الخميس، مارس 19، 2015

(( في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي / الازدواج الوظيفي لنظام الاقطاع والقبلية )) 8 حميد الشاكر


((21 ))
تكمن صلابه وتعقيدالنظام القبلي الكردي بصورة عامة والنظام القبلي والاقطاعي الكردي العراقي بصورةخاصة في محورين اساسيين هما :
اولا:صلابة الاستمرارية التاريخية  المتصلة لهذا النظام الغير منقطعة حتى اليوم  .
ثانيا:ازدواجية وتعقيدوظائف النظام الاقطاعي القبلي الكردي العراقي .
وقد اشرنا تلميحا في الفصول ، والاقسام السابقة  من بحوثنا هذه حول الشخصية الكردية العراقية على اساس انهاارتكنت لنظام قبلي تاريخيا وحتى يوم الكردهذا(استبد منفردا)في السلطة والادارة لهذه المجتمعية وقيادة البنائية المجتمعية الكردية العراقية فيها لحقب زمانية متوالية لم تلقحها ميكروبات الحضارة الانسانية اوتخترقهامفاعيل هذه الحضارة ( المتقارنة مع وجود نظام الدولة المركزية ) لتضعف بشكل كبير من هيمنة النظام القبلي وتحّكمه في تلك البنائية الاجتماعية !.
والحقيقة ان الذي ساهم في هذه الاستمرارية والانفرادية لسلطة النظام القبلي الجبلي على المجتمعية الكردية العراقية ومن ثم زاد في صلابة هذاالنظام الاجتماعي هوليس حالة فكرية عقلية اوانسانية طبيعية بقدر ماهي حالة بيئية جغرافية ، وظرف مناخي  يفرض نظامه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتربوي و .. على المجتمعية والفرد الكردي لاغير !!.
فالانسان الكردي العراقي هو كباقي ابناء الجلدة الانسانية، ولا يختلف في كفاءاته البشرية في الرقي والتقدم  وحيثما تضع الانسان اي انسان وتهيئ له الظرف البيئي ،  والاجتماعي الحضاري المناسب  فبامكانه ان يبدع  ويطور من الحياة ويثري من حركتها ، ونموها التلقائي وهذا ماحصل بالفعل للانسان الكردي تاريخيا وحتى اليوم عندما ادارظهره او نزل من الجبال الوعرة ، وغادر نظامها  القسري ، ليساهم في بناء الحياة والحضارة والانسان فاصبح الانسان الكردي قائدا سياسيا بارزا كصلاح الدين الايوبي ، او عالما دينيا عقديا فيلسوفا ، كشيخ الاشراق السهروردي (( الذي قتله صلاح الدين / 586 هج )) او اديبا وشاعرا كشوقي او .....الخ !.
فالاشكالية اذا/ حسب هذه الرؤية / ليس في محتوى ، وطبيعة الانسان الكردي العراقي ومضمونه او افتقار هذا الانسان لبعض الجينات التي تساعده على انتاج الحضارة، والتطور والصراع الاجتماعي الايجابي بقدر ما هي في ((النظام الاجتماعي )) الذي تفرضه الجغرافية البيئية الطبيعية  سواء كانت هذه البيئة الطبيعية صحراوية عربية قبلية بدوية تفتقرللقدرة على الانتاج الحضاري المديني اوكانت جبلية قبلية نصف بدوية كردية  !!.
وهذه الحقيقة ، بغض النظر من انها قريبة جدا من روح علم الاجتماع الحديث الذي يرى بان ( النظام الاجتماعي هو ، وليس غيره ) الخالق والصانع الوحيد لكل الوجود الفردي للانسان فكريا، ونفسيا وروحيا و ...الخ في هذا العالم كذالك هي الحقيقة ،التي اشار لها معظم من تناول صلابة محتوى النظام القبلي الجبلي الكردي العراقي ايضا !.
يذكر الانثربولوجي الروسي ( باسيل نكتين ) في كتابه (الكرد ) بان : (( الظروف المناخية ، وتكوين التربة جعلت من الكردي ، منذ سحيق الاجيال مربيا للمواشي وبدويا او نصف بدوي لافلاحا حضريا / ص 35 ))
وهذه الظاهرة العلمية اذا اُدركت بشكلهاالواقعي فانهاستقدم لنا ولغيرنا الوعي التام بماهية صلابة النظام القبلي الجبلي الكردي من جهة وهي ايضا التي سوف تطلعنا على  ماهية استمرارية هذا النظام الاجتماعي الغير قادر على الانتقال الى مرحلة التحضر ، او انتاج بذور وحوامل الحضارة المدينية .
نعم صلابة هذا النظام القبلي عند ارادة بحثها ودراستها تاريخيا وحتى اليوم لا تختصر فقط على صفة : (( صلابة الاستمرارية الزمانية لهذا النظام واسباب وعوامل ذالك فحسب))بل وكذالك هناك محور صلابة وقسوة هذا النظام في فرض منتجاته، وقيمه الفكرية والثقافية والعقدية والاقتصادية والتربوية و....الخ الاجتماعية على الفرد داخله كذالك !.
