السبت، مارس 27، 2010

(( ماذا لو كان مفتي هدم المسجد الحرام شيعيا ؟.)) حميد الشاكر


اذا غاب العدل عن مبادئ حُكم أمةٍ ،وموازينها الاخلاقية والعقلية او سياستها فانتظر الدمار وحلول البوار والاندثار والموت ، والغضب الالهي ينزل تدفقا على هذه الامة لتسام الخسف ويضرب عليها عذاب الذلّة بين الشعوب وباقي جميع الاقوام والامم ، وتُمنى بالتخلف ، ويتسلط عليها شرار خلق الله في العالمين !!.




فبالعدل قامت السموات والارض ، كما ورد في الحديث الشريف ، وبالعدل أمر القرآن الكريم الناس كافة في الحكم

عندما قال : (( إن الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها ، واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل..)) وبالعدل كانت شريعة الاسلام حاكمة في التعامل مع المخالفين ،والكفار وغير المؤمنين ، ومَن نشنأهم اجمعين ، عندما قال سبحانه :(( يايها الذين امنوا ، كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ، ولايجرمّنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى )) ليجعل العدل مع الاعداء ، ومع الذين نبغضهم دليلا على التقوى ، وليجعل الكذب والظلم والخيانة حتى مع اعدائنا دليلا على عدم ايماننا بالله ويومه الاخر بقوله سبحانه :(( إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنوا بآيات الله واؤلئك هم الكاذبون )) !!.



ولهذا كان العدل حُكما واخلاقا وسلوكا ومنهجا وموازين .... في مدرسة اهل البيت عليهم السلام أصلا من اصول الدين الخمسة لديهم وياتي مباشرة بعد التوحيد في الدين وقبل النبوة والامامة والمعاد(التوحيد العدل النبوة الامامة المعاد) في فكر الشيعة الامامية ،الذين تربوا على ان تقوى الله سبحانه وتعالى ليس شعارا يرفع ومصاحف تستغل على الرماح في معركة سياسة وحرب ، وانما تقوى الله تظهر، بكيفية معاملتك مع اعدائك اولا والمخالفين لك في الفكروالمنهج ثانيا لاقامة العدل جوهر دين الله بين الناس ، والكفر بالظلم والكذب دين الطاغوت والشيطان ثم تاتي الصلاة ، وياتي كثرة الصوم والدعاء وغير ذالك ، كعناوين اخرى من عناوين تقوى الله والايمان به وعبادته حق العبادة :(( لن ينال الله لحومها ولادماؤها ولكن يناله التقوى منكم )) !.



لكنّ ومع الاسف ،وعلى الرغم من وجود هذه المنظومة الفكرية والعلمية والثقافية المقدسة أمام انظار امة الاسلام وبكل مكوناتها الانسانية والدينية والمذهبية ، الاّ اننا نُصدم بهول الابتعاد عن العدل في مقاييس واخلاقيات وافكار هذه الامة ،عندما توضع قُبالة الامتحان والبلاء في تقواها ، وبهول الاجتراء على الكذب عند الخصومة ، ولاسيما الخصومة الفكرية والمذهبية والطائقية الواقعة بأمر الله سبحانه وقضائه بين هذه الامة ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة !!.



موضوعة السنة والشيعة ، داخل اطار هذه الامة المسلمة ، ومنذ ان فجّر صاعق التصادم فيها ، طواغيت السياسة وارباب كيفية اضعاف هذه الامة ، هي مصداق واضح على كيفية تنازل الامة بارادتها عن الامر بالمعروف والعدل بين الناس والنهي عن المنكر والظلم والكذب حتى بدا وبالخصوص كل مايثار ضد مذهب اهل البيت عليهم السلام وضد المتشيعة لمدرستهم الامامية الاسلامية ، هو مباح للانتصار الى طائفة على طائفة اخرى، بل واكثر من ذالك عندما لمسنا لمس اليدان هناك دفع على الظلم والكذب من بعض شرائح المسلمين وخاصة منها مالكة المال والحقد على نفس الصعيد ، ممن يسمون بالوهابية والسلفية ، والذين يتمتعون بحماية سياسية ، من مملكة الشرّ والتعرّب السعودية فهذه الشريحة من قطاع الطرق اصبح دينا وتعبدا لديها عندما تفتري الكذب على المذهب الشيعي وتدعوا للظلم والعدوان باي وسيلة متاحة كانت من اجل اضعاف اعدائهم من الشيعةاوالنيل من صورتهم الاسلامية الفكرية الناصعة !!.



بل الانكى والامر هو ليس ان شريحة ضالة خارجية من المسلمين تسمى الوهابيةالسلفية وتتمتع بحماية استعمارية وصهيونية واضحة من قبل مملكة ال سعود في هذا العصر ...،بل الادهى هذا الصمت الاسلامي المتواطئ مع هذه الحركات الضالة والهدامة للاسلام ولعزة المسلمين ،بحيث ان ما تقترفه هذه العصابة الضالة من جرائم بحق الدين والاسلام من خلال الفتاوي المفرقة للجماعة ، والمكفرة لعموم المسلمين ، وكذا الافكار ،التي تطرحها هذه الدوائر المشبوهة داخل الاسلام والمسلمين والتي تجعل من الاسلام كله وافكاره اسطورة مضحكة لجميع العالمين ..... كل هذالايدفع من باقي المسلمين ان يرفعوا من اصوتهم من اجل الدين والامر بالمعروف والنهي عن الوهابية السلفية المنكر ، باعتبارها دمارا شاملا للاسلام والمسلمين ،وبالمقابل لاشغل لهذه الامة هذه الايام الا البحث التاريخي عن عورات المسلمين الشيعة ، بعدما لم يجدوا بحاضرهم ما يشين الاسلام والمسلمين لاستغلاله ضدهم وكيف ان خائنا مطرودا ذليلا منهم ، كان يؤمن بهذه الخرافة ، او تلك في التاريخ ليتم الرواج ضد مذهب التشيع والاسلام بصورة تدعوا بالحق للاستغراب والعجب المبين !!.



أمة الاسلام مع الاسف لم تعد امة الذين امنوا ولا امة القوّامين بالقسط ، ولا امة الشهداء لله ، ولا امة العدل التي حتى مع اعدائها تتقي الله سبحانه وتعالى عندما تتعصب لمذهب سني ضد مذهب شيعي داخل اطار الاسلام العظيم بل اضحت امة تجترأ على افتراء الكذب ولاتؤمن بالله ولاباليوم الاخر ولاتدرك ان سرّ عظمتها في انها تحمل امانة الحكم بين الناس بالعدل وليس بالميول المذهبية ولابالعصبية الوهابية الشيطانية التي تريدهم للانتصار لباطلهم على حق الاخرين !!.



إن اخر كوارث وفتن الوهابية السلفية هو افتاء احد وعاظ سلاطينهم بفتوى(هدم المسجد الحرام )لتسبيبه الاختلاط بين الرجال والنساء المحرّم ، وكنّا نعتقد كشيعة مسلمين ، ان هذه الامة المسلمة ستهب هبّة قوية من اجل الدفاع عن مقدساتها ودحر المخططات التي بدأت لاتخجل حتى من طرح هدم مسجدهم الحرام وبيت ربهم العتيق ، وقبلة نبيهم في الاسلام ، والكعبة المشرفة ،وكنا من المتأملين من الامة المسلمة السنية على اقل تقدير ان ترفع الصوت بالنكير ، وترسل برسالة للصهاينة والكفار والمستعمرين للبيت المقدس في فلسطين ،ان غضبة المسلمين لاتتصور اذا ورد التفكير بهدم مقدس من مقدسات المسلمين حتى لايتمادى الصهاينة بغيهم ليجرأواعلى هدم المسجد الاقصى بعد ان يروا نكول وفتور المسلمين وردّة فعلهم الميتة على فتوى هدم المسجد الحرام .....الخ !!.



لكن وبدلا من كل ذالك وجدنا المسلمين يبررون فتوى الوهابية بهدم بيت الله الحرام تعصبا للمذهبية ويرفعون عينا وينزلون اخرى ، كي لايتأكد ما اكدته الشيعة المسلمين ان هذه الحركة من الوهابية ماهي الا طابور خامس لتدمير الاسلام من الداخل ، وان ماتطرحه ضد الشيعة من افتراءات واكاذيب واجتراء على الظلم والعدوان ، ماهو الا في سبيل مخططات لخدمة الاستعمار واضعاف المسلمين !!.



نعم احد المسلمين برر فتوى هدم المسجد الحرام الوهابية ، انه وما المانع من هدم المسجد الحرام اليس قد هدم وبني عدة مرات ومرات في تاريخ المسلمين !!!.

وكل هذا طبعا من اجل ان لايُقال كلمة الحق بين المسلمين او يأمروا بمعروف ويُنهى عن منكر يرونه !!.



الآن ماذا لوكان صاحب الفتوى من علماء الشيعة او متعلميهم في هذا الزمان الطائفي البغيض ؟.

وهل كان ليخرج نفس هؤلاء المسلمين لعلنوا رضاهم بفتوى هدم بيت ربهم العتيق ؟.

أم ان الفتوى الشيعية ستصبح دليلا على سبأية الاصول الشيعيةوانهم يريدون ان يهيئوا الارضية الفكرية للصهاينة لهدم البيت المقدس في فلسطين تحت حجة انه هدم عدة مرات وبني من جديد في التاريخ ؟.



ثم ماذا لو خرج وهابيا من جديد ليفتي بضرورة جمع القرآن من جديد بغير الصيغة التي هو عليها اليوم ، بحجة ان صيغة جمع القرآن القديمة تدخل الشبهات على عقائد المسلمين ، وان فيها تلاعب قديم قد تم فيها تقديم الناسخ على المنسوخ في ترتيبه ،وتوجب عندئذ اعادة ترتيب القرآن وجمعه ، فهل ياترى سيخرج نفس المسلمين ليبرروا هذه الفتوى الوهابية السلفية بنفس الحجج ، والبراهين تعصبا لمذهبهم العتيد ، وليُقال لنا : وما المشكلة الم يجمع القرآن عدة مرات من قبل المسلمين تاريخيا ، وقد قام اخيرا عثمان بن عفان بجمعه الاخير ، واحرق ماتبقى من قرآئين المسلمين التي كانت مجموعة على غير الترتيب العثماني الاخير ؟!!.



هل ياترى صرعات التعصب المذهبي ستودي بهذه الامة الى هذا المستوى من العنادوالعصبيةوالامربالمنكر والنهي عن المعروف ؟.

وهل لو جاء اليوم او غدا عالما من علماء الشيعة ليدعوا الى جمع جديد للقرآن الكريم ، فهل ستكون ردة الفعل هي نفسها قبالة هذا او ذاك بالعدل والحق ؟.

أم انه سيخرج جميع المسلمين بهبة واحدة لتعلن ان الشيعة يعلنون تحريف القرآن ، وان لديهم قرآنا غير قرآن المسلمين ، وان اسمه مصحف فاطمة ، ولهذا يدعوا الشيعة لاعادة جمع القرآن من جديد ؟.



