الاثنين، يناير 26، 2015

((في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي/القومية)) 3 حميد الشاكر


 ((7))
يتناول علم الاجتماع الحديث  موضوعة الفكر الانساني بصورة عامة ((دينيا عقديا كان او فلسفيا او ثقافيا او ...)) والفكر القومي الايدلوجي بصورة خاصة من خلال ( قدرة) وامكانية هذا الفكرعلى تشكيل وبناء السلوك الاجتماعي والفردي من جهة  ، وامكانيته  ايضا على صناعة ظواهرالمجتمع الانسانية والتاثير بها من قبل هذا الفكر من جانب اخر ولهذا تختلف مناهج ، ومنطلقات  وانماط تفكير علم الاجتماع الحديث ورؤاه السوسيولوجية  للمجتمع  ببناه المادية التحتية  وهرميته الفكرية عن منطلقات وانماط تفكير ورؤى الفكرالفلسفي القومي ، او الديني او الايدلوجي السياسي لنفس هذا المجتمع  من عدة اوجه وزوايا منها :
اولا:ان الفكرالايدلوجي القومي بالخصوص عادة ماينظر الى المجتمع وقيامته وحركته وارتباط افراده بعضهم بالبعض الاخرعلى اساس انه كتله متجانسة من الافراد  او ((ينبغي ان يكونوا)) كتله متجانسه لغويا وتاريخيا  ، ويجمع بينهم شبه قومي يهيئ لهم سبل الاندماج والتكوين والانصهار، والعيش الاجتماعي المشترك ، بينما علم الاجتماع عندما يحاول دراسة ، وبحث هيئة المجتمع فلا علاقة له ((بما ينبغي وجوده لعيش مشترك ، بين افراد مجتمع ما )) ، بقدراهتمامه بدراسة المتغير والمتطورداخل حتى نفس هذاالمجتمع الذي يفترض انه متجانس قوميا !!.
بمعنى اخر تنفصل رؤية ((علم الاجتماع الحديث)) عن رؤية التنظير القومي الفكري او الديني او السياسي ، بانها رؤية تبحث في المشترك والمختلف داخل الاجتماع الوطني او القومي او الديني او السياسي او الاقتصادي  او التربوي الاسري او .. الخ مهما كبرت دائرة الاجتماع او صغرت  وتحاول (هذه الرؤية العلمية) ان تبحث عن القوانين التي تتحكم بحركية العلاقة المتنوعة(بين نسق مجتمعي واخر) داخل دائرة المجتمع الكبرى وتدرس امكانياته وقدرته على الاستمرار وماهية هذه القدرة ومتى تضعف ولماذا تضعف ؟ و.... وغير ذالك !!.
امافي بحث ودراسة الفكرالقومي الايدلوجي لهيئةالمجتمع فيتجه مسار البحث والدراسة بشكل (معاكس) للبحث عن كل ماهو شامل ومشترك وقوانين ذالك تاريخيا او دينيا او اقتصاديا او لغويا او...الخ وليس عن كل ماهو متنوع ومختلف !.
ثانيا : يستغرق الفكر القومي الايدلوجي في معظم بحثه ومنطلقات هذا البحث في الجانب التاريخي ، وليستحضر من ثم ، من هذا التاريخ كل ماهو مشترك لامة من جهة ((كالاصل الانثربولوجي الجنسي العرقي او اللغوي او المشترك الفلكلوري او الفني او .... )) وثابت لهذه الامة من جانب اخر وذالك لان الفكر القومي الفلسفي الحديث انطلق (( كما هو مزبور في كتب التنظيرات القومية الحديثة / راجع /مثلا / الاستاذ ساطع الحصري : ماهي القومية )) من مقولة كيفية بناء الدولة والامة القومية المعاصرة ما بعد العهد الصناعي الحديث !!.
اما ما ينطلق منه علم الاجتماع في تشكيل رؤيته العلمية فهو مختلف عن ذالك تماما ، ومع ان علم الاجتماع يعتمد على التاريخ في تشكيل تنظيراته العلمية الاجتماعية من منطلق معرفة وفهم السلوك الانساني وكيفية تطوراته التاريخية وماهية هذه المتغيرات ، او تلك الاجتماعية الفكرية او المادية ، لكن مع ذالك  ينظر دائما علم الاجتماع (( للتاريخ ومساره )) الى ان كل ماهو مرتبط في المجتمع تاريخيا ، وحتى اليوم ومستقبلا هو ((متطور ومتغير )) في ظواهره الفكرية والمادية !!.
وتقريبا لا وجود لثابت في مدرسة علم الاجتماع الحديثة  الا (( قانون التغير والتطور)) الاجتماعي فهو الثابت القانوني الوحيد ، الذي يمكن الاعتماد على منطلقاته ، اما اللغة ، والفن ،  والاصل الانساني والدين والعرف وحركة الاقتصاد ، وتطور مفهوم الاسرة و ...الخ ، فكل هذه العناوين لا تشكل ، الا ظواهرا اجتماعية  ولا تمثل في واقعيتها لاثابتا تاريخيا ولا استاتيكا مستقبليايمكن ان يضمن لامة من الامم قيام قومية تهيئ العيش المشترك فيما بينها والبين الاخرعلى اساس ثوابت قومية لا تتزحزح من مكانها ابدا !.
نعم اللغة والدين والمصالح والارادة وتشابه الفلكلورو..كل هذه تصلح لان تكون (( ادوات تواصل انسانية فعالة ،  تساهم في صناعة العيش المشترك كما الجغرافية وترابطها الطبيعي)) ، لكن كل هذه من وجهة نظر علم الاجتماع مفردات اولا هي اجتماعية ((من صناعة الاجتماع الانساني )) وثانيا هي مفردات قابلة للتطور والتغير والتبدل ولا شيئ منها يمكن ان يعتبر ثابتا تاريخيا اوقانونا من قوانين الثوابت التي ليس لها متحرك !!.
((8))
ان هذين الاختلافين الفكريين  بين رؤية علم الاجتماع الحديث ورؤية الفكر القومي الايدلوجي المعاصر يمكن لهما ان يطلعانا على ما طرح سوسيولوجيا من قبل الاقلام الكردية الحديثة  بصورة خاصة والاقلام الاستشراقية بصورة عامة  في (( شخصية الاجتماع الكردي العراقي الحديث )) وماهية هذا الطرح وهل هو  طرح قومي ايدلوجي سياسي ام انه طرح اجتماعي علمي ؟.
والحقيقة ان ملامح الفكر القومي الايدلوجي ، وبكل ابعاده السياسية (( التركيزعلى التاريخ وبناءالثوابت منه وشمولية الدمج القصري للتنوع الاجتماعي ، ومصادرة كل ماهو متنوع ، ومتنافر داخل اي مجتمع و ...)) تبدو هيمنتها واضحة تماما على معظم الطرح الذي كتبته الاقلام الكردية بالخصوص حول شخصية الاجتماع الكردي ،  بصورة عامة والكردي العراقي بصورة خاصة !!.
ولهذا لابد ان كل من اطلع ، او قرأ ما كتبه القلم  الكردي الحديث عن الشخصية الكردية سيلتفت الى ظاهرة بارزة للعيان وهي :((ان معظم  الكتابات الكردية الحديثة  وربما جلّها ، التي كتبت بهذا الصدد وحتى منها الاستشراقية تحدثت عن/ كلٍ كردي قومي/تنتفي منه اولافروقات اجتماعية بينه والبين الاخر ، حتى وان اختلفت  الجغرافية ، او الواقع  السياسي لهذه المجتمعية الكردية عن تلك  التي تقطن في بيئة سياسية وجغرافية مختلفة عن الاخرى )) !!.
بمعنى اخر : انه لو كان هناك دراسات اجتماعية علمية حقا للشخصية الكردية العراقية والتي هي بطبيعتهاستختلف حتما في حاجات انساقها ومنتجاتها الاجتماعية عن انسان الاجتماع الكردي الايراني (( المتاثر بالبيئة السياسية والثقافية والجغرافية والفنية والدينية واللغوية و....الخ الايرانية )) او التركي او السوفيتي او ..، وتأخذ بنظر الاعتبار مناهج البحث العلمية الاجتماعية الحديثة ،   لتدرس من ثم اختلافات الانساق الاجتماعيةداخل المجتمع الواحدلاصبح لدينا بالفعل دراسات اجتماعية مختلفة تماما في معطياتها ، ونتائجها  حول شخصية المجتمع الكردي العراقي عن هذه الدراسات القوميةالنظريةالتي لم يكن لها هدف علمي او بحثي دراسي مثمر سوى التنظيرات القومية لقيام امة ودولة كردية جامعة سياسيا لاغير !!.
طبعا نحن هنا عندما نقول (دراسة اجتماعية علمية ) للمجتمع الكردي العراقي ، لايعني بالضرورة اننا سوف نتحدث ، او نجرح التنظيرات القومية الكرديةوحقوقها السياسية ومصيرها القومي المشترك و ...الخ ،فكل هذا نتركه لتتحدث عنه التنظيرات السياسية الغير معتمدة لاعلى رؤية علمية  ولا على منهجية واقعية ، اما اذا دعونا الى بناء مشاريع علميةلقراءة سوسيولوجيه حديثة للمجتمع العراقي بكل تنوعاته الدينية والاثنية والقومية و...الخ فعلينا عندئذ الالتزام بالامانه العلمية والمنهج الاجتماعي الذي يلاحض اختلافات الانساق الاجتماعيةداخل المجتمع الواحد وتنوع منتجات هذه الانساق حتى بين محلة واخرى اومحافظة وجارتها او اقليم واخر !!.
ومن هنانحن نستغرب كثيراعندما تقحم التنظيرات القومية الفضفاضة والشمولية لتفرض على منطلقات مبادئ مفاهيم علم الاجتماع الحديث باعتبار انها من ضمن نتائج هذا العلم التي ينبغي ان تتقدم على مناهج هذا العلم ومنطلقاته !!.
ان اختلاف الشخصية الكرديةتبعالمؤثرات البيئة السياسية والمجتمعية واللغوية والفنية و ....الخ ، التي تعيش داخل جذب قطبيتها الاجتماعية والجغرافية والسياسية ، سواء كانت عراقية او ايرانية او تركية ليست هي اختراع فكري نظري ،بقدر ماهي واقع تجسده الشخصية الكردية نفسها وتفاعلها مع محيطها الاجتماعي الانساني المذكور فالاختلافات في اللهجات الكردية /مثلا / (( الكرد تقتسمهم اربع لهجات محلية كما ذكرثلاثة منها حجة اللهجات الكردية توفيق وهبي الكرمانجية الزازية اللورية ، والرابعة كما ذكرها احمد تاج الدين في كتابه الاكراد تاريخ شعب وقضية وطن وهي الكلهرية وحتى هذه اللهجات يختلف تداولها بين قبيلة واخرى حتى يصعب على سكان الجانب التركي او السوري الكردي فهم لهجة الكردي العراقي او الايراني ،وحسب تتبعي لايوجد جذر لغوي اصيل لهذه اللهجات وليس فيها قواعد قانونية ، كالنحو في اللغة العربية وتكتب اليوم اما بالحرف العربي كما هوفي كرد العراق وايران واما بالحرف اللاتيني كما هوعند كرد تركيا وسوريا)) متأثرة بشكل مباشر بمحيطها العربي والفارسي والتركي بل ان هذه اللهجات قريبة جدا للغة الفارسية التي هي كمايعتقده الكثير من الانثربولوجيين على انها الام للهجة الكردية بصورة عامة !!.
وهكذا اذا اردنا ان نسلط الاضواءعلى التنوع الديني العقدي والمذهبي للشخصية الكردية فسنجد ان شخصية الكرد العراقيين متاثرة بمناخهم الفكري العقدي ، وتنوعه الديني والمذهبي   فمنهم من هو مسلم بشقيه السني والشيعي ومنهم المسيحي واليهودي والايزيدي و ...الخ ، وكذا الحال اذا سلطنا الاضواء على عادات وتقاليد القبائل الكردية العراقية وكيف انها متاثرة ، وبشكل مباشر بالقبلية  العراقية الجنوبية والغربية الصحراوية في عاداتها ،  وفي انماط واساليب تفكيرها ، وهي مختلفة تماما عن التركيبة النفسية والمجتمعية لكرد تركيا او ايران !!.
فكل هذا يثبت ان موضوعة تأثر الشخصية الكردية العراقية بمحيطها الاجتماعي والسياسي والثقافي و ........الخ العراقي هو حقيقة لايمكن الغائها باسم التنظيرات القومية ،   التي تحاول سلخ الشخصية الكردية العراقية عن محيطها الاجتماعي السياسي الطبيعي والتي هي انعكاس له ، ودمجها قصرا بيوتوبيا تنظيرات قومية تبتني مجتمعا ذهنيا ليس له واقع وتنسب جميع كرد المنطقه اليه !!.
((9))
يذكر ارباب التنظيرالقومي الغربي ، والعربي المعاصر ان اول درس جامعي طرح في موضوعة  (الامة القومية) هو في سنة 1882م على يد المفكر الفرنسي ((ارنست رينان)) عندما توسع بموضوعة ومفهوم الدولة القومية والامة !!.
ثم بعد ذالك تدحرجت الفكرة ليتلقفها فلاسفة اوربا لاسيما الالمان منهم (( لان هذه الفكرة / القومية / هي، التي وحدت الامة الالمانية فيما بعد ، لتنتقل من امة متوزعة  على ثمانين جزء جغرافي متنافر ،  الى امة واحدة )) ليصوغوا منها فلسفة متعددة الاتجاهات منها :
اولا: اتجاه فلسفي كان يرى(المشيئة والارادة)كقاعدة انطلاق جوهرية لتكوين القومية ، وهذا الاتجاه هو ماتبناه ( رينان ) .
ثانيا: الاتجاه الذي ارتكن الى اللغة(وهذا ما تبناه العرب القوميون فيما بعد ) باعتبار انها محور القومية الحديثة ، التي تتمكن من صناعة امة ودولة ذات طابع قومي ثقافي موحد  .
ثالثا : الاتجاه ، الذي تطور ليصبح الاشد تطرفا قوميا الا وهو الاتجاه الالماني العنصري المعتمد على نقاء الاصل الجنسي ووحدته البشرية !!.
طبعا هناك من اتخذ اتجاهات مختلفة فلسفية سياسية  في صناعة الامم وبناء الدول ، كالفلسفة الماركسية التي اتخذت من العوامل الاقتصادية مادة لبناء المجتمعات البروليتارية الاشتراكية ، ونهوض نموذجها في الدولة على اساس هذا البعد ، وهكذا باقي العالم الغربي الليبرالي الذي فصل بين بناء الدولة وقومية المجتمع ،وفصل في موضوعات فلسفية لسنا بحاجة للتوسع فيها بحثيا !!.
الغرض والخلاصة هو القول :ان الفكرة القومية فكرة استحدثها العالم الغربي ما بعد الصناعي لتحل محل التقسيمات الدينية المسيحية انذاك في قيام الدول وبناء المجتمعات الحديثة  ، ولهذا (( اضطرت حاجات المجتمع الاوربي الصناعي الحديث ))البحث عن الفكرة التي بامكانها ان تحل بديلاعن التقليدالاوربي الكلاسيكي الديني فاتت القومية كفكرة انسانيةبامكانها ان توفرالوحدة للتقسيمات الاجتماعية الحديثة من جهة وان تكون روحا للدولة المعاصرة من جانب اخر !.
قبل هذا التاريخ ،  الذي ذكرناه لانطلاق الاطروحة القومية الغربية لم يكن هناك اي تنظير قومي في هذا الاطار ، والحديث عن فكر وتوجه قومي فلسفي تاريخي ابعد من ذالك ، او الحديث عن توجه فطري لكل انسان من داخله للانتماء ، والشعور قوميا ماهو الا حديث ادب وترف فكري لاعلاقة له باي واقع علمي حقيقي !.
في علم الاجتماع تدرس ((الحالة القومية)) بكل ملابساتها الاجتماعية على اساس انهامتطلب فرضته الحاجات الانسانيةالتي صاحبت انتقال العالم الانساني انذاك من مجتمع الزراعة والرعي اوالمجتمع (الالي ) حسب تعبيرات (( دوركهايم في كتاب /   تقسيم العمل )) الى المجتمع (( العضوي )) او الصناعي الحديث !!.
وكانت القومية ( وظيفيا ) فكرة تلبي  هذا المتطلب الاجتماعي الغربي انذاك !.
اما على المستوى التحليلي لعلم الاجتماع فالقومية حالها في ذالك حال باقي الافكار السياسية او الايدلوجية  فهي صناعة اجتماعية مئة بالمئة وتساهم العمليةالتربوية الاسرية وكذاالاجتماعيةوالسياسية في صناعة الشعور القومي لدى جميع الافراد ، وهو شعور يبقى الاجتماع بحاجة اليه مالم يفقدعناصره السياسية اوالاقتصادية الايجابيةلتماسك المجتمع وديمومة  استمرار وحدته ، فمتى  ما تجاوزت  المتطلبات الحضارية الانسانية السياسية او الاقتصادية او الدينية او .....الخ معطيات الفكرة القومية ، او اصبحت القومية تهديد  لنسيج المجتمع الواحد ، وديمومة استمراره عندئذ  فلاريب ستكون سنة التطور والتغير التاريخية اقوى من الفكرة القومية ،  لتتجاوزها الى فكرة   اكثر مرونة لصناعة الامم والشعوب القوية !.
ان من بين علماء الاجتماع الكرد القلائل الذين احترموا علمهم وامنوا به حقا هو عالم الاجتماع الكردي التركي ((ضياء كَول )) الذي ادرك مفهوم القومية بشكلها السياسي المعمق ليعلن في كتابه (مبادئ التركية / 1920م ) بانه: (لااتردد في القول باني تركي لادراكي من دراساتي الاجتماعية ان اساس القومية الوحيد هو التربية والنشأة/نقلا عن كتاب الشخصية الكردية ، لاحمد محمود الخليل / ص 274)) !!.
وفعلا كاصحاب توجه اجتماعي علمي لا يمكننا قراءة الفكرة والتوجه القومي الا على اساسه الاجتماعي العلمي الذي يقرر : ان القومية هي ليست تاريخ ولاثابت ولافطرة بشرية ولا فلسفة حتمية و...الخ ، وانما هي(متطلب اجتماعي مرحلي)يتغيربتغير المجتمع وتطوره ومتطلباته كما هو حاصل الان بالفعل بعد مئة عام من ولادة  القومية  بدأ  العالم الانساني بمغادرتهاوخصوصا بعدوفود العولمة الاقتصادية والشركات المتعددة القوميات وثقافاتها التي هي ذاهبة بالفعل للقضاء نهائيا على فكرة القومية !.                                                 
 _______________________                                                     راسلنا على :
مدونتي فيها المزيد



