الأحد، مايو 15، 2011

(( هل استوعبت القيادة في سوريا درس العدو من الصديق ؟)) حميد الشاكر

في 2003ميلادية ابّان الاطاحة بنظام صدام المقبور ونهضة العملية التغييرية العراقية ، كنّا نستغرب بقوّة المواقف السورية السياسية المتشنجة جدا والغير مفرقة بين دخول قوى احتلال امريكية جلبتها حماقات ونذالة وطغيان نظام صدام للعراق وبين آمال الشعب العراقي بقياداته السياسية الجديدة ، وعزمها على بناء عراق ، هو اولا واخيرا يصبّ في صالح المنطقة العربية وقضاياها الحيوية ومقاومتها الشريفة ضد الصهيونية ، واعادة اراضي العرب المحتلة وفلسطين المسلمين لاهلها ، ولكن مع الاسف كانت مواقف القيادة السورية انذاك تخلط حابل بنابل لتعارض كل ماهو عراقي جديد بعد حقبة نظام العفالقة المجرمين فوقفت مع اعداء العراق اعلاميا وامنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ونفسيا .... وغير ذالك !!.


في البداية حاول العراق والعراقيون ان يجلو، او يرسموا الصورة للشقيق السوري بكل وضوح وان يبعثوا برسائل مفادها ان العراق للعراقيين وسيكون مستقبله كما عهدته امته وشعوب المنطقة ، وانه وطن الاحرار الذي لايمكن ان يكون صهيونيا ولا امريكيا ليخشاه الشقيق السوري ويتخذ ضده هذه المواقف الغير مدروسة والمتهسترة بعنف وان في بدايته بعد ازالة كابوس الصداميين ونهايته سيكون العراق بصالح احرار العرب والمسلمين المقاومين منهم وغير المقاومين .... الخ !!.

ولكن ، ومرة اخرى عبثا حاول العراقيون تعديل الرؤية السورية للعراق الجديد ، او اصلاح نظرتهم المشوشة للحدث العراقي والانتقال بتصرفاتهم العدوانية تجاه كل ماهو عراقي مابعد صدام وزبانيته بل اكثر من ذالك لعبت دوائر قيادية داخل المكون السياسي السوري الذي كان قائما ( كخدام وغيره ) والذي لم يزل البعض منه متواجدا على بناء الاسافين ومساندة الارهابيين والتشويش على رؤية راس النظام السوري الدكتور بشارالاسد ليبني كل سياسة سوريا بما هو الضد النوعي للتجربة العراقية تحت ضغط المعلومات الكاذبة حول التغيير في العراق وانه تغيير يستهدف الاطاحة بالنظام في سوريا !!.

دخل تسعين بالمئة من الارهابيين القتلة ، الذين ولغوا بدماء العراقيين بنشوة الشياطين من الاراضي السورية وتعرضت حتى مياه العراق للقرصنة ايضا من سوريا ، شنّ الاعلام والاعلاميين السوريين المتحالفين مع قطر ، وقناتهم الجزيرية الشيطانية حملة ابادة جماعية وتحريض على القتل منقطع النظيرعلى العراق وشعبه باسم دعم المقاومةواصبحت دمشق وكرا للمجرمين الصداميين القتلة الفارين من وجه العدالة في العراق ، ومنصة يخطط منها القتلة لحرق نساء ، واطفال العراق في الاسواق والمساجد والشوارع وحتى المدارس وملاعب الترفيه ....الخ !!.

عندها لم يكن هناك مناص للعراقيين الشرفاء الا الصبر على الانتظار وتحمل اذا الجار والشقيق السوري الى ان يحكم الله امرا كان مفعولا !!.

