماعية وغير ذالك !!.
لكن هذاالتاثيروالتأثربين بعض العلوم الانسانية فيما بينها والبين الاخر لا يلغي (مفهومة التخصص) بهذه العلوم الانسانية التي لم تصبح علوما الا بعد انفصال بعضها عن البعض الاخرفي المواضيع والمناهج والمنطلقات والنتائج كما انها لا تلغي ان عالم الاجتماع وادواته المعرفية هي مختلفة تماما عن ادوات عالم الاقتصاد اوعالم النفس اواي عالم في مجال اخرله ادواته المعرفية  ومنطلقاته العلمية ، التي تتناول زاوية من حياة الانسان الاجتماعية ، او الفردية او الفكرية او الفسلجية او الطبيعية او غير ذالك !!.
ان ما يميز علم الاجتماع الحديث اليوم عن باقي العلوم الانسانية الاخرى انه علم استطاع اكتشاف :
اولا : (( قوانين )) الهيئة الاجتماعية ، وكل منتجاتها وظواهرها الفكرية والسلوكية والاقتصادية والنفسية، والاسرية والفردية والقبلية والسياسية ... من جهة !.
وثانيا :  استطاع من جانب اخر ان يبرز ((الحقيقة الاجتماعية )) ، التي كانت غائبة تماما عن التفكير البشري القديم  الفلسفي والديني والطبيعي والاخلاقي والتاريخي  والنفسي ... وحتى الكوني  !!.
اي ان علم الاجتماع في بداية بواكير ولادته ، ونشأته (( اذا استثنينا ابن خلدون ومشروعه الاجتماعي من هذه الولادة والبواكير التي لم يكتب لها الاستمرار والتطور)) استطاع تحديد مفهوم ان المجتمع الانساني(( وحدة قائمة بذاتها ، ولها كينونتها المستقلة )) عن باقي  الظواهر الطبيعية او النفسية او الفردية ..... التي تؤثر في صناعة الانسان وحياته !!.
ومن هنا يمكن القول : ((ان اول ماقام تاسيس هذا العلم الاجتماعي عليه هو فكرة  تحديد ، ان كان للظاهرة الاجتماعية  وجود مستقل في الخارج عن الفردي والنفسي والطبيعي الانساني ؟.
أم ان المجتمع مجرد مفهوم اعتباري يختصر وجوده في الذهن الانساني كمفهوم منتزع من التصورات الذهنية الانسانية ولا وجود واقعي خارجي له ؟.
والحقيقة ان اول من قام بالتنظير لهذه الحقيقة الاجتماعية واثبتها بشكل عقلي ،وتجريبي لا لبس فيه هو مؤسس العلم الاجتماعي الحديث (( إميل دوركهايم)) في كتابه التاسيسي(( قواعد المنهج في علم الاجتماع))عندما لحظ ضرورة دراسة الظواهرالاجتماعية على انها (اشياء خارجية)تفرض نفسها على (( الانسان الفرد )) ، وتخضعه لوجودها الخارجي وظواهرها وقوانينها الاجتماعية المستقلة عنه تماما !!.
ومن هنا بدأت الانطلاقة  (( للعلم الاجتماع )) على اساس انه علم يمتلك ((موضوعا مستقلا))يمكن اخضاعه للتجرية الموضوعية وبعد ذالك بحث مناهج هذا العلم  وماهية هذه المناهج ، التي يمكن لعلم الاجتماع التحرك داخل اطاراتها، والنهل من معينها (( علم )) يخضع للوضعية والتجريبية من خلال مناهج الاحصاء  والتحليل الاجتماعي ، وحاله في ذالك حال اي علم طبيعي موضوعي يمكن اخضاعه للتحليل الامبيريقي   !!.
اذاً المجتمع اصبح مادة علمية وجرّ في سياقاته وظواهره ((علما)) سُمي فيما بعد ب((علم الاجتماع / سيسولوجي )) لا لانه محتوى ، او موضوع بالامكان الكتابة والتنظير حول شؤونه الانسانية فحسب، بل لانه هو فعلا مادة مستقلة ،  لها كينونة وشخصية موضوعية ، وتمتلك منهجا متكاملا وقانونا يؤثر ويتأثر فيما حوله من ظواهر طبيعية وانسانية اخرى !.
