الخميس، فبراير 26، 2009

(( سيرة الشيخين ابو بكر وعمر وثورة الحسين ع... بحث تاريخي !.))


(( سيرة الشيخين ابو بكر وعمر وثورة الحسين ع... بحث تاريخي !.)) حميد الشاكر ____________
( مقدمة )1:-لاريب ان معظم الدارسين والباحثين وكذا التأريخيين قد استوقفتهم تلك الكلمة التاريخية لعبد الرحمن بن عوف وهو يفصل في قضية من أهم القضايا التاريخية والاسلامية على الاطلاق ألا وهي قضية الخلافة بعد عمر بن الخطاب والتي اصبحت فيما بعد هي كلمة الفصل التي وجهت المسار الاسلامي السياسي في جهة معينة بعد مقتل الخليفة الثاني للمسلمين في سنة ثلاث وعشرين للهجرة ، وبيعة عثمان بن عفان على أساس انه الاقرب للتوافقات القرشية انذاك في مسألة الحكم والخلافة للمسلمين !.ولعلنا اليوم اذ نحاول تناول تلك الكلمة لعبد الرحمن بن عوف بنوع من التأمل الفكري ، فأننا في الجانب الاخر نحاول وبصدق معرفة ماهية تلك الكلمة التي وضعها كشرط للحكم في الاسلام ؟. ولماذا هي كانت بتلك الاهمية بحيث انها حسمت قضية الخلافة لعثمان بن عفان على صهر الرسول ووصيه علي بن ابي طالب ؟.وماقيمتها الاسلامية على الحقيقة ؟.وكيف كان يفهم جلّ صحابة الرسول هذه السيرة التي اطلق عليها وصف سيرة الشيخين ؟.وطبعا كل ذالك لالنثير هنا وهناك مواقف سياسية فحسب لهذا الصحابي او ذاك من صحابة رسول الله محمد ص في قضية خلافة عثمان بن عفّان او خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، بل لنسلط الضوء على نقطة في السياسة الاسلامية هي وحتى هذا اليوم تعتبر من اهم المحاور الذي تحركت بموجبها الكثير من الثورات الاسلامية داخل الاطار الاسلامي ضد النظم السياسية التي حكمت تاريخيا وحتى هذه اللحظة باسم الاسلام وحسب شعاراته !.ونعم اصحاب الادراك الواعي لمنعطفات التاريخ الاسلامي يدركون ان انتقالة الخلافة تاريخيا من عمر بن الخطاب بعد مقتله لعثمان بن عفّان ، وتجاوز اصحاب الشورى لعلي بن ابي طالب ع ، او تجاوز عبد الرحمن بن عوف من خلال كلمته وشرطه في قصة (( السيرة )) التي طرحها على اهل الشورى في نقل الحكم من علي بن ابي طالب الى عثمان بن عفّان ..... كانت من المنعطفات التي غيّرت كثيرا في المسيرة الاسلامية السياسية ، واحدثت بعدها ما احدثت من اشكاليات اجتماعية وسياسية وفكرية ... حتى افضت الى الانشقاق الكبير بين المسلمين ، وتحوّل مشروع الخلافة والحكم في الاسلام برمته من شكله الاسلامي النظيف الى لباسه الامبراطوري الملكي القيصري الكسروي الدنيوي الرثّ على يد ملوك وسلاطين بني امية في بداية مشروعهم السياسي الذي بدأ مرحليا في خلافة عثمان بن عفان ، وظهر فعليا للوجود في سنة واحد واربعين هجرية في ملكية معاوية بن ابي سفيان بعد استشهاد الامام الحسن بن علي بن ابي طالب مسموما !.أذن : ماهي تلك الفكرة التي ابتكرها عبد الرحمن بن عوف سياسيا او اوصى بها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف ليضعها كشرطا للخلافة الاسلامية ، والتي فعلت أفعالها الخطيرة جدا في ابعاد امير المؤمنين علي بن ابي طالب عن سدّة الحكم في وقت حرج وحسّاس جدّا لامة الاسلام ، وتمكين العائلة الاموية منه ، واحداث انشقاق قوي لفكرة الامة الواحدة ، ومن ثم تمكنّها من تغيير المعالم والملامح العامة لنمطية الحكم في الاسلام ؟.*********************( سيرة الشيخين )2:-روى الطبري في تاريخه / ج2/ ص 422 / في احداث سنة ثلاث وعشرين للهجرة بعد ذكر مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ، ووصية عمر بتشكيل مجلس شورى مؤلف من ستة صحابة كبار ( علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان ، والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابي وقاص ، وطلحة بين عبيد الله ) لتداول الرأي في مآل الخلافة وكيفية صناعتها من بعده على شرط ان تكون كلمة الفصل في النهاية لعبد الرحمن بن عوف قوله : انه لما دفن عمر بن الخطاب واجتمع عبد الرحمن بن عوف بكل اصحاب الشورى تقريبا ماعدى طلحة بسبب غيابه دعى في نهاية الامر علي بن ابي طالب ع ومن بعده عثمان بن عفان ليلقي عليهم بالكلمة الاخيرة في هذا الشأن (( فقال عبد الرحمن بن عوف : أنّي نظرت وشاورت فلاتجعلن ايها الرهط على انفسكم سبيلا ، ودعا علياًّ فقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده ؟.قال : ( يعني عليا) أرجو ان افعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي !.ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي ،فقال : نعم فبايعه !.أما في رواية المسور بن مخرمة التي هي عمدة الحادثة تقريبا لجلّ المؤرخين ، فقد روى الطبري في نفس المصدر الحادثة ولكن بشكل مختلف نوعا ما في جواب الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب في فكرة وشرط ( سيرة الشيخين ) مفادها :(( فقال : أنّي قد سألت عنكما وعن غيركما فلم أجد الناس يعدلون بكما ، هل انت ياعليّ مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر ؟.فقال :( يعني عليا) اللهم لا ولكن على جهدي من ذالك وطاقتي !.فالتفت ( يعني عبد الرحمن بن عوف ) الى عثمان فقال : هل انت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر ؟.قال : اللهم نعم .)).وكذا مارواه الطبري في صيغته الثالثة التي ذكر فيها عقد البيعة لعثمان ولكن في المسجد وعلى رؤوس الاشهاد حيث قاموا الى المسجد ، ولما صعد عبد الرحمن بن عوف المنبر تكلم :(( فأخذ عبد الرحمن بيده ( يعني عليّاً )فقال : هل انت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل ابي بكر وعمر ؟.قال : اللهم لا ، ولكن على جهدي من ذالك وطاقتي .... ثم فعل بعثمان مثل ذالك فقال عثمان : اللهم نعم .)) فبويع لعثمان اواخر سنة ثلاث وعشرين وبداية سنة اربع وعشرين هجرية ./ انتهى .أما في رواية ابن الاثير في الكامل في التاريخ فليس هناك عظيم فرق في النقل وفي الرواية ايضا حيث ذكر في احداث سنة ثلاث وعشرين هجرية قول عبد الرحمن بن عوف في قصة الشورى بقوله :(( فقال عبد الرحمن بن عوف : أنّي قد نظرتُ وشاورت فلاتجعلن ايها الرهط على انفسكم سبيلا ، ودعا عليّاً وقال : عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده ؟.قال : أرجو ان افعل ، فأعمل بمبلغ علمي وطاقتي !.ودعا عثمان فقال له مثل ماقال لعلي فقال : نعم نعمل !.فرفع راسه ( يعني عبد الرحمن ) الى سقف المسجد ، ويده بيد عثمان فقال : اللهم اسمع واشهد اني قد جعلت مافي رقبتي من ذالك في رقبة عثمان فبايعه ج2/ ص 464 )).وفي رواية السيوطي في تاريخ الخلفاء تحت عنوان ( فصل في خلافته ) يعني عثمان ينقل الصورة بشكل هذا نصه بلا ذكر لعرض سيرة الشيخين من قبل عبد الرحمن على علي بن ابي طالب ع ، بل الذكر يذهب مباشرة الى عرض سيرة الشيخين على عثمان فقط ، قال صاحب تاريخ الخلفاء :(( ثم أخذ بيد عثمان فقال : نبايعك على سنة الله وسنة رسوله وسنة الخليفتين بعده ، فبايعه عبد الرحمن وبايعه المهاجرين والانصار /ج1 / ص 61 )). وقريب من هذا النقل ما رواه احمد في مسنده عن ابي وائل قال : قلت لعبد الرحمن بن عوف كيف بايعتم عثمان وتركتم عليّاً ؟.قال : ماذنبي قد بدأت بعلي فقلت : أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة ابي بكر وعمر ؟.فقال : فيما استطعت .ثم عرضت ذالك على عثمان فقال : نعم / السيوطي / تاريخ الخلفاء/ ج1/ ص 61 .وفي رواية البخاري في باب (( البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رض )) بعد رقم (3747) قال : حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا ابو عوانة عن حصين بن عمروبن ميمون قال : رايت عمر بن الخطاب .... في حديث طويل نأخذ منه الشاهد : فأخذ بيد احدهما فقال لك قرابة من رسول الله ( يعني عليا ) صلى الله عليه وسلم والقدم في الاسلام ماقد علمت فالله عليك لأن أمرّتك لتعدلن ولئن امرّت عثمان لتسمعن وتطيعن ، ثم خلا بالاخر ( يعني عثمان ) فقال له مثل ذالك ، فلما اخذ الميثاق قال : أرفع يدك ياعثمان فبايعه )) وكما يُرى فان عادة البخاري بتر الاحاديث والاجتزاء منها كل ما من شأنه الابتعاد عن مفاصل الوضوح .أخيرا : نذكر ما رواه اليعقوبي في تاريخه ج 2/ ص 55/ تحت فصل ( أيام عثمان ) حيث ذكر مقولة عبد الرحمن بن عوف الزهري لعلي بن ابي طالب ع بعدما خلا به بما نصه :(( فقال : لنا الله عليك ، ان وليت هذا الامر ، أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة ابي بكر وعمر .فقال : أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت !.فخلا بعثمان فقال له : لنا الله عليك أن وليت هذا الامر ان تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة ابي بكر وعمر ؟.فقال : لكم ان اسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة ابي بكر وعمر .ثم خلا بعلي ........ فقال له مثل المقالة الاولى .فقال : ( يعني عليّاً)) إن كتاب الله وسنة نبيه لايحتاج معهما الى إجيري احد . انت مجتهد ان تزوي هذا الامر عني ...)) ***********************
(( أسألة حول ماهية السيرة ))
3:-مما ذكرناه آنفا يبدو انّ شرط (( سيرة الخليفتين او سيرة ابو بكر وعمر ، أو سيرة الشيخين )) كما ورد في الاخبار والاحاديث التاريخية هي الفكرة والنقطة والمحور الذي بسببها زُوى الحكم والخلافة عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ولو على سبيل الظاهر في مجلس الشورى العمري هذا ( نسبة الى عمر بن الخطاب ) وتحويلها الى عثمان بن عفان باعتبار انه صاحب كفاءة الموافقة بنعم على شرط الحكم لعبد الرحمن بن عوف الزهري صهره وقرينه !.والحقيقة لااريد هنا وفي هذا المنعطف ان اناقش الكثير من القضايا التي طرحت حول موضوعة سيرة الشيخين والتي لم تطرح ايضا ، فلا ارغب بمناقشة مثلا :اولا : مَن الذي ابتكر فكرة سيرة الشيخين في الحكم الاسلامي لتطرح كشرط يحمل ميزة واجب القبول وإلاّ ... لاخلافة ولاحكم في الاسلام بلا سيرة الشيخين ؟.ثانيا : وهل المبتكر لهذه الفكرة هو عمر بن الخطاب قبل موته أم انه عبد الرحمن بن عوف الزهري لغاية في نفسه بهذا الصدد ؟.ثالثا : هل ان حكم الكتاب والسنة النبوية المطهرة في الاسلام ناقص ولهذا تطلب الامر اضافة سيرة الشيخين او الخليفتين لهما ولهذا اصبح شرط الحكم في الاسلام قبولهما حسب ماكان يراه عبد الرحمن بن عوف؟.أم ان سيرة الخليفتين ليس لهما اي مدخلية في شرعية الحكم في الكتاب والسنة ، ولهذا رفض امير المؤمنين هذه البدعة من منطلق ان لااساس لها في الاسلام او الكتاب والسنة على الاطلاق ؟.رابعا : لاريب ان عبد الرحمن بن عوف لم يأتي ببدعة في الاسلام على فرض سلامة النوايا ، ولهذا اشترط سيرة الخليفتين ، كما ان عليّاً بن ابي طالب ايضا لايرفض اي شيئ فيه امتداد لحكم الاسلام ، وعليه كيف لنا ان نفسر موقف كلا الطرفين علي بن ابي طالب الرافض لفرض سيرة الخليفتين على الحكم في الاسلام ، وعبد الرحمن بن عوف الذي كان يرى في تلك السيرة شيئ لابد منه مع حكم الكتاب والسنة ؟.خامسا : ما الذي كان يخشاه عبد الرحمن بن عوف من حكم علي بن ابي طالب ع ان هو لم يوافق على السير بسيرة الشيخين ؟.هل كان يخشى عدله وانصافه وعدم محاباته في الحق لومة لائم ، ولهذا كانت سيرة الشيخين قد بنت نوعا من التجاوزات على الحكومة الاسلامية ، فخشي عبد الرحمن من علي بن ابي طالب ان يطيح بهذه المصالح للعائلة القرشية الكبيرة لهذا قدّم شرط الضمان على المكاسب التي نشأة في عهد الشيخين وعدم تعرض علي بن ابي طالب لها ؟.أم ان عبد الرحمن رأى في علي بن ابي طالب خطر ثوري قادم سينقلب على كل السيرة الماضية للشيخين ، ولهذا استشعر عبد الرحمن الخطر على سيرة الرجلين وان عليا بن ابي طالب لو قدّر له ان يكون هو القادم الجديد ، فأنه حتما سيكون الذي يطيح بكل تلك السيرة المتقدمة عليه من سيرة الرجلين ؟.سادسا : ثم لماذا علي بن ابي طالب ضحى بمشروع حكم ومنصب خلافة امة من اجل عدم قبوله بسيرة الرجلين ؟.وهل كانت السيرة للرجلين تمثل كارثة اسلامية على الدين والاسلام ولهذا كان رفض علي بن ابي طالب ع حازما جازما في هذا الامر حتى وان تطلب هذا الرفض التضحية بالحكومة الاسلامية وخلافة الامة ؟.أم ان لعلي بن ابي طالب فقط رؤية سياسية مختلفة المعالم والملامح السياسية فحسب عن سياسة الشيخين اراد علي بن ابي طالب ان يطبق نظريته الاسلامية السياسية بموجب مايدركه هو من العلم الرسالي الذي يحمله لاغير ؟.كل هذه محاور واسألة لدراسات عميقة وثرية وغنية بالعلم الذي ينبغي ان يُناقش ويُدارس ويُبحث اسلاميا للخروج بمشروع رؤية تاريخية وحاضرة للحكم في الاسلام وكيفية ادارته بصورة واضحة ، ولكنّ من جانبنا الان فسنبحث فقط ماهية مفهوم ( السيرة ) لندرك جزءا يسيرا جدا لموقف علي بن ابي طالب عليه السلام من سيرة الشيخين ولماذا تختلف سيرة علي بن ابي طالب عن سيرة حكّام وخلفاء وقياصرة وملوك المسلمين في التاريخ وحتى اليوم ؟!.
***************(( سيرة علي بن ابي طالب ع ))
4:-
السيرة في اللغة تأتي على وزن ( فِعْلة ) وفي اللغة العربية ايضا فرق بين (فَعْلَة) بفتح الفاء و ( فِعْلة) بكسر الفاء وسكون العين ، حيث ذُكر : ان العرب عندما تستخدم ( فَعلة ) بفتح العين ، فأنما يكون المقصود هو القيام بالعمل لمرّة واحدة ، في حين أن أستخدام العرب لوزن ( فِعلة ) يدللّ على القيام بالعمل بشكل ونوع خاص مع الاستمرارية والحركة !.أي ان وزن ( فِعْلة ) في الادراك اللغوي العربي يحمل في داخله نمط خاص من شكل حركة مستمرة ، وهكذا كلمة ( سِيرة ) بكسر السين ، فهي تأتي لغويا عربيا من مادة ( سير) وعلى وزن (فِعْلة) والسير يعني الحركة ، وعليه فأن ( السيرة ) تعني الحركة بطريقة او هيئة وشكل ونمط خاص ومعين !.قال ابن مالك في الفيته :وفَعلة لمِرّة كجلسة ... وفِعْلة لهيئة كجِلسة .أذن عندما يسمع الانسان العربي كلمة ( ِسيرة ) فانه يدرك ان المراد طريقة ونمط وهيئةٍ معينةٍ من العمل سواء كان عملا طبائعيا في طبيعة الانسان كهيئة جلسته ام انه عملا نمطيا سياسيا في ادارة الحكم والدولة !.والى هنا نستطيع فهم مراد الصحابي عبد الرحمن بن عوف الزهري في مقولته لعلي بن ابي طالب ع ( تبايع على كتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخليفتين ) على ضوء فهمنا وادراكنا لكلام ولغة العرب ومقاصدها ، كما اننا ندرك من خلال هذه اللفتة اللغوية العربية ، ان عليّاً بن ابي طالب ع ايضا كان يدرك تماما شرط عبد الرحمن بن عوف في جلسته الشورية ومراده ، وانه يريد بشرطه وادخاله ل( سيرة الخليفتين ) في معادلة الحكم والبيعة ، التزام علي بن ابي طالب ع بنفس نمطية الحكم وحركته وشكله وهيئته الذي كان قائما في زمن الخليفتين ابو بكر وعمر !.ويبدو الى هنا ان الشكل والنمط والحركة التي كان يحملها علي بن ابي طالب للحكم في الاسلام هي مختلفة تماما عن نمطية وشكل وحركة ورؤية الحكم للشيخين السابقين في خلافة الامة ، ولهذا رفض علي بن ابي طالب ان يقيّد مشروعه السياسي ورؤيته لادارة الدولة بالشكل الذي اقترحه عليه عبد الرحمن بن عوف في معادلة الحكم مقابل سيرة الخليفتين !.وحتى الان ليس هناك خلاف على كتاب وسنة اسلامية ، ولكن هناك بون شاسع حول الادارة وشكل الحكم ونمطية حركة القائد في قيادة الامة نحو المشروع السياسي الاسلامي ؟!.اذن هل كانت سيرة الشيخين فيها اخلال بعدالة او خروج على حكم الاسلام ، ولهذا امتنع علي ع عن الاقرار بعبقرية سيرة الشيخين وصلاحيتها للادارة المستمرة ؟.سؤال عرضي لااعتقد ان عليّا بن ابي طالب كان يشغل باله بجدية ايضا ، وكان بأمكان انسان غير علي بن ابي طالب ان يوافق على شرط ( الالتزام بسيرة الخليفتين ) كما فعل بالضبط عثمان بن عفان وحصد ثمار الحكم والخلافة كمرحلة مناورة سياسية ، سرعان مابان عوارها ونكث الالتزام بها ، حتى ان عبد الرحمن بن عوف نفسه مات وهو غضبان على عثمان بن عفّان وما احدثه من خسف خطير في سيرة الشيخين نفسهما ، لكنّ قائدا مثل علي بن ابي طالب فضلا عن انه كان يرى في خلافة وسيرة الشيخين مادة عرضية دنيوية متغيرة ومتجددة في كل زمن وجيل ولايمكن لها ان تكون سنة اجتماعية قابلة للتجدد والاستمرار والبقاء ، هو كذالك لايقبل ان يكون اطار سيرة الشيخين معتقلا يحدّ من حريته الفكرية والسياسية من الحركة الخلاّقة لاي حاكم وقائد امه !.اي بمعنى اخر : ان ماطرحه عبد الرحمن بن عوف من شرط ( الالتزام بسيرة الشيخين ) لتمرير بيعة الخلافة بعد عمر بن الخطاب لم يكن فحسب هو ضد الشرع الاسلامي في الكتاب والسنة النبوية المطهرة فحسب ، ولم يكن هو بدعة ماأنزل الله بها من سلطان ، ولم ........ بل هو كذالك شرط ضد سنن الحياة والمجتمع وادارة الدول ، فمعروف ان لكل زمان مراحله المتجددة ومستجداته المتنوعة ، وفرض نمطية معينة في الحكم واشكالية نظامية في الادارة ستعيق حتما تطور الحياة الاجتماعية فميزة السيرة المتجددة هي من مختصات سنن الانبياء والمعصومين في هذه الحياة لاغير باعتبار ان سيرهم ومشاريعهم السياسية مشاريع وسير الاهية كلّية تضع المقاييس العامة لحركة الحكم و تأخذ بنظر الاعتبار تغيرات الزمان وتقلبات الدهور والاحقاب ، ولهذا هي سنن وسير متجددة لكل زمان ومكان وانسان إن عصمت من التحريف ، أما ان نفرض نحنُ هذه النمطية او تلك السيرة لخليفتين لاهما انبياء ولارسل ولا من اصحاب الاتصال اللاهوتي المطلق ، فهذا يعتبر اعاقة صريحة لحركة الحياة السياسية المتطورة بطبيعتها وغاياتها واليات الحركة فيها لاسيما ان اخذنا بوجهة نظر عبد الرحمن بن عوف الذي جعل سيرة الشيخين هي الميزان لكتاب الله وسنة نبيه ولم يجعل كتاب الله وسنة نبيه هي الميزان لسيرة الرجلين كما طرحه علي بن ابي طالب ع في رؤيته !.ومن هذا لايمكن لقائد كعلي بن ابي طالب ع مبدع في فكره وفي ادارته للحياة والمجتمع ان يقبل بأن تفرض عليه صورة محددة لنظام الحكم وطريقة وحيدة لادارة الدولة وسيرة خليفتين لايرى فيهما علي بن ابي طالب الا انهما اقل منه علما بالدين واقل منه ادراكا لادارة الدولة ، بل ولاينبغي في عرف علي بن ابي طالب ان تفرض اي سيرة اخرى سواء كانت للخليفتين او لغيرهما ماعدا سيرة الرسول الاعظم محمد ص الكلّية باعتبارها الاهية معصومة وشاملة في ادارة الشأن السياسي العام المتغيرة والمتطورة مع الازمان كسنة من سنن الله في خلقه سبحانه وتعالى ولن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن تجد لسنة الله تحويلا !.وعليه وعلى كل المقاييس كان يدرك عبد الرحمن بن عوف وغيره ان ليس علي بن ابي طالب من النوع الذي يقبل بمثل هذا الشرط مطلقا ، بالاضافة الى ادراك عبد الرحمن بن عوف ان ليس علي بن ابي طالب من النوع الذي يمكنه استخدام سياسة المناورة والكذب بالعهود والنقض للمواثيق التي تبرم في سبيل الحصول على البيعة والخلافة والحكم كما يفعل غيره بمقولة (نعم ) !.ومن هنا كان الشرط يبدو لوهلته الاولى انه خِيط بشكل متقن لعرقلة وصول علي بن ابي طالب لسدة الخلافة من جهة ، ولضمان البقاء على الوضع القائم بكل تراكماته السابقة ومصالحه المتراكبة كما هو عليه لتبقى حركة الحياة بسكون وجمود وموت سريري على سيرة الشيخين حتى اشعار اخر !.ان رفض علي بن ابي طالب لقضية وجوب الالتزام بسيرة الشيخين في ادراته للحكم لم يكن رفضا سلبيا مطلقا بحيث انه يرفض الالتزام بمنهج الشيخيين او الخليفتين ابي بكر وعمر في مقابل عدم التزامه باي منهجية وسيرة سياسية اسلامية اخرى غير واضحة المعالم للامة المسلمة وجمهور صحابة رسول الله ص ، وأنما كان رفض علي بن ابي طالب ع مبنيّ ايضا على الحكم بالكتاب والسنة التي هو افقه انسان فيهما واعلم واعدل مسلم في هذا الباب ، حتى ان الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان يرى في حكم علي بن ابي طالب انه حمل للامة على المحجة المحمدية البيضاء التي لاتشوبها شائبة لولا دعابة حضارية كانت في علي بن ابي طالب ع تمّيز اخلاق الرحمة والعطف والليّن في علي بن ابي طالب عن غيره من غلظة وقسوة وخشونة البداوة !.أذن علي لم يكن يتخذ الموقف السلبي من سيرة الشيخين على اساس انه موقف سلبي لاغير ، بل انه كان في المقابل يطرح سيرته وجهده وطاقته في الحكم كبديل لسيرة الشيخين التي يريد عبد الرحمن بن عوف فرضها على سياسة وادارة امير المؤمنين علي بن ابي طالب ع لشؤون الدولة وادارة المجتمع ، وكما نقلناه سابقا فأن الروايات التاريخية تكاد تكون مجمعة على ان علي بن ابي طالب ع كان يُعلن وبكل صراحة امام عبد الرحمن بن عوف وباقي صحابة رسول الله ص : انه ان تولى الخلافة فانه سيسير بكتاب الله العظيم وسنة رسوله ص الواضحة وطاقته واجتهاده في الحكم على اساس منطقة الفراغ الطبيعية السياسية التي يمارس فيها اي امام سيرته الذاتية في الادارة والحكم !.وهذا مايبدو ما كان يرعب جلّ الصحابة من علي بن ابي طالب ، وهذا مايبدو انه السبب الاصيل الذي دفع عبد الرحمن بن عوف وغيره بوضع شرط سيرة الخليفتين كعقبة أمام مشروع علي بن ابي طالب الاسلامي في ادارة الحكم والسياسة !.ولكنّ واتماما للرؤية علينا ان نتساءل كشكل طبيعي لدراسة الموضوع من كافة جوانبه الممكنة البحث والدراسة لنقول : وماهي سيرة علي بن ابي طالب الذي جلبت عليه كل هذه المآسي والمظالم التي وقعت على كاهله ولسنين متطاولة ؟.وهل كان لعلي بن ابي طالب سيرة أصلا لتكون هي النموذج الاخر في الاسلام بين سيرة الخليفتين ابي بكر وعمر وسيرة علي بن ابي طالب ؟.
****************
(( ثورة الحسين ع من اجل سيرة علي ))
5:-
ان المتتبع للشعارات الحسينية التي بُنيت على اساسها الثورة والنهضة الحسينية المباركة سنة 61 هجرية سيرى ان من ضمن الشعارات التي نادى بها الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ع هو شعار :(( أُريد أن آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي وأبي )) وقد جاء هذا الشعار في الوصية التي وجهها الحسين بن علي ع الى اخيه محمد بن الحنفية الذي كان مشلولا انذاك !.ومايثير في هذه الوصية الحسينية حقا هو ليس شعار خروج الحسين بن علي بن ابي طالب ع لطلب الاصلاح في امة جده رسول الله ، ولاهو شعار :آمر بالمعروف وانهي عن المنكر !.وانما الاثارة متأتية من زاوية شعار الحسين بن علي ع الذي ذكر فيه قوله :(( وأسير بسيرة جدّي وأبي )) فهل كان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر شيئا مختلفا عن سيرة الرسول الاعظم محمد ص وامير المؤمنين علي بن ابي طالب ع ، ولهذا ذكر الحسين السيرة منفصلة عنهما ؟.طبعا كان هناك فرق بين الدعوة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر الشرعي الاسلامي ، وبين السيرة التي كان يدعو لها الحسين بن علي ع كشعار لثورته الاسلامية في كربلاء !.ومنشأ هذا الاختلاف ومكمنه هو في : ان السيرة مصطلح كان يستخدم كما ذكرنا في الذهن العربي للكيفية والهيئة والنمطية والحركة في الحكم والادارة وسياسة الدول !.اي ان الحسين بن علي بن ابي طالب ع لايكفيه ان يُعلن للامة انه خرج لطلب الاصلاح والدعوة لاقامة العدالة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر لاغير ، بل هو بحاجة ايضا ليوضّح للامة برنامجه السياسي الاني الدنيوي المتغير والمتجدد والمتطور ، او سيرته التي يحاول تطبيقها بعد وصوله للحكم وادارة الدولة ، ومن هنا جاءت وصية الامام الحسين ع وشعاراته متكاملة في جميع فروعها واصولها الاسلامية !.ونعم ان الحسين كان امام هدى وداعية اسلام وصلاح وعدالة وحرية وأمر بمعروف ونهيي عن منكر ، لكن كلّ هذه الشعارات تتصل بالجانب الديني والشرعي والاسلامي العام الذي بامكان اي داعية القيام والدعوة ورفع الشعارات لهن ايضا ، أمّا مايتعلق بالجانب السياسي والسيرة الادارية وماسوف يسير به الحسين بن علي بن ابي طالب من سياسة ؟.فقد ذكر الحسين بن علي ع نموذجي سيرة جده رسول الله ص وسيرة ابيه علي بن ابي طالب ع !.أذن من اهداف ومبادئ وشعارات الحسين بن علي الغير مركّز عليها بشكل مكثف من قبل الكتّاب والباحثين هو شعار وهدف ومبدئ انتفاضة وثورة الحسين بن علي بن ابي طالب ع من اجل احياء سيرة الرسول الاعظم وسيرة علي بن ابي طالب عليهما السلام جميعا السياسية والادارية بالخصوص ، وليس سنة الرسول الشرعية والدينية مع ان بني امية قد تمادوا حتى على سنة رسول الله ص الدينية والشرعية ايضا !.ان السيرة بهذا المعنى كأنما هي شيئ قريب جدا مما طرحه فيما مضى عبد الرحمن بن عوف في شرطه على اصحاب الشورى للخلافة ب (( بسيرة الخليفتين )) والتي اعتبرها عبد الرحمن شرطا اساسيا للقبول بتولية مَن يريد ان يحكم الامة والجمهور الاسلامي ، وعلى هذا ايضا نفهم : ان عبد الرحمن بن عوف لم يكن يخلط بين الكتاب والسنة وسيرة الشيخين بلا ادنى روية ، بل انه كان واعيا جدا ان في الاسلام ثلاث محاور اساسية لابد ان تكتمل ليقوم الحكم في الاسلام :الاول : كتاب الله سبحانه وتعالى .والثاني : سنة رسول الله ص مبيّن الكتاب وواضع احكام الاسلام .والثالث : هو محور سيرة القائد واجتهاده وطاقته !.في حالة علي بن ابي طالب ع كان علي بن ابي طالب صاحب سيرة ومشروع سياسي وادارة دولة وهيئة حكومة من نوع خاص قريب جدا لمشروع وسيرة الرسول الاعظم محمد ص في ادارته للمجتمع وسياسته للدولة في الحرب والسلم ، وكيفية توزيعه للثروة واعطائه المناصب الادارية والسياسية والعسكرية هنا وهناك ، كما هي الحال في سيرة علي بن ابي طالب الذي كان يحمل مشروعا سياسيا لايعير كبير اهتمام للتوازنات القبلية الاسلامية القائمة ، ولاهو في وارد ان ان يجامل هذه القبيلة او تلك على حساب العدالة الاسلامية وقيام المحجة البيضاء كما وصف عمر بن الخطاب سيرة علي بن ابي طالب ع !.أمّا في حالة عبد الرحمن بن عوف وكذا من قال نعم لسيرة الشيخين ابو بكر وعمر فلم يكونا اصحاب رؤية سياسية او اصحاب مشروع مستقبلي مستقل ومبدع ودافع للمجتمع للامام والتقدم ، وانما اكتفى كل منهما للرجوع والعودة وتقرير الوضع السياسي على ماهو عليه عندما اشترط عبد الرحمن (( سيرة الخليفتين )) كرؤية وسيرة سياسية صالحة للمرحلة المستقبلية وما بعدها !.وهكذا بالضبط كانت ثورة الحسين موجهة الى الحكم ب :اولا : كتاب الله .ثانيا : سنة محمد رسول الله .ثالثا : وسيرة النبي محمد السياسية والامام علي بن ابي طالب ع .وفرق كبير بين سيرة الشيخين بالنسبة للحسين وثورته وبين سيرة الرسول ص وعلي بن ابي طالب ع !.ان الثورة التي يخشى منها الى هذا اليوم أعداء الحسين وعلي هي : ليست الثورة التي سوف تغيّر بمعادلات كتاب الله وسنة رسوله ص في واقع الحياة الاجتماعية الاسلامية ؟!.انما هي الثورة التي تهدف الى اعادة السيرة ، سيرة محمد ص وعلي بن ابي طالب ع ، والحسين بن علي الذي دفع دمه الطاهرة من اجل احياء سنتها السياسية !.كما ان الثورة التي ميّزت أمة الاسلام الى شيعة وسنة هي هي نفس الثورة التي واحدة منها ترى في سيرة الشيخين السيرة التي لامحيص من التعبد بها الى يوم القيامة ، وانها شرط الحكم ، وانها المفصل الذي علىاساسه يقبل الحاكم والخليفة ، بينما ترى الاخرى ان سيرة محمد ص وعلي بن ابي طالب والحسين بن علي ع هي السيرة التي تعطي معنا للحياة وقاعدة للحركة والتطور وعزة للانسان وكرامته وحقوقه !._____________
al_shaker@maktoob.com

