الخميس، يوليو 25، 2013

(( يسقط يسقط حكم الدعوة !!)) حميد الشاكر

(( يسقط يسقط حكم الدعوة !!)) حميد الشاكر


أخشي ما اخشاه ان توصل السياسات اللامنطقية ، وللامعقولة واللامدروسة واللامفهومة.. التي تتبناها قيادة حزب السلطة الحاكم في العراق من الاخوة الدعاة الاسلاميين الشعب العراقي ليسلك سلوك الشعب المصري في ثورته ضد حكم الاخوان المسلمين  !
كما انني بالفعل بدأت أخشى ان افتح القنوات الفضائية العربية والعالمية في صباح يوم ليس له اي ملامح فافاجئ بشعار (( يسقط يسقط حكم الدعوة )) وهو يُرفع بسواعد شباب وشيب ونساء واطفال العراق تعبيرا عن غضبهم الذي وصل الى نهاياته من جراء الحكم الفاشل لجهلاء الاسلاميين ، ليفيض في شوارع بغداد وباقي محافظات العراق الاخرى  وهي تطالب من خلال ((ثورة شعبية)) باسقاط حكم حزب الدعوة الاسلامية في العراق !!.
في مصر كان شعار (( يسقط يسقط  حكم المرشد )) تعبيرا سياسيا وفكريا لما وصلت له مصر من تمزق ومن انهيار ومن ارهاب فكري  ومن تردي للخدمات  ومن همجية وانغلاق ومن حكم للقاعدة وللهجرة والتكفير لمصر ومن ...الخ  تحت حكم قيادة الارشاد في جماعة الاخوان المسلمين بزعامة السلفي محمد بديع !!.
 فهل ياترى سيكون شعار (( يسقط يسقط حكم الدعوة )) هوالتعبير الانسب للشعب العراقي في ثورته القادمة ضد الفساد والفوضى والارهاب والجهل والتخلف والكذب...البارزفي حكم الدعاة للعراق بقيادة الامين العام للحزب نوري كامل المالكي ؟.
ام ان في الموضوع تباينات كبيرة تفصل بين حكم الاخوان في مصر وحكم الدعاة الاسلامويين في العراق ؟.
يبدو لي ومن خلال ما استمعت اليه في آخرلقاء للامين العام لحزب الدعوة الاسلامية الحاكم في العراق السيد نوري المالكي رئيس الوزراءالعراقي ان القوم وكأنهم ابناء القوم حذو القذة بالقذة في كل شيئ وزيادة تقريبا !!.
ففي النموذج الاخواني كان الامام حسن البنا رحمه الله  هوالباني والمؤسس لجماعة اعطى من اجلها فكره وعمره وحياته شهيدا في سبيل الله والجماعة وهكذا اعطى بسخاء رعيل كامل من المفكرين والعلماء والادباء دمائهم في هذا السبيل ، لكن ما ان الت الامور الى (محمد بديع) وامثاله ليتسلموا قيادة الجماعة ومصيرها حتى راينا كيف ان الهمجية السلفية المنغلقة ، نسفت كل دماء شهداء الاخوان ، ومشروعهم من الاساس وبزمن قياسي غير مسبوق !!.
لايختلف الحال ، مع الاسف في حزب الدعوة الاسلامية ، الذي اجتمع على تاسيسه ابرز فيلسوف اسلامي في القرن العشرين( محمد باقر الصدر ) مع ثلة من اندرالمفكرين والعلماء والمثقفين  وبرعاية مرجعية غاية في التفاني والاخلاص للاسلام (( مرجعية الامام الحكيم قدس انذاك )) واهله ، وسالت في سبيل هذه الدعوة بحارا ، وليست انهارا من الدماء في العراق  من اجل المشروع والفكرة والاسلام والعدل ..... الخ ،  ولكن ماهي الا عقود ثلاثة واذا بالدعوة يتسنم قيادتها اناس ليس لهم اي علاقة فكرية اوعلمية او ثقافية (ولا اريد ان اقول اخلاقية) بالدعوة ومشروعها وتصوراتها وافاقها الرحبة  بل اناس غاية في الانغلاق والابتعاد عن الفكروالاجتهاد والكفاءة والتجديد ، ولا يملكون من الدعوة سوى قشرية الايمان الساذج والعاطفة القتالية التي تمتهن العمل السياسي بلا ضوابط ، ولارؤى ، ولا اي مشروع يمكن له ان ينهض باعباء الرسالة وتطبيق مبادئ دعواها على ارض الواقع !!.
نعم هناك فرق بين الاخوان في مصر والدعوة في العراق وهو ان الاخوان المسلمين في مصر تمت الثورة على حكمهم في مصر   لتتحرر مصر من اسوأ كابوس عاشته في تاريخها الحديث ،  بينما لم يزل الدعاة  في العراق يحكمون  بعد اكثر من عقد من الحكم الفاشل على جميع المستويات وبغض نظر واضح من العراقيين ،  وتجاوز عن اخطاءهم الفتاكة والمهلكة !!.
ميزة وسمة وصفة اخرى ، لايمكن اغفالها ايضا تجمع ، بين حكم الاخوان المسلمين في مصر ، وبين حكم الدعاة في العراق كذالك وهي :
صفة وميزة وسمة التخبط وعدم امتلاك الرؤية لادارة الحكم وغياب الكفاءة والغرق في الصراعات الحزبيةالضيقة والتكالب على مغانم السلطة ونسيان المبادئ والاسلام وحرمته والضياع والتنقل في التحالفات السياسية واختلاق المبررات لكل فشل ، ودفع البلاد في هاوية الصراعات ، والفتن والاستئثار بادارة السلطة ،  واقصاء الاخر وتهميشه ....الخ  ، كل هذه ايضا مميزات وصفات مارسها الاخوان المسلمين في حكمهم وكانت السبب الاصيل الذي اودى بهم الى الهاوية ، وهي نفس الصفات ، التي لازمت حكم الدعاة  في العراق منذ التغيير 2003م حتى اليوم !!.
بل وربما هناك الزيادة ، التي امتاز بها (حكم الدعاة)  في العراق عن حكم الاخوان المسلمين في مصر ، وهي زيادة الفساد ( باعتبار انه لم يذكر على حكم الاخوان في مصر : انه كان فاسدا ) ، الذي لم يشهد له تاريخ العراق السياسي الحديث مثيلا من لصوصية ، وسطو ، ونهب للمال العام ، وخداع وكذب في الوعود غير مسبوق بالقباحة وقلة الحياء ......  الى حتى حياكة المؤامرات على الدم العراقي ليعتقد بعض قادة الدعوة ، كرؤية استراتيجية بعد العجزعن تقديم اي انجاز خدمي اواقتصادي او سياسي للشعب العراقي :((ان استمرار حكمهم ومشروعيته وفاعليته... اصبح مرتهن ببقاء الوضع الامني غير مستقرفي عموم العراق لاشاعة روح (الرعب) داخل الاجتماع العراقي وابتعادهم عن اي مطالبة بمشروع تغييراو اصلاح نحوالاحسن)).
 وربما هذا مايفسر ماهية افتعال الازمات الامنية بين الحين والاخر لتفجير الاوضاع الامنيةوخصوصاقبل اي انتخابات في العراق ليخّيرالفرد العراقي بين ، اما الموت تحت مفخخات الارهاب في شوارع العراق ، واما انتخاب الموجود على الساحة السياسية العراقية مرة اخرى وان كان فاسدا وفاشلا وغير صالح للاستخدام الادمي في جميع الساحات السياسية  !! .
طبعا نرجو ان لايُدفع الشعب العراقي الى ان يرفع شعار :  (( يسقط يسقط حكم الدعوة )) ، وهذا منوط بالفعل (  قبل فوات الاوان ) بقادة هذه الدعوة والمسؤولين عنها امام الله وامام الشعب العراقي ، وذالك  بان يراجعوا كل ما يحملونه من فكر سياسي ، وممارسة فجة داخل الحكم اثبتت انها الاسوأ على مرّ تاريخ الحكم في العراق ، وان يلتفتوا ( ان ارادوا النصح ) الى ان سياساتهم ، والقادة المخططين لهذه السياسة في ادارة الحكم  في العراق من الجهل والتخلف والضمورالفكري بحيث انهم لايمتلكون حتى نعمة الاستفادة من التجربة الخاطئة فيكرروا خطئهم بشكل مفضوح ولم يوهبوا مع الاسف نعمة وموهبة التجديد في الفكر واليات عمله السياسي والاجتماعي ليضخوا روح  الحياة لحكمهم وتجربتهم الايلة للسقوط !!.