وبعد هبّت الشعوب العربية على طغاتها وحكامها الظلمة والفسقة من تونس ومصر وحتى الاردن والبحرين واليمن ، ايضا عاد العراقيون لينبهوا العالم على ان اعداء هذه الامة سوف لن يقفوا مكتوفي الايدي وهم ينظرون لادواتهم وخدمهم من قادة نظم العمالة العربية والخليجية للصهيونية وهم يتساقطون الواحد تلوالاخر وانهم سوف يعمدون الى خلط الاوراق في الثورات العربية وتحريك بعض خلاياهم النائمة في العراق وفي سوريا وفي ايران وفي كل بلد ليس لها عمالة للصهيونية والاستعمار لايهام الراي العام العالمي ان ثورات الشعوب العربية لاتستهدف فقط عملاء الصهاينة والمستعمرين ، وانها ليس فقط ثورة ضد الهيمنة الاستعمارية والصهيونية وانما هي ثورات شاملة مثلما اسقطت فرعون مصر لانه الرقم الاصعب للعمالة الغربية والصهيونية كذالك تحاول اسقاط النظام في العراق وايران وسوريا ..وهذا دليل على ان المعادلة الصهيونية ليست هي محرك غضب وثورة الشعوب في المنطقة !!.

كان هذا هو هدف خلط الاوراق الثورية للشعوب العربية وهوابعاد فكرة ان ثورة الشعوب العربية هي بالاساس متوجهة للظلم الصهيوني وبيادق عمالته في المنطقة العربية والاسلامية !!.

في البداية كان العراق ودعت بالفعل منظمات عراقيةمدنية وسياسية مشبوهة للاطاحة بالنظام الديمقراطي في العراق كالحزب الشيوعي العراقي فضلا عن حزب البعث وخلاياالارهاب القاعدية وباقي المنظمات المعروفة التوجه الصهيوني في العراق لكن بوجود ضمانه عراقية اصيلة ، لاستقامة بوصلة حركة العراق الجديد كالمرجعية الاسلامية الدينية في النجف الاشرف وانقياد المجتمع العراقي لحكمتها ورؤيتها استطاعت هذه المرجعية وبأوامر واضحة افشال المخطط الاستعماري الصهيوني في العراق وذهبت بالفعل جميع دعوات المشبوهين سُدا ولم تاتي بنقير لخدمة الصهاينة وباءت كل محاولات ضرب الاستقرار في العراق بالفشل !!.

في جمهورية ايران الاسلامية ، كذالك كان الشعب الايراني واعيا جدا ، للمخطط الذي يهدف لاجهاض ثورات شعوب المنطقة العربية واهدافها !!.

أما الاشقاء في سوريا فسرقتهم سكين الغدر بسرعة لتشتعل نيران الفتن في كل ارجاء سورياومن درعا بدأت حياكة المؤامرة على سوريا لتضخ مليارات الدولارات البترولية السعودية الوهابية لاشعال الفتنة فيها والغريب العجيب في سوريا ان اول من طعن سوريا وقيادتها بالظهر هم من كانوا يظهرون الولاء والانتصار لسوريا بمواقفها المناهضة للعراق وشعبه لتنقلب الاية راسا على عقب تماما !!.

قناة الجزيرة القطرية التي كانت مشتغلة تماما ماكنتها الاعلامية بكوادر المخابرات السورية والقطرية والفلسطينية الاعلامية للتحريض على العراق واستقراره ، تتغير بوصلتها بالاتجاه المعاكس لفيصل القاسم ، ليصدر مفتي قناة الجزيرة وامارة قطر الشيخ يوسف القرضاوي ، فتواه الطائفية الشيطانية المتكررة بضرورة اسقاط النظام السوري العلوي والاتيان بنظام اموي موالي للصهاينة والاستسلام ، ليصبح الشغل الشاغل لقناة الجزيرة هو التحريض على سوريا واستقرارها بدلا من التحريض على العراق واستقراره ؟.

امارة قطر ايضا كلها تحول موقفها من مساندة سوريا ، والمقاومة الى طعن سوريا بخنجر الغدر المعهود لاعراب المنطقة في ظهر الاسلام ليصحوا العرب وسوريا بالخصوص على قطر غير امارة قطر السابقة باميرها المنتفخ سحتا وحراما !!.

