الثلاثاء، أغسطس 30، 2011

(( العراقيون بين وطنية الملك فيصل وطائفية وزيرالتخطيط علي بابان )) حميد الشاكر


كتب السيد علي بابان وزير التخطيط السابق المحترم مقالا تحت عنوان (( ايها العراقيون .... لنتحدث بصوت عال )) يدعوا فيها الساسة العراقيون الى الحديث بصراحةوبلاخجل عن مشاريعهم ودوافعهم التي تقف خلف تشنجاتهم وصراعاتهم القائمة في العراق الجديد وليخلص من ثم السيدبابان الى ان مشكلة العراق القائم اليوم هو في كون جميع السياسيين العراقيين لا يرغبون بالافصاح عن الطائفية والقومية العنصرية التي تحرك كل تصوراتهم وتطلعاتهم السياسية ، ولهذا دعاهم الوزيرعلي بابان الى انتهاج الشجاعة والصراحة والاعتراف امام العالم وبصوت عال وامام الشعب العراقي بانهم : اما ان يكونوا طائفيون وان مصالحهم الطائفية والقومية هي ما يحرك كل انفعالاتهم السياسية والايدلوجية ، واما انهم وطنيون وللوطنية استحقاقها والتزاماتها التي ينبغي ان تسود في النهاية على تطلعاتهم وخطاباتهم وخططهم الواقعية ؟!!.

ولهذاوتدعيما لرؤيته بان العراقيين بساستهم شعب لايؤمن الاّ بالطائفية والقومية وانهم لا يستحقون ان يطلق عليهم اسم ( الشعب ) لانقساماتهم الحادة منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921م وحتى يوم الناس هذا في 2011م وان مفهوم الوطنية ، والمواطنة غائب عنهم ابدا ، استشهد السيد بابان بمقولة للملك فيصل الاول (رحمه الله) مؤسس الملكية في العراق الحديث ، قبل انقلاب الجنرال قاسم عليهاوتحويل النظام الى جمهوري دكتاتوري مشوّه وهو يصف المجتمعية العراقية بالقول :
(( أقول و قلبي ملآن آسى ...أنه في اعتقادي لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية ، متشبعة بتقاليد
و أباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة سمّاعون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائما للانتفاض على اي حكومة كانت ، فنحن نريد ، والحال هذه ان نشكل شعبا نهذبه ، وندربه ونعلمه ، ومن يعلم صعوبة تشكيل ، وتكوين شعب في مثل هذه الظروف يجب ان يعلم ايضا عظم الجهود ،التي يجب صرفها لاتمام هذا التكوين وهذا التشكيل ، هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي )).
خير انشاء الله طيب !!.
الان بعض الاسألة :
اولا : ماهي الاشكالية العراقية الحقيقية ، منذ نشأة الدولة العراقية الحديثة حتى اليوم ؟.
ثانيا : هل الطائفية الدينية والسياسية هي بالفعل اشكالية العراق المزمنة لشعب ادمن الاباطيل والخرافات الدينية ، والانقسامات المجتمعية كما ذكره الملك فيصل الاول ودعمه في الرؤية الاخ وزيرالتخطيط السابق بابان ولهذا وضع السيد بابان الترياق لسم المرض العراقي القاتل ، عندما دعى العراقيين للصراحة ؟.

ثانيا: أم ان الاشكالية العراقية السياسية الواقعية هي ليس في ضرورة ان يتحدث العراقيون بصراحة عن طائفيتهم وبصوت عال ، بل انها بعدم فهم العراقيين الى هذه اللحظة انفسهم وبعضهم والبعض الاخر ، وتقّبل العراقيون اختلافاتهم بشكل واقعي وبلا لف او دوران ، كانعكاس لمسمى الديمقراطية الحديثة ؟.

ثالثا : ثم ماذا يعني وصف الملك فيصل للعراقيين بانهم ليسوا بشعب ؟.
رابعا: وهل كانت تصورات ملك العراق الاول الذي استورده الاستعمار البريطاني للعراق بهذا العمق من الثقافة والفكر ، والفلسفة ... بحيث ان امثاله من يقيّم اذا ماكان هناك شعب في العراق قبل وصول سيادته او لم يكن هناك شعب اصلا ؟.

