الخميس، يونيو 27، 2013

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الثالثة

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الثالثة / حميد الشاكر


تتكون ورقة الملك فيصل الاول رحمه الله ، والتي وضعها للخلّص من ثقات رجال دولته ، كبرنامج سياسي ينبغي القيام على انزاله للواقع وخريطة عمل سياسية لبناء الدولة العراقية الحديثة من عدة محاور ونقاط رئيسية وفرعية تتلخص بالاتي :

اولا : توطئة يذكر فيها ( الملك فيصل الاول ) اسباب ، ومبررات وضع هذه الورقة ولماذا وجد من الضروري ان يطرح افكاره وتصوراته بشكل مدون وتقديمها للثقات من رجال دولته .

ثانيا : انطلاق الملك فيصل الاول واتكاءه في هذه الورقة وحتى قبل ان يذكر مشاكل العراق الحديث على رؤية اجتماعية (( سيسولوجية )) ، تشرح بدقة ومعلوماتية ماهيةهذا الاجتماع الانساني العراقي الجديدوكيفية ادراكه وماهية التعامل معه في بناء دولة عراقية حديثة من جهة ، ومجتمع موحد ومتماسك من جانب اخر !.

ثالثا : ذِكرٌ لامراض الاجتماع والامة العراقية ، والافات التي فيها ، ومن ثم ما تشكله هذه الامراض ، والافات الاجتماعية من عوائق لبناء دولة حديثة ومجتمع قوي ومتماسك !.

رابعا : شروع الملك فيصل في طرح نقاط مختصرة لحصر رؤيته السياسية لمعالجة هذه الامراض ، والافات الاجتماعية اولا ، وهذا ما اخذ اثنا عشرة نقطة ، ثم بعد ذالك تفصيل الملك فيصل لهذه النقاط الاثني عشرة نقطة باحد عشرمحوراوقد ضمت هذه المعالجةالمستفيضة للملك فيصل الشأن العسكري والامني (اولا) في الدولة العراقية وارساء مبدأ (( العدل في الحكومة )) لكل المكونات العراقية ،ومعالجة الاقطاع واراضي الدولة ، والتاكيد على ايصال الخدمات التعليمية للدولة لكل انحاء العراق ....... وهكذا الى اخر نقطة حيث شرح فيها الملك فيصل الاول رؤيته الاقتصادية المنبنية على فلسفة العرض والطلب في السوق العراقية المحلية والخارجية وميل المرحوم فيصل الاول لنقل السوق والمنتج العراقي من حيزه الزراعي الى الحيز الصناعي !!.



هذه في الواقع المحاورالرئيسية التي تطرقت لها ورقة الملك فيصل في انشاء الدولة العراقية الحديثة بشكل مضغوط ومختصر !!.

والحقيقة كنت اميل الى قراءةهذه الورقة واستنباط معانيها الفكرية والسياسية والاجتماعية ، وما تضمنته من بُعد نظر وتاسيس لدولة وكيان عراقي حديث من خلال استعراض النقاط الاحد عشرة الاخيرة من الورقة فقرة فقرة ولكن وجدت ان هذا الاسلوب في الطرح ، لربما استنفذ الكثير من الوقت والتطويل الممل لقارئنا المحترم وعلى هذا جنحنا الى ان (( نقسم )) هذه الورقة حسب موضوعاتهاالتي تناولتهابشكل عام في جوانبها ومحاورها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لنستعرض ((افاق )) الافكار ، التي تضمنتها هذه الورقة بصورة عامة ، حول رؤية الملك فيصل الاول رحمه الله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. في بناء الدولة العراقية ، ومن ثم لنبدأ بالسؤال بعد ذالك ب: لماذا وجد نفسه الملك فيصل مدفوعا ، لكتابة افكاره السياسية مدونة بدلا من اكتفاءه باصدار الاوامر والمراسيم القانونية في ادارة دولته العراقية الفتية اولا ؟.

او نسأل :ماهي الفكرة او الفلسفة التي كان يؤمن بها ملك العراق الاول انذاك عندما اراد انشاء دولة عراقية عصرية وحديثة ؟.

وهل هي فكرة الاستفراد بالسلطة والادارة والتفكير ؟.

ام انها فلسفة المشاركة وارساء قواعد المؤسسية بهذه الدولة ؟.

وهكذا نكون قد بدأنامن حيث ارادت واوحت وهدفت الورقةالفيصلية بمعانيها الاصيلة التي حاولت بناء دولة ومجتمع عراقي حديث !!.

لكن من جانب آخرراينا ان من حق قارئناعلينا ايضا ان يطلع على كل مفردة وحرف في هذه الورقة ، حتى وان كانت من الشهرة بحيث يستطيع اي قارئ او باحث العثور عليها بسهولة ، ليدرك ابعادها النصية اولا ، وبكامل هيئتها وثانيا ليكون مواكبا لنا بما نطرحه من ايحاءات هذه الورقة السياسية المهمة التي نريد ان نتناولها من خلال محاورها الرئيسية من جهة وما تمثله من نقل صادق لفكر الملك فيصل وجهده وتصوراته في بناء الدولة العراقية الحديثة من جانب اخر !!.

ومن هنا يتوجب علينا ان نضع بين يدي قارئنا المحترم هذه الورقة الفيصلية اليتيمة من تراث فكر ورؤى وسياسة المغفور له فيصل الاول قبل ان نشرع في تناولها فكريا ، وما توحيه سياسيا وما اسست له اجتماعيا واقتصاديا منذ بداية العهد الملكي حتى زواله والانقلاب عليه في نهاية الخمسينات من القرن العشرين المنصرم ، ثم نتناول ابعادها واهدافها ومحاورها السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية ...... وكيفية قراءة هذه المحاور ؟ وماهية اختلاف رؤيتنا عن الرؤى الاخرى التي لم تقرأ ولم تستوحي ولم .... من هذه الورقة الا كل ماهوغير ايجابي ونقدي وتدميري للمجتمعية العراقية من جهة وللعهد الملكي ورؤية هذا العهدالسياسية من جانب اخرفضاع علينا الكثيرمن دروس تاريخنا العراقي الحديث حتى اصبحنا نعيد اخطائنا كلما مر علينا الزمان بلا ادنى انتباه لعبر التاريخ ونصائحه وسننه وصرخاته الحديثة ؟ ..... الخ .

وطبعا الورقة منقولةعن علاّمة العراق التاريخي السيد عبد الرزاق الحسني من كتابه (( تاريخ العراق السياسي الحديث )) ومفاد هذه الورقة هو الاتي :

مقدمة الكتاب

بقلم حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل الاول خلد الله ملكه

بسم الله الرحمن الرحيم







كنت منذ زمن طويل احس بوجود افكار وآراء حول كيفية ادارة شؤون الدولة ، عند بعض وزرائي ، ورجال ثقتي ، غير افكاري ، وآرائي . وكثيراً مافكرت في الاسباب الباعثة لذلك . وفي الاخير ظهر لي بان ذلك كان ولم يزل ناشئاً عن وقوفهم تماما على افكاري ، وتصوراتي ونظري في شؤون البلاد ، وفي كيفية تشكيلهــــــا ، وتكوينها ، والسير بها، نظراً الى ما اراه من العوامل والمؤتمرات المحيطة بها والمواد الانشائية المتيسرة ، وعوامل التخريب والهدم التي فيها كل الجهل ، واختــــــــــلاف العناصـر ، والاديان والمذاهب والميــول والبيئات .. لذلك رايت من الضــــــــروري ان افضي بافكاري ، واشرح خطتي في مكافحة تلك الامراض ، وتكوين المملكـــــــة على اساس ثابت، واطلع عليها اخصائي ، ممن اشتركوا واياي في العمل ، وانـــــــي الخص خطتــي مختصــراً ، بجملــة تحت هذا ، وبعد ذلك اتقدم الى تفصيل نظرياتي ومشـا هـــــداتـــــــي :



