الجمعة، أبريل 24، 2009

(( مطارحتان في نشأة الدولة والعقد الاجتماعي ... رؤية أسلامية )) حميد الشاكر


(( مطارحتان في نشأة الدولة والعقد الاجتماعي ... رؤية أسلامية )) حميد الشاكر
___________________________
( المطارحة الاولى )

لاريب ان مفهوم العقد الاجتماعي لعب دورا كبيرا ومهما في النهضة الاوربية السياسية الحديثة، وذالك من عدة زواية ومحاور كانت قبل وجود مفهوم العقد الاجتماعي من أكثر الزواية والمحاور ظلمة في تاريخ السياسة الاوربية للقرون الوسطى الغابرة .
ونحن اذ نتناول مفهوم العقد الاجتماعي ونشأة الدولة بالمناقشة اليوم فلأدراكنا إن اشكاليات مجتمعاتنا العربية والاسلامية السياسية تعاني من نفس تلك العقد المركبة التي عاناها التاريخ الاوربي فيما مضى من سالف الازمان ، فهناك إشكالية الدولة والمجتمع والعلاقة الغامضة بينهما في منتوجنا الثقافي السياسي العربي والاسلامي !.، وهناك الامية السياسية للمجتمع العربي تجاه مفهوم الدولة ومن ثم النظر لها دائما كمستبد متسلط بالقوّة لاغير !.، وهناك موضوعة الحقوق والواجبات لكلا طرفي العقد الاجتماعي الدولة والمجتمع ، وكيف ينبغي التوفيق بين مصالح المجتمع والحفاظ على حريته التي منحتها الطبيعة للانسان او الله سبحانه وتعالى لهذا المخلوق ، ومصالح الدولة التي منحها الاجتماع لهيكل الدولة القائمة باسم الحكومة المدبّرة من جانب اخر !........ الخ .
وهذه الاشكاليات وغيرها قد تناولها مفهوم العقد الاجتماعي ، واستطاع ان يضع رؤى محددة قد ساعدت المجتمع الاوربي على بناء منظومة ثقافية جيدة حول مفهوم ومشروع ووظائف الدولة ودورها وحركتها في تطوير المجتمع ، بحيث اضحى المجتمع الاوربي اليوم لايخشى من غائلة الدولة او طعنه من الخلف بأسم حق الدولة ، لأدراك الدولة نفسها انها تقف أمام مجتمع يدرك تماما حقوق الدولة وواجباتها تجاه المجتمع ، وواجبات المجتمع في المقابل امام حقوق الدولة !.
وعليه كان لزاما على كوادر الثقافة السياسية في اي مجتمع يحاول بناء نفسه من جديد ان تعمق من حالة الحوار والبحث وتنخرط بعملية النضال الفكرية في مداخل ومخارج مفاهيم العقد الاجتماعي ، وايصال ثقافة الحقوق والواجبات بين المجتمع والدولة الى ذهن جميع الافراد في هذا الاجتماع الانساني ، ليتسنى فيما بعد بناء المجتمع سياسيا وفكريا وثقافيا أمام هذا التنين العملاق المسمى بالدولة ، وكي لاتستغفله الدولة لمرّات متكررة باسم الوطن او هيبة الدولة او متطلباتها الضرورية ...... تحت وطأة اميته الثقافية السياسية هذه ، ولتصادر شيئا فشيئا جميع حقوقه الانسانية والسياسية امامها !.
نعم مفهوم العقد الاجتماعي من المفاهيم التي تستوعب الكثير من البحث والجهد والدراسات المستقلة ، ولكن بما اننا نحاول هنا اثارة رؤوس اقلام موضوع العقد الاجتماعي ، فلابأس من الاشارة فقط الى ماهية العقد وكيفية وجوده ، مضافا لذالك علاقته بنشأة الدولة باعتبار ان هذه النشأة والولادة لمشروع الدولة هو المفتاح الذي يرسي التصور الدقيق لوظيفة الدولة بالتحديد ، ولماذا هي وجدت ، وكيف ينبغي لها ان تدير المؤسسة الاجتماعية المكونة من الافراد هذه ؟.