الحقيقة ان هذه مآساة يعيشها المسلمون في موازينهم الفكرية والاخلاقيةوانهم واقعون في حفرة العصبية الجاهلية الشيطانية الى حد اذقانهم وهم لايشعرون ، وانهم اليوم اخر الامم التي بامكانها ان تقول انها امة العدل والقسط والانصاف والشهادة بالحق والقوامة بين الناس اجمعين ، بل ربما امم الكفر اليوم اكثر تقربا للعدل مع مخالفيهم واعدائهم اكثر من هذه الامة التي لاتحمل من الاسلام وتعاليمه غير اسمه الذي هو اصبح عار على الاسلام ان تكون مجتمعات بهذا المستوى الاخلاقي المنحط والعقلي المريض ان تنتسب للاسلام العظيم زورا وبهتانا !!.



اخيرا : ياايها المسلم اذا اردت ان تشعر بمعنى تقوى الله على الحقيقةفلاتأخذك بقول الحقيقة لومة لائم ، ولاتدفعك لاجتراء الكذب والباطل على عدوك قبل اخيك المسلم عصبية مذهبية ، او وثنية طائفية وقل الحق ولو كان صاحب الباطل ذا قربى ، واكفر بالطاغوت وان كان من ضمن مقدساتك المتوارثة !!.

____________________________



alshakerr@yahoo.com

الجمعة، مارس 26، 2010

(( وهم فكرة الصراع الطبقي في الفكر الماركسي الشيوعي )) حميد الشاكر


اذا اردنا تقسيم منظومة الافكار الماركسية ،حسب اهميتها الفكرية والفلسفية ، من قبيل فكرة (( الجدل )) او فكرة (( المجتمع الشيوعي ))او فكرة (( فائض القيمة ))او فكرة (( الحتمية )).... وهكذا فلا ريب ان فكرة (( الصراع الطبقي )) هي تقريبا من اهم الافكار في هذه الايدلوجيا الفكرية ، التي كانت قائمة وشاغلة للدنيا والانسان في يوم من الايام قبل ان يداهمها مرض الركود والموت التدريجي ، والتي ولاريب انها ستعود بقوّة في يوم من الايام في المستقبل لتعيد نبض الحياة لوجودها من جديد وذالك من منطلق القاعدة التي تقول ب(استحالة موت الفكر البشري مهما تغيرت عليه امزجة الناس وتحولت عنه من انصار له لاعداء لوجوده وتمثيله في هذه الحياة !)لكنّه مع ذالك يبقى الفكر طائر باجنحة محلقة ، يذلّ يوما صحيح ، لكنه حتما ينشط في اخر ،للتحليق عاليا مرة اخرى لسبب او اخر ، وتلك الايام نداولها بين الناس !!.




وعلى هذا الاساس نحن نناقش الفكر الماركسي اليوم ،الذي يبدو منتهيا من واقع حركة الحياة ، لكن اذا كان الفكر الفلسفي اليوناني القديم لم يزل بيننا حي ينبض بمدارسه الفلسفية المتعددة ، واذا كانت الفلسفة والافكار الاسلامية قائمة السوق بعد ركود دام لاكثر من اربعة قرون تقريبا ، فلاريب ان فكرا كالفكر الاشتراكي الماركسي ،هو ايضا خاضعا لنفس القانون والسنة ، في الصعود يوما الى حد النجوم ،والهبوط اخر الى ما تحت التراب ، بكل مافيه من منظومة فكرية ورؤية فلسفية ، وتوجهات ايدلوجية وسياسية ، ولاسيما منها الافكار التي تعتبر من اساسيات هذه المدرسة الثقافية والاجتماعية كالفكرة (( الطبقية )) ،والتي حاولت من خلالها الشيوعية العالمية هدم بنية المجتمع القائمة في كل مجتمع دخلت فيه كالمجتمع العراقي مثلا ، واستبدالها ببنية اجتماعية لاطبقية اخرى !!.



نعم تكمن خطورة هذه الفكرة بالتحديد انها الفكرة التي بالامكان التساؤول بفكرية حولها بالمحاور التالية :



اولا : ما الغاية التي ارادت الوصول اليها فكرة (الصراع الطبقي)في المنظومة الفلسفية الماركسية الشيوعية داخل المجتمعات التي اخترقتها بصورة عامة ؟.



ثانيا : وهل فعلا ان فكرة الطبقية وصراعاتها وتناقضاتها فكرة علمية وفكرية ولها اصالة وواقع في حياة المجتمع الانساني؟.



أم انها فكرة لاعلمية من الاساس ، وتم تأسيسها داخل منظومة الفكر الماركسي باسم العلم من اجل غايات سياسية لاغير ، بحيث تكون مطية للوصول للسلطة فحسب ؟.



ثالثا : هل ان الماركسية عندما ربطت التطور الاجتماعي بفكرة وعملية الصراع الطبقي وتناقضاته الحتمية ، كانت على ادراك حقيقي وعلمي لمفهومة معنى محرك التطور الاجتماعي ، ولهذا مونت نار الحرب الطبقيةوالهبت سعير الثورة الاجتماعية على هذا الاساس حتى الوصول للمجتمع اللاطبقي العادل ؟.



أم ان فكرة تقسيم المجتمع الى طبقات وافتعال حرب اجتماعية على امل الوصول للمجتمع اللاطبقي ......ماهي الا محاولة لتعطيل حركة المجتمع وتطوره على الحقيقة وليس العكس ؟.



رابعا : ماذا يعني حتمية القضاء على الطبقة الراسمالية المستغلة ؟.

وهل الطبقة الراسمالية المستغلة (( الملاّك واصحاب رؤوس الاموال )) حسب ما تطرحه نفس المدرسة الماركسية ولكن بغفلة عمياء ، هي الطبقة الفعلية المحركة للتطور الاجتماعي ؟.

أم ان الطبقة العاملة هي الطبقة التي تهب الاجتماع الانساني الحياة ، وتعتبر الدينمو المحرك لعجلة التطور في اي مجتمع تعيش بداخله بفكرة الطبقة الثورية ؟.



الحقيقة ان هناك ايضا الكثير من الاسألة التي تدور حول فكرة (الصراع الطبقي ) آثرنا عدم ملاحقتها لعدم تشتت ذهن القارئ والابتعاد به عن الوصول لمضمون الفكرة البسيطة التي نريد ايصاله اليها من وهمية هذه الفكرة من جهة وعدم علميتها وفكريتها من الجانب الاخرولنبدأ من حيث ماطرح ماركسيا شيوعيا في النظرة للصراع الطبقي وانه :



اولا : صراع حتمي تقوده طبقة ثورية عمالية مسروقة ، ضد طبقة راسمالية متخمة وسارقة !!.



ثانيا : ان غاية هذا الصراع هو القضاء على طبقة المستغلين ووصول المجتمع الى المساواة والعدالة واللاطبقية بينهم على اساس سارق ومسروق !.



ثالثا : ان سبب هذا الصراع ، وحتميته بين هاتين الطبقتين ، هو لعلة ان الطبقة الثورية العمالية هي رائدة التقدم والتطور في هذا العالم وانها هي الدينمو المحرك لتطور المجتمع والانسانية ، بينما تقف الطبقة الراسمالية الاخرى بالنقيض من هذا المشروع التقدمي العمالي الذي يحاول التطور ، ولكن يرتطم بعقبات طبقة الرأسمال الرجعي الذي يقف حجر عثرة في سبيل التقدم ،لالسبب الا سبب انه يحاول ابقاء الوضع على ماهو عليه لضمان من ثم مصالحه ومنافعه كما هي عليه مستمرة بدون تغير او تعديل لها او تطور للحياة بالتبع !.



رابعا : تكون خلاصة الصراع وغايته العظمى هي نفي الطبقة الراسمالية المتحجرة وتدمير كل وجودها الاجتماعي باعتبار انها العقبة امام التطور العمالي ،ومن ثم الوصول الى مجتمع السعادة والعدل واللاطبقية المجتمع الشيوعي الحرّ والسعيد !!.



ولاريب ان مثل هذه الافكار ان طرحت في اي مجتمع فيه فقر وتعاسة ، وعمّال تعمل لاكثر من عشر ساعات من اجل راحة ساعتين في اليوم فقط ، باعتبار ان النوم شقاء اخر بشكل افيون مخدر لاغير، وفي نهاية المطاف يأتي الرأسمالي او التاجر ،او الممول بربطة عنقه النظيفة وكرشه المنتفخة ليأخذ السمين من ارباح العمل ويترك الفتات لعائلة العمّال والكادحين وبطونهم التي لاتريد ان تهدأ ، ... أقول ان مثل هذا الطرح الفكري والثقافي لابد ان يترك اثره البليغ على افكار طبقة العمّال والفقراء والكادحين ،وحتى لو لم يكن هذا الفكر يحمل اي فلسفة او علم الا انه مجرد يحمل دغدغة احلام الفقراء بالغنى واعتدال الحال المالية من جهة ، ويحرك فيهم الاحاسيس النفسية المتعبة والمتوثبة حسدا على اصحاب رؤوس الاموال والمترفين من جانب اخر لو لم تكن هذه الافكار تحمل الا هذا الجانب النفسي المؤثر للفقراء لكان حقا هو جديرا بان يسحب مشاعر العمّال والفقراء الى صالحه وصالح الانتماء لمطالبه في هذه الحياة !!.



وبالفعل كانت فكرة (( الطبقة ))العمالية او الفقراء وحقوقها وماتملكه من مواصفات ثورية في الخطاب الشيوعي الماركسي كان لها الاثر النفسي، قبل العلمي على جميع شرائح الفقراء العالمية ، التي انخرطت ، بلا وعي ولاعلم ولافكر ولاثقافة .... ،بهذا التيار الجارف وهي لاتملك من امرها غير التعاطف النفسي مع هذه الافكار باعتبار انها افكار تعكس مشاعر والآم هذه الطبقة المسحوقة في الماضي وحتى الحاضر !!.



الآن ربما نحن منتقدي الفكر الماركسي هناك من سيسألنا من الماركسيين المنتمين ، الذي يرى فينا حماة لشياطين الراسماليين والرجعيين بالقول : وهل هناك مايعيب فكرة كالفكرة الماركسية الشيوعية عندما تطرح فكرا يحاول ان يكون منعكسا لألآم الفقراء والعمال والمساكين ، وتنظمهم بشكل طبقة منفصلة عن طبقات المجتمع الاخرى ، لكي تروا في الطبقية وهم لابد من الصحوة من افيونه الخطير ؟.



وهنا لامفر من الاجابة بالقول : ان الماركسية بفكرة (( الطبقة )) العاملة وبالعموم الفقيرة ،لم ترتكب جُرما فضيعا واحدا لاغير ، بل انها اثبتت ان لها من الهبوط القيمي بحيث انها تغلبت حتى على اجرام السرّاق والمجرمين بحق فقراء العالم والانسانية جمعاء !!!.



نعم كان يكون عظيما في الفكر الشيوعي الماركسي لو كان هذا الفكروهذه المدرسة مجرد تجمع يلقى فيه القصائد الشعرية وتكون افكارها مقطوعات نثريةتحاكي وتعكس الام المعذبين من الفقراء والمحتاجين في هذا العالم لتنطق بلسان حالهم البائس فمثل هذه الجمعيةالشعرية سنكون اول المعجبين بهاوببطولتها وسمو قيمها الاخلاقية الانسانية على العموم !!.



