الخميس، مارس 28، 2013

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الخامس والعشرون

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الخامس والعشرون


الاخير

حميد الشاكر



(( الخاتمة ))



في المقدمة من ابحاثنا الفكرية ، والاجتماعية هذه ، والتي تناولنا فيها موضوع (( علم الاجتماع العراقي)) ومحور(( مؤسس هذا العلم المزعوم )) المرحوم علي الوردي كان منطلق محاور بحوثنا يلاحق بالحاح فكري مجتهد جواب سؤال : هل فعلا نحن في العراق الحديث نمتلك علما اكاديميا وتأسيسا منهجيا وتنظيرا فكريا لعلم اسمه ((علم الاجتماع العراقي الحديث )) ؟.



أم ان كل ماطُرح في ساحتنا العراقية الفكرية العلمية والاكاديمية منذ الاربعينيات من القرن العشرين المنصرم ، وحتى اليوم من حديث وتنظير وكتابات ومؤلفات وبحوث ومقالات ... حول العلم الاجتماعي العراقي الحديث ، وبمؤسسه المزعوم المرحوم (علي الوردي) لم يكن الا مجرد تناول سياسيي ايدلوجي هزيل يروّج له من تحت مسمى هذا العلم الانساني الاجتماعي الممنهج الحديث ومسميات اخرى كالنظريات الحديثة والمنطق الجديد ...، لتمرير من ثم مشاريع ايدلوجية سياسية لاعلاقة لها بالعلم وتوجهاته ومناهجه ومواضيعه وابحاثه الدقيقة !؟.



ونعتقد اننا ومن خلال اكثر من عشرين بحثا مطولا تناولنا فيها محاور اجتماعية وفكرية وسياسية وفلسفية ..... وحتى شخصية تتعلق بالمرحوم علي الوردي قد استطعنا الاجابة فيها وبوضوح على سؤالنا الانف الذكر ، وبشكل موسع ودقيق لانعتقد ان مفكرا او مثقفا او كاتبا عراقيا قد تناول هذا الموضوع ((علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي )) بهكذا دقة تلاحق اصعب الزوايا الغير مبحوثة من قبل وجرأة وحجة عقلية واضحة كشفت الكثير من زيف فكرة ((علم الاجتماع العراقي الحديث )) ، او ما يُسمى هكذا ادبيا في كثيرمن الكتابات العراقية الحديثة بحيث اننا استطعنا تغطية معظم المحاور التي تثبت ان ليس هناك اي مشروع او تاسيس لعلم في العراق اكاديميا ، او تنظيريا فكريا اسمه ((علم الاجتماع العراقي الحديث )) بل ان كل ماهنالك كان مجرد تنظير ((فكري فوضوي)) ولا علمي ولا فلسفي طرحه المرحوم علي الوردي (( باسم علم الاجتماع )) ليمرره على الذهن الفكري ، والعلمي العراقي على انه من تاسيسات العلم الاجتماعي الحديث ، وان منطلقاته منطلقات علمية ومنهجية واكاديمية مئة بالمئة !!.

والحق ان ماطرحناه في بحوثنا هذه تحت مسمى (( كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي )) قد اثبتت بالادلة العلمية والفكرية والفلسفية ان لاعلي الوردي رحمه الله كان يحمل عقلية دارسٍ للعلم الاجتماعي الحديث ولافكره الذي طرحه باسم هذا العلم كان يرتقي حتى للفكر المحترم المعمق الذي ينبغي الاتكاء عليه فكريا وتحليليا وفلسفيا وعلميا ، او الاعتماد على نتائجه كمساهم علمي في فهم المجتمع العراقي ، ودراسته حسب الاسس والمناهج العلمية للعلم الاجتماعي الحديث !!.



نعم كان معظم توجهات واساليب محاور بحوثنا ، التي طرحناها في هذه الاقسام البحثية تتوجه في حيز كبير منها الى (اسلوب طرح الاسئلة) حول فكر وشخصية وموضوع علم الاجتماع العراقي ومؤسسه الموهوم المرحوم علي الوردي وذالك حرصا منا على :

اولا : ان نجد جوابا علميا وفكريا متخصصا لهذه الاسئلة التي نازلنا فيها انصار ومقلدي وتابعي ... فكر المرحوم علي الوردي بتحدي واضح وصريح ولكننا مع الاسف وجدنا ان انصارهذا الرجل وطرحه الفكري الفوضوي هم من اعجز الناس عن الردّالعلمي والفكري لكل اسئلتنا التي طرحناهابهذه الاقسام المعرفية وواضح ان هذا العجزمن قبل محازبي فكرالمرحوم علي الوردي يدلل بشكل لالبس فيه ان معظم هؤلاء المساكين ممن يتبنون الدفاع عن طرح المرحوم (الوردي) ماهم الا اتباع عاطفيين او حزبيين مؤدلجين لاغير لفكر هذا الرجل وانهم اقل بكثير فكريا وعلميامن الردّعلى مثل هكذا طروحات نقدية جديدة تناولت علم الاجتماع العراقي ومؤسسه المزعوم علي الوردي بهكذا طرح نقدي جديد ومبتكروغير مسبوق !!.



