الاثنين، ديسمبر 21، 2015

من تناقضات المجتمعية العراقية الفكرية

رؤية محمد باقر الصدر الاسلامية للدولة

العراق وتدخلات ايران وتركيا والسعودية

استغلال الدين من اجل المصالح السياسية في العراق

اسباب وعوامل ولادة الاسلام السياسي العراقي المعاصر

اسباب فشل الاسلاميين العراقيين باعمار العراق

الجمعة، ديسمبر 11، 2015

لعُبة الشيطان داعش وما بعدها ... قراءة سوسياسية )) حميد الشاكر ((


___________
يبدو من المعطيات والتطورات السياسية التي تبلورت بعد احداث باريس 13 / نوفمبر / 2015م / الاجرامية والتي تبناها فيما بعد تنظيم داعش ، وما لحق ذالك من تسارعات امنية في اوربا  ودخول الرعب الى القلب الالماني وحتى تطاير شرر الارهاب الداعش الوهابي مؤخرا باحداث كالفورنيا 2 / ديسمبر / 2015/في الولايات المتحدة وقتل اكثرمن سبعة عشرمواطنا هناك واصابة العشرات بالاضافة الى وجود روسيا على الارض السورية بصورة مبابشرة وعزمها على انهاء داعش و ... ، يبدو بعد كل ذالك ان العالم الغربي بصورة عامة والولايات المتحدة بصورة خاصة قدحزموامرهم بالنسبة لمصير تنظيم داعش وضرورة التخلص منه من جهة ، وانه تنظيم مع ان صناعته ورعايته وتمويله ، وحُقن استمراره كانت كلها برعاية  ، وصناعة مخابراتية امريكية وسعودية وهابية صهيونية الاّ انه تنظيم قد استهلك كل وظائفه التي من اجلها قد صنع وبانت عليه امارات الارتدادات العكسية ، التي تضرب هنا ، وهناك في قلب اوربا والولايات المتحدة بدلا من الاستمرار بوظائف  ادامة الفوضى الخلاّقة في العالمين العربي والاسلامي التي من اجلها صُنع وتحت استقطاب بوصلتها قد سمح له بالبقاء والاستمرار من جانب اخر  !!.
طبعا (للتذكير) قبل داعش كانت لعبة القاعدة ، التي  صُنعت برعاية امريكية وسعودية  في افغانستان لمناهضة االسوفيت انذاك ، قبل خروجها عن السياق الذي رسم لها  استراتيجيا من خلال احداث 11/ سبتمبر/2001 في الولايات المتحدة ، والتي دفعت بدورها الولايات المتحدة لتتخذ قرار الغزو لافغانستان تحت تاثير الكرامة الامريكية التي تمرغت في الوحل عالميا  !. 
وبالفعل ماهي الا ايام قلائل بعد ان غزت القوات الامريكية افغانستان في/ 7 / اكتوبر/ 2001 م/ ، واذا بالقاعدة تتبخر من الوجود السياسي ، والاجتماعي الافغاني  لتعود خلايا تتحرك داخل اقبية الكهوف والمغارات الافغانية وحتى نهايتها في العراق وصناعة داعش بدلا عنها !.
اين ذهبت القاعدة وقادتها وقوتها التي لاتقهر ؟.
كان هوالسؤال الذي شغل الميديا والاعلام العالمي انذاك عندما دخلت القوات الغازية الامريكية لافغانستان بلا ادنى مقاومة للقاعدة او قواتها التي ضخمت في الاعلام الغربي الى درجة اعتقد العالم كله بانها القوة التي سوف لن تقهر بسهولة !.
الحال هي الحال والسيناريو هو السيناريو نفسه لكن مع داعش هذه المرة !.
في البدء كانت (الفكرة داعش) بدلا من القاعدة فمن جهة ( كان صانع الفكرة بندر بن سلطان مدير المخابرات السابق ومن اهم مبرراتها واهداف صناعة داعش هي انها ) تشكل اولا  نواة تناقض من قلب القاعدة لتنقلب على القاعدة وتقتلها او تنفيها من الداخل عقابا للقاعدة وقادتها على  تمردهم على صنّاعها الامريكيين  وسادتهم الوهابيين السعوديين وهذا ما حصل بالفعل عندما صُنع ابو بكر البغدادي  على العين الصهيوسعودية امريكية وفي السجون العراقية ليقدم فيما بعد  كزعيم محتمل لخلافة الظواهري ، والاطاحة بعرشه القاعدي في العراق  الذي ورثه عن ابن لادن بعد مقتله  !.
ومن جانب اخر (داعش) التي تقوم بنفس وظيفة القاعدة قبل ان تتمرد وتحت نفس ايدلوجيتهاالوهابية السعودية الصهيونية وتحت اشراف نفس المخططين والصانعين والممولين للقاعدة من قبل وتحت سقف السيناريونفسه في ( ادامة الفوضى ونشر معطياتها  = ، حروب طائفية + ، ضرب مؤسسات الدول + تدمير شامل لبنى اقتصادية + ، تغييرات ديمغرافية وجغرافية لسكان المنطقة + ..... الخ ))  في العالمين العربي والاسلامي !.
في البداية اظهرت داعش بقيادة الرفيق ابو بكر البغدادي ، وعصاباته البعثية الاجرامية ( تفانيا ) في تطبيق المخطط الامريكي الصهيوسعودي في العراق وفي سوريا ، ونجحت بالفعل في الخطوة الاولى والثانية في اضعاف القاعدة قبل قتلها نهائيا معنوياوماديا في العراق وسورياوباقي مناطق النفوذ الداعشي في العالم العربي الاسلامي بالخصوص ، واستطاعت (داعش) ان تديم عجلة الفوضى بالمنطقة كماهو مرسوم لها  من قبل صناعها ورعاتها الاصليين  !.
لكن وكما اشرنا كثيرا ( سوسيولوجيا سياسيا واجتماعيا ) في كتاباتنا وبحوثنا حول حركات  التطرف ، والارهاب الوهابية  السعودية الحديثة ، والمصّنعة امريكيا واسرائيليا ان امثال هذه الحركات والتيارات الارهابية ركبت تركيبة معقدة ، وتتميز بميزة جهنمية (قصد) راسم اللعبة الاميريكي نفسه ان يضعها في قلب معادلة صناعة هذه التيارات الارهابية التدميرية منذ البداية  الا وهي ميزة :
(( انها تيارات تصلح لصناعة الفوضى، وادامتها في اي منطقة تحركت فيها لكنها تيارات لايمكن ان تكون صالحة ، او قابلة للتحول الى مشروع دولة او التفكير في عمران شعب او بناء اقتصاده او ادارة شؤونه بشكل طبيعي )) .
ولهذا حتى القاعدة ،  قبل افول نجمها لم تستطع ان تتحول بتفكيرها الى دولة مع ان السعودية الوهابية انذاك  والامارات وباكستان حلفاء الولايات المتحدة الامريكية قداعترفوا بحكومة طالبان(التي كانت مجرد واجهة لحكم القاعدة ) في افغانستان في 25/مايو/ 1997م/ لكن لم تسمح (حويملات ماهو مصنوع ومركب و مغروز في قلب هذه التيارات) الارهابية من ان تخضع لما تتطلبه الدولة والحكم من آليات وبقيت دوافعها ، او لنقل قواعدها الفكرية التي بنيت على اساسها (امريكيا سعوديا) دائما متطلعة الى التمرد على كل ماهو مستقر ونشر الفوضى وضرب الاستقرار في اي مكان وصلت قوتها اليه !.
داعش عندما اكدنا في بداية بروزها ، واعلان خلافتها الهلامية في : /  29 / يونيو/ 2014 / بانها حركة ، او تنظيم لا يختلف في اليات وجوده ، وحركته واهداف صناعته عن  ما رسم للقاعدة من قبل وحتى ان بدت داعش في بداية تبلورها على انقاض القاعدة  انها حركة ، او تنظيم مختلف بعض الشيئ عن القاعدة ( من خلال طرح  او استخدتم مصطلح دولة وربط هذه الدولة بحدود العراق والشام فحسب ،  او من خلال تاخيرها للاعلان عن انها خلافة منتفية الجغرافية و ...الخ ) لكن هذا لاينفي كما اشرنا مرارا انه تنظيم (( تتحكم فيه اليات  تاسيسه اكثر من اي شيئ اخر  وليس اهدافه ( اقامة الخلافة ، وتطبيق شرع الله و ...) الا انجرار  وارتباط بهذه الاليات التاسيسية التي ركب عليها منذ البداية )) !!.
وهذا يعني ان من مميزات بل و(حتميات ) داعش السوسيولوجية الاجتماعية والسياسية والدينية الوجودية هي :
اولا : انه تنظيم صّنع وركب على اليات  كيفية صناعة الفوضى او ادامتها في العراق وسوريا فحسب اما اذا خرج خارج هذا السياق فيعتبر ذالك من مؤشرات تمرده او انفلات حركته عن ما مرسوم له من وظيفة .
ثانيا : انه تنظيم لايمكن ان يتحول في وظائفه السوسيولوجية والسياسية التي صنع من اجلها الى دولة اوحكم مستقر وصاحب رؤية مشاريع ادارة واعمار اجتماعية ، واذا ما حاول ذالك ، فنفس اليات وجوده التاسيسية ستفرض عليه (باسم الخلافة مثلا) ان يتمدد الى خارج الحدود الجغرافية السياسية لاي دولة مما يدخله في اطار ( فقد الشرعية) وتهديد السلم والامن الدوليين في العصر الحديث  .
ثالثا : انه تنظيم لايمكن ان ينموويستمر ويتحرك الا في اجواء انهيار سياقات اي مجتمع حديث من خلال الاختلافات الايدلوجية السياسية وتهيئة الارضية لدخول الفوضى والاضطراب ،  عندئذ يتمكن امثال هذه التنظيمات الارهابية بالولوج والكمون في هذه المياه الاجتماعية الهائجة والتحرك فيما بعد .
رابعا : انه تنظيم ، كسابقاته من التنظيمات الارهابية التدميرية صُنع صناعة وبرمج برمجة مرتبطة بشكل مصيري مع الوظيفة التي يقوم بها ، وفي حال انتفت الحاجة الوظيفية له فسينتهي عمله ووجوده من اي مجتمع حتما .
اي بمعنى اخر لو فرض انتفت الحاجة السياسية الاستكبارية من وجود امثال هذه التنظيمات فسيتم القضاءعليه بشكل مباشراوان المجتمعات التي اقتحمتها داعش  وعاثت فيها الفساد عادت (( هذه المجتمعات )) لايجاد صيغة تعايش مشترك فيما بينها ورممت سياقاتها الاجتماعية من جديد فسوف تنتفي الحاجة لتنظيم داعش وتنتهي متطلبات وظائفه من اي وجود اجتماعي قائم !!.
خامسا : انه تنظيم مخترق تماما من اصابع مصنعيه في بادئ الامر ، اي ان من صنع هذه اللعبة   لم ينس ابدا  ان يضع رؤوس خيوطه ، التي تحرك هذا التنظيم ، لترقصه كيفما شاءت فيما بعد بيد الصناع الحقيقيين لهذه التنظيمات الارهابية الدمى !.
فداعش (كما القاعدة ) وباعتبار انها قامت على الايدلوجيا الوهابية السعودية فانها سوف لن تستطيع الاستغناء عن السعودية كممول ايدلوجي وعقدي اولا وكممول مالي ومخابراتي معلوماتي وقيادي ثانيا و .... الخ ، ولهذا فليس من الغريب ان نجد التمويل الاقتصادي ، والمخابراتي المعلوماتي  وكذا البشري الانتحاري وهكذا العسكري و ...مستمرا دائما من السعودية الوهابية بالتحديد مضافا الى  اصطياد بعض المغفلين ، وشراء المرتزقة من المقاتلين  من هنا وهناك لتطعيم هذه التنظيمات الارهابية !.
الخلاصة: ان تنظيم داعش وباعتبارالمعطيات (الداخلية التنظيمية والخارجية المؤسسة والمصنعة له ) المقدمة انفا وباعتبار انه بدأ ( كما بدأت القاعدة من قبل ) بالتمرد على الوظائف المناطة به  ، وخروجه من الجغرافية المرسومة له لنشر الفوضى وادامتها ، ليضرب بالعمق الاوربي والغربي بصورة عامة وباعتبار انه بانت امارات استهلاك وظائفه الواقعية وبدت عليه امارات العد العكسي لانحداره وسقوطه الاخلاقي والسياسي فضلا عن دخول روسيا على خط المواجهة وتحفز فرنسا واتخاذ قرارها مع المانيا بشأن داعش وضرورة هزيمتها ،  ووجود الولايات المتحده وحليفها السعودي الصهيوهابي  نفسيهما في موقف لايحسدان عليه وبان داعش اصبحت ورقة محروقة سياسيا و ... عن كل ذالك لابد ان نصل الى نتيجة :
ان داعش تعيش ايامها الاخيرة ،  وان حكم رميها في سلة المهملات قد بانت اماراته ولم يتبقى من هذا الحكم الا تنفيذه وكيفية الصيغة لذاك  وان ما ينبغي التفكير به الان هو ما القادم الارهابي التنظيمي بعد داعش ؟.
وما هو التنظيم  الذي تفكر به المخابرات الامريكية والسعودية  الصهيوهابية من جديد ليحل محل داعش ويستمر بوظيفتها التدميرية فيما بعد داعش لواقع العرب والمسلمين ؟.
_______________
راسلنا على
مدونتي فيها المزيد على الرابط التالي :

