الثلاثاء، مايو 26، 2009

(( مالوم ابو رغيف في دكتاتورية الاسلام وحريّة الاشتراكية )) 4/4


بقلم: حميد الشاكر

هذه هي المطارحة الممتعة الاخيرة في رحلة التعرّف على فكر الاستاذ المحترم مالوم ابو رغيف ، فليس دقيقا ما اشار له الصديق ابو رغيف من ضرورة ان يكون اي نقاش او جدل ومحاورة بالضرورة مفضية لمعرفة الحقيقة والخضوع لها في مقاله الاخير الرادّ على ماكتبناه في الموضوع والا فغير ذالك يعتبر نقاشا بيزنطيا ليس الا ؟!.
لا ليس دائما الامور بلونين فقط في هذه الحياة الدنيا اسود أوابيض ، وانما هناك الوان اخرى في الوسط والى الشمال والجنوب تكون دائما في لوحة تلوين الحياة بكافة زواياها المختلفة التي توّسع من آفاق مداركنا الفكرية وسلوكياتنا الحوارية ايضا ، فمن اداب واهداف وغايات الحوار وقوانينه الاسلامية التي نؤمن بها وتعلمناها من هذه الجامعة الفكرية الراقية ، ان للحوار والنقاش والجدل عدة غايات واهداف ومبتغيات كلها سامية وجيدة ومفيدة مثل التعارف ، فالتعارف سِنة سامية من سنن الاختلافات والحوارات البشرية الفكرية والعنصرية والدينية والاجتماعية ، وكذا الوصول للحقيقة ايضا من ضمن اهداف وغايات اي نقاش عملي ان يصل المحاور والمناقش الى الحقيقة التي يبحث عنها ، إلاّ انه (ومن وجهة نظري الخاصة) ان آخر غايات واهداف الحوار هي ان يكون الوصول الى الحقائق النهائية من منطلق : ان اي مفكر او ذهنية بشرية تميل الى نمطية البحث والاستزادة من العلم والثقافة عليها ان لاتنتهج اسلوب الحوار من اجل الوصول الى الحقائق لاغير ولاسيما منها الحقائق المطلقة التي بطبيعتها لاتقبل الوصول الى نهايتها الاخيرة ، فمثل هذا النهج والاسلوب اعتبره دعوة الى التحجّر المناقضة لروح البحث المستمرة ، لاسيما عندما تكون مادة النقاش اشياء هي بطبيعتها واسعة وتمتلك آلية الاستمرارية في العطاء الفكري الغير منقطع ، مثل فكرة الله سبحانه او الاسلام ...، فمثل هذه الافكار الكبيرة لايمكن النقاش حولها على قاعدة الوصول الى الحقيقة المطلقة ، بسبب ان كثيرا ممن اعتقدوا انهم وصلوا الى حقيقة الله سبحانه المطلقة قد اكتفوا بهذه النتيجة ليتحوّل المطلق (الله سبحانه ) عندهم الى محدود وليتحولوا هم أنفسهم الى ملاّك عقلية حقيقة متحجرة ومتوقفة وغير مستمرة بالبحث والاستزادة الى مالانهاية من الحقيقة الالهية العظيمة والغير محدودة ولامقيدة اصلا باطار نهائي لمسمى الحقيقة !.
نعم انا من الذين يؤمنون ان على الانسان ان لايحكم على فكره وعقله وابداعه وثقافته ....بالاعدام عندما يقرر ان اي بحث له في هذه الحياة واي نقاش واي جدل لابد في نهاية المطاف ان يصل الى الحقيقة ، لان قناعة اي فرد منّا انه وصل للحقيقة يعني من جانب آخر توقفه عن البحث ، توقفه عن الشك ، توقفه عن الجدل ، توقفه عن التفكير واعادة التفكير ايضا ، وما المتحجرين والمتشددين والمتطرّفين بافكارهم ومن جميع المدارس الانسانية المادية والالهية الا نسخة من الذين امنوا بان الحقيقة لها نهاية وانهم وصلو اليها وامنوا بها وعليهم الا ان لايعيدوا او لايتزحزحوا عن قناعاتهم فيها !.
الحقيقة شخصيا لم ازل ابحث عن الله سبحانه عن الاسلام عن الفكر عن الحقيقة عن الانسان ........، وسأبقى الى اخر يوم في حياتي باحثا عنه سبحانه وتعالى ، والى ان تشارف روحي مثواها الاخير ، وعندما تصعد الى سماء عالية واسعة ، ستبقى ايضا باحثة مستزيدة علما وفكرا كل لحظة وكل يوم وكل حركة عن هذه الحقيقة المطلقة التي لاابحث عنها لاصل الى نهايتها ، وانما ابحث عنها لازداد كل يوم اكتشافا جديدا لافاقها وخباياها وزواياها وما تحمل من وجوه واعماق ، لاصل في نهاية المطاف الى حقيقة الحقائق التي هي : كم انا صغير وقليل المعرفة أمام ( وما أُوتيتم من العلم الا قليلا )!!.
من هذا المنطلق يكون نقاشي مع زميلنا المحترم مالوم ابو رغيف هادفا الى التعارف في ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) ولم يكن يهدف الى ايصاله لحقيقتي المطلقة او ليوصلني هو لحقيقته المنتهية !.
نعم ليس دائما النقاش يكون هادفا للوصول الى الحقيقية ، ولا هادفا هذا النقاش لمجرد النقاش لاغير ، وانما هو في طريقه متعارفا على الاخر متعاطفا معه متفاعلا متقبلا لحق الاختلاف ومستسلما اخيرا لقناعة كم ان الانسان صغيرا عندما يؤمن انه مالك للحقيقة المطلقة !.
********
في هذه المطارحة الاخيرة ونزولا عند رغبة زميلي ابو رغيف بعدم اجتزاء الافكار ووجوب مناقشتها بصورة كاملة احاول ان اتناول مقاله الاخير ( مع حميد الشاكرونقاش حول اقتصاد السيد محمد باقر الصدر ) الذي كان فيه قاسيا جدا على الاسلام ومفكريه بنوع من التفصيل لنفكر معا انا وهو والقرّاء بما كتبه ابورغيف حول الموضوع ولنرى هل كان الاستاذ مالوم ابو رغيف يكتب بفكر وثقافة وعلم وخلفية تبحث عن الحقيقة كما يحب ان يختم نقاشاته ؟.
أم انه كان يكتب بذهنية حامل الحقيقة المطلقة الذي توقف ذهنه تماما عن اعادة انتاج الثقافة والتفكير حولها من جديد ليرى الاخر حقيقة ايضا يجب البحث فيها وعنها ؟.
اولا : بدأ المحترم ابو رغيف بحميد الشاكر الذي ترك الموضوع ليلاحق فكرة عرضية اتت لتدلل على ان ليس هناك نظرية اقتصادية في الاسلام !.
والحقيقة ان حميد الشاكر هذا لايؤمن بأن لاي موضوع اساس وعرض ، وانما هو يناقش المفكر على كل كلمة يكتبها باعتبارها فكرة اصيلة في الموضوع ، ولهذا فحميد الشاكر كتب الحلقة الاولى كلها حول نزاهة الاحزاب الاسلامية صلب الموضوع الذي طرحه المبدع ابو رغيف ، وعندما ردّ الاستاذ ابو رغيف في مقاله الثاني تحول وفجأة الى تناول النظرية الاقتصادية في الاسلام بدون ان يرد عن كلمة واحدة مماذكرناه في المقال الاول ، فرأى حميد الشاكر ان يناقش ماطرح جديدا ، ولم يكن يذهب لعدم مناقشة الموضوع الاول باعتبار ان المقال الاول بحث قضية النزاهة وردّ على صلب الموضوع بالقول : (ان اتهام الاحزاب الاسلامية بعدم النزاهة مع انهم من ضمن المشاركين داخل الدولة العراقية وليس الحاكمين لها على الاطلاق يؤكد ان هناك تحامل في مقولة حكم الاسلاميين وفسادهم فقط داخل الدولة )، فأول من سنّ سنة الفساد في الدولة العراقية الجديدة وكما يعرف السيد ابو رغيف وغيره هم ليسوا الاسلاميين كما يحاول لمحترم ابو رغيف تصويره وانما هي قائمة اياد علاوي الغير اسلامية ، فوزير دفاعه مطلوب قضائيا بنهب اموال الدولة والشعب ووزير داخليته مطلوب للعدالة ايضا ، فليس الاسلاميين وحكمهم من جرّأ الناس في بادئ الامر على الفساد حتى يقول ابو رغيف باصالة الفساد في الاحزاب الاسلامية ، فالفساد وراثة ثقيلة ورثها الاسلاميون في مشاركتهم في الحكم من العهد البائد ومن عهد العلمانيين في حكومة علاوي وانتهى الامر الى هذه اللحظة !.
اما ان هناك فساد عند بعض الاسلاميين فليس لنا خلاف حول هذه النقطة لامع ابو رغيف ولا مع غيره وندعوا القانون ان يضرب بيد من حديد على كل فاسد ومهما كان انتمائه !!!.
ثانيا : تناول السيد ابو رغيف في مقاله موضوعا بعيدا عن نزاهة الاحزاب الاسلامية ، قريبا للسيد الصدر في كتابه ( اقتصادنا ) ليقرر :(( كتاب الصدر ليس ابداعا فهو أقرب للردود على نظريات المفكرين وفلاسفة واقتصاديين كبار ..... وهو اسلوب آخر المتحدثين لتفنيد ابداعات الاخرين !.))
والحقيقة وردّا على هذه الفقرة من مقال ابو رغيف ، وليس دفاعا فقط عن ابداع السيد الصدر ولكن ايضا دفاعا عن سلامة عقولنا من فيروسات العقم ، اريد ان اناقش قضية الابداع بحد ذاتها عند العزيز ابو رغيف وماهية مفهوم هذا الابداع ؟. ولماذا دائما نرى الابداع في الغربي اشقر الشعر وازرق العينين ولانراه في العراقي الذي من المفروض انه علّم العالم ابداع الكتابة والصناعة والفخارة والفلسفة والحكمة والنجوم قبل سبعة الاف سنة ؟.
ماهو الابداع في نظر العالم البشري بغض النظر عن رؤية ابو رغيف الايدلوجية ؟.
وهل هناك صلة بين الابداع وفكر الصدر الذي كان اخر المتحدثين حسب رؤية ابو رغيف لمفكرينا العراقيين وشهدائنا الثوريين ؟.
أم ان الصدر مجرد عالة على الفكر الغربي الاوربي المبدع الذي اخترع الافكار اختراعا بلا سابق احتذاء من فكر الاخرين ولادراسة لها ولااصلا للرجوع لمبادئها ؟.
ماركس صاحب الشيوعية والذي لايشك السيد ابو رغيف بابداعه المنقطع النظير ، رجل فكر اقتصاد واجتماع نهل الكثير من فكر ( ريكاردوا ) وشارك الكثير بالحوار الفكري ، وكان لصديقه ( انجلز ) الفضل في رسم خريطة الديالكتيكية المادية في فلسفته باعتبار ان ماركس لم يكن رجل فلسفة اصلا ، وقرأ نظريات الاخرين وما كتبوه وما انتجته ماكنتهم الثقافية ....، وبعد ذالك كله كتب رؤيته في الاقتصاد والمادية ردّا حذو النعل بالنعل ضد الراسمالية الغربية الصناعية المتوحشة ، ومع ذالك حاز (مارك ) شهادة الابداع في اجندة وفكر وتقييم المبدع مالوم ابو رغيف !.
السيد الصدر الذي لايرى فيه ابو رغيف مبدعا هو الاخر رجل فكر واقتصاد مضافا الى ذالك رجل فلسفة واجتهاد واجتماع وفقه وقانون ، فهو يعتبر في العرف الدراسي حامل لشهادة البروفسورية في القانون ، من منطلق ان الاجتهاد في الفكر الشيعي الاسلامي اعلى درجة قانونية استنباطية لغوية ومنطقية ايضا !.
درس الكثير مع نفسه وبذاته ومن خلال ابتكاره في بيئة نصفها أُمي وربع منها تخلّف ، والربع الاخير احقاد وحسد وتنافس اجتماعي ساذج ...، بلا حتى استاذ يقوده الى الاستنتاجات التي وصل لها فلسفيا وفكريا واقتصاديا وقانونيا اجتهاديا بلا معين له كانجلز لماركس ولاسند ، حفر بالصخر ليخرج بنظرية اسلامية اقتصادية صاغها بشكل علمي مقارن ، حاله في ذالك حال ماركس الذي قارن بين رؤيته الاقتصادية وما طرح قبله في الاقتصاد الكلاسيكي القديم ، تناول الراسمالية بمبادئها العلمية فقط باعتبار ان ليس للراسمالية مذهب اقتصادي نظري مثل الاشتراكية ، وهذه النقطة التي لم يشر لها ماركس في كتابه راس المال الذي نقد فيه الراسمالية جعلت من الصدر مبدع مصطلح الراسمالية الفارغة من المذهب ، وقارن كذالك بين طرحه الاسلامي والطرح الاشتراكي الشيوعي بفكر متنور وهادئ وفلسفي محكم بلا تكفير او ضوضاء وبلا خطابة وحماسة ، ليعطي لنا دراسة متكاملة الجوانب الابداعية والاكاديمية التي لاتغفل اي شيئ طرح في موضوع الاقتصاد قبلها من منطلق ان اي دراسة يراد لها ان تكون متكاملة فعليها ان لاتغفل ماقيل فيها مما سبق من افكار !.
الآن بدلا من ان يرى السيد مالوم ابو رغيف ان دراسة الصدر الاقتصادية قد استوفت جميع الشرائط العلمية في بحث الموضوع من جميع جوانبه وتناول جميع الاراء التي قيلت حول الاقتصاد في الراسمالية والشيوعية ، يرى في هذه الخطوة انها خطوة ودليل على عدم الابداع في شمولية كتاب الصدر الاقتصادي ، وانه كتاب كان عنوانه : (اخر المتحدثين والمفترين الناقدين لابداع الاخرين ونتاجاتهم الفكرية )؟.
هل اسمي هذا النوع من التقييم لفكر السيد الصدر تحاملا ليس له مبرر غير القدح بفكر الرجل ؟.
أم اسميه جهلا باصول الكتابة والفكر والبحث العلمي الذي يفرض تناول جميع الاراء قبل طرح الجديد في الفن ؟.
أم انه لاهذا ولاذاك ، بل هو انغلاق حتى عن ضوء الشمس وعناد بليد ليس له تفسير منطقي ؟.
أفترض ان كل تلك الاسألة لاتنطبق على المبدع ابو رغيف ، وانه فهم الابداع على اساس انه غير المسبوق الكتابة فيه ، ولكنّ حتى على هذا المعنى فالسيد الصدر يبقى مبدعا اكبر بكثير من ماركس وانجلز وكذا حتى مفكري الراسمالية النفعيين كوليم جيمس وغيره ، فالسيد الصدر اوسع شمولا من ماركس الذي تناول الراسمالية في فكره الاقتصادي الا انه لم يتناول الاسلام في فكره الاقتصادي او الفلسفي على الاقل بعكس السيد الصدر الذي تناول كلا المدرستين الاقتصاديتين في العالم مضافا له ومقارنة بها الاقتصاد الاسلامي كذالك ؟!!.