الخميس، يناير 22، 2015

(( في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي )) 2 - حميد الشاكر

((4))
عندما ذكرنا في القسم الاول من هذه البحوث  ان مدرستنا الاجتماعية العراقية تفتقر الى الدراسات المعمقة  العلمية والمكثفة لهذه الشخصية الكردية العراقية لم نكن نقصد بطبيعة الحال والمنهج انسدادالافق امام تناول هذه الشخصيةالمجتمعية العراقية بالبحث والاستقصاء والدراسة العلمية التاريخية والحاضرة المنتجة والمثمرة !!. بل ان ماموجود تاريخيا ((لاسيما ان الانسان الكردي في هذه المنطقة لم يفارق / حضوره /اكمال نسيج المجتمع العربي الاسلامي والتكامل معه منذ وجود العراق ثم العرب والاسلام وحتى قيام الدولة والمجتمع العراقي الحديث اليوم )) وما مطروح بحثيا انثربولوجيا وكذا ما كتب سوسيولجيا اجتماعيا  كرديا  فيه من الغنى الشيئ الكثيرالذي يمّكن اي عالم اجتماع ، او اي مدرسة  اجتماعية  من تناول  الشخصية الكردية العراقية الحديثة وماهية ((جذورتكوناتها الثقافية والدينية والاجتماعية والتربوية ..وغير ذالك)) وهذا هو ما دعانا((في مقدمة القسم الاول )) لتوجيه اللوم بالقصور ، لهذه المدرسة الاجتماعية العراقية بمؤسسيها والتي توفرت لديهاجميع مادة البحث العلمية ومفرداته الا انها تكاسلت او قصرت في بحث ودراسة الاجتماع الكردي العراقي الحديث بشكل موسع وعلمي !!. ولهذا يمكن القول ان هناك (مادة علمية ثريّة) مهمة تتحدث عن تاريخ الشخصية الكردية ، بالاظافة لحديثها اليوم عن هذه الشخصية الكردية اجتماعيا ، ودينيا ، وسياسيا واقتصاديا وفنيا ، وتربويا واسريا  …الخ حسب معطيات ومناهج البحث العلمي الحديث !!.

