الخميس، يوليو 14، 2011

(( مابين الثورة والانقلاب ... مفاهيم ومفارقات )) حميد الشاكر


في ذكرياته ج 2 ص 168 يقيّم المرحوم الشاعر محمد مهدي الجواهري حدث 14 تموز 1958م في حياته على انه : (( حدث يشبه الانقلاب وليس له علاقة بتسمية الثورة التي ارى انها لم تحن بعد )) !.


والحقيقة انا عندما اقرأ او اسمع مثل هذه المقاربات بين مفهوم الثورة واختلافه عن مصطلح ومفهوم الانقلاب العسكري ، وكيف ان الكبير والكثير من المثقفين العراقيين وغير العراقيين لم يزل لديهم هذا اللبس بين مميزات ومفارقات مفهوم الثورة عن الانقلاب ، وكيف ان هذا اللبس يسبب العظيم من الخلط والتعتيم على صفاء رؤية المجتمع ، الذي هو بطبيعة الحال بحاجة الى الادراك ، والفهم لبعض المفاهيم الحيوية في حياته وخاصة السياسية ؟.



عندئذ استرجع كل الذاكرة الفكرية التي املكها لاضع اناملي على مميزات كلا المفهومين الثوري والانقلابي لا لابحثهما كمصطلحي سياسة وورق لعب وابتزاز لمفهوم الثورة لاحوله الى انقلاب او مفهوم انقلاب لاحوله الى ثورة ، فهذا ليس من شأني الفكري ، وانما ما يعنيني فكريا وثقافيا هو التأسيس والتأصيل لمفاهيم فكرية ينبغي اماطة اللثام عن وجهها كي تكون واضحة ومميزة وقريبة الى روح المجتمع وقلبه وكيانه وفكره وذالك لحاجة اي مجتمع حيّ وراقي ومتقدم لمعرفة بعض مفاهيم الثورية والتمردات الشعبية والحرب التي يحتاجها في يوم من الايام اذا دارة عليه دائرة الاستبداد والظلم والدكتاتورية ليدافع عن نفسه وهو مسلح بالفكر الثوري الواضح والصريح والقوي والمميز !!.

نعم بالامكان مبدأيا ان نضع ثلاث مميزات اومفارقات بين مفهوم الثورة واختلافه عن مفهوم الانقلاب العسكري لنقول :

اولا : ان الثورة فعل جماهيري منتمي وواعي ، ومن جميع فئات المجتمع .

ثانيا : لابد لاي ثورة ان يكون لها محور فكرة واطروحة ونظرية تشرح المطالب والتطلعات الفكرية لهذا الجمهور الذي يرغب بالتحرك الثوري الواعي .

ثالثا : لابد للفعل الثوري او لمفهوم الثورة من قيادة موحدة بشكل رمز او بشكل مؤسسة تقود هذه الجماهير لتطلعاتها الكبرى لتكون من جانب هي الطليعة في العمل الثوري الميداني الذي يقود الجماهير في الساحة ، ومن جانب اخر الحُكم والحَكم والبوصلة لهذه الجماهير بعد نجاح الثورة وانتصار مبادئها المعلنة !!.



اما مايتعلق باي حالة او حدث انقلاب عسكري ، فإن من ابرز ملامح ومميزات هذه الانقلابات العسكريةوخاصةفي العصورالحديثة ولاسيمافي الدول والمجتمعات التي لم تزل في طور البدائية ، وعدم دخولها بعد للحياة الحضارية او الصناعية فإن الغالب على مفهوم الانقلاب انه :



اولا:فعل سياسي تقوم به مجموعة منظمة من العسكربالتحديد هي اشبه بالمنظمة السرية منها للفعل الشعبي الجماهيري .

ثانيا : في مفهوم الانقلاب لا وجود لفكرة او نظرية او ايدلوجية تحمل مطالب شعب وامة ، وانما ماهو موجود هو فكرة مصالح مجموعة معينة تحاول القفز والوصول للسلطة ، وهذه هي الفكرة التي تهيمن على الفعل الانقلابي العسكري المسلح ، باعتبار ان الاستحواذ على السلطة هو محرك الانقلاب وهو شعاره وهدفه وغايته .