ثالثا : ثم استمر السيد ابو رغيف في رؤيته لعدم ابداعية فكر السيد محمد باقر الصدر الاقتصادية والفلسفية والفكرية والاجتماعية والقانونية الاسلامية بالقول :(( السيد الصدر لم يأتي بجديد ... وليس لماجاء به مايميزه عن المطروق والمسبوق من النظريات الاقتصادية ...)) !.
ودعونا جميعا كتّاب وقرّاء نقف أمام هذا الاعلان من السيد الكاتب مالوم ابو رغيف في تقييم الفكر الصدري الاقتصادي احتراما وتبجيلا ودعما ، ونطالبه بالمقابل ان ينشر مؤلفاته الشخصية الاقتصادية التي تسلط الاضواء وتكشف لنا الحجب وتقودنا الى هذه الحقيقة التي يعلنها عن فكر الصدر الاقتصادي المزيف والمطروق والمسبوق في الفكر والكتابة !.
نعم ياسيد ابو رغيف انا اول من يشجعك شخصيا على تأليف ابداع اقتصادي تشرح فيه خطوة خطوة وكلمة كلمه كيفية كون الافكار الصدرية الاقتصادية قديمة ومستهلكة ومطروقة في الاساس ، لاسيما ان المفكر الصدر كتب في الفكر الاقتصادي الاسلامي فهل لك ان تدّلنا من خلال مؤلفاتك المستقبلية القادمة انشاء الله من هوالمفكر الاسلامي الذي سبق السيد الصدر بطرح هذا الاقتصاد وبهذه الصيغة الفكرية المبتكرة ؟.
انا شخصيا من المصدقين لما تطرحه سيدي الفاضل ابو رغيف :ان السيد الصدر لم يأتي بجديد ، وان كل ماطرحه ماهو الا استيحاء من افكار المبدعين الاوربيين الاقتصاديين الذين سبقوه بطرح هذه الافكار نفسها التي سرقها السيد محمد باقر الصدر لينسبها لنفسه وليقال انه مبدع من ضمن المبدعين في المجال الاقتصادي !.
لكنّ كل هذه الدعوة العريضة ياسيدي بعدم جديد ماطرحه الصدر بحاجة الى حجة وانا لم اقرأ كاتبا كتب شيئا في هذا الموضوع الخطير والتاريخي العظيم ، فهلا ذكرت لي المؤلفات او الكتّاب الذين تحدثوا عن هذه الحقيقة ؟..
او هلا كتبت لنا اطروحة نحن بحاجة اليها بالفعل تشرح لنا رؤيتكم الاقتصادية مضافا لها رؤيتكم التفنيدية حول كل ماكتبه الصدر ونسبه لفكره الخلاّق والمبدع ؟.
أم انك ذكرت هذا الاعلان عن عدم تجديدية الفكر الاقتصادي الصدري لمجرد الجدل البيزنطي ليس الا ؟.
صحيح انا من المؤمنين ان ابداع السيد الصدر الفكري الاسلامي لايقتصر على ابداعه الاقتصادي بل يتعداه الى الاعتراف بان هذا الرجل فلتة زمانية صعب تكرارها في القرنين القادمين في العالم الانساني ، وانه مبدع على اكثر من صعيد فكري بله الاقتصادي فهو مبدع على مستوى الاجتهاد وفقه القانون والفلسفة ، وحتى في جانبه الاخلاقي النفسي هو مبدع ايضا ، لكنّ مع ذالك انا مستعد لاعادة انتاج تصوراتي وقناعاتي هذه ان تمكنت ياسيد ابو رغيف اثبات مدعاك بعدم ابداع السيد الصدر في الجانب الاقتصادي للفكر الاسلامي المعاصر !.
هذا الرجل كتب في الاقتصاد الاسلامي والفكري من خلال اكثر من محور ، كتب في العلم الاقتصادي ومذاهبه الفكرية المتعددة وكتب حول البنوك اللاربوية ، وكتب في اسس المنطق الاستقرائي اعمق علم في المنطق الارسطي ، وكتب في الفلسفة وكتب في الاجتماع وكتب في الفقه وفي الاصول ، .... ولو لم تعاجله منية الطغاة والظلمة لاسس لفكر الله سبحانه اعلم بسعته وشموليته ، ومع ذالك كله انا مصدّق لدعوى زميلي الفنان ابو رغيم بعدم ابداع هذا الرجل ، وانه مجرد اخر المتحدثين (مع ان الاستماع جيد على اي حال وكثرة الكلام والتقدم فيه بلاهه في احيان كثيرة ) ولكن مع ذالك كان الصدر اخر المتحدثين وسارق الابداع من المبدعين ، وسأنتظر كتابات ومؤلفات استاذنا المحترم ابو رغيف في نقد الابداع الاقتصادي الاسلامي الصدري لمحمد باقر وكشف اخطر وهم عشناه جميعا لعقود طويلة في اعتقاد ان هذا الرجل كان من المبدعين وانا منتظر مع المنتظرين !.
رابعا : ثم تحدث سيدي ابو رغيف بعد تجريد الصدر من ابداعه الاقتصادي والفكري على ان كل ماطرحه السيد الصدر في اقتصاده الذي سمّاه بالاسلامي تحت مسمى (مبدأ الملكية المزدوجة ، ومبدأ الحرية الاقتصادية في نطاق محدود ، ومبدأ العدالة الاجتماعية ) ماهي الا اسماء واشياء مكررة وغير جديدة ، فمبدأ الملكية المزدوجة مبدأ معمول به راسماليا واشتراكيا ايضا ، ولاجديد في ابتكاره اصلا ليقول السيد الصدر او غيره انه اكتشاف مبتكر وخطير في الاقتصاد الاسلامي ؟!!!.
والواقع ان السيد ابو رغيف لايكاد يستوعب الفرق بين وجهة النظر الاسلامية التي يطرحها السيد الصدر وبين مصطلح الجديد الذي يعشعش في دماغ وذهن استاذنا المحترم ابو رغيف ، ولهذا هو يعتقد ان كل ماهو مطبق او موجود في علم الغيب من قوانين ...... الخ ، فهو ليس بجديد ابدا ولاينبغي ان نقول عن اكتشافه ابتكارا او اكتشافا علميا او ابداعا خطيرا !.
ياسيدي ياابو رغيف ( تره ) جميع قوانين الكون الفيزيائية وكذا الاجتماعية وهكذا الاقتصادية هي موجودة في العالم قبل ان يكتشفها المبدعون والعلماء ، وقبل ان يوجد انسان اصلا في هذه الحياة !!.
وما بذله فقط جميع من نسميهم مبتكرين ومبدعين ومفكرين الا انهم اجتهدوا في كشف ماهو موجود في الواقع من قوانين ، ليطلقوا عليها اسم ( قانون الجاذبية ) في الفيزياء او اسم ( قانون الغلّة المتناقصة ) في الاقتصاد ، او اسم ( سنن الاجتماع وظواهره ) في الحياة الاجتماعية !.
ومن هنا فلاماركس هو مخترع قوانين الاقتصاد ولا انجلز ولا انشتاين من خلق قانون انشطار الذرة ، ولا ابن خلدون اول من اخترع سنن التاريخ وقوانين حركة المجتمع ، وانما كل هؤلاء حاولوا اكتشاف ابعاد جديدة لانعكاسات هذه القوانين على حياة الانسان فأسميناهم مبدعين فحسب !.
والسيد الصدر محمد باقر باعتبار انه مكتشف ومحاول ومجتهد فمن حقنا ان نضعه في مصاف المبدعين في عمله وإلاّ كل البشر مبدعين بفكرهم ماعدا السيد الصدر العراقي المظلوم بسبب اسلاميته لاينبغي ان نطلق صفة الابداع عليه ولا نفكر له باستحقاق يليق بالعقل العراقي اولا ؟ !.
وهكذا نحن ندرك ان مبادئ من قبيل ( الملكية المزدوجة والحرية الاقتصادية المقيدة والعدالة الاجتماعية ) هي مبادئ موجودة في الحياة قبل ان يولد مارك ومحمد باقر الصدر وجون لوك وهيجل وانجلز ..... ، ولكن هذا شيئ ووضع ماركس او محمد باقر الصدر لرؤية ترى ان الملكية المزدوجة مبدأ من مبادء الاقتصاد الاسلامي شيئ آخر ومختلف في بابه وغير مطروق من قبل ؟.
كذالك ان قلنا ان ماركس يقول بنظريته الاقتصادية بمبدأ العدالة الاجتماعية ، فهذا لايعني مطلقا ان اول مكتشف ومبدع للعدالة في الانسانية قبل مارك هو مارك لاغيره الفرد الصمد ؟.
مثل هذا الطرح يقزّم صاحبه الى درجة السخرية بضئالة فكره وصغارة ثقافته في تناول المواضيع الفكرية الكبيرة.
ونعم السيد الصدر مبدعا في فنه الاسلامي الذي كان اقتصاده مبعثرا لايعرف له ذيل من رأس حتى جاء الصدر وغيره من مفكري العصر الحديث ليعطوا لنا نظرية منسقة ومتكاملة وواضحة حول الاقتصاد في الاسلام ، ولم يقل هؤلاء المبدعون مطلقا كما تقول ياسيد ابو رغيف اننا فقط المبدعون وغيرنا ليس له حظ من الفكر والابداع ؟.
فهذه لغة من لايدرك العلم ولايحترمه ، أما من يحترم الفكر والمفكرين وهو من سنخهم وعلى طبق من كعبهم فانه يقدّر مجهود العلماء ويشيد بفكر المفكرين ويحترم باطلالات الكتّاب والمبدعين كيفما كانو مختلفين معه ليقول حقيقة : ان كل مفكر وكاتب وفنان هو مبدع وان ترك حرفا جديدا في بحر علم عميق جدا كعلم الاقتصاد !.
وكنّ على ثقة لو سألنا ماركس او انجلز او لوك او الطباطبائي او ابن سينا .... او اي صاحب علم وفكر عن ابداع السيد الصدر محمد باقر اليوم لقالوا جميعهم وبصوت واحد : انه احد المبدعين القلائل الذي جاد به الزمان في ظلمة من يدعون الفكر والثقافة بلا ادنى خجل من جهلهم الفاضح !.
خامسا : ثم ينتقل الكاتب مالوم ابو رغيف الى تقمص دور المفكر الاسلامي الذي درس جميع مفاصل الايدلوجيا الاسلامية ، ولم تفته من الفكر والحكم الاسلامي شاردة ولا واردة ليحكم على انتاج السيد الصدر الفكري الاقتصادي على اساس انه :(( يسميه بالاسلامي، وهي مجرد تسمية ليس لها ما يسندها من الدين وقد اشار لها ايضا الزميل حميد الشاكر بقوله علم الاقتصاد علم قائم بذاته وليس له علاقة من قريب او بعيد باي دين او ايدلوجيا او نظرية او فلسفة)!.
وأنا وليعذرني زميلي ابو رغيف حقا بهذا القول لااستطيع وصف مثل هذا الكلام بشيئ نافع ، لانه وعلى هذا المنطوق الذي يطرحه صديقي ابو رغيف الماركسي الاشتراكي في قبالة الصدري الاسلامي ، اصبح امامي مجتهد الدين هو مالوم ابو رغيف والماركسي الاشتراكي الغير متخصص بالفكر الاسلامي هو محمد باقر الصدر !.
وإلا مامعنى بربكم قول الزميل ابو رغيف عن كتابات السيد محمد باقر الصدر مجتهد العلوم الدينية ومفكر الرؤية الاسلامية بانها :(( مسماة بالاسلامية ، وهي مجرد تسمية ليس لها ما يسندها من الدين ؟!!.)) فهل درس ابو رغيف وتعمق وحفظ الشريعة الاسلامية كالسيد الصدر حتى يطلق حكم بهذه الصيغة الاطلاقية النافية لغيرها ومن منطلق اسلامي يعلن انه ليس لفكر الصدر اسانيد من الدين !.
وهل يعلم السيد ابو رغيف ان نفيه ب ( ليس ) في اللغة العربية هو تعبير عن منتهى الاطلاق والنفي في الحكم والتقرير ؟.
وكيف يكتب كاتب جميل كالزميل ابو رغيف بمفردات لاتحمل خلفية التفكير العميق قبل ان تطرح على الورق وللقرّاء ؟.
أم اعتقد الصديق ابو رغيف فعلا انه اكثر اجتهادا اسلاميا واحاطة في اسانيد احكام المدرسة الاسلامية من السيد الصدر ولهذا نفى ان يكون في الدين الاسلامي سند للاقتصاد الذي يطرحه السيد الصدر باسم الاسلام والدين ؟.
ثم ياصديقي ابو رغيف ماذنب حميد الشاكر حتى تشركه في حكمك على الصدر لتقول كدليل على رؤيتك بان الصدر متحدثا اقتصاديا باسم الاسلام الذي ليس فيه سند يدعم كلام الصدر بقولك :(( وقد اشار لها ايضا الزميل حميد الشاكر بقوله : علم الاقتصاد علم قائم بذاته وليس له علاقة من قريب او بعيد باي دين او ايدلوجيا او نظرية او فلسفة )) لتقنع القارئ بحكمك الذي يتبرأ زميلك حميد الشاكر منه الى يوم الدين !.
فزميلك يااخي ابو رغيف كان يتحدث عن تقسيم البحث في الاقتصاد كما علمه وفهمه ودرسه الصدر محمد باقر وانه فيه شق ( علمي ) ليس له علاقة بشيئ ، وشق ( مذهبي ) متأثر بالنظرية وله علاقة بكل شيئ ، وعليه ماذنب زميلك حميد الشاكر الذي فهم الفرق بين العلم والمذهب في الاقتصاد ان تقحمه بعدم تفريقك لكلام الاقتصاديين واستخدامهم الدقيق لمصطلحات الاقتصاد الحديث ؟!!!.
وعلى اي حال سيد ابو رغيف قصدنا ان علم الاقتصاد في جانبه القانوني الذي يشبه قانون الجاذبية في الفيزياء في العمل هو ليس له علاقة في عمله لافي دين ولافي نظرية ولافي فلسفة ، ولم نقصد علم الاقتصاد بجانبه المذهبي الذي تحدث عنه الصدر بانه اسلامي الاتجاه والعمل !.
فعلم الاقتصاد بمعناه القانوني ( عرض وطلب ، قانون غلّة.....الخ ) ، ليس له علاقة بالاسلام كمذهب كما انه ليس له علاقة بالماركسية كنظرية فلسفية ، فهل اصبح واضحا الفرق في الكلام والطرح كي تجنب صديقك حميد الشاكر وتجنب نفسك كارثة الخلط في الافكار !!!.
بمعنى اخر اكثر وضوحا : ان علم الاقتصاد هو علم القوانين الطبيعية وغير الطبيعية العاملة في الحياة على اسسها القانونية لاغير ، كقانون تناقص الغلّة الذي يقول : ان امكانيات الارض الانتاجية في الزراعة تتناقص كلما كان استخدامها مستمرا ، وهذه حقيقة علمية طبيعية واقتصادية ليس لها علاقة بنظرية وجوب تأمين وسائل الانتاج في الماركسية ، كما انه ليس لها علاقة بتطبيق رؤية الملكية المزدوجة في الاسلام ، ومن هنا قال حميد الشاكر :(( علم الاقتصاد علم قائم بذاته وليس له علاقة ...)) من منطلق ليس له علاقة في عمله في الواقع ، وليس للقول ان الاسلام لايمت بصلة لعلم ومذاهب الاقتصاد الحديثة ، فهل فُهم المنطوق ام نحن بحاجة الى اكثر من ذالك حتى لايدخل الخلط في ادراكنا لعلم الاقتصاد وماهياته ؟!.