لكنّ ان تطرح الفكرة الماركسية افكارها على اساس انها افكار علميةوايدلوجياتها على اساس انها حتميات تاريخية و(( تستغل وتسرق وتصادر ....)) الام المعذبين والفقراء والمحتاجين في هذا العالم ، ولتحولهم فيما بعد لتكتلات ثورية دموية ، وتدفعهم دفعا للايمان بحتمية صراع طبقي من اجل السلطة ..... الخ ، فان مثل هذا الفكر لاينبغي ان يفهم على اساس انه انعكاس بريئ ، لالآم الفقراء ، والمحتاجين ، بقدرما ينبغي فهمه على اساس انه توظيف ومتاجرة واستغلال لهذه الالآم البشريةوالاحلام البريئة الانسانية ، وتنظيمها بشكل حزبي ، ومن ثم اثارتها فوضويا ونفسيا على طبقات المجتمع الاخرى لفرض دكتاتورية باسمهم ، ماسوف اول من تسحقهم فيما بعد وكما حصل في واقع التجربة الماركسية الشيوعية انذاك !!.



إن جريمة الماركسية الشيوعية الفكرية في واقعها ومع الفقراء والعمّال بالذات لاتقل بشاعة عن جريمة الراسمالية المتوحشة التي كانت في القرن السابع عشر الميلادي قائمة داخليا ، وحتى اليوم خارجيا واستعماريا ، ولكن الفرق بين المجرِمين ان الراسمالي كان يسرق قوت الفقراء وعرق العمّال ليضخم من ارصدة ثروته المالية النقدية بينما المجرم الماركسي الاخرالتفت الى الفقراء ،فلم يجد في جيوبهم اي شئ صالح للسرقة ، فذهب الى ماتحت جلودهم ليلعب على احلامهم ومآسيهم وجوعهم وتطلعاتهم وقهرهم وحقوقهم ،ليسرقها ويوظفها فكريا لوصوله هو وافكاره الى السلطة ومن ثم الاستيلاء على ما استولى عليه الراسمالي من الفقراء والعمال ، مضافا اليه سرقة ما لايملك الفقراء غيره وهو احلام الانعتاق من ذلّ وقهر الفقر والحرمان !!!.



ومن هذا المنطلق الماركسي تشكلت فكرة (( الصراع الطبقي )) باعتبار ان الماركسية ،لم تكتفي بأن تطرح حقوق الفقراء كشريحة اجتماعية متكاملة مع غيرها ، وبالامكان وضع برنامج اجتماعي تكاملي يقوم على اساسه التكافل الاجتماعي العام ( كالذي موجود مثلا في الفكرة والاطروحة الاسلامية ) ، بل ذهبت الماركسية ،الى اقتطاع الطبقة العمالية او طبقة الفقراء من نسيج المجتمع تماما لتجنيدها لحالة صراع ومعركة مع المجتمع ككل ، ومن ثم جعلها (( الطبقة العمالية الفقيرة )) كنواة مستقلة ثورية دموية لها اهداف وغايات ومبادئ وتصورات مختلفة تماما عن باقي النسيج الاجتماعي القائم وهذا ان دلّ على شئ مفهوم فانما يدلّ على ان الخطاب الماركسي الشيوعي الطبقي وانتخابه بالذات للطبقات الفقيرة للتحدث باسمهالم يكن خطابا يبتغي صالح الطبقة وحقوقها نفسها وكيفية اندماجها مع مجتمعها ، وامكانية وضع الية لتكاملها مع الاخرين من اجل التطور والنمو ....، بقدر ماكان يبتغي استغلال هذه الطبقي للتغيير المجتمعي والهدم البنيوي والوصول للسلطة والحكم لاغير !!.



تمام في الجانب الاخر من المعادلة يمكنناان نسأل وعلميا فكريا هذه المرّة الفكر الماركسي نفسه عن ماهية الطبقة المحركة للتطور الاجتماعي على الحقيقة اذا سلمنا بضرورة ووجوب تقسيم المجتمع الى طبقات ودوائرلنقول : هل حقا وحسب الرؤية الماركسية نفسها تكون الطبقة العمالية هي نواة التطور والتقدم في المجتمع الانساني ؟.

أم انه ، وحسب تفكيكنا لمنظومة الفكر الطبقية للمدرسة الشيوعية الماركسية ، سنكتشف ان الطبقة الراسمالية هي محرك التناقض والتطور وليس العمالية في الواقع الماركسي المكتوب ؟.



من خلال نفس الطرح الماركسي الخيالي يُقال لنا:انه وبعد القضاء على الطبقة الراسمالية الرجعية سيقوم المجتمع اللاطبقي المتساوي والعادل والحر والسعيد ،وبعدها ليس هناك اي حاجة لعملية صراع باعتبار انتفاء مبررات هذا الصراع او انه وفي المجتمع اللاطبقي وبما ان طبقة المستغلين قد انتفت من الوجود الاجتماعي ، فلايمكن لطبقة العمال ان تتصارع مع نفسها ديالكتيكيا وجدليا فحتمية الصراع تقتضي سالب وموجب للصراع ، وبما ان الطبقة المعنية بالصراع والدمار والرجعية ولّت ،فلايتصور قيام اي حالة صراع في المجتمع الشيوعي المتساوي وصاحب الوتيرة الهادئة والسعادة الدائمة !!.



وهذا يعني في حقيقته((ان من يخلق حالة الصراع التي هي اساس تطور البشرية والحياة ، هم ليسوا طبقة العمال والفقراء مع الاسف ، بل طبقة الراسمال والاستغلال بكل فخر )) والدليل ان وجود طبقة الحرامية والراسمال اينما وجدت حسب الفكر الماركسي توجد او تخلق حالة الصراع وعندما تنتهي من الوجود على يد ابطال الطبقة العمالية سينتفي الصراع او مبرراته ، وتركد حركة المجتمع وتنزلق الحياة الى الهدوء والسعادة والسكينة !!.



اذن على هذه الحسبة من هي الطبقة ، او العنصر المحرك الحقيقي لحالة الصراع ،التي هي الاساس في تطورات المجتمعات البشرية ،وهل هي طبقة الراسمال التي اينما وجدت خلقت حالة الصراع ، أم طبقة العمال التي بامكانها العيش بلا اثارة لاي حالة صراع في مجتمع الشيوعية السعيد والعادئ والحرّ والعادل ؟.



طبعا تكون طبقة الراسمال هي الطبقة التي تفجر صاعق الصراع الطبقي الذي بدوره يخلق طبقة الفقراء والعمال مما يعني ان طبقة الراسمال هي التي تخلق طبقة العمال اماطبقة الفقراء والعمال فلايمكن لها خلق طبقة الراسمال في مجتمع اللاطبقية المطلقة وهذا اول برو !!!.



اما ثاني برو ، فعلى هذا الاساس تكون ، اي دعوة للقضاء على الطبقة الراسمالية خالقة الصراع ،الذي هو بدوره مؤسس ومحرك التطور البشري ، هي دعوة رجعية غرضها ايقاف عجلة التقدم ، والتطور الانسانية ، باعتبار ان الصراع رهين هذه الطبقة والدعوة لابادتها هو اعلان لابادة المحرك في التاريخ وما تصورات الماركسية للمجتمع الشيوعي الراكد الخالي من الصراع الطبقي ، الا تأكيد على : ان الطبقة الراسمالية ، هي التي كانت سببا لديمومة الصراع في المجتمع ، وليس الطبقة العمالية !!.



وعلى هذا بالامكان تصنيف كل فكرة الصراع وحتمية انتصار طبقة على اخرى في الفكر الماركسي ، على اساس انها فكرة ضد المحرك وضد التطور ودعوة لدفع العالم للركود والجمود والموت المحقق !!.



وكل هذا اذا سلّمنا بواقعية افكار الماركسية الشيوعية حول الطبقية وصراعهاوالتطور العلمي واتصاله بهذه الرؤية من حالة الصراع او غير ذالك ، اما ان ادركنا ان الطبقية وصراعها ماهي الا فكرة سياسية وهمية وليس لها من الافاق العلمية ولا الفلسفية اي رصيد يذكر عندئذ ندرك ان تركيبة المجتمع لايمكن لها ان تقوم على حلقات الطبقية الوهمية ولايمكن لها رؤية التقدم والتطور الاجتماعي على اساس انه حالة انبثاق عن هذه الاوهام الماركسية التي بنيت على مقدمات في الصراع ، هي من الاساس لاوجود لها في تركيبة المجتمع الذي يريد ان يتكامل ويتطور او يتدافع ويبني ويصل الى اهداف وغايات حقيقية وواقعية باقامة المجتمع العادل والحرّ والسعيد !!.



اخيرا :عندما نريد ان نبني ثقافة خالية من الهدم والتدمير للمجتمع لابد علينا اولا ان نخرج هذه الالغام الماركسية من عقول ناشئة مجتمعاتنا لينظروا الى كيفية بناء مجتمعهم بصورة مختلفة تماما عن تقسيمات الطبقات وصراعها وتدمير بعضها للبعض الاخر بالحقد والثورة وباقي المسميات ، وعلى المثقفين الحقيقيين ، ان يعوا ان اكبر عقبة بتطوير المجتمع وانفتاحه وانعتاقه وانطلاقة للتطور والتقدم هو رهين بالكفر بمثل هذه الافكار المنغلقة ، التي لديها امكانية صناعات الظلمات القادرة على حجب الف شمس وشمس مشرقة في هذه الحياة !!.

________________________________



alshakerr@yahoo.com

الاثنين، مارس 08، 2010

(( ماهو سرّ عظمة وعمق التشيّع في الاسلام ... التركيبة ؟!.)) 2/2حميد الشاكر

في (( نشأة التشيّع )) ذكرنا ان هذه النشأة هي بناء الاهي مقدس ، وهي الصنو الاخر لرسالات السماء الاسلامية جميعهامنذ ادم وحتى خاتم الرسل والانبياء العظيم محمد ص بل وهي التوءم الذي يشكل مع الرسالة الالهية الكمال والتمام والنعمة السماوية المقدسة ، في قوله سبحانه :((اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا / المائدة )) لجميع بني البشر باعتبار ان التشّع هو الاطار للامامة بعد النبوة مما يدفع اي متلقي لمثل هذه الرؤية حول أصل التشيّع ان يسأل :هل يعني هذا ان التشيّع شئ مختلف عن الاسلمة او الاسلام في هذا الدين الخاتم ؟.


أم ان التشّيع هو هو الاسلام المحمدي الالهي نفسه لكن بتركيبة مختلفة ؟.



بمعنى آخر انتم تذهبون الى ان التشيّع ، وحسب الرؤية التي تتبنونها ، هو خط ثاني متحرك مع الرسالة السماوية بنفس السرعة والاتجاه والهدف وهو ذو مفهوم وتواجد مع جميع الرسالات والنبوات الماضية الاّ انه وليد الرسالة وامتداد لها لاغيرفهنا من حقنا ان ندرك تركيبة هذا التشيّع ، وهل هو صاحب تركيبة مختلفة عن تركيبة الرسالة الاسلامية الخاتمة التي لو فرضناها بلا خط للتشيّع داخلها سيصيب المسيرة الارتباك ؟.

أم ان هذا التشيّع لايمتلك اي اضافة مختلفة لهذه الرسالة وهذا الاسلام ، وان وجوده وعدمه سيان بالنسبة لاصل الرسالة والدين والنبوة والاسلام ؟.!!.