السبت، فبراير 21، 2009

( شعبنا الكلدوأشوري سرياني ... في قناة عشتار الفضائية )) حميد الشاكر


(( شعبنا الكلدوأشوري سرياني ... في قناة عشتار الفضائية )) حميد الشاكر ____________
لسرٍ ما وكلما أردتُ أقناع نفسي بأن أحبتي الكلدانيين والاشوريين والسريان شعب مستقل عن العراقيين او ان لهم خصوصية ما تفرض كونهم مكوّن عراقي مميز يختلف عنّي انا ابن الجنوب او الوسط او الشمال ، وجدتني أفشل بكل جدارة في تصديق ذاك الوهم الذي يميز العراقيين لطوائف وقوميات واثنيات واديان ومللٍ ونحل ، مع انني لاأخفيكم سرّا اشعر بنوع من الاحترام لهذا التنوع وأقرّ بانه موجود وقائم !.ولسرٍ ما ايضا لاأعلم ماهو أشعر بالامتعاض والقهر وربما الحزن ... او شيئ أخر ينتاب روحي المجرّدة ، ليعتصر وجودها ألما لخمر الحياة ، عندما اسمع هذه الفضائية العراقية او تلك لها سياسات وخطابات قومية او تمييزية او طائفية أو اثنية تتميز بحدّة عن الخطاب العراقي العام الذي يصهر جميع الناس في شرعة العراق الموحدة !.وفي كثير من الاحيان ينشأ هذا الجدل الازلي بين الانسان ونفسه كحالة تعبير عن قهر من نوع آخر في وحدة الانسان وغربته ، لأقول لذاتي العراقية التي مزقتها السياسة والدين والقومية كذبيحة كلٌّ يريد حصته للطبخ والشواء على مائدة العشاء الاخير ، أقول : ياولد دعك من هذا وذاك ، فكلٌ يغني على ليلاه ، واينما تذهب المصالح والمنافع تجد القوميات والطوائف والسياسات كان لها الصوت الاعلى !.ولكنّ حتى في رحلة الذات مع الانّا هذه أجد نفسي مجددا أسير الوحدة العراقية التي لاتقبل الضرائر من قوميات وطوائف واثنيات ومصالح ، لأعود من جديد في ابتكار الكآبة عندما تسمع الخطاب التمييزي العنصري هنا وهناك يلفظ انفاسه الخشنة وهو يقول ( شعبنا ) بصيغة الجمع ولكن ليس الجمع العراقي العام ، وانما الجمع القومي الحصري الخاص !.الحقيقة انا من عشّاق متابعة برامج الفضائية العراقية عشتار مع انني لاامتلك فهم اللغة الاشورية ، ولكن في فترات البثّ العربي تجدني وعائلتي بلا أعتراض نذهب لمتابعة ماتقدمه لنا فضائية عشتار العراقية الجميلة من اخبار ومن دراما ومن تقليعات ، ونتمتع ايضا كثيرا انا وعائلتي بنوعية الملابس القومية الكلدواشورية السريانية وهي ترتدي الالوان الجميلة وريشة الطواويس والنسور ... وباقي الزي القومي لامتنا وشعبنا من الكلدواشوريين وسريان !.ولكن وفي لحظة من اللحظات وعلى حين غرّة وساعة صفى وانسجام عراقي يشوبه الانصهار بروح الماضي والحاضر ، أفاجأ بكابوس اسود ، وكارثة شيطانية تزحف كأفعى سوداء على شاشة الفضائية العشتارية العراقية وهي تكتب الاخبار في اسفل الشاشة بلغة :(( احتفل شعبنا الكلدواشوري السرياني .... اجتمع ابناء شعبنا من الكلدواشوريين والسريان .... خاطب الاب المار ابناء شعبنا من الكلدواشوريين والسريان ... طالبت الجمعية الفلانية بضرورة ان يكون لشعبنا الكلدواشوري السرياني حقوقه السياسية .... تعزي قناة عشتار الفضائية ابناء شعبنا الكلدواشوري السرياني اهالي المصابين والشهداء الذين وقعوا حصاد العمل الارهابي ....)) عندها وبلا شعور مفتعل منّي اتساءل : ما المقصود بمثل هذه الكليشات الاخبارية التي تظهر اسفل شاشة قناة عشتار الفضائية وهي تحمل جميع انواع التمييز العنصري الذي يفصل المشاهد الى نوعين ، الاول من ابناء الشعب الكلدواشوري السرياني الذي تخاطبهم القناة بحميمية الشعب الواحد ؟!.والثاني : هو النوع الاخر الخارج عن الشعب الكلدواشوري السرياني ، والغريب والزائر والضيف المشاهد لقناة عشتار الفضائية ؟!.ثم لماذا اختارت قناة عشتار شعبها من قوميات معينة داخل العراق فحسب ؟.وهل يعني هذا ان لقناة عشتار موازين محددة تحدد من نوعية الشعب الذي تعترف به ، بغض النظر عن الشعب العراقي العام الذي لايدخل في حيّز الشعب الكلدواشوري السرياني صاحب حضوة الخطاب لقناة عشتار الفضائية ؟.واذا مافتحنا الباب واسعا لكل قومية او طائفة او اثنية في العراق لتخاطب شعبها بالخصوص ، لنسمع مثلا : العرب يخاطبون ابناء جلدتهم في قناتهم الفضائية العربية ب : ابناء شعبنا العربي ، والكرد يخاطبون ابناء قوميتهم ب : ابناء شعبنا الكردي ، واليزيدي يخاطب اهله بخطاب : ابناء شعبنا الايزيدي ، وكذا الصابئي ، ولنعود مجددا للخطاب الطائفي لنجد ان فضائية ابناء السنة في العراق يخاطبون ابناء مذهبهم من خلال فضائياتهم ب : ابناء طائفتنا السُنية ، وكذا اصحاب فضائية المذهب الشيعي يخاطبون ابناء طائفتهم بخطاب : ياابناء طائفتنا الشيعية ، وهكذا المسيحيين عندما ترتأي فضائياتهم العالمية ان يكون خطابه ب : يا ابناء ديننا المسيحي ..... وهكذا ، فالى اين نصل بعد ذالك ؟.واين العراق في كل هذه المعمة الخطابية المتلونة بحيث اننا لم نعد نسمع بخطاب : يا ابناء امتنا العراقية الواحدة ؟.هذا هو بالضبط ما عنيته عندما انتابني كابوس خطاب قناة عشتار الفضائية وهي تكتب وتقرأ اخبارها المحلية والعالمية بلغة :(( ابناء شعبنا )) و (( ابناء شعبكم )) !.انا ابن الجنوب العراقي لااشعر مطلقا ان هناك فاصلا قوميا او دينيا او زمنيا بأمكانه ان يقسم شعبنا العراقي الواحد ، وهذا ليس لانني ملاك سماوي طاهر ومقدس من دنس الحياة ، ولكنّ لأنني مؤمنٌ بحقيقة اننا شعب واحد وان اختلفت التسميات وتعددت القوميان وتطورت الاديان والمذاهب والاتجاهات !.نعم نحن شعب واحد باذهان وعقول متنوعة ومختلفة ، وفي زمن من الازمان كنت اشوريا وكلدانيا وسريانيا ، وكذا كنت سومريا ، حتى اصبحت عربيا وكرديا واسلاميا ومسيحيا وصابئيا ويزيديا ، وسنيا وشيعيا ..... حسب تطورات الحياة وتغيرات الزمان ، والفرق بيني وبين اي فرد من افراد الشعب العراقي المختلف عنّي قوميا او دينيا اليوم هو انه ولعدة عوامل اجتماعية وجغرافية وسياسية بقي اشوريا ، واصبحت انا عربا شيعيا مسلما ، وكلٌ منا اليوم مستقر وراضي بحاله وما آلت اليه حياته !.أبعد هذا كله هل استحق من قناة عشتار الفضائية ان تخاطبني كغريب على شعب عشتار وان كنتُ من المرتدين فكريا او المتحولين جنسيا ؟.هاكم ياقناة عشتار وريدي الجنوبي العربي الذي تشيّع للعدالة والحرية والكرامة فأقطعوه ولتأتوا باي وريد انسان اشوري او كلداني او سرياني ، لتروا دمائنا هل هي مختلفة مهما اختلف الظاهر والجسد والبشرة والالوان من جرّاء عوامل الطبيعة والجغرافية ؟.واذا كانت الدماء هي هي عراقية فلماذا هذا الخطاب لشعبكم الكلدواشوري السرياني لأجد نفسي على قناتكم كلقيط رمته احد جواري نبوخذ نصر على معبد احد الدراويش الشيعة في زمن الكآبة والاستنبال الفكري ، او كيتيم يحاول تأكيد نسبه للامبراطور السوبر ، او ليجد نفسه كأحد العبيد الذي سباهم في يوم من الايام احد ملوك بابل ليخاطبهم فيما بعد بلغة لاترقى الى خطاب :(( ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني العتيد )) ؟.ألم يأن الوقت ياقناة عشتار العراقية ان يكون خطابكم لكل العراقيين ليكون ابناء العراق كله ومهما اختلفت تفاصيلهم ابناء شعبكم العراقي بدلا من شعبكم الكلداني الاشوري السرياني فحسب ؟.وألم يحن الوقت لتكون كل افراح واحزان شعبكم العراقي هي احزان وافراح لكم انتم قبل اي شخص اخر باعتبار انكم الاصالة وريحة التاريخ وقاعدة الامة ؟.ألم يأتي الزمان لاسمع او ارى حسين الشيعة عليه السلام حاضرا مع شعبكم الكلداني الاشوري السرياني بأحزانه كما رايت في المقابل مسيح الكلدواشوريين السريان حاضرا بقوّة في مأتم الشيعة الحسينيون في كربلاء هذه السنة ؟.______________
al_shaker@maktoob.com