سادسا : بعد هذا وكعادته المبدع مالوم ابو رغيف عندما يتحدث عن فكرة اقتصادية بالشرق ثم يقفز قفزة سياسية بالغرب ، وفي اثناء حديثه عن مفهوم ( الملكية المزدوجة ) في الاسلام ، لم نره بعد ذالك الا في ساحة الاحزاب الاسلامية الحاكمة في العراق اليوم لقرر ربط حقيقة علمية فكرية بمسار سياسي عراقي بحت ليقول :((كما ان الملكية المزدوجة موجودة في جميع جمهوريات الدكتاتوريات العسكرية والمليكات المحنطة للعالم الثالث ومن بينها حكم البعث ايضا، ولا اعتقد ان السيد حميد الشاكر لا يعرف مصطلح القطاع العام والقطاع الخاص الا حين قرأ كتاب السيد الصدر. لكن الغريب ان الاحزاب الاسلامية التي يدافع عنها السيد حميد الشاكرتسعى بكل ثقلها لبيع القطاع العام للقطاع الخاص بعد ان ملك اصحابها ومنتفعوها ملايين الدولارات عن طريق الفساد لشراء القطاع العام بابخس الاثمان. اي ان الاحزاب الاسلامية لا تؤمن بالملكية المزدوجة التي قال بها السيد الصدر وتتجه الى لبرلة السوق بالكامل وهذا وجه اخر من وجوه فساد الاحزاب الاسلامية).
الحقيقة هذا نقد سياسي يحاول المحترم ابو رغيف ربطه بشكل غير فكري بما كان يتحدث عنه سابقا ، من الاسلام وعدم وجود نظرية اقتصادية فيه وابداع الصدر الاقتصادي ، وكيف ان لااسانيد دينية اسلامية له .... وهكذا !..
ومثل هذه المقالات التي تتقافز يمينا وشمالا والتي يحاول تسطيرها المحترم ابو رغيف وغيره من الكتاب الاشتركيين المثقفين لاتحمل هوية معينة حتى نتمكن من قرائتها بشكل علمي ومحترف ، فهي ليس ثقافية فكرية ، ولاهي ذات نمط سياسي نقدي واحد ، ولاهي مقالات في الاقتصادي السياسي ، ولاهي انشاءات وخواطر فنية ...... وانما هي كل هذا في مقال واحد !.
والواقع انه من الصعب على قارئ وكاتب من امثالي يمتهن التفكير باسلوب منظم ان يلاحق هذه التقافزات في الكتابة والقلق فيها ، فهي في اول السطر علمية وفي اوسطه فكرية وفي اخره سياسية ، ومابن سطر وسطر هناك قفزة غير متوقعة ولامفهومة الربط بينها وبين ما كان الكاتب يكتب فيه !.
على اي حال فهمنا ان ( الملكية المزدوجة ) وكدليل على انه مصطلح قديم وليس جديد في كتابات الصدر والاسلاميين انه مصطلح مستخدم من قبل الدكتاتوريات والعالم الثالث المحنط والملكيات والبعث ...... ، وبعد قليل من هذه السطور يتضح ان ( الملكية المزدوجة ) هي ايضا تنتسب للراسمالية المحافظة التي هي ليس من العالم الثالث المحنط بل هي من العالم الاوربي المتحرر ، وهكذا في العالم كله موجود هذا الشيئ المسمة ( ملكية مزدوجة ) ماعدى الاشتراكية الماركسية التي تخلصت من دنس ( الملكية المزدوجة ) ليدلل ابو رغيف فقط على انه ليس هناك جديد في فكر الصدر الاقتصادي عندما قال :(( ان للنظرية الاسلامية ثلاث مبادئ رئيسية يعتمد عليها كقواعد لانطلاق عمله الاقتصادي في الحياة الاجتماعية الاسلامية !..))
أما مايختص بالاحزاب الاسلامية فاللفتة السياسية تكون فوق البيعة ، ليقرر ابو رغيف عدم نزاهة الاحزاب الاسلامية من منطلق :(( انها تبيع جميع القطّاع العام العراقي لراس المال الخاص ولاتلتزم بمبدا الملكية المزدوجة الاسلامي بعد حكمها للعراق اليوم كدليل على ان هذه الاحزاب غير امينة للمبادئ الاقتصادية الاسلامية الصدرية !)).
هنا تبدو فكرة ( حكم الاسلاميين وتصرفهم بالعراق كيفما شاؤا ) لم تزل معشعشة في دماغ زميلنا مالوم ابو رغيف ، وهي الفكرة التي تقلق سلامة وهدوء تفكير الجميل ابو رغيف ، فنحن ذكرنا في المقالة الاولى حول نزاهة الاحزاب الاسلامية : ان حكم الاسلاميين الذي يتحدث عنه ابو رغيف في العراق اليوم ، ماهو الا وهم نسجه خيال ابو رغيف وغيره فقط لمجرد مشاركة الاسلاميين لاول مرة في تاريخ العراق الحديث في الحكم ، مما اعطى الصبغة لون اسلامي جديد للحكم اربك وازعج القوى العلمانية المتدربة على اقصاء الاخر الاسلامي بسبب اسلاميته لاغير ، بدليل ان الاحزاب الاسلامية مشاركة بحكم العراق التوافقي وليس الحاكمة على الاطلاق فيه ، وليس لها من الحكم بوجود القوى الغربية والامريكية بالتحديد في العراق الا الاسم حتى هذه اللحظة ، وليس من حق اي حزب او كتلة سياسية تشارك بحكم العراق اليوم ان تبيع شبر واحد من ارض مصنع عراقي لاي جهة كانت ، واتحدى اي شخص يدعي ان الاحزاب الاسلامية قد باعت القطاع الاقتصادي العراقي العام ان يأتي بدليل يقول : ان الاحزاب الاسلامية وليس القوى العراقية المؤتلفة اليوم قد اقدمت على بيع شيئ من اموال الشعب العراقي للقطاع الخاص او ماشاكل ذالك ؟.
نعم فرض الانفتاح الاقتصادي العالمي ان يتحرك راس المال الحرّ ليستثمر هنا وهناك في العالم ، لكن هذا لايعني مطلقا ان العراق بسبب انفتاحه الاقتصادي والسياسي والاعلامي في زمن مشاركة الاسلاميين في حكم العراق ، انهم هم المسؤولون عن بيع اي منجز او قطاع عام رديئ الخدمات لاصحاب رؤوس الاموال الخاصة ، وهذا الدفاع عن القطاع العام بالنسبة لي منطلق من زاوية مختلفة عن زاوية ان الكثير من القطاع العام الاقتصادي في العراق قطاع لايستحق الوجود اصلا او الاحترام بسبب ترهله وعدم نفعه الاقتصادي للمجتمع ...، لكن هذا بحث اخر لانريد الخوض فيه مع الزميل ابو رغيف الذي صب جلّ مقاله على نقد حكم الاسلاميين والدفاع عن القطاع العام الاقتصادي في العراق اليوم !.
اذن : ياسيدي ابو رغيف ليس في كلامك دليل مقنع على ان الاحزاب الاسلامية هي فاسدة بسبب ان هناك اصلاحات اقتصادية اثبتت التجربة فشل القطاع العام الاشتراكي المطلق فيها في العالم وفي العراق ، واذا كان لابد من اصرارك على اظهار صورة الاسلاميين بالفساد فعليك البحث عن حجة غير بيع هذه الاحزاب لبيع القطاع العام الاقتصادي الاشتراكي الذي اثبت فشله ، وانا اول المطالبين بوضع اصلاحات اقتصادية ترفع عن كاهل الدولة والمجتمع العراقي كل ترهل وتخلف الاقتصاد الاشتراكي الشمولي الذي دمر الاقتصاد العراقي والعالمي الحديث !.
سابعا : في حديث السيد ابو رغيف عن المبدأ الثاني الذي ذكره الصدر لمبادء الاقتصاد الاسلامي ( مبدأ الحرية الاقتصادية المقيدة ) قفز من جديد ومرّة اخرى من الحديث في سياسة الاحزاب الاسلامية ليعود الى الحديث في الفكر ، لكن ليقرر هذه المرّة الاختلافات الجوهرية بين الانسان الذي يريد الاسلام ان يصنعه وبين الانسان الذي تحاول الشيوعية انتاجه ليقول ابو رغيف شيوعيا ماركسيا مؤدلجا :((الشيوعيون يقولون بضرورة خلق انسان من طراز جديد حسب توجيهات الحزب الشيوعي و التربية الاشتراكية للوصول الى مجتمع كل حسب حاجته كل حسب قدرته..)) !.
ثم بعد ذالك ليقارن المحترم ابو رغيف بين الاسلام ومايريد صناعته من بشر ، يتميز انه صاحب واقع اسلامي خيّر مضافا لذالك محدد بنوعين لهذه الحرية الاسلامية : الاول التحديد الذاتي ، والثاني التحديد الخارجي الممارس من قبل المجتمع وولي الامر !.
وعلى هذا يرى ابو رغيف في الصدر انه يميل للوهابية في طرحه لفكرة ولي الامر من منطلق ان ابو رغيف يرى في ولاة الامر فقط ائمة اهل البيت في المذهب الاسلامي الاثنى عشري لاغير !.
والى هذه الفقرات نقف لنناقش ابو رغيف فيما طرح من افكار ابتدأت بشكل مقتضب لشرح فكرة ( الانسان الشيوعي ) هذا الانسان الذي يحاول الشيوعيون خلقه بطراز جديد !!!.
واذا سألت عن اي طراز جديد يتحدث الزميل ابو رغيف في صياغة انسانه ؟.
سيقُال لك : الانسان الشيوعي الذي يخضع لتوجيهات الحزب اولا ، ويتربى تربية اشتراكية ثانيا !.
فإن سألت : وهل الشيوعية التي يريد الشيوعيون انتاج انسان على طرازها الجديد هي جديدة في الحقيقة ؟.
أم انها واقع وفكرة قديمة قدم التوحش الانساني وعدم خضوعه لاي قانون اجتماعي متحضر ومعقد ؟.
سيُقال لك شيوعيا : نعم هو صحيح ان الشيوعية البدائية هي اول دورة مرّ فيها الانسان قبل ( اسلوب الانتاج العبودي ) وهي بالفعل اول دورة مارس فيها الانسان المشاعية المطلقة ، الا اننا مع ذالك بامكاننا العودة الى الوراء الاف وملايين السنيين لنعود ونكرر النموذج المشاعي في الحياة وليعيش فيما بعد الناس شيوعيين بلا فواصل فهذه الدورة القديمة من حياة البشرية مع قدمها وعدم ابداعها فهي جديدة من قديمة وقديمة من جديدة بشكل ديالكتيكي متناقض ينتصر فيه النقيض على نقيضه !!.
ثم اذا سألت : ماهي تلك التوجيهات الحزبية الشيوعية التي تخلق انسانا جديدا ؟.
وماتلك التربية الاشتراكية التي توصل لمجتمع الملائكة ؟.
سيقال لك توجيهات الحزب الشيوعي قائمة على دكتاتورية البروليتاريا العالمية التي ترى حرية الانسان الشخصية والفردية بدعة رأسمالية ، ومميزاته الفطرية في الملكية وتنظيم الحياة الاقتصادية اسطورة اسلاموية ، مضافا لذالك تمكن الاشتراكية المادية من خلق انسان قنوع ومضحي ويحب الخير للاخرين اكثر من حبه لنفسه ، ويقتطع من قوت يومه واطفاله ليطعم المحتاجين والفقراء اخوانه في المشاعية !!.
هذا ماسيُقال لك عندما تسأل عن الشيوعية والانسان الجديد الشيوعي ، وكيفية خضوعه لتوجيهات الحزب ، وتربية الاشتراكية المادية للوصول الى مجتمع كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته !.
واذا سأت اخيرا : هل من المعقول وجود مجتمع بهذه المواصفات التي نصفها مناقض للنصف الاخر ؟.
هل من المعقول انتاج انسان مادي مئة بالمئة لايؤمن بأي معنوية تعوض له ماينفقه من عمل في يوم آخر اسمه القيامة او الجنة او النار ، ومع ذالك هو يعطي للانسانية بلا حساب من عرقه وكده وقدرته ؟.
أم ان هذا الانسان المادي سيخلق طبيعيا وهو يرى ذاته واشباعها باي ثمن حتى ولو كان على حساب تدمير الملايين من البشر ؟.
ثم اليس ( وهذا ماذكرناه سابقا ) شعار كل حسب قدرته ولكل حسب حاجته ، شعار يناقض العدالة ويدعو للكسل ويساوي بين المجتهد والخامل ، ويقتل استغلال روح الانانية وحب الذات داخل الانسان لدفعه للانتاج لفائدة المجموع عن طريق حب ذاته الشخصية ؟.
فكيف يقال لنا سنخلق انسانا جديدا ، ثم نمارس عليه اسوأ انواع الظلم عندما نقول له انت حسب حاجتك ومنك حسب طاقتك !.
ومن هي الجهة المخولة بتعريف حاجاتي الانسانية ليقال لي لك حسب حاجتك تعطى ؟.
مثلا الحزب الشيوعي واعضائه هم من يقرر حاجاتي الشخصية التي سوف احصل عليها ، وهو نفسه الذي سيقرر قدرتي التي ينبغي ان ابذلها في العمل ؟.
واذا كان الامر هكذا فاي شيئ شخصي وذاتي بقي للانسان في هذه الحياة ان كان الحزب الشيوعي يتدخل في تعريف حاجاتي ويساهم في صناعة القوانين التي تحدد عطائي ؟..
هل يستطيع المحترم مالوم ابو رغيف ان يجيبنا على هذه الاسألة رجاءا قبل اجابته عن وهابية محمد باقر الصدر الاسلامية ؟!!!.
أم انه كعادته الفنية الجميلة في القفز بين المواضيع من شأن الى شأن آخر!.
ثامنا : نعم عندما يقول السيد الصدر ان محددات الحرية الفردية الاقتصادية في المجتمع هي ذاتية ، بمعنى ضمير اسلامي يراعي حقوق المجتمع من منطلق الدوافع الايمانية التي تفرض عليه احترام القانون ، وهي خارجية بمعنى قيام الحاكم الشرعي الاسلامي المسمى بولي الامر محرك الدولة ورئيسها في العصر الحديث ، كان يقصد الصدر غير المعنى الساذج جدا الذي ذهب اليه الاستاذ مالوم ابو رغيف لعدة اسباب :
اولا : فكرة ولي الامر فكرة اسلامية قرءانيا وليست وهابية كما ادعى الزميل ابو رغيف ، فالاسلام والقرءان والتشيّع لم يقل ان الاسلام واحكامه وافكاره تموت اذا لم يكن احد من ائمة اهل البيت في واقع الحياة ، وانما المعروف عن الاسلام انه نظام لحركة الحياة لكل زمان ومكان ، وعلى هذا الفهم ( الاسلامي ) يكون ولي الامر مصطلح سياسي يشير الى الدولة ورئيسها والنظام والحاكم عليه وكفى !.
ثانيا : هل فرغ مافي جعبة الاخ ابو رغيف لتسقيط فكر وشخصية الصدر ، ولم يتبقى لديه من تهم غير الوهابية ليرمى الصدر بها ؟.
الا تكفي الراسمالية مثلا لنقول ان الاسلام راسمالي ورجاله اقطاعيون فاسدون وكفى لاسقاطهم ؟.
