السبت، فبراير 09، 2013

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثالث والعشرون

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثالث والعشرون


حميد الشاكر



(( حي ابن يقظان قصة عقل داخل انسان أم قصة انسان داخل غابة ؟ ))



********************************



خامسا :

ليس هناك من اشكالية علمية او فكرية او فلسفية : ان يتناول اي مفكر او عالم مشروع الفلسفة الارسطية العربية الاسلامية تاريخيا ، وحتى عصرنا الحديث بالنقد والملاحقة والتفكيك ، ولكن بشرط ان يكون هذا الناقد لمشروع هذه الفلسفة الارسطية الاسلامية وبكل فلاسفتها العقليين الكبار من ارسطوا وافلاطون .... حتى الكندي والفارابي وابن سينا ... الى ابن طفيل وابن رشد ... نهاية بالطباطبائي والصدر محمد باقر ومطهري على مستوى مقبول من المعرفة والادراك بهذا المشروع الفلسفي ، وتاريخه واهدافه ومصطلحاته ومفاهيمه وتوجهاته ومواضيعه .... وباقي الضروريات !!.

اما ان يتصدى لمشروع الفلسفة الارسطية الاسلامية نقدياوبشكل استهزائي مستفز امثال المرحوم علي الوردي الذي لم يتمكن من قراءة نص فلسفي واحد بشكله الدقيق والصحيح (( نص / قصة حي ابن يقظان )) لفيلسوف المغرب ((ابن طفيل )) فهذه اشبه بالكارثة الفكرية والفلسفية والثقافية والعلمية التي حطت على راس ثقافتنا وفكرنا العراقي الحديث !!.



نعم قد اوضحنا في القسم الحادي والثاني والعشرين من ابحاثنا هذه كيف ان علي الوردي ، ولافتقاره المعرفي الفلسفي ، بل وتطفله العلمي على مشروع الفلسفة الارسطية الاسلامية قد ذهب في طريق خاطئ تماما عندما فهم وناقش نص (( قصة حي ابن يقظان )) على اساس قشرتها المادية ليناقش من ثم ويبحث وينتقد هذه القصة على انها قصة تتحدث عن انسان عاش في غابة ، واكتشف المعرفة من خلال التأمل الفكري والعقلي المحض ، والبعيد عن كل ادوات المعرفة البشرية الواقعية الذي يهبها المجتمع للعقل الانساني ،ولهذا يستغرب علي الوردي ويتساءل بكيف لانسان يعيش في غابة منعزلة ان يصبح فيلسوفا ويصل الى اعمق الحقائق الفكرية ؟؟!!.

بينما كانت حقيقة القصة ، وجوهر نصها الفلسفي الارسطي الاسلامي كما يفهمها اهل الاختصاص بالفلسفة والملمين بادوات مصطلحاتها الفكرية ومفاهيمها العقلية متحدثا بشكل اساس عن قصة (( عقل يعيش داخل انسان ، وليس قصة انسان يعيش داخل غابة )) منذ ولادته حتى نموه الى التقائه من خلال الحواس بالعالم الخارجي ...... والى تكوينه لارقى المفاهيم العقلية الفلسفية التي تتحدث عن مفهوم (( واجب الوجود وممكن الوجود وممتنع الوجود )) !!.

وطبيعي ان هذه المصطلحات ومفاهيمهما الفكرية ومراتبها العقلية .... لايفهمها ولا يدرك مساراتها وتراتبيتها العقلية الا من تخصص او ادرك بعمق :

اولا : ماذا تعنيه هذه المصطلحات في الفكر الفلسفي الارسطي الاسلامي بالتحديد ؟.

ثانيا : ولماذا ؟ وكيف ؟ وباي دليل ؟ ..اصبح الفكر وتصوراته واحكامه وتصديقاته بالنسبة للعقل الانساني ذا مراتب متعددة واولويات يتقدم بعضها على بعض منها :

أ : ماهو اولي صوري معتمد بالكلية على الحس والمادة في الواقع الخارجي وله تصديقاته المنطقية .

ب : ومنها ماهو قريب في مفاهيمه الكلية من المنطق العقلي وادواته كمفهوم المقارنة والكليات التركيبية .

ج : ومنها ماهو منتزع بشكل مركب من الحس والمادة ولكنه بعيد خطوة عن هذا الحس والمادة ومركباتها !!.



وهكذا هي هذه الفلسفة التي قليلها جهل وكثيرها وعي وادراك واحاطة ، لاتقبل بالمشتغلين بها الا من كان ذا كعب راسخ في هذا العلم العقلي الذي نقل البشرية من عصورها السحرية والخرافية المظلمة الى عصورها التنويرية العقلية والحضارية بكل ماتعنيه كلمة حضارة من معنى ومفاهيم !.



نعم (( قصة حي ابن يقظان)) حلقة فكرية اتت لاتمام حلقات سبقتها في مشروع الفلسفة الارسطية العربية الاسلامية كما انها رتبة هيئت لما بعدها وحتى اليوم لتكون مرقاة من خلالها نتصل تاريخيا وفكريا وذهنيا وعقليا .. بمشروع الفلسفة هذا الذي اصبح له حتى اليوم من العمر مايناهز الالفين والخمسمائة عام تقريبا وهو يتربع على عرش العقلانية الانسانية المثمرة !.



ومن هنا قلنا انه لايمكن لاي باحث يريد ادراك وفهم النص القصصي الفلسفي ل(حي بن يقظان) وهو بعيد وغائب عن ادراك كليات حركة مشروع الفلسفة الارسطية الاسلامية تاريخيا من جهة او وهو بعيد عن فهم وادراك تطورات مفاهيم ومصطلحات هذه الفلسفة العقلية منذ تاسيسها وحتى اليوم من جانب اخر ، وهذا ماوقع به مع الاسف من جهل مرحومنا علي الوردي بكل ما يتعلق بضروريات فهم الفلسفة الارسطية تاريخيا ومفاهيميا ايضا !!.



والحقيقة ان نص ( حي ابن يقظان ) حاله مع مشروع الفلسفة حال اي منتج فلسفي لاي فيلسوف ارسطي اسلامي انذاك كان يتناول موضوعات الفلسفة المتنوعة من خلال اتجاهين رئيسيين :

الاول : وهو الاتجاه الواسع في تناول مسارات العلوم الانسانية لمواضيع الفلسفة الارسطية الاسلامية او ما يتصل بها .

الثاني: وهوما اختص به العلم الفلسفي من(دراسة للذهن والعقل البشري)في مساراته وتوجهاته وقدراته وتراكيبه للتصورات الانسانية وطبيعتها ومنطقها .



اي وبمعنى اخر: ان الفلسفة بمشروعها العام وباعتبارانها كانت تاريخيا امًّا لجميع العلوم الانسانية ورحما لولادة هذه العلوم (( طب كيمياء رياضيات طبيعيات ...الخ )) فقد كانت تبتدأ حلقات مواضيعها الفكرية بشرح وجهات نظرها من خلال ماتقوله هذه العلوم الانسانية ،ومعروف على هذا الصعيد تاريخيا ان الفلسفة كانت هي الاطار الشامل لكل افكار وتصورات هذه العلوم الانسانية قبل ان تنفصل حديثا هذه العلوم عن الفلسفة ، وتستقل بمناهجها العلمية التجريبية ، ولهذا جاءت قصة (( حي ابن يقظان)) لابن طفيل في بداياتها داخل سياق الفلسفة ومواضيعها (( كما هي رسائل اخوان الصفا ايضا )) ، وهي متدرجة في تناولها لوجهات نظر اكثر من علم من هذه العلوم الانسانية والتي يمكن حصرها بالاتي :

1 : علم الجغرافية ( عندما تحدث ابن طفيل عن الاقاليم الجغرافية ) .

2 : التربية (حنان الظبية لحي وهو طفل ).

3 : الطب ( تشريح حي لامه الظبية ) .

4 : الكيمياء ( تفاعلات العناصر الاربعة ).

5 : الفيزياء العلوم الطبيعية ( الحديث عن الزمن وعلاقته بالحركة ..)) .

6 : علم الحياة .

7 : علم الاجتماع .

8 : الرياضيات .

9 : الاخلاق ( تعلق حي ابن يقظان بامه الظبية ) .

10 : الفللك .

11 : المنطق والفلسفة .

12 : علم نشوء الكون .

13 : ماوراء الطبيعة .



اما الجانب الاخر من معادلة الطرح الفلسفي والذي يعتبر هو الجانب الاساس للمشروع الفلسفي ومنطقه الارسطي الاسلامي فكان هو دراسة ((طبيعة الذهن الانساني)) في ولادته وحركته ونموه وقدراته وتطوره وابداعه وتركيبه للمفاهيم واستحصاله على المعلومة ، وكيفية اتصاله بالواقع ....الخ وهذا الجانب تكفلت به قصة (( حي ابن يقظان )) بشكل ادبي قصصي خيالي رائع ومتميز حيث اننا ندرك (قصة العقل البشري) في داخل سياق هذه الحكاية الفلسفية من خلال اول مفردة لذكر هذا الطفل ((حي )) الذي اختلفت الرواية داخل القصة حول وجوده ، بين من يقول انه توّلد من خلال التولد الذاتي الطبيعي من الارض بفكرة التدرج والانتخاب الطبيعي (( النشوء والارتقاء لنظرية تشارلس دارون في العصر العلمي الحديث )) ، وبين من يقول انه تولد من اب وام كانايعيشان بالقرب من الجزيرة التي احتضنت حي بعد ان رمته امه في البحرخشية انتقام سلطان غشوم منه ومن ابيه وامه !!.