1- ان البلاد العراقية من جملة البلدان التي ينقصها اهم عنصر من عناصر الحيـــــاة الاجتماعية ذلك هو الوحدة الفكرية والملية والدينية ، فهي والحالة هذه مبعثـــــرة القوى ، منقسمة على بعضها ، يحتاج ساستها ان يكونوا حكماء مدبرين ، وفي عين الوقت اقوياء مادة ومعنى ، غير مجلوبين لحسيات اواغراض شخصية ، او طائفية ، اومتطرفة ، يداومون على سياسة العدل والموازنة ، والقوة معاً،عـــــــــلى جانب كبير من الاحترام لتقاليد الاهالي ، لاينقادون الى تأثرات رجعية ، او الى افكار متطرفة تستوجب رد الفعــــــل :



2- في العراق أفكار ومنازع متباينة جداُ وتنقسم الى اقسام :

1- الشبان المتجددون بما فيهم رجال الحكومة

2- المتعصبـــــــون

3- الســــــــــــــــنة

4- الشــــــــــــــيعة

5- الاكــــــــــــراد

6- الاقليات غير المسلمـة

7- العشــــــــــــائر

8- الشيـــــــــــــوخ

9- السواد الاعظم الجاهل المستعد لقبول كل فكرة سيئة بدون مناقشة او محاكمـة ان شبان العراق القائمين بالحكومة ، وعلى راسهم قسم عظيم من المسؤولين ، يقولون بوجوب عدم الالتفات الى افكار وآراء المتعصبين ، وارباب الافكار القديمة ، لانهم جبلوا على تفكير يرجع عهده الى عصور خلت ، يقولون بوجوب سوق البلاد الى الامام ، بدون التفات الى أي رأي كان ، والوصول بالامة الى مستواها اللائق ، وبالاعراض عن القيل والقال ، طالما القانون ، و النظام والقوة بيد الحكومة ترغم الجميع على اتباع ماتمليه عليهم.

ان عدم المبالاة بالراي بتاتاً ، مهما كان حقيراً ، خطيئته لا تغتفر ، ولوان بيد الحكومةالقوة الظاهرة ، التي تمكنها من تسيير الشعب رغم ارادته ، لكنت واياهم ، وعليه فاننا لحين ما نحصل على هذه القوة ، علينا ان نسير بطريقة تجعل الامة

مرتاحة ، نوعا ما ، بعدم مخالفة تقاليدها كي تعطف على حكومتها في النوائب ان المثل الصغير الذي ضربه لنا ( الاضــراب العام ) يكفينا لتقدير حسياتها ، ووضعها موضوع الاعتبار ، وكذلك يكفينا لتقدير مبلغ قوانا لاخماد هياج مسلح ، ماقاسيناه ابان ثورة الشيخ محمود والنقص العددي البارز الذي ظهر في قواتنا العسكرية آنئذ ، كل ذلك يضطرني ان اقول بان الحكومة اضعف من الشعب بكثير . ولو كانت البلاد خالية من السلاح لهان الامر ، لكنه يوجد في المملكة ما يزيد على المائة الف بندقية يقابلها خمسة عشر الف بندقية حكومية ، ولايوجد في بلد من بلاد الله حالة حكومية وشعب كهذه .هذا النقص جعلني اتبصــر ، وادقـق ، وادعو انظار رجال الدولة ومديري دفة البلاد للتعقل وعدم المغامرة . المحت فيما تقدم الى افكاري الخاصة ، وافكار رجال الحكومة ، والشبان ، وحالة الشعب ، كل ذلك توطئة لما سأقوله فيما يلي . وتصوير البلاد كما اراها في الوقت الراهن ، وكما اشخص امراضها ، وبعد ذلك ابين ايضاً ما اراه ضــرورياً لمعالجتهــا .العراق مملكة تحكمها حكومة عربية سنية مؤسسة على انقاض الحكم العثماني ، وهذه الحكومة تحكم قسماً كردياً اكثريته جاهلة ، بينه اشخاص ذوو مطامع شخصية يسرقونه للتخلي عنها بدعوى انها ليست من عنصرهم . واكثرية شيعية جاهلة منتسبة عنصرياً الى نفس الحكومة ، الا ان الاضطهادات التي كانت تلحقهم من جراء الحكم التركي الذي لم يمكنهم من الاشتراك في الحكم، وعدم التمرن عليه ، والذي فتح خندقاً عميقاً بين الشعب العربي المنقسم الى هذين المذهبين ، كل ذلك جعل مع الاسف هذه الاكثرية ، او الاشخاص الذين لهم مطامع خاصة ، الدينيون منهم وطلاب الوظائف بدون استحقاق ، والذين لم يستفيدوا مادياً من الحكم الجديد يظهرون بأنهم لم يزالوا مضطهدين لكونهم شيعــة ، ويشوقون هذه الاكثرية للتخلي عن الحكم الذي يقولون بانه سيء بحت ، ولاننكر ما لهؤلاء من التأثير على الراي البسيط الجاهل . اخذت بنظري هذه الكتل العظيمة من السكان ، بقطع النظر عن الاقليات الاخرى المسيحية ، التي يجب ان لا نهملها ، نظراً للسياسة الدولية التي لم تزل تشجعها للمطالبات بحقوق غير هذه وتلك ، وهناك كتل كبيرة غيرها من العشائر : كردية ، وشيعية، وسنية ، لايريدون الا التخلي من كل شكل حكومي ، بالنظر لمنافعهم ، ومطامح شيوخهم / التي تتدافع بوجود الحكومة .

تجاه هذه الكتل البشرية ، المختلفة المطامع والمشارب ، المملوءة بالدسائس ، حكومة مشكلة من شبان مندفعين ، اكثرهم متهمون بانهم سنيون اوغير متدنييين ، اوانهم عرب ، فهم مع ذلك يرغبون في التقدم ،ويريدون ان يعترفوا بما يتهمون به ، ولايوجد بتلك الفوارق ، وتلك المطامع بين الكتل التي يقودونها . يعتقدون بانهم اقوى من هذا المجموع والدسائس التي تحرك هذا المجموع ، غير مبالين ايضاً بنظر السخرية التي يلقيها عليهم جيرانهم الذين على علم بمبلغ قواهم .