أم ان الشعب العراقي اليوم ولكراهيته الشديدة للفكر والممارسات الوهابية الحيوانية المتوحشة هو المنصة الجديدة غربيا وعلمانيا لضرب الاسلام ورجاله المخلصين باسمهم ، وليبتعد الشعب العراقي اخيرا عنهم ؟.
ثالثا : كان الصدر في اقتصاده ياسيد ابو رغيف يتحدث عن المحددات في الحرية الاقتصادية ، وليس في الحرية الشخصية العامة لتقول :((لكننا نشتم من طرح السيد الصدر وتكلمه عن الحرية المحدودة رائحة القسر والجبر فنحن نعرف ان ولي الامر لا يفرض طاعته الا بواسطة الجلاد او بواسطة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية او البازدار في ايران او المليشيات ايام سيطرة جيش المهدي على الاحياء السكنية او بتيسير شرطة الاداب لمراقبة تصرفات الناس والكبت على حرياتهم الشخصية كما تحاول الاحزاب الدينية فعله الان.)).
ولا اعلم لماذا هذه المصادرة على منطوق ومضمون الحديث والخلط في المفاهيم بصورة متعمدة !!.
فالحديث عن تدخل ولي الامر في الفكر الاسلامي الصدري كان واضحا انه في الجانب الاقتصادي ، فماعلاقة الجانب الاقتصادي في كلام الصدر ، بشمّك ياسيدي ابو رغيف لرائحة دسم القسر والجبر وملاحقة الناس وكبت حرياتهم الشخصية بشرطة هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية ؟.
نعم من حقك ان تكون مع الحرية الاقتصادية المطلقة لتنتقد الصدر بتحديد حرية الاقتصاد ، واعتبار هذا التحديد من خلال ولي الامر او الدولة او الحاكم هو تضييق وقسر ومطاردة لحرية راسمال ووجوب تمتعه بالحرية المطلقة كما في الرسمالية الحديثة ؟.
اما ان تأخذ المطالبة بوجوب تقييد حرية الفرد الاقتصادية وتسقطها على جميع الحريات الانسانية في الفكر الصدري ، فحقيقة لاادرك المبررات لهذه الحركات المفضوحة ثقافيا !.
ثم ياسيد ابو رغيف اذا كان الاسلام والصدر مدانون بسبب تقييد جزء من حرية الفرد من قبل الدولة والمجتمع اقتصاديا ، فماهو قولك بمن يصادر الحرية الاقتصادية مطلقا من وجود حياة البشر ويقمع كل تطلع فطري لهم في التملك كما هو موجود في الفكر والمدرسة الشيوعية التي تنتمي اليها شخصيا ؟.
وهل يحق لنا القول : انه بما ان الشيوعية تصادر حق الحّرية الفردية والشخصية في الاقتصاد مطلقا ، فعليه فان الشيوعية كالوهابية في مصادرة حياة وحريات الانسان بالجملة تحت يافطات التكفير في الوهابية وتحت يافطات التاميم والاشتراكية في الشيوعية ؟.
ثامنا : ولنجعل هذه هي النقطة الاخيرة لعدم الاطالة اكثر من ذالك على القرّاء الكرام ، ولنذكر فيها حديث السيد ابو رغيف عن العدالة المفقودة في الاسلام نفسه من جهة ، وحديثه المتناقض عن ( اساليب الانتاج الشيوعية ) وكيف ان ليس في الاسلام اساليب انتاج كباقي البشر !.
بالنسبة للعدالة يرى الاخ ابو رغيف :((ولما لم يجد السيد الصدر الكثير مما يقال عن العدالة الاجتماعية في الاسلام اكتفى بالاستشهاد بخطبة نبوية ...... ثم يقول : فمبدا العدالة الاجتماعية في الاسلام يتناقض واحداث التاريح وحقائقه بل ومع قناعات السيد الصدر نفسه فلم يكن الاسلام يوما دينيا عادلا ابدا !!!.)) .
نقول : هل حقا لم يجد الصدر الكثير مما يقال عن العدالة الاجتماعية في الاسلام لذالك هو استشهد بخطبة واحدة للنبي لاغير ؟.
وهل حقيقة ان الصدر نفسه كان مقتنعا بان الاسلام لم يكن يوما من الايام دينا عادلا ابدا ؟.
لأترك الاجابة على هذه الاسألة لذكاء وعقل القارئ ليرد هو على احكام ومقررات السيد مالوم ابو رغيف بحق العدالة الاسلامية ، وبحق الصدر نفسه ، لكنّ لاضيف هنا فقط : انه فقط كيف للسيد ابو رغيف ان يتهم ثقافة الاسلام ونظريته وهو الدين الوحيد في البشرية الذي يقول قرءانه بأن غاية ارسال الرسل وانزال جميع الكتب من قبل الله الى جميع البشرية وعلى طول تاريخهم الزمني كان هدفه ان تقام العدالة بين الناس في قوله سبحانه :(( لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط )) فكيف يتهم اسلام هذه اياته الداعية للعدل والقسط بين الناس مؤمنين وغير مؤمنين بانه دين يفتقر لثقافة العدالة الاجتماعية وفكرها الخلاّق ولذالك اضطر الصدر للاستشهاد فقط بخطبة النبي الاكرم ص ؟.
وكيف يتهم اسلام اصل من اصوله الدينية هو العدل بعد التوحيد ومع النبوة والامامة والمعاد بانه دين لم يكن يوما من الايام عادلا في نظرياته وتطبيقاته ؟.
تمام ربما قصد ( قلت لنفسي ) ابو رغيف تطبيق المسلمين للاسلام لم يكن في يوم من الايام عادلا ابدا ؟.
لكن الاخ مالوم ابو رغيف يصرّ على البوح وبصراحة لمناهضته للاسلام نفسه كنظرية بغض النظر عن التطبيق واخطائه، ولذالك هو يحمّل الاسلام كدين كل المآسي التاريخية بقوله بما فيها مذابح اهل الاسلام نفسهم من اهل البيت عليهم السلام جميعا !.
الحقيقة انا في ذهول من هذا الطرح ضد كل ماهو اسلامي ومسلم ، ليس بسبب انه طرح جديد ، ولكن بسبب ان طارحي مثل هذه الافكار يتخبطون تخطبا فكريا يدعو للغرابة والتسائل بالفعل عن نمطية التفكير التي يحملها هؤلاء المنتقدون للاسلام بلا ادنى تأمل !.
تأملوا معي هذا النقد للاسلام :(( انه دين لايدعوا للعدل )) مع ان النظرية الاسلامية مليئة بالحث على العدل وشجب الظلم والتفرعن !!.
انه دين لايؤمن نظريا بالحرية ، مع ان من ناضل وقتل في سبيل هذا الدين هم من الاحرار الذين كانوا يرفعون شعار الحرية باسم الاسلام كالحسين بن علي وغيره !!.
انه اسلام القتل والذبح والمجازر ، مع ان الاسلام ضد الذبح والقتل والمجازر نظريا !!.
اذن اين المشكلة في النظرية الاسلامية ؟.
أم في الذين يرون الاسلام فقط في جانب الجريمة التي ارتكبت باسم الاسلام من قبل اللامسلمين على الحقيقة وهو براء منها ؟.
ابو رغيف وغيره يدينون الاسلام الذبّاح والغازي والمصادر للحريات الذي يدينه نفس الاسلاميين العراقيين والذي ادانه اهل البيت واعتبروه انه اسلام مزيف وليس حقيقيا ولاهو اسلام محمد رسول الله ص !!.
ومع ذالك يصرّ ابو رغيف ان للاسلام وجهة نظر واحدة لاغير هي الاموية الرسمية الحكومية الغازية السابية المعتدية على الاعراض والكرامة في التاريخ وحتى اليوم ؟.
وعندما نسأل ابو رغيف وغيره هل تنتقد هذا الاسلام الذي يرفضه الاسلامي حميد الشاكر وترفضه مدرسة اهل البيت الاسلامية والذي تدعوا لاسقاطه وعدم الاعتراف بشرعيته الاسلامية ؟.
أم انك تنتقد الاسلام الحسيني الذي فجر ثورة على الاسلام المزيف لبني امية والظلم والاستبداد وباقي المفردات ؟.
اليس هذا الاسلام الذي يعتقد ابو رغيف انه ليس عادلا وليس منصفا هو نفسه الذي قتل الحسين سيد شباب اهل الجنة وابن رسول الاسلام العظيم ؟.
والا تكون حادثة استشهاد الحسين على يد عصابة ادعت الاسلام دليل للسيد ابو رغيف ان هناك اسلامان في الواقع وليس اسلاما واحدا !!.
اسلام حسيني ثوري مطالب بالعدالة محمدي علوي حرّ وشريف وكريم وانساني ؟.
واسلام رسمي مغشوش ومنافق ومعتدي سياسي ومصلحي وهو الذي يجب ان يدان ويشجب انسانيا ؟.
اذن لماذا ارادة مصادر الاسلام من قبل ابو رغيف وغيره والايمان ان الاسلام ليس هو الحسين الثائر والمجاهد والحرّ وطالب العدالة ، وانما هو يزيد الاموي المستهتر والظالم والقبيح والدكتاتوري ؟.,
أليس هناك مشكلة حقيقية عند ابو رغيف وغيره عندما يرى ان الاسلام دين الله الخاتم ليس هو اهل البيت ، وانما هو بني امية وغزوهم للامم والعباسيين وظلمهم للبشر والوهابية وتخلفهم بين الامم اليوم ؟.
هل من حق ابو رغيف ان يصادر الاسلام وينسبه للظلم والدكتاتورية كما صادره بنو امية ليطرحوا فكرة نحن الاسلام وليس علي بن ابي طالب امام المسلمين ؟!.
على اي حال نريد ان نقول : ان اسلامنا الذي نتحدث عنه نظريا هو مع العدالة والحريّة والمساواة بين البشر ، ونحن نكفر بالطاغوت وكل مايتسمى بالدين من اجل الظلم وعدم احترام الانسان وحرمة وجوده ، وما هذه الرؤى التي تهاجم الاسلام انما هي تخلط بين اسلام نظري لم يزل حتى هذه اللحظة من التاريخ لم يأخذ فرصته الحقيقية في التطبيق ، وهو اسلام ومحمد وعليّ والحسين عليهم السلام جميعا ، وبين تطبيقات اسلاموية تاريخية على كل مافيها من اخطاء تظل اكثر رحمة من وجهة النظر التاريخية من جاهلية الاديان الاخرى التي مارست ابشع انواع الظلم والدكتاتورية على البشرية انذاك !.
صحيح ان ابا رغيف اراد اسقاط الماضي على الحاضر اسلاميا وعالميا ليحرق جميع الفوارق والمتغيرات ليقارن بين حاضر غربي ديمقراطي وماضي تاريخي اسود للظلم ، لكن مثل هذه المقارنات مقارنات فارغة علميا ، فلكل حقبة تاريخية قوانينها المختلفة عن الاخرى ، وقد نرة ان الرق والعبودية اليوم شيئ اجرامي لكن قبل قرنين من الزمان كانت اوربا الديمقراطية كما يراها ابو رغيف ترى في العبودية وتجارة البشر من ارقى التحضرات البشرية التي يفتخر بها الانسان الابيض ، لكن عندما تغيرت موازين البشر العقلية تغيرت معها القوانين الدولية ، وهكذا لايمكن ان نحاكم الاسلام تاريخيا ونغض النظر عن رؤيتها بعقلية العصر الحديث ، فالاسلام اكبر بكثير مما يقرأه المحدودون في الثقافة والتفكير !.
أما مايتعلق بموضوعة ( اساليب الانتاج ) التي اشار لها العزيز ابو رغيف على اساس انها من مختصات الفكر الاشتراكي الماركسي ، فلم افهم حقيقة كيفية تصور الموضوع بالنسبة لمالوم ابو رغيف ، فهو اولا يقرر : ان البشرية قد مرّت بخمسة مراحل من اساليب الانتاج ( مشاعي عبودي اقطاعي راسمالي اشتراكي ) ومع ذالك يقول ان الاسلام ليس فيه اسلوب انتاج معين !.
وكأنما الاسلام والمسلمين ليس من ضمن البشرية التي مرت بمراحل خمسة ؟!.
ثم بعد سطر واحد يتهم العزيز مالوم ابو رغيف الاسلام بانه يمتلك اسلوبين من اساليب الانتاج ( العبودية والاقطاعية ) لاغير ، ولا اعلم اين ذهب الدهر بباقي الاساليب ولماذا الاسلام ليس له من دون البشرية نصيب في ممارسة هذه الانواع من اساليب الانتاج الا اسلوبين واسوأهما بطبيعة الحال !.
ياحبيبي ياابو رغيف : ان اساليب الانتاج هي نفسها اساليب الانسان في العمل اليومي في حياته ، وعندما قالت الشيوعية والماركسية ان الانسان مرّ بمراحل مختلفة من اساليب الانتاج ، لاليقولوا ان هناك مميزات اساليب انتاج موجوده في الغرب هي مختلفة عن ابناء اهل الشرق ، ولهذا هي موجوده في المسيحية وغير موجودة في الاسلام !.
وانما ارادوا القول : ان البشرية كلها كانت بدائية وبسيطة في حياتها ثم تطورت ودخل عنصر استغلال الانسان في الانتاج من خلال الاستعباد ، اي الغزو واخذ اسرى كعبيد وجعلهم يعملون كوسائل انتاج ، ثم تطورت الحال للعصر الاقطاعي الزراعي ، ثم الصناعي الراسمالي عندما صنع الانسان الالة ... وهكذا !.
فالحديث جاري على شكل وصف لحركة البشر سواء كانوا مسلمين ام يهود او مسيحيين ام لم يكونوا اصلا اصحاب اديان عندما كان يعيش الانسان بالكهوف قبل الكلام والنطق والكتابة !.
فهل ادرك سيدي ومولاي ابو رغيف القصد من ( اساليب الانتاج ) أم نحن بحاجة اكثر لمزيد من التوضيح ؟.
على هذا فما معنى قولكم :(( ان الاسلام ليس فيه اساليب انتاج )) مميزة به !.
وهل الاسلام مرحلة اجتماعية انسانية لنسأل هل الاسلام مرّ بمرحلة المشاعية ام لا ؟.
أم ان الاسلام رؤية ودين ونظرية وفكره تصف حالة الانسانية وتنظم من شؤونها الفكرية العقدية والاخرى السياسية وكذا الاقتصادية والاجتماعية والاسرية والفردية الروحية والنفسية !.
في الختام اشكر الشكر الجزيل زميلي واخي واستاذي مالوم ابو رغيف الذي منحني فرصة مخاطبته فكريا وثقافيا على امل ان نقرأ لاخوة كتاب اخرين مناقشات ومساجلات فكرية وسياسية وثقافية اخرى تثري من ساحة النقاش العراقية وتعطي مزيد من رؤى ثقافية جديدة ومبدعة بعيدا عن التشنج والتعصب والاشكالات .
__________________________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com