وهكذا تبدأ مخيلة قصة ابن طفيل ((متجسدتا بتخيل طفل يبدأمشروع حياته العقلية في جزيرة منقطعة)) لتناول ((طبيعة العقل البشري)) في ولادته بعيدا عن كل المؤثرات الاجتماعية التي تحيط بالانسان لتسيطر من ثم على كل تفكيره وتصوراته وربما تعيق نموه الطبيعي ، الذي لو ترك لتجربته العقلية الحرّة والطبيعية لكان اكثر نموا طبيعيا منه اذا كان نموه العقلي مسيطرا عليه اجتماعيا وتربويا واسريا وغير ذالك !!.

اذاً ومنذ بدايات القصة برمتها يريد(ابن طفيل) ان يطرح اشكالية فلسفية اجتماعية متصلة (( بصناعة العقل البشري وطبيعته الفسلجية )) وهي : ان العقل وطبيعته الانسانية له بعدان في عمله الفكري :

الاول : وهو البعد الذاتي للعقل البشري ففي طبيعة هذا العقل توجد مقومات طبيعية تؤهل هذا العقل ذاتيا من الاتصال بالواقع الخارجي المادي المحيط به من خلال ما موجود من ادواته الحسية البشرية الفسلجية والمتصلة تلقائيا بمدركات هذا العقل من قبيل (( السمع النظر الشم اللمس التذوف ...)) !.

ثانيا : وهو البعد التربوي الاسري والاجتماعي ، والذي هو عبارة عن (سلم حضاري تاريخي) متأخر زمانيا ونسبيا في حياة الانسانية بشكل عام عن سلم البعد الذاتي الحسي للانسان وعقله !.

ولهذا وفي قصة((حي ابن يقظان)) صاغ ابن طفيل هذه الحقيقة التاريخية الانسانية اولا والعقلية البشرية ثانيا باروع صياغة عندما ابتكر قصة (طفل هو حي ابن يقظان) الذي ساقه قدره ليبدأ لنا حكاية الانسان وعقله الطبيعي وهو عاريا عن مؤثرات المجتمع وتكويناته المتأخرة تاريخيا عن مسيرة الانسان وتطوره في هذا العالم !.

وهذه في الحقيقة هي نفس النظرية الحديثة حول الاسرة والمجتمع ل(( ول ديورانت )) في قصة الحضارة ، واعتبار ان سلم التطور البشري بدأ فرديا قبل ان يصل لنظام الاسرة ومن ثم المجتمع ، ليصبح اخيرا هذا المجتمع هو احد حلقات انتقال الارث الفكري والعقلي للانسان من جيل الى جيل بدون عناء هذا الانسان لبدايةالبحث بنفسه عن الارث والتقاليدوالافكار والتصورات .... وصناعتها !.



ينطلق ابن طفيل في رائعته الفلسفية (( حي ابن يقظان )) الى ان اول شيئ ادركه العقل البشري داخل حي ابن يقظان بعد ان مرّ بمراحل ادراك (( العلم الحضوري / ادراك حيّ لاناه ومن ثم لمسموعه ومنظوره وملموسه ........... )) هو ادراكه لمبدأ (( السببية )) عندما وفجأة يفقد (( حيّ ابن يقظان / وهو ابن سبع سنين )) أمه الظبيه بالموت ولتفقد الحركة والحياة فيما بعد وعندها يستغرب حيّ من هذه الظاهرة الجديدة ، ويتسائل : لماذا لاتتحرك وليس فيها حياة وحركة امه الظبيه الحنون ؟!.



مبدأ ان ((لكل سبب مسبب )) يطرحه ابن طفيل عقليا في ((حي ابن يقظان)) على اساس انه طبيعة من طبائع العقل البشري والتي هي ايضا طبيعة من طبائع حتى العقول الحيوانية البسيطة والغير معقدة ، فهذا المبدأ العقلي هو ليس بحاجة الى تربية وتعليم ليدرك الانسان ماهيته ويعمل بمقتضاه ، بل انه من البداهة بحيث ان الانسان ، والحيوان يدركه لمجرد وجوده في هذا العالم ، لكن الفرق بين العقل البشري وطبيعته والعقل الحيواني وبساطته ان للعقل الانساني القدرة على سؤال ((لماذا)) ليبدأ مشروع بحثه الى مابعد الظاهرة الحسية ليكتشف قوانينها الواقعية ،بينما يبقى العقل الحيواني جامدا عند الاحساس والشعور لظاهرة السببية والعمل بمقتضى قانونها بدون ان يكون مهيئا عقليا للبحث والاستقصاء الى مابعد الظاهرة المادية !.



وهكذا يبدأ ((عقل حي ابن يقظان)) مسيرته الذاتية في هذه القصة لينتقل فيما بعدها لاستحصال المعرفة العقلية البشرية ومن خلال تدرجها الذي تؤمن به الفلسفة الارسطية الاسلامية في كيفية بناء المعرفة الانسانية ومراحل تطورها العقلية من الحسي المادي الى العقلي المفاهيمي التركيبي بالتالي :

اولا : النظر .

ثانيا : الملاحظة .

ثالثا : المراقبة .

رابعا : المحاكاة .

خامسا : الاكتشاف .

سادسا : المصادفة .

سابعا : الحاجة .

ثامنا : التجربة .

تاسعا : الاختبار .

عاشرا : المقارنة .

احدعشر : الحدس .

اثنا عشر : التصرف .

ثلاثة عشر : القياس .

اربعة عشر : الاستنتاج .



فكل هذه المسيرة العقلية لاستحصال المعرفةالانسانية مذكورة قصصيا في حي ابن يقظان من قبيل اكتشاف حيّ للنار مصادفة عندما هبطت صاعقة نارية من السماء لتحدث نارا ، او من قبيل محاكاة حي ابن يقظان للحيواناتفي اتخاذه للمسكن والسلاح ...الح حتى وصول حياة حي العقلية في عزلته الى مفهوم ((واجب الوجود)) والذي هو من ارقى المفاهيم العقلية في الفلسفة الارسطية الاسلامية !!.

عند هذا المنعطف من القصة ينتقل ابن طفيل الى ابتكار او ادخال عنصر (( أسال )) الرجل المعرفي الصوفي المتأول الطالب للعزلة عن المجتمع والهارب من ضوضائه والمتوجه الى الخلوة في نفس الجزيرة التي يعيش فيها ((حي ابن يقظان )) ولكن بدون ان يعلم ان في هذه الجزيرة انسانا اخر يعيش ، وهو لايدرك عن العالم الخارجي الاجتماعي اي شيئ الا ذهنه وعقله وذاته لاغير ، ولمرحلة وجيزة من الزمن يلتقي اسال صدفة بحيّ ابن يقظان !!.

طبعا مفصل ان يقف ابن طفيل عند مفهوم (( واجب الوجود )) في عقل حيّ ، لينتقل منه لادخال عنصر (اسال ) في الحكاية بحاجة الى وقفة فكرية عميقة وطويلة تبدأ بسؤال : لماذا توقف ابن طفيل عند هذا المفصل ليدخل عنصر (اسال او المجتمع ) في حياة (( حيّ )) ولم يستمر في قصته الى النهاية فقط بسرد حياة هذا الانسان المنعزل ؟ ، لكن ليس هنا هو مكان طرحها الان بالتفصيل باعتبار ان التفصيل يخل بطرحنا المختصر لهذه القصة ولكن يكفي الاشارة هنا الى ان : (( الفلسفة الارسطية الاسلامية ، وكما ذكرناه انفا تؤمن بان مصادر المعرفة الانسانية منه ماهو ذاتي وطبيعي للعقل البشري ومنه ماهو اجتماعي لهذه المعرفة )) ، ولهذا ادخل ابن طفيل في نهاية قصته (( حي ابن يقظان )) بُعد المجتمع في حياة حيّ والذي هو متمثلا ب ((اسال)) هذا الانسان الذي اتى من عمق الصراعات الاجتماعية ليشارك (حيّ) عزلته الطبيعية ليعود بها وبعقله من تراكمات الاجتماع الى بساطة وبدائيات الطبيعة !!.



في القصة يتعرف (اسال) على انسان لايعرف لغة ينطق بهاومع ان اسال حدّث (حيّ) باكثر من لغة انسانية الا انه لم يستطع ان يتفاهم معه لعدم ادراك ومعرفة حيّ لاي لغة بشرية مع انه كان يدرك ويعلم ويفهم (( لغة الحيوانات وتعبيراتها واصواتها ومقاصدها من هذه الاصوات)) الا انه وبسبب انه لم يعش داخل اسرة ومجتمع فقد تعلم اللغةالبشرية مطلقا مما اضطر (اسال ) لتعليم حي ابن يقظان لغة البشر من خلال المسيات واسمائها ليستطيع ان يتفاهم معه !!.



وهنا ايضا نحن بحاجة فكريا وفلسفيا وعلميا الى وقفة مطولة مع هذا المفصل من القصة لنتسائل : بلماذا لم يستطع حي ابن يقظان في قصة ((ابن طفيل)) من ابتكار اللغة البشرية والنطق بها من خلال تاملاته وقدراته العقلية التي لها قدرات ذاتية في التامل والاستنتاج الا انها عجزت عن صناعة اللغة او استنتاجها ؟.

او يمكن السؤال بالاتي وهو : ماهي رؤية فلسفة ابن طفيل الارسطية الاسلامية في موضوعة اللغة ؟.

ولماذا يرى ((ابن طفيل والفلاسفة الارسطيون الاسلاميون)) : ان موضوع اللغة والنطق هو شيئ مختلف عن موضوع العقل وطبيعته الاستنتاجية ولهذا اضطر ابن طفيل ادخال عنصر المجتمع من خلال (اسال ) ليكون هو معلمه للغة البشرية ؟.

