السبت، فبراير 07، 2009

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب -8


محور علم عليّ المدني هذا هو المحور الاخير من محاور حديث الرسول الاعظم محمد ص :(( أنا مدينة العلم وعلي بابها ....)) وهو المحور الذي يتناول الوجه الاخر من المعادلة الرسالية التي اثارت الكثير من النقمة على هذا الحديث الشريف بالذات !. اعني : ان منشأ الاخذ والرد الذي اثير على سند ومتن وصحة ... هذا الحديث لم تأتي من الشق الاول والمقدمة الاولية لهذا الحديث الشريف التي تقول :(( انا مدينة العلم ...)) باعتبار ان ليس هناك في المسلمين من علماء وعامة مّن يجرئ على الاعتراض ان يكون العظيم محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو (( مدينة العلم )) ولكن الاعتراض والنقمة نشأت عندما عطفت المسألة برمتها على عليّ بن
ابي طالب عليه السلام ، لتكون من ثم كفة الميزان الاخرى للحديث الشريف هي :(( وعليٌّ بابها ..)) عندئذ ظهرت اللوحة بشكل مختلف لتصطدم بالامزجة التي لاترحب بأن يكون او يختص عليّ بن ابي طالب بهذه المنزلة العلمية الرفيعة لعلم الرسالة المحمدي ، فكان ما كان من علماء السوء وتوجهات السلاطين وغوغائية العامة .. لدفع هذا الحديث برمته من ساحة الصحة والواقعية ... ليس بغضا بأن يكون الرسول محمد ص العظيم صاحب مدينة العلم الرسالية ، ولكن لعدم الترحيب بأن يكون عليّ بن ابي طالب ع بابها من منطلق : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات ووحده يكون باب مدينة العلم الرسالية الواسعة ؟.نعم صحيح دعونا نأخذ بالراي الذي ينقم من عليّ بن ابي طالب عليه السلام على اساس انه هو وحده ولاغير يصلح لأن يكون باب مدينة العلم ونضيف لهذه الاشكالية اسألة اخرى تنفع البحث في هذا المحور الاصيل من حديث الرسول الشريف ونقول :تمامٌ : لماذا يختص علي بن ابي طالب بأن يكون باب مدينة علم الرسالة ؟.وهل يعقل ان تغلق جميع ابواب الصحابة الموصلة لمدينة العلم الرسالي وليبقى باب علي بن أبي طالب فحسب هو المدخل كما حصل بالضبط في التاريخ الرسالي عندما اغلقت جميع الابواب الموصلة لمسجد الرسول في المدينة وليبقى باب علي ع ومحمد الرسول ص مفتوحة فقط في السيرة النبوية المطهرة ؟.ان هذه الاسألة هي ما اثارها الناقمون على قيمومة علي ّ بن ابي طالب عليه السلام على العلم الرسالي فحسب ، أمّا ما نريد نحن بحثه في هذه الجزئية من محاور الحديث الشريف هو الاتي :هل كان علي بن ابي طالب في الحديث الشريف (( انا مدينة العلم وعلي بابها ..)) يمثل وجوده الشخصي فحسب ؟.أم انه وحسب التقاليد والاعراف العربية عنوان لتمثيل اهل البيت عليهم السلام ليكون مصداق الحديث الشريف :(( وعلي بابها ..)) باعتبار ان اهل البيت باب مدينة العلم الرسالي ، لتكتمل الدائرة مع الحديث الشريف الاخر للرسول الاعظم محمد ص :(( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ...)) وليكون من ثم مصداق الحديث :(( انا مدينة العلم واهل البيت الممثلين بعلي بابها )) ؟.وهل الحديث الشريف يشير الى اختصاص علي بن ابي طالب بعلم الرسالة فحسب ؟.أم ان الحديث الشريف لايخص عليّ بالعلم بقدر اختصاصه بالشؤون العامة لادارة المدينة العلمية ؟.بمعنى آخر : لماذا عاد الضمير في قول المصطفى محمد ص :(( وعلي بابها ..)) الى المدينة وليس الى العلم ؟.اقصد : كان المفروض اذا اردنا فهم الحديث على اساس ان يكون العلم يختص بعلي ع فحسب من دون الناس اجمعين ، لكان الحديث الشريف بهذه الصيغة :(( انا مدينة العلم وعلي بابه ...)) ولم يكن بصيغة :(( وعليّ بابها )) ليعود الضمير للمدينة وليس للعلم ؟.وهل هناك فرق بين ان يكون عليّ عليه السلام باب مدينة العلم ، وبين ان يكون عليّ ع باب العلم الرسالي مباشرة ؟.ان ادراك ومعرفة الفصل في السؤال الاخير الانف الذكر هو الذي يشرح لنا جميع الاسألة السابقة بما فيها لماذا لايصلح غير علي بن ابي طالب ان يكون ((حارسا)) لباب مدينة علم الرسالة هذه ، وعليه ينبغي البدء من هذه الخطوة : ماهو العلم الرسالي ؟.وما اختلافه او وما هو الفرق الذي تحدثه المدينة عندما تضاف اليه ؟.لماذا اضيفت المدينة الى هذا العلم الرسالي الالهي العظيم ؟.وما الذي تريد هذه الاضافة ان تخبرنا به عن علم الرسالة ؟.الكثير منا ومع الاسف مسلمين وغير مسلمين ينظرون الى العلم الرسالي وخصوصا منه العلم الرسالي الاسلامي الخاتم لجميع الرسالات على اساس انه علم واحد وموحد في جهة واحدة ، او وبصيغة اخرى من الوعي هناك الكثير ممن ينظر الى العلم الديني بصورة خاصة على اساس انه علم واحد فحسب ، لذالك نحن والاخر كثيرا ما نحمل تصورا مسبقا عن الدين انه علم العبادة او الارتباط بالله سبحانه فحسب ، ولذالك كنّا ولم نزل ننظر للعلم الرسالي الاسلامي او الديني الاسلامي على اساس انه شبيه بعلم الفلك او المنطق او الطب او الهندسة .....، او باقي العلوم التي تختص بهذه الجهة او تلك من الجهات التقنية العلمية الانسانية فحسب ، ومن هنا نظرنا للعلم الرسالي الاسلامي نفس النظرة التي اسقطناها على باقي العلوم الانسانية للنظر له على اساس انه علم موحد مستقل يصل الانسان بخالقه وبصورة وعلى كيفية مخصوصة ، وله وظيفة ايضا محددة كباقي العلوم الاخرى عندما تختص بترميم او اعمار جزء محدد من الحياة الانسانية ، لهذا جاء في الاثر :(( العلوم اربعة : الفقه للاديان والطب للابدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الزمان / عن علي بن ابي طالب ع )) فهل يستقيم هذا الفهم لعلم الرسالة بالواقع ؟.الحقيقة ان هذا الفهم ربما يصلح لتعريف الفقه او الاصول او الفلسفة او المنطق داخل الاطار الاسلامي ، أمّا ان عزمنا التحدث عن العلم الرسالي فلايمكن اختصاره وقتله في زاوية معينة من حياة البشر ، وهذا لالشيئ معقد الا لكون ( علم الرسالة ) هو ليس علما محددا بجانب من جوانب الحياة الاجتماعية الانسانية لنختصره في هذا او ذاك من الجوانب الضيقة !.كما انه ليس علما يخترع ليكون في خدمة هذا الحيز او ذاك من المنعطفات الانسانية التي هي بحاجة الى مقدمة تهيئ الارضية لعلم من العلوم الانسانية الاخرى ، كعلم الفقه الذي وضع لخدمة الحكم الشرعي في الدين او كعلم الاصول لتهيئة الارضية للوصول الى معرفة كيفية الوصول للحكم الشرعي الديني بصورة صحيحة ، او كعلم الطب الذي هو عبارة عن علم نشأ ونما لخدمة البدن الانساني والاحتفاظ به صحيا في هذه الحياة .....الخ ، لا ليس العلم الرسالي هو كهذه العلوم الجزئية لننظر اليه على اساس انه علم موحد ومستقل بذاته وبالامكان تعريف ماهيته بصورة علمية ، وانما هو علم خاص او هو وحي رباني لادارة الحياة وتنظيم حركتها بصورة شاملة من خلال رسول مبتعث من قبل الله سبحانه ، او من خلال وصي رسول او نبي يكون هو المهيئ لادارة الحياة وفق الرؤية العلمية لعلم الرسالة هذا ، فهو علم يطرح الفكر باعتباره رؤية عقدية ايدلوجية ، ويطرح السياسة والحكم باعتباره فن الادارة وتنظيم المجتمع ، ويطرح الاقتصاد باعتباره حقوق وواجبات واعمار وتنمية ، ويطرح الاجتماع وكذا الاسرة ، وكذا يطرح الرؤية النفسية لمعالجة مشاكل الفرد الروحية والصحية ، ويطرح المرأة ويطرح التاريخ ويطرح الكون ويطرح ......الخ ، كل هذا يطرحه العلم الرسالي لاباعتباره علم واحد ويتحدث في اتجاه معين وله ضوابط محددة ، لابل باعتباره علم شامل وواسع وليس بالامكان قبوله انسانيا الا من خلال العلم الرسالي الذي نؤمن جميعا بانه من المصدر الذي يعلم كل شيئ ولاتخفى عليه خافية لافي الارض ولا في السماء الله سبحانه وتعالى !.بمعنى آخر : ان اختلاف العلم الرسالي عن غيره من العلوم الانسانية الاخرى ، انه العلم الذي يتلقاه الانسان على اساس انه وحي من الله سبحانه مقدس المرجعية ، وليس بالامكان اخذه من خلال الاجتهاد والتجربة البشرية ، وانما من خلال نص صريح من نبي او من وصي نبي مسدد بتوفيق الله لحفظ الشريعة ، ولهذا كان العلم الرسالي مميزا وشاملا ومقدسا وغير قابل للخطأ ، واينما ضرب بعلمه اصاب كبد الحقيقة في هذه الحياة ، ففي العقيدة العلم الرسالي ناقل لواقع صحيح من علم العقيدة ، وفي السياسة العلم الرسالي صاحب رؤية متوازنة وغير منحازة لاي فئة على اخرى باعتبار انه علم الحقيقة السياسية بين الحاكم والمحكوم ، وفي الاقتصاد كذالك ، وفي الاجتماع ..... وفي باقي الرؤى والاحكام والتوجيهات والمواعظ والنواهي والواجبات .... الاسلامية الانسانية التي يطرحها علم الرسالة المحمدي ص ، كل هذه الشمولية والسعة تقبل لاي انسان منا اذا اتت من خلال علم الرسالة فحسب ، ولاتقبل من اي علم اخر انساني ومهما كان شاملا باعتبار ان الشمول والسعة علم يختص بعلم الرسالة المعصوم فحسب وليس لاي علم اخر ان يدعي الحقيقة المطلقة في كل شيئ ، ومن هنا لايؤخذ علم الرسالة الا من نبي معصوم او امام مسدد حسب طريقة القرءان الكريم !.اذن علم الرسالة ليس علم محدد الاتجاهات ، ليقال ان علم الرسالة هو علم ارتباط الانسان بربه فحسب ، او انه علم العبادة لاغير ، بل هو علم واسع الافق ، علم يختص بكل شؤون المدينة الانسانية المدنية في هذه الحياة ، ولهذا جاء الحديث النبوي الشريف دقيقا عندما قال :(( انا مدينة العلم )) من منطلق ان هذه المدنية او هذه المدينة ، اذا لم تكن موجودة في الحديث الشريف لايقنا ان العلم الرسالي علم محدود وضيق ولايتسع لافاق المدينة الانسانية كلها ، امّا والحال ان اضافة المدينة للعلم اخبرتنا ان لعلم الرسالة سعة وشمولية تغطي جميع افاق الانسان الاجتماعية في هذه الحياة ، ادركنا عندئذ جمال ودقة اضافة الرسول الاعظم المدينة لعلم الرسالة ليكون تصورنا واضحا لهذا العلم ، وانه ليس علم مختصر بهذه الزاوية او تلك من زواية المدن الانسانية ، بل هو علم شامل وواسع بوسع المدينة الانسانية وشؤونها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والاسرية والفردية .... تلك !.ان فهمّنا هذا لخصوصية المدينة ، وضرورة وجودها كقرينة لفهم سعة العلم الرسالي ومدى انتشاره الواسع لتغطية جميع شؤون المدن الانسانية في حديث المصطفى محمد ص :(( انا مدينة العلم )) ، فهمنا بعد هذا وتلقائيا لماذية عودة الضمير في الحديث الشريف في قوله ص :(( وعليّ بابها )) الى المدينة وليس الى العلم الرسالي مباشرة !.