((5))

والحقيقة ان هذه البحوث  التاريخية ، والانثربولوجية والسوسيولوجيا العلمية ،التي تناولت الشخصية الاجتماعية الكردية فيها من التنوع في وجهات النظر العلمية والسياسية والفكرية و …  الشيئ الكثير والثري والمثمر في استكشاف قوانين واسرار وشيفرات الشخصية الكردية ما يدفعنا ، او يضطرنا  قبل الحديث والتعرف وتناول الشخصية الكردية الى تقسيمات وادراك ماهيات هذه البحوث ومن ثم  تصنيفها الى ثلاث محاوررئيسية : الاول : المحور الاستشراقي العلمي، وهذا المحور كتب في الشخصية الكردية ، انطلاقا من رؤية بحثية علمية  انثربولوجيه ممزوجة برؤية سياسية حديثة ، مَثلّها في الدراسات الكردية الحديثة ((باسيل نيكتين)) الروسي الكوردولوجي المتأثر ب (( مينورسكي )) ،  وكذا (( ارشاك سافراستيان )) و((مارغريت كان في كتابها  ابناء الجن )) و(( ويليام ايغلتون )) ومذكرات حاكم اربيل الانجليزي العسكري ، (( دبليو . ار . هي )) و ….. !. ثانيا : المحور التاريخي العربي وغير العربي الاستشراقي  الذي ارخ للتاريخ الانساني لسكان هذه الجغرافيا بصورة عامة وللتاريخ العربي الاسلامي  بصورة خاصة (( كالطبري ، وابن الاثير ، والمسعودي و .. وكذا الشرف نامه للبدليسي او البتليسي الكردي و…الخ)) وبما فيهم طبعا المجتمعية الكردية باعتبارها  (من خلال صناعتها لهذا التاريخ) احد المساهمين في صناعة ومسارت هذه الامة . ثالثا : محور الدراسات  السوسيولوجيه التي اختص  بها الكرد انفسهم (( اي كتبها اكراد ليعبروا عن انفسهم بانفسهم وليس من خلال كتابات الاخرين عنهم )) ،  والتي تخصص بها مثلا (( احمد محمود الخليل ، سوسيولوجيا ، ومتخصصا ، ومترجما في كتابه/ الشخصية الكردية / والدكتور مهدي كاكائي وابراهيم الداقوق ، واحمد تاج الدين في كتابه / الاكراد تاريخ شعب وقضية وطن / و ….الخ )) !. فمثل هذه المحاور البحثية العلمية والتوثيقية ، والتاريخية هي بالحقيقة المادة العلمية التي يمكن الرجوع ، والاتكاء ، والانطلاق منها لدراسة تكونات الشخصية الكردية الحديثة بكل اشكالياتها المعقدة !!. 

((6))

طبيعي عند ذكرنا تنوعا ،  وتوجهات مختلفة لهذه الدراسات التاريخية والعلمية الانثربولوجيه والسوسيولوجية في الشخصية الكردية الحديثة قصدنا منها الاشارة والتنبيه الى : اولا: ان من هذه الدراسات ، والبحوث ما  يغلب عليه او يمكن اطلاق صفة (( البحث والدراسة العلمية بشانه ))، وان مازجته بعض الرؤى السياسية اوالتحليلات الايدلوجية لتاريخ الاجتماع الكردي اوشخصيته كما هو حاصل بالفعل في الدراسات الاستشراقية  المذكورة اعلاه من قبل المستشرقين ولكن ومع ذالك لم تفقد هذه الدراسات روحها العلمية وتتميزايضاهذه الدراسات بنوع من الموضوعية كذالك حالها في ذالك حال المصادر التاريخية العربية التي دونت للشأن والشخصية الكرديه  تاريخيا والتي تميل الى(الوصفية للواقعة التاريخية ) اكثر من ميلانها للتحليلات السياسية او الايدلوجية !!. ونحن في الواقع في دراستنا الاستقصائية والاستكشافية هذه للشخصية الكردية  نبحث عن ماهو علمي او قريب من مواصفات البحث العلمي الغير متاثر بتحليلات الجانب الايدلوجي السياسي بشكل كبير ، والذي يفقد البحوث والدراسات العلمية روحها وواقعيتها البحثية !!. ثانيا : يغلب مع الاسف على معظم الكتابات التاريخية والسوسيولوجية التي سطرتها اقلام الكرد انفسهم ((الحديثة بالخصوص )) الطابع ، او التوجيه الايدلوجي السياسي ، المتأثر بشكل مباشر ب(( الفكر القومي العالمي الحديث )) ، مما افقد معظم الكتابات الكردية التي كتبها الكرد عن انفسهم طابع العلمية او الموضوعية في التناول للشخصية الكردية الحديثة !!. بمعنى اخر يلاحظ القارئون ، والمتتبعون والمتأملون للمنتوج الفكري والعلمي والسياسي الكردي ،  او الذي كتب  بالشأن الكردي التاريخي بشكل عام والسوسيولوجي الاجتماعي بشكل خاص  ان معظم ما كتب في هذا الاطاركرديا تفوح منه رائحة الادلجة ويمكن وصفه بانه ماهو الا محاولة (( لتوظيف البحث والدراسة العلمية )) لاغراض سياسية وايدلوجيه  وهذا في الواقع السمة البارزة  (تقريبا) في معظم الكتابات الكردية  التي كتبوها في العصرالحديث (عصر مابعد الحرب العالمية الاولى في مفهومنا الاصطلاحي لحداثة العصر)عن تاريخهم وواقعهم الاجتماعي والسياسي والعقدي  وحتى الاسري مما افقد هذه الدراسات للبعد الواقعي او الموضوعي العلمي لبحث الشخصية الكردية !!. ففكرة ( القومية الكردية / مثلا / او فكرة قيام دولة كردستان الكبرى / او فكرة الانسلاخ من واقع قومي / سامي او آري / ، والالتحاق بواقع قومي هندواوربي اخر) بارزة تماما في توجيه هذه الدراسات والتاثير على موضوعيتها العلمية ، بل لانغالي ان قلنا انها الفكرة التي شكلت البوصلةلمسارجميع ماكتب كرديابهذا الصدد مما ادخل هذه الدراسات الكردية   للشخصية  الاجتماعية الكردية في الغريب ، بل العجيب من التناقضات التي لها اول وليس لها اخر منها مثلا : أ : مع ان ما من كاتب سوسيولوجي كردي كتب بالمجتمعية الكردية الا وخصص فصلا  او شبه فصل في كتابه لبحث محور : (( لماذا لم تقم للكرد دولة ، على مدى الاف السنين في جغرافيتهم الجبلية الوعرة هذه ؟ .)) وبحثوا في الاسباب الداخلية (صراعات الكرد القبلية وحلهم وترحالهم الجبلي الدائم ) والخارجية (مؤامرات الغزاة الغرباء وارادة محو شخصيتهم) ولكن مع ذالك يتحدث نفس هؤلاء الكتاب والباحثون ويتغنون ، بين صفحة واخرى بقدرة ، وعبقرية   الانسان الكردي في صناعة الحضارة البشرية  من سومر ، الى الحضاة الاكدية ، والبابلية والكشية والحيثية والميدية و …الخ ، باعتبار ان كل هؤلاء هم اسلاف الكرد (( او ان الكرد اسلافهم  !! من منطلق ان اول انسان على وجه الكرة الارضية كان يحمل الجينات الكردية )) حسب اختلاف الباحثين الكرد بهذا الصدد منهم من يقول ان السومريين اصولهم كردية ومنهم من يقول ان الكرد اصولهم قوقازية ، او حورية ، او ميدية او كشية و …الخ !. وهنا نحن فعلا في حيرة وتناقض :  انه كيف اصحاب صناع حضارة البشر الاولى ومسني قوانين الدول ، وباني مشروعها انسانيا من ابناء سومر الذين هم ((حسب نظرية احمدمحمود خليل في كتابه الشخصية الكردية / ص 32 / )) ((ابناء للسلالة الكردية)) كيف ان هولاء القوم انفسهم لايتمكنو ان يصنعوا دولة ويقومون على رعايتها منذ وجودهم في جغرافية كردستان وحتى اليوم ؟. ب : ايضا من  متناقضات كتابات السوسيولوجيين المحدثين الكرد هو تلك التقييمية المتناقضة لسلوك ، وقيم الانسان الكردي (( ، الذي تتفق كلمة السوسيولجيين المستشرقين والكرد ايضا على  غلبة القيم القبلية عنده على القيمية المدينية )) ،  فبينما يحاول البعض من الكتاب الكرد اظهار غلبة قيم التسامح والايثار وحب الاخرين والعفو عنهم و…الخ على شخصية الاجتماع الكردي ، يذهب الاخر (( كما ذكره احمد تاج الدين/ في كتابه  الاكراد تاريخ شعب وقضية وطن / ص 51 )) على ان الشخصية الكردية جبلت على التمرد … ، والاخذ بالثأر مهما طال الامد شأنه شأن اهل الصحراء في ذالك !!. ولعلي لست بحاجة الى عناء كبير ، عندما اريد المقارنة بين الرؤيتين الكرديتين ، ومن هي الاقرب لروح العلم الاجتماعي الحديث و معرفة ماهية القيمية الجبلية القبلية لشخصية الاجتماع الكردي واختلافها عن القيمية المدينية التي تضعف في مثل هكذا اجتماع !!. فمعروف : ان قيم الثأر والابتعاد عن التحضر ، وعدم احترام القانون والركون الى الخشونه في قضية اخذ الثار بالذات هي من اهم السمات للمجتمعات القبلية عربية صحراوية كانت او كردية جبلية وهذا يرجح رؤية الاستاذ ((احمد تاج الدين)) في تقيماته الواقعية العلمية لشخصية الاجتماع الكردي بعكس اؤلئك الذين ارادوا تركيبات ايدلوجية سياسية وفكرية تقدم للاخر على الشكل  الذي ليس له اي صلة بواقع علمي او اجتماعي قائم !. نعم ربما يتسائل البعض عن ماهية مثل هذه الافتعالات القيمية ومن ثم لماذية ارادة بعض الكتاب الكرد لابراز الجانب الغير واقعي من قيمية وسلوكيات الاجتماع الكردي القبلي الجبلي الحديث ؟. الجواب ماذكرناه انفا من ان هناك(بوصلات قومية كردية) عند معظم الكتاب الكرد وخطاب((ايدلوجي مسيس)) يوجه سياسيا للعالم الغربي الحديث على اسس ( يعتقد الكتاب الكرد ) ان الغربيين يقيمونه سياسيا ومن ثم (يثبت) الاختلافات الجذرية  ،  بين سكان كردستان من الكرد المتسامحين قيميا  وبين اقليمهم العربي والايراني والتركي المتعنصر والخشن بدويا صحراويا !. ج : وهكذا لعدم الاطالة على قارئنا العزيز يمكن ،  لاي باحث ومطلع على هذا المنتوج الكردي ، الذي كتب تحت مسمى ((العلم الاجتماعي والانثربولوجي )) في تناول الشخصية الكردية الحديثة يمكن له وضع اصبعه او يده  على مثل هذه المتناقضات في مواضيع عديدة من قبيل : ((المراءة الكردية وكيفية انها متحررة كالمراءة الاوربية في العشق والحب والممارسة ؟!!.والقامة الكردية وعيونها الزرقاء او الخضراء التي تنتمي للجينات الهندواوربية ولاتمت بصلة للجينات لاالعربية ولا الايرانية ولا التركية، و الفلسفة الكردية الملقحة زرادشتيا باعتبار انها الديانه الكرديةالتي لاتمت بصلة للديانه الايرانية قبل الاسلام وبياضها ونقائها وسلامهاالمختلف عن سيف الدين الاسلامي وجهاده المخضب بالدماء والعنف والاكراه و ……..الخ )) وباقي الرسائل السياسية التي تحاول صناعة كل ماهو مختلف عن الاقليم والجغرافية والعالم دعما لصناعة (الاصل الفريد ) للعنصر الكردي ومن ثم الشخصية المستقلة والجينات والعادات والتقاليد و …… حتى المطالبة باعطاء دولة قومية للكرد حسب هذه الاختلافات الانثربولوجية والسوسيولوجية  !!. ان امثال هذه الدراسات (( المجيرة سياسيا مع الاسف )) لايمكن قبول فحواها الاجتماعي على اساس انها دراسات ، وابحاث يمكن احترامها وتقييمها علميا ، وكما اسس له (( دوركهايم)) في مدرسته الاجتماعية الفرنسية الحديثة ، فنحن معه وعلى منهجه : بحاجة علم الاجتماع الى دراسات موضوعية هدفها الاسمى ، والاكبر هو معرفة هيئة المجتمع فى وجوده  وحركته ومتغيراته ،وقوانينه وثابته ومتغيره علميا لاغير