ان هذه الرؤية لعالم الاجتماع الانساني الواسع ، او المحلي ، او الصغير واعتبار انه عالم له قوانينه الخاصة ، وظواهره المميزة ، ومن ثم علمه ومنهجه القائم بذاته  يدفعنا للتساؤل حول ماهية هذا العلم ؟ ، وتعريفاته التي طرحت له بصورة خاصة ، لندرك مجالات عمل هذا العلم ؟ ، وافاق اختصاصه الفكري والتاريخي والانساني الحاضر ،وهذا ما سوف نتناوله بالمقدمة ثانية لعلم الاجتماع الحديث !!.
مدونتي :
              

السبت، يناير 04، 2014

((اتسائل : هل هناك تنسيق بين داعش ونوري المالكي)) حميد الشاكر

((اتسائل : هل هناك تنسيق  بين داعش ونوري المالكي)) حميد الشاكر


كلما اُعيد قراءة ممارسات  رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الامنية والسياسية الخاطئة وكيفية معالجته للملف الامني داخل العراق كلمايزداد السؤال عليّ الحاحا وهو يشير الى :
اين تكمن مشكلة الملف الامني ومعالجاته المتكررة الاخطاء الفاضحة في كل صولة على الارهاب داخل العراق ومنذ  عشرة سنوات متوالية ؟.
هل في كون السيد رئيس الوزراء نوري المالكي هو رجل محدود الكفاءة السياسية والامنية ، ولذالك هو غارق في بحر من الاجترارات والقرارات الامنية والسياسية الكارثية عل راس العراق واهله كل مرة ؟؟.
أم ان هذا الرجل له حسابات سياسية  وانتخابية ، وحزبية ( كما يشاع ) ترى في استمرارالارهاب والعنف والفوضى... في العراق من جانب اخر استمرارا لحكمه الذي لايمتلك سوى ورقة الارهاب والرعب ليوزعها كل يوم على الشعب العراقي مع رغيفهم الصباحي ليعيدانتاج نفسه وشعبيته في كل انتخابات محلية او عراقية عامة ؟.
بمعنى اخر : في كل صولة يقودها القائد العام للقوات المسلحة ، ورئيس وزراء العراق والراسم لاستراتيجيات هذا البلد السيد نوري كامل المالكي ضد الارهاب منذانطلاقته في العراق وحتى اليوم تعترضنااشكالية قرارات سياسية وامنية يصدرها هذا الرجل تشيربشكل لالبس فيه على انها تصب في صالح انعاش الارهاب في العراق واستمرارية حركته وحياته بدلا من ازهاقه والقضاء عليه  وهنا نقف لنتسائل كالعادة : هو لماذا اتخذ رئيس وزرائنا المحترم لمثل هكذا قرارات سياسية وامنية اعاقت انتصارنا على الارهاب بل وصبت بشكل مفضوح في اناء صالح الارهاب واستمراره في العراق وليس العكس ؟.
هو هل من الممكن ان عبقرية رئيس وزرائنا  المالكي السياسية والامنية هي فوق منسوب مستوى التفكيرالبشري المتوازن الطبيعي بحيث لايمكن مجاراتها من قبل المتابعين والمراقبين ، ولذالك فرئيس الوزراء العراقي لاينبغي ان يسئل عمّاَ يفعل وجميع الخلق لابد ان يسئلون ؟.
ام ان هذه الاخطاء في القرارات السياسية  والامنية التي يصدرها رئيس الوزراء المحترم ،وما تصنعه من كوارث ومن دماء عراقية ينبغي تسليط الاضواء عليها  ونقدها كي لاتسهم اكثر ، فاكثر بازهاق ارواح العراقيين وتدمير حياتهم وحاضرهم ومستقبلهم ؟.
مثلا قرار فض اعتصامات الارهاب والجريمة المنظمة في الانبار كان من المفروض ان يكون قبل ذالك الوقت بكثير كي لايُقتل القائد محمد الكروي لنجد انفسنامضطرين للمطالبة بفض هذه الاعتصامات التي تحولت لاوكار لقادة وعتاة مجرمي القاعدة ، ولكن مع ذالك كل شيئ  في وقته وجاءت الفرصة وتهيئ  الراي العام العالمي ضد داعش والقاعدة بعد ان اصبحت داعش ورقة محترقة عند المخابرات الامريكية والسعودية ، وتهيئ ايضا الوضع الداخلي والاقليمي للعراق للقضاء على الارهاب !!.