والآن كيف نشأة الدولة ؟.
ولماذا بالاساس احتاج الاجتماع الانساني الى هذه الهيئة التي سُميت اعتباريا بأسم الدولة ؟.
وماهو العقد الاجتماعي الذي أبرم بين الدولة والمجتمع ؟.
وهل هو قريب من مفهوم البيعة المحدودة او المطلقة الامد والتوقيت في الفكر الاسلامي ؟.
وهل يحق للمجتمع فسخ عقده مع هيئة الدولة ان أخلّت بوظائفها السياسية ؟.
أم ان هذا العقد مع الهيئة السياسية المُسماة بالدولة يجرّد المجتمع من خياراته نهائيا في الرجوع ببنود العقد والتوكيل لهذه الدولة والتي بموجبها تنازل الافراد عن حريتهم الجزئية لقيام الدولة ؟.
***********
(تأريخ مفهوم العقد الاجتماعي )
___________________________
عندما يُذكر مفهوم العقد الاجتماعي فأن هناك ثلاثة اسماء اوربية بارزة في هذا المضمار للفلسفة السياسية التي بحثت في موضوعة العقد الاجتماعي وهي :
اولا : الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي جان جاك روسو / 1712م/1778م.
ثانيا : الفيلسوف الانجليزي المعروف جون لوك / 1632م/ 1704م.
ثالثا : الفيلسوف المادي الانجليزي ايضا توماس هوبز /1588م/ 1679م.
كما ان هناك آخرين لاتنسى مساهماتهم في بحث موضوعة العقد كالفيلسوف الهولندي اليهودي الديانه سبينوزا في (رسالة في اللاهوت والسياسة ) وغيره ايضا من المشتغلين في غير الحقول السياسية او الفلسفية كديفيد هيوم العالم النفسي بالاساس وول ديورانت الذي تحدث عن ان الطبيعة لاتعطي ولاتمنع ..... ايضا قد تناولوا العقد الاجتماعي بالنقد باعتباره مجرد اسطورة خيالية ، والتطوير من منطلق ان العقد هو الرؤية الوحيدة التي توضح علاقة الدولة بالمجتمع والتفنيد او التثبيت !.
وعلى اي حال حاول رواد مفهوم العقد الاجتماعي ان يناقشوا الاسألة التي ذكرناها في التوطئة ليجيبوا عليها منطقيا في كيف ولماذا نشأة الدولة ؟.
وماهي الصورة الانسانية التي كانت قبل العقد الاجتماعي الذي انشأ الدولة ؟.
يتفق كل من روسو وهوبز ولوك على : ان الانسانية في مسيرتها الطويلة قد مرّت بمرحلتين من النظام او القانون الذي كان يسيّر حياتها الاجتماعية والفردية :
الاول : هو النظام او القانون الطبيعي قبل وجود اي قوانين او نظم مشرّعة دستوريا او انسانيا او حتى دينيا .
الثاني : هو النظام او القانون التشريعي المدني او الديني او غير ذالك .
وقد تخلل هذين النظامين نقلة نوعية للوجود الاجتماعي السياسي والانساني كان سببها عقد ابرمه الافراد مع بعضهم والبعض الاخر لخلق وايجاد الهيئة السياسية المسماة بالحكومة او الدولة ، والتخلص بنفس الوقت من الحياة الفطرية الطبيعية ، على اساسه برز للحياة الاجتماعية شيئ اسمه العقد الاجتماعي يتنازل بعض الافراد للبعض الاخر بموجبه عن جزء او كل من حرياتهم التي منحتها الطبيعة لكل فرد في هذه الحياة في سبيل انشاء هيكل له حق ادرة المجتمع والسلطة عليه فيما بعد .