الاستاذ مالوم ابو رغيف والملكية الخاصة في الاسلام ؟! 3


بقلم: حميد الشاكر

يعتقد البعض ان الانتصار الى الايدلوجيا هي انتصار للحقيقة المطلقة على اي حال ووجه ووسيلة وجدت !.
والفرق ربما بين انتصار وآخر هو في الوسائل والغايات ومابينهما من قواعد مختلفة ، فهناك من يتخذ قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة ) ربما على اعتبار احقية الغاية على اي وجه ووجوب انتصارها باي شكل ، او ربما على اساس ان الغاية هي الوصول الى الهدف وعلى اي طريق كان !.
نعم درسنا اسلاميا كيفية قلب المعادلة رأسا على عقب في : ان الغاية ومهما كانت كبيرة ومقدسة وطاهرة او عظيمة او صاحبت مكاسب سياسية ، لاتبرر الوسائل مهما اختلفت الوانها اللاخلاقية ، بل ان الوسائل في بعض الاوقات هي اعظم خطرا من الغايات نفسها !.
وعلى هذه المبادئ اختلفت الانتصارات في رؤى الايدلوجيا من هنا وهناك ، فالايدلوجيات السياسية التي انحدرت الينا من الغرب الفلسفي السياسي كانت تمجد بعقل وفن استخدام الوسائل ومهما كانت للوصول الى الغايات ، بخلاف الايدلوجيات الاخلاقية الاسلامية او الدينية العامة المتسامحة التي وعينا مواردها وشربنا من انهارها الصافية التي اكدت مبادئ الاخلاق السامية حتى في اصعب المحن والابتلاءات البشرية ، وحتى ان فاتت فرصة اللحوق بالغايات وخسر الانسان اي شيئ في هذا الوجود بسبب عدم استخدامه للاساليب والوسائل السيئة للوصول اليها ، تكتفي بعض الايدلوجيات الاخلاقية الدينية بالقول : ( ماذا ينفع الانسان ان ربح العالم كله وخسر نفسه م قول منسوب للسيد المسيح ع !.)
ويبدو من هذه الفلسفة ان الانتصار الحقيقي هو انتصار كسب معركة الانسان لنفسه ولاحترام ذاته اولا ، ومهما قيل بعد ذالك من فطرية او سذاجة او عدم ذكاء .... لوصف هذه الفلسفة او غير ذالك ، فالمهم مضمون الانتصار وليس واقعيته على الارض المادية .
المحترم مالوم ابو رغيف في مقاله الاول حول ( الاحزاب الاسلامية والنزاهة ) الذي ردّ ووضح فيه وجهة نظره قبالة ماذكرناه حول موضوعه القيّم ، ذكر نوع من الانتصار لايدلوجيته السياسية والفكرية في مقاله الثاني قُبالة الايدلوجيا الاسلامية التي يرى فيها كل ماهو غير جيد ومعتم ومظلم وخطير على حياة الانسان العراقي ، لهذا جاء انتصاره (وليعذرني المحترم ابو رغيف القول عنه ) : انه انتصار على اي حال وبأي وسيلة وشكل !.
اي انه انتصار لايراعي الحقيقة في استخدام الوسائل التي تصادر حقيقة الواقع الاسلامي الفكري للوصول الى غاية وهدف تدمير الصورة والفكرة والمشروع الاسلامي حتى وان كان على حساب العدالة في الطرح والحوار والجدل !.
والحقيقة انا ليس لديّ تحفظ على : ان من حق كل انسان ان يدافع عن انتمائه ويقينه وايمانه ومدرسته الفكرية بل ويرى هذا الايمان والانتماء والفكرة على اساس انها الحقيقة المطلقة والخير اللامحدود ، كما انه ليس لديّ مشكلة ان رأي اي أحد منّا ان الاخر الغير منتمي لنفس مدارسنا وايماننا وانتمائاتنا هو اخر مخطئ وغارق في الجهالة والظلمة وعليه ان يعترف امامنا انه لايملك من الحقيقة شيئا !.
لا ليس لديّ مشكلة في هذه التصورات الانسانية الطبيعية بين انسان وآخر ، لكن المشكلة تتبلور لديّ عندما لااعطي الحق للاخر ان يرى في مشروعه انه حق كما رأيت انا في مشروعي انه مقدس ومنزه وكبير ولايحتمل الزلل على الاطلاق ، عندئذ يكون او ينبغي ان يكون الشعور العام صاحب ادانه واضحة لمن يرى ان له الحق وليس للاخرين مثله !.
نعم هناك ايضا من لايكتفي بأن يمنع الاخرين من التمتع بالحقوق التي يتمتع بها هو نفسه في رؤية الحقيقة من زاوية مختلفة ، بل ويسعى الى مصادرة حقائق الاخرين ايضا التي يمتلكونها بالفعل ، فمثلا اذا كان الاخر وان اختلفت معه في الفكر والانتماء والايمان ، (صادقا او امينا او صاحب رأي )، ففي سبيل غاية او هدف الانتصار عليه انفي صدقه او امانته اورأيه لالشيئ الا لمجرد ارادة الانتصار ودحر الاخر واسقاط حقوقه الواقعية !.
ومثل هذه الظواهر وأسلاميا يتحدث القرءان بادانه شديدا ضد المسلمين الذين يحاولون استخدام وسائل غير اخلاقية او نظيفة مع الاخر لا لشيئ الا بسبب نفسي وميل ذهني ورؤية معوّجة ليقول سبحانه :(( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ولايجرمّنكم شنآن قوم على ان لاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى )) ليدلل فن التعامل القرءاني الاسلامي مع الاخر المختلف : انه وان كان بينك وبين الاخر المختلف مشكلة أختلاف وتنافر وتباعد في الرؤى وحرب وابتعاد في التصورات .... الا انه مع ذالك لايسمح لكم كمسلمين مطلقا تجاوز مبدأ العدل والعدالة في الاحكام على الاخر ، فإن كان الاخر صادقا او امينا او صاحب رؤية وفكرة او مشروع ..... فعليكم الاعتراف للاخر بحقه الواقعي في الحياة وبحقه الاعتباري في الاحترام والتعامل معه بايجابية واخلاقية عالية لاغير ، فمثل هذا الفعل والسلوك مع الاخر المختلف دليل تقوى لله سبحانه ورضا وقرب منه اكثر بكثير من دلالة الصلاة وزبيبة الجبهة والسبحة السوداء واللحى الطويلة على هذه التقوى !.
الآن نعود الى الجميل المبدع مالوم ابو رغيف لنكمل رحلتنا مع رؤيته حول الاسلام والاسلاميين وبالخصوص ما اثاره حول ( تقديس الاسلام للملكية الخاصة حاله حال الرأسمالية البشعة والمستغلة ) وكيفية رؤيته تلك ، ولماذا هو اعتقد بإن الاسلام نسخة رأسمالية مكررة في الاقتصاد ، ومن اين استقى معلومة : ان الاسلام والراسمالية وجهان لعملة واحدة ؟، وهل حقا لافرق كما ذكره ابو رغيف بين الملكية الخاصة في الاسلام والملكية الخاصة في الراسمالية ؟، أم ان ابا رغيف اراد الانتصار فحسب حتى وان كانت الوسيلة غير حقيقية ؟،.....الخ ، مبتغين من وراء ذالك فتح نافذة تعارف فكرية بين فضائين وساحتين عراقيتين تقفان على ضفتي نهر متقابلة ، بغض النظر عن باقي ماكتبه العزيز ابو رغيف في مقاله النقدي الذي نتفق معه فيه تماما ، لكن تبقى مفردات الثقافة والفكر هي الانفع في الجدل اكثر من ملاحقة النقد النقدي الذي يحوي وجهة نظر وليس فكر وثقافة ، ولهذا انتخبنا مقولته هذه المرّة حول ( الملكية الخاصة في الاسلام ) وان تعرض لها عرضا الا انها فكرة من لبنة أفكار استاذنا المحترم ابو رغيف الذي اثارها عن قصد !.
ذكر المحترم ابو رغيف في مقاله الثاني حول الاقتصاد الاسلامي والرأسمالية :(( ان الاسلام مثل الرأسمالية يعتبر الملكية الخاصة مقدسة فمصدرها الرزق ، والرزق من الله ...))
والحقيقة انه فقط في هذه الجملة يوجد اكثر من ثمانية عشر مصادرة خاطئة حاولت فقط القول ان الاقتصاد الاسلامي ماهو الا غول مستغل ومستبد وناهب لاموال الفقراء حاله في ذالك حال الاقتصاد الرأسمالي الديمقراطي الغربي ، ولكن نكتفي بعرض الاتي من المصادرات لنسلط الضوء على ان هناك الكثير من الشنئان للفكر الاسلامي الذي دفع بالاخر العراقي غير الاسلامي ان يكيل التهم للاسلام بلا ادنى روية او علم او انصاف اخلاقي ولنبدأ بالاتي :
اولا : الاسلام ليس كما ذكره الاستاذ ابو رغيف مثل الرأسمالية لافي موضوعة الاعتبار للملكية الخاصة ، ولافي باقي الاعتبارات الاقتصادية الاخرى التي شرحنا بعضها سابقا ، كما انه واذا اردنا الانصاف والعلم نقول : ان الاسلام بفكره ورؤيته الاقتصادية هو يشبه او قريب المثل من الاشتراكية الشيوعية منه الى الرأسمالية وهذا ماذكره الكثير من كتّاب ومفكري الاقتصاد الاسلامي كالشهيد السعيد مرتضى المطهري في ( الاقتصاد الاسلامي ) عندما ذكر الجوانب المشتركة بين الاسلام والاشتراكية ص 134 طبعة اولى دار البلاغ ، فالعدالة الاجتماعية مثلا هي متجانسات في مقاصد الاهداف الاقتصادية بين الاقتصاد الاشتراكي والاقتصاد الاسلامي ... وهكذا !.
ثانيا : لااعلم لماذا تعمد السيد ابو رغيف اضافة الاسلام للراسمالية في اقتصاده المعروف عنه نجاحه في تضخم الثروة على حساب سرقة جهود العاملين والفقراء ، مع ان ابا رغيف ربما كان يدرك وجه الشبه الكبير بين الاقتصاد الاسلامي والاخر الاشتراكي مع وجود الفارق الهائل بينهما ايضا ؟.
ألسبب مثلا مجرد تشويه صورة الاقتصاد الاسلامي لاغير ؟.
أم بسبب فقط القول ان ليس للاسلام رؤية اقتصادية فحسب ؟.
أم ليؤكد ابو رغيف تميزية الاقتصاد الاشتراكي عن الغولين الاسلامي والراسمالي ؟.
أم ان هناك جهل بالفروقات الجوهرية بين الاقتصاد الاسلامي والاقتصاد الراسمالي ؟.
وعلى كل الفرضيات المذكورة كان ينبغي على المبدع ابو رغيف ان لايبخس الناس اشيائهم كما يعبر الميزان الاخلاقي القرءاني في اعطاء كل ذي حق حقه لاسيما ان المعروف عن الاشتراكيين العراقيين انهم طلاّب عدالة في الحكم وفي توزيع الثروة وفي التعامل مع جميع الناس بغض النظر عن انتمائاتهم ومعتقداتهم الفكرية ، فلماذا لاتمارس العدالة الاشتراكية في نقل وتقييم الحقيقية الاسلامية على حقيقتها كما هي في الواقع ، وليس بحاجة بعد ذالك للمدح والاشادة ، فقط لنقول ان في الاسلام عدالة اقتصادية وكفى !.
ثالثا : لاادرك حقيقة رؤية السيد ابو رغيف (( للملكية الخاصة )) ولكن مافهمته من مقاله انه ضد تقديس الملكية الخاصة في الاسلام وفي الرأسمالية ، وكأنما الملكية الخاصة اصبحت عند مالوم ابو رغيف شيئ مرعب وقذر ويجب التنزه منه ومن جرائمه ؟.
اولا : مثل ما ان هناك ملكية خاصة في الاسلام وفي الرأسمالية كذالك هناك ايضا ملكية خاصة في الاشتراكية والشيوعية ، والاختلاف بين الراسمالية من جهة والاسلام والاشتراكية من جهة اخرى في ملكية وسائل الانتاج لاغير وليس كل ملكية خاصة هي مدنس لايجب تقديسه حسب مايذهب ابو رغيف اليه !.
ثانيا : لكل من الاسلام والماركسية والراسمالية اختلافاتها في الرؤية الى هذه الملكية الخاصة ، والاختلاف بين هذه المدارس لم ينصب على قضية اباحة الملكية الخاصة لديهم جميعا وانما في فهمها وفهم دوافعها واسبابها وكذا من اين تستقي او ينبغي ان تستقي مشروعيتها وقيمتها الواقعية ؟. وعليه ليس هناك في جميع المصادر الاقتصادية والمدارس الايدلوجية اي عقدة من الملكية الخاصة حتى يقول السيد ابو رغيف : ان الاسلام كالراسمالية في خطيئة تقديس الملكية الخاصة !. فالملكية الخاصة ايضا مقدسا قانونيا ومحترما اشتراكيا ولاتسمح المادة السابعة من دستور الاتحاد السوفيتي الاشتراكي الشيوعي السابق بالاعتداء على الملكية الخاصة التي توفر للعائلة مسكنا ومزرعة صغيرة وقطعة ارض وماشية ..... كملكية خاصة !.
وعلى هذا فماهي مشكلة الملكية الخاصة اذا كانت هي من ضمن الحقوق الطبيعية لاي انسان في هذا العالم !.
نعم ربما قصد ابو رغيف بالملكية الخاصة ملكية وسائل الانتاج العامة وخطرية رأس المال المسيطر على مصادر رزق الخليقة ..... ففي مثل هذا الاتجاه السيد ابو رغيف وغيره يعلم ان الاسلام يؤمن ب ( الملكية المزدوجة ) لكل مايختص بالشؤون الاقتصادية العامة للمجتمع ، وعليه فمن اين جاء ابو رغيف بفرية ايمان الاسلام الاقتصادي بفكرة الملكية الخاصة العامة والتي هي فكرة خاصة بالراسمالية الحديثة بعد تطور العالم من الزراعة الى الصناعة في الانتاج الراسمالي الغربي !.
رابعا : عندما شنّ ابو رغيف هجوما كاسحا باسم الملكية الخاصة على الاسلام والرأسمالية : هل يدرك السيد مالوم ابو رغيف ماهي الملكية الخاصة اولا ؟. ولماذا احترمت جميع المدارس الفكرية والاقتصادية مشروعية الملكية الخاصة ؟. وكيف ان من مميزات الانسان عن الحيوان انه مخلوق يتميز بالملكية الخاصة وليست المشاعية كباقي الحيوانات ؟.
أفترض ان هذه النقطة بحاجة الى جدل علمي وليس بيزنطي كي نطرح ثقافة يستفيد منها القارئ لنقول لاستاذنا الجميل مالوم ابو رغيف تعريفا ( للملكية الخاصة ) على اساس النقاش وليس على اساس انه لايدرك هذا التعريف والمعنى انها :( عبارة عن علاقة إجتماعية إعتبارية تعاقدية بين شخص او مجموعة أشخاص وبين شيئ ما تدل على شرعية تصرف المالك بملكه وتعطيه الحق في منع الاخرين من التصرف به ) .
والى هنا الماركسية والاسلام والراسمالية والقانون الدولي والفطرة الانسانية والسماء والارض كلهم متفقون على ان من مميزات البشر ان يكون لهم نوعين من الاتصال بالحياة الاول هو ( الحق ) والثاني هو ( التملك ) !.
ثم ننتقل الى الاختلافات في هذا الحق وهذا التملك وكيف تنشأ حقوق الملكية للاشياء !
الشيوعية الاشتراكية تقول : ان منشأ اي ملكية وحقوق فيها تنحصر فقط بالعمل ، فالعمل اساس حق التملك في هذه الحياة ، ولهذا لايحق للفرد تملك وسائل الانتاج بسبب ان العامل المأجور الذي يعمل في مصنع يمتلكه راس المال المستغل يجني ارباحا بعدما يقوم العامل بالعمل والكدّ ليسد جميع ما انفق على راس مال وسائل الانتاج ليبقى صاحب راس المال بعد ذالك يسرق بفائض القيمة التبادلية لوسائل انتاجه هذه من عرق العامل حيث يجب ان تنقطع صلة صاحب راس المال بوسائل الانتاج عند مرحلة سداد النفقات لهذه الوسائل لتنتقل ملكيتها تلقائيا الى الذي يعمل وليس الى الذي لايعمل من منطلق ان اساس حق الملكية هو العمل لاغير .
الراسمالية ترى ان حق التملك ناشئ اساسا من الحرية التي منحتها الطبيعة للانسان وليس من العمل ، فحرية الانسان هي التي تؤهله للتملك والانتفاع من موارد الطبيعة مالم يعتدي على حريات وتملك الاخرين !.
الاسلام يقول بغير ذالك تماما برؤية اوسع من الاشتراكية من منطلق ان الاسلام يؤمن بتوزيع موارد الثروة قبل الانتاج اولا ، وبهذا تكون (فرصة ) استغلال المورد قبل الانتاج والعمل هي التي تهيئ للانسان الحق بالتملك والانتفاع من المورد الاقتصادي بعكس الماركسية التي تقدم العمل قبل التوزيع للمورد الاقتصادي ، وثانيا يقول الاسلام بأن العمل وحده ليس هو القيمة الحقيقية فقط للتملك والقيمة التبادلية للسلعة فهناك تداخل في الحاجات والابداعات وغير ذالك مضافا الى العمل تساهم بحق الملكية الخاصة وقيمتها التبادلية ، فمثلا فنان كابي رغيف ينفق بعمل فنيٍ ساعة على لوحة يرسمها ، له حق تملكها مضافا الى اختلاف قيمة هذا العمل عن باقي الاعمال اليدوية في القيمة التبادلية لهذه السلعة ، ولهذا فشعار ( من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته ) يعتبره الاسلام شعارا لاغير وليس له صله بروح علم الاقتصاد الحقيقي ، ولا بالعدالة التي تقول بجزاء المجد اكثر من جزاء البليد الخامل فالبليد في العمل لايمكن ان يمنح نفس الحقوق والمزايا التي يحتاجها هو وفنان مبدع ومجتهد كابي رغيف مثلا !.
ثم الاسلام يختلف عن الراسمالية في موضوعة حق الملكية الخاصة في ان الحرية وحدها لايمكن ان تكون قانونا على اساسه نشرّع حق التملك ، ونرسي قواعد الملكية الخاصة لكل شيئ ، فهناك اختلافات القدرة من انسان لاخر ، وربما هيئة سلطة ونفوذ وقوة لانسان مساحة حرية اكبر للهيمنة على موارد الثروة في الحياة على انسان اخر يتمتع فقط بالحرية الشكلية لاغير !.
وبعد هذا تكون الملكية الخاصة مشروع انساني محترم ومنظم لحركة حياة الانسان الاقتصادية وليس فيها مايدنس من وجودها على الحقيقة ، لافي الاسلام ولافي الراسمالية ولافي الشيوعية الماركسية !.
خامسا : ماذا قصد المحترم ابو رغيف عندما ذيّل جملته ( الكارثية ) بمقولة :( الاسلام مثل الرأسمالية يعتبر الملكية الخاصة مقدسة فمصدرها الرزق، والرزق من الله ولكي نبسط الكلام ولا نعقده و نقربه من الواقع
نقول لا يخلو محل تجاري او معمل صناعي في الدول الاسلامية الا وعلق المالك على جدارن مكتبه عبارة،
هذا من فضل ربي ).
فهل قصد مثلا ان الراسمالية والاسلام كلاهما يؤمن ان الرزق من الله سبحانه ايضا ؟.
وماعلاقة هذه الفقرة بفقرة الملكية الخاصة التي كان يتحدث عنها السيد مالوم ابو رغيف ؟.
أفترض انه قصد ان الاسلام ابن الجارية يعتقد ان الرزق من الله !!!.
وماذا بعد ؟.
ماذا في ان يعتقد المسلمون ان الله هو الرزّاق الرحيم ؟.
ثم الاسلام يقول بفكرة الرزق من الله لاليقول اجلسوا في بيوتكم ولاتعملوا ، ولا ليقول ان منشأ ومبررات الملكية الخاصة هي الاهية ، وانما قال الرزق من الله سبحانه باعتبار فكرة ربما لاتخطر على بال الاستاذ ابو رغيف اصلا ، وهي فكرة تعود في الرؤية الاسلامية الى ان واجد الشيئ هو مالكه الحقيقي ، فكما ان الاشتراكية قالت ان حق الملكية يكون من خلال العمل الذي ينفقه الانسان على معالجة موارد الثروة ، الاسلام ايضا يقول بفكرة اوسع وهي ان واجد الشيئ هو مالكه الحقيقي على الاصالة !.
وبما ان الله سبحانه وتعالى خالق لكل شيئ للوجود وللعالم وللانسان وللسماء والارض .... فهو المالك لهذا العالم على الاصالة بسبب ايجاده له كما يعتقده المسلمون !.
وعلى هذا عندما يقول اي مسلم ان : الرزق من الله سبحانه ، فانه يعني ان جميع مانملكه في هذه الحياة هو بالاساس مالكه الحقيقي هو الله !.
فهل في هذه الفكرة شيئ يناقض الفطرة او العدالة ليتهكم بها العزيز ابو رغيف ؟!.
ياسيدي ياابو رغيف عندما نقول اسلاميا ان المالك الحقيقي هو الله سبحانه ، وان عياله من الخلق يسعون في ملكه ويقتاتون مما اوجدته يداه سبحانه ، فنحن بذالك نقرر حقيقة (اشتراكية الوجود وثرواته لجميع خلق الله ) ولايجوز استأثار فئة او طبقة او شعب او عصابة بهذا الثروة الالهية على باقي الخلق ، ومن هنا لايحق منع التمتع بالثروة وموارد الطبيعة واستثمارها من قبل اي جهة تعتقد انها المالكة الحقيقية لهذه الثروة لانها حسب الفكرة الاسلامية ملك لله الذي هو رب الناس جميعا !.
فهل في هذا المعنى مايضايق غير اللصوص وناهبي ارزاق البشر ومنتحلي صفة الملاّك والذي بالطبع ليس ابو رغيف منهم على الحقيقة ؟.
فانا ادرك ان الاستاذ مالوم هو مع الفقراء ومع ارزاقهم التي لهم الحق فيها والتي هي رزق وهبهم الله سبحانه اياها بلا حسيب ولارقيب ، فلايأتي احد من السرّاق والمجرمين ليسرق اموال الفقراء باسم الدولة او الطبقة او العصابة والتجارة ، فكل هذا هو في حقيقته اعتداء على رزق الله لخلقه ، فهل عندما نضمن الملكية فكرة الرزق من الله نكون بهذه الفكرة قد حونا الملكية الى حكر للصوص .
أم اننا جعلنا لفكرة الملك والرزق قدسية الاهية لاينبغي لاحد من الخلق سرقة او منع الناس من تناول ارزاقهم بالسويّة ؟.
واذا كانت فكرة الرزق من الله ايجابية في في قربها من نظرية حق الانسان في التمتع والتملك ، فلماذا يراها استاذنا المحترم ابو رغيف وغيره على اساس انها شيئ قبيح وسلبي وليس ايجابي بالمرّة !.
نكتفي الى هنا بما ذكرناه من مطارحة الزميل الاستاذ المحترم مالوم ابو رغيف على امل ان نطارحه في مرّات اخرى بكل مافيه فكرة نقدية ، غاضين النظر عن كل مافيه نقد للفساد ولعدم النزاهة وكذالك لكل مايذكره الاستاذ ابو رغيف من فساد المسلمين انفسهم على الصعيد التطبيقي فكل هذه الاشياء لاخلاف لنا معه فيها ونحن نوافقه النقد على الظواهر السلبية في قضية تطبيق الاسلاميين للاسلام ، اما مايتعلق بالنظرية الاسلامية فلنا ملاحقة اخيرة لما ذكره الاستاذ حول ( الدكتاتورية الاسلامية ) باعتبار ان الاسلام كما يغتقده ابو رغيف ماكنة لانتاج الدكتاتورية والظلم والحروب والفساد ، بعكس دكتاتورية البروليتاريا الاشتراكية التي كلها عدالة وحرية وديمقراطية وحقوق للانسان مصانه !.
__________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com