ظهرت قطر الغدر على حقيقتها الصهيونية قطر يوسف القرضاوي الذي لايقوم الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسّ قطر حليف الناتوا التي يقصف الشعب الليبي بصوايخه واموال بترول وغاز الخليج المستعمر قطر المنصة لاسرائيل والخوف على وجودها ووجود اسيادها ونفوذهم والحامين لها !!.

ولايختلف الحال لتركيا التي بدلت بزتها المدنية الاسلامية المنفتحة لترتدّ الى عثمانيتها الطائفية البغيضة وهي تحرض على سوريا واستقرار نظامها السياسي بعنف وخباثة معروفة عن العثمانيين المقبورين القدماء لكنها اكتشاف بالنسبة للعثمانيين المتحجرين الجدد !!.

هذه هي تركيا التي ارتمت سوريا باحضانها بشكل لانظير له ، حتى اصبحت سوريا استوديو سينمائي ، لترجمة المسلسلات التركية الهابطة المستوى الاخلاقي لاستيراد ثقافة ((ابناء الزنى)) من الزواجات التركية المدنية بدلا من ثقافة الشهامة والعزة العراقية العربية التي ، ولهذا اليوم يستنكف الاعلام السوري اظهار مسلسل عراقي وباللهجة العراقية على فضائياته الدرامية وغير الدرامية !!.

لا ينصرم يوم اذا لم تسجل تركيا باردوغانها الذئب تصريحا سياسيا ضد سوريا ، وضد حكومتها وضد استقرارها ونفخا بكير واستمرار الفتنة بين الشعب السوري وحكومته !!.

اما الكتاب القوميين العرب امثال عبد الباري عطوان وغيره الذين لم تمر خاطرة اذا لم يكن لهم قصيدة في حب سوريا العرب والمقاومة والنضال ....... واذا بهذه الاقلام التي تسترت بشعارات القومية ومناهضة الاستعمار الغربي والامريكي نجدها هي الاخرى وفي ليلة وضحاها تنزع جلدها القديم لتلبس جلد العمالة والخيانه وسلّ السكين للمساهمة بذبح البعير السوري الذي تعثر بدرعا وبانياس وحمص وغيرها من مناطق سوريا لتكثر سكاكين ذباحيه !!.

على مدى اكثر من شهر وصحيفة عبد الباري عطوان ( القدس الصهيوني ) تنقل وتساهم بالاعلام الكاذب كل ماهو مساهم بتزييف توجهات الثورة للشعوب العربية ، وبالخصوص كل ماهو يحاك ضد سوريا المقاومة ، لتنتصر لعملاء منقبين دخلوا بليل لسوريا وباموال ومخططات خارجية سعودية وغير سعودية ليصبح عبد الباري عطوان اخوانيا سوريا اكثر من الاخوان وحورانيا اكثر من الحورانيين بالخارج وخداميا صهيونيا اكثر من خدام وبيانونيا .... وهلّم جرّا !!.

في مقابل هذه الهجمة على سوريا من كل حدب وصوب وقف العراق حكومة ، وشعبا ليظهر معدنه الاصيل للعرب والمسلمين وليقول كلمته :

كلا لضرب استقرار سوريا واباحة الدم السوري من اجل خدمة الاستعمار ومخططاته !!.

كلاّ لتزييف ارادة الشعوب العربية واهداف ثوراتها الواضحة !!.

كلاّ لخلط الاوراق في سوريا لمصلحة تبرأة الصهيونية من نار غضب الشعوب العربية !!.

كلاّ للغدر !.

كلاّ لطعن المقاومين .

كلاّ لبيع تطلعات الامة لاستقرار كيان المسخ الارهابي الصهيوني !!.

أليس المعادلة ينبغي ان تكون عجيبة وبالخصوص لسوريا قيادة وشعبا وهو يرى كيف ان الشدائد جزاها الله كل خير ابدت للسوريين اعدائهم الحقيقيين من اشقائهم المخلصين ؟.