فهنانحن امام نظام اجتماعي من الصلابة بحيث انه ليس فقط قادرعلى الاستمرارية الزمانية بكل كفاءة  ومرونة ويقاوم (( مثلا مقاومته لاي سلطة مركزية لاي دولة))اي مؤثرات حضاريةخارجية هي بطبيعتها اوسع ، واكثر مرونة من مؤثرات النظام القبلي فحسب ، بل نحن امام نظام يرفض ويقاوم حتى المنتج الطبيعي ، التلقائي الداخلي للجغرافية البيئية القائمة حوله  وينتقص من قيميتها باعتبارها المدخل( او الخطر المحتمل) للتحول لنظام الحضارة الذي هوالكفيل/حسب ما تراه القيمية القبلية الكردية / بالقضاء واضعاف نفوذ ومصالح نظام القبيلة !.
وهذا ما هوقائم فعليا وعمليا داخل  قيمية النظام القبلي الجبلي الكردي والصحراوي العربي على السواء ، الذي ينظر ( بدونية لقيم ) الفلاحة والزراعة والاستقرار والاستسلام للسلام و.....الخ ، داخل اطر النظام القبلي الكردي العراقي الجبلي حتى اليوم !!.
ومع ان ((  نظام الاقطاع )) الزراعي يشكل هو والنظام القبلي نصف البدوي الكردي العراقي (المحارب)عمودا السقف الاجتماعي الكردي ورافعاته بصورة عامة الا ان النظام القبلي البدوي ينظرلنظام الفلاحة والزراعة بنوع من الدونية ، وينتقص عادة حاله في ذالك حال القيمية البدوية العربية من الوجود الزراعي والفلاحي، وحتى الاقطاعي على اساس ان الفلاحة  ورعاتها من الاغاوات الاقطاعيين يقومون بوظيفة ادون من وظيفة المحارب القبلي  ورعاته الجبليين ، وان سكنة وابناء السهل الزراعي المستقراحقر منزلة ، وادون مكانة اجتماعية من ابناء الجبل !!.
وهذا الامرذكره (ويليام هيغلتون ) في كتابه (القبائل الكردية ) كقيمية اجتماعية ورصده ايضا (( نكتين )) في كتابه (الكرد ) كظاهرة بارزة للعيان بقوله : (( والكردي لايتحول الى فلاح الا اذا ارغم على ذالك / باعتبار ان المنزلة القيمية  الاجتماعية القبلية  ترى : ان منزلة الفلاح المستقر ، والكادّ بذراعه  لتحصيل لقمة عيشه ادون منزلةً من المقاتل المتجول النهاب السلاب ، الذي يلاحق رزقه ،  وينتزعه من الاخرين بالقوة انتزاعا )) !!.
ثم يضيف (نكتين) في اشكالية هذه القيمية وصلابتها بالوقوف امام اي اصلاح اجتماعي حضاري محتمل بالقول ((. اما المبادرات الحكومية لتحضير البدو/داخل اطارالمجتمعية الكردية الحديثة / فسوف تصطدم دائما بذهنية الكردي الجبلية التي تحتقر رجل السهل / ص 53 ))   
وهذا ماينقلنا الى بحث ودراسة تعقيد وازدواجية وظائف النظام القبلي والاقطاعي الكردي العراقي بعد صلابته .
(( 22 ))
ان تعقيدات النظام القبلي الجبلي الكردي العراقي تكمن بعكس ( صفة صلابته) باليات عمل (وظائف هذا النظام) الاجتماعية فسؤال : ماهي الوظائف التي قام ولم يزل يقوم بها هذا النظام الاجتماعي والتي تقدمه كضرورة وجودية ، لاستمرارالحياة المجتمعية الكردية تاريخيا وحتى اليوم ؟هو السؤال الذي تكمن في اجابته تسليط الاضواء على تعقيدات هذاالنظام من جهة ولماذية ايضا تمسك المجتمعية الكرديةالحديثة بهذا النظام كذالك من جانب اخر ، بغض النظر عن فكرة ( فرض ) النظام القبلي لنفسه على المجتمعية الكردية تاريخيا وفي وقتنا المعاصر !!.
والواقع اجمعت تقريبا كلمة السوسيولوجيين كرد ومستشرقين وعرب وغيرهم على ان النظام القبلي  العراقي الكردي والاقطاعي الزراعي السهلي قام ، ولم يزل بوظائف تاريخية ، واجتماعية غاية في الاهمية والتعقيد ،  ويمكن تلخيص وظائف هذا النظام ، وكذا  تعقيداته العملية المزدوجة  بالاتي :  
اولا : الوظيفة السياسية .
فقد ذكرالعديد من علماء الاجتماع  الحديث على : ان للنظام الاقطاعي والقبلي الكردي بصورة عامة ، والكردي العراقي بالخصوص الفضل في المحافظة على (الهوية الكردية)  لتاريخ طويل ، بل ان هذا النظام هو الذي قاوم بشراسة كل محاولات تذويب وصهر الهوية الكردية في  باقي الهويات الحضارية المجاورة / فارسية  ، او تركية ، اوعربية / للجغرافية الاجتماعية الكردية  وذالك من خلال ( مقاومة ) هذا النظام القبلي والاقطاعي في الانصياع  للسُلط المركزية  لهذه الدول من جهة  او الذوبان سياسيا او حضاريا او ثقافيا او... في الامبراطوريات التي سحقت اقدامها ومرّت ثقافاتها ولغاتها و... على الجغرافية الاجتماعية الكردية  للعبور من خلال الكرد لغيرهم من جانب اخر !!.