الأربعاء، فبراير 18، 2009

(( هل أتعجب من وقاحة عبدالرحمن الراشد أم من غبائه ؟. )) حميد الشاكر


(( هل أتعجب من وقاحة عبدالرحمن الراشد أم من غبائه ؟. )) حميد الشاكر___________
تحت عنوان (( خيار العراقيين : نموذج ايران أم الخليج )) كتب عبدالرحمن الراشد صاحب جريدة الشرق الاوسط في العدد 11040 /18 فبراير 2009 / مقالا حول مصير او مرجعية الدولة العراقية الجديدة وتوجهاتها المستقبيلية بين النموذج الايراني البعثي التسلحي حسب مايراه الراشد ، وبين النموذج الخليجي الوديع والمُسالم ، وهذا كله جاء بعد ان ذكر الراشد مؤشرا : ان هناك صفقة تسلح تحاول الدولة العراقية من خلالها اعادة تاهيل القوات المسلحة العراقية المدمرة بصفقة سلاح بخمسة مليارات دولار فحسب لأعادة تاهيل القوة العسكرية الدفاعية من، وعلى هذا رأي عبد الرحمن الراشد في هذه الخطوة من قبل الدولة العراقية انها مؤشر الى العودة لدولة التسلح والتغوّل العسكرية التي تُنفق على التسلح في مقابل اهمال الاعمار والبناء في العراق حالها في ذالك حال دولة الصداميين فيما مضى وحال ايران فيما بقى ، واخيرا مآل هذه الاسلحة وتلك المليارات التي تُصرف عليها ، حسب رؤية الراشد : مآلها الى الخردة والتكديس الفوضوي لاغير ، ومن هنا فعلى العراق الخيار بين أمرين ، أما ان يحتذي النموذج الايراني التسلحي ، أو انه يختار النموذج الخليجي السلمي غير التسلحي !.والحقيقة انا أمام هذا الطرح والرؤية والمنظور السياسي لعبد الرحمن الراشد في الشأن العراقي بحيرة يخالطها التعجب والتساؤل في الآن الواحد ، فهل أتعجب من هذه الوقاحة والفجاجة التي يتحدث بها عبدالرحمن الراشد الذي يبدو انه اتخم اموالا بترولية حتى دخل في حالة التنبلة الاخلاقية ؟.أم أتعجب واستغرب للغيبوبة الفكرية والاستحمار العقلي الذي اوصل الراشد وامثاله الى منسوب من الغباء والغيبوبة مُشينة تماما لاصحاب القلم ومدعي الثقافة ورافعي شعار الصحافة ؟.ولعمري ورب السماء وما بناها والارض وما دحاها لم تكن نظرتي هذه للراشد وماكتبه ويكتبه كل يوم منشأه التحامل الشخصي او الدوافع السياسية او غير السياسية ، ولكنها نظرة ترى اشراط ساعة آخر الزمان عندما يتحول الانسان بارادته الى حمار عقور ، وكلب مسعور ، والاّ برب القارئين وما وعوا والكاتبين وماسطروا : هل يحق لعبد الرحمن الراشد وغيره من طابور التصهين السعودي ان يتحدث عن التسلح وكيفية انه معيب لدولة كالعراق ؟.وهل يعي عبد الشيطان الراشد وامثاله عن اي عراق يتحدث ؟.وفي اي خيار يخيّر العراق واهله ؟.لدينا في المثل العراقي يُقال : يابن أمّ الرجولة !.قال : حساب يكون .لنسأل : عبد الشيطان السفيه الآن عن دول التسلح في العالمين العربي والاسلامي ولنرى : من هي الدول التي تتقاضي العمولات وتدّوي بعدها الفضائح والسرقات ، دولة العراق الجديدة أم المملكة العربية السعودية ودول الخليج بالذات التي يريد السفيه عبد الشيطان الانتساب عراقيا لها ولامثالها ؟.هل نسي او تناسى عبد الشيطان السفيه هذا ان صحيفته بالذات وصحف العربية السعودية بشكل عام هي من تحدث بفجاجة عن فضيحة صفقة اليمامة السعودية البريطانية التي اعتبرتها الصحف البريطانية انها اكبر واخطر صفقة تسلح في القرن الماضي والحاضر ؟.ألم يصرحّ ولي العهد السعودي سلطان بن عبد العزيز نفسه للصحف السعودية بعد أن فاحت الريح النتنة لصفقات التسلح السعودية : ان مبلغ سبعين مليار دولار لصفقة الاسلحة البريطانية ( 48 طائرة تايفون يورفايتر )سوف لن تؤثر على التنمية الاقتصادية في المملكة العربية السعودية كنوع من تطمين الراي العام السعودي ان كان هناك وجود اصلا لهذا الرأي ؟.فهل العراق الذي يحاول ترميم تسليح جيشه المحطم والمدمر نهائيا لحماية بلده بسبعة مليارات دولار هو دولة التسلح المرعبة بينما المملكة السعودية التي صفقة واحدة من صفقاتها التسلحية المشبوهة بسبعين مليار دولار ليست من دول التسلح العبثية ، ولهذا يدعونا السفيه عبد الشيطان لنكون من دول الخليج السلمية والابتعاد عن ايران التسلحية ؟.هل نسي او تناسى عبد الرحمن بن ملجم ، (عفوا عبد الرحمن الراشد) : درع الجزيرة وكيفية اموال البترول الطائلة التي انفقت عليه ثم تبخر هذا الدرع كأنه لم يكن شيئا موجودا ؟.هل غاب وهو ليس ببعيد الخبر الذي تناقلته كل صحف العالم بما فيها موقع البي بي سي البريطاني عن عبد الشيطان السفيه الذي نقله في صحيفة الشرق الاوسط نفسها صفقات التسلح السعودية مع شركات داسو الفرنسية ، وكيفية الاخذ والرد الذي دار حول المقاتلات (رافال) الفرنسية الصنع ، وكيف ان هناك منافس يزاحم الفرنسيين في رزقتهم التسلحية عندما دخلت بريطانيا على خطوط الصفقات للترويج لبيع المملكة العربية السعودية مقاتلات ( بي اي اي bae) سيستمز بقيمة ستة مليارات جنيه استرليني ؟.وكيف غاب عن عبد الرحمن الراشد قبل ان يتحدث عن الدول والتسلح : ان الامير بندر بن سلطان اشهر من نار على علم في العالم كله : انه من اهم تجّار الحروب والتسلح والاجرام في العالم ، ولا اخطر من صفقة طائرات الاواكس الامريكية التي ابرمها الامير بندر بن سلطان مع رونالد ريغن الرئيس الامريكي ، وبعدها اليمامة ، وغيرها الصواريخ الصينية التي اغاض بندر بها الولايات المتحدة لعدم بيع المملكة السعودية بعض الاسلحة عالية التقنية ...الخ ؟.أبعد هذا الغيض من الفيض يكتب عبد الرحمن الراشد للعراق وللعراقيين : ضرورة الاختيار بين ايران التسلحية أو دول الخليج السلمية ؟.لكنّ الغريب العجيب هو ليس دعوة عبد الشيطان السفيه أو عبد الرحمن الراشد للدولة العراقية في حتمية الاختيار بين دول التسلح وغيرها !.ولا الغريب العجيب غفلة وتغابي عبد الرحمن الراشد عن دول التسلح في المنطقة العربية وغير المنطقة العربية ، وكيفية تبذير الميارات البترولية الخليجية الطائلة عليها ؟!.ولا الغريب العجيب نسيان امثال عبد الرحمن الراشد لانفسهم وقيمتهم التافهة امام العراق ليتحدث بمثل هذه اللغة للعراقيين ؟......الخ .أنما الغريب والعجيب والمذهل حقاً هو : تبرير أبن الحلال عبد الرحمن الراشد لموقفه ودعوته للعراقيين : انه لايرغب ان تكون دولتهم الجديدة صاحبت هواية جمع السلاح ليصبح مصيره كخردة مهملة في المخازن العراقية باعتبار اننا العراقيون أما سوف لن نستخدم هذا السلاح مطلقا ، أو ان العالم سيأتي مجددا ليفكك ترسانتنا العراقية من الاسلحة لتصبح خردة لاغير ؟.هل رأى العالم الانساني وغير الانساني مثل هذا العبد الرحمن الراشد ؟.على الاقل ياسيد عبد الشيطان السفيه العراق وان كنّا نختلف مع دكتاتورياته السابقة كان يتسلح ليقاتل ويغزو ويرهب الاخرين ويعتدي ويشاغب على العالم وعلى جيرانه ايضا !.ولكن قولوا لي برب العرب والعجم لأي شيئ دول الخليج العربي تنفق كل هذه الاموال على التسلح الذي لم يسمع العالم في يوم من الايام ان الخليجيين يفكرون ولو فقط بالدفاع عن انفسهم واعراضهم بها ؟.قولوا لنا يأمة العقلاء والقرّاء والكتاب : عن اي شيئ يتحدث هذا المعتوه العتلّ الزنيم عبد الشيطان السفيه المدعو عبد الرحمن الراشد عندما يحاول منع الدولة العراقية من التسلح لحماية الوطن العراقي ، بينما يتغابى عن فضائح خليجه ونتانة رائحته المخجلة بين الامم والشعوب عندما تدفع الاموال من قوت الشعب الخليجي لتكتب صفقات وهمية لسلاح لم يأتي اصلا لمخازن الجيوش الخليجية ؟.ياعبد الرحمن الراشد الاتستحي بكتابة مثل هذه التحليلات التي يخجل منها حتى المبتدأ في عالم الكتابة والتفكير والسياسة ؟.ثم لنترك كل مامضى ،ولنعود لصلب الموضوع ولنتساءل : اولا من قال لعبد الرحمن الراشد وغيره ان العراقيين بصدد التفكير ان يكونوا ذيلا اما لايران او لدول الخليج العربية ؟.وثانيا : من انت ياعبد الرحمن الراشد أصلا لتخيّر العراقيين بين هذا وذاك ؟.وهل انت الا قلم مأجور وموظف تافه يرّوج لسياسة التخلف والاستسلام والانبطاح والرجعية في المنطقة العربية ، ويكتب طربا وفرحا عندما يرى دماء الاطفال العربية والفلسطينية والعرااقية تسفك على يد الارهاب الصهيوني والتكفيري الصدامي السلفي ؟.أللعراق ياعبد الشيطان السفيه تلقي بزعابيلك اعتقادا منك ان العراقيين يتحرقون شوقا لترفكم الخليجي الذي تدفعون ثمنه ذلاّ وخضوعا ودونّية للعالم الاستعماري الغربي الحديث الذي يمنّ عليكم بالحماية ورمي الفتات لتأكلوا منه في الحضائر موادعين كأي قرد اليف في حديقة حيوان صغيرة ؟.ألا تعلم ياسيد عبد الرحمن الراشد انك انت وامثالك عارٌ على مجرد حملكم لاسم الانسانية والعروبة والاسلام ؟.فكيف سوّلت لك نفسك ان العراقيين اصحاب دولة وفكرة الحسين بن علي الحسينية ( هيهات منا الذلة ) يشرّفهم ان ينتسبوا لك او لامثالك من الخليجيين وغير الخليجيين العرب والعجم ؟.الا تعلم ان ابسط شحّات في العراق ، واصغر متسول ، يحمد الله ويشكره الف الف مرّة انه خلقه عراقيا عزيز النفس ابي الضيم صاحب كرامة وشجاعة تنتفض للعرض والوطن ، بدلا من ان يخلقه ديوث لايرى للكرامة موقع ولا للشرف والاستقلال والرجولة موقع من امثالك وامثال غيرك من تنابلة البترول الخليجي الذي ان صففتهم مع اسطبل من الحمير لم تفرق بينهم وبين غيرهم على الاطلاق ؟.أبعد هذا ياعبد الرحمن الراشد تدعوا الامة العراقية لتكون ذيلا لكم او لاي دولة في هذا العالم ؟.أخيرا أنا لم أرى في العراق مثلبة قط الا ان العراق خلق لكم الحرف والقلم في بادئ الانسانية ، وعلمكم التحضر ونظافة مواضع الخباثة منكم ، لتكتب انت وامثالك مثل هذا الكلام حول العراق والعراقيين في زمن البترول وعبد الرحمن الراشد !._____________________
al_shaker@maktoob.com