رابعا : أم ان الملك الاول للعراق الحديث رحمه الله كان لايفهم من الشعب ولامن الوطن ومفهومه والمواطنة وتنوعاتها الا نمطية النموذج القبلي الموحدة لاغير التي نشأ في ربوعها من ارض الحجاز ونجد ؟.

خامسا : وهل فعلا ان الملك فيصل الاول يملك رؤية متطورة بحيث تدرك ماهية وشروط ومركبات الشعب من غيره ،ولهذا وصف العراق والعراقيين بانهم ليسوا بشعب ولايدركون ابدا معنى المواطنة ؟.

سادسا : أم ان المعروف عن ملك الحجاز السابق انه رجل بدوي قبلي استطاع ان يصبح ملكا ، بولائه للاستعمار البريطاني ، ومناهضته واباءه ، وابناءه لنظام الخلافة العثمانية قبل اسقاطها ؟.
سابعا : واذا كان الملك فيصل الراحل ( رحمه الله ) تسيطر عليه الطابعية القبلية البدوية الحجازية فكريا وثقافيا وتربويا ، والتي ترى في وحدة القبيلة ، المقدس والمقياس الاعلى للاتباع المسالمين والمطيعيين لشيخ القبيلة والتي لم تتوفر في المجتمعية العراقية المدنية المعقدة والمتنوعة ، والمركبة باعتبار اختلاف مجتمع القبيلة وتراكباتها عن مجتمع المدينة وتعقيداتها ، فما ذنب الشعب العراقي الذي انفق سبعةالاف سنة من التلون والتعددالمذهبي والتقاطع الاثني والديني والقومي ...الخ ليقيمة زعيم قبيلة يرى في كل تنوع انه كفر وتشرذم ونفاق وعدم انسجام واباطيل وطائفيات وقوميات وتناشزات ....الخ ؟.

ثامنا : واذا غضضنا بصرنا عن ماهية العبقرية الفكرية والسياسية التي يحملها ملك العراق الراحل فيصل او كان يحملها حول تقييم الشعب العراقي هل هو شعب او مجرد كانتونات او كتلات بشرية خيالية فهل يمكننا ان نغض النظر عن وصف مقدسات واديان المجتمع العراقي من قبل هذا الملك الصحراوي بانهامجرد اباطيل وخرافات دينية فحسب ؟.

تاسعا : ام ان سياسيا يريد ان يديربلدا كالعراق بكل تعقيداته عليه ان يدرك اخطر نقرة يمكن ان يقع فيها ، عندما يتعرض لمقدسات شعبه ، بهذه النظرة السطحية التي لا تدرك الفصل ، بين الدولة وانها على دين جميع المواطنين ، وخرافاتهم واباطيلهم وبين الدولة عندما تريد ان تكون مصلحا اجتماعيا جاهلا ولايمتلك اي رؤية لهذا الاصلاح المزعوم ؟.

عاشرا : ومتى كان الملك الصحراوي فيصل الاول فقيها ، او فيلسوفا ، او مفكرا اسلامياكبيراحتى يستطيع تقييم الاباطيل من الحقائق الدينية وينعت عقائدالمجتمع العراقي بانها مجرد اباطيل ، وخرافات واساطير دينية ، او ان تكون لديه القدرة الدينية والفكرية لمعرفة صحيح الدين من اباطيله وخرافاته واساطيره ؟.

الحادي عشر: والحق ان ما اعلمه من خلال مراجعاتي التاريخية ان الملك فيصل كان سركالا للسياسة البريطانية في العراق ، فما الذي في كلام الملك فيصل من عبقرية حول عقائد الشعب العراقي ، ومجتمعية الشعب العراقي وتراكيب الوطنية العراقية...الخ ونقده لها بهذا الشكل الجاهل ليتخذ منه الوزير السابق علي بابان كوثيقة ادانه لالبس فيها لتقييم عقائد ومقدسات الشعب العراقي بالتحديد ؟.