لكن ايضا يذكر علماء الاجتماع انفسهم من جانب اخر : ان هذا النظام الاقطاعي والقبلي الكردي نفسه مع انه قام تاريخيابوظيفة الحفاظ على الهوية الثقافية الوجودية للكرد بصورة عامة  من خلال مقاومته لفكرة الانصياع لمفهوم السلطة المركزية ،ونظام الدولة تاريخيا ، الا انه من الناحية الاخرى شكل اهم الاسباب والعوامل على الاطلاق التي منعت تاريخيا وتمنع حاضرا المجتمعية الكردية من ان تنتقل من ((ادمان ))  فوضى النظام القبلي الاقطاعي الاجتماعي الكردي الى نظام التوحيد الحضاري في صناعة الدولة وسلطتها المركزية !!.          
  بمعنى اخر سياسيا : معروف عن النظام القبلي انه النظام الذي يقاوم بشكل عنيف ( فكرة الدولة الشاملة وسلطتها) القادرة على صهر النظم القبلية في بوتقة واحدة ، واضعاف منتجات قيمها الاجتماعية وصناعة بدلا عنها قيم المدينية التجاري  ونظام المواطنة ، والقانون العام الذي لايعترف بعناوين قبلية او بتشرذمات نسبية !!.
ومن هذا المنطلق تبلور في النظام القبلي والاقطاعي الكردي العراقي تاريخيا وحتى اليوم تصورا اجتماعياوتربويا يرى في الدولة وسلطتها ونظامها وقيمها و ....الخ ، على اساس انه النظام الاخطر على الهوية والوجودالكردي الاجتماعي بصورة عامة والوجودوالنظام الاجتماعي القبلي والاقطاعي بصورة خاصة ، وحتى وان جاءت فكرة الدولة من الكرد انفسهم ((كما حاول تاريخيا بعض قادة القبائل الكردية ، كالقبيلة التي ينتمي لها صاحب كتاب/ شرف نامه/ البدليسي )) كأن تتطلع احد القبائل للهيمنه على باقي الاقطاعيات والقبائل الكردية من ثم لصهرها في قالب اجتماعي موحد يهيئ ((للدولة الكردية)) سبل قيامها وفرض قيميتها الاجتماعية المختلفة عن قيم القبيلة والاقطاع ومصالحها  نقول حتى وان كانت الدولة باسم القومية الكردية ،فان النظام القبلي الكردي سيكون هو اول العوامل  التي تقف بوجه هذه الدولة باعتبار ان قيامها سيهدد مصالح ، ونفوذ باقي زعماء القبائل الاخرين الذين ادمنوا حياة الاستقلال التام عن نظام الدولة ، او الالتزام تجاهها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا و غير ذالك !.
نعم لم يزل يئن بعض السوسيولوجيين الكرد((المتطرفين قوميا))  من حالة التشرذم الاجتماعية الكردية التي ساهمت فيهاولم تزل التناحرات والمصالح القبليةالكردية المتناقضةالتي يعتبرهامعظم السوسيولوجيين غيرالكرد ايضامن انهااهم عامل تاريخي مزدوج لبقاء الهوية الكردية تاريخيا من جهة وتشرذم هذه الهوية وتفتتها من جانب اخر !!.
يتسائل الدكتور (احمد محمود الخليل) في كتابه ( الشخصية الكردية ) في هذا الاطار (متوجعا ايدلوجيا ) عن ما الت اليه المجتمعية الكردية بصورة عامة من تشرذم مجتمعي سببه كما يقول((الذهنية القبلية التي لعبت هي ، وسيكلوجيا الجبال دورا كبيرا في تشرذم المجتمع الكردي وافتقاره الى التماسك / ص 265 )) !.
حتى ان (( الخليل )) يختتم توجعاته الايدلوجية بالقول : (( حتى لكأن ثمة شعوبا كردية وليس شعبا واحدا / ص 266)) !.
ان مايفوت دائما مع الاسف الكتاب، والمفكرين الكرد المعاصرين في تناولاتهم الاجتماعية ( المسيسة ايدلوجيا ) هو انه بالفعل هناك شعوبا كردية  كثيرة ، وليس شعبا واحدا ، وعدد هذه الشعوب التي تعيش في شمال ايران والعراق وسوريا وجنوب وشرق تركيا و ......الخ ، بعدد قبائها ((الستة الاف قبيلة التي عدها اوليا جلبي في القرن السابع عشر وذكرها صاحب/كتاب القبائل والزعامات الكردية في العصرالوسيط / :رزار صديق توفيق/ص 15)) قبل ان ينقرض  بعضها ليعيد النظام القبلي انتاج غيرها من القبائل على نفس القيم والتوجهات !.
 ولا اعلم ( علميا ) من اين جاءت  فكرة الشعب الكردي الواحد للكثير من السوسيولوجيين الكرد المعاصرين مع ان اللهجات اللغوية الكردية متعددة داخل اطار المجتمعية الكردية بتعدد قبائلها ، ولا يجمعها اصل قانوني اومرجعية لغوية واحده (سنتناول هذه الظواهراللغوية والدينية و ..الخ  وكيفية انتمائها للمرجعية القبلية وليس انتماء القبلية للمرجعية اللغوية اوالدينية اوغير ذالك في الاقسام والبحوث المقبلة )) وكذا يقال في التوزعات السياسية والاقتصادية و ..... بالنسبة للمجتمعية الكردية وكيف انها تبعا للقبيلة ونظامها وليس العكس !!.              