(موت الفنّ الدرامي العراقي أليوم ...وجهة نظر فكرية؟.) حميد الشاكر


(موت الفنّ الدرامي العراقي أليوم ...وجهة نظر فكرية؟.) حميد الشاكر____________
(1)
بالمقارنة بين مايطرحه العالم العربي بالخصوص ( انتاج وأعمال ) والاسلامي بالعموم من فن درامي تلفزي وفضائي اليوم ، وبين مانفتقده بقوّة للفن الدرامي العراقي فأن ليس هناك وجهٌ للمقارنة على الحقيقة ، فالحضور الدرامي المصري في كل بيت عربي قصة قديمة ومعروف تفوقها النوعي والكمي فيما مضى ، وما نلمسه بعد التسعينات من القرن المنصرم للفن الدرامي السوري اذهل الكثير من المراقبين والمتابعين ايضا ، حتى ان بداية القرن الواحد والعشرين حسمت نهائيا للفن الدرامي السوري الذي نافس الفن الدرامي المصري وتفوّق عليه بجدارة واصالة فنه الدرامي المُحكم ، وكذا يقال بفن الدراما الخليجية التي تشق طريقها بصعوبة تقليدية الا ان لها حضورا لابأس به ، وهكذا اذا ذهبنا غربا في العالم العربي نجد ان هناك الجزائر والمغرب من قادة الفن الدرامي الافريقي العربي في المغرب ، أما اذا رجعنا شمالا بالنسبة للعراق فالدراما الاسلامية التركية واضحة للعيان ، ولافرق بالنسبة لشرق العالم العربي والعراق بالخصوص سنجد ان الدراما والسينما الايرانية نهضت بالفعل وحققت حضورا محليا وعالميا لابأس فيه !.أمّا اذا التفتنا الى حالنا العراقية وبحثنا عن ذاتنا الدرامية الفنية وكمية وكيفية حضورها العراقي الداخلي او العربي او الاسلامي الخارجي فاننا ومع الاسف سنصاب بصدمة مؤلمة لهذه الحالة المتردية من التأخر والعقم الفكري والفني الدرامي والعراقي ، وأحسن ماسنجده على أطلال الفن الدرامي العراقي انشاد القصائد برواد الفن العراقي وانجازاتهم العظيمة وتاريخ الفن الدرامي الاصيل ........ وهكذا طحنا بلا طحين والسنة طوال بلا عمل ملموس وشاشة فضائية تتحدث عن الاعمال الدرامية العراقية اليوم !.ماهي مشكلة الفن الدرامي في العراق ؟.سؤال كبير جدا بحاجة الى وقفة حقيقية وليس الى فنانين يخرجون على شاشات التلفزة العراقية ليلقون التهم جزافا هنا مرّة على الدولة وهناك أخرى على الحظ العاثر ، ولنخرج بنتيجة ان الكلّ العراقي السياسي والفكري والاقتصادي والاجتماعي ... مُدان ماعدى الفنان العراقي المسكين ، والذي وفي الواقع وإن اردنا الحديث عن أدائه الفني فسنجد لامحالة ان سوء اداء الفنان العراقي الدرامي بالذات هو احد اسباب تراجع الدراما الفنية في العراق ، لابل هو احد الاسباب الرئيسية بتراجع العراق فنيا وعزوف العالم كله عن تذوّق الفن العراقي المحلي على الحقيقة !.ولكنّ وعلى اي حال لابد من مناقشة وضع الفن الدرامي العراقي ، وما آلت اليه هذه الواجهة الحضارية العراقية من انحصار وتقوقع وموت سريري ملحوظ بقوّة ، ليس على اساس ان الفن العراقي شأن نخبوي فني اكاديمي لاغير ويجب ان يُناقش في الغرف المتخصصة ومن قبل اشخاص تعتّقوا من كثرة استهلاكهم فنّيا ، لا بل على اساس ان نناقش الفن الدرامي العراقي بالخصوص باعتباره هوية وطنية اليوم ، ومعلما شخصيا للفكرالعراقي وكذا اداة سياسية فاعلة ايضا ، ولاننسى باعتبار الفن اليوم مدرسة من خلالها يفهم اطفالنا الفرق بين الحياة العراقية والاخرى العربية والاسلامية ، وعلى هذا كله ادعو جميع الكتاب ومن مختلف التخصصات الفكرية والميول السياسية والاتجاهات الادبية ان يناقش كل من زاويته مأزقية الفن الدرامي في العراق لتتكّون لدينا حصيلة متنوعة من الدراسات والافكار والاقتراحات التي تدعم من نهضة هذا الفن الذي تأخر بشكل مرعب ومربك للعراق ايضا ، حتى وصل الحال باطفالنا في الغربة وفي العراق وداخل بيوتنا باتقان وفهم اللغة الشامية الدرامية اكثر من فهمهم للغة الفن والدراما العراقية كنتيجة طبيعية لغياب هذه الدراما عن الحضور الفضائي التلفزي الجيد الذي يشارك الاباء في داخل البيوت في تربية اطفالهم !.
***********
(2)
للمشكلة الفنية الدرامية العراقية اكثر من محور بالامكان تسليط الاضواء على زواياها الحادة ودراسة افاقها المتعددة ، كما ان هذه المحاور تستبطن اكثر من سؤال وسؤال كباب يجب فتحه لمناقشة الفن الدرامي العراقي اليوم ، ومن هذه الابواب والاسألة يبدأ الباب او العنوان الكبير الاتي : ماهي مشكلة أو اشكالية الفن الدرامي العراقي بشكل عام ؟.وهل هي مشكلة فكرية وغياب نص درامي ومعالجة فنية ؟.أم هي مشكلة سياسية وصراع ابدي من اجل اخضاع الفني للسياسي ؟.أم هي مشكلة أقتصادية وعدم وجود توجيه انتاجي سليم وداعم لعجلة الفن الدرامي العراقي ؟.أو ان المشكلة ليس كل مامرّ ذكره بل الاشكالية الدرامية العراقية اشكالية اجتماعية لمجتمع عراقي غير منفتح على الفن المعاصر بكل اطيافه ؟.ثم لماذا تأخرّ الفن الدرامي العراقي ( انتاجا وحضورا ونوعية ) عن اقرانه في الدراما العربية والاسلامية بصورة عامة ؟.وهل ان اسباب تأخر الدراما الفنية العراقية تعود لعوامل تأريخية طبيعية وبسبب عدم التأسيس ومن البداية للمؤسسة الفنية ؟.أم ان السبب في تأخر الدراما الفنية العراقية يعود بالاساس الى ماعاناه العراق كوطن من ويلات الدكتاتورية السياسية والحروب المتكررة والحالة الاجتماعية المُدمرة ؟.هل الفنان العراقي فنان غير مجتهد وكسول ولاهو بمستوى لائق لتقديم فن على الحقيقة لذالك انتكس الفن الدرامي العراقي اليوم ؟.أم لأن الفن الدرامي بصورة عامة فن يعتمد نجاحه على العمل الجماعي المتناسق ، والمعروف عن الشخصية العراقية انها تبدع في العمل الفردي وتنتكس بالعمل الجماعي ؟.أخيرا من اين يجب ان نبدأ بحلحلة الاشكالية الفنية الدرامية العراقية ؟.من المؤسسة ؟.أم من الاكاديميات والمعاهد ؟.أم من الفنان نفسه لزراعة او انبات جيل جديد من الفنانين العراقيين القادرين على تقديم فن درامي عراقي جديد وجيد وغير مملوء بالعقد والتراكمات النفسية القاتلة للابداع ؟.
***************(3)
أ : أهمية الفن
لاشك ان الفن الدرامي بالخصوص اصبح اليوم أكثر من مجرد واجهة حضارية انسانية لكل وطن من الاوطان الانسانية في هذا العصر ، كما ان الفن الدرامي وخاصة العربي منه دخل في حيز السياسي بشكل واسع ، حتى ان الدراما العربية اصبحت اليوم من الادوات السياسية الفاعلة والمؤثرة جدا في استقطاب الراي العام العربي السياسي بشكل ملفت للنظر ، وهذه النقطة بالخصوص هي اليوم التي تدفع نظمٌ سياسية قائمة في منطقتنا العربية لرمي ثقلها الداعم بكل قوّة لامداد الفن الدرامي هنا في مصر او هناك في سوريا ... وهكذا ، وجعل هذه النظم السياسية القائمة تفكر كثيرا في كيفية دعم الفن الدرامي وافساح المجال الكافي والحرية المناسبة لنهوض ونمو الفن الدرامي لكل بلد على منحى ، لابل واكثر من ذالك نرى اليوم ان هذه النظم السياسية بدأت بالفعل بتخصيص جزء من مجهودها السياسي لهذا الغرض الفني الدرامي والسماح والدعم مؤخرا لفضائيات تتخصص فقط بالفن الدرامي العربي كالذي هو حاصل بالفعل في فضائية الدراما المصرية ومثلها هذه الايام في فضائية الدراما السورية ، وكل هذا طبعا غير ناتج من انه وفجأة اصبحت نظمنا السياسية محبة للفن وصاحبت خيال فني وابداعي على الواقع ، وانما كل ذالك جاء نتيجة اكتشاف النظم السياسية العربية مؤخرا اهمية الدراما التفلزيونية وقدرتها على حشد الراي العام السياسي لصالح وجهة نظر سياسية هنا وهناك ، ولهذا وجدنا بالفعل ان الدراما السورية مؤخرا استطاعت ان تنظم الراي العام العربي السياسي وتضعه في صالح وجهة النظر السورية السياسية في قضية المقاومة والهوية العربية و... باقي الاشياء الاخرى التي استطاع الفن السوري الدرامي خلقها في داخل الانسان العربي وترويضها لصالح التوجهات السياسية السورية العامة ، حتى ان وسائل الاعلام العالمية والعربية ذكرت ان هناك تسائل في داخل دوائر القرار السياسي الامريكية قد تساءلت عن سر انشداد الانسان العربي للدراما السورية في مسلسل باب الحارة الاخير !.أذن من ناحية الاهمية الواقعية فأن الفن اليوم اصبح وبجدارة اكثر من كونه معلما حضاريا لاغنى عنه لكل شعب ووطن وامة متحضرّة ، كذالك هو اداة سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة جدا وتلعب ادواراً متعددة في حياة الفرد والجماعة والشعوب هذه الايام ، ولهذا اذا اردنا ان نفهم جزء من اسرار الحياة العراقية السياسية الداخلية وخاصة الخارجية الجديدة وفشلها على المستوى العربي فسنكتشف من قريب ومن بعيد ان لفشل الدراما العراقية وعدم تمكنها من النهوض فنيا في العراق الجديد ، وكذا فشل هذا الفن الدرامي العراقي للوصول الى حالة الابداع واكتشاف مفاتيح الشخصية العربية واللعب بذكاء على اوتارها الحساسة .... كل ذالك ساهم من هنا او هناك في تعثر السياسة الخارجية العراقية ، او ساهم في اعراض الانسان العربي من التفاعل الايجابي مع مجمل القضايا السياسية العراقية المطروحة اليوم في العراق الجديد ، لابل اكثر من ذالك فان الفن الدرامي العراقي فشل ايضا في تصوير ونقل مأساة الشعب العراقي وما تعرض له ارهابيا من هجمات رجعية مجرمة حصد ارواح العراقيين بلا رحمة ، ومع ذالك بقي الفن الدرامي العراقي عاجزا تماما عن نقل مشاعر مجرد الصورة للانسان العربي او كيفية ان يجعل هذا الانسان متعاطفا فنيا مع مأساة هذا الشعب المسكين !.نعم انه فشل فني على جميع المستويات الفكرية والسياسية والاجتماعية والانسانية لدراما العراق اليوم ، لابل ربما ان هناك تواطئ ايضا للدراما الفنية العراقية بتشويه صورة العراق بدلا من الرُقي بها بين الشعوب والامم ؟!.
ب : بحاجة للبداية
عند دراستنا او اطلاعنا على تجارب الفن الناجحة بصورة عامة عالميا وعربيا ، نلاحظ وبشكل مباشر ان النماذج التي نجحت فنيا والتي حاولت النجاح وهي في طريقها الى ذالك تتميز بميزة اساسية هي التي وضعت القواعد الفنية الصلبة لتلك النجاحات الفنية الظاهرة للعيان ، الا وهي ميزة مأسسة الفن بصورة عامة !.اي ان نعمل فنيا من خلال تحويل فوضويتها الفنية الى مؤسسة من ضمن مؤسسات المجتمع المدني والسياسي والاقتصادي ايضا ، مضافا لذالك البناء لقاعدة استقلال المؤسسة الفنية بالخصوص عن باقي مؤسسات الدولة السياسية !.ان المطالبة ببداية الفن الدرامي العراقي بأن يتحول الى مؤسسة مستقلة لايعني هذا فقط الاقرار بأن سبب تخلف الفن الدرامي العراقي هو لكون المؤسسة السياسية العراقية ومنذ خلقت الدولة العراقية الحديثة في سنة 1921م حاولت وحاولت الاستيلاء على الفن واخضاعه بالتمام لصالح توجهاتها السياسية او الحزبية او الدكتاتورية الى ان اصبح الفن العراقي الدرامي وغير الدرامي مجرد طبلة وحنجرة تصدح بصفات القائد السياسي الضرورة فحسب ، بل اننا نريد ان نشير الى ان ظاهرة الصراع بين الفني والسياسي ظاهرة قديمة في الدول قدم الانسان نفسه ، ولهذا طالبنا بالاستقلال لمؤسسة الفن وخاصة منه الدرامي لنشير الى هذين المفصلين ، مفصل محاولة اي دولة وسياسة لخطف الفن واستخدامه للصالح السياسي ، ومفصل عملية الصراع الطبيعية بين مؤسسات اي مجتمع انساني يتداخل فيها طبيعيا الاقتصادي مع الفني مع السياسي مع الديني ايضا ، ولهذا نحن ندرك انه لابد من وجود تعامل واحتكاك حتمي بين السياسي والفني سينشأ حتما في كل مجتمع متحرك ، ولكنّ نوع هذه العلاقة وحدودها الطبيعية هي التي ينبغي ان تستقطب اهتمام اصحاب الفن العراقي ورجاله والقائمين على ادارته وصناعته اليوم وبالمستقبل ان ارادوا ان يبنوا صناعة فنية مستقبلية عراقية راقية !.اي وبمعنى عملي واضح ، نرى نحن المراقبين لحياة المجتمعات الانسانية : ان لهذه الحياة تداخلات طبيعية تنشأ من خلال الاحتكاكات الانسانية بين كل مناحي الحياة الاجتماعية السياسية والفكرية الدينية والاخرى الاقتصادية وكذا الفنية ، وكل منحى من هذه المناحي يعبر عن وجوده بشكل مختلف ومتلائم مع مصالحه ووجوده الطبيعي ، فالسياسي يحاول الادارة الصارمة للمجتمع والمنفعة ، وكذا الفني يحاول من خلال صراعه ان يعبر عن ذاته وبما يوفر له مصالحه الفنية والابداعية في عكس صورة المجتمع ومطالبه باعتبار ان الفن يجب ان يكون مرآة المجتمع واداة تعبيره ضد القهر والظلم من جهة والتطلع للامل والمستقبل من جهة اخرى ، وهنا بالذات يأتي الفارق بين المؤسسات الاجتماعية وغيرها من وجودات فوضوية غير مؤسساتية ، فإن كانت المؤسسة الفنية مُدركة لحدودها ووظائفها وشخصيتها المستقلة وخططها الفنية عن باقي مؤسسات العمل الاجتماعي وخاصة منه السياسي ، فأن في هذه الحالة بالذات نقول وبالفعل ان لدينا مؤسسة فنية عراقية مستقلة في العمل وفي التعبير وفي التخطيط وفي التوجهات ايضا ، وهذا لايكون بالفعل الا في المجتمعات المتمتعة بنوع من الحريات الاجتماعية التي تسمح بالتوازن بين مؤسسات الدولة ، أما ان كان هناك دكتاتورية وتفرد واقصاء وطغيان للسياسي على باقي مناحي الاجتماع الانسانية ، فبالطبع نحن امام مؤسسة سياسية تريد اخضاع جميع مؤسسات المجتمع لارادتها ومصالحها وتوجهاتها السياسية كالذي حصل بالفعل بالعراق منذ تأسيسه وحتى هذه اللحظة ، بحيث ان المؤسسة السياسية استطاعت ان تلغي كل شخصيات المؤسسات الاجتماعية الاخرى بما فيها المؤسسة الدينية والاقتصادية والفنية ، ولهذا جاءت كل هذه المؤسسات لتعبر قهرا عن وجهة النظر السياسي فحسب فيما مضى من زمان !.أما الان ونحن نحاول اعادة موازنة المعادلة وانشاء المؤسسات الاجتماعية العراقية (بعد موت الدكتاتورية السياسية وطغيانها الذي انتهى ) على قدم المساواة فعلينا وبالفعل البداية من بناء المؤسسة في كيان الدولة العام ، مؤسسة الفن ومؤسسة الاقتصاد ومؤسسة الدين ومؤسسة السياسة والحكومة ، ليدرك اهل الفن بالخصوص ان عليهم فهم معادلة المؤسسة الفنية وماهيتها ، وكيف ينبغي ان تكون في تفاعلها مع باقي المؤسسات الاخرى ، وكيف ينبغي الحفاظ على استقلاليتها وشخصيتها المميزة بحيث انه لو قدر في المستقل ان تسقط اي مؤسسة من مؤسسات المجتمع السياسي والمدني فانه لايؤثر سلبا على مسيرة المؤسسة الفنية التي ينبغي ان تكون حيّة في كل التقلبات المفاجئة !.ان احد مفاجع الفن العراقي اليوم انه استهلك من قبل المؤسسة السياسية في الماضي بحيث انه اصبح ذراعا من اذرع السلطة السياسية التنفيذية للدولة بحيث انه عندما سقطت المؤسسة السياسية في سنة 2003 م ، رأينا وكشيئ طبيعي كيفية انهيار مؤسسة الفن معه وكذا الاقتصاد وكذا حتى المؤسسة الاخلاقية الدينية والوطنية يمكن القول انها سقطت مع المؤسسة السياسية ، وهذا يعني ان هناك اختلال أُدخل من قبل النظام السياسي السابق لارباك موازنة ومعادلة دولة المؤسسات ، ما يعني من جهة اخرى ان تفهم المؤسسة الفنية العراقية المُراد اقامتها حديثا ان عليها ان تفهم كدرس كيفية بناء الاستقلال قدر المستطاع عن باقي المؤسسات الاخرى بحيث يكون هناك نوع من التفكير داخل المؤسسة الفنية في كيفية احتمال سقوط جميع مؤسسات المجتمع وبقاء مؤسسة الفن قائمة بذاتها !.نعم يجب ان يفكر اصحاب الفن الدرامي العراقي والقائمين عليه ومن وظفهم المجتمع والدولة لتطوير هذا الحقل والمؤسسة الفنية العراقية بالخصوص ان يفكروا في كيفية الصناعة والتأثير على القرار المؤسساتي السياسي والاقتصادي والديني قبل ان يفكروا في كيفية التأثر بهذه المؤسسات ؟.بمعنى اوضح : على اهل الفن وصناعته ان يطرحوا السؤال التالي كأستراتيجية حقيقية لعمل المؤسسة الفنية العراقية الجديدة : هل سوف يستطيع الفن الدرامي العراقي من صناعة الموقف السياسي الاجتماعي والشعبي ؟.أم ان المؤسسة الفنية العراقية ستكرر نفس الخطأ في الانتظار للخضوع لهذه المؤسسة الاجتماعية او السياسية او تلك لتفقد الاستقلالية والشخصية الفنية من جديد ؟.نعم هذا مانقصده في ضرورة ان يكون الفن الدرامي العراقي مؤسساتيا ومستقلا ومخططا له استرتيجيا ومستقبليا ايضا !.ان الفن اليوم ليس هو من ضمن الجماليات الحضارية لاي امة فحسب ، وليس هو ايضا اداة سياسية خطيرة جدا لاغير ، بل هو بالاضافة لذالك ذاكرة امة وتاريخ شعب اسقاطه كما حصل في الفن العراقي سيبقي اثر مثلوم في ذاكرة وعقل الامة من صعب رؤيته في اي صفحة من صفحات التاريخ المكتوبة ، ونحن ومع الاسف كعراقيين فقدانا ربما ثلاثة ارباع ذاكرة امتنا العراقية الفنية لالسبب الا لكون المؤسسة الفنية لم تكن مؤسسة بقدر ما مسخت لمجرد سوط في يد شرطي المؤسسة السياسية وعندما سقطت المؤسسة السياسية لم نجد ذكرا لذاكرة فن دامت اكثر من اربعين سنة !!!؟.
ج : الفنّ والفنان العراقي
الفنان العراقي فنان كسول بطبعه ، فهو ليس كالفنان السوري او الفنان المصري الذي اختمرت فنيته الى حد ّ طبيعة الاجتهاد والمثابرة على اخذ العبر والدروس ، كما ان مايميز الفنان العراقي الدرامي بالخصوص الذي انتجته مؤسسة الطاغوت السياسية لفترة اكثر من اربعين سنة انه اقرب شيئ للمشخصاتي منه للفن ، فان الشيئ الاعظم في شخصية الفنان العراقي اليوم انه فنان غير تلقائي ، ويعتمد على الحركة اكثر بكثير من اعتماده على الطبيعية والثقة بذكاء المتلقي ، فتجده يحاول افتعال الحركات الزائدة كثيرا في مشاهده الكوميدية او الدرامية ، وربما لشعور هذا الفنان الشخصي انه يفتقر لورق وسيناريوا جيد لهذا ارتأى ان يسد ثغرة افتقار النص من خلال الحركة التي حولت ومع الاسف الفنان العراقي من الفنية الى القرقوزية او القريب من نوّاح المقابر في مشاهده الدرامية !.وهكذا عندما ذكرنا ان الفن ابداع جماعي وهو نتيجة عمل اذا لم تتوفر فيه التعاونية والحب والحميمية الجماعية فانه يخرج فن درامي فج وغير معبر ولامؤثر ايضا ، فكيف اذا كانت الحالة الفنية العراقية بحاجة لخلق روح الجماعية الوصول في يوم من الايام الى صناعة فنٍ يرتقي للاقليمية او العالمية وليؤثر فيما بعد بهذا الحيّز الاكبر من المجتمعات الانسانية ؟.بمعنى اخر : اذا كان الفن العراقي الدرامي ومن خلال افتقاد روح الجماعة الابداعية قد فقد روح الاتصال مع جمهوره المحلي العراقي بالاساس ، فكيف بامكانه ان يصل الى روح المشاهد العربي بالعموم ليحرز رقما صعبا بين الشعوب والامم ؟!.لكنّ ربما يقول قائل من الفنانين العراقيين : ان هذا الحكم بالجماعية والفردية للفن والفنان العراقي فيه كثير من التجنّي والاعتداء على الفن واهله في العراق ، فهلا كنتم اكثر انصافا ورأيتم نصف الكأس المملوء بدلا من رؤية الفارغ ؟.نقول لهم بصراحة اننا وجدنا الفن التشكيلي العراقي عالمي الشهرة ، وكذا رأينا الفن الموسيقي الفردي ايضا عالمي الصيت ، وكذا فن النحت والرسم بالذات فان الفن العراقي وحقيقة فيه سرٌّ عالمي غريب وعجيب ، ولكن الغريب العجيب ان سبب ابداع الفن العراقي في هذه الحقول الفنية الرائعة لالسبب الا لكون هذه الفنون فرديا وليست جماعية ، اي ان طبيعة هذه الفنون تفرض الفردية ولذالك تجد الفنان العراقي مبدعا حقّا فيها ، أما عندما نتحول الى فن الدراما العراقية التي تفرض الجماعية فسنكتشف الكارثة ؟.نعم نكتشف كارثة هزالة الفن الدرامي العراقي ، وكذا ربما اي فن يحتاج الى العمل الجماعي فانك ستجد ان هناك ثغرة عدم الابداع الجماعي في الفن العراقي بصورة عامة !.أما لماذ ؟ وكيف السبيل للاصلاح الفني ؟.وماهي الطريقة لايجاد روح العمل الجماعي وحبه في الفن العراقي لنرتقي بهذا الفن ؟.فإن كل ذالك بحاجة الى عقد ندوات واجتماعات ونقاشات ووضع برامج اكاديمية وغير اكاديمية لخلق فنانين جدد يتشربون روح العملالجماعي الفني من البداية لتتهيئ داخل نفوسهم الفنية عبقرية الابداع داخل الجماعة وليس خارجها !.صحيح : نحن بحاجة الى رؤية فنية عراقية درامية جديدة مضافا اليها جيل فنانين جدد يحملون الهمّ الفني اولا واخرا ، ولايتخذون الفن وسيلة للوصول الاقتصادي او السياسي او غير ذاك ، كما اننا بحاجة الى مقاييس فنية عامة جديدة تحاول نقل الفن العراقي من هذه التقليدية التي افسدت ذوق الانسان العراقي العام حتى تذّوق غير فنه الوطني ، الى فن متطلع للمستقبل يصنع الانسان والمجتمع والتقاليد ولاتصنعه هذه التقاليد وهذا المجتمع وهذا الانسان !.اي اننا بحاجة الى فن عراقي مع نقله لواقع الانسان العراقي اليوم ، محاكاته ايضا لتاريخ هذا الانسان ومستقبله برؤية فنية مبتكرة وحديثة وغير تقليدية لهذا الطرف او ذاك ، والفن كما افهمه بسذاجة انه قادر على صناعة الخيال وتحويله الى حلم وواقع ان شاء ذالك !._______________
al_shaker@maktoob.com