صحيح كانت هناك بعض الردود ((العصابية العاطفية )) على ما طرحناه نقديا في بحوثنا هذه في الموضوع هنا وهناك ، الا انها كانت من الهزالة الفكرية والعلمية بحيث اننا لا نستطيع تصنيف مثل هكذا ردود ، الا على انها ردود انفعالية تحاول تقديس ماطرحه الوردي فحسب من غيران تكون لهذه الردود القدرة على جواب أسئلتنا التاريخية والعلمية والفكرية والفلسفية ... المطروحة من جهة او ان لها القدرة على المنازلة الفكرية والعلمية والفلسفية... لما طرحناه في مضماري علم الاجتماع ومحاور الفلسفة بالخصوص التي تناولها المرحوم الوردي في مؤلفاته وابحاثه وكتبه بقشرية من جانب اخر !!.

اي وبكلمة مختصرة اننا في الكثير من المحاور والاسئلة التي طرحناها في هذه البحوث كنا نتمنى ان يتصدى لنا من هوكفئٌ فكريا وثقافيا وعلميا وممن هورافعا لشعارات التقديس والتبجيل لما طرحه المرحوم الوردي ويجيبنا ، او يباحثنا حول اسئلتنا ، وحول رؤيتنا النقدية الاجتماعية والفلسفية هذه ليطرح هو من جانبه ما يبين عوار ماطرحناه فكريا وفلسفيا واجتماعيا حول علي الوردي وطرحه ، ولكن كل ما صادفنا من ردودكتابية كانت هي عبارةعن انفعالات عاطفية حزبية منغلقة ومتخلفة ومتحجرة ، ولاتدرك ابعاد حتى ماطرحناه حول مدارس علم الاجتماع او حتى لاتعلم من هو (( كونت او دوركايم .....)) او تدرك ما طرحناه فلسفيا حول الفلسفة الارسطية الاسلاميةولهذا ارتاينا انها ردودافعال لاتستحق ان يقف عندها لعدم حملها لاي مضمون فكري !!.



ثانيا: كثفنا اسلوب الاسئلة في بحوثنا هذه (حتى ان بعض الاخوات المثقفات التي اتصلت بي من خلال الايميل شكت من السيل الجارف لهذه الاسئلة في الموضوع وطالبتنا بالتخفيف منها ) كي يكون عقل القارئ العراقي مشاركا في بحوثنا هذه ومتفاعلا معها بشكل ايجابي / باحثا هو ايضا عن الاجابة / وليكون هو جزئا من منظومة التفكير البحثية هذه ولكن ايضا نحن تناولنا بالتفصيل في بعض الاحيان محاوردقيقة اجتماعية وفكرية وطرحناها بشكل سردتاريخي اوسرد فكري يلاحق الافكارالتي طرحت هنا وهناك في مؤلفات علي الوردي الفكرية تحت مسمى هذا العلم !!.



ولكن مع ذالك ومع اننا تناولنا اكثر من خمس وعشرين محورا في علم الاجتماع وفي العلم الفلسفي في بحوثنا هذه لكشف حقيقة ما طرحه المرحوم علي الوردي باسم العلم الاجتماعي الحديث ، والنظريات الجديدة ... حتى اوصلنا قارئنا الكريم بنفسه الى حقيقة :((ان علم الاجتماع الحديث وان النظريات العلمية الحديثة براء من معظم ما طرحه علي الوردي باسمهما)) وان لاصلة ((علمية حقيقية)) لطرح الوردي بعلم الاجتماع ولاحتى بالفكر المعمق المحترم !!.

اقول ومع ذالك نحن بحاجة في هذه الخاتمة ان نقول كلمة اخيرة في هذا المطاف كي تكون خاتمة مبينة وهي :

انه لم يزل هناك الكثير الكثير من المحاور الفكرية والاجتماعية ، التي آثرنا عدم طرحها في اقسام بحوثنا هذه حول المرحوم الوردي ، وماطرحه فكريا واجتماعيا في هذه الساحة فهنا لم يزل لدينا من المواضيع المهمة التي ينبغي بحثها بتعمق :

اولا : العودة الى منطلق الوردي الفكري في فكرة (الصراع / الديالكتيك ) واثارة ابعادها الفكرية السياسية اولا : وكيف انها فكرة تدميرية للمجتمع الانساني ككل وانها بشهادة كبار عباقرة التاريخ الاوربي هي احد اهم العوامل لصناعة الحروب والدمار العنصري الهتلري الالماني في العالم بالخصوص !!.

وابعادها الاجتماعية ، : وكيفية استخلاص ان من هذه القاعدة الايدلوجية الفكرية طرح المرحوم الوردي ( مشروع الصراع بين البداوة والحضارة )داخل الاجتماع العراقي ، متكئا على ان هذه هي نفس رؤية (( ابن خلدون )) في صراع البداوة والحضارة !!.

بينما الواقع لا ابن خلدون تحدث عن عملية صراع (بالمعنى الهيجلي الديالكتيكي الماركسي فيما بعد) بين البدوارة والحضارة في تاريخ العرب والمسلمين ، ولا يوجدهناك اصلا صراع بين هاذين الاتجاهين الاجتماعيين داخل الاجتماع العراقي وانما هناك صناعة وتنظيرايدلوجي لهذا الصراع حاول الوردي واضرابه صناعته اجتماعية للانتصار الى فكرة (( الصراع )) والتناقضات الطبقية الماركسية داخل المجتمع العراقي ،ولم يكن هناك اي مسح ممنهج علميا لتركيبة المجتمع العراقي واكتشاف من ثم هذه الظاهرة داخل المجتمع العراقي الحديث !!.