                   


الثلاثاء، ديسمبر 08، 2015

(( بندر بن ابيه ال سعود يهدد الشيعة !)) حميد الشاكر


____________________
 كشفت صحيفة ( الاندبندنت ) البريطانية الاسبوع الفائت مضمون محاضرة القاها رئيس المخابرات البريطاني ( ريتشارد ديرلوف أم 16) امام ( المعهد الملكي للخدمات المتحدة ) حيث ذكر فيها :
( ان الاميربندر بن سلطان ال سعود ابلغه بانه سيجعل حياة الشيعة والعلويين كحياة اليهود في ظل النازية الالمانية ) .
ثم تظيف الاندبندت : (( وذالك اشارة الى التحضير لابادة  واسعة للشيعة من خلال صناعة داعش  وباقي قوى الارهاب ، والتطرف الاجرامية في مناطق التواجدالشيعي في العالمين العربي والاسلامي بالاظافة لتحريض مليار مسلم سني على الشيعة  في كل العالم   ، وتحويل حياتهم  الى ما يشبه حياة اليهود في ظل النازيين الالمان )) !.
والحقيقة انه ليس غريبا عليّ شخصيا ،  وربما على الكثيرين غيري مثل هذه التصريحات والمواقف لاعضاء اسرة ال سعود الحاكمة في الجزيرة العربية والمدعومة من قبل الطاغوت الصهيوغربي ، فهم على اي حال ذيول تنفيذية لمشاريع استكبارية عالمية  ترى في الشيعة المسلمين ، على الخصوص انهم (( خطر اسلامي سياسي وتكنلوجي واقتصادي وعلمي  وانسانيٌ و ...الخ  )) حقيقي على المصالح ((الصهيوغربية )) في منطقة العرب والمسلمين بل ان المسلمين الشيعة  بالذات يمكن ان يبلوروا  ( حسب التحليلات الصهيوغربية نفسها ) نواة صحوة اسلامية عربية واقعية تخرج العرب  والمسلمين من ذل الخضوع والعبودية للمصالح الغربية الى عزالحرية والاقتدار والقوة العالمية !!.
ولهذا كتبت قبل بضع سنين مقالا تحت عنوان : (( مايكل براند 2010 موسم انهاء دور الشيعة وابادتهم )) في هذا الرابط :
وذكرت انذاك الاتي ::  (( في كتابه المنشور على بعض المواقع الالكترونية (( مؤامرة  التفريق  بين  الاديان ))  كشف  النائب السابق  لمدير المخابرات المركزية الامريكية (( السي اي ايه )) مايكل براندت ، عن ورقة عمل قد تم الاتفاق حولها مع المخابرات البريطانية (ميكس) في عام/ 1983م حول دور الشيعة في العالم العربي ، والاسلامي ، وخطرية    هذا الدور على المصالح الاستعمارية الامريكية والبريطانية  وضرورة ابادة هذا التوجه الاسلامي في المنطقة ذات المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين ، او على الاقل   انهاء دوره بحلول عام 2010م كآخر موعد لانهاء المهمة ) !.
وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدل على انه لا بندر بن سلطان مدير المخابرات المخلوع من ال سعود ولا كل عائلة ال سعود في الجزيرة العربية لها القدرة او حتى الجرؤة الفكرية على التفكير بالاقتراب من الشيعة فضلا عن تفكيرها بابادتهم ، او القضاء على مكون اسلامي ، يدرك  ال سعود انفسهم انه مكون خرج من ركام التاريخ في العصر الحديث بطلا اسطوريا  كبيرا ، ولا يمكن اعادة عقارب التاريخ الى الوراء مع عصر الاسلام والتشيع له اليوم !.
صحيح اذا قلنا ان ال سعود عباقرة بامتهان وظائف تقديم الخدمات للطاغوت الصهيوغربي الجاثم على قلب العرب والمسلمين ، وان ال سعود بيادق تحت اصابع المخابرات الصهيوغربية تحركها كيفما ، واينما شاءت لصناعة الفتن بين المسلمين لاضعافهم وبقائهم عبيدا للمصالح الغربية وان امثال ( ريتشارد ديرلوف مدير المخابرات البريطانية او مايكل براند او غيرهم انما يطرحون هذه التصريحات على لسان بندر ، او تركي الفيصل ، او اي شخصية من ال سعود انما هدفهم الرئيس زيادة حطب الفتن الطائفية بين العرب ، والمسلمين واستفزاز السذج من الشيعة لينجرّوا الى اثارة الحرب العكسية ضد السنة في العالم و .... هكذا !!.
على اي حال ذهبت سنة 2010 م ، وخاب مخطط ( مايكل براند ) الامريكي وغيره واستمر الشيعة بدورهم ونضالهم الانساني ضد الاستكبار العالمي في هذه الحياة ، وربما استطاع بندر بن سلطان ال سعود ان يجعل المسلمين سنة وشيعة كاليهود في العالم متبوذين ، وملاحقين ومقموعين و ... بتهم الارهاب والتصفيات العنصرية من قبل حلفاء ال سعود الصهيوغربيين في العصر ما بعد النازيةوالتي ساهمت ولم تزل فيهاعائلة ال سعود بتشويه الاسلام وتقديمه للعالم بشكل مقزز ومرعب ومخيف !!. 
هذا هو بالفعل فحوى رسالة صحيفة (الاندبندت) من جهة ونشرها لمحاضرة ريتشارد ديرلوف اواي مدير مخابرات عالمي متقاعد يرى في العقل العربي والاسلامي انه من السذاجة بمكان بحيث يكفي التحدث عن لسان بندر بن ابيه لصنع حروبا لها اول وليس لها اخر !.
_____________________________
راسلنا على الايميل :
مدونتي وارشيفها فيها المزيد على :



  