(( العراق دولة الحسين بن علي ع الفكرية ... !. )) حميد الشاكر


(( العراق دولة الحسين بن علي ع الفكرية ... !. )) حميد الشاكر ___________
في العراق وعندما ترى هذه الجموع المليونية التي تأتي لكربلاء لزيارة الحسين بن علي ع كل سنة مشياًّ على الاقدام ، لتجدد له الانتخاب والبيعة ، تشعر عندئذ انه وبالفعل صدق من قال ان الافكار لاتموت ابدا !.طبعا كثيرا من البشر والعظماء ماتوا وقبروا وانتهى بهم الامر الى النسيان ، لكن العظيم الحسين بن علي ع عندما أتى العراق في سنة من السنين وهو يحمل معه فكرة ، كأنما بدمائه واهل بيته واصحابه الطاهرة قد ألقى بذرة هذه الفكرة في ارض العراق وليرويها فيما بعد بتلك الدماء لتنبت زهرة ، ثم نمت لتصبح ساق نبتة ، ثم اشتدّت لتتحول الى شجرة ، ثم ارتفعت لتثمر الشجرة ، ثم نضجت لتصطف هذه الملايين من البشر على امل الحصول على ثمرة من هذه الشجرة الحسينية يقطفها الزائر او مجدد البيعة والانتخاب لفكرة الحسين كل عام !؟ياترى ما تلك الفكرة الحسينية التي حملها معه الحسين بن علي من أرض الرسالة المحمدية من المدينة ليضعها في تربة كربلاء العراق وليرويها بدمه الطاهر كي تعيش من بعده وتخلّد ؟.وياترى لو قدر للحسين التمكين والنصر في ثورته الحسينية فهل ستكون تلك الثورة مشروع دولة يطبقه الحسين بن علي بن ابي طالب ع في ارض العراق ؟.واذا ماقلنا ان الحسين استشهد لتبقى الفكرة ، فهل يعني ان فكرة دولة الحسين هي الهدف من هؤلاء الملايين من الزوار والمحبين للحسين وفكرته ، وما زيارتهم ومجيئهم ومشيهم وتجديد البيعة لسيدهم الحسين ... الا تعبيرا واصرارا على ضرورة احياء بذرة الحسين وفكرته التي بذل دمه الشريف من اجلها في العراق ؟.يبدو ان الجواب على مثل هذه الاسألة ليس معقدا كما كنا نتوقعه او نفكر فيه ، وما دامت الافكار لاتموت ، والحسين بن علي صاحب فكرة دولة الاصلاح والعدالة والحرية ، فلاريب ان هذه الملايين الزاحفة نحو الحسين بن علي ع كل عام ، تحاول انعاش قلب الفكرة ، واعادة الرونق لحضورها ، وترسيخ مبدأ الايمان بها ...، ومادام لاسبيل لعودة الحسين بن علي ع الى الحياة من جديد فلا اقل من عودة فكرته الى الحياة والقيمومة على أقامت مشروعه في العراق الذي حلم به واستشهد من اجله وبذل الكثير في سبيله ، وهذا هو بالفعل مايحصل اليوم في زيارة الحسين ع في كربلاء ، كما انه نفس الرؤية التي من خلالها تزحف الملايين لزيارة الحسين كل عام من كل سنة !.كنّا فيما مضى وحتى الان نسمع الخطباء الحسينيون يذكرون لنا فكرة ( دولة المهدي المنتظر ) عليه السلام عند الشيعة ، وكيف انها ستملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، وكيف ان من اهداف دولة اخر الزمان المهدوية الشيعية الاسلامية وشعاراتها هو شعار ( يالثآرات الحسين ) ، وكنّا عند ذاك لانستطيع الربط بين دولة المهدي وفكرة دولة الحسين التي ذكرناها انفا ، لالسبب الا لكون الخطباء لم يذكروا لنا نوعية الربط او الامتداد الطبيعي بين ماهية دولة فكرة الحسين وبين قيام دولة المهدي ، لهذا اعتقدنا كثيرا ان المشروع الحسيني هو مختلف عن المشروه المهدوي في آخر الزمان !.أما اليوم وببركة تنفس الحرية وبإضات الافكار الحسينية أصبح لدينا شبه فكرة مستنيرة ترشدنا الى ان مؤسس فكرة دولة الاصلاح والعدل والحرية هو واحد فحسب ، هو الحسين بن علي بن ابي طالب ع ، وما المهدي المنتظر قائد دولة الاصلاح القادمة عليه السلام سوى المترجم الناصح والعليم الفاهم وصاحب البيت الذي خرجت منه قبل الف واربعمائة سنة بذرة فكرة الدولة الحسينية متجهة للعراق ولم تكن الارض بعد مهيئة لقيام هذه الدولة ، فغرز الحسين البذرة في ارض العراق وذهب راشدا الى سيادة جنان الخلد والرضوان !.أما من يتعاهد البذرة بعد الحسين ع ، ومَن يسهر على رعايتها ، ومن يديم ذكرها ، ومن يسقي اغصانها ..... طول الفترة الفاصلة بين الحسين ع والمهدي المنتظر ، فهم هؤلاء الزوار والاحباب والموالين والانصار من حزب الحسين وشيعته وكوادر تنظيمه وعصابته !.في كل سنة يبكي زوار الحسين ويحيون فقده ويترنمون بفكرته وينشدون القصائد لنهضته ، ويمشون المسافات البعيدة على أمل الفات انظار العالمين لسفرته عليه السلام وتضحيته ، ويختمون صخبهم الشديد بتجديد الولاء لفكرته ودولته !.ربما لو كان الحسين بن علي عليه السلام حيّا في هذه الايام لفعل نفس ما اقدم عليه فيما مضى من سنين وايام ، ولاعلن مجددا انه صاحب فكرة تبحث عن دولة تقيم أودها وتحوّل مشروعها من الفكر والتنظير الى الواقع والحياة والانسان ، لكن الفرق بين الماضي والحاضر ان في الماضي ترك الحسين وحيدا بين جدران الصحراء وغفلة الناس وقساوة قلوب الاعداء ، أما اليوم فللحسين بن علي جماهير تزحف بالملايين لنصرته وتعلن البيعة لدولته وفكرته ، ولا اعتقد ان هناك من يوازي الحسين بن علي ع وفكرته جماهيريا ليتقدم مع الحسين ع في مهرجان الانتخابات والبيعة في العراق ليقول انا المرشّح الاخر لقيادة العراق بدلا عن الحسين ع !.على اي حال اذا لم يكن الحسين ع حاضرا بجسده الشريف شخصيا في العراق اليوم لننتخبه ، فقد انتخب الشعب العراقي كله فكرة دولة الحسين في كرنفال بيعة الزيارة وموسيقى ضرب الصدور ، وملحمة الاقدام التي اثارت نقعا بعد غاراتهن صبحا !.____________
al_shaker@maktoob.com

الجمعة، فبراير 13، 2009

(( الاسلام السياسي .... منشأ المصطلح فلسفته وغاياته !.)) حميد الشاكر


(( الاسلام السياسي .... منشأ المصطلح فلسفته وغاياته !.)) حميد الشاكر ______________
درج الكثير من الكتاب وخاصة منهم الكوادر المتعلمنة في عصرنا الحديث على استخدام مصطلح (( الاسلام السياسي )) للتعبير في أحيان كثيرة والتمييز به بين الاسلام الذي يهتم بالشأن الاخروي العبادي وبين الاسلام المتحرك في الشؤون الدنيوية كما هو تحركه بالشؤون العبادية الاخروية !.كما ان هناك من المتعلمنين من يستخدم مصطلح (( الاسلام السياسي )) ليعبر به عن الحركات السياسية التي تحاول استغلال واقحام الدين للمصالح السياسية الدنيوية فحسب ، ولهذا كان المصطلح موظفا فحسب للتفريق بين الحركات السياسية العلمانية التي تستخدم الادوات السياسية فحسب في لعبة السياسة وبين الحركات والتجمعات السياسية الدينية الاخرى التي توظف الدين للاغراض السياسية !.لكنّ في الحقيقة ان كلا المعنيين المتقدمين لايمثلان المرجعية الواقعية والمنشأ التاريخي الصريح الذي من خلاله طرح مصطلح (( الاسلام السياسي )) في الماضي ويستخدمه اليوم من يستخدمه من متعلمني العرب والمسلمين بلا ادنى فقه للمعنى التاريخي لهذا المصطلح ، كما ان نفس تلك المعاني العلمانوية التي اراد البعض المتعلمن من خلالها غمز الحركات الاسلامية السياسية هي ايضا اذا تدبرناها بتفكر هادئ نجد انها ايضا لاتشكل مأزقا اخلاقيا او سياسيا بالامكان الارتكان اليه للنيل من حركات الاسلام السياسي هذه !.نعم ان ذكرنا مصطلح (( الاسلام السياسي )) واردنا به الاشارة الى حركات واحزاب وتيارات وتنظيمات سياسية أمتهنت العمل السياسي واضافته الى العمل الديني الاخروي في الاسلام ، او ذكرنا نفس المصطلح لنشير به الى مجموعة حركات سياسية لنفرض انها تستغل الدين للاغراض السياسية ، فأن كلا المعنيين لايشكلان في العمل السياسي اي مأزق اخلاقي او اخر سياسي بحد ذاته !.فمن منطلق المعنى الاول : فأن الاسلام نفسه كدين ان فسح المجال للمنتمين له ، او المسلمين شخصيا باعتبار انهم المؤمنون بالدين الاسلامي ، قد ارتأوا ان هناك فضاءا انسانيا اوسع بالامكان العمل من خلاله دينيا كالفضاء السياسي باعتباره فضاءا انسانيا حيوية في حركة الاجتماع البشري ، فأن في مثل هذه الحالة يكون الاسلام السياسي مصطلح يصبّ في صالح الاسلام وايدلوجيته الدينية المنفتحة على السياسة اكثر منه مصطلح يصبّ في خانه الادانة للاسلام وللمنتمين له ايدلوجيا !.اي ان الاسلام السياسي هنا عبارة ايجابية جدّا للوجود الحزبي السياسي والديني الايدلوجي باعتبار ان الفضاء الاسلاموي يتسع للحياة بكافة اتجاهاتها الفكرية العقدية والاجتماعية الاخلاقية وكذا السياسية الاقتصادية ايضا ، وعليه فأن من يرّوج لمصطلح الاسلام السياسي لادانه المتأسلمين سياسيا هو من الجانب الاخر يرفع من شرعية الاسلام على اساس انه ديني وسياسي بنفس الوقت ، بالاضافة الاقرار للمتأسلمين بانهم استطاعوا سياسيا نقل الاسلام من الدينية الغيبوية الى الواقعية الاجتماعية السياسية ليجعلوه دينا حيّا في زاوية الحياة السياسية ، وعليه نحن المسلمون على هذا المنظور يجب ان نشكر من يدفع بالاسلام للحركة السياسية باعتبار انه الشخص الذي استطاع ادخال حركة الحياة السياسية الى الروح الدينية التي لولاها لبقي الدين ميتا منعزلا بعيدا عن الحركة والحياة !.أمّا من جانب المنطلق الثاني : فكذا هو الامر كما هو في المنطلق الاول ، فعلى افتراض ان مرّوج مصطلح الاسلام السياسي اراد من خلاله الطعن في شرعية من يحاول استغلال الدين من اجل المصالح السياسية ، او اراد ان يعزل ويبعد الدين او الاسلام بالخصوص عن الحياة السياسية لرؤية هو يمتلكها ان الدين لايصلح لعالم السياسة ، فأنه حتى وعلى هذا المستوى من الرؤية نقول : ومتى كان لعالم السياسة نظافة في الوسائل حتى يطلب منه فحسب مقابل الدين ان يكون نظيفا وان لايستغل الدين فحسب للسياسة ؟.بمعنى آخر : ان العلمانوية الحديثة وخاصة ما ابتلينا به في عالمنا العراقي والعربي والاسلامي مع انها من اشدّ المبغضين للعالم والافكار والتصورات والمعتقدات الدينية بصورة عامة ، ومع ان هذه الحركة العلمانوية تحاول قدر المستطاع ان تبتز الدين وتهين من قدره وتهمّشه وان استطاعت قتله ودفنه فعلت ...، مع هذا كله تطرح ان الدين يجب ان يفصل عن السياسة لالسبب الا بسبب ان السياسة دنيوية وسخة والدين اخروي طاهر ؟.عجيب غريب بسبب ان الدين طاهر في هذا الحيز فقط تطالب العلمانوية بعزله عن الحياة ، مع ان الدين والاسلام في كل شيئ افيون ورجعية وتخلف ، لكنه مع ذالك نسمع من هنا وهناك المطالبة بعزل الدين عن الحياة لهذا السبب الاخلاقي الطيّب او ذاك ؟!.على اي حال هناك من المتعلمنين اللادينيين مَن يرى ضرورة ان لايكون للاسلام مدخلية في عالم السياسة بسبب أمكانية توظيف الاسلام للسياسة او توظيف الديني للسياسي وهذا يعتبر خرقا اخلاقيا من وجهة النظر العلمانوية للسياسة على حساب الدين ، ولهذا وجب فضح من يريد استغلال الدين للمصالح السياسية بأن يطلق عليه صاحب اتجاه او تيار اسلام سياسي !.والواقع انني هنا لااستطيع ادراك الفرق في هذا المنطق العلمانوي بين ان تكون السياسة تستغل الدين في مصطلح الاسلام السياسي ، وبين ان يستغل الاسلام نفسه السياسة في مصطلح السياسة الاسلامية ، فأذا كان البناء العلمانوي هو الخوف من استغلال الدين في السياسة ، ففي نفس المنعطف انا متخوّف العكس من ان الاسلام والدين نفسه يستغل السياسة الدنيوية لمصالحة ومبادئه الايدلوجية ، وعليه انا في صالح انقاذ السياسة من الدين وليس انقاذ الدين من السياسة !.الحقيقة ان هذه الجدلية المعقدة هي مالايريد العقل المتعلمن فهمها او ادراك مغازيها الفكرية في الاسلام السياسي او السياسة الاسلامية ، لهذا هو فقط بعين عوراء تنظر الى نصف الكأس الفارغ من معادلة الاسلام والسياسة ، ولهذا هو ( العقل المتعلمن ) في حيرة مابعدها حيرة أمام معادلة : هل نفصل السياسة عن الاسلام أم نفصل الاسلام عن السياسة في مصطلح الاسلام السياسي ؟.لكنّه لو كان يمتلك عينين اثنين لنظر الى الاسلام والسياسة من زوايا اخرى اشمل واعمق واكثر حيوية ، ليكتشف ان المعادلة في الفكر الاسلامي السياسي قائمة على استغلال الاسلام للسياسة وليس العكس في استغلال السياسة للدين والاسلام !.نعم صحيح ان الطغاة السياسيين المتعلمنين اللادينيين الفاسدين وعبر التاريخ حاولوا استغلال الشرعية والنظافة الدينية لتوظيفها لمآربهم السياسية القبيحة ،ولكن هذه الحالات التي استفادت منها اوربا بنسيج الفكرة العلمانية لرفع الشرعية الدينية عن الطغيان السياسي والدجل الكنسي اللاهوتي ، كانت ولم تزل تحاول فصل الدين عن السياسة بسبب ان السياسي الغربي تمكن من التمترس بالديني لديمومة شرعيته السياسية ، وكانت الاديان الغربية تساعد بنقصها الفاضح على مثل هذه الاختراقات السياسية الطاغوتية لساحة الدين والطاهر ، لكن لو انتقلنا الى دين كالاسلام الذي ركب وبُني على اساس مناهضة الطغيان السياسي والفساد الفرعوني ، فهل سيسمح الاسلام لاي طاغوت سياسي بأن يتمترس خلف تعاليمه الواضحة ليمارس الاستبداد السياسي ؟.أم ان المدرسة السياسية الاسلامية ليس فيها منفذ مطلقا او ارضية مهيئة من خلالها يستغل السياسي الديني في ممارسة الفساد والتغوّل والطغيانية ؟. هنا وبالاجابة عن هذا السؤال سيدرك العقل العلموي الطالب للحقيقة لماذا نحن اليوم في عالمنا العربي والاسلامي نعاني من الاستبداد السياسي العلماني اكثر فاكثر ونلجأ للاسلام السياسي والسياسة الاسلامية في مناهضتنا للدكتاتورية السياسية العلمانوية ، لأن العلمانية السياسية الدكتاتورية لم تجد في عالمنا الاسلامي ايدلوجية اسلامية تساعدها على ممارسة الاستغلال السياسي ، ولهذا تلجأ اليوم العلمانية العربية لممارسة الاستبداد والفساد والدكتاتورية من خلال استغلال الشعارات العلمانية السياسية نفسها وليس العكس !.بمعنى اوضح ان الدكتاتورية العلمانية العربية اليوم غارقة في استغلال الديمقراطية كمصطلح من خلاله تمارس اقسى انواع الظلم والفساد باسم حماية الديمقراطية والدفاع عن الحياة المدنية ومناهضة الرجعية وضرب الارهاب .... وباقي المصطلحات التي ان اردنا دراستها سنكتشف ان العلمانية بالحق لم تستخدم الشعارات الدينية الاسلامية لتمارس فسادها وطغيانها بكل استهتار وفوقية ، وانما هي اليوم تستغل نفس شعاراتها العلمانوية لابادة البشر وادامة سحق الكرامات ومصادرة الحريات !.والان هل يعلم العقل العلمانوي لماذا لم تستغل الحركات السياسية الاسلام لمصادرة الحريات وممارسة الدكتاتوريات في عالمنا العربي ؟.الجواب : أن التركيبة الفكرية والايدلوجية الدينية الاسلامية لاتسمح باستغلال الطاغوتي السياسي لمصطلحاتها الاسلاموية ، وإن كان هناك مَن حاول تحريف مقاصد ومفردات ومصطلحات السياسة الاسلامية لخدمة التفرعن ، ولكنّ كل تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب ان الاسلام فكرة وعقيدة وعمل تتنافى مع روح الظلم والاستبداد والطاغوتية ، ولهذا ايضا لجأنا نحن المتأسلمون الى الاسلام لنبحث عن الثورة من داخله الديني ضد الاستبداد والدكتاتورية السياسية وليس العكس فافهم !.يبقى من الجدير بنا ان نعود للفرع الاول من الموضوع لنبحث عن المنشأ الحقيقي الذي انطلق منه مصطلح ( الاسلام السياسي ) والذي ربما ان بعض العلمانيين العراقيين والعرب والمسلمين ايضا لايدركون منشأ هذا المصطلح الحقيقي وان استخدموه في كتاباتهم الادبية والفكرية والسياسية !.نعم يرجع مصطلح ( الاسلام السياسي ) الى حقبة الحروب الصليبية الدينية الاوربية الرجعية في العصور الوسطى عندما تحالفت الكنيسة الاوربية مع الطاغوت السياسي لمحاربة العالم الاسلامي بعقيدته الاسلامية كذالك ، وهو لم يزل مصطلحا ينتمي للعالم الغير اسلامي الذي يحاول نزع الشرعية اللاهوتية عن الاسلام وفهمه على اساس سياسي دنيوي لاغير !.اي وبمعنى اكثر وضوحا : ان من وضع ورّوج لهذا المصطلح ( مصطلح الاسلام السياسي ) كان يهدف الى بعد اصيل في محاربة الاسلام كعقيدة دينية اولا واخيرا ، ولم يكن يهتم كثيرا وحتى اليوم بالمعاني المستحدثة التي خلقتها العلمانيات الادبية العربية والسياسية العربية والاسلامية الجديدة من فصل الدين عن الدولة او اطلاق هذا المصطلح على جماعات الاسلام التي تعمل بالسياسة و..... غير ذالك ، بل كان الهدف الاصيل والمنشأ الحقيقي لمصطلح ( الاسلام السياسي ) يذهب الى فكرة وحيدة لاغير هي : اتهام الاسلام على اساس انه منتج دنيوي سياسي ، حاول شخص عربي اسمه محمد بن عبدالله ان يبتدع نظام سياسي فاستغل الدين ليصبغ مشروعه السياسي الاجتماعي بلباس الدين والمقدس فاطلق عليه اسم الدين الاسلامي ، ولكن وفي الحقيقة وتأكيدا لحقيقة الايمان الذي يجب ان يوضع قبالة الاسلام انه دين سياسي وليس سياسة دينية ، ومن هنا جاء مصطلح (( الاسلام السياسي )) ليكون الثنائية الجدلية التي ترجع الاسلام الى جذره السياسي وليس الى ظاهره اللاهوتي الديني !.وعلى هذا الفهم ينبغي لكل متعلمن عربي واسلامي ان يدرك انه يستخدم مصطلحا له ابعاده الصليبية الدينية اكثر من استخدامه لمصطلح فكري او ادبي او فني او سياسي من خلاله يوّصف حالة سياسية لأسلام سياسي وجماعات حزبية وتيارات اجتماعية ، وربما هنا يكون العقل العلموي العراقي العربي الاسلامي مدرك لهذه الحقيقة الصليبية الدينية الرجعية التي ابتكرت المصطلح ضد شرعية الاسلام الدينية ومازالت ترّوج له حتى هذه اللحظة ، ومع ذالك هي تؤمن بحيوية استخدامه ليس من منطلق سياسي ، بل من منطلق الكفر بشرعية الاسلام والايمان بلاهوتية الاديان الكنسية الاخرى ، ولهذا وجدنا الكثير من العلمانوية العربية تكفر بالاسلام وتؤمن بالارتداد والانتساب الى اديان الكنيسة والتثليث والحضارة الغربية لاغير !.____________
al_shaker@maktoob.com