اخشى ان اتهم بالمبالغة ، ولكنه من واجبي ان لا ادع شيئاًً يخامرني ، خاصة لعلمي بأنه سوف لايقرأ هذا الا نفر قليل ،، ممن يعلمون وجانبهمومسؤولساتهم . ولا ارغب ان ابرر موقف الاكثرية الجاهلة من الشيعة ، وانقل ما سمعته الوف المرات ، وسمعه غيري من الذين يلقون في اذهان اولئك المساكين البسطاء من الاقوال التي تهيجهم وتثير ضغائنهم ، ان الضرائب على الشيعي ، والموت على الشيعي والمناصب للسني ماالذي هو للشيعي ؟ حتى ايامه الدينية لا اعتبار لها، ويضربون الامثلة على ذلك مما لا لزوم لذكرها .اقول هذا على سبيل المثال ، وذلك للاختلافات الكبرى بين الطوائف التي يثيرها المفسدون . وهناك حسيات مشتركة بين افراد الطوائف الاسلامية ، ينقمون بمجموعهم على من لا يحترمها، وهناك غير هذا دسائس اشورية ، كلدانية ، ويزيدية ، والتعصب للتفرقة بين هؤلاء الجهلاء توهن قوى الحكومة تجاه البسطاء ، كما ان العقول البدوية ، والنفوذ العشائري الذي للشيوخ ، وخوفهم من زواله بالنسبة لتوسع نفوذ الحكومة ، كل هذه الاختلافات وكل هذه المطامع والاحتراصات تشتبك في هذا الصعيد او تصطدم ، وتعكر صفو البلاد وسكونها ، فاذا لم تعالج هذه العوامل باجمعها وذلك بقوة مادية وحكيمة معاً ، ردحاً من الزمن ، حتى تزول هذه الفوارق وتتكون الوطنية الصادقة ، وتحل محل التعصب المذهبي والديني ، هذه الوطنية التي سوف لا تكون الابجهود متمادية ، وبسوق مستمر من جانب الحكومة ، بنزاهة كاملة ، فالموقف خطــــر وفي هذا الصدد وقلبي ملآن اسى ، انه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية ، خالية من أية فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد واباطيل دينية ، لا تجمع بينهم جامعة ، سماعون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائماً للانتقاص على اية حكومة كانت ، فنحن نرى ، والحالة هذه ، ان نشكل من هذه الكتل شعبــاً نهذبه ،وندربه ، ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف ، يجب ان يعلم عظيم الجهود التي يجب صرفها لاتمام هذا التكوين وهذا التشكيل . هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي ، وهذا نظري فيه ، وان خطتــي في تشكيله وتكوينه هي كما يلي :

في اعتقادي ان العمل وان كان شاقاً ومتعباً ، الا انه ليس مما يوجب اليأس والتخوف ، اذا عولج بحكمة وسداد رأي واخلاص . اذا قامت الحكومة بتحديد خطــة معينة ، سارت عليها بجد وحزم ، فان الصعوبات تجابه ، وبارقة الامل في الرسوخ السياسي تزداد نورا . والاحظ ان منهاجاً يقرب مما سأذكره ادناه يكون كافلاً لمعالجة المهمة والنجاح . واليك بالاختصـــار اولا ثم بالتفصيــــل :

1- تزييد قوة الجيش عدداً ، وبشكله الحاضر، بحيث يصبح قادراً على اخماد أي قيام مسلج ينشب في آن واحد على الاقل في منطقتين متباعدتين .

2- عقب اتمام تشكيل الجيش على هذه الصورة تعلن الخدمة الوطنية .

3- وضع التقاليد والشعائر الدينية بين طوائف المسلمين بميزان واحد , مهما امكن ، وااحترام الطوائف الاخرى .

4- الاسراع في تسوية مشكلة الاراضـــي .

5- توسيع المأذونية لمجالس الالوية والبلديات بقدر الامكان على نموذج القانون العثماني .

6- الاسراع في تشكيل مدرسة الموظفين .

7- الاعمال النافعة وحماية المنتوجات .

8- المعــــــــــــــــارف .

9- تفريق السلطة التشريعية والسلطة الاجرائية .

10- تثبيت ملاك الــدولــة .

11- وضع حد للانتقادات غير المعقولة ضد اجراءات الحكومة في الصحف والاحـــزاب .

12- العدل والنظام والطاعة عند الموظفين ، والعدل عند قيامهم بوظائفهــم .



1- بدأت بالجيش ، لاني اراه العمود الفقري لتكوين الامة ، ولاني اراه في الوقت الحاضر اضعف بكثير لعدده وعدته ، من ان يقوم بالمهمة الملقاة على عاتقه ، وهي حفظ الامن والاطمئنان الى امكانية كفاءته، نظراً الى ما تتطلبه المملكة ، ونظراً الى العوامل المختلفة الموجودة ، والتي تجب ان تجعلنا دائماً متيقظين لوقوع حوادث عصيان مسلح في كل وقــــت .

انني لااطلب من الجيش ان يقوم بحفظ الامن الخارجي في الوقت الحاضر الذي سوف نتطلبه بعد اعلان الخدمة العامة ، اما ما سأطلبه منه الان ، هو ان يكون مستعداً لاخماد ثورتين تقعان ( لاسمح الله ) في آن واحد ، في منطقتين بعيدتين عن بعضهما . انني غير مطمئن الى اننا بعد ستة اشهر ، وبعد ان تتخلى انكلترا عن مسؤوليتها في هذه البلاد ، نتمكن من الوقوف لوحدنا ، مادامت القوة الحامية هي غير كافية ، ولا يمكنني ان اوافق على تطبيق الخدمة العامة او القيام بأية اجراءات اخرى هامة ، او محركة ، او مهيجة ، مالم اكن واثقاً بأن الجيش يتمكن من حماية تنفيذ هذا القانون ، او أي اجراءات اخرى ، وعليه ارى من الضروري ابلاغه لحد يتمكن معه من اجابة رغبتي المار ذكرها وذلك بشكله الحاضر .

ارى من الجنون القيام بانشاءات واصلاحات عظمى في البلاد ، قبل ان نطمئن الى كفاية القوة الحامية لهذه الاعمال. امامنا حركات بارزة في الربيع القادم ، ومن الضروري ان ارى بيد نا قوة احتياطية لمجابهة أي طارىء اخر يحدث في المملكة .

2- علينا ان نطمئن معنويات اخواننا الشيعة بالكيفية الاتيــــة :

اعطاء التعليمات الى قاضي بغداد ، كما عمل ، ان يسعى لتوحيد ايام الصيام والا فطارؤ وهذا ممكن وشرعــي .

أ - تعمير العتبات المقدسة ، حتى يشعروا ان الحكومة غير مهملة لتلك المقامات ، التي هي مقدسة لدى الجميع ، والتي هي من الاثار التأريخية التي ب _ ةتزين البلاد ، فعلى الحكومة من كل الوجوه محافظتها من الخــراب .

ت - ان رجال الدين من الشيعة ليس لهم أي ارتباط مع الحكومة ، وهم في الوقت الحاضر اجانب عنها ، خاصة حيث يرون ان رجال الدين السنيون ، يتمتعون باموال هم محرومون منها والحسد ( خاصة في الطبقة الدينية ) معلوم ، فعلينا مادمنا غير قادرين على تقسيم الاوقاف فيما بينهم ، ان نفكر في ث - ايجاد اوقاف خاصة ، ومن رأي ان ذلك ممكن بالطريقة التي كنت تشبثت بها غير ان الظروف حالت بيني وبين تحقيقها .

3- ان احترام الشعائر العامة غير عسير ، خاصة في ايام رمضان . والحيلولة دون تفشي الموبقات ، واذا تمكنت الحكومة من سد بيوت الخناء لقامت باكبر عمل يربط العامة بها.

4- لم اتكلم عن الضرائب اذ ان قانون ضريبة الاستهلاك قطع قول كل مفسد ، وانه لاكبر عمل جرىء ولسوف نقتطف ثماره ان شاء الله .

5- ان مشكلة الاراضي وحلها سيربط الاهالي بالاراضي ، وهو ذو مساس كبير بالشيوخ ونفوذهم ، ولا لــزوم للاسهاب بمنافعه ، ويجب الاسراع بتطبيقه ، على قدر المستطاع ، كما انه يجب ان لا يحس الشيوخ والاغوات بان قصد الحكومة محوهم ، بل بقدر ما تسمح لنا الظروف يجب ان نطمئنهم على معيشتهم ورفاهيتهم .

6- يجب ان تكون قضية المدرسة مطمئنة لكل سكان العراق ، بانهم سيشتركون فعلاً في خدمات الدولة ، والاشتراك في خيرها وشرها مع اهل بغداد والموصل بصورة متساوية ونزول تهمة ( الحكومة السنية او العربية ) كما يقول اصحاب الاغراض من اكراد وشيعـــة .