بمعنى مغاير : ان فهمّنا مقدمة ان يكون العلم الرسالي شموليا وواسعا وغير محددا بجانب معين من جوانب الحياة الاسلامية من خلال قرينة اضافة المدينة لهذا العلم الرسالي ، هو نفسه الفهم الذي يأخذ بايدينا الى فهم لماذا كان عليّ بن ابي طالب باب مدينة العلم الرسالي وليس باب العلم الرسالي فحسب عندما رجع ضمير (( بابها )) الى المدينة وليس الى العلم الرسالي فقط !.ففي كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام المدخل الحقيقي والواقعي لفهم وأدراك كافة زوايا واتجاهات وطرق ... مدينة علم الرسالة المحمدي ص ، بطبيعته سيكون مختلفا في النتيجة ان قلنا فقط ان عليّ بن ابي طالب هو باب علم الرسالة فحسب !.فعلم الرسالة علم مبعثر ان اخذ بلا مدنيته ومشتت وبالامكان لاي شخص ان يأخذ منه كيفما اتفق ، وهذا بخلاف علم مدينة الرسالة الذي اختص به علي ع ، والذي هو علم تحيط به اسوار المدينة ، وتقنن من مواضيعه ، وتأرشف من ناسخه ومنسوخه ، وخاصه وعامه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقيده ومطلقه ، وليليه ونهاريه ، وجبليه وسهليه ....... الخ !.ان المنحى الاول في كون عليّ باب المدينة يشير الى سعة ادراك عليّ بن ابي طالب ع ، وشمولية فهمه الكامل لكافة جزئيات وكليات علم الرسالة المدني ، فعلي ع عالم بعلم العقيدة كعلمه بعلم السياسة ، وعالم بعلم الاقتصاد والتجارة ، كعلمه بعلم الاجتماع وقوانينه ، وعلي ّ بن ابي طالب ع عالم بالانسان وكينونته ، كعلمه باحكام القرءان وسننه ....... وهكذا حتى نصل لنتيجة : ان علي ليس فحسب مطلع على علم الرساله في جانب واحد من جوانبها المتعددة ، والذي هو مطروح لمجمل الامة المسلمة تأخذ منه كيفما اتفق ، بل علي بن ابي طالب عليه السلام باب مدينة علم الرسالة ، والمدرك لكل حيثيات علم الرسالة المدني ، بقرينة ان علي ع في الحديث الشريف هو باب مدينة العلم ، وليس مدخلا موصلا لعلم الرسالة كيفما اتفق ومن اي زاوية من الزواية فحسب ؟!.ومن هذه اللفتة العميقة في الحديث الشريف نفسه ، وادراك عقولنا القاصرة لحكمة وجود الاضافة في (( انا مدينة العلم )) وان هذه الاضافة اخبرتنا بالسعة والشمول لهذا العلم الغير محدد بجهة واحدة من جهات العلوم الانسانية ، ومن خلال انقاذ لمسة (( وعليّ بابها )) ولماذية عودة الضمير على المدينة وليس للعلم مباشرة ، ندرك ايضا جواب السؤال : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات هو الصالح لأن يكون باب مدينة العلم الرسالية الاسلامية الواسعة !.نعم بالامكان القول : ان عبدالله بن مسعود مثلا عالم من علماء الصحابة اخذ بشيئ من علم الرسالة المحمدي ، الا اننا وبكل صراحة لانستطيع الجزم بانه الاكفأ ليكون باب مدينة علم الرسالة المحمدي الاسلامي ، لاسيما ان ابن مسعود رضى الله عنه انتقل الى رحمة الله سبحانه وهو يجزم بان سورتي المعوذتين ليستا من القرءان الكريم !.وهكذا جميع طبقة العلماء من الصحابة ، ابن عباس وسلمان .... الخ ، اخذوا شيئا وفاتتهم اشياء كثيرة من علم الرسالة الواسع ، فمنهم من ادرك منسوخا ولم يدرك ناسخه ، ومنهم من سمع مطلقا ولم يسمع مقيده ، ومنهم من ادرك عاما ، ولم يطلع على الخاص ، ومنهم من حفظ سورة ، ولم يعلم هل هناك اية الشيخ والشيخة ان زنيا ... أم ان تلك كانت حكما نسخت التلاوة وبقي الحكم وهكذا !.هذا مانقصده بعدم صلاحية غير علي بن ابي طالب ع لحفظ الشريعة وحراسة باب مدينة العلم الرسالي الاسلامي لتبليغه للناس اجمعين !.ان علي بن ابي طالب عليه السلام هو الوحيد الذي اعلن صراحة للامة المسلمة القول : (( سلوني قبل ان تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن اية اية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت ، مكيها ومدنيها ، سفريها وحضريها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها ، لأخبرتكم ...)) ولم يكن ليجرئ احد من صحابة الرسول محمد ص ان يشك بما يقوله علي بن ابي طالب ع في هذا الباب من احاطته بالعلم الرسالي الاسلامي ، لأدراك كافة الصحابة الكرام بمنزلة عليّ العلمية وعلو كعبه على جميع الاصحاب من السابقين وحتى اللاحقين من بعدهم باحسان الى يوم الدين !.وهذه الشمولية والسعة والاحاطة في ادراك وعلم عليّ بن ابي طالب ع هي التي رشحتها لأن يكون (( باب مدينة العلم الرسالية )) بعد العظيم محمد رسول الله ص ، لا من منطلق كون عليّ ع ابن عم الرسول او زوج فاطمة الزهراء او بسبب كونه ابا لسيدا شباب اهل الجنة !.لا ليس لكل تلك الاسباب العظيمة نال علي بن ابي طالب منزلة ان يكون باب مدينة العلم الرسالي !.وكذا لا لكون عليّ بن ابي طالب ع اول الناس اسلاما ، ولا لأنه فقط لم يشرك بالله طرفة عين ، ولا لأنه بطل الاسلام الخالد ، ولا لأنه قامت الدعوة الاسلامية على اكتافه واكتاف اهل بيت رسول الله محمد العظيم ص فحسب !.بل لأنه مضافا لكل ما تقدم ، اوعى الناس حفظا واغزر البرية خيرا وعلما ، واعمق البشرية تأملا وخشية من الله ، واعظمهم حلما وأرأفهم رحمة ، ..... وباقي المواصفات الاسلامية التي فرضت من وجود عليّ بن ابي طالب ع على ان يكون باب المدينة العلمية بامتياز وبلا منافس !.صحيح : هل من مرشد يدلنا على غير عليّ بن ابي طالب ع في الصحابة في حياة محمد العظيم ص وبعد انتقاله من هذه الدنيا ليكون الحاوي لعلم الرسالة والملجأ اذا تضاربت الاحكام والسنن ، والمدخل اذا اشتبهت الاديان والعقائد الاسلامية وغير الاسلامية !.وهل هناك من أذن واعية تعي كون الرسول الاعظم محمد ص صاحب الشريعة السمحة والواسعة والعميقة لايمكن ان يخرج من هذه الدنيا بلا خليفة من بعده يحمل شريعته ويقتدي بسنته ويعلم جميع رسالته ليؤدي عنه رسالته بعد حياته ورحيله من هذا الافق الدنيوي الضيق ؟.لم يكن هناك دافع بطبيعة الحال للعظيم محمد الرسول ص يدفعه للقول بانني مدينة علم الرسالة و (( علي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) الا كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام هيئه الرحمن الرحيم سبحانه ليكون للعالمين وللمسلمين بالذات ملجأ ومعينا لفهم الشريعة وتبليغ الرسالة بعد الخاتم محمد العظيم ص !.ومن اراد ان يبحث عن علم الرسالة من غير المرور بعلي بن ابي طالب ع ، ولو على سبيل الاطلاع وزيادة العلم ، سيصيب شيئا من العلم الرسالي (( غبشا من علم )) لايدري اهو الناسخ ام المنسوخ ، أم هو المطلق الذي ليس له مقيد ، أم انه المقيد الذي لم يأتي بعده مطلق .... وهكذا ، فهو ليس على (( العلم )) المعهود لرسول الله محمد ص ، والمذكور في ذيل حديثه الشريف :(( فمن اراد العلم فليأت الباب )) !.ومن هذه الصورة التي حملها لنا الحديث الرسالي الشريف :(( انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) كان صراخ عليّ بن ابي طالب وشدّة تألمه على علم رسالي بين جوانحه عظيم لايجد له حمله ، او عندما يعلن للامة :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) لايقوم له ليسأله من سخرية الدنيا واضحوكتها الا ابن الكوا المخلوط بدينه وعقله ليسأله عن شعر رأسه كم شعرة فيه ؟!.الا يحق لعلي بن ابي طالب ع ان يموت كمدا على هذه الحال التي وصلت لها الامة ؟.الا يحق لأبي تراب ع ان يدعو باعلى صوته : ان هاهنا لعلما جما !. ان لهاهنا علم الرسالة ؟!.ان لهاهنا باب مدينة العلم ؟!.ولا من مجيب يعي مايشير له عليّ بن ابي طالب ع من رسالة محمد الرسول ص التي بحاجة هذه الامة لتطلع على مضامينها الخطيرة !.هناك من يعجب بالكيفية التي اراد الحديث الشريف :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ..)) حصر العلم الرسالي كله بعلي بن ابي طالب ؟.والانكى للجروح من ذالك هذا المعتوه يتساءل متحيرا : كيف يضع الرسول العظيم محمد ص رسالته في باب واحد هو علي بن ابي طالب وكان المفروض على الرسول الاعظم ص ان يبلغ الرسالة لجميع الناس ؟.وهاهنا الجواب : لم يكن محمد العظيم ص ليبخل بعلم الرسالة على احد من الناس اجمعين ، بل كان مأمورا تبليغ الرسالة للعالمين ، ولكن هناك من ادرك الرسالة بفطرته كعلي بن ابي طالب ع ، وهناك من دخل الرسالة بعد شيخوخته ، وهناك من لم يدرك من الاسلام الا أسمه ، فهل يستوي اللذين يعلمون واللذين لايعلمون ، مالكم كيف تحكمون ؟!.الغريب العجيب ان محمدا الرسول ص عندما قرر ان يكون عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسالة للناس اجمعين ، كان على ثقة مطلقة ان عليّ بن ابي طالب سوف يعلن بعده ص صرخته العلمية التي لم تزل دافئة العبير :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) فهل استثمرت الامة هذا الباب المفتوح للامة وللناس اجمعين ؟.أم اندفعت لقتل عليّ بن ابي طالب وعلمه الرسالي المحمدي يوما بعد يوم ، ليسأل من ليس له علم برسالة رسول العالمين ابدا ليفضل علمه على علم عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسول وفضاء حكمته الى يوم الدين ؟!.أليست هناك مشكلة ما ، عندما يكون الحسد او الموروث او الخرافة او حب الدنيا ....... او اي شيئ ما هو الجدار الذي يعزل الناس عن علم علي بن ابي طالب الذي هو للناس كافة ؟.وحتى اليوم ربما التاريخ لم ينصف عليا عليه السلام بأن يستمع للامانه التي كان يحملها من الرسول الاعظم محمد ص في علمه وتبليغ حجته ، أقول : حتى اللحظة لماذا لم يزل عدم الاستماع لعلم علي الرسالي مقبولا من الاخرين ؟.وهل يحق لي او لك ان تدعي ان محمدا الرسول ص كان يكون ضيق الافق ان حصر العلم الرسالي بعلي بن ابي طالب فحسب ؟.وهل كان هناك اكرم واوسع وارأف وأرحم من علي بن ابي طالب بهذه الامة ؟.وهل عرف احدا عن علي بن ابي طالب انه اغلق باب علمه عن ساءل مهما كان لون هذا السائل وهويته او مهما كان لسانه ودينه او مهما كان توجهه او حتى نقمته على علي بن ابي طالب ع نفسه ؟.هذا ما اراده محمد الرسول ص عندما وضع علي بن ابي طالب ع في المقدمة ليقود علم الرسالة بعد محمد ص ، وليكون باب مدينته الرسالية صلى الله عليه واله ؟!.فمن الكفاءة هو صاحب الاذن الواعية !.ومن الحفظ هو الذي لم يسقط منه حرف في ايه او كلمة من سنة !.ومن التقى فهو امام المتقين والامين على علم الرسالة والدين ؟!.ومن البطولة فهو الذي لاتأخذه في الله لومة من لائمين !؟.ومن الكرم فهو لم يبخل بعلم حتى على اعدى اعداء الدين ؟!.فماذا بعد الحق الا الضلال المبين !.
al_