(ما الذي يريدونه من زوّار الحسين ع )) حميد الشاكر


((ما الذي يريدونه من زوّار الحسين ع )) حميد الشاكر___________
كل اربعينية للامام الحسين بن علي عليه السلام في كل سنة تتكرر أعتداءات الارهابيين على زوار هذا الامام الطاهر وابن رسول الله محمد ص ، وشهيد العدالة والحرية وسيد شباب اهل الجنة !.والحقيقة في كل حادثة من هذه الحوادث التي تتعدى حدود الله وتنتهك محارمه أقلب كفي يمينا ويسارا علّي أفهم أو أُدرك مايريده القتلة والارهابيون من هذه الاعمال الوحشية والجبانه ، واتساءل : ماالذي تهدف اليه هذه الخلايا الصدامية الارهابية من الاعتداء والقتل الجماعي لزوار الحسين ع ؟.أو ماهي الدوافع لهذه المنظمات الاجرامية السرّية التي تدفعها لاستهداف زوار الامام الحسين ابن رسول الله ص بالذات ؟.وهل هي دوافع سياسية ؟.أم انها دوافع طائفية دينية ؟.أم انها دوافع أقتصادية لاغير ؟.ثم هل هناك رغبة من قبل هذه الاوكار الخبيثة والارهابية ( مثلا ) بمنع زوار الحسين من احياء شعائر الزيارة الحسينية ولهذا هي تعمل بكل طاقة لأرعاب محبي الحسين وزواره ؟.أم ان أهداف هذه الاوكار الفاسدة ابعد من قضية الحسين وزواره ، بل ان اوكار الرذيلة والارهاب الصدامية تهدف الى ارسال رسالة أقليمية وعالمية من خلال قتل زوار الحسين تُوقّع هذه الرسالة على اساس ان لاأمن ولاأستقرار في العراق اليوم ، لتظهر فيما بعد العراق للعالم على اساس انه لم يزل فرن يغلي بالقتل والارهاب وعدم الاستقرار ، ما يعني من جانب اخر تعطيل عملية نمو العراق واجتذابه لرؤوس الاموال المستثمرة واعاقة البناء ... وهكذا ؟.من جانبي الفردي وأخذاً بالاسباب شيئا فشيئا أرى ان زيارة الامام ابي عبدالله الحسين وزواره المتوافدين عليه في كل سنة سوف تزداد بمتوالية هندسية سنوية متصاعدة ، ومن يعتقد ان القتل او الارهاب او الرعب .... سيحدّ من رغبة محبي الحسين بزيارته فهو واهم ولايدرك في الحقيقة العلاقة التي تربط بين الحسين بن علي بن ابي طالب من جهة ، وبين مَن تجذبهم الشعلة الحسينية لضوئها من زوار وموالين من جهة اخرى ، ولهذا نحن نستبعد ان تكون هذه الاوكار الارهابية تهدف الى ارهاب وارعاب زوار الحسين ع على امل عدم تفكير هؤلاء المحبين بالعودة من جديد لزيارة الحسين في السنة القادمة ، والدليل ان السنين التي مرّت كانت اشد بكثير ارهابية ورُعبا ومع ذالك لم يمنع الارهاب زوّار الحسين من السير على الاقدام وبملايين اضافية لزيارة مرقد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ع !.يبقى الجانب الاخر من معادلة الارهاب الصدامي الاسود الا وهي ارسال الرسائل السياسية الى الخارج العراقي ، والقول ان في العراق لم تزل هناك حربا طائفية ، وهذا المعنى ربما يكون هو الاقرب لاهداف وغايات الاعتداءات المتكررة على شيعة اهل البيت ع وفي كل مناسبة سانحة او فرصة تسمح للارهاب باخراج راسه وقصف بعض ارواح الابرياء من العراقيين !.نعم هناك السياقات الاخرى التي تندرج ضمن اطار المصالح الملتقية هنا وهناك لاوكار الشر الارهابية في العراق ، وهناك بالفعل تعاون وثيق بين الدوافع الطائفية والاخرى الاقتصادية والثالثة السياسية كلها تجتمع لولادة الارهاب في العراق ، وكل حسب توجهاته التي تحاول الانتقام من العراق والعراقيين بهذا المسمى او ذاك !.لكنّ مافات هؤلاء القتلة والمجرمين من بقايا نظام الجريمة السابق : ان كل محاولاتهم السابقة بأعاقة قيام العراق من جديد قد باءت بالفشل الذريع مع انهم استطاعوا النيل من الابرياء العراقيين وسفك دمائهم بلا رحمة على طول الفترة السابقة ، ولكنّ في المقابل : بقيت زيارة الامام الحسين معلما من معالم الاسلام المحمدي الاصيل ليس لانها زيارة ابدان فارغة بل بسبب انها زيارة افئدة هيئها الله للحب والموت عشقا في هذا الطريق ، فهؤلاء الزوّار الحسينيون هم دعوة ابراهيم الخليل ع في قوله :(( واجعل افئدة من الناس تهوي اليهم )) وهم انصار العقيدة وثمرة القرءان ، وهذا مالايريد فهمه اعداء الحسين وزوّاره ومحبيه !.وكذا نهض العراق من جديد ومارس حريته وانتخب حكومته ودولته ، واعترف العالم بمشروعيته ، وفتح ابواب تقدمه واعاد انتعاش قلبه ، واندحر اعدائه وفرّوا من العراق بالخزي والعار الى الابد !.ان مالايريد ان يفهمه هؤلاء القتلة من الارهابيين الصداميين والسلفيين التكفيرين : ان العراق والحسين اصبح جزءا واحدا لاجزئين ، فلا عراق بلا حسين ع ولاحسين بلا عراق ، وأرادة البعض عدم زيارتنا للحسين ، فكأنما هو يقول للعراقيين لاتزوروا العراق ولاتعشقوه ولاتضحوا من اجله ، وهذا المعنى ربما إن وصل لعقول الصداميين الحقيرة سوف يعدل من نظرتهم لعراق الحسين بن علي ، وحسين العراق الجديد !.____________
al_shaker@maktoob.com

( التيه العربي الاسلامي أربعون سنة في صحراء الفكر والعلم والتقدم ) حميد الشاكر


( التيه العربي الاسلامي أربعون سنة في صحراء الفكر والعلم والتقدم ) حميد الشاكر
_____________
عندما تقع ابصارنا او تسمع آذاننا مفردة (تيه) فسرعان مايتبادر الى مخيلتنا الانسانية وتصوراتنا الروحية تلك القصة او الاسطورة الدينية التي تتحدث عن عقاب الاهي ضرب في يوم من الايام بني أسرائيل من جرّاء عصيانهم وتمردهم المستمر على الاوامر الالهية ، الى ان وصل الأمر بهم بأن تاهو أربعين سنة في صحراء سيناء المصرية كعقوبة لو اراد اي شخص منا ان يتفكر او يتأمل في معناها لاكتشف الكثير من التصورات والمعاني والتأملات الغريبة لهذه العقوبة المبتكرة في الشكل والمتكررة في المعنى !.التيه : في اللغة العربية عبارة عن التحيّر ، فيقال تاه يتيه اذا تحيّر ، وتاه يتوه كذالك ، وتوّهه وتيّهه أذا حيّره وطرحه ، ووقع في التيه والتّوه أي موضع الحيّره !.وفي القرءان الكريم قول الله سبحانه وتعالى : (( قال فإنها محرّمة ٌ عليهم أربعين سنة يتيهون في الارض فلاتأس على القوم الفاسقين / 26 / المائدة )) عندما أمر موسى بني اسرائيل دخول أرض الجبّارين في فلسطين فجبنوا ورفضوا أطاعة الاوامر فضربهم الله بعقوبة التيه في صحراء سيناء !.أما في اليهودية فمع ان لهم اعياد كثيرة يتذكرون من خلالها نعم الله عليهم كنعمة انزال الشريعة والالواح او نعمة انزال الظلّة او نعمة نجاتهم من العبودية في مصر ... الا انهم لم يجعلوا عيدا مخصصا لخلاصهم من التيه في الصحراء مع انهم يقرّون بالتيه في التاريخ التوراتي المكتوب !.وعلى اي حال التيه اليهودي حسب الرؤية الاسلامية يتلخص بالاتي : أمر موسى النبي والرسول عليه السلام لبني أسرائيل ان : (( ادخلوا الارض المقدسة ..)) فكان جواب بني اسرائيل آنذاك :(( قالوا ان فيها قوما جبارين وأنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها .....)) الى ان قالوا :(( فأذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ...)) وعندئذ قال رب موسى وهارون لموسى بشأن المجتمع اليهودي :(( قال فانها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الارض ..)) اي ان الارض المقدسة حرّمت عليهم لايدخلوها اربعين سنة لتمردهم على الاوامر الالهية ، واكثر من ذالك فانهم سيعاقبون بالتيه في صحراء منعزله !.وبالفعل يُذكر ان ماهية التيه التي ضربت على بني اسرائيل أنهم تاهو في اربع فراسخ مربعة يرتحلون بليل عسى ان يصلوا الى عمران ومدن ، فيصبحون في نفس المكان الذي غادروه بالامس ، الى ان قبض الله موسى وهارون عليهما السلام في التيه وانمحى جيل التائهين وولد جيل آخر اكثر استعدادا لطاعة الامر الالهي وأهون قليلا شرّا من اباءهم الاولين !.والان ماهي العبرة لنا من التيه اليهودي ذاك ؟.اولا : ان التيه هو تيه تحيّر وعدم هداية ورشاد ، او انه تيه عقول وتدبير اكثر منه تيه جغرافية ووطن وحيز مكان !.بالضبط كحالنا اليوم الذي نشعر انها تائهة في صحراء الفكر والعقل والمشاعر والاحاسيس ، فلاندري اين الطريق ولاكيف التخلص من التيه ، ولا لماذا نحن ندور في حلقة مفرغة ، وكلما اعتقدنا اننا قريبون من المخرج وجدنا انفسنا في نفس المكان من الليلة السابقة !.تمر علينا اقوام مسافرة كل يوم تدرك الغاية وتعرف الطريق وتصل الى اهدافنا الطبيعية ، ولكننا بعكسهم تماما ابتلينا بالتكبر عن السؤال لنعرف المخرج ، وابتلينا بوهم اننا شعب الله المختار فاحتقرنا كل عابر سبيل ليس من طينتنا ، وابتلينا بذهول عقلي وغيبوبة وعي حتى اصبحنا لاندري ولاندري اننا لاندري ، فكان ومازال مصيرنا التحرك في اربعة فراسخ لاغير ندور بها كل يوم ومنذ اربعين سنة لانعرف اين المخرج ولاكيف تجاوز نقطة المكان ؟.ندور ندور ندور .... ثم نعود لنفس المنطلق !. ثانيا : من درس التيه نتعلم ان قرار توهاننا في الماضي وحتى اليوم كان بايدينا عندما رفضنا الاخذ بالعزيمة والتوكل على الله سبحانه والتحلي بشجاعة الرجال الاقوياء ، فما الارض المقدسة التي كتبها الله لنا ولغيرنا الا موطن العزّة والحرية والكرامة والامل ، ولكن خوفنا من القوم الجبارين ، ومايمتلكونه من ترسانة نووية واخرى علمية وتكنلوجيا ...، هيئت لنا خيال الرعب والانهزام والتخلي عن الرجولة والشجاعة ، فاعتقدنا انه بدلا من اقتحام الباب عليهم بالامكان خروجهم هم انفسهم من المدينة المقدسة لندخلها بلا معارك ولا قتال ومنازعة وتضحيات ، كما قال بالضبط يهود سيناء انذاك :(( وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها.... )) ولكن بدلاً من خروجهم من ارض الامل والحياة تهنا نحن في ارض الخوف والعبودية والاذلال اربعين سنة !.ثالثا : لامخرج لنا من هذا التيه الا بخارطة واحدة ، تعيد البوصلة العقلية لرشدها ، وتهب الروح الانسانية وعيها ، وتهدي نفوسنا البشرية الى اطمئنانها !.انها خريطة : القائد الرسالي العادل والحكيم وصاحب المشروع ، والامة الشجاعة صاحبة الامل والايمان بالله والهدف الواضح !.أما بغير ذالك فسيبقى الثور يدور على الساقية وهو معصوب العينين باعتقاد منه انه يسير في طريق مستقيم ، الا انه لايكتشف الخدعة الا بعد زوال عصابة العينين من على دماغه !.عندئذ ربما سيجعل الله لنا عيدا اسمه عيد الخروج الذي سنخرج به من تيه الصحراء الى ارض الامل والحضارة والمحبة والتمدن !._________