في الحقيقة ان القول بإن وجود التشيّع من عدمه لايضيف ، او يربك البناء الاساسي للاسلام والدين هو قول يشبه الدوران في حلقة مفرغة اولها مثل اخرها في البحث بالتمام ولكنّ الجواب اذا كان :نعم ان للتشيّع اضافته ولمسته المختلفة دوما مع الرسالات والنبوات حتى اخر رسالة وخاتمتها الاسلام العظيم فبهذا يمكن مناقشة مفهوم التشيّع في الاسلام ، واضافة هذا التشيّع للاسلام ، واختلاف تركيبة هذا التشيّع للاسلام ، وكيف ان اسلاما بلا تشيّع يعني اسلاما بلا تمام ولاكمال ؟،ولماذا لابد للاسلام من تشيّع ؟وكيف ينبغي لنا ان ندرك التشيّع من خلال الاسلام وندرك الاسلام من خلال التشيّع؟....الخ ومن هذاه المنطلقات الفكرية ، يحق لنا البحث في شئٍ اسمه تشيّع وانه ضرورة من ضرورات الرسالة الاسلامية الخاتمة في الادراك وفي المنهج والسلوك !..



نعم في البدأ ينبغي علينا ان ندرك، ان التركيبة الرسالية الاسلامية ، واختلافها عن تركيبة خط التشيّع ومساره في داخلها يرجع برمته الى إختلاف مفهومي (التنزيل) للشريعة والرسالة ، و(التأويل) لهذه الشريعة والرسالة !!.

بمعنى آخر : ان اختلاف تركيبة الرسالة الالهية ، عن تركيبة خط التشيّع داخل منظومة الرسالات الاسلامية الالهية الممتدة تاريخيا حتى رسالة الاسلام العظيمة ، هو اختلاف :



اولا : في التأسيس الاولي الفطري البسيط من جهة التنزيل ، بحيث يكون الرسول متلقيا لرسالات السماء ، ومبلغا لها بحذافير النص وكما ورد نازلا من السماء وبلا اضافة اي بعد ادراكي للنص ابدا(وما ينطق عن الهوى)!!.

بينما وفي خط التشيّع يكون دور ووظيفة ادراك هذا التأسيس بعمق والتنظير لابعاده ومفاهيمه وتصوراته المنفتحة لكل زمان ومكان من جهة التأويل هو تركيبة التشيّع في داخل الرسالة !!.



وثانيا : يقود خط الرسالة والنبوة المجتمع الانساني من خلال ظاهر النص الرسالي محاولا القاء بذرة الرسالة فقط داخل المجتمع ،والجهد في تثبيت وجودها الاولي فحسب ، بينما خط التشيّع وظيفته قيادة المجتمع من خلال التأويل للنص الرسالي والتطوير لمفاهيمه ومبادئه واهدافه وتطلعاته حسب تطورالمجتمع وولادة حاجاته الجديدةوالمتنوعة وليس ابقاء المجتمع فقط في مرحلة قيادته على ظاهر النصوص الرسالية او ارجاعه لقيادة نزول النص لاغير !!.





والفرق اذا اردنا صورة متكاملة بين خطي الرسالة والتشيّع في الاسلام ، وحسب التقسيم الذي ذكرناه انفا فيمكننا القول :ان تركيبة الرسالة لاتتخطى في وظيفتها الالهية عملية التنزيل وتبليغ هذا التنزيل للناس جميعا ،وتبيينه لهم حسب ما ورد اوليا ،ثم ترك عملية التأويل وبأمر الهي لتركيبة التشيّع باعتبارها الامتداد الطبيعي للرسالة السماوية وهي وليّة القيادة بعد الرسالة ،وهي التي ستقود المجتمع من خلال (فهم ) التأويل وليس من خلال (فهم ) التنزيل الرسالي الحلقة الاولى من الاسلام من منطلق (ان لكل زمان رسالي اسلامي تأويل في النص الرسالي الالهي ولكن ليس هناك لكل زمان ومكان نص رسالي اسلامي من التنزيل ) فالتنزيل الرسالي واحد لايتعدد ولايختلف ولايطوّر ولايعدّل ....، بينما هناك مالايحصى من التأويل الرسالي الذي يتساوق مع الزمان والمكان الى مالانهاية !!.



وهذه الفروقات الجوهرية بين خطي ((الرسالة والتشيّع )) هي مايفسر لنا ، ولغيرنا معنى ،ان يكون داخل الرسالة الاسلامية خطاً للتشيّع ، ومعنى قول الرسول وتبليغه عن الله بحق علي بن ابي طالب ع:(( انت وشيعتك في الجنة )) و (( هذا وشيعته هم خير البرية )) ، ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم((ياعلي ستقاتل القوم على التأويل كما قاتلتهم أنا على التنزيل )) ،ومعنا قوله ص :(( انا مدينة العلم وعليٌ بابها )).....الخ وهكذا باعتبار ان ((علم التأويل )) هو علم مختصّ بخط التشيّع وقائده علي بن ابي طالب ع فقط اولا ، وانه علم يهب الاستمرارية الزمنية والمكانية ، والحضارية للاسلام ، ولنص الرسالة المنزل ،الذي لولا التأويل وخط التشيّع لاصيب هذا النص بالموت والجمود والتحجر والاندثار !!.



إن بعض اهل الاسلام من باقي المذاهب الاسلامية غير المتشيّعة ، لايدركون هذه المعاني الاسلامية الالهية لخط التشيّع داخل الاسلام ، ولايدركون ايضا مع الاسف الارتباط العضوي بين التشيّع والتأويل لرسالة السماء من جهة وبين الرسالة والتنزيل من جانب آخر، كماان الكثير من اهل هذاالدين لايستطيعون ادراك معنى قيادة الفهم الشيعي الاسلامي المؤول للتنزيل واختلافه عن معنى قيادة التنزيل لهذه الامة وكيف هي مختلفة ومؤثرة على حياتهم اليوم بصورة جذرية ؟.



إن التأويل الذي وضعناه كسمة بارزة لتركيبة التشيّع الاسلامي ،واختلافه عن تركيبة التنزيل في الرسالة ، هو في الواقع ادراك مختلف جذريا للدين والاسلام ومقاصده واهدافه وغاياته واليات عمله ....عن ادراك التنزيل الرسالي النبوي الاسلامي الابتدائي لهذه الشريعة ،فالتأول حسب المفاهيم القرآنية التنزيلية : هو الرجوع الى الاصل ، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع اليه ، وذالك هو ردّ الشئ الى الغاية المرادة منع علما كان او فعلا!!.



وهو علم وعمل او فكر وسلوك ، مختلف عن التبيين والتفسير وباقي المصطلحات الاسلامية القرآنية العميقة التي اختصت بالرسالة والنبوة في قوله سبحانه :(( لتبين للناس ما نزل اليهم )) ، بل هو شئ خصه الله سبحانه باهل الرسوخ من العلم في قوله سبحانه :(( ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم )) ، وما اشار اليه اهل البيت ع باننا نحن الراسخون في العلم ، ومادفع الرسول الاعظم محمد ص للاشارة لعلي ع بانه باب مدينة علم الرسول وانه هو المعني بقوله سبحانه :(( هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل ...)) !!.



وهو كذالك علم غير اكتسابي بل هو علم الاهي يندفع مع خط التشيّع الالهي وبجانب خط الرسالة والنبوة وهذا من منطلق ان علم وعمل التأويل ، هو بالفعل علم وعمل المؤيدين من قبل الله سبحانه وتعالى ولايمكن لاحد مهما علا اجتهاده الفكري ان يدرك التأويل في النصوص القرآنية وكيفية ارجاعها الى اصولها الحقيقية التي نزلت من اجلها وفي سبيل الوصول اليها والى غاياتها اجتماعيا اجتماعيا !!.



فتأويل (الشمس والقمر) بانهما نبي وزوجه ( مثلا ) علم لايختص بعملية الاجتهاد والاستنباط الفكري للبشر جميعا ولايتمكن احد من ارجاع مفاهيم الشمس والقمر ، لاصولها الحقيقية الا نبي او امام يتمكن بعلمه من الاطلاع على علم اللوح المحفوظ عند الله سبحانه وتعالى والذي يدوّن فيه علم المستقبل بالتحديد ، كما حصل في رؤية يوسف الصديق عليه السلام ، وارجاع يعقوب لرؤياه تلك الى انه سيملك ويسجد له الرسول النبي يعقوب وزوجه واخوته وبعد ان تمّ ذالك بالفعل قال القرآن على لسان الصديق يوسف ع :(( وقال يأبتَ هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقا ..)) !!.



وهذا الفهم والادراك للتأويل هو مايجعله مختلفا عن الفهم والادرك للتنزيل ففي التنزيل كل البشر على مرتبة سواء بالادراك والاجتهاد نحوه ، بينما التأويل بحاجة الى قادة راسخون في العلم ، ويدركون كيفية ارجاع التنزيل للتأويل وقيادة المجتمع على غرار اوامره ونواهيه وهذا ماحصل بالفعل في حركة التشيّع الاسلامية داخل الاطار الاسلامي بقيادة علي بن ابي طالب ع واهل بيته من بعده الذي قال رسول الله ص عنهم قبل مفارقته للحياة ((اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض وما ان تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدا )) !!.



إن هذه الرؤية لخط التشيّع الاسلامي داخل الاسلام وكيفية تحركه من خلال (( التأويل )) لنص الشريعة والرسالة ومن خلال اختلاف تركيبته الاسلامية عن باقي تراكيب المذاهب الاسلامية الاخرى ،وبقيادة من ارادهم الله سبحانه ليكونوا امتدادا لرسالته السماوية المحمدية ... هذه الرؤية للتركيبة الشيعية ،هي ايضا التي تطلعنا على سرّ عظمة وعمق هذا التشيّع عن باقي مذاهب الاسلام وتوجهاتهم الاسلامية المختلفة ، ولماذا التشيّع الاسلامي هو متساوقا ومنسجما ومتسقا مع الحياة والانسان والزمان والمكان والحضارة ... مهما تغير وجهها وتطور ادائها ،بينما هناك من المذاهب الاسلامية من هو بدلا من ان يقفز الى المستقبل ليبحث عن الاسلام ، واذا به يرتدّ الى الخلف ليبحث عنه متحجرا فقط على نص التنزيل الاولي وليس تأويل التنزيل المستقبلي !!.



بمعنى : انه ربما يلاحظ اكثر الباحثين في جوهر المذهبية الاسلامية الموجودة اليوم على سطح الاجتماع الاسلامي ان هناك فرقا بين المذهبية الاسلامية الشيعية التي تتعامل مع الحياة ومستجداتها باذرعة مفتوحة ، وتساهم كذالك ليس فقط بقبول الحضاري الجديد في هذه الحياة ، بل واكثر من ذالك في تطوير هذا الجديد والتفاعل معه بدون ان تكون هناك اي اشكالية او تردد بين الاسلام الشيعي وهذه المستجدات العالمية الانسانية الحضارية المعاصرة !!.



وبين مذهبية اسلامية (( السلفية نموذجا )) اخرى منغلقة تماما عن كل ماهو جديد وحضاري ، وكل ماهو غريب ومبتدع ، من منطلق ان هذه المذهبية تعتقد ان معرفة الاسلام هي اساسا بالرجوع الى ((نص التنزيل )) الرسالي كما نزل في السابق ، والاخذ به وبتبيينه مثلما بيّن للناس قبل الاف السنين ، وهذه الارتدادة الى فهم النص النازل وسحب الواقع المعاش اليوم لادراك التنزيل هو الاسلام الحقيقي الذي ينبغي ان يقام هذه الايام وفي زمننا الحاضر لاغير ؟.