ثانيا : ايضا هناك محاور واقسام بحثية تتعلق برؤية الوردي للمشروع الفلسفي الارسطي الاسلامي بصورته العامة ، وجواب سؤال : لماذية مناهضة المرحوم علي الوردي (( للفضيلة )) الفلسفية في معظم ابحاثه وطروحاته الفكرية ؟.

فهذا الجانب من فكرالوردي بحاجة الى تسليط الاضواء عليه بشكل مكثف ودقيق وعلمي لنصل الى اشكاليات ها الرجل مع الفضيلة مع اي خلق سامي ورفيع كتب عنه الفلاسفة بوعي وتناوله المرحوم ((الوردي)) بعقلية عامية ساذجة وهابطة فكريا !!.

ثالثا : هناك محور(الحق والحقيقة) في ابعادها الفكرية الفلسفية وكذا الاجتماعية قد تناوله علي الوردي بشكل مكثف في معظم مؤلفاته وكتبه نقديا ، ونحن بحاجة فعلية لتناول رؤية الوردي هذه نحو (الحقيقة) ، لدراسة عوار رؤية علي الوردي وعدم ادراكه لمفهوم ومصطلح (الحق والحقيقة ) اولا ، ثم الانتقال الى التاثيرات الايدلوجية الماركسية الشيوعية على رؤية الوردي في موضوع (الحق والحقيقة) وان كل ما ذكره الوردي بخصوص ((عدم ثبات الحقائق)) وان ليس هناك حقيقة مطلقا ثابتة في الحياة الفكرية والاجتماعية ... ماهو الا هزليات ماركسية لاتعتمد على دليل اوبراهين علميةاوعقلية فلسفيةاتكئ مع الاسف عليها المرحوم الوردي بسطحية ليبشّر هو بدوره بعدم وجود حقيقة في هذه الحياة ، ومن ثم ليبني كل رؤيته الفكرية والاجتماعية على فوضوية ليس لها اول وليس لها اخر !!.

رابعا : موضوع ((المنطق الاستنباطي )) هو بحاجة ايضا من قبلنا لتناوله بشكل مفصل نطرح فيه ادلة هذا المنطق الفكري الفلسفي ونشرح فيه ابعاد هذا المنطق الفكري ولماذا هو مع المنطق ((الاستقرائي )) التجريبي العلمي في تكامل مستمر وليس في حالة صراع وتناقض كما يطرحه المرحوم علي الوردي في الكثير من مؤلفاته !!..... الخ !!.

وهكذا نحن لانغالي ان قلنا: اننا بامكاننا ان نطرح خمس وعشرين قسما اخر في تناولاتنا الفكرية النقدية لموضوعة (( علم الاجتماع العراقي ، ومؤسسه المزعوم المرحوم علي الوردي )) ولكننا اثرنا عدم الاطالة اكثر باعتبار ان الاختصار اليق بالاطروحات الانترنيتية ، والتطويل والاسهاب والشرح اكثر انسجاما مع التاليف وصناعة الكتب ولهذا توقفنا في اخرالمطاف عند القسم الخامس والعشرين لسبب اصيل وجوهري هو :

ان فكرتنا التي اردنا ايصالها لقراءنا الاعزاء والقائلة : (( بضرورة اعادة قراءة الانتاج الفكري / نقديا / الذي كتب تحت مسمى العلم الاجتماعي الحديث ماهو الا نتاج مخادع ، وان ليس هناك اي بناء حقيقي لمشروع (( علم اجتماع عراقي )) وان المشروع الذي حركته (الحقبة الملكية العراقية) لبناء علم اجتماع عراقي قد اجهضه المرحوم علي الوردي بالمهد ودمر كل تطلعاته بفكره الفوضوي المخادع وان على الجيل الجديد ان لايخدع بمقولة ( علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي) وان عليه فكريا وعلميا وتنظيريا وفلسفيا.. ان يبدأ هو من الان بانشاء وبناء مشروع ((العلم الاجتماعي العراقي الحديث الذي يقوم على اسس ومناهج علمية بحتة بعيدا عن التسييس والادلجة ..... )) !!.

هذه الرسالة الفكرية نعتقد انهاقد وصلت من خلال ماطرحناه في بحوثنا واقسامنا الفكرية الاجتماعية والفلسفية هذه والتي نزعم انها بحوث لم تطرح من قبل من تحت يراع اي قلم عراقي تناول الوردي بالتقديس او النقد فيما مضى !!.