الاثنين، ديسمبر 07، 2015

(( نظرية الصراع في علم الاجتماع )) 2/2 حميد الشاكر


_________________
4
(( الصراع كنظرية  ))
لم يكن ( مفهوم الصراع )  كبعد فكري اجتماعي انساني غريبا  او بعيدا عن الدراسات الاجتماعية الانسانية منذ التاريخ القديم لهذه الدراسات وحتى اليوم ولعل ما اشارله (دون مارتنديل) بهذا الصدد يختصرقصة الصراع ونظريته الاجتماعية لنا بشكل جيد حيث يقول  :
((  ان البحث عن المادة التي ترّكز على فكرة الصراع ، كحقيقة مركزية في المجتمع يكشف عن  ثراء كبير متوفر حولها ، فكل مجتمع  يتطلب  حد ادنى من مواجهة  صراعاته للعيش ، وتحليل المجتمع  من  وجهة النظر المرتبطة بصراعاته النموذجية ليست جديدة ولا ترتبط بالغرب وحده )) .
ولهذا يعود مارتنديل الى تاصيل مفهوم الصراع (في الحضارة اليونانية عند / بوليبس / والى الصين القديمة / عند هان في زو/ ،  والى الحضارة العربية الاسلامية عند / ابن خلدون ( صراع البداوة والحضارة ) / وغير ذالك .... ، ويؤكد  : ان افكار هؤلاء جميعا دخلت الى المناقشات الغربية عن طريق / جمبلوفتش / وحظيت بالاهتمام من قبل نظرية الصراع الاجتماعي .1 )) .
والحقيقة ان الصراع بمفهومه البديهي او التنافس  كفكرة فلسفية او اجتماعية او سياسية او اقتصادية اوتاريخية او... ليست هي محط انظار بحثنا هذا لانه مامن عاقل مدرك  لطبيعة العمران  الاجتماعي بامكانه نفي او تجاهل وجود صراعات اجتماعية تخلقها روابط المجتمع القائم ، فالتدرج الاجتماعي  مثلا   (كما يذكر راندل كولنز) والمصالح الاجتماعية المتعارضة والتطلع لحيازة القوة والسلطة داخل المجتمع ، وندرة موارد هذه القوة الطبيعية والاجتماعية و ... ، كل ذالك يخلق ويصنع دوافع الصراع والتنافس في اي مجتمع انساني بسيط او معقد !!.
كماانه ليست هناك مدرسة اجتماعية علمية قديمة وحديثة كالمدرسة الوظيفية البنائية صاحبة النظرية التوازنية ولا غيرها في الوقت المعاصر تنفي وجود مثل هذه الظواهرالصراعية او التدافعية /2/ ، او التنافسية  داخل المجتمع او ضرورة دراسة الصراع كمفردة من مفردات المجتمع القائم !!.
فهذا ( مثلا)عالم الاجتماع البنائي الوظيفي المعاصر ( الكس انكلز ) صاحب كتاب (مقدمة في علم الاجتماع ) وهو من المنتمين للنظرية التوازنية يصرّح بوضوح ان من يتهم المدرسة البنائية الوظيفية ونظريتهاالتوازنية على اساس انها لا تهتم ، او لاتاخذ بنظر اعتبار بحوثها ، ودراساتها ، وتناولاتها ظاهرة الصراع ، ومفرداتها الاجتماعية  ، فهذا  اما منطلقه الاساس سياسيا ايدلوجيا وليست له علاقة بالعلم ومناهجه المحايدة، واما انه مشتبه وصاحب خلط بين المفاهيم ، والافكار الاجتماعية ولهذا اشار (انكلز ) لهذه الاشكالية بالقول :
(قد يسيئ البعض فهم تاكيدنا هذا لفكرة النظام/التوازن داخل المجتمع/ فنقول ان تحديد النظام لايعني – بالضرورة – تأييده او تبريره ، فالحكومة القائمة / الدكتاتورية /على مركزية السلطة قد تخلق نظاما / يوهم بالتوازن / اجتماعيا معينا من خلال /مثلا/ الحزب ودوره في احتكار السلطة السياسية  او احتكار وسائل الاعلام ، والاتصال الجماهيري ، وتعبئتهم لخلق اجماع براي الافراد ، .. او من خلال البوليس السري وممارسته للضبط الاجتماعي ، او .... فكل ذالك يتناوله عالم الاجتماع / البنائي الوظيفي / لا لتبريره بل لبحثه ودراسته وتبيين وتفسير طبيعته ونمط حركته . 3 )) .
ثم يختم انكلز بالقول: (( والواقع ان الصراع / الفكري والعلمي / الذي نشهده الان بين الذين يتبنون نظرية التوازن  والذين يتبنون نظرية الصراع انما هو – في حقيقة الامر –  صراع عقيم  ، ذالك لان علم الاجتماع (  يجب ان يهتم بدراسة) كل من النظام والتفكك/ التوازن والصراع / ولقد اكد ارنولد فيلدمان وولبرت مور ضرورة تصور اكثر دينامية وشمولا للمجتمع . 4 )) .
اذن : اذا كان لاخلاف ولاتناقض بين جميع المدارس والنظريات الاجتماعية القديمة والحديثة على وجود ظاهرة الصراع داخل المجتمع اولا ، ولا خلاف على ضرورة ، ووجوب دراسة ، وبحث ظاهرة الصراع داخل هذا المجتمع وبكل ابعادها ومؤثراتها ثانيا فاين تكمن واقعية التمايز والخلاف بين النظرية الصراعية والمنتمين لها ، وبين نظرية التوازن والقائمين عليها ؟؟!.
بمعنى اخر اكثف توجيها  اين تكمن الافتراقات الطرائقية ، والمنطقية العلمية الاجتماعية بين :
اولا : المدرسة البنائية الوظيفية  التي تؤمن بنظرية التوازن كنظرية ومنطق لفهم المجتمع ووجوده وحركته وبنائه وتغيراته وتطوره  ... الخ .
وثانيا : بين المدرسة الجدلية الاجتماعية التي تتخذ من نظرية الصراع (جدل التناقضات)المنطلق لفهم ووعي وادارك ماهية المجتمع وسيرورته التاريخية وتناقضاته ومتغيراته الاقتصادية  وغير الاقتصادية !.       
5
( الجدلية الهيجلية والصراعات الاجتماعية )
عرُف المنطق الجدلي منذ  وضع منطلقاته الاولى الفيلسوف الالماني المثالي ((جورج فريدريش هيجل / 1770 م / 1831م /)) ردا على المنطق الفكري الكلاسيكي الارسطي بانه المنطق الذي قلب التفكير البشري راسا على عقب ( من تفكير يؤمن بمبدأ عدم التناقض ويعتبره المبدأ الاول الذي يجب ان تقوم كل المعرفة الانسانية على اساسه ، الى تفكير يؤمن بعكس ذالك على قانونية التناقض في العالم والوجود /5) !.
ثم مالبث جدل المنطق الفكري الهيجلي بعده ان تطورعلى يد المؤمنين به من تلامذة المدرسة الهيجلية ليكون ((  اولا : منطقا يحاول المنتمون اليه لطرحه ، كنظرية علمية حتمية كونية فلسفية  واجتماعية وحيدة لاشريك لها ، و ثانيا : لتنزع عنه الصفة المثالية الهيجلية ويلبس لباس المادية الاجتماعية فقط من جانب اخر )) ، وعلى هذا الاساس طرحت ( الجدلية الاجتماعية ) ، التي من اكابر منظريها بعد هيجل ((  جان بول سارتر، وجورج غورفيتش ، وهنري لوفافر ، والآن توران و... )) نفسها كنظرية علمية اجتماعية ينبغي على علم الاجتماع الحديث ان ينطلق بدراساته ، وبحوثه وتحليلاته واستنتاجاته ورؤاه الاجتماعية من هذا المنطق  الجدلي الديالكتيكي فحسب !!.
ومعروف بهذا الاطار ان المنطق الهيجلي ، او الجدلية الهيجلية  لم تاتي ، الا لتطيح بمفهوم (الثابت المستقر اوالمتكامل المستمر على وتيرة واحدة) ومهما كان موقع هذا الثابت في مفاهيم الفكراو قوانين العالم والحياة والمجتمع لتحل محله قانون الديناميكا ( الهيجلي ) ، وثلاثيته التناقضية الاشمل ، المتمثلة في (( الاطروحة ، والطباق ، والتركيب ) او بقانون (( الاثبات + النفي +  نفي النفي )) 5.
وبهذا المنطق ( القانون ) الجدلي الهيجلي رتبت المدرسة الاجتماعية الجدلية الحديثة والتي يتبناها معظم ( تلامذة مدرسة فرانكفورت ايضا/ 6 /) الالمانية اليسارية رؤيتها للمجتمع  وبناه القائمة على اساس خمسة مبادئ لهذا المنطق هي :
اولا : كل شيئ ( ظاهرة ، قضية ، حدث ، ) له ضده  .
ثانيا : كل شيئ متناقض بمعنى له مكونات متعارضة ( وحدة المتضادات ) .
ثالثا : ينتج التغير مهما كان الصراع الداخلي بين المتضادات .
رابعا : ياخذ التقدم (الحركة ) شكلا حلزونيا يحتوي كل مستوى على ما سبقه وينفيه .
خامسا : كل تغير كمي يؤدي الى تغير نوعي .7 .
اويمكن ترتيب مبادئ الجدليةعلى الاسس الاقرب للمفاهيم العلمية الاجتماعية المعاصرة المتنافرة بين المدرسة الوظيفية والاخرى الجدلية بالاتي :
اولا : كل بنية اجتماعية او ظاهرة انسانية لها ضدها .
ثانيا : لا ثابت قانوني لا في بنية المجتمع ( كما في البنيوية ) ولا في وظائف قوانين الظواهر لهذا الاجتماع .  
ثالثا : بل  البناء الاجتماعي نفسه يحمل في داخله حوامل اضداده وصراعاته  وتناقضاته الداخلية ، وميكروبات انهياره الحتمي لقيمومته ( نفي النفي  ) .
رابعا:  التغييرات الاجتماعية ما هي الاتجليات لقانون التناقض والصراعات الاجتماعية الجدلية الحتمية بداخل المجتمع  !.
خامسا : ليس لقانون التناقض ، والصراع الجدلي اي وظيفية بنائية اجتماعية وانما هي (صراعية ، تناقضية ،  تدميرية ) لما هو قائم من البنى الاجتماعية واحلال بنية نوعية مختلفة عن ماهو قائم كمي متراكم  .
والحقيقة يمكن مناقشة هذه المبادئ  والمنطلقات للمدرسة الجدلية الاجتماعية الصراعية من عدة زوايا ومحاور متعددة ومتنوعة ومتشعبه ، ولكن يكفي ان نطرح بصددها مناقشة اساسية قام بها احدمنظري علماءالاجتماع في العصر الحديث الا وهو ( جاك هارمان ) ، وتمحورت المناقشة  على جواب سؤال : هل يمكن ان نعتبر المنطق الهيجلي رؤية علمية  قانونية حالها في ذالك  حال اي رؤية علمية  اخرى  كالرؤية الفيزيائية ، وقوانينها الكونية والطبيعية ، او الرؤية الكيميائية وقوانينها  مثلا ؟.
ام ان (منطق هيجل برمته) ومن ثم جدليته الاجتماعية لايمكن اعتبارها اكثر من وجهة نظرنقدية لفهم العالم والوجود لكن برؤية ذاتية وليست علمية عامة  وقانونية ؟.
حسب (هارمان) : ( ان القيمة التي تكتسبها الجدلية بالنسبة لعلم الاجتماع في الحقيقة ذات طابع توجيهي ...... كما يمكن ان تكون الجدلية منهجا للاكتشاف في علم الاجتماع لكنهالاتمثل باي حال من الاحوال منطقا للبرهنة او التحقيق ... ) !!.
اما لماذا لاتتمكن الجدلية من ان تكون منطق برهان وتحقيق علمي ، مع انها تصلح فقط لتكون وجهة نظر اكتشافية نقدية ؟.
فكما طرحه هارمان فبسبب : (( ان قانون التناقض/  الذي يقوم عليه المنطق الجدلي ، ومن ثم الجدلية الاجتماعية /لايمكنه الاندماج ضمن التنظير العلمي دون احداث تغيير لاشياء عديدة تتجاوز بكثير قواعد اللعبة / العلمية / لتصل الى حد تغيير الهدف / العلمي / ذاته )) 8  .
اي بمعنى اخر يحاول (هارمان ) القول : ان من مميزات الجدلية الاجتماعية  باعتبارانها منطلقة من جدلية هيجلية ، قانونها الاوحد هو التناقض ومفاعيله السوسيولوجية  ، فانها تصلح تماما ، لتكون طريقة  في اثراء طرائق التفكير الاجتماعي لكن مع الاسف  فان ( الجدلية ) لم تتوقف او تكتفي بان تكون آلية لاكتشاف القوانين الكونية ، والطبيعية والاجتماعية  .. كما هو حاصل في اي منهجية علمية اخرى ، بل انها تحاول فرض رؤيتها الشمولية للتاريخ والعالم والانسان المسبقة على الرؤية العلمية ، بحيث انها تتحول للتنظر ( لما ينبغي ان يكون  وليس لما هو  كائن ) ، وبهذا تخرج الجدلية حتما من اللعبة العلمية لتدخل في اللعبة الايدلوجية، التي تحاول فرض تصوراتها على الواقع وليس العكس ؟.
او بمعنى اخر كما طرحه (جاك هارمان) نفسه بالقول : (( فان هدف الجدلية هو بسط سيطرتها على العلوم بدلا من الاستفادة منها /9 )) .
طبعا بغض النظر عن رفع الغطاء العلمي ، الذي اوضحه (هارمان) للنظرية الجدلية ومنطقها الصراعي التناقضي في علم الاجتماع فهناك الاكثرمن ذالك اذا ما حاولنا تتبع كل بناء (النظرية الصراعية ) الذي بنيت على هذا المنطق الجدلي  فهناك التنظير (لصراع ينبغي ان يفرض على المجتمع باسم الحتمية وقوانينهاالعلمية وليس هوصراع طبيعي منطلق من داخل الاجتماع الانساني ومن تدافعاته التلقائية ) ! .
اي ان الاشكالية العلمية الكبيرة ، من وجهة نظر علم الاجتماع الحديث داخل ( النظرية الصراعية الجدلية ) ليست فقط ( ادعائها ) للعلمية ومن ثم للحتمية فقط بل انها تنظرّ جاهدة لايهام قرائها بفكرة ان الصراع داخل اي مجتمع هو القانون الاوحد لحركة المجتمع وتطوره وتقدمه وتغيره و...الخ  وانه لا يوجد مجتمع متطوريمكنه التطور بدون هذا الصراع القدري مما يوحي  بضرورة ايمان المجتمع بالبحث عن مكامن الصراع وتفعيله  اوتفجيره (كماهو حاصل بالفعل في الايدلوجيا الماركسية في فن صناعة الازمة وادارتها ) اذا لم يوجد بدلا من البحث عن (القواسم الاجتماعية المشتركة) للتكامل  والتعاون والبناء الاجتماعي !!.
وهنا يكمن الانحراف عن مناهج العلم الحديثة  !.
وهنا مكمن اتهام نظرية الصراع الجدلية بانها النظرية التي تحاول المساهمة بصناعة الصراعات الاجتماعية والحروب الدموية الممنهجه بدلا من دراسة وبحث ظواهر الصراع فحسب داخل المجتمع !.
بل هنا يخرج علم الاجتماع بكل وجوده ، اذا ماحاول اتخاذ الجدلية التناقضية كمنهج للتحليل ، والبحث الاجتماعي من حيزه واطاره وبحثه العلمي لدراسة المجتمع  وبناه  وظواهره ، والقوانين المتحكمة في تطوره ، وتقدمه  بصورة علمية محايدة ونافعة ومنهجية و ...الى ان يكون ايدلوجيا سياسية هدفها كيفية صناعة هذا الصراع وخلق تناقضاته وتفعيل تضاداته و.. على امل الوصول الى هدف ونقطة ( تراكم هذا الصراع الاجتماعي ) والوصول  الى متغيراته الكيفية !.
والحقيقة ان كثيرا من علماء الاجتماع  الذين تبنوا المنطق الهيجلي التناقضي الجدلي  في منطلقاتهم ، وتحليلاتهم الاجتماعية   وقعوا في اشكالية (( البحث عن صناعة مصطلحات الصراع وتنوعاته )) داخل المجتمع  حتى وان كان لاوجود واقعي حقيقي لمبررات هذه الظواهرالصراعية لكن الجدلية فرضت عليهم اختراع ( نماذج وفرضيات )  المتناقضات الاجتماعية المسبقة  والتي ربطت كل المتغيرات الاجتماعية بها لاسيما المتغيرات السياسية(مع انه ليس بالضرورة : ان تكون المتناقضات مولدة للتغير حتما ، ولا يشتق التغير دائما من المتناقضات فحسب/ 10/) ولتكون المحصلة (فائض من علماء الاجتماع ) الذين يطرحون فرضيات مسبقة لمفاهيم المجتمع ( كالصراعات الطبقية او العرقية اوالجنسية اوالصراعات الازدواجية الاجتماعية النفسية اوالتناشزات المجتمعية......الخ ) لتكون هي محاور استقطاب وتوجيه لدراساتهم وبحوثهم الاجتماعية وليست مناهجهم العلمية الاجتماعية التحليلية هي محاور بحوثهم عن ظواهر المجتمع واشكالياته واسباب متغيراته !.  
____________________
___________________________________________
1 : منقول عن : النظريات المعاصرة في علم الاجتماع / د محمد عبد الكريم الحوراني / ط اولى 2008م 1428 هج / مجدلاوي للنشر عمان الاردن / ص 86 .
2 : وقد ذُكرت ظاهرة الصراع او التدافع في القران الكريم ايضا كقانون ومفهوم اجتماعي بنيوي اصيل في عدة نصوص ورؤى قرانية كقوله سبحانه (( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ... )) 251 / البقرة  
3 : اليكس انكلز / مقدمة في علم الاجتماع / دار المعارف القاهرة / الطبعة السادسة 1983 م / ترجمة وتقديم كل من د . محمد الجوهري . د علياء شكري . د السيد محمد الحسيني . د محمد علي محمد . ص 73 / 74 .
4 : اليكس انكلز / نفس المصدر السابق / ص 74.
5 : للاطلاع على  المنطق الهيجلي واليات مساراته الفكرية : راجع / فلسفتنا / محمد باقر الصدر / دار التعارف للمطبوعات / بيروت لبنان / ط الرابعة عشر / 1986م ، 1406 هج / المفهوم الفلسفي للعالم / ص 191 / 192 .
6 : مدرسة فرانكفورت :مدرسة اجتماع يسارية نقدية هاجمت معظم مدارس التحليل الوضعية والعقلية والنسقية والمنظوماتية ، وحاولت ان تخلق لها علم اجتماع ومنهج اجتماعي مختلف في منطلقاته واساليب تفكيره وتناولاته عن علم الاجتماع التحليلي/ من ابرز منظريها / ادرنوا وهابرماس ، وماركوز و ... !. 
7 :  جاك هارمان / خطابات علم الاجتماع في النظرية / تعريب : العياشي عنصر / دار المسيرة للنشر / عمان / ط اولى 2010 م / 1430 هج / ص 50 / وقد تعرض هارمان الى مناقشة جيدة للنظرية الجدلية وابعادها الاجتماعية المتنوعة في هذا الكتاب .
8: هارمان / نفس المصدر / ص 52
9 : جاك هارمان / مصدر سابق /ص 42.
10 : راجع : المعجم النقدي لعلم الاجتماع / ر . بودن / ف بوريكو / مادة جدل / ط اولة 1406 هج / 1986 م / ترجمة سليم حداد / ديوان للمطبوعات / ص 240 .
_____________
راسلنا على :
مدونتي ( حراء ) للاطلاع على المزيد