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب-7

محور باب المدينة عليّ ع عليّ بن ابي طالب عليه السلام ، ذالك المخلوق الذي شغل العالم ، وحّير الدنيا ، واتعب الفلاسفة ، ولفت انظار الحكماء ، واختلفت فيه الخاصة والعامة ، واتبعته المذاهب والملل والنحل !. أحبه الكثير حتى اصبح حبه تهمة لمحبيه ، وبغضه الكثير من غير استطاعة منهم لاظهار هذه الكراهية علنا فانتهجوا النفاق واقيا من عار وشنار بغض علي بن ابي طالب ع أمام المتقين !. سيد من سادات العرب . تلميذ نجيب من تلامذة الرسول محمد ص العظيم . مؤمن ايمانه ميزان لأيمان المؤمنين .
بطل لايشق له غبار في الاولين والاخرين .طاهر لم يشرك بالله طرفة عين .عظيم زوج الزهراء فاطمة بنت محمد سيدة نساء العالمين .أب لحسن وحسين سيدا شباب اهل الجنة بشهادة رسول رب العالمين .عالم مامن اية من كتاب الله سبحانه الاوهو مدرك في اي ومن اي وعلى اي والى اي ..... شيئ هي تشير !.حكيم يضع الشيئ في موضعه .عظيم يرجع الحق لنصابه .قائد فقأ عين الفتنه في مهدها .انسان تسبقه عبرته على يتيم .سيد ابن عم الرسول ص وابنه واخيه .متأله يعرف الله ويرضى عنه .ولي يتصدق بالخاتم وهو من الساجدين .قرءاني يتلوه حق تلاوته ويعلم التأويل .صابر يقتدي بايوب عليه السلام المعذب الحزين !.محب لله وللمؤمنين .مسالم يسالم ماسلمت أمور المسلمين .محارب يحارب ماتهددت عقائد العالمين .مناضل يرى الحق حقا فيتبعه .كبير احتقر الدنيا وكان من العالين .جميل احب الحياة فعمل للاخرة!.خلوق يعفو عن الكثير !.شجاع لاتأخذه في الله لومة لائم من اللائمين !.عارف لاتنزل به الجهالة الى منزلة المتهالكين على الدنيا .تقي لايدفعه الغضب للاعتداء .ونظيف لايدفعه الطمع للانحدار .رجل اذا ندرت عملة الرجال في سوح القتال .طفل اذا داعبت مشاعره الام المعذبين .عاشق اذا وقف بين يدي الله سبحانه وهو كظيم .عملاق اذا تهاوت عليه جبال البلايا والحاسدين .فقير من طبقة الفقراء !.غني من طبقة العلماء .كريم من ثلة المنفقين .حزين من اتباع الدراويش والمساكين !.عبقري رأى العالم بعقله .ذكي قرأ الوجود بفكره .فاهم ادرك الاسلام بفطرته .سليم آمن بمحمد ص بقلبه .واسع تحدث للكون برؤيته .عليّ منفرد بذاته عليّ حاضر بكلماته .علي حيّ بتأملاته .عليّ أمام بصلواته .علي ّ غريب بسماته .عليّ حبيب بذكرياته .عليّ علي علي علي علي عليّ ............... عليّ عبد الله سبحانه واياته !.