الخميس، فبراير 12، 2009

مع علي ع في معرفة الانسان والحقيقة ؟.حميد الشاكر



لاريب ان شخصية علي بن ابي طالب ع من الشخصيات القليلة في التاريخ وحتى اليوم التي اثارة جدلا واسعا وفي كثير من الزوايا الانسانية ولاسيما منها الزوايا الفكرية والعلمية وكذا السياسية والروحية النفسية !.
فعلي بن ابي طالب صاحب ((كريزمه)) حقيقية لكل من اطلّ على حياته من قريب او من بعيد ، وحتى على المستوى الانساني العام لفت علي ع بشخصيته العميقة جدا انتباه من قرأوه فكريا : عندما يتألق ليعانق الحكمة والتجربة والعلم بشكل لايستطيع اي كان ان يميز بين على والفكر والعلم والحكمة ، وكأنما غدا علي والعلم وجهان لعملة واحده !.وكذا من قرأ علي بن ابي طالب سياسيا فهو لايكاد يميز بين علي ع عندما يتحرك وبين الحق والعدل والمساواة في ادرة الحكم وبناء الدولة ، او بين علي ع وفن القيادة والريادة والشجاعة والاقدام ووئد الفتن وابراز الحقائق ، فعلي السياسي هو نفسه ع السياسي علي الذي وضع الاسس لأدارة الاجتماع على الصورة التي ينبغي ان يكون عليها الحكم والريادة !. أما مايتصل بجانب علي ع العابد والمتصوف والزاهد والمتأمل والناسك والعاكف .....، فلهذه الزاوية من حياة علي بن ابي طالب ع قصة يطول سردها ولايكاد يصدق كل مافيها من صور ، حتى ان سيد الساجدين وزين العابدين علي بن الحسين حفيد علي ع مرة قال وهو متعجبا : (( من يستطيع ان يعبد كعبادة علي بن ابي طالب ؟)) !.محمد رسول الله ص وهو صاحب الرسالة الاسلامية العظيمة ، وابن عم علي ع ووالد لزوج علي فاطمة ع ، وأب لنجلي علي الحسن والحسين ع كان يرى في علي وشخصيته انموذجا فريدا وكينونة متميزة تشبه كثيرا مفهومي (( الحق )) و (( والقرءان )) فقال ص : (( علي مع الحق ، والحق مع علي.))أما في الجانب الفكري والعلمي والعقلي والفكري والرسالي ....، فكانت لرسول الله محمد ص رؤية حول علي والقرءان بأعتباره - القرءان - خلاصة التجربة الانسانية الرسالية الالهية في هذا العالم فيقول محمد رسول الله ص بهذا الصدد :((القرءان مع علي ، وعلي مع القرءان )) !.ليس غريبا في الحقيقة ان يكون علي ع مع القرءان ، او ان يكون علي ع مع الحق ، ولكن الغرابة كل الغرابة ان يكون القرءان والحق ايضا مع علي بن ابي طالب ع ، ومكمن الغرابة هنا ليس اسطوريا بقدر ماهو فكريا متساءلا عن الكيفية التي يكون فيها القرءان والحق مع علي ع ؟.ماهذه المعية ؟.هل هي معية انعكاس ، بالتمام كما هي الصورة والمرآة ؟.أم هي معية قائد ومقود ، مرة علي يقود القرءان والحق بفهم ووعي وعلم ، ومرة القرءان والحق يقودان علي ع بالكلمة والتقوى والحب وباقي المفاهيم الغريبة والعجيبة ؟.في مواقف حياة علي ع التاريخية والحاضرة بمفاهيمها اليوم بعنف ، تعرضت شخصية الامام الى موقف غريب ونادر من نوعه ، وضع الامام نفسه بين شخصيته الكريمة من جهة والحق كمفهوم من جهة أخرى ليحاول الفصل والحكم بين الشخصية كمدعى عليه ، والحق كمدعي ومطالب بالحق العام والخاص ، وبعد أخذ ورد مع مجموعة من الذين لهم صفات الانسانية ، أطلق حكمه أمير المؤمنين بهذه القضية ليقول مقالته الشهيرة التي اسست فيما بعد للمعرفة الانسانية بصورة عامة ليقول ع :(( أعرف الحق تعرف أهله !.))هل فصل علي ع بين الحق وأهله في هذه الكلمة الشهيرة والغريبة له ع ؟.يبدو ان أمير المؤمنين ع مدرك تماما لدرس محمد رسول الله ص عندما قرن (( القرءان والحق )) مع أهله ، لذا هو يشير وبكل عمق الى ان : (( الحق وأهله )) وجهان لعملة واحدة ، الا ان المتقدم والمتأخر هو المختلف والمؤتلف بنفس اللحظة ؟.انها نفس المعادلة ولكن بصيغة مختلفة : حق مع انسان او انسان مع حق ؟.بالنسبة للعاشقين للشخصية الانسانية والعابدين لغرابتها يطغى الانسان على الحقيقة !.أما بالنسبة للطالبين للمعنى والمغرمين بهوى المفهوم والمبدأ ، فالحقيقة هي الرائد والدليل لمشروع الانسان الناقص ؟.ماذا قصد علي بن ابي طالب وهو صاحب النظرة الغير مشكوك بفكرها عندما قدم (( الحق )) على الانسان ؟.1 : - قصد نفي عبادة الشخصية وسيطرتها على ذهن الانسان وصفاء نظرتها ، ليتهيئ له رؤية الحقيقة بعيدة عن الانبهار بالشخصية ، سواء كانت شخصية وراثية ابوية (( بل نتبع ما الفينا عليه اباءنا ../ قرءان كريم )) او كانت شخصية سياسية فرعونية (( لا اريكم الا ما ارى ../ قرءان كريم )) او كانت شخصية علمية فكرية (( اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله ../ قرءان كريم )) كل هذه الشخصيات الانسانية لها تأثير شيطاني على ذهن الانسان وسلامة حكمه على الاشياء بواقعية ولهم القدرة على حجب الحقيقة والباس الباطل لباس الحق ...الخ ، لذا نبه الامام ان بالحق بالميزان يعرف من على او هبط من البشر منزلة وعدالة ، ولا شخص فوق ميزان الحقيقة !.2 : - يحاول امير المؤمنين بكلمته هذه (( اعرف الحق تعرف اهله )) ان يضع المرجع الفكري والروحي والشرعي للاجتماع الانساني ، ليكون مقياس صدق ، او ميزان صدق (( حتى لايغضب اعداء الاقيسة المضلة ؟.)) للانسان ليرى العمل من خلال الحقيقة وليس ليرى الحقيقة من خلال الانسان ، فليس كل الناس أئمة معصومين ، او قادة نبويين ليعتمد على الثقة بعملهم ورؤيتهم للحقيقة ، وانما القاعدة العامة بعادية الخلق ، والاستثناء هم المميزون الذين يصلون مرحلة (( القرءان مع علي ، او ، الحق مع علي .)) ، اما غير ذالك ف(( المعرفة )) هي الضمان الوحيد القائم بين المجتمع من جهة والحق والباطل من جهة اخرى :(( اعرف الحق تعرف اهله )) 3: - عندما يطلب الامام ع ان تكون (( الحقيقة )) هي المرجع فهو ومن جانب آخر : يطالب بأن يكون الفكر كثقافة والعلم كوعي ودليل هما او هم الاهم الذي ينبغي ان تبذل الجهود لاستحصال الفكر والعلم في المجتمع ، لنصل الى مجتمع واعي ومفكر وقادر على محاكمة الحاكم بالحق والحقيقة ، فهنا نحن امام شعب مثقف ومدرك وواعي ويمتلك الحقيقة ، وفي مثل هذه الجملة من صعب ان يأتي طاغية او حاكما او دجالا او كاهنا او مشعبذا او ساحرا اومتفلسفا ......الخ ، ليستغل سذاجة المجتمع وغبائه وغيبوبته المؤلمة ؟.بل في مجتمع يملك (( معرفة الحق )) من الصعب تزييف مداركه او اللعب على عواطفه وتطلعاته من اي شخصية انسانية كانت كبيرة او صغيرة عملاقة او حقيرة نابغة كانت او غبية ، وهذا ماسعت له رسالات الرسل جميعا لتشييده في الحياة الانسانية ، تشييد مجتمع يمتلك معرفة الحقيقة ليتحصن تماما وليكون مؤهلا لقيادة نفسه ، وعلي ع على نفس المنوال في بناء هذا الانسان وهذا المجتمع عندما اسس لهذه القاعدة الفكرية الاجتماعية النفسية الكبيرة بمقولة :(( اعرف الحق تعرف اهله ))4 : - يستهدف علي بن ابي طالب ع عادة الوقوف بجانب المعارضة ضد السلطة اي سلطة ، حتى وان كانت سلطته وحكمه هو ع ، ولذالك هو ينظرّ دائما لكيفية ارهاب الحاكم من المحكوم ، والغني من الفقير ، والمبطان من الجائع ، والظالم من المظلوم ....، وانه ع يؤسس كل كيانه لايصال رسالة للحاكم والمبطان والمترهل اقتصاديا والمجرم ..، مفادها يقول : ان لاقوة في هذا الوجود اقوى من (( الحق والحقيقة )) ونشر معرفة هذه الحقيقة وهذا الحق هو الضمان الاكيد بقلع جذور كل الظلمة والمستبدين والمترهلين والسفهاء النائمين ، لذا عليكم بالحذر يا اعداء المساكين من تحرك الحقيقة والحق ضدكم ؟.5 : - يذكرنا علي ع بكلمة هذه الى ماينبغي علينا فعله وانتهاجه في الدعوة والتذكير ، وليؤكد علينا بالاتي : لا تدعوا الى الشخصية الانسانية المتقلبة الامزجة والواقعة تحت تأثير الحاجة والضرورة ، وانما اجعلوا دعوتكم للمبادء والقيم والحق والحقيقة ، وهذه الحقيقة وهذا الحق هو بدوره قادر على ارشاد من ينتمي اليه ويقبل به الى من هو المستحق لهذه الحقيقة وهذا الحق ؟.بمعنى : انه يجب اولا وكخطوة اولا للدعوة ان تجعل الانسان الاخر يؤمن بالحق وبالحقيقة ، فأن هذا الايمان سيضع له الميزان من جهة ، ويحرر ذهنه وعقله وروحه من جهة اخر ، وهذا التحرر من القيود النفسية والروحية والفكرية هي التي تهيئ الانسان للوصول الى اهل الحق والحقيقة ، لذا اولا تكون الدعوة ل(( معرفة الحق )) لتكون النتيجة (( تعرف اهله )).ان علي هو هو ع فعلا استحق بهذا الفكر ان يكون قرين الحق والقرءان ؟!.لم يشأ ان يدعو لنفسه مرة الا على اساس انه صاحب حق والحقيقة هي رصيده الاول والاخير ؟.ما اعظم الله سبحانه الذي ادب محمدا بهذه الكيفية !.ما اعظم محمدا رسول الله ص الذي ربى عليا ع بهذه الصورة ؟.وما اعظم عليا ع الذي انشأ أمة بهذا الشكل !._____________________________________________
al_shaker@maktoob.com

الأحد، فبراير 08، 2009

(( إنطباعات متفرّقة لأنسان ميّت )) حميد الشاكر


(( إنطباعات متفرّقة لأنسان ميّت )) حميد الشاكر
***********
القلم :مع القلم أشعرُ بالاستغناء عن العالم ، وبالأنس مع الوحدة ، وبالتفكير بعمق مع خطوطه المتعرجة ، ومعه لاأحتاج لعناء وألم التعبير بالمفردة والنطق ، ومع القلم تتعمق كآبتي الى حد الكراهية ، وتتجذر سعادتي الى نقطة الفناء !.
****
الآخر :أزمة نفسية ٌ وعقلية وروحية لديّ مع الآخر عندما يريد رؤيتي بعينيه ، ينظرُ الى قسمات وجهي المليئة بالندوب والاشمئزاز من الأنا فيعتقد ان مافي الداخل كما هي الحال في الخارج ، يحاول تفسيري وتأويلي على أساس مالديه من فقر متأصل في التأمل والتفكير ، ويستنتج النهاية الاخيرة لذاتي التي هي ذاته الحقيقية ولكنها عندما انعكست على مرآة مائي الصافية أظهرت صورته على وجهي !.
****
أدم :
أبن ادم كأبيه من أهم صفاته أنه ينخدع بسهولة ويغفل باستمرار ، فهو ليس كأبن أبليس الذي يدرك شرعته في كراهية وعدائية كل شيئ ولاينام الا بعين واحدة ، وبين ابناء أدم وابناء ابليس تبدأ المعركة بين الذكاء من جهة والطيبة من أخرى ، وبين التواضع والاستكبار !.
****
المرأة :
هي في أحيان كثيرة زوجة ، ثرثارة ، مزعجة ، منسوب حمق طيّب ، وفي أحيان لابأس بها شريرة ، لكنّها في الصفحة الثانية من حاجب عينيها ، أمّ ، صبورة ، تتعشق الرجل الى حد العبادة ، وبين أضلعها صخرة ينبت على وجهها شجر الحبّ .
****
الوحدة :
تأله في عبادة الذات والأنا ، رؤية ٌ واضحة للجسد والروح ، وتفردٌ مع النفس ، والتفافٌ حول ذُبالة شمعةٍ متقدّة ، وفي نفس الوقت ثورةٌ على المجتمع والناس ، وتمردٌ صريح على صخب الحياة ، واحتقار مبطن لأشاعة الانسان أجتماعيٌّ بالطبع .
****
الكتاب :
مخلوق خُلق من رحم الفكر والتأمل ، في أحيان كثيرة يخرج بتشوّه خلقي غريب ، وفي النادر ماترى عينية في منتصف الرأس ، غلافه الجلد الساتر لعورته ، ومضمونه الروح والنفس والعقل ، وحروفه العظام والهيكل ، وفهرسه تأريخه من البداية الى النهاية !.
****
الله :
ليس كمثله شيئ ، بعيد للمبتعد ، وقريبٌ للمقترِب ، في كل شيئٍ لامن خلال أحتواء ، وخارج كلّ شيئ لابأنفصال ، ودودٌ لابعواطف ، رحيمٌ لابمشاعر ، حبيبٌ لابقلب وحركة ، قويٌ لابعضلات ، شديدٌ لابألات ،حاضر لابكيفيات ، غائب لابمسافاة ، هو هكذا أنا وهو ربي .
****
الغد :
ضيفٌ منتظر على مائدة الصباح او المساء ، مفاجئة ٌ ربما تختلف عن كل التوقعات ، نارٌ تُجمّد كلُّ من يفكر فيها بجدّية ، وثلج يُحرق اطراف كلُّ مَن يأمن النوم بين احضانه ، ولايُعلمُ هل نحنُ هو عندما نذهب اليه أم هو نحنُ عندما يقدم علينا ؟.
*****
جعفر :
أبني الذي بدأ بقصة نزوة وتجسّد بصورة أنسان ، أنظرُ في عينيه فأبتكر المستقبل ، بينما ينظر هو في عيني فيتطلّع الى قرد غريب ، وفي أحيان كثيرة أعلّمه تجربتي في الحياة فيضحك ملئ الشدقين ، لأتعلم منه أنا فيما بعد حكمة الاطفال ، شجاعٌ وجريئٌ الى الحد الذي أخجل من نفسي عندما أ ُنسب لعالم العقلاء والراشدين ، ومتردد وشيطان الى الحد الذي أحمد الله على نعمة الايام والسنين .
****
النهاية :
هي عالم البداية بالنسبة ليّ ، وعالم الأختتام بالنسبة لعرض نوم الليلة السابقة ، هي نقطةٌ في نهاية سطر العنوان ، ولكنّ من بعدها وفي نفس لحظة أنطفاء الانوار تبدأ مسرحية : عندما تبعث الاعمال بشراً ، وتكون النهاية خدعة الابتداء ._____________
al_shaker@maktoob.com

السبت، فبراير 07، 2009

أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن اراد العلم فليأت الباب -8