             
              

الثلاثاء، يوليو 09، 2013

((ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة)) المقالة الخامسة . حميد الشاكر

((ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة)) المقالة الخامسة  . حميد الشاكر

لا اعلم حسب اطلاعي المتواضع على مسيرة ، وتاريخ  حياة الملك فيصل الاول رحمه الله الفكرية والسياسية والعلمية... في الحجاز وفي تركيا ومن خلال تجواله في اوربا ، لفترة من الوقت وحتى استقراره في العراق : إن كان الملك (( فيصل الاول))  ملك العراق في العصرالحديث قد اطلع على ادبيات وافكار ، وفلسفات العالم الاوربي السياسية الحديثة ، أم لا ؟!، والتي نظرّت وتحدثت عن :
اولا: تاريخ نشأة الدولة وكيفية قيام كيانها  داخل تركيبة الاجتماع الانساني ؟
ثانيا : العوامل والاسباب التي دفعت المجتمعات الانسانية تاريخيا  لصناعة مؤسسة  الدولة ؟.
ثالثا : ماهية العلاقة  بين تلك الاسباب والعوامل ، التي حتمت وجود الدولة داخل المجتمع وارتباطها بوظيفة الدولة باتجاه المجتمع  في العصر الحديث ؟.
رابعا : مفهوم العقد الاجتماعي ، وتنظيمه للعلاقة بين الدولة  والمجتمع ؟.
...... الخ ؟!.
حقيقةً لم احط علما بماهية ومنسوب واطلاع فكر وثقافة الملك فيصل الاول على هذه الافكار والمفاهيم  والفلسفات الاوربية الحديثة ، التي مهدت لفكرة الدولة الحديثة ل(( لغرب الصناعي)) السياسي  اولا ، وادراك مفهوم كيفية بنائها ؟ ،. وحدود وظائفها ؟ ، واختلافها عن مفاهيم الدولة التقليدية ما قبل العصر الصناعي الاوربي ....  الخ ثانيا ؟ .
كما انني على غير يقين ما اذا كان الملك فيصل الاول مطلعاعلى هذا الفكر بكل مفاصله الفلسفية او السياسية ليكون رصيدا فكريا ومعينا سياسيا له في بناء الدولة العراقية الحديثة ، او تاسيس مشروعها الفريد انذاك ؟!.
أم ان الرجل كماوصفته في المقالة الاول هورجل سياسي بالفطرة وانه كما وصفه ((احمد حسن الزيات)) أقرب الى خلفاء الصدر الاول منه الى ملوك اليوم لاغير ؟.
لكن ما انا متيقن منه تماما ان الملك فيصل الاول كان يدرك بعمق (( معنى ومفهوم الدولة الحديثة)) ويميز بوضوح وظائف هذه الدولة ، وكيف ينبغي ان تكون لكافة  مواطنيها ؟ ، وماهو الطاقم الاداري (( التكنقراط )) النشط الذي ينبغي ان يديرها ؟ ، ولماذا هي يجب ان تكون مؤسسة ادارية خدمية للمجتمع لاغير بعيدا عن اي مؤثرات ايدلوجية او دينية او مذهبية او قومية او طبقية ... الخ  تؤثر على مشروعها ووظائفها وشرعيتها داخل المجتمع الانساني الحديث !!.