السبت، يناير 17، 2015

(( في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي )) /1/ حميد الشاكر



((1))
نفتقر ( مع الاسف ) ، وخصوصا في العراق الى الدراسات والبحوث والبرامج والسياسات الاجتماعية العلمية الموضوعية المكثفة والمعمقة التي تتناول شخصية الفرد، والجماعة  الكردية في شمال العراق على عدة اصعدة فكرية ثقافية وعقدية دينية وسلوكية اجتماعية ، وفلكلورية وفنية ولغوية واقتصادية وسياسية ، وعرفية  تقاليدية و ....الخ !!.
ومع ان التعارف بين الشعوب والامم والقوميات والاديان والمذاهب و ...الخ التي توفره مثل تلك البحوث والدراسات العلمية الاجتماعية من ضمن ابرز السنن والقوانين الاجتماعية والتاريخية وحتى الدينية التي تساهم في هدم الهوه ، وردم متباعداتها  بين التناشزات ، والانقسامات البشرية بصورة عامة ، والتناقضات الاجتماعية ، لاي وطن ،  ودولة بصورة خاصة ، ويساهم (هذا التعارف  من خلال البحث والدراسة ) بالفعل بخلق نوع من الانسجام ، والتعايش والتفاهم بين هذه التنوعات الانسانية ، الا انه  مع ذالك بقيت  تلك الدراسات ، والبرامج والبحوث العلمية في العراق خصوصا مفتقرة ، وناقصة وغيرتامة   بل مشوهة وعاجزة عن تبيين ماهو موجود ، وقائم من شخصية المجتمع العراقي بكل تنوعاته المختلفة والمعقدة  مما اسهم بالاتجاه المعاكس في تعميق حالة التناشز، والتصادم والانقسام والتنافر المجتمعي العراقي الحديث خصوصا  !.
ومثل هذا الوضع (( الغير ديناميكي اجتماعي متكامل)) هو ما يدعونا للتساؤل حول :
اولا : ماهية الاسباب ، والعوامل التي اعاقت هذه الدراسات والبرامج البحثية الاجتماعية العلمية العراقية الشاملة بهذا الاتجاه .!!.
ثانيا: كيفية تجاوز هذه الهوه العلمية التي انتجت فجوه اجتماعية بارزة في نسيج الاجتماع العراقي العام ،  وساهمت  في تناقضاته المجتمعية سياسيا وثقافيا ودينيا ومذهبيا و ...الخ ؟!.
((2))
طبعا ربما كانت المسؤولية في هذا الاطارمن الافتقارالمعرفي العلمي للشخصية الكردية  الذي ادى بدوره الى افتقار نسيج المجتمع العراقي وتكامله بشكل عام ، وعلى عدة اصعدة سياسية واقتصادية و .... حتى مجتمعية ، تقع على عاتق ((علم الاجتماع العراقي الحديث)) باعتباره هوصاحب العلاقةالعلمية في هذاالمجال وكان من المفروض على من (تصدوا لريادة ومؤسسية  علم الاجتماع العراقي الحديث ) ان يقوموا بوظائفهم العلمية والبحثية في بدايات تكوين الاجتماع العراقي الحديث وخاصة في شأن (الشخصية الكردية ) وطبيعة تكوينها السوسيولوجي على التحديد ، ولكن وعلى اي حال ، ليس هو العامل والسبب الاساس (( فقدان التاسيس لمدرسة اجتماعية عراقية ،  تهتم بهذا الشأن العلمي العراقي الخطير))لاشكالية غموض الشخصية الكردية داخل الاجتماع العراقي المتنوع فحسب كما ان غياب علماء اجتماع مهنيين وحرفيين عراقيين يتمكنون من دراسة الشخصية للمجتمع العراقي  بكل تنوعاته القومية والدينية والمذهبية بصورة علمية (وليس ايدلوجية سياسية كما حصل لطرح المرحوم علي الوردي او طائفية ) هو ايضا ليس السبب الوحيد الذي اعاق طرح دراسات اجتماعية معمقة علمية في شخصية الانسان والمجتمع الكردي العراقي الحديث كذالك !!.
والحقيقة هناك ايضا سبب اخر ثالث غير ماذكرنا ، الا وهو (( هبوب رياح القومية المتعصبة  في مطلع القرن العشرين المنصرم  ووصول هذه الاطروحة القومية العالمية / الالمانية او الغربية بصورة عامة او العربية او التركية او .. الى مراحل من الامراض السياسية المتعصبة بحيث انهاتجاوزت كل حدود المعقول والمنطق الانساني السليم )) !!.
وهذا بدوره صنع ((ردة فعل عكسية )) على كل من له لغة مختلفة او يسكن في اطار (جغرافية تغريه بالاستقلال السياسي ) في واقع عالمنا الانساني  بصورة عامة وواقع العراق وتركياوايران وسوريا بصورة خاصة ، باعتبار ان الكرد هم من سكنة الجغرافية الجبلية لهذه البلدان الاقليمية الاربعة ،والتي تتشارك في جغرافيا جيوسياسية يسكنها عادة الناطقين باللهجات الكردية المتنوعة !!.
وهذا الوضع السياسي والفكري ، والجغرافي والاجتماعي للمنطقة في الواقع هو ما خلق وصنع ايضا منظرين سياسيين من الكرد (( غالبهم من الاقطاعيين القبليين ، والعشائريين النافذين في الجبال الكردستانية الوعره )) ، لأن يتطلعوا  ، وحالهم في  ذالك حال المنظرين القوميين الاخرين المتطرفين ، من العرب ،  وغيرهم لصناعة (( قومية فكرية وسياسية كردية))لا تقل شراسة تنظيرية في التاكيد والدفاع عن حقوق الكرد القومية والسياسية والاجتماعية ، وغير ذالك ، بالاضافة الى ان هذه التنظيرية القومية الكردية السياسية ( الشرسة ) بدأت بتصوير اي نقد سياسي حتى وان كان بناءا للمارسات القبلية الكردية داخل العراق وخارجه ، واي بحث علمي اجتماعي  او انثربولوجي او .. غير ذالك على اساس انها محاولات للنيل من الوجود والقومية والشعب والثقافة و .. الخ الكردي وحقوقه السياسية في هذه المنطقة !!.
اي بمعنى اخر هو فعلا ان هناك خطابات قومية سياسية عربية وغير عربية ( تركية ، ايرانية/ في المنطقة بدايات القرن العشرين المنصرم الذي صاحب ولادة وتمدد الايدلوجيات القومية المتطرفة)كانت تحاول (صهر الشخصية الكردية) داخل معامل المواطنة لهذه الامة  ، او تلك حفاظا على وحدة الدولة ، ومشروعها الوطني الواحد ، كما حصل في تركيا مثلا لكن هذه المحاولات السياسيةوماخلقته من ردة فعل طبيعية من قبل (قادة المشروع القومي الكردي)  الطامحين الى الانفصال عن هذه الاوطان قد زحفت اكثرمن مجالها الايدلوجي السياسي ، لتحاصر ايضا حتى البحوث العلمية الاجتماعية (  في العراق خصوصا ) التي تتناول الشخصية السيوسولوجية الكردية ،   بنوع ليس  له علاقة بذاك الصراع ( الايدلوجي القومي العالمي السياسي )  ولكن ، وعلى الواقع التنظيري السياسي الكردي المتطرف ودعمالكل مايعمق حالةالصراع والتناقض بين الكرد وباقي القوميات الاخرى  اصبح كل تناول علمي اجتماعي للشخصية الكردية يؤرشف او يصنف في خانه العداء للكرد او على اساس انه محاولة سياسية لتشويه الشخصية الكردية ، ومن ثم صهر وجودها الاجتماعي وتذويبه في باقي القوميات الاخر مما صنع تلقائيا نوع من (( ممارسة الارهاب الفكري)) ، لكل من يحاول طرح دراسات ، وبحوث علمية اجتماعية تتناول شخصية الاجتماع الكردي كما تناولت شخصية الاجتماع العربي او التركي او الايراني الفارسي او ...الخ في مدلرس علم الاجتماع الحديث !!.
((3))
عندما نقول  بلغة العصر العلمية انه يوجد افتقار في بحوثنا ودراساتنا السيوسولجية عن مكون اصيل ،  او تراتبية اجتماعية او طبقية  داخل مكونات وتراتبية الاجتماع العراقي الحديث ، فان ذالك لايعني فحسب انتاج (( افتقار معرفي وثقافي وعلمي )) لاغير، بل ان معنى ذالك ان مشروع الدولة والوطن والمجتمع العراقي الحديث والموحد قد اصيب هو ايضا بفيروس ، او بعملية افتقار (بنيوية سياسية ودينية ومجتمعية وقومية...)) تهدد بين بطبيعتها بين الفينة والاخرى كل مشروع الدولة العراقية الحديثة بالانهيار !!.
بمعنى اوضح للذين يدركون كيف صنعت واقيمت الدول والمجتمعات الحديثة ، بعد الحرب العالمية   الاولى نقول : ان الدولة الحديثة اقيمت اساسا(وخاصة في التجربة الاوربية الصناعية المعاصرة)على اساس فهم اجتماعي علمي معمق لكيفية تكوينات المجتمعات الغربية الحديثة وبناء هذه الدول على معطيات البحوث ،  والدراسات الاجتماعية التي عقدت لدراسة المجتمعات  الغربية ، كل على حدى  وهذا هو ما ساهم بنجاح (مشروع دولة المواطنة ) في العالم الاوربي الحديث ، لان هذه الدولة ، وبظروف معقدة تماما ، وامام مجتمعات صناعية مختلفة عن مجتمعات الرعي ،  والزراعة لابد ان تتكئ في كل برامجها السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والصحية والاسرية و.....الخ ، على معطيات ، وبحوث هذا العلم المختص ب(دراسة هيئة المجتمع وكيفية صناعته ) في العصر الحديث !!.
هذه الرؤية لعلم الاجتماع وبحوثه السيوسولوجية واتصال ذالك باعادة وصناعة بنى المجتمع الحديثة(مع الاسف)لم تكن بارزة لافي مشروع الدولة في العراق الحديث  ولا في باقي البرامج التربوية والاجتماعية العراقية التي عانت ولم تزل من((غربة مكوناتها الاجتماعية العراقية وعدم انفتاحها وتعارفها فيما بينها والبين الاخر )) !!.
الان نحن نتحدث ، وبعد اكثرمن تسعين سنه من قيام المجتمع العراقي الحديث بدولته الوطنية  من زمن الملكي حتى اليوم ، لم نزل كمجتمع ومؤسسات دولة لاندرك : من هو الشريك في الوطن ؟. ، وماهي لغته ؟. ، ولماذا هومختلف فلكلوريا عن الاخر؟ وكيف نردم هوة الاختلاف هذه ؟..... وهذا هو احد اسباب مرونة تفسخ المجتمع العراقي وسهولة تفجير الصراعات الدينية والقومية والمذهبية و ...الخ ، في داخله عبر مؤامرات خارجية او تناقضات وتناشزات داخلية محلية !!.
نعم في بدايةعصرصناعة الدولة والمجتمع العراقي الحديث خصوصا في العهد الملكي(الفيصلي الاول)كانت حركة الدولة وقادتها حثيثة في ولادة مدرسة وجامعة وعلم للاجتماع العراقي الحديث (( اختطف هذا المشروع واجهضه مع الاسف د:علي الوردي بافكاره الشخصية التي لاتمت باي صلة لالمناهج علم الاجتماع ولا لمدارسه ولا حتى لعلميته )) ، يكون المتكئ والمنطلق ،  لقيام الدولة العراقية الحديثة ، وبالفعل صنعت مخططات الدولة الملكية العراقية في بداية الثلاثينات ، ونهاية الاربعينات نوعا من المشروع لقيام علم اجتماع عراقي ناهض  ولكن سرعان   ما جاءت المتغيرات السياسية العراقية في نهاية الخمسينات لتطيح بهذا المشروع العلمي الاجتماعي العراقي الكبير  ولتفتقد الدولة العراقية الحديثة اهم ركن من اركانها المفكرة المدبرة والمهيئة لبرامج الدولة الناجحةبل ومع الاسف دخل كل مشروع الدولةالعراقية الحديثة  وتحول الى سلطة قمعية وكيفية الصراع والاستيلاء عليها حتى اليوم فقط !!.
هذا ربما ، ايضا يكون احد اسباب غربتنا الاجتماعية العراقية وتناشز مكونات هذا الوطن القومية والدينية  فتوقف البحث الاجتماعي العلمي لمكونات الاجتماع العراقي ،  وعزوف الدولة  عن دعم هذا المشروع العلمي الذي لانجاح للدولة الحديثة بدونه ((غلق الابواب)) تماما على الفكر العراقي ومجتمعيته ان تدرك ،وتعي الشريك في الوطن لتتعامل معه وتنفتح عليه وتخلق نوعا من التكامل معه لاسيما الشريك الكردي الجبلي العنيد الذي ساهمت السياسات الجاهلة بتعميق عزلته وتناشزه مع باقي مكونات الاجتماع العراقي الحديث !!.
راسلنا :