الثاني عشر : ومن ثم وبعد ان ادركنا ان الرجل الملك فيصل رجل صحراء قبلي ولايمتلك اي افق ومعاني ومفاهيم الشعب وكيفيةتنوعه وصعوبةادارته عن ادارة القبيلة الموحدة اللون والرائحة والطعم ولهذا لم يرى في العراق والعراقيين انهم شعب ، باعتبار ان مفهوم الشعب لدى هذا القبلي منحصرا في انتفاء التنوع من اي مجتمع ينتج حالة الصراع والانقسام الطبيعي داخل اي امة كالقبيلة ، وبعد ان ادركنا ان الملك فيصل لم يعرف عنه التدين اوانه كان مؤمنا بشيئ اسمه دين او مقدس او معتقد اصلا وهذا يعني ان الرجل يتحدث بلابصيرة عن شيئ هو لايفقه منه اي شيئ فهاله ان يكون للشعب العراقي اكثرمن دين وطائفة ومذهب وفلسفة وعقيدة فذهب الى ان ما بين ايدي العراقيين مجرد اباطيل واديان خرافية وحاله في ذالك حال اي سلفي يخرج توًا من الصحراء ليعلن للعالم امتلاكه وحده الحق المطلق والعقيدة الصحيحة ، التي تختلف عن عقائد كل العالم الباطلة ، اقول بعد ذالك : هل يحق لنا ان نحترم مقولة الملك فيصل ونتخذها نصا مقدسا ونروج لها بين الفينة والاخرة عندما يقرر :(( بان الشعب العراقي خالي من اي فكرة وطنية تجمع شملهم وتذوب تناقضاتهم الطبيعية )) ؟.
ام اننا كعراقيين لنا فهمنا الخاص لمسمى المواطنة ادركناه منذ سبعة الاف سنة عندما كان السومريون يسوسون العراقيين بروح المواطنة وعدالة ماقبل القانون وتساوي الناس داخل الوطن ، قبل ان تهلّ علينا وطنية الاعراب ، التي ترى فيها انها مواطنة ينبغي ان تلغي اي شيئ امامها بما فيه تنوع الناس العقدي والاثني والقومي ، وغير ذالك ليصبح مفهوم الوطنية قائما ، ومتواجدا عند القبائل ولكن منتفيا من اي مجتمع مدني معقد كالعراق ؟؟.

الثالث عشر : واين درس الوطنية ومفاهيمها الملك الراحل فيصل الذي تنقل في حياته من قطر الى قطر ليبحث له هو عن وطن قبل العراقيين الذين استقروا في وطنهم لاكثر من عشرة الاف سنة ، فاين درس الوطنية ومفاهيمها وكيفية فهمها حتى بحث عنها في داخل المجتمع العراقي ، فلم يجد مواصفاتها منطقبة او غير منطبقة على الشعب العراقي الكبير ليعلن اخيرا للعالم وثيقته الشهيرة انه اكتشف الهوية العراقية وبانها هوية تفتقد روح الشعب وتبحث عن مسمى الوطنية ؟.

الرابع عشر: الغريب ان هذا الملك المرحوم كأنما عندما يكتب عن نفسه والشعب العراقي يريد الايحاءلنفسه وللعالم وربما لقادة الاستعمار البريطاني انذاك لاهميته الاستثنائية لقيادة العراقيين والعراق ، وادارته بانه هو المبعوث رحمة للعراقيين ولولاه ، فسوف يبقى الشعب العراقي بهمجيته ، وفوضويته وانقساماته .... الى مالانهاية ، ولذالك يختم الملك فيصل عصارة تجربته السياسية العراقية ، ليقدمها للعالم وللعراقيين على اساس انه:((صاحب الارادةالاوحدلتشكيل شعب من لاشعب وصاحب التضحيةالكبرى والخطيرةالتي تحاول تهذيب العراقيين الهمج ،وتعليمهم وتدريبهم على ان يكونوا مواطنين عراقيين يحبون وطنهم ، وعلى هذا ينبغي ان يعبد الشعب العراقي منقذهم ، ومخلصهم من الضياع الملك المرحوم فيصل الاول الذي منّ عليهم بجهده وعرقه ، ووقته وعظيم معاناته واحتراق اعصابه وانفاق كل مايملكه في سبيل هذا الشعب واخراجه من الهمجية العراقية قبل الملك فيصل الى الحضارة الملكية بعد الملك المرحوم !!)).
صحيح نعم الله على الملك فيصل بالفعل فلولا انه قبل التضحيةمن اجلنا كعراقيين وسمح لنا ان نتشرف بان يكون ملكا علينا ، واسرته لما خطرعلى قلب عراقي معنى الوطنية والمواطنة ابدا والى هذا اليوم !!.