نعم بامكاني ان استخلص (من فكر)  المرحوم الملك فيصل الاول السياسي نفسه هذه المعاني والمفاهيم السياسية للدولة الحديثة لاكون مطمئناوواثقا من ان فكرالملك فيصل في انشاء دولة العراق الحديثة  كان يقوم او يحاول ان يقوم على :
اولا :  ( حيادية الدولة )  بين مواطنيها .
ثانيا : وعلى المهنية في مفهوم ادارة الدولة ، وكيف ينبغي  للعاملين داخل هذه المؤسسة ان يكونوا موظفين لخدمة مشروع الدولة فحسب .
ثالثا : ان يديرهذه الدولة من يملكون الفكر المعاصر والحياة النشطة القادرة على دفع الدولة والمجتمع الى الامام بدون اعاقة  او شلل او ارتداد بها الى الخلف   !.
رابعا : ان الدولة الحديثة  تقوم على المواطنة وليس على اي بعد فكري او ايدلوجي او ديني او طبقي او قومي .... اخر .
والحقيقة ان هناك ما هو اكثرمن هذه المحاورالفكرية التي تتميز بها مفاهيم الدولة الحديثة ، لكن هذا هو ما بان وبرز لنا واضحا من خلال ورقة الملك فيصل الاول على صعيد فكره السياسي الذي استهدف اقامة الدولة العراقية الحديثةعلى اُسس كان يرى الملك فيصل انهاالانسب لسيسولوجيةالمجتمعية العراقية المعقدة ، وتراكيبها المتناقضة فكريا ومصلحيا !!.
ومن هنا كانت وصايا الملك فيصل الاول  واضحة تماما ، ومؤكدة بالقطع على المفاهيم الاربعة المذكورة انفا ، والتي هي :
اولا : حيادية الدولة .
فالملك فيصل كان حريصا بشكل ملفت للنظرعلى ان يشعر الشعب العراقي بكل تراكيبه الاجتماعية على ان الدولة على حياد تام بين مواطنيها  وبعيدة عن اي ميل ديني او قومي او طائفي او طبقي .......  يكسر بحيادها لهذا الطرف او الفئة او الطائفة او القومية ....   على تلك ولهذا وجدنا منطوق الورقة يتحدث بصراحة عن ضرورة الالتفات من قبل العاملين بالدولة الى ( مشاعر العراقيين)  لا سيما العراقيون من الشيعة( كنموذج ) الذي ينبغي ان يشعروا : بان الدولة هي ايضا لهم ، كما هي لباقي المكونات العراقية ( سنية كلدانية اثورية كردية.... ) بلا تمييز او فصل او تفضيل لهذا الطرف على ذاك !!.
وقد خصّ الملك فيصل الاول في ورقته الشيعة العراقيين بالذكر وضرورة ان يشعرهذا المكون العراقي ب(حيادية وعدالة الدولة) بسبب ان الملك كان مدركا تماما لما قاساه  هذا المكون العراقي من (التمييز الطائفي) في العهد العثماني المباد وكيفية ان السُلط العثمانية التي كانت قائمة في العراق كانت من العسف والتمييز الطائفي بحيث همشت من دورهم وعزلت من فاعليتهم في ادارة الشأن العام العراقي وعمقت من عقدهم ضدالدولة ومشروع الحكم القائم ولهذا افرد الملك فيصل حديثا معمقا حول شعورالشيعة هذا وضرورة ان تقوم الدولة ، بمؤسساتها الحكومية الجديدة على تذويب هذا الشعور من خلال الاهتمام بالشيعة العراقيين ، وبمقدساتهم ، وانخراط ابنائهم في السلك الخدمي العسكري والسياسي والثقافي ....... للدولة ، كي يساهم هؤلاء في المقابل في بناء مشروع الدولة العراقية الحديثة العادلة ، والحيادية بايجابية وبلا عقد نفسية مسبقة !!.
وكل هذا جاء في (الفقرة الثالثة) من مقدمة ورقة الملك فيصل الاول عندما ذكرت الاتي :
((العراق مملكة تحكمها حكومة سنية ، مؤسسة على انقاض الحكم العثماني وهذه الحكومة تحكم قسما كرديا اكثريته جاهلة ، بينه اشخاص ذوو مطامع شخصية يسوقونه للتخلي منها (الحكومة ) بدعوى انها ليست من عنصرهم واكثرية شيعية جاهلة منتسبةعنصرياالى نفس الحكومة الا ان الاضطهادات التي كانت تلحقهم من جراء الحكم التركي الذي لم يمكنهم من الاشتراك في الحكم وعدم التمرن عليه والذي فتح خندقاعميقا بين الشعب العربي المنقسم الى هذين المذهبين  كل ذالك جعل مع الاسف هذه الاكثرية ، او الاشخاص الذين لهم مطامع خاصة ...... يظهرون بانهم لم يزالوا مضطهدين لكونهم شيعة ويشوقون هذه الاكثرية للتخلي عن الحكم ...)) .
ثم يعرّج الملك فيصل الاول على هذه النقطة  مرة اخرى في الفقرة الثانية من تفصيل الورقة ، ليضع المعالجات الكفيلة بتخفيف وطأة الشعور الشيعي العراقي بالتهميش وبانحياز الدولة لفئة على اخرى قائلا :
(( علينا ان نطمئن معنويات اخواننا الشيعة بالكيفية الاتية ، 1 ، توحيد ايام الصيام والافطار ..، 2 ، تعمير العتبات المقدسة حتى يشعروا بان الحكومة غير مهملة لتلك المقامات..، 3 ، رجال الدين الشيعة ( المراجع ) واشكالية ابتعادهم عن الانتفاع من موارد الدولة وجعل وقف خاص لهم ليتمكنوا من ادارة شأنهم المالي بعيدا عن الدولة ....... الخ / باختصار من ورقة الملك فيصل )) !.
وبالمحصلة وبالابتعاد عن التفاصيل التي ينبغي تسليط الاضواء عليها ليفهم قارئناالمحترم ما الذي كان يقصده الملك فيصل الاول ب((الاكثرية الشيعية الجاهلة ، والاكثرية الكردية .....)) ، وانه كان قاصدا الاكثرية الامية التي كانت مهيمنة على مجمل الشعب العراقي ( احصاء سنة 1922 م ، لوزارة المعارف /  خمن بان 5% ، فقط الذين يقراون من الشعب العراقي / انظر السويدي / مذكراتي / ص 100 / ط الثانية دار الحكمة ) يمكننا وعي هذه الاجراءات الفيصلية(الابتدائية) داخل الدولةالعراقية الحديثة بشأن المكونات العراقية المتنوعة ، ومناهضة شعورها بالغبن ، وضرورة ان يشعر الشعب العراقي ب(عدالة وحيادية)الدولة ليسهل انفتاح هذه المكونات على مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة بايجابية !.
واكثر من ذالك فان برنامج الملك فيصل الاول السياسي  وحسب ما ذكرته الورقة نفسها كان ذاهبا (هذا البرنامج )الى ادماج جميع المكونات العراقية بخطة عمل شاملة ،  تلملم شتات العراقيين في بودقة نظام تعليمي ووظيفي موحد ، يربط من متفرقات الثقافة والفكر ، والتعليم في العراق لينصهر هذا المجتمع بمجرى (( خطة عمل موحدة ))  بامكانها تنظيم التراتبية العراقية التعليمية والوظيفية لمكونات الاجتماع العراقي الوطني الموحد !!.
وهذا ما اشارت له (( الفقرة السادسة )) من التفصيل الذي تحدث عن نظام التعليم المدرسي والوظيفي  في العراق ، وضرورة ان يكون لكل العراقيين وان يصل الى كل مفاصل وشرايين العراق الجغرافية بلا تمييز بالقول :
((ارجوان تكون قضيةالمدرسة مطمئنة لكل سكان العراق بانهم سيشتركون فعلا في خدمات الدولةوالاشتراك في خيرهاوشرها مع اهل بغدادوالموصل / يشير الملك الى سياسة العثمانيين الطائفية ،  التي ميزت بعض المدن في التعليم والوظيفة طائفيا وحرمت الاخرين !!/ بصورة متساوية وتزول تهمة الحكومة السنية ، او العربية كما يقول اصحاب الاغراض من اكراد وشيعة )) !.    
نعم كذالك فان هذا الفكر الفيصلي الذي دونه الملك في هذه الورقة هو ايضا يدلل على علو فكر الملك السياسي على جميع العناوين  والمفردات القومية او الطائفية او الدينية ... النوعية داخل الاجتماع العراقي الحديث ، ويكفي دليلا على ذالك هذه اللغة التي تتحدث بصراحة عن ((الحكومة سنية )) في مقابل مكونات اجتماعية عراقية اخرى ، من حقها ان تشعر بالتهميش ومن واجب الدولة ان توفرالسبل لها للتعبيرعن ذاتها سياسيا وفكريا وعاطفيا من خلال التفات الدولة الى هذا الشعوروسلّ الاحتقان من بين اضلعه التاريخية ليحل محله الشعور ب(( حيادية الدولة العراقية )) الحديثة مكانه وليأخذ كل مكون (( من المكونات العراقية الاجتماعية)) موضعه الطبيعي في بناء هذه الدولة !!.
اقول هذه اللغة من قبل الملك فيصل الاول تدلل ايضا على ان هناك عقلية (( رجل دولة )) ينظر من علٍ لكل المكونات العراقية ويوازن بين مواقعها الاجتماعية ، والسياسية والاقتصادية ، ولا يهمل ما تشعر به هذه المكونات الاجتماعية وان كان خاطئا او واهما... ، الا انه يجب التعامل معه بشفافية كي تذوب جميع مفاعيله السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية ...... تحت مضلة الدولة المدنية التي هي ((  فن ادارة المجتمع وتقويته وتطويره وتماسكه واستقراره وتطلعه... الخ اكثر مما هي صانعت مصالح وتكتلات اجتماعية ومؤامرات وانقسامات حزبية او جماهيرية ))   !!.