ثانيا : الوظيفة الاقتصادية .
وهذه الوظيفة  في الحقيقة قام باعبائها النظام الاقطاعي في المجتمعية الكردية القبلية العراقية تاريخياوحتى اليوم اذا استثنينا اقتصاد الحرف اليدوية من سجادومهن مدنية اخرى تنتعش في المدن الكردية ومع ان هذا النظام حسب ما يصفه الكردولوجي (باسيل نكتين) ب(ان الاقطاع في كوردستان في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر اوجدالاقتصاد الطبيعي الذي يعتمدعلى الملكية الخاصة للمواشي وهو من حمى الفلاحين من خطر غزو  العشائر الرحل كما انه  حافظ على كردستان كوحدة متماسكة ضد تسلط الامبراطوريات الغازية و ...الخ / ص 233 )  الا ان (نكتين) نفسه ايضا يلتفت الى ازدواجية الوظيفة لهذا النظام وكيفية تناقضاته  الاقتصادية العميقة ، عندما يعود ليوضح ( بانه رغم اسهام هذا النظام الاقطاعي اقتصاديا ، الا انه تحول بنفسه ايضا الى عائق كبيرامام التطورات اللاحقة للقوى المنتجة في المنطقة . ان الاقطاع الكردي دمرفي الواقع رفاهية المجتمع الكردي لانه ابقى على الاشكال القديمة للاقتصاد / ص 234 ))
وهكذا يقال بالنسبة ايضا للنظام القبلي الجبلي الذي كان يمتهن الحرب والغزو ولم يزل ، اكثر من امتهانه للتفكير في قضايا الاقتصاد وكيفية تطويره الى ما هو اكثر تطورا من اقتصاد   الكفاف الاجتماعي ، فهذا النظام وباعتبار انه فعليا هو الحاكم والمدير للمدن الصغيرة التي نشأة تاريخيا في الجغرافية الكردية العراقية فانه(( وكما طرحه ابن خلدون في مقدمته لسمات النظام القبلي العربي وغيرالعربي)) لايساهم مطلقا في اثراء عقلية التجارة والاقتصاد ،  كما انه غير معني بمنتجات القيم الحضرية والمدينية التي تؤكدعلى اهمية الاقتصادللعمران الاجتماعي وباقي منتجات المدن الحضرية من فنون ، وعلوم واداب و ..... كانت ولم تزل من ضمن منتجات النظام الحضري وليس القبلي !.
ثالثا : الوظيفة الاجتماعية والتربوية .
عندما اراد الانثربولوجي الروسي(( نكتين )) ان يسلط الاضواء على النظام القبلي  ، ومدى تاثيره على الفرد والاسرة ، والمجتمع  الكردي الحديث ، فانه لم يجد وصفا ابلغ من القول : (( لقد علمت الحياة الفرد الكردي ان العالم ملك للشجاع  ، ولولا ان القبيلة  تشكل  مدرسة الفرد الكردي وتعلمه التضحية وخدمة المجموع ،لكانت طباع الاكراد كفيلة بان تفنيهم / الكرد : ص 60 ))
والحقيقة في هذا النص لنكتين وهو يصف اهمية النظام القبلي بالنسبة لحياة الفرد ، والجماعة الكردية ما ينم عن عبقرية هذا الرجل  ووعيه للمجتمعية الكردية من جهة  وعن (عمق هذه الفقرة ) في تحليل الفرد والجماعة الكردية في بدايات القرن العشرين المنصرم من جانب اخر !.
نعم ساهمت الجغرافية الجبلية بكل قساوتها وخشونتها بصقل شخصية الفرد الكردي ، وشحذ همته واستعداده الدائم للصراع  مع الطبيعة من اجل البقاء ،  وهذا بطبيعته ركب في بنية شخصية الفرد الكردي جرأة وشجاعة وتهور واقدام على ركوب المخاطر الصعبة !.
لكن الفرد لايمكن له ان يصبح (انسانا سويا)بغير نظام اجتماعي يمثل له الوعاء التربوي الذي ينقل الانسان ( اي انسان ) من حالة الحيوانية الطبيعية البسيطة القابلة للتلقي، الى حالة الانسانية المعقدة وحسب هذا الوعاءوالنظام الاجتماعي يتعلم الانسان من خلال منظومة الاسره كل مايتعلق بالحياة الانسانية والاجتماعية وقيمها وعاداتها وتقاليدها و .... الخ ، وبما ان الكرد  لخمس وعشرين قرنا ( حسب ما يطرحه محمود الخليل) لم يهيمن على حياتهم غير النظام القبلي وبما انهم لم يخضعوا لنظام الدولة وسيطرتهاالمركزية وبما انهم بجغرافيتهم الجبلية الوعرة لم يالفوا نظام الدولة المدنية ، فمن الطبيعي ان يكون النظام القبلي هو الذي يزرع داخل الفردالكردي القيم الاجتماعيةفي حب الايثار وخدمة المجموع والتضحية من اجل الاخرين و ....الخ ، والا بغير ذالك لكان الفرد الكردي متوحشا ولانقرضت سلالته الاجتماعية منذ زمن سحيق !.
