الاثنين، مارس 23، 2009

(( مِحنة أن تكون الآخر ....)) حميد الشاكر


(( مِحنة أن تكون الآخر ....)) حميد الشاكر
_________________

في عالم يعيش فيه هذا الانسان بأنّانيته المُفرطة في عبادة الانا من الصعب ان تكون أنت الاخر !.
فيما سبق كان الانسان أيضا كآخر في عالم الملائكة ولم يسلم من فضول تسائل : أتجعل فيها مَن يفسد ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ....، فكيف اذا كانت الحال إنّك انت الاخر والموجود هو الشيطان ؟.
سارتر صاحب الوجودية في مسرحية الاجنحة الاربعة وصف الاخر بالجحيم !.
وفي السياسة الاخر هو الموت الكامن بين قصبات الحياة لينتظر فرصة الهجوم والافتراس لاغير !.
وفي الفن الاخر هو نصف الوجه الذي حاول أحد الفنانين رسمه ولصقه لاتمام صورة الانسان ولكنه عجز بعدما وجد التشابه في الشكل والتنافر في المضمون بينه وبين المرآة !.
في الجدل المرأة الاخر للرجل !.
وفي الانسان روحه هو الاخر لغريب يلتف حوله أسمه الجسد !.
طبعا ليس هناك فلسفة عميقة في رؤية الاخر او البحث عنه ، ولكنّ هناك شعور به طاغي في كل شيئ !.
الارض تراك آخر وانت واقف عليها تفكر بأن الارض هل تصلح ان تكون هي الاخر ؟!.
الحيوان كذالك يراك آخر عندما تمرّ به ان كنت انسان ، أو تسقط عيه حجر وهو نائم وانت حيوان !.
الانسان ذالك المخلوق المعقدّ يراك وتراه آخر مختلف ، مع تقارب الشكل وتنافر الارواح !.
الوجود ومع انه احتضان مطلق لك هو كذالك يشعر انك آخر كما تشعر انه هو الاخر آخر !.
الكون ... الخارج ....الداخل ... الاشياء ... كلها آخر !.
ربما فقط المعادلة بينك وبين الاخر تنتهي عندما لاتكون شيئا مذكورا أمام الله لاغير ، وهذا ايضا لولا ان المعادلة قائمة على ان المعلول لاشيئ أمام علّته ، وان المسبب سراب امام سببه الحقيقي ، لكان شعور الاخر كذالك موجود بينك وبين الله سبحانه !.
قيل على لسان أحد الفلاسفة : إن الله سبحانه ايضا آخر أوجده الانسان قبل ان يكون هو واجدٌ للانسان في الحقيقة ، ولكنّني وباعتبار صعوبة فهمي لانفصال وأندماج المعادلة بين الله وخلقه لاأعترف ان هناك آخر بين الانسان وربه !.
على أي حال يبدو انه من الصعب ان يكون أحداً منّا هو هو في نفس الجهة الواقف عليها شخصان ، أو زوجان ، او شيئان ، أو وجودان ، او جهتان .
في الماضي دأبت على البحث لايجاد مفترق الطرق الذي يتقاطع بي مع الاخر ولو للحظات قليلة عسى ولعلّ استرق دقيقة تعارف مع هذا الاخر ، ثم عزفت عن البحث وأوقفني التعب ، وأجلستني وعورة المنحدر ، ففكرّت برسم الطريق بنفسي بدلا من المسير و البحث عنه ، ولكنّ من اول بداية الخطوط كانت الّوحة قد تشوهت والطرق قد تضاربت ، والخطوط قد تداخلت ، وبدت الخارطة كأنها جلد قنفذ تميل الى الخروج من الاوراق ، وتصعد الى اعلى قمّة في وجهي ، لتفقأ ماتبقى من نور الحياة في عيني !.
الآخر محنة حقيقية ولكنّه القدّر المحتوم ، واصعب مافي هذا القدّر ان تكون انت دائما هو الاخر !.
اللهم لانسألك ردّ القضاء ولكنّ نسألك اللطف فيه .
__________________

alshakerr@yahoo.com