طبعا هنا بحث عميق مجمله ان اللغة من ضمن معطيات المجتمع باعتبارها اداة اتصال فكرية واجتماعية بين انسان واخر في الرؤية الارسطية الاسلامية ولهذا طرحها ابن طفيل متأخرة عن قصة الانسان العقلية الفردية كي لاتشوش على جوهر القصة وهو مسيرة العقل البشري الطبيعية في اللقصة ،فالقصة ناظرة الى الانتقال بالعقل البشري طبيعيا من موضوع الذهن البشري فلسفيا الى موضوع التقاء هذا الذهن اخيرا بالمجتمع وبباقي الاذهان البشرية الاخرى ، ولهذا اخّر ابن طفيل موضوعة اللغة لتكون هي من اواخر مراحل مسيرة العقل الانساني ، ليس باعتبار ان اللغة مجتمعيا في الفلسفة الارسطية ليست ذات قيمة معرفية كما يفهمه الجهال بالفلسفة وادوات تعبيرها ، بل لان اللغة تاريخيا في حياة الانسان العقلية هي بالفعل نتيجة وجود الاسرة والمجتمع في حياة الانسان الفرد من جهة ، ولانها مجرد اداة اتصال خلفت الاشارة كاداة اتصال لغوية غير ناطقة في حياة البشرية من جانب اخر !.



لا اريد فعلا ان اطيل على قارئي العزيز في شرح قصة حي ابن يقظان عقليا وفلسفيا ،وما في هذه القصة من علوم ونظريات غاية في الروعة والتألق فهذا بحاجة الى دراسة وتوسعة لايحتملها بحث مختصر ولكن اريد ان اصل الى ان القصة بتركيبتها الفكرية الفلسفية العلمية ، وبتركيبتها الادبية الروائية بالفعل من اندر القصص الفلسفية التي استطاعت ان تطرح فكرا فلسفيا باسلوب شيق ومتامل ودقيق بالفعل حتى اليوم ، ولهذا تنتهي القصة بعودة ((حيّ ابن يقظان مع صديقه اسال )) الى المدنية والمجتمع ومشاكله ، وهم متوافقان تماما على ان : (( ما يجود به العقل الانساني الفلسفي من مفاهيم ويصل اليه من حقائق فكرية وعلمية تتوافق تماما مع ما توصلت اليه الشرائه بوحيها اللاهوتي الديني الصحيح )) ، وان العقل الانساني ينبغي ان يكون رائدا ومؤلا وفاهما لنصوص وافكار وحقائق الوحي والشريعة ، وهو الاقدر على وعي الشريعة ومقاصدها واهدافها ، وبهذا عاد (حيّ واسال ) لطرح مشروع توافق المنقول والمعقول او توافق الوحي والعقل للناس اجمعين ولكن الناس بسطاء وكسبة ومشغولون بهموم الدنيا وصراعاتها وليس لهم القدرة الذهنية او العلمية لفهم هكذا طروح ومشاريع عقلية واسلامية تبتغي الوصول للحقائق ، فيقرر الصديقان بالرجوع الى جزيرتهما المنعزلة (( والتي هي رمز لتكوين مجتمع فلاسفة وعلماء صغير يتداول داخله ارقى الافكار والتصورات العلمية والفلسفية ، حالهم في ذالك حال اهل الحل ، والعقد في السياسة واتخاذ قرارات الادارة للمجتمع )) !!.

هذه هي المحاورالرئيسية لقصة حي ابن يقظان لابن طفيل وهذه هي مسيرة العقل البشري وطبائعه منذولادته انسانيا تاريخيا حتى وصوله الى مانحن عليه اليوم حضاريا ومجتمعيا انسانيا فهل يحق بعد هذا كله لمتطفل كالمرحوم علي الوردي ان يتهم هذا المشروع الفلسفي بانه مشروع خرافي لايؤمن بالمجتمع ولايؤمن بالواقع الخارجي لالسبب الا لان المشروع اعلى واعمق من عقلية المرحوم علي الوردي السطحية القشرية لاغير ؟.



يضرب لنا مثلا المرحوم علي الوردي على رؤيته كدليل وبرهان (عقلي) على فساد راي ابن طفيل في حي ابن يقظان بالعثور على طفل في اباد وهويعيش مع الذئاب ليقلد الذئاب في كل شيئ وليستنتج من هذه الحادثة المرحوم علي الوردي: انه لايمكن لانسان ان يعيش بعيدا عن المجتمع فينتج فلسفة راقية كما ينتجها حي ابن يقظان في قصة ابن طفيل ؟.

ولم يدرك هذا المرحوم البسيط ان نفس مثاله هذا الذي ذكره في كتابه (مهزلة العقل البشري ) هو دليل على نظرية ابن طفيل الفلسفية ولا يصلح ان يكون اداة ضدها !!!.

وهذا ما سنبينه فيما بعد في القسم القادم ليطلع القارئ على بساطة ذهن المرحوم علي الوردي ، وعلى عجزه التام على قدرة حتى تحليل الظاهرة الذي ينتخبها لتؤيد رايه فضلا عن قدرته على وعي الظاهرة او نقد فلاسفتها !!!.



___________________________________

alshakerr@yahoo,com

مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد

http://7araa.blogspot.com/











الأحد، فبراير 03، 2013

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثاني والعشرون

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الثاني والعشرون


حميد الشاكر



(( فلسفة ابن طفيل وفقاعات علي الوردي ))



7

***********************

رابعا :



لو سألنا ((مثلا)) المرحوم علي الوردي عن سبب كتابة ابن طفيل فيلسوف المغرب العربي الاسلامي انذاك لقصة (( حي ابن يقظان )) ، فبماذا كان يمكن ان يجيبنا هذا المرحوم ؟.

يجيبنا بما ذكره في كتابه ((مهزلة العقل البشري)) بان ابن طفيل اراد ان يشرح للناس ومن خلال هذه القصة (( طبيعة العقل البشري كما تفهمها الفلسفة الارسطية الاسلامية العربية !!.

ممتاز جدا واذا سألنا مرة اخرى المرحوم علي الوردي ب : لماذا اراد (ابن طفيل) ان يشرح لقراءه طبيعة العقل البشري من خلال قصة ، ولم يشأ ان يشرح هذه ((الطبيعة العقلية)) كما شرحها باقي الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين بشكل مباشر وبلا صياغتها بقصص ادبي ؟.

المرحوم علي الوردي لم يتناول هذا المحور من فكر ابن طفيل وهو يستعد لنقد فلسفة ابن طفيل ، او قبل ان يستهزء بعقليته الفلسفية الارسطية الاسلامية في شرح طبيعة العقل البشري في هذه الفلسفة !!.



طبعا لا اعلم لماذا لم يشرعلي الوردي وهو يتناول ابن طفيل نقديا ان يذكر لقراءه جواب سؤال لماذا التجأ ابن طفيل لصياغة فكره الفلسفي حول طبيعة العقل البشري بشكل حكاية قصصية تتحدث عن انسان عاش في غابة وارضعته ظبية ؟.

ولكن ما ادركه علميا وفلسفيا وفكريا وتاريخيا .. انه لايمكن لكاتب يريد ان يحترم بحثه العلمي او الفلسفي اولا، ويصل الى ادراك واعي لمايحاول نقده من توجهات الفلسفة العربية الاسلامية الارسطية ثانيا وهولايدرك الظروف الاجتماعية والتاريخية والفكرية والاقتصادية .... التي ولدت بها هذه الفلسفة وافكارها ، او كيف كانت تتحرك وماهي اهدافها ومشروعها الذي تريد ان تصل اليه من خلال طرحها الفلسفي والعلمي هذا !!.

وهذه اشكالية من اشكاليات طرح المرحوم الوردي السطحي ، الذي يسميه نقدا للفلسفة وللفلاسفة العرب والمسلمين واليونان ، فهو رحمه الله ولانه قشري الاطلاع استطاع ان يتناول قصة ((حي ابن يقظان)) كما طرحت امامه في الكتب ، وبلا اي جهد بحثي او تعمق دراسي وتاملي لهذا المشروع الفلسفي الارسطي العربي الاسلامي ، فتوصل من خلال جهده الجهيد الى نقطة واحدة لاغير من كل كيان ابن طفيل الفلسفي وهو انه طارح :(( لقصة حي ابن يقظان التي اراد من خلالها ان يشرح لقراءه طبيعة العقل البشري )) !!.

اما لماذا طرح ابن طفيل فكره بشكل قصصي ادبي بدلا من طرحه بشكل كلاسيكي فكري تقليدي ؟.

فلم يرد ابدا على ذهن علي الوردي ان يلاحق جواب هذا السؤال او يهتم بان يشرح لقراءه : لماذا يطرح فيلسوف كابن طفيل فكره الفلسفي بشكل قصصي ادبي ، وليس بشكل كلاسيكي تقليدي ؟.

او ماهي الاسباب الفكرية او الفلسفية او السياسية او الاجتماعية.. التي دفعت ابن طفيل ليطرح فكره الفلسفي بشكل قصصي ادبي ، ويوصل من خلال هذا الاسلوب الفني رؤية الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين لطبيعة العقل البشري ؟.



ولكن من جانب اخر من حق علي الوردي على محازبيه ، والمتولعين بفوضويته الفكرية ان يدافعوا عن ارائه واسلوب طرحه بارجاع السؤال الى ساحتنا ليسألونا نحن نقاد فكر المرحوم الوردي بالاتي : وماهي قيمة ان يشرح او لايشرح علي الوردي جميع ملابسات وابعاد فكر الفيلسوف ابن طفيل ، ويشغل نفسه بمعرفة : لماذا كتب ابن طفيل فكره الفلسفي من خلال اسلوب قصصي ادبي ، وليس من خلال شكل كلاسيكي تقليدي ؟.