الجمعة، نوفمبر 27، 2015

(( نظرية الصراع في علم الاجتماع )) ½ حميد الشاكر

 (( نظرية الصراع في علم الاجتماع )) ½ حميد الشاكر
_________________
1
(( تمهيد ))
منذ دعوة (( اوجست كونت / 1798/ 1857)) الحديثة لصناعة ، او صياغة (( علمٍ يكون المجتمع مادة موضوعه الرئيسة  )) وحتى اليوم عُرف عن علم الاجتماع انه العلم الذي يدرس ويبحث في هيئة المجتمع القائمة على اساسيها الثابت المنتظم في سياقات  محددة من هذا المجتمع ، والمتحرك  المتغير منه ايضا  !!.
ولهذا كانت دعوة التاسيس الاجتماعية العلمية الكونتية الحديثة واضحة تماما في الرؤية ووضع القواعد العلمية للمجتمع واعتبار ان مفهومي (( الاستاتيك او الأِن ستاتيك)) اوالثابت والمتغيرهما المفهومان الاساس الذي ينطلق منهما (من دراستهما وبحث اسبابهما)علم الاجتماع في مشروعه العلمي  بالاضافة الى مفهوم ان يكون هذا العلم ( موضوعياً )  ولا يختلف في اسسه ومنطلقاته ومناهجه عن اي علم موضوعي اخر كالفيزياء  او الكيمياء او علم الميكانيكا او البيلوجي  او الجيلوجي او ....الخ !!.
بعد كونت استمر (( اميل دوركهايم 1858/ 1917 م)) في الارتقاء وتطوير مشروع علم الاجتماع  من زاوية وضع ( الاسس المنهجية العقلية) لهذا العلم واخراج علم الاجتماع من حيزه (( النظري الفكري الكونتي العام  الى حيزه المنهجي الخاص )) الذي يدرس موضوعا معينا ومحددا  للمجتمع ، الا وهو ( الظواهر الاجتماعية ) ، ثم نظرّ ( دوركهايم  بصيغة عقلية علمية اشار هو بانها صيغة مختلفة عن الصيغة الوضعية الكونتية / 1 / لهذه الظواهر وكيفية تشخيصها واقعيا وماهية مميزاتها اجتماعيا واسباب تكوينها و... ) وكل ذالك سطره دوركهايم في كتابه ، واطروحته الاجتماعية التاسيسية ( قواعد المنهج في علم الاجتماع ) !!.
على نفس السياق كان الفيلسوف البريطاني الوضعي (هربرت سبنسر 1820 / 1903 م) يحاول جاهدا ادخال (مفاهيم نظرية النشوء والارتقاء ) الى دائرة التكوين العلمي لعلم الاجتماع ( من خلال كتابه : /المدخل الى علم الاجتماع/ الذي انتقده دوركهايم في قواعده ) وليصوغ  ثم نظريته الخاصة ( الداروينية الاجتماعية ) ، لكن مع بقاء ( سبنسر) وفيا لمشروع العلم الاجتماعي وتاكيده على نقطة جوهرية في نظريته وهي( ان المجتمع الانساني جزء لايتجزأ من العالم والطبيعة المحيطة به ، وهو خاظع لقوانين التطور في حركته ووجوده واستمراره و ... كما باقي الاشياء الطبيعية والوجودية في هذه الحياة  ) !.
(ماكس فيبر 1864/ 1920 م) الالماني باعتباره ايضا من المؤسسين الرواد لعلم الاجتماع الحديث ادلى بدلوه ايضا  في اطار طرح رؤيته العلمية في هذا العلم  وتاسيس مفاهيمه الرئيسية وكانت مساهمته ( كتابه : مفاهيم اساسية في علم الاجتماع ) من المساهمات الثرية في طرح اولا : رؤية تاسيسية لمناهج علم الاجتماع الحديث مختلفة عن قواعد المنهج الدوركهايمي من جهة  وثانيا : اعتبار ان ( الفعل الاجتماعي وليس الظاهرة الاجتماعية كما عند دوركهايم ) هوالموضوع الرئيس لهذا العلم والمحور الذي ينبغي ان تدور حوله جميع الدراسات والبحوث العلمية الاجتماعية من جانب اخر !.
طبعا مساهمة فيبرالكبرى في اطار دفع علم الاجتماع خطوة الى الامام ( من وجهة نظري) ليست تاسيسه لقواعد اوابتكاره لمنطلقات جديدة لعلم الاجتماع الحديث بقدر مساهمته لاثراء ( مفاهيم علم الاجتماع ) بشكل وسع من دوائر البحث والدراسة الاجتماعية  فقد درس فيبر بشكل خاص مفهومي ( الصراع والقوة / مثلا ) باعتبارهما  احد المحركات الرئيسية في التغيرات الاجتماعية  وسلط  الاضواء على تاثير هذه القوة وفكرة الصراع  في صناعة الحدث او الفعل الاجتماعي خلقا وتغييرا و... من ثم تاسيسا للفعل الاجتماعي بشكل عام وهذا ما جعل ( فكرة الصراع ، والقوة ) مدروسة منذ البواكير التاسيسية لعلم الاجتماع الحديث !.
2
(( النظرية الصراعية ))
في خمسينات وستينات القرن العشرين المنصرم برزت (لاسيما في الولايات المتحدة  الامريكية قلعة الراسمالية الحديثة ) على السطح العلمي  الاجتماعي  نظريات كثيرة في موضوعات  علم الاجتماع ، وكانت  معظم هذه المدارس النظرية اما هي :
اولا : امتدادا واستمرارا للمشروع العلمي الوضعي ، والعقلي  لعلم الاجتماع الكونتي الدوركهايمي  الذي عرف ب( المدرسة البنائية الوظيفية ) واتخذ من ((  نظرية التوازن )) منطلقا لكل تحليلاته الاجتماعية واستمر هذا المشروع العلمي الاجتماعي في تطوره وتبلوره بشكل انضج ،حتى التاسيسات الفكرية اعالم الاجتماع الامريكي (( تالكوت بارسونز/ 1902/ 1979 م )) وما بعده !.
ثانيا: واما انها كانت مدارس اجتماعية الا انها متأثرة بالمد السياسي اليساري الشيوعي الخمسيني ، الذي اجتاحت موجته انذاك العالم ، وفرضت معادلاتها الايدلوجية وتصوراتها الاجتماعيةعلى اعتبار انها ( النظريات العلمية ) التي ينبغي ان تكون منطلقات علم الاجتماع الحديث راجعة ، وشارعة من رؤيتها وتصوراتها التاريخية والفلسفية والاقتصادية والاجتماعية و ... لاغير !!.
وعلى اي حال فقد اصطبغت او انقسمت المدارس الاجتماعية في الخمسينات والستينات  من ذالك القرن والى  اليوم الى مدرستيين ذات توجهين ومنهجين لكل منهما مميزاته من جهة ، الا انهما بنفس الوقت متداخلين بشكل معقد من جانب اخر وهما : 
الاولى : المدرسة البنائية الوظيفية التي تنتهج (نظرية التوازن ) في دراستها للمجتمع وسياقاته وظواهره وافعال مجموعاته المحلية والخارجية  .
الثانية:المدرسة الجدلية الصراعية التي تنتمي وتنتهج وتنطلق من التصورات لاسيما الهيجلية ، والماركسية في تحليل المجتمع ، والتاريخ والفكر الانساني وتتكئ على( نظرية الصراع  ) كاهم واقعة او فكرة محركة وصانعه للوجود الاجتماعي   !.
3
(( تداخل النظريتان التوازنية والصراعية ))
طبعا قلنا ان هذه النظريات الاجتماعية تتداخل بشكل معقد يصعب التصنيف والفصل والتمييز بينها لاسباب من اهمها :
اولا : انه عندما يذكر اويقال (نظريات الصراع في علم الاجتماع) فان معظم من كتب في مداخيل علم الاجتماع او مبادئه او اساسياته او ...  لم يشيروا او يفصلوا، او يميزوا بين (( نظريات صراع )) هي تنتمي بمنطلقاتها للمدرسة البنائية الوظيفية العلمية ، وبين (( نظريات صراع )) تنطلق من اسس فكرية وايدلوجيةتنتمي بتحليلاتها للمنطق الجدلي الفكري الهيجلي من جهة والتحليل الماركس للمجتمع من جانب اخر ، فان امثال هذه النظريات  بالحتم ستفضي الى شكل ونوع مختلف من التناولات ، والدراسات والنتائج و ... الاجتماعية التي تتناولها الصراعية البنائية الوظيفية السابقة !.
ثانيا : في تصنيفنا ، الذي نبني عليه بحثنا هذا في نظرية الصراع الاجتماعية نفرق بين ان يكون عالم الاجتماع والباحث في قضاياه وظواهره  الاجتماعية هو يتناول مفردات وظواهرالصراع الاجتماعي بل ربما يستخدم مصطلحات الصراعات الاجتماعية من قبيل (( الصراع الطبقي او الجنسي او العرقي )) داخل المجتمع لكنه يبقى في منطلقاته ، ومبادئه ومرجعيته عالمُ اجتماعٍ بنائي وظيفي ويغلّب(نظرية التوازن)في تناولاته وتحليله الاجتماعي على نظريات الصراع التهديمية اللاوظيفية لبنى المجتمع القائم !!.
فمثلا لايمكن من وجهة نظرنا تصنيف ( ماكس فيبر) باعتبار انه تاثر بافكار ماركس من جهة وتناول ظاهرة ( الصراع والقوة) كمحركات للفعل والتغيير الاجتماعي من جهة اخرى على اساس انه ( هيجلي في جدليته الاجتماعية او ماركسي الانتماء والمنطلق العلمي ) !.
وهكذا تيار المنظرين الصراعيين الخمسينيين والستينيين من القرن المنصرم من علماء الاجتماع ك (رالف داهرندورف ، ولويس كوزر و...الخ ) فمع ان  رالف داهرندوف وضع جلّ نظريته في كتابه ( الطبقة والصراع الطبقي في المجتمع الصناعي) على اساس نظرية الصراع ، وكذا انتقد ( داهرندورف )  التوازنية (اوعدم اهتمامها بظاهرة الصراع بشكل اساسي) كنظرية للمدرسة البنائية الوظيفية ل(تالكوت) لكن مع ذالك لايمكن اعتبار داهرندورف  بعيدا عن المدرسة الوظيفية ،  بسبب ان نظريته الاجتماعية هي ( توليفية توافقية ) بين المدرسة الصراعية ، والمدرسة البنائية ويغلب عليها مفهوم ( الصراعية الوظيفية ) اي ( توظيف الصراع من اجل التوازن والبناء الاجتماعي) ومثل هذه المفاهيم (لداهرندوف) هي من اساسيات المدرسة البنائية الوظيفية بعكس النظرية الصراعية الماركسية التي تؤمن ب (( ان ظاهرة الصراع اولا: هي لاوظيفية ، وثانيا : هدفها الاسمى تهديم بنى المجتمع القائمة وتغييرها الى بنى اخرى مختلفة )) !!.
كذالك (لويس كوزر) عالم الاجتماع الامريكي المعروف الذي ((فكك مفاهيم الصراع فكريا )) واجهد نفسه في فهم تقسيمات ومكامن الصراع الاجتماعي ودوافعه واسبابه  الا انه مع ذالك لايمكن تصنيف (كوزر) الا على اساس انه عالم اجتماع ينتمي للمدرسة الوظيفية البنائية و لنفس السبب مع داهرندورف فان كوزر لم يدرس ظاهرة الصراع الا من خلال وظائف الصراع الايجابية في البناء الاجتماعي والاستمرار والتقدم في بنى المجتمع وليس تهديمها !!.
.... يتبع                                      
__________
1 : راجع مقدمة دوركهايم الاولى لكتابه ( قواعد المنهج ) ترجمة محمود قاسم و السيد البدوي / دار المعرفة الجامعية / اسكندريه / 1988 / وتاكيده على مذهبه العقلي العلمي المحتلف عن مذهب (كونت وسبنسر ) الوضعي             