مدونتي فيها المزيد على هذا الرابك : 
                                   http://7araa.blogspot.com/



الثلاثاء، يناير 13، 2015

( ادب الوصية : قراءة اجتماعية لوصية الحاج عبيد الراشد) حميد الشاكر

( ادب الوصية : قراءة اجتماعية لوصية الحاج عبيد الراشد) حميد الشاكر .
_________________________
((1))
يتناول في بعض مفاصله، ومحاوره علم الاجتماع الحديث العوائد والتقاليد والاعراف الاجتماعية ، والدينية ، والاقتصادية و..... حتى السياسية التي تختلف عليها الازمان والاماكن لتتحول هي بدورها او تتطور( تلك التقاليد والاعراف ) او ربما تندثر لتختص بزمان دون اخر !!.
فعلم الاجتماع ايضا يلاحق هذه الظواهر الاجتماعية في حاضرها ان كانت لم تزل قائمة ، او في تاريخها ان كان لهذه الظواهرذكر في تاريخ امة من الامم ثم اندثرت هذه الظواهراو ان كانت لم تزل مستمرة وموجودة الا انها ضعفت وانزوت ولم تبقى تُمارس ، ألاّ على سبيل التقاليد المختصة ببعض التراتبية الكلاسيكية الاجتماعية الدينية ، او ببعض الطبقات الاقتصادية او السياسية او المجتمعية او ... غير ذالك ، فعلم الاجتماع هو العلم المختص بدراسة هذه العوائد ، والتقاليد والاعراف ، التي تشكل سلوك وافكار الفرد والجماعة او تساهم في هذا التشكيل من حيث :
اولا : اسباب نشأة هذه التقاليد او الظواهر والسلوكيات الاجتماعية  .
ثانيا : عوامل ومتطلبات وحاجات وجودها :
ثالثا : اسباب قدرة استمرارها او اندثارها .
رابعا:ماهية تطورها (لماذا بعض الظواهر قادرة على التشكل والتكّيف مع متغيرات الاجتماع وتقلباته والبعض الاخر ليس كذالك ) او موتها .
خامسا : مدى سلطتها او فعليتها وتاثيرها على سلوك الفرد والجماعة .
سادسا : .... الخ . وهكذا !!.
والحقيقة ان (( ادب وتراث الوصية = على اعتبار انها من ضمن الظواهر المجتمعية العراقية التاريخية والحاضرة)) لاسيما في المجتمعية الاسلامية (سنه شيعةعلى اختلاف فقهي يبحث في مضانه في البقاء والنسخ وماهية هذا النسخ) هي من ضمن الظواهر المجتمعية التقليدية ، والدينية العراقية التي كانت ، ولم تزل موجوده  ومتحركة بشكل ، او اخر وان ضعفت داخل الاجتماع العراقي اليوم فهي تعتبرمن ضمن الظواهرالاجتماعية التي يمكن تناول (مفاعيلها الاجتماعية) على اكثر من صعيد من جهة ، ويمكن كذالك تناول ظاهرتها الاجتماعية، ولماذية اشتداد حضورها (مثلا) في بداية بناء الدولة العراقية الحديثة داخل العائلة العراقية في عشرينات القرن العشرين المنصرم ، عندما كان المجتمع العراقي لم يزل (كلاسيكيا تقليديا )  يتمسك بالاصالة ويحافظ على التقاليد ، ؟ ، ولماذا بعد قيام الجمهورية ابان نهاية الخمسينات انزوت كثيرامن ظواهرالاجتماع العراقي التقليديه تحت مطرقة التحديث والتطوروالتقدم ، بما في ذالك تراث وادب الوصية الذي كان يمثل سلوكا او(اتكيتا) اجتماعيادينيا واقتصادياينبغي المحافظة عليه والاستمرار في انعاش وجوده !!.
(( 2 ))          
طبعا ربما كان للجوانب (( الدينية او الاقتصادية)) ومتطلبات هذه الجوانب بالخصوص اهمية كبرى في موضوعة ، او نشأة  او اسباب وجود ظاهرة (( الوصية )) التي نص الشرع الاسلامي عليها (( اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية...الخ )) من جهة ، وتطلبتها الضرورات الاقتصادية بالخصوص((باعتبار السوق وتداول الاموال فيه والذمم التجارية وعمليات الاستدانه و.. باقي اشكاليات التجارة  وانواع واساليب عملها )) من جانب اخر !!.
لكن هذا لا يعني  ان الوصية تختص فقط  بالتراتبية الاجتماعية الدينية او الاقتصادية وخصوصا داخل الاجتماع العراقي ، فبغض النظر ان النصوص الدينية (( اوجبت هذا الادب في الوصية)) على جميع المتقين وكذا اوجبت الضرورات الاقتصادية ذالك لحفظ الحقوق الماليةعلى جميع المتعاملين الا ان ل((ظاهرة الوصية )) حضور كذالك في مخيال ، وسلوك جميع الطبقات والتنوعات ، والتراتبيات الاجتماعية العراقية ((نذكر هنا على سبيل المثال وصية رئيس الوزراء العراقي الملكي عبد المحسن السعدون، 1929م )) باعتبار ان الوصية (هي ما لايمكن قوله)في حياة الانسان لذالك هو يرتاي ان يقوله للاخرين بعد وفاته  او باعتبار ان الوصية المكتوبة (هي الوثيقة الدامغة ، والحاضرة للشهادة )  حتى بعد موت الموصي ، او موت شهوده وخروجهم من هذه الحياة  لحفظ الحقوق والواجبات الاسرية والاجتماعية والاقتصادية او تنظيم هذه العلاقات الاجتماعية والاسرية او....الخ !!.
فاذن (( للوصية)) اكثر من وظيفة اجتماعية يمكن ان تقوم بها  واذا اردنا تطبيق (( المنهج البنائي الوظيفي ))، لمدارس علم الاجتماع الحديث على (( مفهوم ، ومضمون الوصية )) اجتماعيا ، يمكن وصف سلوك  وظاهرة (الوصية المكتوبة) داخل المجتمع على ان لها اكثر من بُعد بنائي ووظيفي تقوم به داخل الاسرة والمجتمع !!.
(( 3 ))
انتخبنا وصية الحاج المرحوم عبيد الراشد (( جدي لوالدي المرحوم شاكر الحاج عبيد الراشد )) لتكون مادة لبحثنا هذا في ادب الوصية لعدة اسباب علمية يطول شرحها ، ولكن يكفي ان نشير هنا الى :
اولا : ان المرحوم الحاج عبيد الراشد عاصركلا حقبتي التطورات العراقية الحديثة فهو من مواليد 1887م ، ووفاة 1968 او 1969م ، اي انه من الافراد الذين عاصروانهايات العصرالعثماني وبدايات العهد الملكي العراقي وبناء الدولة والمجتمعية العراقية الحديثة ومن ثم الجمهوري في 1958م بعد انقلاب المرحوم الجنرال عبد الكريم قاسم على النظام الملكي !!.
وفي هذه الحقب الثلاث ((العثماني والملكي والجمهوري)) يمكن الجزم ان شخصية المجتمع العراقي الحديث قد صيغت بشكل تمكن اي عالم اجتماع او اي مدرسة اجتماعية ان تتناول هذه الشخصية الاجتماعية بكل ابعادها المتكاملة البنيان حتى اليوم ويمكن رصدتطورات المجتمع العراقي الحديث بكافة اشكال هذا التطوراو التغير المجتمعي سياسيا فكريا اقتصاديا تقاليديا اعرافا اسريا نفسيا ......الخ مما يهيئ لعالم الاجتماع تكامل سبل الدراسة والبحث واستخلاص النتائج !!.     
ثانيا : انتخابنا لهذه الوصية باعتبار : وثاقتها التاريخية لدينا ومصداقيتها العلمية من جهة ومعرفة جميع مفاصل حياة الموصي( نشأته وفاته نوعية محيطه الاسري والمجتمعي...الخ)من جانب اخر فلا شك اننا عندما ندرس وثيقة بهكذا مصداقية ، واحاطة بكل ملابساتها ، فانها ستكون اكثر علمية مما لو درسنا وثيقة منسوبة ، لهذا الجانب او ذاك ، ويمكن الاتكاء والثقة بمضامينها الاجتماعية، بالاضافة الى ميزاتها الاخرى !.
ثالثا : الحاج المرحوم ((عبيد الراشد )) تاجر واقتصادي تقليدي عاش في قصبة سوق الشيوخ ، اي هو ووصيته يجمعان ،  بين الدوافع الاقتصادية والدينية والاجتماعية والاسرية للانسان التقليدي العراقي في حيز واحد ما يجعل لوصيته اكثر من بعد اجتماعي يمكن دراستها من خلاله !.
وايضا هناك الكثير من الاسباب، والدوافع التي تدفعنا لدراسة هذه الوثيقة غير ذالك اعرضنا عن ذكرها لعدم الاطالة او سوف نذكرها في طي تحليلنا لمواد هذه الوصية الرائعة !.
((4))     
نص وصية الحاج عبيد الراشد في سنة 1968م 1388 هجرية الى ولده المرحوم شاكر الحاج عبيد الراشد :