بمعنى آخر: ماهي القيمة العلمية او الفلسفية التي سوف يفتقدها فكر الوردي عندما يطرح ابن طفيل عاريا تماما الا من نسبة قصة ((حي ابن يقظان)) له لاغير ، وعلى هذا الاساس انتقد علي الوردي ((ابن طفيل)) وفكره وفلسفته من خلال هذه القصة ومفرداتها فحسب ؟.



هنا لابد ان نجيب بالاتي :

بغض النظرعن ان هذا الطرح الذي يحاول التقاط الفكر اي فكر او التقاط مفردة من الفلسفة اي فلسفة ويصادر في المقابل كل واقعها الاجتماعي والسياسي والفكري والانساني ...، ليناقش هذا الفكر عاريا من واقعه وملابساته وظروفه هو طرح لاعلمي بل هو طرح مضلل بل هو طرح لايستخدمه الا اصحاب التطفل على العلم واسمه ،.....، اقول بغض النظر عن ذالك ، الا انه لايمكننا مطلقا ان نفهم اي مفردة من اي علم او فلسفة بشكلها الصحيح والدقيق والمحدد ما لم ندرك ونعي ونفهم اولا محيط هذا الفكر الاجتماعي والتاريخي والديني العقدي ، والسياسي وحتى الاقتصادي لنصل في النهاية الى اهداف ومبررات ودواعي وتوجهات هذه الفلسفة او ذالك العلم !!.

ونعم اكثر من اساء الى الفكر والعلم والفلسفة في كتاباتهم ، واطروحاتهم السفيهة هم اؤلئك اللذين يكتبون بلا ان يدركوا او يعوا او يفهموا مقاصد هذه العلوم والافكار والفلسفات ، وكيف نمت وتحركت وتصارعت وانتصرت وهزمت في هذا المضمار الاجتماعي والتاريخي والفكري والسياسي ....، وهذا هو حال مع الاسف المرحوم علي الوردي مع الفلسفة العربية الاسلامية بالخصوص والعلم الاجتماعي والنفسي والتاريخي بالعموم !!.

فهو رجل لم يفهم من ابن طفيل الا انه كاتب قصة ((حي ابن يقظان)) اراد ان يشرح من خلالها طبيعة العقل البشري ، وعلى هذا الاساس نظر علي الوردي على اساس انه عملاق منتفخ امام نحالة وضعف الهيكل العظمي الفكري لابن طفيل ، ولكن ما درى مرحومنا الوردي ان انتفاخه ماهو الا مجرد فقاعة اعلامية سياسية حزبية خمسينية ماركسية شيوعية منقرضة ومؤقتة وغير منبنية على اساس علمي وفلسفي متين وسياتي اليوم التي تنفجرهذه البالونة امام اصالة فكرالفلسفة الارسطية العربية والاسلامية من الكندي الى الشيخ الرئيس الى الفارابي ... بالعموم الى ابن طفيل وفلسفته المتينة التي لم تزل مستمرة بقوة وصلابة واقتدار واطمئنان وتاثير بشكل خاص !!.



ان ابن طفيل المولود سنة / 505 هجرية/المتوفي 581 هجرية /كان هوحلقة من حلقات الفلسفة العربية الاسلامية الارسطية التي ابتدأت بالكندي ابو يوسف يعقوب ابن اسحاق /185 هجرية / 256 هجرية/ الملقب بفيلسوف العرب والاسلام ومعروف عن هذه الحلقات العربية الاسلامية الارسطية الفلسفية منذ نشأتها على يد الكندي وحتى ابن طفيل انها الحلقات التي نهضت بالحضارة الاسلاميةالعربية بكل مفاصلها الفكريةالفلسفية والعقدية وحتى العلمية والسياسية والقانونية والعمرانية والهندسية والطبية والموسيقية الفنية .....، فلهؤلاء الفلاسفة يرجع تقدم العقل الاسلامي وانفتاحه في العصر العباسي الاول ولهم يرجع فضل تطور الفكر السياسي والقانوني (( الفارابي ب / اراء اهل المدينة الفاضلة / وابن رشد في / تلخيص السياسة لافلاطون ...)) وهكذا في باقي المجالات !!.

ولكن من الجانب الاخر لقصة الفلسفة وفلاسفتها في العالم العربي الاسلامي الحضاري كانت الصورة بلون مختلف ، حيث ان نفس هذه الحلقات الفلسفية ، التي نهضت بمجمل الحضارة العربية الاسلامية كانت تتعرض لابشع الهجمات السلفية الارهابية التي تستخدم الدين من اجل ضرب التيار الفلسفي وتصفية وجوده من الحياة العربية الاسلامية وكانت هذه الهجمات الارهابية فكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا .... تشتد وتضعف حسب مواقعها السياسية والاجتماعية ، ففي زمن الكندي وابن سينا والفارابي كان الهجوم السلفي الديني الارهابي لم يزل يشكل نواته الفكرية الارهابية بالهجوم على الفلسفة ومشروعها ، وما ان وصلت حلقات الفكر الفلسفي العربي والاسلامي الى (( ابن طفيل )) حتى استولت مجموعات ارهابية سلفية دينية متطرفة على قرار الحكم والسلطة بشكل عام في العالم الاسلامي ، فكان هناك (( ابن تيمية والغزالي وابن الصلاح ... كما اشرنا لهذا سابقا )) تصدر فرمانات تكفيرهم العلنية ضد الفلسفة بشكل عام ،وابن سينا وضد كل من يشتغل بمهنة الفلسفة والتفكير فيها بشكل خاص ووصل الوضع بالفلسفة العربية الاسلامية وبفلاسفتها من اصحاب صناعة الحضارة والحياة الى الانزواء بارائهم الفكرية خشيت التصفية والاغتيال من جهة ، وخشية غلبة الجهل والانحدار لهذه الامة ، ومعروف تاريخيا ما حصل من نكبة لفيلسوف الاندلس (( ابن رشد)) وكتبه التي حرقت ، والفلسفة فيما بعده وما ال اليه مصيرها ، وهذه الامة التي اقترن موتها وهجمت المغول البربرعليها بموت مشروع الفلسفةوفلاسفتها الذي ساهمت السلفية الدينيةبقتله لتقتل حضارة الامة الاسلامية معه ، وليس صدفة تاريخية ان تموت حضارة الامة الاسلامية ويموت اسلامها العقلي المنفتح ، وفكره الديني المستنير بموت الفلسفة وفلاسفتها الارسطيين الاسلاميين على يد البرابرة من سلفية هذه الامة والخارجين على حضارتها وتطورها !!.



نعم هذه هي الاجواء التاريخية والسياسية والاجتماعية ....، التي طرح فيها ((ابن طفيل)) استاذ فيلسوف قرطبة (( ابن رشد )) رائعته ((حي ابن يقظان)) وهي قصة ابتدأ مشروعها كما هو معروف الشيخ الرئيس (( ابن سينا )) عندما كان في سجنه وحاول (( السهروردي )) اعادة صياغتها لكن لم يصل لنا ، لا ما كتبه ابن سينا ولا السهروردي في هذه القصة ، ووصل لنا فقط قصة (( حي ابن يقظان )) ، التي انجز مشروعها ابن طفيل بكل جرأة واقتدار ومسؤولية ومغامرة تتحدى ارهاب فتاوى السلفية المدمرة والمكفرة لكل ماهو اسلامي مفكر وعقلي !!.



ومن هنا ربما نفهم جواب سؤالنا : لماذا كتب ابن طفيل فكره الفلسفي مصاغا بشكل قصة تتحدث عن انسان يعيش في غابة وحده !!.

نعم كان هو ايضا سبقا ادبيا فكريا لابن طفيل الذي استطاع ان يحول فكرا فلسفيا الى قصة ادبية ممتعة تحاول ايصال الافكار الفلسفية بشكل شيق وبسيط وتلقائي ، وهذا يدلل على ان الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين منذ (( الشيخ الرئيس ابن سينا )) حتى ابن طفيل كانوا يدركون ما للفلسفة ومصطلحاتها ومفرداتها من تعقيد وصعوبة على فهم القارئ المبتدأ والبسيط ، ولهذا جاءت هذه المحاولات الفلسفية بصياغة افكار الفلسفة وبالخصوص ما يتعلق ب (( طبيعة العقل البشري )) ، وبشكل الحكاية القصصية ، التي تلقم المعلومة لطالبها الفلسفي بشكل سلس ومشوق وبسيط وقصصي ادبي غير ممل !!.

لكن مع ذالك يبقى احتمال ان ابن طفيل صاغ فلسفته حول ( طبيعة العقل البشري) بشكل قصصي اتقاءا لشر الارهاب السلفي التكفيري المسيطر سياسيا وارهابيا انذاك والذي يلاحق كل ما يشم فيه رائحة الفلسفة او يقرأ في احد مفرداتها اسم الفلسفة لتدميره وتصفيته ونفيه من الحياة ، هو السبب والمبرر المعقول ايضا الذي دفع بابن طفيل ليقدم فلسفته بشكل قصة يتم من خلالها مشروع الرئيس ابن سينا من جهة لتبسيط الفلسفة لطلابها ،ويتقي بنفس الوقت غضبة الجهلاء القشريين المتحجرين من السلفية الارهابية من جانب اخر !!.



كانت ((حي ابن يقظان)) لابن طفيل اذا مشروع فلسفة وليست هي مجرد قصة حول انسان يعيش في غابة لوحده كما يطرحه ويفهمه ويعيه ..عالمنا الاجتماعي الصنديد علي الوردي في كتابه (( مهزلة العقل البشري )) الذي هو كتاب اسم على مسمى بالفعل وخاصة في تناوله للفلسفة ومشروعها !.