ثالثا : لابد لاي انقلاب عسكري من قيادة تكون حتما من جنس العسكر ، وعادة ماتكون جماعية ، وذالك لاسباب منها لان الانقلابيين قبل السلطة لايجمعهم غير الطمع بالسلطة ولاتقبل مثل هذه العصابة الا التفكير بتقسيم الغنيمة قبل الاستيلاء عليها ، ولهذا تفرض القيادة الجماعية نفسها قبل الانقلاب كمفهوم مصاحب لاي انقلاب عسكري لكن سرعان ما تتصارع بعد السلطة ليكون الانفراد والحسم في السلطة فيما بعد كاحد مميزات الانقلابات العسكرية !.



والى هنا ربما يتضح لنا ماهية المفارقات والمميزات التي تميز كلا الفعلين الثوري من جانب والعسكري الانقلابي من جانب اخر ، ولعل في هذه المميزات التي ذكرناها ابعادا فكرية عميقة واخرى دلالية اعمق ايضا تشرح لنا ماهية المفارقات الجوهرية عندما ذكرنا ذالك التقسيم بين الانقلاب والثورة من قبيل :



اننا عندما ميزنا بين الثورة والانقلاب ، وقلنا بان الثورة هي من تمتلك الفكرة والنظرية والايدلوجية الكاملة التي تشرح للشعب والجمهور خارطة طريقه الان وغدا ، بينما الانقلاب فعل غامض وفارغ وغير شعبي وانما هو عصبوي فئوي ، فنحن اردنا الاشارة بوضوح الى معلم مهم لايمكن لاي ثورة ان تتحرك بدونه بل ولايمكننا اطلاق صفة ومسمى الثورة على اي حراك اجتماعي جماعي عنيف اسم الثورة دونه ما لم يمتلك هذا الحراك هذه الفكرة ، فكل ذالك كان بسبب ان مفهوم الثورة ولكونه فعل جماهيري يحتم على ان يكون صفة الثورة الاساس انها صاحبة فكرة ورؤية تشرح للمجتمع ماعليه وماله في كل حركته الجماهيرية ، وهذا هو ما يخلق من الثورة ومبادئها نوع من الشخصية المعنوية التي يمّكن الجمهور من الانتماء لها والايمان بشرعيتها ، ومن ثم ليكون للثورة شخصية اعتبارية معنوية عظيمة يتعامل معا الجمهور كموجود حي ويستحق الاحترام والتقدير والتضحية من اجله !!.



ومن هنا كان الثوريون ولم يزالوا :

اولا : جمهورا واعيا لحركته السياسية والثورية لانه يمتلك فكرة .

ثانيا : جمهورا مدركا لخطواته من اين تبدا والى اين يريد ان يصل وينتهي .

ثالثا : جمهورا يمتلك الايمان بقضية تستحق ان يضحي بروحه من اجلها .

رابعا : جمهورا يملك الموازين والمقاييس والمعايير الثورية المحددة التي تحدد له بوصلة الحركة له ولغيره من افراد الجمهور وصحتها او الخروج عن الطريق والانقلاب على مبادئها .

خامسا : جمهورا يستلهم الشرعية من نفسه كشعب هو مصدر السلطات وكجمهور هو صاحب الحق الاول والاخير ، وكذا عندما يستلهم الثوريون شرعيتهم من مبادئ ثورتهم المعلنة باعتبار انها مطالب مشروعة وليست مطالب ممنوعة او ذات نوايا مشبوهة

.

وهكذا قيادة الثورة وما تتميز به هذه القيادة من وضوح وعدم لبس والابتعاد عن المخاتلة وتقديم مصالح الشخصية الفردية على مصالح الشخصية الاجتماعية ، فان قيادة الثورة ايضا لها مميزات تجعل لها انفرادية في اختلافها عن باقي القيادات الانقلابية العسكرية وغير الانقلابية العسكرية ، ومن اهم مميزات القيادة الثورية وتميزها انها :

اولا : وضوح قيادتها وعملها الجماهيري الشعبي الصريح ، وابتعادها عن حياكة المؤامرات والدسائس في الغرف المظلمة والتنظيمات السرية المشبوهة التي عادة ماتقبع وتعمل تحت الارض وليس فوقها .

ثانيا : ان هذه القيادة هي التي تتبنى مطالب الشعب الثورية والتغيرية المعلنة اجتماعيا ، فهي قيادة تؤمن بما يؤمن به الشعب .

ثالثا : تستمد هذه القيادة الثورية شرعية حركتها من الشعب ومن مبادئ الشعب الثورية المعلنة كالمطالبة بالعدل والحرية والتغيير ... وغير ذالك ، وبغير هذا لاترى قيادة الثورة اي شرعية لاي تحرك تغييري يحاك بعيدا عن الشرعية الجماهيرية ، ومهما كانت نواياه او تاملاته طيبة ونبيلة .