(( مالوم ابو رغيف وحديث عن الاقتصاد الاسلامي والنزاهة ؟!.)) 2


كنتُ في السادسة عشر من عمري عندما سمعت كلمتين شائعتين في مخيال وذهنية الاجتماع العراقي الحديث وهما ( شيوعي وأسلامي ) في تلك الفترة كانت مصطلحات من قبيل : التمدن والعلم والتقدم والتطوّر ..... الخ ، كانت مصطلحات تضاف الى الفكرة الاشتراكية والشيوعية وحتى البعثية القومية في المخيال الثقافي العراقي آنذاك ، بينما مصطلحات من قبيل : الظلامية والرجعية والتخلف والماضوية والجمود ..... الخ من باقي المصطلحات كانت لاسباب سياسية وربما اخرى ثقافية تنسب للفكر الاسلامي وللدين بصورة عامة !.
مضت السنون من العمر ، قرأت لماركس وحوله لقادة الفكر الاشتراكي القومي وحوله ، وللاسلام وفكره حول التقدّم والعلم والتطوّر والاقتصاد والفن ..... ، اتضحت الصورة تماما بالنسبة لي اليوم ، ولكن مازال المخيال الثقافي لبعض العراقيين الى اليوم يحتفظ بتلك المصطلحات ومقارنتها لامر او اخر على نمطية مفردات القرن الماضي ، وكأنما الحياة توقفت عند نقطة معينة لاتريد مغادرتها ابدا كي تبقى تعيش في حلم جميل نسجه الخيال والوهم على حساب الواقع والتغيير والتطور والمستقبل !.
المحترم مالوم ابو رغيف يذكرني بقصة ذاك الرجل الذي اخترع حلما جميلا لمعنى حياته في هذا العالم ، وكلما اراد ان يصحو منه اضطرب قلبه هلعا من بشاعة وجه العالم في الحقيقة ، فقرر اخيرا والى الابد ان يضل في ذاك الحلم الجميل حتى وان كان كل العالم يعيش في واقع مغاير ومتباين وليس له ادنى صلة بعالم الاحلام الجميل والعذب والمتألق !.
طبعا لاريب ان الاستاذ مالوم ابو رغيف لايلام ان تمسك بالحياة داخل حلمه الجميل القديم الاشتراكي ورفض الاقرار او الاعتراف بالواقع البشري الرأسمالي المعاش اليوم بوجهه القبيح والبشع ، وذالك انطلاقا من ان الفنان ابو رغيف لايتمكن العيش بلا حلم وبلا رؤية فنية تصبغ العالم بالوانها هي وليس على ماهي عليه في الواقع من (سحنة ) ليست فنية ، ومن هنا مادام جميع الاشتراكيين الشيوعيين بالامكان نسبتهم للفن واهله ودروبه ونظراته وفلسفاته ، فلاغرابة ان رأينا الكادر الوطني العراقي الاشتراكي يرفض كل واقع وجديد ومتغير على حساب احلامهم ومجتمعهم الاشتراكي واقتصادهم الذي ليس كمثله شيئ وواقعهم السياسي الذي مرّ كخيال طيف جميل لم يسعف الزمن للتمتع به على الحقيقة !.
نعم تحوّل الجميل مالوم ابو رغيف من الحديث عن نزاهة الاحزاب الاسلامية وفجأة الى الحديث عن الاقتصاد الاسلامي وكيف انه لايمتلك نظرية خاصة به ، ولاحتى له ( اسلوب) انتاج مختلف ومميز ....... وهكذا حتى وصوله الى التأكيد على : ان بسبب افتقار الاسلام الى نظرية اقتصادية تمسك الاسلاميون بالاخلاقية والسلوكية كي يصلوا الى الحكم من خلال رفع شعارات الاخلاقية هذه ؟.
هل تحدّث المحترم ابو رغيف بعقلية القرن المنصرم الذي توقفت عندها ذهنية الفنان ابو رغيف على حساب ثقافته وفكره ولهذا صادر حتى النظرية الاقتصادية الاسلامية ، وكل ماكتب حولها منذ قرن مضى ؟.
سؤال يفرض نفسه علينا فرضا عندما نقرأ ماكتبه استاذنا المحترم حول الاسلام ونظريته الاقتصادية !.
أم ان ابا رغيف الجميل لم يقرأ في حياته اي شيئ عن شيئ اسمه الاقتصاد الاسلامي ؟.
الاسلاميون يهيمون تقديسا لمفكر ولد في العراق اسمه ( محمد باقر الصدر ) وهو من مواطني مجتمع المحترم ابو رغيف ، والاسلاميون عندما يرفعون شخصا الى اعلى المراتب لايقيمون بهذا العمل اعتباطا وبلا عقلنة للسلوك ، بل بسبب ان هذا المفكر لم يترك حجرا على حجر في الاقتصاد الحديث الا وتناوله من خلال كتابه الكبير ( أقتصادنا ) الذي شرح فيه بدقة كل مفاصل المدرسة الماركسية والراسمالية وتباينها عن المدرسة الاسلامية الاقتصادية ، وبحث في عملية استكشاف مضنية للاسس الواقعية والفكرية للنظرية الاسلامية الاقتصادية ، ليصل اخيرا الى تشييد بنيان اقتصادي اسلامي لهذه المرحلة من زمن عمر البشرية لم يطرح احدا من العالمين شيئا بهذه الدقة والترتيب والفلسفية الاسلامية في الاقتصاد الاسلامي ...، ولهذا ابتهج الاسلاميون وخاصة العراقيون بهذا الفتح الاسلامي الاقتصادي المبين في العراق وبذلوا ارواحهم ودمائهم من اجل طريقه وفكره !.
ومع هذا كله يعلن الاستاذ المحترم ابو رغيف وبعبارة واحدة :(الدين الاسلامي كما يعرف الاستاذ حميد الشاكر ليس له نظرية أقتصادية خاصة به ...) !.
الحقيقة ياسيد ابو رغيف ان حميد الشاكر والذي يعرفه ايضا : ان الدين الاسلامي ليس فقط له نظرية اقتصادية ، بل انه الاطروحة الفكرية التي تمتلك نظرية في حياة الانسان الفكرية والنفسية والاجتماعية والاسرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ... وحتى الفنية فالاسلام له نظرية خاصة وواسعة جدا فيه وفي انماط تعبيره واساليب التنوع فيه !.
ولا اعلم حقيقة من اين استقى الاستاذ ابو رغيف قناعته من ان : حميد الشاكر يعرف ان الاسلام ليس له نظرية اقتصاد خاصة به ؟.
فحميد الشاكر قرأ النظرية الاقتصادية اول ماقرأها في منجز المفكر الاسلامي المعروف ( محمد باقر الصدر ) في كتابه اقتصادنا ، الذي ليس فقط وضح وشرح النظرية الاقتصادية الاسلامية بشقيها المذهبي والعلمي ، بل وهو نفسه المفكر الذي وضح للعالمين جميعا بغض النظر عن العبد الفقير حميد الشاكر : ان كل المتبنيات الاقتصادية الماركسية والاشتراكية ومن الاساس ماهي الا انشاء فني لايستند الى رؤية منطقية ولا الى علم حقيقي ، ولا الى فلسفة مقنعة للضمير الانساني !.
وقد وضح هذا العملاق الفكري ان المبادئ والاسس التي قامت عليها الاطروحة الماركسية الاقتصادية بالذات ، ومن بداية ( القيمة التبادلية ، والعمل اساس القيمة ) الى رأس الهرم في النظرية الاشتراكية في امكانية اعادة انتاج المجتمع الشيوعي من جديد ماهي الاخيال فني امتازت به حقبة الاشتراكية الشيوعية لزمن ، وسوف تصطدم بحقيقة ان الحياة الاقتصادية علم وليس رؤية فنية في نهاية المطاف !!!.
وعلى هذا كيف انطلق الاستاذ المحترم في مقاله من وهم اعتقد انه حقيقة يجب ان نسلم بها جميعا بما فيهم حميد الشاكر من ان الاسلام نفسه وليس الفكر الاسلامي ليس له نظرية اقتصادية خاصة به !.
الحقيقة ان مادفعني للاستغراب من مقدمة الجميل ابو رغيف وفي اول سطور مقالته هو جزمه : بأن الاسلام او الدين الاسلامي .. ليس له نظرية اقتصادية خاصة به ، مصادرا بذالك كل ماكتب حول الموضوع وبلغة فنيا ايضا عمومية لاتوحي بالدقة كذالك، فمجرد القول : ان ليس للاسلام نظرية اقتصاد خاصة به ، يوحي ان هناك مفهوما خاصا وبعيدا عن علم الاقتصاد لمصطلح ( النظرية الاقتصادية ) للاستاذ ابو رغيف ، وإلا المعروف ان النظرية هي (نتاج فكر واسس وقوانين تكتب حول كيفية دورة الاقتصاد واساليب انتاجه وتوزيعه وكذا سلعه ومفاهيم العلاقات بين هذه الاشياء وبين الانسان ، وماهية تلك العلاقات مع مواردها الاقتصادية الطبيعية والصناعية .....) وكل هذه الاشياء بغض النظر عن الاساليب الحديثة التي طرح من خلالها وجهة النظر الاسلامية في الاقتصاد الحديث وترتيبها البحثي ، هي كذالك نظرات وافكار واحكام طرحها الاسلام منذ فجر بزوغه على المسلمين وتناولتها كتب المكاسب لعلماء الاسلام كالشيخ الانصاري في مكاسبه وغيره من فقهاء وعلماء ومجتهدين تحدثوا عن ادوات الاقتصاد ودورته وكافة مستلزماته وعلاقاته واساليب انتاجه قبل ان تتطور الحياة لتفصل العلم الاقتصادي عن غيره وتظهر المدارس الاقتصادية المتخصصة في العالم الانساني لينبري ايضا المفكرون الاسلاميون كالشهيد السعيد محمد باقر الصدر والفيلسوف المتألة الشهيد والمفكر الايراني مطهري صاحب كتاب ( الاقتصاد الاسلامي ) وهكذا غيرهم من عباقرة الاسلام ومفكرية لطرح الاقتصاد الاسلام بشكل مدرسة ونظرية منفردة كما حتمته تطورات المجتمع وحيوية العلم الاقتصادي فيه !.
وبعد هذا كله يقول المحترم ابو رغيف : ليس للدين الاسلامي نظرية خاصة في الاقتصاد !.
أذن ما الذي انجزه السيد الصدر ومطهري وكذا اخرون في اطروحاتهم الاقتصادية اذا لم يكن في الاسلام نظرية اقتصادية ياسيدي المحترم ؟.
ثم وبعد هذا تتوالى علينا اطلاقات ومصادرات استاذي المحترم مالوم ابو رغيف ، لابل وتتوالى علينا مصطلحاته الغريبة العجيبة التي تدلل ( وليعذرني الفنان الجميل ابو رغيف من القول ) على انه لم يتناول في حياته كتابا يتحدث عن الاقتصاد في الاسلام !.
وإلا هل من المعقول ان كاتبا او فنانا بمنزلة المحترم مالوم ابو رغيف ينفي ان يكون للاسلام كدين وكفكر اي نظرية اقتصادية ، مع علمه هو شخصيا وليس انا : ان الاقتصاد والتجارة والمال والسلع والصناعة والتداول والاسعار والقيمة والتبادل والموارد ..... وكل هذه المفردات التموينية الاقتصادية للبشرية هي من صلب الحياة التي نظمها الاسلام بشكل احكام وقوانين داخل المجتمع الاسلامي ، وما الزكاة والخمس والضرائب والخراج الذي تحدث عنها الاستاذ ابو رغيف الا مفردات متممة للعلم الاقتصادي داخل منظومة النظرية الاسلامية الاقتصادية العامة للاسلام !.
فكيف بعد هذا ينفي مالوم ابو رغيف نظرة او نظرية الاسلام الاقتصادية من الوجود ؟.
لا اعلم !.
نعم على المنطق الذي ذكرناه بالمقدمة للاشتراكيين الفنانيين العراقيين ورغبتهم الملحة بعدم الاعتراف باي واقع غير واقعهم الفني والاشتراكي ، يكون من حق الفنان ابو رغيف ان يلغي اي نظرية في الاقتصاد باستثناء النظرية الاقتصادية الاشتراكية الماركسية ، بل ويجزم انها هي وحدها من ينبغي ان يطلق عليها صفة ( النظرية ) اما غير ذالك فلا علم يستحق ان يطلق عليه اسم النظرية بما في ذالك الدين الاسلامي كله والذي نصفه حديث في الاقتصاد والنصف الاخر حديث في العبادة !.
لكن حقيقة الرغبات والامال والاحلام شيئ ، وواقع علم الاقتصاد القديم والحديث شيئ آخر !.
وعلى فكرة علم الاقتصاد علم قائم بذاته وليس له علاقة من قريب او بعيد باي دين او ايدلوجيا او نظرية او فلسفة ، وحسب مايذكر المفكر الايراني الكبير مرتضى مطهري في تقسيم نوعية العلاقات الاقتصادية بكتابه ( الاقتصاد الاسلامي ) فان : العلاقات الاقتصادية على نوعين : العلاقات التكوينية والطبيعية ، والعلاقات الاعتبارية القانونية ، العلاقات الطبيعية عبارة عن علاقات العلة والمعلول التي تظهر في القضايا الاقتصادية شئنا ام ابينا ، مثل علاقات العرض والطلب والقيمة في الاقتصاد الحر والتبادلي ، والتضخم المالي وارتفاع وانخفاض الاسعار والبطالة والفوضى الاقتصادية والربح والخسارة والاجور والضرائب وامثالها ، اما العلاقات الاعتبارية القانونية والتعاقدية فهي عبارة عن القوانين المتعلقة بالحقوق والملكيات الخاصة والعامة )
وعلى هذا ياسيد ابو رغيف كل مدرسة تتناول علاقات الاقتصاد في جانبه الطبيعي والتكويني تكون مدرسة حائزة على نظرية اقتصاد خاصة بها ، فكيف بالاسلام الذي تناول الاقتصاد بشقيه الطبيعي التكويني والاعتباري القانوني ، فكيف يمكننا ان ننفي نظرة الاسلام هكذا لمجرد انه ليس متوافقا مع نظرية الماركسيين التي هي بالاساس ليست سوى رؤية كباقي الرؤى الاقتصادية الاسلامية او الراسمالية الاخرى ؟؟.
على اي حال يبدو اننا جاوبنا على وهم نفي النظرية الاقتصادية الاسلامية كما طرحه زميلنا مالوم ابو رغيف ، وبامكان اي مثقف يريد معرفة ماذكرناه ان يعود للصدر في ( اقتصادنا ) للمطهري في ( الاقتصاد الاسلامي ) ووللدكتور محمد حسين في ( الاقتصاد الاسلامي ) ، وان كان من اهل الابداع فيكفيه ان يقرأ الاسلام وتعامله مع الاقتصاد ليستخلص هو النظرية والرؤية من خلال مصدريه القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة للرسول محمد ص واهل البيت ع !.
يتبقى الكثير مماكتبه المحترم مالوم ابو رغيف في هذا الجانب بحاجة الى اشارة ، او بحاجة الى تنبيه الى ان مصطلحات الاقتصاد كالنقد وقيمته لابد ان توضع كل مفردة فيه حسب مكانها الدقيق ولايكفي ان نستخدم اللغة الاقتصادية بصيغها اللاعلمية الجافة والقريبة من الفنية المرنة مثل قوله مردفا لفقرة : ليس في الدين الاسلامي نظرية اقتصادية خاصة به ، ثم يردف :((ولااسلوبا للانتاج يميزه عن غيره !.)) !.
ويبدو هنا ان السيد مالوم ابو رغيف خلط بين مصطلحي :(( وسائل الانتاج )) و :(( اسلوب الانتاج )) فاساليب الانتاج سواء كانت طبيعية او صناعية هي ليست من ضمن مختصات هذه النظرية او تلك ، وانما هو عمل قائم على الارض الانسانية وليس الفكرية ، فهو هو كما ان الانسان في الشرق له اساليب انتاج معينة اجتماعية واقتصادية ، كذالك الانسان في الغرب له اساليبه المتنوعة الاجتماعية العملية الاقتصادية في انتاج السلع قبل تسويقها او تداولها ، والى هنا غير مفهوم تماما مقصود الاستاذ ابو رغيف عندما يشير الى ان :(( الاسلام ليس له ايضا اسلوب انتاج مميز به )) فالاسلام على هذا المعنى ليس له علاقة لامن قريب ولامن بعيد في رؤيته المذهبية لاساليب الانتاج هنا وهناك ، بل اساليب الانتاج عملية لاتختص اصلا بالمجال النظري الفكري الاقتصادي الذي يفلسف العملية الاقتصادية ، وانما هو عملية روتينية اقتصادية يقوم بها الانسان من خلال حاجاته الاقتصادية ، وعليه فاي شيئ قصد ابو رغيف من جملة : ولااسلوبا للانتاج يميزه عن غيره !.
وماهي الاساليب الانتاجية التي تميز غير الانسان الاسلامي عن الانسان الاسلامي !.
ويبدو والله اعلم ان هذه الجملة لامحل لها اصلا من اعراب الاقتصاد وعلمه !.
نعم تابع الاستاذ ابو رغيف نقده الفني للاقتصاد الاسلامي بعد هذه المقدمة ايضا وكما نراه بنفس الاسلوب من المصادرة المطلقة ، ليدمج لااعلم عن علم او غير قصد بين الاقتصاد الاسلامي وبين الاقتصاد الرأسمالي ، ليخرج بنتيجة :(( فهو ( الاقتصاد الاسلامي ) في الجانب الاقتصادي لا يختلف عن الاقتصاد الرأسمالي يعتمد على النظام الضرائبي، الزكاة والخراج، ولا يهم التبرير، اكانت هذه الضرائب لله او للدولة الاسلامية، و الله ليس بجابي ضرائب ولا اعرف انا ولا يعرف الاستاذ حميد ايضا طريقة او وسيلة لايصال هذه الاموال الى الله، فهي ستذهب، ومهما كانت تبريراتها، الى جيوب الحكام او خزينة الدولة وان كان اسمها بيت مال المسلمين.))
والحقيقة وليصدقني زميلي ابو رغيف ان هذا الشطر من مقاله بامكاني ان اكتب فيه كتيبا صغيرا في فروق الاقتصاد الاسلامي عن غيره ، ولكن نشير اختصارا للنقط المتداخلة في هذه الفقرات :
اولا : الاقتصاد الاسلامي مختلف تماما في رؤيته عن رؤية الاقتصاد الرأسمالي من الاساس الى اعلى الهرم .
ثانيا : الاقتصاد الاسلامي اقتصاد ريع وانتاج وصناعة وليس فقط اقتصاد ضرائب وجباية ..
ثالثا : مذهب الاقتصاد الاسلامي كما ذكره السيد الشهيد في اقتادنا مختلف عن مذاهب الاقتصاد الراسمالي والماركسي الشيوعب .
رابعا : اموال الضرائب الاسلامية هي للمجتمع واهل الفاقة والحاجة في الاقتصاد الاسلامي وليس لله سبحانه ، لقوله تعالى :(( وفي اموالهم حق للسائل والمحروم / 19 الذاريات )) وقوله سبحانه :(( ولاتأتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما / 5 النساء )) ففي النص الاول اضاف الله سبحانه وتعالى حقوق الضرائب والزكواة وغير ذالك لحقوق المحتاجين والمحرومين ليدلل على ان الطريق لصرف الحقوق الاقتصادية معروف للمسلمين فضلا عن حميد الشاكر او غيره ، وفي النص الثاني اضاف الله الاموال للملكية الجماعية للمجتمع ليدلل على ان الاموال هي في الحقيقة للناس من خلال فرض الله سبحانه لذالك !.
وعليه ياسيدي ياابو رغيف الضرائب هي في الاساس العملي ليست لله ولا للدولة الاسلامية وانما هي حق للفقراء والمحتاجين ، وحميد الشاكر ليس كما زعمت عدم معرفته بالطريقة او السيلة لايصال هذه الاموال لله سبحانه ، بل انا وانت ندرك ان ايصال هذه الاموال للمحتاجين والمحرومين والمعوزين هي بالحقيقة ايصال لله سبحانه ، فالمحرومون هم وجه الله ويده وجيبه التي من خلالهم نصل الى الله مباشرة !.
نعم هناك سرّاق وحرامية وناهبي اموال المحرومين واموال الله هذا بحث اخر ، ولكن الان ادركنا ان الطريق لايصال اموال الله هي جيوب خلقة المحرومين والسائلين ، وما لفظ ( مال الله ) الاسلامي الا ليجعل حرمة لهذا المال مقدسة كي لايعتدي عليها الاخرين اذا فهموا ان اموال الفقراء هي اموال الله المقدسة ، والمعتدي عليها معتدي على الله مباشرة ، فهل ادركت استاذي المخترم لماذا نسب الاسلام اموال المجتمع والفقراء لله سبحانه ؟.
كي يعطيها الحماسة والقداسة من ايدي الناهبين واللصوص ، ومع ذالم ياخي لم تسلم اموال الفقراء وحتى تحت حماية البنك الالهي المقدس من السطو المسلح عليه من قبل المجرمين !.
نادرة تاريخية :
يذكر ان ابا ذرّ بعد ان نفوه الظلمة الى الشام كان يجلس في احد مساجدها ليثقف المسلمين في الشام على الفرق في الاسلام بين ( مال الله ومال المسلمين ) وكان ابو ذرّ الغفاري رحمة الله عليه كان يحذر المسلمين من ان يقولوا ( مال الله ) وعليهم ان يقول ( مال المسلمين ) لان محمد الرسول ص كان يعلمهم ان هذا المال هو تحت اسم الله ورعايته لاليكون للدولة والسلطان ينفقه كيف شاء باسم الله ، بل ليكون تحت رعاية الله على اساس انه من حقوق المسلمين التي لايقبل الله الاعتداء عليها ، وبهذا ادرك بعض الشاميين ان الطريق الصحيح لوصول الاموال الى يد الله سبحانه هو جيوب المحتاجين من المسلمين وليس جيوب الاغنياء والقادة والمترفين !.
وما هي الا ليلة ويوم حتى اوصلت عيون معاوية الجاسوسية الخبر لمعاوية بن ابي سلطان حتى امر على الفور بحمل ابي ذر الى جبال الربذة القاحلة ليعيش وحيدا فريدا لايخالطه احد من المسلمين ابدا ليموت ويدفن هناك مع افكاره الاسلامية الاقتصادية تلك !!.
خامسا : نعم ان الله سبحانه ياسيد ابو رغيف كما عرفناه اسلاميا جابيا للفقراء والمساكين ، بل هو سبحانه طالبا ومقترضا في سبيل الفقراء والمحرومين ، يقول سبحانه في كتابه العظيم :(( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له اضعافا كثيرة )) ويقول عز وجل :(( إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم )) !.
ولو لم يكن الله سبحانه الاسلامي جابيا ومدافعا ومقترضا من اجل الفقراء والمحرومين لما وجدت هذا الحبّ الكبير لله سبحانه في قلوبنا وعقولنا وجميع ماحوته ضمائرنا الحزينة !.
ان الفرق بيني وبيك ياسيدي ابو رغيف ان ربي الله الاسلامي دائما هو مع الفقير رحيما به طالبا من اجله متنزلا من علياءه من اجل نصرت المظلوم والفقير والمحتاج ، منزلا كتابه لاقامة المساواة والعدل بين الناس ... بينما ربك والهك بعيد غير معتني بالامك ولاهو مطالبا لحقوقك وتركا لك في بحر الظلم والراسماليين واللصوص والقتلة ، فمن حقك ان تراه بعيدا ومن حقنا ان نراه قريبا !..
___________________________________
alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com