الأربعاء، نوفمبر 25، 2015

(( اردوغان بدلا من صدام لحروب الوكالة الصهيونية )) حميد الشاكر

 لم يزل العالم بصورة  عامة  والعرب والمسلمون بصورة خاصة  يذكرون حروب (صدام حسين) العبثية  بذاكرة طرية في اذهانهم  ولم تزل الحروب الصدامية ماثلة بكل ابعادها السياسية ، وكيف انها بدأت :
اولا : بفكرة (حروب الوكالة ) التي قادها صدام حسين ضد جمهورية ايران الاسلامية خدمةً للولايات المتحدة ، وحماية لبترول الخليح ، وبدعم سعودي طائفي بائن للعيان من جهة، ومن الجهة الاخرى لتغيير بيادق العداء القومي العربي من العداء للصهيونية اليهودية المحتلة لاراضي العرب ، والمسلمين في فلسطين ، واعتباره العدو الاوحد ، الى العداء لايران المجوسية والشيعة الصفوية في العالم !!.
 وثانيا : كذالك لم تزل ذاكرة العالم حاضرة لحرب صدام حسين مع الكويت التي جاءت على انقاض حرب صدام مع ايران ، وارتداداتها العكسية عندما شعر صدام  بكمية ( الحقارة والوضاعة ) التي انخرط فيها عندما اعتقد انه يمكن من خلال ( تقديمه للخدمات وحروب الوكالة )  للصهيونية او حليفتها الولايات المتحدة او ذيول الولايات المتحدة في المنطقة كالسعودية الوهابية وغيرها اعتقد انه سيكون معادلة مهمة في المنطقة والعالم !!.
ذهب صدام حسين خائبا بكل حروبه ومغامراته الطائشة ولم يبقى منها حتى اليوم الا خراب العراق ودمار عمرانه وتخلف انسانه وفوضى مجتمعه ، و ..الخ  باقي العبر والعظات على المستوى القومي العربي والاسلامي وحتى العالمي !!.
لكن يبدو ومع ان العبرة والعظة الصدامية كبيرة جدا بالنسبة للعالم وعقلائه يبدو ان ذاكرة الرئيس التركي(اردوغان) التركية الطورانية ورئيس وزرائه (اوغلو) قصيرة الى حد انها تناست او تحاول ان تتناسى او ربما بالفعل هي ذاكرة خشبية بحيث انها لم تستوعب بعد  العبرة الصدامية التي كانت امامها لتتهيئ للقيام بنفس الدور الذي لعبه صدام حسين في حروب النيابة والوكالة عن المصالح الغربية !!.
اردوغان من خلال انخراطه بمشروع الفوضى الخلاقة التي تقوده الولايات المتحدة ، واسرائيل ، وحليفهما الوهابي السعودي ، لضرب استقرار العرب والمسلمين وتفتيت قواهم ، ووجودهم الاجتماعي ، والسياسي من خلال دعم الارهاب وصناعة خلاياه وتياراته (القاعدة/ النصرة /داعش / جيش الاسلام والصحابة و ....الخ )) في المنطقة بدا واضحا ان اردوغان ورئيس وزرائه اوغلوا(وبالمحصلةحكم الاخوان لتركيا) لاسيما بعدتصديهما للحلف الروسي المناهض للارهاب واسقاط طائرة روسية لجس نبض الروس عن قرب بدا واضحا ان اردوغان واوغلوا عزما امرهما  ليقوما بدور ووظيفة (( الوكيل والراعي والنائب و... لهذه الحرب المدمرة )) التي تبدأ اولا بتدمير المنطقة العربية والاسلامية وتستنفدكل مواردها وطاقاتها الحيوية قبل ان ترتد لتدمر تركيا ، واردوغان واوغلوا  وحزبهما الاخواني الطوراني الرهيب في نهاية المطاف  !.
نعم (( اردوغان )) بعد ان وجد نفسه قد افلس فعلا من كل تطلعاته العثمانية الامبراطورية المقبورة التي كان يمني بهانفسه لزعامة العالم الاسلامي ككل وبعد ان وصل الى مرحلة اليقين بان تركيته بقيادة الاخوان الاتراك لايمكن لها ان تاخذ دورا قياديا في المنطقة ، والعالم اكثر مما تعطيه اياه ، او يسمح به حلف الناتو الراعي والحامي لتركيا اردوغان ، وبعد ان حدد الاصطغاف الايراني الروسي المعلن  و( الايراني الروسي الصيني ) المضمر مسارات المنطقة ومآلات الارهاب فيها ونهاية مشروع الفوضى الخلاقة و ...... بعد كل ذالك وجد اردوغان نفسه موضوعا في حجمه الطبيعي تماما وهو تقديم خدمات حروب الوكالة للسيد الاستعماري الغربي ، والامريكي والصهيوني لاغير !!.

انها قوانين السياسةعندما يتطلع اي(ذيل) للقوى الغربية والاستعمارية لقيادة هذه الامة او هذه المنطقة وهولا يملك حتى استقلال قراره السياسي السيادي الخارجي والداخلي عندئذ سيجد نفسه(هذاالذيل الحالم بقيادة الامة ) مضطرا للقيام بوظيفة العبد المقدم للخدمات لاغير  على امل منه ان يجعله سيده في يوم من الايام سيدا مثله !!.                 

الأربعاء، نوفمبر 11، 2015

(( تناولات علي الوردي السوفسطائية للفلسفة ومنطقها الارسطي )) 2/2 حميد الشاكر


 
 

 

من طبائع الدكتور علي الوردي الفكرية  في معظم مؤلفاته الثقافية تقريبا هي  انه  عندما يريد ان يناقش او يبحث اي فكرة فلسفية او مفردة علمية بصورة نقدية ، ولاسيما تلك التصورات والافكار ، التي تنتمي لعالم الفلسفة ومشروعها الارسطي الاسلامي ، فانه لايذهب ليناقش (( الادلة والبراهين العقلية )) لتلك التصورات  ومبانيها الفكرية واساساتها المنهجية  كما تطرحه تلك المدارس الفلسفية وقادتها على التعيين ومن ثم ليفند افكارها من القواعد وبصورة منهجية علمية .