وماعدى هذا الاتفاق في الرؤية العامة للعقد الاجتماعي للفلاسفة الثلاثة ، فهم مختلفون في التفاصيل الكثيرة الاخرى ، فروسو ولوك يذهبون الى : ان الانسانية قبل الدولة والقانون المدني كانت تتمتع بسعادة وحرية مطلقة قد وهبتها الطبيعة للافراد ، وكما عبرعن مرحلة الفطرة او الطبيعة جون لوك في ( مطارحتان في الحكم المدني) فهي مرحلة او حالة من الحرية للانسان كان يتمتع فيها بكامل الحرية في اختيار اعماله والتصرف بشخصه وممتلكاته كما يراه هو لاغيره ضمن حدود القانون الطبيعي الممنوح له خلقيا وفطريا ، وذالك دون استئذان من احد ودون الاعتماد على مشيئة غير مشيئته هو ، وهي ايضا حالة تسودها (المساواة) حيث تكون جميع السلطة والولاية متبادلة ليس لاحد اكثر من احد ، وهي حق طبيعي لكل فرد انساني وجد على هذه الارض وليس من حق احد ان يدعي انه يملك اكثر من الاخر في هذا الحق الطبيعي !.
فالصورة هنا قبل وجود الدولة في المجتمع عند لوك وروسوا يبدو انها صورة جميلة حيث يدرك فيها الانسان وبفطرته الطبيعية ماله من حقوق وماعليه من واجبات لاغير ضمن اطار قانون الطبيعة الذي يوازن كل شيئ بآلية وانسيابية غير معقدة !.
أمّا هوبز فكان يرى النقيض لفترة الطبيعة الانسانية قبل الدولة والمجتمع السياسي ، وكان يرى : ان الوضع الانساني كان وضعا متوحشا ، والخوف والحرب الدائمة واللامساواة ...وانعدام الحقوق بين الافراد بعضهم وبعض هي الصورة الحقيقية التي كانت موجودة انذاك ، وكان القانون الطبيعي الحاكم آنذاك هو : ان قوة الانسان وشهوته حيث ماقادته فهو تابع لها لتحقيق مقاصد طبيعته المتوحشة !.
او على حد تعبير هوبز في كتاب ( التنين ) في وصفه لمرحلة الطبيعة البشرية قبل النظام السياسي فهو يقول :فان طبيعة الانسان مجبولة على ثلاث دوافع : ( العنف من اجل البقاء ) و( حب السيطرة لضمان زيادة قوته) و(التفوق على الاخر ) وهكذا كان حال الانسان في المرحلة الطبيعية .
ولاشك ان رؤية هوبز هذه سوف نصادفها منعكسة بقوة على رؤيته في العقد الاجتماعي ، وكيف انه عقد بموجبه تنازل الافراد عن جميع حقوقهم الطبيعية لحق الدولة المطلق في الادارة وفي الاستمرار فيها ، وسنلاحظ كيف انه صاغ تلك الرؤية للعقد على اساس ان المجتمع حيوان منفلت مما يضطرنا لدعم الدولة بشكل مطلق واعطائها جميع السلطات لقمع هذا الحيوان المتوحش وترويضه ، وهذه الرؤية بعكس رؤية لوك وروسو التي انعكست عليها ايضا رؤيتهما للواقع الاجتماعي ماقبل السياسي ، وكيف ان كلا الفيلسوفين وضفا رؤيتهما للعقد الاجتماعي لصالح المجتمع في مقابل الدولة باعتبار ان المجتمع بطبيعته اجتماع انساني طبيعي هادئ ماقبل الدولة ، وعلى هذا كانت بنود العقد المبرم بين الافراد بعضهم والبعض الاخر هي بنود يتنازل الافراد بموجبها عن بعض حقوقهم في الحرية والمساواة في السلطة ..... للاتحاد الاجتماعي ومن ثم للدولة في مقابل الادارة لاغير ، وان المجتمع يبقى مع وجود هذا العقد هو صاحب السيادة الحقيقية ومن حقه فسخ العقد مع الدولة وتغييرها عند اخلالها بشروط هذا العقد !.
ويحق لنا القول هنا ان روسو ولوك كانا على الحقيقة منظرا العقد الاجتماعي الذي يقف الى جانب حقوق الاجتماع في قبالة الدولة ، بينما كان هوبز المنافح القوي لحقوق الدولة على حقوق الاجتماع ، ولهذا رأى ان خير نظام يسود الاجتماع الانساني هو الملكية المطلقة !.