الخميس، مايو 14، 2009

(( هل سينقرض المسيحيون من العراق ؟.)) حميد الشاكر


(( هل سينقرض المسيحيون من العراق ؟.)) حميد الشاكر
_____________
لاريب ان مايمرّ على منطقتنا العربية والاسلامية بشكل عام ، وعراقنا الحبيب بشكل خاص من هجمة ارهابية وهابية سلفية (إسلامخارجية ) مضافا لها هجمة تدخلات خارجية واقليمية واجندات سياسية واحتلال اميركي موجود على الارض ، تعتبر من أخطر الكوارث الانسانية في العصر الحديث على الانسان بشكل عام في هذه البقعة من الجغرافية الاجتماعية البشرية ، وبغض النظر عن جذور هذه البؤر الارهابية الفكرية والتنظيمية والاقتصادية ، وكذالك بغض النظر عن كيف ولماذا ومتى نشأت هذه الخلايا الارهابية العابثة بالاستقرار الانساني والى صالح اي جهة استعمارية هي تعمل ؟.، بغض النظر عن ذالك كله نحاول تجاوز ظاهرة الارهاب بحد ذاتها لننتقل الى مؤثراتها وما خلفته هذه الظاهرة وكيفية انعكاسها على الوجود المتنوع( غير الاسلامي ) في منطقتنا والعراق بالخصوص لنسأل عن مصير مسيحيي العراق بالتحديد ولنقول : هل حقا مانشرته بعض الصحف الغربية من ان الوجود المسيحي الشرقي بصورة عامة والوجود المسيحي العراقي بصورة خاصة قد وصل الى مرحلة الانقراض المهاجر من مكان الى آخر ؟.
أم ان هذه الاخبار الصحفية ماهي ولاينبغي النظر لها الا على اساس انها من ضمن الميديا السياسية التي تحاول التأسيس لنشر ثقافة الرعب من الشرق الاسلامي آكل لحوم المسيحيين البشر احياءاً ، للمسيحيين الشرقيين انفسهم ، لارسال رسالة اعلامية لهؤلاء المسيحيين بضرورة الخروج والهجرة من اوطانهم على الفور ؟.
بمعنى آخر : هل ان أنفلونزة الهجرة للغرب عند المسيحيين العراقيين بالفعل هي اليوم تهدد هذا التواجد المسيحي العراقي بالانقراض بحيث ان تحوّل جميع المسيحيين العراقيين وهجرتهم من وطنهم العراقي الى خارجه الغربي اصبح شبه حقيقة لامفر منها ولا معيق سوى الوقت المتبقي لرحيل اخر مسيحي من ارض الرافدين ؟.
ام ان المسيحيين العراقيين على الحقيقة ينزحون من بلدهم بشكل مؤقت وطبيعي طلبا للامان والحياة الاقتصادية المرفهة حالهم حال الملايين من العراقيين العرب المسلمين الذين هاجروا من العراق على امل ان يعود الامن والاستقرار الى بلدهم ليقرروا استئناف الحياة في هذا الوطن من جديد ؟. ؟.
ثم هل ان الهجرة المسيحية العراقية هذه كانت ولم تزل سببها الاصيل هو فقط ظاهرة الاسلام فوبيا ( الخوف من الاسلام الراديكالي الصاعد ) التي روّج لها الاعلام الغربي على اساس انها ظاهرة محققة لامحالة تبشر بابادة غير الاسلامي السلفي بالتأكيد ؟.
أم ان هذه الهجرة اسبابها ودوافعها اقتصادية وسياسية بالنسبة للمسيحيين العراقيين وهي قديمة ومتجذرة بعقلية مسيحيي العراق منذ ماقبل مجيئ موجة الاحتلال وما رافقها من موجة الارهاب الاسلاموي السلفي للعراق ، ولكن كان مايعيقها عدم وجود الانفتاح السياسي المطلوب الذي يسمح بالسفر بلا معوقات من ارض الوطن العراقي ، وما ان انفتح العراق ورفعت الدولة يدها عن مَن يريد الانتقال والسفر من قطر الى اخر حتى هبّ مسيحيوا العراق لحمل الحقائب وطلب الهجرة الى ارض الاحلام الاقتصادية والسياسية الغربية ؟.
اسألة كثيرة تثيرها الصحافة الغربية داخلنا بين الفينة والاخرى كلما تعرضت لمصير المسيحيين العراقيين في وطنهم ، وانبرت للدفاع عن حقوقهم وكأنهم من رعاياها ومواطنيها الغربيين بغض النظر عن شعور الوطن الذي يعيشون فيه هؤلاء المسيحيين العراقيين ، وانعكاسات مثل هذه التدخلات الاعلامية التي ليس لها هدف نبيل على الحقيقة في اثارة مثل هذه المواضيع التي تبدو انها حسّاسة للغاية هذه الايام ؟.
نعم من المؤسف ، وهذا مانريد ان نتحدث حوله ، ان ليس هناك جهة مسيحية عراقية وطنية تتصدى لمثل هذه الملفات الصحفية الغربية من قبل المسيحيين العراقيين انفسهم ، بل والانكى المزعج هو بروز العكس من بعض المسيحيين العراقيين الغير واعين الذين يتلقفون مثل هذه التقارير الصحفية المغرضة ويبنون عليها مواقف مسبقة مضافة الى مواقفهم المسّيسة التي تحاول رسم صورة اضطهاد بشعة تستهدف المسيحيين في العراق لاغير على خلفية انتمائاتهم الدينية ، مع ان الواقع العراقي يقول ويتحدث بغير ذالك تماما ، وان الارهاب والعنف والاحتلال طال غير المسيحيين العراقيين بمئات اضعاف مانال المسيحيين العراقيين ، وان ماكنة القتل على الهوية ابتدأت بالعراقيين من المسلمين العرب الشيعة قبل انتقالها واستهدافها للمسيحيين وباقي الاديان العراقية المعروفة .... وغير ذالك !.
ومع هذا كله هناك من يعمل من داخل المسيحيين العراقيين انفسهم على اشاعة ونشر ثقافة ( انقراض المسيحيين العراقيين من العراق )!!!.
والحقيقة انا لا اعلم ماهي الاهداف وراء مثل هذا التبني من قبل بعض المسيحيين العراقيين لثقافة نشر الرعب بين المسيحيين العراقيين داخل وطنهم وحثهم على التفكير بجديّة للرحيل من هذا البلد !.
هل مثلا هناك من يعتقد ان الاشارة الى موضوعة ( انقراض المسيحية ) من الشرق بصورة عامة ومن العراق بصورة خاصة سيؤمن حماية دولية لهذه الاقليات من الطوائف المسيحية العراقية ؟.
الواقع ان التجربة الاجتماعية والتاريخية وحتى السياسية اثبتت العكس تماما لمثل هذه المتبنيات السياسية المعتمدة على الخارج الدولي ، وبدلا من تأمين الحماية للمسيحيين العراقيين وجدنا هناك استفزازا لمشاعر الوطن الذي يعيش فيه هؤلاء العراقيين من المسيحيين مضافا لذالك ، نشر خوف ورعب اعظم في الداخل النفسي والروحي للمسيحيين انفسهم ، مما يدفعهم للتفكير بمغادرة اوطانهم بدلا من الاعتماد على الحماية الخارجية التي ستوفرها لهم صرخات الاستغاثة بضرورة حماية الوجود المسيحي العراقي داخل العراق !.
نعم ربما انا من المتحدثين القليلين في الشأن المسيحي العراقي بصراحة ووضوح وبلا حسّاسية مفرطة لشعوري انني جزء منهم وليس هم جزء مني ، ولهذا اراني تحدثتُ عن بعض السياسات الخاطئة والكارثية لرجال الدين المسيحي وكذا لسياسييهم الذين يتواجدون الان داخل الدولة العراقية بلا فاعلية تذكر ، حتى وصل الوجود المسيحي العراقي لحالة من التدهور المتسارعة من جرّاء الاداء السيئ للسياسيين المسيحيين ، وكذا للاداء المخجل في احيان كثيرة للقادة الروحيين لطوائف الفرق المسيحية داخل العراق !.
ان مشكلة المسيحيين العراقيين اليوم هي ليست في هجرتهم وكيفية ايقاف هذا النزيف البشري لهم من داخل العراق ، بقدر ماهي مشكلة ماذا قدم السياسيون والقادة الروحانيون المسيحيون العراقيون لشعبهم العراقي المسيحي في داخل العراق ؟.
القادة الدينيون يلجئون الى الخارج والفاتيكان في طرح مشاكل المسيحيين العراقيين في الداخل العراقي ، وهذه الطروحات اثبتت التجربة كارثيتها على المسيحيين اكثر بكثير من ايجابياتها المتوقعة ، ومع ذالك لم يزل خط ربط المسيحيين العراقيين في الداخل مع الخارج الفاتيكاني الغربي مستمرا ، وبالمقابل مازالت الهجرة للعراقيين المسيحيين ايضا مستمرة تحت وطأة نظرة الشعب العراقي للمسيحيين العراقيين انهم تابعون للخارج اكثر من الداخل العراقي الوطني !!!.
اما بشأن القادة السياسيون للمسيحيين العراقيين فلا أقل سوءا اذا لم نقل كارثية في حركاتها السياسية على مسيحيي العراق في الداخل ، فمرة تطرح هذه القوى السياسية مشروع الحكم الذاتي لمسيحيي العراق !.
واخرى تطرح حقوق الانفصال عن العراق واقامة كيان مسيحي داخل الوطن العراقي وطن كلدواشوري سرياني مسيحي !.
واخر تقبل بالتحالف مع العلمانية الكردية في الشمال الكردستاني العراقي !.
وبعد لحظة تهب بحرب معلنه على الواقع الكردستاني العراقي لتطالب باحترام وجودها المستقبل !!.
بعد ذالك تذهب لتقيم تحالفات ضعيفة ايدلوجيه داخل الدولة العراقية مع حركات ليس لها في الواقع العراقي الجديد اي ثقل سياسي يذكر !!.
بعد ذالك تنتقل الى البحث عن تحالفات خارجية مشبوهة لاتسمن ولاتغني من جوع ...... وهكذا !!.
وكل هذا كما يرى المراقب ليس فيه عمل سياسي واقعي ينفع المسيحيين العراقيين داخل وطنهم ويثبّت من وجودهم الواقعي داخل البلد ، او يعطيهم الثقة الكافية لاعادة حساباتهم في العيش بالوطن بكرامة !!!.
وانا الحقيقة لهذه اللحظة لاادرك مغزى ابتعاد الكتلة المسيحية السياسية العراقية عن التحالف مع كتل الشعب العراقي السياسية القوية داخل الدولة العراقية كالأتلاف العراقي الموحد اكبر كتلة سياسية نيابية في الدولة العراقية الجديدة ، او كتلة التوافق او الكتلة الكردستانية ...، واللجوء الى التحالفات مع الاضعف في داخل الدولة العراقية الجديدة !!.
ألأجل مثلا اضعاف الدور المسيحي السياسي اكثر فاكثر داخل الدولة العراقية والوطن ولهذا ارتأى قادة المسيحيين السياسيين العراقيين التحالف مع الاضعف على حساب الاقوى ؟.
ثم ماهو المبرر لهذه القيادات السياسية المسيحية ان تترك مواقع القوّة السياسية العراقية الواقعية والالتحاق تحت شعارات تافهة للتحالف مع قوى غير فاعلة ولاهي ضامنة للمصالح المسيحية داخل العراق الجديد ؟.
وأليس هذا الفعل السياسي لقادة المسيحيين العراقيين هو يعتبر من ضمن التفريط بحقوق المسيحيين العراقيين ومصالحهم السياسية التي هم بحاجة لها هذه الايام اكثر من اي وقت اخر ؟.
على اي حال يبدو مما ذكرناه ان مسيحيي العراق قد فرطوا كثيرا بمصالحهم الحيوية السياسية التي تعيد لهم دورهم السياسي وحيويتهم العملية داخل الوطن العراقي ، وكل ذالك كان بسبب هذه القيادات الدينية والسياسية التي لاتدرك مواقع القوّة داخل التركيبة السياسية العراقية الجديدة مما دفع الدينيين للبحث عن القوّة في الخارج وفي الفاتيكان ، ودفع السياسيين للانزواء والتقوقع في الداخل والانضواء تحت شعارات اضعفت من الدور السياسي لمسيحيي العراق اكثر من خدمته ، ولهذا كله اصبح تهميش الدور السياسي المسيحي داخل العراق ايضا عاملا مساعدا لتفكير مسيحيي العراق بالهجرة والغربة والبحث عن الضياع في مهاجر البلاد الضعيفة !.
نعم : ان السبب الواقعي الذي سوف يساهم بانقراض المسيحيين من العراق هو ليس الهجمة الارهابية العنيفة التي تستهدفهم على التحديد فهذا الامر بالامكان الثبات امامه والنضال من اجل دحره مسيحيا ، وليس هي اسباب الاضطراب والقلق النفسي لهذه الشريحة العراقية التي تثيره دوائر الاعلام العالمية ، بل هو عدم التفات وانتباه المسيحيين العراقيين انفسهم لموضوعة ضرورة ان يعيدوا استراتيجيتهم السياسية داخل العراق ، وانتخاب القيادات الوطنية التي تفكر بالبحث عن مكامن القوة داخل العراق وليس خارجة لضمان مصالح المسيحيين العراقيين في الداخل ، بالاضافة لاعادة توازن القوى للمسيحيين انفسهم !.
بمعنى اخر : على المسيحيين ان يعتقدوا بيقين راسخ لاتزعزع فيه انهم اهل العراق على الحقيقة وليسوا ضيوفا فيه الى حين مجيئ موعد السفر والهجرة منه ، وعليهم ان يكونوا عراقيين في سلوكهم واحترام اخلاقيات وتقاليد شعبهم غير المسيحي ، بدلا من تقليد الاخلاق الغربية التي تبعد وتنفرّ باقي المجتمع العراقي منهم ، ليرونهم كحركة سلوك اخلاقية غريبة عن المجتمع العراقي !.
وبهذا يكون المسيحي العراقي عالي الصوت منظور الصورة حتى وان كان اقلية في العدد والانتماء للمسيحية العظيمة ، فانه مع الوقت سيصبح رقما بشريا لايستهان فيه في الشرق بصورة عامة وفي العراق بصورة خاصة ، وكما قيل في الامثال العربية ( بقية السيف أنمى ) !.
________________