ثانيا : المهنية في الدولة
...................
_____________________________
مدونتي تحتضن المزيد تحت هذا الرابط

الثلاثاء، يوليو 02، 2013

(( اخطاء مرسي اللتي نسفت مئة عام من نضال الاخوان السياسي ))

(( اخطاء مرسي اللتي نسفت مئة عام من نضال الاخوان السياسي )) . حميد الشاكر

في سنة 2010م ، عندما صعد المرشد العام للاخوان المسلمين من خلال الانتخابات، او من خلال اجتماع (اهل الشورى) داخل الجماعة  (( محمد بديع )) الى ارشادية الاخوان  بدلا من المرشد السابق للاخوان (( محمد مهدي عاكف )) كتبت مقالا يتناول ظاهرة تحول قيادة الاخوان المسلمين من جناحها المعتدل الذي اسميته ب(( البنائين )) نسبة للشيخ حسن البنا ورؤيته المرنة والواسعة والقابلة للتنوع الاسلامي الى جناحها (( القطبي )) نسبة الى افكار وتصورات سيد قطب السلفية الاقصائية التكفيرية !!.
وذكرت انذاك : ان هذا التحول (داخل قيادة الاخوان) ياتي في زمن حرج ومصر مقبلة على تغييرات جذرية !!.
والحق كان في بالي انذاك ان اي تغييرفي مصر في فترة المرشد(( محمد بديع ))وجناحه القطبي سيمثل كارثة مابعدها كارثة اذا تعامل هذا الجناح مع المتغير المصري بروح الانغلاق وعدم الانفتاح والمرونة والوعي !!.
وبالفعل قامت ثورة الشعب المصري في 25/ يناير/ 2011م على حكومة الرئيس (حسني مبارك)واسقطته الى غير عودة  ورحب الشعب المصري بكل الفعاليات السياسية المصرية بمافي ذالك الاخوان المسلمين وانحازت كثير من القوى العلمانية ، والليبرالية واليسارية لانتخاب (محمد مرسي) كمرشح اخواني في سبيل اسقاط مرشح الفلول ، كما عرف انذاك الفريق (احمد شفيق)ونجح (محمد مرسي) بالانتخابات بفارق ضئيل واستلم قيادة مصر ، ليستبشر المصريون والعرب والمسلمون خيرا بالعهد الجديد !!.
لكن ماهي الا اشهرقليلة وبدأ مسلسل الاخطاء الكارثية للرئيس المصري الجديد محمد مرسي تترى وقائعها حلقة بعد حلقة وفقرة بعد فقرة  وعلى جميع المستويات الداخلية المصرية والخارجية الاقليمية والدولية !!.
والحقيقة بدأ مسلسل الاخطاء الكارثية  للرئيس مرسي مبكرا جدا فما ان دخل الى القصرالجمهوري حتى راينا نزعةالتفرد بالسلطة تطغى على كل كيانه وبشكل ملفت للنظر من تهميش القوى الثورية الحقيقية من شباب واحزاب سياسية مصرية ساهمت في اسقاط النظام المبادالى تحالفه الغير مقدس مع مجموعات التكفيرالسلفي المنغلقة التي ارعبت جميع المكونات المصرية بخطابها الاجرامي التكفيري الاقصائي الظلامي المستفز الخارج عن المألوف والزمان والعصر ، والمدعوم من قبل دول البترول الخليجي التي تضمر السوء للاخوان المسلمين بالذات.... حتى الاعلان الدستوري والتصويت على دستور لم يرتضه كل الشعب المصري .... وهكذا الى ما لانهاية !!.
كنت اتسائل  وغيري ربما الكثير ايضا كان لهم نفس الاسألة والهواجس حول السياسة اللامتزنة مطلقا لهذا (( الرئيس الاخواني)) المسلم وكيفية ادارته لبلدكبيرومتنوع وصاحب حضارة كمصربهذه العقلية التي لاتعرفها حتى ادبيات الاخوان السياسية نفسها من زمن عاكف وحتى البنا !؟؟
ثم استمرت هذه الاسألة بالالحاح  اكثر ، فاكثر كلما فاجئنا الرئيس محمد مصري بخطاباته ، وسلوكه السياسي الذي لاينم عن اي عقلانية سياسية او رؤية سياسية تفهم معنى ان تقود بلد كمصر بحاجة الى روح سياسية جديدة مختلفة ومبتكرة وواعدة وبناءة !!.
ولا ادري حقيقة هل يعي الرئيس محمد مرسي ما ارتكبه وما زال يرتكبه من اخطاء حتى هذه اللحظة ؟ ام انه لم يدرك بعد لماذا هو اليوم في هذه الكارثة المصرية ، التي حلت على راسه  وعلى راس الجماعة الاخوانية معه لتتركه معزولا في الداخل المصري ومعزولا تماماعن الخارج العربي والاسلامي كذالك ؟.
كما انني بالفعل لا اعلم هل يدرك مرشد الاخوان المسلمين (محمد بديع ) وجميع اعضاء مكتب ارشاده المحترمين ، وبما في ذالك خط (( البنائيين المعتدل))داخل الجماعةواللذين همش دورهم مع الاسف في حقبة المرشد محمدبديع هل يعلم كل هؤلاءماذا يعني فشلهم الذريع في قيادة اول تجربة سياسية لهم في مصر الحديثة ؟.
وهل يدرك هؤلاء ((الاخوانيون))ما الذي فعلته بهم وبتاريخهم وبادبياتهم وبجماعتهم وبتضحياتهم ....   سياسات الرئيس محمد مرسي الهستيرية واللاعقلانيةوالتي بدأها بالتفردلتنتهي بهم كفصيل تكفيري يساهم بتقسيم هذه الامة المسلمة ( الى شيعي وسني) والتي استشهد في سبيل وحدتها الشيخ حسن البنا رحمة الله عليه !؟.