*****************
( تاريخ نشأة الدولة )
____________________
أمّا ماهي الاسباب الجوهرية التي دفعت المجتمع الانساني ومن في داخله من افراد لمغادرة الحياة الطبيعية ماقبل السياسية ، واجتماعهم على انشاء عقد بموجبه يتنازلون عن بعض من حقوقهم وحرياتهم الطبيعية للهيئة او اللجنة المجموعة المسماة بالحكومة او الدولة ؟.
فعند روسو: كان تزايد السكان هو المبرر الحقيقي الذي دفع الافراد للتفكير بتنظيم وجودهم الانساني مما يتطلب ايجاد مجموعة من الناس تتفرغ وتقوم على امر تنظيم هذا التزايد السكاني الطبيعي في الحياة ومن جراء ذالك انبثقت الدولة وشكلت اول حكومة في تاريخ البشرية على الاطلاق تحت ضرورة تنظيم التكاثر الانساني !.
جون لوك : كان يرى ان الدافع وراء اجتماع الافراد وتفكيرهم بانشاء جهة قضائية محايدة او لجنة حكومية مستقلة سُميت بالدولة للفصل بين الافراد هو الحفاظ على الملكية الشخصية والخاصة للافراد ، باعتبار ان الفرد عندما وصل لمرحلة التفكير بانشاء الملكية الخاصة والشخصية احتاج على اثرها للتفكير بانشاء هيئة قضائية تحكم في فض النزاعات التي ستقوم حتما ومترافقة مع انشاء فكرة الملكية الشخصية ، ومن هنا كانت اول بذرة لنشأة الدولة كهيئة قضائية وحكومية مستقلة تفصل في نزاعات الاجتماع حول الملكية والتملك وباقي القضايا الاقتصادية في الحياة الانسانية !.
أما هوبز : فقد رأى ان الدافع الاساس الذي دفع الاجتماع الانساني للتفكير بايجاد وانشاء كيان الدولة في هذه الحياة ، فهو دافع ( التطلع الى حياة السلم ونبذ حياة العنف والحرب ) وهذه الرؤية لهوبز منطلقة من كون الانسان لايستطيع ان يعيش في حياة حرب مستمرة ومدمرة كما كان يعيشها في حياته الطبيعية ،فارتأى ان يخلق لجنة او هيئة تقوم على ادارة عملية الحرب الدائرة بين المجتمع وتحويلها الى فترات نقاهة وسلم ، وفض نزاعات تؤمن حياة الاستقرار في فترات السلم ، وحياة الدفاع والمحافظة على الوجود في فترات الحرب !.
أذن فلاسفة العقد الاجتماعي متفقون على ان هناك اسبابا انسانية موضوعية هي التي كانت السبب الحقيقي وراء فكرة انشاء الدولة في الحياة الاجتماعية ، وان التكاثر السكاني او النماء الاقتصادي الفردي ، او ادارة حياة الحرب والسلم للمجتمع هي الاسباب الجوهرية لقيام كيان الدولة هذا !.
نعم عندئذ يمكننا استخلاص وظيفة الدولة وحسب رؤية فلاسفة العقد على اساس انها الجهاز الاداري الذي يضطلع بمشاريع ادارة التنمية السكانية حسب رؤية روسوا ، او يضطلع بمهمة حماية الملكية الشخصية وتنمية موارها وانعاش حركتها كما لدى لوك ، او ان وظيفتها الاساسية هي الدفاع عن المجتمع في زمن الحرب وتوفير السلم للمجتمع في زمن الرخاء كما هو حاضر لتوماس هوبز الفيلسوف المادي الانجليزي المولد !.
يتبقى لنا في مطارحة العقد الاجتماعي زاوية اصيلة في فكرة العقد بعد ان ادركنا لماذا كان العقد وماهي اسبابه وكيفية دخوله على خط انشاء الدولة في المجتمع ، وهي زاوية ماهية العقد وماهية بنوده الاصيلة ؟.