7- اقول بتحفظ : انه اذا امكن اعطاء صلاحيات للالوية ، شبيهة بمجالس الولايات في العهد العثماني ، فسيكون ذلك من جملة اسباب تشويق سكان الالوية للاشتراك في الحكم .

8- لقد بحثنا كثيراحول تفريق السلطة التشريعية عن السلطة الاجرائية ويجب عمل ذلك بتعديل القانون الاساسي .

9- علينا ان لاندع مجالا للاحزاب ( المصطنعة ) والصحف والاشخاص ، ليقوموا بانتقادات غير معقولة ، وتشويه الحقائق ، وتضليل الشعب ، وعلينا ان نعطيهم مجالاً للنقد النزيه المعقول ، وضمن الادب ، ومن يقوم بأمر غير معقول يجب ان يعاقب بصرامــة .

10- على موظفي الدولة ان يكونوا الآت مطيعة ، ونافعة ، حيث هم واسطة الاجــــراءات ، ومن يحس منه انه يتداخل مع الاحزاب المعارضة ، ان يشوق ضد الدولة ، ينحى عن عمله ، وعليه ان يعلم انه موظف قبل كل شيء وخادم لاية حكومة كانت .

11- النافعــة ، اتيت بهذا الاسم الجديد ، ورجعت الى التعبير التركي ، حيث رايت انه ( اشمل ) للاعمال المختلفة من مرافق الامة .حسنا عملنا في السنة الماضية بنخصيص مبالغ للاعما ل الرئيسية ، ولاننكر ان ذلك القانون صدر بصورة مستعجلة ، على ان يكون قابلا للتحوير والتبديل في بعض مواده ، خاصة الابنية والطرقــــــات .

اقول بكل اسف ان الزراعة افلست في بلادنا ، بالنظر لبعد مملكتنا عن الاسواق ، لقد وضعنا الملايين لانشاءات الري ، ولكن ماذا نريد ان نعمل بالمحاصيل ؟ اننا في الوقت الحاضر عاجزون عن تصريف مابايدينا من منتوجات اراضينا ، فكيف بنا بعد اتمام هذه المشروعات العظيمة ؟ هل القصد تشكيل اهرامات من تلك المحاصيل الخام والتفرج عليها ؟ ماذا تكون فائدتنا منها اذا لم نتمكن من اخراجها الى الاسواق الاجنبية واستهلاكهاا في االداخل على الاقل ؟ ماالفائدة من صرف تلك الملايين قبل ان نهيء لها اسواقاً تستهلكها ونحن مضطرون الى جلب الكثير من حاجاتنا من الخارج . اعتقد انه من الضروري اعادة النظر من جديد في موقفنا الاقتصادي ، نرى جيراننا الاتراك والايرانيين ، باذلين اقصى جهودهم للاستغناء عن المنتوجات الاجنبية ، كم هي العقبات التي وضعوها لمنع دخول المنتوجات الاجنبية ، وكم هي العقبات التي وضعوها لمنع دخول الاموال الاجنبية بلادهم وكيف لايبالون بصرف الاموال الطائلة لانشاء المعامل لسد حاجتهم .

علينا ان نقلع عن السياسة الخاطئة التي اتتنا عن سبيل تقليد الامم المتشبثة ، وعلينا ان نعاون المتشبثين من ابناء الوطن بصورة عملية فعالة وعلينا ان نعطي الانحصارات لابناء البلاد الى مدد معينة للذين فيهم روح التشبث . واذا لم يظهر طالب او راغب لانشاء عمل صناعي ترى الحكومة انه مربح فعليها ان تقوم هي به ومن مالهالخاص او مع رؤوس اموال وطنية اذا امكن والا فاجنبية او كلاهما معاً .

على الحكومة ان تشكل دائرة خاصة لدرس جميع المشاريع الصناعية على اختلاف انواعها كبيرة كانت او صغيرة وتبدأ ببناء الاهم فالمهمترشد الاهلين الى كيفية التشبث بالاعمال الصغرى وتقوم هي بالاعمال الكبرى اذا تعذر القيام بها من قبل الاهالي . انه لمن المحزن والمضحك والمبكي معاً ان نقوم بتشييد ابنية ضخمة بمصاريف باهظة وطرق معبدة بملايين الروبيات ولا ننسى الاختلاسات وتصرف اموال هذه الامة المسكينة التي لم تشاهد معملا يصنع لها شيئاً من حاجاتها . واني احب ان ارى معملاً لنسيج القطن بدلا من دار حكومة واود ان ارى معملا للزجاج بدلا من قصر ملكي

بغداد / 15 / اذار / 1932م

فيصل












الأحد، يونيو 23، 2013

وداعا صديقي العزيز // في يوم استشهاده اعيد نشر مقالتي حول الشيخ حسن شحاتة الكناني المصري الذي اغتالته يد الغدر الوهابية التكفيرية اليوم وهو في منزله للاحتفال بولادة الامام المهدي ع ، وقد كان هذا المقال منشورا في 2009 عندما اعتقل في مصر بتهمة تهديد الامن القومي المصري !!.