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب - 6

محور تشبيه الرسول بالمدينة >> لكل مدينة من المدن الانسانية لوازمها الطبيعية التي وبحيث ان فرض انتفاء لازم من لوازمها المدنية تكون هناك استحالة قيام كيان يسمى المدينة ، وهذه اللوازم هي كالصفات التي تلاصق تواجد المدن ومحل تحركها ، فاينما وجد التمدن وجدت هذه او تلك من اللوازم الطبيعية معها ، فللمدينة على هذا الاساس - مثلا - لازم فكري يكون هو الرصيد العقلي الذي تتميز به المدن عن غيرها من الاجتماعات الانسانية الاخرى الاقل منزلة من الاجتماعيات المدنية ، فالمدينة هنا والعقيدة شيئ واحد ، وكما ان العقيدة الدينية والفلسفية والفكرية والفنية لازم طبيعي للمدينة ، او منتج حتمي لوجودها ، او حومل مقارن لها كما يعبر ( توينبي ) ، كذالك هي الحال بالنسبة
للزومية المدينة للعقيدة الفكرية للاجتماع المدني الانساني هذا ، فلا وجود لمدينة وتمدن بلا عقيدة ولاسيما منها الدينية المقدسة ، كما انه لاوجود حقيقي لعقيدة وفكر وتأمل وحضارة بلا مدينة ايضا !.كذالك هي الحال في لازم التجارة ومظاهر حركة رأس المال والصناعة ، فهو ايضا اللازم الاقتصادي من لوازم التواجد الانساني المدني ، فلايمكن والحال هذه تصوّر المدينة بلا حركة اقتصاد مالية وصناعية وزراعية تجمعها المدينة وتلد كل يوم من صفاتها الشيئ الكثير في الداخل والخارج من التجارة المدنية !.وعليه يمكن القول : لاوجود للمدينة بلا لازمة التجارة او صفاتها الطبيعية ، كما انه لايمكن وجود التجارة بلامدينة تحتضن كل حركة رأس المال وانفعالات السوق وحركته الجاذبة والطاردة في الان الواحد ، وهذا بعكس التجمعات الانسانية الاقل منزلة من التمدن والتحّضر وشؤون المد ينة التي بالامكان تواجدها على هامش الحياة المدنية الا انها تتمكن من الحياة بلا لوازم المدينة وان اقتاتت على فتات المدن !.يتبقى لنا الاشارة كذالك للازم الادارة والسلطة والنظام ، كأحد لوازم الاجتماع المدني ، باعتبار ان الادارة جزء أصيل من صفات ولوازم الاجتماع المدني الذي تفرضه التعقيدات الاجتماعية المدنية ايضا ، فلا مدينة والحال هذه بلا سلطة ادارة ، كما انه لاسلطة ادارة وحركة حكم وفرض نظام وقانون بلا مدينة وتمدن واجتماع انساني حضاري ، فكلما كان تصوّر ادارة لابد ان يردفه تصور وجود المدينة والعكس ايضا صحيح !.وهكذا يقال في الفن فهو كذالك من لوازم المدن .......... الخ !.ان التقديم لتلك اللوازم المدنية تهيئ لنا الارضية الصحيّة التي من خلالها بأمكاننا ان نطلّ بتصور شمولي لمقولة العظيم محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو يشبه ذاته الشريفة بالمدينة عندما يقرر :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ..)) فهذه المدينة الرسالية لايمكن تصور شموليتها العلمية الا بعد ان ندرك اولا : ان لكل مدينة لوازمها المدنية الطبيعية !.بمعنى مغاير : ربما يتساءل البعض بانه : ماعلاقة الحديث الشريف لرسول الانسانية محمد ص :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها )) وادراكنا ان لكل مدينة لوازمها الطبيعية ؟.وهل عندما ينطق محمد رسول الله ص ب (( انا مدينة العلم ..)) هو ناظر لقضية ان تكون للمدينة لوازم ؟.واذا فرضنا ان محمدا رسول الله ص قاصدا للمقولة والتشبيه بكل توابعه ، فماذا يعني ان ندرك ان لمدينة الرسول الاعظم ص لوازم ؟.الحقيقة كون الرسول الاعظم محمد ناظرا بعمق لمسألة التشبيه بالمدينة ، واخذا بادراك صلى الله عليه واله وسلم موضوعة ان يأتي واحد من البشر ليسأل عن لوازم مدينته العلمية الرسالية الشريفة ، فهذا من الأمور المتحققة شرعا وعرفا ، فشرعيا محمد ص أكبر بكثير من ان يتحدث بما لايعي ابعاده الفكرية وحاشاه ص ان يكون كذالك ، وعرفيا فالعظماء من كل البشر سواء كانوا انبياء رسل او حكماء بالعلم كانوا ولم يزلوا يروون انه من النقيصة الفاحشة ان يتحدث الحكيم بلا وعي ولا ادراك لابعاد مقوله المطروح !.وعليه فليس محمد العظيم ص رسول الله للناس اجمعين ، هو من يتحدث بلا رصد لكل الابعاد الفكرية والذهنية والعقلية التي سوف تنعكس على عقلية الانسان من مقولته هذه او تلك ، وليس هو ممن يضع تشبيها لذاته الشريفة بشيئ لاابعاد فكرية ومعنوية له ، فمحمد العظيم ص مدينة علم ، ولابد ان يكون لهذه المدينة مدخل ، وهو عليّ بن ابي طالب عليه السلام ، ولابد لها من لوازم اخرى تكون هي حياة المدينة كما كانت المدينة حياة هذه اللوازم الفكرية والاخرى الاقتصادية والثالثة الادارية الحكومية ورابعة الفنية ..... وهكذا !.اذن في هذا المنحى نكون امام ادراك رسالي متكامل لتشبيه المدينة بشخصية الرسول المعظمة ، امّا في الاتجاه الاخر للمسألة ، فلابد من الاعتراف ان المعرفة فرع من تصور الموضوع كما يقول اهل المنطق والحكمة !.بمعنى : انني عندما اريد ادراك مقصد ومغزى كلام الرسالة النبوية المحمدية الشريفة ، فلابد لي من امتلاك ملكة التصور الواضحة لاي موضوع اريد معرفة مقاصده واتجاهاته المتعددة الزواية ، فأن لم يكن لدي مادة عقلية وذهنية تستوعب مصداق مفهوم المدينة ، فكيف لي فهم مقولة الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم ..)) ؟.وكيف لاعرابي بدوي ( مثلا ) لم يعش حياة التمدن ، ولم يذق حلاوة التحضر ، ويعتز بفخر القبيلة ، ويعزف عن الانخراط لفهم قوانين الاجتماع ..... ان يدرك مصداق مفهوم المدينة او يدرك مقاصد الرسول الاعظم محمد ص عندما شبه ذاته الشريفة بمدينة علمية ؟.ومن هذا قال اهل العلم ( المعرفة فرع تصور الموضوع ) وامكانية تصور المدينة وفهم قوانينها ، وادراك لوازمها ، وخبرة حركتها .....، كل ذالك سيساعد حتما بفهم اعمق وادراك اوفق لمقولة الرسول هذه وغيرها من الاحاديث التي تصدر من رسول المدينة ومدينة العلم محمد الكريم صلى الله عليه واله وسلم !.والى هنا ربما وفقنا لايضاح اهمية ان نفهم لوازم المدنية والمدينة اولا لفهم مقولة الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة العلم ..)) ثانيا ، من منطلق ان فهم لوازم المدينة هو المصداق الواقعي والتصور الانساني الفكري الذي بنى عليه العظيم محمد ص مقولته المشهورة هذه ، بل ان مثل تلك التصورات الذهنية التي يبنيها واقع الانسان الحياتي هو الاساس المطلق لكل انسان يريد التعبير عن ذاته وافكاره وتطلعاته بنوع من التشبيه والتعبير والاستعارة ... وماشاكل ذالك ، ولكن وبما ان محمدا الرسول ص هو انسانا مدنيا في النشأة التربوية والفكرية ، فهو يعبر عن ذاته بادوات التمدن لتقريب الصورة للمؤمنين به وبرسالته ص لهذا قال :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها )) !.والان ماهي لوازم مدينة العلم الرسالية النبوية المحمدية الشريفة ؟.او ماذا قصد العظيم محمد ص ب :(( انا مدينة العلم )) ؟.وهل قصد شمول المدينة العلمية المحمدية ؟.أم انه حاول ص ايصال فكرة التكامل في العلم المحمدي لقيام المدن ؟.يبدو ان السؤال الاخير هو مفتاح القضية ، وكأنّ المقصود من مقول الرسول الاعظم :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها )) هو الاشارة الى ان العلم الرسالي المحمدي الشريف مهيئا تماما لتغطية جميع لوازم المدينة والتمدن ، سواء كانت هذه اللازمة عقدية فكرية فلسفية ، فالعلم الرسالي المحمدي قد غطى هذا الجانب بما يحتاجه انسان المدينة بحيث ان العلم الرسالي يتوفر على نوعيه راقية وعالية جدا من الفكر العقدي الديني الاسلامي الذي يشبع حاجات اهل التمدن ويرضي من تطلعات المدينة وحاجاتها للعقيدة التي تتمكن من صنع الحضارة !.او كانت لازمة الاقتصاد والتجارة ، فالعلم الرسالي ايضا قنن بشكل هندسي ومخطط للحياة الاقتصادية وكيفية تنظيمها عمليا ، بحيث اصبحت الفكرة الرسالية الاسلامية المحمدية من اهم الافكار الاقتصادية التي تتمكن من اعطاء وجهة نظر متكاملة لادارة السوق المدنية ، مما يعني ان فكرة العلم الرسالي هي قادرة ايضا على استيعاب لوازم المدينة الاقتصادية !.او كانت لازمة ادارية ، فمدينة العلم الرسالية هي ايضا من التكامل والقدرة بحيث انها استطاعت ان تصيغ وجهة نظر سياسية مميزة في ادارة شؤون المجتمع الخارجية والداخلية ايضا ، وقامت بعملية مدنية مركبة تنظم فيها داخليا خصوصية حركة الحاكم والمحكوم على نفس المستوى الذي يضمن استقرار الاجتماع وتوفير تدبير الادارة فيه بصورة صحية !.وهكذا ، لازمة الاسرة ، ولازمة الفن ، ولازمة الفرد الروحية ، ولازمة تقنين القوانين ..... لحياة المدن الاسلامية الخ !.الخلاصة : هي القول ان تعبير المدينة في مقولة الرسول محمد العظيم ص :( انا مدينة العلم ..) وتشبيه ذاته الكبيرة بالمدينة كانت تهدف الى شرح تكامل الفكرة المحمدية وسعة شمولية ابعادها العلمية لكافة حياة المدن الانسانية بلوازمها الطبيعية ، أمّا مقولته ص :(( وعليّ بابها )) فهي كلازمة المدن الطبيعية ولكن من جانبها الخارجي وليس الداخلي للمسألة ، فعلي هنا من لوازم علم الرسالة المدني الذي يفضي للوصول الى علم المدينة !.
al_shaker@maktoob.com