بسم الله الرحمن الرحيم ................ تحت البسملة على اليسار مكتوب : اعترف الحاج عبيد بما فيها لدىّ الجاني (( الشيخ )) يوسف عبد الحسين.
الحمد لله الذي امر بالوصية قبل حلول المنية ، وصلى الله على محمد واله سادات البرية وبعد فاقول ، وانا الفقير الى الله الغني حاج عبيد الراشد اني اشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له وان محمداصلى الله عليه واله عبده ورسوله وان عليا امير المؤمنين واولاده الاحد عشر المعصومين اوصياء رسوله وحجج الله على عباده ، وان الساعة اتية لاريب فيها وان الله يبعث من في القبور واليه النشور هذا امر الاخرة واما الدنيا فعندي من حطامها داري اللتي اسكنها في قصبة سوق الشيوخ المعلومة ، ونقود وديون على الناس معلومه، وطعام عند الناس ايضا بطريق البيع والشراء واثاث فرش واواني وفرشات ، ومسدس وصندوق حديد ، وقد جعلت الوصي من بعدي ولدي شاكر  والناظر عليه ولدي حسين ، فعلى الوصي ان يقوم بتجهيزي ، ونقلي الى النجف الاشرف ، وان ثلثي الف دينار   يلزم الوصي اخراجها وانفاقها في خمسين سنه صلاة  وخمسين شهر صيام وما يبقى من الالف ينفق في ردّالمظالم كل ذالك بنظرالعالم الديني في البلد اما الاثاث المذكورة اعلاه فهي وقف على الديوان توليتها بيد الوصي ، اما المسدس وصندوق الحديد مجردا فهما للوصي دون باقي ورثتي وبعد اخراج المذكورات تقسم تركتي ، بين ورثتي ، على  حكم   الكتاب المجيد  ، واني وصيّ عن ابنتي المرحومة فاطمة ، وقد اوصت اليّ باداء حجة ، وصلاة وصيام ورد مظالم وقد تركت ماة وثلث وثمانين دينارا ، ومخشلات (( ذهب )) الجميع عندي اللازم على الوصي اداء الحجة من اصل تركتها المزبورة، ثم يقسم الباقي منها اثلاثا ثلث للصلاة والصوم ورد المظالم وثلثان ميراثي منها انا وامها ولامها سهم واحد من الثلثين ، وخمسة سهام هي لي ،  حالها حال تركتي فتقسم بين ورثتي على حكم الكتاب كما انه يلزم اخراج مأة وخمسين دينار زواجا لولدي مصعب ، وايضا يخرج الى رستم مأة وخمسين دينارا زواجا له اما الكَبان ابو العربانه، وقبان التكان (الدكان) مع توابعهما من الاوزان فهما الى ولدي شاكر، فمن بدله بعدما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه . 8/7/1968 . ..... 12/ 4/ 1388 هجري.
نعم قبلت الوصية والتزمت بما فيها : شاكر الحاج عبيد . توقيع . على الجانب الايسر :
قبلت الوصية والتزمت بما فيها : حسين الحاج عبيد الراشد . توقيع : على الجانب الايسر من الوصية :
عن اقرار حاج عبيد الراشد .
في الاسفل :
شهد : نعيم الحاج نصيف : توقيع . الى جانبه الايسر :
شهد بذالك : رستم الحاج عبيد الراشد : تحت توقيع .
تحت توقيع الحاج عبيد طابعان من فئة المئتي فلس اخضر اللون
الى الجانب الايسر من الوصية شهد كل من :
شهد بذالك : حاج حسين الجابر : بصمة ابهام .
شهد بذالك : ثجيل الفروخ : بصمه .
شهد بذالك : سيد حمد السيد موسى : توقيع .
شهد بذالك : حاج محمد امين شهربلي : توقيع .
شهد بذالك : رحيم الحاج نصيف : توقيع
((5))
يمكن تسليط الاضواء ، من خلال هذه الوصية على عدة محاور : اجتماعيا وعقدية دينية واقتصادية وكذا شخصية فردية واسرية منها :
اولا : بداية وصية الحاج عُبيد الراشد رحمه الله تبدأ بالاعتراف او الاقرار الديني بانه مسلم موحد بالله ، وشاهدا لمحمد بالرساله ، وكذا شاهدا لاهل بيته بالامامه مما يطلعنا على ان الحاج عبيد قبل وفاته كان ينتمي للمذهب الشيعي الامامي الاثني عشري ، الذي يؤمن بامامة اهل بيت الرسول بعده بالقيادة الدينية والسياسية  !.
وكذا في بداية الوصية يذكرالحاج عُبيد بانه مقر ومعترف بان الوصية امر ديني وان الله يبعث من في القبور وان القيامة حق وان اليه النشور... الخ .
وهذه الصيغة في بعض الوصايا الدينية (في الحقيقة ) بداية عرفية ودينية يكتبها الكاتب حسب املاء عالم الدين له باعتبارها الصيغة الشرعية لحبكة ادب الوصية التقليدية في المذهب الشيعي الامامي !.
ثانيا : تنتقل الوصية من الاقرار والاعتراف الديني الى فحواها ومقصدها وهدفها الحقيقي ، وهو ذكر ما سيُترك بعد وفاة الموصي من امور تتعلق بالاحياء وليس بالاموات هذه المرة !!.
اي ان الوصية في مفهومها الاجتماعي مع انها امرديني ومع ان شروعها لابد ان يبدأ من الاقراروالاعتراف الديني العقدي الا انها في هدف وجودها الاكبر ليس هذا الشأن الديني فحسب وانما هو الشأن الدنيوي، ولهذا بدأت وصية الحاج عبيد الراشد رحمه الله بالتوسعة في  (( اما الدنيا )) !!.
نعم فيما يوحيه مفهوم الوصية اجتماعيا وفكريا ايضا  الا  انه غير مكتوب ولا منطوق من قبل الموصي رحمه الله ، ان الوصية هي ايضا : تعبير عن الرغبة والمخيال الانساني للاستمرار في هذه الحياة ،  او استمرار المنهج الذي قاد به الموصي سفينة عائلته على نفس المنوال والفكرة لتقاد العائلة ويدبر شانها الاقتصادي والاجتماعي، بنفس ما كان يسير عليه ويرغب به المتوفي قبل وفاته ووصيته ،ولهذا تمثل فكرة الوصية ذالك البعد الممزوج بالفطرة الانسانية، وحبها للبقاء والخلود في الحياة ، ولكن وبما ان الموت هو الحقيقة التي لااختلاف ولااجتهاد بشأنهافي حياتنا الدنياهذه فقد جاءت الوصية لتقوم ب ( وظيفة ) الامتداد الانساني بعد الموت او بوظيفة اشباع غريزة حب البقاء عند الانسان ، او بوظيفة استمرار السوق  بنفس الالية المالية او ... لتقنعه ان نفس ((فكره وتخطيطه وتمنياته و ...الخ)) سوف تستمر بعد وفاته من خلال الوصية وما تحمله من سلطة اجتماعية ودينية    تلزم (الموصى له) بان يقوم بما فات الوصي او ماترك من اعمال تجعل من حياة المجتمع عجلة مستمرة بالدوران ومتوالية بالحركة والوجود !.
ثالثا : تتحدث الوصية في اهم محاورهاالشخصية والاقتصادية عن ما كان يملكه المرحوم حاج عبيد الراشد ،فمن خلال الوصية ادركنا ان له بيتا في قصبة سوق الشيوخ ونقود ، وديون ( ترك الجد عبيد رحمه الله الكثير من السندات بهذا الشان) وطعام عند الناس بطريق البيع والشراء/ باعتبار انه كان تاجر غلات / ) !.
ثم تتحدث الوصية بعد اموال السوق والتجارة العامةعن ممتلكات شخصية في بيت الموصي وهي عبارة عن: اثاث وفرش واواني وفرشات ومسدس شخصي ،  وصندوق حديد كان يعرف داخل العائلة بانه صندون اب العائلة وكبيرهافلا احديقترب منه ابدالاحتوائه على المدخرات والسندات والاموال و ... كل امر مهم !.
رابعا :في محورها الرابع تتحدث الوصية عن الموصى اليه وهو (( شاكر ابن الحاج عبيد الراشد )) ، وهو الابن الثاني بعد البكر للحاج عبيد الراشد وكذا تشيرالوصية الى ان الناظروالمراقب والمستشاروالمعين للموصى له هو الابن  الخامس في الترتيب وهوحسين ابن الحاج عبيد الراشد وصريح فحوى الوصية يتحدث عن الاتي :
اولا : على الموصى له  ان يقوم    بتجهيز الاب بعد وفاته ، والقيام بكافة المستلزمات المالية ، ونقله الى النجف الاشرف باعتبار طهارة بقعتها عند الشيعة الامامية لوجود ضريح الامام علي بها .
وهذا عرف في الحقيقة درجت عليه العائلة العراقية ، والعربية والاسلامية بصورة عامة ، من تحمل مسؤولية الابن الاكبر ، او من ينوب عنه بتحمل مسؤولية اكرام الاب، وارساله الى مثواه الاخير بعد وفاته من جهة ، وهو عرف درجت عليه العائلة العراقية ايضا في تنصيب، او تسليم الموصى له قيادة العائلة بعد الاب وتكون هذه المسؤولية مؤشر او دلالة او قرينه على وصية الاب بذالك .
اما ما يتعلق بالناظرية لاخي الموصى له عليه ((حسين ابن الحاج عبيد )) فهي من ضمن التقاليد العائلية انذاك، والتي تهدف الى شد الرباط الاسري بعد رحيل الاب عن هذه الدنيا من جهة ، وتدلل  كذالك (مثل هذه الناظرية) والوصية بها على اشعار الموصى له(شاكر)بانه ملزم بالعودة والاستشارة والمراقبة والاخذ براي الناظر، وعدم الاستبداد بالشأن الاسري بعد تسلمه لقيادة دفة العائلة !!.
ومثل هذا الاجراءيدل بمالا لبس فيه على حكمة الحاج عبيدالراشد الفطرية في هذا الاجراء الذي فيه اكثر من بعد !.   
ثانيا : اخراج ثلثي الف دينار (( من مال الوصية )) لانفاقها بخمسين سنة صلاه ،   وخمسين شهر صيام / عموما تكون نسبة السنين هنا على سبيل الاحتياط لبراءة الذمة في الشؤون الدينية/ اما مايتبقى من الالف فينفق في رد المظالم تحت اشراف العالم الديني في البلدة .