ولعلنا في ختام رحلتنا الفكرية هذه بحاجة للتذكير((ايضا )) بخطورة البقاء على المنتج الفكري للمرحوم علي الوردي واعتباره اللبنة الصالحة للبناء عليها علميا اجتماعيا للمجتمعية العراقية ، فقد اثبتنا ان مثل هذه الافكار ((الوردية)) لاتصلح ان تكون اساسا (هي بنفسها)للبناء عليها اولا ، بسبب فوضويتها وعدم التزامها باي منهج ، او اسس اجتماعية لعلم الاجتماع ، وثانيا : لان امثال هذه الافكار الايدلوجية الفوضوية هي مؤسسة(( لتفكيك المجتمع وتهشيم روابطه الاجتماعية وتفسيخ اواصره الفكرية والانسانية و ..)) ، وعليه انه لمشروع اجتماعي مدمر للمجتمع العراقي بصورة خاصة ان نقرأه من خلال هذه الافكار التدميرية او نعي تركيبته الاجتماعية وكيفية التعامل معها من خلال ماطرحه المرحوم علي الوردي باسم العلم الاجتماعي الحديث والعلم الاجتماعي الحديث يتبرا من تدمير المجتمع وتفكيكه وبذر الصراعات داخله براءة الذئب من دم ابن يعقوب !!.





alshakerr@yahoo.com



http://7araa.blogspot.com/



مدونتي فيها باقي بحوثنا حول الموضوع





الخميس، مارس 21، 2013

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الرابع والعشرون

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الرابع والعشرون


حميد الشاكر



(( ركاكة التحليل في فكر علي الوردي ))





سادسا :

من طبائع المرحوم علي الوردي الفكرية الكتابية اللامنهجية هي انه عندما يريد ان يناقش اي فكرة فلسفية اومفردة علمية بصورة نقدية ولاسيما تلك التصورات والافكار، التي تنتمي لعالم الفلسفة ومشروعها الارسطي الاسلامي ، فانه لايذهب ليناقش (الادلة والبراهين) لتلك التصورات والافكار ، كما تطرحها تلك المدارس الفلسفية ومن ثم ليفند افكارها من القواعد وبصورة منهجية علمية !.

بل يكتفي (( وهذه هي عادة الوردي في معظم كتبه ومؤلفاته وطرحه .... الذي ناقش فيه بعض الافكار الفلسفية )) بان يتكئ على قشرية الفكرة وسطحيتها اولا ولينتقد من خلال هذه السطحية افكار ، وتصورات طرحت هنا وهناك تاريخيا في ساحة الفكر الفلسفي الارسطي الاسلامي على وجه الخصوص ثانيا !!.



مثلا : عندما يتناول (علي الوردي) موضوع المنطق الفلسفي الارسطي الاسلامي الاول وهو (( الاستنباط )) في كتابه (( منطق ابن خلدون / القسم الاول )) فانه لايذهب ليشرح لقرائه من البداية وقبل النقد :

اولا : ماهية هذا المنطق بدقة وعمق .

ثانيا : ادلة الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين العقلية ، التي ينطلقون منها لتبني (( المنطق الاستنباطي )) في اساليبهم الفكرية ، وكذا ادلتهم وبراهينهم العقلية على (( المنطق الاستقرائي التجريبي )) .

ثالثا: لماذية ترجيح هذا المنطق او جعله في المرتبة الاولى من اساليبهم الفكرية قبل (( المنطق الاستقرائي )) العلمي التجريبي القديم والحديث ؟.

رابعا : ومن ثم ليفند (علي الوردي) هذه الادلة العقلية على ارجحية (( المنطق الاستنباطي الارسطي )) ويحل محلها الادلة التي ترشح (( المنطق الاستقرائي )) العلمي الذي يراه المرحوم الوردي انه المنطق الوحيد المؤهل للاحترام وللانتاج الانساني العلمي المثمر لاغير !!......الخ .

لا ، لم يقم (علي الوردي) وتقريبا في معظم مؤلفاته واطروحاته بانتهاج المنهج العلمي في نقد الافكار ، والتصورات الفكرية الفلسفية الارسطية الاسلامية وكيفما كانت بانتهاج الاسلوب العلمي الممنهج ، بل انه يكتفي بطرح القشرة الخارجية عن الفكرة كأن يكتب حول ((المنطق الاستنباطي )) :

(( انه منطق يقوم على دعامتين : مادية وصورية/ انظر منطق ابن خلدون / دار كوفان 94 / الفصل الاول / خصائص المنطق القديم / ص 28 . )) ، ثم بعد هذه السطحية فقط ينهال الوردي على هذا المنطق بالنقد اللاذع ، باعتبار ان المنطق الاستنباطي((يهتم بالجانب الصوري على الجانب المادي )) فحسب !!.

وبعد ذالك يضرب الامثلة ، التي يسميها بالواقعية لدعم نقده للمنطق الاستنباطي الصوري لنجد انفسنا امام (( الماوردي )) وكتابه الاحكام السلطانية وهو يطرح عدة اراء في الخلافة الاسلامية ، واختلاف رؤى الفقهاء حول ذالك .



الان : ماهي قصة (الهيولي والصورة)عند ارسطو بصورة خاصة وعند المدرسة الفلسفية الارسطية الاسلامية بصورة عامة اولا ؟.

وماعلاقة هذه الفكرة ب (المنطق الاستنباطي) باعتبار انه اسلوب تفكير للوصول الى الحقائق ثانيا ؟.

ومن قال او صرح او اعلن من الفلاسفة انه يهتم بالجانب الصوري على الجانب المادي في هذا المنطق الارسطي الاسلامي ، كي يتهم الوردي الفلسفة الارسطية بانها صورية فحسب ثالثا ؟.