ماذايعني ان يقصي الرئيس محمدمرسي كل الفعاليات السياسية المصرية التي اوصلته لحكم مصر  لينفرد هو وبعض المقربين من جماعته بادارة بلد لا يتحمل الا الاعتراف بالتعددية والراي والراي الاخر ؟.
وماذا يعني ان يتحالف الرئيس ((محمد مرسي))   مع شرذمة منافقة من التكفيريين الوهابيين السلفيين...اللذين لايملكون اي مشروع بناء وسلام وعمران ، وديمقراطية ، وحرية  وكرامة وعيش .... للانسان وللاوطان بل لا يملكون سوى ((مشروع الفوضى)) ، وصناعة الفتن والدم والفرقة وتمزيق .... الخ المجتمعات داخل هذه الاوطان ليتخذهم بطانته وحاشيته والمستشارين لسياسته الداخلية ، والخارجية بينما هم  في الواقع الاقلية التافهة المسلط عليها اضواء الاعلام البترولي الخليجي لتضخيم حجومهم الوهمية ويكون الاقصاء بالمقابل حليف الاكاديميين واصحاب الاختصاص والمخلصين لمصر واهلها من امثال ((محمد البرادعي)) صانع الثورة في مصر ، والمؤسس لعصرها الجديد ، مع باقي الشباب المناضل ، والطيب والشريف الذي ساهم بالثورة بدمائه ؟؟.
ماذا يعني ان ينقلب الرئيس(محمد مرسي) على مبادئ الاسلامية العربية الواضحة  التي من اجلها قام الشيخ حسن البنا بانشاء الجماعة واخوتها ليصبح ((حليفا لاسرائيل))  ومعترفا بشرعيتها المغتصبة للارض العربية والاسلامية المقدسةولا نرى هذه الشدة مع اعداء البشرية والاسلام بينما نرى الغلظة  وتحريك الكراهية بين العرب ، والمسلمين والتحريض على قتلهم ، والافتاء بجهادهم في سوريا  لاسقاط نظامها الذي حمى المقاومة وناضل اسرائيل ودفع الاثمان الباهضة في هذا السبيل ؟.
ماذا يعني كل هذا ؟.
ماذا يعني ان يناهض الرئيس محمد مرسي الجمهوريةالاسلامية الايرانية التي ترجم مرشدها الاكبر الامام (الخامنئي)  كتب وفكر الشهيد سيد قطب ليطلع الشعب الايراني الكريم على تراث الاخوان  وفكرهم وحث فيلسوف الجمهورية الاسلامية ومؤسس دستورها الاسلامي الفيلسوف محمد باقر الصدر اتباعه ومقليده على قراءة كتب الاخوان والايمان بها ثم بعد ذالك يناهضها العداء والغمز واللمز الرئيس (محمد مرسي)  في سبيل ارضاء حفنة من ((المرضى والمستعمرين))  من دول الخليج البترولي التي يعلم مرسي انها اول من سوف تطعنه بالظهر ان سنحت الفرصة لذالك ؟!.
ماذا يعني ان ينتهج الرئيس المصري (مرسي) خطاب الكراهية والطائفية والحقد بين المسلمين والعرب ، وهو يعلم ما يعني ذالك من خطورة على وحدة مصر قبل وحدة باقي الوطن العربي والاسلامي وهويعلم ان الشيخ حسن البنا كان هو مستظيف الشيخ محمد تقي القمي في القاهرة للتقريب بين السنة والشيعة ، وهو يعلم ان من المحرمات  في الفكر الاخواني ان تقسم الامة الى مذاهب وطوائف فضلا عن خطاب الكراهية والاحقاد وهو يعلم ان مصر بحاجة لجميع العرب والمسلمين بغض النظر عن مذاهبهم واديانهم لمساعدة مصر ، وهو يعلم .....  ومع ذالك يقف كتفا الى كتف في مؤتمر هزلي حقير في ملعب مغلق  ليصف الشيعة بالانجاس ويصف المتظاهرين من شعبه بالمنافقين والكفار ، لتاتي القشة التي قصمت ظهر البعير بقتل اربعةمن مواطنيه المصريين الشيعةوالتمثيل بجثثهم وسحلهم في الشوارع من قبل انصاره من التكفيريين الوهابيين  وليجعل العالم كله ضد حكومةمرسي وما انتهجته من سياسةوخطاب محرض على الكراهية ؟!!.
هل وعى الان الرئيس محمد مرسي وقادة الاخوان المسلمين: ان من قتل الشيعة المصريين هم من قصد اسقاط مرسي وجماعته بالفعل ، وهم من ساهم فعليا بقيام الشعب المصري ، من جديد بثورة لاسقاط محمد مرسي والنظر اليه كفرعون من هذا الزمان ؟.
وهل وعى المرشد العام للاخوان المسلمين السيد ((محمد بديع)) ان اكبر خطيئة وقعت بها الجماعة ((منذ تاسيسها الى اليوم)) هي انسياقها خلف التيارات السلفية التكفيريةالتي خدعتهم باظهار الولاء لهم مع ان الاخوان انفسهم يدركون ان ولاء هذه التيارات الارهابية هو تابعا لاموال البترول الخليجية ، التي لم تزل تحيك المؤامرات ، لاسقاط  الاخوان واسقاط هذه الامة بمجملها وتركيعها للمستعمر الصهيوني كيفما كان  ؟.
نعم اليوم مشروع الاخوان المسلمين في مصروالعالم في خطرحقيقي واذا تم اسقاط (محمد مرسي) من رئاسة مصر على يد الثوار المصريين فهذا يعني حتما اجتثاث الاخوان المسلمين من مصروالى الابد والذي يعني من جانب اخر  : ان البناء الذي بناه الشيخ حسن البنا رحمه الله ، واستشهد في سبيله في مصر ليصارع الاهوال السياسية العاتية لاكثر من مئة سنة كل هذا العواصف والاقصاءات لم تستطع النيل من بناءالاخوان المسلمين وفكرهم ، ولكن استطاع الرئيس الاخواني محمد مرسي ان يسقط المعبد كله على رؤوس ساكنيه بسياسة سنة واحدة لاغير !!.