هل حقا الشيخ حسن شحاتة تهديد للامن القومي المصري ؟

(صوت العراق) - 17-07-2009 | www.sotaliraq.com

حميد الشاكر

الشيخ حسن شحاتة ، عالم من علماء الازهر الشريف ، مفكر وخطيب وصاحب روح انسانية تملك الكثير من الدعابة المصرية ، وله من العمر 65 عاما !.
لسبب او آخر يتعلق بالعقل والتفكير الانساني وفطرة طلب الحقيقة والايمان بها اختار وبكامل ارادته ووعيه العلمائي ان ينتمي لمذهب اهل البيت عليهم السلام !.
ولسبب او آخر ايضا بدأ الشيخ حسن شحاتة بنقد تراثه التاريخي الذي درسه بالازهر الشريف ، ليعتبره فيما بعد انه الاسطورة التي سيطرت على عقله وعقول الاخرين وابعدتهم عن العقل والتفكير والايمان بمنهج ال البيت ع !.
سافر الى ايران والى السعودية والى بلدان عديدة ليعود مؤخرا الى وطنه مصر لتلاقيه مخابرات النظام المصري في بيته وتقتاده الى معتقل مجهول تحت تهمة ( تهديد الامن القومي المصري ) !.
نعم بتهمة تهديد الامن القومي المصري اعتقل الشيخ حسن شحاته كعنوان بارز الى ان التشيّع لاهل البيت هو تهديد للامن القومي في مصر السلفية اليوم !.
الغريب العجيب في هذا الامن القومي المصري انه يمتلك حَول في الرؤية غريب وعجيب ، فهو يرى التهديد بشكل يدعو للسؤال وللغرابة في الان معا لنقول :
هل حقا ان الشيخ المعتلّ الازهري حسن شحاتة هو التهديد الحقيقي للامن المصري القومي ؟.
أم ان شماعة تهديد الامن المصري القومي هي اصبحت الذريعة كقانون الطوارئ لقمع الانسان المصري منذ ثلاثين عاما حتى اليوم ؟.
ثم كيف يكون هذا الشيخ الودود حسن شحاته الذي يدعو هو ومريديه الى الحوار والنقاش والقاء حجة بحجة هو مهدد الامن القومي المصري ، بينما من يدعو للهجرة والتكفير وقتل الاخر المختلف مع السلفية الوهابية هو المحافظ على الامن القومي المصري وهو الذي ينبغي ان يكرّم في زمن القائد الكهل محمد حسني مبارك ؟.
بمعنى اخر مثل جريدة المصريون لم تترك كذبة ولافرية ولاخبر فيه اثارة للفتنة وكراهية الاخر الا وذكرتها اعلاميا وروّجت لها صحفيا واخرها الصاق تهمة تفجيرات الحسين بالشيعة في مصر علانية وحث السلطات المصرية وخداعها كذالك في البحث بالجهة الخاطئة عن منفذي الجريمة لابعاد الشبهة عن الجهات الحقيقية المتورطة بالارهاب في مصر ، وبعد كشف الداخلية في مصر ان منفذي الجريمة هم السلفيون التكفيريون المعروفون بالقتل واشاعة الارهاب ، فكيف مثل هذه الصحيفة والقائمين عليها الذين يخادعون ويستترون ليل نهار على الارهابيين التكفيريين القتلة يعاملون كحماة للامن القومي المصري وتوفر لهم الحرية والدعم من قبل حكومة مصر ، بينما يلقى القبض على الشيخ حسن شحاته ومجموعة من المصريين المسالمين والذي لم يذكر عنهم انهم دعوا للكراهية او قتل الاخر او الاعتداء على ماله او عرضه او نفسه ...الخ ، هؤلاء يتهمون بالخطرية على الامن القومي المصري بسبب انتمائهم الفكري والديني المسالم ؟.
أليس غريبة حسبة الامن القومي المصري هذه التي تذكرها السلطات المصرية كتهمة لقمع المصريين عن التفكير والتعبير والحرية والانتماء ، لتكون سيف مسلط على الناس الامنين والمسالمين والداعين الى الحوار والحب كالشيخ حسن شحاته واخوته من المحبين لله ورسوله واهل بيته ، بينما لايكون هذا الامن القومي المصري مهددا بنظر مخططي وزارة الداخلية والامن المصرية من قبل اعتى المجرمين والارهابيين من السلفية والتكفيرية التي تدعو بصراحة من خلال فضائياتها المالئة للفضاء باموال البترول السعودي لطرد شعب مصر خارج مصر من الاقباط وغيرهم والبالغ عددهم اكثر من عشرة ملايين نسمة مصرية ، فهل هؤلاء لايهددون الامن المصري القومي الداخلي والخارجي ، وشيخ عليل ازهري متصوف عالم ومحب للبشر كحسن شحاتة هو من يهدد الامن القومي المصري ؟.
ماهذا الامن القومي المصري الذي يهدده الشيخ شحاتة بينما يصرّخ شيخ الازهر ان لاوجود للشيعة في مصر ؟.
واذا كان التشيع لايشكل وجودا في مصر الحبيبة فلماذا هذا الرعب من شيخ اعزل لايملك الادماغه ولسانه في هذه الحياة ليلقى عليه القبض ويودع في المعتقل ويمنع عنه الدواء والعلاج والمقابلات تحت بند الحفاظ على الامن القومي المصري ؟.
ثم ماذا يعني في مصر اليوم القاء القبض على الابرياء من العلماء والاتقياء والداعين الى الحوار بالكلمة والحجة والبرهان باسم الامن القومي ، وترك دعاة التكفير والمتورطين بالارهاب والجريمة والكراهية طليقين واحرار ويفعلون مايشاؤون بلا حسيب ولارقيب ؟.
هل يعني هذا دعوة للمجتمع المصري لأن ينتهج الارهاب والعنف كي تخشاه الحكومة وتعامله باحترام وتطلق له حريته في الحركة والكلام والتبختر بتكفير المجتمع ؟.
أم انها دعوة صريحة لمن تبقى من المجتمع المصري ممن يؤمن بلغة الحوار الحضارية الانسانية ان يترك هذا النهج ويتجه الى البلطجة والارهاب كي تحترمه اجهزة الامن والشرطة والحكومة المصرية وتعامله على اساس انه من حماة الامن القومي المصري وليس من المهددين له ؟.
يبدو ان الجواب هو ومع الاسف : ان الحكومة المصرية اليوم لاتحترم مواطنيها المسالمين بقدر خشيتها من الارهابيين السلفيين المتمترسين خلف اموال البترول الخليجي الذي يدعم بقوة كل تصرفاتهم الارهابية المقلقة للعالم بصورة عامة ولمصر بصورة خاصة ، وإلا ليس من المعقول والمنطقي ان ترى الحكومة المصرية بالشيخ حسن شحاتة هذا الانسان الذي يدعو الى ايمانه بالكلمة والموعظة الحسنة والجدال على اساس انه من المهددين للامن القومي المصري وتعتقله وتعذبه في طوامير السجون المصرية البوليسية ، بينما ترى بالمروجين للارهاب والممارسين بالفعل له والداعين الى الكراهية بين الشعب المصري ، وكذا الناقلين للاخبار الصحفية المزورة .... تراهم على اساس انهم مواطنون صالحون ويستحقون العيش بحرية وامان واحترام !.
إن هذا السلوك للحكومة المصرية مع مواطنيها لايعد خرقا لدستورية وشرعية وجود النظام والحكم في مصر فحسب باعتبار ضرورة التزام الدولة بعهود المساواة بين مواطنيها في التعامل بغض النظر عن دينهم او مذهبهم او لونهم او قوميتهم ايضا ، كما انه لايعتبر اعتداء على حقوق الانسان الطبيعية التي تتجاوز اليوم حدود الدول والاوطان وحقه في اختيار عقيدته لاغير ، بل ان ممارسات هذا النظام المصري بغض النظر عن انها طائفية وكذا عنصرية ضد الاخر المختلف ، فهي كذالك سياسة تدعو لاثارة النسيج الاجتماعي الوطني المصري بعضه على البعض الاخر باسم الطائفية ، بل انه وبهذه الصورة يكون دعوة صريحة لانتهاج العنف والارهاب والجريمة لمواطنيها كي تحترم من وجودهم وتعترف بحمايتهم للامن القومي المصري الذي اصبح اضحوكة للعالمين في مصر الجديدة اليوم !.
نعم اعتقال الشيخ حسن شحاته ومجموعة من محبي اهل البيت عليهم السلام في مصر وعلى خلفية طائفية بغيضة من قبل اجهزة الحكم في مصر يعدّ وبالفعل كارثة حقيقية ستودي بفكر وعقل واستقرار الشعب المصري كله الى الهاوية ، ولايعتقدن النظام المصري ان اعتقال المواطنين المصريين لانتمائاتهم المذهبية هو عمل سيدفع روح الاطمئنان الى باقي الطوائف والاديان في مصر ، فالاقباط حتما سيقلقون من هذه التوجهات الطائفية لحكومة مصر والتي تظهر انها لاتتمكن من استيعاب مسلمين من دينها قد اختلفوا مذهبيا مع وجودها ، فكيف ستكون هذه الحكومة عادلة مع باقي الاديان المختلفة تماما في الايمان عنها وعن توجهاتها الاصولية !.
وكذا كل مختلف مع النظام القائم في مصر سوف يرى في اعتقال الشيعة المصريين على انه مؤشر انغلاق لدولة مصر كلها وتحولها الى بؤرة خاضعة لرغبات السلفية التكفيرية التي هي اليوم المناوئ الحقيقي للتشيع لاهل البيت في العالم الاسلامي كله ، وعليه فليس دقيقا ان في اعتقال شيعة مصر وعلى راسهم الشيخ الازهري الجليل حسن شحاتة هو حماية للامن القومي المصري ، بل ان اعتقال هؤلاء المواطنين المسالمين والداعين الى المحبة والخير والذين لاتحمل افكارهم الدينية اي دعوة للكراهية وعدم الاعتراف بالاخر ، او الذين هم بالفعل لم يمارسوا اي حالات عنف او يذكر في تاريخهم انهم ممن قام بحالات ارهاب اجرامية في مصر كباقي حركات التطرف والتكفير السلفية ... كل هذا يدلل على ان الحكومة المصرية في اعتقالها للشيخ حسن شحاتة واخوته على خلفيات طائفية أمر لاتحمد عقباه على استقرار وامن مصر الداخلي والخارجي ، بل انه الامر الذي يعطي انطباع للعالم كله ان هذا البلد وصل الى مرحلة لايمكن له الاستمرار فيها بعد ان تحوّل من بلد يحتضن جميع ابنائه وبكل تلاوينهم الدينية والقومية ، الى بلد يشبه كثيرا مومياء محنطة ماتت منذ الاف السنين ولم تعد تشعر باي شيئ يدور حولها في العالم الجديد !!.
اخيرا : الحرية لشعب مصر العزيز في فكره ومعتقده وما ينتمي اليه !.
الحرية للشيخ الازهري الصوفي الكريم حسن شحاتة واخوته الكرام !.
والامن والامان والازدهار لمصر الاخر والكلمة والحوار والحب !.
____________________________
al_shakerr@yahoo.com