وكان الغرض من انشاء هذه القصة وبهذا العرض الادبي محورين :

الاول : هو طبعا التخلص من التضييق على الفلسفة من قبل السلطة القائمة ، ووعاظ سلطانها من المنحرفين اسلاميا والذين كانوا يرون ان اعدى اعدائهم هو الفلسفة ومشروعها الاسلامي الارسطي العقلي فكان القصص احد وسائل الهروب من قبضة الموت السياسية والرجعية السلفية !!.

والثاني : هو الاهتمام من قبل الفلاسفة الارسطيين العرب والمسلمين بتقديم فلسفتهم الى طبقات الجمهور العريضة بالاساليب الممتعة والسهلة والشيقة ... والغير مملة وهذا ان دل على شيئ فانما يدل على ان من اهم مبادئ واهداف المشروع الفلسفي الارسطي الاسلامي والذي كان يعبر عنه ابن طفيل في قصة (( حي ابن يقظان )) كانت هي : الاهتمام برقي العقلية الثقافية والفكرية لعامة الناس لتتمكن من ادراك مشروع الفلسفة ومفاهيمها وافكارها المعقدة نوعا ما، وليس كما فهمه المتطفل على الفكر الفلسفي المرحوم علي الوردي من ان فكر الفلاسفة الاسلاميين كان فكرا عاجيا ومحتقرا للجمهور ومشاكله وواقعه !!.



يتبقى الان بعد هذه المقدمة ان ندرك ماهية قصة (( حي ابن يقظان )) في الفكر الفلسفي طبعا لابن طفيل وهل كان ابن طفيل بالفعل قاصدا ان يكتب عن (( انسان عاش طفلا في غابة ليتعرف من خلال عقله على العالم من حوله ومن ثم ليتطور فكره حتى يصبح فيلسوفا )) ؟.

ام ان القصة برمتها (( قصة رمزية )) في الفكر الفلسفي لاغير وما حي ابن بقظان سوى قصة (العقل الطبيعي البشري) في ولادته ونموه وتطوره وادراكه للواقع الخارجي من حوله ، وكيفية وصوله الى الحقائق الكونية والفلسفية الكبيرة ؟.



بمعنى اخر : انا امامي الان رجل يدّعي انه عالم من علماء الاجتماع بل ومؤسس للعلم الاجتماعي العراقي الحديث ، ومفكر وناقد فلسفي لايشق له غبار .... الخ ، تناول في كتابه (( مهزلة العقل البشري )) قصة ((حي ابن بقظان)) لابن طفيل نقديا واستهزائيا ، وتوجه بكل طاقته الفكرية ، والتحليلية لفهم هذه القصة بقشرتها السطحية ليناقش القصة باعتبارها تتحدث عن قصة (( انسان عاش في غابة وليس قصة عقل يعيش داخل انسان !!. )) وناقش فيما بعد :(( هل الانسان اذا عاش في غابة يتمكن من صناعة فلسفة وحكمة عالية كالتي رواها لنا المغرور وصاحب البرج العاجي ابن طفيل )) ؟.

هنا انا اتساءل لهذا المفكر وعالم الاجتماع لاقول له : ياسيدي المفكر علي الوردي : هو من قال لك ومن درسك ومن علمك ومن فهمك .... : ان ابن طفيل كان يقصّ قصة انسان حقيقي يعيش في غابة لتأخذ انت هذا المفهوم بسطحيته وتركب عليه بحثا يتسائل علميا حول : هل اذا عاش الانسان بعيدا عن المجتمع يتمكن من صناعة معرفة ام لا ؟.



فلسفيا نحن نفهم قصة (( حي ابن يقظان )) وندرك تماما رمزيتها الى العقل الانساني ونعلم ان ابن طفيل لم يكن يتحدث عن (انسان واقعي) بامكانه ان يعيش في غابة بعيدا عن المجتمع منذ طفولته لترضعه ظبية فيما بعد ، وينموا عقله وجسده جنبا الى جنب ليستطيع ان يفكر ومن ثم يتساءل ويحلل ويستنتج الفلسفة وهو مع ظبيته الام لاغير !!!.

بل ان كل القصة لاصحاب الادراك لمشروع الفلسفة والمتخصصين بشؤونها الفكرية يعوون : ان فحوى القصة رمزية للعقل الانساني وعمله الفلسفي داخل معامل الجسد الانساني المعاش طبيعيا داخل المجتمع وفي بناه المادية لاغير ، فمن اين انت ياسيد علي الوردي فهمت مقصود قصة (( حي ابن يقظان )) لابن طفيل على سطحيتها المضحكة لتناقش القصة على اساس ماتوحيه قشريا من ادب القصة وفنها الروائي المتعدد ؟!.



علي الوردي له كتاب (( اسطورة الادب الرفيع )) : يعني على اقل تقدير المفروض ان يفهم هذا الرجل معنى من معاني الادب والذي يدخل تحت اطاره في العصر الحديث (ادبيات القصص) وان ليس كل القصص واقعية بل هناك القصص الرمزي وهناك القصص الخيالي والاخر... الخ فلا افهم لماذا هذا الرجل يتناول قصةً لفيلسوف من امثال ابن طفيل يحاول كما هو ذكره علي الوردي نفسه بالحرف (( وكان يقصد ابن طفيل من كتابة هذه القصة ان يشرح طبيعة العقل البشري كما يفهمها هو / انظر مهزلة العقل البشري / الفصل الثامن/ص 132)) ثم بعد ذالك يناقش علي الوردي القصة على اساس واقعيتها الحرفية وليس على اساس انها قصة عقل طبيعي بشري داخل انسان ، وليست قصة انسان يعيش داخل غابة ؟!.



هو هو علي الوردي نفسه يقول بالحرف :(( وقد تخيل فيها ابن طفيل انسانا يعيش في غابة / نفس المصدر / ص 132 )) ومع ذالك يناقش نفس هذا الوردي هذا التخيل الرمزي القصصي لابن طفيل على اساس انه حقيقة يؤمن بها ابن طفيل عندما كتب حول انسان يعيش في غابة ، ولهذا علي الوردي ينتقد ابن طفيل المغرور بكيفية ايمانه بانسان يمكن ان يعيش في غابة ثم بعد ذالك يصبح فيلسوفا !!!؟.

هل هذا غباء عقلي من قبل المرحوم الوردي ؟.

ام انه تكلس فكري خطير لايستطيع استيعاب وفهم حتى المفردات في ادب القصة وفي الفلسفة ؟.



في الحقيقة انا امام انسان غريب لا يتمكن حتى من وعي معاني المفردات ، التي يكتبها قلمه نفسه فكيف ليّ ان اقيم فكرا قام على هذه المهزلة الفكرية الكبيرة ، التي لاتعي معنى القصة ولا معنى التخيل ولا معنى الرمزية ... واختلافها عن الواقع ، ثم بعد ذالك تناقش هذه الرمزية القصصية على اساس انها واقعية من واقعيات الفلسفة لابن طفيل ، وتقوم بنصب حفل تهريج واستهزاء حول فكر وفلسفة ابن طفيل !!!.

والكارثة في الكوميدية الالهية هذه لعلي الوردي هي فكرنا وثقافتنا العراقية التي ليست فقط رحبت بفكر علي الوردي هذا بل وروجت له وصفقت واعتبرته عماد ثقافة وفكر العراق الحديث !!.

الان ربما يدرك مثقفونا لماذا وصل فكرنا وثقافتنا العراقية الى هذه المهزلة البشرية ، وطبيعي اذا كان رائد علمنا الاجتماعي هو من امثال علي الوردي وما يطرحه من تناقضات غريبة جيبة بل من جهالات لاتتمكن من قراءة الفكر الذي تنتقده لاغروا اذا اصبح انساننا العراقي بهذه المستويات من الغيبوبة وعدم النباهة والادراك !!!.



للحديث بقية ....