         http://7araa.blogspot.com/

مدونتي تتشرف بزيارتكم                         

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة))

(( ورقة الملك فيصل الاول لانشاء الدولة العراقية الحديثة)) المقالة الرابعة  . حميد الشاكر



كان الاديب والكاتب ، وصاحب النهضة الثقافية الحديثة في مصر (( أحمد حسن الزيات )) قد عمل في العراق في العهد الملكي بدار المعلمين العالية بعد تركه للجامعة الامريكية في القاهرة 1929 م  لتستقطبه بغداد بجاذبيتها الثقافية والفكرية والعلمية انذاك ، وليكون فيها استاذا للادب العربي في هذه الدار حتى 1933م ، وقد الف في العراق( الزيات ) كتاب(( الادب العربي وعوامله وحظ العرب من تاريخه )) ودرّس (( الف ليلة وليلة واثر الثقافة العربية في العالم )) !!.
وكانت للزيات مع ذالك  صلات وثيقة بالفكروالثقافة والحياة العراقية العامة وعندما ارادوصف حال الملك فيصل الاول في العراق ومسيرته ومشروعه السياسي وبناءه لدولة العراق الحديثة  في هذا البلد فما كان من قلمه الا ان رعف بهذه الكلمات الدقيقة :

(( اضطلع الملك فيصل وحده باعباء الملك والحكم والزعامة في هذه الحال المضطربة ، فكفكف بحكمته  من شر الانتداب ، وخفف بحنكته من عسف الوزارة ولطف بحلمه من غضب الشعب ، وصرف من شؤون الدولة على قدر مايسلم الراي الحصيف من خبث الاستشارة وضعف الوزارة  ثم سهل حجابه لأمراء العشائر ورؤساء الطوائف ، وزعماء الاحزاب  فاستل مافي صدورهم بالقول اللين والعتاب الهين والشخصية الجذابة ، حتى كان الرجل منهم يدخل قصره وهو عليه فلا يخرج منه الا وهو له )) .
((انظر/ مير بصري / اعلام السياسة العراقية في العراق الحديث / رياض الريس للكتب والنشر / ص 19 )) .
والحقيقة انه لايمكن لاحد ان يدرك ما نظمه ((الزيات)) من كلمات في حق الملك فيصل الاول رحمه الله انفا ، ما لم يكن  ملما بتفاصيل تاريخ العراق الحديث وبداية بناء دولته على يد المغفور له الملك فيصل الاول ، كما انه من جانب اخر لايمكن لاحد ان يدرك ابعاد (( ورقة الملك فيصل الاول )) التي نحن بصدد دراسة وبحث فحواها السياسية والاجتماعية ، وما تضمنته من افكار وتصورات لبناء الدولة العراقية الحديثة اذا لم يفهم ماقصده اديب مصر وصاحب نهضتها الفكرية احمد حسن الزيات عندما يتحدث عن :

اولا: وحدة الملك فيصل الاول في معركة بناء العراق ، ودولته في العصر الحديث وانه مهمايكن الحال فالملك فيصل الاول رجل حجازي اتى للعراق وللعراقيين ، ساسة وعامة  ليكون ملكا لكيانهم ، واذا كان عامة الشعب مع فيصل العربي فلا ريب ان ساستهم كانوا ينظرون له بعين الحسد والمنافسة والمنازعة والمؤامرة عليه  .

ثانيا : مناورات الانتداب البريطاني الذي تخلص من مسؤولية ادارة العراق في العلن وضريبة ذالك الثقيلة عليه والقاء هذه المسؤولية على عاتق الملك فيصل الاول بعد انتدابه لملك العراق في 1921 م ليعمل هو في السر جانيا الثمار وليعمل الملك فيصل بالعلن متصديا للغرائم  ومتحملا للتبعات .

ثالثا :عسف رجال السياسة ، اللذين شكلوا الوزارات في عهد فيصل الاول ومخادعاتهم ، التي ورثوها من عملهم في البلاطات العثمانية البائدة  بحيث يظهرون حرقتهم على الوطنية العراقية واستقلالها من الاستعمار البريطاني في النهار ويتآمرون مع الانتداب على الملك فيصل الاول والشعب العراقي في الليل !!.

رابعا:هذا الشعب العراقي اللذي وصفه الزيات(( بالناقد المتمرد الطموح )) ومطالبته وعدم ادراكه لابعاد السياسة الدولية القائمة انذاك والقاء كل تبعات التواجد الاستعماري في بلده على كاهل الملك فيصل ،وعدم قبوله باي عذر بامكانه ان يكون رصيدا ايجابيا للملك فيصل وحكومته !.

خامسا: ثم زعماءالعشائر وامرائهم واصحاب الاحزاب السياسية ومطامعهم ونقدهم الذي يخلط حقا ، وباطلا في سبيل  كسب القواعد الشعبية ، وتحقيق وجودهم على ارض السياسية العراقيةوهكذا قادةالطوائف وانغلاقهم فهؤلاء ايضا من المكونات الاجتماعية ، والسياسية العراقية التي تعامل معها الملك فيصل الاول لوحده  ليتمكن في النهاية من تحويل نزعات هذه الزعماء من العشائر والاحزاب السياسية وقادة الطوائف والاديان.... من العدوانية ضد الدولة ومشروعها الى الصداقة ، او على حد تعبير الزيات : (( كان الرجل منهم يدخل قصره وهو عليه فلايخرج منه الا وهو له )) !!.

نعم هكذا كان وضع الملك فيصل الاول رحمه الله ، ابان فترة ملكه للعراق وهكذاكان وضعه السياسي والاجتماعي وهومحاط باشكاليات دولية واقليمية وداخلية وسياسية وفكرية واجتماعية وحزبية ........ وهو مع ذالك يحاول بناء دولة يعتقد انها الحل الوحيد لامراض العراق الكثيرة من جهة ، وانها اللحمة العظيمة التي تستطيع جمع امة وبناء وطن وشعب اسمه العراق !!.

والواقع ان في مثل هذه الظروف العراقية بالدقة  طرح الملك فيصل الاول ورقته وبرنامجه السياسي الذي سمي فيما بعد ب (( مذكرات الملك فيصل الاول))وهي كما يرى قارئنا العزيز مجرد ورقة اقصى ما نستطيع وصفها به انها برنامج عمل سياسي اراد من خلاله (الملك فيصل) ان يوصل فكره للثقات من رجال دولته ،  ليعينوه على نجاح مشروعه السياسي في العراق الملكي الحديث انذاك !!.          