رابعا : ان هذه القيادة دائما هي امام الجماهير ومطالبهم العادلة ولاتقف مطلقا خلف الجماهير او تتمترس بدمائهم من اجل توفير دماء القيادة ، بل ندرك صفة القيادة الثورية من كون موقعها المتقدم في التضحية والمطالبة والاعلان دائما تكون في المقدمة ، وعلى اهبة الاستعداد للتضحية باعتبار ان القيادة ايضا كالجمهور مؤمنة بمبادئ الثورة ولايختلف مطلقا الايمان والاستعداد للتضخية بين الجمهور وقيادته .



خامسا : قيادة الثورة صاحبة كفاءة فكرية وعلمية متقدمة ومميزة وهي من ينظّر لمبادئ ثورة المجتمع ، وهي من يفسر للشعب كيفية تجاوز مراحل طريقه في التغيير ، وهي المسؤولة عن التفكير والتنظير والادلجة لمشروعه كله حتى وصول الشعب الى حكم نفسه بنفسه ، ولهذا لايمكننا اطلاق صفة قيادة ثورية على شخص او اشخاص ليست لهم اي علاقة بفكر الثورة او التنظير لها او المساهمة في صياغة قوانين وافكار وتطلعات الشعب الثورية !.



اما مايتعلق بالجانب الثالث من عناصر الثورة وهو امتلاك الجمهور لفكرة ، فهذا يندرج في اطار انه لابد لاي حركة امة تريد التغيير من فكرة تشرح لهذه الامة جميع مبادئ هذا التغيير واهدافه وكيف يكون ومن اين يبدا والى اين ينتهي وكيفية استمراره بعد الثورة عندما تتحول الثورة الى دولة !!.

وبغير الفكرة للثورة يكون اي تحرك جماهيري ومهما كانت مطالباته نبيلة او غير نبيلة مجرد تحرك يفتقر للفكرة ولايمكننا ان نطلق عليه مسمى التحرك الثوري مطلقا !!.

نعم بالامكان وصف اي تحرك جماهيري وحتى ان كان ثوريا عنفيا في وصفه الظاهر للمطالبة بالتغيير بمسمى التمرد او غيره لفقدانه لشرعية الفكرة مع انه يمتلك شرعية الشعب ومطالبه في التحرك ولكن لايمكننا وصفه بالثورية لافتقاره لاهم عنصر من عناصر الثورة وهي الفكرة او الاطروحة او البرنامج الذي يشرح جميع ملابسات حركة الامة ومطالبها وكيفية الوصول لذالك !!.

ومن هنا نقول ينبغي ان تكون الفكرة او الفكر في قلب الثورة باعتبار انه :

اولا : ان الثورة بلافكرة كالانسان بلا عقل وبوصلة وبصر يتلمس به معالم الطريق امامه .

ثانيا : ان فكر الثورة هو الضمان الاكبر والمعيار الاعلى والمقياس الاوحد الذي يحدد اين تسير الثورة واين ينبغي ان تتوقف ، وكيف ينبغي ان نحاكم القيادة وسلوكها واخلاصها وصفائها ... من خلاله ، واين ينبغي على المجتمع ان يطيع القيادة بلا شك ويضحي بكل مايملك واين ينبغي ان يتمتع الشعب بثمرات الثورة وان لايستغفل باسمهما كيفما كان ؟.

ثالثا : ان الفكر في داخل الثورة هو ثمرة مضمون الدولة بعد الثورة ، واي ثورة بلا فكر كاي ارض بلا بذر ، ومهما كانت الارض مهيئة للزراعة ومسقية بالماء بلا ان نلقي في رحمها البذر لايمكن لنا توقع الايراق لبراعم تخضر وتكبر وتثمر وهكذا ثورة بلا فكر تصل الى قيام دولة بلا مضمون ، ومعنى قيام دولة بلا مضمون يشبه معنى تضحيات ودماء ترمى في صحراء بلا فائدة !!.

نعم لكل دولة مضمون ينبغي ان تحمله كروح بين جنباتها ، وهذا المضمون لايستطيع ملئه داخل اي دولة الا فكر الثورة الذي يحمله الشعب معه من بداية مسير الثورة حتى الوصول الى الدولة لتكون الدولة ممثلة مبادئ ثورة المجتمع وتطلعاته واماله والامه ، ولتكون الدولة اخيرا ثمرة نضال الثورة ، وليس ثمرة مؤامرة احيكت بليل او ثمرة صدفه يتسلق لها الوصوليون والانتهازيون ...وهلم جرا .