الجمعة، يونيو 21، 2013

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الثانية

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الثانية . حميد الشاكر








كثيرة هي تلك المدونات وتلك الكتب التي كتبت حول حقبة وسياسة وادارة وحنكة وتاريخ وتربية ونشأة ... الخ ، الملك فيصل الاول وعلاقته القدرية بصناعة تاريخ العراق السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي ....... الحديث !!.

كما انه كثيرٌ اولئك اللذين حللواالعراق الملكي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا وادبيا وفنيا ..... وحتى نفسيا ، الى ان اصبح وكأن العراق الملكي ماثلا امام نواظر كل قارئ ومطلع وباحث ومؤرخ !!.

الا انه بقيت لدينا حتى اليوم (ورقة) واحدة فقط من تاريخ هذه الحقبة تحمل بصمات وجينات وانامل الملك (فيصل الاول) نفسه وهي تتحدث عن رؤية الملك الشخصية ، لحقبة تاريخ الامة العراقية ورؤيته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في بناء دولة هذا الشعب الحديثة !!.



والحقيقة ان (( ورقة الملك فيصل الاول )) هذه كشف النقاب عنها العلامة ومؤرخ تاريخ العراق السياسي الحديث السيد((عبد الرزاق الحسني/ رحمه الله )) في كتابه ((تاريخ الوزارات العراقية / ج 3 / ط الاولى)) المطبوع في سنة 1939م ، ثم اعاد نشر نسخة هذه الورقة الملكية السيد الحسني في مقدمة كتابه : (( تاريخ العراق السياسي الحديث / ج الاول / ص 16 / ط السابعة / بيروت 2008م)) والمنشورة طبعته الاولى في سنة 1945 م بعد خروجه من سجن العمارةالذي كان معتقلا فيه بسبب الحرب العالمية الثانية كما تحدث السيد نفسه عن اسباب اعتقاله في الكتاب المذكور !!.

اما الكيفية التي حصل عليها (الحسني) رحمه الله على هذه الورقة الفيصلية الاولى واليتيمة من تاريخ رجل امتلأ بالحركة والنشاط والعمل في الحجاز وتركيا واوربا ثم العراق ، فلندع العلامة عبد الرزاق الحسني نفسه يتحدث عن ذالك بقوله : (( وكانت لصاحب الجلالة الملك فيصل الاول باعث مجد العراق ، ومؤسس كيانه الغالي (مذكرات خطيرة) كتبها في ظروف خاصة واويقات مختلفة سطت عليها ايدي السوء بُعيدارتحاله الى دارالبقاء في ليلة اليوم الثامن من شهر ايلول لسنة 1933م فجعلتها خبرا من الاخبار ، وكان صاحب الجلالة الملك ((علي))تفضل عليّ باحدى المذكرات المتعلقة بتكون الدولة العراقية ، وكيفية ادارة شؤونها ، والسير بها قدما فنشرتها في كتابي الاخر (تاريخ الوزارات العراقية) الذي اصدرته في عام 1939م وقد رايت ان اعيد نشرهافي هذا الكتاب فاجعلها مقدمة له لما تضمنته من اراء سديدة وافكار سامية واتجاهات سليمة / تاريخ العراق الحديث ج1 ص 16 )) !.



اذن كان هناك مذكرات كتبها الملك(فيصل الاول) رحمه الله بخط يده وكان للمحيط العائلي الملكي ، والفكري والسياسي العراقي معرفة بذالك ، ولكن وحسب ما ذكره الحسني رحمه الله انفا فان( يد السوء ) قد سطت على هذه المذكرات الفيصلية ( الخطيرة ) حسب تعبيرالعلامة الحسني لتصادرها من الوجود ولم يبقى منها سوى (مذكرة او ورقة) واحدة مما تركه الملك فيصل الاول من مذكرات مخطوطة بيده ، وصلت للحسني عن طريق (( علي بن الحسين شقيق الملك فيصل))لتكون هي الوثيقةالوحيدة التي تعبربكل مباشرة عن رؤية الملك فيصل الاول في بناء دولة العراق الحديثة من جهة ورؤيته الاجتماعية والاقتصادية ، والسياسية لادارة هذه الدولة من جانب اخر !!.



وقد بقيت(حقيقة ً)هذه الورقة بعد ذالك هي المرجع الاصيل لمعظم من كتب في تاريخ العراق السياسي الحديث او اراد ان يكتب عن التركيبةالاجتماعية او الفكرية او الاقتصادية العراقية في تاريخ هذا الوطن المعاصر !!.

نعم لماذا اصبحت هذه المذكرات اوهذه الورقة الفيصليةمن الخطورة بحيث تُهدد من قبل ايدي السوء والخيانه ؟.

ولماذا اطلق بعض الباحثين بالتاريخ العراقي الحديث على نفس هذه الورقة صفة ( المذكرة السرية ) / انظر حنا بطاطوا / العراق الكتاب الاول / ص 44 / ترجمة عفيف الرزاز ط الثانية ؟.

فهذا امرلجوابه عدة اتجاهات ومناحي فكرية لسنابصددالاستفاضة بمطاردته لكن يكفي هناالاشارة الى ان هذه الورقة الفيصلية تكتسب خطورتها وقيمتها العالية جدابالنسبة لتاريخ العراق الحديث من عدة اسباب وعوامل من اهمها :

اولا : انها ورقة كتبت من خلال فكروانامل ملك كان مطلعاعلى كل شاردة وواردة في بناء هذا العراق الجديد بكل ملفاته المعقدة ، ومطلعا ايضا على كل لبنة وحجر ، وكيفية وضعه في بناء الدولة العراقية الحديثة في 1921م !.

ثانيا: للملك فيصل تجربة سياسية عميقة جدامن خلال نشأته تحت كنف ابيه في الحجاز كامير لبعض نواحي الحجاز ، وكعامل من عمال الامبراطورية العثمانية انذاك ، وكقائد حرب قاد الكثير من الحروب واخرها الحرب التي اطاحت بالخلافة العثمانية ، وكدبلماسي ومحاور سياسي محنك ، عندما قاد حملته السياسية في اوربا لنيل حقه في الملكية ... الخ يمكن وصفها بالنسبة لي على الاقل على انها التجربة السياسية التي تتمكن من صناعة (( سياسي بالفطرة )) له من حنكة الادارة وحسن التدبير وقوة الشكيمة ، ما لم تستطع اي جامعة في العالم ان تهبه لسياسي ارستقراطي عرف السياسة من خلال التنظير ليمارسها من وراء المكاتب والقصور !!.