ولماذا تؤمن الفلسفة (( الارسطية الاسلامية )) بثنائية المادة ، والصورة للتكوين العالمي رابعا ؟.

وعلى اي اساس امنت الفلسفة الارسطية الاسلامية بان التغيير والتطور والتكامل والديالكتيك ... يختص بالصورة ولا ينزل لعمق المادة في العالم خامسا ؟.

وماعلاقة هذه الرؤية بايمان الفلسفة الارسطية الاسلامية بقدم العالم سادسا ؟.

و ..... الخ .

كل هذه المحاور لم يفكر بمناقشتها (اصلا ) المرحوم علي الوردي ، مع انها من ضمن صلب فكرة (( المادة والصورة )) للمنطق الاستنباطي ، وليشرح بعد ذالك لقرائه بصورة علمية ، ومنهجية ماهية هذا المنطق الاستنباطي على حقيقته بل اكتفى بان ينسب ما طرحه (الماوردي) في احكامه السلطانية على انه من الامثلة والادلة والبراهين الواضحة والواقعيةعلى صورية المنطق الاستنباطي الارسطي الاسلامي !!.



ماعلاقة ((الماوردي)) وما يكتبه في احكامه السلطانية بالمنطق الاستنباطي وادلة الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين على هذا المنهج الفكري في الاستنتاج ؟.



شخصيا لااعلم العلاقة ولكن حسب ما يعتقده المرحوم علي الوردي ان الماوردي واشكاله كانواهم منتج فكري من منتجات المنطق الصوري الارسطي ولذالك حاكم المرحوم علي الوردي المنطق الاستنباطي الارسطي الاسلامي من خلال ما طرحه فقهاء السلطان في فتاويهم وارائهم الفقهية كما حاكم نفس هذا المنطق من خلال النحو ومدارسه نقديا في كتابه (اسطورة الادب الرفيع/ المقالة العشرون) باعتبار ان هذا النحو العربي ومدارسه واشكالاته واقيسته .... ماهي الا انعكاس للمنطق الصوري الارسطي لاغير ، ولهذا هو نحو جامد وفاشل وغير متطور !!.

طبعا ربما يستخدم علي الوردي شماعة (( الفقهاء ورجال الدين ومصطلح القديم ..... )) في حربه ضد اي فكرة او فلسفة يحاول النيل من جمال صورتها الفكرية باعتبار ان الوردي يدرك ما كان في زمنه من ردود افعال عصابية انفعالية على ظواهر الفقهاء ورجال الدين وفكرهم ولهذا هو يقحم الفلسفة الارسطية الاسلامية ومنطقها الاستنباطي في هذا الاطار ليحرك المشاعر العامية الجماهيرية الساذجة وليس العقلية والفكرية الواعية لينتصر في حروبه العبثية الفكرية ضد الفلسفة والعقل والوعي الحقيقي !!.



لكن مع ذالك يبقى سؤال: لماذا لم يتناول المرحوم علي الوردي ، وهو بصدد نقد (( المنطق الاستنباطي)) افكار واطروحات وادلة وبراهين ومحاور الفلاسفة الذين اسسوا لهذا المنطق الاستنباطي الذي لم يزل حتى اليوم يتمتع بهذه القدرة والقوة من الثبات والاستمرارية والعطاء الفكري المنتج ؟.

بمعنى اخرلماذا لم يطرح علي الوردي وهو بصدد نقد المنطق الاستنباطي (مثلا) ماهية العلاقة بين المنطق الاستنباطي الذي ينزل من الكليات العليا الى الجزئيات السفلى في استنتاجاته واحكامه ، وبين بدهية ( عدم اجتماع النقيضين ) ليشرح لقرائه على الاقل اهم دليل من ادلة الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين على صلاحية المنطق الاستنباطي وانه هوالمنطق الاساس الذي (( يقود )) المنطق الاستقرائي التجريبي الذي يسير في بحثه الفكري العلمي من الجزئي الى الكلي دائما وليس العكس ؟!!.

شخصيا اعتقد :ان المرحوم الوردي رجل طارئ على الفكر الفلسفي من الاساس ، وليس له القدرة وهو غير مؤهل تماما لتناول الفلسفة ومحاور فكرها الفلسفي وادلتها العقلية العميقة ، والمعقدة بالبحث والنقد والاحاطة والانتاج ، ولهذا فعلي الوردي بالنسبة لاهل الاختصاص والادراك الفلسفي مجرد رجل متطفل على الفكر الفلسفي ولم يكن مؤهلا فكريا وعقليا لادراك ابعاد ادلة الفلاسفة الارسطيين ومن ثم الاسلاميين اللذين نظرّوا للمنطق الاستنباطي ولهذا هو يطرح الافكار الفلسفية بسطحية وينتقد مضامينها بلا منهجية علمية تلاحق الادلة والبراهين من القواعد ويكتفي بالاسقاطات الاجتماعية الفجة التي ليس للمنطق الاستنباطي علاقة بها لا من قريب او من بعيد !!.