بل يكتفي ( الدكتور الوردي )  بان :

اولا : يطرح فكرة عامة او مفردة من مفرداتها  ليتكئ على عموميتها وسطحها الخارجي  .

ثانيا : ينتقد من خلال هذا السطح الخارجي افكارا ، او تصورات طرحت هنا وهناك تاريخيا في ساحة الفكر الفلسفي .
ثالثا : بعد ذالك يفتح  موضوعات  اُخرى (( كامثلة تطبيقية واقعية تاريخية او اجتماعية )) مختلفة تماما عن موضوع الفلسفة وادلتها العقلية  ليناقشها ( يناقش هذه الامثلة )  ويبحثها (تحت بند) مناقشة المنطق الارسطي وفشله ونتائجه وانعكاساته السيئة اخيرا !!.
على سبيل المثال والنموذج  : عندما يتناول الدكتور علي الوردي موضوع المنطق الفلسفي الارسطي الاسلامي الاول وهو (( الاستنباط = القياس )) في كتابه (( منطق ابن خلدون / القسم الاول : خصائص المنطق القديم / امثلة واقعية 1 )) فانه لايذهب ليشرح لقرائه الآتي من المحاور والمقدمات الضرورية قبل النقد ك :
اولا : ماهية هذا المنطق الاستنباطي تاريخيا وتطوراته الفكرية ، والبنيوية حتى العصر الحديث في المدرسة الفلسفية الارسطية الاسلامية بدقة وعمق .
ثانيا : ادلة الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين العقلية على هذا المنطق من جهة ، وماهية الاساسات العقلية التي تفرض عليهم  تبني (( المنطق الاستنباطي )) في اساليبهم الفكرية من جانب اخر !!.
ثالثا : تنوع الاستنباطات الفلسفية المنطقية الارسطية وتقسيمها الى منطق ((  استنباطي واخر استقرائي ))
رابعا : لماذية ترجيح  ، وانتخاب المنطق ( الاستنباطي ) عند الفلاسفة ، وجعله في رتبة القيادة ،  او التكامل للمنطق ( الاستقرائي التجريبي العلمي ) في اساليبهم الفكرية  مع ذكر ادلة كل منطق ( استباطي ، واستقرائي ) وما يتميز به عن الاخر ومكامن الضعف او القوة في براهين كلا المنطقين  .
خامسا: ومن ثم تفنيد هذه الادلة العقلية للمنطق الاستنباطي القياسي الكلي وذكر الادلة العلمية التي يؤمن بها الوردي لتثبت خرافية وعاجية وخزعبلائية و ... ( المصطلحات للدكتور الوردي  وهو يصف المنطق الاستنباطي  الارسطي ) ليحل محلها الادلة التي ترّشح ((المنطق الاستقرائي / او المنطق الهيجلي كمتبنى للدكتور الوردي)) العلمي  التجريبي الحسي المادي فقط  على انه المنطق الوحيد المؤهل للاحترام وللانتاج الانساني العلمي المثمر !!.
هل قام الدكتورعلي الوردي وهو يناقش مشروع الفلسفة ومنطقها الارسطي في كل مؤلفاته التي تناولت الفلسفة بهذه الخطوات (المنهجية العلمية) لدراسة اي فكرة فضلا عن دراسة الفلسفة ومنطقها الارسطي قبل ان يطرح نقده العنيف لهذه الفلسفة ومشروعها الفكري الواسع والعميق ؟.
ام انه اكتفى باعتماد العموميات الفكرية للفلسفة ومنطقها لاغير ؟!.
مع الاسف لم يقم الوردي بانتهاج المنهج العلمي في نقد الافكارالفلسفية او المنطقية الارسطية الاسلامية وربما بسبب عدم اختصاصه بالفكر الفلسفي  اكتفى  بطرح السطح الخارجي للافكار الفلسفية  ومن ثم ليكتب ( مثلا ) حول المنطق الاستنباطي في مقدمة الفصل الذي تناول فيه الاستنباط هاتين الجملتين فحسب :
(( انه منطق يقوم على دعامتين : مادية وصورية )) ، ثم بعد هذا يصل  الوردي الى نتيجة :
(( ان  المنطق الاستنباطي يهتم بالجانب الصوري على الجانب المادي  فحسب )) 2 .
طبعا ليس هناك فيلسوف ارسطي معترف به وينتمي لهذه المدرسة في التاريخ وحتى الوقت الحاضر اعلن : انه ينبغي الاهتمام في المنطق الاستنباطي بالجانب الصوري واهمال الجانب المادي ، ولو كان لذكره لنا الدكتور الوردي كمصدر يدعم رؤية الوردي هذه لكنه اجتهاد من قبل بعض المدارس الفكرية الحديثة لاسيما منها المادية المعاصرة كانت ترى :(ان هناك اهتماما من قبل الفلاسفة الارسطيين  الكلاسيكيين بالجانب الصوري للمنطق الارسطي على الجانب المادي ثم يبنون  رؤيتهم النقدية  على هذا الاستنتاج الشخصي وكفى ) !.
اما ماهوالدليل  التاريخي ،او المعاصرالذي ( دونه اي فيلسوف ارسطي في التاريخ اليوناني القديم والاسلامي الوسيط والمعاصر ) يؤكد او يحث على اهتمام هذا المنطق الاستنباطي بالصورية على المادية ؟!!.
او بمعنى اخر ما الدليل الفلسفي الذي اشار اليه الفلاسفة الارسطيين في تقديم الصورية على المادية ، ومن ثم  يعتمد وينطلق منه الدكتورالوردي وغيره  ليدين  المنطق الارسطي بالاهتمام بالصورية على المادية في هذا المنطق ؟.
يجيبنا الدكتور الوردي بان الدليل هو وباوضح تطبيق منطقي استنباطي ارسطي ، وكما اشار اليه في نفس الفصل من كتاب ( منطق ابن خلدون ) : هو (( الهندسة حيث يهتم المهندسون بالشكل المخروطي او الدائري او.... ، ولا يبالون في المادة ان كانت حجرا او حديدا او نحاسا او ... )) !!. 3 .
ما علاقة الفلاسفة ومنطقهم الارسطي بالهندسة ؟.
سؤال نجد انفسنا مرغمين على طرحه امام هذا المنهج في التناول للدكتور الوردي ؟!.
ومتى كانت الهندسة احد (( المتحدثين الرسميين )) عن الفلسفة ومنطقها الارسطي حتى يكون عملها دليلا على ادانة الفلسفة واثبات جرم انها تنحاز للصورية على المادية في منطقها الاستنباطي ؟.
ولو فرضنا ان نجاح المنطق الارسطي في الهندسة ، والرياضيات كان صوريا ، ومهتما بالجانب النظري على الجانب المادي التطبيقي ( بسبب طبيعة علم الهندسة والرياضيات وميلهما للنظري على التطبيقي )  فما علاقة الفلاسفة الذي جلهم وكبارهم اما مشتغل بالطبيعيات المادية او الكيميائية او الطبية او ..... الخ ، وقد اتهموا من الجانب الاخر بانكار الروحانيات والمعنويات لمنهجهم العقلي و ... ما علاقة الفلاسفة بان يتهموا بالغلو بالصورية وابتعادهم عن التطبيق والمادية  لمجرد ان الهندسة تهتم بالشكل الهرمي او المخروطي على مادة البناء ان كانت من حجر او معدن او باقي المواد ؟!!.
هذا هو مع الاسف ( المنهج ) الذي يستخدمه الدكتور علي الوردي في بحث ومناقشة معظم الافكارالفلسفية الارسطية الاسلامية والتي يتهم من خلالها الكندي والفارابي والرازي وابن سينا ومسكويه وابن طفيل وابن رشد و.. بالصورية والقشرية والعاجية و .... الى ماهنالك !!.

 

ثانيا : تطبيقات المنهج العملية

اما اذاما رجعنا الى بحث ودراسة (الامثلة التطبيقية) التي يعتمد عليها الدكتورالوردي كبراهين وادلة تثبت ان المنطق الاستنباطي الارسطي الاسلامي هو كان  ولم يزل صوريا وليس ماديا فاننا سنصل  لبحث الامثلة التطبيقية التي ساقها الدكتور الوردي في فصله لنقد  المنطق الاستنباطي وهي امثلة متنوعة من حكايات تاريخية من قبيل :

اولا : طريف ما يذكر حول جماعة من المفكرين الاوربيين كانوا يتجادلون حول اسنان الحصان (قياسيا استبناطيا ) كم هي  لايام متطاولة بدون ان يكلف نفسه احدهم للقيام الى الفرس الذي بجانبهم وعد اسنانه مباشرة ( استقرائيا ماديا ) . 4

ثانيا : ما ذكره الماوردي في كتابه الاحكام السلطانية حول مسالة عقد الخلافة لرجلين وموقف الفقه النظري  من ذالك . 5. و .....الخ .

الحقيقة ان الماوردي فقيه سلطاني والجماعة الاوربيين ونقاشهم البيزنطي القريب من السفسطة الجدلية منه للفلسفة ومنطقها العقلي نادرة للطرفة فما علاقة الفلاسفة واتهامهم بالصورية بمنطق هذه الامثلة التي لاتمت بصلة لا للفلسفة وقادتها ومفكريها ومنظريها ، ولا للمنطق وحججه وبراهينه وادلته العقلية !!؟.
ولربما (على سبيل الفرضية ) كان الماوردي مستعملا او مستخدما او منتهجا للاقيسة المنطقية الارسطية في عمليات استنباطه للاحكام السلطانية الفقهية ، وثم هو يميل للجانب النظري الصوري في اجتهاده وفقهه على الجانب التطبيقي الاجتماعي المادي ، ولكن مع ذالك هل يصلح هذا( المنطق  او المنهج في التناول ) بالاحتجاج على المنطق الارسطي وعملية استنباطه من منطلق ان الماوردي استخدمه استخداما سيئا وبغض النظرعن نقطة ان الماوردي ليس فيلسوفا من اصله ولا يمكن ان ننسبه لمدرسة الفلاسفة الارسطيين من اساسه ؟!!.
________________________
 