__________________________

alshakerr@yahoo,com

مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد

http://7araa.blogspot.com/







السبت، فبراير 02، 2013

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الحادي والعشرون

كذبة علم الاجتماع العراقي ومؤسسه علي الوردي / القسم الحادي والعشرون
حميد الشاكر
(( علي الوردي / يهرف بما لايعرف ))
6
********************************
عندما يقرأ اي قارئ يمتلك الوعي والاحاطة ، او يكون من اهل الخبرة والتخصص في الفكر الفلسفي ومصطلحاته ومفاهيمه ومواضيعه وتحليلاته واهدافه .... لما كتبه ودونه المرحوم علي الوردي نقديا حول الفلسفة بصورة عامة ومنطقها الارسطي بصورة خاصة فإن هذا القارئ (الواعي والمحيط ادراكا) نوعا ما بالفلسفة وشؤونها الفكرية لايلبث ان يتسائل بحيرة وذهول حول :
هو هل فعلا ان علي الوردي يدرك او قد ادرك ماهية الفكر الفلسفي وتوجهات مصطلحاتها الفنية واهداف مشروعها الانساني ولهذا هو يتكئ على منصة علمية متينة جدا تؤهله لان يهزئ بالفلسفة بهكذا طرح نقدي عنيف جدا لها ؟.
أم ان هذا الرجل بالفعل يمتلك قلما سرديا لاغير ، وهو يكتب حول الفلسفة ومواضيعها بعقلية الناقل للنقودات الفكرية من هنا وهناك ، وخاصة الغربية المادية منها بدون ان تكون له اي امكانيات فكرية وعلمية وحتى ذهنية (( تحليلية )) تؤهله لقراءة الفلسفة فضلا عن الكتابة حولها او نقدها او الابداع في مجالها ؟.
قلنا لو قرأ اي قارئ واعي ومحيط بالفكر الفلسفي في مقدمة سطرنا الاول لنقودات علي الوردي للفلسفة لاضطر للتساؤل ولم نقل غير المدرك للفكر الفلسفي او المحيط بمفرداته ومصطلحاته فلماذا ؟.
لأن غير الواعي والملمّ والمدرك بماهية الفلسفة وموضوعاتها وتوجهات مصطلحاتها الفكرية هو الاخر أميّا بمشروع الفلسفة فكيف له التساؤل او البيان بما سرده الوردي نقديا حول الفلسفة ، او الاستبيان عن ما كتبه الوردي بهذا الصدد ولهذا يمكننا القول اوحتى القطع ان معظم قرّاء علي الوردي اللذين اعجبوا بنقد الوردي للفلسفةهم من طبقة الجهلاء بالفلسفة ومشروعها الفكري التاريخي والمعاصر الكبير فانطلت عليهم بسبب قصورهم المعرفي للفلسفة هذه الافكار التي سطرها الوردي في كتبه تحت عناوين : نقد الفلسفة وفلاسفتها من افلاطون الى ارسطو ومنطقه ، الى الشيخ الرئيس الى الفارابي الى ابن طفيل الى ابن رشد ... الخ .
اما من حصل على مسكة وعي وادراك للفلسفة وفكرها ومشروعها فحتما سيتوقف ليتسائل مع نفسه ومع غيره بكيف يطرح علي الوردي هذه النقودات للفلسفة ومنطقها الارسطي من جهة ، ولمشروعها وموضوعاتها وافكارها من جانب اخر وبهكذا اسلوب كتابي ومضمون سطحي لايقال عنه الا انه ينم عن جهل بكل مفردات الفلسفة ، وتوجهاتها الفكرية ومفاهيمها العلمية ؟.
نعم يتذكر القارئ الكريم اننا ، وخلال عشرين قسما بحثيا تناولنا فيه علي الوردي من جوانب شتى بدءا من حياته وتحصيله العلمي وتوجهاته الايدلوجية ..... وحتى انماط واساليب كتابته وما تناوله وما لم يتناوله في كتبه ومؤلفاته ، وكان واضحا للقارئ المحترم اننا ركزنا على محوري من محاور فكر المرحوم الوردي العام الا وهما :
اولا : محور علم الاجتماع الحديث .
ثانيا : ومحور الفلسفة ومشروعها الانساني العلمي والفكري الكبير .
وقد اشرنا فيما سبق حول المحور الاول في علم الاجتماع ان علي الوردي لم يكتب اي شيئ علمي حول علم الاجتماع بما هو ((علم ومنهج وموضوع ونظرية واطار وفلسفة وتاريخ .....الخ )) ، واكتفى بالكتابة والتأليف (( باسم هذا العلم )) او تحت يافطاته ومسمياته وعناوينه .. ليوهم القارئ العراقي بالخصوص والقارئ العربي بالعموم ان كل ما كتبه علي الوردي وحلله وفككه مجتمعيا وفكريا وفلسفيا وتاريخيا ونفسيا .... كان منطلقا من قواعد واسس ومناهج علم الاجتماع الحديث !!.
بينما الحقيقة كما بيناها سابقا ان كل منطلقات وقواعد علي الوردي الفكرية ليس لها اي علاقة بالعلم الاجتماعي الحديث ولا حتى تحليلاته يمكن ارجاعها لمنطلقات ورؤى وتصورات ونظريات علم الاجتماع الحديث ، واثبتنا ذالك بالدليل العلمي !!.
ومن هنا يمكن ان يدرك قارئنا المحترم لماذا نحن لم نكتب حول نقودات علي الوردي لعلم الاجتماع الحديث واكتفينا بمحور (( نقد علي الوردي للفلسفة ومنطقها )) ، بشكل مكثف وطويل وذالك : لان الوردي هو من الاساس لم يكتب حرفا واحدا عن العلم الاجتماعي الحديث ولا عن مدارسه ، ولا عن مواضيعه ، ولا عن توجهاته ولا عن افكاره ولا عن تصوراته .... فكيف له ان ينتقد من هذا العلم ، او يطور من فحواه او يتناول فكرة من افكاره او .... بالبحث والتدقيق وهو لم يطرح شيئا حوله من الاساس ؟؟؟!.
أما في المحور الثاني فكان للمرحوم علي الوردي ميدان اخر وصولات وجولات مع الفكر الفلسفي ، وما تناولته الفلسفة من افكار ومواضيع وتوجهات وتصورات .... لاحقها الوردي بفكره وقلمه ناقدا مرة ومستهزءا مرّات ومرات ، ولكن مع الاسف كانت ملاحقات الوردي للفلسفة وموضوعاتها نقديا من السفاهة والسطحية او من المضحكات حقا لاهل الاختصاص والوعي والادراك الفلسفي !!.
وربما هذا هو سبب عزوف الكثير من فلاسفة العراق ك(( الصدر محمد باقر )) ، وهو من المعاصرين لطرح المرحوم الوردي وفلاسفة الشرق ك ((مطهري)) وهو كذالك من المعاصرين للوردي وممن اشار لمؤلفات المرحوم الوردي واتهمه بالجهل في مضمار الفكر الاسلامي والمادي معا في كتابه ((المجتمع والتاريخ )) جعلهم يعزفون عن تناول ما طرحه الوردي في المضمار الفلسفي بالخصوص لانه في الواقع ومن وجهة النظر العلمية الفلسفية طرح ونقد لايستحق الالتفات فعلا !!.
ولكن مع الاسف هذا الطرح الذي هو بالفعل لايستحق الالتفات علميا وفلسفيا من اكابر فلاسفتنا المعاصرين هو الذي روجت له حركات واحزاب وايدلوجيات مادية ماركسية شيوعية وقومية عراقية هدّامة اجتماعيا وفكريا وسياسيا ... ، لتطرحه على الجمهور العراقي والعربي والاسلامي على انه : هو الطرح العلمي والنظري والفلسفي المعاصر والذي يمثل اطلالات المستقبل وافاقه القادمة ... خداعا واستغلالا لسذاجة وبساطة العامة بمثل هكذا مواضيع فلسفية لايفقهها ويدركها الا اصحاب الرسوخ في هذه الفلسفة وعلمها ومشروعها الانساني الخطير من جهة ، وخدمة لمصالحها الايدلوجية والسياسية والحزبية من جانب اخر باعتباران علي الوردي قد تبنى ايدلوجيات هذه الاحزاب الفكرية السياسية في تحليله المجتمعي طبقيا والفكري ديالكتيكيا صراعيا ( كما ذكرناه سابقا ) للمجتمعية العراقية !!.
وهذا مايدفعنا نحن اليوم لتحمل مسؤولياتنا الفكرية والعلمية والثقافية ، للتصدي لهذا العبث الايدلوجي الوردي المسوّق باسم علم الاجتماع والفكر ونقد الفلسفة !!.
صحيح ربما الان من يتصدى لدعوانا هذه ورمينا المرحوم الوردي بتهمة (( ركاكة التحليل الفكري والقصور الذهني )) بفهم الفلسفة ومواضيعها المعقدة ليطالبنا ويسألنا من جانبه عن الدليل العلمي او الفكري الذي يوضح لقراءنا الافاضل ماهية هذه الركاكة في تحليل الوردي للفلسفة ومشروعها الفكري من جهة ،وماهية العجز الذهني للوردي الذي يبين للقراء الافاضل كيف ان الوردي قد تورط في طرح فكر فلسفي واجتماعي معقد وهو في الحقيقة غير مؤهل له عقليا لادراكه وفهمه فضلا عن نقده والاستهزاء به من جانب اخر ؟.
وهنا نحن ملزمون ان نطرح بعض الافكار الفلسفية الغير معقدة فكريا ، والتي تناولها علي الوردي نقديا لنوصل الرسالة الى القرّاء الافاضل ، وليروا هم بانفسهم : هل كان الوردي واعيا في طرحه لبعض المواضيع الفلسفية المتصلة بالعلم الاجتماعي الحديث ، او الذي اعتقد المرحوم الوردي انها متصلة بالعلم الاجتماعي الحديث ؟.
ام انه كان ببغائيا ينقل من الكتب نظريات (( تحليلية اجتماعية وفكرية )) بشكل سطحي ، ثم يطبق ما لم يدركه بوعي علمي على واقعيات اجتماعية وفكرية تناولتها الفلسفة بشكل ينم عن عدم ادراك لاعلمي ولافلسفي ولا حتى تطبيقي عملي ايضا ؟.