الخامس عشر : ثم لااعلم لماذا دائما هناك اعتقاد عند ساسة العراق ومن علمهم السحر الوطني داخل هذا الوطن ، ان الوطنية تعني بالضرورة ( ان لها التزامات واستحقاقات وواجبات ينبغي حتما ان تكون على حساب عقائدالمجتمع اومقدساته او قومياته ) كما يبشرّ بها السيد بابان تلميذ مدرسة الملك فيصل السياسية التي تخلط بين مجتمع القبيلة ، كنموذج للمواطن والشعب الراقي ، الذي كله على ملة واحدة وطائفة واحدة وقومية واحدةوبين الرؤية للمدنية وتنوعها وتعدد مشاربها الثقافية على اساس انها اباطيل وخرافات وتشرذم ولاوطنية ؟.

السادس عشر : ومن قال ياجماعة ان مفهوم الوطنية الذي يريد السيد بابان ان يحاكم الشعب العراقي اليهاهي الوطنية الواقعية الديمقراطية التي تتسع لكل شيئ وتقبل وتتفاعل مع كل شيئ بدون ان تتناشز مع كل شيئ ؟.
اي من قال ان مفهوم السيد الوزير علي بابان للوطنية بالضرورة يكون هو نفس مفهوم الوطنية عند جميع العراقيين ، ولهذا هو يدعونا لوطنيته اعتقادا منه انها نفس الوطنية التي اؤمن بها انا او غيري ، بينما الحق والواقع الذي يغفل عنه السيد بابان وغيره ان مفهوم الوطنية تغير كثيرا عن ما يدركه هو اليوم كوزير تخطيط منشد للروتين بحساباته اكثر من تطلعه للابتكار والابداع واعادة قراءة المصطلحات والمفاهيم السياسية المتجددة المعاني والاتجاهات ؟.

بمعنى تقريبي اخر : خذوا هذا الشعب العراقي ، بكل تناشزاته ، وتناقضاته لنظام ديمقراطي حقيقي لايحاكم الناس ولاينظرلهم بريبة من اجل معتقداتهم ولاطوائفهم ولااثنياتهم ولاقومياتهم...الخ ، بل ويشجع كل فرد من مواطنيه على ممارسة كل مايعتقد به ، ويؤمن به في حياته الخاصة والعامة .

فهل سنحكم على هذا النظام الديمقراطي بانه نظام تنفقد فيه وتنتفي روح الوطنية والمواطنة لافراده كلهم بسبب ان كل واحد من افراده له حياته الخاصة والعامة داخل اطار هذا الوطن وهذه المواطنة ؟.
ام اننا سنجزم بان هذا النظام الديمقراطي هو النظام الوطني الحقيقي الذي يتعامل مع مواطنيه ليس على اساس ممارساتهم ، وعقائدهم وايدلوجياتهم ... الخاصة ودوافعهم ومصالحهم الفطرية والطبيعية بل على اساس انهم مواطنون من حقهم الديمقراطي ان تكون توجهاتهم مختلفة وربما متناقضة داخل اطار الوطن لاغير ؟!.
السابع عشر: اذاً لماذا وطنية السيد على بابان لابد ان تكون تحت اطار ((ضوابط والتزامات واستحقاقات )) لاتسمح الا بتنازل الافراد عن كل معتقداتهم وطوائفهم ودوافعهم وايدلوجياتهم وقومياتهم واثنياتهم ، ومصالحهم ليصحّ مفهوم الوطنية عند السيد بابان وغيره ليكون الوطني العراقي هو الذي يقصي كل شيئ من اجل النكتة السمجة ، التي روحها الدكتاتورية ولكنها مغلفة بورق الوطنية المزخرف هذه ؟.
بينما تكون وطنية الديمقراطية التي تسمح للشيعي ان يؤمن بشيعيته وللسني ان يؤمن بسنيته وللكردي ان يؤمن بقوميته وللكل ان يتناقشواعلى اساس مصالحهم المشتركة في الوطن وداخله ، وتحت خيمته على انها وطنية مزيفة لانها لم يكن لها استحقاق والتزام وطرد واقصاء وتناقض ... يلغي بموجبها كل انسان وجوده ومشاعره ومقدساته ومصالحه باسم الوطنية ؟.