اليس من الاجدر بالسوريين ان يلتفتوا الى خطأهم الكبير في الماضي القريب ، عندما تحالفوا مع شياطين الاعراب وسامات افاعيهم السعودية والقطرية والجزيرية على حساب وضد العراق وتجربته وشعبه في مرحلة التغيير وماتلاها !!.

أقول : هل وعت القيادة في سوريا الدرس الان لتعيد ترتيب اجندتها السياسية بقوة لتلتفت الى العراق على اساس انه الظهر الذي بالامكان الاعتماد عليه حقا في الشدائد والملمات ؟.

ام ان سوريا قيادة وشعبا لم تزل لم تدرك عدوها من صديقهاحتى الان ولهذا هي حتى هذه اللحظة لم تقدم خطوة نوايا حسنة حقيقية تجاه العراق مع ان العراق اليوم ليس بحاجة ماسة لسوريا بقدر حاجة سوريا للعراق وموارده وشعبه وثروته وقوته وصدقه مع الاصدقاء ؟.

ايها الاخوة الاحبة في سوريا مع كل ما مضى لم يزل قلب العراقيين مفتوحا لسوريا ، وهناك الكثير بين العراق وسوريا لم ينجز بعد في الملفات السياسية ، والدبلماسية والامنية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعاونية التي تصنع من سوريا والعراق جسدا واحدا اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالسهر والحمى ، فهلموا بدلا من اضاعة الوقت للانفتاح على العراق بشكل يضمن لسوريا القوة والاقتدار من جهة ، ويضمن للعراق طريقا مفتوحة للوصول والمساهمة في تحرير الجولان وفلسطين من الصهاينة انشاء الله !!.

_______________________________



http://7araa.blogspot.com/

الجمعة، مايو 13، 2011

(( المالكي بيدق لصناعة المشكلة وليس حلها في العراق الجديد )) حميد الشاكر

دائما في معرض تناولي السياسي للشأن العراقي في الماضي والحاضر والمستقبل كانت المعادلة قائمة عندي على بُعدين اساسيين :


الاول : هو بُعد التجربة السياسية العراقية الجديدة الكلّية والتي بنيت بعد الاطاحة بنظام البعث الصدامي المقبور وهذا لاجدال ولاشك ولانقاش حوله في الدفاع عن منجزه ، وحماية مسيرته ، والاستعداد للشهادة من اجل انجاح التجربة العراقية الجديدة والوصول بأمانتها للجيل القادم من الشعب العراقي المظلوم .

ثانيا : بُعد البيادق والقيادات السياسية التي تلعب داخل هذا المضمار وتتحرك في ساحته برؤى واجتهادات مختلفة احيانا ومتناقضة في كثير من المواقع ومتكاملة في هذا المفصل او ذاك !.

وفي هذا البُعدُ الثاني كان حيز تناول شخصية رئيس وزراء العراق الحالي نوري المالكي في حوارمع احد الاخوة الكرام عندما سألني : اين تكمن المشكلة في شخصية نوري كامل المالكي ، كرئيس للوزراء ما إن يحاول التحليق في كل شيئ في العراق الجديد حتى نفاجأ بنكسة هنا في مكافحة الفساد مثلا ، او في كارثة هناك عندما نفاجأ بخروقات امنية فضيعة تدفعنا للتساؤل بحيرة عن أينية الامن الذي تتفاخر به حكومة السيد نوري المالكي هناك .... وهلّم جرّا ؟.

فأجبته بعد ان قدمت مقولتي : أجري على الله !.

الاخ رئيس الوزراء نوري المالكي لاينبغي النظر اليه والى غيره اليوم في عملية العراق السياسية الديمقراطية على اساس حسن النوايا له ولغيره اليوم فالادارة والسياسة في بلد كالعراق لاينبغي ان تكتفي بادارة حسن النوايا ، مع ان النوايا الحسنة من افضل مميزات القائد الشريف ، والمخلص لمثل هذا العراق ، لكنّ مع ذالك يبقى في عالم الادارة والسياسة دائما التخطيط والفكر والمؤهلات هن الاشياء الاثمن والاكثر رواجا في سوق السياسة من النوايا الحسنة والتوجهات الطيبة هنا وهناك كما كان العدل مثلا في مفهوم علي بن ابي طالب ع السائس العام المقدم دوما في المجتمع على الجود كسائس خاص !!.