ثالثا : في هذه الورقة شيئ اخر غير ما اتصف به الملك فيصل من صفات ذاتية ، لعله هو الذي جعل من هذه الورقة ، او وهب لهذه الورقة صفة (( الخطورة والسرية )) وذالك ما اشار له الملك فيصل الاول رحمه الله نفسه عندما ذكر في مقدمة هذه الورقة سبب كتابته لهذه المذكرة بقوله :

(( كنت منذ زمن طويل أحس بوجود افكار، واراء حول كيفية ادارة شؤون الدولة عند بعض وزرائي ورجال ثقتي غير افكاري وارائي ........ لذالك رايت من الضروري ان افضي بافكاري ، واشرح خطتي في مكافحة تلك الامراض ، وتكوين المملكة على اساس ثابت ، واطلع عليها أخصائي ممن اشتركوا واياي في العمل ... )) !!.

وهذا يعني ان هذه الورقة كانت موجهة من قبل الملك فيصل الاول للخلص ورجال الثقة في دولته فحسب بعيدا عن رجال الهدم السياسي في داخل هذه الدولة ، والذي ايضا اشار لهم الملك في ورقته هذه ، واللذين هم موجودون في كل دولة لابد لها من التعامل معهم بشكل او باخر ، ولهذا وباعتبار ان هذه الورقة يمكن اعتبارها( البرنامج ) الفكري والسياسي والاجتماعي الذي يحاول الملك فيصل ايجاد( الاجماع السياسي المؤثر ) على تطبيقه وتحويله الى واقع متحرك فقدارتاى ان تكون هذه الورقة بصورة خاصة في خطابها وفي ارسالها الى بعض رجال الدولة الثقات القادرون على العمل مع الملك كمجموعة متجانسة ومنسجمة واحدة في بناء هذه الدولة والوطن والمجتمع !!.

ومن هنا نفهم : ان السرية في هذه الورقة ليس باعتبارها ورقة تحمل من الاسرار السياسية او العسكرية او الاقتصادية ... الشيئ الذي يمس المملكة العراقية في امنها او استقرارها او كيانها القائم ،وانما كان منشأ السرية في كونها (برنامج سياسي) اذا لم تتظافر الجهود السياسية المخلصة في تطبيقه وادراك فحواه فلا يمكن لدولة العراق الحديثة القيام من جهة ، ولكون هذه الورقة (كبرنامج سياسي متكامل الرؤية) بحاجة الى العمل بموجبها ولكان سيفقد الكثير من فاعليته اذا اطلع عليه (اصحاب الاغراض والنوايا السيئة) من الداخل العراقي ، والخارج العراقي ايضا (لاعاقته) من الاثمار والعمل بايجابية وانسياب بلا عوائق سياسية او استعمارية انذاك مفتعلة !!.



ان ورقة الملك فيصل الاول رحمه الله قد تناول افكارها ، وفحوى نقاطها (( الاحد عشرة )) المذكورة فيها ، الكثير من الكتاب والمفكرين والمثقفين والمؤرخين العراقيين قبل عقودوحتى اليوم ولكن ومع الاسف وهذامايدعونا اليوم لاعادة قراءة هذه الورقة ، مع ماذكرناه : انها ورقة تحمل بين طياتها الجينات الاولى لانشاء الدولة العراقية الحديثة ، نقول :

ان معظم من تناولوا هذه الورقة تناولوها بعقلية لاتمت بصلة واقعية الى ما قصده الملك فيصل من كتابة هذه الورقة ، وطرحها كبرنامج سياسي لبناء الدولة العراقية الحديثة ، وتطوير مجتمعها والتعامل معه بكل ايجابية !!.

بمعنى آخر ان هناك الكثيرممن ذكرهذه الورقة الفيصلية السياسية او جعلها مرجعا لفكره السياسي التقييمي لتاريخ العراق السياسي الحديث من كتابنا او مفكرينا او مثقفينا او مؤرخينا .... تعامل مع هذه الورقة اما :

اولا : بان اجتزأ فقرة من هذه الورقة الفيصلية ، لاسيما الفقرة الاولى من هذه الورقة ، ليتخذ من هذه الفقرة منطلقا لرؤية نقدية فحسب تشن الحملات الانفعاليةعلى تركيبةالاجتماع العراقي وانها تركيبة قد وصفها الملك فيصل بانها لاتمتلك (( الوحدة الوطنية )) وانها تركيبة ممزقة طائفيا وقوميا ودينيا ومناطقيا ....... وعلى هذا الاساس فان التجريبة الاجتماعية بقت لاتجمعها جامع وطني ولا وحدة عليا حتى اليوم كما ذكره الملك فيصل !!.

بينما كان طرح الملك فيصل الاول كمانفهمه نحن ونحاول طرحه في هذه المقالات وخاصة في ((الفقرة الاولى)) من ورقته السياسية في تقييم الواقع العراقي انذاك طرحالاعلاقة له بكل هذه المنزلقات الفكريةالمعقدة والمتخلفة في علم الاجتماع السياسي حول المجتمعية العراقية ، وتركيبتها الطبقية او الدينية او القومية ... !!.

ثانيا : هناك من ذكر هذه الورقة الفيصلية في بناء الدولة العراقية الحديثة لكنه ومع الاسف عندما اراد ان يتعامل مع فقراتها القيمة وجدناه رافعا لكل هذه الورقة من مميزاتها التاريخية اولا وغير ملتفتا تماما الى ان نجاح هذه الورقة الفيصلية في بناءالكيان العراقي الحديث اوعبقرية رؤيتها له جناحان ،الاول ما حملته من افكاركانت انعكاسا لواقع تاريخي معين للكيان العراقي ، وثانيا : هذه (المجتمعية العراقية) التي كانت مهيئة للتجاوب مع هذا الفكر السياسي الفيصلي والبرنامج الفكري ، الذي تطلع لتطبيقه فيصل وحكومته وتحويلة الى (واقع متحرك اجتماعي يعيش بين الناس) وبجهودهم وبتقبلهم للفكر السياسي الحديث !.

بمعنى اوضح : ان اللذين كتبوا عن تاريخ الدولة العراقية الحديثة ، والذين اشادوا بعبقرية فيصل الاول رحمه الله وفكره في بناء دولة عصرية حديثة في غضون عقد واحد من جهده لاغيرنسوا او تناسواعامدين ان هذا النجاح لايمكن ان يحسب لجهد فيصل الاول رحمه الله فحسب بل هو نجاح يشترك في صناعته الاجتماع العراقي ،او مكونات الاجتماع العراقي المتنوعة التي خرجت من عباءة الاستعمار العثماني البغيض ، والمتخلف مبعثرة ممزقة متناحرة متباعدة متنافرة ..... الخ ولكن سرعان ، وما ان شعرت ان هناك ملكا ، وقائدا يحاول بناء عراق جديد ، وعصري وحديث وعربي ومتطور فستجابت بشكل مباشر يندر حصوله في مجتمعات كثيرة ، لتتنازل عن كل متنافراتها الطائفية والقومية .. لتصنع امة واحدة وتنضوي تحت لواء وحدة وطنية فاعلة ومنتجه ومثمرة !!.

نعم كانت جهود الملك فيصل مخلصة للعراقيين في بناء وحدتهم وتطورهم لكن ايضاكانت استجابةالاجتماع العراقي هي الرافعة التي حولت من افكار فيصل الى واقع ، وعند هذه الحالة لااعلم شخصيا هل كان من حسن حظ العراقيين انذاك ان وهبهم ملكا حكيما كالملك فيصل الاول ام من حسن حظ الملك فيصل انه وهب شعبا ليّن الطينة في استقبال الحداثة والجديد !!.