توماس هوبز يعتقد ان صيغة العقد الذي ابرمه الافراد مع الدولة كان يتضمن تنازلهم المطلق عن كافة حقوقهم الطبيعية في الحرية للدولة ، وهكذا اصبحت الدولة وحسب العقد الذي خولها التصرف المطلق في الحرب والسلم ، وادرة الشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي كيفما ارتأت ، وليس للافراد بعد هذا العقد الرجوع عن ماخولوه للدولة من حقوق ، وليس لهم ان يتمردوا على طاعة الدولة او يثوروا على اوامرها ، او يحاولوا احداث تغيير في بنيتها القائمة ... وكل ذالك بسبب ان ماهية العقد الذي ابرمه الافراد مع الدولة كان يشير الى ذالك ، مضافا ان اي دولة بحاجة الى قوة مطلقة لتستطيع ارساء قواعد السلم بين المجتمع في الداخل ، ودفع العدو من الخارج !.
هذا الرأي كان النقيض الفكري لما كان يراه جون لوك الرأسمالي الانجليزي ، وجان جاك روسو الفيلسوف الاجتماعي الفرنسي بالخصوص الذي كان يرى : ان ماهية العقد الذي ابرم بين الافراد فيما مضى ، اولا :انه لم يكن مع الدولة مباشرة ، وانما كان العقد مبرم بين الافراد وبين الاتحاد الاجتماعي القائم ، وعليه كان العقد الاجتماعي الذي بموجبه انشأت الدولة كان عقدا بين الافراد وبين الاتحاد الاجتماعي نفسه !.
ثانيا : كان تنازل الافراد عن جزء من حرياتهم وليس مطلق حرياتهم للاتحاد الاجتماعي وليس لهيئة الحكم والدولة ، مايعني ان ليس هناك اي تنازل من الافراد لسيادة الدولة كي يكون لها الحق المطلق في التصرف ، وانما التنازل تم بموجب العقد من قبل الافراد لسيادة الاتحاد الاجتماعي الذي بدوره ينتخب السلطة الحاكمة ، وعليه فالسيادة المطلقة هي باقية للاتحاد الاجتماعي وليس للدولة كي يجزم بانه لايجوز مطلقا الخروج على سيادة الدولة !.
أما ما يخص أهم فقرات وبنود هذا العقد حسب مايراه انصار سيادة المجتمع فهي : اولا لاينبغي للدولة ان تخل بأحد شروط العقد ، واذا ماقدّر وخرقت الدولة احد بنود العقد الاساسية فان شرعيتها الدستورية تصبح ملغاة ، ومن حق السيد الاجتماعي ان يطيح بوجودها وينتخب للمهمة هيئة اخرى .
ثانيا : يجب على الدولة احترام الارادة العامة للمجتمع ، وبما في ذالك مصالح المجتمع العليا ، ولايجوز للدولة الاعتداء على هذه الارادة والمصالح تحت اي ذريعة او مبرر ما .
ثالثا : ليس من حق الدولة او الهيئة السياسية القائمة سنّ القوانين والتشريعات التي تتصل بمصالح الاتحاد الاجتماعي العام بسبب ان سنّ هذه القوانين والتشريعات من اختصاص صاحب السيادة الحقيقية وهو المجتمع ، وهو الوحيد الذي يملك حق العقد مع السلطة التشريعية وفصلها داخل الدولة لتسن القوانين التي تحافظ على مصالح المجموع العام وعلى الدولة او الحكومة التنفيذية تنفيذ هذه التشريعات والقوانين العامة !.
والى هنا ربما نكون قد وفقنا لاعطاء صورة بسيطة جدا عن مفهوم العقد ونشأة الدولة ، مع الاقرار ان الموضوع اوسع من هذا العرض الموجز بكثير ، ولكن املنا كان في اثارة نقطة وليس الولوج في بحر عميق ، وبهذا تكون المطارحة الاولى قد اكتملت لنردفها انشاء الله بمطارحة ثانية نشرح فيها وجهة النظر الاسلامية لمعظم قضايا العقد بدءاً بموضوعة النقلة النوعية للمجتمع من الطبيعية الى السياسية وحتى قيام الدولة كمشروع رسالي نبوي قام على تأسيسه الانبياء الكرام وسنّت قوانينه يد السماء .
_____________________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com