ولنأخذ مثالا الفيلسوف الاندلسي القرطبي الاشبيلي ، ورجل الدولة والادب والطب والفلك والرياضيات ....والذي عرف لاتينيا بابي بصير 1100م/ 1185م / ابن طفيل ابو بكر محمد بن عبد الملك القيسي فقد نال هذا الفيلسوف الكبير قسطه الوافر من استهزاء قلم المرحوم الوردي حاله طبعا في ذالك حال ابن سينا والفارابي وابن رشد ... وغيرهم من الفلاسفة الذي تناولهم معول الوردي الهدام لصرح الفلسفة ، فقد عقد المرحوم علي الوردي فصلا كاملا في كتابه (( مهزلة العقل البشري )) والذي اسماه ايضا ((مهزلة العقل البشري/الفصل الثامن)) ليؤكد على ان هذا الفصل هو زبدة كتابه ((مهزلة العقل البشري)) والمعبر عن كل هذه المهزلة ليتناول فيه ابن طفيل بالذات ، ورائعته الفلسفية ((حي ابن يقظان )) بشكل نقدي يعتقد المرحوم الوردي انه استطاع من خلال هكذا طرح نقدي ان يثبت للقاصي والداني عقم الفلسفة واسلوب منطقها الارسطي الاسلامي الفاشل !!.
في بداية الفصل الثامن من كتاب علي الوردي (( مهزلة العقل البشري )) تناول الوردي ابن طفيل بهذه الاسطر :
(( كتب ابن طفيل الفيلسوف الاندلسي المعروف قصة فلسفية بعنوان (( حي ابن يقظان )) /وكان يقصد من كتابة هذه القصة ان يشرح للقارئ طبيعة العقل البشري كما يفهمها هو /،وقد تخيل ابن طفيل فيها انسانا ولد وترعرع في جزيرة منعزلة حيث ارضعته ظبية وظل ينموا في تلك الجزيرة .. يقول ابن طفيل : /ان عقل هذا الانسان اخذ ينمو بنمو بدنه حتى تم نضوجه في تلك الجزيرة واستطاع ان يفكر ويستنتج حتى توصل بتفكيره المجرد / الى كثير من الحقائق الكونية /... !.
يريد ابن طفيل بهذا / ان يبين للقارئ : ان العقل البشري جهاز فطري وانه ينمو من تلقاء ذاته / ، فلا حاجة به الى التدريس والتلقين / ويبدو ان ابن طفيل يرى بان : / العقل البشري حين ينمو بعيدا عن سخافات المجتمع واباطيله يصبح اسلم تفكيرا واصح استنتاجا / 1 )).
ثم يعقب علي الوردي على هذه القصة بكل مافيها من اراء فلسفية بالقول :
(( ولاريب ان هذا الرأي هو رأي الفلاسفة القدماء جميعا / فابن طفيل اذن لم يأت بشيئ جديد / ...... والغريب ان كثيرا من كتابنا ومفكرينا لايزالون متاثرين بهذه القصة ويعتبرونها الكلمة الاخيرة في / قضية العقل البشري . انهم لا يزالون يؤمنون بان /العقل موهبة طبيعية / تنمو من تلقاء ذاتها سواء عاش الانسان في مجتمع ام عاش منذ ولادته وحيدا منعزلا / 2 )) .
بعد ذالك يبدأ علي الوردي هجومه النقدي على هذه الافكار الفلسفية بالقول :
(( اما الابحاث العلمية الحديثة فهي تكاد تجمع على خطأ هذا الراي / حيث ثبت اليوم ان العقل البشري صنيعة من صنائع المجتمع / وهو لاينمو او ينضج الا في زحمة الاتصال / 3 )).
ويطرح بعد ذالك علي الوردي دليله العلمي الذي اثبتته الابحاث الحديثة لنقض فكرة ابن طفيل بالتالي :
(( وما قصة حي ابن يقظان التي ابتدعها خيال فيلسوفنا الرائع الا وهم او خرافة لاوجود لها في عالمنا الذي نعيش فيه . عثر احد الرعاة عام 1927 على طفل بشري في عرين للذئاب بالقرب من مدينة الله اباد في الهند وكان الطفل يبلغ من العمر عشر سنوات تقريبا ، وقد توصل الباحثون الى حقائق مدهشة في شأن هذا الطفل اذ وجدوا انه يسلك سلوك الذئاب فهو ينبح مثلهم وياكل الحشيش ويمشي على اربع وقد يهاجم البشر فيعضهم / 4 )) .
وينتهي علي الوردي الى هذه النتيجة :
(( ان اي انسان لاينمو عقله الا في حدود القالب الذي يصنعه المجتمع له / ومن الظلم ان نطالب انسانا عاش بين البدائيين مثلا ان ينتج لنا فلسفة معقدة كفلسفة برجسون او رياضيات عالية كرياضيات انشتاين . .. فاذا جاء احد بعد ذالك براي جديد يخالف ما اعتادوا /الفلاسفة / عليه اندهشوا ونسبوا اليه السفه والمكابرة او البلادة / 5 )) .
((يؤسفنا ان نقول ان ابن طفيل كان مغرورافقد كان مؤمنابصحة تلك المقولات المنطقية التي اعتاد عليها في محيطه الفلسفي وظن انها ستبقى صحيحة الى الابد / 6 )).
هذه هي خلاصة فكرة ((الفصل الثامن)) من كتاب ((مهزلة العقل البشري)) للمرحوم علي الوردي في نقد الفيلسوف ابن طفيل وفكره وقد تعرض الوردي لابن طفيل كذالك نقديا ايضا في كتابه (( منطق ابن خلدون )) في (( الفصل العاشر )) لكن بشكل سطحي ، وما نؤاخذه على هذه النقودات الوردية وبالخصوص هنا لابن طفيل ورؤيته الفلسفية هو الاتي :
اولا : صحيح هو ان ابن طفيل كان يقصد من قصة ((حي ابن يقظان )) ان يشرح قصة طبيعة العقل البشري كما يفهمها هو كما اشار له المرحوم الوردي ، لكن علي الوردي لم يشرح لقراءه هو : ماهي قصة طبيعة العقل البشري في فلسفة ابن طفيل بشكل خاص وفي قصة الفلسفة الارسطية الاسلامية بشكل عام ليتضح للقارئ بصورؤة عامة :هل قصة طبيعة العقل البشري في الفلسفة الارسطية الاسلامية هي نفس قصة طبيعة العقل البشري في العلم المادي التجريبي القديم والحديث ؟.
ام ان لكل قصة منحاها وفحواها واهدافها ومنهجها .... المختلف بين القصتين ؟.
بمعنى اخر : ان علي الوردي هنا وهو يكتب نقدا لرؤية ابن طفيل الفلسفية لقصة طبيعة العقل البشري يصرح من جانب اخر من غير التفات او شعور منه طبعا باميته الفكرية وقصوره المعرفي المنهجي بموضوعة طبيعة العقل البشري الذي يفرق بين قصة العقل في الفلسفة واختلافها عن قصة طبيعة العقل البشري في باقي المدارس الفكرية والعلمية القديمة والحديثة !!.
فهنا وعند ابن طفيل نحن امام (( قصة طبيعة العقل البشري )) ولادة ونموا وسيرا وفكرا واستنتاجا وتحليلا وادراكا ومعرفة .... في المدرسة الفلسفية الارسطية والاسلامية تحديدا ، ولسنا نحن هنا امام (( قصة طبيعة العقل البشري )) في المدرسة السفسطائية القديمة والحديثة ، او امام (( قصة طبيعة العقل البشري )) علميا وحسب معطيات العلم الحديث الذي يضع دماغ الانسان تحت مقاصل اشرطة الجراحين ، ومعداتهم التقنية الحديثة والدقيقة ، لنرى : كيفية اعمال الاعصاب في المخ ومدى استجاباتها للانفعالات الحسية والنفسية للانسان ماديا وفسلجيا وبيلوجيا !!.
بل موضوعنا محدد تماما حسب ما طرحه ابن طفيل وهو تناول (( طبيعة العقل البشري )) فلسفيا وحسب المدرسة الفلسفية الارسطية الاسلامية ، التي ينتمي لها ابن طفيل وكذا الكندي وابن سينا والفارابي وابن رشد ........ وحتى صدر المتألهين والطباطبائي ، والصدر ومطهري في العصر الحديث ، والتي تدرس الذهن الانساني من خلال ولادته وكيفية نموه واتصاله بالخارج والواقع حسيا ، وتركيبه للمفاهيم وترشيفه لهذه المفاهيم كمفاهيم ثانوية واخرى اولية ، وكيفية قدراته على الابتكار والاستنباط ....الخ !!.
طبعا لم يذكر على الوردي هذه المقدمة المنهجية العلمية ليضع قارئه بالصورة الصحيحة من بحث (( طبيعة العقل البشري )) فلسفيا وذالك لا لسبب ، الا لكون الوردي نفسه لايعي الفرق بين دراسة (( طبيعة العقل البشري )) بين ماهو فلسفي وما هو اخر علمي تقني تجريبي مادي او اجتماعي ، فلكل منحى علمي ومعرفي منهجه الخاص في هذا الاطار ، ولكن من اين لهاوي في قراءة الفكر الانساني كعلي الوردي رحمه الله ان يدرك هذه الفروقات العلمية المنهجية بين العلوم ومصطلحاتها حتى يكتب فيها او يشيرلها قبل ان يتناول الافكار الفلسفية التي هي اكبر واعمق بكثير من حجم ذهنه الفوضوي الضيق الذي يخبط خبط عشواء في مسائل الفكر والفلسفة والعلوم !!.