وعندئذ توقعنا من السيد رئيس الوزراء نوري المالكي، باعتباره صاحب القرار العسكري والامني الاول والاخيرفي العراق ان يستغل هذه الفرصة الذهبية التي تهيئت للعراق وتجربته السياسية ، بافضل استغلال لاجتثاث القاعدة والفوضى وتوقعنا ان اول قرار سيتخذه رئيس وزرائناهو: ضرب طوق امني حول المعتصمين ، وفتح نوافذ ، ونقط تفتيش وتحقيق لجميع المتواجدين داخل هذا الاعتصام لاعتقال الارهابيين وايداعهم في السجون وترك الناس المغرربهم  ليذهبوا الى بيوتهم من غير سوء وبهكذا اجراء يكون الجيش ، والقوى الامنية اصطادت عشرات العصافير بضربة واحدة بدون ان تترك منفذا لاختلاط الحابل بالنابل !!.
لكن ماتفاجئنا به حقيقة من قرارات امنية سياسية من قبل رئيس وزرائنا نوري المالكي هوالعكس تماما وتم بالنقيض من ذالك فتح جميع الطرقات للارهابيين والمعتصمين ليتركوا ساحات الجريمة المكشوفة ليذهبوا بامان الى مخابئهم تحت الارض ، وبين المدن ليعيدوا تنظيمهم ويسيطروا على المدن من الداخل ، وليصنعوا لنا مشكلة اكبر من مشكلة الاعتصام نفسها ؟.
والآن هل كان قرارفسح المجال للارهابيين ان ينجوابجلودهم من ساحات الاعتصام ليختبئوا داخل المدن من قبل المديرالعام للقوات المسلحة قرارا يصب في صالح الامن العراقي واجتثاث الارهاب من العراق ؟.
ام انه كان قرارا يصب في صالح الارهاب والقاعدة وداعش واستمرارها على الارض ، كي تعيد تنسيق عملها من داخل المدن  بدلا من ان يقضى عليها في صحراء الانبار وعلى الطريق الدولي ؟.
طبعا الجواب ليس بحاجة الى حنكة امنية ولا الى عبقرية سياسية ، بل هو من الوضوح بحيث انه لايحتاج حتى الى اعمال فكر ووجود تجربة !!.
نعم كان خطأ فادحا ذاك القرارالمتسرع والغير مدروس الذي سمح بفض الاعتصام بهذه الطريقة الفوضوية واللامسؤولةالتي اعطت فرصة لايمكن ان تعوض لداعش والقاعدة ،  وبقايا البعث ان يعيدو تنظيم انفسهم داخل المدن ومن ثم الانقضاض عليها والسيطرة على جميع مقدراتها وتحويل هزيمتهم الى نصر اخر للقاعدة والارهاب بدون اي ضحايا ومقابل !!.
الخطأ الاخر الاكثر فضاعة من الاول ، والذي يمكن اعتباره في اي دولة محترمة وصاحبة مؤسسات ، وشعب واعي من ضمن الخيانات العسكرية الكبرى في وقت الحروب هوما اتخذه رئيس وزرائنا المحترم نوري كامل المالكي هو قرار انسحابه من الانبار ، او قرار انسحاب الجيش العراقي من الانبار وترك الانبار والمنطقة الغربية طعمة سهلة كي يستولي عليها الارهاب والقاعدة من جديد !!!.
والحقيقة انا ، وربما غيري ايضا في ذهول من مثل هذه القرارات  ومن كيفية وصف هذه القرارات فعلا وفي ارض المعركة مع الارهاب !!.
وربما لواعطينا وصف هذه القرارات لاي قائد عسكري يفقه معنى القرار في ارض المعركة لما توانا ابدا بوصف هكذاقرارات انها خيانة مفضوحة يجب تقديم طالقها الى المحاكمات العسكرية بتهمة الخيانة العظمى للوطن !!؟.
والا ماذا يعني اطلاق قرار سياسي وامني يطلب انسحاب قواتنا العسكرية من ارض هو مسيطر عليها  ليأتي العدو ويستولي عليها بدون ان يطلق رصاصة واحدة ؟.
وكيف لقائد  يناهظ الارهاب، ويدرك من خلال المعلومات الاستخبارية ان الارهاب انسحب من الصحراء بعدالضربات الجوية الناجحة لجرذانه ومن خيم الاعتصامات بفضل فسح المجال له ليتمترس داخل المدن ، كيف بعد هذاكله يصدررئيس وزرائنا امرابترك الارض لتكون قاعدة تجميع لشتات الارهابيين واعادة تنظيم صفوفهم من جديد ليستولواعلى المنطقة الغربية بدون اي مقاومة ؟؟.