اذاً للنظام القبلي الفضل  في بناء الشخصية الفردية الكردية المعاصرة بصورة عامة وماحب الحريةفي شخصية الفردالكردي وكذا الشجاعة والكرم و ... الا براعم لبذور هذا النظام الذي زرع قيمه بكل ما تحمل الكلمة من زراعة للقيم !.
اما ما يختص ب((الازدواجية الوظيفية لهذا النظام القبلي)) فنفس هذا النظام هو الذي زرع قيمة ان ينتمي الفرد الكردي بكل كيانه وخدماته لقبيلته فحسب ولا علاقة له بعد ذالك بما يعني باقي القبائل والمكونات الاجتماعية الاخرى !!.
وهو النظام الذي بذر بذور العصبية القبلية (( ظاهرة التعصب القومي الكردي هي انعكاس لهذه العصبية القبلية التي اشتغل عليها السياسيون لتحويلها من قبلية  الى قومية لصناعة الدولة الكردية المرتقبة  )) التي توظف كل شجاعة الفرد الكردي  للدفاع عن هذه العصبية لاغير وهو كذالك النظام ، الذي أقلم الفرد الكردي على حب الانتقام والاخذ بالثار واللجوء الى القوة في فض النزاعات الاجتماعية قبل التفكير بالرجوع الى قانون ونظام اخر ، بل انه النظام ، الذي دفع ثقافة القسوة في اخذ الثار ، وجعلها قيمة اجتماعية عليا في فن فض النزاعات ، والحروب القبلية في المجتمعية الكردية القائمة !.
وهو كذالك النظام الذي اعاق التطور المجتمعي الكردي وعجن الفرد الكردي عجنا لان يكون مقاتلا ،  قبل ان يكون متعلما / نسبة الامية لم تزل مرتفعة جدا في المجتمعية الكردية حتى اليوم / اوعالما ، او فنانا او معماريا او تجارا او .. باقي العناوين الاخرى التي تنظر لها القبلية بنظامها الواقعي على اساس انها من منتجات المجتمعات الحضرية او السهلية الساكنة والمستقرة والمسالمة !.
وهكذا مع ان النظام القبلي الكردي تمكن  خلال اكثر من خمسة الاف سنةبان يحافظ على المجتمع الكردي التقليدي من التفسخ الاانه وبنفس الوقت حافظ على ان يكون هذا المجتمع اسياداوعبيدا وتابعين ومتبوع واغا وفلاح و .... لاغير !!.
خلاصة: يمكن لنا ان نصف النظام القبلي والاقطاعي الكردي العراقي وخلال رحلته التاريخية الطويلة مع المجتمعية الكردية ، وما قدمه من خدمات لهذا المجتمع ، وماجلبه وصنعه من كوارث بنفس الوقت على هذا الاجتماع من انه النظام الذي يشبه مادة ((الفورمالين )) الكيميائية التي عادة ما تستخدم ك((مادة حافظة ومعقمة))للحوم والماكولات من التعفن والفساد ، الا انها بنفس الوقت هي احد مسببي مرض السرطان القاتل للانسان !!.                         
_______________________                                       راسلنا على :
مدونتي فيها المزيد


الأربعاء، مارس 04، 2015

((في سوسيولوجيا المجتمع الكردي العراقي/ تأصيل القبلية)) 7 حميد الشاكر


((19))
 تحدثنا في القسم السابق عن (النظام القبلي ) داخل التركيبة المجتمعية الكردية العراقية القديمة  والحديثة ، ووصفناهذا النظام  باربع صفات سوسيولوجيه مميزة  عن باقي النظم القبلية  العربية وغير العربية في المنطقة وفي العالم وهذه الصفات الاربعة لخصناها بالاتي :
اولا : نظام  باعتباره (العمود الفقري)لهذه المجتمعية الكردية العراقية  الحديثة .
ثانيا : انه النظام ، الذي يمثل ادراكه المفتاح الحقيقي ، لفهم الشخصية الكردية العراقية بكل اسقاطاتها الفكرية والعقدية والسلوكية والتربوية والسياسية و ...الخ !.
ثالثا : صلابة هذا النظام ومتانته داخل هذه التركيبة الاجتماعية .
رابعا:تعقيدهذاالنظام وانفراده بالسلطةعلى المجتمعية الكردية العراقية تاريخيا وحاضرا .
والحقيقة ان القبلية الكردية ( لاسيما العراقية منها ) بحاجة الى توسعة في البحث والدراسةليتمّكن المتلقي من ادراك ووعي ماهية هذه القبلية ولماذا وصفناها بانها العمود الفقري ؟ ، وانها المفتاح العلمي لفهم هذه الشخصية ، وانها صلبه وكذا هي معقدة !!.
ولكن وباعتباراننا فقط نطرح ( العناوين العامة ) لبحثنا في الشخصية الكردية العراقية هنا وكذا نبحث في (المقدمات الاساسية) التي لاغنى لاي باحث اجتماعي من الاتكاء عليها والانطلاق منها لدراسة الدائرة المجتمعية للمكون الكردي العراقي ، فعليه نحن ملزمون بالاختصار قدرالمستطاع لعدم الاطالةعلى قارئنا العزيزمن جهة ولبحث المحاور الرئيسية في السوسيولوجياالكردية العراقية الحديثة من جانب اخر !!.   