ثالثا : اما مايتعلق بالاثاث وهوعبارة عن فرش ارضية (سجاجيد) ومساند ومتكئات خشبية كانت تستخدم في مجالس الضيوف للبيوت العراقية، فهي وقف على الديوان(مكان مخصص لاستقبال الضيوف) والتصرف فيها بيد الوصي ، وفي هذا المفصل من الوصية يمكننا استشفاف مايولية المرحوم عبيد الراشد او عموم ارباب العوائل العراقية التقليدية وخاصة في قصبة سوق الشيوخ من اهمية لموضوعة الديوان واستقبال الضيوف وضرورة ان يستمرهذا المكان باعتباره ((التواصل الاجتماعي )) الذي يمتد من قلب العائلة وبيتها المحدود ، الى فضاء المجتمع وتنوعاته المختلفة العشائرية والتجارية ، والمدينية التي تجتمع في هذا المكان ، ربما يوميا للتداول في الشؤون العامة التي تبتدأ من الشان الديني الفكري العقائدي الى السياسي والاقتصادي التجاري ، و ... حتى الاجتماعي في فض للنزاعات الى اقامة الافراح ومجالس الحزن الى ايلام الولائم الى ....الخ .
وهكذا ، في نفس هذا المحور (( الشخصي ، والعام )) لوصية الحاج عبيد الراشد في موضوعة اثاث الديون يذكرصاحب الوصية ماهو اكثر شخصية في موضوع الارث (المادي والمعنوي) والحفاظ عليه الا وهو (( المسدس السلاح الشخصي للمرحوم الحاج عبيد وصندوق الحديد مجردا)) ليتركهما المرحوم خصيصا للموصى اليه كملك ينتقل بالخصوص لولده شاكر الحاج عبيد الراشد !.
والحقيقة يمثل السلاح ، والوصية به للولد في الاعراف العربية ، وكذا في اعراف ، وتقاليد مدينة  سوق الشيوخ الاصيلة ، وكذا  صندوق المدخرات الشخصية لاسيما المصنوع من الحديد، تراث توارث مفهومه ومعناه ابناء سوق الشيوخ من التاريخ العريق لهذه الامة العربية الاسلامية، التي كانت ترى في السلاح عزا وفي صندوق الاب كتابوت طالوت ع الذي يحمل ارث ماترك ال موسى ع لبني اسرائيل !!.
وعندما يولي اهتماما (المرحوم عبيد الراشد) بسلاحه الشخصي وصندوقه الحديد فارغا ، ليوصي بهما في وصيته ،  وليكونا لولده شاكر الحاج عبيد خصيصا ، فانه يريد بذالك ان يشير لمعنوية ومفهوم وتراث هذا الشان في داخل ((اعراف وتقاليد الاسرة العراقية)) اكثر من ارادة اعطاء قيمة مادية لهذا الامر ،ولهذا وجدنا كيفية محافظة ارباب العوائل العراقية وحتى نهاية ستينات القرن العشرين المنصرم على تقاليد (الاصالة الكلاسيكية العربية)  وهي تتمثل بما يتركه لنا الاجداد من ((وصايا المحافظة ))  على مثل هذه التقاليد العربية ،  والاسلامية الدينية (( ربما مثل هذه الوصايا مقتبسة من قصة التابوت في القران الكريم وتاثيراتهاالفكرية على المجتمعية التقليدية في سوق الشيوخ انذاك )) !!.
نعم مع الاسف بعد قيام الجمهورية في العراق وما صاحب ذالك من موجة ثقافية وفكرية وقيمية و .... عاتية للتمرد على الاصالة العراقية وتقاليدها وموروثها الاجتماعي النقي اندثرت اليوم  الكثير من تلك التقاليد التاريخية العريقة تحت مسميات التحديث والتقدمية و ...الخ !!.
خامسا:ركن مهم من اركان وصيةالمرحوم عبيد الراشد ذاك الذي خصصه لذكر ابنته المرحومة (فاطمة) ، ففي الوصية تذكير الى ان الحاج عبيد هو وصي لابنته فاطمةالتي توفيت في وقت مبكرمن شبابهاوعليه تنتقل وصية فاطمة الى الموصى اليه ، للقيام ايضا بمهام وصية اخته مع وصية  الاب !.
ويبدو ان فاطمة امراءة كانت ثرية ، او مدبرة بمقاييس عصرها في سوق الشيوخ ، وكان لها استقلال مالي ، حيث انها تركت من ارثها لابيها وامها (ماة وثلث وثمانين دينارا ومصوغات ذهبية) ، واوصت والدها قبل وفاتها باداء صلاة وصوم وحجة !!.
وهذا يعني فيما يعنيه :
اولا : كان للمراة في ذالك الزمن(فاطمة ولادة 1917م) وفي داخل العائلة المدينية التجارية في سوق الشيوخ على التحديد ( وضع المراءة انذاك في المجتمع الريفي والقبلي  مختلفا ) كان لها نوعا من الاستقلال المالي الذي يمكنها من ان تكون مستقلة في ذمتها المالية ، ومتصرفة   فيها حسب ما ترتاي!.
ثانيا : حتى لو كان الدافع ( للحاج عبيد الراشد) في ذكر فاطمة في وصيته العاطفة نحوها ،  او مخافة الله وخشيته كعامل ديني يدفعه الى ذكر وصية ابنته ، ليحمل مسؤوليتها من بعده الى ولده شاكر، لكن هذا لاينفي ما كان للمراءة داخل الاسرة السوكاوية ( نسبة الى سوق الشيوخ ،  وباعتبار ان فاطمة نموذجا للمراءة داخل الاسرة في المدينة ) ، وان ما لم يزل ينقل لنا تشويها للحقبة التاريخية التقليدية من ان ((اسم المراءة ))كان يمثل عورة بالنسبة للمجتمعية العراقية فضلا عن حضورها الاجتماعي المحافظ ، مثل هذه الرؤى للمجتمعية العراقية ، التي عاصرت نهاية عهد الدولة العثمانية وبداية ، ونهاية العهد الملكي كانت مجرد قلة وعي حقيقي من قبل مطلقي مثل هذه الافكار القاصرة بالنسبة ل(قيمة المراءة) داخل الاسرة والمجتمع العراقي الجنوبي بالتحديد انذاك !!.
ففاطمة وما مثلته لوالدها، واسمها الذي ذكر بالوصية وذمتها المالية ، بل ووصيتها التي وجد الحاج عبيد الراشد انها لاتختلف قيمة عن وصيته هو الشخصية بضرورة ،  ووجوب العمل بها  من قبل الموصى اليه ، كل ذالك ( نعم ) يدل على تطور متقدم انذاك لفكر ووعي ، وقيم الحاج عبيد الراشد بالنسبة للمراءة ابنته ،لكنه من جانب اخر ايضا يدل على ان المراة فاطمة وبكل مانعرف عن (قوة شخصيتها وحضورها الاسري والاجتماعي) كانت ايضا تمثل نموذج المراءة المألوف داخل المجتمعية السوكاوية انذاك فهي وداخل اطار ما تسمح به تقاليد واعراف المجتمع كانت حاضرة في حياتها وحضرت في وصية الحاج عبيد الراشد بعد وفاتها !.
سادسا : تختتم وصية المرحوم الحاج عبيدالراشد كمابدأت بالشأن الاسري والاجتماعي فاخراج ((مأة وخمسين دينارلكل من ولديه مصعب ورستم )) للزواج كانت هي خاتمة الوصية قبل ان يوقع عليها الموصى اليه واخوته ولفيف من الشهود الذكور ، الذين يمثلون انذاك اعيان وشخصيات وسكنة وابناء سوق الشيوخ !!.
لم تزل العائلة العربية ، والعراقية بصورة عامة ، والعائلة في مدينة سوق الشيوخ باربابهايرون ان على العائلةتقع مسؤولية تزويج ابنائهم والانفاق على هذا الزواج ، وربما اختيارالزوجات ايضا لهم ، او  المساهمة في هذا الاختيار !!.
وقليل من فئات العوائل داخل المجتمع العراقي  ، وبمختلف اديانه واعراقه ومذاهبه وقومياته و ....من غادرت هذا التقليد العراقي في الزواج ليستقل ابنائها في تكوين حياتهم المالية الشخصية ، ومن  ثم لاختيار الزواج بعيدا عن سلطة العائلة وقيمها التقليدية !.
ولم تشذ وصية (عبيد الراشد )بهذا الصدد فهو ، وحتى بعد كتابته لوصيته يضمن هذه الوصية موضوعة زواج ابناءه، الذين لم يزالوا بعيدا عن اطار تكوين العائلة المستقلة !!.
مئة وخمسون دينارا عراقيا  في ستينات القرن المنصرم ، هو المبلغ الذي كان يكلف العائلة المتوسطة الدخل ، او المرتفع اعلى من المتوسط   قليلا بحسبة الزواج انذاك ، وهذا الرقم ، عندما ذكره الحاج عبيد الراشد لتكلفة الزواج في وصيته قد اسدى خدمةجليلةلاصحاب البحوث الاجتماعية الذين يحاولون ادراك ومعرفة هذه التفاصيل الدقيقة لموضوعة الزواج وتكاليفه المالية وكيفية تطور هذه التكاليف منذ الستينات حتى اليوم !!.
نعم لم يقصد المرحوم عبيد الراشد ذكر هذا المعنى   للدراسات الاجتماعية طبعا ، لكن حكمته الفطرية الهمته ان يقدر تكليف زواج ابناءه ليترك لعلم الاجتماع وثيقة لاتقدر بثمن في هذا المضمار !!.
اخيرا : في موضوعة الشهود السته ، مع ختم الشيخ يوسف عبد الحسين (عالم جليل ومن عائلة علمائية مرموقة في سوق الشيوخ ) ختمت وصية الحاج (( عبيد الراشد )) ليضاف الى سلطة الوصية وسلطة الدين وسلطة الاعراف والتقاليد ايضا سلطة المجتمع بشهوده الذين شهدوا على الوصية ليكونوا مراقبين ومذكرين على تنفيذ ماجاء فيها .
والبعد الاجتماعي في الوصية ،  يكون هو المتمم ،  لجميع ابعادها الدينية المعتمدة على ضمير الموصى اليه ، والبعد القانوني حيث ان هذه الوصية مصدقة في دوائر الدولة ، بدليل طابعيها الاخضرين ، الذين يعلوهما شعار الجمهورية العراقية !.
والحقيقة ان للمجتمع وسلطته بغض النظرعن الوصية وديباجتها القانونية والدينية التي تتطلب الشهود ، هي سلطة يعتمد عليها في المطلق المجتمع التقليدي الكلاسيكي حتى اليوم في ضبط الفردوسلوكه واخضاعه لمتطلباته وهيبته والايفاء بعهوده وتعهداته امامه !!.
وحتى اليوم في المجتمعات الحديثة المتطورة ،  او التقليدية الكلاسيكية لم يزل ،  لسلطة المجتمع  الكعب الاعلى المقدم ، حتى على القانون وسلطته المدنية والدينية في ضبط الفرد وتوجهاته الفردية !!.
واذا كان لفلسفة الوصية وشهودها من المجتمع العام  هدف رئيس يحاول الزام الفرد (الموصى له ) بما كان في وثيقة الوصية من محاور ومواضيع والتزامات قانونية ومعنوية ،فذالك لاينفي ايضا ما للشهود في الوصية من تعزيز ل  (وظيفة الرقابة الاجتماعية) للمجتمع على الفرد للقيام بمسؤلياته القانونية والاجتماعية على التحديد !.
انتهى .
لابداء الملاحظات راسلنا على
                 