ان اول ما يتبادر الى ذهن اي باحث ، او دارس لهذه الورقة الفيصلية وهو يشرع في قراءة السطر الاول منها  هو سؤال : لماذا يضطر الملك فيصل ان يكتب برنامجا سياسيا ، ولم يكتفي بطرحه من خلال التوجيهات الشفهية مباشرة لرؤساء وزارات حكوماته المتعددة اولا ؟.
ثانيا لماذا يكتب الملك فيصل الاول برنامجا سياسيا (( سرّيا )) لبناء الدولة العراقية الحديثة  ومن ثم لتكون السرية ، والخصوصية هي الطريق الامثل لتواصل الملك فيصل مع ادواته التنفيذية لبناء الدولة العراقية الحديثة ؟.

الجواب كما هو بائن وموجود في نفس الورقة الفيصلية التي شرحت لماذية هذه السرية وكتابتها عندما اشار الملك فيصل الاول نفسه بالاتي :

(( كنت منذ زمن طويل أحس بوجود افكار  واراء حول كيفية ادارة شؤون الدولة عندبعض وزرائي ورجال ثقتي غيرافكاري وارآئي وكثير ما فكرت في الاسباب الباعثة لذالك وفي الاخيرظهر لي بان ذالك كان ولم يزل ناشئا عن عدم وقوفهم  تماما على افكاري  وتصوراتي ونظري في شؤون البلاد وفي كيفية تشكيلها وتكوينها والسير بها ....  ولذالك رايت من الضروري ان افضي بافكاري ، واشرح خطتي في مكافحة ((تلك الامراض)) وتكوين المملكة على اساس ثابت ، واطلع عليها اخصائيي ممن اشتركوا واياي في العمل .... )) !.

اذن كان الملك فيصل يرى ان هناك تعارضا بين افكاره وتصوراته لانشاء الدولة العراقية الحديثةوافكاروتصورات بعض رجال دولته في بناء وانشاء هذه الدولة هو  الذي فرض عليه ان يكتب افكاره لتوضع امام انظار رجال دولته الثقاة منهم بالخصوص  لردم هوة الاختلاف في التصورات والافكار وتناقضها من جهة !!.
ومن الجهة الاخرى ، كان سبب السرية هو ان هناك عوامل : (( التخريب والهدم التي فيها )) اي في الدولة من الجهلاء ، والعقليات الطائفية والدينية المتنافرة والميول والبيئات التي انحدر هؤلاء الساسة منها ..... ، فكل هذا يستدعي ان يكون للملك ثقات ومؤتمنون وعاملون وخلّص داخل هذه الدولة ليمضوا بالمشروع(مشروع بناء الدولة)من دون الالتفات الى هذه المعوقات المدمرة او التأثر فيها !!.
والى هنا يعود ايضا السؤال بنا مجددا ليطرح استفهاماته الكثيرة حول ليس لماذا اضطر الملك فيصل الاول لكتابة افكاره  وصياغتها بسرية فحسب ؟، بل ، وكذالك السؤال عن ماهية ( هذه الظاهرة ) في عهد فيصل الاول وما تمثله من ابعادفكرية ودروس تعليمية حول عقلية الانسان العراقي السياسية بصورة خاصة ، وماهية هذه العقلية ؟، والكيفية السليمة في التعامل معها؟، وتوجيهها تقنيا .... ، ولهذا من حقنا ان نكررالسؤال حول :
ماهي الاشارات الاجتماعية الفكرية والسياسية العراقية التي حاولت ظاهرة كتابة الملك فيصل الاول لبرنامجه السياسي ابرازها للساحة البحثية العراقية ؟.
وكيف لنا ان نفهم محور اضطرارالملك فيصل الاول لكتابة ورقته السياسية وطرحها تدوينيا وسريا للثقات من رجال دولته ؟.

والحقيقة عندما يحاول احدنا دراسة هذه الظاهرة السياسية ، والفكرية للملك فيصل الاول ، والاجابة على سؤال ماهيتها الاجتماعية ، فلا يسعني الا ان اقرأها شخصيا بالصيغ الاتية :

اولا : لابد قبل طرح اي شيئ حول هذه الظاهرة ، ان نضع في حسباننا ان الملك فيصل الاول هوشخصية سياسية متميزة في طابعهاالفكري والسياسي ولم ياتي للعراق من اجل طلب الملك ، والسيادة على هذا البلد فحسب ، بل انه رجل في تركيبته الفكرية والنفسية والسياسية ((رجل مشروع )) سياسي وليس رجل منصب ملكي لاغير !!.
اي ان من صفات الملك فيصل الاول السياسية الاساسية انه رجل كيانه كله مسكون بهاجس ((مشروع كيفية بناء الدولة الحديثة )) ولم يكن رجل يتطلع للمُلك بمفهومه (( التقليدي النفعي )) ، الذي يحاول التمتع بالتنصيب الملكي والانتفاع بمزاياه المادية بعيدا عن قلق التفكير بمشروع الدولة !!.
ولعل الملك فيصل الاول كان يحاول تحصين ملكه من خلال صناعة الدولة في العراق الحديث ، ولا باس في ذالك ، ولا يغير هذا المبرر من مميزات الشخصية الفيصلية انذاك  باعتبارها شخصية مفكرة ومسكونة بهاجس بناء الدولة اولا !!.
ومن هنا نفهم ماهية هذه الورقة الفيصلية واهميتها بالنسبة لفكرالملك فيصل الذي شرح فيهاخطته المتكاملة لبناء الدولة والمضي بمشروعهاحتى النهاية في العراق انذاك !!.
ولعل من حسن حظ العراق  وشعبه انذاك ان قسم لهم القدر ان يكون ملكهم الاول في العراق الحديث (رجل صاحب مشروع دولة حديثة) ، يجهد نفسه بالتفكير  والعمل لصناعة دولة عراقية حديثة وقوية ومستمرة ...  تستطيع انتشال المجتمعية العراقية انذاك من (همجية الفوضى والضياع ) الى نظام السياسة والادارة الحديثة ، بينما بقيت شعوب مجاورة للعراق حتى اليوم (( كالملكية القبلية السعودية التي اسسها عبد العزيز ال سعود بنفس الوقت مع مُلك فيصل الاول في العراق)) لاتتمتع حتى بثقافة الدولة الحديثة ولا تدرك من الحداثة غير النظام القبلي الديني الطائفي القائم المنتمي للقرون الوسطى البشرية حتى اليوم !.
نعم فيصل الاول رحمه الله من مميزاته الكبرى في تاريخ العراق السياسي الحديث انه رجل دولة وهذا ما تبرز ملامحه بشكل جلي ورقة الملك فيصل الاول ، وما تعبر عنه بوضوح مفردات وحروف هذه الورقة !!.
ولا اقول شططا ان جزمت ان بعدالملك فيصل رحمه الله في تاريخ العراق السياسي الحديث((لم ياتي سياسي عراقي اخر)) حتى اليوم مسكون بهاجس كيفية صناعة الدولة وانشائها في هذا العراق ، بل كل مَن تطلع للسلطة بعد الملكية وعهدها في العراق الحديث من قادة عسكريين ومدنيين  كان ناظرا لمغانم السلطة فحسب بعيداحتى عن التفكيربالدولة والاستمرارفي مشروعها وتطوره خدمة للشعب العراقي الحديث ،وهذا ايضا ما يبين لنا اهمية قراءة فكر الملك فيصل اليوم وكيف اننا بحاجة ماسة لاسترجاع ثقافة الدولة وقلق صناعتها من جديد بعد ان دمرتها الانقلابات العسكرية منذ انقلاب 1958م حتى اليوم !!.