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com

الأحد، مايو 10، 2009

(( وما ذنب الكلباني لتحملوه وزر الحقد على الشيعة ؟.)) حميد الشاكر


(( وما ذنب الكلباني لتحملوه وزر الحقد على الشيعة ؟.)) حميد الشاكر
________________

قرأت وسمعت عشرات المقالات والفضائيات التي تندد بما صرح به أمام الحرم المكي الجديد ( عادل الكلباني ) ضد الشيعة والتشيّع وتكفير علمائهم ، واستباحة دمائهم ، وغير ذالك !.
والحقيقة انني لم اذهل مما صرح به الكلباني الوهابي من على قناة البي بي سي السعودية لادراكي وفهمي مسبقا بحقائق واسس الفكر السلفي التكفيري الدموي الذي أُسس على غير تقوى الله سبحانه بقدر ذهولي من ردّة الفعل التي قادتها اقلام وفضائيات انبرت للدفاع عن الوحدة الاسلامية وعن الشيعة وعن خطورة فكرة التكفير .... وغير ذالك ، وكأنما اصبح الكلباني أمام الحرم المكي الموظف لدى حكومة مملكة ال سعود والقابض من رواتبها الشهرية هو من يتحمل وزر التكفير ووزر تدمير وحدة المسلمين وكذا شوكتهم ، والتلذذ بسفك دماء الابرياء من الشيعة !!!.
بيني وبينك عند العرب امثال جميلة وحكيمة جداٍ مفادها : أحدنا في بعض الاحيان ليس له القدرة على الانتصار على حمار ، الا انه يتشاطر على ماهو دون ذالك !!!.
والواقع في قضية الكلباني امام الحرم المكي وقائد جموع المصلين الى جهنم ، وما اعلن عنه من تكفير الشيعة ، وان ثنيت له الوسادة لااستغرب شخصيا ان يحوّل الحرم المكي وبيت الله العتيق وقبلة المسلمين الى مسلخ لقطع رؤوس المسلمين فيه ...، الصحيح في هذه القضية هو ليس توجيه الاتهامات الى امام الحرم المكي بانه من المكفرين للمسلمين الشيعة والمستبيحين لدمائهم ، والذين من المُفترض ان يساقون الى المحاكم الدولية لجرائم البشرية ، من منطلق ان الكلباني نفسه لو لم يكن حمل عقيدة تكفير الشيعة لم تأتي به الدولة السعودية اصلا ليكون اماما للحرم المكي وقائد المصلين فيها الى ربهم ، وعلى هذا لاينبغي القاء وزر اشاعة ثقافة القتل والتكفير لهذا الاسود المسكين بقدر ماينبغي الاشارة بالاصبع مباشرة الى الذبّاح الحقيقي الذي يستخدم الكلباني وغيره فيما سبق كابن باز وابن جبرين وال الشيخ ، فالحقيقة ان كل هؤلاء ماهم الا موظفين لدى الدولة التي تتبنى فكرة التكفير واشاعة الارهاب وقطع الرؤوس والدعوة الى قتل الشيعة وان انتهوا من الشيعة سيتحولون الى السنة وان انتهو من السنة الى غيرهم وغيرهم و..... هكذا !.
نعم ان الكلباني ليس لانه عالم صنديد ، او صاحب فكر اسلامي عميق ، ولا لانه عابد من عبّاد الله سبحانه هو مارشحه في دولة ال سعود ليكون اماما لبيت الله العظيم ، وانما بسبب ان الكلباني اثبتّ للمملكة السعودية انه ليس له علاقة بكل شيئ في العالم الا بكيفية تكفير الشيعة وتنظيم عملية ابادتهم من الوجود ، وبهذا ارتأت حكومة مملكة ال سعود ان يكون الكلباني اماما للحرم المكي الشريف !.
أما لو كان الكلباني عالما متقيا متحرجا من دماء المسلمين مشتغلا بعلم كيفية عبادة ربه ووحدة المسلمين .... فأن اخر اسم من المتوقع ان تنتخبه حكومة مملكة ال سعود لامامة الحرم هو الاخ عادل الكلباني اول امام للحرم المكي في التاريخ اسمه عادل ليهيئ الارضية لامامة الحرم الى هاني من بعده ثم الى جورج وبعد ذالك الى ديفيد مردخاي صهيون !.
اذن على اللذين يحاولون ادانه الكلباني او بن جبرين او ال الشيخ ..... الخ ، من سلفية وهابية تكفيرية عليهم ان يكونوا اكثر شجاعة ، واقصد هنا المسلمين الشيعة بالذات الذين لاتنقصهم كما اعلم الشجاعة فهي من علي بن ابي طالب نازلة اليهم , والذين يحكمون دولا عظيمة في هذا العصر ولديهم مؤسسات حكومية واخرى دولية تنطق بلسانهم في ايران والعراق ولبنان ... وموارد تؤهلهم للعب دور اكبر من الامساك بالبردعة وترك الحمار يذهب الى اين شاء ، وان يكونوا اكثر واقعية من التعرض للموظف المسكين (الكلباني) الذي رأى ان خبزته ومعيشته في دولة المملكة السعودية في تكفير المسلمين الشيعة ، ولو انه لايكفر الشيعة ولايدعو لابادتهم لما سمحت له حكومة المملكة السعودية ان يكون منظف مجاري في الوطن بدلا من امام الحرم المكي على الاراضي التي تسيطر عليها سياسيا ، ولهذا على المسلمين الشيعة ان يتجاوزوا اولا ضعفهم بالاشارة الى ماهو دون صاحب المسؤولية الحقيقية وليتوجه مباشرة لادانه الحكومة السعودية راعية نشر ثقافة الكراهية والدمار في العالم الاسلامي ، وعندما يتوجه المسلمون الشيعة الى موقع القرار السياسي الحقيقي في المملكة السعودية وجرّها الى المحاكم الدولية بتهمة التحريض على القتل والعمل واشاعة ثقافة الارهاب والعنف ، أنا ظامن بعد ذالك للمسلمين الشيعة ان يخرج عادل الكلباني وغيره من دعاة السلفية الوهابية ليعلن الاخوة الدائمة بين الشيعة والسلفية ، ويحرّم دمائهم ، بل ويصلي في مساجدهم ، وينكح من ازواجهم ويأكل ذبيحتهم ، ولايمانع ان ينتمي الى تشيّعهم ان رغبة حكومة المملكة السعودية بذالك !!!.
هل فهم الان الاخرون لماذا نقول : ليس هناك اي ذنب للكلباني وغيره من دعاة ومشائخ الوهابية في الارض الحجازية والنجدية العربية والاسلامية في عملية تكفير المسلمين والدعوة لابادتهم ؟!.
وهل ادرك اصحاب الدعوة المرفوعة ضد اربعين سلفيا وهابيا في السعودية بجريمة نشر ثقافة الكراهية والتحريض على الجريمة والارهاب ، من هو المسؤول الحقيقي والموجه الرئيسي لهذه المجموعات السلفية التكفيرية ؟.
اذا كان الجواب بنعم ، فهلموا نتوجه الى راس الافعى فليس السمُّ في ذيلها !!.
___________________-

alshakerr@yahoo.com
al_shaker@maktoob.com

السبت، مايو 02، 2009

(( التغيير : جدلية الداخل الفكري مع الخارج المادي !.)) حميد الشاكر


(( التغيير : جدلية الداخل الفكري مع الخارج المادي !.)) حميد الشاكر
____________________
ليس المشكلة في كثير من الاحيان هو ان ينتمي الانسان لفكرة خاطئة او رؤية معينة تستولي على كل داخله النفسي لتأسر دماغه وتحتلّ عقله وتستوطن آفاق روحه !.
لكن المشكلة الحقيقية امام هذا البشر هو في الكيفية الشجاعة التي من خلالها يعترف هذا المُخطئ بعد ان يكتشف الخلل انه انتمى لسبب او آخر لظرف او فترة ....، لطريقة خاطئة وانتهج اسلوب تفكير عاجز ، ودافع عن جريمة كان يعتقد انها ضحية وحق ونظافة ومستقبل وعدالة وخطة وبرنامج ونضال !.
وهنا يكون الاعتراف ومن ثم شجاعة الاقدام على التغيير هي السمة الاعظم حقا من طريق الانتماء السابق وكل التضحيات التي قدمت على مذبح الاعتقاد فيما مضى !.
ان من اهم السمات الانسانية على الاطلاق انه الكائن الوحيد الذي يملك قدرة تغيير واقعه الاجتماعي والفردي الخارجي من حالة الى حالة مغايرة اخرى من خلال داخله الانساني ، بينما جميع المخلوقات الحيوانية والاخرى الطبيعية فهي وجود خاضع للنمطية الموحدة في حركة الحياة وقوانينها المعيشية ، وحتى ان فُرض ان الحيوان والطبيعة والنبات والكون .... فيها عملية تغيير وتطوّر وانتقال ما ، فهي لاتعدو كونها حركة تُفرض عليه من الخارج ، بينما الميزة المميزة للوجود الانساني في كونها فريدة هي ميزة قدرة التغيير عند الانسان من الداخل الروحي والنفسي والفكري والثقافي..... اولا ، وبعدها يأتي تغيير المحيط والخارج ونمط العيش والمجتمع والحياة والانسان ثانيا !.
لهذا قال الله سبحانه في كتابه الحكيم :(( ان الله لايغيّر مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم )) وهذا التغيير في الرؤية الاسلامية له صورتان جدليتان حقيقيتان :
الاولى : هي ان عملية التغيير الداخلية الفكرية والعقدية والسياسية الايدلوجية والنفسية وظيفة انسانية فردية مئة بالمئة ، وليس لله سبحانه دخل في بدايتها على الاطلاق ، ومن هنا قال الله : إن الله لايغير مابناس او بقوم بدائيا وبلا اسباب حتى يغيروا مابأنفسهم هم اولا وبالذات ، فهي وظيفتهم ومسؤوليتهم وعملهم المناط بقدرتهم العقلية في موازنة الامور وارادتهم الفعلية في الاقدام على التغيير من الداخل ، وبعدما يقوم الانسان بوظيفته في تغيير كيانه من الداخل عندئذ تتدخل عملية التغيير الالهية فيما بعد لترفد عملية التغيير الانسانية البادية من الخارج ، ولهذا قال :(( ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) اي الى ان يبدؤا هم اولا ويسيروا ذراعا نحو التغيير الالهي في النفس والفكر والروح ، يعود الله سبحانه ليسير نحوهم في عملية التغيير الخارجية باعا ، لتكون المعادلة ليست الله سبحانه مقدمة لنتيجة التغيير للانسان ، وانما الانسان مقدمة لتغيير او الاصح حركة الله سبحانه نحو الانسان ، ولهذا قال :(( ان الله لايهدي القوم الظالمين )) انما يهدي القوم الصالحين ، اي الذي اقدموا هم اولا على خطوة الصلاح ، لتكون نتيجة اقدام التغيير في الصلاح هداية الله لهم سبحانه !.
ثانيا : تكون صورة هذه العملية هي الربط بين تغيير يجب ان يكون من داخل النفس الانسانية ، ثم يعقبه تغيير خارجي يتعاون عليه الله سبحانه والانسان ، وليس من القول الصحيح ان التغيير من الخارج كفيل بتغيير الداخل كما تعتقده الديالكتيكية المادية في رؤيتها لعملية التغيير وانعكاس ادوات الخارج على الداخل ، بل التغيير الذي تراه الرؤية الاسلامية هو التغيير الاصيل فهو الذي يبدأ من داخل الانسان ونفسه وفكره ورؤيته للاشياء ، ليغير فيما بعد الاشياء الخارجية بموجبها ، ولهذا قال سبحانه :(( ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم )) اشارة الى جدلية تغيير الخارج او الداخل وايهما المقدمة ، وايهما النتيجة !.
تمام ان الديالكتيكية المادية قد تعاملت مع الانسان كمادة خاضعة حالها حال اي موجود حيواني او كوني اخر لمعادلة الجبر القانونية في هذا العالم ، ورأت ان التغيير في الانسان هو ايضا كالتغيير بباقي الاشياء الوجودية يُفرض على الانسان من الخارج ، وما افكاره وتصوراته وروحه وثقافته ... الا معادلة انعكاس مادية فُرضت عليه ماديا من الخارج ولهذا هو تابع للتغيير في عملية الخارج تماما ومن هنا طالبت المادية بقوّة في تغيير السيطرة على وسائل الانتاج الاقتصادية الخارجية لنتمكن من تغيير الداخل الانساني من الداخل ، لكن هذا لايعني ان المادية هي المصيبة في هذه الرؤية التي تجرّد الانسان من ميزته الانسانية العظيمة وهي ميزة القدرة على التغيير في واقعه الاجتماعه ، وليس فقط الخضوع للعملية التغييرية من الخارج !.
نعم : صحيح ان هذا التغيير هو تغيير حسب الرؤية الاسلامية التي ترى : ان تغيير الفكر والعقيدة والرؤية لأي انسان هي الاساس في أي عملية تغييرية جوهرية أسلامية يُراد من خلالها تغيير جذري للخارج الانساني وحسب مخططات الفكر الداخلية مما يعني وبلا لبس ان البداية دوما تبدأ من تغيير الانسان ثقافيا على التحديد ، ليخطو هو الخطوة التالية في مطالبته في التغيير الخارجي حسب مايعتقده حقيقة في داخله ويجب ان يكون ميزان الخارج مقنن حسب مخططات فكرة الداخل ، ولهذا قلنا : ان التغيير من وجهة النظر الاسلامية هو تغيير مختلف عن اي وجهة نظر اخرى تحاول طرح رؤيتها حول عملية التغيير هذه ، لكن المهم بالنسبة لنا الان هو ان ندرك ان عملية التغيير لها وجه واحد اصيل وحقيقي ومنسجم مع الكرامة الانسانية في هذا العالم من وجهة النظر الاسلامية ،الا وهي عملية التغيير التي ترى :
اولا : ان بداية التغيير كلمة يؤمن بها الداخل الثقافي الانساني وليس الخارج المادي .
ثانيا : ان مسؤولية ووظيفة العملية التغييرية هي انسانية مئة بالمئة ، وما الابعاد الالهية الخارجية الا روافد .
ثالثا : ليس هو تغيير كلّ ما جاء من الخارج لينعكس على الداخل الانساني وانما هو انتكاس او حالة صراع وجدلية في الحركة .
رابعا : ان عملية التغيير عملية ايمان فردي حسب خطة وبرنامج الاهي في الفكر الاسلامي .
خامسا : صورة انسجام تغيير الداخل مع الخارج هو قدرة انعكاس الداخل بصورته على الخارج وليس العكس ، فاذا آمن الفرد فكريا وثقافيا : ان صورة الحكم ( مثلا ) ينبغي ان تكون بين طرفين متساويين في الحقوق والواجبات ، بينما كان الخارج غير ذالك فاعلم ان هناك خلل في معادلة التغيير !.
أذن : نفهم من كل ماتقدم ان هناك صور ومنطلقات وثوابت واشكاليات ... في عملية اي تغيير مطلوبة ، وفي حال وجود خلل في الخارج او الداخل فتيقن ان كل حديث عن تغيير حاصل ماهو الاخرافة يُراد منها خداع الانسان في آماله العريضة فافهم !.
________________________
alshakerr@yahoo.com