ثانيا : هذا الخبط عشواء في فكر المرحوم علي الوردي هو كارثة ((الوردي الفكرية))عندما يتناول الفلسفة ومدرستها وارائها بالنقد والتحليل ، وهو احد اهم اسباب تناقضات وازدواجيات الوردي الفكرية ، التي تصنع بين كل سطرين من كتابات الوردي تناقضات مضحكة مبكية ، فبينما يذكر الوردي بالتحديد : (( ان ابن طفيل كان يشرح قصة طبيعة العقل البشري كما يفهمها هو )) يعتبر ان هذا (( الشرح ، او الفهم )) لطبيعة العقل البشري لاينبغي لابن طفيل ان يفهمه كما تفهمه مدرسته الفلسفية بالتحديد ،بل كان عليه ان يفهم العقل البشري فقط من خلال مشارط الجرّاحين الطبية المادية فحسب ، او من خلال المدرسة الاجتماعية الحديثة لاغير ولهذا يشير الوردي ل((فهم ابن طفيل لطبيعة العقل البشري)) على اساس انه مسبة اوتهمه ينبغي الاشارة لها لفضح عوار تصورات ابن طفيل لطبيعة العقل البشري وهذا ان دل على شيئ فانما يدل على جهل مطبق في مادة الفكر والعلوم والفلسفات الانسانية لدى المرحوم الوردي وضرورة ان تقرأ كل فكرة او ظاهرة حسب منهجية المدرسة الفكرية التي تنتمي اليها ، ونحن عندما ندرس ظاهرة من قبيل ظاهرة (( طبيعة العقل البشري )) فلا ينبغي مطلقا احتكار البحث في وجهة نظر معينة سواء كانت علمية او اجتماعية او فلسفية او حتى دينية ، فلكل مدرسة منهجها الخاص ورؤيتها المختلفة الزوايا لكل فكرة في هذا العالم الانساني !!.
لكن وعلى عادته الفكرية الضيقة المرحوم الوردي ، وبدلا من انفتاح فكره او وعي فكره واستيعابه لتنوعات الرؤى الانسانية بهذا المجال ، راح ينتقص من فكرة الفلسفة بالتحديد في هذا المضمار لالشيئ الا لجهل المرحوم الوردي بهذه الحقيقة العلمية والفكرية والاجتماعية والفلسفية ، التي تفترض : ((طبيعية التنوع الفكري للبشرية حسب تنوع توجهاتها المدرسية والفكرية والمنهجية في تناول القضايا والافكار والظواهر الانسانية)) ليرغم قارئه (( المرحوم علي الوردي اخيرا )) على انتهاج نفس اسلوبه الفكري المتحجر الذي يرى ضرورة رؤية اي شيئ من خلال منظار واحد لاغير !.
ثالثا : عندما يشير ابن طفيل في قصته ((حي ابن يقظان)) كما اشار له علي الوردي في نقده الى :(( ان العقل البشري جهاز فطري وانه ينمو من تلقاء ذاته)) فهل هناك مايشير علميا وفكريا وفلسفيا الى عدم صواب هذه الجزئية من فكرة طبيعة العقل البشري ونموه ذاتيا ؟.
بمعنى هل فعلا ان طبيعة العقل البشري او تعريفه على اساس انه جهاز طبيعي او فطري قابل للنمو ذاتيا كما كان يعتقده ابن طفيل وباقي الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين قبله وبعده هو التعريف العلمي والفكري والفلسفي الصائب بهذا الصدد ؟.
أم ان العقل البشري وطبيعته ما هو الا صناعة اجتماعية مئة بالمئة وليس له اي امكانية نمو ذاتية طبيعية كمايحلو للمرحوم علي الوردي ان يحلق في خياله المادي حول قراءة العقل البشري ؟.
طبعا الماديين الماركسيين التجريبيين الحسيين المتطرفين في العصر الحديث والذي ينتمي لمدرستهم المرحوم علي الوردي ، وبسبب اشكالياتهم الفكرية مع المدرسة الفلسفية المثالية كمدرسة الفيلسوف الالماني (( كانت )) التي تؤمن بالافكار الفطرية التي لاعلاقة لها بعالم الحس والمادة ، اكدوا على ان العقل وطبيعته ماهو الا صناعة مادية اجتماعية مئة بالمئة ، وما عمله الا (( تصوير )) الواقع الخارجي للانساني ((وتركيب)) هذه الصور للاستنتاج منها وصناعة المعرفة الانسانية فيما بعد ولكن فيلسوفنا((ابن طفيل)) الذي لم يدرك من فكره الفلسفي المرحوم الوردي الا القشريات السطحية البدائية لاهومثالي سوفسطائي قديم لايؤمن بالواقع الخارجي للانسان ، ولا هو مثالي حديث من امثال (( كانت وباركلي )) ولا حتى هو عقلي اوربي فلسفي من مدرسة (( ديكارت )) ليؤمن بان هناك افكار فطرية مستقلة عن الواقع والحس !!.
بل ان ((ابن طفيل)) فيلسوف ارسطي اسلامي ،وينتمي لمدرسة تؤمن بان : العقل البشري يولد عندما تولد مع بدنه او حاسة مادية تتصل بالواقع الخارجي لتلتقط ((صور المحسوسات )) لتكون لها رصيدا متزايدا من المعرفة الانسانية ، ومن خلال هذا الرصيد ((الحسي المعرفي)) للانسان تنمو قدرات الانسان العقلية الطبيعية باضطراد من هذه المعرفة الحسية ، ليشكل العقل منها ((الحافظة )) ثم (( الذاكرة ثم المفكرة )) وطبعا لولا وجود قدرات نمو ذاتية طبيعية فطرية للعقل الانساني لما تمكن من عكس (( الصور الحسية )) اولا ، ثم (( تركيب هذه الصور )) وبعملية من الطبيعي ان تكون ذاتية للعقل البشرية ، لان هذا التركيب للصور الحسية لايمكن ان يكون قادما مع الحس المادي للانسان من الخارج ، بل هو قدرات ذاتية يتميز بها (( العقل الانساني )) بالتحديد عن العقل الحيواني ،الذي يتمكن من الاحساس بالواقع الخارجي لكن عقله لايمتلك القدرة الذاتية لتطوير هذه الصور ومن ثم تركيبها والاستنتاج منها ، ولهذا فرق العقل الانساني بقدراته الذاتية الطبيعية عن قدرات العقل الحيواني الغير مؤهلة طبيعيا لهذا التطور النوعي بكون عقل الانسان تركيبي حافظ واستنتاجي !.
الخلاصة : عندما تؤكد المدرسة الفلسفية التي ينتمي لها ((ابن طفيل )) والتي صاغ منها ابن طفيل قصته الرائعة (( حي ابن يقظان )) : ان في طبيعة العقل الانساني (( امكانية )) تفاعل مع الخارج الواقعي للانسان تؤهله لصناعة معرفة هي ارقى من المادة التي تعكسها الحواس المادية للانسان لكن جذورها تبقى حسية ، فان هذه المدرسة لاتريد ان تنفي دور الواقع الخارجي للانسان الطبيعي وغير الطبيعي ولا سيما منه (( الاجتماعي )) في تركيبة العقل البشري وصناعته ، بل تريد فقط ان تؤكد ان في هذا العقل (امكانيات)عملاقة بامكانها ان تصنع فكرا علميا وفكريا وفلسفيا هواعلى بكثير مما يقدمه الواقع المادي الطبيعي او الاجتماعي للعقل الانساني وماهذه النقلات الفكرية والفلسفية والعلمية العملاقة التي طورت من العالم الانساني ومنظوراته المختلفة الا نتيجة هذا الابداع العقلي وطبيعته ، التي تتمكن من تجاوز الواقع المادي للانسان لتستكشف للانسان ماهو اعمق من المادة وحركتها ك((قوانين الكون والطبيعة والمجتمع )) فان اكتشاف مثل هذه القوانين من خلال العقل البشري وتوظيفها لتطوير الواقع البشري هو الدليل على ان ((امكانية العقل البشري )) هي دائما اسرع من اي قدرات طبيعية في هذا الكون !!.
اما لو قلنا كما يفهمه الوردي من العقل البشري وطبيعته بان العقل البشري ماهوالا صنيعة مادية اجتماعية لاغير، ومن دون ان يكون لهذا العقل البشري اي امكانيات ذاتية ابداعية اعلى من الواقع الاجتماعي والمادي فكيف لنا ان نفسر التطور العقلي الهائل لهذه البشرية ؟.
طبعا لا نستطيع ان نقول ان هناك امكانيات وقوانين في الطبيعية المادية هي التي طورت من حياة العقل البشرية ، لانه بهذه التصورات سنصبح نكتة سمجة لكل صاحب فكر عندما ننتزع الابداع وقدرة التطور من امكانيات العقل البشري وطبيعته الحرة والقادرة والمفكرة ، لنهبها للجماد والمواد من الطبيعة الخارجية لنقول ان قوانين الكون هي التي تطور حياة الانسان وعقله وليس العقل الانساني وقدراته وامكانياته هي من تكتشف هذه القوانين وتوظفها لتطوير حياة البشر !!!.
مع العلم ان الرؤية الاولى التي تذهب (لامكانية العقل البشري على الابداع والتطور)هي رؤية الفلاسفة الارسطيين الاسلاميين اما رؤية ((الحول الفكري)) في ان الكون والعالم المادي هو المطور الحقيقي للعقل البشري وطبيعته وامكانياته ، فهي الرؤية المادية الماركسية المغلقة التي تؤمن بطردية حركة العقل للواقع ، والتي يؤمن بها (مع الاسف) علي الوردي في فهمه للعقل البشري وطبيعته المصنوعة فقط اجتماعيا وللقارئ الحكم !!.
اذا لاي شيئ غير علمي ولا هو فكري انتقد علي الوردي رؤية الفلسفة للعقل البشري وطبيعته وامكانياته الذاتية ؟.
وهل كان يدرك علي الوردي ما سردناه توا من رؤية المدرسة الفلسفية(الارسطية الاسلامية) للعقل وطبيعته وامكانياته الذاتية واختلاف هذا البحث عن باقي مدارس العلوم والفلسفات الاخرى ؟.
أم انه ، وكما يقال في الامثال العراقية الشعبية (( يهرف بما لايعرف )) ؟!!!.
رابعا : .... لعدم الاطالة سنتناول باقي نقاط الوردي ضد ابن طفيل .
_____________________
1 : مهزلة العقل البشري / علي الوردي / الفصل الثامن / ص 132 / بلا طبعة .
2 : نفس المصدر / ص 132.
3 : نفس المصدر / 133 .
4 : نفس المصدر / ص 133.
5 : نفس المصدر / ص 133 .
6 : نفس المصدر / 143 .
********************
alshakerr@yahoo,com
مدونتي ( حراء ) تتشرف بزيارتكم للمزيد
http://7araa.blogspot.com/