ثانيا : من اهم ما توحيه هذه الورقة الفيصلية المكتوبة : ان العقلية العراقية السياسية ومنذ نشاتها في العراق الحديث حتى اليوم ( وربما حتى في القديم من الزمان ) هي عقلية تميل(للاستقلال بالتفكير) وقراءة الظواهر السياسية والاجتماعية بشكل يختلف ، ولا يرتبط بالفكر الجمعي المتعاون اوالمنصهر تحت مفهوم ( وحدة الرؤية ) ، ومن هنا عرف عن العراقيين انهم اصحاب اجتهاد ونظر وتعدد في التصورات والتوجهات والقراءات المختلفة ، ولهذا يبدو ان الملك فيصل الاول وباعتبار انه رجل ذكي وحكيم ومدرك وواعي للتركيبة الفكرية العراقية القديمة ، والحديثة ادرك علة ان يكون هو له نظر وتفكير وتصور نحو بناء الدولة واختلاف تصورات وافكاروزرائه ورجال الثقة في دولته عن ما يحمله من افكار ، فدفعه ذالك لمعالجة هذه الظاهرة الفكرية العراقية باهون اسبابها ، وهو ابتكار الملك فيصل الاول لمشروع (( كتابة البرنامج السياسي )) وطرحه على اساس ان يكون مرجعية فكرية لرجال الدولة والقائمين على بنائها داخل العراق الحديث بعيدا عن افكارهم المتنافرة ، وربما المتناقضة التي لاتخدم بناء مشروع الدولة بقدر ما تساهم في اعاقته وتقويضه وتضاربه !!.
والحق ان مبادرةالملك فيصل الاول لتوحيدالرؤية السياسية العراقية في بناء الدولة ومشروعهاكانت مبادرة ومع الاسف لم تستمربعدها في سنة السياسة العراقية الحديثة مع انها من انجح السنن الحسنة التي ابتكرها الملك فيصل الاول في توحيد الافكاروالتصورات في بناءمشروع الدولة العراقية الحديثة لاسيما الافكاروالتصورات في العقليةالعراقيةالسياسيةالتي تجتهد في ميدانها وتبتكر الكثير من الافكارالمبدعة والمطورة ولكنهامع الاسف تفقدكل قيمتها المعنوية والمادية ، وهي تعمل بانفراد ، وبعيدا عن العمل الفكري الجماعي الموحد للجهود والموصل باسرع وقت للهدف وللغايات !!.

ثالثا: تحاول هذه الورقة الفيصلية ان تشيرالى مفهوم سياسي غاية في الدقة والاهمية ،وهذا المفهوم قد اشار له ايضا المرحوم الملك فيصل الاول ايضا لكن من طرف خفي ، وهو مفهوم : (( ان راس الدولة والقائم على ادارتها دائما يطلع اكثر من (ادواته التنقيذية) او وزرائه وخاصته داخل الدولة على صورة الدولة ، والمجتمع بشكل متكامل لا يتهيئ لغيره من القادة والعاملين داخل هذه الدولة !!.
ولهذا نبه الملك فيصل الاول في ورقته الى:ان نظره هووتصوراته وافكاره المطلعة على شؤون البلاد بشكل متكامل هي التي ينبغي ان تكون بوصلة عمل مشترك لجميع الوزراء والثقاة لبناء الدولة العراقية ، لاسيما ان الملك يمتلك ايضا ((فكرة مشروع الدولة)) مما يسهل على المشروع ان يبنى من خلال رؤية متكاملة بين الدولةومشروعها المفترض وبين المجتمع وتراكيبه المعقدة عراقيا !!.
بمعنى اخر : انه لايمكن ان تقام الدولة ومشروعها ( من خلال فكر الملك فيصل الاول)اذا لم تبنى هذه الدولةمن خلال رؤية متكاملةللمجتمع وتراكيبه واشكالياته وامراضه ومواضع ضعفه وقوته ولهذا نبه الملك فيصل وزرائه ان الوزير ، ورجل الدولة ، والاداة في داخلها لايمكن له الاجتهاد في ادارة الدولة بسبب عدم اطلاعه على مشروع الدولة بكل تفاصيله الدقيقة ، وعليه فاجتهاده السياسي لخدمةهذه الدولة سيكون مضرا لهااذا لم يتوافق مع رؤية راعي الدولة الاول ، والقائم على كل مفاصلها ، والعارف بجميع مفراداتها وهو الملك فيصل الاول انذاك !!.
وعليه فقد كان طلب الملك (فيصل الاول) من وزرائه ورجال دولته الثقات الالتزام برؤيته ، وتصوراته لانشاء الدولة العراقية الحديثة منطلق ليس من كون الملك يريد ان يفرض ((رؤيته القاصرة / مثلا)) في ادارة الدولة على جموع الشعب العراقي ودولته ونظامه الدستوري البرلماني انذاك ، بل كان منطلق من رؤية سياسية واجتماعية وفكرية ونفسية... واقعية تحاول تنظيم العمل السياسي في العراق الحديث من اجل الوصول الى بناءالدولة وقيامها واستمرار سيرها بشكل منتج وطبيعي !!.

والى هنا نكون قد طرحنا في قرائتنا هذه لورقة الملك فيصل الاول ثلاث محاور فكرية وسياسية اساسية استشففناها من خلال هذه القراءة وطرحناها كمقدمة لتناول ما تبقى من محاور في هذه الورقة الفيصلية الغنية بكل ماهو سياسي مخلص  ومنتج ومثمر وايجابي ، لصالح الاجتماع العراقي الحديث !!.
________________________                     



مدونتي تتشرف باطلاعكم