نعم هناك الاكثر من ذالك سلبية ، ولاعلمية منهجية في متناولات الوردي الفكرية للفلسفة ، ومنطقها الارسطي الاسلامي لا يتسع بحثنا هنا لها لانها بحاجة لبحوث فلسفية اجتماعية موسعة من قبيل (مثلا) خلط المرحوم علي الوردي المزمن بين ماهواجتماعي اعتباري فكري درسه الفلاسفة الارسطيون الاسلاميون في بحوثهم المنطقية الفكرية على اساس ان هذه الافكارالتي تكون مصادرها اجتماعية والتي تسمى بالافكار ، والتصورات (( الاعتبارية )) هي مختلفة الخصائص عن الافكار والتصورات ((الحقيقية)) التي تكون مصادرها العالم وقوانين الفكر البدهية والتي تبنى عليها الفلسفة ومنطقها الفكري وتتميزبخصائص البداهة والضرورة والثبات وعدم التغير والتطور مع الزمن وتكاملات المجتمع !!.

((انظر للتوسع في هذه الفكرة حول اختلاف خصائص الافكار الاعتبارية والاخرى الافكار الحقيقية كتاب /أسس الفلسفة والمذهب الواقعي للعلامة الطباطبائي/تعليق الاستاذ الشهيد مطهري / ج 2 / المقالة السادسة / ص 175/ دار التعارف /)) .



ولكن وباعتباران المرحوم الوردي لاهو من الفلاسفة حتى يدرك ماهية افكارهم وتصوراتهم ومواضيعهم العلمية وكيف يبحثونها ؟، وماهي ادلتهم العقلية و ...، ولا هو من علماء الاجتماع ((كما بيناه بالادلة في بحوثنا السابقة )) ليفهم ماهي الافكار الاعتبارية الاجتماعية ولماذا هي متطورة ومتغيرة ومتكاملة ، واختلافها عن الافكار الفلسفية والمنطقية الثابتة ،فذهب من جراء ذالك ليخبط خبط عشواء في نقوداته التي هي اشبه بالنكات المضحكة بالنسبةللافكار والتصورات الفلسفية المنطقية ليحاكم اخيرا طروحات (( الماوردي / واعظ سلطاني )) الاجتماعية في الخلافة والحكم والدولة ، وباقي الاعتباريات الفكرية الاجتماعية على اساس انها من صميم الادلة والبراهين التي تدلل على صورية وفشل المنطق الاستنباطي !!.



ان اشكاليات علي الوردي ( مع الاسف ) لم تقف عند حدود (خلط) المرحوم علي الوردي بين ماهو فلسفي وماهو اجتماعي فحسب ، كما انها لم تقف عند قصوره المعرفي الواضح بالفلسفة وعجزه العقلي عن ادراك ماهيةادلة المنطق الارسطي الاستنباطي ليتمكن من مناقشتها وبحثها ونقدها في نهاية المطاف كذالك !!.



بل هناك ما هو الاكثر سوءا في هذا المضمار وهو(عدم القدرة العقلية) للمرحوم الوردي حتى على تحليل وادراك الظاهرة الفردية او الاجتماعية التي يتكئ عليها هو كدليل علمي يدحر من خلاله كما يعتقد مهازل الفلسفة وافكارها !!.

وهذا ما لاحظناه بوضوح ، عندما قرأنا نقد الوردي لرائعة ابن طفيل (( حي ابن بقظان )) في كتابه (( مهزلة العقل البشري )) واستدلاله بحادثة حدثت لطفل من الهند مفادها :

(( عثر احد الرعاة عام 1972 م ، على طفل بشري في عرين للذئاب بالقرب من مدينة الله اباد في الهند ، وكان الطفل يبلغ من العمر عشر سنوات تقريبا ، وقد توصل الباحثون الى حقائق مدهشة في شان هذاالطفل اذ وجدوا انه يسلك سلوك الذئاب فهو ينبح مثلهم ويأكل الحشيش ويمشي على اربع .... وقد رويت قصص اخرى مشابهة لهذه القصة وكلها تشير الى خطأ ابن طفيل ....!!.

ان اي انسان لاينموعقله الا في حدود القالب الذي يصنعه المجتمع له ومن الظلم ان نطالب انساناعاش بين البدائيين مثلاان ينتج لنا فلسفةمعقدة كفلسفة برجسون .../ انظر علي الوردي / مهزلة العقل البشري / الفصل الثامن / ص 132 / )).



والحقيقة انا امام مثل هكذا طروحات للمرحوم الوردي ينتابني العجب مما يطرحه هذا الرجل باسم العلم الحديث، والنظريات الاجتماعية والفكر .... الخ لينتقد كما يعتقده هو وليفند من ثم نظريات الفلسفة الارسطية الاسلامية ، التي من ضمنها حلقة فيلسوف المغرب ابن طفيل !!.

وعجبي لايقتصرمن اسلوب هذا الرجل اللاعلمي في تناوله ، ونقده لبعض الافكار الفلسفية ، او استغرابي لايقف عند حد قبول الفكر ، والثقافة العراقية انذاك لمثل هذه المهازل واعتبارها من ضمن الفكر العراقي التجديدي والاصلاحي الذي انتقد الفكر الفلسفي الارسطي في خمسينيات القرن العشرين العراقي المنصرم !!.