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب -5

((محور مدينة العلم وعلم المدينة )) ___________________________ فيما سبق من اطلالات أشرنا الى ان هناك ظاهرة انسانية وتاريخية اصيلة في الوجود البشري ، وهي ظاهرت :( التقارن بين الرسالة والمدينة من جهة وبين المدينة والرسول من جهة أخرى ) !. أما الآن فلدينا جدلية أجتماعية تكاد تكون أعلى منزلة من مجرد الظاهرة في دراسة الاجتماعيات البشرية ، الا وهي جدلية :( المدينة والعلم من جانب وعلم المدينة من جهة اخرى ) !. فهذه الجدلية او التفاعلية ترتقي لأن تكون حقيقة من حقائق الاجتماع البشري في التاريخ وحتى اليوم ، فلكل مدينة انتاجها العلمي وصناعتها الحضارية ، صغيرة كانت او كبيرة ، كما ان لكل علم مدينته الذي ساهم في انتاج هذه الصناعة الحضارية والعلمية ، وعلى هذا بالأمكان القول : ان ليس هناك علم وحضارة بلا مدينة ومدنية ، كما انه ليس هناك مدينة ومدنية بلا علم وتحضّر !. فياترى هل هناك فرق فكري معتبر في ثنايا هذه الجدلية الاجتماعية الانسانية على المستوى العملي بين ان تكون المدينة منتجة للعلم وبين ان يكون العلم منتج للمدينة والمدنية ؟. سؤال من الجانب الاخر للموضوع : هل عندما يذكر الحديث الرسالي المحمدي الشريف ص :( انا مدينة العلم ..)) هو راصد بالفعل لتلك الجدلية بين المدينة والعلم ، لذا جاء تقديم واضافة المدينة للعلم ؟. أم انه ليس هناك ادراك ووعي في جدلية التقديم والتأخير في المقول المحمدي الرسالي العظيم في (انا مدينة العلم ) وهي هي كما لو عكست المسألة ليكون الرسول محمد ايضا هو ( علم المدينة ) كما قال :( انا مدينة العلم ..) ؟. بمعنى آخر : هل هناك حكمة رسالية تّستهدف شيئا ما عندما قدم الرسول الاعظم محمد ص ( العلم ) على المدينة ، وجعل كل هذه المدينة هي تبعا للعلم في قوله ص :( انا مدينة العلم ..) ؟. أم انه ليس هناك هدف خطير في هذه اللفتة الرسالية بين المدينة والعلم ، وانما كل ماهناك هو وجود مضاف هو ( المدينة ) ومضاف اليه في اللغة العربية هو ( العلم ) خصص نوعية المدينة فحسب ، فمحمد رسول الله ص هو مدينة العلم لاغير ؟. والشيئ نفسه عندما نتساءل كلنا مجتمعين بتأمل واحد حول : وماهي هذه ( ال ) التي توسطت بين المدينة والعلم ، في قول الرسول محمد العظيم ص :( انا مدينة العلم ) وهل هي اشارة للام عهد مخصوصة بحيث يكون العلم المشار اليه رساليا هو علم معهود اسمه علم الرسالة ، لذالك اضيفت له المدينة ؟. أم ان هذه اللام في قوله ص :( مدينة العلم ) هي لام العهد لكنها المعبّرة عن حقيقة الاشياء ايضا ، ليكون المعنى الرسالي في قوله ص :( انا مدينة العلم ...) هو يعني : انا لست مدينة علمية فحسب ، وانما انا مدينة العلم الحقيقي والنافع للبشرية جمعاء ؟. ثم وبعد كل تلك الاسألة من حق الاخر ان يتسائل ولكن من الجانب الاخر لضفة الموضوع وليقول : نعم ندرك ان رسولكم اللكريم محمد ص ينظر بنور الله ويتحدث لاعن هوى مطلقا ، وانما هو وحي يوحى ، ولكن نريد معرفة ماهية الفرق الجوهرية بين ان تكون المدينة هي منتجة للعلم وبين ان يكون العلم منتج للمدنية في جدلية :(( انا مدينة العلم ..)) ؟. فهل هناك اختلاف في هذه المعادلة ؟. واذا كان هناك مختلف ما ، فهل يحق الاشارة اليه رساليا لتؤكدوا على ان مقولة الرسول محمد ص :( انامدينة العلم ..) مختلفة تماما عن :( انا علم المدينة ) لتصنع فرقا كبيرا ؟. الجواب : نعم هناك فرقا مفاهيميا وفكريا كبيرا بين ان تكون المدينة هي الصانع والمنتج للعلم المدني ، وبين ان يكون العلم هو الفاعل والصانع والمنتج لكيانية المدينة والتمدن ، فهنا نحن امام المقدمة والنتيجة بين ان تكون المقدمة هي المدينة كمكان جغرافي وانساني له القدرة على صناعة العلوم المدنية من خلال الاختلاط المدني الطبيعي الذي ينتج سلوكا وافكارا وفلسفات وفنون وصناعات .... تعزى كلها الى طبائع المدن ، وبين ان نكون أمام علم او فكرة او ايدلوجيا تهندس من هذا الوجود المدني لتشكله بصيغة طبقية او اجتماعية او فكرية اخرى مختلفة عما كانت عليه هذه التشكيلة الاجتماعية المدنية في السابق !. فالمنحى الاول كانت فيه المدينة هي الخالق للعلوم والظواهر الاجتماعية الانسانية الاخرى ، كما انها هي الرب الذي يربي ساكنيه على نمط حياة معينة وفنون معينة وصناعات وسلوكيات وعلوم مختلفة !. اما في المنحى الثاني فدخلت معادلة ( العلم ) لتكون هي القيادة للمدينة بكل شؤونها الانسانية والجغرافية والاقتصادية والسياسية والاسرية والفردية هنا ، فاضيفت المدينة كتابع لهذا العلم وهذه الفكرة وتلك الرؤية العلمية !. اذن هناك فرق جوهري عندما نقول :(مدينة العلم ) او نضيف :( علم المدينة ) فمدينة العلم نتيجة لمقدمة العلم ، وهذا بعكس نتيجة علم المدينة التي تكون فيها المدينة والمدنية مقدمة لنتيجة العلم والعلوم الاخرى !. بكلمة اوضح : علم المدينة صورة تعنى بما تنتجه المدنية الانسانية من ظواهر طبيعية وانسانية تختصر بالعلوم الناتجة من هذا التمدن ، لكن مدينة العلم صورة تعنى بما ينتجه العلم والفكر حصريا من اشكال المدن الانسانية وطبيعة نظمها السياسية والايدلوجية والاقتصادية والطبقية .... الى اخر هذه الصور من صور التمدن الانساني المختلفة بعضها عن البعض الاخر !. والى هنا يبدو اننا اجبنا على سؤال الفرق بين ان تكون المعادلة بين مدينة العلم ، وبين ان تكون المعادلة في علم المدينة ، يبقى التساؤل حول : ماشأن العلم الرسالي المحمدي الكريم ص بمثل هذه المعادلات الانسانية المعقدة ؟. وما معنى قوله ص : ( انا مدينة العلم ..) ؟. وهل الرسول الاعظم محمد ص صاحب رؤية : وجوب قيادة العلم للمدنية ، بدلا من قيادة المدنية للعلم ؟. الحقيقة ان الخط الرسالي النبوي الشريف وعلى مدى التاريخ البشري المعروض لنا قرءانيا ، يؤكد لنا ان حالة الصراع الازلية بين الطاغوتية الفرعونية المنحرفة وبين الرسالية النبوية الشريفة المطالبة باقامة العدل بين الناس المذكورة لنا قرءانيا ايضا هي مابين هاتين المعادلتين : معادلة قيادة المدنية للانسان المدني ، ومعادلة قيادة العلم للمدنية المنفلتة !. بمعنى آخر ان تاريخ الصراع الذي يذكره لنا القرءان بين الانبياء والرسل والمصلحين من جهة ، وبين الطغاة والمتفرعنين واصحاب الثروة والمترفين من جهة اخرى كان ولم يزل منشأه من هذه الجدلية التي تقوم على قيادة الحياة في المدن بين ابناء المدنية والمدينة من تجار واصحاب سلطة كونت لهم المدينة مصالحهم الشخصية والسلطوية المعروفة ، وبين رسل وانبياء وصالحين ودعاة مساواة كوّن لهم العلم والفكر ... نوع من الرؤية للمدينة وكيفية ادارتها بصورة علمية مختلفة ، فهم لذالك ناقدين للاوضاع المدنية القائمة ومطالبين بوجوب التغيير الذي يقوده العلم لتغيير وجه المدينة من الاساس !. اي وبمعنى مغاير : ان الصراع التاريخي الكبير المذكور قرءانيا هو في وجه من وجوهه الانسانية بين ابناء المدينة الذين كونتهم وخلقتهم المدن حسب طريقتها الحضارية ، وبين ابناء العلم والسماء الذين انفلتوا من هيمنة المدينة وسطوتها التربوية ، ليكونوا فيما بعد ابناء مدن بعقول علمية لقيادة هذه المدن وليس قيادة المدن لهم ، لذالك هم مثل محمد الرسول العظيم ص يؤمنون بطريقة :( انا مدينة العلم ) القيادية او بوجوب قيادة العلم للمدينة ، وليس بصورة :( علم المدينة ) وقيادتها الحضارية ، وهذا لا لشيئ في الضد من الحضارة والمدنية ، ولكن لضميمة واحدة لاغير ترى ان في تربية المدن كما هو شيئ صالح هناك اشياء كثيرة جدا في هذه المدن من المفاسد !. يعني : ان للمدنية والمدينة سلطة مطلقة على ساكنيها من الاجتماعيات الانسانية ترغمهم على الخضوع لطبائعها السلبية الكثيرة ، فكما ان في المدينة تحضّر وصناعة وفنون وترف ... وايجابية ، فهناك ايضا المفاسد وسلطة المال وسوط الحاكم ومصالح التجار وسرقة رغيف الضعيف وبهارج النساء واختلاط الامزجة وتدافع المصالح وعفن الحواري وضيق الشوارع وازعاج الموسيقى الرديئة ..... وباقي الموبقات على الفطرة الانسانية ، هي الاخرى تتسلط على الانسان وتهيمن على كينونته المدنية لتحولها شيئا فشيئا الى ركود المدن ورائحتها الاسنة !. وهنا فحسب يتدخل ( العلم ) المنفلت من هيمنة السلطة المدنية لقيادة التغيير في المدن ، بدلا من قيادة هذه المدن المتعفنة اساسا للعلم !. ان هذا العلم الذي وصفناه بالانفلات من هيمنة التمدن المتعفنة ، هو نفسه الذي يخبرنا عنه الرسول الاعظم محمد ص في قوله :( انا مدينة العلم ) وهو نفس العلم الذي اشار له الحديث الشريف ب ( لام ) العهد الحقيقية ، اي هو العلم الحقيقي النافع لقيادة التمدن وارجاع هذه المدنية من غلوائها وترفها وفسادها المدني الى رحابة العلم الرسالي المحمدي العظيم ص الذي يعيد المدينة الى قيادة العلم ولايترك العلم لقيادة المدينة !. اذن : في قوله ص : ( انا مدينة العلم ..)) حقائق كثيرة وكثيرة جدا منها على سبيل المثال : اولا : جدلية مدينة العلم وعلم المدينة . ثانيا : الفرق الكبير المشار له في حديث الرسول محمد ص بين ان يكون العلم قيادة للمدينة وبين ان تكون المدينة هي القيادة . ثالثا : ادركنا ان العلم الذي اشار له الحبيب محمد ص انما هو علم الرسالة المدير لشؤون المدينة الصالحة ، وليس هو نفس العلم الذي تنتجه المدينة باعتبار امكانية تسرب الفساد لهذه او تلك من المدن !. رابعا : عندما يقول الرسول الاعظم محمد ص :( انا مدينة العلم وعليّ بابها ) فكأنما يقول لنا : انا لست فقط مدينة علمية فحسب ، بل انا القيادة الحقيقية والعلم النافع لادارة المدينة والمدنية ، وانا الضمان الفعلي لعلاج فساد المدن وتهاوي مدنيتها الطاغوتية . خامسا : للمدنية علم ولكن عليكم بمدينة العلم ، ولاتنسوا باب هذه المدينة العلمية وهو عليّ بن ابي طالب ع فهو المدخل الذي سوف يشرح لكم كيفية الوصول الى قيادة العلم للمدينة ، فهو الوحيد القادر من بعدي لاخضاع تمرد المدينة تحت قيادة العلم !. سادسا : عليكم بالحذر الشديد جدا من مكّر المدينة ، فهي حلوة وجميلة وقوية ....، فلا تتخذوها الاها يعبد من دون الله سبحانه وتعالى وكونوا ابناءا للعلم ولاتكونوا ابناءا لعلم المدينة . ___________________________________ al_shaker_(at)_maktoob.com