وفي ختام هذه المقالة الثانية نقول ان تقييم الشعوب ياتي من خلال تاريخها الطويل البعيد ، والقريب في جمودها وحركتها وفي كبوتها ونهضتها وفي عقمها وانتاجها وفي حياتها وبعثها او موتها وانقبارها ..... وللعراق تاريخ عنقاء يشهد التاريخ له ولقياماته المتعددة ولايمكن الحكم على شعب بلحظته الانية التي ربما تكون ميتة او معاقة من الحركة ،او سائرة ببطئ وعلاجية فمثل هذه الاحكام لايطلقها الاالجاهلون بالتاريخ والشعوب والتجارب وسنن الاجتماع والايام والعراقيون اليوم عادوا كما استلمهم اول يوم الملك فيصل الاول رحمه الله بعد انجلاء الغمة العثمانية عنهم ، فهم مبعثرون وممزقون ، ومتمترسون كل خلف قوميته او دينه او طائفته او مصالحه... وهم اليوم بحاجة اكثر من اي وقت مضى ان يسعوا جميعا لقيام دولتهم ،دولة القانون والعدل ، والمواطنة ودولة البرامج والمشاريع ، والرؤى ودولة الخلص من ابناء هذا الوطن التي هي السرّ في وحدتهم وقوتهم وغياب ضعفهم وتشتتهم والسر في ابداعهم وهيبتهم وعودة مجدهم من جديد !!.





http://7araa.blogspot.com/

alshakerr@yahoo.com











الثلاثاء، يونيو 18، 2013

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الاولى

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة )) المقالة الاولى / حميد الشاكر


(( اني احب ان ارى معملا لنسج القطن بدلا من دار حكومة ، واود ان ارى معملا للزجاج بدلا من ارى قصرا ملكي / 1932م ))

ملك العراق فيصل الاول رحمه الله .



الحديث عن الملك فيصل الاول بن الحسين ((رحمه الله )) وعلاقته التاريخية والسياسية بانشاء الدولة العراقية الحديثة ( 1921م/ 1933م ) حديث لايمكن ألاّ ان يكون طويلا ومسهبا وثريا ومتنوعا ... من جهة ، وعميقا وغنيا فكريا وعلميا وسياسيا واجتماعيا ... من جانب اخر !!.

والحقيقة ان اسهاب الحديث حول ملك العراق الاول فيصل ابن الحسين وكذا تنوع هذا الحديث ، وعمقه وغناءه الفكري لم يأتي من فراغ ، ولم ينطلق من عواطف جاذبة لتاريخ العراق الحديث فحسب !!.

بل ان الرجل ، وانصافا للتاريخ العراقي الحديث من جهة وعدالةً في البحث العلمي في هذا التاريخ ، وللاستفادة من دروسه المعقدة في ايجابياته وسلبياته من جانب اخر ، لعب دورا في تاريخ هذا البلد وهذا الشعب مهماجدا ولاريب انه دورٌ ينم عن ذكاء وعبقرية سياسية وحنكة وحكمة وبعد نظر لاسيما فيما يختص ببناء الدولة العراقية الحديثة وما اثمرته هذه الدولة من قيام مؤسسات حكم فاعلة في فترة قصيرة ، قد ساهمت بتطوير البلاد عمرانيا ، واقتصاديا وتطوير حال العباد فكريا وثقافياوتعليميا في عشرينيات القرن المنصرم حتى الاطاحة بالملكية ، ونظامها الدستوري بانقلاب 1958م بقيادة الجنرال عبد الكريم قاسم رحمه الله !!.

نعم هناك من درس الحقبة السياسية الملكية في تاريخ العراق الحديث وقيّمها من خلال المنطلقات الايدلوجية المسيسة ، والبعيدة عن روح البحث العلمي الرصين والغير ملتزمة بمبدأ العدل ، والانصاف في البحث التاريخي كالتي حاولت تناول وابرازكل ماهو سلبي واشكالي في هذه الحقبة لشيطنة المرحلة الملكية في تاريخ العراق الحديث كلها ، وغض النظرعن كل ما هو ايجابي وواقعي متوازن لتلك المرحلة ولاسباب من اهمها طبعا تبريرانقلاب 1958م العسكري ، واسباغ الشرعية السياسية على ذالك (( العمل الانقلابي )) الذي من اهم مميزاته فقدان المشروع السياسي الناجزوالرؤيةالحكيمة واستشراف مستقبل مثل هكذا اعمال انقلابية مدمرة اولا !!.

وثانيا : انتشار الافكارالشيوعية الفوضوية المدمرة والمرتبطة بطبيعة منشأها بالمشروع الشيوعي السوفيتي انذاك والساعيةلتحويل وجهة العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتكون تبعا للكتلة الشرقية بدلا من ارتباطها بالعالم الغربي الراسمالي الديمقراطي في الحقبة الملكية انذاك !!.



لكن ومع ذالك ، ومع كل الجهود الفكرية ، التي بذلت في سبيل تغييب الوعي العراقي وابعاده عن قراءة تاريخه الحديث بالعقلية العلمية المتزنة التي توفر الوعي ، والرؤية الصائبة والواضحة والمتزنة لهذاالشعب كي يتلمس طريقه الى المستقبل بلا اخطاء الماضي وكوارثه ، مع ذالك كله بقى للحقبة الملكية السياسية في العراق ولاسيما فترة حكم الملك فيصل الاول وما انجزه وتركه من ارث سياسي متين يذكرتاريخيا الى اليوم ذالك الرونق وهذه الجذوة وتلك اللمسة المثمرة التي استطاعت ان تخرج العراق ، واهله من ظلمات التشتت والبعثرة والغياب الى نور الامة والوطن والوحدة والكيان والجسد الواحد !!.

ان ما يميز (( حقيقةٌ )) دراسة الحقبة التاريخية الملكية ويجعل لها المميزات الخطيرة في تاريخ العراق الحديث هو ذالك((التاسيس)) الذي جهد في وضع اركانه (الملك فيصل الاول) رحمه الله لبناء الدولة العراقية الحديثة وانشائها من العدم الى الوجودوللمطلع على تاريخ العراق من قبل ولادة الدولةالعراقية ابان الوجود العثماني في العراق، وبعد اندحار هذا الوجود العثماني الظلامي وولادة العراق الحديث بامته ودولته ومؤسساته ، وتجربته العربية سيعلم ما رمينا اليه عندما نقول (( جهد وبناء وتاسيس .... )) في انشاء الدولة العراقية مابعد الاندحارالعثماني الكئيب على العراق واهله وما بذله فعلا الملك فيصل الاول في هذا السبيل ونجح فيه نجاحا يجعلنا اليوم بحاجة ماسة لاعادة قراءة حقبة الملك فيصل الاول ، لنتلمس ماهية المفاصل الدقيقة ، التي اعتمد عليها الملك فيصل في انشاء هذه الدولة والقيام بمهامها اولا ؟

وثانيا : تلمس كيفية ولماذية وماهية ... هذا النجاح ببناء دولة العراق الحديث باعتبار ان العراق اليوم بحاجة ماسة وفعلية ان يستلهم تاريخه القريب ويرى الكيفية التي نجحت فيها (فكرة) بناء الدولة ، والعوامل التي ساعدت قيام هذه الدولة ، لاسيما اننا اليوم في (مازق عراقي سياسي) ثقيل وارث تركته النظم السياسية المستبدة وهو تصفير مفهوم الدولة ومن ثم سقوطها وفراغ البلد من اي معلم من معالم دولة المؤسسات الحديثة !!.

وهذا ما سوف نتناوله انشاء الله في المقالة الثانية

alshakerr@yahoo.com

http://7araa.blogspot.com/