نعم لابد في معرض تقييم قيادات العراق اليوم ، ولاسيما كقيادة على راس الدولة العراقية الجديدة ، ورئيس لوزرائها وزعيم لتنظيمها وتخطيطها كنوري المالكي ان نرجع قليلا للسؤال عن التاريخ الذي صعد به هذا القائد لسدة الحكم والسلطة وهل هو كان متحركا من اسفل السلم الى اعلاه بصورة طبيعية وانسيابية وقانونية وبلا قفزات مثيرة للاستغراب !!.

أم ان هناك عوامل خطرة جدا ك ( الصدفة) مثلا هي التي ساهمت في خلق وصناعة قيادة وزعامة هذا القيادي او ذاك ليصبح في مكان وفي ليلة وضحاها وبلا مقدمات ممسكا بزمام امر اكبر من طاقاته وامكانياته الشخصية والفكرية والاستيعابية..... لعبت الصدفة لعبتها لتصنع منه القيادي الاوحد في هذا المضمار ؟؟.

في التاريخ وحتى اليوم هناك الكثير من القيادات التي برزت بشكل غير معقول في صناعة الحدث ومتغيرات البشرية عندما نسأل عن تاريخهم وكيفية صعودهم الى قمة هرم السلطة والقيادة نتعجب من تصاريف الزمان والصدف ، وكيف ان الصدفة البحتة لاغيرهي التي صنعت كارثة كالحجاج بن يوسف اوامثال استالين عندما ومن بين المئات من القيادات وصاحبة الخبرة في الاتحاد السوفيتي السابق لم يقدم القدر غير اضعف واسوأ الاختيارات لتكون هي القيادة الاوحد لتغيير مجريات التواريخ البشرية !!.

وهكذا تعلمتُ شخصيا الخوف والخشية من القيادات التي تصنعها الصدف اكثر من صناعة طبائع السياسات والاشياء لها !!.

نوري كامل المالكي وصل لقيادة العراق الجديد من خلال صراع سياسي نشب على شخصية السيد ابراهيم الجعفري ولم تكن غير الصدف وحدها وسوء الاقدار من معين للسيد المالكي في تقديمه لقيادة العراق غير انه المنصة الاخيرة التي على تلالها يتم نحراوإبعاد السيد الجعفري من رئاسة الوزراء ولهذا صعد سوق السيد المالكي عاليا وبلامقدمات معقولة ليفاجأ العراقيون بولادة سياسي عراقي جديد اسمه نوري كامل المالكي جاء ليدفع سفينة العملية السياسية العراقية للحركة بعد ان كانت عصي القوم عاصية في دواليب رئاسة ابراهيم الجعفري انذاك وهذا اولا !!.

ثانيا :ومن خلال معرفة مقدمة كيفية صعود السيد المالكي المفاجئ لقيادة العراق وبدون حتى ادراك احد ماهي مؤهلات القيادة للمالكي الا كونه الخط الثاني في حزب الدعوة الذي يفضل بقاء قيادة العراق في دائرته لاغير ، فاجئنا السيد المالكي بنواياه الصادقة للعمل في بناء دولة العراق الجديد من جهة وفجئنا ايضا بكمية الاقدار التي تقف خلفه لتدفعه دفعا الى الامام وحثيثا بحيث انه وفي خلال فترة وجيزة اصبح المخلّص العراقي الوحيد لازمات العراق الجديد في ذهن وعقلية وبالخصوص زعماء عشائر العراق الذي انعم عليهم السيد المالكي بالمكرمات فردوا عليه السلام بتجييش عشائرهم لانتخاب المالكي لدورة ثانية لقيادة العراق !!.