وانما يتعاظم ذهولي من عقم فكر هذا الرجل ، وعدم قدرته التحليلية الدقيقة حتى للافكار التي يطرحها هو بنفسه ، ومثال على ذالك هذا المثال ، الذي اتكئ عليه المرحوم الوردي ليكون له دليلا على دحر نظرية (ابن طفيل ) في حي ابن يقظان عندما ذكر حادثة طفل الهند هذا !!.

والواقع انه بغض النظر عن :

اولا:هو ان قصة ابن طفيل (حي ابن بقظان) لم تكن تتحدث عن (واقعية انسان) يعيش في غابة لينتج فلسفة كما ذكرناه في القسم الثالث والعشرين مفصلا وانما كان (ابن طفيل) حاكيا لقصة عقل داخل انسان ، ولهذا ومنذ البداية لم يكن علي الوردي (ليدرك) هذا المفصل في القصة فذهب يتخبط في نقد (حي ابن يقظان ) على اساس انه حكاية واقعية كانت الفلسفة تؤمن بمحتواها الواقعي !!.



ثانيا : كما اشرنا انفا فبدلا من ان يناقش (علي الوردي) الادلة العقلية والبراهين المنطقية للمدرسة الارسطية الاسلامية الذي ينتمي لها ابن طفيل في فكره والتي تعتقد ان المعرفة الانسانية متكونة اساسا من موردين همامورد((الحس والتجربة من جهة والعقل من جانب اخر)) ذهب ليقص قصة عن طفل من الهند كان يعيش في غابه ليستدل اخيرابهكذا قصص على وهمية الفكرالفلسفي الارسطي الاسلامي وحاله في ذالك حال قصة (الماوردي) في احكامه السلطانية والتي اشرنا لها في بداية بحثنا هذا وكيف ان هذه القصة هي ايضا كانت دليل المرحوم الوردي لنقد المنطق الصوري الارسطي !!.



ثالثا : ان نفس حادثة طفل الهند هذا ، والتي يستدل بها علي الوردي على نقض قصة (حي ابن يقظان ) لو سلمنا جدلا ان ابن طفيل عندما كتب قصة خيالية كان قاصدا الايمان بمحتواها وان الانسان اذا عاش في غابة يمكنه ان يمارس التفكير حتى الوصول للحقائق الفلسفية !!.

اقول لو فرضنا ذالك فان حادثة ابن الهند هذا ايضا هي تدعم رؤية ابن طفيل ولا تتعارض معها مطلقا ، فابن طفيل تحدث في قصته عن طفل كان يعيش في غابة وحده ، وترضعه ظبية حتى كبر ليحاكي الحيوانات في كل شيئ ومن ضمن ذالك تقليد حي ابن يقظان للحيوانات باصواتها وفي مشيها وفي اساليب عيشها ...... وهذا هو نفس ماطرحه ((الوردي)) عن الطفل الهندي الذي عاش في مجتمع من الذئاب ليقلدها في كل شيئ و((يحاكي )) انماط واساليب عيشها ، لكن الفرق بين ابن طفيل وفكره الفلسفي ، وبين الوردي واسقاطاته اللاعلمية هو ان ابن طفيل سار مع الانسان وعقله ، حتى بلوغه الثلاثين ، ليتكامل اكثر فاكثر عقله وذهنه بينما كانت محطة علي الوردي ، وذهنه التحليلي متوقفا عند الحادثة الانية لينقل قصة طفل بالعاشرة فحسب ، ليستنتج منها حكما ((عاما وكليا)) وهو استحالة ان يستطيع الانسان صناعة التفكير بدون اطاره الاجتماعي !!.

والحقيقة ان الفلسفةالارسطية الاسلاميةوابن طفيل بالخصوص من اشد المؤمنين بان الاطار الاجتماعي هو الاطار الذي يهب للانسان صناعة تفكير اجتماعي ايضا ، ولكن كعادته علي الوردي عندما يكتب عن الافكار بقشرية لينسب لعمالقة الفكر الفلسفي الانساني انهم من القائلين بقدرةالانسان على صناعة التفكيربدون الاطار الاجتماعي ،ولا اعلم من اين جاء علي الوردي بهذه الفكرة ليلصقها الى الفلسفة وماهو دليله على ذالك !!.



نعم بغض النظرعن ما تقدم كله دعناقارئي العزيزنحلل مثل المرحوم علي الوردي نفسه ، وطفله الهندي الضائع لنرى : هل ان الطفل عندما عاش في مجتمع ذئاب وقلد ، وحاكى اسلوبها في الحياة ، هو دلل على ان الانسان يمكن ان يفكر بعيدا عن الاطار الاجتماعي ؟.

ام ان الانسان يفقد اي قدرة فكرية تصنع من الانسان وذهنه البشري شيئا مختلفا عن عالم الحيوان والبيئة التي يعيش فيها ؟.



هنا لابد ان نبدأ بهذا السؤال لنطلع على فضيحة (علي الوردي) التحليلية وكيفية ان هذا الرجل (معاق فكريا) لتحليل مثل هذه الظواهر الانسانية العقلية وهو غير مهيئ حتى لادراك ابعاد مثل هذه الظواهر الانسانية !!.