محور علم عليّ المدني هذا هو المحور الاخير من محاور حديث الرسول الاعظم محمد ص :(( أنا مدينة العلم وعلي بابها ....)) وهو المحور الذي يتناول الوجه الاخر من المعادلة الرسالية التي اثارت الكثير من النقمة على هذا الحديث الشريف بالذات !. اعني : ان منشأ الاخذ والرد الذي اثير على سند ومتن وصحة ... هذا الحديث لم تأتي من الشق الاول والمقدمة الاولية لهذا الحديث الشريف التي تقول :(( انا مدينة العلم ...)) باعتبار ان ليس هناك في المسلمين من علماء وعامة مّن يجرئ على الاعتراض ان يكون العظيم محمد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو (( مدينة العلم )) ولكن الاعتراض والنقمة نشأت عندما عطفت المسألة برمتها على عليّ بن
ابي طالب عليه السلام ، لتكون من ثم كفة الميزان الاخرى للحديث الشريف هي :(( وعليٌّ بابها ..)) عندئذ ظهرت اللوحة بشكل مختلف لتصطدم بالامزجة التي لاترحب بأن يكون او يختص عليّ بن ابي طالب بهذه المنزلة العلمية الرفيعة لعلم الرسالة المحمدي ، فكان ما كان من علماء السوء وتوجهات السلاطين وغوغائية العامة .. لدفع هذا الحديث برمته من ساحة الصحة والواقعية ... ليس بغضا بأن يكون الرسول محمد ص العظيم صاحب مدينة العلم الرسالية ، ولكن لعدم الترحيب بأن يكون عليّ بن ابي طالب ع بابها من منطلق : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات ووحده يكون باب مدينة العلم الرسالية الواسعة ؟.نعم صحيح دعونا نأخذ بالراي الذي ينقم من عليّ بن ابي طالب عليه السلام على اساس انه هو وحده ولاغير يصلح لأن يكون باب مدينة العلم ونضيف لهذه الاشكالية اسألة اخرى تنفع البحث في هذا المحور الاصيل من حديث الرسول الشريف ونقول :تمامٌ : لماذا يختص علي بن ابي طالب بأن يكون باب مدينة علم الرسالة ؟.وهل يعقل ان تغلق جميع ابواب الصحابة الموصلة لمدينة العلم الرسالي وليبقى باب علي بن أبي طالب فحسب هو المدخل كما حصل بالضبط في التاريخ الرسالي عندما اغلقت جميع الابواب الموصلة لمسجد الرسول في المدينة وليبقى باب علي ع ومحمد الرسول ص مفتوحة فقط في السيرة النبوية المطهرة ؟.ان هذه الاسألة هي ما اثارها الناقمون على قيمومة علي ّ بن ابي طالب عليه السلام على العلم الرسالي فحسب ، أمّا ما نريد نحن بحثه في هذه الجزئية من محاور الحديث الشريف هو الاتي :هل كان علي بن ابي طالب في الحديث الشريف (( انا مدينة العلم وعلي بابها ..)) يمثل وجوده الشخصي فحسب ؟.أم انه وحسب التقاليد والاعراف العربية عنوان لتمثيل اهل البيت عليهم السلام ليكون مصداق الحديث الشريف :(( وعلي بابها ..)) باعتبار ان اهل البيت باب مدينة العلم الرسالي ، لتكتمل الدائرة مع الحديث الشريف الاخر للرسول الاعظم محمد ص :(( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي ...)) وليكون من ثم مصداق الحديث :(( انا مدينة العلم واهل البيت الممثلين بعلي بابها )) ؟.وهل الحديث الشريف يشير الى اختصاص علي بن ابي طالب بعلم الرسالة فحسب ؟.أم ان الحديث الشريف لايخص عليّ بالعلم بقدر اختصاصه بالشؤون العامة لادارة المدينة العلمية ؟.بمعنى آخر : لماذا عاد الضمير في قول المصطفى محمد ص :(( وعلي بابها ..)) الى المدينة وليس الى العلم ؟.اقصد : كان المفروض اذا اردنا فهم الحديث على اساس ان يكون العلم يختص بعلي ع فحسب من دون الناس اجمعين ، لكان الحديث الشريف بهذه الصيغة :(( انا مدينة العلم وعلي بابه ...)) ولم يكن بصيغة :(( وعليّ بابها )) ليعود الضمير للمدينة وليس للعلم ؟.وهل هناك فرق بين ان يكون عليّ عليه السلام باب مدينة العلم ، وبين ان يكون عليّ ع باب العلم الرسالي مباشرة ؟.ان ادراك ومعرفة الفصل في السؤال الاخير الانف الذكر هو الذي يشرح لنا جميع الاسألة السابقة بما فيها لماذا لايصلح غير علي بن ابي طالب ان يكون ((حارسا)) لباب مدينة علم الرسالة هذه ، وعليه ينبغي البدء من هذه الخطوة : ماهو العلم الرسالي ؟.وما اختلافه او وما هو الفرق الذي تحدثه المدينة عندما تضاف اليه ؟.لماذا اضيفت المدينة الى هذا العلم الرسالي الالهي العظيم ؟.وما الذي تريد هذه الاضافة ان تخبرنا به عن علم الرسالة ؟.الكثير منا ومع الاسف مسلمين وغير مسلمين ينظرون الى العلم الرسالي وخصوصا منه العلم الرسالي الاسلامي الخاتم لجميع الرسالات على اساس انه علم واحد وموحد في جهة واحدة ، او وبصيغة اخرى من الوعي هناك الكثير ممن ينظر الى العلم الديني بصورة خاصة على اساس انه علم واحد فحسب ، لذالك نحن والاخر كثيرا ما نحمل تصورا مسبقا عن الدين انه علم العبادة او الارتباط بالله سبحانه فحسب ، ولذالك كنّا ولم نزل ننظر للعلم الرسالي الاسلامي او الديني الاسلامي على اساس انه شبيه بعلم الفلك او المنطق او الطب او الهندسة .....، او باقي العلوم التي تختص بهذه الجهة او تلك من الجهات التقنية العلمية الانسانية فحسب ، ومن هنا نظرنا للعلم الرسالي الاسلامي نفس النظرة التي اسقطناها على باقي العلوم الانسانية للنظر له على اساس انه علم موحد مستقل يصل الانسان بخالقه وبصورة وعلى كيفية مخصوصة ، وله وظيفة ايضا محددة كباقي العلوم الاخرى عندما تختص بترميم او اعمار جزء محدد من الحياة الانسانية ، لهذا جاء في الاثر :(( العلوم اربعة : الفقه للاديان والطب للابدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الزمان / عن علي بن ابي طالب ع )) فهل يستقيم هذا الفهم لعلم الرسالة بالواقع ؟.الحقيقة ان هذا الفهم ربما يصلح لتعريف الفقه او الاصول او الفلسفة او المنطق داخل الاطار الاسلامي ، أمّا ان عزمنا التحدث عن العلم الرسالي فلايمكن اختصاره وقتله في زاوية معينة من حياة البشر ، وهذا لالشيئ معقد الا لكون ( علم الرسالة ) هو ليس علما محددا بجانب من جوانب الحياة الاجتماعية الانسانية لنختصره في هذا او ذاك من الجوانب الضيقة !.كما انه ليس علما يخترع ليكون في خدمة هذا الحيز او ذاك من المنعطفات الانسانية التي هي بحاجة الى مقدمة تهيئ الارضية لعلم من العلوم الانسانية الاخرى ، كعلم الفقه الذي وضع لخدمة الحكم الشرعي في الدين او كعلم الاصول لتهيئة الارضية للوصول الى معرفة كيفية الوصول للحكم الشرعي الديني بصورة صحيحة ، او كعلم الطب الذي هو عبارة عن علم نشأ ونما لخدمة البدن الانساني والاحتفاظ به صحيا في هذه الحياة .....الخ ، لا ليس العلم الرسالي هو كهذه العلوم الجزئية لننظر اليه على اساس انه علم موحد ومستقل بذاته وبالامكان تعريف ماهيته بصورة علمية ، وانما هو علم خاص او هو وحي رباني لادارة الحياة وتنظيم حركتها بصورة شاملة من خلال رسول مبتعث من قبل الله سبحانه ، او من خلال وصي رسول او نبي يكون هو المهيئ لادارة الحياة وفق الرؤية العلمية لعلم الرسالة هذا ، فهو علم يطرح الفكر باعتباره رؤية عقدية ايدلوجية ، ويطرح السياسة والحكم باعتباره فن الادارة وتنظيم المجتمع ، ويطرح الاقتصاد باعتباره حقوق وواجبات واعمار وتنمية ، ويطرح الاجتماع وكذا الاسرة ، وكذا يطرح الرؤية النفسية لمعالجة مشاكل الفرد الروحية والصحية ، ويطرح المرأة ويطرح التاريخ ويطرح الكون ويطرح ......الخ ، كل هذا يطرحه العلم الرسالي لاباعتباره علم واحد ويتحدث في اتجاه معين وله ضوابط محددة ، لابل باعتباره علم شامل وواسع وليس بالامكان قبوله انسانيا الا من خلال العلم الرسالي الذي نؤمن جميعا بانه من المصدر الذي يعلم كل شيئ ولاتخفى عليه خافية لافي الارض ولا في السماء الله سبحانه وتعالى !.بمعنى آخر : ان اختلاف العلم الرسالي عن غيره من العلوم الانسانية الاخرى ، انه العلم الذي يتلقاه الانسان على اساس انه وحي من الله سبحانه مقدس المرجعية ، وليس بالامكان اخذه من خلال الاجتهاد والتجربة البشرية ، وانما من خلال نص صريح من نبي او من وصي نبي مسدد بتوفيق الله لحفظ الشريعة ، ولهذا كان العلم الرسالي مميزا وشاملا ومقدسا وغير قابل للخطأ ، واينما ضرب بعلمه اصاب كبد الحقيقة في هذه الحياة ، ففي العقيدة العلم الرسالي ناقل لواقع صحيح من علم العقيدة ، وفي السياسة العلم الرسالي صاحب رؤية متوازنة وغير منحازة لاي فئة على اخرى باعتبار انه علم الحقيقة السياسية بين الحاكم والمحكوم ، وفي الاقتصاد كذالك ، وفي الاجتماع ..... وفي باقي الرؤى والاحكام والتوجيهات والمواعظ والنواهي والواجبات .... الاسلامية الانسانية التي يطرحها علم الرسالة المحمدي ص ، كل هذه الشمولية والسعة تقبل لاي انسان منا اذا اتت من خلال علم الرسالة فحسب ، ولاتقبل من اي علم اخر انساني ومهما كان شاملا باعتبار ان الشمول والسعة علم يختص بعلم الرسالة المعصوم فحسب وليس لاي علم اخر ان يدعي الحقيقة المطلقة في كل شيئ ، ومن هنا لايؤخذ علم الرسالة الا من نبي معصوم او امام مسدد حسب طريقة القرءان الكريم !.اذن علم الرسالة ليس علم محدد الاتجاهات ، ليقال ان علم الرسالة هو علم ارتباط الانسان بربه فحسب ، او انه علم العبادة لاغير ، بل هو علم واسع الافق ، علم يختص بكل شؤون المدينة الانسانية المدنية في هذه الحياة ، ولهذا جاء الحديث النبوي الشريف دقيقا عندما قال :(( انا مدينة العلم )) من منطلق ان هذه المدنية او هذه المدينة ، اذا لم تكن موجودة في الحديث الشريف لايقنا ان العلم الرسالي علم محدود وضيق ولايتسع لافاق المدينة الانسانية كلها ، امّا والحال ان اضافة المدينة للعلم اخبرتنا ان لعلم الرسالة سعة وشمولية تغطي جميع افاق الانسان الاجتماعية في هذه الحياة ، ادركنا عندئذ جمال ودقة اضافة الرسول الاعظم المدينة لعلم الرسالة ليكون تصورنا واضحا لهذا العلم ، وانه ليس علم مختصر بهذه الزاوية او تلك من زواية المدن الانسانية ، بل هو علم شامل وواسع بوسع المدينة الانسانية وشؤونها الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والاسرية والفردية .... تلك !.ان فهمّنا هذا لخصوصية المدينة ، وضرورة وجودها كقرينة لفهم سعة العلم الرسالي ومدى انتشاره الواسع لتغطية جميع شؤون المدن الانسانية في حديث المصطفى محمد ص :(( انا مدينة العلم )) ، فهمنا بعد هذا وتلقائيا لماذية عودة الضمير في الحديث الشريف في قوله ص :(( وعليّ بابها )) الى المدينة وليس الى العلم الرسالي مباشرة !.بمعنى مغاير : ان فهمّنا مقدمة ان يكون العلم الرسالي شموليا وواسعا وغير محددا بجانب معين من جوانب الحياة الاسلامية من خلال قرينة اضافة المدينة لهذا العلم الرسالي ، هو نفسه الفهم الذي يأخذ بايدينا الى فهم لماذا كان عليّ بن ابي طالب باب مدينة العلم الرسالي وليس باب العلم الرسالي فحسب عندما رجع ضمير (( بابها )) الى المدينة وليس الى العلم الرسالي فقط !.ففي كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام المدخل الحقيقي والواقعي لفهم وأدراك كافة زوايا واتجاهات وطرق ... مدينة علم الرسالة المحمدي ص ، بطبيعته سيكون مختلفا في النتيجة ان قلنا فقط ان عليّ بن ابي طالب هو باب علم الرسالة فحسب !.فعلم الرسالة علم مبعثر ان اخذ بلا مدنيته ومشتت وبالامكان لاي شخص ان يأخذ منه كيفما اتفق ، وهذا بخلاف علم مدينة الرسالة الذي اختص به علي ع ، والذي هو علم تحيط به اسوار المدينة ، وتقنن من مواضيعه ، وتأرشف من ناسخه ومنسوخه ، وخاصه وعامه ، ومحكمه ومتشابهه ، ومقيده ومطلقه ، وليليه ونهاريه ، وجبليه وسهليه ....... الخ !.ان المنحى الاول في كون عليّ باب المدينة يشير الى سعة ادراك عليّ بن ابي طالب ع ، وشمولية فهمه الكامل لكافة جزئيات وكليات علم الرسالة المدني ، فعلي ع عالم بعلم العقيدة كعلمه بعلم السياسة ، وعالم بعلم الاقتصاد والتجارة ، كعلمه بعلم الاجتماع وقوانينه ، وعلي ّ بن ابي طالب ع عالم بالانسان وكينونته ، كعلمه باحكام القرءان وسننه ....... وهكذا حتى نصل لنتيجة : ان علي ليس فحسب مطلع على علم الرساله في جانب واحد من جوانبها المتعددة ، والذي هو مطروح لمجمل الامة المسلمة تأخذ منه كيفما اتفق ، بل علي بن ابي طالب عليه السلام باب مدينة علم الرسالة ، والمدرك لكل حيثيات علم الرسالة المدني ، بقرينة ان علي ع في الحديث الشريف هو باب مدينة العلم ، وليس مدخلا موصلا لعلم الرسالة كيفما اتفق ومن اي زاوية من الزواية فحسب ؟!.ومن هذه اللفتة العميقة في الحديث الشريف نفسه ، وادراك عقولنا القاصرة لحكمة وجود الاضافة في (( انا مدينة العلم )) وان هذه الاضافة اخبرتنا بالسعة والشمول لهذا العلم الغير محدد بجهة واحدة من جهات العلوم الانسانية ، ومن خلال انقاذ لمسة (( وعليّ بابها )) ولماذية عودة الضمير على المدينة وليس للعلم مباشرة ، ندرك ايضا جواب السؤال : لماذا عليّ بن ابي طالب بالذات هو الصالح لأن يكون باب مدينة العلم الرسالية الاسلامية الواسعة !.نعم بالامكان القول : ان عبدالله بن مسعود مثلا عالم من علماء الصحابة اخذ بشيئ من علم الرسالة المحمدي ، الا اننا وبكل صراحة لانستطيع الجزم بانه الاكفأ ليكون باب مدينة علم الرسالة المحمدي الاسلامي ، لاسيما ان ابن مسعود رضى الله عنه انتقل الى رحمة الله سبحانه وهو يجزم بان سورتي المعوذتين ليستا من القرءان الكريم !.وهكذا جميع طبقة العلماء من الصحابة ، ابن عباس وسلمان .... الخ ، اخذوا شيئا وفاتتهم اشياء كثيرة من علم الرسالة الواسع ، فمنهم من ادرك منسوخا ولم يدرك ناسخه ، ومنهم من سمع مطلقا ولم يسمع مقيده ، ومنهم من ادرك عاما ، ولم يطلع على الخاص ، ومنهم من حفظ سورة ، ولم يعلم هل هناك اية الشيخ والشيخة ان زنيا ... أم ان تلك كانت حكما نسخت التلاوة وبقي الحكم وهكذا !.هذا مانقصده بعدم صلاحية غير علي بن ابي طالب ع لحفظ الشريعة وحراسة باب مدينة العلم الرسالي الاسلامي لتبليغه للناس اجمعين !.ان علي بن ابي طالب عليه السلام هو الوحيد الذي اعلن صراحة للامة المسلمة القول : (( سلوني قبل ان تفقدوني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن اية اية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت ، مكيها ومدنيها ، سفريها وحضريها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها، وتأويلها وتنزيلها ، لأخبرتكم ...)) ولم يكن ليجرئ احد من صحابة الرسول محمد ص ان يشك بما يقوله علي بن ابي طالب ع في هذا الباب من احاطته بالعلم الرسالي الاسلامي ، لأدراك كافة الصحابة الكرام بمنزلة عليّ العلمية وعلو كعبه على جميع الاصحاب من السابقين وحتى اللاحقين من بعدهم باحسان الى يوم الدين !.وهذه الشمولية والسعة والاحاطة في ادراك وعلم عليّ بن ابي طالب ع هي التي رشحتها لأن يكون (( باب مدينة العلم الرسالية )) بعد العظيم محمد رسول الله ص ، لا من منطلق كون عليّ ع ابن عم الرسول او زوج فاطمة الزهراء او بسبب كونه ابا لسيدا شباب اهل الجنة !.لا ليس لكل تلك الاسباب العظيمة نال علي بن ابي طالب منزلة ان يكون باب مدينة العلم الرسالي !.وكذا لا لكون عليّ بن ابي طالب ع اول الناس اسلاما ، ولا لأنه فقط لم يشرك بالله طرفة عين ، ولا لأنه بطل الاسلام الخالد ، ولا لأنه قامت الدعوة الاسلامية على اكتافه واكتاف اهل بيت رسول الله محمد العظيم ص فحسب !.بل لأنه مضافا لكل ما تقدم ، اوعى الناس حفظا واغزر البرية خيرا وعلما ، واعمق البشرية تأملا وخشية من الله ، واعظمهم حلما وأرأفهم رحمة ، ..... وباقي المواصفات الاسلامية التي فرضت من وجود عليّ بن ابي طالب ع على ان يكون باب المدينة العلمية بامتياز وبلا منافس !.صحيح : هل من مرشد يدلنا على غير عليّ بن ابي طالب ع في الصحابة في حياة محمد العظيم ص وبعد انتقاله من هذه الدنيا ليكون الحاوي لعلم الرسالة والملجأ اذا تضاربت الاحكام والسنن ، والمدخل اذا اشتبهت الاديان والعقائد الاسلامية وغير الاسلامية !.وهل هناك من أذن واعية تعي كون الرسول الاعظم محمد ص صاحب الشريعة السمحة والواسعة والعميقة لايمكن ان يخرج من هذه الدنيا بلا خليفة من بعده يحمل شريعته ويقتدي بسنته ويعلم جميع رسالته ليؤدي عنه رسالته بعد حياته ورحيله من هذا الافق الدنيوي الضيق ؟.لم يكن هناك دافع بطبيعة الحال للعظيم محمد الرسول ص يدفعه للقول بانني مدينة علم الرسالة و (( علي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) الا كون عليّ بن ابي طالب عليه السلام هيئه الرحمن الرحيم سبحانه ليكون للعالمين وللمسلمين بالذات ملجأ ومعينا لفهم الشريعة وتبليغ الرسالة بعد الخاتم محمد العظيم ص !.ومن اراد ان يبحث عن علم الرسالة من غير المرور بعلي بن ابي طالب ع ، ولو على سبيل الاطلاع وزيادة العلم ، سيصيب شيئا من العلم الرسالي (( غبشا من علم )) لايدري اهو الناسخ ام المنسوخ ، أم هو المطلق الذي ليس له مقيد ، أم انه المقيد الذي لم يأتي بعده مطلق .... وهكذا ، فهو ليس على (( العلم )) المعهود لرسول الله محمد ص ، والمذكور في ذيل حديثه الشريف :(( فمن اراد العلم فليأت الباب )) !.ومن هذه الصورة التي حملها لنا الحديث الرسالي الشريف :(( انا مدينة العلم وعلي بابها فمن اراد العلم فليأت الباب )) كان صراخ عليّ بن ابي طالب وشدّة تألمه على علم رسالي بين جوانحه عظيم لايجد له حمله ، او عندما يعلن للامة :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) لايقوم له ليسأله من سخرية الدنيا واضحوكتها الا ابن الكوا المخلوط بدينه وعقله ليسأله عن شعر رأسه كم شعرة فيه ؟!.الا يحق لعلي بن ابي طالب ع ان يموت كمدا على هذه الحال التي وصلت لها الامة ؟.الا يحق لأبي تراب ع ان يدعو باعلى صوته : ان هاهنا لعلما جما !. ان لهاهنا علم الرسالة ؟!.ان لهاهنا باب مدينة العلم ؟!.ولا من مجيب يعي مايشير له عليّ بن ابي طالب ع من رسالة محمد الرسول ص التي بحاجة هذه الامة لتطلع على مضامينها الخطيرة !.هناك من يعجب بالكيفية التي اراد الحديث الشريف :(( انا مدينة العلم وعليّ بابها ..)) حصر العلم الرسالي كله بعلي بن ابي طالب ؟.والانكى للجروح من ذالك هذا المعتوه يتساءل متحيرا : كيف يضع الرسول العظيم محمد ص رسالته في باب واحد هو علي بن ابي طالب وكان المفروض على الرسول الاعظم ص ان يبلغ الرسالة لجميع الناس ؟.وهاهنا الجواب : لم يكن محمد العظيم ص ليبخل بعلم الرسالة على احد من الناس اجمعين ، بل كان مأمورا تبليغ الرسالة للعالمين ، ولكن هناك من ادرك الرسالة بفطرته كعلي بن ابي طالب ع ، وهناك من دخل الرسالة بعد شيخوخته ، وهناك من لم يدرك من الاسلام الا أسمه ، فهل يستوي اللذين يعلمون واللذين لايعلمون ، مالكم كيف تحكمون ؟!.الغريب العجيب ان محمدا الرسول ص عندما قرر ان يكون عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسالة للناس اجمعين ، كان على ثقة مطلقة ان عليّ بن ابي طالب سوف يعلن بعده ص صرخته العلمية التي لم تزل دافئة العبير :(( سلوني قبل ان تفقدوني ..)) فهل استثمرت الامة هذا الباب المفتوح للامة وللناس اجمعين ؟.أم اندفعت لقتل عليّ بن ابي طالب وعلمه الرسالي المحمدي يوما بعد يوم ، ليسأل من ليس له علم برسالة رسول العالمين ابدا ليفضل علمه على علم عليّ بن ابي طالب باب مدينة علم الرسول وفضاء حكمته الى يوم الدين ؟!.أليست هناك مشكلة ما ، عندما يكون الحسد او الموروث او الخرافة او حب الدنيا ....... او اي شيئ ما هو الجدار الذي يعزل الناس عن علم علي بن ابي طالب الذي هو للناس كافة ؟.وحتى اليوم ربما التاريخ لم ينصف عليا عليه السلام بأن يستمع للامانه التي كان يحملها من الرسول الاعظم محمد ص في علمه وتبليغ حجته ، أقول : حتى اللحظة لماذا لم يزل عدم الاستماع لعلم علي الرسالي مقبولا من الاخرين ؟.وهل يحق لي او لك ان تدعي ان محمدا الرسول ص كان يكون ضيق الافق ان حصر العلم الرسالي بعلي بن ابي طالب فحسب ؟.وهل كان هناك اكرم واوسع وارأف وأرحم من علي بن ابي طالب بهذه الامة ؟.وهل عرف احدا عن علي بن ابي طالب انه اغلق باب علمه عن ساءل مهما كان لون هذا السائل وهويته او مهما كان لسانه ودينه او مهما كان توجهه او حتى نقمته على علي بن ابي طالب ع نفسه ؟.هذا ما اراده محمد الرسول ص عندما وضع علي بن ابي طالب ع في المقدمة ليقود علم الرسالة بعد محمد ص ، وليكون باب مدينته الرسالية صلى الله عليه واله ؟!.فمن الكفاءة هو صاحب الاذن الواعية !.ومن الحفظ هو الذي لم يسقط منه حرف في ايه او كلمة من سنة !.ومن التقى فهو امام المتقين والامين على علم الرسالة والدين ؟!.ومن البطولة فهو الذي لاتأخذه في الله لومة من لائمين !؟.ومن الكرم فهو لم يبخل بعلم حتى على اعدى اعداء الدين ؟!.فماذا بعد الحق الا الضلال المبين !.
al_