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب - 4

ثانيا : - رسول المدينة اذا مارجعنا بعملية استقصاء وبحث في النص الاسلامي ، قرءانيا ، وسيريا نبويا ، فسوف نلاحظ ظاهرة انسانية من أهم الظواهر التي اكد عليها النص الاسلامي ورصد حركيتها بعمق ، وهي ظاهرة (( التقارن بين الرسول والمدينة )) !. فهناك شبه اجماع نصي قرءاني في التأريخ البشري ، وسيري نبوي يدلل على ان الرسول والرسالة ماهما الا وليدا المدينة والتمدين ، كما ان المدنية ماهي الا نهاية العمل الرسالي النبوي حسب رؤية ترى ان أصول المدنية القديمة والحديثة ماهي الا نتاج نضال واسع لحركة النبوة في التاريخ وحتى اليوم ، ولذالك ومما جاء على لسان الوحي القرءاني الكريم مؤكدا لهذه الحقيقة الانسانية قوله سبحانه وتعالى :(( وما أرسلنا قبلك الا رجالا نوحي اليهم من أهل القرى ../ 109 / يوسف )) . فأهل القرى حسب التعبير التقني للقرءان الكريم ، هو وجه من وجوه المدينة ، او هو
الوجه الاخر لعملة الاجتماع المتمدين ، ولهذا ايضا جاء على لسان أهل التفسير والعلم في معرض تناول هذا النص القرءاني قولهم :(( يريد أهل المدائن ، ولم يبعث الله نبيا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة على أهل البدو ، ولأن أهل الامصار أعقل وأحلم وأفضل واعلم .!))وروي عن الحسن قوله :(( لم يبعث الله نبيا من اهل البادية قط )) وقال البعض :(( من شرط الرسول ان يكون رجلا آدميا مدنيا .../ راجع تفسير القرطبي /ج9/ ص 274)).فالمدينة في حياة الرسالة الالهية ، وكذا الرسالة والرسول في حياة المدن ظاهرة تكاد تكون متأصلة في هذا الباب ، بحيث ان ليس هناك انفصال بالامكان ايجاده من خلال البحث الا من منطلق الاستثناءات المبررة واقعيا وانسانيا تأريخيا من قبيل خروج نبي او رسول من طغيان وفساد المدن الى رحابة الارض ليصنع هو بدوره مجتمعا مدنيا آخر ُيؤسس على اساس من قواعد النظافة وثقافة العدل بين الناس والتمدن في المعاشرة الاجتماعية !.وهذا جانب من معادلة التقارن بين المدينة والرسول ؟!.أما الجانب الاخر من المعادلة المدنية والرسالية فهي معادلة : ان المدنية والرسالة شنّت حملة قوية جدا ضد التعرب والبدوية بعتبارها النقيض المميت لروح التمدن والرسالية ، فهناك نص رسالي واضح قرءانيا ونبويا ، يشير بعنف الى مناهضة الاعرابية من منطلق انها الحياة التي لاتصلح تماما لحياة الرسالة !.او هي وبخطاب آخر ، ظاهرة جتماعية ( اعني التعرب والبدوية ) لم تخلقها الا قواعد الاجتماع المنفلت من عقال التمدن والقانون والحضارة والذي هو بدوره الاطار الطبيعي لمنشأ وتحرك الرسالات الالهية المتعددة !.يقول النص القرءاني المقدس :(( الأعراب أشدّ كفرا ونفاقا وأجدر الآّ يعلموا حدود مآ أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم / 97/ التوبة )) !.وقد تحيّر بعض الباحثين في ادراك مضمون هذ النص القرءاني الكريم ، ولماذية منع الاعراب والبدو من تعلم الحدود الالهية الاسلامية المقدسة ، مع ان الحكم الشرعي يجب ايصاله الى جميع افراد الاجتماع الاسلامي وغير الاسلامي لمجرد المعرفة والعلم على اي حال ؟.وكذا باقي منافذ الحكم في الاسلام في السيرة النبوية ، حتى الوصول للعرف الفقهي الذي لايجيز امامة المتمدن باصحاب البادية والتعرب في الصلاة وغيرها ، وكأنما هناك قصد شرعي واضح وحرب مفتوحة وواضحة بين الاهداف الرسالية الالهية والتمدين كبنية اجتماعية من جهة ، وبين التعرب والبدوية والبربرية من جهة اخرى !.ان قول الرسول الاعظم محمد ص :(( انا مدينة ...)) هو التعبير الاصيل لجانبي الاشكالية المدنية والغير المدنية ، فيكفي كدليل على شدّة الملازمة والتقارن الازلي بين المدنية والرسالة هو ان نقرأ قول الرسول الاعظم محمد ص وهو يؤكذ كينونته المدنية من خلال الاخبار عن وجوده الرسالي بانه :(( مدينة العلم )) وان المدينة على هذا الاساس لاتشكل في مخيلة الرسول الاعظم محمد ص مجرد تشبيه فحسب ، وألاّ لأشار باعتبار انتماءه ص الى مجتمع تغلب عليه الظاهرة القبلية والتي هي الاقرب لروح الاجتماع العربي ب (( انا قبيلة العلم )) فكان اوفق للتشبيه واقرب لروح الاجتماع العربي بصورة عامة ولكن القبلية ومن الاساس وحسب التصور الرسالي والمدني هي بالنقيض لروح العلم والتعلم ، وما ظاهرة العلم والتعلم حسب العرف الاجتماعي الا ثمرة لايمكن لها ان تنمو وتزدهر بغير ارض بنية الاجتماع المدني ، فلايمكن للرسول الاعظم محمد ص ان يشبه كيانه العلمي بغير المدينة من منطلق ذاك التلازم وهذه التقارنية الازلية بين المدينة والرسول من جهة ، وبين الرسالة كعلم والمدينة من جانب اخر !.نعم : من مميزات الاسلام الدينية والفكرية والعملية انه الرسالة التي لاتنمو ولاتنتعش الا في حياة المدن وحركة الاجتماع المتمدين ، وهذا لسبب أصيل داخل في بنية الاسلام الفكرية التي بنيت بالاساس على حركة الاجتماع المدني ، فللمدينة طابعها المختلف تماما عن طابع غير المدينة وقوانينها المعقدة تنسجم تماما مع روح الاسلام التي بنيت واسست على اساس القوانين المدنية ، ومن هنا جاءت الاحكام والحدود الاسلامية متطابقة مع حركة ومعاملات واداب واخلاقيات الاجتماع المدني ، فمن التجارة ومضاربات الرأسمال ، الى الفن وادوات اللهو ، الى تبرج النساء في المدن والتغنج بالزينة ، الى تعدد الافكار واختلاف المصالح ، الى سطوة الدولة ورجال السلطان ، الى الاداب والى ...... الخ ، كل ذالك مظهر من مظاهر التمدن الانساني الذي تناولته الاطروحة الاسلامية على اساس انها ادواتها القانونية المدنية التي بنت عليها روح الاحكام الاسلامية المتنوعة ، ولذالك جاء النص القرءاني مشيرا الى هذه الحقيقة ولكن من الجانب الاخر عندما قرر :(( وأجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله )) في شأن الاعراب واهل البوادي ، من منطلق ان هذه الاحكام والحدود الالهية المنزلة على الرسول الاعظم ص من قبل الله سبحانه لاتصلح بالمطلق للاعراب باعتبار انها نزلت لواقع متمدن غير واقعهم المتعرب ، وبدلا من تعليمهم الاحكام القانونية التي نزلت لمعالجة مشاكل التمدن او المشاكل الناتجة من حياة المدينة ، بدلا من ذالك ، يجب العمل على نقل هؤلاء الاعراب من واقعهم المنفلت الى واقع المدينة او من واقعهم الفكري المتحجر والمتعرب الى واقع الاسلام الفكري المتمدن لينخرطوا في حياة التمدن من جهة ويخضعوا لقانون الحضارة بدلا من قانون الصحراء من جهة اخرى !.كذالك الحال عندما نقول : ان الانسان المتمدن هو فحسب من بامكانه الارتفاع بالاسلام فهما وعملا وتطبيقا ، فهذا ايضا من ضمن التجانس الطبيعي بين الاسلام صاحب المشروع المدني من جهة ، والانسان المتمدن الذي يعتبر من انتاج المدن وحياة المدنية ، والعكس صحيح ايضا عندما نقرر : ان الانسان الاعرابي والاخر القبلي هو من ابعد الناس عن فهم روح الشريعة الاسلامية والقدرة على النهوض بواقع الاسلام الاجتماعي والفكري والعلمي ، وهذا من منطلق ان انسان القبيلة وابن التعرّب لم تهيئه المدنية ليتلقى الاسلام المدني بنوع من التلقائية الطبيعية ، وانما بالعكس صقلته القبلية وطغت عليه روح التعرّب لدرجة حولته من انسان بالامكان التفاعل منه مع روح التمدن الاسلامية ، الى كائن نافر من روح التحّضر وناقم على حياة المدن ومتربص بابناء المدينة للانقضاض على مدنيتهم ومن ثم تدميرها ان امكنه ذالك ، باعتبار انها الملمح الذي يعبر عن انسان المدينة والهوية المدنية !.ان انسانا اعرابيا بدويا لم تخلقه روح المدينة ومشاريع التحضّر ، ليس بامكانه بطبيعة الحال ان يتفاعل مع اسلام هو اساسا وليد الروح المدنية ونظامها القانوني المعقد ، كما ان انسانا نشأ وترعرع داخل اسوار المدينة وشرب من مياهها الاجتماعية لاريب سوف يكون الاقرب لروح الحكم الاسلامي وفهم مقاصده والتفاعل مع تعقيداته المدنية !.بل ان انسانا اعرابيا شملته تربية القبيلة وغذته ثمرة التعصب ليس فحسب هو ليس صالحا لحياة الاسلام المدنية ، او انه غير قادر على خدمتها بصورة صحية فحسب ، بل انه الانسان الذي ينبغي حماية الاسلام المدني من عبثيته العقلية والسلوكية الاخلاقية ايضا ، فهذا انسان يحمل الضد النوعي التربوي والفكري والاخلاقي والاجتماعي البدوي لحياة الاسلام المدني نفسه ، ولهذا كله جاء النص القرءاني مشيرا الى وجوب الحذر من تعليم ابن القبلية الفكرية احكام وحدود الاسلام التي انزلها الله سبحانه على رسول المدينة بقوله :(( واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله ..)) ليس من منطلق البخل بتعليم جاهل ، وانما حماية لحكم أسلامي اراد الله توظيفه لبناء المجتمع وليس لتدميره ، ويبدوا ان ابن القبلية الاعرابية بدلا من توظيف الحكم الاسلامي ببناء المدن وانشاء الحضارة والدفع نحو التقدم الانساني ، هو من سوف يوظف الحكم الشرعي لتدمير المدينة وتهشيم الحضارة وجرّ الاجتماع الانساني من التقدم الى التخلف ، وهذا بالفعل ما حصل تاريخيا وحتى اليوم عندما تعلم الاعراب حدود ما انزل الله سبحانه على رسول المدينة محمد ص ، فعاثوا في الارض فسادا بأسم الدين وتطبيق حدود الشريعة ، وبدلا من التطلع الى المستقبل والبحث في ادوات تطويره وتقدمه ، وجدنا انفسنا حسب الفهم البدوي للدين مرغمين على الرجوع لحياة الاسلاف الصالحين من الاباء والاجداد كنموذج رأى ابن التعرّب والقبلية انه الاصلح لحياة الاسلام والانسان في هذه الحياة !.ان محمدا رسول الله ص لم يكن عابثا مطلقا عندما قرر انه (( مدينة علم )) وانما كان واعيا تماما لأختلاف الاسلام المدني عن غيره الاعرابي ، لذا أكد بكل قوة على مصطلح (( المدينة )) ليقرر لنا قاعدة اجتماعية اسلامية الاهية مهمة جدا تقول : اعرض المدينة على الاسلام ، واعرض الاسلام على المدينة ، فما توافق منهما فخذ به كشريعة الاهية ، وما تخالف او تناقض بينهما فاتركه فانه زبد من عمل الاعراب والبداوة الشيطانيةف (( أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) او كما الحديث في رواية اخرى باختلاف في :(( انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد المدينة فليأت الباب )) والحقيقة انا ممن يميل الى رواية (( فمن اراد المدينة فليأت الباب )) فهنا الرسول المدينة وعليّ باب هذا التمدن والرقي الحضاري للاسلام المحمدي العلوي المختلف بطبيعته عن اسلام القبيلة والتعرب اليوم !.
al_shaker@maktoob.com