ليتسائل أولئك الباحثون عن السرّ الكامن داخل هذه المذاهب الاسلامية ولماذا هناك مذاهب اسلامية كالتشيّع تحترم العقل وتتفاعل مع الحياة ، وتجتهد في الدين وترحب ببناء الحضارة ، وتبني وتشيد وتزرع ، وتستقر وتنشأ ثقافة وتساهم المرأة وتقام الحياة ويتم البحث عن الاسلام وفهمه في المستقبل ؟!.

بينما هناك الاخر في المذاهب الاسلامية الذي يحاول جرّ البشريّة الى الخلف والعيش في زمن السلف ، والرجوع الى فهم التنزيل وحسب نصوصه فحسب بدون التفات الى تأويل ، ولا الى عقل ، ويعتمد الغزو ،والترحال والهجرة والانتقال ، وينظر الى الاسلام انه واقع تاريخي وليس مستقبلي ، وان الحضارة اليوم ، وبناءها بدع تناهض الدين والاسلام ووجوب الرجوع بالامة الى الخلف بدلا من قيادتها الى الامام ،وان المرأة مكانها البداوة ، وان الصحراء جنة الخلد في ارض الله ....الخ ؟.



كل هذا لايمكن لنا الاجابة عليه اذا لم ندرك تركيبة التشيع الاسلامية التي ذكرناه فيما سبق ، وكيفية اعتمادها على منهجية التأويل في الادراك الاسلامي ، وانها هي الادراك الوحيد الذي يضمن للاسلام ورسالته ونصوصه التنزيلية المرونة والتفاعل مع الحياة وتطورها وتلون وجهها مع الزمن !!.

وايضا كل ذالك ، في الاتجاه المعاكس ، لانستطيع ادراكه ،الا على اساس ان باقي المذهبية الاسلامية غير الشيعية وبسبب انها اعتمدت على خط الرسالة والتنزيل فحسب كقاعدة لادراكها للاسلام ورسالته ، اصبحت وهي متحجرة وميتة ولاتستطيع ادراك الاسلام الا من خلال الرجوع اليه والموت بقربه تاريخيا ، بينما في الجانب الاخر ترى ان التشيّع مع انه يمتلك الرصيد التنزيلي الرسالي للاسلام ويمتلك ايضا المرجعية التاريخية والقاعدة التي ينطلق منها رساليا ، الا انه لم يقف عند هذا الحد ، بل امتلك ايضا خط التشيّع الالهي بقيادة اهل البيت ع الذي يهب النصوص الاسلامية روحها ، ويقرن اليها تأويلها الذي يدفع بالاسلام مع الحياة ليسبق الحياة البشرية ومهما تطورت ليكون الاسلام والبحث عنه في الرؤية الشيعية هو في مستقبل الحياة ، وليس في تاريخها لتتحقق رؤية يوسف الصديق ع المتشيّع ليس الان في رؤيته لحلم السلطنة الاسلامية الكبرى ، وانما بعد سنين وسنين من رحلة هذا الحلم في قابل ومستقبل هذا التأويل للرؤية وليس فقط الوقوف عند تنزيل الرؤية لاغير !!!.

__________________________



alshakerr@yahoo.com

(( ماهو سرّ عظمة وعمق التشيّع في الاسلام ... النشأة ؟!.)) 1حميد الشاكر

كنتُ ولم ازل في رؤيتي الخاصة لنشأة التشيّع في الاسلام ، ممَن ينحون منحا اضافيا لموضوعة نشأة هذا المذهب الاسلامي الذي لم يزل لهذا اليوم وهو يحمل داخل طياته شيئا ما غريبا عن اقرانه من المذاهب الاسلامية الاخرى المحترمة ، فمنذ الشباب عندما بحثتُ عن فكرة نشأة هذا التوجه الفكري الخاص داخل الاسلام المسمى تشيّعاوحتى اليوم اشعر ان هذا التشيّع هو ابعد بكثير مما ذكره اساطين الفكر الاسلامي الشيعي وغير الشيعي من ان :(( أصل التشيع ولبنته الاولى التي وضعت كان مؤسسها هو رسول الله محمد ص حسب ماذكره السيوطي في دره المنثور عند تفسير سورة الزلزلة قال :أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)فكان أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: جاء خير البرية)) .




والحقيقة بغض النظر عن وجهة النظر الاخرى التي تحاول تزييف نشأة التشيّع الاسلامي واصوله الفكرية ، ورمي هذا المذهب ( كما فعل احمد امين في كتابه فجر الاسلام وبعض المستشرقين المشبوهين بروكلمن وغيره )) لهذه الجهة الاعجمية او تلك الجهة الوهمية (في اسطورة ابن سبأ)للتخلص من نشأة التشيّع الاسلامية الرسالية الاصيلة وبغض النظر ايضا عن مَن يذهب الى ان نشأة التشيّع الاسلامي لم تظهر للوجود الا بعد خلافة علي بن ابي طالب عندما شايعه اهل العراق في حروبه مقابل مشايعة اهل الشام لمعاوية ....، فانا لم ازل ارى في نشأة التشيّع انها عملية ابعد بكثير من فكرة حتى تأسيس الرسول الاعظم محمد ص لبذرتها الطيبة المباركةوارقى واعمق من افكار الحاقدين على التشيّع الاسلامي سياسيا وفكريا للهبوط بها الى هذه الجغرافية ، او تلك من زوايا التاريخ المنقرضة والمنسية !!.



نعم فكري متوجه بقوّة الى فرضية ان نشأة التشيّع تذهب متصاعدة الى اعلى سلّم الرسالات السماوية لتشكل فكرة التشيّع مع فكرة الرسالة الالهية التؤم او الثنائية التي انحدرت مع رسالات السماء الالهية خطوة خطوة ، ومنذ ادم عليه السلام ، وحتى الاسلام العظيم والرسالة المحمدية المباركة !!.



وبهذا يكون التشيّع أمتدادا الاهيا طبيعيا ، كما الاسلام ورسالاته المتعددة ، التي جاءت للناس لتخرجهم من ظلمات الجاهلية والجهل الى نور الاسلام والحقيقة ، ولافرق بين المشكاة الرسالية ومصباحها ، الا في الامتداد والتأسيس فبينما الرسالة الالهية يكون واجبها وتكون وظيفتها هي التأسيس وقلب التربة الاجتماعية الانسانية ، ووضع اللبنة الاولى من الدعوة الى الله سبحانه وتعالى ، يكون التشيّع والولاية والامامة ...بالضرورة هي الاستمرارية والقيادة وبناء الهيكل العام ، وقيامة المجتمع وحصد المحصول وقطف ثمار البذرة الرسالية !!.



نعم على هذا الاساس والرؤية يكون الله سبحانه مرسل الرسل ومنزل القوانين والكتب هو ذاته تقدست اسمائه من اسس لبذرة التشّيع منذ القديم من الازل والرسالات كما اسس لبذرة الرسالة وبعث الرسل وما مقولة خاتم الانبياء والرسل العظيم محمد ص:(( ياعلي انت وشيعتك خير البرية ))، والذي يستند عليها اساطين العلم والفكر الاسلامي ليستنبطوا منها فكرة :((ان تأسيس التشيّع كان على يد الرسول الاعظم محمد ص))الا كونها تبليغ من قبل الرسول ص لما امره به ربه سبحانه وتعالى بالتأسيس للتشيّع او التبليغ عن ولادة التشيّع لعلي بن ابي طالب ع ، وماهذه الفكرة الرسالية في الحقيقة ، الا انعكاس لبيان قوله سبحانه وتعالى (( وماينطق عن الهوى ان هو الا وحيٌ يوحى / النجم )) باعتبار :ان التأسيس لخط التشيّع الاسلامي جاء من خلال الامر الالهي اولا ، وليس فقط من خلال خط الرسالة المحمدية الذي يوحي بانفصاله عن الامر الالهي العظيم عندما يقال المؤسس هو الرسول ص فحسب !!.



إن هذه الرؤية التي ترجع تأسيس التشيّع في الاسلام ، بل وفي جميع الرسالات السماوية الصاعدة ، حتى ادم ابي البشرية عليه السلام الى الله سبحانه وتعالى مباشرة ، هي نفسها الرؤية التي تشرح لنا : كيف ان مفهوم التشيّع لم يقتصر فقط على امة الاسلام الاخيرة التي بذر بذرتها خاتم النبيين محمد ص ؟.

وكذالك مامعنى ان يكون الخطاب القرآني الذي يتحدث عن التاريخ ورسالات السماء السابقة مليئ بمفهوم التشيّع ايضا كقوله سبحانه في قصة ابراهيم الخليل عليه السلام :(( وان من شيعته لابراهيم )) وكقوله سبحانه في قصة موسى ع :(( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ))؟.

مما يؤكد ان مفهوم (( التشيّع )) ووجوده وتحركه في حياة جميع الانبياء والرسل ، على اساس انه وجود وتحرّك ممتد مع التاريخ الرسالي مهما تصاعد في القدم سواء كان في حياة شيخ الانبياء وابوهم ابراهيم ع ،او في حياة موسى وعيسى ويعقوب وادريس ونوح ....الخ وغير ذالك عليهم السلام جميعا وانه وجود يحيط بالرسالة كما ان الرسالة السماوية تؤسس للتشيّع ان يتحرك في داخلها وبعدها في الاستمرارية وعلى طول خط الرسالة السماوية في هذا الوجود ، بل ان وجود التشيّع حسب الرؤية القرآنية لم تخلوا منه رسالة من رسالات السماء ، ولم يغب عن توجيهات ،واوامر اي رسول او نبي من انبياء الله سبحانه وتعالى لاقوامهم المتعاقبة عندما يبشرون بالتشيّع من بعد رسالاتهم في التاريخ وحتى اخر الرسالات وخاتمة النبوات نبوة رسولنا وعظيمنا محمد ص !!.



وبهذا نستطيع الذهاب الى القول ان اصل التشيّع في الاسلام الاهي المنشأ ، ورسالي التبليغ ، او القول ، ان نشأة التشيّع في الاسلام هي نشأة الاسلام والرسالة الالهية نفسها ، ولكن الفرق بين الرسالة والتشيّع ،إن الرسالة تبذر البذرة الاولية ، وتضع حجر الاساس ، وتؤسس للاطار العام الذي يقبل الانسان في داخله لمجرد الظاهر من الحال بينما التشيّع هو الذي يمحص المؤمنين من غير المؤمنين ، وهو الذي يحافظ على روح الرسالة وجوهرها ، وهو الذي يبني الفدائيين والحواريين الذين يشكلون المتراس الذي يلتف حول البذرة الرسالية اذا عصفت بها قوى الكفر والنفاق لابادتها عن الوجود ،وبهذا استحق علي بن ابي طالب باعتباره قائد كتيبة المتشيعين ان يكون عليه السلام الامام المفترض الطاعة من قبل الله سبحانه وتعالى ، واستحق شيعته ان يكونوا بعده خير البرية !.



(( كيفما ينتخب العراقيون يولّى عليهم !)) حميد الشاكر

غدا سيكون يوم القرار الشعبي العراقي الذي يحدد ليس فقط هوية القوائم السياسية العراقية المنتصرة في مخاض الانتخابات فحسب ، وليس شكل النظام الديمقراطي او اللاديمقراطي للعراق الجديد لاغير ، وليس فقط مَن هو من السياسيين الذي حاز على ثقة الشعب العراقي ليجدد له عقده للخدمةالسياسيةاو الاخر الذي سيطيح به الشعب لعدم كفائته لقيادة هذا البلد ، ......الخ ، بل غدا سيكون هو يوم ولادة الهوية العراقية لهذا الشعب !!.