وهنا لابد ان تطرح الاسألة السياسية الحقيقية وبعيدا عن كل مؤثر حزبي ، او نفعي ولنقول : ياترى لو كان الوضع العراقي الجديد طبيعيا ولم يكن يخضع لضغوطات امنية وتجاذبات سياسية وتناقضات اقليمية وداخلية ، ومحاصصات حزبية وقومية ودينية .....، فهل كان السيد نوري كامل المالكي سينجح في اختبار الكفاءة والقدرة والمؤهلات لقيادة العراق وهو البلد الذي بحاجة الى شخصية قيادية من اهم صفاتها التدبيروالاخلاص والحنكة والتخطيط لاسيما وهومقبل على صناعة تجربة سياسية ديمقراطية تحاول بناء الدولة ومؤسساتها والمجتمع ورفاهيته قبل بناء القائد الضرورة وخبالاته ؟.

أم ان السيد المالكي سيكون في حيزه الطبيعي ومكانه الذي ينبغي ان يكون فيه كاحد المساهمين في خدمة العراق في جانب من الجوانب ولكن بالقطع ليس في المقدمة وكرأس لهذا العراق الجديد ؟.

طبعا الاجابة على هذا السؤال يبدو انها ستكون واضحة ولا لبس فيها بالنسبةلشخصية القيادي في حزب الدعوة السيد نوري كامل المالكي ، وانه لم يزل الطريق طويل امامه ليصل الى حلم قيادة بلد كالعراق ، ولكن هذه هي قوانين الصدفة مع الاسف او قوانين المحاصصة بكل ألم التي دائما تخترق كل قوانين الاجتماع والطبيعة لتاتي بشرّ البقر لبقائه على المداود كما يقول المثل الصعيدي في مصر عندما يريد تقييم الواقع كما هو عليه !!.

وإلا بربك قبل ان يطاح بالجعفري من رئاسة الوزراء او قبل ان يفكر احد بابعاد الجعفري عن سدة رئاسة الوزراء من جهة ومن الامانة العامة لحزب الدعوة من جانب آخرهل كان هناك احد من الشعب العراقي كان يسمع عن انجازات المالكي او شدة عبقريته السياسية او كمية تخطيطه الاستراتيجي البعيد النظر كي يصبح قائدا عاما للعراق ككل !!.

ثالثا :وهي النقطة الاخيرة في عملية تقييم شخصية السيد رئيس وزراء العراق القائم والتي تقول إن الاخ المالكي ومن خلال ملاحظة ورصد افعاله والبحث في سير انماط تفكيره السياسي وخلال دورة كاملة ودخوله في دورة حكمه الثانية يتبين عوار الكثير من صفاته القيادية الغير صالحة او الغير مؤهلة لقيادة العراق بثوبه الجديد !!.

فالرجل بداية حزبي الى حد النخاع ، وكل استقطاب تفكيره منجذب بلا ارادة منه للنظر الى ادارة بلد كالعراق بكل تنوعاته من خلال نافذة المصالح الحزبية اولا ، ومن ثم مصالح وطن ، له من السعة والتناقضات ما لا يمكن معه ادارته بالعقلية الحزبية الضيقة وهذا مع الاسف نفس الكارثة التي مارسها نظام حزب البعث المقبور عندما اراد تحويل جميع العراقيين لبعثيين ولكنه فشل بعد حكم دام خمسة وثلاثين سنة سوداء مما اكد ان العراق تحت حكم الاستبداد والشمولية لم يحكم بالحزب الواحد فكيف حكم العراقيين برؤية حزب في وضعه الديمقراطي التعددي الجديد ؟.