والسؤال وهو: اذا جئنا بذئب صغير ووضعناه داخل اطار اجتماعي اسري انساني لكل حياته فهل يتمكن هذا الذئب الصغير ليصبح انسانا في يوم من الايام او على الاقل يحاكي الانسان في نطقه وسلوكه ومسيره وزيه ومأكله ومشربه ... ؟.

ام ان هذا الحيوان المتوحش سيبقى حيوانامفترسا غير قابل (للمحاكاة) الانسانية باي شكل من الاشكال ؟.

طبعا الجواب : ان هذا الحيوان المتوحش ، لو بقي مئة سنة لايمكنه ان يحاكي الانسان في انسانيته ، والسبب بسيط وهو ان هذا الحيوان لايمتلك عقلا او نواة عقل انساني تؤهله لتطوير حياته وتكاملها ونقلها من طور الى طور اخر مختلف عن نشاته وطبيعته الحيوانية !!.

نعيد السؤال ولكن بشكل معكوس لنقول: لو فرضنا طفلا انسانيا عاش في مجتمع حيواني لمدة عشر سنوات فقط ، فهل يتمكن هذا الانسان من محاكاة البيئة التي تحيط به بحيث يتمكن من تقليد الاطار الاجتماعي الذي يعيش داخل اطاره ليصبح ذئبا او وحشا مفترسا كباقي الحيوانات ؟.

الجواب : نعم يتمكن الانسان من ذالك ، كما ذكره علي الوردي في مثله للطفل الهندي بالتمام !!.

الان : ماهو الفرق بين الذئب الذي لم يتمكن من محاكات الانسانية عندما يعيش داخل اطارها الاجتماعي ، والانسان الذي يتمكن من محاكاة الحيوان عندما يعيش داخل الاطار الاجتماعي الحيواني ؟.

الفرق هو : (( ان الانسان يمتلك عنصر / العقل / الذي يؤهله لمحاكاة ما حوله من بيئة سواء كانت بيئة انسانية او بيئة غير انسانية ، اما الحيوان سواء كان ذئبا او اي شيئ اخر فلا يمتلك العنصر العقلي الذي يؤهله لهذه المحاكاة ، ولهذا فالحيوانات الداجنة التي عاشت مع الانسان لالاف السنين لم تزل هي حيوانات داجنة فحسب اما الانسان اذا وضعته منذ الطفولة في بيئة حيوانات فانه سيلتقط من خلال عقله ماحوله في البيئة ليقود بتقليدها وادراك ماتعنيه من حركة وحياة )) !.

اذاً : ذالك الطفل الهندي الذي استدل به علي الوردي على ان الانسان لايمكن له ان يصنع معرفة بعيدا عن اطار الاجتماع الانساني هو هو نفسه بالعكس من اكبر الادلةعلى ان الانسان يصنع معرفته من خلال عقله الذي يحمله بفطرته وطبيعته وليس العكس هو الصحيح وغاية ما في الامرهو ان للعقل الانساني قدرة صناعة المعرفة ، وتكيفه مع البيئة التي يعيش فيها لاغير ، وعندما نجد طفلا عاش بين الذئاب ليقلدها ويحاكيها في اسلوب عيشها ... فهذا دليل على ان للعقل الانساني القدرة على صناعة التفكير البدائي الذي يبدا ب((المحاكاة )) اولا وهذا ما شرحه بالضبط ابن طفيل في حي ابن يقظان بالتمام ، لينتقل كمرحلة ثانية في التركيب والتفكيك والتفكير ... ثانيا وثالثا ورابعا حسب تطور العقل الانساني وما يعطيه المحيط من الادوات المعرفية بالتحديد ؟.

نعم فيلسوف كبرجسون او رياضي كاينشتاين يخلقه المجتمع المتطور علميا هذا صحيح تماما ،فالمجتمع مساعد لحرق مراحل الانسان المعرفية ، ولكن نفس هذا المجتمع لايستطيع تطوير جرو صغير ليصبح انسانا في نهاية مطافه ، لان الجرو لايحمل في طبيعته نواة عقل قابل للتطور ، ومحاكاة المجتمع الانساني وهذه هي زبدة الحكاية !!.

فالانسان كما تراه الفلسفة الارسطية الاسلامية ، والذي مثل رؤيتها ابن طفيل في قصة حي ابن يقظان هو انسان بعقله وهذا العقل هو (المميز الانساني) لانسانية الانسان ، التي يكتسبها الانسان من خلال عقله وليس هي هبة من المجتمع الذي يعيش داخل اطاره ، ويبدو ان الشيئ الذي لم يستطع ادراكه علي الوردي في كل هذه المعمعة الفكرية بين الانسان وعقله هي مثل هذه الافكار التي تكرم الانسان من اجل عقله وليس من اجل حيوانيته !!.

ان امثال المرحوم علي الوردي يشكلون خطرا فكريا فعليا على كل مجتمع يحلون في ساحته ، وذالك طبعا ليس لشدة عبقريتهم الفكرية ولا لافكارهم غير التقليدية ، وانما لعمق ركاكتهم الذهنية والعقلية التي لاتميز بين الحيوان والانسان !!.



alshakerr@yahoo.com



http://7araa.blogspot.com/

مدونتي فيها باقي بحوثنا حول الموضوع