اي غدا ستحدد صناديق الاقتراع الانتخابية في العراق هوية الامة وهوية الوطن ،وهوية المستقبل ، وهوية الدولة وهوية الشخصية العراقية ، وهوية المزاج الشعبي وهوية توجهات هذا الشعب ، وهوية البناء الذي سيقام للاجيال القادمة ، وهوية الراية التي ستبقى خفاقة لفترة طويلة مقبلة !!.



غدا واليوم سيولد العراق الجديد ، ويخرج من شرنقته فراشة تحلق في السماء من خلال عملية لأول مرّة ربما في تاريخه يكون الدمّ لغةً غير مستخدمة مطلقا في هذا التغيير التاريخي الكبيرللشعب العراقي ، ويكون السلاح بدباباته وطائراته ومؤامراته ساكنا داخل ثكناته هادئا بلا حراك ، وتكون الحبال مطوية داخل صناديقها بلا حاجة لها لتعلق رقاب الابرياء عليها ، او تسحل جثث البشر داخل الطرقات بكل وحشية ؟!.



نعم اليوم ستفعّل معادلة الاسلام العظيم في ( كيفما تكونوا يولّى عليكم )ليتحرك الوجه الاخر لهذه المعادلة العراقية الديمقراطية الانتخابية ب(كيفما يكون اختياركم وانتخابكم تكون وجه قيادتكم وسلطتكم ودولتكم وحكومتكم )في قابل الايام ، وتصنع هويتكم الى البعيد من الزمن !!.



فان كان اختيار العراقيين بعثيا فسيولى البعث ، وازلامه وقيادته عليهم بالعاجل القريب عندما تفتض اقفال صناديق الاقتراع ،وتعلن النتيجة ويقع الانتخاب وتصبح الامة العراقية بهوية بعثية وإن كان اختيار الشعب العراقي شيوعيا فحتما ستعلن هوية هذه الامة ويصرّح بتوجهاتها ، وتعلوا دولة الشيوعية لتستلم الدفة وتقود السفينة أما ان كانت توجهات الامة مسلمة وانتخبت الاسلام لقيادة المشروع ، وصوتت بقوّة لقلب الايمان ،والعدالة والعراقية والاصالة فلاريب ستعلوا سمات الاسلام على هوية هذا الشعب ويكون الاسلاميون ربابنة السفينة ،ورواد التغيير ، واصحاب القرار والكلمة في مصير هذا الشعب ، وما يتبعه من اجيال لاحقة !!.



وهكذا ان كانت هوية الامة التغريب ، فغدا ستعلن نتائج الانتخاب حقيقة هوية هذا الشعب ، وكذا ان كانت هويتنا صهيونية فسننتخب اصحاب مشروع التصيهن وان كانت هوية الجلافة والبداوة والتعريب اصالتنا ،فحتما سيقودنا اذناب المشيخة ودعاة القبلية الجاهلية والمشترون باموال البترول الموزع الى هويتنا الاعرابية واصالتنا البدوية!!.



الخلاصة ان انتخابات العراق اليوم هي التي ستحدد بالفعل من هو العراق ، وماهية بطاقة احواله الشخصية ، مع ذكر توجهاته الفعلية وتطلعات شعبه السياسية والايدلوجية والبنائية !.

____________________________

alshakerr@yahoo.com

الخميس، مارس 04، 2010

(( شعوبهم بدأت تسأل لماذا في العراق وحده ... تصدير الثورة ؟)) حميد الشاكر

يبدو ان الانتخابات والحراك العراقي الديمقراطي وكذا التعددية في التنافس السياسي وحتى المشاجرات والمناظرات التلفزية ....بدأت تأخذ (( تمددها )) الطبيعي خارج جغرافيتها الوطنية ، ولتزحف من ثم بتصدير ثورتها البنفسجية التي اصبحت ، بلا ادنى ريب احد الكوابيس التي تؤرق نوم قادة عصابات الحكومات العربية قبلية خليجية كانت او ثورية اشتراكية ، بعدما اصبحت راسمالية منتفخة فسادا ،ودكتاتورية ووراثية ونائمة على قلوب شعوبها المسكينة بالارهاب والقوّة ومساندة اصحاب رؤوس الاموال العملاقة في ادارات الحكومات الغربية !!.




وهذا البداء تتضح صورته بجلاء من خلال عدة ظواهر عربية سياسية بارزة ، تبدأ بالهستيريا المتصاعدة سياسيا ضد كل ماهو عراقي اليوم ولكنّ ليس من خلال اعلان هذه الحكومات انها ضد الديمقراطية مباشرة ، بل من خلال البحث عن كل ماهو مشوّه لصورة الحدث الانتخابي في العراق كأن يقال : (( ان الانتخابات العراقية ،سلفا ستزوّر لصالح طائفة على اخرى ))او يقال((ان الانتخابات في العراق ماهي الا مسرحية هزلية يقوم بها الاحتلال الامريكي لصالح اجنداته الاستعمارية ؟!)) ......الخ !.



وتنتهي عند التدخل الفعلي لهذه الحكومات والملكيات والامارات العربية لتدمير المنجز العراقي الديمقراطي مباشرة من خلال ارسال الارهاب الى العراق او شراء ذمم سياسيين عراقيين منافقين لضرب بلدهم لصالح هذه الحكومات او من خلال ضخ المليارات من الدولارات البترولية للعراق في سبيل تزييف المسيرة العراقيةواشاعة روح القذارة على الفعل العراقي ومن ثم كسر رقبة الديمقراطية بالمال كما حصل في لبنان في انتخاباته الفائته!!.



وكل هذا في الحقيقة يعبر عن ظواهر سياسية عربية كثيرة ومهمة من ابرزها :

اولا: النيل من جوهرية العملية الانتخابية الديمقراطية في العراق وقتلها في المكان وقبل ان تفطم من الرضاعة!.

وثانيا : مدى رعب هذه الحكومات العربية من التجربة العراقية الديمقراطية إن هي سارت بتلقائية وبدون تشويش سياسي اقليمي عليها !.

وثالثا : خشية انتشار وباء الانتخابات الديمقراطية هذه وسريانها الى عقول شعوب هذه الحكومات المدمرة ومن ثم مطالبتها بالمثيل !.

رابعا : ايصال رسالة ايضا من قبل هذه الحكومات المستبدة ،لشعوب هذه الحكومات الجبّارة والدكتاتورية والفاسدة (( ان ليس هناك بالفعل ، والحقيقة ديمقراطية يمكن ان تسير بتلقائية في هذا العالم العربي المليئ ،بكل ماهو آسن ورجعي ومرتد ومتخلف ومتخم بالدمار )) !!.

خامسا : رعب الحكومات العربية من تأسيس شرعية سياسية عربية جديدة تعتمد على الديمقراطية وصوت الشعب في التجربة العراقية ،مما يسقط بالتالي شرعيات المشيخة القبلية في الخليج وشرعيات الانقلابات والثورة في دول الحكومات العربية الاخرى ، التي بدأت من خلال شرعيات الثورة وانتهت بشرعية مع الاسف ليس الانتقال لارادة الشعب الديمقراطية التي باسمهم قامت الثورة ، بل بشرعية القهر والقوة والارهاب لهذه الشعوب وحكمها !.



نحن نقول ذالك لاننا لمسنا في هذه الايام ، لمس اليد في جزيرة العرب ،وفي مصر وفي اليمن وكذا الاردن وهكذا من اقصى المغرب الى اقصى المشرق ، حراك يطالب بالتغيير السياسي الفوري متقارنا مع الحراك السياسي داخل العراق ، مما يعطي المؤشر الى ان التجربة العراقية بدأت بالفعل تأثيرها الخارجي ، وتصدير متفاعلاتها السياسية الداخلية الى الخارج ،ولاسيما الحراك الذي يجري اليوم في مصر بالتحديد ، وتأثره الواضح بما يحصل في العراق ومطالبة هذا الشعب المكبوت من خلال انتفاض بعض كوادره السياسية المستقلة(محمد البرادعي نموذجا ) بالتغيير ووجوب احترام ارادة الشعب في عملية ادارة الشأن السياسي ، مما دفع حكومة مصر وغيرها ايضا من الحكومات الخليجية والعربية ، لاستشعار الخطر من التجربة العراقية ،على وجودهم السياسي الميت داخل شعوبهم المحكومة بالحديد والرعب !.



نعم في السعودية الكثير من الاقلام الحكومية المأجورة ، ووسائل اعلام الامارة بدأت تنسج خيوط عنكبوتها في كل اتجاه ، لضرب العملية الديمقراطية في العراق ، خشية وصول هذه الشرارة لاحراق كومة القش فائحة الرائحة من الالتهاب بالتجربة العراقية!!.



وكذا أقلام ومثقفين ووسائل اعلام مصرية .... حكومية بالفعل شرعت في التنظير الى الابعاد الطائفية للديمقراطية في منطقتنا العربية ، وان الشيعة في العراق سيستولون على الحكم ويشكلون حكومة اغلبية مطلقة في العراق من جهة ، ومن جهة اخرى ، تسعى مؤسسات حكومية مصرية ، لترويج الارهاب ، والرعب من الديمقراطية العراقية بالخصوص ، وانها ديمقراطية يختبأ خلف قناعها استعمار وصعود فساد ..... والى ماهنالك من مانشيتات اعلامية تحاول تغييب وعي الشعب المصري السياسي ، ودفعه دفعا للقبول بما هو فيه كي لاتجلب الديمقراطية له السيارات المفخخة وقوى الارهاب الانتحارية التي ستدمر حياته وتحرق اطفاله وتذبح رجاله ، وتغتصب نسائه ....كما حصل للعراق وشعبه عندما طالب بالديمقراطية والحرية وسعى لها سعيها !.



____________________



alshakerr@yahoo.com

(( ماهو سرّ عظمة وعمق التشيّع في الاسلام ... النشأة ؟!.)) حميد الشاكر

كنتُ ولم ازل في رؤيتي الخاصة لنشأة التشيّع في الاسلام ، ممَن ينحون منحا اضافيا لموضوعة نشأة هذا المذهب الاسلامي الذي لم يزل لهذا اليوم وهو يحمل داخل طياته شيئا ما غريبا عن اقرانه من المذاهب الاسلامية الاخرى المحترمة ، فمنذ الشباب عندما بحثتُ عن فكرة نشأة هذا التوجه الفكري الخاص داخل الاسلام المسمى تشيّعاوحتى اليوم اشعر ان هذا التشيّع هو ابعد بكثير مما ذكره اساطين الفكر الاسلامي الشيعي وغير الشيعي من ان :(( أصل التشيع ولبنته الاولى التي وضعت كان مؤسسها هو رسول الله محمد ص حسب ماذكره السيوطي في دره المنثور عند تفسير سورة الزلزلة قال :أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة ونزلت (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)فكان أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: جاء خير البرية)) .