هذه اسألة عابرة ، وخاطفة على ماكتبه السيد علي بابان وزير التخطيط السابق في مقاله المذكور اعلاه ، ويتبقى الكثير من الاسألة التي ارتأينا عدم ذكرها حتى لانطيل على القارئ ، ويبدو من الاسألة وطبيعة اجوبتها التي نعتقد انها واضحة وضوح الشمس لذي بصيرة بتاريخ العراق السياسي ، والثقافي والمجتمعي انها اجوبة ستصب ليس في صالح رؤية ودعوة السيد بابان ،لانها رؤية ودعوة بنيت من وجهة نظرنا على مقدمات مزيفة ، ولذالك لانستغرب ان وصلت رؤية ودعوة وزير التخطيط السابق الى نتائج تكرارية قالها غيره في السابق ، كما يقولها هو اليوم باجترار مفضوح لطرح القضية العراقية بكل ملابساتها السياسية العراقية !!.
وعليه بدورنا نحن ايضا ندعوا السيد بابان ليتحدث ليس بصوت عال لانه مصدر تشويس ، ولاايضا بصوت صريح لان العراقيين لاتنقصهم الصراحة والفضاضة ايضا في طرح مشاريعهم السياسية بين بعضهم والبعض الاخر ، بل ندعوه الى التحدث بصوت واعي لاغير ، لنفهم اولا اساس الاشكالية لتكون الخطوة الاولى لبناء عراق جديد تختلف فيه مفاهيم المواطنة والوطنية عن ماورثناه من تراثنا السياسي الفاسد ، والجاهل في كل ماتقدم من حقب حكمت العراق باسم الوطنية بينما كانت هي اول ما اسس لعدم الصراحة في الخطاب وعدم التكلم والممارسة بشفافية ، وديمقراطية عن حقوق هذا الشعب المظلوم وهذه الامة ، التي ابتليت بغزاة الصحراء والقبلية والعشائرية والمناطقية ، ليفرضوا عليها مفاهيم ما انزل الله بها من سلطان !!.

نعم عراقنا اليوم ، والذي يبدو مع الاسف لايتمكن السيد علي بابان فهم معادلاته السياسية بسبب انشداده لمدرسة الملك فيصل السياسية ، التي اكل عليها الدهر وشرب ، والتي هي الى هذا اليوم من اسس لعراق طائفي باسم الوطنية وعراق عنصري يحتقرالمختلف من ابناء شعبه وايضا باسم الوطنية ويقمع الناس ويدمر كل مطالباتهم المشروعة والديمقراطية ، تحت دبابات وبساطيل المفاهيم الوطنية هذا العراق اليوم ، هو عراق الديمقراطية الوطنية الحقة التي تنظر الى مواطنيها بغض النظرعن طوائفهم وقومياتهم وانتمائاتهم العرقية والاثنية بلاتمييز لمواطن ووطنية على اخر ، حتى وان تحدث معظمهم بالحقوق القومية ، والطائفية لهذا المكون او ذاك !!.

انها الوطنية الديمقراطية التي تعطي الحق لمواطنيها ، ان يتحدثوا عن حقوقهم الطائفية والقومية والاثنية بلا ان تسلب منهم الهوية الوطنية بل ان هذه الوطنية الديمقراطية اتت ، لتؤسس للمواطنة ، ولكن ابدا ليس على حساب عقائد الشعب ومقدساته وقومياته ، بل انها الوطنية التي تدرك انها خيمة تظلل بفيئها على كل مواطنيها بدون ان تطلب منهم استحقاق او ثمن التنازل عن كل شيئ يؤمنون به او يعتقدونه او يقدسونه او حتى يحترمونه !!.

هذه هي الوطنية الديمقراطية ، التي يبحث عنها السيد بابان فلا يجدها في تراثه الثقافي السياسي عندما يتأمل كتابات وخطابات المرحوم الملك فيصل ، وهذه هي الوطنية ، التي يبحث عنها الكثيرمن العراقيين الذي فهموا الديمقراطية من منابع فكردكتاتورية فلا يجدوا سبيلا لفهمهالانهم مرتبطون باجندات ايدلوجية استعمرت كل فكرهم وغزت كل عقولهم بافكار نخرة ودكتاتورية ومظلمة تزين لهم الوطنية على اساس انه العجل الذي يصنعه السامري كلما اراد دكتاتورتغييب عقل الشعب العراقي ليستعبده ، فيما بعد ويتحول عليه وحش دكتاتوري يقطع اعناق الشعب العراقي ويعلق لهم المشانق باسم الخيانة الوطنية !!.