واذا كان قرار الانسحاب العسكري صائبا فماذايسمى الرجوع بالقرار بعد اربع وعشرين ساعةمن قبل رئيس الوزراءنوري المالكي واعادة القوات العسكرية الى المناطق التي تلغمت مفخخات ، وارهابيين وقتلة ومجرمين من قبل داعش والبعث المباد ؟.
من الذي سيحاسب هذا القائد العام للقوات المسلحة (الاهوج) الذي يصدر قرارات ليس فيها الا خدمة الارهاب واستمرار عمله داخل العراق وقتل جيشنا وابنائنا ونسائنا في الاسواق وفي جميع طرقات العراق ؟.
بل الانكى من ذالك هل قبل ان يصدر نوري المالكي قراره بالانسحاب من المناطق الغربية عسكريا وامنياكان على ادراك انه ليس فقط يعيد انعاش حياة الارهاب في هذه المناطق ، بل انه يغدر بمن وقف الى جنب الدولة العراقية من قبائل الانباروالغربية وجماهيرهاوالذين ساندوا تواجد الدولة وفض اعتصامات الفتنة في الانبار ليتركهم لقمة سائغة للارهاب وداعش كي تنقض عليهم من جديد ، وتقتلهم وتذلهم وتخضعهم...  لحكم القاعدة والارهاب مرة اخرى ؟.
نعم قيل بالاعلام العراقي الرسمي الفاسد ، والمنتفع والمرتشي والمتخلف ان هناك مطالبات قبائلية اورسمية من قبل محافظة الانبار تطلب انسحاب الجيش العراقي من المناطق الغربية ؟؟.
ولكن من قال ان ((الامن القومي العراقي ))  العام يخطط له او يتحكم به شيوخ القبائل او محافظ هنا وهناك لايمتلكون اي معلومات استخبارية وليس من وظائفهم تحديد وظائف الجيش والقوى الامنية الفيدرالية في العراق اليوم ؟.
ومن ثم من قال ومن خطط ان عملية (القائد محمد ) هي عملية مختصرة على الارهاب في الانبار فحسب ؟؟.
الم يكن الاعلام الرسمي العراقي الموبوء بداء التطبيل للسلطان وخطابات رئيس وزرائنا المحترم صريحة: ان هذه العملية هي بداية عمليات كبرى ستجتث الارهاب من عموم العراق في الانبار  والرمادي والموصل ..... الخ ؟؟.
فعلى اي اساس ، وعلى اي فلسفة سياسية استند رئيس وزرائنا المالكي بقرار انسحاب الجيش من الانبار الى بغدادمرتدا على عقبيه حتى قبل ان تكمل مهتمها المناطة بها في القضاء على الارهاب في الانبار ؟.
وهل يمكننا الا ان نعتبر ان هذه الخطابات والتصريحات ماهي الا ضحك على ذقون العراقيين المساكين الذين قدموا كل ما لديهم من دعم لقواتهم العسكرية على اساس انها ستجتث الارهاب من العراق والى الابد ، واذا بهم يفاجئوا (بارتداد ) قواتهم العسكرية من بداية الطريق وعلى اعقابهم ليتركوا الساحة للارهاب والبعث المباد وداعش و.. يعيث بها كيفما يشاء وليطلق صراح (مئات الارهابيين) من سجون الانبار  والفلوجة والرمادي ....الخ ؟؟.
طبعالا اناولاغيري بامكانه القاء المسؤولية على قوات جيشنا البطلة التي هي على اهبة الاستعداد للقضاء على الارهاب ،لاسيما بعد توفر الاسلحة القادرة على اقتناص الارهابيين كالجرذان لكن المسؤوليةطبعاستلقى على صاحب القرار السياسي الذي يتحرك في وقت لاينبغي التحرك فيه ويقف في زمان يجب التحرك فيه ، وكأنما هو في تنسيق متواصل مع الارهاب واستمراره وكلماارادت روح الارهاب ان تزهق ياتي قرار السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ليرفع الضغط عنه ليتنفس الصعداء من جديد !!.
نعم اقولها وبصريح العبارة : اما ان يكون نوري كامل المالكي من العجز والفشل وعدم الكفاءة  بحيث انه رجل اصغر كثيرا من ادارة بلد كالعراق واماانه متواطئ مع الارهاب ويرى ان استمرارحكمه قد ارتهن باستمرار الارهاب الفوضى في العراق وفي كلاالحالتين ينبغي على الشعب العراقي والمسؤولين في هذا البلد ان ينقذوا العراق من هذه الكارثة !!.