والحقيقة بغض النظر عن وجهة النظر الاخرى التي تحاول تزييف نشأة التشيّع الاسلامي واصوله الفكرية ، ورمي هذا المذهب ( كما فعل احمد امين في كتابه فجر الاسلام وبعض المستشرقين المشبوهين بروكلمن وغيره )) لهذه الجهة الاعجمية او تلك الجهة الوهمية (في اسطورة ابن سبأ)للتخلص من نشأة التشيّع الاسلامية الرسالية الاصيلة وبغض النظر ايضا عن مَن يذهب الى ان نشأة التشيّع الاسلامي لم تظهر للوجود الا بعد خلافة علي بن ابي طالب عندما شايعه اهل العراق في حروبه مقابل مشايعة اهل الشام لمعاوية ....، فانا لم ازل ارى في نشأة التشيّع انها عملية ابعد بكثير من فكرة حتى تأسيس الرسول الاعظم محمد ص لبذرتها الطيبة المباركةوارقى واعمق من افكار الحاقدين على التشيّع الاسلامي سياسيا وفكريا للهبوط بها الى هذه الجغرافية ، او تلك من زوايا التاريخ المنقرضة والمنسية !!.

نعم فكري متوجه بقوّة الى فرضية ان نشأة التشيّع تذهب متصاعدة الى اعلى سلّم الرسالات السماوية لتشكل فكرة التشيّع مع فكرة الرسالة الالهية التؤم او الثنائية التي انحدرت مع رسالات السماء الالهية خطوة خطوة ، ومنذ ادم عليه السلام ، وحتى الاسلام العظيم والرسالة المحمدية المباركة !!.

وبهذا يكون التشيّع أمتدادا الاهيا طبيعيا ، كما الاسلام ورسالاته المتعددة ، التي جاءت للناس لتخرجهم من ظلمات الجاهلية والجهل الى نور الاسلام والحقيقة ، ولافرق بين المشكاة الرسالية ومصباحها ، الا في الامتداد والتأسيس فبينما الرسالة الالهية يكون واجبها وتكون وظيفتها هي التأسيس وقلب التربة الاجتماعية الانسانية ، ووضع اللبنة الاولى من الدعوة الى الله سبحانه وتعالى ، يكون التشيّع والولاية والامامة ...بالضرورة هي الاستمرارية والقيادة وبناء الهيكل العام ، وقيامة المجتمع وحصد المحصول وقطف ثمار البذرة الرسالية !!.

على هذا الاساس والرؤية يكون الله سبحانه مرسل الرسل ومنزل القوانين والكتب هو ذاته تقدست اسمائه من اسس لبذرة التشّيع منذ القديم من الازل والرسالات كما اسس لبذرة الرسالة وبعث الرسل وما مقولة خاتم الانبياء والرسل العظيم محمد ص:(( ياعلي انت وشيعتك خير البرية ))، والذي يستند عليها اساطين العلم والفكر الاسلامي ليستنبطوا منها فكرة :((ان تأسيس التشيّع كان على يد الرسول الاعظم محمد ص))الا كونها تبليغ من قبل الرسول ص لما امره به ربه سبحانه وتعالى بالتأسيس للتشيّع او التبليغ عن ولادة التشيّع لعلي بن ابي طالب ع ، وماهذه الفكرة الرسالية في الحقيقة ، الا انعكاس لبيان قوله سبحانه وتعالى (( وماينطق عن الهوى ان هو الا وحيٌ يوحى / النجم )) باعتبار :ان التأسيس لخط التشيّع الاسلامي جاء من خلال الامر الالهي اولا ، وليس فقط من خلال خط الرسالة المحمدية الذي يوحي بانفصاله عن الامر الالهي العظيم عندما يقال المؤسس هو الرسول ص فحسب !!.

إن هذه الرؤية التي ترجع تأسيس التشيّع في الاسلام ، بل وفي جميع الرسالات السماوية الصاعدة ، حتى ادم ابي البشرية عليه السلام الى الله سبحانه وتعالى مباشرة ، هي نفسها الرؤية التي تشرح لنا : كيف ان مفهوم التشيّع لم يقتصر فقط على امة الاسلام الاخيرة التي بذر بذرتها خاتم النبيين محمد ص ؟.
وكذالك مامعنى ان يكون الخطاب القرآني الذي يتحدث عن التاريخ ورسالات السماء السابقة مليئ بمفهوم التشيّع ايضا كقوله سبحانه في قصة ابراهيم الخليل عليه السلام :(( وان من شيعته لابراهيم )) وكقوله سبحانه في قصة موسى ع :(( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ))؟.
مما يؤكد ان مفهوم (( التشيّع )) ووجوده وتحركه في حياة جميع الانبياء والرسل ، على اساس انه وجود وتحرّك ممتد مع التاريخ الرسالي مهما تصاعد في القدم سواء كان في حياة شيخ الانبياء وابوهم ابراهيم ع ،او في حياة موسى وعيسى ويعقوب وادريس ونوح ....الخ وغير ذالك عليهم السلام جميعا وانه وجود يحيط بالرسالة كما ان الرسالة السماوية تؤسس للتشيّع ان يتحرك في داخلها وبعدها في الاستمرارية وعلى طول خط الرسالة السماوية في هذا الوجود ، بل ان وجود التشيّع حسب الرؤية القرآنية لم تخلوا منه رسالة من رسالات السماء ، ولم يغب عن توجيهات ،واوامر اي رسول او نبي من انبياء الله سبحانه وتعالى لاقوامهم المتعاقبة عندما يبشرون بالتشيّع من بعد رسالاتهم في التاريخ وحتى اخر الرسالات وخاتمة النبوات نبوة رسولنا وعظيمنا محمد ص !!.

وبهذا نستطيع الذهاب الى القول ان اصل التشيّع في الاسلام الاهي المنشأ ، ورسالي التبليغ ، او القول ، ان نشأة التشيّع في الاسلام هي نشأة الاسلام والرسالة الالهية نفسها ، ولكن الفرق بين الرسالة والتشيّع ،إن الرسالة تبذر البذرة الاولية ، وتضع حجر الاساس ، وتؤسس للاطار العام الذي يقبل الانسان في داخله لمجرد الظاهر من الحال بينما التشيّع هو الذي يمحص المؤمنين من غير المؤمنين ، وهو الذي يحافظ على روح الرسالة وجوهرها ، وهو الذي يبني الفدائيين والحواريين الذين يشكلون المتراس الذي يلتف حول البذرة الرسالية اذا عصفت بها قوى الكفر والنفاق لابادتها عن الوجود ،وبهذا استحق علي بن ابي طالب باعتباره قائد كتيبة المتشيعين ان يكون عليه السلام الامام المفترض الطاعة من قبل الله سبحانه وتعالى ، واستحق شيعته ان يكونوا بعده خير البرية !.

______________________________________

في (( نشأة التشيّع )) ذكرنا ان هذه النشأة هي بناء الاهي مقدس ، وهي الصنو الاخر لرسالات السماء الاسلامية جميعهامنذ ادم وحتى خاتم الرسل والانبياء العظيم محمد ص بل وهي التوءم الذي يشكل مع الرسالة الالهية الكمال والتمام والنعمة السماوية المقدسة ، في قوله سبحانه :((اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا / المائدة )) لجميع بني البشر باعتبار ان التشّع هو الاطار للامامة بعد النبوة مما يدفع اي متلقي لمثل هذه الرؤية حول أصل التشيّع ان يسأل :هل يعني هذا ان التشيّع شئ مختلف عن الاسلمة او الاسلام في هذا الدين الخاتم ؟.
أم ان التشّيع هو هو الاسلام المحمدي الالهي نفسه لكن بتركيبة مختلفة ؟.

بمعنى آخر انتم تذهبون الى ان التشيّع ، وحسب الرؤية التي تتبنونها ، هو خط ثاني متحرك مع الرسالة السماوية بنفس السرعة والاتجاه والهدف وهو ذو مفهوم وتواجد مع جميع الرسالات والنبوات الماضية الاّ انه وليد الرسالة وامتداد لها لاغيرفهنا من حقنا ان ندرك تركيبة هذا التشيّع ، وهل هو صاحب تركيبة مختلفة عن تركيبة الرسالة الاسلامية الخاتمة التي لو فرضناها بلا خط للتشيّع داخلها سيصيب المسيرة الارتباك ؟.
أم ان هذا التشيّع لايمتلك اي اضافة مختلفة لهذه الرسالة وهذا الاسلام ، وان وجوده وعدمه سيان بالنسبة لاصل الرسالة والدين والنبوة والاسلام ؟.!!.

في الحقيقة ان القول بإن وجود التشيّع من عدمه لايضيف ، او يربك البناء الاساسي للاسلام والدين هو قول يشبه الدوران في حلقة مفرغة اولها مثل اخرها في البحث بالتمام ولكنّ الجواب اذا كان :نعم ان للتشيّع اضافته ولمسته المختلفة دوما مع الرسالات والنبوات حتى اخر رسالة وخاتمتها الاسلام العظيم فبهذا يمكن مناقشة مفهوم التشيّع في الاسلام ، واضافة هذا التشيّع للاسلام ، واختلاف تركيبة هذا التشيّع للاسلام ، وكيف ان اسلاما بلا تشيّع يعني اسلاما بلا تمام ولاكمال ؟،ولماذا لابد للاسلام من تشيّع ؟وكيف ينبغي لنا ان ندرك التشيّع من خلال الاسلام وندرك الاسلام من خلال التشيّع؟....الخ ومن هذاه المنطلقات الفكرية ، يحق لنا البحث في شئٍ اسمه تشيّع وانه ضرورة من ضرورات الرسالة الاسلامية الخاتمة في الادراك وفي المنهج والسلوك !..

نعم في البدأ ينبغي علينا ان ندرك، ان التركيبة الرسالية الاسلامية ، واختلافها عن تركيبة خط التشيّع ومساره في داخلها يرجع برمته الى إختلاف مفهومي (التنزيل) للشريعة والرسالة ، و(التأويل) لهذه الشريعة والرسالة !!.
بمعنى آخر : ان اختلاف تركيبة الرسالة الالهية ، عن تركيبة خط التشيّع داخل منظومة الرسالات الاسلامية الالهية الممتدة تاريخيا حتى رسالة الاسلام العظيمة ، هو اختلاف :

اولا : في التأسيس الاولي الفطري البسيط من جهة التنزيل ، بحيث يكون الرسول متلقيا لرسالات السماء ، ومبلغا لها بحذافير النص وكما ورد نازلا من السماء وبلا اضافة اي بعد ادراكي للنص ابدا(وما ينطق عن الهوى)!!.
بينما وفي خط التشيّع يكون دور ووظيفة ادراك هذا التأسيس بعمق والتنظير لابعاده ومفاهيمه وتصوراته المنفتحة لكل زمان ومكان من جهة التأويل هو تركيبة التشيّع في داخل الرسالة !!.

وثانيا : يقود خط الرسالة والنبوة المجتمع الانساني من خلال ظاهر النص الرسالي محاولا القاء بذرة الرسالة فقط داخل المجتمع ،والجهد في تثبيت وجودها الاولي فحسب ، بينما خط التشيّع وظيفته قيادة المجتمع من خلال التأويل للنص الرسالي والتطوير لمفاهيمه ومبادئه واهدافه وتطلعاته حسب تطورالمجتمع وولادة حاجاته الجديدةوالمتنوعة وليس ابقاء المجتمع فقط في مرحلة قيادته على ظاهر النصوص الرسالية او ارجاعه لقيادة نزول النص لاغير !!.