نعم لايمكن تحميل السيد نوري كامل المالكي اكثر من طاقته لنطالبه بالفصل بين رؤيته لادارة الدولة ورؤيته لمصالح الحزب الذي باسمه وصل الى ماوصل اليه ، ولهذا نؤكد ان الاخ رئيس الوزراء كامل المالكي لايمكن له بعد عقود من العمل الحزبي الشديد الالتزام بالولاء للحزب ان ينزع جلده ، ويعيد انتاج فكره بسهولة ليكون بسعة ادارة مجتمع ربما تتناقض مصالحه مع مصالح جميع الاحزاب على حد سواء !!

ثم وبعد ذالك يأتي دورسؤال هل حقا السيد كامل المالكي يملك من المميزات الفكرية والقيادية التي تهيئه لصناعة استراتيجية قيام الدولة من جهة وبناء مؤسسات مجتمع مدني ومتنوع وحر من جانب اخر ؟.

أم ان رئيس وزرائنا العراقي المنتخب لايوحي كل تاريخه في حكم العراق الجديد وحتى الان انه حاكم قادر او ممتلك بالفعل لرؤية واستراتيجية في كل ادارة مفاصل الدولة العراقية الجديدة ؟.

الجواب انه ربما كانت شخصية المالكي القيادية برزت في ملف الامن والضبط والربط في هذا الجانب بصورة واضحة مع ان العراقيين المؤمنين بالتجربة العراقية والمضحين من اجلها يدركون ان الارهاب كان الى زوال حتما وان ارادة الشعب الصلبة هي التي دحرت الارهاب وقضت على عصابات البعث الاجرامية حتى وصولنا اليوم ليأس الذين كفروا من القاعدة والبعث من النيل من تجربة الشعب العراقي ولذالك استسلموا للامر الواقع وتروض حقدهم الارهابي قليلا على العراق ، وشعبه ولكن مع ذالك لنقول ان هناك دور لادارة السيد المالكي الامنية في تثبيت قواعد الاستقرار الامني النسبي ليعتبر انجازا لحكومته القائمة لكن يبقى السؤال قائما ومتجددا ايضا وهو هل العراق الجديد هو دولة بوليسية وامنية فقط ليرشح المالكي كقائد امني لانظير له في قيادة العراق الجديد ويقدم كنموذج صالح للادارة وكفوء لشغل هذا الحيز من مناصب الدولة العليا ؟.

ام ان التجربة العراقية الجديدة بحاجة الى ادارة وعقلية مختلفة جدا عن مميزات القيادة الامنية الفاعلة لاغير والتي بالامكان اعطاء حقيبة الامن الداخلي او المخابرات لامثال السيد المالكي ، لكفائته الامنية ولكن لايمكن التفكير بتسليم البلد والتجربة العراقية ورئاسة وزرائها لمجرد وجود عقلية امنية فقط !!.

بمعنى اخر ان تركيبة العراق الجديد مختلفة عن تركيبة شخصية السيد المالكي الامنية ، والسيد المالكي مؤهل جدا ان يكون وزيرا للداخلية على هذا الاساس او شاغلا لملف الامن الوطني او المخابرات العامة ، اما كون الاستاذ المالكي صالحا لرئاسة وزراء ولأدارة وصناعة عراق ديمقراطي تعددي جديد وباني لمؤسسات دولة خدمية وثقافية وامنية متكاملة ، فهذا شيئ ليس فقط اكبر من حجم شخصية السيد المالكي الفكرية والعقلية والنفسية .... فحسب بل ما اثبتته التجربة العملية السياسية للاخ نوري المالكي انه اضعف من ادارة دولة بحاجة الى عقلية فن الادارة وزرع الثقافة اكثر من حاجتها لعقلية الامن والدسائس والمؤامرات !!.