ثالثا : المنطق من وجهة نظر علي الوردي .
نعم طرح الدكتورالوردي في محور(مبادئ المنطق الارسطي)  خطوط ومبادئ عامة ( بدون ذكر لادلة الفلاسفة ) لهذا المنطق بالقول :
(( من دراستي للمنطق الارسطي استطيع ان استنتج ان له ثلاث مبادئ اساسية :
1 : مبدأ العقلانية .
2 : مبدأ السببية .
3 : مبدأ الماهية . )) 6 .
ثم شرع الدكتور الوردي بشرح هذه المبادئ الثلاثة بالاتي :
اولا : ان الفلاسفة يؤمنون بطريقين للمعرفة الحس والعقل  وان العقل البشري يمتلك المقدرة على اكتشاف الحقيقة .
ثانيا : مبدأ السببية حيث يؤمن الفلاسفة بان جميع حوادث الكون خاضعة لقانون السببية او قانون العليّة .
ثالثا : قانون الماهية ( ثبات الماهية وتغير المادة ) والمتمثل بقانون عدم التناقض . 7 .
ثم يبدأ المرحوم الوردي بنقض هذه المبادئ الثلاثة ب : (( ان العقلانية مشكلتها انها يقينية وتغلب مبادئ العقل على التجربة والحس، اما السببية فان ( المنطق الحديث ليهيجل ) اثبت ان مبدأ السببية ليس علميا وان الصراع والتناقض هو المبدأ العلمي وليس السببية ، واما الماهية ،   فعلى نفس رؤية هيجل فانه لاحقائق ولا ماهيات ثابتة وغير متغيرة وعلى هذا الاساس تهدم كل اسس المنطق الارسطي / نقلنا راي الدكتور بتصرف غير مخل بالفكرة )) .
طبعا اذا اردنا ان نبحث ، ونناقش ما طرحه الدكتور علي الوردي مفردة مفردة بهذا الاطار فسيطول المقام لكن لانعدم الاختصار لنشير الى :
اولا : طرح الدكتور فصله الاول لمناقسة ( خصائص المنطق القديم = الاستنباط )  واشار الى خصيصتين ( الصورية والمادية) لهذا النوع من الاستنباط ، لكنه سرعان ما تحول ليبحث في (مبادئ المنطق الارسطي) بصورةعامة وشاملة والاختلاف بين المحورين اختلافا واسعا فالاول محور مقنن ومحصورومقيد ب(الاستنباط وعملياته ومناهجه) والثاني محور مفتوح ( مبادئ المنطق الارسطي ) على كل الفلسفة العقلية بما في ذالك مناهجها واساليبها الفكرية .
ثانيا : ذكر الدكتورعلي ( جزاه الله خيرا ) انه يطرح دراسته الشخصية لهذا المنطق  ويناقش ويتناول ويبحث المبادئ التي استنتجها وفهمها هو من هذا المنطق الارسطي وهي ثلاثة كما اشار، لكن كان الاكثرمنهجية علمية هوان يطرح بحث  ورؤية الفلاسفة انفسهم اولا لمبادئ المنطق الارسطي ، وثانيا يطرح ادلتهم ، وبراهينهم وحججهم على مبادئ المنطق الارسطي هذا ، ثم بعد ذالك يطرح دراسته ،  واستنتاجه ورؤيته الشخصية لهذا المنطق ، ولا   يكتفي الدكتور الوردي بطرح رؤيته ونقده الشخصي للمنطق ويعتبر ذالك دليلا على عوار مناهج المنطق الارسطي في التفكير !.
ثالثا : عندما ذكر  الوردي رؤية المناطقة للمعرفة الانسانية ، فانه ذكر بالحرف (( فقد كان الفلاسفة يعتقدون ان هناك طريقين للمعرفة لاثالث لهما هما الحسّ والعقل / 8 )) ، وهذه بالفعل هي مصادر المعرفة الانسانية للفلاسفة واختلفوا مع السوفسطائية القديمة في مبدأ المعرفة هذا قديما ، كما بيناه في القسم الاول من هذه التناولات ، واختلفوا ايضا مع المدارس الحديثة ، لاسيما منها المادية الماركسية في موضوعة ( ان المادية تؤمن بالحس، والمادة التجريبية كمصدر وحيد للمعرفة الانسانية / 9 / ) بينما يرى الفلاسفة الارسطيين ( ان التجربة والمادة والحس هي بحاجة للعقل كي تتم المعرفة العلمية والفلسفية للعالم وللانسان ) !!.
لكن الدكتور الوردي ومع انه يذكر (( الحس والتجربة والمادة ))على اساس انها من ضمن المعارف العلمية للفلاسفة ومنطقهم الارسطي ، لكن مع ذالك يهاجم الفلاسفة ، ومنطقهم بشراسة على اساس انهم عقليون لاماديين وصوريون لاتجريبيين علميين وعاجيون لا واقعيين و ...الخ !!.
مع ان التاريخ الفلسفي اليوناني  والاسلامي القديم والحديث يبرهن على ان علماء التجريب والعلم ومنطق الاستقراء هم كانوا فلاسفة ارسطيين في الحضارتين اليونانية ( ارسطو = عالم طبيعة ) والعربية الاسلامية ( ابن سينا طب ابن طفيل طب كيمياء طبيعة ...الخ ) فيما بعد لاغير !!.
رابعا : يعتمد اعتماد كلّي الدكتور علي الوردي وتقريبا في معظم مؤلفاته ( كما هو مذكور ايضا في كتاب مهزلة العقل البشري) على ما طرحه (هيجل ) من منطق جدلي ( تحول من ثم الى مادية جدليةعلى يد الماركسية بعده) حاول هيجل من خلال طرحه لهذا المنطق ان يكون في مواجهة ( المنطق الكلاسيكي ) ، الذي طرحه الفلاسفة بمدرستهم المنطقية الارسطية من جهة ، وحاول ايضا ان يتخلص من خلاله من مبدأ  ( العلية الفلسفية ) في فكرة ان للعالم علّة ايجاد من خارجه !!.
ومن هنا طرح هيجل (منطق الصراع الداخلي) للمادة باعتباران المادة مهيئة ذاتيا لعنصر تطورها (هذا المنطق قريب لما طرحته فلسفة صدر المتألهين الشيرازي للحركة الجوهرية )، وخلقها من الداخل ولا حاجة بعدئذ لفكرة البحث عن العلة الخارجية للعالم ، وعلى هذا الاساس تبنت المادية ( وجودية سارترية نفعية جيمسية ) ، بكافة اشكالها وصورها لاسيما الماركسية ( المنطق الهيجلي ) القائم على فكرة الصراع والتناقض !!.
والحقيقة ان الدكتور الوردي كان منتميا بقوة للمنطق الجدلي الهيجلي ، وهوالمنطق الذي ينطلق منه الدكتور الوردي في معظم تحليلاته ورؤاه الاجتماعية والعلمية ، ومن حق الدكتور الوردي ان يختار وينتخب المنطق الذي يراه مناسبا لتحليلاته الفكرية والاجتماعية طبعا !.
ولكن ما نختلف فيه مع الدكتور الوردي بهذا الصدد امران :
الاول : هو ان يطلق الدكتورالوردي على منطق فلسفي ايدلوجي الا وهو المنطق الهيجلي مسمى ومصطلح ( المنطق العلمي ) وحصر هذا المسمى بهذا المنطق بالذات !!.
فهنا نحن امام اشكالين  من جهة هو الخلط بين ماهو فلسفي ايدلوجي وبين ماهو علمي تجريبي ومن جهة اخرى هو اختصار مسمى العلمية فقط على منطق تفكير انساني لا يختلف في اهدافه عن المنطق الاخرالارسطي العقلي !!.
ثانيا : هو لو سلمنا ان الدكتور الوردي يحاول طرح المنطق الجدلي الهيجلي بدلا عن المنطق الارسطي الفلسفي لكن لم نجد مؤلفا او فصلا مستقلا لمنطق الدكتور الوردي مكتوبا وشارحا وطارحا لهذا المنطق الهيجلي وماهية اختلافاته المبدئية عن المنطق الارسطي الاسلامي حتى يدرك قارئ الوردي ماهية هذا المنطق الجديد ،  والعلمي الذي يدعو له الدكتور الوردي وينادي باحلاله مكان المنطق الارسطي الاسلامي ليكون اسلوب تفكيرنا الحديث ؟!!.
بمعنى اخر : هو هل يكفي علميا منهجيا ان ندعوا للمنطق الهيجلي الجدلي  الذي اسست عليه جميع المدارس المادية الحديثة لاسيما الماركسية منها ونرشحه ان يكون منطقنا في التفكير الحديث ، وندعو من جانب اخر للاطاحة بالمنطق الارسطي الاسلامي العاجي والخرافي هل يكفي بعد ذالك ان نطرح ( اربعة اسطر ) في ذكر المنطق الهيجلي كما ورد في جميع مؤلفات الوردي المطبوعة ، ثم بعد ذالك نعتبر اننا دعونا فعلا لمنهج ، ومنطق علمي لايشق له غبار ونتهم عقل البشرية كله بالمهزلة كما اسمى الدكتور الوردي احد مؤلفاته ب ( مهزلة العقل البشري )) ؟!.
بمعنى اخر ان الدكتورالوردي دائم الذكروالتمجيد للمنطق الهيجلي في مؤلفاته وكتبه وربما اذا احتاج الدكتور الوردي للمقارنه بين منطقين او ارجاع كل تخلفنا العربي والاسلامي الفكري والعلمي والاجتماعي والتربوي و..... فانه يطرح سبب مأساتنا في المنطق الارسطي وهيمنته على اساليب تفكيرنا الصورية والعاجية كما يطرح دائما ايضا سبب نجاتنا في الايمان بالمنطق الهيجلي ولكن ومع اهمية ذالك القصوى بالنسبة للوردي لم نقرأ ولا مقالا واحدا فضلا عن مؤلف او نظرية متكاملة يطرحها الوردي ،  ليشرح لنا نحن قراءه والمدافعين عن افكاره بحرارة ماهية هذا المنطق وماهية اصوله ومبادئه  وما الذي يريد هيجل ان يطرحه عندما طرح منطقه ، وما تعريف مصطلح الصراع والتناقض وماهي الادلة العقلية او العلمية عليه و ....الخ ؟!.  
الفلاسفة الارسطيون المعاصرون ك(الصدرفي فلسفتنا مثلاومطهري في اسس الفلسفة والمذهب الواقعي والطبطبائي و..الخ ) تناولوا المنطق الهيجلي شرحا وبحثا ونقدا ونقضا و ....الخ بكل مفرداته ودقائقه وتبين واضحا نقاط الضعف العقلية والعلمية لهذا المنطق الهيجلي الحديث وفي المقابل طرحوا وشرحوا( الفلاسفة الارسطيين ) المنطق الارسطي ووضحوا ادلة القياس ، والاستقراء العقلية  وطرح ( الصدر باقر ) نظرية ثالثة لمنطق الاحتمالات في كتابه ( الاسس المنطقية للاستقراء ) !!.
السؤال هو ان الدكتور الوردي عاصر بفكره ووجوده كل ما طرحته المدرسة الفلسفية الارسطية العراقية والاسلامية الحديثة ، ( كتب الدكتور الوردي مهزلة العقل البشري في 1957م وطرح الصدر فلسفتنا في 1959 م ) ، فلاي سبب عزف الدكتور الوردي عن طرح منطقه الهيجلي الذي يؤمن به ،  والدفاع عنه اولا ، وثانيا لماذا لم يشرح لنا الدكتور الوردي هذا المنطق بمؤلف مستقل واكتفى بسطرين يتيمين عن المنطق الهيجلي هنا وهناك لاغير ؟!!.
خامسا : يطرح الدكتورعلي نقده للعقلية الفلسفية انها عقلية تؤمن بوجود يقينيات مطلقة اولا وانها تؤمن بمبدأ العلية والسببية الخارجية ثانيا ، وانها ماهوية وتعتقد بان ماهيات الماديات ثابتة بينما ظواهرها متغيرة ومتطورة لاغير !.
والحقيقة ان قضية اليقينيات العقلية او العلمية او الدينية او ... لا تؤمن بها فقط المدرسة الفلسفية الارسطية ومنطقها الاستنباطي فحسب بل ان هيجل نفسه ومن ثم المادية الماركسية كذالك تطرح اليقينيات المطلقة على افكارها المنطقية والتحليلية والاجتماعية وغير ذالك ، ففكرة (الصراع والتناقضات المادية ، والاجتماعية ) طرحت كفكرة يقينية مطلقة وعلمية ولاتشوبها شائبة شك او نسبية في المدارس الهيجلية والماركسية معا ؟!!.
هو هو الدكتور علي الوردي عندما يتحدث عن المنطق الهيجلي ( الصراع والتناقض = ديالكتيك ) الم يعتبره المنطق العلمي الحديث ، الذي يصلح لكل زمان ومكان ، ومن ثم يدافع بكل قوة  لانتهاج هذا المنطق ، واعتباره نهاية التاريخ والانسان ؟!.
هكذا يقال بكل الفكر الذي طرح باسم العلمية والتطور من الصراع الطبقي الى الحتمية التاريخية الى ... غير ذالك من افكار وتصورات هي اساسها فلسفي عقلي ولا تخضع الى اي عملية تجريبية مختبرية كالمنطق الهيجلي وغيره !.
فعلام هذا التعيير للمنطق الارسطي الفلسفي باليقينة، وبغض النظرعن مناقشة ادلة هذه اليقينية العقلية الآن وان هذه اليقينية هي احد مرتكزات العقل البشري السوي في العقليات العلمية كلها  !.
اما مبدأ السببية فهو مبدأ من الفطرية والعقلية بحيث انه لاينكره (حسب ما طرحه الصدر في فلسفتنا) حتى الحيوانات الغير عاقلة ،واذا كانت لدينا فكرة او منطق هيجلي يحاول الاطاحة بهذا المبدأ فليقدم حججه العلمية التجريبية والعقلية الفلسفية لنقض هذا المبدأ الذي يقوم عليه كل العلم البشري المعاصر !!.
وغريب ان يطرح منطقٌ يسمي نفسه علميا تجريبيا(المنطق الهيجلي) منهجا واسلوبا في التفكير يحاول اول ما يحاول ان يهدم قانون العلية من الكون والعالم والحياة و ....  لا لشيئ الا فرارامن فكرة اوقانون (ان العالم يجب ان يكون له موجدا وخالقا هو ليس من سنخ وصنف هذا العالم المادي ) !!.
وحتى ان كان هذا المنطق ( منطق هيجل ) يهتم بالماديات اكثرمن اهتمامه بالنظريات والصوريات  فهذا لايكفي مبررا ان نتناقض مع بديهياتنا العقلية لنوفر على انفسنا الالتفات للعلم التجريبي ومناهجه ، فكل الفلاسفة العقليون  يؤمنون بالتفكير العلمي والتجريبي ، بل الفلاسفة الارسطيون هم من بنى التفكيرالتجريبي اليوناني  والاسلامي ولم يطرح في يوم من الايام الفكر الفلسفي الارسطي ضرورة مناهضة  التفكير العلمي التجريبي ، حتى تضطرنا الحاجة  للبحث عن منطق اخر يوفر لنا التفكير العلمي المفقود  !.
يبقى فيما طرحه الوردي من مبادئ للمنطق الارسطي محور ((الماهية وثباتها)) وهذا موضوع انصح قرائنا بمراجعة ما طرحه الفيلسوف الايراني مطهري في ((اسس الفلسفة والمذهب الواقعي )) حول الماهية والمادة ، فان فيه توسعة وشرح مفصل لكل مفردات الموضوع (هيجليا وماديا ماركسيا وارسطيا عقليا اسلاميا) لكن ما اشار له الوردي اشارة عابرة هو (( ان كل شيئ متطور في هذه الحياة )) حسب ما طرحه هيجل في  منطقه (( الصراع  والتناقض )) في كل شيئ !.
وهو طرح مفاده هيجليا : ان عملية التطوروالحركة بما انها حركة (( تناقضية ))  تستمد تفاعلاتها من الداخل المادي للاشياء فعلى هذا الاساس فان ماهية الشيئ وهويته المعنوية ايضا تتاثربمتغيرمادياتهاالخارجية وهنا لاحساب للماهية ثابت مختلف عن حساب المادية الظاهرية للعالم وللانسان في تغيراتها !.
بمعنى مادي ماركسي حديث في نظرية المعرفة: ان هناك (جدلية بين الواقع المادي وفكر الانسان ووعيه) ومتى تغير الواقع المادي تفاعل الذهن الانساني في افكاره ومنطقه و ثوابته و.. كانعكاس جدلي بين المادي ومفاهيم الانسان نحو الحياة ، وما الماهية وثباتها الا فكرة ذهنية تتغير بتغير الواقع الخارجي لاغير !!.
اختلف الفلاسفة الارسطيون قدمائهم ومحدثوهم بهذه النقطة وميزو بين ماهية تعتبر ( العنوان الاصيل )  للشيئ وبين (مادية ظاهرية ) بطبيعتها قابلة للتطور والتغيير ، فالماء / مثلا / ماهيته وهويته التي يتركب منها ماديا هي انه مكون من عنصرين اساسيين هما الاوكسجين والهيدروجين ،وهذه الماهوية هي ثابته ولايمكن ايجاد مادة الماء بدون هذين العنصرين  اما الماء نفسه فهو مادة قابلة للتغير خارجيا من سائلة الى جامدة والى متبخرة وهذا احد المعاني التقريبية بين قصدية ثبات الماهية في الفكر الفلسفي وتغير المادية !!.
ثم ميزالفلاسفة الارسطيون كخطوة اخرى على طريق المفاهيم الانسانية المنطقية بين ثلاث مستويات للافكار مستوى ماهوي ومستوى مادي ومستوى اعتباري ، وسلطوا الضوء ((كمثال)) على ان للمجتمع ثلاث مستويات من المفاهيم الفكرية المستوى الثابت لمفهوم المجتمع (المجتمع هو المجتمع الانساني بهويته لايتغير عنوانه) والمستوى المادي المتغيروالمتطور ( مجتمع مدني مجتمع قبلي مجتمع اقتصادي صناعي مجتمع زراعي مجتمع بدائي مجتمع تكنلوجي و.... حسب تطورات المجتمع وتقلباته الخارجية ) والمستوى الاعتباري ( الملكية ، نظام السلطة والحكم  نظام العرف الاجتماعي هذا حسن اجتماعيا هذا قبيح ، المعايير الاخلاقية و... ) واعتبر الفلاسفة ان الاعتباريات مفاهيم اجتماعية يخلقها ويصنعها كل مجتمع حسب متطلباته  وليس لها اي حقائق مادية او ماهوية وهي تختلف من مجتمع الى اخر !.
هذا ما طرحته المدرسة الفلسفية بالعموم ولكل محور ادلته وبراهينه العقلية والعلمية في هذا الاطار .
سادسا : يبدو لي ان الدكتور  الوردي عندما حاول نقد الفلسفة الارسطية الاسلامية في معظم مؤلفاته ، وبغض النظر عن انه نقد وتناول لايرتقي لمستوى المنهجية العلمية ، الا انه ( هكذا استشف من طرح الوردي شخصيا ) كان يعتقد ان الفلسفة مشروع تاريخي لاغير  وانه توقف ومات عند التاريخ ، ولهذا ينبغي التخلص من تراثه وارثه الفكري بلا رجعة !!.
اسباب قناعاتي هذه مبررة ، ومن اهم دوافعها ان الوردي لم يتناول اي طرح فلسفي ارسطي حديث ليبحثه او ليناقشه من منطلق مناقشة ، وبحث المدرسة الارسطية الاسلامية بكل تطوراتها الفكرية حتى العصر الحديث ، ولهذا هو يذكر ابن طفيل وبعض من ارائه ويذكر ابن رشد و ........ هكذا مجموعة تاريخية من فلاسفة الحضارة العربية والاسلامية ويتناول ليس طبعا براهينهم ،  او ادلتهم الفلسفية وانما ارائهم الفكرية في هذا الموضوع الفكري او ذاك ثم يبني نقده للفلسفة على هذا الاساس والمنهج !!.
لم يناقش الوردي ( مثلا ) زكي نجيب محمود ولا مرتضى مطهري ولا محمد حسين الطباطبائي ولا محمد باقر الصدر و ...الخ ،من المعاصرين للدكتور الوردي والمنتمين بنفس الوقت للمدرسة الفلسفية الارسطية الاسلامية ، ولم يتناول حتى المنطق الارسطي من خلال ما كتبه المناطقة في العالمين العربي والاسلامي لاسيما ماكتبه ( محمد رضا المظفر ) في العراق !!.
وهذا لعله مايدفع لقناعاتي  بان الدكتور  الوردي كان ينظر للفلسفة على اساس انها مشروع تاريخي ينبغي ان يطلق الدكتور علي الوردي على راسه رصاصة الرحمة لينتهي كل شيئ ؟!!.
لكن اعتقد لو كان الدكتور الوردي متوسعا قليلا في رؤيته لمشروع الفلسفة ومنطقها الارسطي الاسلامي  ومستوعبا لفكرة: (( ان الفلسفة مشروع انساني متطور مع الانساني ، وانه لايمكن لاي مجتمع انساني ان يقيم بناءه الحضاري والعلمي بدون مشروع فلسفة فكرية حرة تتقدم هذه النهضة )) وان الفلسفة اولها انطلق من الحضارة اليونانية ولكن اخرها مستمر مع الانسان اينما فكر لوجود حلول لمشاكله الانسانية ، اعتقد لو كان الوردي بهذا التفكير لما اعتقد ابدا ان الفلسفة ومنطقها الارسطي مجرد خزعبلات طوبائية لااكثر ولا اقل !.
ولربما لو كان الدكتور الوردي مطلعا وباحثا بعمق في مبادئ واساسيات الفلسفة الارسطية ومنطقها الارسطي ومطلعا بالخصوص على ما كتبه وبحثه الفلاسفة الارسطيين في العصر الحديث ، لتغيرت وجهته الفكرية تماما ولكتب في نقد الفلسفة الشيئ العميق والمثمر للفكر العراقي الحديث بدلا من ان يتناول الفلسفة بعموميات الافكار الثقافية !.           