ياسيدبابان في العراق اليوم نحن العراقيون نشعر ونحس اننا جميعامواطنون من الدرجة الاولى ، ونشعر ان هذه الوطنية هي التي لم تفرض علينا ان نتنازل عن مقدساتنا او طائفتنا من اجل نيل شرف الوطنية والمواطنة فعلى اي اساس وباي لغة تدعوا العراقيين للحديث بصوت عال وبصراحة ، ونحن اليوم عندما نقف انا وانت اوالكردي والعربي داخل البرلمان العراقي نشعران كابوس الارهاب الوطني قد انزاح من على رؤسنا لنتحدث كمواطنين عراقيين شيعة وسنة واكراد ومسيح ومسلمين وصابئة وغير ذالك ، فلماذا لايتقبل امثالكم ان المشروع الوطني ليس بالضرورة ان يكون بالضد من المشاريع القومية ، والدينية والطائفية التي تمثل التنوع العراقي الازلي ؟.
ومتى انت وغيرك تعيدون قراءة المصطلحات السياسية بشيئ من الابتكار لنعيش بحرية وكرامة ودين وقومية ووطنية مجتمعة بعضها الى البعض الاخر بعيدا عن قراءة التراث وما اسس له من كوارث وجهل وتخلف باسم الرؤية السياسية لهذا الملك او ذاك !!.
ونعم دولة المواطنة دورها ان تدير هذه الفوضى المعقدة من التنوعات العراقية المختلفة المصالح والمشاريع والاهداف لضارب احينا كثرة !!.
ونعم دولة المواطنة دولة معقدة جدا بالاضافة الى انها دولة لايمكن لها ان تسير على طريق مستقيم دائما لترضي طرف واحد داخل منظومة اي مجتمع ، بل انها الدولة ، التي لم نعهدها بثقافتنا السياسية من قبل ، التي تنظر للدولة ووظيفتها بشكل مختلف تماما عن الدولة الناعمة ، التي تدير المجتمع بكل تناقضاته بدون ان تتدخل بخصوصياته !!.
وهكذا عندما تتعثر الدولة في خطاها ، كلما احتدم الصراع المجتمعي الطائفي او القومي داخلها ،فهذا لايعني فشل الدولة الديمقراطية ولايعني اننا بحاجة لمشروع وطني ينقلب على حرية الناس ، وتطلعاتهم والمطالبة بمصالحهم الاجتماعية ، او ندعوا صراحة ، للانقلاب على دولة الديمقراطية الحقيقي لنحل محلها المشروع الوطني الدكتاتوري ، لالسبب الا لاننا لم نفهم او نميز بين دولة الديمقراطية التي تجمع بين الطائفية والقومية والوطنية في حيز واحد ، وبين معهودنا في الدولة عندما كانت تساق باسم المشروع الوطني من قبل حزب واحد او طائفة واحدة او قومية واحدة !!.
اخيرا سيدي علي بابان معروف في تاريخ العراق وحتى اليوم ان طوائف العراق ومكوناته القومية والاثنية لاتعيش هواجس مظلوميات ماضية كالشيعة العراقيين او كوابيس مستقبليات قادمة كالكرد العراقيين ، او مهمشات حاضرة كما لدى السنة العراقيين ، وانما كل مافي المشكلة انها تجربة جديدة على الشعب العراقي ومن حق الشيعي والكردي والسني بداخلهاان يطالب بحقوقه باعلى صوت يمتلك داخل هذه التجربة ، وعلينا ان كنا اصحاب وعي وادراك وحب للعراق وشعبه ان نعمق هذه الروح داخل المجتمعية العراقية ونحثهم بالمطالبة اكثر فاكثر لحقوقهم الاجتماعية ، ولانحاول شرح هذه الظاهرة على اساس انها سلبيات مدمرة ، بل لنطرحها على اساس انها ايجابيات ديمقراطيةحقيقية لتاخذ مدياتها الواسعة تحت سقف الوطن والدستور والسلم الاجتماعي العراقي فحسب !.


alshakerr@yahoo.com

http://7araa.blogspot.com/مدونتي