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب-3

اولا : محور أنيّة الرسالة المحمدية . في هذا المحور من محاور الحديث النبوي الشريف :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ...)) تطالعنا تلك الانيّة الرسالية المحمدية الشريفة في قوله ص : (( أنا )) وهي تعبر عن الهوية الشخصية للرسول الاعظم محمد ص ، وعادة ما تستخدم مفردة (( أنا )) في الخطابات اللغوية والشرعية الاسلامية في مضمار التأكيد على الهوية الفردية ، لامن منطلق الفردية الانانية التي تريد تأكيد الذات مقابل الاخر ، كالتي - مثلا - نجدها في الخطاب القرءاني المنسوب لابليس اللعين عندما يقول قرءانيا :(( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) !. لا .... ليست هذه الانيّة الرسالية المذكورة في حديث محمد رسول الله ص (( انا مدينة العلم ...)) من هذا الصنف من الانانيات المادية التي ترى الذات متفوقة على
الاخر عنصريا ، وانما تلك الانيّة الرسالية تنتمي الى الأنا التشخيصية للذات الانسانية ، فهي كالهوية التي تؤكد الذات من جانب وتعرّف الهوية من جانب آخر ، او هي أنيّة تشبه كثيرا الانية التي ذكرها يوسف عليه السلام قرءانيا ، عندما دخل عليه اخوته في مصر وهم منكرين له غير عارفين بشخصيته الواقعية ، وعندما لاحت لهم أمارات وقرائن تشير الى شخصية ذاك الغائب المغدور قال اخوة يوسف ع على سبيل الشك والحيرة متسائلين ومستنكرين ومستفهمين :(( قالوا أءنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي ...)) !.فهذه الانيّة الرسالية اليوسفية ع هي هوية شخصية تؤكد معالم وملامح الانسان الذي هو مشكوك بهويته الشخصية ، وكأنما هي جواب لسؤال عن الهوية الماهوية لهذا اوذاك من الناس والبشر ، فهي في معرض سؤال : من تكون انت ؟.هنا وفي هذه الانية تكشف لنا ال (( أنا مدينة العلم )) الرسالية المحمدية جوابا على من يسأل عن الهوية المحمدية الشريفة بصيغة : من هو محمد رسول الله ؟.او ربما واذا وقف اي انسان امام محمد الرسول ص ليسأله : ما أنت يارسول الله ؟.فيكون الجواب تعريفيا وتشخيصيا وماهويا بالقول :(( أنا مدينة العلم ...)) !. وكأنمكا هذه ال (( أنا )) الرسالية فعلت فعلين فكريين في مخيلة السائل :الاول : أكدت الشخصية المحمدية لكل سائل غير مستيقن من جهة الهوية ، كالتي اكدته :(( أنا يوسف وهذا أخي )) .ثانيا : أعطت الصفة النهائية للشخصية المحمدية ،ألا وهي هوية العلم ، ليصبح محمدا بعدما كان انسانا ليتحول الى مدينة من العلم !.او بمعنى آخر تهدف هذه الانيّة الرسالية المحمدية في (( أنا مدينة العلم )) الى القول : ان الشخصية المحمدية الرسالية وكذا الهوية الواقعية التي استقرت عليها هوية محمد الرسول ص هي انه مدينة من العلم ، فمن اراد ان يعرف او يدرك او يفهم محمدا رسول الله ص ، فعليه ان يدرك هذه الشخصية العظيمة من خلال هويتها الواقعية الا وهي العلم فحسب !.او بمعنى مغاير : ان هذه ال (( أنا )) التأكيدية حاولت حصر الهوية الشخصية لمحمد العظيم ص في أطار الهوية العلمية للشخصية المحمدية الرسالية كي لاتتفرق السبل بمن يريد البحث عن محمد الرسول ص ، وان لايبحث عنه ص في السياسة او في المال او في الحرب ..... او في باقي مجالات الحياة الانسانية الاخرى لحياة محمد الرسول ، باعتبار ان محمدا ص نفسه قد حسم الامر في هويته الواقعية وليقول بما معناه : من اراد البحث عن محمد الرسول في زوايا الحياة المتعددة فلايذهب بعيدا ، وانما عليه البحث عن محمد كمدينة علمية ، فمن اراد معرفته فعليه بالعلم كي يكتشف محمدا الكامل من خلال تلك المدينة العلمية التي تضم كل شيئ !.ان منطلق مثل هذا الفهم والادراك لمضمون مفردة ((أنا مدينة العلم ..)) واخذ هذه الانيّة على اساس انها مقدمة لتأكيد الهوية الرسالية ، والتقرير على اساس انها هوية علمية فحسب ، هو الذي يؤهلنا كباحثين لمعرفة لماذا كان :(( وعليّ بابها ..)) في الحديث الشريف ؟.نعم لماذا كان عليّ بن ابي طالب لاغير هو من يصلح لأن يكون بوابة مدينة العلم الرسالية ؟.ان الجواب هو: ان ليس هناك كعليّ بن ابي طالب ع في الكفاءة العلمية في الصحابة ليكون :(( باب مدينة علم الرسول )) او ليس هناك في صحابة محمد الرسول ص قاطبة من هو صالح لأن يكون الباب لمعرفة الهوية المحمدية العلمية الحقيقية غير علي بن ابي طالب ، فعلي ع هنا هو صاحب هوية متشابهة تماما بهوية الرسول محمد ص العلمية ، ولايدرك العلم الا ذويه ، ولهذا كان علي ّ بن ابي طالب ع حلقة الوصل بين من يريد معرفة محمد رسول الله ص المعرفة الشخصية الكاملة ، وبين محمد رسول الله مدينة العلم الواسعة ، ولهذا كان تتمة الحديث :(( وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) !.اي من اراد ادراك شخصية محمد الرسول الواقعية وهويته الانسانية العلمية ، فعليه بسؤال علي بن ابي طالب ع عنها المتخصص بعلم الوحي والنبوة ، والعالم بمداخل ومخارج مدينة العلم المحمدية الرسالية هذه !.وهنا ربما يتبادر الى ذهن اي انسان مفكر سؤال : وهل يعرف محمدا رسول الله ص غير علي بن ابي طالب ع ؟.الجواب نعم : هناك من يعرف محمدا رسول الله ص ، الزوج ، أو المقاتل ، او السياسي ، او التاجر ، او الامين ، او الصادق ، او الصديق ، أو ......، لكنّ علي بن ابي طالب ع وحده من يعرف محمدا رسول الله مدينة العلم المتعددة الاوجه والواسعة الطرق والازقه ، والمختلفة الافكار والاتجاهات ، والعميقة الحركة والطبقات ....... الى باقي شؤون اي مدينة انسانية تتعدد فيها اوجه المدنية والحضارة ، وهكذا محمد رسول الله الذي يعرفه ويعرّفه علي بن ابي طالب للاخرين ، فهو محمد رسول الله الذي يُعرف حق معرفته ، وليس هو محمد رسول الله الذي نعرف منه وجه وتغيب عنا اوجه رسالية وعلمية كثيرة من حياة محمد رسول الله العلمية ص ، ولذا جاء في الاثر عن الرسول الاعظم انه قال لعلي ع :(( ياعلي لايعرفك الا الله وانا ، ولايعرفني الا الله وانت ولايعرف الله الا انا وانت )).اي : ان معرفتنا ببعضنا والبعض الاخر معرفة مختلفة عن معرفة الاخرين بنا ، ولايعرفني حق المعرفة من لايأخذ التعرف عليّ منك ياعلي ، ولايعرفك من لايأخذ مني تعريفك ، وبالطبع لايعرف الله من لايأخذ معرفته سبحانه مني ومنك !.أذن : (( أنا )) وكخلاصة لمضمون الحديث النبوي الشريف استهدفت بعدين من شخصية محمد الرسول العظيمة :الاول : هي انها أكدت الشخصية المحمدية العلمية .وثانيا : حصرت هذه الشخصية بالهوية العلمية !.ثم لتأتي مقولة :(( وعلي بابها )) لترسم لنا طريق التعرف الكامل على مدينة الرسالة المحمدية هذه !.تمام : الكثير منّا اخذ بالصورة الناقصة لمحمد العظيم لا لسبب الا لانه تعرّف على رسول الله محمد ص من غير الباب الصحيح لمعرفته ص وهو باب علي بن ابي طالب ع !!!.
al_shaker@maktoob.com.

مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأتي الباب - 2

غالبا ماتحمل احاديث رسول الله محمد ص وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام عمقا ونورا يكاد يضيئ في العقول الانسانية حتى كأن احاديثهم الشريفة نسخة أما من علم عظيم ، او هو نسخة من واقع غائب لايناله قبل اوانه سواهم عليهم السلام جميعا ، وهذه حقيقة قد اشار لها بعض أئمة المسلمين من اهل البيت الكرام عليهم السلام عندما قرروا : ان لاحاديث الرسول واهل بيته نورا يلامس القلوب والعقول معا !. وهكذا القرءان الكريم عندما يتحدث عن فعل الرسول محمد ورسالته العظيمة للبشرية وفي البشرية جمعاء ، فأنه لايغفل الاشارة الى ان هذا الرسول وهذه الرسالة أتت لتخرج الناس من ظلمات الجهل الى نور العلم !.
فالرسول نور وحديثه نور ووجوده نور وحركته نور ....... ، فمن الطبيعي ان يكون لكلامه نورا يلامس شغاف قلوب العلماء وأصول ادمغتهم الفكرية والشعورية والنفسية والروحية ايضا !.نعم يحلّ محل الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم بعد رحيله من هذه الدنيا والحياة بذرتا نور الاسلام والهداية وهما القرءان وأهل بيت الرسالة لقول رسول الله ص :(( أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدا )) !. وهذا القرءان نور ، واهل بيت الرسالة علم ناطق ونور كامل لتكتمل دائرة نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور !.هنا وفي مثل هذه الاجواء الفكرية العميقة يصادفنا وفجأة قول الحبيب المصطفى محمد ص لعلي بن ابي طالب ع :(( أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد العلم فليأت الباب )) فياترى ما الدواعي والاسباب التي دفعت محمد رسول الله ص ليقول هذه المقولة !.لاتذكر كتب الحديث الاسباب الواقعية التي حركت هذه المقولة للرسول الاعظم محمد ص ، مع انه لاشيئ في حياة النبوة والرسالة بلا سبب وجيه ، وبالخصوص مايختص بنطق الرسول الاعظم محمد ص الذي لاينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى ، ومن المعقول جدا على هذا الاساس ان نفهم ان هناك مقدمات هيئت لحديث الرسول الاعظم محمد ص (( انا مدينة العلم وعلي بابها ..)) للخروج الى واقع الحياة الاجتماعية الاسلامية انذاك ، ولا اقل ان اردنا فهم الحديث بصورة علمية وواقعية رسالية ان نفترض : ان هناك سؤالا كان يطرح حول ظاهرة العلاقة الحميمية جدا بين عليّ بن ابي طالب من جهة وبين محمد رسول الله ص من جهة اخرى ، وهل هي علاقة نسبية فقط ؟.أم ان هناك شيئ اعمق بكثير يربط بين محمد رسول الله وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب ع؟.فكان الجواب الرسالي المحمدي على مثل هذه الاسألة الافتراضية تقول :(( انا مدينة العلم وعلي بابها ...)) وكأنما الجواب يريد قول الاتي على لسان رسول الله محمد ص : لاتعتقدوا ان علاقتي الحميمية بيني وبين اهل بيتي وبالخصوص مع عليّ بن ابي طالب هي من منطلق العاطفية فحسب ، او لمجرد العلاقة النسبية لاغير !.لا ... وانما هناك علاقة ارقى واعلى منزلة من ذالك ، وهي العلاقة الرسالية العلمية التي تربطني مع عليّ بن ابي طالب ، فأنا رسول أحمل مدينة من العلم واسعة ، وعليّ بن ابي طالب باب هذا العلم الرسالي الذي هيئه الله لحمل علم الرسالة من بعدي ، ولتدخلوا هذا الباب سجدا ان انا انتقلت الى الرفيق الاعلى ، وعلى هذا الاساس المتصل بتبليغ الرسالة والعلم والوحي والدين والشريعة ، كانت العلاقة الحميمية التي ترونها بيني وبين علي بن ابي طالب ، ولهذا أقول :(( أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب ))!.او ان هناك على فرض سؤال قد طرح في زمن الرسول محمد ص ، او انسان قد تحرك بعدائية نحو علي بن ابي طالب ع متسائلا عن : من يكون هذا العلي بن ابي طالب وموقعه في الحياة والاسلام ؟.وعلى هذا جاء قول الرسول الاعظم محمد ص شارحا منزلة علي بن ابي طالب في هذا الدين وهذه الشريعة ، فكان قول الرسول جوابا لسائل قد جهل منزلة علي بن ابي طالب الدينية ، ليقول (( علي باب مدينة علم الرسالة )) فافهم !.وعلى اي حال أردنا فهم الواقع الرسالي النبوي في مثل هذه الاسألة التي تلاحق الاسباب الواقعية التي حركت من مكانة الرسالة والنبوة المحمدية لتلقي لنا هذه الجوهرة المحمدية بحق علي بن ابي طالب عليه السلام !.ولكنّ هل هذا كل النور الذي يحمله حديث :(( انا مدينة العلم وعلي بابها ...)) ؟.أم ان هناك الاكثر يحمله مضمون هذا الحديث الشريف بين طياته ، ليطلعنا فيما بعد على سعة المقول المحمدي وشمولية ادراكها الربانية ؟.بالطبع هناك الاكثر في مثل هذه الاحاديث النبوية الشريفة والعالية المنزلة ، ولاأقل من تناول ستة محاور فكرية لهذا الحديث النبوي الشريف نرى انها من الاهمية بمكان جيد بحيث يشير لها الحديث نفسه باعتبار انها عناوين رسالية اسلامية مهمة يجب الالتفات لمضامينها الفكرية ، وهي الاتي :اولا : محور أنّية الرسالة المحمدية . ثانيا : محور رسول المدينة . ثالثا : محور مدينة العلم وعلم المدينة .رابعا : محور تشبيه الرسول بالمدينة .خامسا : محور باب المدينة عليّ ع .سادسا : محور علم عليّ المدني .
al_shaker@maktoob.com

انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب - 1


لهذا النص الرسالي المحمدي قصة أطول من الطويلة في كتب الحديث وكتب التجريح والتخريج ، وكتب التفسير والتأريخ ، وكتب ذاكرة المسلمين وغير المسلمين ايضا ،وعلى اي حال يبدو ان مخترعي القصة برمتها كأنهم استكثروا على عليّ بن ابي طالب ان يكون (( باب مدينة علم الرسول محمد ص )) مع انهم وفي الجانب الاخر لاينفون منزلة عليّ بن ابي طالب عليه السلام العلمية ، ولاينفون ان الرسول قال (( عليّ اقضاكم )) ولاينفون مقولة الخليفة الثاني عمر :(( لولا عليّ لهلك عمر )) ولاينفون مقولة حبر الامة وترجمان القرءان عبدالله بن عباس عندما سئل : اين علمك من ابن عمك ؟. قال كقطرة في بحر !.
ولاينفون ....... الخ ، كل ذالك ، ولو جمع ما لعلي بن ابي طالب من فضل في حديث الرسول الاعظم محمد ص لغصتبه مجلدات ضخام كان احدهم يبحث عن نصف حديث فضل منرسول الله ص فيه فلم يجد ولكنهم عندما يصلون الىحديث رسول الانسانية محمد ص :(( انا مدينة العلموعليّ بابها ...)) ترتعد فرائصهم وتختلط عقولهمويهيمون في بطون الكتب للبحث والتنقيب عن من يضعفاو يكذ ّب هذا الحديث ويرميه بالوضع والتدليساوربما بالاشتباه والاختراع المفتعل !.والحقيقة لاأعلم ماهي الغاية التي يبتغيها أؤلئكالمشككون بمتن هذا الحديث او سنده ؟.فأن كانت الغاية انقاص عليّ بن ابي طالب منقبة منمناقبه ، فياليتهم طعنوا بعليّ ع بغير ساحة العلم ،فعلي بن ابي طالب ع هنا لاشك في اعلميته المطلقة علىجميع صحابة رسول الله محمد ص وبشهادة كل أؤلئكالاصحاب من السابقين واللاحقين لهم ، ولا اقل كدليلعلى ما ندعي من أخذ خطبة واحدة من تراث علي بن ابيطالب العلمي من نهج البلاغة او غيره ومقارنته معخطبة اي صحابي( هذا اذا كانت لهم خطب تذكر ) اخر لترىالفرق بنفسك بين الثرى والثريا ونجوم السما وحصىالبادية ، فمن هو هذا الصحابي الذي يرتقي لمنزلةعلي بن ابي طالب العلمية ؟.ومن هو ذاك الذي يدعي :(( أسألوني قبل ان تفقدوني ))غير علي بن ابي طالب ؟.وأنا اعتقد فيما أعتقد ان هناك وفي عصرنا الحديثاناس يعلم الله بشكلهم الواقعي وهل هم من ابناء ادمأم من خلق آخر تفوقوا حتى على اعدى اعداء علي بن ابيطالب من ال أمية ، فعندما كان يسأل معاوية ابن آكلةالاكباد عن عليّ بن ابي طالب ع وهو العدو الاولللشجرة الملعونة في القرءان ، فأنه كان يقول رغماعن انفه في علي بن ابي طالب :(( والله مافتق الفصاحةلقريش الا الاصلع البطين !.)) فاين هذا من عتاةالجهلة في العصر الحديث عندما يقرأ او يسمع حديثرسول الله محمد ص :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ..))تأخذه نوبة شبيهة بالذي يتخبطه الشيطان من المس ،وكأنما هو كائن يرى في علي بن ابي طالب ع عدوهالفطري ومنذ الرضاعة والفطام !.أو ان علي بن ابي طالب لايستحق هذه المنزلة العلميةالرفيعة التي تجعل من الرسول الاعظم محمد ص يشيدبكفاءتها الفكرية وميزتها العلمية بعد علم الرسالةالمحمدية الواسع !.ولايدري هؤلاء المساكين من عصرنا الحاضر ان هناكفي علي بن ابي طالب من الاحاديث النبوية والمناقبالمحمدية والشمائل العلوية ، ماهو فوق حديث : (( انامدينة العلم وعلي بابها ...)) بأكثر من الكثير منزلة !.فما الرأي اذا قرأنا قول الرسول محمد في عليّ بنابي طالب ع :(( ياعلي لايحبك الا مؤمن ولايبغضك الامنافق )) !.فهنا عليّ بن ابي طالب وفي هذا النص قبة الميزانالتي تفرق بين الحق والباطل وبين الايمان والنفاق ،فماهو المفرّ ؟.وماهو المهرب لهؤلاء الجهلة ان رجعنا للقرءانالكريم قول رب العالمين ، واخذنا اية التطهير(( انمايريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ..)) وايةالمباهلة (( فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكمونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل...)) وايةالتصدّق بالخاتم والولاية (( انما وليكم اللهورسوله واللذين امنوا ....)) ...... وقول ابن عباسالمروي من كلا الطرفين سنة وشيعة : مامن اية تبدأ في(( يايها اللذين أمنوا )) الا كان عليّ بن ابي طالبعلى رأسها !.فهل بعد ذكر القرءان لفضائل علي واهل بيته ع فضليذكر بعد هذا ؟.اذن ماهو المبرر الذي يدفع بالكثير الذين هم للحقكارهون ، بأن يستكثروا على عليّ بن ابي طالب ع انيكون هو وليس غيره (( باب مدينة علم الرسول محمد ص ))؟.وربما كان المبرر لؤلئك وهؤلاء من جهلة العصرالحديث انهم رأوا في الحديث (( وصية )) ومدخل وحيد يجباخذ علوم الرسالة المحمدية منه ، ولذالك ارتعبوا فيتصور : وجوب الرجوع لعلي بن ابي طالب ع في اخذ علومالشريعة الاسلامية ، من منطلق قول الرسول محمد ص :((انا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأتمن الباب )) فلهذا وجدوا انفسهم في مأزق عبادة :(( اناوجدنا اباءنا على أمة وانا على آثارهم مهتدون /الزخرف/ 22)) فأين يذهبون بعلم او بلاعلم غير عليّ بنابي طالب ع الذي اسسوا عليه اديانهم وشرائعهمالمتناقضة ؟!.لكنّ حتى على هذا الفرض والفهم لحديث :(( انا مدينةالعلم وعلي بابها ..)) وحصر باب العلم الرسالي بعلي ع، نقول حتى على اساس هذا الفهم الذي هو خاطئ من وجهةنظرنا لمضمون الحديث الرسالي الشريف ، ومع ذالك كانينبغي على هؤلاء وأولئك الجهلة من الطاعنين فيالسند والمتن لغاية في انفسهم وهروبا من مأزقهم ،ان يروا في هذا الحديث نعمة لهم لانقمة عليهم !.فأين هم من فهم عمر بن الخطاب الخليفة الثانيللمسلمين عندما كان يرى في علم علي بن ابي طالب نعمةللخلافة وللمسلمين مابعدها نعمة ، حتى انه كان يدعالله سبحانه وتعالى ان لايبقيه لمعضلة ليس لها ابوحسن !.هل يرى هؤلاء الجهلة كيف هم يخالفوا حتى ساداتهموكبرائهم في هذا الطريق ؟.فأن كانوا حقا اتباع السلف ومن التابعين للصحابةبشغف والملتزمين باصحاب الخلافة والسلطان بقوة ،فلماذا خالفوا عمر في علي بن ابي طالب عندما كان يرىعمر ان عليّا ع باب مدينة العلم الذي لاغنى منالدخول منه لمعرفة الشريعة والاسلام !.ولماذا لايرى هؤلاء الجهلة ان حصر الرسول محمدلباب علمه في عليّ ع هو باب رحمة يدخلون منه لفهمالشريعة والاسلام وحكم القرءان الاديان كما فهمهعمر وادرك ان بقاء علي في هذه الحياة هو بقاء لعلمالدين وغيابه غياب الحجة والبرهان لذالك قال :((لابقيت لمعضلة ليس لها ابو حسن )) !.أما ان كان المبرر لنفي الحديث والقدح بسندهوالغمز لمتنه ومضمونه هو التكبر والعناد واستحسانالنقيصة في عليّ بن ابي طالب كي لايكون افضل من غيرهمن الصحابة ، فهذا فضلا من انه جهل مركب هو كذالكجحود لنعم الله سبحانه العظيمة ، وألا ان لم نأخذديننا من علي عن رسول الله محمد ص وهو الصادق المصدقوربيب رسول الله والاسلام واخ رسول الله ووصيه ومنالسابقين السابقين .....الخ ، فمن اين يمكن ان نأخذالدين والشريعة والاسلام والمنهج ؟.من صحابي فاته نصف الدين ؟.او من اعرابي تعلوه النساء فقاهة وعلما ؟.أم من الطلقاء اللذين ادخلوا لهذا الدين عنوة وتحتلوامع سيوف المسلمين وفتحهم عام فتح مكة ؟.حقا ان علي بن ابي طالب عليه السلام نعمة مابعدهانعمة ، فهو الامين على الشريعة ، وهو باب المدينةوالحكمة ، وهو مع القرءان والقرءان معه ، وهو اخوالرسول وهارون من موسى ، وهو القائل : أعرف الحق تعرف أهله
al_shaker@maktoob.com