رابعا : قيام دولة فكر الثورة باعتبار انها دولة الشعب وفكره الثوري ، يخلق نوعا من الارتباط المصيري بين الدولة والشعب ، مما يجعل العلاقة بين هكذا دولة وهكذا شعب اقوى من صلد الجبال عندما تتعرض هذه الدولة لاي مؤامرات او اهتزازات خارجية او داخلية ، وهذا بعكس دولة اللاثورة وفكرتها التي لايشعر المجتمع تجاهها باي صلة روحية او عاطفية تذكر ، بل ربما تتحول الدولة التي تاتي من خارج سياقات المجتمع وثورته وفكره مجرد مؤسسة حقيرة لاتستحق ان ينظر اليها الا بكل ازدراء ، وفي افضل الحالات ينظر لها كمؤسسة خدمات متى ما تحولت الى عبئ يطلب التضحية فالجمهور عندئذ يرى انها لاتستحق التضحية من اجل مؤسسة خدمات الا بقدر ماتقدمه هذه المؤسسة من خدمة ومغريات مادية لاغير !!.

اخير كل ما ذكرناه انفا لمتعلق الثورة ومفهومها ( وهو باختصار حتى لانطيل على القارئ ) يمكن القول وبقوة انه منفقد تماما لمتعلق مفهوم الانقلاب العسكري وما يمكن توصيف هذه الانقلابات العسكرية لكل ماتقدم من مفاهيم عالية القيمة لمفهوم الثورة وعناصرها ومداليلها الفكرية والسياسية ، ونعم يمكن القول لافتقار حركات الانقلابات لكل المعاني السامية التي ذكرناها للثورة ومعانيها الفكرية الراقية ، فالانقلاب يتجاهل عنصر الجمهور والشعب في معادلته الانقلابية ولايفكر بالجمهور الا بعد الانقلاب وليس قبله وذالك اما :

اولا : لعدم ثقة الانقلابيين بهذا الجمهور وقدرته على فعل التغيير .

ثانيا : او لادراك الانقلابيين انهم لايمكن ان يكونوا محور التفاف جماهير وامة وشعب كقيادة ، ولذالك دائما تكون حركات الانقلاب بعيدة عن ارادة الامة ومعرفتها ، ولاتدرك الامة بحركة الانقلابيين الا بعد الانقلاب لتتعامل معه كامر واقع .

ثالثا : يدرك الانقلابيون العسكريون ان وضيفتهم لاتنسجم مع الثورية ابدا ، فهم على اية حال موظفوا دولة ونظام وقاسمي ولاء وطاعة لهذه الدولة بالدفاع عن الدولة والامة من اعداء الوطن ، وبهذا دائما يشعر الانقلابيون بانهم احقر من ان يتحولوا الى عناصر قيادية في مقدمة الامة ، الا من خلال انقلابهم على السلطة والاستيلاء عليها وعلى مكامن القوة داخلها ، بهذا يستمد الانقلابيون حقيقة شرعيتهم من قوة السلطة وليس من شرعية الشعب وسلطته .

رابعا : يحاول الانقلابيون اي انقلابيين عسكريين لادراكهم لنقص انقلابهم للشرعية الثورية والجماهيرية وافتقاره حتى للدستورية ، ان ينتقلوا بانقلابهم بعد تسلمهم للسلطة الى سرقة مفهوم الثورة وانشاء قواعد جماهيرية منتفعة للتصفيق والتهليل لمنجزهم الانقلابي باعتباره ثورة جماهيرية ، وليس انقلابا مشبوها وغريبا وكارثيا على استقرار المجتمع !!.

وهذه الظاهرة تكررت تقريبا في كل الانقلابات العسكرية العربية وغير العربية الحديثة في مصر واليمن وليبيا وووو والعراق ايضا ، فما من انقلاب عسكري استقر قراره الا بعد ان خرج بعض المرتزقة او الوصوليين للتسلق للسلطة للتطبيل لهذا الانقلاب واعطاءه صفة الثورية والمشروعية له كالذي حصل في انقلاب الجنرال قاسم وكيفية خروج الشيوعيين العراقيين للتطبيل له وارادة تحويل مفهومه من الانقلاب للثورة على امل ان يحصل الشيوعيين العراقيين او ان يتسلقوا لمناصب سياسية جديدة على رقبة الانقلاب الجديد الذي استطاع الوصول للسلطة والحكم !.