إن هذه الرؤية حول شخصية السيد المالكي القيادية هي التي ستشرح للمتتبعين الكثير من تخبطات السياسة داخل ادارة السيد المالكي لملفات العراق الكبيرة ، وهي التي ستشرح لماذا الفساد الاقتصادي والاجتماعي وصل الى مستويات غير مسبوقة في تاريخ العراق القديم والحديث ، وهي التي ستبين لماذا عدم الاستقرار والقلق المزمن في كل ملفات العراق الخدمية والامنية والاستراتيجية الداخلية والخارجية ......، فالرجل حُمّل اكثر من طاقته في قيادة بلد هو اوسع بكثير من قيادة حزب ، بل انه الرجل العنيد امام الاعتراف بعجزه لادارة بلد بحاجة الى عقلية اكبر واوسع واشمل تساهم ليس في صناعة المشاكل والازمات للعراق الجديد بل لصناعة توافقات سياسية وليس محاصصات حزبية ، والمالكي ومن خلال التجربة اثبت انه اللاعب الجيد في صناعة الازمات وادارتها ، والتلميذ البليد في ادارة التوافقات وبناء عراق الخدمات والتقدم والاستراتيجية الواضحة !!.

اما لماذا السيد المالكي صاحب العقلية الامنية الحزبية استعذب فن صناعة الازمات للعراق الجديد ؟.

فالسبب بسيط وهوان الازمات دائما تشغل الراي العام الشعبي ولاسيما العراقي المغرم بفن الحكاية والوشاية وتتبع الاشاعات والفضائح ،عن الالتفات الى المشاكل الحقيقية الذي تعاني منها الاوطان بسبب عدم كفاءة القيادة فيها ، ولذالك لم يزل الشعب العراقي المظلوم ما ان ينتهي من حكاية ازمة سياسية يصنعها سياسيوه حتى يصحو على ازمة جديدة يخلقها هذا الطرف او ذاك ليشتت انتباه الشعب عن غياب الخدمات وتردي الثقافات ، وهبوط الاستراتيجيات وانحدار الكفاءات واستشراء الفسادات وكثرة السرقات وغياب الامانات .... وهكذا !! .

والحق ان مثل هذه اللعبة في فن صناعة الازمات ووجود شعب مهيئ للحكايات اكثر من تتبع الانجازات ، ساحة ميدان ثرية للسياسيين الفاشلين والوصوليين ..... ليبنون مجدا على حساب انقاض شعب بكامله يريد الحياة لكنه لايجيد صناعة قياداتها الناجحة !!.

اخيرا نقول : ان في العراق الكثير من الكفاءات التي لو اتيحت لها الفرصة الطبيعية لقدمت للعراق اكثر من الاستقرار الامني والتقدم العلمي والرقي الاخلاقي والنمو الاقتصادي والتطور السياسي ......واخذ العراق لمكانته الطبيعية كحزمة وملف واحد يديرها صاحب العقلية القيادية الشاملة الذي يريد ان يصنع وطنا وبلدا ودولة ومؤسسات ومجتمع وامن بصورة لايطغى ملف على اخر لتتحول التجربة برمتهامن تجربة صناعة امة حرة ودولة عدل الى تجربة لصناعة دولة بوليس ومواخيروعود كاذبة لاغير !!.

كما ان في العراق مشكلة لابد من القضاء عليها والى الابد وهي : ان الصدف دائما هي التي تصنع للعراق واقعه وتاريخه ومستقبله من خلال فرض معادلاتها هنا بتقديم شخص غير كفوء لقيادة الامة للهاوية وصبغه على اساس انه الاوحد الذي لامثيل له ، او فرض نموذج حزب هناك ليتسلط جلاد وطاغية على العراق باسماء متعددة ، فبدلا من ذالك آن الاوان للعودة بالعراق وشعبه الى الاصول التي تجعل من القانون والطبيعة وتراتب الامور كقدر وسكة تنجب قادة العراق الجدد المحسوب حسابهم بكل شيئ والمدروسة كفائتهم لقيادة هذا الشعب قبل ان يتسنموا اي منصب حكومي ونجد انفسنا بعد برهة مرغمين على تمجيد شخوصهم الهزيلة تحت ضغط ملكهم للسلطة وتربعهم على مساند تحكم مصالح الناس واقدارهم بالقوّة !.

_______________________________

alshakerr@yahoo.com

http://7araa.blogspot.com/2010/12/1.html