والفرق اذا اردنا صورة متكاملة بين خطي الرسالة والتشيّع في الاسلام ، وحسب التقسيم الذي ذكرناه انفا فيمكننا القول :ان تركيبة الرسالة لاتتخطى في وظيفتها الالهية عملية التنزيل وتبليغ هذا التنزيل للناس جميعا ،وتبيينه لهم حسب ما ورد اوليا ،ثم ترك عملية التأويل وبأمر الهي لتركيبة التشيّع باعتبارها الامتداد الطبيعي للرسالة السماوية وهي وليّة القيادة بعد الرسالة ،وهي التي ستقود المجتمع من خلال (فهم ) التأويل وليس من خلال (فهم ) التنزيل الرسالي الحلقة الاولى من الاسلام من منطلق (ان لكل زمان رسالي اسلامي تأويل في النص الرسالي الالهي ولكن ليس هناك لكل زمان ومكان نص رسالي اسلامي من التنزيل ) فالتنزيل الرسالي واحد لايتعدد ولايختلف ولايطوّر ولايعدّل ....، بينما هناك مالايحصى من التأويل الرسالي الذي يتساوق مع الزمان والمكان الى مالانهاية !!.

وهذه الفروقات الجوهرية بين خطي ((الرسالة والتشيّع )) هي مايفسر لنا ، ولغيرنا معنى ،ان يكون داخل الرسالة الاسلامية خطاً للتشيّع ، ومعنى قول الرسول وتبليغه عن الله بحق علي بن ابي طالب ع:(( انت وشيعتك في الجنة )) و (( هذا وشيعته هم خير البرية )) ، ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم((ياعلي ستقاتل القوم على التأويل كما قاتلتهم أنا على التنزيل )) ،ومعنا قوله ص :(( انا مدينة العلم وعليٌ بابها )).....الخ وهكذا باعتبار ان ((علم التأويل )) هو علم مختصّ بخط التشيّع وقائده علي بن ابي طالب ع فقط اولا ، وانه علم يهب الاستمرارية الزمنية والمكانية ، والحضارية للاسلام ، ولنص الرسالة المنزل ،الذي لولا التأويل وخط التشيّع لاصيب هذا النص بالموت والجمود والتحجر والاندثار !!.

إن بعض اهل الاسلام من باقي المذاهب الاسلامية غير المتشيّعة ، لايدركون هذه المعاني الاسلامية الالهية لخط التشيّع داخل الاسلام ، ولايدركون ايضا مع الاسف الارتباط العضوي بين التشيّع والتأويل لرسالة السماء من جهة وبين الرسالة والتنزيل من جانب آخر، كماان الكثير من اهل هذاالدين لايستطيعون ادراك معنى قيادة الفهم الشيعي الاسلامي المؤول للتنزيل واختلافه عن معنى قيادة التنزيل لهذه الامة وكيف هي مختلفة ومؤثرة على حياتهم اليوم بصورة جذرية ؟.

إن التأويل الذي وضعناه كسمة بارزة لتركيبة التشيّع الاسلامي ،واختلافه عن تركيبة التنزيل في الرسالة ، هو في الواقع ادراك مختلف جذريا للدين والاسلام ومقاصده واهدافه وغاياته واليات عمله ....عن ادراك التنزيل الرسالي النبوي الاسلامي الابتدائي لهذه الشريعة ،فالتأول حسب المفاهيم القرآنية التنزيلية : هو الرجوع الى الاصل ، ومنه الموئل للموضع الذي يرجع اليه ، وذالك هو ردّ الشئ الى الغاية المرادة منع علما كان او فعلا!!.

وهو علم وعمل او فكر وسلوك ، مختلف عن التبيين والتفسير وباقي المصطلحات الاسلامية القرآنية العميقة التي اختصت بالرسالة والنبوة في قوله سبحانه :(( لتبين للناس ما نزل اليهم )) ، بل هو شئ خصه الله سبحانه باهل الرسوخ من العلم في قوله سبحانه :(( ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم )) ، وما اشار اليه اهل البيت ع باننا نحن الراسخون في العلم ، ومادفع الرسول الاعظم محمد ص للاشارة لعلي ع بانه باب مدينة علم الرسول وانه هو المعني بقوله سبحانه :(( هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل ...)) !!.

وهو كذالك علم غير اكتسابي بل هو علم الاهي يندفع مع خط التشيّع الالهي وبجانب خط الرسالة والنبوة وهذا من منطلق ان علم وعمل التأويل ، هو بالفعل علم وعمل المؤيدين من قبل الله سبحانه وتعالى ولايمكن لاحد مهما علا اجتهاده الفكري ان يدرك التأويل في النصوص القرآنية وكيفية ارجاعها الى اصولها الحقيقية التي نزلت من اجلها وفي سبيل الوصول اليها والى غاياتها اجتماعيا اجتماعيا !!.

فتأويل (الشمس والقمر) بانهما نبي وزوجه ( مثلا ) علم لايختص بعملية الاجتهاد والاستنباط الفكري للبشر جميعا ولايتمكن احد من ارجاع مفاهيم الشمس والقمر ، لاصولها الحقيقية الا نبي او امام يتمكن بعلمه من الاطلاع على علم اللوح المحفوظ عند الله سبحانه وتعالى والذي يدوّن فيه علم المستقبل بالتحديد ، كما حصل في رؤية يوسف الصديق عليه السلام ، وارجاع يعقوب لرؤياه تلك الى انه سيملك ويسجد له الرسول النبي يعقوب وزوجه واخوته وبعد ان تمّ ذالك بالفعل قال القرآن على لسان الصديق يوسف ع :(( وقال يأبتَ هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقا ..)) !!.

وهذا الفهم والادراك للتأويل هو مايجعله مختلفا عن الفهم والادرك للتنزيل ففي التنزيل كل البشر على مرتبة سواء بالادراك والاجتهاد نحوه ، بينما التأويل بحاجة الى قادة راسخون في العلم ، ويدركون كيفية ارجاع التنزيل للتأويل وقيادة المجتمع على غرار اوامره ونواهيه وهذا ماحصل بالفعل في حركة التشيّع الاسلامية داخل الاطار الاسلامي بقيادة علي بن ابي طالب ع واهل بيته من بعده الذي قال رسول الله ص عنهم قبل مفارقته للحياة ((اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي فانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض وما ان تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدا )) !!.

إن هذه الرؤية لخط التشيّع الاسلامي داخل الاسلام وكيفية تحركه من خلال (( التأويل )) لنص الشريعة والرسالة ومن خلال اختلاف تركيبته الاسلامية عن باقي تراكيب المذاهب الاسلامية الاخرى ،وبقيادة من ارادهم الله سبحانه ليكونوا امتدادا لرسالته السماوية المحمدية ... هذه الرؤية للتركيبة الشيعية ،هي ايضا التي تطلعنا على سرّ عظمة وعمق هذا التشيّع عن باقي مذاهب الاسلام وتوجهاتهم الاسلامية المختلفة ، ولماذا التشيّع الاسلامي هو متساوقا ومنسجما ومتسقا مع الحياة والانسان والزمان والمكان والحضارة ... مهما تغير وجهها وتطور ادائها ،بينما هناك من المذاهب الاسلامية من هو بدلا من ان يقفز الى المستقبل ليبحث عن الاسلام ، واذا به يرتدّ الى الخلف ليبحث عنه متحجرا فقط على نص التنزيل الاولي وليس تأويل التنزيل المستقبلي !!.

بمعنى : انه ربما يلاحظ اكثر الباحثين في جوهر المذهبية الاسلامية الموجودة اليوم على سطح الاجتماع الاسلامي ان هناك فرقا بين المذهبية الاسلامية الشيعية التي تتعامل مع الحياة ومستجداتها باذرعة مفتوحة ، وتساهم كذالك ليس فقط بقبول الحضاري الجديد في هذه الحياة ، بل واكثر من ذالك في تطوير هذا الجديد والتفاعل معه بدون ان تكون هناك اي اشكالية او تردد بين الاسلام الشيعي وهذه المستجدات العالمية الانسانية الحضارية المعاصرة !!.

وبين مذهبية اسلامية (( السلفية نموذجا )) اخرى منغلقة تماما عن كل ماهو جديد وحضاري ، وكل ماهو غريب ومبتدع ، من منطلق ان هذه المذهبية تعتقد ان معرفة الاسلام هي اساسا بالرجوع الى ((نص التنزيل )) الرسالي كما نزل في السابق ، والاخذ به وبتبيينه مثلما بيّن للناس قبل الاف السنين ، وهذه الارتدادة الى فهم النص النازل وسحب الواقع المعاش اليوم لادراك التنزيل هو الاسلام الحقيقي الذي ينبغي ان يقام هذه الايام وفي زمننا الحاضر لاغير ؟.
ليتسائل أولئك الباحثون عن السرّ الكامن داخل هذه المذاهب الاسلامية ولماذا هناك مذاهب اسلامية كالتشيّع تحترم العقل وتتفاعل مع الحياة ، وتجتهد في الدين وترحب ببناء الحضارة ، وتبني وتشيد وتزرع ، وتستقر وتنشأ ثقافة وتساهم المرأة وتقام الحياة ويتم البحث عن الاسلام وفهمه في المستقبل ؟!.
بينما هناك الاخر في المذاهب الاسلامية الذي يحاول جرّ البشريّة الى الخلف والعيش في زمن السلف ، والرجوع الى فهم التنزيل وحسب نصوصه فحسب بدون التفات الى تأويل ، ولا الى عقل ، ويعتمد الغزو ،والترحال والهجرة والانتقال ، وينظر الى الاسلام انه واقع تاريخي وليس مستقبلي ، وان الحضارة اليوم ، وبناءها بدع تناهض الدين والاسلام ووجوب الرجوع بالامة الى الخلف بدلا من قيادتها الى الامام ،وان المرأة مكانها البداوة ، وان الصحراء جنة الخلد في ارض الله ....الخ ؟.

كل هذا لايمكن لنا الاجابة عليه اذا لم ندرك تركيبة التشيع الاسلامية التي ذكرناه فيما سبق ، وكيفية اعتمادها على منهجية التأويل في الادراك الاسلامي ، وانها هي الادراك الوحيد الذي يضمن للاسلام ورسالته ونصوصه التنزيلية المرونة والتفاعل مع الحياة وتطورها وتلون وجهها مع الزمن !!.
وايضا كل ذالك ، في الاتجاه المعاكس ، لانستطيع ادراكه ،الا على اساس ان باقي المذهبية الاسلامية غير الشيعية وبسبب انها اعتمدت على خط الرسالة والتنزيل فحسب كقاعدة لادراكها للاسلام ورسالته ، اصبحت وهي متحجرة وميتة ولاتستطيع ادراك الاسلام الا من خلال الرجوع اليه والموت بقربه تاريخيا ، بينما في الجانب الاخر ترى ان التشيّع مع انه يمتلك الرصيد التنزيلي الرسالي للاسلام ويمتلك ايضا المرجعية التاريخية والقاعدة التي ينطلق منها رساليا ، الا انه لم يقف عند هذا الحد ، بل امتلك ايضا خط التشيّع الالهي بقيادة اهل البيت ع الذي يهب النصوص الاسلامية روحها ، ويقرن اليها تأويلها الذي يدفع بالاسلام مع الحياة ليسبق الحياة البشرية ومهما تطورت ليكون الاسلام والبحث عنه في الرؤية الشيعية هو في مستقبل الحياة ، وليس في تاريخها لتتحقق رؤية يوسف الصديق ع المتشيّع ليس الان في رؤيته لحلم السلطنة الاسلامية الكبرى ، وانما بعد سنين وسنين من رحلة هذا الحلم في قابل ومستقبل هذا التأويل للرؤية وليس فقط الوقوف عند تنزيل الرؤية لاغير !!!.
__________________________

alshakerr@yahoo.com