لكن ايضاهذا لايعني اننا لانسلط الاضواء ب( نوع من التكثيف ) على المحاورالمجتمعية الكردية التي نرى انها محورية جداًفي فهم التركيبة الاجتماعية الكردية لاسيما الحاضرة منها  ولهذا جاء هذا القسم السابع ليتمم المفاهيم الاساسية للنظام القبلي الكردي العراقي .
نعم ربما يتسائل من يطلع على بحوثنا هذه للشخصية الكردية العراقية عن غياب مفهوم المدنية  والحضرية ، ومساهمة هذا المحور في بناء الشخصية الكردية العراقية الحديثة ؟ . ، ولماذية اغفالنا لهذا العامل او استبعاده من معادلة بناء، وفهم الشخصية العراقية الكردية كما طرحه بعض السوسيولوجيين العراقيين عندما حاولوا فهم الشخصية العراقية بصورة عامة وادخلوا ثنائية(البداوة والحضارة)في بناءهذه الشخصية العراقية تاريخيا وحتى اليوم ؟.
والواقع ان سبب ،  او اسباب عزوفنا عن الاشارة لعامل الحضارة في بناء الشخصية الكردية العراقية ، وانفراد النظام القبلي الجبلي الكردي بهذه البنائية ، والتركيبة هو لعدة اسباب ، وعوامل ( من وجهة نظرنا  الاجتماعية ) اهمها :
اولا : لان الجغرافية الجبلية الوعرة ( كما ذكرناه سابقا ) ساهمت في عزلت  المجتمعية الكردية  بصورة عامة ، والكردية العراقية بصورة خاصة عن الثاثيرات والمؤثرات التاريخية الحضارية  المباشرة  التي كانت متجاورة مع الجغرافية الكردية الاجتماعية !!.
اظف الى ذالك ان الحضارية المدينية الاجتماعية اقترنت ولم تزل منذ ولادتها  وحتى اليوم مع (( ظاهرة الدولة المركزية )) ومعروف بهذا الصدد ان الجغرافية الطبيعية الكردية وكذا الجغرافية الاجتماعية التي كانت ولم تزل مهيمن عليها من قبل النظام القبلي تنفر بشدة من( نظام السلطة المركزية ) ، لاي دولة  مجاورة لها لتنخرط في ومع مفاعيلها الحضارية اواي نظام سلطة مركزية/ من قبل الكرد انفسهم/يحاول ان يولد داخل الجغرافية الطبيعية والاجتماعية الكردية الجبلية جنينيا !!.
ولهذا من الطبيعي  بالنسبة لاي باحث  في تاريخية ، ومجتمعية الكرد العراقيين ان يحيّد، او يرفع العامل الحضاري وتاثيراته المجتمعية من بناء وفهم الشخصية المجتمعية الكردية !.
ثانيا :عند الحديث/مثلا/عن بناء الشخصية العراقية الجنوبية وتاثيرات العامل والنظام القبلي عليها من جهة  وكذا تاثيرات العامل الحضاري والمديني على نفس هذه البنية الاجتماعية من جانب اخر ، فاننا عندئذ نتحدث عن بنيةشخصية اجتماعية تداول على بنائهانظامان اجتماعيان غاية في القدم والتاريخية الانسانية ، الاول : النظام القبلي ماقبل ولادة ونشوء ظاهرة الدولة وما بعدها ،  والثاني :  نظام التحضر بعد ولادة الدولة ، وفرضها للقانون ،واستبدال قيم الترابط الاجتماعية من القبلية النسبية الضيقة الى القيم الاخرى الاقتصادية، والفكرية والعقدية وغير ذالك  ليصبح المجتمع العراقي الجنوبي فعلا وليد نظامان ، او صراع نظامين انسانيين قديميين منذ سومر لسبعة الاف سنة حضارية وحتى اليوم !!.
اما عندالحديث عن المجتمعية الكردية العراقية وصياغتها بنائيا والتي منذ الحضارة السومرية بكل ظاهرة الدولة وسن القوانين فيها تاريخيا وحتى اليوم  عاشت على الاطراف لهذه الحضارة ، وباقي حضارات المنطقةالعربية وغيرالعربية فارسية اوبيزنطية قبل التركية اوقيصرية روسية او ....الخ ، بل ونافرة منها ، ومتمسكة  بنظامها القبلي الضيق ومتمترسة به لمقاومة اي تاثير حضاري ،  ياتي من خارج هذا النظام القبلي ... اما عند الحديث عن هذه الدائرة ، او التكوينه الاجتماعية فلا يمكن لنا ان نرشح عامل ( الحضارة ) كاحد مهندسين وبناة الشخصية الكردية تاريخيا وحتى اليوم !.
تمام بعد سقوط الخلافة العثمانية المريضة ،  وازاحة سلطتها من على قلب الاجتماع العراقي في العصر الحديث / 1918م /  على يد القوى الاستعمارية الحضارية الغربية وانشاء وابتكار هذه الحضارة الغربية المعاصرة  لمبادئ ومفاهيم الجغرافية السياسية للدول ومن ثم صناعة دول حديثة ( تفرض سيادتها وسلطتها ) على مجتمعاتها داخل اطرها الجغرافية السياسية  كان  ، ولم يزل من نصيب المجتمعية العراقية ان يكون ضمن مكونات  تنوعاته المجتمعية المعاصرة ، المكون الكردي العراقي الحديث !.