وبالفعل انشأ قاسم بعد انقلابه قاعدة جماهيرية وصولية سياسية من الشيوعيين العراقيين ليسبغ هؤلاء الوصوليين صفة الشرعية على انقلاب الجنرال قاسم من جهة ، ومن جانب اخر ليكافئهم قاسم بسخاء في مناصب الدولة وتقاسم غنيمة السلطة المنهوبة من الشعب معهم !!.

والغريب كيف تغيب مثل هذه الظواهر الوصولية السياسية على ذهنية شعب ثاقبة كالشعب العراقي ولايلتفت الى جريمة هؤلاء الوصوليين من جماهير السياسة الانقلابية ، وانهم تاجرو بارادة الشعب ليبيعوا لانقلاب صفة الثورة على حساب الشعب وارادته ، مع ان الشيوعيين العراقيين انفسهم هم ايضا من ساند انقلاب الكيلاني في 1941 م على النظام الملكي الفاشل قبل انقلاب عبد الكريم قاسم الذي نجح لضعف اداء النظام الملكي في تلك الحقبة ليفهم الشعب العراقي كيف ان هذه العصابة الحزبية من الشيوعيين العراقيين لعبوا لعبة بيع الولاء والثورية لمن يصل للسلطة ويدفع اكثر !!.

خامسا : لم يزل ومازال الانقلاب العسكري وفي معظم الاحيان يفتقر الى الفكرة ، والظاهرة في الانقلابات العسكرية دائما تاتي بعكس طريق ومسير ظاهرة الثورة ، فبينما تتقدم الفكرة دائما في عناصر الثور على الجمهور والقيادة لتكون الفكرة هي الرابط بين الجمهور والقيادة ، وهي المقدمة دائما على فعل الثورة والتغيير ، تكون الفكرة في الانقلابات العسكرية متخلفة وآتية بعد التغيير والانقلاب والقيام بالعمل !!.

وهذا ان دل على شيئ فانما يدل على :

آ : ان الانقلاب احقر من يكون له فكرة باعتبار انه ليس صاحب مشروع امة ليطرح فكر تغييري يلتزم بمبادئه بعد التغيير عندما يصبح التغيير دولة ، وانما الانقلاب حركة عصابة للاستيلاء على السلطة في غاياتها وتخطيطها واساليب تفكيرها ، وهكذا النمط من التفكير لايؤمن اصلا بمعادلة امة وان الشرعية ينبغي ان تكون من قبل اختيار هذه الامة وان الالتزام ينبغي ان يكون بمسؤولية امام هذا الشعب .

ب : او ان اصحاب الانقلابات العسكرية دائما هم من اصحاب الكفاءات المتدنية فكريا في حيز الافكار والمشاريع والتصورات العلمية ، ولهذا هم يدركون معنى القوة ، لكنهم لايدركون مطلقا معنى الفكر والدولة والادارة والفلسفة والرؤية ، وعلى هذا الاساس اصبحوا قادة عسكر بدلا من كونهم قادة فكر وتغيير وثورة وهموم امة كبيرة !!.

ومن هنا كان اصحاب الانقلابات العسكرية دائما مهمومين بالبحث عن الفكرة والثورة والجمهور بعد وصولهم للسلطة وليس قبل ذالك !!.



هذا هو بعض الفروق الجوهرية بين مفهوم الثورة ومفهوم الانقلاب العسكري ، كما ان ماذكرناه بعض المميزات التي من خلالها نفهم الثورة بكل عناصرها الحيوية واختلافها عن الانقلابات العسكرية بكل تشوهاتها الفكرية والسياسية ، وعلى اصحاب القلم والفكر والتعليم في العراق الجديد ان يوصلوا هذه المميزات والافكار الى ذهن شعبنا العزيز من ناشئة وطلاب جامعات وعمال وكل الفئات كي لايقع في المستقبل فريسة خلط المفاهيم ولا ينخدع بمظاهر الشعارات الفارغة التي تحاول استغفال وعيه السياسي لتوهمه ان انقلابا دبر بليل اصبح ثورة بفعل تصفيق حزب هنا او مجموعة وصولية سياسية هناك رفع له لافتة تاييد ومبايعة !.







alshakerr_(at)_yahoo.com



مدونتي http://7araa.blogspot.com/2011_06_12_archive.html