 مدونتي فيها المزيد على الرابط
                   http://7araa.blogspot.com/


الجمعة، يناير 09، 2015

(( ياهادي العامري لماذا لاتحترمون انفسكم وشعبكم ومرجعيتكم الدينية )) حميد الشاكر

يختلف سياسيوا العراق ما بعد 2003م ، عن جميع سياسيي العالم والمنطقة !!.
يختلفون في الواقع في كل شيئ :
في تفكيرهم ومنسوبه الثقافي والسياسي الهابط ... يختلفون ؟.
في ضمائرهم الخربة والفاسدة ... يختلفون !!.
في منطقهم الحامل لالسنة تسبق العقول بالتفكير ... يختلفون !!.
في سلوكهم الذي لم يزل مضحكا في عنجهيته المفتعلة .. يختلفون .
في ملبسهم ايضا يختلفون وخاصةعندما يلبسون ربطات العنق وهي معوجة ... يختلفون !!.
في عمائمهم التي لاتوحي لابعلم ولابهيبة للعلماء ولابتقوى يختلفون !!.
في حجابات نسائهم المزيفة في البرلمان والحكومة .. يختلفون !!.
في عقل شيوخهم التي لاتشبه عقل ابائنا وعشائرنا وقبائلنا الكريمة .. يختلفون !!.
في عباءاة سيداتهم البرلمانيات ابدا هي لاتشبه عباءة امي العراقية الوقورة والمهابة .. يختلفون !!.
حتى في منسوب احترامهم لانفسهم ولشعبهم ولوطنهم ولتاريخ هذا البلد .. يختلفون !!.
يختلفون !!!!!!!.
هل اقول صعقت ، عندما قراءت وسمعت تصريحات النائب (( هادي العامري )) عندما صادر كل دماء شهداء العراق وشبابه من اجل ان يفتلها وردا تقلد عنق(سليماني) وامثاله من موظفي الدولة الايرانية الجارة التي لاتريد ان تكفينا شرورها حتى بعدما بيعت نساء العراق في سوق النخاسة ؟.
سوف لن اقول صعقت لانه لاحاجة للعجب من سياسيي العراق الجدد فهم بامكانهم ان يقولوا اي شيئ ، اي شيئ لايمكن ان يفكر فيه اي انسان سياسي في العالم كله اليوم !!.
هل اقول أسوت على دماءشباب العراق التي هبت للدفاع عن العراق عندما داهمتناداعش بجيوشها التتريةوهي تستولي على ثلث العراق من الموصل ...، حتى سامراء بسبب امثال (( نوري المالكي وهادي العامري )) وغيرهم من سياسيي الصدفة واللعنة في العراق ؟.
نعم اقول اسوت وحزنت وربما لو قتلت نفسي كمدا (( كما كان يعبر دوما اميري علي بن ابي طالب ع )) لكان قليلا !!.
وإلا كيف تصادر دماء شباب العراق وشيبه التي اريقت من اجل صد الوحوش الداعشية لتجير لصالح (سليماني) وجمهوريته الاسلامية الايرانية وليصبح سليماني حسب تصريحات هادي العامري هو من صد داعش كي لاتحتل بغداد وليس شباب العراق وشيبه ونساءه !!.
هل اموت كمدا ، عندما ارى نصر (مرجعيتنا العراقية الرشيدة) التي دعت للجهادفي لحظة تهدد فيها كل العراق من داعش وحمت العراق وانتفضت من اجل انقاذ ماتبقى من اعراض نساءه ... هل اقول انني اموت كمدا عندما تُحتقر هذه المرجعيةوكل تضحياتهاوما بذلته لاكثر من عشر سنوات من جهاد متواصل ، من اجل العراق لاصحوا على تصريحات (هادي العامري) لاجد ان مرجعيتنا اصبحت ذيلا (( لقاسم سليماني )) ، وانه لولا قاسم سليماني لما استطاعت مرجعية الامام السيستاني ان تفتل شروى نقير او ان تحرك ساكنا في العراق ؟؟!.
ماذا يقصد هادي العامري عندما يعلن للعراقيين وللعرب وللمسلمين وللعالم : انه لولا ايران ، وقاسمها السليماني لكان العراق اليوم بيد داعش ؟.
هل قصد بذالك ان يحترم شعبه ، الذي لم يزل يمسك بجبهات القتال قبالة داعش بالالاف ليستشهد ويموت ويبذل الدماء و... قبل ان ياتي ((سليماني)) منفردا بطوله (ليتمختر بصورة فوتوغرافية) في عرف هادي العامري هي الدليل على انقاذ سليماني للعراق واهله ؟.
ام ان (( هادي العامري )) قصد ان يحترم نفسه او على الاقل يحترم مرجعيتنا العراقية الرشيدة عندما ((اعلن النصر)) لجمهورية ايران الاسلامية على داعش متناسيا او ناسيا او متجاهلا : ان ايران كانت ترقب وتنظرمن بعيد ولديهاعلم ولم تفزع مبكرا عندما دخلت داعش لاحتلال ثلث العراق بدون ان تحرك ساكنا الا بعد ان انتفض الشعب العراقي بحشده الشعبي ضدداعش لتعلن انها مع العراق ضد اعداءه ؟.
اسال (( هادي العامري )) وليجيبني بصراحة :
الا تخجل من شعبك وابناءه من الشهداء الشباب الذين انتفضوا من اجل الدفاع عن وطنهم وصدوا داعش عندماتصادر بطولاتهم لتصبح كل بطولات الانتصار لقاسم سليماني وامثاله ؟.
الا تخجل من مرجعيتك الدينية العراقية السيستانية عندما تصادر كل جهادها ونضالها لتقزمها كمخلوق ضئيل امام العملاق الايراني الذي لولاه لكانت مرجعية النجف اليوم تحت مقصلة داعش ؟.
الا تخجل من نفسك ، وانت ترفع حتى جهادك انت الشخصي لتجيره لسليماني وامثاله ليكون سليماني هوربك الاعلى الذي امرك بالجهاد وليس ضميرك وعراقيتك ومرجعيتك ؟.
ثم ياسيدي اين هي الجيوش الايرانية التي صدت داعش لتعلن للعالم انه لولا ايران لكان العراق في خبر كان ؟.
واين هي الاسلحة الايرانية ، والبارجات ، والسفن الحربية الايرانية والمدافع والدبابات الايرانية والطائرات و...الايرانية لقاسم سليماني وامثاله ، ونحن نراكم اليوم في السلطة العراقية تستجدون العالم من اجل التسليح الخفيف للدفاع عن وطنكم المهدد من الارهاب العالمي ؟.
تفضل اخرج لناعلى وسائل الاعلام باي شيئ مدتكم ايران الاسلامية من اسلحة حديثة لتغير معادلة الصراع قبل ان تتحدث بنصر ودفاع يصنعه العراقيون بلحومهم العارية وتصادره لسليماني واسيادك في ايران ؟.
هل هذا المعترالايراني (انسان بسيط شيعوه في ايران بعد استشهاده في العراق)الذي دفعته فتوى الامام السيستاني كمرجعية له شخصية لياتي للعراق ويجاهد ضد داعش هل هذا الوحيد هو الذي الذي صنع لك ولامثالك النصر ، والدفاع ضد الوف داعش ، حتى وجدت نفسك مضطرا ان تعلن نصر سليماني للعالم على حساب ضياع دماء شعبنا في العراق ؟.
الغريب العجيب هولماذا يصرهادي العامري وامثاله على ان يظهروا للعالم ولائهم المطلق لايران الاسلامية ، وتنكرهم المطلق لعراقيتهم ووطنيتهم ومرجعيتهم العراقية ؟.
هل الحقدعلى اعداء ايران مثلا (وحتى على اعداءالتشيع في العالم ) هو الذي يدفع امثال العامري ليكونواايرانيين اكثرحتى من الايرانيين انفسهم نكاية باعداء ايران والتشيع في العالم ؟.
لكن ياهادي العامري ماذنبنا نحن كعراقيين ان تصادر دماء شهدائنا وانتصارات مرجعيتنا من اجل احقادك الطائفية هنا وهناك ؟.
ارجوا ان يخجل الساسةفي العراق(من امثال هادي العامري وغيره) قليلا ، قبل ان يتحدثوا باسم العراق وشعبه ، او ليتحدثوا ( اذا كانوا لاينوون : ان يكونوا متحدثين باسم دول اخرى ، على حساب العراق وشعبه)باسمه لكن بعدان يدركواعظمةهذا الشعب والوطن ويحافظوا على هيبته وشخصيته وبناء مشروع دولته المستقلة !!.

Read more:http://www.sotaliraq.com/mobile-item.php?id=176227#ixzz3OIKxtcVL