وبالفعل منذ قيام الدولة ،  والمجتمعية العراقية الحديثة 1921م تاثرت قليلا بنية الاجتماع الكردي العراقي ، وبرزت ثمار الاستقرار النسبي الذي فرضته الدولة العراقية الحديثة من خلال ارتفاع منسوب التعليم وبناء المدارس ، وتعبيد الطرق وفتح قنوات التواصل  وفرص العمل للمجتمعية الكردية واضعاف هيمنة النظام القبلي و ....الخ اثمرت هذه المؤثرات الحضارية للدولة العراقية الحديثة بل وظهرت وبرزت هذه الثمار الاجتماعية بشكل طافي على السطح الاجتماعي العراقي بحيث ان (تيارا) متعلما من الجيل الاربعيني والخمسيني من شباب الاجتماع الكردي العراقي الحديث ، بدأ فعلا  بالتمرد على نظام ، وقيمية القبيلة الكردية وصنع له من ثم طريقا متاثرا بشكل واضح بحوامل الحضارة الغربية والشرقية الفكرية والعقدية الايدلوجيه ،كتيار اليسار الذي تاثر في حقبة ما قبل الخمسينات  بالادبيات الماركسية واليسارية السوفيتية انذاك(مَثل هذاالتيارفي تاريخ العراق الحديث رئيس جمهورية العراق السابق جلال الطلباني عندما انشق على السلطة القبلية التي كان يمثلها ملا مصطفى البرزاني اجتماعيا وسياسيا كرديا انذاك) ولكن ايضا مع بقاء قيم القبلية راسخة ، وضاربة الجذور الاجتماعية في تمردها على النظام والدولة من جهة ولتلاعبها بالمشاعرالقومية للمجتمعية الكردية الحديثة من  جانب اخر ، كلاعب قيادي اساس في التوجهات السياسية والمجتمعية  للكرد العراقيين ، وتدعيم حالة  الرفض المجتمعية لهيمنة سلطة الدولة المركزية في العراق الحديث ، بين الفينة ، والاخرى مما اضعف ايضا من المؤثرات الحضارية العراقية ( للدولة الحديثة ) كي تتغلغل بالفعل لتصبح عامل مهم في بناء الشخصية المجتمعية الكردية العراقية الحديثة !.
يذكر (ويليام هيغلتون) في كتابه (القبائل الكردية) الكثير من الروايات والاخبار القيمة عن المجتمعية الكردية الحديثة / ما بعد العثمانية / بما في ذالك (ظاهرة الصراع بين البداوة وقيمها الجبلية والحضارة) التي فرضها التطور العراقي الحديث بعد صناعة الدولة العراقية المعاصر ويضرب لذالك مثلا بالقول :
(( بعد ثورة 1958م ،  اقام ملا مصطفى البرزاني  مركزا لقيادته في بغداد  للحزب الديمقراطي الكردستاني / ذي الاتجاه اليساري / ، لكن سرعان ما تكشفت شخصية ملا مصطفى القومية ،  وانه يعتمد بالكلية على القوى القبلية والاقطاعية، التي ظلت تحتفظ بتاثير فعال بالمناطق الريفية ... وعلى اثر ذالك انشق الجناح المدني الاشتراكي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني تحت قيادة /جلال طالباني/ في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ... / هيغلتون / القبائل الكردية / مصدر سابق ))  وهكذا عندما يرصد(هيغلتون) بصورة عامة هذه الظاهرة الحضارية في صراعهامع النظام القبلي الكردي الحديث وكيفية ان عوامل النظام القبلية هي الاقوى في توجيه البوصلة الاجتماعية الكردية ضد الدولة ومركزيتها حتى وان كانت الدولة ((ذات طابع قومي محلي )) كردي والذي يدعوا لها هم من الكرد انفسهم ، كما حصل مع (( زعامة قبيلة شكاك الكردية)) في 1946م ابان اعلان قيام جمهورية مهاباد الكردية عندما احسّ زعيم قبيلة((كاردار)) فرع من فروع عشيرة ((شكاك )) التي ساهمت بشكل رئيسي في بادئ الامربمساندة قيام هذه الجمهورية لكن عندما شعر هذا الزعيم القبلي وغيره  ان هناك مؤثرات اشتراكية على انصار ، ومتحمسي هذه الجمهورية  تهدد مصالح ، ونظم القبلية القائمة تحولت (( هذه الزعامات  القبلية الكردية )) للانقلاب على هذه الجمهورية  ومن ثم انظمام زعاماتها القبلية ، والتحالف مع شاه ايران لاسقاط هذه التجربة الجمهورية الكردية الوليدة !!.
وهذا ان دلّ على شيئ فانما يدل على بقاء وقوة وهيمنة مفاعيل النظام القبلي الكردي على الفرد ، والجماعة  الكردية العراقية تاريخيا  والى يومناهذاحتى وان كان في قبالة هذا النظام فكرة قيام دولة قومية للكرد انفسهم !!.                   
(( 20 ))
مثلت القبلية ، ونظامها الاجتماعي بالنسبة للتركيبة  والبنية المجتمعية الكردية بصورة عامة  والتركيبة ، والبنية المجتمعية الكردية العراقية بصورة خاصة المرجعية الاعمق والاكثرتاثيرا واستقطابا لحياة الفرد والجماعة الكردية تاريخيا وحتى وقتنا القائم !!.