1: راجع بهذا الصدد : منطق ابن خلدون في ضوء حضارته وشخصيته  / الفصل الاول / خصائص المنطق القديم / امثلة واقعية / الصفحات 29 ، 35 وما بعدها / ط الثانية / دار كوفان / 1994م  

2: / انظر منطق ابن خلدون / دار كوفان 94 / الفصل الاول / خصائص المنطق القديم / ص  28 .

3 : نفس المصدر / ص 28 .

4 : نفس المصدر / ص 29 .

5 : نفس المصدر السابق / ص 29 .

6 : نفس المصدر ص 40 .

7 : نفس المصدر / راجع الشرح من صفحة 40 الى ص 45 .

8 : منطق ابن خلدون / ص 40 .

9 : يراجع بصدد اختلافات الرؤية المادية الماركسية مع الرؤية الفلسفية العقلية الارسطية : فلسفتنا / محمد باقر الصدر / المفهوم الفلسفي للعالم / من ص 177 الى 194 / دار التعارف / بيروت لبنان / ط الرابعة عشر : حيث ذكر الصدر مظافا لما تناوله في نظرية المعرفة في القسم الاول من الكتاب ، تناول الرؤية الفلسفية الارسطية في هذا الاطار واختلاف هذه الرؤية بمفاصلها الرئيسية عن الرؤية المادية التي تضع الحس والتجربة كطريق وحيد للمعرفة الانسانية .

alshakerr@yahoo,com 

مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد

http://7araa.blogspot.com/