والحقيقة عندما نصف النظام القبلي الكردي بانه :  (( مرجعية مستبدة ومنفردة )) لحياة الاجتماع الكردي تاريخيا فذالك لان هذا الاجتماع لم يدرك نظاما اخرحضاريا اوقريبا من الحضاري ادارفي يوم من الايام حياته السياسية  او الاقتصادية ، او التربوية التعليمية او ....الخ ، غير هذا النظام القبلي ،ولهذا لم يزل التاريخ بكل صفحاته القديمة والحديثة يدّون لحركة هذاالنظام القبلي على الارض وعندماكانت الدول تحاول المرورعلى الارض الجبلية الكردية ، لغزو امبراطوريات ودول اخر قبل الاف السنين وحتى سقوط (العثمانية المريضة ) كانت تاخذ بنظر الاعتبار القبائل الكردية  ونظام هذه القبائل وكيفية التعامل مع زعماء هذه القبائل و .... هلم جرّا ، بل اكثر من ذالك كيفية ابرام المعاهدات ايضا مع زعماء هذه القبائل !!.
يذكر صاحب كتاب ((الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية / د وليد حمدي )) : (( انه وبعد انتصار السلطان العثماني سليم الاول 1514م على الحاكم  الايراني (( اسماعيل الصفوي ))  رحبت القبائل الكردية بالسلطان المنتصر ودعته من خلال اكبر ثلاث وعشرين قبيلة وامارة كردية ان تبرم معه معاهدة تحالف مشترك  فيما بينها ، وبين السلطان سليم ،وبالفعل تمت كتابة المعاهدة واعدادها من قبل مستشار السلطان لتحتوي على خمس بنود اساسية :
اولا:يساهم الاكرادفي كافة الحروب التي تشارك فيهاالسلطنة العثمانية .
ثانيا:تستمروراثة الاماراه من الاب الى الابن اويتم تنظيم ذالك استنادا الى قوانين البلاد ويقوم السلطان بالاعتراف بالوريث الشرعي بفرمان سلطاني .
ثالثا : تحتفظ كافة الامارات الكردية الموقعة على المعاهدة باستقلالها .
رابعا : تقوم السلطنه العثمانية بتقديم المساعدة للاكراد ضد اي عدوان اجنبي .
خامسا: يساهم الاكرادبتقديم الهداياالدينية المتعارف عليهابشكل تقليدي الى خزانة الخليفة . / انظر : الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية / ص 18 / سجل العرب / 1992)) .
وبقيت هذه  الظاهرة للتعامل مع الكرد ((  من خلال زعمائهم القبليين ونظامهم القبلي  القائم فحسب ))  حتى العصرالحديث ، بعد ان غزت بريطانيا العراق في 1914م / الى 1918م لتصعد الى شماله ، ولتبرم مع (( 60 ستين زعيم قبيلة كردي/ 1919  )) بقيادة ((الشيخ  محمود البرزنجي))في السليمانيةمعاهدةلحفظ النظام العام من جهة والخضوع لحكم الاستعمارالبريطاني انذاك بقيادةالرائد نويل من جانب اخر.انظر الكرد وكردستان في الوثائق البريطانية / ص 46 الى 52 )) .
كل هذه الظواهر والشواهد التاريخية والحاضرة  تؤكد على ان النظام القبلي  حتى ،  وان اصطبغ هنا بلون ديني (( لان من ضمن التركيبة التاريخية للنظام القبلي الكردي هو الجمع /احيانا / بين المشيخة القبلية والمشيخة الدينية))وهناك بلون قومي او يساري اشتراكي الا انه يبقى (المرجعية والعمود الفقري) لهذه التركيبة المجتمعية الكردية العراقية بل وهو المحرك الواقعي للظواهر الفوقية الفكرية والعقدية والسلوكية و....الخ !!.
وهذه الحقيقةعلى قساوتها الا ان معظم السوسيولوجيين الكرد بما فيهم السوسيولوجيين الاكثرتطرفا قوميا قد اعترفوا بخلاصة (( ان الانتماء القبلي الكردي يعتبر الاطار المرجعي الاوحد الذي يضبط ايقاع الفرد والجماعة بشكل عام ، وانه الانتماء ، الذي اخر تشكيل الوعي القومي وحال دون ( انتقال ) المجتمع الكردي من الحالة الرعوية الريفية الى الحالة المدنية ومن ثم دون الحضارة/ انظر الشخصية الكردية / احمد محمود الخليل / مصدر سابق / ص 210 )) !.
اما لماذا فقط القبلية هي (( المرجعية ))لهذا الاجتماع الكردي العراقي القديم والحديث ؟.
ولماذا عدم تمكن الفرد ، والجماعة الكردية العراقية   من اقتحام عقبة القبلية الجبلية ؟.
وماهي الاسباب، والعوامل الطبيعية والفطرية ، التي تعيق المجموعة الكردية عراقيا من الانتقال لفضاء الحضارة والمدنية ؟.
فهذه الاسئلة ، وغيرها سنطرحها في القسم القادم تحت عنوان صلابة وتعقيد النظام القبلي الكردي العراقي الحديث !!.          
     
_______________________                                       راسلنا على :
مدونتي فيها المزيد